منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   مسابقة منابر ثقافية للقصة القصيرة - اصدار 2017 (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=24298)

ايوب صابر 12-02-2017 11:24 AM

مرحباً بالجميع


ارسلت صفاء مشاركتها وبذلك تم استلام كافة القصص المشاركة .
----
المشاركات والمشاركون في مسابقة منابر للقصة القصة اصدار 2017 هم :
1- الاستاذ ياسر علي ( ارسل اليوم مشاركته )
2- الأستاذة صبا حبوش ( ارسلت مشاركتها ).
3- الأستاذة زهرة الروسان ( ارسلت قصتها اليوم ).
4- الأستاذة مها ( ارسلت مشاركتها )

5-الاستاذ سمير الأسعد.............. ( سلم القصة المشاركة )
6-الاستاذة أميمة محمد ........( ارسلت مشاركتها ) .

7-الاستاذ محمد ابو الفضل سحبان ( ارسل مشاركته )

8-الاستاذ عبد العزيز صلاح الظاهري. .....(سلم القصة المشاركة )

9-الأستاذة صفاء الشويات....( ارسلت مشاركتها )
شكرًا لكل المشاركين

أملي ان تتمكن اللجنة من انهاء عملها قبل نهاية العام ليتم اعلان النتائج مع راس السنة الجديدة .




صفاء الأحمد 12-02-2017 02:42 PM

جهودك مباركة أستاذ أيوب
بالتوفيق للجميع ان شاء الله

ايوب صابر 12-14-2017 07:37 PM

اشكرك استاذة صفاء

المهم ان يتقبل الجميع نتيجة المسابقة.

اذكر الجميع بان القصص ستعرض للتحكيم على لجنة محايدة ولن يتدخل احد في عملها ودوري انا فقط نقل القصص للجنة وعليه اتوقع ان يأخذ الجميع النتائج بروح رياضية.

المهم اننا بهذا الجهد الجماعي نلعب دورا مهما ف تطوير السرد العربي وهذا فوز بحد ذاته للجميع.

وحيث اننا سنكون بانتظار ان تقوم اللجنة بانجاز عملها نعرض القصص المشاركة هنا لغاية اطلاع المهتمين ويكون اولوية ترتيب العرض هنا حسب اولوية الاستلام اي تارخ الارسال.

وشكرا للجميع على تعاونهم ..

ايوب صابر 12-14-2017 07:39 PM

القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :
عريس من العيار الثقيل

القاص سمير الاسعد

تجمعنا طاولة الإفطار كل ليلة آخر جمعة في رمضان، ونتحلق حولها كل في مكانه المعهود لا يتغير رغم مضي السنين. كنا نحن أنفسنا نلتقي في بيت العائلة. ورغم مضي العمر الذي أخذ منا الكثير وأعطانا التجاعيد والشعر الأبيض وأمراض السكر والروماتيزم والضغط، الا أن روح الشباب ما زالت تغلفنا ونعلق عليها الآمال في التحمل والبقاء. الأخت الكبيرة فاطمة تميل دائما الى الصمت، لا تتكلم كثيرا رغم زعامتها وضبطها لشؤون المنزل منذ وفاة الوالدين. لم تتزوج رغم قائمة طويلة من الخطاب الذين طلبوا يدها الا أن أيا منهم لم يعجبها واستساغت عيشة العزوبية، وقضت معظم أيامها على سطح المنزل تراقب المارة وتخيط الملابس وتسمع كلام الناس. والصغيرة مديحة دائمة التقطيب والتكشير بعد طلاقها، رغم ما كانت تتميز به من الفكاهة وحب النكت. تعيش في بيتها بعد أن غادرها زوجها وتزوج من أخرى. لا تحب المديح أو عبارات الثناء بل في طبعها خشونة وتصل إلى ما تريد دون مواربة. وربما كان هذا ما شجع طليقها على التخلص منها بسرعة خاصة بعد أن تأكد أنها عاقر لا تلد .
الأخ الأكبر يأتي متأخرا في كل مرة وتعزف نفسه عن الطعام رغم شراهته في الأكل التي تعودنا عليها من صغرنا. الأخ الأصغر أصبح له ذوق سيء في لباسه رغم شياكته المعروفة وحسن هندامه.
بعد الإفطار نجلس حول جهاز التلفاز نتابع حلقات مسلسل وادي الذئاب الذي نشاهده منذ سنوات طوال. مديحة أكثرنا تعلقا به وأصغرنا يشاهده على مضض .
في رمضان الحالي بدا على وجوهنا الكبر، ورغم الابتسامات وعبارات المجاملة إلا أننا لم نستطع أن نخفي عدم رضانا عن هذا الاجتماع السنوي رغم ما يتخلل السنة من فرص نرى بعضنا البعض ونلتقي ولو لدقائق معدودة . لقد تربينا على الوحدة وعلى المصلحة الذاتية الشخصية بعيدا عن المصلحة العامة للأسرة. كان أبونا يعمل تاجرا للخردوات ويقضي معظم وقته خارج المنزل، والأم مغرمة بجلسات النساء في بيوت الجيران . لم نكن نراها كثيرا وكبرنا كل لوحده .
أمّا أنا .. الوسطى.. كنت الأجمل والأكثر دلالا عند أمي، الا ان أبي كانت له وجهة نظر أخرى عني، ففي اليوم الذي ولدت فيه، خسر تجارته وكسرت رجله في نفس الليلة عندما وقع عليها لوح زجاجي وأصابها بالشلل.
- هذه البنت نحس. لعنة الله على اليوم الذي جاءت فيه.
كانت أمي تحاول دائما إقناعه بعدم وجود النحس، وان قضاء الله هو الغالب على أمره، ونصيبه محتوم لا دخل لبشري فيه دون جدوى.
كان أبي عصبيا وعنيدا جدا لا يحترم رأي النساء ولا يوليهن اهتماما بقدر ما كان يبحث عن المال الذي يستخدمه في الاستمتاع بشهواته المتعددة.
كان خلافه مع أمي يزداد كلما كبرت. كان يضربني كلما يراني العب في البيت ويحاول إحراجي دائما أمام الغرباء. لم يتأثر لدموع أمي او توسلاتها، بل حرمني من التعليم بعدما أنهيت الصف الخامس ابتدائي.
- سأزوجها لأي كلب يتقدم لخطبتها عندما تبلغ السن المناسب للزواج.
عانيت من الوحدة وهجرني إخوتي واستثنوني من كل شيء، وكانوا دائما يتندرون على لساني الذي أصبح ثقيلا تخرج منه الكلمات تجر بعضها بعضا في مزيج من التأتأة وعدم التركيز.
كانت لعبتي المفضلة عيدان الثقاب التي كنت اجمعها واصنع منها أشكالا عديدة. كانت هذه اللعبة الوحيدة التي يسمح لي بها أبي لعل وعسى ان احرق نفسي ويتخلص مني.
وفي ذلك اليوم الذي جاءني فيه عريس هرم يكبرني بثلاثين سنة على الأقل ومطلق، وافق أبي دون مشورة من احد. وفي يوم الزفاف اسرّ له أبي بسر النجاح في زيجته الجديدة- عروس غبية منحوسة لا تفهم الا بالضرب والاهانة، ودون ذلك يفلت عنانها ويصعب السيطرة عليها. عندما سئل عن ذلك بعد وقت برر خوفه من ان افضحه أمام أهل زوجي الغريب عن العائلة.
وهكذا كان ..عندما يريد زوجي ان يستمتع ويشغل وقته، يحضر حبلا محشوا بقطع رصاص صغيرة الحجم ويضربني به. وكان علي ان لا اصرخ وان اقبل يده واطلب منه السماح واشتم نفسي بما كان يردده بلسانه القذر.
بدأنا بالطعام وكلنا في عالمه الخاص، كنت أعيش بالمنزل بعدما جاءت رحمة الله تعالى وشنق زوجي نفسه بالخطأ. لم ارثه بشيء ورجعت الى دار أبي بعد ان عملت في مشغل لصناعة الأحذية.
والآن وبعد ان انهينا طعام الإفطار وجلسنا نتناول القهوة تنحنح أخي الكبير ليشد انتباهنا إليه وهو يوجه الخطاب لي:
- سائدة.. تقدم لخطبتك عريس له ظروف خاصة، له من العمر ثمانون عاما ولديه ثروة كبيرة. يعيش وحيدا بعد ان ماتت زوجته. يريدك ان تخدميه في ما تبقى له من العمر..أعطيته كلمة رجل بصفتي مسئولا عنك واعلم بمصلحتك.
لم اسمع بقية الكلام وغابت عني الوجوه والكلمات وأنا أبحلق بصورة أبي المعلقة على الجدار وأنا أراه يهز رأسه برضا وكأنه يشير بفضله على ما سيؤول لي من ثروة وجاه وعز. ولو كان حيا لطالبني بنصيبه او أخذه مني غصبا.
وكأنما فتحت يأجوج ومأجوج، انسلت الكلمات من كل حدب وصوب من أفواه الجميع. لأول مرة أرى اهتماما بهذا القدر في أمر يخصني. وبدأت تعليقات غريبة تركزت معظمها في ما قد يكون مفاجأة سارة للجميع من ترك زوجي لي ثروة تكون من نصيبي. الغريب ان إخوتي بدأوا يفكرون في كيفية استغلال المال القادم بل تقاسموه فيما بينهم حتى دون ان يحسبوا حسابي فيه.
سهرنا حتى الحادية عشرة ثم انسحب الجميع الى بيوتهم وتسللت الى غرفتي دون ان أمد يد المساعدة لأختي كما هي العادة في ترتيب المنزل.
لم اعتد على التفكير والتحليل والتخطيط وعقلي كان على (قدي) كما يقولون، لا اذكر ان أية فرصة أتيحت لي كي اتخذ قرارا خاصا بي، وكنت أنفذ كل ما يطلب مني دون مناقشة او اعتراض. في تلك الليلة نمت كما في الليالي السابقة غير مشغولة البال وكأن الأمر لا يعنيني.
في صباح اليوم الخامس بعد العيد اصطحبني أخي الى المحكمة وعقدنا القران على ان اذهب في اليوم التالي الى بيت عريسي. وفي الليل جاء أخي وقدم لي ورقة وضعت بصمتي عليها دون ان اعرف ما بها كوني لا اعرف القراءة او الكتابة باستثناء اسمي الأول.
أوصلوني الى بيتي الجديد مساء اليوم التالي وهناك رأيته عن قرب، عجوز يمشي بصعوبة ويستعين بعكاز خشبي قديم، طويل القامة، محني الظهر، مغضن الوجه واليدين ويلبس نظارة طبية سميكة، قدميه كبيرتين تتقدمها أظافر سوداء طويلة مقوسة وتغلفها شقوق سوداء منفرة. كانت بداية محبطة تختلف عن بيته الأنيق. ما وجه المقارنة وأين الأموال التي يتحدثون عنها؟
قضيت في خدمة زوجي سنة وسبعة أشهر طويلة قضيتها بالردح والتعب بعد ان تدهورت صحته وأصبح غير قادر على المشي او الكلام. وفي ليلة شتاء باردة توفي بين يدي وأنا اسقيه الحليب بملعقة بلاستيكية صغيرة.
عدت الى بيت العائلة انتظارا للذهب والمال الذي اهتمت به فاطمة كثيرا، ولطالما استعجلتني على الاتصال بأخينا الأكبر لإكمال إجراءات الإرث. ثم اتخذت قرارا بزيارته في بيته. وعندما عادت كانت شفتاها متبرمتان ووجها يميل الى السواد واكتست خدودها بالحمرة القاتمة. لم تكلمني ودخلت الى غرفتها
وفي الصباح أيقظتني بهزات عنيفة بعد ان سحبت الغطاء عني ورمته الى الأرض.
- قومي يا منحوسة. أخوك اخذ أجرته من المحروق بعد ما بصمك على تنازل عن كل حقوقك. كنت مجرد خادمة. استغلنا جميعا وإخوتك الباقين استيقظوا الآن من سباتهم، تركتهم وقد عاد لهم شبابهم.
لم اشغل بالي كثيرا فيما حدث، أخرجت عيداني المفضلة ورحت العب فيها عسى ان اركب شكلا جديدا يعيدني الى عالم تغلب عليه براءة الطفولة.
بقلم: القاص سمير الاسعد

ايوب صابر 12-14-2017 07:47 PM

القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :
زهرة الرافليسيا
القاص عبد العزيز صلاح الظاهري


سرٌ ساقه لي القدر كان سبباً في إعادة الثقة لي وإنهاء معاناتي .
هذا السر عاهدت نفسي أن لا أخبر به أحداً, كائناً من كان .
ولكن إن كنتم صادقين مع أنفسكم سوف ترونه يخرج خِلسة من مخبأه أو يعدو بين السطور . صدقوني سوف تتغير حياتكم للأفضل ,
, سترون جانباً جميلاً أو قبيحاً كان مخفياً عنكم .
نعم هذه هي الحقيقة فأنا رجلٌ سمعت , شاهدت ,عانيت الكثير .
هل انتم مستعدون ! .. إليكم قصتي :
في احد الأيام ضربت بكل نصائح القوم عرض الحائط خرجت من حصنهم ولم استمع لمواعظهم الخبيثة,
زهرة الرافليسيا جمالها وريحها يجمع الحشرات والذباب .
المخلوقات ذات الألوان الجميلة غالباً ما تكون سامة .
فكان ردهم على تمردي سريعا
فجأة اختفي الرضا الذي كنت أراه في أعيُن من أحب , فحديثي يزعجه رغم تبسمه ليّ , واحتضاني له يخنق أنفاسه , وعندما المسه اسمع أنينه واشعر بالآلامه وكأن لي مخالب تجرحه .
كم هو مؤلم أن ترى من تحب يعاني وأنت كذلك
ماذا أقول له أساله : هل ------------ ؟ !
إنه سؤال غبي !
كم تمنيت أن أكون طائر بطريق أقف كالمسكين حاملاً بيضة على سطح قدمي وأرى السعادة والرضا في عينيه بدلاً أن أكون أسداً جالساَ يحضرن نساءه غدائه وعشائه صبحاَ ومساءً
.هل توقف كيدهم؟ لا , فمثلهم لا يتوقفون . فهذا لا يحدث مع من كان إلهه هواه ؛ لذلك أيقنت انه لا بد لي أن أصوم عن الكلام ، اطوي اللسان , واهجر المكان فانا ليست لي القدرة على محاربتهم أو حتى الدفاع عن نفسي
و يداي مغلولتان إلى عنقي وأملي كغبارٌ يلهو في عامودٍ لشعاع شمسٍ نفذ من احد الشقوق , يختفي عند تحرك الشمس والغروب .
فحكايتي خطيرة ؛ لو كشفت للعيان ستفرح وتشجع أصحاب القلوب المريضة , فهي
قنبلة .. بل أشد.
لملمت أحزاني وانطلقت بعيدا مبتعداً بسيارتي .
لم تكن لي وجهة معينه , كانت عيناي تدور في محاجرها تقود المركبة , بينما كنت أغوص في بحر أعماقي كالمجنون , في يدي سيجارة لا تنطفئ . .
فجأةً ! ظهر لي رجل من العدم , أفزعني .أشار لي بيده , كان ضعيف البنية , شاحب الوجه , رث الثياب , عاصباً رأسه بعمامة .
وعلى غير عادتي توقفت ! لا اعلم لماذا ؟
ركب سيارتي ؛ لم أُبادله التحية أو اسأله عن وجهته !
بعد صمت مطبق التفت إليَ وقال :الذي أتى بك إلى هنا قد أتى بي أيضا !
أتريد أن تعرف قصتي ؟
انتفض قلبي واخذ يضرب طبول الحرب , وتحركت يدي المرتعشة مسرعة إلى أسفل المقعد تبحث ...
فتبسم وقال:إهدأ .. إهدأ ..
لا عليك فالدار أمان واليك قصتي ..
إلى وقت قريب لم أكن اصدق أن السحر يقدم الحلول , وكل ما اعرفه انه يُقيد الرجال ويقود للجنون .
ورغم تكذيبي للمقولة الأولى وتصديقي للثانية , إلا أني بعت فيه واشتريت ؛ فقد كان يحدوني الأمل بأن أُحيي فرحةً ماتت وابعثها من جديد .
توقف ومسح دموعه التي انهمرت , واستطرد بنبرة حزينة ..
في الحقيقة لم أكن خبيثاً في يوم من الأيام, و لم يكن ذلك السوق يُعجبني لكني مشيت فيه مجبراً . فأولئك القوم لم يزدهم قربي إلا بعداً.
لم يتعاطفوا , رغم أني قدمت لهم المحبة بالحجج والبراهين . كان يُقبل احدهم ويُدبر آخر . الكل يسعى جاهداً في إذلالي , كنت أرى الفرحة مرسومة على وجوههم القبيحة . انه طريق توارثوا حبه وداوموا على سلوكه .
ولكن بعد البهتان الذي افتريته , وما سبقه من زيارات إلى الظلام علمت يقيناً أن ما كان يصنع الفارق بيني وبينهم لن يكون فارقاً بعد اليوم . لقد تساوينا ولم يعد هناك اختلاف .
كان انتقامي عنيفاً , لم يكن صاعاً بصاع . فمن مكاني البعيد كنت اشعر بغيظهم , كان له غلياناً شديداً وصوتاً مزعجاً , كما اسمع الآن صراخهم الذي ينطلق من أعماق هذه الأرض القاحلة.
أبداً ما ابتعدت عنهم , بل اخترت المكان الذي كرهوا، لازمته ومكثت فيه. كنت صبوراً معهم لأصبح بصيراً بما يبصرون , لقد أعمتهم نار الحقد ؛ و نتيجة لذلك , لم أجد أي مشقة في ان اسقيهم من نفس الكأس .
فقد سعرت تلك النار وتراقص لهيبها وعمدت لكل ما عملوه واكتسبوه , سخنت مائهم الذي يروون به ويرتوون حتى تبخر , وغدت ربوتهم التي لطالما تغنوا بها صخرة ملساء . رأيتهم بعيني وهم يعضون على أيديهم من الندم حتى سالت دمائهم وتلوثت أفواههم .
هل توقف انتقامي ؟ لا , لم تكتمل فرحتي إلا يوم أجليتهم ولم يبقى إلا ظلهم مبسوط على وجه الارض .
كم هو جميل عندما تأتي العتمة التي كانت لباس أعمالهم لتمحي ذلك الظل شيئاً فشيئاً .
توقف فجأة عن الكلام كما بدأ !
شيئاً ما دفعني لأنظر إليه , ربما كانت نبرة صوته , فنظرت إليه مُتفحصاً وجهه , تقاسيمه وملامحه لم تكن غريبة , عرفته !فصرخت :أنت..أنت .
وضغطت على مكابح سيارتي بعنف - فاصطدم رأسه بزجاج السيارة الأمامي -
والتفت إليه وأخذت اردد بغضب في وجهه : هراء.. هراء , إنها قصة من نسج خيالك أيها الفاشل .
فطأطأ رأسه وسافرت عيناه إلى مكان أعرفه ومتيقن منه , لم أُشفق عليه و لم أحاول إخراجه من محنته ؛ بل سمّرت عيني عليه لأزيد من جروحه , وكأنني أُريد أن انتقم من شيء لا اعلمه , أو أني اعرفه واكره أن اذكره .
لم اكتفي بذلك ؛ بل خرجت من السيارة وفتحت بابه وسحبته من مقدمة رأسه ودفعته ليسقط على الأرض . وأخذت اركله بكلتا قدمي حتى سالت دمائه وتمزقت ثيابه ,نفضت يدي وتركته .عندما شعرت بالإعياء والتعب , فقام من مكانه مترنحاً وغادر بدون أن ينطق بكلمة واحدة . وأنا اردد خلفه بحقد : اذهب..اذهب أيه الأحمق وأرعى سراب دوابك في سهول وأودية عسى ويا ليت حتى أختفي عن ناظري.
اتجهت إلى سيارتي متثاقلا وركبت وأسندت ظهري على المقعد .
أحسست بشيء له دبيب يتحرك ببطء من مقدمة راسي يسيل على جبهتي , ارتفعت يدي تتحسس الموضع .. ظللت مُدة من الزمن مذهولا أتفحص أطراف أصابعي التي صبغتها الدماء !.
أشحت بنظري عن يدي عندما شممت رائحة كريهة عمة المكان وسمعت صوت ناعما ينادي باسمي التفت إلى مصدر الصوت
فرايتها في المرآة ..!
فتسللت ابتسامة ساخرة من شفتي المرتعشة ,تبعتها ضحكة مجلجلة انفجرت وتتطاير شظاياها على المرأة فتحطمت وتناثر وجهها إلى أشلاء فصرخت , وسقطت مغشياً علي .
بقلم: القاص عبد العزيز صلاح الظاهري
[/right]

ايوب صابر 12-14-2017 07:50 PM

القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :
لعنة الدوائر

القاص ياسر علي

أمامه من الدقائق أربعة، اقتحم الصّالة، مائدة مستطيلة رصّت عليها تشكيلة صحون وتحف كريستالية، تقدمت يده نحو صّحن مستدير في حجم مرآة صغيرة، رفعه قبالة وجهه، أفزعته تفاصيله، حاجباه المستنفران، أنفه الممتد ، تجاعيد جبهته المتصارعة تموّجاتها، صلعته تشع من خلالها فوانيس الصّالة، ظنها تحرقه فأخذته رهبة، أيقظه ارتطام الصّحن بأرضية الصّالة الصّلبة، انفرطت روابط البلّورات كحبات ذرة متناثرة حول رجليه. تخلص من فداحة وجهه، أخذ صحنا أكبر تأمّل زخرفته الجانبية المتقنة، تتوالى فيها دوائر صغيرة أخذت تتداخل في عينيه، أرسله بعيدا فسمع انشطاره إلى أجزاء دقيقة كرصاصة بندقية صيد. لابد من التخلّص من الدوائر، كيف اعتبرها الأولون كمال الأشكال؟ تركونا ندور في حلقات مفرغة كبهائم تدرس حصيدا أخضر في بيدر تقليدي مستدير، ما أتفه الدوائر... حمل صحنين وأتبعهما لسابقيهما، تفتّحت شهيّة التّحطيم لديه، انهال على الصفوف مثنى وثلاث فرباع ونفسه يقتحمها الطّرب. فاجأته صفّارة النهاية عندما هوى بمزهرية في حجم جرّة خزفية فانفجرت انفجار رعد تشظى بردا، فشلت ركبتاه، جرّه الحرّاس بعيدا.
ملأ وعاء رئتيه من هواء الحديقة فاستفاق شغفه، فُتح البابُ:
ـ تفضل، يمكنك الدخول.
كانت جالسة على منضدة، وساقاها المكشوفان يتقدم أحدهما ليتأخر الآخر في حركة تغري بالتأرجح، عيناه حطّتا على شعرها الأشقر الذي تسللت بعض خصلاته من قبضة حجاب زرقته خفيفة، حدّق في عينيها الخضراوين، فرمّش ورمّش وابتسامتها تغريه بالتقدّم، ملأه الخجل لحظة فولّى لها ظهره، كان بودّه لو يختلس نظرة إلى الوراء، لكنّه يميل إلى غضّ طرفه عنها، سيف معلق بالحائط سيطر على باله، كان السيف هابطا بلسانه إلى الأرض، رأى هذا الوضع غير مستقيم، فقد آن للسّيوف أن تستقيم وقفاتها، وترفع رأسها وتشهر قوتها.
تذكر المليحة فغلبه وجدانه، تتقدم خطواته، رأى دائرتين خضراوين بارزتين تتوسطان عينيها، تأمل استدارتهما داخل محجريهما، هربا من استدارة وجهها هبط ببصره نحو صدرها، دائرتان، وكلما فرّ من دائرة وجد أخرى، عقد لكمته طبعها على وجنتها، ارتفعت رجلاها واستوى ظهرها على الطاولة، عند عودتها التقت بلكمته اليسرى وهكذا أضحى وجهها كيس ملاكمة، تتوالى صيحاتها صيحة بعد صيحة، تسلق جسدها اللين برجليه، كان يهوي عليه بكل وزنه حتى أسكت جهازها الصّوتي ولا يزال يرددّ "لم أنت خضراء يا غبية؟ لم أنت شقراء؟"
رأى السيف خير شاهد على الفروسية، كانت مكشوفة الرأس بعد أن تركت حجابها ذات هبوط، جاء به من أقصى اليمين حتى أوصله أقصى اليسار، طار رأسها ودماؤها لم تجر بعد، بتر ساقيها عند عودة سريعة إلى اليمين، رغم ذلك لا تزال جالسة، اقتلع الدمية من أساسها حين سمع صفارة النهاية، ما فشلت ركبتاه ولم يشتف بعد، يقاوم الحرّاس وهم يسحبونه.
وصلت ثورته قمّتها، فاض كأس غضبه، استرسل لسانه في السب والشتم، يقذف به الحراس نحو غرفة إضاءتها خافتة، جدرانها الإسمنتية قاحلة كزنزانة في سجن تقليدي، لا يزال يسبّ ضاربا كفا بكف، يرسل ركلاته يمينا ويسارا، يفجر لكماته على الجدران، في أقصى الحجرة باب مفتوح، حجرة تقود إلى حجرة، من يدري لعلّ المكان حلقة في سلسلة حوانيت لا تنتهي، كمحطات عمر قاحل، حذر الخطو يطلّ على الغرفة الأخرى، الظلام يحول دون تقدّمه، دائرتان مشعتان في أقصاها تغريانه بالمواجهة، رجع خطوة إلى الوراء، لا هراوة ولا سلاح يعينه على الحرب، رجع ببصره إلى أقصى الغرفة، الدائرتان تفتحان لتغلقا وتغلقان لتفتحا وزئير قوي يصدّع السكون، ارتعشت رجلاه، قد يكون مجرّد أسد من ورق، يجب أن استجمع قوّتي، ألهب شجاعتي، أواجه مخاوفي، أتطهر من رعبي و أسير سير الماتدور في ميدان المبارزة، نزع قميصه يلوّح به، فاجأه الأسد بوثبة سريعة كادت تنتزع يده من جذورها، وجد نفسه يتوسط الغرفة و الأسد بالباب يمزق القميص تمزيقا، يرسل هدير وعيد، ما كان يظن أن الأسود بهذا الحجم، هذا الرأس الدائري يتقدم كتلة متراصّة من الصّلابة، في تماسكه مرونة عجيبة، لا يزال مأخوذا بهذا الحيوان و حلقه جفت ينابيعه، وجسده ازداد اهتزازه، قلبه يضرب الأخماس في الأسداس، قفزة عملاقة أخرى جعلت الأسد بكامله يتكوّم عند رأسه لو بقي هناك للفّه لفّا وقطف رأسه قطفا، كحارس يلتقط كرة طائشة فوق الرؤوس، لا يعرف كيف نجا من هذه التهلكة الحقيقية، لا يعرف أي قوة جعلته يتزحلق على الأرض عكس اتجاه الأسد، عيناه لا تفارقان غريمه، يريد أن يتخلص من سرواله المبللّ، لكن هذا الهزبر لن يترك له الفرصة، ها هو يعود، هذه المرّة نجح في تمزيق سرواله، ومخلبه جرح فخده، كاد يسقط بين مخالبه كفأر في ضيافة قطّة، بدأ يستغيث، أوقفوا البرنامج، لا أريد الدقائق الأربعة كاملة، يجيبه الأسد بوثبة جديدة، هذه المرّة طبع خدوشا على صدره، كاد يكون لقمة سائغة، لولا أن الحائط صدم رأس الضّرغام وجعله يسقط، التأم سريعا معيدا الكرة كثعبان جريح، جرّده الأسد من فردة حذائه اليمنى، ما هذه الحرب غير العادلة؟ ومتى كانت الحروب عادلة؟ أريد فترة استراحة، أريد استرجاع أنفاسي، لا يستطيع الحركة فشلت ركبتاه وفشل رجاؤه فاستلقى على الأرض مهزوما قبل نهاية الحصّة، يقف الأسد عند رأسه وبطرفه يتحسس جبينه الحارق، بلسانه يلعق جراحه، فحضنه منتظرا صفّارة النهاية.

بقلم: القاص ياسر علي

ايوب صابر 12-14-2017 07:57 PM

القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :

في رضا الولدين

القاصة زهرة الروسان

تعالت أصواتنا لتملأ المنزل، حتى كادت تطال الجيران. لم أدر ما علي فعله، فعلى ما يبدو لي جليا أنني خسرت كل شيء... أحاول جاهدا جمع شتات الأسرة، أحاول إرضاء أبنائي لكن، بلا فائدة.
ولدي الصغير يعتبرني مجرما ظالما... ومجرد جدار يحول بينه وبين المستقبل الواعد خارج حدود هذا الوطن... أما الكبير يعتبرني سبب ضياع أخيه وتحوله الى مهوس بالغرب وحياة الغرب بسبب تساهلي معه واعتنائي الشديد به. لم يعد أي منهما يستمع لي أو لعمتهم... عمتهم التي ضحت بشبابها ليعيشا حياة طيبة... بلا شعور بالحرمان.
في لحظة ما فقدت السيطرة. وجدتني أفقد كل شيء. فقدت حب أبنائي واحترامهم لي. حالي صار بالحضيض، صرت أبا بلا إحداثيات على خارطة الابوة. لا أحمل من معاني الأبوة غير اللقب... تحولت عائلتي الى شتات مجوع تحت سقف واحد... جسد بلا روح.
بدأت حكايتي قبل عشرين عاما، حين قررت زوجتي التخلي عني وعن طفلينا والعيش بعيدا. كان ابننا الأكبر في سن الخامسة، أما الأصغر فلم يكن قد تجاوز عامه الثاني. رفضت الزواج في سبيل تربية ابنائي تربية صالحة ليكونا فردين فعالين في المجتمع... لم يكن الأمر هينا أبدا؛ فلا يمكن لطفل العيش بعيدا عن أمه وهي في بلد آخر وقد نست أنها أم لأطفال.
تربى الأطفال تحت رعايتي وعمتهم، التي آثرت الاعتناء بهم على الزواج والعيش بعيدا... فكانت لهم كأمهم تحنو عليهم وتربيهم وتلاعبهم... بدا كل شيء مثاليا، أسرة دافئة تحتضن أربعتنا بكل حب. ربما تباكى الطفلان مرارا طلبا بالعيش مع والدتهم... لكن ذلك كان فقط أسلوبهم في العزف على أوتار مشاعري لتهتز وتمنحهم ما يشاؤون.
مضا عام بعد عام والأطفال كبروا وصاروا رجالا ولكل منهم كيانه الخاص وتوجهه في الحياة. بينما كنت وعمتهم قد بلغنا الكبر وحان الوقت لنرتاح ويعتني بنا الشبان. كم كنت أرى نفسي وأختي محاربين دفعوا الغالي والنفيس وسيدفعون في سبيل حماية ترابط أسرتنا وتماسكها... لكن تبين أنني فقط من نظر من هذا المنظور.
يوما ما عدت الى المنزل متعبا وقبل أن أفتح الباب، سمعت جدالا شديدا يدور بين أبنائي وعمتهم... تعالت أصواتهم وفجأة خرج أبني الأصغر من المنزل وهو غاضب، أوقفته بيدي عله يتوقف لكنه ابعدها وتابع سيره غير آبه بي... ناديته مرارا لكن بلا أي جدوى. دخلت المنزل ورحت أحقق مع أختي وابني حول ما حدث و في ما كان ذاك الجدال. رفضت اختي الحديث وقالت إن كل شيء سيكون بخير. دخلت غرفتها وتوارى الآخر عن الأنظار... مضت ساعة وأنا أحاول الاتصال بذلك المدلل الذي في الخارج لكن هاتفه كان مغلقا. جلست وحدي حائرا فلا أحد يرغب بالحديث، عندها خرج الأكبر من غرفته وجلس إلي وفي عيونه نظرة لوم شديد.
مرت دقائق قبل أن يتحدث، ثم قال: أبي لقد خرج أخي غاضبا لأنه يريد السفر وأنت ترفض الفكرة... حاولت وعمتي إقناعه لكنه عنيد. إما أن تسمه له بالسفر أو تجلس معه وتقنعه بالعدول عن هذا الهراء.
-أظننا تناقشنا في الأمر سابقا. لا مجال لنقاش آخر.
-هو لم يقتنع، يعتقد أن السفر سيفتح له باب النجاح.
-طالما هو لا يملك مقومات السفر ليس علينا القلق. هو لا يملك المال ولا يزال على مقاعد الدراسة. ربما يغير رأيه بعد التخرج والالتحاق بوظيفة.
-أبي، أنت لا تتخذ إجراء صارما حيال ما يفعله... أنت فقط تؤنبه وإن غضبت ترسله للنموم باكرا. أي حل هذا! هو لا يقتنع وأنت لا تعرف ما يدور في عقله.
-أخوك لم يعد طفلا... عليه أن يعي أن الحياة لا تسير على هواه.
انصرف الفتى وهو يتمتم بكلام غير مفهوم، وبعد دقائق عاد الصغير للمنزل وكأن شيءً لم يكن. لم أرد الحديث عله يبادر بالاعتذار لكنه تجاهل الأمر كأنه لم يخطئ قط.
مضت عدة شهور وبين الحين والآخر كان يعاود الشجار مع اخوه وعمته ليتمكن من السفر... لكن الأمور لم تكن تخرج عن السيطرة. وكنت أظن أن مشاكلي تقتصر على هجرة ذاك الصغير. في صباح أحد الأيام وبعد تقاعدي من العمل خرجت للسوق لأقضي بعض الوقت من أصدقائي القدامى، مررت بسوق شعبي أشبه بالسوق السوداء، يعج بتجار المسروقات، فسمعت صوتا أعرفه... صوت أعرفه أكثر من أي أحد آخر. لم أرد التصديق لكن حين اقتربت كانت الفاجعة... لم يحتمل قلبي ما رأيت ولم أعد أستطيع الوقوف على قدمي... وانتهى بي الحال ملقا على ظهري في أحد المشافي.
كان ابني الأكبر في ذلك السوق... كان ابني الأكبر أحد تجار المسروقات... لقد ربيت لصا، شهادته الجامعية مجرد زينة على جدار غرفته... كذب علي... منذ عام وهو يحدثني عن وظيفة وهمية... يصف لي كذبة منمقة، محاسب في شركة اتصالات هو في الحقيقة سارق في سوق سوداء.
اصبت إصابة منعتني عن الحركة، وجدت نفسي طريح الفراش عاجزا عن القيام بواجبات منزلي... قال الطبيب أنني قد أتحسن وأشفى إن اتبعت التعليمات... لكن كيف لجراح قلبي أن تتعافى؟ امتنعت عن الحديث مع ابنائي كي لا أموت من القهر... وكنت أرى دموع ولدي تنهمر كلما جاءني ليعتذر... لكنني لم أقبل أعذاره ورفضت الحديث إليه؛ فهو من كان يطالبني بالإجراءات الصارمة. أقسم لي أنه ترك ذاك البلاء، وأنه لم ينجر إليه سوى لكونه عاطلا لا يجد وظيفة وإحساسه بالمسؤولية حيال أخيه الذي كان يشكوا قلة المال دفعه للعمل بأي وظيفة كانت... ولم يفكر في مدى سوء ما فعل.
مضت الأيام وقد بدأت أتحسن، وصار بإمكاني الجلوس مع عائلتي على مائدة الطعام. عدت وعادت الطلبات، لم أدري كيف أرضيهم... عاد الصغير ليطلب السفر.
الأصغر: أبي أريد المال للسفر.
الأب: لا أملك المال الآن. عليك إكمال دراستك.
الأكبر: ألا تخجل من نفسك، والدنا لم يتعافى تماما وأنت تطالبه بالمال!
الأصغر: أنت آخر من يسمح له بالحديث... فأنت السبب وراء حال أبي.
الأكبر: كنت أفعل هذا لأجلك. أنت من يريد السفر.
الأصغر: لم أطلب منك أن تسرق.
الأكبر: وهل تعتقد أنك في الخارج ستعمل وزيرا! لا أحد سيوظفك لأنك بلا مؤهلات وبلا شهادة. أنت لم تكمل دراستك الجامعية بعد. إن سافرت ستعمل لصا بقدراتك هذه، وربما لن يقبلوا بك كلص... وسينتهي بك الحال متسولا في شوارع الغرب ينظر لك الجميع بازدراء.
الأصغر: لن أكون متسولا... لي صديق عمه يعمل في البلد التي سأسافر إليها، سيساعدني لأنشئ مشروعا جديدا.. كل شيء جاهز لكنني أحتاج لبعض المال لأتمكن من البدء بالمشروع.
الأكبر: وهل تعتقد أنه بهذه الحماقة حتى يحتمل مسئولية رعايتك؟
الأصغر: أنا لست طفلا... من هم في مثل سمي يعيشون حياة مستقلة بعيدا عن قيود العائلة.
العمة: هلا صمتما كلاكما... احترما وجود والدكما على الأقل.
الأكبر: أنا آسف عمتي... لكن على أحدنا وضع حد لهذه المهزلة.
وقفت بصعوبة وقلت غاضبا: لا أحد منكما يحترم وجودي ووجود عمتكم. سعينا لإرضائكم طوال هذه السنين وتكون النتيجة لص سليط اللسان وفتى أخرق مهووس بحياة الغرب. أنتم من عليه السعي لإرضائنا وليس العكس. رب العالمين أمرنا برضا الوالدين وليس الولدين، أنا من يتخذ القرارات في هذا المنزل.
تعالت أصواتنا لتملأ المنزل، حتى كادت تطال الجيران. لم أدر ما علي فعله، فعلى ما يبدو لي جليا أنني خسرت كل شيء... أحاول جاهدا جمع شتات الأسرة، أحاول إرضاء أبنائي لكن، بلا فائدة. في لحظة ما وصل الغضب أوجه وقلبت طبق الطعام على ثياب ولدي الأصغر الذي رآها إهانة كبيرة... فأسرع لغرفته، وبعد لحظات خرج وهو يحمل حقيبة سفر واتجه نحو الباب... أسرعت عمته لتوقفه لكنه دفعها وغادر المنزل. قائلا أنه سيسافر اليوم ولن يوقفه أحد.
اسرعت الى غرفتي لأبدل ثيابي وأخرج خلفه، لكن جسدي خذلني... كدت أقع أرضا لولا أن كتفا حانيا تلقاني... كان ذلك ولدي البكر. ساعدني لأجلس وقال مبتسما: لا تتعب نفسك يا أبي... أنا سأحضره. مهما حصل سيظل ابنك المدلل وأخي الشقي، هو يستمع لي حين تتأزم معه الحال. لن يتمكن من السفر حتى لو وصل المطار فهو لم يحصل على تذكرة سفر. أعدك بأن يعود ليقبل يدك ويد عمته.
-أخشى ألا يعود.
-لا تقلق... إما أن يعود كلانا أو لا يعود أحد.
-لا تقل ذلك. ابذل جهدك لتعودا كلاكما.
-حاضر يا أبي. أعطني مفتاح السيارة من فضلك.
أسرع الى الخارج ولساني لا يكف عن الترضي عنه وعن أخيه... وقلبي يخفق قلقا عليهما... مضت ساعتان دون أن يعود أي منهما... ولساني يلهج بالدعاء والتضرع لله ليردهما سالمين. وفي لحظة سكون تام لا شبيه لها... دوى صوت هاتفي... إنه المشفى يطلب منا الحضور.
وصلنا المشفى لأجد ابني الأكبر مصابا ببعض الكسور. وأخوه يجلس الى جانبه وهو يبكي... وحين رآني وعمته أسرع إلينا يقبل رأسي تارة ويد عمته تارة أخرى، وهو يطلب العفو والمسامحة. احتضنته بشدة... نظرت الى ابني الأكبر فتبسم وقال: وعدتك أن يعود كلانا... لكنني عدت ببعض الكسور وبسيارة نصف محطمة... أبي حين علم أخي بالحادث، عاد من المطار مسرعا ليطمئن على حالي... نحن كما ربيتنا جسد واحد وروح واحد.

بقلم : القاصة زهرة الروسان

ايوب صابر 12-14-2017 08:00 PM

القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :

أمل عند حيف النهار
القاصة اميمة محمد

كانت تتألم وتمشي في الغرفة جيئة وذهابا، تدافعت الصور لمخيلتها في هذا الموقف.. كيف التقته أول مرة ولمَّا التفتت ابتسم ،ولم ينبس بكلمة وبعد أيام كانت مخطوبة له.. أبيها يسمع لزوجته " ستجد من يعتني بها" همست وهي وترفع رأسها وهو يوليها ظهره و يعد المهر الذي قبضه.. لمعت عيناها وهي ترى الأوراق النقدية. إبراهيم يكبرها بستة عشر عاما.. يغيب مساء، يعود منتصف الليل، عادة لم يتخل عنها.. يدفع الباب، تسمع صريره، يدخل بخطى متعرجة، تفوح رائحة نفاذة من هيئته الرثة، يلفظ كلمات سيئة، يتلبد في عينيه حنق، وعلى شفتيه شتائم. فعل ذلك مرارا كعقرب تلدغ على دفعات
في نوبات جنونه تتماسك، يكاد الصبريتسرب من بين جوانحها جراء ذلك الخوف الذي يحاربها، عيناها مفتوحتان، يقظى تحت الغطاء، تتظاهر بالنوم وتغفو بعد محاولات بائسة
زوجة أبيها تقول إن الرجل ستر,, وعندما يغيّب عقله الشراب يصير وحشا لا إنسانا
الليلة باردة وقاسية.. تألمت أكثر، سمعت صرخة وانجبت طفلا، تلاه طفل آخر .. لم يكن موجودا حين انجبت توأما.. الفرح لا ينتظر موعدا ليباغت القلوب من حيث لا تدري.
أحد الطفلين يبكي والليل مسهب في العمق والسكون.. تركتها المرأة بعد أن قامت بلف الصبيين.. الليل وبكاء الصغيرين.. هدأَ.. لا تسمع سوى الريح، أخذتها وسنة، لكنها لاحظت إنها لم تسمع صوت أزيز الباب وهو يدفعه بخشونة بعد منتصف الليل ويدلف بخطواته بجلبة
الفجر يرسل خيوط الضوء و تفكيرها كقارب تتقاذفه الرياح فلا يعثر على شاطئ.
فتحت النافذة.. هل ستبحث عنه؟ جاءوا باكرا.. قطبت فهي لن تنتظر خبرا سعيدا، جاءوها بجثة.. ـ قضي إبراهيم بجرعة مسمومة.
تعلم الآن معني ظل رجل.. توفي والدها أيضا منذ شهر، إنها وحيدة الآن بدون سند يسد أفواه الناس الذي يتحدثون بجرأة الجور عنها وردة في الربيع
كيف تتصرف؟ نفذ ما في البيت ولا يوجد فيه فأر.. فهل تبحث عن عمل؟ تحسرت وهي تذكر تعليمها. العيون تلقفتها ....هل تريدين مساعدة؟.
وقف السيد ذو الكرش المنتفخ الذي تعمل عنده مقتربا منها كغلة بين يديه وقبل أن تلمسها يده غادرت بلا رجعة.. لتعود بيدين فارغتين لأفواه جائعة.. دق باب دارهم الذي لم يسمع له طرقا مذ غاب صاحبه ووري التراب.. هل تذكّرهم أقارب؟ هرعت للباب وارتدت للوراء وهي تشاهده ــ ... ما...ذا تريد
قابل بلبلة صوتها وعينيها المذهولتين بابتسامة حاول أن يهذّبها،
يعرض الزواج، يغريها بالقليل الذي يدفعه، إنها بحاجة للمال رغم ظله الثقيل
الإيجاب تضحية والقبول رضوخ سترفض، ولكنها عادت تطرق بابه .. فهم بائسون جائعون، حاولت أن تجد عذرا لها، ربما ستجد والدا لطفليها يرأف بهما.
لم يكن أفضل، إنها لا شيء عنده، ينال منها و لا يعبأ إن داسها وهو يترجل خارجا من الغرفة. الرجال الذين عرفتهم كأنثى رأوا فيها فريسة ليس إلا.
وعندما علمت المرأة البدينة أم أولاده بأمره سارع لرمى مؤخر الصداق في ذمته و تسريحها.
مرت شهور ثلاثة.. كانت سعيدة أن بطنها لم تتكور بعد لقاء هذا الرجل
الآن ترى كل الرجال بين سيء وأسوأ وفي قلبها من مرارة الفشل ما يكفيها للنفور من عالمهم.. ثمة عيون تنظر سرا وعلانية كانت تمرّ حين همسوا: تشبه تفاحة يود الرجال أن يقضموا منها.. استدارت وهي تسمع بلبلتهم وتفلت جانبا.
في هدأة الصباح تسللت وأخذت الصبيين وقصدت مكانا بعيدا من لقرابة أبعد طرف المرحومة أمها.. كانت القرية تتوارى رويدا.. سيطيب العيش في فضاء بعيد يُطوي فيه الأمس. قالت إنها متزوجة من رجل وسيعود وإنها تنتظره وقد تذهب إليه عندما تستقر أوضاعه ويرسل لها عنوانه، عملت في المصنع، فكانت بين الطيبين الوفاء والإخلاص.
وعندما سألها حفيدها في يوم من الأيام عن جده الذي لم يعد ابتسمت وعن سؤاله لماذا لم تتزوج أجابته: ألهمني الله الصبر لكنه بعد كل هذا لن يعود لا شك إنه تعرض لحادث يا عزيزي وهزت رأسها وهي تنفض عنها غبار أفكارها وتلوح على وجهها بوادر حزن وابتسامة
كان الصبي فخورا بأنه حفيد المرأة الطيبة التي تصون زوجها الذي انتظرته ولم يعد.

وفقكم الله.
بقلم : القاصة اميمة محمد

ايوب صابر 12-14-2017 08:03 PM

القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :
الكرسي الكسير
القاص محمد أبو الفضل سحبان

أسند "برهان" كرسيا خشبيا باليا كانت تنقصه رجل مبتورة منذ سنين إلى جذع شجرة جوز مهملة توجد في الحديقة الخلفية للبيت، ثم جلس يتأمل سطوة ذلك الخريف الذي هشم أوراق الشجر، وخطف لون الحياة بالمدينة البيضاء التي غزا الاسمنت المسلح والزفت ترابها، وطوقت المداخن سماءها ....أخرج من جيبه قلما وفتح مسودته على صفحة مبقعة وكتب على الهامش الأبيض فيها بحروف سوداء غليظة : هل من نفس بعد !!!!!!!
كان السكون الرتيب سيد الحال قبل أن يحط عصفور غريب كاسرا جناحيه على رأس برهان- الذي كان يبدو كعرش من العروش المتداعية - جاعلا يغرد ويتنقل بين الأغصان العارية يداعبها... أشرق وجهه و لعلع بريق أمل في عينيه المسترخيتين فأغمض جفنيه في لحظات خاطفة للأنفاس... لعله نذير خير جاء يبلغ البشارة بقرب حلول شتاء يغسل كآبة الوجوه وصدأ القلوب . وبينما هو سارح ينتشي بأصدق الألحان وبالسعد الذي حل به فجأة بعد طول انتظار تحرك المقعد من تحته وهوى به على الأرض محدثا ضجة وضوضاء بالمكان. فطار طائره في الحال واختفى عن الأنظار. تذمر وتحسر....ثم تساءل ساخطا :
لم لم يخطر ببال أحد من عميان هذا البيت أن يفكر يوما بإصلاح هذا العطب. وقال باستخفاف : دار عجزة .... يا للبخل والكسل !!!!!
حمل الكرسي الأعوج وأسنده مجددا لساق الشجرة ثم عاد للجلوس عليه... ومضى به الوقت ساعات يقلب صفحات الأمس الكئيب في كتاب الشروق القادم حتى غربت عنده الشمس وآذنت بالمغيب... فانتصب واقفا وقد سما فيه الشوق لرؤية السماء في حلة المساء ثم قال مازحا: إذا حدث وأغناني الله فسأعوض الرجل الخشبية
بذراع من ذهب....

بقلم القاص محمد أبو الفضل سحبان

ايوب صابر 12-14-2017 08:06 PM

القصص المشاركة في مسابقة القصة لمنابر ثقافية اصدار 2017 :

وزر
القاصة مها الالمعي

طابور تتراص فيه أجساد الصغيرات إصغاءً للأوامر، تنتهي الإذاعة الصباحية
وأسير بهن للصف، آمرهن بالجلوس، أتفقد الملامح والهمسات التي تسري بينهن.
من لا يُمضي وقتا طويلا مع الصغار لا يمكنه تخيل إلى أي مدى تستطيع هذه البراءة أن تحيك الأذى لبعضها، شكوت للمديرة كثيرا هذا النشاز الطفولي الذي أتعامل معه، وكانت ترد عليّ في كل مرة "لا أحد يستطيع تعليم طفل بأن ما يفعله جارح"، عندما اكتسبتْ نبرة آلية في نقل حقيقتها المطلقة لي أدركت أن عليّ تولي الأمر وخوضه بنفسي، داليا ببنية أصغر من البقية، شاحبة، وترفع شعرها في هيئة ذيل حصان، أخبرتني والدتها أنها خضعت لعملية زراعة قوقعة قبل سنتين من الآن، ولا زالت اللغة غريبة عليها قالت عليّ أن أكون على قدر عال من الرفق بها، فهي أقل حظا من البقية.
فُتح إدراكي على الصغيرة، لم يعد لعب الأخريات معها محاطا بالطبيعية كما كان. رأيت إحداهن تقف في مواجهتها وتتهجى اسمها بتعمد في إسقاط بعض حروفه، وثانية تشد شعرها بين فينة وأخرى معتمدة على خجل داليا في الشكوى منهن لي.
بعد شهر من وصية أمها تمت ملاحظة تحيزي لها، وانتبه الصف لأنها في حمايتي
كف الأذى عنها وكانت يدها قابضة على طرف قميصي أغلب الوقت، بعد انتهاء الحصص الدراسية لأحد الأيام، وحين كنت أعيد توضيب مكتبي استعدادا للمغادرة، فُجئتُ بصوت بكاء يرتفع تدريجيا لاتجاهه لمكاني، بدوري خرجت أتفقد المكان الذي تفجر سكونه، رأيت داليا مفزوعة، وجهها الشاحب مغتسل بالدموع، وتشد حقيبتها لصدرها، بعد أن عادت لهدوئها وأخذتها لسائق الباص.
كان خطأي قد تجسد بكل فداحته أمامي، أنا لم أهبها الأمان لكني سلبت منها حق أن تكون شجاعة.
فرغتُ غضبي من نفسي في رسالة استدعاء لوالدتها.
أمضيتُ تلك الليلة في محاولة فهم لمن تقع عليه مسؤولية الصغيرة، هل الرسالة التي كتبتها لم تكن أكثر من تنصل من واجبي؟
شروق الشمس أنقذني، ولتسريع الزمن خرجت من المنزل قبل موعدي، كنت قد حددتُ السابعة موعد لقاء أم داليا وأجابتني بالقبول، تجاوزتْ الساعة السابعة بثلاثين دقيقة ولم تحضر بعد، غضبي المزود بانعدام حيلتي جعل نقاط قلم الرصاص تتكاثف على الورقة أمامي، عندما أشار العقرب للثامنة
نهضتُ للاتصال بها وكانت خططي تتزايد في إعادة تعريف الوقت لها، قبل أن أصل للباب طُرق، فتحته، كانت أمامي بأنفاس متلاحقة.
:الساعة الثامنة!
هي منشغلة بالطفل الذي لا يريد الدخول معها كانت تطارد يديه بثقل تسبب به تكور بطنها الذي يوحي بأنها في شهور حملها الأخيرة، أخيرا قبضت على كفه اليسرى وسحبته خلفها.
الأريكة في الغرفة كانت كنجدة رمت ثقلها عليها وسألتني عن سبب وجودها المبكر هنا؟
:اكتشفت أنني لا أستطيع تحمل مسؤولية ابنتك
بملامح مستغربة سألتني
:كيف؟
: هي تحتاج تعليما خاصا وهذا ما لا يمكنني بذله.
:ألستِ معلمة؟
جلبتُ هاتفي من على سطح المكتب لأريها شهادتي المحفوظة فيه كنسخة إلكترونية
:انظري هنا تخصصي للصفوف الأولية وليس له علاقة بالاحتياجات الخاصة.
حملقت قليلا في شاشة هاتفي ثم أعادت نظراتها الجامدة لعيني، وبثقة من يعرف أن نهاية النقاش بيده قالت
:أرسلها للمدرسة لأنها تريد الذهاب مثل أخيها الأكبر وكما ترين ليس لدي متسع لأطالب بشيء مميز لها، ووالدها منشغل بعمله أغلب الوقت ولن يجد يوما للبحث عن مدرسة أخرى.
تأكدتُ من أنني أُحيل الصغيرة للمكان الخطأ، سمعتها تودعني وتعيد عراكها مع ولدها قبل أن تسحبه خلفها.
عدت للجلوس على مكتبي، تقييم الطالبات مفتوح لإجراء بعض التعديلات عليه،
كنتُ أرصد لداليا تقييم ممتاز دائما لكنني لم أعلمها حرفا.
حتى تواصلها معي كان باعتمادٍ على سبابتها التي تشير بها إلى من يزعجها.
أسندتُ رأسي بين كفي، ورأيت الحلول تغوص في الظلام.
أحدها طفى بدرجات داليا الحقيقية، شعرتُ به ناقوس خطر سيوقظ أهلها.
هرعت للتعديل.
بعد عام، سرت بالصغيرات المستجدات لذات الصف، داليا تجلس في نفس المقعد وتبكي، أمها تسترق النظر من خلال الباب الموارب ثم تشير لي بأن أخرج
: عليكم أن تتلطفوا بها، أتعلمين لقد كان لها أخت توأم لكن هي من استطاعت الظفر بالحياة.
عدت للصف، رأيتها منكمشة على كرسيها في مواصلة للبكاء.

بقلم: القاصة مها الالمعي


الساعة الآن 03:33 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team