![]() |
اقتباس:
إنه والله لأطيب زاد أستغفرك ربي في كل حين بارك الله فيك.. جزيل الشكر والامتنان على جهدك وجعله ربي مباركاً وفي ميزان حسناتك اللهم آمين .... ناريمان |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ عنوان الزاد ( صفاء القلب ) إن هذا الرواية المنقولة عن الإمام الصادق ( عليهِ السلام ) تستحق أن تكتب بالنور .. ( إن القلب إذا صفا ، ضاقت به الأرض حتى يسمو ) . أولاً : ما معنى القلب إذا صفا ؟.. إن القلب مجمع لأمور ثلاثة : 1 - العقائد : القلب مستقر العقيدة ، فهي لا ترى .. بخلاف الصوم والحج والصلاة ، فالإنسان في الحج يضع ثوبي الإحرام على بدنه ، ويطوف ويسعى ويصلي .. إذن ، أعمال الأبدان واضحة ، أما أعمال القلوب فهي غير واضحة .. فالذي يكون كافرا ثم يصير مؤمنا بالله - عز وجل - عندما يدخل الإيمان قلبه الباطني ؛ عندئذ يصلي ويصوم .. هذا الإيمان أين دخل ، في أي زاوية من وجوده ، نحن لا نعلم أين ذلك القلب ؟!.. 2 - المشاعر : أي الحب والبغض ، والفرح والحزن ، وغير ذلك من المشاعر ، هذه مكانها القلب .. فالذي يحب ، يحب بقلبه ، والإنسان بإمكانه أن يتظاهر بالحب ، وقلبه لا يحب .. والذي يبغض ، يبغض بقلبه .. وكذلك يفرح ويحزن بقلبه . 3 - الخيالات والأوهام : لا هي عقائد ؛ لأنها أوهام وخيالات تمر على الذهن مرورا ، ولا هو حب وبغض .. الإنسان قبل النوم تهجم عليه الأفكار ، لذلك البعض يتناول الحبوب المنومةر، لأنه لا يتحمل شوارد الخواطر المزعجة . إذن القلب فيه : عقائد ، ومشاعر ، وأوهام وخيالات .. إذا صفا ؛ أي صفا من الشوائب في هذه المجالات الثلاث . العقائد : العقيدة عقيدة حقة ، ولا نعني بالعقيدة الحقة إلا الإيمان بالله عز وجل .. ومن عدله بعث الأنبياء ( عليهم السلام )، والنبي إذا ذهب عن الأمة ، لا بد له من وصي .. فموسى ( عليه ِ السلام ) غاب عن قومه أربعين ليلة ، فاستخلف أخاه هارون عليهم ، { وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } . المشاعر : أن لا يجعل الإنسان في قلبه حبا ، غير حب الله - عز وجل - .. يقول الإمام الصادق ( عليه ِ السلام ) ( القلب حرم الله، فلا تسكن حرم الله غير الله ) .. قد يقول قائل : ولكن نحن مأمورون بحب الأولاد .. إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قبل حسينا وضمه إليه ، وجعل يشمه ، وعنده رجل من الأنصار ، فقال الأنصاري : إن لي ابنا قد بلغ ما قبلته قط !.. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أرأيت إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك ، فما ذنبي ) ؟!.. فإذن ، كيف نجمع بين حب الأولاد ، وحب الزوجة ، وحب الله عز وجل ؟.. الجواب : هذا يسمى بالحب الطولي ، لا بالحب العرضي .. أي نحن نحب الأولاد ؛ لأن الله - عز وجل - أمرنا بحبهم .. والدليل على ذلك : أننا نربي الولد ، ونعطيه كل اهتمامنا ، وإذا بلغ أشده وأصبح في مرحلة النضج ، وانحرف عن طاعة الله - عز وجل - نطرده .. نوح ( عليه َالسلام ) عندما رأى ولده يغرق ؛ تركه { يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } .. وبالتالي ، فإن هذا الحب حب طولي ، مادام الولد على طريق الاستقامة نحبه .. وهذا الحب حب مقدس !.. ثانياً : لماذا تضيق الأرض بالإنسان ؟.. إن هناك طائفتين يعيشون في ضيق ، هما : الطائفة الأولى : إنسان يعيش في وطنه ، ولكنه يعاني من عدة أمور ، منها : الديون الكثيرة ، والزوجة المشاكسة ، والأولاد المتمردون .. فهذا يضيق به البلد ، ولهذا إذا وجد مجالا ، فإنه يذهب إلى بلد آخر . الطائفة الثانية : إنسان وضعه جيد في وطنه ، ولكنه في الصيف ذهب إلى دولة أخرى ، فرأى طبيعة أجمل ، وزوجة أجمل ، ووظيفة أفضل .. أيضا هذا تضيق به الأرض ، ويتمنى ساعة الذهاب إلى تلك الدولة . فإذن ، إن الناس في الدنيا على قسمين : قسم تضيق بهم الأرض بما هم فيه من مشاكل .. وقسم من المؤمنين استذوق حلاوة العالم الآخر ، هذا الإنسان لماذا يتمنى الموت ؟.. وهل يتمنى البقاء على هذه الأرض؟.. إن المؤمن تضيق به الأرض ، ليس من باب المشاكل ، وليس من باب المرض النفسي ؛ بل لأنه يرى أن ما بعد الموت أفضل وأجمل !.. ثالثاً : ما معنى سمو الروح ؟.. إن القلب إذا صفا سما ، فما هذا السمو الآخر في نهاية الرواية : ( حتى يسمو ) ؟.. السمو هنا ؛ أي أن يصل الإنسان إلى درجة القلب السليم .. والقلب السليم بالمعنى الدقيق : هو ذلك القلب الذي يلقى الله - عز وجل - وليس فيه أحد سواه .. فالإنسان الذي لا يرى في الوجود مؤثراً إلا هو ؛ لا بد أن تكون عيشته من أرقى صور المعيشة في الوجود !.. وكل قلب فيه شرك أو شك ؛ فهو ساقط .. وهذا معنى لا إله إلا الله ؛ أي لا مؤثر في الوجود إلا الله عز وجل . 23 10 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ عنوان الزاد ( من حالات الحزن ) من الظواهر التي تنتاب المؤمنين من وقت لآخر ، وحتى غير المؤمنين ، ظاهرة الحزن الذي لا وجه له .. فالإنسان أحيانا يعيش حالة من حالات الضيق والاكتئاب والقلق ، وهو يعلم سبب ذلك ، وأحيانا لا يعلم له منشأ واضحا .. فلندرس الحالة على ضوء الفرضيتين : الفرضية الأولى : إذا علم له منشأ ، فليعالج الحزن بإذهاب منشئه ، كما يقال : ( إذا عرف السبب ، بطل العجب ) نحن بعض الأوقات نبقي المنشأ ، ونعالج المعلول ، فلا نرفع العلة من جذورها .. من أهم مناشئ الحزن ، إدخال الحزن على الغير .. وخاصة إذا كان مؤمنا ، وذا رحم ، وقريبا ، وذا حق على الإنسان .. بعض الأوقات إدخال الحزن لا يكون حراما ، مثلا : رجل يقول لزوجته : أريد أن أتزوج امرأة أخرى .. هذا ليس حراما ، ولكن لماذا يدخل عليها الحزن دون سبب ؟.. وهنا من الممكن أن يدخل رب العالمين الحزن عليه كعقوبة دنيوية ، بسبب هذا الحزن الذي دخل قلبها . نحن إذا دخل علينا الحزن ، نذهب إلى الأماكن المسلية .. والحال بأن العلة موجودة ، ويجب علاج العلة من جذورها ، وذلك من خلال عمل جرد شامل لكل من يحيط بنا ، وكل من أدخلنا عليه الحزن ؛ نرفع عنه هذا الحزن .. فمن أفضل القربات إلى الله - عز وجل - إزالة الهم والغم من قلوب المؤمنين . الفرضية الثانية : إنسان في قمة السعادة ، ولعله في ليلة زفافه ، أو في سفر مريح ، ولا يجد أنه كسر قلبا ، إنسان مؤمن لا يتكلم كلمة غير مدروسة ، ومع هذا يجد ضيقا في نفسه { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء } لعل مقصود الآية : أن طبقات الجو العليا ، يخف فيها الأوكسجين ، ولهذا كلما ارتفع الإنسان إلى الجبال الشاهقة ، يضيق صدره ؛ لأن الأوكسجين قليل .. بعض الأوقات الإنسان كأنما يصعد في السماء ، وفي تعبير قرآني آخر : { وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ } الذي يعيش الضيق ، يرى ضيقا في حنجرته ، وفي صدره .. فالقصبات الهوائية تضيق في الأحزان ، حتى الأوكسجين الموجود لا يدخل بالكميات الكافية .. فإذن قد يعيش حالة من الحزن الذي لا سبب له . إن الله - عز وجل - يبتلي المؤمن ببلاءات : إما كفارة للسيئات ، وإن لم يكن له سيئات ، فرفع للدرجات .. ومن هذه البلاءات الحزن المفاجئ .. إن من البلية : الخدشة ، واللطمة ، والعثرة ، والنكبة ، والفقر ، وانقطاع الشسع ، وأشباه ذلك .. إن المؤمن أكرم على الله - تعالى - من أن يمر عليه أربعون يوما ، لا يمحص فيها من ذنوبه ، ولو بغم يصيبه لا يدري ما وجهه .. وإن أحدكم ليضع الدراهم بين يديه ، فيراها فيجدها ناقصة ؛ فيغتم بذلك .. فيجدها سواء؛ فيكون ذلك حطا لبعض ذنوبه .. هذه اللحظات من الهم والغم ؛ كفارة له .. لم يكن هناك سبب وجيه ، كان مجرد تخيل ، ولكن هذا التخيل أيضا رفعه وقربه إلى الله عز وجل .. ولهذا أمير المؤمنين علي ( عليهِ السلام ) عندما يصف المتقين ، يقول : ( قلوبهم محزونة ) فالذي يفرح ويمرح ويهرج ، هذا الإنسان بعيد عن أجواء الإيمان .. المؤمن له حزن خفيف ؛ لأنه لا يعلم موقعه من الله عز وجل ، ولا يعلم آخرته ، ولا يعلم برزخه ، ولا يعلم إلى أين أمره !.. وكذلك يحمل هموم المسلمين . الخلاصة : إذا كان هناك سبب معلوم للهم ، فإنه يعالج السبب .. وإن لم يكن له سبب معلوم ، فهذا لطف إلهي ؛ ومع ذلك احتياطا يستغفر الله عز وجل .. فالاستغفار والصلاة على النبي وآله بكليهما يطير إلى دار السرور . 24 10 2010 |
كالمعتاد .. زاد طيب .. وكلمات تفعم القلب بالسكينة بارك الله فيك أخي حميد من القلب تحية ... ناريمان |
اقتباس:
شكرا ً ًأختي ناريمان على المرور ِ الطيب جزاك ِ اللهُ سبحانهُ خيرا 24 10 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ عنوان الزاد ( مقدمات الأعمال ) إن الشارع المقدس ، يهيئ الإنسان لما يريد تدريجيا : ففي شهر رمضان ، جعل ليالي القدر في العشر الأخيرة ؛ لذا فهي خير الليالي .. في موسم الحج كذلك : الذهاب إلى المدينة عنصر مهيئ ، ثم عمرة التمتع ، وبعد ذلك حج التمتع .. الحج عرفة ، فلو كان الأمر أن ندخل المسجد الحرام ، فنطوف ، ونسعى ، وفي اليوم الثاني نذهب إلى عرفة ، ثم نبقى عشرة أيام في مكة .. لكان الحج باهتا ؛ لأن الإنسان بعد عرفة يسترخي . فإذن ، هناك تدريج ، حتى لا يفاجأ الإنسان بالكنز .. يوم عرفة هو الكنز ، وقبله مقدمات .. وليلة القدر هي الكنز ، وقبلها مقدمات .. والصلاة بين يدي الله - عز وجل - هي الكنز ، وقبلها أيضا مقدمات .. ولكن هذا الكنز ؛ كنز دائمي : حيث أن الحج يكون في العمر مرة واحدة ، وصوم شهر رمضان في السنة مرة واحدة ، أما الصلوات فهي يومية ، وفي اليوم خمس مرات .. لذا ، لابد أن نفهم سياسة الشارع بالنسبة إلى الصلاة . إن رب العالمين ، جعل محطات للإنسان قبل قراءة السورة .. فالإنسان يصفي نفسه بمصفاة التكرير ، مثل النفط الخام الذي يدخل خاما ويخرج بنزينا .. يصفى مرحلة مرحلة : المرحلة الأولى : الوضوء بآداب الوضوء .. هناك وضوء عادي ، قد يتوضأ الإنسان وهو يتكلم مع زيد وعمرو ، وقد ينظر للتلفاز .. هذا الوضوء صحيح ، ولكن الوضوء الشرعي أن يقرأ الإنسان المستحبات والآداب .. لأن هذه المناجاة في الوضوء ، تهيئ الإنسان للصلاة.. والمتوضئ قبل الصلاة ، أيضا يتوضأ مرة أخرى ؛ لأن ( الوضوء على الوضوء ، نور على نور ). المرحلة الثانية : الأذان والإقامة .. الأذان والإقامة سنتان من سنن الصلاة .. وبعد " قد قامت الصلاة " يجب عدم التكلم في شيء من أمور الدنيا .. وتشتد كراهة الكلام بعد قول المقيم : " قد قامت الصلاة " إلا فيما يتعلق بالصلاة . المرحلة الثالثة : التكبيرات الست الافتتاحية ، ثم تكبيرة الإحرام .. وبعد التكبيرات هناك أدعية تهيئ الإنسان للدخول في بحر الصلاة . المرحلة الرابعة : الاستعاذة بالله - عز وجل - قبل قراءة السورة : لأن الشيطان قد يدخل على الخط بعد التكبيرة مباشرة . الخلاصة : أن الله - عز وجل - في تشريع الصلاة ، أراد من الإنسان أن ينتقل إلى لب الصلاة بشكل تدريجي : من أول نظرة لماء الوضوء ، فيقرأ أدعية الوضوء .. ثم الأذان ، والإقامة .. ثم التكبير؛ قبل التكبير يفكر الإنسان قليلا ، يحاول أن يستجمع أفكاره ، ثم يكبر .. ثم الاستعاذة .. فحقيقة الصلاة الخاشعة تحتاج إلى تمهيد ، والمصلي ينبغي أن لا يدخل في نقاش مع أحد قبل الصلاة ؛ لأن ذلك يشغله أثناء الصلاة بين يدي الله عز وجل . كل هذه أجواء مهيئة ، وإلا فإن الأمر يحتاج إلى أمر آخر ، وهو التفاتة القلب .. فمن لم يسيطر على صلاته من تكبيرة الإحرام ؛ الشيطان يسرقه .. لذا عليه أن يحاول من تكبيرة الإحرام أن يكون مؤدبا بين يدي الله عز وجل ، وإلا إذا تزحلق فهو على جبل جليدي ، لا يلتفت إلا وهو يقول : السلام عليكم ، وهو في خمسين واد من وديان الدنيا . وبالتالي ، إذا أتقن المصلي التكبير في أول صلاته ، وذكّر نفسه بمقتضى هذا التكبير ، وبمعاني التكبير في كل خطوة من خطوات صلاته ، التي يكبر فيها .. يرجى أن يأتي بصلاة خاشعة ، يقبلها الله - عز وجل - بمنه وكرمه . 25 10 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
قضاء حوائج المؤمنين 2 بالنسبة إلى قضاء حوائج المؤمنين لابد أن نلتفت إلى ثلاث نقاط : 28 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ عنوان الزاد ( التوبة المقبولة) إن البعض منا عندما يقال له : إستغفر الله !.. يقول مرة واحدة ، وبلقلقة لسان : " أستغفر الله ربي وأتوب إليه " وإذا أراد أن يُكثّف استغفاره ؛ يستغفر مائة مرة .. ويظن أنه بذلك استغفر حقيقة !.. والحال أن معنى الاستغفار الذي يفسره لنا علي (عليهش السلام ) مختلف عما نفهمه نحن . قال (عليه ِ السلام ) : (اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ ، وَهُوَ اِسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ : أَوَّلُهَا : اَلنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى .. وَاَلثَّانِي : اَلْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ اَلْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً .. وَاَلثَّالِثُ : أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ ؛ حَتَّى تَلْقَى اَللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمْلَسَ ، لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ .. وَاَلرَّابِعُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا ؛ فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَ ا.. وَاَلْخَامِسُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اَللَّحْمِ اَلَّذِي نَبَتَ عَلَى اَلسُّحْتِ ؛ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ اَلْجِلْدَ بِالْعَظْمِ ، وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ .. وَاَلسَّادِسُ : أَنْ تُذِيقَ اَلْجِسْمَ أَلَمَ اَلطَّاعَةِ ؛ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ اَلْمَعْصِيَةِ .. فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ : أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ) . اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ .. أي أن الإنسان المستغفر حقيقة واصل لدرجة عالية ؛ لأنه : عرف ربه أولاً ، واستحى منه ثانياً ، وعرف ضعفه ثالثاً .. أدرك هذه المعادلة الكبيرة ، ومن هنا يستغفر ربه بكل تفاعل .. يونس (عليه ِ السلام ) هذا النبي العظيم ، من الممكن أنه قال الذكر اليونسي مرة واحدة ، القرآن الكريم لم يقل : فنادى عشرات المرات ، أو مئات المرات .. بل قال : { فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }؛ كلمة { فَنَادَى} تتحقق بمرة واحدة .. حيث وصف الذات بأعلى الأوصاف ، فقال : { لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ} ؛ أي لا مؤثر في الوجود إلا أنت .. ثم نزهه من كل تقصير ، فقال : { سُبْحَانَكَ}؛ أي يا رب، أنت المنزّه، وما وقعت به فهو من فعلي أنا.. ثم جعل نفسه هو الظالم وهو المقصّر، فقال: {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ أي أنا ظلمت نفسي.. هذه هي أركان الإنابة إلى الله عز وجل.. ثم يفصل الإمام ( عليه ِ السلام ) في معنى التوبة : أولاً : الندم .. إذا أحسّ الإنسان بحالة الندامة الباطنية؛ يكون قد عاد إلى ربه.. لأن العودة إلى رب العالمين عودة قلبية، لا عودة مادية.. فالقلب إذا لم يندم: فلا رجوع، ولا إنابة، ولا توبة في البين.. ومن هنا الفقهاء في الرسالة العملية، يقولون: لو ارتكب الإنسان ذنبا، ثم ندم ولم يتلفظ بالاستغفار؛ هذا الإنسان تائب.. نعم، يستحب له أن يتلفظ بألفاظ التوبة، وإلا بندامته فهو تائب.. كالمصلي الذي ينوي أن يصلي بين يدي الله عز وجل، يكبّر ويقف للصلاة؛ فإنه يعد مصليا، رغم أنه لم يتلفظ بشيء. ثانياً : عدم العود.. هناك فرق بين الندم الذي معه عزم، وبين الندم العابر.. العصاة عادة يندمون على ما هم فيه؛ أي يعيشون حالة الأسى والأسف.. ولكن المشكلة في سرعة الرجوع إلى ما كانوا عليه؛ أي هناك ندم، ولكن ليس هناك عزم على عدم العود.. علي (عليه ش السلام ) يقول: من شروط الاستغفار؛ العزم على العود.. لا يعزم على الترك في شهر رمضان؛ احتراماً للشهر الكريم.. بل يجب ترك الذنب مطلقا، والعزم على عدم العود إليه أبدا. ثالثاً: تأدية حقوق المخلوقين.. الإنسان الذي يستغفر من السرقة، وأموال الناس في جيبه، أو في حسابه؛ هذا إنسان مستهزئ بالاستغفار.. فالقلب الذي يريد أن يلقى الله -عز وجل- بنقاء تام، وبسلامة تامة؛ لابد أن يكون مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه؛ ليس عليه تبعة. رابعاً: تأدية حقوق الخالق.. الإنسان الذي في ذمته: صلاة، أو صوم، أو حج، أو خمس، أو...الخ؛ عليه أن يقضي تلك الحقوق.. البعض يكون في أواخر عمره، ولا زال عليه قضاء صلوات.. ستون سنة، وهو لم يؤد حقوق الله عز وجل؛ فضلا عن حقوق المخلوقين. خامساً: إذابة اللحم الذي نشأ من السحت.. وذلك من خلال الصيام والأحزان، ثم ينشأ لحم جديد من مال حلال. سادساً: إذاقة الجسم ألم الطاعة.. الإنسان عندما أذنب استمتع بالمعاصي.. فالمعاصي فيها متعة، وفيها لذة؛ وإلا الشيطان لما أغرانا بذلك {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.. طبيعة الحرام فيه جاذبية: من مأكوله، ومشروبه، و...الخ؛ كل هذه المحرمات فيها جاذبية.. هو تلذذ بالحرام في فترة من حياته، والآن: تاب، وندم، وعزم، وأدى الحق الذي عليه.. وكذلك يجب أن يذيق الجسم ألم الطاعة، كما أذاقه حلاوة المعصية.. فعند ذلك يقول: استغفر الله. إن الإنسان الذي وصل إلى ملكوت الواجب والمستحب؛ يتلذذ بأداء التكليف.. عندما يذهب إلى الحج، ويعاني ما يعاني في طريق الحج؛ يتلذذ في هذه الصعوبات، كما يقال: لذة الخطاب أذهبت العناء.. أي أن الإنسان الذي يخاطب بالتكليف، هذا تشريف إلهي بالنسبة له.. ولكن إنسانا حديث عهد بالمعاصي والذنوب، من الطبيعي أنه في أول الطريق إلى الله عز وجل، يعيش ألم الطاعة.. الطاعات لا تناسب مزاجه إلا تكلفا، يقوم لصلاة الليل متناعسا، ومتثاقلا.. ولكن بعد فترة لو فاتته نافلة الليل في ليلة من الليالي، لمرض أو لنعاس؛ يكون في النهار في حالة يرثى لها؛ لأنه لم يقف بين يدي الله عز وجل. الخلاصة : أن العبد يصل في مراحل التكامل إلى درجة، لو خير بين المتعة المادية والمتعة المعنوية؛ فإنه يقدم المعنى على المادة، على أنها متعة زائدة، وليس من باب التقرب.. مثلا: يستحب للإنسان في ليلة الزفاف أن يصلي لله -عز وجل- ركعتين.. البعض يعيش الأنس في هاتين الركعتين، أكثر مما يعيشه من بعض اللذائذ الحسية.. 29 10 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
سلمت أستاذ حميد جزاك الله خيرا ً على الاختيارات الجميلة . سلامي لك وسلمت يداك . |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
اقتباس:
اللهم ارزقنا توبة نصوحاً صفحات تملأ القلب سكينة إنها قوت للقلوب بارك الله في زادك .. أزكى تحية ... ناريمان |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
( ما أضمر أحد شيئا ، إلا ظهر في فلتات لسانه ، وصفحات وجهه ) ..
رائع يا حميد هذه المقالة لعلي كرم الله وجهه .. تدل على وعي كبير وفهم عميق للنفس الانسانية ونهج البلاغة كتاب غني عن التعريف فلا أروع من هذا الكتاب أحسنت أخي حميد تحية ... ناريمان |
اقتباس:
آمين .. يا ربَ العالمين صباح الخير أختي الطيبة ناريمان شكرا ً لمرورك ِ جُزيت ِ خيرا لك ِ سلامي 3 11 2010 |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
بسم اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ |
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ( البلاء رفع درجات ) إن البلاءات في هذه الحياة الدنيا على قسمين : القسم الأول : بلاء تفضلي .. رب العالمين يرفع بهذا البلاء درجة العبد ، ومثاله بلاء الأنبياء والأوصياء والصالحين : ورد في الحديث عن الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله- أنه قال: ( ما أوذي نبي مثل ما أوذيت ) .. فإذن ، هذا البلاء رفع لدرجات العبد . القسم الثاني : بلاء رفع الأوزار .. هذا البلاء الذي هو كفارة للسيئات ، وهناك الكثير من مصاديق هذا البلاء في حياتنا .. ولكن هناك مجموعة روايات في هذا المجال ينبغي أن نستوعبها جيداً فهي عبارة عن قوانين ومعادلات : المعادلة الأولى : مثلاً : لو أن أحدهم رأى كريماً فأعطاه قلماً فاخراً هدية ووضعه في جيبه .. وبعد يوم أو يومين رآه فنزع منه القلم وجعله في جيبه !.. فإذا لم يكن هناك حكمة من وراء هذا التصرف فمن المؤكد أن هناك بخلاً ، بل أكثر من البخل !.. إنسان يعطي إنساناً هدية ثم يسترجعها فأقل ما يقال عنه : أنه لئيم !.. كذلك الإنسان المنعم عليه بالعافية والتوفيق وسلامة القلب ، والكثير من النعم ، ثم تسلب فجأة .. وبما أن الله -عز وجل- أكرم الأكرمين فلا يكون هناك تفسير لهذا السلب !.. المعادلة الثانية : إن الحياة قبل خمسين سنة كانت قاسية في مظهرها المادي ولكن كان هناك جو من الألفة والتآلف .. والأمراض الجديدة كالإيدز وغيره لم تكن موجودة سابقاً .. فهذه الأيام هناك ذنوب مبتكرة كالمعاصي التي ترتكب من خلال النت والتلفاز وغيرها .. وبما أن هناك معاصي مستحدثة فإن الجزاء أيضاً مستحدث : بلاءات وأمراض جديدة وأمراض نفسية لم تكن موجودة . فإذن إن الإنسان المؤمن بمجرد أن تسلب منه النعمة بدل أن يقرأ الفنجان والأبراج والكف ، ويسب الزمان ؛ فلينظر إلى نفسه ما الذي فعله ؟.. ومن أسوأ صور المعاصي : أن يعصي الإنسان ربه وهو مرتاح .. قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( من أذنب ذنبا وهو ضاحك دخل النار وهو باك ) مثلاً : ينظر إلى فيلم حرام وهو يضحك أو يقامر وهو يضحك هذا الإنسان في منتهى السوء لأنه يعصي ولا يعيش حالة الخجل من الله عز وجل .. لذا فإنه يدخل النار مقابل ذنبه وباكياً مقابل ضحكه في الحياة الدنيا وهو يرتكب المعاصي . الدرس العملي : يجب أن لا ننسى الاستغفار من غير ذنب .. البعض منا إذا أذنب يستغفر وقد يبكي بكاء مريراً .. ولكن هناك معاصي لا يلتفت إليها الإنسان ، معاصي صغيرة تتراكم ؛ فتسلبه النعم .. لذا احتياطاً فليلتزم بالاستغفار في اليوم مرتين : مرة في النهار بعد صلاة العصر ، ومرة في الليل في نافلة الليل .. موقف في الليل ، وموقف في النهار ، حتى لو كان هناك هفوات ، هو لا يعرفها ؛ رب العالمين بهذا الاستغفار يغفر الذنب .. ************************* 13 11 2010 |
اقتباس:
زاد طيب .. فيه درس عظيم إذ أن المال هو أكثر ما يشغل الناس هذه الأيام ومعه نسوا آخرتهم واشتغلوا بجمعه اللهم بارك لنا فيما رزقتنا .. وارزقنا انفاقه في وجوه ترضى عنها يا كريم اللهم آمين أشكرك ... ناريمان |
الحمل على المحمل الحسن إن أغلب الناس في تقييمهم للأشخاص ، يعتمدون على القول ، و أن كثيراً من الأخبار مصدره قال فلان ، وقيل كذا .. وفي خبر آخر قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) !.. والغريب أن بعض الأقاويل ، أو بعض التهم منقولة من الصحف ، ولا يعلم من قائلها ؛ فأين ذهب قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } ؟.. فإذن ، إن وظيفة المؤمن عندما يسمع من أخيه كلمة سيئة ؛ أن يعمل بهذه الروايات : ورد عن رسول الله ( صلى اللهُ عليه ِ وآله ِ و سلم) قوله : ( إحمل أخاك المؤمن على سبعين محملاً من الخير ) .. وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً ، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا ) !.. إن الأب إذا سمع عن ابنه بعض التهم الخطيرة ، فعليه ألا يعامله معاملة المتهم ؛ لأن هذه دعوى .. بل يجب أن يحمله على البراءة ، إلى أن يثبت العكس ما لم يدان .. ولكن في نفس الوقت ، عليه أن يحذر فمادام هناك أقاويل .. إن كان الإنسان مما لا يعنيه أمره؛ فلا شأن له به .. ولكن إن كان يعنيه : كالولد ، أو الزوجة ، أو الأرحام ، أو الأصدقاء .. فالإنسان لا ينسى النصيحة ، ولو من باب التحذير . إن مشكلتنا تكمن في أن الولد بعد أن ينحرف ، نشكوه لزيد وعمرو ، ونتكلم معه بقسوة .. بينما المؤمن إذا رأى في ولده بوادر مراهقة ، أو محرمات معينة ؛ يحاول أن يجتث القضية قبل التفاعل .. وبعبارة أخرى : يدخل إلى جوفه ، وإلى قلبه ؛ ليبنيه من الداخل ؛ بدلا من الردع والضرب وغيره. وعليه ، فإن هناك وظيفتين - حسب الظاهر - مختلفتين ، ولكنهما وظيفتان ، وهما : الحمل على الأحسن ، والحيطة والحذر .. فالحمل على الأحسن مع وجود هذه الأجواء المفسدة ؛ أمر صعب .. ولكن المؤمن في نفس الوقت الذي لا يبالي فيه بكلام الآخرين ، أيضاً عليه أن يحذر ويدفع البلاء قبل نزوله . إن الإنسان عندما يحمل فعل أخيه على محمل حسن ، ثم يتبين أنه فاسق فاجر ، هو لم يخسر شيئا ، يقول : يا رب ، أنا حملته على محمل حسن ، ثم تبين أن هذه التهمة صحيحة .. وأما العكس : إذا لم يحمله على محمل حسن ، وتكلم عليه وأسقطه من الأعين ، ثم تبينت براءته ؛ فهنا الكارثة !.. يوم القيامة لا يقال : لِمَ لم تتكلم على فلان ؟.. بل يقال : لمَ تكلمت على فلان ، وأنت لست على يقين ؟.. القاعدة العامة : إن الإنسان أثناء قيادته للسيارة ، يأخذ الحيطة والحذر في كل شيء .. وفي التعامل مع الناس ، أيضاً لابد من هذه الحيطة والحذر ، *************************** 21 11 2010 |
وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ جزاك الله خيرا بارك الله فيك وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري وكم من عروس زينوها لزوجها وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري وكم من صغار يرتجى طول عمرهم وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر فمن عاش ألفا وألفين فلابد من يوم يحمل فيه إلى القبر (للامام الشافعي |
من أذنب ذنبا وهو ضاحك دخل النار وهو باك ) اللهم صل على محمد .. اللهم عافنا من الذنوب واعف عنا زاد رائع يا حميد لا تحرمنا من هذا الزاد أتابعك باستمرار لك أزكى تحية ...... ناريمان |
الدعاء عند سماع الاذان
َعَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرِو بْنِ العاصِ رضِيَ اللَّه عنْهُما أَنه سَمِع رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا علَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عشْراً ، ثُمَّ سلُوا اللَّه لي الْوسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنزِلَةٌ في الجنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لعَبْدٍ منْ عِباد اللَّه وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو ، فَمنْ سَأَل ليَ الْوسِيلَة حَلَّتْ لَهُ الشَّفاعَةُ » رواه مسلم . وعن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضيَ اللَّه عنْهُ أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ ، فَقُولُوا كَما يقُولُ المُؤذِّنُ » . متفق عليه . وَعنْ جابرٍ رضَي اللَّه عنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « من قَال حِين يسْمعُ النِّداءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعوةِ التَّامَّةِ ، والصَّلاةِ الْقَائِمةِ، آت مُحَمَّداً الْوسِيلَةَ ، والْفَضَيِلَة، وابْعثْهُ مقَامًا محْمُوداً الَّذي وعَدْتَه ، حلَّتْ لَهُ شَفَاعتي يوْم الْقِيامِة » رواه البخاري . وعنْ سَعْدِ بْن أَبي وقَّاصٍ رضِيَ اللَّه عنْهُ عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَال حِينَ يسْمعُ المُؤذِّنَ : أَشْهَد أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه وحْدهُ لا شَريك لهُ ، وَأَنَّ مُحمَّداً عبْدُهُ وَرسُولُهُ ، رضِيتُ بِاللَّهِ ربًّا ، وبمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وبالإِسْلامِ دِينًا ، غُفِر لَهُ ذَنْبُهُ » رواه مسلم . |
التصرف الإلهي في قلوب العباد إن البعض ينتظر ليلة القدر ليدعو ربه في تلك الليلة ، وهذا أمر في محل ه.. أو ينتظر موسم الحج ، ليدعو في يوم عرفة مثلاً .. أي ينتظر المناسبات ، وهي مناسبات محدودة .. فكل الليالي عادية ، إلا الليالي التي فيها أعمال.. ولكن في هذا الحديث القدسي، نفهم أن للمؤمن في كل ليلة محطة من محطات الالتجاء إلى الله عز وجل ، وكل ليلة من الممكن أن نحولها إلى ليلة قدر . ( إنّ الله -تبارك وتعالى - لينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل اللّيل إلى آخره : ألا عبدٌ مؤمنٌ يدعوني لدينه أو دنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه !.. ألا عبدٌ مؤمنٌ يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه !.. ألا عبدٌ مؤمنٌ قد قتّرت عليه رزقه فأزيده وأوسّع عليه !.. ألا عبدٌ سقيمٌ يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأعافيه !.. ألا عبدٌ مؤمنٌ محبوسٌ مغمومٌ يسألني أن أطلقه من سجنه فأخلّي سربه !.. ألا عبدٌ مؤمنٌ مظلومٌ يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له وآخذ له بظلامته !.. فلا يزال ينادي بهذا حتّى يطلع الفجر ). كيف ينادي رب العالمين ؟.. أولاً : في اللغة العربية، هناك ما يسمى بحذف المضاف، وتدل عليه القرينة.. يقول تعالى في سورة يوسف: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ؛ الإنسان لا يسأل جدران القرية؛ أي واسأل أهل القرية، هنا أهل مقدر.. وفي هذه الرواية (إنّ الله -تبارك وتعالى- لينادي ) من الممكن أن يكون المقدر: أن ملك الله ينادي ؛ أي الملائكة هي التي تنادي. ثانياً : من الممكن أن الله - عز وجل - هو الذي ينادي، فنجعله على ظاهره ولا نؤول بالملائكة.. ولكن نقول : كما نادى موسى ( عليهِ السلام ) من خلال الشجرة؛ أي أن رب العالمين يخلق الكلام خلقاً. ثالثاً : لعل هذه الروايات أوقعت بعض المسلمين في شبهة التجسيم : أن الله - عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا وينادي، هنا نقدر أن ملائكة الله -عز وجل- تنزل، وعندما يأتي الوكيل كأنه جاء الموكل.. إن القيام قبل طلوع الفجر؛ هذه سنة الأولياء.. والذي يريد أن يصل إلى درجة من درجات التكامل؛ لا بد له من وقفة في جوف الليل ولو لدقائق.. فقد قال عز من قائل: ( ألا عبدٌ مؤمنٌ يدعوني )، لم يحدد أن الدعاء يجب أن يكون في نافلة الليل.. فلو أن إنساناً قام قبل صلاة الفجر بخمس دقائق، وشكا ظلمه وظلامته، وطلب شفاء مرضه؛ فإن هذه الرواية تنطبق عليه.. أما صلاة الليل، فهي مسألة أخرى. وفي رواية أخرى، حدد القيام في الثلث الأخير من الليل، وليلة الجمعة من أول الليل.. ( إنّ الربّ - تبارك وتعالى - يُنزّل في كلّ ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أوّل اللّيل، وفي كلّ ليلةٍٍ في الثلث الأخير ملكاً ينادي: هل من تائبٍ يُتاب عليه؟.. هل من مستغفرٍ فيُغفر له؟.. هل من سائلٍ فيُعطى سؤله؟.. اللّهمّ!.. أعط كلّ منفق خلفاً، وكلّ ممسكٍ تلفاً.. فإذا طلع الفجر عاد الربّ إلى عرشه، فقسّم الأرزاق بين العباد ). إن هذه النداءات تكون كل ليلة في الثلث الأخير من الليل، وهناك روايات لم تحدد القيام بالثلث الأخير، أما ليلة الجمعة فإنها من أول الليل.. لذا الإنسان الذي عنده حوائج، احتياطاً بعد صلاتي المغرب والعشاء، يقول: يا رب، أنت هكذا تقول، وأنا قد جئتك في بيتك، وبعد فريضة واجبة، فاستجب لي دعائي!.. ( ألا عبدٌ سقيمٌ يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر؛ فأعافيه ) !.. لم يقل: سقيم في بدنه، بل قد يكون مبتلى بقسوة القلب.. البعض قبل أن يدخل المسجد، يعاهد ربه ونفسه أنه سيصلي صلاة خاشعة بإذن الله تعالى.. فيأتي قبل الوقت متطيباً متطهراً، ويصلي جماعة، وإذا بنفسه تخونه.. فهذه مصيبة، وهذا مرض!.. لذا فإن البعض يصلي ركعتين بعد الفرائض، ويستغفر ربه من صلاته.. يقول: يا رب، ما هذا الذي أمرتني به.. الصلاة معراج وقربان وعمود؛ وهذا لا ينطبق على ما صليت؛ فاغفر لي!.. فإذن، إن المؤمن إذا رأى في قلبه قسوة، أو حسداً؛ أو سوء ظن، أو رأى في صدره وسواساً؛ فهذا إنسان سقيم.. فليتخذ الأسحار، والثلث الأخير من الليل، للشكوى إلى الله عز وجل.. طوبى لمن يقوم من فراشه، ويأتي إلى بيت الله -عز وجل- في ظلمة الليل، في الجو البارد والماطر، فيدخل المسجد، ويدعو ربه إلى أن يحين وقت الصلاة !.. ************************************************** ************************************************** ********* 7 12 2010 |
اقتباس:
[SIZE="4"][COLOR="rgb(160, 82, 45)"]حقا ً هوَ خيرُ الزاد باركَ اللهُ تعالى فيك ِ أختي هند و جزاك ِ خيرا ً أسعدتِ صباحا ً مشاركة ٌ قيمة تحياتي |
الموائد المعنوية للمتقين إن أمير المؤمنين (عليه السلام ) في نهج البلاغة ، يصف المتقين بصفات ، ينبغي للمؤمن بين وقت وآخر ، أن يرى نسبة انطباق هذه الصفات عليه ؛ لأن كل هذه الصفات لا تجتمع عادة في شخص واحد .. ولكن لينظر إلى النسبة المئوية ، فبدرجة التأسي يكون موالياً لهم . ( مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ ، وَأَكُفِّهِمْ ، وَرُكَبِهِمْ ، وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ ) إن المؤمن على المائدة المعنوية ، شأنه شأن الإنسان الجالس على المائدة المادية .. إذ أنه عندما يجلس الإنسان على المائدة المتنوعة ، يأكل ما يشتهيه .. والمائدة المعنوية أيضاً مائدة ممدودة ، والإنسان الذي يستيقظ في جوف الليل ، إذا كان يغلب عليه الميل لقراءة القرآن مثلاً ؛ يكون معظم الوقت في تلاوة القرآن .. والذي يغلب عليه الميل لقراءة الدعاء ، يأخذ نصيبه منه .. والذي يغلب عليه الميل لصلاة الليل ، يصلي .. ولكن صلاة الليل في الحد الأدنى ؛ لابد منها .. البعض يستيقظ ويبقى في فراشه متأملاً في خلق السموات والأر ض، مدّعياً التعبد ؛ هذا إغواء من الشيطان الرجيم .. فصلاة الليل لها حكم خاص : إذا كان الإنسان متعباً ، أو مريضاً ، أو كان الوقت ضيقاً ؛ فبإمكانه أن يختصر الصلاة إلى ثلاث ركعات : ركعتي الشفع وركعة الوتر ، ومن دون سورة ؛ لأن السورة في المستحبات ليست واجبة ، إذ يكفي قراءة الحمد .. وعليه ، فإن الإنسان بإمكانه أن يصلي صلاة الليل قبل آذان الفجر بخمس دقائق ، ويكتب في ديوان قائمي الليل . إن المؤمن في جوف الليل ، له ثلاثة برامج : صلاة الليل ، وتلاوة القرآن ، والسجود .. وللسجود معان كثيرة : عن النبي الأكرم ( صلى الله ُعليه و آله وسلم ): ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) !.. ورب العالمين يحدث عبده وهو ساجد .. أما كيف يحدثه ؛ فإن له طرقه الخاصة !.. فهذه أم موسى ( عليه السلام ) لم تكن نبياً أو إماماً ، ومع ذلك فإن رب العالمين أوحى إليها ، فالأمر بيده !.. { إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ } لذا ، فإن المؤمن عندما يسجد ، يطلب من رب العالمين المدد الغيبي . ( يَطْلُبُون إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ ) هؤلاء يطلبون من الله - عز وجل - في جوف الليل فكاك رقابهم.. لم يقل : فكاك رقابهم من نار جهنم ، يبدو أن هؤلاء لهم هاجس أكبر من نار جهنم !.. فالمؤمن يقضي سنوات طويلة في عبادة الله - عز وجل - ومع ذلك يخاف من نار جهنم ؛ ولكن البعض يصل إلى درجة يكون فيها مطمئناً إلى أن رب العالمين لن يدخله النار . فإذن ، إن فكاك الرقاب الذي يطلبونه ، هو من غضب الله - عز وجل - ومن إعراض الله - عز وجل - عنهم .. مثلاً : الإنسان الذي يسهر فيما لا يحرم وما لا يجمل - ليس حراما - ولكنه سهر على الباطل ، فبسبب هذا اللغو رب العالمين يعرض عنه .. ( ... لو ملتُ بوجهي عنه ؛ لمال بوجهه عني .. أفمن يُرى راحما بعده ) ؟!.. هذه معادلة : أي إذا أنا صرفت النظر عن ربي ؛ فإن رب العالمين يصرف النظر عني .. بعض الناس ليسوا من أهل جهنم ، ولكن رب العالمين أيضاً لا يلتفت إليهم ؛ لأنهم مشغولون بالأباطيل ، وما لا طائل منه . إن المؤمن بين خوفين : إما الخوف من النار في أوائل أمره ، أو الخوف من إعراض الله - عز وجل - في نهايات أمره ؛ وهذا الخوف يبقى إلى ساعة الموت .. فالإنسان مهما بلغ يبقى خائفاً ؛ لأنه لا يعلم هل الله - عز وجل - راضٍ ٍ عنه ، أم لا !.. مثلاً : هناك أب عنده ثلاثة أولاد : يحب أحدهم كثيراً ؛ لأنه مطيع ويرضى عنه .. وهناك ولد مشاكس ؛ فإنه يغضب عليه .. وهناك ولد ليس فيه خير، وليس فيه شر ؛ فإنه لا يلتفت إليه . وعليه ، فإن الناس ثلاثة أصناف ، ومعظم الناس يندرج تحت الصنف الثالث .. لذا ، فإن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان يدعو بهذا الدعاء دائماً : ( لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً ) !.. بعض الناس رب العالمين أوكل أمرهم إلى أنفسهم : لا غضب ، ولا رعاية .. وهذه أيضاً كارثة : أن يكون الإنسان مهملاً في هذه الدنيا لا ولي له ، يقول تعالى : { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } فإذا لم يكن الإنسان مؤمناً ؛ فهو لا ولي له . __________________________________________________ _____________________________________________ 20 12 2010 |
الصفات المتناقضة في المتقين |
|
اقتباس:
يا الله .. كم هذا الدرس رائعاً ومفيداً ! إنه في صميم العلاقات الانسانية فكم من خبر أخذه أحدهم على محمل الجد والصدق وتصرف بناء عليه من غير أن يتبين صدقه من كذبه وكم من بيوت هدمت وعائلات تشردت بسبب ذلك ما أجمل أن نتزين بديننا الحنيف ونتزيا بأقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم خير زاد يا حميد بوركت وبورك ما تنقل لنا من روائع الكلم تحية ... ناريمان |
اقتباس:
|
بسم الله الرحمن الرحيم |
|
|
الأحزان التي ترد على قلب المؤمن إن الإنسان قد يكون في أعلى درجات الرفاهية، ولكن قلبه يعتصر حزنا وألما.. حيث أنه ليس هناك أي تلازم بين أن يكون الإنسان في سعة من الرزق، وبين حزن قلبه أو فرحه.. فإذن، لا يعتقدن أحد أن الرفاهية المادية ستشفع له في هذا المجال.. وكما هو متعارف: فإن الفقراء من أصفى الناس باطنا، وبعض التجار المترفين من أشد الناس عذابا ! .. إن الحزن ليس حالة واحدة، بل حالات متعددة : أولا : الحزن المقدس : إن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان من أكثر الناس حزنا، يقول القرآن الكريم : { طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى }.. كان يحمل حزنا عظيما، ولكن هذا الحزن كان مقدسا؛ لأنه حزن على الناس وعلى الأمة، فقد كان ( صلى الله عليه و آله وسلم ) عندما يؤذيه قومه، يقول : ( اللهم !.. اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون ). فإذن، عندما يرى المؤمن أن حزنه نابع من تقصيره في العبودية: حيث أنه من الصباح إلى المساء لم يوفق لطاعة معتبرة، أو عزم على ترك معصية، وفي ساعة الامتحان وقع في تلك المعصية .. أو لا هذه ولا تلك؛ أي لم يرتكب معصية، ولكنه يعيش حالة الغفلة والبعد عن الله عز وجل؛ فإن هذا الحزن مقدس .. لأن ذكر الله -عز وجل- بالنسبة للمؤمن الذي وصل إلى درجة عالية، هو بمثابة الهواء الذي يستنشقه.. فإذن، هذا الحزن مقدس.. وعلى المؤمن أن يدعو ويقول : يا رب، زدني حزنا !.. فهذا الحزن بمثابة المنبه، يجعل المؤمن يتنبه إلى أن هناك شيئا ما، أورثه هذا الحزن. ثانيا : الحزن غير المقدس .. وهو حزن شيطاني، إذ أن الإنسان يحزّن نفسه دون سبب : هو وضعه جيد، في نعمة ظاهرية وباطنية؛ ولكنه قلقل من المجهول، ويعيش في خوف من المستقبل .. حيث أن الله -عز وجل- منذ أن خلق آدم ( عليه السلام ) إلى يومنا هذا، ما أعطى ضمانا لأحد أن يعيش إلى آخر عمره على نحو ما هو يريد.. فالحياة فيها تقلبات.. فإذن، إن الحزن الذي منشؤه الدنيا والحرص عليها، غير مقدس. ثالثا : الحزن الذي لا يعلم سببه .. وهناك حزن لا يعلم هل هو مقدس أو غير مقدس : لا هو من معصية، ولا من غفلة، ولا هو من ابتعاد، ولا من دنيا .. سببه مجهول، فما هو الحل ؟.. على الإنسان أن يستقرئ باطنه، ويرى الأسباب التي أورثته هذه الحزن .. ومن الأسباب التي لا نقيم لها وزنا، إدخال الحزن على الآخرين .. إن رأيت حزنا في قلبك، ابحث عن القلوب المحيطة بك، لعلك كنت سببا في شعور إنسان بالألم والأذى؛ فعجّل رب العالمين لك العقوبة في الدنيا، أن جعل في قلبك هذا الحزن، ليخفف عنك العذاب يوم القيامة. 21 1 2011 |
أعجبتني ( أجسامهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة ) جزيل الشكر على هذه المنقولات الرائعة والمفيدة تحية ... ناريمان |
التعامل مع الدنيا إن تعامل الناس بالنسبة إلى الدنيا، على نوعين : هناك قسم توطدوا بالدنيا، ورضوا بالمتاع العاجل.. وبتعبير القرآن : { اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا }.. وهناك قوم انقطعوا إلى الآخرة، وأهملوا الدنيا؛ أي لا يشتغلون للدنيا، فهم غير فعالين فيها، ويغلب عليهم الذكر اللفظي مثلا، ولا يبالون لا بمجتمعهم ولا بأسرهم.. وهذه أيضا حالة مرفوضة. إن الكلمة الفصل في هذا المجال لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : ( إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ).. إنه تعبير رائع جدا!.. فالمؤمن يستثمر كل ما لديه من طاقات وقدرات، لتثبيت دعائم الحياة المادية.. والمؤمن من اهتماماته في الدنيا، أن يجمع مالا وفيرا، ليوقف بها أمرا ماديا، يكون له زادا في عرصات القيامة.. ( إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له ).. من هم أصحاب الصدقات الجارية؟.. هم أصحاب المال فالمؤمن الفقير : رأس ماله الدعاء، والصبر.. أما المؤمن الغني : هو الذي بإمكانه أن يبني ما يكون له صدقة جارية، وأن يتكفل الأيتام. فإذن، إن الدنيا مزرعة الآخرة.. في عالم الزراعة : كلما اتسعت رقعة المزرعة، كلما زاد المحصول.. وكلما زاد المحصول، زادت الزكاة الواجبة لذلك المال.. وبالتالي، فإن الدنيا إذا أصبحت في يد أمثال سليمان، تصبح نعم العون على الآخرة!.. إن الإمام عليا ً( عليه السلام ) يقول : ( واعمل لآخرتك، كأنك تموت غداً ).. إن المؤمن قد لا يخشع في صلاة الصبح، وقد لا يخشع في صلاة الظهر؛ لأنه يكون في قمة الانشغال اليومي.. أما في خصوص صلاة العشاء، فإن لها حالة خاصة.. وذلك لأن الإنسان عندما يصلي صلاة العشاء، يصلي صلاة المودع، فهي آخر فريضة لهذا اليوم، وبعدها سوف ينام، والله -تعالى- يقول في كتابه الكريم : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } فالموت والنوم أخوان قريبان.. من أين للإنسان الضمان أن الله يرجع له الروح بعد النوم؟.. ولهذا عندما يستيقظ من النوم، يخر ساجدا لله ويقول : ( الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني، وإليه النشور ).. فالعبارة حقيقية!.. إن بعض الحجاج -مع الأسف- يحجون حجة، هم لا يرضون بها، على أمل الحج السنة المقبلة!.. من قال أنه سيوفق لذلك؟.. لذا عليه أن يحج حجة مودع، وفي ليلة القدر كذلك عليه أن يقوم بأعمال مودع.. ومعنى قول الإمام ( عليه السلام ) : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) بعبارة أخرى : ( ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء ).. مثلا : هناك فقير له عصا وله سبحة، ولكن قلبه متعلق بهما؛ فهذا الإنسان عابد للدنيا.. وهناك إنسان آخر عنده مصانع كثيرة، ولكن قلبه غير متعلق بها؛ فهذا الإنسان زاهد بالدنيا. ____________________________________________ * * * حميد 20 8 2011 |
الساعة الآن 12:15 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.