![]() |
طال عمره وحسن عمله
كان رجلاً مجاهداً وهذا حسبه من ينوب عنه ويقوم مقامه ؟ لقد فقد العلم أحد أعمدته ، لقد عرفناه بخلقه الحسن وذاكرته القوية ، لا يرد سائلا سواء أكان سائل علم أو سائل حاجة ، يحب أهل العلم ويؤثرهم على أصحاب المال والجاه ولا يخاف في الله لومة لائم . لقد كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عادة له والخلق الكريم طبعا عنده وكان يركز في دعوته على إتباع الكتاب والسنة والرد على أهل البدعة والحض على الابتعاد عن الثقافة الغربية. كنت أجلس إلى جانبه والسائلون على يمينه ويساره وأمامه وعلى جانبيه هاتفان يجيب على الجميع ويسمع من الجميع. وقد شهد العالم الإسلامي مواقفه تجاه قضايا المسلمين في فلسطين وأفغانستان وكشمير والبوسنة وكوسوفا ، لقد كان ابن باز ينطبق عليه بحق من وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخير : " خيركم من طال عمره وحسن عمله " . الشيخ عبد الغفار حسن من علماء أهل الحديث – باكستان |
مثال للمدير الحكيم الحازم
لقد عاش شيخنا عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله عمرا مديدا قضاه في علم ودعوة تربية للأجيال بالأقوال والأفعال، وفي رعاية لتلاميذه وقرب منهم حتى ليحس كل منهم أنه هو الأثير عنده المقدم على غيره. سمعت به لأول مرة بقريتنا ( برقا ) من الديار النابلسية بفلسطين ، وكان ذلك منذ 52 عاما ، وقدمت إلى الديار السعودية سنة 1368هـ بعد أ، حصلت على شهادة الثانوية العامة ، وكلي شوق إلى لقائه ، وزرته حيث كان في الدلم التي أصبحت بوجوده فيها مثابة لطالبي طريق الحق ، كان يقضي بين أهل البلدة ويعلم ويخطب يعظ ويفتي ، ويربي الصغار والكبار بالأمر والنهي حسب هدي الكتاب والسنة يقتدون بهدية وسمته ، ويتأسون بقوله وفعله ، وخشوعه وعبادته وصدعه بالحق ، يسألهم عن أحوالهم ومشكلاتهم ويشاركهم في حلها والخلاص منها ، ولا يدخر عن أحد شفاعة يقدر عليها ، يستمع لآرائهم واقتراحاتهم وملاحظاتهم ويسددها ما وجد إلى ذاك سبيلا. كان يقضي سحابه نهاره وجزءا من ليله بين رعيته وتلاميذه وضيوفه كأنما هو أب جنون أو أخ مشفق قد جعل بيته ومسجده والطريق بينهما مدرسة للإيمان والأخلاق والآداب العالية ، ولا يكاد يترك فرصة من فائدة في ذلك يفيدها أو يثيرها ، والله تعالى في ذلك يعينه ويقويه ويمدده بطاقة يعجز عنها الرجال . لقد عاش شيخنا هذا الأسلوب في الدعوة والتربية طيلة حياته المديدة المباركة وعندما جاء إلى الرياض للتدريس بكلية الشريعة سنة 1372هـ أو التي بعدها نهلنا من علومه وتحقيقاته وتوجيهاته. وبعد تخرجي من الكلية سنة 1376هـ عملت مديرا للمعهد العلمي في شقراء عام 1377هـ وحين عدت في الإجازة الصيفية إلى الرياض أسدى إلي نصيحة لا أزال أنعم من فضل الله بآثارها : قال لي : " مالك وللإدارة " وهكذا كان ، فعدت إلى الرياض للعمل مدرسا بكلية الشريعة ، ونعمت فيها خلال خمس سنوات بزمالته ، وكانت فرصة هنيئة للأخذ عنه والمشاورة والمباحثة له في دقائق العلم وما تثيره المحاضرات من المشكلات العلمية وعندما انتقل شيخنا إلى المدينة المنورة سنة 1282هـ ليؤسس جامعتها الإسلامية المباركة استتبعني هناك عضوا في هيئة التدريس ، فكان مثال للإدارة الحكمية الحازمة ، التي تجعل الشورى دستور عملها ، وكانت أرائه السديدة بعد أن تمحض الشورى زبدتها ، وتشار شهادته ، تفتح أفاق العمل ، وتقيمه على أحسن الوجوه . وبعد أن غادرت إلى الكويت سنة 1385هـ وإلى حين أن لقي شيخنا ربه في هذه الأيام لم تزل تصلني مكاتباته ولم يزل يحمل الغادين والرائحين وكل من جاءني من قبله أمانة السلام وعلق المودة. والذكريات مع شيخنا كثيرة أذكر منها أنني انتهزت فرصة قيامي قبل سنتين برحلة من عمان إلى جدة للمشاركة في دورة مجمع الفقه الإسلامي ، فزرته في الطائف ، ورافقني إليه شاب هو ابن لأحد القدامى من تلاميذ الشيخ ، فأخذ الشيخ يسأل ذلك الشاب عن أحواله وعمله وشأن أسرته وعما تم بخصوص مشروع زواجه ،فعجبت من مشاركة الشيخ الحميمة لطلابه وأبناء طلابه ، مع طول الزمان وبعد المكان . وأذكر أنه حضر في ذلك المجلس شاب من أهل الكويت ، حدثا الأسنان ، فأسرهم حديثه ، وطلبوا منه الوصية لهم في أمر دينهم وعلمهم وشؤون حياتهم ، فكانت لهم منه وصية لو أنها دونت لكانت دستورا للشباب الواعي الذي يريد تعلم أحكام دينه والسير على منهاج نبيه في التواصي بالحق والصبر في شؤون حياته وحمل دعوة الإسلام ، وكان أجمل ما في تلك الوصية روح النصح والمحبة التي أحسوا بها وامتلأت بها قلوبهم وجوانحهم ، حتى لأظن أن مجلسهم ذاك لن تمحى صورته من خيالهم طيلة حياتهم . الشيخ الدكتور محمود سليمان الأشقر عمان – الأردن |
مرجع ثقة
لم يكن عبد العزيز ابن باز رحمه الله ، عالما عاديا هامشيا يعد فيمن يعد من علماء الأمة الإسلامية وإنما كان رمزا من رموز العلوم الشرعي والفهم الذي يجعل منه مرجعية موثوقة لها هيبة كبيرة وحوله هالة من الإجلال والتقدير . وكان الرجل على قدر كبير من التواضع وعلى قدر كبير من الرفق وعلى قدر كبير من الإحسان في أعمق المعاني وأرفع المستويات. كانت علاقتي به علاقة أبوة حانية وبنوة رحيمة ، وكنت أزوره في الغالب كلما ترددت على الرياض أنهل من علمه ما استطعت من صور وسلوكه الإيماني وروحه الإسلامية الإنسانية حين أرى أصحاب الحاجات وطلاب الفتاوى يحيطون به في أعقاب كل صلاة يؤديها في المسجد الحرام فيبذل ما استطاع لكل صاحب حاجة . وثيابه التي يرتديها تنم عن عمق تواضعه ، وحديثه الذي يهمس به ينم عن أبعاد رفقه ، وإحسانه في كل تصرفاته وسلوكه يؤكد إنسانيته وغزيرة الرحمة في قلبه له من الرحمة والرضوان . لقد أبى – يرحمه الله – أن نسجل عمارة دار الإفتاء بالرياض باسمه الشخصي حتى لا يرث أولاده ونما أن تسجل بصفته مرجع الإفتاء في المملكة لتكون لمن بعده من المفتين وكبار العلماء. الأستاذ يوسف العظم عمان – الأردن |
رجل عاش لأمته
لقد رزئ المسلمون في أرجاء العالم بوفاة العالم الكبير شيخ كل العلماء المعاصرين المرحوم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي نزل نعيه كالجبال على النفوس ، حيث لم يكد أحد يصدق النبأ من فرط ما لشخصيته من حضور دائم في كل نفس . لقد عاش الفقيد من أجل كل الناس من كل فج عميق يتوافدون إليه ليجدوا في معيته من شؤون الدين والدنيا ما ينزل عليهم بردا وسلاما وقد قدم للناس كل الناس من ذات نفسه وعلمه وتوجيهه وتربيته ما أفاض الخير والبركة عليهم أجمعين . ولم يقف سعيه الدءوب في نشر العلم والمعرفة عند حدود المملكة وحدها، بل قام بإرسال البعوث الإسلامية إلى كافة أرجاء العالم يعلمون الناس دينهم ويفتحون أمامهم كل سبل المعرفة بالدين من قرآن وأحاديث وفقه. كان للشيخ اهتمام خاص بقضايا المسلمين في الجمهوريات الإسلامية في الجنوب من روسيا وفي بلاد البلقان ، فأنشأ المساجد والمعاهد وأرسل إليها الوعاظ والمعلمين ، وذاع صيته بين الناس حتى لم يعد تذكرة مأثرة في سبيل الإسلام والتمكين له إلا وله فيها نصيب . وأذكر أني زرته بمكتبه وهو مدير للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حيث طلب مني بعد صلاة الظهر أن أخطاب الطلاب القادمين من كل أرجاء العالم وما لبث أن وقف معلقا على الكلمة في حماس أجمع فيه الحاضرون أنهم لم يروا الشيخ يوما في مثل ما رأوه فيه من حماس دافق وخطاب يفيض عقيدة وحين دعاني لمنزله الذي لا يخلو من ضيوف ، حدثته في أمر ذي بال ، فانتفض الرجل يحاول أن يخطو خطوة ذات أثر .. وما زلت به مخففا عما به حتى استقر على حال ، إن فقد الشيخ ابن باز فقد مهيب دخل على كل نفس جزنا وألما وحيرة ، وفي دعاء خالص من كل قلب أن يرضي الله عنه رضي يسكن به الفردوس ويلقى فيه من النعيم ما هو أهل له وهو به قمين . الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد المراقب العام للإخوان المسلمين – السودان |
دفن اليوم علم كثير
(لقد دفن اليوم علم كثير ) : كلمة قالها حبر لأمة عبد الله بن عباس – رضي الله عنه – يوم مات زيد بن ثابت رضي الله عنه تذكرتها حين سمعت نبأ وفاة العالم الجليل والشيخ الفاضل عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله وغفر له – لقد مر بخاطري شريط حياة الشيخ المباركة ، تفسيره للقرآن ، تدريسه للحديث ، معلقات العقيدة وتعليم المواريث ، برنامج نور على الدرب جلسات مجمع الفقة الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ، المؤلفات النافعة ، المجالس الجامعة . حياة حافلة بالدعوة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع حمية للدين وذب عن حياضه ، وصد لتأويل الجاهلين وتحريف الغاليين وانتحال المبطلين . عالم كالشيخ عبد العزيز رفع الله مقامه في عليين – يتحدث عنه أترابه ونظراؤه من العلاء العاملين والجهابذة الناقدين ، وما مثلي أهل لذلك ، فقد كان الشيخ رحمه الله بحق علامة الدهر وحافظة الزمان ضبطا واتقانا ، وحق لأمته أن تفتخر به وتباهي به الأمم .. ولا أحرم نفسي شرف الحديث عن عالم كبير ونحسبه ولا نزكيه على الله – من أولياء الله الصالحين الذين تتقرب إلى الله بحبهم ونستمطر رحمته بذكرهم.. وها هنا أستحضر الآتي : 1. وأنا طالب علم صغير بالمدينة المنورة أرى الشيخ رحمه الله في المسجد النبوي بعد صلاة العشاء ومعه مراق فأستوقفه لأسأله عن قضية أشكلت علي في تفسير القرآن فما أجد منه إلا تواضعا جما وأدبا رفيعا وعلما غزيرا.. 2. في اليوم الذي بعده وأنا في طريقي لصلاة الفجر بالمسجد النبوي المبارك ، والشيخ يسير بصحبة مرافقه ، إذا بسائق سيارة أجره بدوي يلمح الشيخ فيترك سيارته مسرعا يسلم عليه ويقبل رأسه ، والشيخ يدعو له بخير ، قلت : سبحان الله ما ترى سر هذه المحبة التي قذفها الله في قلوب عباده نحو هذا الشيخ الجليل ؟ 3. يحدثني أحد إخواننا ممن كان يعمل داعية إلى الله في بعض البلاد مبعوثا من قبل رئاسة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء والإرشاد أنه أبعد من تلك البلاد نتيجة بعض الوشايات فذهب إلى الرياض ومعه زوجه وعياله ، وتمكن بعد أيام من مقابلة الشيخ حيث شكا إليه ما لقي من أذى فسالت دموع الشيخ رحمه الله وأصر أن يأتي ذلك الرجل بأهله لينزلوا ضيوفا على الشيخ في بيته ريثما تتم إجراءاته ، فلما أبى صاحبنا أقسم الشيخ أن تكون نفقات إقامته في الفندق على حسابه . وهكذا كان – رحمه الله – برا كريما رءوفا رحيما حفيا بطلاب العلم سليم القلب تجاه المسلمين أجمعين ، يسعى في مصالحهم ويدأب في النصح لهم ، حتى كتب الله له القبول والمحبة في قلوب الناس من وافقوه ومن خالفوه ، فلا تجد شانئا للشيخ إلا جاهلا به غير عارف بفضله .. وها هنا أختم بحديث أبي أمامه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا إن قبض العلم ذهاب أهله.. " نسأل الله أن يعلي مقام الشيخ وأن يرفع درجته يتقبله بقبول حسن وأن يجعل مثواه جنة النعيم ، أنه خير مسؤول وأكرم مأمول . الدكتور عبد الحي يوسف رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم |
كان حريصا على وحده الصف
قد عرفته – رحمه الله – شديد التواضع غزير العلم سخي النفس واليد ، ينفق راتبه في دعم إثارة الفوضى والقلاقل والخلافات بين المسلمين وكانت من وصاياه في كتاباته أنه ينبغي معرفة الأحكام الشرعية بدليلها الصحيح من الكتاب والسنة ومما أجمعت عليه الأمة غير أنه يجب عدم إثارة الخلافات والنزاعات التي تؤدي إلى فرقة الصف المسلم . ومن أهم مميزاته أنه كان لا يفجر في الخصومة عند الاختلاف والآراء ويرفض الطعن في المخالفين وكان يعطي لكل ذي حق حقه ، وبموته رحمه الله تفقد الأمة الإسلامية علما بارزا من أعلامها وبرحيله يترك فراغا لا أعتقد أنه سيسد على المدى البعيد إلا أن يشاء الله فرحمه الله رحمة واسعة فقد كان أمه بعلمه وعمله وإخلافه وبذله وجهاده . الشيخ محمد بن محمد الحرازي إمام وخطيب جامع الإيمان – صنعاء – اليمن |
دائم الاهتمام بأمر المسلمين
نسأل الله عزوجل أن يتغمد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز برحمة واسعة ومغفرة سابقة فهو ذو سمعة عالمية ضاربة فقد وفقة الله عزوجل لأن ينال علما نافعا وأن يتمتع بمنزلة اجتماعية رفيعة ، ولقد جلست إليه مرة ولا حظت أمرين أثنين : الأمر الأول مدى انشغاله بهموم المسلمين وقضاياهم وبالإضافة إلى من كان حوله من مختلف الجنسيات كان هاتفه لا يكف عن الرنين ولا يبخل هو بإجابة مقنعة أو فتوى صحيحة. الأمر الثاني أنه بحر لا ينزح ولا تكدره الدلاء فقد كان يجيب في موضوعات شتى وميادين متفرقة إجابة عالم مستبصر وقد حدثت أنه يكاد يحفظ الكتب السنة ومسند الإمام أحمد بن حنبل وعلى كل هو أية من آيات العصر ويذكر بسلف الأمة الصالح. والله أسأل أن يبوأه من الجنة غرفا من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار . الدكتور الحبر يوسف نور الدائم جامعة الخرطوم – السودان |
رأيت فيه خلق القرآن
رأيت فيه خلق القرآن الشيخ ابن باز عالم عاش حياة إسلامية خدم فيها الإسلام بعلمه وباجتهاده وله الكثير من الآراء والفتاوى التي استنار بها العالم الإسلامي ، وقد زرت الرجل والتقيت به في السعودية فوجدت فيه خلق القرآن ، وقد خسر العالم الإسلامي هذا الرجل ونسأل الله أن يتقبل صالح أعماله . عبد الحليم مندور – مصر |
علم انتزع
لم يكن أثر الشيخ محدودا بمكان ولم يكن عمره محدودا بزمانه بل رجع بالدعوة إلى سلفيتها فكانت نسبة الفتوى إليه راحة في النفس ، وإذا كنا نسجل دمعة لفراقه ولعلم انتزع بموته فإننا نسجل فرحة بنجاته من حياة لا نعلم ما الله فاعل بنا فيها ، رحم الله الشيخ عبد العزيز ابن باز وأسكنه فسيح جناته والهم الأمة الإسلامية الصبر والسلوان. الشيخ رفاعي سرور – مصر |
موته فاجعة
كانت لي معه يرحمه الله جلسات قصيرة في الرياض وفي الطائف ويعتبر موته فاجعة على الأمة الإسلامية وذلك نظرا لتأثيره الكبير في الصحوة الإسلامية.. ولا يوجد أحد من العلماء إلا ويعرف هذا العالم بعلمه وينبئ موته عن خطر عظيم يحدث للأمة بموت علمائها لأن العلم معهم وهذا يعتبر من علامات الساعة . الشيخ عقيل المقطري مدير إدارة المعاهد الشرعية – صنعاء – اليمن |
عمل متواصل
الشيخ عبد العزيز بن باز رجل نحسبه على خير ولا نزكي على الله أحدا ، وقد كان رحمه الله رجلا مخلصا لربه ولدينه ولأمته قدم الكثير لدعوته الإسلامية والشيخ ابن باز كان مرجعا للمسلمين في أنحاء العالم لآخر لحظة في حياته ، حتى أنه لم يمتثل لنصيحة الأطباء بالراحة بعد مغادرة المستشفى وذهب إلى مكتبه للرد على اتصالات الجمهور . اللواء حامد نور – مصر |
جوانب من سيرة الإمام ابن باز
سيرة هذا الإمام الفذ يصعب حصرها بل يتعذر الإتيان عليها ، وفيما يلي ذكر بعض تلك الجوانب : الصبر: فللإمام رحمه الله قدح معلى، ونصيب أو في من تلك الخصلة الكريمة. وجوانب الصبر فيه كثيرة جدا ، فالشيخ صبور على التعليم والتعلم حتى بعد أن كبر وأصبح مرجع المسلمين الأول ، فلا تراه إلا مكبا على العلم متزودا من الفائدة سواء من بين طلابه أو في سيارته وهو في طريقه إلى العمل ونحو ذلك ، والشيخ صبور في تصديقه للناس وحله لمشكلاتهم وإجابته عن أسئلتهم وسعيه في الإصلاح بينهم ، وحرصه على الشفاعة لهم حتى إن الزائر للشيخ قد يصيبه الضجر والملل من جراء مضايقة الناس له وكثرة إلحاحهم عليه وسوء الأدب الذي يصدر من بعض الناس أحيانا تجاه الشيخ ، والشيخ لا يفارقه الهدوء ولا السكينة بل يستقبلهم بوجه طلق ونفس راضية وسكينة عجيبة . والشيخ صبور بل محب لمن يقصده بالزيارة حتى إن الزائر ليستحي من تكرار الزيارة، خشية من إحراج الشيخ أو إضاعة وقته، ولكن الشيخ يفرح بذلك أيما فرح ويذكر زائريه بفضل الزيارة والمحبة في الدين. والشيخ صبور على الألم والمرض فربما بلغ به الألم مبلغه ومع ذلك لا يلاحظ عليه تكدر أو تغير مع أن المرض – كما هو معلوم – تتغير به الطباع فلا تبقى الأخلاق على اعتدال ولا يقدر معه على احتمال ، ولسان حال الشيخ يقول: لست ممن يفقد الأنس إما *** أصبح الروض كئيبا أغبرا لزوم الاعتدال : فالاعتدال سمة ملحوظة في سيرة الشيخ وذلك في شتى الأمور : في أحكامه ، وفتاويه ، وتعامله ، بل في تبسمه وضحكه ، فلا هو بالكز الغليظ ولا هو بالمسرف بالضحك من القهقهة ، بل هو معتدل في مأكله ومشربه ، فلا يمتنع من طعام ولا يكثر من الأكل والشرب منطلقا بذلك من قوله تعالى :" وكلوا واشربوا ولا تسرفوا " ، ولهذا متعه الله بالصحة والعافية ، عدا ما يعرض له من الأمراض العارضة ، وعدا ما أصابه قبيل وفاته . أما غير ذلك فإن الشيخ قد سلم من كثير من الأمراض التي تعتري أكثر الناس خصوصا ممن هم في سنة أو في مكانته ممن يتصدون للناس فالشيخ لم يصب بالضغط ولا بالسكر ولا بغيرها من تلك الأمراض. الأدب الجم : فالشيخ لا يؤذي أحدا بكلمة ولا يجرح مشاعر الآخرين بأذية ، وحتى إن المخالفين له ليكبرون فيه هذه الخصلة ،فتراه لا يزيد على من يميل عن الحق ولا يخرج عن طروه إذا أراد الرد على أحد ، بل تراه ينبه المخطئ بألطف عبارة وأحسن إشارة ، ربما استدعى المخالف أو اتصل به فيدنيه وينصح له ويأخذ بيده ويشير عليه فلا يكاد المخالف بعد ذلك أن يخرج عن إشارة الشيخ ورأيه وإذا لج المخالف في الخصومة ومشى في غلوائه بعد استبانه الحق له وخشي الشيخ أن يصل الناس بسبب ذلك – أخذ بالتي هي أرضى لله – ورد على المخالف بما يناسب حاله ومقامة . قيامه بصغار الأمور وكبارها : فذلك من أسرار عظمته وتميزه ففي الوقت الذي قوم فيه بحلائل الأعمال ، من مراسلات لكبار المسؤولين ومناصحة لرؤساء الدول ، واستقبال للوفود من أعلى المستويات وقيام بالدروس والفتوى والرد على الأسئلة المتتابعة وترؤس الاجتماعات ، سواء في الرابطة أو في هيئة كبار العلماء أو غيرها – تجده لا يهمل دقائق الأمور وصغارها بحجة اشتغاله بما هو أهم ، بل تراه يعطي كل ذي حق حقه ، فتراه يمازح الصغار ويداعب قائد سيارته والعاملين معه ويسألهم عن أحوالهم وأحوال ذويهم بل تراه لا يغفل عن الثناء على الوجبات التي يعملها طباخ المنزل ، وهكذا حاله مع الناس . ولم يكن أحد يلهيه عن أحد *** كأنه والد والناس أطفال وهذا سر من أسرار عظمته وحلوله في سواد العين وسواد القلب عن الخاصة والعامة، فكل له كيانه الخاص وكل له شأنه عند نفسه. إقبال على المتحدث: حتى إنه ليخيل إليك والشيخ يحدثك أنه لا يعرف غيرك وليس لديه قضية إلا قضيتك. لا يحمل أحد ذنب أحد : فلا تحمل مشكلات العمل للمنزل أو للزائرين فإذا جلس إلى أحد ظن أن الشيخ خلي من الهموم ، وهذا من أعظم ما يعني على القيام بمسؤولياته بخلاف الكثير من الناس ممن إذا كدر عليهم فكدر نال الغضب كل من حولهم وكل من يتصل بهم . سلامة الصدر : فلا يعرف الحقد طريقه إلى قلب الشيخ بل قلبه مفعم بالحب والرحمة والرغبة في إسداء الخير للآخرين فالشيخ يصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفوا عمن ظلمه ويحسن إلى من أساء إليه ، وهذا أمر يعرفه القاصي والداني . الثقة والسرعة في إنجاز الأعمال : فإذا حضرت مجلس الشيخ سواء في " الرياض " أو الطائف أو مكة في أوقات الحج أو غير ذلك رأيت الجمع الغفير من الناس ممن قدموا للسلام على الشيخ أو من ذوي الحاجات والمشكلات أو ممن وقع منهم الطلاق أو ممن يريدون الفتوى فيضيق المجلس بهم ، ويتقدمون إلى الشيخ ما يريدون ويكون في أغلب الأحيان اثنان من كتاب الشيخ أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وكل واحد منهما قد ملأ جعبته من الأسئلة والمعاملات التي تعرض على الشيخ ويكون بجانب الشيخ هاتفان لا يتوقف رنينهما . فإذا رأيت هذا المشهد أيقنت أن هذا الجمع لن ينفل ، وأن تلك المعاملات تحتاج إلى أسبوع على الأقل ، ليتم التخلص من بعضها ، وما هي إلا فترة يسيرة ثم تنفل تلك الجموع وكل قد أخذ نصيبه من الشيخ إما بتوجيه معين أو برد علي سؤال أو استجابة لطلب مع أن الشيخ في ذلك الوقت يستمع ممن على يمينه ومن عن شماله من الكتاب ومن أمامه من المراجعين أو المستفتين ويرد السلام على من يسلم ولو أدى ذلك إلى قطع القراءة ولو كانت طويلة ويرد في الوقت نفسه على الهاتف ثم يعود إلى القارئ أو يرد السلام على من يسلم ممن يأتي من فوره إلى مجلس الشيخ فيختفي به الشيخ ويلح عليه بتناول طعام الغداء أو العشاء لديه ، وما أن تنتهي الجلسة إلا وقد قام الشيخ بأعمال عظيمة لا يقوم بها أولوا القوة من الرجال مع أن الشيخ كفيف البصر كبير السن ومع أن كلمته هي الفصل التي يتوقف عليها أمور عظيمة ومع ما يلقاه من كزازة بعض المراجعين فهذا هو نظامه اليومي في الظهر وبعد المغرب وقبل الظهر زيادة على ذلك يوم الخميس . قوة الذاكرة : فلقد متعه الله عزوجل بذاكرة تستوعب كافة القضايا ومع تقادم سن الشيخ إلا أن ذاكرته تزداد قوة سنة بعد سنة, وقد حدثني الشيخ الموسى – حفظه الله – فمنذ سنوات عديدة إلى أن توفي الشيخ وهو يحدث بذلك ، كلما سألته عن ذاكرته عن ذاكرة الشيخ قال : إن ذاكرة الشيخ هذا العام أقوى من العام الذي قبله . إن من أعظم نعم الله على الشيخ وعلى الأمة أن حفظ الله على الشيخ ذاكرته وعقله، فلم يصبه الخرف ولم يفقد عقله حتى فارق الدنيا. الكرم المتناهي: كريم في خلقه، كريم في عفوه وصفحه، كريم في علمه ووقته وراحته، ولا يخلص زائره منه إلا بعد لأي وجهد. ثم إن الذي بيد الشيخ ليس له ولو سئل ما سئل لأعطي فريما سئل مالا بل ربما سئل عباءته التي يلبسها فأعطاها من سأل ، وربما أتته الهدية في المجلس فسأله أحد الحاضرين إياها فأعطاها إياه ، وقد أهدي إليه مرة عود فاخر فسأله أحدهم إياها فقدمها الشيخ له ، كل ذلك بنفس راضية فهو يتلذذ بالعطاء أكثر من تلذذه بالأخذ . تراه إذا ما جئت متهللا *** كأنك تعطيه الذي أنت سائله ولو لم يكن في كفه غير نفسه *** لجاد بها فليتق الله سائله والحديث عن كرمه يبدأ ولا يكاد وينتهي .. الوفاء: فالوفاء سمة بارزة في الشيخ فهو وفي مع مشايخه وزملائه، فلا يكاد ويذكر شيخه سماحة الإمام محمد بن إبراهيم – رحمه الله – إلا وتغرورق عيناه بالدموع، وربما ذكر زميله سماحة الإمام عبد الله بن حميد فبكى. ومن وفائه تذكره لأبناء أصحابه وحبه لهم وعنايته بهم ومن ذلك سؤاله المتكرر عن معارفه واتصاله بهم. المحافظة على الوقت : وهذا من أعجب ما يلحظ في سيرته فلا تضيع لحظة من لحظات حياته من غير فائدة سواء كانت شفاعة أو نصيحة أو إجابة لسؤال أو كتابة لمستفت أو ردا على الهاتف أو مطالعة في كتاب أو إلقاء الدرس أو تعليق على كلمة . وإذا خلا من ذلك أو وجد فرصة يفرغ منها من أعماله لهج بذكر الله مسبحا مهللا محوقلا مكبرا ، والعجيب في سيرة الشيخ وقته في المواعيد حتى إن الناس لتعرف نظامه اليومي طوال العام سواء كان في " الرياض " أو " مكة " أو " الطائف " أو " المدينة " عدا ما يكون من إخلال بسبب بعض العوارض ، والشيخ دقيق في معرفة أوقات الصلوات ،فإذا تأخر المؤذن أقل من الدقيقة تنبه الشيخ لذلك ، ولقد بارك الله في وقته أيما بركة . طيب النفس وحسن الخلق : وهذه الخصلة يبدأ الحديث عنها ولا ينتهي فلا تجد عند الشيخ ضيقا ولا تبرما حتى إن الشيخ إذا أتى من الدوام قبيل العصر منهكا مكدودا قد بلغ به الإعياء مبلغه ، ودخل مجلسه والناس ينتظرونه للسلام عليه أو سؤاله أو طلب الشفاعة منه أو عرض بعض المشكلات عليه أقبل عليهم بجبين طلق ونفس كريمة وابتسامة مشرقة مع أنه قد أتى من الدوام وقام بأعمال يعجز عن القيام بها الرجال الأفذاذ ، ومع أنه قد قام منذ آخر الليل يتهجد إلى أن يؤذن الفجر ثم يصلي الفجر ويبدأ بإلقاء دروسه إلى قريب الثامنة صباحا ثم يذهب إلى المنزل ويمكث فيه قليلا ثم يذهب إلى الدوام ، فما الظن بمن هذه حاله هل يلام إذا تكدر أو تبرم ؟ .. لا ، فماذا يقال إذا كان الأمر عكس ذلك تماما الجواب : " وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " . العدل في الأحكام : ومن أمثلة ذلك أنه إذا قرئ عليه كتاب أو سمع كلاما لأحد من الناس قرأه أو سمعه وكأنه خالي الذهن عن معرفة ذلك القائل أو الكاتب فحكم عليه بما يستحق ثناء أو نقدا فلا تأخذه معرفة الإنسان وقربه منه إلى مجاملته والتغاضي عن أغلاطه ، لا يأخذ الجهل به أو بعده عنه أو كثرة الكلام الناس فيه أن يرد ما عنده من صواب بل يقبل الحق ويثني عليه ولو كان من أبعد الأبعدين . وهذه منزله عالية وتجرد خالص لا يستطيعه كل أحد من الناس. التشجيع: فلا تكاد تزور الشيخ وتخرج من عنده إلا وتشعر بأن روحا جديدة قد دبت في جسدك. سعة الأفق : فالشيخ من أوسع الناس أفقا وأبعدهم نظرا وأرحبهم بالخلاف صدرا أو أكثرهم للمعاذير التماسا والشيخ لا يأنف من سماع الحق ولا يحرج صدره من قبوله ولا يستنطق من الرجوع إليه والأخذ به . والشيخ لا يلزم الناس باجتهاداته ولا يضلل كل من خالفه ، ومن خطاه سعة الأفق عنده أن يستمع من الكبير والصغير والجاهل والعالم والعام والخاص . هذه بعض الجوانب من سيرة الإمام عبد العزيز ابن باز، والمقام لا يتسع لأكثر من ذلك. فرحم الله شيخنا ، وأجزل له الأجر والمثوبة . الشيخ محمد بن ابراهيم الحمد مجلة الشقائق العدد الحادي والعشرون . |
ورحل الوالد العلامة
ودع المسلمون في المملكة وفي أنحاء العالم يوم الخميس الماضي 27/1/1420هـ سماحة الوالد العلامة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز ابن باز – يرحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والأبرار – وقد بكاه الجميع صغارا وكبارا ، نساء ورجالا ، وحزنوا عليه حزنا عميقا ، وحق لهم أن يحزنوا على هذا الرجل العظيم الذي شربوا محبته مع الماء واستنشقوها مع الهواء لأن الله قد نشر له القبول في الأرض ومن عليه بصفات يندر أن تجمع في غيره ، فتغلغل حبه في سويداء القلوب ، وانعقد الإجماع على إمامته وريادته ، وكان إجماعا عالميا ما عرف له نظير في هذا العصر ، لكنه لم يتحقق بسهولة ، ولم يكن نتيجة مجاملة أو محاباة ، أو رغبة أو رهبة ، وليس وليد يوم أو يومين أو عام أو عامين ، وإنما هو حصيلة حياة جادة دامت أكثر من ثمانين عاما كلها جهد وجهاد ، وصبر ومصابرة ، وجد ومثابرة وعلم وعمل ،وصلاح وإصلاح ، وزهد وورع ،وإيمان وتقوى وطاعة وعبادة ، وبذل وتضحية ، ونبل وكرم ، وحلم وحزم ، إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي لا يخطر في بالك صفة منها إلا ووجدتها متمثلة حية في حياة الشيخ وسيرته والذي يريد أن يكتب عن الشيخ – رحمه الله – يجد نفسه أما موسوعة شاملة ، وحياة عامرة حافلة ، لا يدري من أين يبدأ ، ولا أين ينتهي ، وكل خصلة من خصاله الحميدة يمكن أن يؤلف فيها كتاب ، ولذا فإني سأقتصر على جانب واحد ، وهو : منهجه – رحمه الله – في نشر العلم وحرصه على ذلك وصبره وجلده عليه واستثماره كل دقيقة من وقته في هذا المجال ،بحيث لا تراه إلا معلما أو موجها أو فقيا أو ناصحا ، عبر الهاتف أو الإذاعة أو الصحف والمجلات أو دروسه اليومية في المساجد أو محاضراته العامة في المساجد أو النوادي أو المدارس والجامعات أو في مجالسه الخاصة أو العامة أو الاحتفالات الرسمية التي يتاح له المشاركة فيها بكلمة ، وفي أي مجال ومكان يوجد فيه الشيخ ، ولا يكاد يوجد في برنامجه اليومي وقت لغير ذلك، حتى للحديث العادي المباح خوفا من أي يجر ذلك إلى لغو ربما كان ضرره أكثر من نفعه ، ويذكر عنه – رحمه الله – أنه ما إن يسمع من أحد جلساته لغوا أو غيبة أو نحو ذلك حتى يبادره قبل أن يكمل ويقاطعه قائلا له : سبح سبح ! أي أشغل نفسك بالتسبيح عن هذا الكلام المرذول ، ويروى عنه – رحمه الله – في بذل العلم وصبره على الناس واستثمار الوقت في ذلك قصص بعضها لا يكاد يصدق – سأورد بعضا منها – ولولا أننا معاصرون للشيخ ونعرف عنه ذلك لوجدنا أن بعضها غريبة : ولذا فإننا لا نستغرب أن تصفنا الأجيال التي بعدنا بالمبالغة في بعض ما تحدثنا به عن الشيخ ،كما أننا نصف بالمبالغة بعض الأخبار التي وصلتنا عن بعض علماء السلف ،وإن كانت حقيقة ،لكن المثل الذي يقول : " ليس راء كمن سمعا" له نصيب من الصحة بلا شك . أما منهج الشيخ في نشر العلم فإنه قائم على الكتاب والسنة حسب فهم السلف الصالح ، فهو إذن منهج سلفي أثري معتدل ، وأبرز سماته الدوران مع النص حيث دار مع التوسط والتوازن والاعتدال ، والتوسط والتوازن والاعتدال من أبرز صفات الشيخ وخصاله الحميدة في كل أموره : في الحب والبغض ، والمدح والقدح ، حتى مع المخالفين ، فإنه ينصفهم ويترفق بهم ويبين ما عندهم من الخير ولا يسكت عن باطلهم بل ينبههم إليه وينصحهم ويوجههم ، وقد سئل أكثر من مرة في مجالس حضرتها عن بعض الجماعات والطوائف وذكر له ما عند بعضها من مخالفات ، فأنصت للسائل ثم علق على كلامه محذرا من هذه المخالفات ثم وجه نصيحة لهذه الجماعة ووجههم ودعا لهم بالتوفيق والهداية ، ثم أشاد بما لديها من محاسن وفضائل لم يشر لها السائل . وهذا دأبه – رحمه الله – فلا يحمله كراهة ما عند المخالف من الأخطاء على عدم العدل والإنصاف . ومن صور بذله العلم واستثماره كل فرصة سانحة في ذلك ، أنه يحب الاختلاط بالناس وغشيان مجالسهم ، ويستجيب للدعوات الخاصة حتى من صغار تلاميذه ، لكنه يعمر المجلس الذي يحضره بالعلم والذكر والطاعة ، ولا يعطي فرصة لأي حديث مهما كان عاديا يسيرا ، وقد حضرت عددا من هذه الدعوات في منازل بعض المشايخ والزملاء والأصدقاء من طلاب العلم ، وما أن يصل الشيخ – رحمه الله – إلى المجلس ويأخذ مكانه في صدره ثم يسلم عليه جميع الحاضرين فيجيبهم واحدا واحدا ويحتفي بهم كل فرد باسمه في الغالب ، حتى يسأل – رحمه الله – صاحب المنزل إن كانوا قبل مجيئه يتحدثون في موضوع أو قضية علمية أم لا ، فإن قال المضيف : نعم ، سمع سماحته منهم ثم قال كلمة الفصل في ذلك ، وإن قال المضيف : لا ، طلب سماحته من مرافقه أن يقرأ في كتاب معه ، ثم يعلق الشيخ على ذلك ، أو يطلب من أحد الحاضرين أن يقرأ ما تيسر من القرآن ، ثم يتولى سماحته شرح هذه الآيات وتفسيرها واستنباط الأحكام والدروس منها بصورة موجزة ولا يطيل إطالة مملة ، فإن بقي في الوقت متسع قبل الطعام فتح المجال للأسئلة والفتاوى إلى أن يقوموا للطعام ،وبعد الطعام يودع الجميع وينصرف ، ولا أذكر أنه عاد للجلوس بعد الطعام . ومن صور بذله للعلم وحرصه أن يستثمر تلك الدقائق التي تضيع عادة ولا يأبه الناس بها كمسافة الطريق بين البيت والمسجد على القدمين أو في السيارة بل ما هو من ذلك كالوقوف أمام المغسلة بعد الغداء أو العشاء ، وأذكر أنني مرة تناولت الغداء في منزل سماحته وكننت مرافقا لوفد من مسلمي أمريكا برئاسة الإمام وارث الدين محمد ، وكان وقت الجلسة قبل الغداء مملوءا بحديث شيق بين سماحته والإمام وارث الدين – سأشير إلى مضمونه بعد قليل – وعند القيام للغداء اقتربت من سماحته وقلت له :لدي سؤال خاص ، فقال – رحمه الله – كن بجواري عند المغسلة واطرح علي سؤالك ، فوقفت بجانبه وقلت له : يا سماحة الشيخ : ما رأيك في قول العامة عندنا : " ما صدقت على الله أن يحصل كذا وكذا " وهل في هذه العبارة محذور من الناحية الشرعية ؟ فقال – رحمه الله - : " لا أرى فيها بأسا ، لأن المراد – والله أعلم – ما توقعت أن الله سيحقق لي هذا الأمر ، أو نحو ذلك " . وقل لي أحد كتاب الشيخ وملازميه : لو لم تستفد أنت من هذه اللحظات لطلب الشيخ واحدا منها ليعرض عليه فيها شيئا مما لديه ، وهذا دأبه رحمه الله . أما مضمون حديث سماحته مع الإمام وارث الدين وجماعته في هذا اللقاء فقد كان تتمة لحديث موجزا بدأ عند زيارتنا لسماحته صباحا في مكتبه ، وقد أصر سماحته – كعادته مع كل من يزوره من ضيوف البلاد في مكتبه – أصر على مشاركته في طعام الغداء هذا اليوم في منزله يومية عامرة ومفتوحة لزوار وضيوفه من داخل المملكة وخارجها . وفي منزل سماحته رحب – رحمه الله – بالإمام وارث الدين ومرافقيه وشكره وأثنى على عمله وجهوده مع جماعته في نشر الإسلام في أمريكا ، ووجههم بعدة توجيهات ودعا لهم وعدهم بالعون والمساعدة ثم سأل – رحمه الله – الإمام وارث الدين عن أحوال المسلمين عموما في أمريكا ، وأحوال جماعته ، وعن مساجدهم ومدارسهم والمناهج والكتب التي يدرسونها في هذه المدارس وأوصاهم بالعناية بالعقيدة والحرص على التمسك بمذهب السلف الصالح ، ثم فتح الشيخ الحوار معهم واستمع إلى حديثهم ومشكلاتهم وأسئلتهم ، وقد ظهر على الإمام وارث الدين انبهار وإعجاب بالشيخ : في علمه وسمته وهيئته وبساطته وإجاباته للسائلين عبر الهاتف وشموليه مجلسة وتوجيهه لكل فرد في هذا المجلس بصورة تشعره بأنه محط اهتمام الشيخ وحده ومن مظاهر إعجاب الإمام بالشيخ أنه قال له : نحن الآن نعدك يا شيخ منذ اللحظة شيخنا وإمامنا وقدوتنا ومستعدون أن نصدر عن رأيك في كل أمر من أمرونا ، ويسرنا أ، نستقبل في مساجدنا ومدارسنا كل من أن يأتينا من طرفك من الأئمة والدعاة والمدرسين ،وأن ندرس لطلابنا ما تقترحه علينا من الكتب والمؤلفات ، وأن نسير بتوجيهك في كل شأ، ، وقد شكره سماحته على هذا الشعور النبيل ودعا له جماعته بالخير والهدى والتوفيق. هذه نماذج فقط من سيرة الشيخ العطرة في هذا المجال فقط ، وبعض شمائله الحميدة فرحمه الله رحمة واسعة ما أعظم نفعه وما أبرك وقته وعمره الذي حقق فيه للإسلام والمسلمين في الداخل والخارج ، ما لم يحققه عشرات الرجال بل مئاتهم ، ونتمنى أن تحظى سيرته العطرة الحميدة بعناية خاصة لتقديمها للشباب والناشئة وطلاب العلم والدعاة ، فهي سيرة عالم جليل تذكر بعلماء السلف الكبار ، وفيها قبس من أخلاق النبوة ، ورحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وجمعنا به ووالدينا في عليين ، وجعل البركة في ذريته وخليفته وعلماء هذه البلاد وسائر علماء المسلمين من بعده . د.محمد بن خالد الفاضل مجلة الشقائق العدد الحادي والعشرون. |
لقاءات صحفية :
الملك فهد : وفاة ابن باز خسارة للأمة الإسلامية عبر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز عن "عميق حزنه وألمه لوفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" المفتي العام للسعودية الذي توفي الخميس الماضي . واعتبر خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة أمس أن "وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي كرس حياته للعلم وخدمة الإسلام والمسلمين خسارة فادحة للأمة الإسلامية التي طالما استفادت بعلمه". ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن وزير الإعلام السعودي الدكتور فؤاد بن عبد السلام الفارسي قوله إن الملك فهد "تناول السيرة الطيبة للشيخ عبد العزيز بن باز ومناقبه ، وما تحلى به من صفات حميدة وما بذله منجهود خيرة ، ومواقفه على صعيد العلم وخدمة الإسلام والدعوة الإسلامية والعلوم الشرعية" الحياة 3 / 3 / 1420هـ |
الملك يوجه بصلاة الغائب على الفقيد في جميع المساجد
توفي أمس سماحة الشيخ عبد العزبز بن باز مفتي عام السعودية ، وفيما يلي نص البيان الصادر عن الديوان الملكي: انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح الخميس الموافق 27 المحرم 1420هـ ، سماحة الشيخ عبد العزبز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدار البحوث العلمية والإفتاء ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي ، عن عمر يناهز تسعة وثمانين عاماً ، إثر مرض ألم به ، وسيصلى على سماحته حاضراً في الحرم المكي الشريف اليوم بعد صلاة الجمعة . وجه خادم الحرمين الشريفين بأن تقام عليه صلاة الغائب أيضاً في المسجد النبوي الشريف وجميع مساجد المملكة اليوم بعد صلاة الجمعة إن شاء الله . ولقد خسر المسلمون بوفاة سماحته خسارة كبيرة ، حيث فقدوا بفقده عالماً جليلاً كرس كل حياته في سبيل العلم وخدمة الإسلام والمسلمين على اختلاف أوطانهم في جميع أنحاء المعمورة. وإن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني ، إذ يعزون أسرة الفقيد والشعب السعودي والعالم الإسلامي بوفاته ، ليسألون الله جل وعلا أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جنته وينزله منازل الشهداء ، إنه سميع مجيب ، والحمد لله على قضائه وقدره . إنا لله وإنا إليه راجعون. الاقتصادية 14 / 5 / 1429هـ العدد : 2060 |
المليك وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني يؤدون صلاة الجنازة على فقيد الأمة
ودعت الأمة الإسلامية يوم أمس علامة العصر وفقيد أهل السنة والجماعة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء حيث صلى على جنازته بالمسجد الحرام عقب صلاة الجمعة في موكب مهيب لم يشهد له التاريخ مثيلاً ويمثل اعتزاز العلماء وتكريمهم كيف لا وهم ورثة الأنبياء . وقد تقدم جموع المسلمين للصلاة على جنازة الفقيد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يحفظه الله ، وسمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبد العزيز وحضر صلاة الجنازة أيضاً صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الأشغال العامة والإسكان وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة . وقد أم المسلمين لخطبة الجمعة سماحة الشيخ محمد بن عبد الله بن سبيل إمام وخطيب المسجد الحرام الذي تحدث في خطبته عن مكانة وأهمية العلماء وأن الأمة قد فقدت علماً من أعلامها وهو عالم الأمة وإمام أهل السنة والجماعة في هذا العصر علامة زمانه وفقيه أوانه الداعية إلى الله على علم وبصيرة المجاهد في سبيل الحق والهدى سماحة العلامة الجليل الشيخ عبد العزيز بن باز وقال أن فقده مصاب أليم وحادث جلل على أمة الإسلام وسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يبوأه منازل الأبرار مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . وعقب صلاة الجمعة صلى على جثمان سماحته في موكب مهيب وسط الدعاء والخشوع والبكاء بأن يغفر الله له ثم شقت جنازة سماحته الجموع بصعوبة بالغة وسط الجموع الغفيرة التي جاءت لتلقي النظرة الأخيرة على سماحة الشيخ ثم حملت الجنازة إلى مقبرة العدل حيث شهد مراسم دفنه أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء وأصحاب الفضيلة العلماء وأقران الشيخ من العلماء الأ<لاء وجمع غفير من تلامذته وطلاب العلم وقد كان في مقدمة المشيعين وصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الأشغال العامة والإسكان وصاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة وصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة ومعالي وزير المعارف الدكتور محمد بن أحمد الرشيد ومعالي الرئيس العام لتعليم البنات الدكتور علي بن مرشد المرشد وسماحة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ومعالي نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور عبد الله بن عمر نصيف وأصحاب الفضيلة العلماء الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين عضو هيئة كبار العلماء وفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو هيئة كبار العلماء وجمع كبير من الدعاة والعلماء . رحم الله فقيد الأمة سماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن باز وجزاه على ما قدم من جهود علمية وخدمة للدعوة والإسلام {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية . فادخلي في عبادي وا دخلي جنتي} ... صدق الله العظيم . |
قوات الطوارئ السعودية تنظم دخول الجنازة إلى الحرم المكي الشريف
لم تستطع الفرق الأمنية بقوات الطوارئ الخاصة السعودية من السيطرة على الأمواج البشرية التي تجاوز عددها ما يقرب من 50 ألف مسلم جاؤوا من داخل السعودية وخارجها من الاقتراب من جثمان فقيد العالم الإسلامي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عند وصول جنازته إلى باب الملك عبد العزيز بالحرم المكي الشريف في مكة المكرمة ، حيث أديت الصلاة عليه عقب أداء صلاة الجمعة أمس وتقدم جموع المصلين الذين قدر عددهم بما يقرب من مليون شخص خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز والأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني والأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام وأفراد الأسرة المالكة وشخصيات سياسية ودينية ودبلوماسية من أنحاء العالم العربي والإسلامي وجموع حاشدة من المسلمين من كافة أقطار العالم. وكان المنظر مهيباً عندما دخلت جنازة الفقيد الراحل إلى ساحة الحرم المكي الشريف وجثمانه الظاهر ملفوف بعباءته التي كان يرتديها أثناء حياته ويؤم بها المصلين ويلقي الدروس الدينية . أمواج متلاطمة هائجة من البشر تريد كسب الثواب في حمل جثمان هذا العالم الجليل الذي نذر حياته وأفنى عمره وقسا على صحته وراحته من أجل الدعوة إلى الله وتحكيم الشريعة الإسلامية والسنة النبوية في كل نواحي الحياة . لم تستطع فرق قوات الطوارئ الأمنية الخاصة السعودية السيرطة في منع الأمواج البشرية التي قدرت بـ50 ألف مسلم من كافة الدول الإسلامية ومن تلامذة الفقيد من السعوديين الذين قدموا إلى مكة من كل المناطق والقرى السعودة التي أرادت أن تحمل الجثمان ، من الوصول قرب إمام وخطيب المسجد الحرام والمسجد النبوي إلا بعد ما يقرب من 40 دقيقة وهي في الحالات العادية لا تتجاوز الـ10 دقائق. وقد وجد المشيعون صعوبة بالغة بعد أداء الصلاة على الجثمان في إعادة حمله حيث تكالبت الآلاف من الأيدي الممدودة وتزاحمت الأمواج البشرية لحمله إلى مثواه الأخير في مقابر العدل شرق مكة المكرمة ، والذي شاهد المنظر المهيب الذي نقله مباشرة التلفزيون السعودي بصوت المذيع خالد البيتي يعرف حجم الخسارة العظيمة التي خسرها العالم الإسلامي برحيل الشيخ الجليل ويعرف المكانة الحفية والغالية التي يكنها له المسلمون في كافة أقطار العالم من المسلمين. لقد تدافقت وتزاحمت الآلاف من الأيدي وشكل الجثمان وسط الهدير الضخم من المشيعين نقطة صغيرة بين حشد هائل ، الأمر الذي جعل الجثمان يتجه يمنة ويساراً ، ل أن الآلاف من الأيدي تريد أن تتلقفه ولو بلمسة لكسب الثواب في عالم جليل زاهد واجه في عدة مراحل من عمره ديوناً بسبب كرمه وإنفاقه على المحتاجين من المسلمين والأقليات المسلمة . وقد كانت معظم خطب أئمة الجوامع في السعودية يوم أمس الجمعة عن مآثر الفقيد وسيرة جهاده وعلمه. ونوه الخطباء بالخسارة الفادحة لرحيل ابن باز ، وتناولوا مشوار حياته الحافل بالعلم والدعوة إلى الله وطالبوا المسلمين بالسير على نهج الراحل ، ودعوا الله أن يخلف في المسلمين من يعوض فقدانه وخسارته ، رحم الله الشيخ ابن باز ويجازيه خير الجزاء على ما قدم وبذر لخدمة الإسلام والمسلمين . عكاظ: 5 / 2 / 1420هـ عدد : 11954 |
خادم الحرمين الشريفين لأبناء ابن باز:فقدنا أعز الناس وأصدقهم في النصح والدعوة للخير
بكلمات أبوية مؤثرة وبعبارات مفعمة بعمق المشاعر والتأثر قال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود عند استقباله رعاه الله بعد ظهر أمس في قصر الصفا بمكة المكرمة لأبناء سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز موجهاً أدامه الله كلماته لأبناء الفقيد الراحل "والدكم رحمة الله عليه هو والدنا بل ربما أشد من ذلك بالنسبة لي شخصياً وفقده ليس مصابكم أنتم كأسرته وأبنائه بل هو أيضاً مصابنا كشعب وأيضاً للعالم الإسلامي ولكل المسلمين"وأضاف المليك المفدى قائلاً "لقد فقدنا بوفاة والدكم إنساناً من أعز الناس بالنسبة لنا ومن أصدق الناس معنا ومن أحرص الناس على نصحنا والدعوة إلى الخير والنصح للناس وتوجيههم" هذا ماقاله الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن باز المحاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والذي دائماً ما يرافق والده سماحة مفتي عام المملكة في تنقلاته واستقبالاته في اتصال هاتفي أجرته معه "عكاظ" أمس وأضاف لقد كان لتلك الكلمات الأبوية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين أثرها البالغ في نفوسنا نحن أبناء الفقيد ولقد خففت من مصابنا الجلل في فراق والدنا رحمة الله عليه ونحن لم نستغرب مثل هذه المشاعر الصا دقة التي دائماً ما يغمرنا بها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني سواء في حضور والدنا رحمه الله أو غيابه. من جهة أخرى تحدث الشيخ أحمد عن الساعات الأخيرة التي سبقت تسليم روح والده إلى بارئها فجر يوم أول من أمس الخميس وقال : "عندما نقلناه رحمه الله إلى المستشفى في الطائف كان هنالك ممرض "نصراني" بجوار والدي رحمه الله وكنا أنا وإخواني عبد الله وعبد الرحمن وخالد نحيط به رحمه الله فكان أكثر ما يحث وينصح ذلك الممرض النصراني باعتناق الإسلام ودعاه بشدة على أن لا يموت على النصرانية .. هذا الحديث من والدي للمرض كان قبل ساعتين من وفاته رحمه الله . وحول الكلمات الأخيرة التي كان يرددها سماحة المفتي قبل وفاته قال الشيخ أحمد : سمعته يردد ما نصه "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ، ثم تبسم لنا رحمه الله ثم أغمضت عيناه قبل ساعة من وفاته. عكاظ: 29 / 1 / 1420هـ العدد : 11949 |
مساجد الجمعة تكبر اليوم صلاة على روح ابن باز
أدت جموع المسلمين في كافة مناطق ومحافظات المملكة صلاة الغائب على فقيد الأمة الإسلامية سماحة الشيخ عبد العزيز بنباز استجابة للأمر الملكي الكريم. ففي مدينة الرياض أقيمت صلاة الغائب على الفقيد وسط جموع من المسلمين تقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز نائب أميرمنطقة الرياض. وابتهل المسلمون إلى المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد سماحته بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن ينزه منزلة الصديقين الأبرار الأخيار. وفي منطقة تبوك تقدم صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان جموع المصلين في تيماء على الفقيد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز كما أديت الصلاة في جوامع ومساجد المنطقة. وفي نجران أدى صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة نجران عقب صلاة الجمعة يوم أمس صلاة الغائب على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كما أدى الصلاة مع سموه جموع المصلين . وفي تصريح لسمو أمير نجران دعا الله العلي القدير أن يتغمد سماحته بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن ينزله منزلة الصديقين والشهداء. وأشار سموه إلى ما كان يتميز به سماحته من الزهد وخدماته الكبيرة للإسلام والمسلمين في شتى أرجاء المعمورة . وقال أن سماحته يعد فقداً كبيراً للأمة الإسلامية لما عرف عنه رحمه الله من تسخير كل وقته وجهده في خدمة الإسلام والمسلمين . كما أقيمت صلاة الغائب في كافة جوامع ومساجد منطقة نجران وذلك عقب صلاة الجمعة . وفي حائل تقدم وكيل إمارة منطقة حائل الأستاذ محمد بن فهد بن سويلم الصلاة على الفقيد ابن باز في جامع التركي بحي شراف ... وقد أم المسلمين فضيلة الدكتور عثمان صالح العمر. وفي الطائف أقيمت صلاة الغائب على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في كافة جوامع ومساجد المحافظة تنفيذاً لتوجيه خادم الحرمين الشريفين. ونوه الخطباء بالجوامع والمساجد بأعمال الفقيد وما حققه لخدمة الإسلام والمسلمين سائلين المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان . كما أدى المواطنون والمقيمون في محافظة الزلفي بعد صلاة الجمعة أمس صلاة الغائب على فقيد الوطن وفقيد العالم الإسلامي مفتي عام المملكة العالم الجليل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله وأديت الصلاة على الفقيد الغالي في جميع مراكز الزلفي وقراها وهجرها . كما أدت جموع المصلين في محافظة محايل عسير والمراكز التابعة لها صلاة الغائب على سماحة الشيه عبد الزيز بن باز وذلك استجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين بإقامة صلاة الغائب على فقيد الأمة العربية والإسلامية. وأم المصلين في جامع السوق الشيخ يحيى السلومي فيما أم الشيخ إبراهيم الحفظي في جامع النزهة صلاة الغائب على سماحة الشيخ ابن باز. وقد أدى المصلون في كافة أنحاء محافظة محايل والمراكز التابعة لها كبحر أبو سكينة وخميس مطير وسعيدة الصوالحة وال فاهمة والريش وبلاد آل مشول وترقش والنصب وبني ثوعه والضرس والمربع صلاة الغائب على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. كما أدت جموع غفيرة من المواطنين والمقيمين في مساجد محافظة الدوادمي صلاة الغائب على فقيد الأمة الإسلامية الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عقب صلاة الجمعة . وتناول الخطباء في خطبهم مآثر الفقيد وأعماله التي تخدم الأمة الإسلامية رافعين العزاء لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني وللأمة الإسلامية في فقيدها. وفي محافظة الأفلاج أدى المسلمون الصلاة على الفقيد بن باز . وفي محافظة بلقرن أدت جموع المسلمين في جميع مساجد المحافظة بعد صلاة الجمعة أمس صلاة الغائب على سماحة المفتي العام وقد تحدث محافظ بقرن علي بن مناع الوادعي عقب انتهاء الصلاة لـ"الجزيرة" قائلاً : أن فقد هذا العالم المفتي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز يعد فاجعة ليس على بلادنا فحسب بل على الأمة الإسلامية فنسأل الله أن يجبر مصيبتنا وأن يخلف علينا . فقد كان الفقد ذا علم وفضل واجتهاد كبير في الخير نسأل الله أن يرحمه وأن ينزله منازل الأبرار والحمد لله على قضائه وقدره . الجزيرة : 29 / 1 / 1420هـ العدد : 9725 |
الأمير مشعل والأمير طلال والأمير أحمد يعزون في وفاة الشيخ ابن باز
قام صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية بزيارة لمنزل سماحة الفقيد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز بالرياض قدموا خلالها التعازي لأبناء وشقيق سماحة الفقيدة الشيخ عبد العزيز بن باز وأبدوا الحزن العميق لفراق سماحته وأنه مصاب الأمة الإسلامية أجمع. كما قام من جانبه عدد من أصحاب السمو الملكي والمعالي وكبار المسؤولين بالدولة بزيارات مماثلة للعزاء خلال اليومين الماضيين وعدد من أعضاء مجلس الشورى وعدد من أصحاب الفضيلة والعلماء والسعادة وأهالي وأعيان مدينة الرياض وقد قدم من جانبهم أبناء سماحة الفقيد خالص الشكر والعرفان لكل من واساهم في وفاة سماحته – يرحمه الله – مؤكدين أن ذلك دلالة واضحة على المحبة والتقدير الذي حظي به والدهم من الدولة والمسؤولين فيها وكل محب لسماحة الفقيد ومنوهين بأن هذا مما خفف من مصابهم وأحزانهم داعين المولى عزَّ وجلَّ أن يغفر لسماحة والدهم وأن يسكنه فسيح جناته. الرياض : 4 / 2 / 1420هـ العدد : 11286 |
أمين عام مجلس الوزراء لـ"عكاظ":الدولة تجل العلماء لأنهم مصابيح الدنيا المنيرة
أكد معالي أمين عام مجلس الوزراء عبد العزيز بن عبد الله السالم على اهتمام الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني على الاهتمام بالعلماء واحترامهم وإجلالهم باعتبارهم المصابيح المنيرة في سماء هذه الدنيا . وقال معاليه الذي كان يتحدث لـ"عكاظ" هاتفياً من مكتبه في جدة أمس أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز تفوق وتميز من بين العلماء الأجلاء خصوصاً في العلوم الشرعية وكرمه العجيب وتبسطه وتشريع أبواب داره لكل الناس من الداخل والخارج ، ونوه معالي أمين عام مجلس الوزراء محسن اختيار مليك البلاد – رعاه الله – لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وتعيينه مفتياً عاماً ورئيساً لهيئة كبار العلماء وقال إن ثقة خادم الحرمين الشريفين أمانة ومسؤولية تحملها سماحته وهو أهل لها فقد عاش قريباً في ظل الشيخ ابن باز ورافقه فترة من الزمن أكسبته خبرة ومراساً في أمور الفتوى والدعوة. وفيما يلي نص الحوار الهاتفي الذي أجرته "عكاظ" مع معاليه: * استهل خادم الحرمين الشريفين جلسة مجلس الوزراء "اثنين" بالإعراب عن عميق الحزن والألم لوفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومثنياً حفظه الله على حياته التي كرسها للعلم وخدمة الإسلام" فكيف تنظرون معاليكم إلى دلالات ذلك؟ * لا شك أن هذا الاهتمام يدل على إجلال العلماء لأنهم المصابيح المنيرة في سماء هذه الدنيا خاصة لعلماء العلوم الشرعية في هذا البلد الذي يطبق الإسلام وشرع الله والسنة شريعة ومنهجاً قولاً وعملاً . . وسماحة الشيخ ابن باز له تفوق وتميز من بين العلماء الأجلاء الذين لهم دورهم في هذه الحياة لكن الشيخ ابن باز رحمه الله تميز بميزات كثيرة فهو مشرع أبواب داره لكل الناس حتى الذين جاؤوا من الخارج يستوعب المتجمعين الداخلي والخارجي فضلاً عن كرمه العجيب. * إذا كيف ترك رحيل سماحته في نفس معاليكم؟ * لقد تأثرت كثيراً مثلما تأثر كل الناس . وقد اتصل بي بعض الإوان من الولايات المتحدة الأمريكية وأخبروني بتأثر المراكز والجاليات الإسلامية هناك بشكل بالغ إثر رحيل الشيخ ابن باز غفر الله له .. والحقيقة أن رحيل سماحته كان مؤثراً جداً فهو فقيد الع الم الإسلامي وقد تجلى ذلك في الحشود الكبيرة التي شاهدناها في الحرم المكي الشريف عند الصلاة عليه يم الجمعة الماضي . ولقد من الله علي بأن مكنني من المشاركة في أداء الصلاة على سماحته .. وذهبت للمقبرة للمشاركة في تشييعه رحمه الله ولقد كان تشييعه منظراً عجيباً جداً حيث الحشود الكبيرة التي جاءت بمشارعها وقلوبها قبل أجسادها وبكته القلوب قبل العيون لأنه ترك في قلب كل إنسان أثراً كبيرا ًوعميقاً . . فلقد كانت وفاته رحمه الله فجيعة لنا بعدما كان مرضاً مفاجئاً للناس حيث أدخل للمستشفى وخرج منه قبل وفاته بيومين أي يوم الاثنين قبل الماضي .كنت على اتصال مستمر بنجله أحمد أسأل عن والده وأطمئن عليه .. وكان يجيبني بأن والده في تحسن وهو بخير وأحمله سلامي لسماحته رحمه الله لأنني لا أرغب في إزعاجه فما كان من نجله أحمد إلا أن قال والدي يريد محادثتك فتحدث معه رحمه الله هاتفياً قد سألني شيخنا الفقيد عن أحوالي وأحوالي أبنائي وعن أخي محمد وأبنائه متبسطاً معي في الحديث . وسمعت منه الحديث الذي دائماً ما كنت أعهده فيه عند زيارتي له والسلام عليه في المناسبات كرمضان والعيدين في منزله أو مكتبه .. وصلتي به قوية وطويلة وقديمة ولقد فوجئت بتلك الانتكاسة السريعة في حالته الصحية ثم الوفاة التي كانت فجيعة للجميع ومؤلمة .. ولهذا فقد كان أثر وفاة سماحته على الناس أجمعين حتى أن أبواب الحرم شبه مغلقة نظير الأمواج البشرية التي شاركت في الصلاة عليه وتشييع رحمه الله ولا شك أن هذه كانت صورة من صور ما للشيخ ابن باز في قلوب الناس . * صدر أمر ملكي كما تعلمون بتعيين سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتياً عاماً ورئيساً لهيئة كبار العلماء . فكيف تنظرون إلى ثقة ولي الأمر باختيار سماحته؟ * هذا الشيخ الجليل هو أهل للثقة التي أولاه إياها خادم الحرمين الشريفين وهو في ذات الوقت أمانة ومسؤولية تحملها سماحته ونعدعو الله له بالتوفيق والسداد والعون وأن يؤخدي هذه المهمة كما تحملها وهو أهل لها ذلك أن الشيخ عبد العزيز عاش قريباً في ظل الشيخ الفقيد ابن باز ورافقه فترة من الزمن وكان نائباً له مما أكسبه خبرة ومراساً في أمور الفتوى والدعوة والعلم وهي الأعمال التي كان قائماً بها الشيخ ابن باز بنفسه رحمه الله والشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي يعتبر ابن باز أباً له قد اكتسب منه الكثير ذلك أن الشيخ ابن باز مدرسة عاش في ظلها وتعلم منها الكثيرون إذ سخر جل وقته رحمه الله للعلم منذ أن كان قاضياً في الخرج وطلبة العلم يدرسون عليه .. ويترددون على مجالسه. * كيف تنظرون معاليكم إلى سماحة المفتي ورئيس هيئة كبار العلماء الجديد؟ * أرى أنه كما يؤمل فيه الجميع ليقوم بالمهة على خير ما يرام وندعو الله له بالتوفيق والعون وسداد الخطى ... ولا شك أن سماحته من أبرز العلماء في الفقه والعلوم الشرعية وأمور الدعوة الإسلامية والعمل على خدمة الإسلام والمسلمين فضلاً عن بساطته ودماثة خلقه وتواضعه وكريم أخلاقه وتبسطه مع الجميع . عكاظ: 5 / 2 / 1420هـ |
الأمير فيصل بن ثامر وعدد من المشايخ:سماحة ابن باز علم من أعلام الأمة الصالحين وفقيه لا يشق له غبار
أعرب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن ثامر بن عبد العزيز وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة للشؤون الأمنية عن بالغ الحزن والأسى لفقدان سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بدأ سموه حديثه لـ"الجزيرة" بقوله : يقول الله تعالى : "كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" والحمد على ما قدر سبحانه وتعالى الذي قال "نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين" وقد قدر الله تعالى وهو العليم وذو الفضل العظيم الرحيم بعباده أن يختار إلى جواره سماحة الوالد العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي المملكة الذي كان لوفاته وفقده صدمة حزن ولوعة أسى أصابت أبناء هذه البلاد بل وكل بلاد العالم الإسلامي كيف لا وهو علم من أعلام الأمة الصالحين نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.. وأضاف .. لقد كان – رحمه الله رحمة الأبرار – مرجعاً للفتوى في كل ما يخص المسلمين في أمور دينهم ودنياهم وبقية من السلف الصالح لأن العلماء كالمصابيح تضيء الطريق للناس وقد كان بحراً في العلم وفقيهاً لا يشق له غبار فرحمه الله رحمة الأبرار وأراد الله به خيراً بعد أن جاهد في الله حق جهاده وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وقد أراد الله به خيرا فقد عاش حياته للعلم والفتوى وإرشاد الناس وهدايتهم لطريق الحق ونسأل الله تعالى أن يجزل له الأجر والمثوبة وأن ينزله منازل الصالحين مع النبيين والشهداء والصالحين. وتحدث لـ"الجزيرة" فضيلة الدكتور حسن بن علي الحجاجي مدير عام فرع وزارة الشئون الإسلامية بمنطقة مكة المكرمة فقال : قال الله عزَّ وجلَّ : "أو لم يروا أنا نأتي ارض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب". وهذا يعني موت العلماء فالله عزَّ وجلَّ لا ينزع العلم انتزاعاً ولكن بموت العلماء فإذا مات عالم لم يخلفه أحد ووفاة سماحة الوالد يعتبر خسارة علمية عظيمة لأمة الإسلام ولكن سنة الله في خلقه "إنك ميت وإنهم ميتون" "كل نفس ذائقة الموت" وأما هذا الحدث الجلل وأمام إيماننا بالقضاء والقدر لا نقول إلا "إنا لله وإنا إليه راجعون" وعند الله عزَّ وجلَّ لسماحته الرحمة والرضوان جنات الخلد إن شاء الله لما قدم للدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ وتوضيح أمور هذا الدين لجميع أفراد أمة الإسلام وجهوده المباركة رحمه الله تشهد له بذلك ونتقدم لأهله وذويه بالتعازي ونسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يعوضنا وأمة الإسلام خيراً. وتحدث "للجزيرة" فضيلة الشيخ جابر بن علي المدخلي الأمين العام للتوعية الإسلامية في الحج فقال : إن لساني ليعجز في هذه اللحظات ال عصيبة عن رثاء علم من أعلام الأمة الإسلامية سماحة الوالد العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة والرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء الذي كان من علماء السلف البارزين وكان مضرباً للأمثال في تواضع العالم وبذل جهده ووقته وماله للعلم وطلاب العلم ولا نقول إلا رحمه الله رحمة الأبرار وألحقه بالأبنياء والصالحين والشهداء وفي "منزل صدق عند مليك مقتدر" ولا شك بأن موته رزية عظمى وبلية كبرى فإن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعاً وإنما يقبضه بقبض العلماء. ولقد أراد الله بشيخنا ووالدنا خيراً فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" وإن الحزن كبير بفقد مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وع زاؤنا أنه ترك خلفه الكثير من العلم والفتاوى والبحوث القيمة والكتب العظيمة في نفعها للإسلام والسملمين فرحمة الله على والدنا العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز "وإنا لله وإنا إليه راجعون" ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. الجزيرة : 29 / 1 / 1420هـ العدد : 9725 |
علماء الأمة ما زالوا ينعون فقيد الإسلام "ابن باز"
ما زال العلماء والمفكرون ينعون العالم الجليل وفقيد الأمة الإسلامية كلها الشيخ عبد العزيز بن باز .. هذا العالم الذي يعد من أبرز الشخصيات الإسلامية في القرن العشرين .. ملأ علمه وفقهه الأرض من مشارقها إلى ماربها .. والذي تولى مهمة الإفتاء في المملكة فعمل بجد وتفان وخدم دين الله ورفع كلمته ... ولقد كان الشيخ عبد العزيز عالماً بارعاً .. الحق منهجه وسلوكه وكان لا يخشى فيه لومة لائم . و"المدينة" تفتح صفحاتها لمحبي الشيخ ابن باز ومريديه ليصفوا مشاعره وينعون فقيدهم وفقيد الأمة الإسلامية.. * يقول فضيلة الداعية الإسلامي الدكتور عبد العظيم المطعني أن فضيلة وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز كان رجلاً من أعظم رجالات الإسلام في العصر الحديث .. عالماً عاملاً شجاعاً واسع العلم ثاقب الفكر قليل الكلام فيما لا ينفع وإماماً مشهوداً له بالفضل بين عارفيه وغير عرافيه . . قاد الدعوة السلفية في شبه الجزيرة العربية من ستين عاماً نجماً لامعاً داخل المملكة وخارجها وقد كان لنا شرف رؤيته ومخالطته عن كثب فكنا نتوسم فيه الخير والصدق والقدوة الحسنة في ساحة العلم والمعرفة . كان كهفاً لذوي الحاجات .. ليس على داره حاجب ، يلتقي بجميع من يريد مقابلته وينظر في حاجاتهم فيقضيها إن كانت في يده ويشفع شفاعات حسنة لدى الآخرين. * ويضيف د. المطعني : لقد رأينا الشباب السعودي يلتف حوله التفاف الأبناء البررة للأب العطوف الرحيم والتلاميذ المنهومين إلى اللعم أمام علمهم الأكبر وقد أصاب الأمة بموته مصيبة جلل .. والناس جميعاً يعزون أنفسهم فيه .. في المملكة وخارج المملكة .. في هذا الزمن الذي عزت فيه الدقوة الحسنة من العلماء الكبار .. ونحن إذ ندعو له برفيع الدرجات عند ربه .. نسأل الله أن يعوض الأمة خيراً فيه وأن ينفع بعلمه من بعده.. وأن يكثر من العلماء العاملين والقادة الصالحين حتى ينتشلوا الأمة مما هي فيه الآن والتاريخ لا يضيع الرجاء العظماء من العلماء والأمراء. * ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر : إن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من أظهر من تمسك بالكتاب والسنة والاجتهاد .ز بحيث يلزم نفسه ألا يكون قد أول في فهم النص .. وأيضاً عدم صبره أو توانيه عن نقد ما يراه مخالفاً للشرع . وأذكر في هذا السياق ما حدث منذ سنوات أن رفعت دعوى من مسؤول كبير في العالم العربي ينكر فيها حجية السنة في أنها المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم .. فما كان من الشيخ بن باز رحمه الله إلا أن أصدر فتواه .. بل كانت بحثاً علمياً فند فيه الدعوة الباطلة وأظهر تهافتها .. وبين أن من ينكر السنة كافر بصريح القرآن الكريم في قول الله تبارك وتعالى : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وقوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} .. وقوله تعالى : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} وهكذا كان الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مبادراً إلى بيان حكم الشرع فيما يراه مخالفاً لشريعة الإسلام. * ويضيف د. رأفت عثمان : والملاحظة أيضاً ..الشيخ عبد العزيز بن باز كان قوي الذاكرة فقد كانت النصوص عنده سريعاً ما يستدل بها من القرآن أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن فتواه يقول د. عثمان من فتوى الشيخ ابن باز يتضح اهتمامه ببيان العقيدة الصحيحة من عبادة الله وحده ودائماً يبين الأسباب التي يجب أن يلتزمها المسلمون للانتصار على الأعداء بالرجوع إلى الله والإخلاص لعبادته وحده وت حكيم الشريعة بين الناس في كل شيء . . وكانت فتواه أيضاً تبين اجتهاداته في قضايا كثيرة تدخل في حياة الناس مثل البدع وكثرة الحلف بالله والصور والتماثيل والرقى وا لتمائم والسحر وحكمه وحكم الاستعانة به وفتاواه التي شملت كل شيء من المعاملات المعاصرة مثل حكم شراء الأسهم التأمين والتعامل مع الشركات التي تتعامل بالربا . ويشير د. رأفت عثمان إلى أن الشيخ عبد العزيز نهج منهجه في فتوى واستنباط الأحكام بينت أنه ملتزم بمذهب الإمام أحمد بن حنبل في الأصول التي يستمد منها مذهبه ولكنه بين أنه ليس مقلداً على سبيل الأخلاق وذلك في الأصول .. أما في المسائل الفرعية فمنهجه فيه كما بين هو ترجيح ما يقضي الدليل بترجيحه ويلزم نفسه بالفتوى بذلك سواء وافق ذلك مذهب الإمام أحمد بن حنبل أم خالفه وقد بين هذا صراحة في فتواه .. ويشكر له ذلك لأن الالتزام بمذهب إمام معين لا يوجب على الملتزم أن يقلده في كل حكم .. ونفس هذا المنهج ما كان يوصي به أئمتنا العظام .. فنقل عن الشافعيوالكثير من العللماء الأفاضل أنه إذا ظهر الحديث والدليل فاضربوا برأيي عرض الحائط وإذا صح الحديث فهو مذهبي .. هذا السلوك العلمي سلوك ممدوح فيجب أن يقتدي به كل من له صلة بالعلوم الشرعية .. رحم الله الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة واسعة وجزاه خيراً عما قدم من العلم الذي ندعو الله أن ننتفع به جميعاً . * ويقول الدكتور صبري عبد الرؤوف الأستاذ بجامعة الأزهر : إن العالم الإسلامي فقد عالماً بارزاً له مكانته العلمية واجتهاداته الفقهية وبذلك تكون الأمة الإسلامية قد انها رحصن من حصونها بفقد هذا العالم الجليل الذي كانت له هيبته و مكانته والذي كان ينطق بكلمة الحق ولا يخشى في الله لومة لائم .. وقد استقبل العالم الإسلامي نبأ وفاته بالحزن العميق لما كان لهذا العالم من أثر طيب في الفتوى والجرأة من أجل كلمة الحق.. وأضاف قائلاً : إن موت العلماء دليل على قرب نهاية الدنيا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين لنا من علامات الساعة موت العلماء . . ولكن لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما مات ابنه إبراهيم قال : إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفرقاك يا إبراهيم لمحزونون و{إنا لله وإنا إليه راجعون}. * وأكد د. صبري عبد الرؤوف أننا نحتسبه عند الله عزَّ وجلَّ ولا نزكيه على الله .. ونحسبنه من العلماء المخلصين والمفتين المجددين فرحمه الله رحمة واسعة وجعله الله عزَّ وجلَّ في أعلى عليين .. ونقول له في جنة الخلد نلقاك ونتمنى من الله عزَّ وجلَّ أن يعوض الأمة الإسلامية خيراً وأن يجعل جهوده الطيبة في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . المدينة : 10 / 2 / 1420هـ العدد : 13184 |
رؤساء الجمعيات الإسلامية ودور الإفتاء بأستراليا ونيوزيلندا ومسلمو أمريكا يعزون في فقيد الأمة
* أعرب عدد من رؤساء الجمعيات ألإسلامية ودور الإفتاء في القارة الأسستراية ونيوزيلندا عن عميق حزنهم وأساهم على وفاة سماحة الشخ عيد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وأجمعوا على أن المصاب جلل والحزن كبير لما يكنه كل مسلم على وجه المعمورة له من محبة ومودة لاعتداله في التمسك بشريعة الله وسنة رسوله وإسهامه في نشر الدعوة وحمله لهموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وأبانوا في برقيات تلقاها منهم محمد بن إبراهيم الحجيلان سفير خادم الحرمين الشريفين في أستراليا ونيوزيلندا أن رحيل الشيخ عبد العزيز بن باز ترك فراغاً كبيارً ، داعين الله أن يجعل في خلفه الخير للمسلمين. فقد تلقى السفير الحجيلان برقيات تعزية من كل من : الشيخ فاروق حديد رئيس الجمعية الإسلامية اللبنانية ، الشيخ يحيى الصافي مدير مكتب الإفتاء والدعوة بسدني ، الأساذ عبد الكريم المعري نائب رئيس المجلس الإسلامية في نيوزيلندا ، الدكتور إبراهيم أبو محمد رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية ، الأستاذ خضر صالح مدير مركز العالم العربي للثقافة والإعلام ، الشيخ حسان الوقائي رئيس جمعية الهداية الإسلامية ، والمهندس عاصم خليل رئيس الجمعية المصرية وكبير المذيعين في محطة سدني الإذاعية . وعبر السفير الحجيلان عن شكره وتدقيره للجميع داعياً الله أن لا يريهم مكروهاً وقال أنه بمزيد من الحسرة والأسى تلقينا نبأ وفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الذيث برحيله خسرت الأمة أحد أبرز رجالاتها وأحد أكبر علمائها المشهود لهم بالعلم والتقوى والصلاح ، ومثال المسلم المستميت في الدفاع عن عقيدته ، وعلماً شامخاً من أعلام الفكر والدعوة والإرشاد وفق الكتاب والسنة . وكان السفير قد رفع خالص تعازيه لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد الأمين ولسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ودعا الله أن يحفظهم جميعاً وأن لا يريهم مكروهاً كما عبر عن تعازيه لأبناء الفقيد وللأمة الإسلامية ودعا الله أن يشمل الفقيد العزيز برحمته الواسعة ، و أن يرزق أهله ومحبيه الصبر والسلوان . كما عبر عدد من قادة المسلمين بأمريكا عن تأثرهم العميق بوفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله . وتناولوا الأثر الواسع لسماحته على المسلمين في أمريكا . وقال وارث الدين محمد زعيم أمة الإسلام بأمريكا أن خبر وفاة سماحة الشي عبد العزيز بن راز رحمه الله أصاب المسلمين في أمريكا بالحزن العميق .. مشيراً إلى أن سماحته قدوة له وكان يعامله معاملة الابن. وأوضح أن الفقيد يؤكد دائماً على ضرورة اتباع القرآن الكريم وتعاليم السنة النبوية المطهرة في كل الأمور وهي القضية التي منحها جل اهتمامه .. سائلا الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته . أما الدكتور خليل بن عبد الله الخليل المشرف على مسجد الملك فهد في لوس أنجلوس ورئيس مؤسسة شيخ الإسلام ابن تيمية فقد أشار إلى أن المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية تأثروا بوفاة سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وقد حزن الدعاة علهي وأقيمت صلاة الغائب عليه في كثير من المساجد بشكل لم يحدث من قبل. ويضيف الدكتور خليل الخليل أن سماحة الشيخ منجم ثري للعلم والحب والتواضع عاش للإسلام طيلة حياته بلا كلل ولا ملل وأنه من علماء الأمة الأفذاذ الذين آثروا على حياة الناس وحببوهم للدين القويم ونشروا المعتقد الصحيح وربوا طلبة العلم على الصدق والإخلاص والجد وحب الحق واتباعه وكره الباطل واجتنابه. أمريكا عموماً حيث أقيمت صلاة الغائب في معظم المساجد وأرسلت برقيات التعازي لمسؤولي المنظمات الإسلامية. من طرفه قال الدكتور علي أبو زعكوك المدير التنفيذي للمجلس الإسلامي الأمريكي أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله يعد من أفذاذ علماء الأمة المسلمة في هذ القرن وفقدانه فقدان لعلم من أعلام الإسلام وهو قد لحق برفاقه الطيبين من علماء الإسلام ونحن نحمد الله أن سماحته قد ترك ذخيرة طيبة من المؤلفات والفتاوى التي سينتفع بها المسلمون على الدوام. أما رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية نهاد عوض فقال أنه بوفاة سماحته يكون العالم الإسلامي قد خسر واحدا من أهم الشخصيات العلمية في العصر الحديث فقد كان سماحته يمثل مرجعية للفقه والفتاوى في العالم الإسلامي وترك ثروة من العلم والفتاوى ستبقى زمناً بعيداً. وأضاف يقول أن سماحة الشيخ كان منالعلماء القليلين الذين يستقبلون تساؤلات الأفراد والمنظمات في الولايات المتحدة الأمريكية وقد سعتد بلقائه قبل أشهر وبأدبه وتواضعه ومعرفته الكثير من أوضاع المسلمين في أمريكاوالناتج من حب اطلاعه على قضاي العالم الإسلامي. كما عبر مسؤولون إسلاميون من أنحاء العالم عن مشاعر الحزن والأسى لوفاة سماحة الشخي عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي – رحمه الله - . وأجمعوا على أن الأمة العربية والإسلامية فقدت علماً بارزاً من أعلامها الأجلاء وواحداً من أكبر العلماء الذين عرفتهم الأمة الإسلامية حيث قدم لهذه الأمة الكثير والكثير من الأعمال الجليلة . ورفعوا تعازيهم ومواساتهم لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله وإلى المملكة قيادة وحكومة وشعباً في وفاة سماحته . وعددوا في برقيات تلقاها معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي مآثر سماحته مبرزين أنه رحمه الله قضى حياته في خدمة الإسلام والدعوة الإسلامية وتميز بعلمه الغزير وخلقه النبيل وتواضعه البالغ وجهده المستمر في خدمة كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم . ويؤكد الدكتور خليل الخليل أن المسلمين في أمريكا جظوا بحب سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ودعمه وتواصله معهم ولا يكاد يخلو مشروع من مشاريع الخير من إسهاماته رحمه الله . وقال أن سماحته آزر مؤسسة شيخا لإسلام ابن تيمية في أمريكا وساعدها على القيام بمهماتها الدعوية. وقال الدكتور مزمل صديقي رئيس الاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية أنه تلقى الخبر ببالغ الحزن وخاصة أنه درس على يد سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله لمدة أربع سنوات في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وعرفه بعد ذلك لأكثر من 40 سنة . ويضيف الدكتور صديقي أن سماحته رحمه الله كان نموذجاً من نماذج السلف الصالح ومن كبار علماء الإسلام مشيراً إلى أنه لما سمع بالخبر المحزن ذكر ما قاله الحسن رضي الله عنه "موت العلماء ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار". عكاظ : 5 / 2 / 1420هـ العدد : 11954 |
علماء الدين والأكاديميون والباحثون يثمنون مجاهدات الشيخ بن باز العلمية
ثمن علماء الدين والأكاديميون والباحثون مجاهدات الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس المجل سالتأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة ، الذي توفي عن عمر يناهز الـ89 عاماً صباح أول من أمس إثر مرض ألم به. وقد اتصلت "الشرق الأوسط" بعدد من هؤلاء العلماء والأكاديمين للتحدث عن مآثر الشيخ الراحل بن باز د. أحمد بن عثمان التويجري عضو مجلس الشورى السعودي إن فقد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أكبر من أن تعبر عنه الكلمات . لقد كان أمة في رجل ، وواحة من واحات العلم والتقى والزهد سيفتقدها كثيراً كل من استظل في أفيائها ونهل من ينابيعها. لقد كان أشبه العلماء المعاصرين بالسلف الصالح وكانت حياته كلها منذورة للعلم والهداية والمعروف ، ولذلك فقد أجمع الناس على حبه وتقديره ، يستوي فيهم من وافقه ومن عارضه ومن عرفه عن قرب ومن لم يعرفه. لقد كان رحمه الله رمزاً عظيماً من رموز الوسطية والتسامح وسعة الأفق ، وما حضرت مجلساً من مجالسه ولا درساً من دروسه أو محاضرة من محاضراته إلا واكتشفت جانباً جديداً مشرقاً من منه الاعتدال الذي كان يؤمن به ويسعى إلى إشاعته بين الناس. لقد كان صفاؤه الوجداني وإخلاص وتواضعه الفرد من أعظم ما أثر في كل من عرفوه ومن أهم ما جعل جميع القلوب تنقاد له . وإذا كان الحكيم ثابت بن قرة الحراني قد قال في وصف الحسن البصري رحمه الله : إنه ممن تباهي بهم الأمة المحمدية غيرها من الأمم ، فإنني أقول بلا تردد : أن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ممن تباهي بهم الأمة المحمدية غيرها من الأمم ، وأن المصاب فيه ليس مقصوراً على المملكة العربية السعودية وحدها بل هو مصاب لأمة الإسلام كلها ، رحمه الله رحمة واسعة وجبر مصابنا فيه وجزاه عنا جميعاً وعن الإسلام خير الجزاء وإنا لله وإنا إليه راجعون . د. علي بن إبراهيم النملة عضو مجلس الشورى السعودي إن الشيخ بن باز علم أعلام الأمة ومجاهد من مجاهدي هذا الزمن خاصة بعلمه وبلسانه ولذلك فهو فقيد الأمة الإسلامية جمعاء وفقيد العلم والعلماء ، وفقيد العامة والخاصة كذلك ، لأن عامة الناس استفادوا منه كثيراً رحمه الله . وعزاؤنا أنه خلف علماً ينتفع به إن شاء الله يلقاه عندما يلقى ربه ولن تضيع جهوده بإذن الله. ثم إنه خلف وراءه تلاميذ صالحين يدعون له في السر والعلن وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء وأسكنه الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً وألهمنا بعده الصبر والسلوان ، وأعاننا على تتبع أثره وهو سميع مجيب. د. حمد الماجد مدير المركز الثقافي الإسلامي في لندن إن الاحترام والتقدير ، أو ما يسمى بالمصطلح الشرعي القبول في الأرض ، والذي يحظى به عامل جليل مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ليس أمراً ينتزعه الناس انتزاعا أو لقباً يضفيه عليه أو يمتن به عليه أ؛د ، بل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . فإن الله إذا أحب عبداً وضع له القبول في الأرض . أسوق هذه المقدمة وأنا ألحظ بحكم غربتي الطويلة في أمريكا وبريطانيا التقدير الهائل والمحبة العظمية التي يكنها المسلمون في الجاليات الإسلامية لفضيلته والحرص الكبير على معرفة أقواله فتاواه تجاه ما يستجد من أمور في حياتهم في ديار الغرب. وعلى الرغم من أن الشيخ لم يسافر خارج المملكة ناهيك أن يزو دول الغرب إلا أن الله من عليه ببصيرة نافذة وإدراك عميق لمشاكل الجالية الإسلامية فرخص في أمور لم يكن يسمح بها في بلد مسلم . وأذكر أنني استمعت إليه ذات مرة يجيب عن سؤال ورد إليه من أميركا يعترض فيه السائل على وجود النساء والرجال في مكان واحد في أحد المراكز الإسلامية لحضور إحدى المحاضرات وإن بعض النساء اللاتي حضرن لم يكن محجبات ؟ فأجاب بحكمته المعهود بأنه إذا كانت الصالات ضيقة ولم يكن من المستطاع إيجاد قاعة أخرى للنساء فلا بأس بأن يوجدن في مكان واحد مع إخوانهن على أن يفصل بينهم كما عقب على وجود غير المحجبات بقوله : إنما وجدت المراكز الإسلامية لهن ولغيرهن حتى يستمعن إلى الفائدة وإلى ما ينفعهن في دينهن ودنياهن. ولطالما اتصل به عدد من المراكز والمؤسسات الإسلامية تطلب مساعدته في استجلاء رأي سماحته رحمه الله في عدد من المسائل خصوصاً الدقيقة منها حيث لا يقتنع كثير منهم إلا بفتوى من سماحته فهي مصدرا طمئنان من عالم ورع يخاف الله في ما يقول. ولقد سرني توجه أبناء الشيخ رحمه الله بوضع فتاوى سماحته وردوده وتعليقاته على الإنترنت فهذا من شأنه أن يفتح المجال أمام طلاب العلم والمثقفين في جميع أنحاء المعمورة للاستفادة من هذا الإرث العلمي الضخم . أسأل الله جلت قدرته أن يتغمده بواسع رحمته وأن يعوض المسلمين خيراً. د. عبد الرحمن بن سليمان المطرودي وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون الأوقاف في السعودية عبر عن بالغ حزنه العميق وأسفه الشديد لوفاة الوالد والمعلم المجاهد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. وأوضح أن مصدر حزنه هو فقده أباً ومعلماً فذاً وقدوة حسنة في العطاء الخيري والعلمي غير المحدود كما كان رحمه الله مرجعاً فريداً عند الحاجة والتصدر في الأمور الشرعية والعلمية وحتى الحياتية والخاصة ، لقد كان طيب الله ثراه قريباً من الجميع حتى أنه يمكن القول بأنه كان يشعر الواحد منا أنه يختصه بكل حنانه الأبوي وعلمه الذي لا ينضب كواحد من أعلام العصر ، فلقد تفتحت أعيننا فعرفناه عالماً جليلاً ملتزماً بالنهج القويم والشريعة السمحة متمسكاً بكتاب الله الكريم وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح. أما عن مصدر أسفه فيقول عنه المطرودي أن أسفه ينبع من فقد الأمة الإسلامية لواحد من أقطاب العصر الحديث الذين جاهوا في الله حق جهاده ، وحملوا لواء الدعوة إلى الله على عاتقهم ، فدافع عن العقيد الإسلامية السمحة ، ورد عنها شبهات الأعداء ، كما كان خير معلم لطلاب العلم الذين يفدون إليه من كل حدب وصوب ومن مختلف الجنسيات ولسماحته في مجال الإفتاء مالا يتسع المجال لحصره إذ أنه – يرحمه الله – تصدى للعديد من القضايا والمشكلات المعاصرة بفتاواه التي أكدها بالأدلة القاطعة ، كما تصدى للفتاوى المشبوهة ، وأنار الطريق الصحيح والقويم للمسلمين بشأنها. واختتم المطرودي نعيه لمصاب الأمة الإسلامية بالتوجه إلى المولى جل وعلا أن يجعل أعماله في ميزان حسناته ، وأن يتغمده برحمته ويشمله بعفوه ، و أن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وأن يجعل في الأمة المحمدية من يخلفه من تلامذته وأبنائه طلاب العلم ، ليكملوا مسيرته عوضاً عنه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه. سلمان بن محمد العمري المدير العام للإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في السعودية أبدى حزنه وأسفه على وفاة سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله الذي وافته المنية صباح أول من أمس: وقال : إن المصاب كبير والوقع جلل ، فالوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز غفر الله له وأسكنه فسيح جناته – عالم جليل من العلماء الذين نذروا أنفسهم لخدمة الإسلام والمسلمين ، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل نشر الدعوة الإسلامية الصحيحة الخالية من الشوائب وتصحيح الأفكار الخاطئة والمغلوطة التي حاول أعداء الإسلام ترويجها.وأضاف العمري أن العالم العربي والإسلامي فقد أحد الأعلام البارزين من العلماء المسلمين الذين لهم يد طولى في خدمة الدين الإسلامي ، ونشر الدعوة الصادقة المخلصة للدين الحنيف في جميع بقاع الأرض ، كما كان له – رحمه الله – إسهامات عديدة في نشر الكتاب الإسلامي وطباعته على نفقته الخاصة ، وتوزيعه على المسلمين في داخل المملكة بهدف إفادتهم ونفعهم لما فيه مصلحتهم في الدنيا والآخرة. وتقدم بخالص العزاء لولاة الأمر في هذا البلد الأمين على وفاة فقيد الأمة الإسلامية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، وأن يعوضنا الله خيراً في ما خلف من علماء هذه البلاد ،وأن يلهمنا وآله الصبر وا لسلوان ، وأن يتغمده برحمته وغفرانه ، ويسكنه فسيح جناته مع الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وفي الكوتي خيم الحزن والأسى على الأوساط الدينية والشعبية في الكويت حين بلوغ خبر وفاة العلامة الإسلامي الكبير عبد العزيز بن باز ، واختلط الكلمات بالدموع والداء . الشيخ عبد العزيز الهدة بدأ حديثه مستشهداً بالحديث النبوي "إنما يقبض العلم بقبض العلماء" وقال إن الكلمات لتخونني وأنا أتحدث عن هذا المصاب الجلل الذي أدمى قلوب المسلمين في العالم كافة خصوصاً أن الشيخ ابن باز له مكانة خاصة في قلوب المسلمين وكان وراء حل الكثير من القضايا التي كانت مثار جدل واختلف عليها علماء المسلمين ، ووضح جلياً تأثر الهدة بخبر وفاة بن باز إذ كانت كلماته تخرج بصعوبة بالغة. الشيخ جاسم مهلهل الياسين نعى الشيخ بن باز قائلا: الأحاديث النبوية لا تعد ولا تحصى ومنها "إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً لكنه ينتزعه بقبض العلماء" . والشيخ بن باز رحمه الله لم يكن في يوم من الأيام ملكاً لدولة واحدة أو لفئة معينة من الناس وإنما كان للمسلمين عامة . ويكفيه فخراً أنه أنشأ الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة التي أصبحت منارة شع ضياؤها في مشارف الأرض ومغاربها ، فما من بقعة من بقاع الأرض إلا وفيها تلاميذه ، وما من تلميذ إلا وله مدرسة وفيها جمع وهكذا يصدق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من سن سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا". وأضاف الياسين : هنيئاً له هذا لاكم الهائل من الناس الذين يستغفرون ، ليس أبناءه وأحفاده الذين هم من صلبه ولكن العدد الكبير والجمع الغفير فهم أولاد هذا الشيخ ، ويكفيه فخراً في حياته وبعد مماته أنك لا تجد شخصاً يرتجى منه الخير ويحتكم عقله إلا ويدعو للشيخ ويحبه ويفتخر بفتاواه. الشيخ ناظم سلطان المسباح نعى الشيخ ابن باز قائلاً : "فقدنا عالماً ربانياً عاملاً بعلمه متخلقاً بخلق نبيه صلى الله عليه وسلم ، أوقف حياته لخدمة المسلمين فعلم ودرس وأرشد ونصح وأفتى وشفع وأصلح بين ذات البين وتفقد أحوال المسلمين عرباً وعجماً .ترتسم الابتسامة على وجهه إذا أصب أمته خير ، ويحزن إذا أصابها مكروه ، فأكرمه الله بمنزلة عظيمة في نفوس المسلمين في العالم كله ، وجعل قبولاً لفتواه فجزاه الله عنا خير الجزاء وعوضنا من يسد الفراغ الذي تركه رحمه الله رحمة واسعة والحمد لله". وفي الغرب لقي خبر وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز صدى كبيراً في أوساط الدعوة الإسلامية وفي أوساط علماء المغرب ، حيث أعلن عدد من العلماء أن وفاة الشيخ ابن باز هي خسارة للأمة الإسلامية ، وفقد علم من أبرز أعلامها. فاروق النبهان مدير دار الحديث الحسنية "يعتبر الشيخ عبد العزيز بن باز من الشخصيات العلمية الإسلامية التي عرفت بالنزاهة والالتزام بالموقف الإسلامي وبمتابعة أخبار العالم الإسلامي ، وله جهود طيبة في خدمة الثقافة الإسلامية وفي تشجيع الدعوة في معظم البلاد الإسلامية وله آراء موفقة في مجال الاجتهاد الفقهي وأبرز ما يميز آراءه الفقهية هو التزامه بالنصوص الثابتة والتمسك بالقرآن والسنة والدفاع بشجاعة عن رأيه واجتهاده وقد حظي بمكانة مرموقة بين علماء الأمة الإسلامية بسبب جهاده في مجال الدعوة وبسبب آرائه في القضايا الإسلامية وإننا نشعر بالألم والحزن لوفاة هذا العالم الكبير والشخصية العلمية المتميزة". الشيخ محمد الصقلي أحد أبرز علماء فاس "فجعت بخبر وفاة العالم الجليل ونزل علي الخبر كالصاقعة ، والحمد لله على نعمة الإيمان التي تجعل المؤمن يتحمل الصدمة بالصبر والرجوع إلى الله فقد كان مجاهداً ومصابراً ومثابراً قامت عين بصيرته بمهمتها ولم تكن لعين الباصرة بإزائها أية آثار ، فانطبق عليه قول الله تعالى "فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" رحم الله عالمنا الجليل ورزق أسرة العلم في العالم الإسلامي الصبر والسلوان". الشيخ إسماعيل الخطيب "الشيخ عبد العزيز بن باز بالنسبة لي هو أب وقد عاشرته مدة تزيد عن أربعين سنة منذ أن التحقت بالدراسة بالجامعة الإسلامية بالمدينة سنة 1964 ميلادية ولقد عرفت فيه الأخلاق العالية والمعاملة الطيبة لجميع أبنائه الطلبة فعندما كنا نتابع الدروس معه سواء في الجامعة أو في المسجد النبوي أو في بيته لم نكن نشعر إلا بأننا بين يدي والدنا ومربينا ، فقد كان رحمة الله عليه يسأل كل واحد منا عن ظروفه الخاصة وعن احتياجاته ويبذل من وقته وماله الشيء الكثير لإسعاد الطلبة المحيطين به وأذكر أننا في تلك الفترة ما بين سنة 64 و1967م كان يدرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة عدد كبير من الطلبة يملثون أكثر من مائة جنسية من اليابان والصين وأمريكا وغيرها من البلاد العربية والإسلامية وكان يعامل هؤلاء الطلبةجميعاً بنفس المعاملة لا يفرق بين هذا وذاك ، والجانب الثاني أيضاً في حياته هو جانب الكرم والبذل فقد كان بيته في المدينة المنورة ملجاً لكل من لجأ إليه منا لطلبة وغيرهم ولم أره يوماً وقد عاشرته مدة طويلة رد سائلاً سأله ، هذا الجانب الإنساني والجانب الإحساني جانبان بارزان في شخصية الشيخ ولهذا جميع الذين عاشروه يخاطبونه باسم الوالد لقد كان والداً حقاً لكل من عاشره ولقيه وعرفه ، فقد فقدنا اليوم والداً وأبا. أما في الجانب العلمي فهو رجل العلم الذي يعطينا صورة واضحة عن حياة السلف الصالح العلمية يتقبل النقد ويتقبل الرأي الآخر ويتقبل تصحيح الخطأ ويرد الأمر كله إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أنشأ جيلاً من العلماء يعلم الله عددهم ينتشرون في كل بقاع الدنيا . والجانب الثالث في حياته هو جانب العوة فقد كان داعية إل الله بكل الوسائل وكان نموذجاً واضحاً للمنهج الذي يجب أن يكون عليه الداعي . ويضيف الشيخ إسماعيل الخطيب : "وأشهد شهادة لله أنه كان رجلاً مخلصاً في عمله ، مخلصاً في دعوته وقد فقد العالم الإسلامي أبرز شخصية إسلامية عرفها في وقتنا المعاصر". د. عبد القادر العافية "هو أستاذ جيل بأكمله ، وشيخ مبرز فيالعالم الإسلامي له فتاوى عديدة وله آراء متميزة ويكفيه فخراً أنه خدم العلم حتى قبل أن يتولى المناصب التي أسندت إليه فكان أستاذاً ليس ككل الأساتذة يحب طلبته ويدافع عنهم ، لقد كان الشيخ بن باز أمة ، حيث خدم الإسلام خدمة مشكورة ، ودافع عن العقيدة دفاعاً كبيراً ، ولا يمكن لسطور قليلة أن توفيه حقه لأنه حرص على أداء رسالته بتفان قل نظيره فكان بيته وقلبه مفتوحاً للجميع ، يزود الزائر بالتوجيه والنصح والكتب النافعة ، ولا يبخل على السائل بعلمه ف لايسعنا إلا أن نقول إننا فقدنا علماً من أعلام الفكر والدعوة في العالم الإسلامي". الشيخ محمد رشيد قباني مفتي الجمهورية اللبنانية فقد العالم الإسلامي والعربي علماً كبيراً من أعلام الإسلام المعاصرين هو المفتي العام للمملكة العربية السعودية سماحة الشيخ عبد لعزيز بن باز الذي انتقل إلى رحمة الله عزَّ وجلَّ . ودار الفتوى في الجمهورية اللبنانية التي آلمها المصاب بوفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، الذي خدم الإسلام والمسلمين في المملكة العربية السعودية وفي العالم العربي والإسلامي ، على مدى السنوات الطويلة التي قضاها عالماً مجاهداً في خدمة كتاب الله عزَّ وجلَّ وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي خدمة قضايا الأمة العربية الإسلامية والحفاظ على حقوقها ، والتمسك بتعاليم الإسلام وقيمه السامية ، رحم الله سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي قضى حياته في العلم والخير وخدمة المسلمين ، وأجزل له المثوبة على ما قدم من عمل صالح في حياته الدنيا ، وأنابه الجنة في حياته الآخرة ، إنه تعالى ربنا رؤوف رحيم. الشيخ طه الصابونجي مفتي طرابليس والشمال لقد فقد العالم الإسلامي عالماً إسلامياً كبيراً قام في هذا العصر بدور المرجعية الدينية الكبرى وبدور الداعية الإسلامي في مختلف بقاع العالم . لقد كان الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رجل العلم والتقى بحيث كانت فتواه تجد القبول والارتياح لأنها صادرة عن مصادرها الشرعية اليقينية فكان العالم الإسلامي يعتبر فتاوى الشيخ بن باز قضايا مسلمة ونجاحه في دعوته المستمرة للالتزام بالكتاب والسنة والدعوة لوحدة كلمة المسلمين. إننا نرفع خالص العزاء إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود وإلى ولي العهد وإلى علماء المملكة العربية السعودية وشعبها المؤمن وإلى عالمنا العربي والإسلايم بفقد هذ الركن العلمي العالمي الذي كان يقوم في عصره بدور العملاء العظام الذين ورثنا سيرتهم الحسنة من تاريخنا الإسلامي الزاهر. غمر الله الفقيد بواسع رحمته وأبقى علمه ودعوته صدقة جارية في ميزان حسابه ورصيداً يعود إليه المسلمون بالالتزام بتعاليم دينهم وتعلقهم بسيرة السلف الصالح. في القاهرة فرض خبر وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة العربية السعودية نفسه على وسائل الإعلام المصرية أمس ونشرت الصحف المصرية نبأ الوفاة في صدر صفحتها الأ,لى وعليها صورة الفقيد الراحل وجزء نمتاريخه . وعرضت جريدة "الأهرام" نص البرقية التي أرسلها مجمع البحوث الإسلامية في مصر برئاسة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر إلى خادم الحرمين الشريفين واحتسب فيها فقدان العالم الجليل الذي خدم العالم الإسلامي والدعوة الإسلامية وعاش حياته كلها مجاهداً وداعياً إلى الله على بصيرة . وعرضت "الأهرام" بعضاً من تاريخ الإمام الراحل ودوره البارز في تأسيس رابطة العالم الإسلامي وعدد من المؤسسات الإسلامية الدولية. وكان خبر وفاة بن باز رحمه الله ضمن الأخبار الرئيسة التي بثتها القناة الأولى في التلفزيون المصري والقناة الفضائيلة. وقابلت دار الإفتاء المصرية خبر وفاة الإمام الراحل بحزن شديد وكان د. نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية من أوائل العلماء المصريين الذين تسابقوا لإصدار بيان عن مجمع البحوث الإسلامية الذي يضم كبار العلماء في الدولة لنعي الإمام الراحل وصف فيه بن باز بأنه عالم اكتسب احترام العالم الإسلامي وحب رجل الشارع لأنه كان بسيطاً في فتاويه وحريصاً على إظهار الحق وإبطال الباطل . الشيخ توفيق الشريف مدير عام المجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة نعى الإمام الراحل وقال : "إن العالم الإسلامي فقد علماً من أعلام الدعوة ويحتسب عند الله عالماً جليلاً تخرجت على يديه أجيال منا لدعاة وكان حريصاً على تطبيق الشريعة في كل مناحي الحياة وله آراء صائبة في ما يستجد من أمور في هذه العصور وكان يجمع بين أصول العقيدة وبين متغيرات العصر . وكان يطبق مبدأ صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان في فتاويه ،وله جهد رائع في معاونة المنظمات الإسلامية والهيئات في العالم ويمدها بالرأي والتوجيه الرشيد . وكل من في المجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة يتذكرون المجهودات المخلصة لذلك العالم الراحل باعتباره نصيراً مخلصاً للمنظمات الإسلامية" د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر إن الإمام ابن باز كان نموذجاً للعالم الصالح المجاهد دافع عن الحق طوال حياته وكان له صولات وجولات ولم تلن له قناة في دفاعه عن الإسلام والمسلمين ضد خصوم الشريعة وتمسك بالسنة النبوي الشريفة ولم يكن الإمام الراحل شتاملاً ولا سباباً رغم هجوم الكثير على فتاويه ، لذلك حظي الرجل باحترام الأصدقاء والأعداء معاً وستظل فتاويه مادة دسمة في الفقه الإسلامي للأجيال الحالية والمقبلة. د. محيي الدين عبد الحيم المستشار الإعلامي لوزير الأوقاف المصري إن الشيخ بن باز يعد أحد أعلام الفكر الديني المعاصر فقد أثرى الحياة الفقهية باجتهاداته وبأعماله وملكاته الذهنية المت فردة وكان يربط بين ثوابت العقيدة وبين معطيات العصر ، وتميز ب أنه كان عف اللسان وكان فيه حياء وأدب مع من اختلفوا معه إلا أنه احتفظ لنفسه بوضع متفرد بين فقهاء عصره . لا يمكن أن ينسى الشعب العربي والجماهير الإسلامية والشعب السعودي بصفة خاصة الشيخ بن باز الذي كان يعيش معهم في حياتهم وفي عبادتهم وفي معاملاتهم . كان الرجل واسع الأفق عميق الفكر كثير الاطلاع له رؤية موسوعية للأصول والجذور مع قدرة كبيرة على التعامل مع المستجدات العصرية التي تفرض نفسها كل يم على الساحة الإسلامية ولم يعرف عنه أن خدع بسلطان السياسة أو تسلط صناع القرار ولكنه كان صاحب رأي حر مستقل . وكان إسهامهم كبيراً في القضاء على البدع والخرافات التي حاول البعض أن يقحمها في الحياة الإسلامية وأعطى كل ذي حق حقه . لله حقه وللرسول حقه ولأولياء الله حقوقهم دون إفراط أو تفيرط . كان الشيخ بن باز في طليعة فقهاء أهل السنة والجماعة وكان يمد يده لكل الفقهاء في محاولة لجمع الشمل وتحقيق الوحدة للأمة الإسلامية . ومع ذلك فإنني لا أتفق في كل ما أفتى به ولكن أحترم رأيه وأقدره وأعتبره علامة مضيئة في الحياة الإسلامية . كان لا يسعى وراء الشهرة مثل بعض علماء الدين الذين يحرصون على الوجود الإعلامي ولكن ظل عاكفاً عابداً كل ما يهمه هو أن يضع الرأي الصحيح في المكان الصحيح بغض النظر عن تسليط الأضواء عليه أو عدمه. الشرق الأوسط: 15 / 5 / 1999 العدد : 7473 |
الصحف العربية أفردت مساحات واسعة للحديث عن مناقبه
فجعت الأوساط الرسمية الشعبية في دول العالم الإسلامي يوم الخميس الماضي بوفاة سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله، وأبرزت وسائل الإعلام المسموعة وا لمقروءة والمرئيسة نبأ وفاته وأفردت مساحات واسعة للحديث عن سماحته وعلمه ومناقبه. ففي الكويت عبر عدد من علماء الدين والكتاب والمثقفين الكويتين عن ألمهم وحزنهم الشديد على الفقيد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي وافته المنية يوم الخميس الماضي. وقال الكاتب وعضو مجلس الأمة الكيوتي الدكتور وليد الطبطبائي في مقال له بأن العلامة الكبير الشيخ عبدالعزيز بن باز لم يكن عالماً فحسب وإنما كان مجاهداً وعاملاً للإسلام منافحاً عن دينه مؤكداً بأنه كان غيوراً على دين الله ومحارمه . وأشار إلى أنه كان جريئاً لا تأخذه في الله لومة لائم ولم يكن متهوراً بل كان حكيماً رفيقاً في نصيحته مبيناً بأن الحاكم والمحكوم لا يملك إلا الاستماع إليه واحترام رأيه . وطالب الدكتور الطبطبائي أن يسمى معهد ديني في الكويت باسمه. من جانبه قال النائب عضو مجلس الأمة الكويتي السابق خالد العدوة : إن أهل الكويت لا ينسون وقوف سماحة الشيخ ابن باز معهم في محنتهم إبان الاحتلال العراقي للكويت ، مشيراً إلى أنه دعا للنهوض في وجه المعتدي وتحرير الكويت . وقال بأن المسلمين عاشوا عقوداً طويلة وهم يسيرون على فتاوى ابن باز وعلمه العظيم ، مبيناً بأنه عاش في هذه الدنيا برداء الزهد والورع والتقلل من الدنيا والإعراض عنها. من جهته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت ومستشار جمعية الصحافيين الكويتية الدكتور عايد المناع في مقالة له بأن الشيخ ابن باز أصبح بفضل الله ثم فهمه الصحيح للدين الإسلامي مرجعاً للمسلمين . وقال الشيخ جاسم مهلهل الياسين – أمين عام اللجان التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتية بأن الشيخ ابن باز لم يكن في يوم من الأيام ملكاً لدولة أو أحد أو لفئة من الناس وإنما كان للمسلمين كافة مشيراً إلى أنه من الذين أفنوا حياتهم في نشر العلم وحفظ الدين من التغيير والتحريف . وأكد أن العالم الإسلامي بمشارق الأرض ومغاربها تأثر بموت هذا العالم الذي كان بفضل الله عصمة للأمة من الضلال. وأكد الداعية الكيوتي الشيخ أحمد القطان أننا تعلمنا من ابن باز العلم الشرعي وسعة الصدر في فهم مشاكل المسلمين وسلامة الصدر تجاه المسلمين .. وقال إن كل مسلم على وجه الأرض يحب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز. هذا وقد اهتمت الصحف الكويتية في وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – حيث احتل خبر وفاته الصفحات الأولى كما نوهت بدوره في خدمة الإسلام من خلال تخصيصها عدداً من الصفحات للحديث عن مواقفه وإبراز فتاويه المهمة . وفي القاهرة أبرزت وسائل الإعلام المصرية خبر وفاة العالم الجليل الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة في صدر نشراتها واهتمت الصحف المصرية بإبراز خبر الوفاة في صفحاتها الأولى . وكانت صحيفة الأهرام في مقدمة الصحف المصرية التي أبرزت خبر انتقال الشيخ الجليل إلى رحمة الله وظلت "الأهرام" لمدة ثلاثة أيام متتالية تقدم لقرائها أخبار العالم الجليل ، في حين تناولت صحيفة الجمهورية في صدر صفحاتها تعازي فخامة الرئيس مبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة. وأشارت الجمهورية إلى أن خادم الحرمين تقدم صلاة الجنازة عقب صلاة الجمعة ، كما أدى الصلاة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني ورجالات الدولة وجموع غفيرة منا لمواطنين ، كما أديت صلاة الغائب على الفقيد بالمسجد النبوي الشريف. وأضافت الجمهورية أن فضيلة الإمام الأكبر د . محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر أدى صلاة الغائب على الشيخ ابن باز في الجامع الأزهر الشريف ، مشيرة إلى تأكيد الشيخ طنطاوي بمكانة الشيخ ابن باز بين علماء المسلمين حيث قضى حياته ناشراً للعلم ، مرافعاً عن دين الله متمسكاً بمصادره الأصلية. ونشرت جريدة "الأهرام" نص الرسالة التي بعث بها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر برئاسة فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وقال المجمع في برقيته "أنه يحتسب هذا العالم الجليل الذي خدم العالم الإسلامي والدعوة الإسلامية وعاش حياته كلها مجاهداً محتسباً داعياً إلى الله على بصيرة". وفي حين تناول الكاتب الصحفي سمير رجب رئيس تحرير جريدة "الجمهورية" ورئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير في عاموده "خطوط فاصلة" مواقف من حياة الشيخ الراحل ، قال سمير رجب : "الشيخ ابن باز لم تقتصر شهرت على المملكة السعودية فقط ، بل ذاع صيته في الآفاق ، حيث نال احترام وتقدير علماء الدين في شتى بقاع العالم الإسلامي ليس لأنه أكبرهم سناً بل لأسباب عديدة أخرى لعل أول هذه الأسباب أنه كان جريئاً في فتاواه .. لم يطوع التفسير للأهواء والأسباب الذاتية. وأضاف قائلاً: كثيرون كانوا يختلفون مع الشيخ ابن باز لكنه لم يمارس إرهاباً ضد أحد فقد اشتهر بالسماحة وطيب الخلق واعتمد على مقارعة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان . فمن اقتنع .. أهلاً وسهلاً ومن أصر على موقفه فذلك شأنه ، مع الأخذ في الاعتبار بأن الطرف الثاني ربما يكون على صواب. وانتهى سمير رجب كلامه مؤكداً أن العالم الإسلامي فقد في السنة الماضية الشيخ محمد متولي الشعراوي وأمس غاب هذا العالم الجليل الشيخ ابن باز والاثنان يمثلان خسارة جسيمة ولكنها إرادة الله ومشيئته. وكانت هناك عدة صحف مصرية مثل العربي الناصري والوفد والأحرار والأخبار قد اهتمت بنقل لمحات من حياة العالم الجليل مشيرة إلى أنه بدأ حياته قاضياً في الخرج ثم مدرسا بكلية الشريعة الإسلامية بالمدينة المنورة ثم رئيساً لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة ورئيساً للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي ورئيساً للمجلس الأعلى العالمي للمساجد وكان قد تم اختياره رئيساً للهيئة العامة لتوحيد الدعوة وإعداد الدعاة وظل طوال 30 عاماً رئيساً لهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وقد حصل على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام تقديراً لجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين . *وفي دمشق ، وعقب المحاضرة الأسبوعية التي يلقيها سماحة الشيخ أحمد كفتارو مفتي الجمهورية العربية السورية وبعد صلاة الجمعة وبحضور (15,000) مصل أقيمت في جامع (أبو النور) بدمشق صلاة الغائب على الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله . وكان سماحة الشيخ كفتارو قد أشاد من خلا المحاضرة بالمناقب والخصال التي كان يتمتع بها الفقيد . وقال مفتي الجمهوري العربية لاسورية سماحة الشيخ أحمد كفتارو : فقدنا واحداً من أهم العلماء الفقهاء الذين وهبوا حياتهم لخدمة الإسلام والمسلمين. وأشار إلى أن المسلمين تلقوا في أرجاء العالم العربي والإسلامي ، نبأ وفاة سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز بالحزن العميق ، والأسى البالغ مع الاحتساب والصبر على المصاب الجلل ، إذ فقد المسلمون عالماً وفقيهاً وعابداً. وأشار إلى أننا نؤمن بأن الموت حق كتبه الله تعالى على كل حي ، ونرجو الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يعوض الأمة عن فقده ، بمن يقوم بواجب الدعوة ونشر الرسالة وإحياء السنة ، كما نرجوه تعالى أن يبارك في حياة العلماء المصلحين المخلصين. ولقد عرفت سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى منذ فترة طويلة ، وكانت بيننا لقاءات وزيارات مثمرة وبناءة لصالح الإسلام والمسلمين ، التقيت به على أرض المملكة العربية السعودية باركها الله وحفظ قادتها وأهلها وصانها من كل سوء. وكانت لقاءاتنا تتم بروح المودة والحب والأخوة والتفاهم على كل القضايا ، وكنت ألمس في شخصية ابن باز العالم الواعي المستوعب للمسائل العلمية والقضايا الإسلامية دون تعصب لرأي أو انغلاق على مذهب. إن الفكر الشمولي المتننور والحكمة البالغة كانت من أبرز صفات شخصية ابن باز العلمية والفكرية والعملية . وبهذه السمات الحميدة كان يدخل إلى قلوب الناس ، وهي من أسباب نجاحه في الميدان العلمي والدعوي. وإننا بفقدنا العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله فقد فقدنا واحداً منا لعلماء الفقهاء الذين وهبوا حياتهم لخدمة الإسلام والمسلمين ، فهو واحد من الذين وقفوا حياتهم لخدمة دين الله الحنيف والسنة النبوية المطهرة ونصرتها ونصرة أهلها . لقد وهب الله تعالى سماحة الشيخ ابن باز ذاكرة نادرة استوعبت آلاف الأحاديث النبوية ومؤلفات المذاهب المختلفة ، وقدرة على استحضار الأدلة ، وكان يسشير إلى مكانها في مدونات الحديث النبوي الشريف ومظانها في الكتب الفقهية المختلفة. لقد تحقق لفقيدنا مع كل هذا توفيق الله تعالى ، العدالة بإخلاصه وصدقه وتقواه. وهذا هو السر الذي دفع المسلمين للالتقاء به والاستماع إليه ، وحضور مجالسه الخاصة والعامة ، وقراءة كتبه ومؤلفاته والإصغاء إلى دروسه ومحاضراته في المساجد والإذاعة والتلفاز . كان منهج الشيخ في حياته يتصف بالحكمة والروية وبعد النظر ، وكان يرى أن هذا هو الأساس في معالجة الأمور وحل المشكلات والقضايا ، ويرى أن هذا هو الأساس في مع الجة الأمور وحل المشكلات والقضايا ، ويرى أن هذا مما يحقق نصرة الإسلام ويحافظ على وحدة المسلمين ، ويبعدهم عن الفتن والشقاق والاختلاف. ولو سار المسلمون وفق هذا المنهج الحكم لتجنب الأمة الإسلامية الكثير من المصائب والكوارث والمحن ، وحققت الكثير من الآمال والأهداف النبيلة ، التي يطمح إليها المسلمون ، والتي فيها عزهم وسعادتهم في دنياهم وآخرتهم. كان الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ، يرى أن معالجة قضايا المسلمين يجب أن تتم وفق هذا المنهج ، وكان يسعى لحلها بروح الحكمة ، مستلهماً في ذلك الأدلة من الكتاب والسنة ، مستضيئاً بمنهج السلف الصالح ، وهو منهج يبني ولا يهدم ، ويؤلف ولا يفرق. لقد كان ابن باز يعلم أن الاستعجال في قطف الثمرة قد يفوت الثمر كله ، وكان يرى أن الاستعجال مع الابتعاد عن الحكمة والأدلة ونهج السلف الصالح خروج عن الصواب ، والمسلم أساساً مكلف ببذل العناية ، والله يتولى تحقيق الغاية. إن وفاة الشيخ العلامة ابن باز حدث أليم ، وخطب جلل ، نرجو الله تعالى أن يعوض المسلمين خيراً ، ونرجو أن يستفيد المسلمون من هديه ومنهجه ومؤلفاته العلمية والفكرية. ولقد توفي ابن باز وخلف وراءه ندوة علمية وفقهية وفكرية كبيرة ، أودعها في مؤلفاته ورسائله التي انتشرت في أرجاء العالم وتلقاها المسلمون بالقبول . ولقد خلف ابن باز العلماء الذين تخرجوا من مدرسته وعلى نهجه وإن تلامذته انتشروا في العالم العربي والإسلامي. لقد أحب المسلمون الشيخ ابن باز لعلمه وفقهه وتقواه ، أحبوه لسماحته وسعة صدره ، فقد كان يتحمل أذى الناس ، ويصبر على أخطائهم ، صبر المؤمن الواثق بربه. لقد رزق الله الشيخ ابن باز الحلم مع العلم ، والفقه مع العبادة ، والعمل مع الإخلاص ، ومعالجة الأمور والمشكلات بروح الحكمة والتعقل والهدوء . من جانبه قال د. وهبة الزحيلي رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق – كلية الشريعة : لقد اهتز العالم الإسلامي بأفراده وشعوبه بإعلامه نبأ وفاة العلامة الكبير سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله .. وأسكنه عنده في الفردوس الأعلى . ثلاثة أسباب اجتمعت في شخصه رحمه الله : الأول : كثرة خشيته لله تعالى "والتزامه بتقوى الله" وورعه في الفتوى ، وتميزه بتحري الصواب ، ومطابقة شريعة الله تعالى . الثاني : سعة علمه وإحاطته بمصادر الشريعة من القرآن والكريم والسنة النبوية الشريفة ، والتزامه منهج السلف الصالح في الاعتقاد ، وتطابق القول مع العمل ، مع قوة الذاكرة والحفظ. الثالث : أخلاقه الكريمة ، فكان رحمه الله يتميز بالتواضع من غير حاجة ولا ضعف ، وباللطف وحسن المعاشرة اللطيفة ، وتودهه للناس ، وطيب نفسه منغير خبث ولا ضغينة ولا أحقاد ، وبكياسته وحكمته وجرأته في إعلان الحق ، وإصراره على مرضاة الله عزَّ وجلَّ ، فأحبه الناس وعظموه ، وتأدب عليه الكبار والصغار ، والملوك والأمراء والحكام ، وهابه الجميع ، وكان رجلاً مهيباً وذكياً أريباً ، وحكيماً في المناسبات المحرجة .. لذا لا غرو في أن يشترك في تشييع جنازته زهاء مليون نفس اندفعوا إلى إكبار الشيخ حياً وميتاً وإلى التعبير عن مزيد اللوعة والأسف لوداعه ، والشعور بهذه الخسارة العظيمة لفقده. الرياض : 3 / 2 / 1420هـ العدد : 11285 |
الجامعة تبكي رئيسها الأسبق :هكذا أسهم ابن باز في بناء الجامعة الإسلامية
قضى سماحة المفتي جزءاً من حياته في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الجامعة الإسلامية ، وأوضح الدكتور صالح بن عبد الله العبود ، مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة أن سماحة المفتي – يرحمه الله – إبان رئاسته الجامعة الإسلامية استطاع أن يجعلها تصل إلأى أعلى مرتبة ممكنة لمؤسسة خاصة بنشر العلم النافع ، وقام المفتي برسم منهجها على هدي الكتاب والسنة بتوجيه من ولاة الأمر في السع ودية فخرجت الجامعة تحت رئاسته – يرحمه الله – أفواجاً كبيرة من أبناء العالم الإسلامي ، عادوا إلى بلادهم مشاعل هداية ودعاة إسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، وفق ما تعلموه على يديه في هذه الجامعة من منهج سلفي قويم. واعتبر الدكتور صالح بن سعد السحيمي رئيس قسم العقيدة في الجامعة الإسلامية ، أن سماحة الشيخ ابن باز كان على رأس الذين أسهموا في تطوير الجامعة التي هي هدية السعودية إلى العالم الإسلامي أجمع . وكان – يرحمه الله – ذا صدر وحب وتواضع جم وخلق ، مع كرم وحضور مع طلاب العلم صباحاً ومساء ، وكان يجلس – رحمة الله عليه – مع الغني والفقير يشاركهم بنفسه ، ويأكل مع الفقراء والمحتاجين الذين يتزاحمون على السفرة العامرة ، وهذا ما عرفناه فيه طيلة حياته – رحمه الله كما أن كثيراً من طلاب العلم والدعاة يعيشون على مرتبات تصرف من بيته الخاص ، سواء ما يتبرع به شخصياً أو ما يسعى فيه عند أهل الخير ، إضافة إلى رعاية كثير من الأرامل. وخلاصة القول إن المسلمين جميعاً فقدوا شيخ الإسلام في عصره ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يخلفنا فيه خيراً ، وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين عامة وطلاب العلم خاصة خير ما يجزي به عباده الصالحين. واعتبر الدكتور محمد ربيع المدخلي أستاذ العقيدة في الجامعة الإسلامية أنه مهما قلنا وتحدثنا ، فلا يمكن أن نوفي هذا الرجل حقه ، فهو – يرحمه الله – أمة في رجل ، وهو صاحب فضل ومساهمات كبيرة في نشر العلم والتوحيد ، كما أنه اجتهد – يرحمه الله – في إصلاح ذات البين وتجلى كثيراً في مسائل عدة منها قضايا الطلاق والقضايا الأسرية الأخرى . الاقتصادية : 14 / 5 / 1420هـ العدد : 2060 |
شخصيات إسلامية بكت أمام الشيخ ابن باز عندما رأوا تواضعه النادر وسهولة الوصول إليه
يروي الدكتور محمد بن سعد الشويعر مستشار الشيخ عبد العزيز بن باز جوانب مهمة في حياة التقليد سواء تلك المتعلقة بشخصيته كعالم ومفتي أو تلك المتعلقة بعلاقاته مع سائليه وزواره وطالبي الحاجة ، ويقول الدكتور الشويعر : بأن الفقيد لم يكن من ذوي العلم الذين يباهون بعلمهم ، ولم يكن صاحب منصب يستأثر بمنصبه ، لكن العلم يزهو بمثله ، والمنصب يسعد بأمثاله ، حيث كان في جميع أعماله ينظر ببصيرة العالم الورع ، فيراعي مصلحة الدين وتعاليمه قبل كل شيء . ويهتم بالضعيف حيث يوصلي من حوله دائماً بقوله : ارفقواب الناس وساعدوهم في قضاء حوائجهم ، الله يرحم ضعفنا وضعفهم ... إنما تنصرون بضعفائكم . كما أن الشيخ الراحل يأمر بالسعي في مصالحهم وتتبع حوائجهم حتى تنتهي بتأكيد ويقول : والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه . ويضيف الشويعر : أن فقدان الشيخ فقدان لأمور كثيرة تعلمناها منه وآداب رفيعة أخذناها عنه تطبعاً وحسن توجيه ، فهو مع علمه الجم مدرسة بأخلاقه ، ومدرسة بحماسته للدعوة إلى دين الله ، ومدرسة بحب الخير وا لمساعد للقاصي والداني في كل شؤونهم بدون تمييز ، ومدرسة بالتواضع النادر مثله في هذا الزمان ، يبين هذا عندما تأتي وفود منا لخارج يريدون السلام عليه ، وبعد السلام يسألني بعضهم : أين الشيخ ومتى يأتي حتى نسلم عليه ونشرح له قضايانا؟" ويفاجأون عندما أجيبهم بانه هذا الجالس الذي سلمتم عليه وبمجلسه المليء فئات من البشر من آفاق الدنيا بدون تفريق ، ولقد بكى أمامي أكثر من شخصية إسلامية كبيرة بعد إخبراهم ليقولوا : تعودنا حتى من علماء بلادنا التعاظم والمواعيد المسبقة ، إن هذا لا نظير له إلا في ما نقرأ في الكتب عن علماء السلف. ويشير الدكتور الشويعر إلى أن الشيخ عبد العزيز بن باز عرف منذ توليه القضاء عام 1357 هـ في الدلم بالخرج وحتى مساء الليلة التي توفي فيها بأنه لم يحتجب عن الناس ولم يقعده المرض عن ذلك بل سعى إلى مصالح الناس إجابة وإفتاء ومساعد وتشفعاً ، كما قد عرف بذلك الخلق لم يتزحرح عنه ولم يتبدل ساعة من نهار : مواعيد جلوسه ثابتة ومجلسه مفتوح في المكتب ولامنزل ، ومائدته محدودة وهواته لا تسكت ليلاً ونهاراً بالإجابات والتفاعل مع الناس في قضاياهم ، وتبسيط الأمور أمامهم ، لأنه يطبق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "يسروا ولا تعسروا" وسجاياه الحميدة العديدة مستمرة ودائمة ، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها عندما يختلفون في أمر وتكثر أمامهم الآراء يلجأون بالهاتف من أي أرض لسماحة الشيخ عبد العزيز فيرضون بما يوجههم إليه ، والجاليات الإسلامية في أنحاء المعمورة – رغم أنه لم يغادر المملكة طوال عمره – لا يحل قضاياهم ولا يريح قلوبهم في أي أمر يريدون ولا يبذل الجاه لبناء مساجدهم ومراكزهم أ, يمدهم بالكتب إلا الشيخ عبد العزيز بن باز. ويضيف مستشار الشيخ الراحل : من واقع معايشتي معه فهو لا يصدر في أموره عن رأي شخصي ولا من عاطفة ذاتية ولكنها حمية الإسلام التوثق من الدلي لالشرعي ، آية وحديثا ... ثم استخارة الله سبحانه بعد ركعتين يدعو الله فيهما فإن ارتاح قلبه اطمأن وعمل بعد التوكل على الله . ويتناول الدكتور الشويعر جانباً آخر من خصال الشيخ الفقيد والمتعلق بعلاقته بالمحتاجين حيث يقول بأن الشيخ عبد العزيز أب رحيم وعطوف على اليتامى والمساكين وعلى الأرامل والفقراء وعلى المحتاجين ومن لا تصل كلمتهم إلى المسؤولين فيوصلها بشفاعة ودعوات للمشفوع تجعل قلبه يرق ويده تسخو. "الرياض،الشرق الأوسط" |
الشيخ اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى :وفاة ابن باز إحدى فجائع هذا الزمان
* وصف فضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان وفاة سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أنها فجيعة من فجائع هذا الزمان وقد فقده العالم الإسلامي كله . وقال فضيلته وقد بدا تأثر الشيديد في اتصال هاتفي أجرته معه "عكاظ" بداره في مكة المكرمة ظهر أمس أننا مؤمنون بقضاء الله جل وعلا وكنا متوقعين هذه النقلة وأنها واقعة لا محالة لحالة الشيخ الجليل الفقيد الصحية .. ولا شك أن وفاته فجيعة لنا فقد قام بأمور عظيمة قل أن يقوم كثير من العلماء ببعضها ذلك أنه قضى حياته رحمه الله في التعليم والدعوة والإرشاد وكان سخياً بنفسه وماله وعلمه. وتناول فضيلة الشيخ اللحيدان مناقب ومآثر الفقيد الشيخ ابن باز مستعرضاً بداية علاقته به وتتلمذه على يديه في المعهد العلمي ثم كلية الشريعة فمعهد القضاء. وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته "عكاظ" هاتفياً مع فضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى : مثال لعلماء السلف * بوفاة سماحة الشيخ عبز العزيز بن عبد الله بن باز يكون العالم الإسلامي قد فقد واحداً من كبار علمائه الأجلاء فماذا تقولون فضيلتكم فيما قدمه سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء للإسلام والمسلمين ؟ * أقول أولاً إنا لله وإنا إليه راجعون ثم أسأل الله جل وعلا أن يعلي منزلته ويجعله من أهل الفردوس الأعلى ويحسن الخلف للمسلمين وسماحة الشخ عبد العزيز بن باز قام بأمور عظيمة قل أن يقوم كثير من العلماء ببعضها فقد قضى حياته في عمل من تعليم ودعوة وإرشاد وكان سخياً بنفسه وماله و علمه وكان يشعر رحمه الله وكأنه وكيل للناس كلهم وكل من لجأ إليه في مصحلة مشروع مثلها وهو يستطيع أن ينفعه نفعه ولا يخص بذلك أحداً دون أحد بل كان همه الماسعدة والإسهام إذا دعاه المحتاجون إلى الإحسان من المسلمين بل يتجاوز ذلك إلى غير المسلمين بدعوتهم للإسلام .. فكان رحمة الله عليه مثالاً لعلماء السلف في زهده وورعه وت قاه ونصحه وقيامه بواجب الدعوة .. وكان في عمله رحمه الله من الأفذاذ وا لعلماء النادر مثلهم فقد عرفناه في تعليمه لنا وعرفناه في الاختلاط به وما نسمع منه وما نقرأ له فكان مثالاً لمن أراد أن يقتدي بعالم يجعله قدوة له في نصحه ووعظه وتعليمه وتحمله والوقت أو الزمن قليل لا يتسع لشيء كثير ولكن سماحته فقده العالم الإسلامي كله وهو فجيعة من فجائع هذا الزمان . . ونسأل الله جل وعلا أن يحسن الخلف للمسلمين إنه سبحانه وتعالى مجيب الدعاء. توقع الأمر المخيف *وكيف تلقيتم أنتم نبأ وفاة سماحة المفتي .. وكيف كان وقع هذا النبأ عليكم؟ لا شك أننا مؤمنون بقضاء الله جل وعلا وقد كنا متوقعين هذه النقلة .. ونحن نعلم أنها حاصلة لا محالة وحالة الشيخ الصحية كنا نتوقعها إلا أننا نتوقعها توقع حصول أمر مخيف وقد حل والعوض منا لله جل وعلا والجراء به عظيم .. ونسأله أن يحسن الخلف للمسلمين. أستاذي * كيف نشأة علاقتكم بسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ؟ نشأت علاقتنا بالشيخ رحمة الله عليه بأنه كان أستاذاً لنا في المعهد العلمي ثم في كلية الشريعة ثم في معهد القضاء .. فدراستنا في كل المراحل بامعهد والكلية ومعهد القضاء كان الشيخ رحمه الله أستاذنا ومحل ثقة من يطلب العلم عليه ، وقد منحه الله جل وعلا سعة في العلوم وبخاصة الحديث وعلومه ورجاله مع التمكن من معرفة معاني كتاب الله جل وعلا وفقه الشريعة مع سلامة الأسلوب ونصاعة ديباجة الكلام ولم تنقطع صلتنا به إلا من يوم الثلاثاء رحمة الله عليه . من نوادر علماء هذا الزمان * وما رأي فضيلتكم في علمه رحمه الله واجتهاده؟ هو من نوادر علماء هذا الزمان .. وإذا قال قائل لا أعلم في هذا الزمن الحاضر عالماً يساويه في مجموع علومه مع النصح والتقى والورع لم يكن مجازفاً في ذلك بل إن الرجل كأنما نذر نفسه لدين الله جل وعلا ولكتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .. وكان شديد الحرص على السنة والأخذ بها والدعوة إليها والدفاع عنها فرحمة الله عليه رحمة واسعة . كلنا ذووه * أخيراً فضيلة الشيخ .. ماذا تقولون لأسرته وأبنائه وذويه؟ أقول .. نحن كلنا أسرة له وأبناؤه وذووه وإنما نقول كما قلت في بداية الأمر {إنا لله وإنا إليه راجعون} ونسأل الله أن يشمله بقوله سبحانه {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. عكاظ : 28 / 1 / 1420هـ العدد : 11948 |
سيرة ومسيرة
تحدث صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية عن بداية علاقته الشخصية بسماحة متي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز منذ مرحلة مبكرة لنشاط سموه. وقال سمو الأمير أحمد في اتصال هاتفي أجرته معه "عكاظ" أن علاقتي ومعرفتي بسماحة الشيخ ابن باز بدأت منذ أن كنت صغيراً طالباً في المدرسة حيث أكثر من زياراتي له حباً في لقائه واستماعاً إلى نصائحه حتى قبل أيام قليلة من وفاته غفر الله له. وتناول سمو الأمير أحمد في حديثه الذي تركز على سماحة الشيخ ابن باز في فضله وعلمه وفي علاقاته و تعاملاته منوهاً في هذا الصدد باهتمام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني – حفظهم الله – بالعلماء وقال إن سماحة الشيخ ابن باز بالذات يستحق مثل هذا التكريم والتقدير بل وأكثر لما يحتله من مكانة في نفس مليك البلاد وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني والمسلمين جميعاً. واستعرض سموه الأسس والمعايير التي يتم على ضوئها اختيار مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وكذا أعضاء الهيئة مشدداً على ثبات المبدأ والأسس التي سارت عليها الدولة السعودية في اختيار المفتي العام للمملكة . "عكاظ" حاورت على مدى عشرين دقيقة هاتفياً صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية فكانت الحصيلة ما يلي: * ودع الوطن والعالم الإسلامي والمسلمون يوم الخميس الماضي سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. فكيف تنظرون سموكم إلى ما تركه رحيل الشيخ الجليل ؟ لا شك أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله هو عمل من أعلام هذه الأمة ورجل فاضل خير بما تعنيه هذه الكلمة . . ورجل يستحق منا جميعاً كل تقدي .. فهو والد لنا ورجل خير لما قدمه من علم وجهود خيرة في كل المجالات ذلك أنه رجل علم ودين وطاعة وخير ورجل ورع يسعى في الخير دائماً ويدعو إليه والأجل المحتوم هو مصير كل إنسان وهذا مآلنا جميعاً... ولقد تأثرنا لوفاة الشيخ عبد العزيز بن باز وندعو الله له بالرحمة والمغفرة . الاستماع للنصائح * كيف نشأت علاقة سموكم بسماحة المفتي؟ نشأت كعلاقة الابن بوالده ، فعلاقتي ومعرفتي بسماحة الشيخ ابن باز بدأت منذ أن كنت صغيراً حيث كنت طالباً في المدرسة وأكثر الزيارات له حباً في لقائه والاجتماع به والاستماع إلى نصائحه حتى قبل أيام من وفاته رحمه الله فقد حادثت سماحته هاتفياً عندما كان في الطائف للاطمئنان على صحته ولقد كنت دائماً وفي مرحلة مبكرة من عمري أتردد على سماحته والسلام عليه والاطمئنان والاستماع إليه . رجل فاضل * إذا سيدي الأمير أحمد كيف وجدت ابن باز أباً ثم عالماً ثم عاملاً لخدمة الإسلام ؟ لقد وجدته رجلاً فاضلاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة ووجدته الرجل التقي الكريم الأخلاق والرجل الذي يسعى للخير بكل ما يستطيع ولقد كان رحمه الله كثيراً ما يتوسط ويتقدم بالشفاعة لبعض أناس يستحقون ذلك من جميع أنحاء العالم سواء تقدم لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – حفظه الله ورعاه – أو كتاباته لنا المتتالية في وزارة الداخلية تحمل شفاعات ونصح وتوجيه بما يمليه عليه واجبه كرجل خير وبركة طيلة حياته رحمه الله . نصح وتوجيه * ولكن ألا تتذكرون سموكم موقفاً معيناً حدث لكم مع سماحة الشيخ الراحل ؟ لا يحضرني موقف محدد لكن له مواقف رحمه الله كثيرة جداً وأهمها النصح والتوجيه والنصح للأمة كلها وفي كل أمر من الأمور ودائماً لا تنقطع نصائحه و توجيهاته ونحن نتقبلها من والد مخلص عالم فاضل من أعلام هذه الأمة .. ودائماً ما نأخذها بعين الاعتبار دون أدنى شك . * كيف تنظرون إلى علم الشيخ ابن باز واجتهاداته؟ هذا أمر يفوق مستواي بالنسبة لتقويم علم سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله واجتهاداته إنما هي واضحة ظاهرة لكل مسلم ولأبناء هذا الوطن خاصة لما نجد فيها دائماً من علم غزير وكلمة وتبصر والتزام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . * نعى الديوان الملكي سماحة الشيخ ابن باز وتقدم مولاي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي العهد الأمين وسيدي النائب الثاني في الصلاة على الفقيد في المسجد الحرام بعد صلاة الجمعة .. كيف تنظرون سموكم إلى دلالات اهتمام الدولة منذ عهد مؤسسة هذا الكيان بالعلماء وتقديرهم وإنزالهم مكانتهم ؟ دلالات اهتمام الدولة واضحة وجلية للعيان بدون شك وهم يستحقون ذلك وسماحته رحمه الله بالذات يستحق مثل هذا التكريم والتقدير وأكثر وهذه دلالة واضحة لما يحتله الفقيد رحمه الله في نفس خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين وسمو النائب الثاني. ونفوسنا جميعاً لا كمسئولين بل كمواطنين ومسلمين والعلماء دائماً لهم مكانتهم في الصدارة والتقدير لما يحملونه من علم ينفع الله به الناس إن شاء الله . * قلتم سيدي أن علاقتكم بسماحة الشيخ ابن باز بدأت منذ صغركم .. فكيف كان وقع نبأ الفقيد الراحل على نفس الإنسان والأمير والمسؤول أحمد بن عبد العزيز ؟ أقول أولاً أن الحقيقة الثابتة في هذه الدنيا هي الموت لا شك في ذلك ونحن نعلم أن للإنسان نهاية ولا أستغرب أن يقال فلان انتقل إلى رحمة الله .. ولا شك أن فقدان إنسان عظيم وجليل وكبير بكل المعاني مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي كان لوفاته وقع كبير ولكن الموت ليس مفاجأتها لأنه أمر يقين إنما كنا نتمنى أن يعيش معنا سماحته أطول عمل ممكن كي نستفيد من علمه ونستنير بآرائه وإرشاداته في أمور حياتنا ولكن هذه إرادة الله والحمد لله على قضائه وقدره. مكانة في النفوس * سيدي رأينا بعض الوفود التي جاءت لتشارك في الصلاة على فقيد العالم الإسلامي وتقديم التعازي لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين في وفاة الشيخ ابن باز .. فما هي دلات ذلك ؟ هذا يدل عى ما للشيخ ابن باز من فضل رحمه الله ومكانة في نفوس المسلمين جميعاً والعرب خاصة وأبناء هذه الجزيرة على الأخص وهذه دلالة على علمه الغزير ونحمد الله على ذلك وندعو له بالمغفرة . عزاء ومواساة * ماذا تقولون سموكم لأسرته وأبنائه وذويه وطلابه ؟ نقدم لهم العزاء والمواساة والدعاء لهم بالصبر والاحتساب فمن عرف الله جل وعلا هانت مصيبته .. ونقول لطلبة العلم أن يعينهم الله في طلب العلم ويوفقهم لأن يخرج لنا منهم من طلبة الفقيد مثل ابن باز وأكثر اجتهاداً في الخير . * في رأي سموكم .. ما هي الأسس والمعايير التي يتم على ضوئها اختيار مفتي عام المملكة وكذا رئيس هيئة كبار العلماء ؟ في الواقع أن ذلك أمر واضح فهو يستند إلى المكانة العلمية وحسن الإدراك الذي يتحلى به الشخص وهذا ما سارت عليه هذه الدولة حيث تراعي القدرات العلمية والمكانة الشخصية وإدراكه للأمور .. فكل هذه الأمور مجتمعة سارت عليها هذه الدولة في اختيار المفتي العام وكذا الحال بالنسبة لأعضاء هيئة كبار العلماء الذين يتم اختيارهم لفضلهم في العلم وقدراتهم العلمية وسيرتهم الشخصية أيضاً. مكة 28 / 1 / 1420هـ العدد : 11947 |
ثروة الوالد العلمية في أيد أمينة وترى النور قريباً أحمد بن باز يتحدث عن والده
عندما تريد أن تعرف الجوانب الشخصية في حياة أحد الأعلام الذين يعدون قدوة للأمة في أخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – يرحمه الله – فلن تجد شخصاً أقدر على ذلك من أن يكون المت حدث أحد أبنائه .. وقد اخترنا ابنه الشيخ أحمد الباز ليحدثنا عن والده لكونه أحد الملازمين للشيخ في دروسه ومحاضراته ولقاءاته وحله وسفره فكان هذا الحوار الذي تناول جوانب تخفى على الكثير من الناس عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – يرحمه الله - . البرنامج اليومي للشيخ يقول الابن أحمد : برنامج سماحة الوالد اليومي متقارب طوال أيام الأسبوع .. يصحو قبل الفجر بساعة ليصلي ويقرأ من القرآن ما شاء الله .. ثم مع الأذان يحاول إيقاظ جميع أهل البيت لصلاة الفجر .. ثم يتوجه إلى الجامع الكبير ليقوم بعد صلاة الفجر بإلقاء بعض الدروس لمدة تصل أحياناً إلى ثلاث ساعات .. ثم يرجع إلى البيت .. وبعد الإفطار يتوجه إلى مقر عمله ولا يمكن أن يخرج من عمله قبل الساعة الثانية والنصف ظهراً ، فيرجع إلى البيت ليجد الجمع الغفير من الضيوف القراء بانتظاره فيتناول طعام الغداء معهم ثم يجلس لشرب القهوة ومحادثة الضيوف والإجابة عن الاستفسارات والفتاوى عن طريق الهاتف إلى أذان العصر .. وبعد صلاة العصر والدرس اليومي يتوجه إلى منزله لأخذ قسط من الراحة إلى ما قبل أذان المغرب بنصف ساعة .. ثم يجلس للناس بعد صلاة المغرب يستمع إلى سائلهم ويجيب عن الاستفسارات عن طريق الهاتف إلى أذان العشاء .. وبعد درس بين الأذان والإقامة وبعد صلاة العشاء يرجع إلى البيت للاجتماعات الخاصة والمواعيد الشخصية ومطالعة الكتب في المكتبة .. ثم يتناول طعام العشاء مع الحضور ليتوجه إلى مكان راحته ، بعد ذلك عند الحادية عشرة أو أكثر يستمع إلى الأخبار قبل النوم .. وهكذا هو برنامجه يرحمه الله ..وقد تتخلل أيام الأسبوع محاضرات دينية في مساجد مختلفة أو ولائم ومناسبات اجتماعية يحضرها أو عملية في مقر عمله مساء .. يقوم بكل ما سبق بأريحية وبدون مللك ولا كلل. الوالد مدرسة أجيال ويستطرد أحمد بن باز قائلاً: - الوالد كما سبق مدرسة أجيال في العلم والتربية استفدت منه الكثير مما يعجز لساني عن تعداده أو حصره وتتعثر يدي عند كتابته . تعلمت منه – يرحمه الله – القيام بالواجبات الشرعية في جميع أوقاتها .. تعلمت منه التواضع والصبر والعفو عن المخطئ مهما كان .. - تعلمت منه العطف على المسكين والفقير وحب الخير للناس . . تعلمت منه الاهتمام بالعالم الإسلامي ومتابعة أخباره .. تعلمت منه بذل النصح للآخرين وقبوله منهم مها كانوا .. تعلمت أشياء كثيرة جدا لا أستطيع ذكرها في هذه العجالة . الوالد – يرحمه الله – يقارب عمره الآن التسعين .. تلقى على يديه العلم أجيال كثيرة منهم العلماء الآن والوزراء ومنهم ذوو المناصب الإدارية والعلمية ولا أستطيع حصرهم فاسمحوا لي بعدم ذكرهم لأن ذكر البعض وترك البعض قد يصيب بعض النفوس بشيء . مواقف خاصة - المواقف ذات الطابع الخاص التي تبقى دائماً في الأذهان من سماحة الوالد كثيرة ، فحياته كلها – يرحمه الله – ذات طابع خاص منها أنه – يرحمه الله – حينما يسأل في محفل أو مجلس أو محاضرة عن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ المفتي السابق للمملكة لا يتمالك عينيه ويتعثر لسانه عن الحديث عن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – يرحمه الله –وسماحة الوالد – يرحمه الله – لا يحب فرض شخصيته ولا رأيه على أحد من أولاده فهو – يرحمه الله –رقيق المشاعر إلا أنه لا يمنعه ذلك من التوجيه وإسداء النصيحة وكان لذلك أثر كبير بالنسبة لي أنا في توجهي العلمي . ويسعدني دائماً أولئك المحتاجون من الناس الذين يأتون إلى الوالد وكان – يرحمه الله – يأخذ بيدهم إما عطاءً أو توجيهاً وكذلك الأزواج الذين يطلقون زوجاتهم ثم يخرجون وعيونهم تدمع من الفرح بما حصل من جمع الشمل . كتبه ودروسه هناك أكثر من جهة تتولى جمع الثورة العلمية لسماحة الشيخ الوالد تحت إشرافه واطلاعه وبدأ بعضها يرى النور . أما دروس الشيخ العلمية فقد أضافت جوانب علمية وتربوية لطلب العلم لم يحصلوا عليها من الصروح الأكاديمية . فتاوى الطلاق أكثر يستقبل الوالد في منزله العشرات وأضعافهم في مكتبه من أجل الفتاوى التي تبلغ نسبة المتعلق منها بالطلاق 40%.. هذا بخلاف الذين يستقبلهم لأغراض أخرى وهم أكثر من أ ولئك . ولد الشيخ مبصراً إلى أن بلغ الخامسة عشرة من عمره .. ثم بدأ يعاني من مرض في عينيه لأكثر من أربعة أعوام وفي عام 1349 هـ بعد أداء مناسك الحج كف بصره تماماً وكان – يرحمه الله –يصف لي مشاهداته في تلك السنة في مكة والمشاعر . مساعد المساكين والفقراء سماحة الوالد – يرحمه الله – بطبيعته وطبيعة عمله ذو صلة كبيرة بالناس وبالمجتمع ، لذلك فهو على اطلاع كبير على المحتاج منهم يخصص لبعض الفقراء مخصصات شهرية أو يساعدهم في دفع الإيجار أو تسديد الديون أو على الأقل بإعطائهم عطيات مقطوعة وذلك مما يتلقاه من المحسنين والأغنياء من مساعدات وصدقات وزكوات إلا أنه – يرحمه الله – له المنهج الدقيق والتحري الوافي الذي لا يمكن أن يتنازل عنه في التعرف على المساكين والمحتاجين حتى ولو كان قريباً حتى يصل المال إلى مستحقه وإذا شك أحياناً يعطي من جيبه الخاص ورعاً وخوفاً من ألا تصل تبرعات المحسنين إلى مستحقيها. المسائية : 29 / 1 / 1420هـ العدد : 5218 |
الإيمان قولاً وفعلاً ولا حكم إلا لشرع الله ووجوبية الدعوة وموواجهة الغزو الفكري
إن شخصية مثل سماحة ابن باز يرحمه الله تمتلك من المقومات والإمكانات ما يجعلها تحيا حياة متوازنة يتجاوز فيها العطاء النفسي مع الرصيد الفكري والسلوك الإنساني الرشيد ويستطيع الراصد لهذه الشخصية أن يلمح ذلك التوافق بين الفكر والفعل والقول والعمل . وإذا كان من الصعب على الباحثين أن يرصدوا بشكل دقيق كافة الجوانب الفكرية في حياة بعض العلماء من أصحاب الفكر الثاقب والمستنير والعطاء العميق والإسهامات الغزيرة في مجالات الحياة المتعددة لصعوبة متابعة إنتاجهم الفكري وملاحظة تأثيره على الناس .. ف أن الأمر يبدو أكثر صعوبة في حالة شيخنا الذي أسلهم بعلم غزير وله دور كبير ورائد في مجال خدمة الدعوة الإسلامية بشكل امتد أثره ليشمل أغلب بقاع العالم الإسلامي بل والعالم أجمع وتأسيساً على ما سبق فإن الحديث عن الجوانب الفكرية في عطاء شيخنا يدفعنا إلى محاولة رصد عطاء رجل تقع على كاهله أع باء مهمة الدعوة والإرشاد والإفتاء والبحث العلمي وخدمة قضايا عامة المسلمين وخاصة في شتى بقاع الأرض. ثوابت ومنطلقات وتتعدد الجوانب الفكرية والثقافية في حياة سماحة الشيخ ابن باز .. لكن رغم هذا التعدد والتنوع إلا أنها تصب في بوتقة واحدة وتستقي مادتها من نهر واحد .. ومن ثم فإن هذه الجوانب الفكرية والثقافية تشتمل على ثوابت ومنطلقات صبغت هذا الطاء وأطرته في إ"ار متين . ونحن هنا سوف نحاول أن نستبين هذه الثوابت التي أثرى من خلالها شيخنا الحياة في المملكة .. كما سنحاول أن نعيد طرحها في قالب استقرائي يحيط بجوانب الثوابت التي يمكن أن ندعي أنه يمكن حصرها في منطلقين أساسيين: المنطلق الأول : أن كل ما يصدر عن سماحته وما يقوله مصدره كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو دائم الاستشهاد بآياته والاسترشاد به والدعوة إلى الرجوع إليه والحث على قراءته وحفظه والعمل به.. مثلما يفعل نفس الشيء مع سنة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يعني أن سماحته لا يأتي بشيء من عنده ويضفي الكثير من المصداقية على كل ما يقول. المنطلق الثاني : أن كل ما يصدر من سماحته من أقوال وفتاوى وآراء إنما جاء نتيجة دراسة واعية وفهم كامل وإدراك مستنير بمقاصد الشريعة وإعمال للفكر وإيمان عميق بفضيلة الاجتهاد فيما يستجد من حياة الناس دون الخروج على نص أو تزيد على مبدأ . وهذان المنطلقات يمثلان حجر الزاوية في فكر الإمام وما صدر عنه وما قدمه زاداً لكل مسلم يريد أن يعرف دينه . وبناء على ذلك فقد تشكل فكر الإمام .. وأثمر عنه تبنيه لمجموعة من المبادئ تمثل في مجملها عطاءً شاملاً متكاملاً للإيمان الحق والمؤمن القادر على استيعاب دينه وأحكامه وقيمه في صورة تجسد الأنموذج لإنسان هذا العصر وكل عصر كما تتمخض عن نسيج متوافق سوي لا يعاني من المؤهلات الفكرية التي يعاني منها من يخرج عن المراجع الإلهية .. وفيما يلي نحاول استعراض بعض من هذه المبادئ التي شكلت فكر الإمام واستوعبت عطاءه أيضاً. (الإيمان ..القول والفعل) الإيمان بالله والتمسك بكتابه العزيز ، والإيمان بمعناه الشامل هو المحور الذي تتمحور حوله حياة شيخنا من ناحية وهو الإطار الذي يؤطر دعوته . وتأسيساً على ما سبق سوف يعثر الدارس لكل ما صدر عن سماحته من أقوال وكلمات وفتاوى أن الأساس هو الدعوة إلى الإيمان بالله وتوحيده وعبادته جل وعلا وإلى التمسك بكتابه العزيز مؤكداً على أنه أساس دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم . . وفي هذا الصدد يقول سماحته : "الرسول صلى الله عليه وسلم أولى عمل عمله وأول أساس رسمه أنه دعا الناس إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له .. هذا هو أ,ل ما عمل وهذا أوس أساس تكلم به ودعا إليه وأرشد إلى تفاصيل ذلك .. والكلمة التي دلت على هذا المعنى هي قول لا إله إلا الله .. هذه هي الأساس المتين ومعها شهادة أن محمداً رسول الله". ويؤكد سماحته على أن التوحيد والشهادة بأن محمداً رسول الله هي أصل الإسلام وهما الأساس فيقول: هذان الأصلان والأساسان المهمان هما أساس الإسلام وهما أساس صلاح الأمة...من أخذ بهما واستقام عليهما عملاً وعلماً ودعوة وصبراً .. استقام له أمره وأصلح الله به الأمة على قدر جهاده وقدرته وأسبابه .. ومن أضاعهما أو أضاع أحدهما ضاع وهلك . ويستعرض سماحته أسباب انتشار الشرك – المناقض للإيمان – وضعف الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. مشيراً إلى ذلك في وضوح لا لبس فيه فيقول: "وبسبب تساهل كثير من العلماء وطلبة العلم وأعيان أهل الإسلام الذين فقوا توحيد الله .. بسبب لتساهل في هذا الأصل الأصيل انتشر الشرك في بلاد كثيرة وعبدت القبور وأهلها من دون الله .. وهذا كله من دسائس الشيطان ومن مكائده فإنه أحرص على إزاحة الناس عن عقيدتهم ودينهم وعلى إبعادهم عنها بكل وسيلة". ويعود شيخنا فيرشد صفوة المجتمع وطلبة العلم نحو الطريق السليم وبر الأمان وسط عواصف الإلحاد .. قائلاً: الواجب على طلبة العلم وهم أمل الأمة – بعد الله عزَّ وجلَّ – في القيادة بحكمة وإخلاص وصدق أن يعنوا بالأساس وأن يعرفوا العامل الوحيد العظيم الذي عليه الارتكاز والذي يتبعه ما سواه وهو العناية بتوحيد الله والإخلاص له .. والعناية بالإيمان بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وأنه رسول الله حقاً و أن الواجب إتباعه والسير على منهاجه .. كما يجب على طالب العلم وعلى القائد أن يعظم أمر الله ونهيه وأن يستقر خوف الله في قلبه فوق كل الأشياء .. وألا يبالي بما يرجف به المرجفون ضد الحق وأهله ثقة بالله وتصديقاً لما وعد رسوله محمداً وكافة الرسل فوجب أن نعنى بهذا الأساس وأن ندعو الناس إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له .. وألا نغلو في القبور والأنبياء والأولياء ولغيرهم مع الله ونصرف لهم العبادة أ, خوف أ, رجاء أو نحو ذلك . وعن الإيمان بالرسول المبعوث هداية للناس ورحمة .. والشهادة بأنه رسول الله ونبيه إلى الناس أجمعين نجد شيخنا قد أكد على ذلك باعتباره من كمال التوحيد وتمام الإيمان .. ويقول: "ومن تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله تعظيم سنته والدعوة إليها وتنفيذ مقاصدها والتحذير من خلالها وتفسير القرآن بما فيما قد يخفى من آياته". ويوضح سماته أن الإيمان بالله هو سبيل العزة للأمة والطريق الوحيد المؤدي إلى المخرج والوسيلة الفعالة في مواجهة تحديات هذا العصر وكل عصر .. ويقول: "هذا الأساس العظيم يجب أن يكون منه المنطلق للدعاة المخلصين والمصلحين في الأرض الذين يريدون أن يتولوا إصلاح المجتمع والأخذ بيده إلى شاطئ السلامة وسفينة النجاة". ومن سلك المؤمن الواعي تجاه كتاب الله العزيز وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما ينبغي عليه عمله يقول سماحته: "قدر بنفسك واستنبط من كتاب ربك وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن خلال أهل العلم ما يعينك على فهم كتاب الله وعلى فهم السنة .. وكن حريصاً على العلم والفقه في الدين حتى تستطيع أن توجه المجتمع إلى الطريق السوي وتأخذ بيده إلى شاطئ السلامة وحتى تعلم كيف تعمل فتبدأ بنفسك وتجتهد في إصلاح سيرتك". ويعدد سماحته أوجه الإيمان بالله وتوحيده وعبادته في أكثر من موضع .. فيقول: "إن حقيقة هذه العبادة هي إفراد الله – سبحانه وتعالى – بجميع ما تعبد به العباد من دعاء وخوف ورجاء وصلاة وصوم وذبح ونذر وغير ذلك من أنواع العبادة على وجه الخضوع له والرغبة والرهبة مع كمال الحب له سبحانه والذل لعظمته". "ومن الإيمان بالله .. الإيمان بجميع ما أوجبه على عباده وفرضه عليهم من أركان الإسلام الخمسة الظاهرة وغير ذلك من الفرائض التي بها الشرع المطهر وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا". "ومن الإيمان بالله سبحانه : الإيمان بأنه خالق العالم ومدبر شؤونهم والمتصرف فيهم بعمله وقدرته كما يشاء سبحانه .. وأنه مالك الدنيا والآخرة ورب العالمين جميعاً لا خالق غيره ولا رب سواه". "ومن الإيمان بالله أيضاً الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الواردة في كتابه العزيز والثابتة عن رسوله الأمين من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.. بل يجب أن نؤمن كما جاءت بلا كيف مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظمية التي هي أوصاف الله عزَّ وجلَّ". لا حكم إلا لله ومن الأسس التي ارتكز عليها فكر سماحته أنه لا حكم إلا لشرع الله الذي يرسي قيم العدل والخير والمساواة بين البشر بلا ضيم ولا حيف ولا انحراف ولا ظلم.. ويشير سماحته في هذا الصدد إشارة ذكية حين يتناول تفسير ابن كثير لقوله تعالى : {وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدا}(التوبة الآية 31) إذ يقول: "ابن كثير يقول في تفسير تلك الآية أي الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام وما حله فهو الحلال .. وما شرعه اتبعه .. وما حكم به نفذ .. لا إله إلا الله سبحانه عما يشركون". وينعى سماحته تحكيم بعض الدول الإسلامية للقوانين الوضعية وإدارة ظهرها لشرع الله ويقول: "إن التحاكم إلى الطواغيت والروساء والعرافين ونحوهم ينافي الإيمان بالله عزَّ وجلَّ وهو كفر وظلم وفسق". "إن الحكم بغير ما أنزل الله حكم الجاهلية وإن الإعراض عن حكم الله تعالى سبب لحلول عقابه وبأسه الذي لا يرد عن القوم الظالمين". ويستشهد سمحته بقوله تعالى : {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ* أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(المائدة آية 49 – 50). ويوضح سماحته مدلولات الآيات وما أكدته من ضرورة التحاكم إلى ما أنزل الله ويفصلها في ثماني نقاط هي حسبما أوردها: * الأمر بتطبيق حكم الله وشرعه في قوله تعالى : {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}. * ألا تكون أهواء الناس و رغباتهم مانعة من الحكم به بأي حال من الأحوال ... وذلك في قوله {ولا تتبع أهواءهم}. * التحذير من عدم تحكيم شرع الله في القليل والكثير والصغير والكبير بقوله سبحانه وتعالى : { أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} * إن التولي عن حكم الله وعدم قبول شيء منه ذنب عظيم موجب للعقاب الأليم .. قال تعالى : { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}. * التحذير من الاغترار بكثرة المغرضين عن حكم الله ف أن الشكور من عباد الله قليل ...يقول تعالى : { وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}. * وصف الحكم بغير ما أنزل الله بأنه حكم الجاهلية ... يقول : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}. * تقرير المعنى العظيم بأن حكم الله أحسن الأحكام وأعدلها .. يقول عزَّ وجلَّ : { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }. ومن الثوابت اليقينية لدى شيخنا أنه يجب على أئمة المسلمين وقادتهم تحكيم شرع الله في جميع شؤونهم.. وفي ذلك يقول: * لا ريب أن الواجب على أئمة المسلمين وقادتها أن يحكموا الشريعة الإسلامية في جميع شؤونهم وأن يحاربوا ما خالفها وهذا أمر مجمع عليه بين علماء الإسلام". وفي هذا الإطار يأتي تأكيده لرفض كل من يفضل حكماً غير حكم الله أو قانوناً سوى القوانين الإلهية .. ويقول سماحته: "أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله أو أن هدى غير رسول الله أحسن من هديه صلى الله عليه وسلم فهو كافر .. كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو تحكيمه غيرها فهو كافر ضال". وجوبية الدعوة إلى الله من الثوابت الأساسية التي يرتكز عليها فكر سماحة الشيخ "ابن باز" وجوبية الدعوة إلى الله على كل مسلم حسب استطاعته وقدراته .. وانطلاقاً من هذا المبدأ نجد سماحته بعلمه وورعه وإيمانه كان ولا يزال صاحب الباع الأطول في هذا المضمار وليس أدل على ذلك من إسلام عدد كبير على يديه ونشاطاته المتنوعة في ميدان الدعوة .. هذا النشاط الذي اتسم بالوعي الكامل والدراية التامة بواقع الدعوة الراهن داخل وخارج العالم الإسلامي وما يواجهها من تحديات وكذلك إدراكه العميق للأساليب التي تتناسب مع هذا الواقع.. هذه الصورة لهذا المبدأ تبدو واضحة في قوله : "في وقتنا الحاضر يسر الله عزَّ وجلَّ أمر الدعوة أكثر بطرق لم تحصل لمن قبلنا .. فأمور الدعوة اليوم متيسرة أكثر وذلك بواسطة طرق كثيرة .. وإقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة .. فمثلاً عن طريق الإذاعة وعن طريق التلفزة وعن طريق الصحافة .. وهناك طرق شتى. فالواجب على أهل العلم والإيمان وعلى خلفاء رسول الله أن يقوموا بهذا الواجب وأن يتكاتفوا فيه وأن يبلغوا رسالات الله إلى عباد الله ولا يخشوا في الله لومة لائم .. بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله كما أنزل الله وكما شرع الله..." ثم يتحدث سماحته عن وجوبية الدعوة وارتباطها بالاستطلاع في قوله: "وقد يكون ذلك فرض عين إذا كان في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك... فالواجب عليك أن تقوم بذلك .. وأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ والأمر والنهي غيرك أنه يكون حينئذ في حقك سنة .. وإذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك منافساً في الخير وسباقاً إلى الطاعات ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} .. قال الحافظ بن كثير عن هذه الآية ما معناه : "ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر العظيم تعو إلى الله وتنشر دينه وتبلغ أمره سبحانه وتعالى ". "ومعلوم أيضاً أن رسول الله عليه الصلاة والسلام دعا الله وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته – وقام الصحابة – رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك حسب طاقتهم .. ثم لما هاجروا وقاموا بالدعوة أكثر وأبلغ .. ولما انتشروا في البلاد – بعد وفاته عليه الصلاة والسلام – قاموا بذلك كل على قدر طاقته وعلمه. ويؤكد سماحته أنه في زمان استشراء الفتن وغلبة المعاصي وكثرة الذنوب تصبح الدعوة فرض عين على الجميع كل على قدر استطاعته ... وفي ذلك يقول: "عند قلة العلماء وعند كثرة المنكرات وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته .. إذا كان هناك محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها من تولى هذا الأمر وقام به وبلغ أمر الله ... كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على من سواه.. ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله وإلى بقية الناس يجب على العلماء حسب طاقتهم وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون .. وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة.. "وبهذا يعلم أن كونها فرض عين وكونها فرض كفاية أمر نسبي يختلف .. فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص .. وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام كان وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم ". ويوضح سماحته أن الأمر قد يختلف بالنسبة لولاة الأمر الذين يملكون السلطان والأدوات والإمكانات .. ويقول في حقهم : "أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ممن لهم القدرة الواسعة فعليهم من الواجب أكثر .. وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى من استطاعوا من الأقطار حسب الإمكان بالطرق الممكنة وباللغات الحية التي ينطق بها الناس .. فيجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل فرد باللغة التي يعرفها". ويرصد سماحته واقع الدعوة الراهن .. كما يحدد ملامح الأسلوب المناسب لهذا العصر .. ويقول: "الناس اليوم في أشد الحاجة للدعوة وعندهم قبول لها بسبب كثرة الدعاة إلى الباطل وبسبب انهيار المذهب الشيوعي . وبسبب هذه الصحوة العظيمة بين المسلمين .. فالناس في إقبال على الدخول في الإسلام والتفقه في الإسلام حسب ما بلغنا من سائر الأقطار. "ونصيحتي للعلماء وللقائمين بالدعوة أن ينتهزوا هذه الفرصة وأن يبذلوا ما في وسعهم في الدعوة غلى الله وت عليم الناس ما خلقوا له من عبادة وطاعته مشافهة وكتابة وغير ذلك بما يستطيعه العالم من خطب الجمعة والخطب الأخرى في الاجتماعات المناسبة وعن طريق التأليف وعن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية. "فالعالم أو الداعي إلى الله – جل وعلا – ينبغي أن ينتهز الفرصة في تبليغ الدعوة في كل وسيلة شرعية وهي كثيرة والحمد لله .. فلا ينبغي التقاعس عن البلاغ والدعوة التعليم". "والناس الآن متقبلون لما يقال لهم من خير وشر . . فينبغي لأهل العلم بالله ورسوله أن ينتهزوا الفرصة ويوجهوا الناس على أساس متين من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام و أن يحرص كل واحد من الدعاة على أن يكون قد عرف ما يدعو إليه عن طريق الكتاب والسنة وقد فقه في ذلك حتى لا يدعو عن جهل .. بل يج بأن تكون دعوته على بصيرة .. قال تعالى : {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة} (يوسف،آية 108). "فمن أهم الشروط أن يكون العالم أو الداعي إلى الله على بصيرة فيما يدعو إليه وفيما يحذر منه .. والواجب الحذر من التساهل في هذا فلا يدعو إلى باطل ولا ينهى عن حق .. فالواجب التثبت في الأمور وأن تكون الدعوة على علم وهدى وبصيرة في جميع الأحوال . ويحدد سماحته – في إطار الدعوة – الأخلاق والصفات التي يجب أن يتحلى بها من يتصدى للدعوة إلى الله .. ويذكر منها: * الإخلاص حيث يجب على الداعية أن يكون مخلصاً لله عزَّ وجلَّ ولا يريد رياء ولا ثناء الناس ولا حمدهم – إنما يدعو إلى الله يريد وجهه عزَّ وجلَّ كما قال سبحانه {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله}.. ويقول أيضاً : {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله}. * العلم: حيث يجب على الداعي أن يكون على بينة من دعوته وعلى علم .. ولا يكون جاهلاً بما يدعو إليه {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة} فلا بد من العلم ..والعلم فريضة .. وإياك أن يدعو الداعية على جهالة أو يتكلم فيما لا يعلم ، فالجاهل يهدم ولا يبني ويفسد ولا يصلح. * الأخلاق الحميدة : وعلى الداعي أن يتصف بالأخلاق الحميدة والصفات الخلقية التي تمكنه من أداء واجبه عن اقتناع وإيمان .. فالداعي يجب أن يكون حليماً في دعوته رقيقاً فيها متحملاً صبوراً كما فعل الرسل عليهم الصلاة والسلام .. قال تعالى : {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.. ويقول أيضاً: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} .. وعليه فيجب أن يتحلى الداعية بصفات وسجايا أخلاقية طيبة فيكون حليماً صبرواً .. سلس القياد .. لين الكلام طيبه .. وأن يكون القدوة والمثل الطيب .. فلا يدعو لشيء ثم يتركه .. أو ينهى بأمر ثم يرتكبه .. يقول تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف:آية 2 ، 3). حتمية مواجهة الغزو الثقافي والفكري إذا كان الإيمان وتحكيم شرع الله والدعوة الواجبة من الثوابت الفكرية لدى سماحة الشيخ "ابن باز" من هذ النوع من الفكر الذي يطلق عليه علماء الاجتماع "الفكر المنتج" فإن مبدأ حتمية المواجهة مع الغزو بكافة أشكاله الثقافية والفكرية يمكن أن نسميه الفكر التحصيني أي الذي يحصن البنية الأساسية ضد التحديات الخارجية ويتيح الفرصة أمام البناء كي يكتمل . وسماحته في هذا الصدد أدرك تطور الأساليب الاستعمارية وانتقالها إلى مرحلة الاحتلال بالعسكر إلى مرحلة احتلال العقول حينما اصطلح على تسميته بـ"الغزو الثقافي والفكري". وقد أجاد سم احته في رسم صورة واضحة لهذا الخطر القادم عبر الحدود .. إذ يقول: "لا شك أن أخطر ما تواجهه المجتمعات الإسلامية في الوقت الحاضر هو ما يسميى بـ"الغزو الثقافي بأسلحته المتنوعة من كتب وإذاعات وصحف وغير ذلك من الأسلحة الأخرى .. ذلك أن الاستعمار في العصر الحديث قد غير من أساليبه القديمة لما أدركه من فشلها وعدم فعاليتها ومحاربة الشعوب واستماتتها في الدفاع عن دينها وأوطانها ومقدراتها وتراثها حيث أن الأخذ بالقوة وعن طريق العنف والإرهاب مما تأباه الطباع وتنفر منه النفوس ولا سيما في الأوقات الحاضرة بعد أن انتشر الوعي بين الناس واتصل الناس بعضهم ببعض .. وأصبح هناك منظمات وهيئات كثيرة تدافع عن حقوق الشعوب وترفض الاستعمار عن طريق القوة وتطالب بحق تقرير المصير لكل شعب وأن لأهل كل قطر حقهم الطبيعي في سيادتهم على أوطانهم واستثمار مواردهم وتسيير دفة الحكم في أوطانهم حسب ميولهم ورغباتهم في الحياة وحسب ما تدين به تلك الشعوب من معتقدات ومذاهب وأساليب مختلفة للحكم مما اضطر معه إلى الخروج من هذه الأقطار بعد قتال عنيف وصدامات مسلحة وحروب كثيرة دامية. "ولكن قبل أن يخرج من هذه الأقطار فكر في عدة وسائل .. واتخذ كثيراً من المخططات بعد دراسة واعية وتفكر طويل وتصور كامل لأبعاد هذه المخططات ومدى فاعليتها وتأثيرها وطرقها التي ينبغي أن تتخذ للوصول إلى الغاية التي يريدها". "وأهدافه تتلخص في إيجاد مناهج دراسية على صلة ضعيفة بالدين مبالغة في الدهاء والمكر والتلبيس على خدمة أهدافه ونشر ثقافته وترسيخ الإعجاب بما حققه في مجال الصناعات المتلفة والمكاسب المادية في نفوس أغلب الناس .. حتى إذا ما تشربت بها قلوبهم وأعجبوا بمظاهر بريقها ولمعانها وعظيم ما حققته وأنجزته من المكاسب الدنيوية والاختراعات العجيبة ولا سيما في صفوف الطلاب والمتعلمين الذين لا يزالون في سن المراهقة والشباب اختارت جماعة منهم ممن انطلى عليهم سحر هذه الحضارة لإكمال تعليمهم في الخارج حيث يواجهون هناك بسلسلة من الشبهات والشهوات على أيدي المستشرقين والملحدين بشكل منتظم وخطط مدروسة وأساليب ملتوية في غاية المكر والدهاء .. وحيث يواجهون الحياة الغربية بما فيها من تفسخ وتبذل وخلاعة وتفكك ومجون وإباحية . ويكشف سماحته في الإطار نفسه كافة أبعاد صناعة "التغريب" و"المستغربين" التي يمارسها الغرب ضد العقول المسلمة ويعري أسرارها وأدواتها في محاولة الإيقاع بصفوة المجتمع المسلم في شراك الإعجاب بالمنجزات العلمية وا لتقنية الحديث وصولاً إلى غاية أخرى لتحقيق ذات الهدف .. مشيراً إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه أولئك العائدون المحملون ببضاعة الغرب وإغراءاته .. ويقول: "وهذه الأسلحة وما يصاحبها من إغراء وتشجيع وعدم وازع من دين أو سلطة قل من ينجو من شباكها ويسلم من شرورها .. وهؤلاء بعد إكمال دراستهم وعودتهم إلى بلادهم وتسلمهم المناصب الكبيرة في الدولة أخطر من يطمئن المستعمر بعد رحيله ويضع الأمانة المشينة في أيديهم لينقذوها بكل دقة بل بوسائل وأساليب أشد عنفاً وقسوة من تلك التي سلكها المستعمر. وبعد أن قدم سماحته بالإسهاب والتفصيل خطورة الموقف في ظل الوقوع تحت وطأة الغزو الفكري والثقافي وكشف أساليب وأدواته يشير إلى الأسلحة الفعالة في المواجهة ويضف العلاج .. وفي هذا الصدد يقول : "أما الطريق إلى السلامة من هذا الخطر والبعد عن مساوئه وأضراره فيتلخص في إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة بكل اختصاصاتها للحد من الابتعاث إلى الخارج وتدريس العلوم بكافة أنواعها مع العناية بالمواد الدينية والثقافية والإسلامية في جميع الجامعات والكليات والمعاهد حرصاً على سلامة عقيدة الطلبة وصيانة أخلاقهم وخوفاً على مستقبلهم .. حتى يساهموا في بناء مجتمعهم على نور من تعاليم الشريعة الإسلامية وحسب حاجات ومتطلبات هذه الأمة المسلمة". الرياض : 29 / 1 / 1420هـ العدد : 11282 |
حوار مع سماحة الشيخ أجرته معه مجلة المجلة .
حوار مع سماحة الشيخ في أمور تتعلق بالحياة الشخصية والأمة الإسلامية أجرته معه مجلة المجلة . أ- أطول حديث صحفي مع سماحته أجرته جريدة عكاظ . ب- سماحة الشيخ في حديث خاص لمجلة الحرس الوطني حول : الأصولية ليست ذما . د- براءة جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام . هـ- كلمة سماحته في حفل تسلمه الجائزة . أ- حـوار مـع سماحة الشيـخ في أمـور تتعلق بالحياة الشخصية والأمـة الإسـلامية أدلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بأحاديث صحفية ، تركزت على نفسه ، أو على عائلته ، وأشار فيه إلى أمور هي مثار جدل في العالم الإسلامي . وفيما يلي نص الحديث : س1 : متى انتقلت عائـلة الباز إلى الرياض؟ ج1 : عائلتي وجماعتي أصلهم من الرياض ، أي : أن الآباء والأمهات والأجداد في الرياض ، وطائفة منهم في الحوطة ، وطائفة في الأحساء ، وطائفة في الحجاز ، وكلهم يرجعون لنفس العائلة ، وهناك ناس يقال لهم : آل باز في الأردن وفي مصر وفي بلاد العجم ولا نعرف عنهم شيئا ، ولكن بعضهم يدعي أنه من أهل البيت ، وهم الموجودون في الأردن . س2 : لأن وقتك للناس وليس لك ، فهل تلتقي بأبنائك وأحفادك كثيرا ؟ ج2 : ألتقي بهم بين وقت وآخر ، قد رتبت لهم بعض الليالي من الشهر لقراءة القرآن والسؤال عما يشكل عليهم ، ولكن قد تحصل عوارض تخل بالموعد ، لقد رتبنا لهم ليلتين في الشهر ، ليلة للإناث وليلة للذكور ، إلا أنه قد تحصل بعض الأشياء التي تعوق عن التنفيذ في بعض الأحيان . س3 : هل اخترت لأبنائك طريق الدراسة أم تركت لهم الحرية في اختيار ما يشاءون في تحصيل العلم ؟ ج3 : نشير عليهم بما نرى ، وقد تقبل الإشارة ، وقد يختار الفرد منهم شيئا آخر ، نشير عليهم بكلية الشريعة دائما وبعضهم قد يختار كلية أخرى . س4 : أي المدن تحب السكني فيها؟ أي تشعر فيها بالارتياح ؟ ج4 : الحمد لله كل مدن المملكة طيبة ، لكن أحبها إلينا مكة ، ثم المدينة ، ثم الرياض ، هذه أحسن ما في المملكة . س5 : وهل ترى بوجود حد لتعليم البنات؟ ج5 : لا ، ليس هناك حد ، بل يتعلمن حتى أعلى المراحل ليستفدن ويفدن . س6 : قبل سنة 1357 هجرية ، وقبل توليكم القضاء في الخرج ماذا كنتم تعملون ؟ ج6 : في طلب العلم في الرياض . س7 : إذا جاز لك أن تسمـي شيخا لك فمـن هـو شيخك ؟ ج7 : أفضلهم وأعلمهم الشيخ : محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله هو شيخنا ، وهو الذي علمنا وتخرجنا على يديه ، وهو أعلمهم وأفضلهم ، وقرأنا على غيره من المشايخ من آل الشيخ وغيرهم ، مثل : الشيخ صالح بن عبد العزيز قاضي الرياض ، والشيخ : محمد بن عبد اللطيف رحمه الله . من المدرسين في الرياض ، وقرأنا على الشيخ : سعد بن حمد بن عتيق القاضي في الرياض رحمه الله ، وقرأنا على الشيخ : سعد وقاص التجويد في مكة ، رحمه الله . س8 : هـل يحفظ سماحتـكم شيئا مـن الشعـر؟ ألاحظ أحيانا بعض الفتاوى فيها استشهادات من الشعـر . ج8 : لا أعتني بالشعر ، هي أشياء قد تأتي . لكن ليس لي عناية بالشعر . س9 : هل هناك فتاوى معينة أصدرتها في فترات سابقة ثم تراجعت عنها بعدما تبين لك مـزيد من الأدلة؟ ج9 : لا أتذكر شيئا ، ربما يكون هناك ، لكن لا أتذكر . س10 : وهـل تـذكرون أول فتـوى في حياتكم؟ ج10 : لا نتذكر شيئا ، نفتي منذ أكثر من خمسين أو ستين سنة ، نسأل الله حسن الخاتمة . س11 : حينما كنت قاضيا في الخرج سنة 1357 هـ ذاع صيتك بين طلبة العلم وقصدوك ، ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ ج11 : لأنني رتبت الدروس للطلبة في كتب العقيدة ، وكتب الحديث الشريف ، وكتب الفقه ، وكتب النحو ، ورتبنا لهم مساعدات شهرية على حساب المحسنين ، فاجتمع جمع غفير من داخل المملكة وخارجها في العقد السابع من القرن الرابع عشر ونحن في الخرج والدلم ، ثم انتقلنا للرياض ، وصارت الدروس في الرياض ، ثم انتقلنا إلى المدينة وصارت الدروس في المدينة في المسجد النبوي . س12 : كيف ترون الآن الاختلافات بين القضاء في تلك الفترة والقضاء في هذه الأيام؟ ج12 : أهل القضاء أعلم بهذا ، الله يعينهم ، ونسأل الله لهم العون والتوفيق ، لكن لا شك أن الأمر أشد الآن . لتغير أحوال الناس ، وكثرة الجهل ، وكثرة الحيل والمكر ، كل هذا يسبب شدة في القضاء وتعبا على القاضي ، نسأل الله لهم العون والتوفيق س13 : تعلمون كثرة القضايا والمشاكل بين الناس من ازدحام المدن ونموها ، فهل تؤيدون استخدام الحاسب الآلي لحفظ القضايا والصكوك بدلا من تعرضها للتلف والضياع ؟ ج13 : على كل حال استعمال الحاسب الآلي مفيد للقضاة وفي القضايا ، لكن الصكوك التي درج عليها الأولون كافية ، وإذا أعطوا الخصم صكا بحقه الذي له سوف يحفظه ، لكن الحاسب الآلي قد يضيع الصك أو ما شابه ذلك ، إلا أنهم قد ينتفعون بالحاسب الآلي س14 : كثير من الناس يعجزون عن تبيان حجتهم أو استجماع أدلتهم ، فهل تؤيدون نظام المرافعات ؟ ج14 : هذا ممكن الاستغناء عنه بالوكيل ، والذي عنده عجز في الدعوى يمكن أن يوكل من هو خير منه وأقوى منه . س15 : سماحتكم توليتم القضاء في سن مبكرة ، في سن السابعة والعشرين تقريبا ، أليست هذه سنا مبكرة لتولي القضاء؟ ج15 : تولى القضاء قبلي من هم أقل مني سنا . س16 : سماحتكم تنقلتم بين القضاء والتعليم والإفتاء ورئاسة هيئة البحوث ، أي من هذه الأماكن وجدتم فيها دورا أفضل لكم؟ ج16 : لا أستطيع أن أحكم على شيء في هذا ، كلها بحمد الله خير ، وكلها بحمد الله فعلنا فيها ما نستطيع من الخير ، وبذلنا فيها ما نقدر عليه من الخير ، ونسأل الله أن يتقبل الأعمال ، وأن يعفو عن السيئات والتقصير ، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم ما قدمنا من خير ، وأن يعفو عن السيئات والزلل . س17 : لا شك أنه تصلكم أخبار عن أناس خارج البلاد يتهمون سماحتكم بالتعصب فما ردكم على مثل هـؤلاء؟ بمعنى : أنهم يقـولون : هذه الدولة وهابية ، وأن الشيخ ابن باز متعصب ، بماذا تـرد على هؤلاء؟ ج17 : لا أعلم أنه وردني في هذا شيء لكن لا يستبعد ، وقد رمي الأنبياء بأكبر من هذا ، رمي الأنبياء والسلف الصالح من أعداء الله ومن الجهال ، وأنا والحمد لله لست بمتعصب ، ولكن أحكم الكتاب والسنة ، وأبني فتاواي على ما قاله الله ورسوله ، لا على تقليد الحنابلة ولا غيرهم ، الفتاوى التي تصدر مني إنما أبنيها على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة حسب ما ظهر لي ، وهذا هو الذي سرت عليه منذ عرفت العلم ، منذ أن كنت في الرياض قبل القضاء وبعد القضاء ، وكذلك في المدينة ، وما بعد المدينة ، وإلى الآن والحمد لله . س18 : سماحتكم أميـل للحديث في الدراسـة ؟ ج18 : ( مقاطعا ) لا بد من الحديث ، الحديث سمعناه مع القرآن ، وكما قال الله جل وعلا : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فالرد إلى الله الرد إلى القرآن ، والرد إلى الرسول الرد إليه في الحياة وإلى السنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلا علم ولا فتوى إلا عن طريق القرآن والحديث ، هذا هو العلم ، أما التقليد فليس بعلم س19 : ولا تميـل إلى كتب الفقه كثيـرا ؟ ج19 : نطلع عليها ونستفيد منها ، نستفيد من كتب العلم ، كتب الفقهاء نقرؤها ونستفيد منها ، ولا سيما كتب الخلاف ، والكتب التي تقيم الأدلة ، نعتمد على الله ثم عليها في أخذ العلم؛ لأنها تأتي بالأدلة من القرآن والسنة وترجح . س20 : تحفظـون عن ظهـر قلب عددا من أمهات الكتب ؟ ج20 : لا ، لا أحفظها ، قرأنا الكثير ولكن لا أحفظ منها الشيء الكثير ، قرأنا البخاري ومسلم مرات ، قرأنا سنن النسائي وأكملناها ، وسنن أبي داود وما أكملناها ، قرأنا سنن الترمذي وأكملناها ، قرأنا سنن ابن ماجة لكن ما أكملناها ، قرأنا جملة كبيرة من مسند الإمام أحمد ، والدارمي ، وصحيح ابن خزيمة ، نسأل الله أن يتقبل وينفع بالأسباب . س21 : سمعنا أنكم تعرضتـم لمحاولة اغتيال منـذ سنـوات؟ ج1 : لا صحة لهذا س22 : ترد عليكم كثير من القضايا المستجدة ، خاصة بعض المسائل العلمية ، فهل هناك أشخاص معينون تلتقون بهم وتستأنسون برأيهم؟ ج22 : عندنا اللجنة الدائمة وأنا رئيسها منذ عام 1395 هجرية إلى الآن ، ولها إحدى وعشرون سنة ، وهي لجنة الإفتاء في دار الإفتاء ، نتشاور وإياهم في القضايا التي ترد ، ونصدر الفتوى إما جميعا أو بالأكثرية تارة وتارة ، وتارة تكون الفتوى مني وحدي . س23 : لكن إذا وردت مسـألة تتعلق باختـراع جديـد أو مسـألة طبيـة؟ ج23 : ندرسها جميعا ونستعين بأهل الخبـرة فيها . س24 : شيخ عبد العزيز في فتاويكم توجد أحيانا لغة مختلفة ، فهل تكتب بعض الفتاوى أو النصائح قبلا ثم تصادق عليها ، أم أنك تمليها جميعا إملاء؟ ج24 : نمليها كلها إملاء ، ثم تقرأ علينا جميعا لنصادق عليها . س25 : يلاحظ في هذه الفترة أن بعض طلبة العلم يتطاولون على كبار المشايخ إذا لم يقولوا ما يتفق مع أهوائهم أو رغباتهم أو معتقداتهم ما رأيك؟ ج25 : نسأل الله لنا ولهم الهداية ، والواجب على أهل العلم وعلى غيرهم الحذر من الغيبة ، واحترام أعراض المسلمين ، والحذر من النميمة ، كل هذه يجب الحذر منها ، فالغيبة والنميمة من أقبح الخصال ، فالواجب على المسلم : الحذر منهما جميعا ، فالغيبة : ذكرك أخاك بما يكره ، والنميمة : نقل الكلام السيئ من قوم إلى قوم ، أو من شخص إلى شخص . لأن هذا يثير العداوة والشحناء ، والواجب على كل مسلم أن يحذر الغيبة والنميمة ، وأن يحترم أعراض المسلمين ولا سيما أهل العلم ، يحترم أعراضهم ، ويحذر من الكلام في أعراضهم ، وأما من أظهر المنكر أو البدعة فلا غيبة له فيما أظهر وبين . س26 : زراعة الأعضاء البشرية تسهم في إنقاذ حياة الكثيرين من الناس ما رأيكم فيها؟ ج26 : عندي فيها توقف؛ لأن المسلم محترم ، وتقطيع أعضائه فيه ضرر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : كسر عظم الميت ككسره حيا فأنا عندي توقف في شرائها وفي التبرع بها . س27 : توقف وليس تحريما؟ ج27 : نعم ، لي توقف فيها ، بعض أهل العلم أجازوا ذلك . للمصلحة ، ولأنها تكون ترابا بعد الدفن ، والبعض منهم توقفوا في ذلك ، وأنا من المتوقفين في جواز هذا الأمر . س28 : سماحة الشيخ حركة ( الإخوان المسلمين ) دخلت المملكة منذ فترة وأصبح لها نشاط واضح بين طلبة العلم ، ما رأيكم في هذه الحركة؟ وما مدى توافقها مع منهج السنة والجماعة؟ ج28 : حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم؛ لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله إنكار الشرك وإنكار البدع ، لهم أساليب خاصة ينقصها عدم النشاط في الدعوة إلى الله ، وعدم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة . فينبغي للإخوان المسلمين أن تكون عندهم عناية بالدعوة السلفية ، الدعوة إلى توحيد الله ، وإنكار عبادة القبور والتعلق بالأموات والاستغاثة بأهل القبور كالحسين أو الحسن أو البدوي ، أو ما أشبه ذلك ، يجب أن يكون عندهم عناية بهذا الأصل الأصيل ، بمعنى لا إله إلا الله ، التي هي أصل الدين ، وأول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم في مكة دعا إلى توحيد الله ، إلى معنى لا إله إلا الله ، فكثير من أهل العلم ينتقدون على الإخوان المسلمين هذا الأمر ، أي : عدم النشاط في الدعوة إلى توحيد الله ، والإخلاص له ، وإنكار ما أحدثه الجهال من التعلق بالأموات والاستغاثة بهم ، والنذر لهم والذبح لهم ، الذي هو الشرك الأكبر ، وكذلك ينتقدون عليهم عدم العناية بالسنة : تتبع السنة ، والعناية بالحديث الشريف ، وما كان عليه سلف الأمة في أحكامهم الشرعية ، وهناك أشياء كثيرة أسمع الكثير من الإخوان ينتقدونهم فيها ، ونسأل الله أن يوفقهم ويعينهم ويصلح أحوالهم . س29 : تعرفون سماحتكم أن كثيرا من المؤلفات المدرسية ساهم في تأليفها عدد من الإخوان المسلمين منذ الستينات فهل يتوجب إعادة طباعة ودراسة هذه المؤلفات المدرسية؟ ج29 : لا أعرف عنها شيئا ، ولأنني مشغول لم أقرأها . أسمع عن دعوة الإخوان المسلمين ، وعدم نشاطهم فيما يتعلق بالعقيدة ، ولكني لم أقرأ قراءة كافية في كتبهم وما جمعوا ، لا من جهة الشيخ حسن - يرحمه الله - ولا غيره . س30 : ما رأيكم في الحوار الإسلامي المسيحي الآن؟ ج30 : إذا دعت له الحاجة فلا مانع منه ، إذا كان المحاور عنده علم وبصيرة بالكتاب والسنة فلا مانع من الحوار؛ لإظهار الحق والدعوة إليه وكشف الباطل . س31 : إلى أي حد تعتقد أن التسامح يمكن أن يحكم العلاقات الإسلامية والدول الإسلامية بعضها مع بعض؟ ج31 : التسامح يجب أن يكون مقيدا بالكتاب والسنة ، أي : التسامح فيما أباحه الشرع . والواجب على ولاة الأمور في الدول العربية والإسلامية التناصح ، وأن يحكموا شريعة الله في عباد الله ، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ، وأن لا يتساهلوا فيما شرعه الله ، بل يجب عليهم أن يحكموا شرع الله ، وأن ينقادوا لشرع الله ، وأن يلزموا شعوبهم بشرع الله ، وهذا هو طريق النجاة وطريق العزة والنصر وطريق جمع الكلمة ، أما التسامح فيما سوى ذلك ، كالتسامح في الديون التي على بعضهم للبعض أو مساعدة بعضهم لبعض ، أو ما أشبهه من الأمور التي يجيزها الشرع فلا بأس . |
أطول حديث صحفي نشر في عكاظ
أطول حديث صحفي نشر في عدد عكاظ رقم 8658 الصادر يوم الأربعاء ( 2 رمضان 1410 هـ - 28 مارس 1990 م ) حوار هام ينشر لأول مرة مع عكاظ . ابن باز . . الداعية . . المفتي الإمام : * فقدت بصري بعد 20 سنة من النور . * العالم بحاجة إلى دعوة إسلامية عصرية على كل المستويات . * الغزو الثقافي أخطر استعمار تواجهه الأمة الإسلامية . * التحكيم بالشريعة المخرج الوحيد لنهوض العالم الإسلامي . * الدعوة مطلوبة في كل الأماكن بالحكمة والكلمة الطيبة والأسلوب الحسن . * العلماء والدعاة مدعوون لاستثمار الصحوة الإسلامية المباركة . * الإذاعة والتلفزة والصحافة وسائل هامة للدعوة إلى الله . * الاستعمار يسيطر على العقول الإسلامية عبر المناهج الدراسية الضعيفة . * الانبهار بالغرب والدراسة في جامعاتهم من أخطر أساليب الغزو . * جميع العلماء والحكام المسلمين مطالبون بمواجهة الدعوات الهدامة . * توفير الاحتياجات التعليمية يحد من الابتعاث للخارج . الجانب الآخر : * كبار المشايخ والعلماء علموني العلوم الشرعية والعربية . * لازمت الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف عشر سنوات وتعلمت الكثير . * اشتغلت بالقضاء والتدريس ورئاسة الجامعة والإفتاء أكثر من نصنف قرن . الحوار مع سماحة الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز ليس حوارا عاديا . . ليس لأن سماحته - حفظه الله - يكتسب هذه المكانة البارزة والمتفردة بين علماء العالم الإسلامي وليس لجهاده الشاق والطويل في سبيل الدعوة إلى الله فقط وإنما لما تنطوي عليه شخصيته الفذة من خصائص فريدة ونادرة قل أن يوجد مثلها في رجال هذا العصر . ومن المسلمات أن نقول أن الشيخ الجليل - ولا نزكي على الله أحدا - قد برز في خدمة الدين منذ نعومة أظفاره حتى أنه حفظ القرآن الكريم قبل البلوغ وحفظ عددا من كتب الحديث والعلوم الشرعية قبل أن يحرمه الله نعمة البصر وهو ابن العشرين وينعم الله عليه بنعمة البصيرة - مد الله في عمره - ومع ذلك فلم يتوان أن يتقهقر عن الطريق الذي شهد بداياته الأولى بعينه وعقله وقلبه وإنما انطلق كالسهم متجاوزا حدود إعاقته إلى التفوق والبروز ( فقضى ) بين الناس فترة من الزمن وكان له أسلوبه واجتهاده المميز ثم درس حقبة أخرى من الزمن وبعد ذلك اشتغل بتأسيس الجامعة الإسلامية ثم اختير لمهمة الإفتاء واشتراك سماحته بجهده الكبير في عدد من الهيئات واللجان بعضويات فاعلة فكان ثمارها هذا الخير الكبير الذي نلمس صداه في العالم الإسلامي . الشيء الذي لم يذكره شيخنا الجليل وقد لا يعلمه الكثير هو أن ما عدده سماحته من عطاءات كبيرة يبذلها في سبيل الجليل ما هي إلا جزء يسير مما يقوم به - حفظه الله - . من أجل نصرة هذا الدين فنحن لا نذيع سرا إذا قلنا أن الثانية في زمن الشيخ ابن باز تعني الشيء الكثير والكثير جدا من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين نظرا لما يقوم به من أدوار هامة جدا . . وهذا ما قد يشفع لنا عدم استيفاء كافة الجوانب في حياة الشيخ الجليل - أمد الله في عمره - ونفع به الإسلام والمسلمين . . فإلى الحوار السبق الذي حظينا به : ذهب البصر . . وبقيت البصيرة : سماحة الشيخ لتسمح لنا ببعض الأسئلة التي قد تبدو في ظاهرها شخصية . لكننا نلتمس منها إعطاء القدوة وخاصة للشباب . . وبداية نود أن نتعرف على نشأتكم وطفولتكم ومسيرتكم التعليمية كيف كانت؟ أنا عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز . ولدت بمدينة الرياض في ذي الحجة سنة 1330 هـ وكنت بصيرا في أول الدراسة ثم أصابني المرض في عيني عام 1346 هـ فضعف بصري بسبب ذلك ثم ذهب بالكلية في مستهل المحرم من عام 1350 هـ والحمد لله على ذلك . وأسأل الله جل وعلا أن . يعوضني عنه بالبصيرة في الدنيا والجزاء الحسن في الآخرة . كما وعد بذلك سبحانه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، كما أسأله سبحانه أن يجعل العاقبة حميدة في الدنيا والآخرة . وقد بدأت الدراسة منذ الصغر وحفظت القرآن الكريم قبل البلوغ ثم بدأت في تلقي العلوم الشرعية والعربية على يدي كثير من علماء الرياض من أعلامهم : * الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله . * الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب . قاضي الرياض رحمهم الله . * الشيخ سعد بن حمد بن عتيق . قاضي الرياض . * الشيخ حمد بن فارس . وكيل بيت المال بالرياض . * الشيخ سعد بن وقاص البخاري ( من علماء مكة المكرمة ) أخذت عنه علم التجويد في عام 1355 هـ * سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ . وقد لازمت حلقاته نحوا من عشر سنوات وتلقيت عنه جميع العلوم الشرعية ابتداء من سنة 1347 هـ - إلى سنة 1357 هـ حيث رشحت للقضاء من قبل سماحته . جزى الله الجميع أفضل الجزاء وأحسنه وتغمدهم جميعا برحمته ورضوانه . من القضاء إلى الإفتاء وما هي أهم المنجزات الرئيسية التي شاركتم بها في حياتكم العملية؟ وما هي أبرز مؤلفات سماحتكم؟ لقد توليت عدة أعمال هي : القضاء في منطقه الخرج مدة طويلة استمرت أربعة عشر عاما وأشهرا وامتدت بين سنة 1357 هـ إلى عام 1371 هـ . . وقد كان التعيين في جمادى الآخرة من عام 1357 هـ وبقيت إلى نهاية عام 1371 هـ . التدريس في المعهد العلمي بالرياض سنة 1372 هـ وكلية الشريعة بالرياض بعد إنشائها سنة 1373 هـ في علوم الفقه والتوحيد والحديث واستمر عملي على ذلك تسع سنوات . انتهت في عام 1380 هـ . عينت في عام 1381 هـ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وبقيت في هذا المنصب إلى عام 1390 هـ . توليت رئاسة الجامعة الإسلامية في سنة 1390 هـ بعد وفاة رئيسها شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في رمضان عام 1389 هـ وبقيت في هذا المنصب إلى سنة 1395 هـ . وفي 14 / 10 / 1395 هـ صدر الأمر الملكي بتعييني في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير ولا أزال إلى هذا الوقت في هذا العمل أسأل الله العون والتوفيق والسداد. ولي إلى جانب هذا العمل في الوقت الحاضر عضوية في كثير من المجالس العلمية والإسلامية من ذلك : * عضوية هيئة كبار العلماء بالمملكة . * رئاسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الهيئة المذكورة . * عضوية ورئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي . * رئاسة المجلس الأعلى العالمي للمساجد . * رئاسة المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي . * عضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة . * عضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية في المملكة . * أما مؤلفاتي فمنها : الفوائد الجلية في المباحث الفرضية . التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة . توضيح المناسك . . التحذير من البدع . ويشتمل على أربعة مقالات مفيدة بحكم الاحتفال بالمولد النبوي وليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان وتكذيب الرؤيا المزعومة من خادم الحجرة النبوية المسمى الشيخ أحمد رسالتان موجزتان في الزكاة والصيام . العقيدة الصحيحة وما يضادها . وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها . الدعوة الى الله وأخلاق الدعاة . وجوب تحيكم شرع الله ونبذ ما خالفه . حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار . نقد القومية العربية . الجواب المفيد في حكم التصوير . الشيخ محمد بن عبد الوهاب " دعوته وسيرته " . ثلاث رسائل في الصلاة : 1- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم 2- وجوب أداء الصلاة في جماعة . 3- أين يضع المصلي يديه حين الرفع من الركوع . حكم الإسلام في من طعن في القرآن أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم حاشية مفيدة على فتح الباري وصلت فيها إلى كتاب الحج . رسالة الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب . إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين . الجهاد في سبيل الله . الدروس المهمة لعامة الأمة . فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة . وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة . الدعوة فريضة : * نود من سماحتكم أن تبينوا لنا حكم الدعوة إلى الله عز وجل وأوجه الفضل فيها ؟ * أما حكمها ، فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله عز وجل وأنها من الفرائض ، والأدلة في ذلك كثيرة . . منها قوله سبحانه : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ومنها قوله جل وعلا : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ومنها قوله عز وجل : وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ومنها قوله سبحانه : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي فبين سبحانه أن أتباع الرسول هم الدعاة إلى الله . وهم أهل البصائر والواجب كما هو معلوم هو اتباعه . والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا وصرح العلماء أن الدعوة إلى الله عز وجل فرض كفاية بالنسبة إلى الأقطار التي يقوم فيها الدعاة . فإن كل قطر وكل إقليم يحتاج إلى الدعوة وإلى النشاط فيها ، فهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ذلك الواجب ، وصارت الدعوة في حق الباقين سنة مؤكدة ، وعملا صالحا جليلا . وإذا لم يقم أهل الإقليم ، أو أهل القطر المعين بالدعوة على التمام صار الإثم عاما ، وصار الواجب على الجميع وعلى كل إنسان أن يقيم . بالدعوة حسب طاقته وإمكانه ، أما بالنظر إلى عموم البلاد ، فالواجب أن يوجد طائفة منتصبة تقوم . بالدعوة إلى الله جل وعلا في أرجاء المعمورة . تبلغ رسالات الله ، وتبين أمر الله عز وجل بالطرق الممكنة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث الدعاة ، وأرسل الكتب إلى الناس ، وإلى المملوك والرؤساء ودعاهم إلى الله عز وجل . الوسائل ميسرة والواجب أعظم : * واقع الدعوة الآن كيف تقيمونه وما هي المحاور التي يجب التركيز عليها في ظل المستجدات الحالية والتحديات المعاصرة؟ ** في وقتنا الحاضر يسر الله عز وجل أمر الدعوة أكثر بطرق لم تحصل لمن قبلنا ، فأمور الدعوة اليوم متيسرة أكثر وذلك بواسطة طرق كثيرة . وإقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة مثلا عن طريق الإذاعة ، وعن طريق التلفزة ، وعن طريق الصحافة ، وهناك طرق شتى ، فالواجب على أهل العلم والإيمان ، وعلى خلفاء الرسول أن يقوموا بهذا الواجب ، وأن يتكاتفوا فيه ، وأن يبلغوا رسالات الله إلى عباد الله ، ولا يخشون في الله لومة لائم ، ولا يحابون في ذلك كبيرا ولا صغيرا ولا غنيا ولا فقيرا ، بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله ، كما أنزل الله ، وكما شرع الله ، وقد يكون ذلك فرض عين إذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنه يكون قرض عين ، . ويكون فرض كفاية ، فإذا كنت في مكان ليس فيه من يقوى على هذا الأمر ، ويبلغ أمر الله سواك ، فالواجب عليك أنت أن تقوم بذلك ، فأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ ، والأمر والنهي غيرك ، فإنه يكون حينئذ في حقك سنة؛ وإذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك - منافسا في الخيرات ، وسابقا إلى الطاعات ، ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ الآية قال الحافظ ابن كثير عند هذه الآية وجماعة ما معناه . " ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر ، العظيم ، تدعوا إلى الله ، وتنشر دينه ، وتبلغ أمره سبحانه وتعالى . ومعلوم أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله . وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته ، وقام الصحابة كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك حسب طاقتهم . ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة أكثر وأبلغ ، ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قاموا بذلك أيضا رضي الله عنهم وأرضاهم . كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه ، فعند قلة الدعاة ، وعند كثرة المنكرات ، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم ، تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته . وإذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها من تولى هذا الأمر . وقام به وبلغ أمر الله . كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة ، لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على من سواه . ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله ، وإلى بقية الناس ، يجب على العلماء حسب طاقتهم ، وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم ، أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون . وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة . وبهذا يعلم أن كونها فرض عين ، وكونها فرض كفاية ، أمر نسبي يختلف ، فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام لأنه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم ، أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ومن لهم القدرة الواسعة ، فعليهم من الواجب أكثر ، وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى ما استطاعوا من الأقطار حسب الإمكان بالطرق الممكنة ، وباللغات الحية التي ينطق بها الناس يجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل أحد باللغة التي يعرفها ، باللغة العربية وبغيرها ، فإن الأمر الآن ممكن وميسور بالطرق التي تقدم أنها ، طرق الإذاعة والتلفزة والصحافة وغير ذلك من الطرق التي تيسرت اليوم ولم تتيسر في السابق ، كما أنه يجب على الخطباء في الاحتفالات وفي الجمع وفي غير ذلك أن يبلغوا ما استطاعوا من أمر الله عز وجل ، وأن ينشروا دين الله حسب طاقتهم ، وحسب علمهم ونظرا إلى انتشار الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد وإنكار رب العباد وإنكار الرسالات وإنكار الآخرة وانتشار الدعوة النصرانية في الكثير من البلدان ، وغير ذلك من الدعوات المضللة ، نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله عز وجل اليوم أصبحت فرضا عاما ، وواجبا على جميع العلماء ، وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالإسلام ، فرض عليهم أن يبلغوا دين الله حسب الطاقة ، والإمكان بالكتابة والخطابة وبالإذاعة وبكل وسيلة استطاعوا ، وأن لا يتقاعسوا عن ذلك ، أو يتكلوا على زيد أو عمرو ، فان الحاجة بل الضرورة ماسة اليوم إلى التعاون والاشتراك ، والتكاتف في هذا الأمر العظيم أكثر مما كان قبل ذلك لأن أعداء الله قد تكاتفوا وتعاونوا بكل وسيلة ، للصد عن سبيل الله والتشكيك في دينه ، ودعوة الناس إلى ما يخرجهم من دين الله عز وجل ، فوجب على أهل الإسلام أن يقابلوا هذا النشاط الملحد بنشاط إسلامي ، وبدعوة إسلامية على شتى المستويات ، وبجميع الوسائل وبجميع الطرق الممكنة وهذا من باب أداء ما أوجب الله على عباده من الدعوة إلى سبيله . توفير البديل الإسلامي : * وكيف تستطيع المجتمعات الإسلامية أن تحارب الغزو الثقافي الغربي . والشرقي الذي تواجهه في وقتنا الحاضر؟ ** مما لا شك فيه أن أخطر ما تواجهه المجتمعات الإسلامية في الوقت الحاضر هو ما يسمى بالغزو الثقافي بأسلحته الممنوعة من كتب وإذاعات وصحف ومجلات وغير ذلك من الأسلحة الأخرى ، ذلك أن الاستعمار في العصر الحديث قد غير من أساليبه القديمة لما أدركه من فشلها وعدم فعاليتها ومحاربة الشعوب واستماتتها في الدفاع عن دينها وأوطانها ومقدراتها وتراثها حيث أن الأخذ بالقوة وعن طريق العنف والإرهاب مما تأباه الطباع وتنفر منه النفوس لا سيما في الأوقات الحاضرة بعد أن انتشر الوعي بين الناس واتصل الناس بعضهم ببعض وأصبحت هناك منظمات وهيئات كثيرة تدافع عن حقوق الشعوب وترفض الاستعمار عن طريق القوة. وتطالب بحق تقرير المصير لكل شعب وأن لأهل كل قطر حقهم الطبيعي في سيادتهم على أرضهم واستثمار مواردهم وتسيير دفة الحكم في أوطانهم حسب ميولهم ورغباتهم في الحياة وحسب ما تدين به تلك الشعوب من معتقدات ومذاهب وأساليب مختلفة للحكم مما اضطر معه إلى الخروج عن هذه الأقطار بعد قتال عنيف وصدامات مسلحة وحروب كثيرة دامية . ولكن الاستعمار قبل . أن يخرج من هذه الأقطار فكر في عدة وسائل واتخذ كثيرا من المخططات بعد دراسة واعية . وتفكير طويل وتصور كامل لأبعاد هذه المخططات ومدى فعاليتها وتأثيرها والطرق التي ينبغي أن تتخذ للوصول إلى الغاية التي يريد وأهدافه تتلخص في إيجاد مناهج دراسية على صلة ضعيفة بالدين ، مبالغة في الدهاء والمكر والتلبس ركز فيها على خدمة أهدافه ونشر ثقافته وترسيخ الإعجاب بما حققه في مجال الصناعات المختلفة والمكاسب المادية في نفوس أغلب الناس حتى إذا ما تشربت بها قلوبهم وأعجبوا بمظاهر بريقها ولمعانها وعظيم ما حققته وأنجزته من المكاسب الدنيوية والاختراعات العجيبة ، لا سيما في صفوف الطلاب والمعلمين الذين لا يزالون في سن المراهقة والشباب . اختار جماعة منهم ممن انطلى عليهم سحر هذه . الحضارة لإكمال تعليمهم في الخارج في الجامعات الأوربية والأمريكية وغيرها حيث يواجهون هناك بسلسلة من الشبهات والشهوات على أيدي المستشرقين والملحدين بشكل منظم وخطط مدروسة ، وأساليب ملتوية في غاية المكر والدهاء ، وحيث يواجهون الحياة الغربية بما فيها من تفسخ وتبذل وخلاعة وتفكك ومجون وإباحية . وهذه الأسلحة وما يصاحبها من إغراء وتشجيع ، وعدم وازع من دين أو سلطة ، قل من ينجو من شباكها ويسلم من شرورها . وهؤلاء بعد إكمال دراستهم وعودتهم إلى بلادهم . أخطر من يطمئن إليهم المعتمر بعد رحيله ويضع الأمانة الخسيسة في أيديهم لينفذوا بكل دقة ، بل بوسائل وأساليب أشد عنفا وقسوة من تلك التي سلكها المستعمر ، كما وقع ذلك فعلا في كثير من البلاد التي ابتليت بالاستعمار أو كانت على صلة وثيقة به . أما الطريق إلى السلامة من هذا الخطر والبعد عن مساوئه وأضراره فيتلخص في إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة بكافة اختصاصاتها للحد من الابتعاث إلى الخارج ، وتدريس العلوم بكافة أنواعها مع العناية بالمواد الدينية والثقافية الإسلامية في جميع الجامعات والكليات والمعاهد حرصا على سلامة عقيدة الطلبة ، وصيانة أخلاقهم ، وخوفا على مستقبلهم . وحتى يساهموا في بناء مجتمعهم على نور من تعاليم الشريعة الإسلامية وحسب حاجات ومتطلبات هذه الأمة المسلمة ، والواجب التضييق من نطاق الابتعاث إلى الخارج وحصره في علوم معينة لا تتوافر في الداخل . الدواء في تحكيم الشرع : * كيف ترون سماحتكم الدواء الناجح للعالم الإسلامي للخروج به من الدوامة التي يوجد فيها في الوقت الحاضر ؟ ** إن الخروج بالعالم الإسلامي من الدوامة التي هو فيها من مختلف المذاهب والتيارات العقائدية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ، إنما يتحقق بالتزامهم بالإسلام ، وتحكيمهم شريعة الله في كل شيء . وبذلك تلتئم الصفوف وتتوحد القلوب . وهذا هو الدواء الناجع للعالم الإسلامي ، بل للعالم كله ، مما هو فيه من اضطرابات واختلاف ، وقلق وفساد وإفساد كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وقال عز وجل وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ وقال سبحانه وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا الآية وقال سبحانه : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا والآيات في هذا المعنى كثيرة . ولكن ما دام أن القادة إلا من شاء الله منهم يطلبون الهدى والتوجيه من غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحكمون غير شريعته ، ويتحاكمون ، إلى ما وضعه أعدائهم لهم ، فإنهم لن يجدوا طريقا للخروج مما هم فيه من التخلف والتناحر فيما بينهم ، واحتقار أعدائهم لهم ، وعدم إعطائهم حقوقهم : وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ فنسأل الله أن يجمعهم على الهدى ، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم ، وأن يمن عليهم بتحكيم شريعته والثبات عليها ، وترك ما خالفها ، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . الاستقامة : * كيف ترون سماحتكم المدخل لكي يتجنب الشباب الوقوع تحت وطأة مغريات هذا العصر ويتجه الوجهة الصحيحة ؟ ** إن الطريق الأمثل ليسلك الشباب الطريق الصحيح في التفقه في دينه والدعوة إليه هو أن يستقيم على المنهج القويم بالتفقه في الدين ودراسته ، وأن يعنى بالقرآن الكريم والسنة المطهرة ، وأنصحه بصحبة الأخيار والزملاء الطيبين من العلماء المعروفين بالاستقامة حتى يستفيد منهم ومن أخلاقهم كما أنصحه بالمبادرة بالزواج ، وأن يحرص على الزوجة الصالحة لقوله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء التقبل أكبر : * وهل تعتقدون سماحتكم أن تقبل المجتمع للدعوة الآن أفضل من السابق بمعنى أنه لا يوجد اليوم ما يسمى " حائط الاصطدام بين الدعوة والمجتمع" ؟ ** الناس اليوم في أشد الحاجة للدعوة ، وعندهم قبول لها بسبب كثرة الدعاة إلى الباطل وبسب انهيار المذهب الشيوعي وبسبب هذه الصحوة العظيمة بين المسلمين ، فالناس الآن في إقبال على الدخول في الإسلام والتفقه في الإسلام حسب ما بلغنا في سائر الأقطار . ونصيحتي للعلماء والقائمين بالدعوة أن ينتهزوا هذه الفرصة وأن يبذلوا ما في وسعهم في الدعوة إلى الله وتعليم الناس ما خلقوا له من عبادة الله وطاعته مشافهة وكتابة وغير ذلك بما يستطيعه . العالم من خطب الجمعة والخطب الأخرى في الاجتماعات المناسبة وعن طريق التأليف ، وعن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، فالعالم أو الداعي إلى الله جل وعلا ينبغي له أن ينتهز الفرصة في تبليغ الدعوة في كل وسيلة شرعية ، وهي كثيرة والحمد لله فلا ينبغي التقاعس عن البلاغ والدعوة والتعليم ، والناس الآن متقبلون لما يقال لهم من خير وشر فينبغي لأهل العلم بالله ورسوله أن ينتهزوا الفرصة ويوجهوا الناس للخير والهدى على أساس متين من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن يحصر كل واحد من الدعاة على أن يكون قد عرف ما يدعو إليه عن طريق الكتاب والسنة ، وقد فقه في ذلك حتى لا يدعو على جهل ، بل يجب أن تكون دعوته على بصيرة ، قال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ فمن أهم الشروط أن يكون العالم أو الداعي إلى الله على بصيرة فيما يدعو إليه ، وفيما يحذر منه ، والواجب الحذر من التساهل في ذلك لأن الإنسان قد يتساهل في هذا ويدعو إلى باطل أو ينهى عن حق ، فالواجب التثبت في الأمور وأن تكون الدعوة على علم وهدى وبصيرة في جميع الأحوال . ليست المساجد فقط : * البعض يرى أن الدعوة لا بد أن تكون في المساجد فقط . . فما رأيكم؟ وما هي المجالات والأبواب التي يمكن للداعية أن يطرقها؟ ** الدعوة لا تختص بالمساجد فقط . فهناك مجالات وطرق أخرى . والمساجد لا شك أنها فرصة للدعوة كخطب الجمعة والخطب الأخرى والمواعظ في أوقات الصلوات . وفي حلقات العلم ، فهي أساس انتشار العلم والدين ، ولكن المسجد لا يختص وحده بالدعوة بل فالداعي إلى الله يدعو إليه في غير المساجد في الاجتماعات المناسبة أو الاجتماعات المعارضة ، فينتهزها المؤمن ويدعو إلى الله وعن طريق وسائل الإعلام المختلقة ، وعن طريق التأليف . . كل ذلك من بين طرق الدعوة ، والحكيم الذي ينتهز الفرصة في كل وقت وكل . مكان ، فإذا جمعه الله بجماعة في أي مكان وأي زمان وتمكن من الدعوة بذل ما يستطيع للدعوة إلى الله بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن . الحكمة للدين : * من واقع خبرتكم الطويلة في هذا المجال ما هو الأسلوب الأمثل للدعوة ؟ ** الأسلوب الأمثل ما بينه الله عز وجل واضح من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، يقول سبحانه وتعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ويقول تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ ويقول عز وجل في قصة موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى فالداعي إلى الله يتحرى الأسلوب الحسن والحكمة في ذلك وهي العلم بما قاله الله وورد في الحديث النبوي الشريف ، ثم الموعظة الحسنة والكلمات الطيبة التي تحرك القلوب وتذكرها بالآخرة والموت ، وبالجنة والنار حتى تقبل القلوب الدعوة وتقبل عليها وتصغي إلى ما يقوله الداعي وكذلك إذا كان هناك شبهة يتقدم بها المدعو عالجها بالتي هي أحسن ، وإزالتها لا بالشدة والعنف ولكن بالتي هي أحسن . فيذكر الشبهة ويزيحها بالأدلة ، ولا يمل ولا يضعف ولا يغضب غضبا ينفر الداعي بل يتحرى الأسلوب المناسب والبيان المناسب والأدلة المناسبة ، ويتحمل ما قد يثير غضبه لعله يؤدي موعظته بطمأنينة ورفق لعل الله يسهل قبولها من المدعو . * عن التعاون مع وسائل الإعلام . . وكيف يمكن تجاوز تلك الفجوة وإيجاد قناة مفتوحة بين الدعاة ووسائل الإعلام ؟ ** لا شك أن بعض أهل العلم قد يتساهل في هذا الأمر إما لمشاغل دنيوية تشغله وإما لضعف في العلم ، وإما أمراض تمنعه أو أشياء أخرى يراها وقد أخطأ فيها كأن يرى أنه ليس أهلا لذلك أو يرى أن غيره قد قام بالواجب وكفاه إلى غير هذا من الأعذار ونصيحتي لطالب العلم أن لا يتقاعس عن الدعوة ويقول هذا لغيري . بل يدعو إلى الله على حسب طاقته وعلى حسب علمه ولا يدخل نفسه في ما لا يستطيع ، بل يدعو إلى الله حسب ما لديه من علم ، ويجتهد في أن يقول بالأدلة وألا يقول على الله بغير علم ولا يحقر نفسه ما دام عنده علم وفقه في الدين فالواجب عليه أن يشارك في الخير من جميع الطرق في وسائل الإعلام وفي غيرها ، ولا يقول هذا لغيري فإن كل الناس إن تواكلوا . بمعنى كل واحد يقول هذه لغيري تعطلت الدعوة وقل الداعون إلى الله وبقي الجهلة على جهلهم وبقيت الشرور على حالها ، وهذا غلط عظيم ، بل يجب على أهل العلم أن يشاركوا في الدعوة إلى الله أينما كانوا في المجتمعات الأرضية ، والجوية ، وفي القطارات والسيارات ، وفي المراكب البحرية ، فكلما حصلت فرصة انتهزها طالب العلم في الدعوة والتوجيه ، فكلما شارك في الدعوة فهو على خير عظيم ، قال تعالى : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فالله سبحانه يقول ليس هناك قول أحسن من هذا ، والاستفهام هنا للنفي " أي لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله ، وهذه فائدة عظيمة ومنقبة كبيرة للدعاة إلى الله عز وجل ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : من دل على خير فله مثل أجر فاعله وقال عليه الصلاة والسلام : من دعا إلى هدى كان له أجر مثل أجور من تبعه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر : والله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم فلا ينبغي للعالم أن يزهد في هذا الخير أو يتقاعس عنه احتجاجا بأن فلانا قد قام بهذا . بل يجب على أهل العلم أن يشاركوا وأن يبذلوا وسعهم في الدعوة إلى الله أينما كانوا ، والعالم كله بحاجة إلى الدعوة مسلمة وكافره ، فالمسلم يزداد علما والكافر لعل الله يهديه فيدخل في . الإسلام دعوة للصحفيين والكتاب : * بعض الدعاة يحتجب عن المشاركة في وسائل الإعلام بسبب رفضه لسياسة الصحيفة والمجلة التي تعتمد على الإثارة في تسويق أعدادها؟ فما رأي سماحتكم؟ * الواجب على أصحاب الصحف أن يتقوا الله وأن يحذروا ما يضر الناس سواء كانت الصحف يومية أو أسبوعية أو شهرية ، وهكذا المؤلفون يجب أن يتقوا الله في مؤلفاتهم فلا يكتبوا ولا ينشروا بين الناس إلا ما ينفعهم ، ويدعوهم إلى الخير ويحذرهم عن الشر أما نشر صور النساء على الغلاف أو في داخل المجلات أو الصحف ، فهذا منكر عظيم وشر كبير يدعو إلى الفساد والباطل ، وهكذا نشر الدعوات العلمانية المضلة أو التي تدعو إلى غير ما حرم الله ، فكل هذا منكر عظيم ، ويجب على أصحاب الصحف أن يحذروا ذلك ومتى كتبوا هذه الأشياء كان عليهم مثل آثام من تأثر بهم ، فعلى صاحب الصحيفة الذي نشر هذا المقال السيئ سواء كان رئيس التحرير أو من أمره بذلك عليهم مثل آثام من ضل بهذه الأشياء وتأثر بها ، كما أن من نشر الخبر ودعا ومن هذا المنطق يجب على وسائل الإعلام التي يتولاها المسلمون أن ينزهوها عن ما حرم الله ، وأن يحذروا البث الذي يضر المجتمع حيث يجب أن تكون هذه الوسائل مركزة على ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم وأن يحذروا أن تكون عوامل هدم وأسباب إفساد لما يبث فيها . وكل واحد من المسئولين الإعلاميين مسئول عن هذا الشيء على حسب قدرته . ويجب على الدعاة أن يطرقوا هذا المجال فيما يكتبون . وفيما ينشرون ويحذروا من ما حرم الله عز وجل ، وهذا واجبهم في خطبهم وفي اجتماعاتهم مع الناس ، فكل المجالس مجالس دعوة أينما كان فهو في دعوة سواء في دينه أو في مجتمعه مع أي أحد ، فالواجب عليه أن يستغل هذه الوسائل - وسائل الإعلام - وينشر فيها الخير ولا يحتجب عنها . مواصفات الداعية الناجح : * ختاما . . كيف ترون سماحتكم الداعية الناجح . وما هي المواصفات التي يجب أن تتوفر فيه ويكون من شأنها زيادة فعالية الدعوة والتأثير على المدعوين؟ ** الداعية الناجح هو الذي يعني بالدليل ويصبر على الأذى ويبذل وسعه في الدعوة إلى الله مهما تنوعت الإغراءات ومهما تلوع من التعب ، ولا يضعف من أذى أصابه أو من أجل كلمات يسمعها بل يجب أن يصبر ويبذل وسعه في الدعوة من جميع الوسائل ولكن مع العناية بالدليل والأسلوب الحسن حتى تكون الدعوة على أساس متين يرضاه الله ورسوله والمؤمنون وليحذر من التساهل حتى لا يقول على الله بغير علم فيجب أن تكون لديه العناية الكاملة بالأدلة الشرعية وأن يتحمل في سبيل ذلك المشقة في كونه يدعو إلى الله عن طريق وسائل الإعلام أو عن طريق التعليم ، فهذا هو الداعية الناجح والمستحق للعناء الجميل ، ومنزلته عالية عند الله إذا كان ذلك عن إخلاص منه لله . |
سماحة الشيخ في حديث خاص لمجلة الحرس الوطني
سماحة الشيخ في حديث خاص لمجلة الحرس الوطني حول الأصولية ليست ذما أولويات الدعوة س 1 : سماحة الشيخ : الدعوة- إلى الإسلام رسالة عظيمة ، ترى ما الموضوعات التي ينبغي أن يتطرق إليها الداعية في وقتنا الحاضر ؟ ج 1 : الدعوة إلى الله وإلى الإسلام لا شك أنها دعوة الرسل عليهم السلام ، فقد أرسل الله جميع الرسل ، للدعوة إليه ، وأنزل الكتب السماوية التي أعظمها وأفضلها وخاتمها . القرآن الكريم ، وكلها للدعوة إلى الله والتبشير بالإسلام ، والتحذير من ضده ، والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والترهيب من سيئ الأخلاق وسيئ الأعمال . وأهم شيء في وقتنا هذا وفي غيره : الدعوة إلى توحيد الله ، وإخلاص العبادة له وحده ، وبيان أسمائه وصفاته ، والدعوة إلى إثباتها كما جاءت ، مع الإيمان بها ، وإثباتها لله سبحانه على الوجه الذي يليق بالله جل وعلا ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقوله سبحانه : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وقوله عز وجل : فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وقوله سبحانه : فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ والواجب على الدعاة إلى الله أن يعنوا بالتوحيد - أعني : توحيد الربوبية - وقد أقر به المشركون ، وهو : الإيمان بأن الله رب الجميع ، وخالق الجميع ، ورازق الجميع ، الحي القيوم ، النافع الضار ، هذا معروف عند المسلمين وغيرهم ، وقد عرفه أبو جهل وأشباهه من كفار قريش ، واحتج الله عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أنكروا من توحيد الألوهية . فالواجب على الدعاة إلى الله - أينما كانوا - أن يبينوا للناس حقيقة التوحيد التي بعث الله بها الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وأن يحذروهم من الشرك بالله وعبادة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات ، والنذر للأموات والذبح لهم والطواف . بقبورهم إلى غير ذلك مما يفعله المشركون اليوم . وهكذا دعوة الأصنام والأشجار والأحجار والجن والملائكة والأنبياء كل ذلك من الشرك بالله ، لا يجوز لأي إنسان أن يدعو ميتا أو شجرا أو حجرا أو صنما أو نجما أو غائبا من ملك أو جني أو غير ذلك ، بل هذا هو نفس الشرك الأكبر الذي قال الله فيه سبحانه : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وقال فيه سبحانه وتعالى إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ أما دعاء الحي الحاضر والاستغاثة به فيما يقدر فلا بأس بذلك ، لقول الله عز وجل في قصة موسى مع القبطي : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ الآية . ويجب على الداعية أن يبين للناس أن الواجب اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ، مع الإيمان به والشهادة بأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين الجن والإنس ، والإيمان بجميع المرسلين ، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله ، والإيمان بالآخرة والجنة والنار والقدر خيره وشره . ويجب على الداعية أن يبين هذه الأصول المهمة؛ من توحيد الله ، والإيمان به ، والإيمان برسله عليهم الصلاة والسلام ، . وعلى رأسهم خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام ، والإيمان باليوم الآخر ، وبالجنة والنار إلى غير هذا مما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بالملائكة جميعا ، وبالكتب المنزلة على الأنبياء ، وبالرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام ، وبالقدر خيره وشره ، ثم يدعو الناس بعد ذلك إلى الصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت وبر الوالدين وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عما حرم الله من سائر المعاصي مثل : الزنا ، والسرقة ، وظلم الناس في النفس والمال والعرض ، وتحريم الغيبة والنميمة ، وأكل الربا ، والكسب الحرام ، كل هذا من واجب الداعية إلى الله سبحانه وتعالى . نصيحتي إلى هؤلاء : س2 : يعم العالم الإسلام صحوة مباركة ، استبشر بها كل المسلمين ، غير أن هذه الصحوة لا تعنى بالفقه الشرعي ولا أصول العقيدة الإسلامية ، ما نصيحة سماحتكم لهذه الصحوة؟ ج 2 : نصيحتي لجميع المسلمين : الشباب المسلم ، وللشيب أيضا ، وللرجال والنساء ، نصيحتي للجميع : أن يعنوا بكتاب الله - القرآن الكريم - تلاوة وتدبرا وتعقلا وعملا ، وأن يسألوا عما أشكل عليهم ، وأن يراجعوا كتب التفسير المعتمدة ، كابن جرير ، وابن كثير ، والبغوي وغيرها من الكتب المعتمدة في التفسير ، حتى يعرفوا معاني كلام الله ، وحتى يستقيموا على ما دل عليه كتاب الله من توحيد الله ، والإخلاص له ، والقيام بأوامره ، وترك نواهيه. مع العناية أيضا بالكتب المؤلفة في عقيدة السلف الصالح مثل : ( كتاب التوحيد ) . و ( ثلاثة الأصول ) و ( كشف الشبهات ) للشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله ومثل ( العقيدة الواسطية ) للشيخ ابن تيمية ، و ( لمعة الاعتقاد ) للإمام الموفق ابن قدامة ، و ( شرح الطحاوية ) لابن أبي العز ، وأمثالها من الكتب المعروفة بالسير على منهج أهل السنة ، وكتب الحديث المختصرة؛ مثل : ( الأربعين النووية ) وتتمتها لابن رجب ، و ( عمدة الحديث ) للشيخ عبد الغني المقدسي ، و ( بلوغ المرام ) لابن حجر . ويكون عنده في المصطلح ( نخبة الفكر ) وشرحها للحافظ ابن حجر ، وفي أصول الفقه ( روضة الناظر ) للموفق ابن قدامة . والمقصود : أن يعنوا بالأصول في العقيدة ، وفي أصول الفقه ، وفي المصطلح؛ لأن هذا ينفعهم ويبنون عليه علومهم ، وهكذا في الفقه مثل : ( عمدة الفقه ) للموفق ، و ( زاد المستقنع ) للحجاوي ، و ( دليل الطالب). وهذه الكتب في الفقه تنفع وتفيد طالب العلم؛ حتى يستعين بها على معرفة المسائل ومراجعتها ومعرفة أدلتها ، كل هذا مهم في حق طالب العلم . ضرب الدعوة الإسلامية ( التطرف والأصولية ) : س 3 : شاع في بعض وسائل الإعلام المختلفة اتهام شباب الصحوة بالتطرف وبالأصولية ، ما رأي سماحتكم في هذا ؟ ج 3 : هذا على كل حال غلط جاء من الغرب والشرق ، من النصارى ، والشيوعيين ، واليهود ، وغيرهم ممن ينفر من الدعوة إلى الله عز وجل وأنصارها ، أرادوا أن يظلموا الدعوة بمثل التطرف ، أو الأصولية أو كذا أو كذا مما يلقبونهم به . ولا شك أن الدعوة إلى الله هي دين الرسل ، وهي مذهبهم وطريقهم ، وواجب على أهل العلم أن يدعو إلى الله ، وأن ينشطوا في ذلك ، وعلى الشباب أن يتقوا الله ، وأن يلتزموا بالحق ، فلا يغلوا ولا يجفوا . وقد يقع من بعض الشباب جهل فيغلون في بعض الأشياء أو نقص في العلم فيجفون لكن على جميع الشباب وعلى غيرهم من العلماء أن يتقوا الله ، وأن يتحروا الحق بالدليل ، قال الله عز وجل ، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يحذروا من البدعة والغلو والإفراط ، كما أن عليهم أن يحذروا من الجهل أو التقصير ، وليس أحد منهم معصوما ، وقد يقع من بعض الناس شيء من التقصير بالزيادة أو النقص . لكن ليس ذلك عيبا للجميع ، إنما هو عيب لمن وقع منه . ولكن أعداء الله من النصارى وغيرهم ، ومن سار في ركابهم جعلوا هذه وسيلة لضرب الدعوة والقضاء عليها باتهام أهلها بأنهم متطرفون أو بأنهم أصوليون . وما معنى أصوليين؟ وإذا كانوا أصوليين بمعنى : أنهم يتمسكون بالأصول ، وبما قال الله وقال الرسول فهذا مدح وليس ذما ، التمسك بالأصول من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مدح وليس بذم ، وإنما الذم للتطرف أو الجفاء : إما التطرف بالغلو ، إما التطرف بالجفاء والتقصير ، وهذا هو الذم . أما الإنسان الملتزم بالأصول المعتبرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا ليس بعيب ، بل مدح وكمال ، وهذا هو الواجب على طلبة العلم والداعين إلى الله : أن يلتزموا بالأصول من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عرف في أصول الفقه ، وأصول العقيدة ، وأصول المصطلح فيما يستدل به وما يحتج به من الأدلة ، لا بد أن يكون عندهم أصول يعتمد عليها . فضرب الدعاة بأنهم أصوليون هذا كلام مجمل ليس له حقيقة إلا الذم والعيب والتنفير ، فالأصولية ليست ذما ، ولكنها مدح في الحقيقة . إذا كان طالب العلم يتمسك بالأصول ويعتني بها ويسهر عليها من كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما قرره أهل العلم فهذا ليس بعيب ، أما التطرف بالبدعة والزيادة والغلو فهو العيب ، أو التطرف بالجهل أو العصب فهذا عيب أيضا . فالواجب على الدعاة أن يلتزموا بالأصول الشرعية ويتمسكوا بالتوسط الذي جعلهم الله فيه ، فالله جعلهم أمة وسطا ، فالواجب على الدعاة : أن يكونوا وسطا بين الغالي والجافي ، بين الإفراط والتفريط ، وعليهم : أن يستقيموا على الحق ، وأن يثبتوا عليه بأدلته الشرعية ، فلا إفراط وغلو ، ولا جفاء وتفريط ، ولكنه الوسط الذي أمر الله به . واجب النصيحة س 4 : يتردد كثيرا أن فلانا متطرف وذلك معتدل وذاك متزمت ، وغير ذلك من الألقاب ، سماحة الشيخ هل تجوز مثل تلك الألقاب؟ وكيف نعالج مشكلة التطرف في واقعنا المعاصر؟ ج 4 : قد يقول هذه الكلمات أشخاص لا يعرفون معانيها أو يعرفونها ويرمون بها من هو بريء منها . وقد تقدم أن التطرف : هو عدم الاعتدال بغلو أو جفاء ، والغالب على هؤلاء يطلقون التطرف على المفرط الزائد الغالي بزعمهم ، والمتزمت : الذي ليس عنده انشراح؛ لقول الحق وقبول الحق والسير مع أهل الحق . وهذه ألقاب ينفرون بها من الدعوة إلى الله عز وجل ، والواجب : النصيحة ، إذا روي من إنسان تقصير بجفاء نصح ، أو إفراط وغلو نصح ، وليس هذا وصفا لكل الناس ، وأنما قد يقع من بعضهم ، وليس هذا وصفا للدعاة عموما ، ولكن قد يقع من بعضهم شيء من النقص والجفاء أو شيء من الغلو والزيادة فينصح ويوجه إلى الخير ويعلم حتى يستقيم . كيف نعالج التطرف ؟ س 5 : إذن شيخنا كيف نعالج مشكلة التطرف؟ ج 5 : بالتعليم والتوجيه من العلماء ، إذا عرفوا عن إنسان أنه يزيد ويبتدع بينوا له ، مثل الذي يكفر العصاة ، وهذا دين الخوارج ، الخوارج هم الذين يكفرون بالمعاصي ، ولكن يعلم أن عليه التوسط ، العاصي له حكمه ، والمشرك له حكمه ، المبتدع له حكمه ، فيعلم ويوجه إلى الخير حتى يهتدي ، وحتى يعرف أحكام الشرع وينزل كل شيء منزلته ، فلا يجعل العاصي في منزلة الكفار ولا يجعل الكافر في منزلة العاصي ، فالعصاة الذين ذنوبهم دون الشرك كالزاني والسارق وصاحب الغيبة والنميمة وآكل الربا ، هؤلاء لهم حكم ، وهم تحت المشيئة إذا ماتوا على ذلك ، والمشرك الذي يعبد أصحاب القبور ويستغيث بالأموات من دون الله له حكم ، وهو : الكفر بالله عز وجل ، والذي يسب الدين أو يستهزئ بالدين له حكم وهو : الكفر بالله . فالناس طبقات وأقسام ليسوا على حد سواء ، لا بد أن ينزلوا منازلهم ، ولا بد أن يعطوا . أحكامهم بالبصيرة والبينة لا بالهوى والجهل ، بل بالأدلة الشرعية ، وهذا على العلماء . فعلى العلماء أن يوجهوا الناس ، وأن يرشدوا الشباب الذين قد يخشى منهم التطرف أو الجفاء والتقصير ، فيعلمون ويوجهون؛ لأن علمهم قليل ، فيجب أن يوجهوا إلى الحق . الانتماء للجماعات الإسلامية س 6 : يتساءل كثير من شباب الإسلام عن حكم الانتماء للجماعات الإسلامية ، والالتزام بمنهج جماعة معينة دون سواها؟ ج 6 : الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق ، قال الله عز وجل ، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سنة ولا غيرهم ، ولكن يلتزم بالحق ، وإذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق ، أو إلى الإخوان المسلمين ووافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس ، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز ، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار ، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به ، وإن كان مع أنصار السنة أخذ به ، وإن كان مع غيرهم أخذ به ، يدور مع الحق ، يعين الجماعات الأخرى في الحق ، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولو كان باطلا ، ولو كان غلطا ، فهذا منكر ، وهذا لا يجوز ، ولكن مع الجماعة في كل حق ، وليس معهم فيما أخطئوا فيه . العنف يضر بالدعوة س 7 : هل من واجب الدعاة إلى الله في مجتمع مسلم لا يطبق أحكام الشريعة الإسلامية الدعوة إلى تغيير أنظمة الحكم بالقوة ؟ ج 7 : الواجب الدعوة إلى الله ، والنصيحة والتوجيه إلى الخير من دون تغيير بالقوة ، لأن هذا يفتح باب شر على المسلمين ويضايق الدعوة ويخنقها ، وربما أفضى إلى حصار أهلها ، ولكن يدعو إلى الله بالحكمة ، وبالقول الحسن ، بالموعظة الحسنة ، وبالتي هي أحسن ، وينصح ولاة الأمور ، ينصح غيرهم من المسئولين ، وينصح العامة ويوجههم إلى الخيرة عملا بقول الله سبحانه وتعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقوله سبحانه : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وهم : اليهود والنصارى ، نهى الله عن جدالهم إلا بالتي هي أحسن ، إلا من ظلم فهذا له شأن آخر : يرفع بأمره إلى ولاة الأمور ، ويعمل ما يستطيع من جهد لرد ظلمه بالطرق الشرعية المعتبرة . الدعوة إلى الله فرض كفاية س8 : هل الدعوة واجبة على كل مسلم أم على جماعة من المتخصصين في أمور الدين وأحكام الشريعة؟ ج 8 : الدعوة فرض كفاية ، إذا قام بها من يكفي في أي بلد أو في أي قرية ، أو في أي قبيلة سقطت عن الباقين ، وصارت في حقهم سنة بشرط أن يكون عندهم علم وعندهم بصيرة وأهلية للدعوة بقال الله عز وجل ، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإذا تعاونوا صار ذلك أكمل وأطيب ، كما قال الله عز وجل : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى الآية . الاعتداء على زوار البلاد الإسلامية س 9 : ما حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية ؟ ج 9 : هذا لا يجوز ، الاعتداء لا يجوز على أي أحد ، سواء كانوا سياحا أو عمالا؛ لأنهم مستأمنون ، دخلوا بالأمان ، فلا يجوز الاعتداء عليهم ، ولكن تناصح الدولة حتى تمنعهم مما لا ينبغي إظهاره ، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز ، أما أفراد الناس فليس لهم أن يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم ، بل عليهم أن يرفعوا الأمر إلى ولاة الأمور؛ لأن التعدي عليهم تعد على أناس قد دخلوا بالأمان فلا يجوز التعدي عليهم ، ولكن يرفع أمرهم إلى من يستطيع منع دخولهم أو منعهم من ذلك المنكر الظاهر . أما نصيحتهم ودعوتهم إلى الإسلام أو إلى ترك المنكر إن كانوا مسلمين فهذا مطلوب ، وتعمه الأدلة الشرعية ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه . |
براءة جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام
براءة جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام إن هيئة جائزة الملك فيصل العالمية بعد اطلاعها على نظام جائزة الملك فيصل العالمية المصادق عليه من مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل الخيرية بالقرار رقم 11 / 68 / 98 م . وتاريخ 10 / 8 / 1398هـ ، وعلى محضر لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام بتاريخ 16 ربيع الأول 1402هـ تقرر منح صاحب السماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام هذا العام 1402هـ ، وذلك لخدماته الجليلة المتمثلة فيما يأتي : 1 - تنوع نشاطاته في ميادين الدعوة إلى الله ، ومثابرته على الجهاد والنضال والعمل الصالح في هذا العصر . 2 - التزامه بالإسلام التزاما عمليا في فكره وسلوكه ، ومنهجه في الحياة ، ودعوته إلى ذلك . 3 - إسهاماته القيمة في مجالات البحوث والدراسات ، وفي حقل التعليم الإسلامي ، ونشر الكتاب الإسلامي بمختلف أنواعه وتعميم توزيعه في أطراف العالم ، حتى غدا علما بارزا من أعلام الثقافة الإسلامية . 4 - حرصه على إيجاد الحلول المناسبة لقضايا الإسلام . والمسلمين في مختلف الديار والأصقاع . 5 - دعمه لحركات الجهاد الإسلامي في كل بقاع العالم . 6 - مساندته المشاريع الإسلامية ، وحث العلماء والأشخاص والهيئات على مساعدتها والمشاركة بها . إن هيئة الجائزة إذ تمنحه ذلك ، فإنها تسأل الله أن يبارك في جهوده الخيرة ، وأن يمده بعنايته وجميل رعايته ، حتى يواصل عمله في خدمة الإسلام والمسلمين . والله ولي التوفيق رئيس هيئة الجائزة خالد الفيصل بن عبد العزيز |
كلمة سماحته في حفل تسلمه الجائزة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام الأتمان والأكملان على نبينا وإمامنا عبد الله ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين . . أما بعد، فإني أشكر الله عز وجل على ما منَّ به سبحانه من هذا اللقاء المبارك لتقدير العلم وحملته ، وإجراء ما يحصل به تشجيع العاملين في خدمة الإسلام والدراسات الإسلامية والأدب العربي الإسلامي وسائر ما ينفع العباد كالطب النافع ولا سيما في التخصص الذي ينفع الأمة وهكذا العلوم التي تنفع الأمة ، ثم أشكر جلالة الملك خالد وسمو ولي عهده الأمين الأمير المكرم فهد ، وأصحاب السمو أبناء جلالة الملك فيصل تغمده الله برحمته على ما قاموا به ويسروه من إنشاء هذه المؤسسة المباركة مؤسسة الملك فيصل الخيرية ، وعلى ما بذلوه من عناية ودعم لها وتأييد لمشاريعها، فأسأل الله عز وجل أن يوحد صفوفهم وأن يكلل جهود العاملين في هذه المؤسسة بالنجاح والصلاح والفلاح ، وأن يضاعف مثوبتهم وأن يعم نفع هذه المؤسسة لجميع المسلمين خصوصا ولجميع العالم بوصف عام وأن يوفق أمراءنا وأثرياءنا وسائر المحبين للخير للمساهمة في دعم هذه المؤسسة حتى يصل هدفها إلى جميع العاملين في الميادين النافعة للمسلمين ، والتي من شأنها أن ترفع مستوى العلم وأهله ، وأن تنفع العالم كله فيما يرضي الله ويقرب لديه ، ويباعد من غضبه وأسباب نقمته ، وإن بذلنا في تشجيع المشاريع الخيرة والأعمال النافعة وتحفيز العاملين لصالح الإنسان والمسلمين من أهم المهمات ، ومن أفضل القربات، لكن ينبغي أن يعلن أن الواجب على العاملين في الميدان الإسلامي أن يخلصوا أعمالهم لوجه الله وأن يخلصوا في ذلك وأن يطبقوا أعمالهم على ما يقتضي الشرع المطهر . وألا يقصدوا بأعمالهم حظا عاجلا من مال أو ثناء أو غرض آخر . بل يقصدون بذلك وجه الله عز وجل وابتغاء مرضاته ونفع المسلمين وغيرهم من العالم في إخراجهم من الظلمات إلى النور ، ويقصدون به تيسير النفع لهم الذي من شأنه أنه يرضي الله ويقرب لديه ومع ذلك لا مانع من أن يأخذوا من المال ما يلزم لهم من غير سؤال ولا إشراف نفس . ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول له عمر أعطيه يا رسول الله من هو أفقر إليه مني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا تتبعه نفسك أخرجه مسلم في الصحيح . وعلى هذا الأساس فإني أتقبل هذه الجائزة وأشكر القائمين على شأنها وأسأل الله لهم المزيد من التوفيق ، ولكونها بذلت من أجل الخدمة الإسلامية أسأل الله أن يعيننا على ما يجب علينا من خدمة الإسلام والمسلمين وأن يكلل الجهود بالنجاح والصلاح وأن يعفو عنا ما قصرنا فيه فإن التقصير كثير ، لكن نسأل الله أن ينفعنا لتقديم الخير وأن يعفو عنا وعن إخواننا جميعا فيما قصرنا فيه . وأن يمنحنا جميعا النشاط والقوة في ميدان الحق ونفع المسلمين في كل مكان قولا وعملا ، وبناء على هذا وإني حصلت عليها بسبب تقدير إخواننا في الهيئة طبعا تقديرا على الخدمة الإسلامية فإني أبذلها أيضا وأهديها أيضا إلى دار الحديث الخيرية الأهلية المكية معونة لها على ما تقوم به للخدمة الإسلامية ، فإن دار الحديث الخيرية الأهلية بمكة تخدم المسلمين أيضا وتخدم أبناءهم في سائر أرجاء المعمورة من إفريقيا وآسيا وغيرهما ، وقد افتتحت عام اثنين وخمسين وثلاث مائة وألف من الهجرة النبوية بواسطة سماحة الشيخ عبد الظاهر أبي السمح إمام المسجد الحرام ذلك الوقت ، لقد تقدم الشيخ الظاهر وطلب من جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله أن يوافق على افتتاحها في مكة لحاجة المسلمين إليها ولا سيما الغرباء وأيده بذلك سماحة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله رئيس القضاة بالمنطقة الغربية في ذلك الوقت . فحين ذلك وافق الملك عبد العزيز رحمه الله وأذن بافتتاحها في العام المذكور عام اثنين وخمسين وثلاث مائة وألف للهجرة النبوية ولم تزل سائرة إلى يومنا هذا . والتحق بها في هذا العام ثلاثمائة وخمسون طالبا من أنواع الجنسيات من إفريقيا . . وغيرها وهي تحتاج إلى الدعم والمساعدة ولهذا رأيت أن تكون هذه الجائزة دعما لها ، لدار الحديث الخيرية الأهلية ، وأسأل الله أن ينفع بها المسلمين وينفع بها المؤسسة التي هي مؤسسة الملك فيصل رحمه الله ، وأن يبارك للقائمين عليها ويجعلهم هداة مهتدين . ولا يفوتني في هذا المقام أن أقترح أن تعنى هذه المؤسسة بالمدارس الإسلامية والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية والاتحادات الإسلامية وأشباهها ، ومما يحتاج إلى دعم ومساعدة حتى يكون لها المشاركة العظيمة في تأييد هذه المؤسسات وفي تشجيعها وفي سد بعض حاجاتها ، لأنها جديرة بأن يكون لها دخل يقدم بها ، جديرة بالدعم والمساعدة فيما ينفع المسلمين وفيما يرفع المستوى الإسلامي في أرجاء الدنيا . جرت العادة من الناس بالتصفيق عندما يسمعون كلمة مناسبة أو يرون شيئا مناسبا وقد دلت السنة على أن السنة عندما يسمع الناس شيئا طيبا أو شيئا مستنكرا أن يكبروا ، ويكبروا عند سماع الطيب استحسانا له وفرحا وتشجيعا ، ويكبروا عند سماع غير الطيب تنزيها للشريعة وتنزيها لذلك المجتمع ذاك عما ليس بطيب ، وتنبيها أنه ينبغي رفضه ، ومن هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنه لما قال لهم : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة قال فكبرنا ، قال : إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ، قال : فكبرنا ، قال : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة قال فكبرنا ، وكان عليه السلام إذا رأى ما يعجبه قال : الله أكبر الله أكبر سبحان الله ، وكان إذا رأى ما يسوءه ويحزنه كبر الله تنزيها أيضا وسبحه تنزيها ، فينبغي لنا أن نسلك هذا المسلك ولا سيما المجتمعات الإسلامية وفي الدول الإسلامية لأنه يقتدى بها . فالتكبير إذا صدر من الجميع فله وقع حسن أسوة بنبينا عليه السلام وأصحابه الكرام . . هذا آخر ما أقول وأسأل الله للجميع التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان . |
أسرار يكشفها إمام ابن باز بمكة المكرمة منزل ابن باز المعروف بمكة مستأجر .. ورفض الشيخ أن يمتلكه
أوضح الشيخ الدكتور ناصر مسفر الزهراني إمام وخطيب مسجد الشيخ ابن باز بمكة المكرمة مناقب عديدة لسماحة الشيخ ابن باز وقال في حديث خاص عن سماحته بداه بشيء من شعره: كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر * فليس لعين لم يفض ماؤها عذر يعزون عن شيخ تعزى به العلى * ويبكي عليه العلم والحلم والفكر وما كان إلا مال من قل ماله * وذخراً لمن أمسى وليس له ذخر مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة * غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى * ويغمر صرف الدهر نائله الغمر وقال العلماء هم ورثة الأنبياء وقدوة الأتقياء ، هم في الأرض كالنجوم في السماء والضياء في الظلماء والدواء للداء . فضلهم ظاهر وسلطانهم قاهر ودليلهم باهر . يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله تعالى الموتى ، ويبصرون بفوزه أهل العمى ، يتوقون عن دينه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، هم أرحم بالأمة من الآباء والأمهات لأن الآباء والأمهات يحفظون أبناءهم من نار الدنيا وأوصاب الحياة والعلماء يحفظوهم من نار السعير وتعاسة المصير . كنز الملة استشهد بهم المعبود على أعظم مشهود {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(آل عمران: من الآية18). فهم كنز الملة وحفاظ السنة وحملة الشريعة ، أهل الجاه يذهب قدرهم بذهاب جاههم ، وأهل المال تموت قيمتهم بموتهم ، أما العلم فلا ينتهي سببه ، ولا ينقطع نسبه ، فهم في الهدى سادة ، وفي الخير قادة ، يقتدى بأفعالهم وأقوالهم ، رفعهم الله قدراً ، وأعظم لهم أجراً ، نشر لهم ذكراً ، : "إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، والله جل جلاله يصلي عليهم وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها ، وحتى الحوت في الماء ، فهم الذين يخشون الله حق خشيته ، ويعرفونه حق معرفته {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ومن أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء . ولحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب ، بلاه الله قبل موته بموت القلب ، فهم الأمناء على الوحي ، المبلغون عن الله ورسوله ، الحفاظ للشرع الناصحون للأمم . فالعلم هاد للأمم ، وهو حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح وأنس المستوحشين ودليل المتحيرين ، به يعرف الله ويعبد ، ويذكر ويوحد ويحمد ويمجد مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه قربة وبذله صدقة ومدارسته تعدل بالصيام والقيام ، والحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الشراب والطعام . وإن فقد العالم رزية ، وموت الفقيه بلية ، وإذا رحل عن الدنيا عالم عامل فقد جرحت الأمة في القلب وأصيبت في المقتل . قال صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا". ولقد زرئت أمة الإسلام في هذه الأيام بفقد الإمام الأجل ، والعالم الأمثل إمام أهل السنة وشيخ أنصار الحنيفية فاهتزت الأرض لفقده وذعرت أمة الإسلام لفراقه وسابقت لتشييع الجموع ونثرت عليه بحار الدموع فهو صفوة أهل الأرض في هذا الزمن ، وخير من طلعت عليه الشمس في هذا العصر كما نحسبه والله حسيبه : حقاً فقد عرف التاريخ كوكبة * مضيئة من صناديد وأبطال مثل ابن حنبل أو مثل ابن تيمية * أو البخاري في إسناده العالي لكننا يا حبيب القلب نبصرهم * كأنهم مثلوا في شخصك الغالي وقال : وإننا ربما لا نضيف جديداً في الكلام عن سماحته – رحمه الله – فقد أترعت الصحف ، وملئت المجلات وبث في القنوات ما يشهد بعظيم شأنه ورفعة مكانه ومهما قيل ويقال فهو قليل في حقه قاصر عن واجبه . فقد أمست صفاته ومناقبه نجوماً تزهر وبدوراً تضيء وأحاديث تتلى وشمائل تردد أصبحت درراً رصع بها جبين الزمان وتوج بها هام العصر . وإن ما رأيناه من حب للشيخ وبكاء عليه وحزن لفقده من الكبير والصغير هو علامة خير ودليل رشاد وإمارة فلاح . ليس زيادة في التباكي وليس حديثي عن الشيخ مجاراة للواقع أو زيادة في التباكي أو إثارة لمشاعر الحزن وكوامن الأسى أو لاستدرار الدموع واستجداء النحيب ليس إلا ، فلا شك أن القلوب متفطرة والأنفس متحسرة والدموع واكفة وحق لها ذلك ولكن هل ذلك هو الهدف وهل هذا هو القصد وهل بذلك نعتبر قمنا بالواجب ، وأدينا الأمانة ونصحنا الأمة وكشفنا الغمة . إن المسألة ليست دموعاً تنثر وأحزاناً ترقق بها المجالس ، وتستجدى بها الدموع ويقطع بها الفراغ ، إن هذا أسلوب عجائزي ، وتأثر تقليدي وموقف سلبي يجب إن كنا نحب الشيخ ونجل العالم ونقدر العابد ونحترم المنهج الذي يحمله أن يكون موقفنا كما قال القائل : "إذا مات منا سيد قام سيد". إن الصادق في حزنه وللتأثر من قلبه هو الذي يدفعه ذلك التأثر ، ويقوده ذلك الحزن ، وينطلق به ذلك الحب إلى آفاق أوسع ، وآماد أبعد ، وآمال أعظم فيجزم على حمل الراية ، ويصمم على سلوك النهاية ، ويعزم على خوض غمار الجد ، ينهج نهج الشيخ ، ويحذو حذوه ، ويقتفي أثره ، ويسير على منواله فما أوجد الله في الأمة هؤلاء الأعلام إلا ليقتدى بهم ، ويسار على أثرهم ، وتتبع خطهم ، ويكونوا حجة على الناس ، شهوداً على الزمان . فالعجب لا ينقضي من عين تبكي لفقد العالم العامل ،وهي ما غضت عن النظر المحرم ، ومن لسان يتباهى بالحديث عن الشيخ ، وهو لم يحفظ عن الزور والبهتان، ومن رأس يطرق ويطأطئ حزناً على الشيخ وهو محشو بالترهات مليء بالخرافات ، ومن قلب يتابكى على الشيخ وهو معلول مريض أسود مظلم كالكوز مجخياً ، ومن قلم يتأنق في عبارات العزاء ويتفنن في أساليب الرثاء ، وهو لا يرعوي عن بث سمومه ، وعن نشر باطله، ومن عالم يعظ المناسب بمواقف الشيخ ، ويتغنى لهم بشمائله ويسرد لهم صفاته ، ثم لا يحدث نفسه أن يقتبس من تلك الصفات ويعمل بتلك العظات ، فأي تناقض هذا بل أي خذلان {كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}. يا محبي سماحة الشيخ رحمه الله . يا محبي الكتاب والسنة التي عاش خادماً لها . تعالوا لتدارس شيء من صفاته وتعلم طرف من حياته : وصفات ذات منك يأخذها الورى * في المكرمات فكلها أسماء وتجمعت فيك القلوب على الرضى * وتوافقت في حبك الأهواء وقال : لم يكن للشيخ رحمه الله مؤلفات كثيرة ، وكتب متنوع توازي هذا العمر المديد المبارك الذي عاشه ، ولكنه أمة وحده , وجامعة بمفرده ، يعلم أن المسألة ليست فيما تخطه الأقلام ، بل بما تسير عليه الأقدام ، وتصدح به الأفهام ، يعلم أن الأمة ليست بحاجة إلى كثرة التأليف بل بحاجة إلى العلم الحنيف ، الذي يضرب لها قدوة بفعله الشريف ، و رأيه الحصيف ، وليست المسألة كما قد يظن هي في تحقيق المسائل وتمحيص الرسائل وتأليف المجلدات في جو مغلق ومكتب مقفل وعزلة منقطعة فقط ، بل لا بد مع ذلك من القدوة الحسنة ، ,السيرة المباركة ، والأثر المحمود ، والخروج للأمة، ومع ذلك فقد ترك رحمه الله علماً جماً ، وتراثاً هائلاً ، ولو جمع كل ما ألفه الشيخ وأفتى به وأرسل به ووجه لاحتاج إلى مئات المجلات . قد يؤلف أناس كتباً في الزهد وهم قد أكلوا الأخضر واليابس ، وقد تؤلف كتب عظيمة في وجوب الوحدة ، ولم الشمل ، وإتباع جماعة المسلمين ، ثم تجد واقع المؤلف مخالفاً لما يكتب ، فهو مفرق للآراء ، مبدد للجماعات ، متعصب متحزب ، أما الشيخ – رحمه الله – فلم يكن يعرف شيئاً من هذا ، لم يكن متحيزاً لفئة ، ولا متحرفاً لقتال جماعة ، ولما علم الله صدق سريرته ونقاء نيته جمع القلوب على حبه وألف الناس إليه . لم يكن الشيخ يريد بدعوته نفسه أو جماعته أو فئته ، بل كان يريد وجه الله تعالى : {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني". وقد يسطر أناس رسائل في حرمة المسلم والبعد عن الغيبة والنميمة وهم ينهشون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم ، ويتبعون زلاتهم ويتصيدون أخطاءهم ، وأين ذلك من مجلس الشيخ الذي تحرم فيه الغيبة ، ويمتنع فيه النيل من مسلم ، فضلاً عن داعية أو عالم أو ناصح ، ولقد رأيته – رحمه الله – في مرة من المرات ، وكان الحديث عن داعية بدرت منه بعض الملاحظات ، فزل لسان أحد المشايخ الذين يحبهم الشيخ ، زل لسانه بكلمة في ذلك الداعية ، فغضب الشيخ غضباً شديداً وثار في وجه المتكلم ، فيا الله من مجالس كثير من الناس اليوم ، بل من صلحاء الناس ، بل من الدعاة ، كم من داعية ينال ، وكم من عالم يهان ، وكم من مسلم ينهش عرضه ، ولا لسان ينكر ولا وجه يتمعر . صفات عظيمة إن من أهم الصفات العظيمة التي وصلت بسماحة شيخنا – رحمه الله – إلى هذه المنزلة السامقة والرتبة العالية هي ما يلي : * العلم الصحيح والفكر القويم المستمد من الكتاب وصحيح السنة مع البعد عن البدع والمنكرات والتعصبات . * الإيمان العميق والعقيدة الراسخة في الله ورسوله وكتابه ودينه ، مع إيمان جازم ويقين وثيق. * النصح الصادق لكل مسلم ، لقد كان الشيخ صادقاً مع نفسه صادقاً مع أهله صادقاً مع طلابه ، صادقاً مع ولاة الأمر وذوي السلطان ، فالشيخ – رحمه الله – لا يقول إلا ما يؤمن به ، ولا ينطق إلا ما يعتقد ، ولذلك فإن ما يمكن أن يدعو به لملك أو يثني به على أمير لا ينافقه به في وجهه أو يتزلف به في منتدى لأجل حضوره فيه ، فما قال في العلن يقوله في السر ، وما يعتقده سراً يصدح به جهراً ، فليس لذرة من محاباة أو مجاملة كاذبة ، أو نفاق طريق إلى قلبه . * والولاية العظيمة ، فهو عابد من العباد ، ولي من الأولياء ، قدوة للأتقياء ، كثير العبادة ، دائم الذكر والتسبيح ، سريع الدمعة ، رقيق القلب ، خاشع النفس . ويضيف : قال لي أحد الملازمين لسماحته في سر توفيق الشيخ ونجاحه ، وبصيرته الثاقبة في كثير من المعاملات وا لآراء والمواقف ، قال : ما ظنك برجل يبيت يناجي ربه ويدعو ويرجو ويهتف ويبكي ثم إذا ارتفع النداء بادر إلى المسجد ثم صلى الفجر في خشوع وخضوع ثم أتى بكامل الأوراق ، ثم يبدأ بقراءة المعاملات ، والنظر في حاجات الناس ، ثم قراءة بعض مسائل العلم ، ثم قبل أن يخرج من بيته وهو كامل طهره ووضوءه ، يتطهراً متطيباً متسوكاً ، يتجه إلى الله تعالى ويدعوه أن يحفظه وأن يعينه ، وأن لا يكله إلى نفسه طرفة عين ، أليس مثل هذا حرياً بأن يكون التوفيق حليفه ، والنصر ربييه. وأجزم لو أن الشيخ علم أنه سيموت في اليوم المحدد والوقت المحدد ما زاد في عمله شيء فكل وقته لله وبالله وفي الله ومع الله . * الزهد في الدنيا وحطامها ، فما كان والله يلقي لها بالاً ، ولا يقيم لها شأناً ، ولا يحسب لها حساباً ، أعرض عنها مستعلياً عليها ، فأقبلت إليه وهي راغمة ، إن هذا الشيخ ليس فيه من صفات أهل الدنيا إلا أنه يعيش بينهم وإلا فأنت والله ترى رجلاً من أهل الآخرة قلبه هناك ، وفؤاده هناك ، يجلس إلى الناس وقلبه في الملأ الأعلى ، ويتحدث معك وروحه مع خالقه. إذا كان حب الهائمين من الورى * بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا فماذا عسى أن يفعل الهائم الذي * سرى قلبه شوقاً إلى الملأ الأعلى . أتيته في يوم من الأيام فأخذت أتوسل إليه وأترجاه وأحاول معه أن يوافق لي على السعي في شراء هذا المنزل الذي بمكة فهو ليس له بل هو مستأجر فحاولت إقناعه وقلت له : لا أريد منك إلا الموافقة والباقي علي . فقال لي : اصرف النظر عن هذا الكلام أي شيء تحتاجه مني من مساعدة أو شفاعة للمسلمين فلا تتردد أما لي أنا فلا . * الكرم الفياض ، كرم لم تعرف الناس له مثيلاً ، وجود ما رأينا له ضريباً ، خير دائم ، ومائدة ممدودة ، وأبواب مشروعة ، ووجه متهلل ، دون بذخ أو إسراف أو مباهاة أو تبذير . ومما يميز كرمه – رحمه الله أنه لم يكن لعلية القوم أو الصفوة من الناس ، بل هو كرم يناله الفقير قبل الغني ، وللعدم البائس قبل صاحب النعمة ، والمتطقع الغريب قبل الأمير والوزير ، لقد ضاعت أخبار حاتم وتضاءلت قصص الجود ، أمام جوده الفذ وكرمه الفياض : وحاتم في عطاياه وجودته * في بحركم لا يساوي عشر مثقال في الجود مدرسة في البذل مملكة * في العلم نابغة أستاذ أجيال سلامة الصدر ، فلا غش ولا غل ولا حقد ولا حسد ، ولا يغضب لنفسه ، ولا ينتقم لذاته ، ولا يحمل في نفسه . لم ينتقص أحداً لم يمتلئ حسداً * لم يفتتن أبداً بالمنصب العالي * القيام بالمسؤولية ، والصدق في حمل الأمانة ، فالشيخ – رحمه الله – يعلم أنه مسلم وأن عليه أمانة عظيمة ثم هو عالم وعليه أمانة عظيمة ، ثم هو موظف مسؤول يتقاضى أجره فعليه أمانة عظيمة ، فأتى بما طلب منه وأضعاف أضعافه ، وقت الدوام الرسمي لا يخرم منه دقيقة ، كان إذا كان في اجتماع ، أو عمل خارج إدارته ، ففرغ منه يسأل عن الساعة فإذا بقي ولو نصف ساعة عن نهاية الدوام يعود إلى مكتبه ، ويكمل بقية دوامه ، وهذا والله رأيته أنا عدة مرات . ومع ذك فوقت الشيخ كله دوام ، وليلته في خدمة المسلمين . إن صاحب الحاجة لا يتعب في الوصول إلى الشيخ ، يأتي الإنسان لديه مشكلة أسرية قضية شخصية أو فتوى شرعية ، فإن لم يجد الشيخ في العمل ذهب إلى بيته فتغدى معه ، وعرض عليه أمره ، فإن لم يكن قابله في العصر ، وقضى له حاجته ، أتى إليه من المغرب إلى العشاء في بيته . فإن لم يمكنه أتى بعد العشاء فتعشى معه وعرض قضيته ، فإن لم يمكنه أتى إليه بعد الفجر فهو يجلس إلى حوالي الساعة الثامنة . ويقول د. ناصر : لقد رأيته – رحمه الله – في الأيام الأخيرة من حياته ، وهو على عمله الدؤوب . وصبره العظيم ، بل يزيد ولا ينقص ، في ليلة من الليالي صلى المغرب ثم ألقى درساً ، ثم صلى العشاء . ثم عاد إلى البيت ليستقبل عدداً من حالات الطلاق ، استنفذت من وقته أكثر من ساعة ، ثم قام لموعد مع عدد من الأطباء بالجامعة لديهم أسئلة واستفسارات ، ثم انتهى منهم ، وألقى محاضرة في مدينة أخرى عن طريق الهاتف ، كل هذا الجهد والعمل فقط من المغرب إلى ما قبل النوم ، دعك من بقية النهار ، وهو مريض منهك ، المرض يفتك بجسمه ، والوباء يلتهم أحشاءه ، ولم يبق منه إلا جلد على عظم ، وفي الليلة التي توفي فيها – رحمه الله – كان جالساً للناس من المغرب للعشاء ، وأفتى في بعض المسائل بعد العشاء وجلس إلى أهله وأبنائه ، ثم في الثلث الأخير من الليل وهو في مصلاه يذكر ربه ويسبحه ويحمده ويمجده : سافرت الروح إلى بارئها وغادرت الروح الطاهر هذه الدنيا بأتعابها وأوصابها ، سافرت في ليلة الخميس ، لأنه كان يستحب السفر كل اثنين وخميس فسافر إلى مولاه ، وأجاب رب دعاه – رحمه الله ، رحمه الله ، رحمه الله . سئلت مرة أن أتكلم في وصف الشيخ بإيجاز فقلت : الشيخ هو الإسلام ، وأنا أعي وأعني ما أقول ، إذا أردت أن تنظر إلى الإسلام واضحاً نقياً ، بيناً جلياً فانظر إلى حياة هذا الشيخ وسيرته . كان صلى الله عليه وسلم قرآناً يمشي بين الناس ، وكان الشيخ – رحمه الله – قرآنا وسنة يمشي بين الناس ، ومها قيل ويقال ، ومهما روي ويروى ، فهو أقل من القليل: ولو كتبت بدمع العين ملحمة * في فجعه جئتكم في ثوب معتذر لم أستطع أن أجلي عشر عاطفتي * في حبه ولا عشراً من العشر المدينة : 6 / 2 / 1420هـ العدد : 13180 |
الراحل ابن باز شكل حضوراً متميزاً في مواجهة الأفكار الهدامة والمعتقدات الفاسدة والمناهج المضللة
أعربت صحيفة الخرطوم السودانية عن أسفها لفقدان الأمة الإسلامية لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية الذي توفي يوم الخميس الماضي . و عددت الصحيفة في مقال كتبه رئيس التحرير مناقب الفقيد الكبير مبرزة أهم إنجازاته رحمه الله في مجال خدمة الدعوة الإسلامية . وقالت الصحيفة في مقالها الموزع بالقاهرة أمس لقد مات الرجل العابد الفقيه الذي أحيا في نفوس الملايين من أمة المسلمين من خلال عمله و علمه الأمل والثقة في نهج السلف الصالح مقدماً نفسه البسيطة المتجردة لكي تكون النموذج المضيء والأمثل للداعية الذي يطل في خدمة عقيدته ومجتمعه ومشكلاً في ذات الوقت حضوراً مستمراً في مواجه الأفكار الهادمة والمعتقدات الفاسدة والمناهج الضالة والمقولات والمواقف التي يقوم بها بعض المتاجرين بشرع الله . كما نوهت الصحيفة بالمكانة الكبيرة لسماحة الشيخ ابن باز وقالت لقد ظل ابن باز مجاهداً لا يشق له غبار وعالماً داعياً متمكناً وعارفاً لمزايا الإسلام وما اشتمل عليه من أحكام سامية وأخلاق كريمة تصلح القلوب وتؤلف بينها برباط وثيق من المودة في الله سبحانه وتعالى والتفاني في نصرة دينه والتمسك بتعاليمه والتواصي بالحق والصبر . وقالت الصحيفة أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز قدم الكثير لأمته الإسلامية من خلال موقعه كمفتي عام لدولة الرسالة المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي . وأضافت الصحيفة أن فقده اليوم بعد فقد أمة بكاملها وإسهامه بفكره الثاقب وعقله الراجح وإيمانه القوي الذي لا يخشى في الحق لومة لائم . كما أشادت الصحيفة بموقف سماحته رحمه الله من السودان ماثلة ولعل أهلنا في السودان على وجه الخصوص يقدرون فداحة فقدان الشيخ عبد العزيز رحمه الله . وتابعت تقول لقد ظل الرجل يقف معهم في السراء والضراء يواسي مريضهم ويستقبل القادمين منهم إلى أرض الخير المملكة الشقيقة بكل بشاشة وترحاب وببذل الجهد لبناء مدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم ويمدهم بالكتب وكل أنواع المعرفة الإسلامية يلقاهم صباح مساء في مكتبه وداره العامرة والمفتوحة للجميع . وأردفت الصحيفة تقول لقد كانت للشيخ عبد العزيز بن باز مواقف مبدئية شبيهة مع كافة أبناء الأمة الإسلامية خاصة في قضية العرب المركزية قضية الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية . على الصعيد نفسه أبرزت صحيفة الأسبوع المصرية نبأ وفاة سماحة الشيخ ابن باز مشيرة إلى تصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز مراسم التشييع فقيد الأمة الإسلامية والصلاة عليه يوم الجمعة الماضي . الخرطوم : 1 / 2 / 1420هـ العدد : 2109 . |
أصداء حزينة لرحيل ابن باز في الكويت . والعلماء والدعاة لـ"عكاظ" فقدنا نبراساً منيراً في الدعوة إلى الله
كان نبأ وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز بمثابة الفاجعة لعلماء الكويت ودعاتها ومؤسساتها الدينية والخيرية وعبر هؤلاء لـ"عكاظ" عن حزنهم العميق وتأثرهم الشديد لفقدان علم من كبار علماء الأمة الإسلامية ، ومرجعاً منيراً لم يوفر تضحية إلا وبذلها لإعلاء شأن الدين الحنيف والدعوة في سبيل الله والإسلام . وتقدم علماء الكويت ودعاتها ومسؤولو لجانها الإسلامية والخيرية من المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً بأحر تعازيهم والدعاء لله بأن يسكن الشيخ الراحل فسيح جناته ، وأن يهيئ سبحانه وتعالى للمملكة من يقوم في مقامه في عطائه وعلمه وفتواه . وفيما يلي تفاصيل الردود التي تلقتها عكاظ في الكويت: عملنا بنصائحه د. خالد المذكور رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت : عبد العزيز بن باز علم من أعلام المسلمين يتميز بتقواه وورعه وبعلمه الغزير ، وقد كان من خلال رئاسته للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ومن خلال رئاسته للإفتاء متثبتاً في فتواه لا يخرج عن الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح. وأصبح مرجعاً لكل العالم الإسلامي ومع فقهه قام بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وبالنصيحة لولاة أمر المسلمين و كان يدعو المسلمين جميعاً إلى الاتحاد وجمع الكلمة بالإضافة إلى نصيحته لولاة المسلمين لتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى . مع عفة نفس وزهد في الدنيا وحرص على العلم وقد كان لي لقاء مع سماحته في الرياض مع جمع من العلماء بعد إنشاء اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت وأخذنا من نصائحه وتجاربه الشيء الكثير ومنهجه فيع ملنا في اللجنة الاستشارة العليا . رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه جناته وعوض المسلمين خيراً إن شاء الله . نبض إفتاء الأمة : عبد الله سليمان العتيقي أمين عام جمعية الإصلاح الاجتماعي : نبأ وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله هز العالم الإسلامي في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها من احتلال لأحد بقاعه في كوسوفا وتشريد أبنائه وتسلط اليهود عليه في فلسطين وسجن أبنائه في سجون الظالمين في العراق وسواه . العالم الإسلامي اليوم ليحزن لموت هذا العالم الفاضل . قد كان قلب الأمة النابض بالإفتاء لها في شؤونها المختلفة تتجه إليه أثناء المشاكل والأزمات ليحل هذه المشاكل ويفتي لها بكل سهولة ويسر فتقبل فتواه راضية لصدقه وإخلاصه وسعة أفقه وحكمته ورجاحة عقله واعتداله دون استعجال ولا تعصب . إن مكانة الشيخ ابن باز مكانة عظيمة في قلوب الناس وتلاميذه ومريديه والشعب السعودي والكويتي وكل مسلم غيور على دينه محباً لشرع ربه وسنة ورسله صلى الله عليه وسلم . وهذه المحبة له عند الناس هي من بشائر حب الله تعالى له : فإذا أحب الله عبداً وضع له القبول في الأرض ، وأوصى ملائكته بأنني أحب فلاناً فاجعلوا الناس تحبه . ويشهد الله تعالى بأننا من محبيه وإن لم نره ولكن قرأنا وسمعنا لله الكثير من الفتاوى والمقالات والبحوث والكتيبات والكتب . إن فقدان عالم يؤثر كثيراً على الأمة فالعالم هو السراج المنير الذي ينير طريقها . إننا ندعو الله تعالى أن يعوضنا عما أصابنا بفقدان الشيخ ابن باز خيراً ويكثر من عليه الصلاة والسلام لمائنا وطلاب العلم ويكثف جهودهم لإنقاذ أمة الإسلام مما هي فيه . رحم الله الشيخ العالم مفتي المملكة العربية السعودية وأسكنه فسيح جناته بالفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والأنبياء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وعظم الله الأجر لأهله والمملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي بهذا المصاب الأليم . وقاص للحق صادق القول عبد الله العلي المطوع رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت ورئيس تحرير مجلة المجتمع الكويتية وعضو المجلس لتأسيسي لرابطة العالم الإسلامي وعضو المجلس العالمي الأعلى للمساجد بمكة المكرمة . لقد فقد العالم الإسلامي عالماً من أبرز علمائه ومن أكثرهم عطاء وتضحية ، لقد بذل حياته يرحمه الله للعلم والعطاء وعمل الخير . لقد زاملته أكثر من عشرين عاماً وهو رئيس للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي وزاملته كذلك وهو رئيس للمجلس العالمي الأعلى للمساجد بمكة المكرمة وهو رئيساً لهاتين المؤسستين حيث إنني عضو فيهما بجانب ترؤسه رحمه الله للجامعة الإسلامية في المدينة (سابقاً) وللإفتاء والبحوث في المملكة العربية السعودية ورئيساً لمجلس البحوث الإسلامية . كان عطاؤه من فضل الله عليه عطاء مستمراً لا ينضب ، كان بيته وهو جار لي بالطائف مليئاً بالزوار من داخل المملكة وخارجها منهم من يطلب العلم والإفتاء ومنهم من يطلب الشفاعة الحسنة ومنهم من يريد العون المادي وكان رحمه الله يلاقي هذا الكم الكبير منا لزوار والقاصدين بترحاب طيب ووجه بشوش وتجاوب في ما هم قاصدين . لقد كان رحمه الله وقاصا في الحق صادقاً في القول وبفقدان الشيخ عبد العزيز خسر العالم الإسلامي خسارة لا تعوض . فلا يسعني إلا أن أبتهل إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدخله فسيح جنانه ويلهم ذويه ومحبيها لصبر والسلوان . ولا يملك الإنسان أمام هذا المصاب الجلل إلا أن يقول "إنا لله وإنا إليه راجعون" ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . أحر التعازي أبعثها إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ملكاً وحكومة وشعباً بفقدان الشيخ عبد العزيز بن باز راجياً من الله له الفوز بالجنان. وأرجو الله أن يهيئ للمملكة أن يقوم بمقامه في عطائه وعلمه وفتواه وتضحيته في سبيل الإسلام والمسلمين . جامع اللغة والبيان العميد السابق للكية الشريعة د . عجيل النشمي يقول: الإمام الثبت الحافظ جبل السنة قامع البدعة الشيخ بن باز ، من المجددين في هذا العصر الحافظين للأمة دينها . عكاظ : 28 / 1 / 1420هـ العدد : 11947 |
الساعة الآن 04:57 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.