منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   [ " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ " ................. ] (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=754)

ناريمان الشريف 10-22-2010 08:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 36370)
<B>
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
</B>
عنوان الزاد
( تكرار التوبة والاستغفار )

<B>
......................................
</B>



إن الاستغفار على قسمين :
الاستغفار بعد كل ذنب ، وهو هنا واجب .. والاستغفار من غير ذنب ، وهو مستحب ..
ولكن هل الاستغفار لابد فيه من التلفظ مثل صيغة الإسلام ، وعقد الزواج ؟..
حيث أن الإنسان الذي يسلم بقلبه ولا يتلفظ الشهادتين ، هذا ليس بمسلم ..
والإنسان الذي يتزوج فتاة بقلبه ، ولا يتلفظ النية : " تزوجت وقبلت " أيضا لا ينعقد النكاح ..
فإذا أذنب الإنسان وندم في قلبه ، وعزم على عدم العود ، ولم يقل : (أستغفر الله ربي وأتوب إليه) هل هذا توبته مقبولة أم لا ؟..
صيغة الاستغفار مستحبة ، وإلا فإن المقدار الذي تتحقق به التوبة هي الندامة القلبية ..
وعليه فإن التلفظ بالصيغة مستحب ، وفي الذنب لابد من الاستغفار ، واحتياطا نتلفظ ؛ وإلا فإن الندامة القلبية تكفي .
إن الله - عز وجل - يصف نبيه المصطفى ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) في كتابه الكريم :
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }
هذا النبي العظيم لا يمكن صدور الذنب منه ، ليس تكويناًً بل اختياراً ومع ذلك كانَ يقولُ أستغفر الله وأتوب إليه ؟..
ما فائدة الاستغفار من غير ذنب ؟..
إن رب العالمين يحب أن يرفع من درجة العبد بطريقين :
الطريق الأول :
السبب الداخلي .. أي يكون هو السبب في رفع الدرجات ، وذلك بالاستغفار ..
فالذي يستغفر ربه من غير ذنب ، رب العالمين يرفع من درجاته ؛ لأنه لم يذنب ويستغفر ..
أما إذا أذنب واستغفر؛ فإنه يحط عنه السيئات ..
فالاستغفار من غير ذنب ، يكون رفع درجات ، لا كفارة سيئات .
الطريق الثاني :
السبب الخارجي .. إذا لم يستغفر الإنسان ، يصب عليه البلايا والمصائب ؛ ليرفع من درجاته ..
فأيهما أفضل : رفع الدرجة بالاستغفار ، أم رفعها بالمحن ؟..
المؤمن دائماً يسأل الله - عز وجل - العافية ، فيقول :
( يا ولي العافية !.. نسألك العافية )
والدليل على ذلك هذه الرواية :
( إن رسول الله -صلى الله عليه وآله- كان يتوب إلى الله ويستغفره ، في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب .. إن الله يخص أولياءه بالمصائب ؛ ليؤجرهم عليها من غير ذنب ) .
فإذن ، إن المصائب والاستغفار كلاهما طريقان للأجر، والقرب إلى الله عز وجل ..
وهناك محطتان للاستغفار :
محطة نهارية ، ومحطة ليلية ..
المحطة النهارية : بعد صلاة العصر ، حيث منتصف النشاط النهاري ، يستحب الاستغفار بعد صلاة العصر سبعين مرة ..
والمحطة الليلية : تكون في صلاة الليل ، وكذلك يستحب الاستغفار سبعين مرة
{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }
فالمؤمن الذي يستغفر بعد صلاة العصر مرة ، وبعد صلاة الليل مرة ؛ هذا يعد من المستغفرين كثيرا .
19
10

2010



إنه والله لأطيب زاد
أستغفرك ربي في كل حين
بارك الله فيك.. جزيل الشكر والامتنان على جهدك وجعله ربي مباركاً وفي ميزان حسناتك
اللهم آمين


.... ناريمان

حميد درويش عطية 10-23-2010 07:13 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( صفاء القلب )
إن هذا الرواية المنقولة عن الإمام الصادق ( عليهِ السلام ) تستحق أن تكتب بالنور ..
( إن القلب إذا صفا ، ضاقت به الأرض حتى يسمو ) .
أولاً :
ما معنى القلب إذا صفا ؟..
إن القلب مجمع لأمور ثلاثة :
1 - العقائد :
القلب مستقر العقيدة ، فهي لا ترى .. بخلاف الصوم والحج والصلاة ، فالإنسان في الحج يضع ثوبي الإحرام على بدنه ، ويطوف ويسعى ويصلي .. إذن ، أعمال الأبدان واضحة ، أما أعمال القلوب فهي غير واضحة .. فالذي يكون كافرا ثم يصير مؤمنا بالله - عز وجل - عندما يدخل الإيمان قلبه الباطني ؛ عندئذ يصلي ويصوم .. هذا الإيمان أين دخل ، في أي زاوية من وجوده ، نحن لا نعلم أين ذلك القلب ؟!..
2 - المشاعر :
أي الحب والبغض ، والفرح والحزن ، وغير ذلك من المشاعر ، هذه مكانها القلب ..
فالذي يحب ، يحب بقلبه ، والإنسان بإمكانه أن يتظاهر بالحب ، وقلبه لا يحب ..
والذي يبغض ، يبغض بقلبه .. وكذلك يفرح ويحزن بقلبه .
3 - الخيالات والأوهام :
لا هي عقائد ؛ لأنها أوهام وخيالات تمر على الذهن مرورا ، ولا هو حب وبغض ..
الإنسان قبل النوم تهجم عليه الأفكار ، لذلك البعض يتناول الحبوب المنومةر، لأنه لا يتحمل شوارد الخواطر المزعجة .
إذن القلب فيه :
عقائد ، ومشاعر ، وأوهام وخيالات ..
إذا صفا ؛ أي صفا من الشوائب في هذه المجالات الثلاث .
العقائد :
العقيدة عقيدة حقة ، ولا نعني بالعقيدة الحقة إلا الإيمان بالله عز وجل ..
ومن عدله بعث الأنبياء ( عليهم السلام )، والنبي إذا ذهب عن الأمة ، لا بد له من وصي .. فموسى ( عليه ِ السلام ) غاب عن قومه أربعين ليلة ، فاستخلف أخاه هارون عليهم ،
{ وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } .
المشاعر :
أن لا يجعل الإنسان في قلبه حبا ، غير حب الله - عز وجل - ..
يقول الإمام الصادق ( عليه ِ السلام )
( القلب حرم الله، فلا تسكن حرم الله غير الله ) ..
قد يقول قائل :
ولكن نحن مأمورون بحب الأولاد .. إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قبل حسينا وضمه إليه ، وجعل يشمه ، وعنده رجل من الأنصار ، فقال الأنصاري :
إن لي ابنا قد بلغ ما قبلته قط !..
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
( أرأيت إن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك ، فما ذنبي ) ؟!..
فإذن ، كيف نجمع بين حب الأولاد ، وحب الزوجة ، وحب الله عز وجل ؟..
الجواب :
هذا يسمى بالحب الطولي ، لا بالحب العرضي ..
أي نحن نحب الأولاد ؛ لأن الله - عز وجل - أمرنا بحبهم .. والدليل على ذلك : أننا نربي الولد ، ونعطيه كل اهتمامنا ، وإذا بلغ أشده وأصبح في مرحلة النضج ، وانحرف عن طاعة الله - عز وجل - نطرده ..
نوح ( عليه َالسلام ) عندما رأى ولده يغرق ؛ تركه
{ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } ..
وبالتالي ، فإن هذا الحب حب طولي ، مادام الولد على طريق الاستقامة نحبه ..
وهذا الحب حب مقدس !..
ثانياً :
لماذا تضيق الأرض بالإنسان ؟..
إن هناك طائفتين يعيشون في ضيق ، هما :
الطائفة الأولى :
إنسان يعيش في وطنه ، ولكنه يعاني من عدة أمور ، منها : الديون الكثيرة ، والزوجة المشاكسة ، والأولاد المتمردون .. فهذا يضيق به البلد ، ولهذا إذا وجد مجالا ، فإنه يذهب إلى بلد آخر .
الطائفة الثانية :
إنسان وضعه جيد في وطنه ، ولكنه في الصيف ذهب إلى دولة أخرى ، فرأى طبيعة أجمل ، وزوجة أجمل ، ووظيفة أفضل .. أيضا هذا تضيق به الأرض ، ويتمنى ساعة الذهاب إلى تلك الدولة .
فإذن ، إن الناس في الدنيا على قسمين :
قسم تضيق بهم الأرض بما هم فيه من مشاكل .. وقسم من المؤمنين استذوق حلاوة العالم الآخر ، هذا الإنسان لماذا يتمنى الموت ؟..
وهل يتمنى البقاء على هذه الأرض؟..
إن المؤمن تضيق به الأرض ، ليس من باب المشاكل ، وليس من باب المرض النفسي ؛ بل لأنه يرى أن ما بعد الموت أفضل وأجمل !..
ثالثاً :
ما معنى سمو الروح ؟..
إن القلب إذا صفا سما ، فما هذا السمو الآخر في نهاية الرواية : ( حتى يسمو ) ؟..
السمو هنا ؛ أي أن يصل الإنسان إلى درجة القلب السليم .. والقلب السليم بالمعنى الدقيق :
هو ذلك القلب الذي يلقى الله - عز وجل - وليس فيه أحد سواه ..
فالإنسان الذي لا يرى في الوجود مؤثراً إلا هو ؛ لا بد أن تكون عيشته من أرقى صور المعيشة في الوجود !.. وكل قلب فيه شرك أو شك ؛ فهو ساقط ..
وهذا معنى لا إله إلا الله ؛ أي لا مؤثر في الوجود إلا الله عز وجل .
23
10
2010

حميد درويش عطية 10-24-2010 06:22 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( من حالات الحزن )

من الظواهر التي تنتاب المؤمنين من وقت لآخر ، وحتى غير المؤمنين ، ظاهرة الحزن الذي لا وجه له ..
فالإنسان أحيانا يعيش حالة من حالات الضيق والاكتئاب والقلق ، وهو يعلم سبب ذلك ، وأحيانا لا يعلم له منشأ واضحا ..
فلندرس الحالة على ضوء الفرضيتين :
الفرضية الأولى :
إذا علم له منشأ ، فليعالج الحزن بإذهاب منشئه ، كما يقال :
( إذا عرف السبب ، بطل العجب )
نحن بعض الأوقات نبقي المنشأ ، ونعالج المعلول ، فلا نرفع العلة من جذورها ..
من أهم مناشئ الحزن ، إدخال الحزن على الغير .. وخاصة إذا كان مؤمنا ، وذا رحم ، وقريبا ، وذا حق على الإنسان ..
بعض الأوقات إدخال الحزن لا يكون حراما ، مثلا :
رجل يقول لزوجته : أريد أن أتزوج امرأة أخرى .. هذا ليس حراما ، ولكن لماذا يدخل عليها الحزن دون سبب ؟.. وهنا من الممكن أن يدخل رب العالمين الحزن عليه كعقوبة دنيوية ، بسبب هذا الحزن الذي دخل قلبها .
نحن إذا دخل علينا الحزن ، نذهب إلى الأماكن المسلية ..
والحال بأن العلة موجودة ، ويجب علاج العلة من جذورها ، وذلك من خلال عمل جرد شامل لكل من يحيط بنا ، وكل من أدخلنا عليه الحزن ؛ نرفع عنه هذا الحزن ..
فمن أفضل القربات إلى الله - عز وجل - إزالة الهم والغم من قلوب المؤمنين .
الفرضية الثانية :
إنسان في قمة السعادة ، ولعله في ليلة زفافه ، أو في سفر مريح ، ولا يجد أنه كسر قلبا ، إنسان مؤمن لا يتكلم كلمة غير مدروسة ، ومع هذا يجد ضيقا في نفسه
{ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء }
لعل مقصود الآية :
أن طبقات الجو العليا ، يخف فيها الأوكسجين ، ولهذا كلما ارتفع الإنسان إلى الجبال الشاهقة ، يضيق صدره ؛ لأن الأوكسجين قليل ..
بعض الأوقات الإنسان كأنما يصعد في السماء ، وفي تعبير قرآني آخر :
{ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ }
الذي يعيش الضيق ، يرى ضيقا في حنجرته ، وفي صدره .. فالقصبات الهوائية تضيق في الأحزان ، حتى الأوكسجين الموجود لا يدخل بالكميات الكافية ..
فإذن قد يعيش حالة من الحزن الذي لا سبب له .
إن الله - عز وجل - يبتلي المؤمن ببلاءات :
إما كفارة للسيئات ، وإن لم يكن له سيئات ، فرفع للدرجات ..
ومن هذه البلاءات الحزن المفاجئ ..
إن من البلية :
الخدشة ، واللطمة ، والعثرة ، والنكبة ، والفقر ، وانقطاع الشسع ، وأشباه ذلك ..
إن المؤمن أكرم على الله - تعالى - من أن يمر عليه أربعون يوما ، لا يمحص فيها من ذنوبه ، ولو بغم يصيبه لا يدري ما وجهه .. وإن أحدكم ليضع الدراهم بين يديه ، فيراها فيجدها ناقصة ؛ فيغتم بذلك .. فيجدها سواء؛ فيكون ذلك حطا لبعض ذنوبه ..
هذه اللحظات من الهم والغم ؛ كفارة له .. لم يكن هناك سبب وجيه ، كان مجرد تخيل ، ولكن هذا التخيل أيضا رفعه وقربه إلى الله عز وجل ..
ولهذا أمير المؤمنين علي ( عليهِ السلام ) عندما يصف المتقين ، يقول :
( قلوبهم محزونة ) فالذي يفرح ويمرح ويهرج ، هذا الإنسان بعيد عن أجواء الإيمان .. المؤمن له حزن خفيف ؛ لأنه لا يعلم موقعه من الله عز وجل ، ولا يعلم آخرته ، ولا يعلم برزخه ، ولا يعلم إلى أين أمره !..
وكذلك يحمل هموم المسلمين .
الخلاصة :
إذا كان هناك سبب معلوم للهم ، فإنه يعالج السبب ..
وإن لم يكن له سبب معلوم ، فهذا لطف إلهي ؛ ومع ذلك احتياطا يستغفر الله عز وجل ..
فالاستغفار والصلاة على النبي وآله
بكليهما يطير إلى دار السرور .
24
10
2010

ناريمان الشريف 10-24-2010 08:12 AM

كالمعتاد ..
زاد طيب .. وكلمات تفعم القلب بالسكينة
بارك الله فيك أخي حميد



من القلب تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 10-24-2010 03:34 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 37923)
كالمعتاد ..
زاد طيب .. وكلمات تفعم القلب بالسكينة
بارك الله فيك
أخي حميد

من القلب تحية ... ناريمان

*
شكرا ً
أختي ناريمان
على المرور ِ الطيب
جزاك ِ اللهُ سبحانهُ خيرا
ً
24

10
2010

حميد درويش عطية 10-25-2010 06:27 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( مقدمات الأعمال )
إن الشارع المقدس ، يهيئ الإنسان لما يريد تدريجيا :
ففي شهر رمضان ، جعل ليالي القدر في العشر الأخيرة ؛ لذا فهي خير الليالي ..
في موسم الحج كذلك :
الذهاب إلى المدينة عنصر مهيئ ، ثم عمرة التمتع ، وبعد ذلك حج التمتع ..
الحج عرفة ، فلو كان الأمر أن ندخل المسجد الحرام ، فنطوف ، ونسعى ، وفي اليوم الثاني نذهب إلى عرفة ، ثم نبقى عشرة أيام في مكة .. لكان الحج باهتا ؛ لأن الإنسان بعد عرفة يسترخي .
فإذن ، هناك تدريج ، حتى لا يفاجأ الإنسان بالكنز ..
يوم عرفة هو الكنز ، وقبله مقدمات ..
وليلة القدر هي الكنز ، وقبلها مقدمات ..
والصلاة بين يدي الله - عز وجل - هي الكنز ، وقبلها أيضا مقدمات ..
ولكن هذا الكنز ؛ كنز دائمي :
حيث أن الحج يكون في العمر مرة واحدة ، وصوم شهر رمضان في السنة مرة واحدة ، أما الصلوات فهي يومية ، وفي اليوم خمس مرات ..
لذا ، لابد أن نفهم سياسة الشارع بالنسبة إلى الصلاة .
إن رب العالمين ، جعل محطات للإنسان قبل قراءة السورة ..
فالإنسان يصفي نفسه بمصفاة التكرير ، مثل النفط الخام الذي يدخل خاما ويخرج بنزينا .. يصفى مرحلة مرحلة :
المرحلة الأولى :
الوضوء بآداب الوضوء ..
هناك وضوء عادي ، قد يتوضأ الإنسان وهو يتكلم مع زيد وعمرو ، وقد ينظر للتلفاز .. هذا الوضوء صحيح ، ولكن الوضوء الشرعي أن يقرأ الإنسان المستحبات والآداب .. لأن هذه المناجاة في الوضوء ، تهيئ الإنسان للصلاة.. والمتوضئ قبل الصلاة ، أيضا يتوضأ مرة أخرى ؛
لأن ( الوضوء على الوضوء ، نور على نور ).
المرحلة الثانية :
الأذان والإقامة ..
الأذان والإقامة سنتان من سنن الصلاة ..
وبعد " قد قامت الصلاة " يجب عدم التكلم في شيء من أمور الدنيا .. وتشتد كراهة الكلام بعد قول المقيم :
" قد قامت الصلاة " إلا فيما يتعلق بالصلاة .
المرحلة الثالثة :
التكبيرات الست الافتتاحية ، ثم تكبيرة الإحرام ..
وبعد التكبيرات هناك أدعية تهيئ الإنسان للدخول في بحر الصلاة .
المرحلة الرابعة :
الاستعاذة بالله - عز وجل - قبل قراءة السورة :
لأن الشيطان قد يدخل على الخط بعد التكبيرة مباشرة .
الخلاصة :
أن الله - عز وجل - في تشريع الصلاة ، أراد من الإنسان أن ينتقل إلى لب الصلاة بشكل تدريجي :
من أول نظرة لماء الوضوء ، فيقرأ أدعية الوضوء ..
ثم الأذان ، والإقامة .. ثم التكبير؛ قبل التكبير يفكر الإنسان قليلا ، يحاول أن يستجمع أفكاره ، ثم يكبر .. ثم الاستعاذة ..
فحقيقة الصلاة الخاشعة تحتاج إلى تمهيد ، والمصلي ينبغي أن لا يدخل في نقاش مع أحد قبل الصلاة ؛ لأن ذلك يشغله أثناء الصلاة بين يدي الله عز وجل .
كل هذه أجواء مهيئة ، وإلا فإن الأمر يحتاج إلى أمر آخر ، وهو التفاتة القلب ..
فمن لم يسيطر على صلاته من تكبيرة الإحرام ؛ الشيطان يسرقه .. لذا عليه أن يحاول من تكبيرة الإحرام أن يكون مؤدبا بين يدي الله عز وجل ، وإلا إذا تزحلق فهو على جبل جليدي ، لا يلتفت إلا وهو يقول : السلام عليكم ، وهو في خمسين واد من وديان الدنيا .
وبالتالي ، إذا أتقن المصلي التكبير في أول صلاته ، وذكّر نفسه بمقتضى هذا التكبير ، وبمعاني التكبير في كل خطوة من خطوات صلاته ، التي يكبر فيها .. يرجى أن يأتي بصلاة خاشعة ، يقبلها الله - عز وجل - بمنه وكرمه .
25
10
2010

حميد درويش عطية 10-26-2010 06:17 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( محطات السفر الروحي )

إن الإنسان عندما يريد أن يسافر ، يعد العدة لذلك السفر قبل مدة طويلة ، ويبرمج نفسه :
إلى أين يذهب ، ومتى يذهب ، وكيف يذهب ؟.. في السفر المادي هكذا يعد له العدة ، ونحن طوال السنة لدينا محطات للسفر الروحي :
في ليالي القدر هناك سفرة روحية، وفي ليلة عرفة ويوم عرفة هناك سفر روحي ، وفي الليالي البيض من شهر رجب وشعبان ورمضان كذلك هناك سفر روحي ..
الشارع المقدس جعل لنا سفرا روحيا في مناسبات مختلفة خلال السنة ..
كما في السفرات الدنيوية :
نستمتع ، ونستلذ ، ونربح ؛ أيضا في السفرات المعنوية :
نستمتع ، ونستلذ ، ونربح ..
ومن هنا كما أن سفر الدنيا يحتاج إلى إعداد ، كذلك سفر الآخرة يحتاج إلى إعداد ..
قبل ليالي الطاعة ، وقبل أيام الطاعة ، وقبل مواسم الطاعة ؛ لا بد من الالتفات إلى عدة أمور :

أولاً :
الشوق .. حيث أن هناك فرقا بين إنسان يشتاق لشهر رمضان المبارك ، وبين إنسان يتمنى لو أنه يتأخر لأيام !..
ثانياً :
معرفة الأعمال ..
بعض الناس يتفاجأ أن اليوم انتهى ، ولم يعمل بمستحبات ذلك اليوم .. قد يقول قائل:
ما قيمة الغسل والصلاة في ذلك اليوم ؟..
الجواب :
هو أن الله - عز وجل - له عطايا ، وهذه العطايا متوقفة على أمر بسيط ..
ما قيمة الغسل يوم الجمعة ؟.. عادة الناس يوم الجمعة يستحمون ، ولكن من يغتسل يوم الجمعة ، عن الصّادق
( عليه ِ السلام ) قال : ( من اغتسل يوم الجُمعة فقال : " أَشْهَدُ أَنْ لا إِلـهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَاَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاجْعَلْني مِنَ التَّوّابينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرينَ " ؛ كان طهراً من الجمعة إلى الجُمعة ) ..
رب العالمين يريد أن يغفر ، ولكن يريد مبررا .. كالذي يقيم حفلا ولديه جوائز مكدسة ، فيطرح أسئلة بسيطة ؛ كي يوزع تلك الجوائز والهدايا .. رب العالمين عنده جوائز وعطايا ، - نحن كل يوم نقول : ( إلهي !.. تعرض لك في هذا الليل المتعرضون ، وقصدك فيه القاصدون ، وأمل فضلك ومعروفك الطالبون .. ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب ، تمن بها على من تشاء من عبادك ، وتمنها من لم تسبق له العناية منك ) يريد أن يوزع الجوائز ، بأي عذر يوزع ؟..
إذن علينا أن نعلم الآداب والمستحبات في تلك المناسبة .

ثالثاً :
الخشوع .. هناك ثلاث درجات من الخشوع :
1- خشوع الأبدان : أي أن المصلي فكره يذهب يمينا وشمالا ، ولكن هيئته مؤدبة : واقف ، متطيب ، عينه تطرق إلى الأرض ، هيئته هيئة إنسان مؤدب بين يدي الله عز وجل .. هذا خير من ذلك الذي يعبث بلحيته مثلا .. وخشوع الأبدان ؛ هو أضعف الإيمان .
2- خشوع الأفكار : أي أن المصلي يعلم ما يقول ، يقرأ الحمد { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وهو يعلم أنه يقول : أي يا رب !.. أعبدك حصرا .. إذ أن هناك فرقا بين نعبدك ونستعينك، وبين { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } كلاهم يفهمان الاستعانة والعبادة ، ولكن هذا بنحو الحصر .. أما نعبدك ونستعينك ؛ أي نعبدك ونعبد غيرك ، لا مانع !.. فرق بين إنسان يقرأ المعوذتين في الصلاة وغير الصلاة ، وهو لا يعلم ما معنى { النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } ،
و{ الْفَلَقِ } و{ غَاسِقٍ }، و{ وَقَبَ } .. وبين إنسان يعلم معنى ما يقر أ..
معظم المصلين والمسلمين والناطقين بالعربية ، لا يعرفون معنى { الصَّمَدُ } .. إذن ، هناك خشوع ذهني ، وهذا أرقى من الخشوع البدني .
3- الخشوع القلبي .. أي أن المصلي عندما يدعو ، يشعر أن هناك مخاطبا ، وأي مخاطب ؟.. إنه رب الأرباب !.. ولهذا بعض المؤمنين ، رب العالمين منّ عليه بسخاء الدمعة ، يقول : يا الله ؛ مرة واحدة ودمعته تجري .. يقرأ : ( اِلـهي !.. وَرَبّي مَنْ لي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرّي ) ؛ يبكي بكاء حارا .. هذا الإنسان وصل إلى لب الدعاء ، وإلى جوهر الدعاء .. والمرء إذا وصل إلى مرحلة البكاء أو التباكي ؛ هذا لا ترد له دعوة .. رب العالمين يستحي من عبده المؤمن ، أن يرد يديه صفرا إذا مدت إليه .. يد تمد إلى رب الأرباب ، والدموع تجري ، والقلب يخفق .. أكرم الأكرمين يهمل حاجة العبد ، وهو في بيته ، وبعد الصلاة الواجبة ، في جماعة المسلمين ، وفي سجدة ؟.. أي بعد هذه المقدمات لسان حاله يقول :
( وليس من صفاتك - يا سيّدي - أن تأمر بالسؤال ، وتمنع العطيّة ) ..
هذه عقيدة المؤمن !..
26
10
2010

حميد درويش عطية 10-27-2010 05:58 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( قضاء حوائج المؤمنين )

1

السعي في قضاء حوائج المؤمنين ، أمر مطلوب :
قضيت الحاجة أو لم تقض الحاجة ..
إذن المؤمن عندما يسعى في قضاء حاجة أخيه المؤمن ، لا يحرز النتيجة
{ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } ..
السعي مطلوب ، عن رسول الله - صلّى الله عليه وآله - قال :
( أوحى الله إلى داود ( عليه السلام ) : إنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة يوم القيامة ، فأحكمه في الجنّة ، قال داوُد : يا ربّ ، ما هذا العبد ؟.. قال : عبد مؤمن سعى في حاجة أخيه المسلم ، أحبّ قضاءها ، قضيت له أم لم تقض ) .
من مشى لامرئ مسلم في حاجته فنصحه فيها ، كتب الله له بكل خطوة حسنة ، ومحى عنه سيئة ؛ قضيت الحاجة أولم تقض ..
فإن لم ينصحه ، فقد خان الله ورسوله ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خصمه .
إن بعض الناس عندما يبلغ مبلغا إيمانيا يعتد ُ به ، أو حالة روحية راقية ؛ فإنه يعيش حالة الابتعاد عن الناس .. بينما روي في الأزمنة السابقة أن ( عابد بني إسرائيل ، كان إذا بلغ الغاية في العبادة ؛ صار مشاء في حوائج الناس ، عانيا بما يصلحهم ) ؛ أي بعد أن صار عنده علاقة متميزة مع رب العالمين .
يعتقد العرفاء بوجود أربعة أسفار ، يقطعها السالك إلى الله - تعالى - حسب العناية الإلهية :
السفر الأول :
السير من الخلق إلى الحق ، وهو مرحلة عبور عالم الطبيعة إلى الله عز وجل .
السفر الثاني :
السير بالحق في الحق ، وهو مرحلة معرفة الأسماء ، والصفات الإلهية .
السفر الثالث :
السير من الحق إلى الخلق بالحق ، وهو مرحلة الرجوع إلى الخلق ؛ لهدايتهم وإرشادهم .
السفر الرابع :
السير في الخلق بالحق ، وهو مرحلة الهداية الرحيمية .
السفر من الحق إلى الخلق ، حركة ارتدادية ..
هو ينقطع عن الناس إلى الله عز وجل ، فإذا بلغ الذروة نزل إلى الناس ..
ولكنّ هناك فرقا بين من يعاشر الناس بعد أن وصل إلى الله عز وجل ، وبين من يعاشر الناس وهو مأنوس بهم ، فرق بين الأمرين !..
السعي في قضاء حوائج المؤمنين :
هناك عنوان شرعي آخر ، وهو عنوان كفالة اليتيم ..
قضاء حوائج الأخوان من سبل الجنة ، وكفالة اليتيم من سبل الجنة أيضا .. البعض يخلط بين مفهوم مساعدة اليتيم ، ومفهوم كفالة اليتم ..
إذن القضية فيها كفالة ، وكأن هذا اليتيم من ضمن عائلة الإنسان ..
ولا مانع أن يكون هذا اليتيم من ذوي الإنسان ، مثلا :
إنسان يموت أخوه ، فيكفل ابنه أو ابن عمه ..
كفالة اليتيم بالمعنى الكامل هو هذا المعنى ..
إذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة من الرفق بالأيتام ، تصير كل حركة منه مشكورة :
البعض عندما يرى يتيما ، بحركة غير ملفتة يمسح على رأسه ، يمر يده على كل شعر رأسه .. ( المؤمن كَيِّس ، فَطِن ) !..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( أن عيسى بن مريم ( عليهِ السلام ) مر بقبر يعذب صاحبه ، ثم مر به من قابل ، فإذا هو ليس يعذب فقال :
يا رب ، مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب ، ثم مررت به العام ، فإذا هو ليس يعذب .. فأوحى الله - عز وجل - إليه :
يا روح الله !.. أنه أدرك له ولد صالح ، فأصلح طريقاً ، وأوى يتيماً ؛ فغفرت له بما عمل ابنه
) ..
هذه هي الصدقة الجارية ، فرق بين إنسان يموت وله في البنوك الملايين لا تفيده مثقال ذرة ، وبين إنسان فقير يموت وله ولد صالح ، يعمل في الحياة الدنيا ما يرفع عنه العذاب وهو في قبره ..
هنيئا لهكذا والد !..
قال صلى الله عليه وآله وسلم :
( إذا مات الإنسان انقطع عمله ، إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ..
البعض حاز هذه الخصال الثلاث.
الخلاصة :
أن المؤمن يحاول أن ينوع سبل الخير :
يكفل يتيما ، ويبني مسجدا ، وينشر كتابا .. لعل الله - عز وجل - يقبل منه أحد هذه الأمور ، فيكون من الفائزين !..

27
10
2010

حميد درويش عطية 10-28-2010 06:18 AM

قضاء حوائج المؤمنين

2

بالنسبة إلى قضاء حوائج المؤمنين لابد أن نلتفت إلى ثلاث نقاط :
النقطة الأولى :
أن هذا المؤمن منتسب إلى الإسلام وبالتالي منتسب إلى رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ..
نحن من أمة النبي المصطفى ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ، ويوم القيامة يباهي بنا الأمم ، عن النبي الأكرم
( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط ) .
إن الإنسان إذا قضى حاجة مؤمن ، يكون قد أدخل السرور على النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ..
( من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ..
ومن أدخل على رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) فقد وصل ذلك إلى الله - عز وجل - وكذلك من أدخل عليه كربا ) ..
وقال أيضا : ( تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله ، فإن للجنة بابا يقال له : المعروف لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا ، فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكل الله - عز وجل - به ملكان : واحدا عن يمينه وآخر عن شماله ، يستغفران له ربه ، ويدعوان بقضاء حاجته ..
ثم قال: والله !.. لرسول الله - صلى الله عليه وآله - أسر بقضاء حاجة المؤمن إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة ) .
النقطة الثانية :
البعض يظن أن قضاء الحاجة ، هو في إنقاذه من ميتة ، أو من ورطة عظيمة ..
ليس الأمر كذلك ، بل قد يكون قضاء الحاجة بأمر بسيط جدا ..
يوم القيامة تتعادل الحسنات مع السيئات وفي بعض الأوقات - مع الأسف - يأتي وله من الحسنات كجبال تهامة ، ولكن يعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته إلى أن يصبح مفلسا ، عن النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( يأتي يوم القيامة أناس من جلدتكم ، أعمالهم كجبال تهامة ، سيجعلها الله - تعالى- هباء منثورا ) ..
وسأل رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) مرة أصحابه : ( أتدرون ما المفلس ) ؟.. قالوا:
المفلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع ..
فقال :
( إنّ المفلس من أمّتي ، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام .. ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا .. فيعطي هذا من حسناته ، وهذا من حسناته .. فإن فنيت حسناتُه قبل أن يقضي ما عليه ؛ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثمّ طرح في النار ) .
هنا لو أن الله - عز وجل - وجد في ديوان عمل العبد حسنة واحدة ، - تساوت الحسنات مع السيئات ، أو لا سيئات له ولا حسنات - هذه الحسنة كافية ؛ لأن يدخل بها الجنة ..
( يُؤتى بعبدٍ يوم القيامة ليست له حسنة ، فيُقال له : اذكر وتذكّر هل لك حسنةٌ ؟.. فيذكر فيقول : يا ربّ !.. ما لي من حسنة ، إلا أنّ عبدك فلاناً المؤمن مرّ بي ، فطلب مني ماءً يتوضأ به فيصلّي به ؛ فأعطيته .. فيقول الله - تبارك وتعالى - أدخلوا عبدي الجنة ) !..
وهناك شاهدان في القرآن الكريمر ، على أن العمل القليل قد يكتب له الخلود والعظمة :
الشاهد الأول :
في بدء الخليفة ، { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } .. هذا قربان قبله الله - عز وجل - فذكره في كتابه .
الشاهد الثاني :
في سورة الدهر { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } ..
أقراص من الخبز قدمها علي وفاطمة : لليتيم ، والأسير ، والمسكين ؛ ولكن سر الخلود يكمن في { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا } ..
رب العالمين تقبل منهم ، وأنزل سورة في القرآن الكريم ، محورها هذا العمل .
النقطة الثالثة :
البعض يعمل لوجه الله تعالى ، ولكن إذا جاءه شكر أو ثناء ؛ يفرح .. والحال أن المؤمن لا ينتظر مكافأة ممن أحسن إليه ، ولا يأبه بالنتائج ؛ لأن غايته شيء واحد ، وهو طلب الأجر والثواب من الله - عز وجل - وحده
{ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا } .
28
10
2010

حميد درويش عطية 10-29-2010 06:27 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( التوبة المقبولة)
إن البعض منا عندما يقال له : إستغفر الله !.. يقول مرة واحدة ، وبلقلقة لسان :
" أستغفر الله ربي وأتوب إليه " وإذا أراد أن يُكثّف استغفاره ؛ يستغفر مائة مرة .. ويظن أنه بذلك استغفر حقيقة !.. والحال أن معنى الاستغفار الذي يفسره لنا علي (عليهش السلام ) مختلف عما نفهمه نحن .
قال (عليه ِ السلام ) :
(اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ ، وَهُوَ اِسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ : أَوَّلُهَا : اَلنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى .. وَاَلثَّانِي : اَلْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ اَلْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً .. وَاَلثَّالِثُ : أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ ؛ حَتَّى تَلْقَى اَللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمْلَسَ ، لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ .. وَاَلرَّابِعُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا ؛ فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَ ا.. وَاَلْخَامِسُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اَللَّحْمِ اَلَّذِي نَبَتَ عَلَى اَلسُّحْتِ ؛ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ اَلْجِلْدَ بِالْعَظْمِ ، وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ .. وَاَلسَّادِسُ : أَنْ تُذِيقَ اَلْجِسْمَ أَلَمَ اَلطَّاعَةِ ؛ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ اَلْمَعْصِيَةِ .. فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ : أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ) .
اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ .. أي أن الإنسان المستغفر حقيقة واصل لدرجة عالية ؛ لأنه :
عرف ربه أولاً ، واستحى منه ثانياً ، وعرف ضعفه ثالثاً .. أدرك هذه المعادلة الكبيرة ، ومن هنا يستغفر ربه بكل تفاعل .. يونس (عليه ِ السلام ) هذا النبي العظيم ، من الممكن أنه قال الذكر اليونسي مرة واحدة ، القرآن الكريم لم يقل : فنادى عشرات المرات ، أو مئات المرات .. بل قال :
{ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }؛ كلمة { فَنَادَى} تتحقق بمرة واحدة .. حيث وصف الذات بأعلى الأوصاف ، فقال : { لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ} ؛ أي لا مؤثر في الوجود إلا أنت .. ثم نزهه من كل تقصير ، فقال : { سُبْحَانَكَ}؛ أي يا رب، أنت المنزّه، وما وقعت به فهو من فعلي أنا.. ثم جعل نفسه هو الظالم وهو المقصّر، فقال: {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ أي أنا ظلمت نفسي.. هذه هي أركان الإنابة إلى الله عز وجل.. ثم يفصل الإمام ( عليه ِ السلام ) في معنى التوبة :
أولاً :
الندم .. إذا أحسّ الإنسان بحالة الندامة الباطنية؛ يكون قد عاد إلى ربه.. لأن العودة إلى رب العالمين عودة قلبية، لا عودة مادية.. فالقلب إذا لم يندم: فلا رجوع، ولا إنابة، ولا توبة في البين.. ومن هنا الفقهاء في الرسالة العملية، يقولون: لو ارتكب الإنسان ذنبا، ثم ندم ولم يتلفظ بالاستغفار؛ هذا الإنسان تائب.. نعم، يستحب له أن يتلفظ بألفاظ التوبة، وإلا بندامته فهو تائب.. كالمصلي الذي ينوي أن يصلي بين يدي الله عز وجل، يكبّر ويقف للصلاة؛ فإنه يعد مصليا، رغم أنه لم يتلفظ بشيء.
ثانياً :
عدم العود.. هناك فرق بين الندم الذي معه عزم، وبين الندم العابر.. العصاة عادة يندمون على ما هم فيه؛ أي يعيشون حالة الأسى والأسف.. ولكن المشكلة في سرعة الرجوع إلى ما كانوا عليه؛ أي هناك ندم، ولكن ليس هناك عزم على عدم العود..
علي (عليه ش السلام ) يقول: من شروط الاستغفار؛ العزم على العود.. لا يعزم على الترك في شهر رمضان؛ احتراماً للشهر الكريم.. بل يجب ترك الذنب مطلقا، والعزم على عدم العود إليه أبدا.

ثالثاً: تأدية حقوق المخلوقين.. الإنسان الذي يستغفر من السرقة، وأموال الناس في جيبه، أو في حسابه؛ هذا إنسان مستهزئ بالاستغفار.. فالقلب الذي يريد أن يلقى الله -عز وجل- بنقاء تام، وبسلامة تامة؛ لابد أن يكون مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه؛ ليس عليه تبعة.

رابعاً: تأدية حقوق الخالق.. الإنسان الذي في ذمته: صلاة، أو صوم، أو حج، أو خمس، أو...الخ؛ عليه أن يقضي تلك الحقوق.. البعض يكون في أواخر عمره، ولا زال عليه قضاء صلوات.. ستون سنة، وهو لم يؤد حقوق الله عز وجل؛ فضلا عن حقوق المخلوقين.

خامساً: إذابة اللحم الذي نشأ من السحت.. وذلك من خلال الصيام والأحزان، ثم ينشأ لحم جديد من مال حلال.

سادساً: إذاقة الجسم ألم الطاعة.. الإنسان عندما أذنب استمتع بالمعاصي.. فالمعاصي فيها متعة، وفيها لذة؛ وإلا الشيطان لما أغرانا بذلك {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.. طبيعة الحرام فيه جاذبية: من مأكوله، ومشروبه، و...الخ؛ كل هذه المحرمات فيها جاذبية.. هو تلذذ بالحرام في فترة من حياته، والآن: تاب، وندم، وعزم، وأدى الحق الذي عليه.. وكذلك يجب أن يذيق الجسم ألم الطاعة، كما أذاقه حلاوة المعصية.. فعند ذلك يقول: استغفر الله.

إن الإنسان الذي وصل إلى ملكوت الواجب والمستحب؛ يتلذذ بأداء التكليف.. عندما يذهب إلى الحج، ويعاني ما يعاني في طريق الحج؛ يتلذذ في هذه الصعوبات، كما يقال: لذة الخطاب أذهبت العناء.. أي أن الإنسان الذي يخاطب بالتكليف، هذا تشريف إلهي بالنسبة له.. ولكن إنسانا حديث عهد بالمعاصي والذنوب، من الطبيعي أنه في أول الطريق إلى الله عز وجل، يعيش ألم الطاعة.. الطاعات لا تناسب مزاجه إلا تكلفا، يقوم لصلاة الليل متناعسا، ومتثاقلا.. ولكن بعد فترة لو فاتته نافلة الليل في ليلة من الليالي، لمرض أو لنعاس؛ يكون في النهار في حالة يرثى لها؛ لأنه لم يقف بين يدي الله عز وجل.

الخلاصة :
أن العبد يصل في مراحل التكامل إلى درجة، لو خير بين المتعة المادية والمتعة المعنوية؛ فإنه يقدم المعنى على المادة، على أنها متعة زائدة، وليس من باب التقرب.. مثلا: يستحب للإنسان في ليلة الزفاف أن يصلي لله -عز وجل- ركعتين.. البعض يعيش الأنس في هاتين الركعتين، أكثر مما يعيشه من بعض اللذائذ الحسية..
29
10
2010

حميد درويش عطية 10-30-2010 05:56 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد

( أثر الحكمة الطيبة )

إنه لمن المناسب للمؤمن بين وقت وآخر عندما يتعب ، أن يهدي لنفسه طرائف الحكم ..
يقول علي ( عليهِ السلام ) :
( إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان ؛ فابتغوا لها طرائف الحكم ) ، غذاء الروح ؛ الحكمة الطيبة ..
أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) هو سيد الحكماء ، له كلمات حكمية مدونة ..
من مزايا أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) أنّ له تراثا مدوّنا ، بعنوان :
" نهج البلاغة " هو فيه بلاغة ، ولكنه نهج السعادة .. ومن هنا عكف العلماء من مختلف المذاهب على شرح هذا النهج ، الذي هو عبارة عن رسائل الإمام ، وخطبه ، وكلماته القصيرة ..
من حكمه ( عليهِ السلام ) :
( ما أضمر أحد شيئا ، إلا ظهر في فلتات لسانه ، وصفحات وجهه ) ..
بعض الناس عندهم سلوك باطني ، وسلوك خارجي متفاوت ..
مثلا :
يضمر العداء لإنسان ما ، أو لا يرتاح له ؛ ولكنه يتكلف له ، ويجامله .. علي ( عليهِ السلام ) يقول :
هذا الإنسان المجامل في يوم من الأيام ينكشف أمره ؛ لأن الإنسان لا يمكنه المجاملة إلى آخر العمر ..
إذا كان له زوجة لا توافقه في الأمور ، لماذا لا يحاول أن يحل الأمور من جذورها ، ويبحث عن الأسباب التي جعلت هذه الزوجة تنفر منه ؟.. فإسكاتها بهدية ، أو بسفرة كما هو المتعارف ؛ هذا ليس بحل جوهري .
فإذن ، إن الحل يكمن في أن يجعل الإنسان قلبه نظيفا نقيا ، لا يحمل غلا على أحد ..
ومن هنا رب العالمين ، قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة يصفّيهم ،
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } ؛
لأن هذا الغل ، يمنع من دخول الجنة .
قد يقول قائل : الناس لهم سلبياتهم !.. الجواب هو : انظر إلى النصف الممتلئ من الكأس ، لا إلى النصف الفارغ منه !..
هذا إنسان مؤمن ، له خيراته ، وله هفوة ما مع البعض .. هذا لا ينبغي أن يغطي على كل حسناته ..
مثلا :
هناك زوجة أنجبت ذرية صالحة ، وهي طيلة عشرين أو ثلاثين سنة ، تغسل وتطبخ وتنظف ؛ الآن هذه السنة ساء خلقها .. على الزوج أن يتحملها ، مقابل السنوات الطويلة .. ولكن مشكلتنا نحن ، أننا عادة ننظر إلى القسم الخالي دائما .
( امش بدائك ، ما مشي بك ) ..
وهنا خطاب للمرضى .. بعض الناس في أول حالة مرضية ولو صداع بسيط، يذهب إلى المستشفيات ، ويجلب مجموعة كبيرة من العقاقير الطبية ..
فلو صبر يوما أو يومين ، لذهبت العلة ، وشفي بدعائه وبحميته ، ولم يتأثر بالعوارض الجانبية التي يجمع عليها الأطباء ..
فهذه الأدوية سموم : تصلح جانبا ، وتفسد جانبا آخر ..
قال ( عليهِ السلام ) : ( رب دواء جلب داء ) .
يقول ( عليهِ السلام ) : ما دام الداء سهل الاحتمال ، فاصبر !..
يقول علي ( عليهِ السلام ) في إحدى كلماته :
( كان لي فيما مضى أخ في الله ... وكان لا يشكو وجعاً ، إلا عند برئه ) ؛ أي إن كان ولابد من ذكر المرض ، لا يذكره إلا بعد شفائه ..
هكذا يوصينا علي ( عليهِ السلام ) !..
وهنا إيماء إلى ما أمرنا به من كتمان المرض ، كما قال الرسول - صلّى اللّه عليه وآله - :
( من كنوز البرّ : كتمان الصدقة ، والمرض ، والمصيبة ) .
( أفضل الزهد ، إخفاء الزهد ) ..
الذي يترك الدنيا للدنيا ، هذا من أكبر الطواغيت ، هذا مستكبر !.. لأنه يزهد في الدنيا ؛ طلبا للدنيا ، وجلبا للقلوب .. وكذلك الجهر بالعبادة والزّهادة ، لا يسلم من مخالطة الرياء .
30
10
2010

عبدالسلام حمزة 10-30-2010 08:28 AM


سلمت أستاذ حميد

جزاك الله خيرا ً على الاختيارات الجميلة .

سلامي لك وسلمت يداك .

حميد درويش عطية 10-31-2010 06:05 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الإتقان في العمل )

إن الله -عز وجل- يقول في سورة الملك :
{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }
إذن ، المقياس هو العمل الأحسن لا العمل الأكثر !..
فلابد أن نتقن النوعية لا الكمية فحسب !..
أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) من هذا المنطلق يعلمنا الكيف والنوعية .

إن الكثير منا يقضي حوائج الغير : مادية وغير مادية ، لذا الإمام علي ( عليهِ السلام ) يضع ثلاث مواصفات قياسية لقضاء حوائج الناس فهو يقول ( عليهِ السلام ) :
( لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث : باستصغارها لتعظم ، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ ) .

( باستصغارها لتعظم ) .. أي أن من يقوم بعمل عليه أن لا ينظر إليه على أنه عمل كبير ، ولو عمل الكثير ..
إذا قام بذلك ، يبدو العمل عند الله - عز وجل - عظيماً .. فالإنسان ينسى إحسانه للغير، ولكن الإساءة بحق الغير لا ينساها ..
مثلا :
قبل عشرين سنة أهان مؤمنا ، عندما يراه يتذكر ما عمل بحقه من سوء ، فيستغفر الله عز وجل .

( وباستكتامها لتظهر ) .. إن المؤمن عندما يقوم بعمل ، عليه أن يكتمه مهما كان ظاهره عظيماًً ، وذلك لعدة أسباب منها :
أولا :ً
أنه { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
يوم القيامة يعلم هل هذا العمل كان مقبولاً عند الله - عز وجل - أم لا .. هو عليه أن يكتم العمل لأن ذلك قد يكون من موجبات القبول يوم القيامة .
ثانياً :
كما في الروايات عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ و سلم ):
( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل تصدق بصدقة ، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ، ما تنفق يمينه ).. إذن المؤمن يكتم عمله ، ورب العالمين يظهرها إن شاء .

( وبتعجيلها لتهنؤ ) .. أي يجب أن لا يماطل المؤمن بقضاء حاجة الطرف المقابل فهو قد يقضي له الحاجة بعد إذلال عندئذ لا قيمة لهذا العطاء ..
عندما يقول لك إنسان : نسألك الدعاء !.. وأنت تصافحه قل : اللهم اغفر له !.. لأنك إذا أجّلت ذلك ستنساه .
إن الشيخ محمد عبده الذي شرح نهج البلاغة عندما وصل إلى هذه العبارة فهمها بشكل آخر هو فسرها بقضاء حوائج النفس : استصغارها : أي أنت إذا أردت أن تقضى لك الحاجة صغّرها لأن الذي يرى عمله كبيرا ؛ يهاب من هذا العمل .. واستكتماها : بمعنى ( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود )
واعجلها لتهنأ : أي إن كنت تحب أن تعمل هذا العمل، عجّل في أدائه ، مثلا : تحب أن تزوج ابنك زوّجه فورا حتى يستمتع بهذا العمل .
فإذن ، من الممكن أن نفسر هذه العبارات الثلاث ، بقضاء حوائج الإنسان ، بمعنى بإنجازه هو لحوائج نفسه .
31
10
2010

حميد درويش عطية 11-01-2010 06:25 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

( حالات الإعراض في القلب )

إن جلّ اهتمام عامة الناس بعوارض البدن ..
يصاب أحدهم بصداع بسيط؛ فيذهب هنا وهناك ، وإذا لم يشف يذهب إلى أرقى المستشفيات في بلاد بعيدة ، لعلاج ظواهر أمراض البدن ..
وهذا أمر لا يعاتب عليه الإنسان ؛ إنه شيء طبيعي ..
أما أعراض القلب : إقبال وإدبار ، قبض وبسط .. القلب يموت ويخدر ويمسخ ويختم عليه
{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}
أحدنا لا يبالي إلى أين وصل قلبه .. الدنيا تنتهي ويصير هذا البدن طعاماً للحشرات والديدان وهوام الأرض ..
وهذه الروح يصعد بها إلى الملأ الأعلى ، يقول تعالى في كتابه الكريم :
{ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً }
الخطاب هنا للنفس ، وليس للبدن ..
إذن القلب هو الذي يُقيّم وعلى أساسه يكون الخلود في الجنة أو النار .
( ألا إن للقلوب شهوة وإقبالاً وإدباراً .. فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها فإن القلب إذا أُكره عمي ) .
( إن للقلوب شهوة وإقبالاً وإدباراً ) أي أن الإنسان ليس دائما في حالة تهيؤ لإقامة نافلة الليل ، أو لقراءة القرآن ، أو للدعاء .
( فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ) إن أحسّ الإنسان في نفسه إقبالا عليه أن يستنفذ هذه الحالة .. مثلا :
ذهب إلى الحرم المكي أو المدني وفي قلبه إقبال ؛ فليبق في الحرم إلى أن تذهب هذه الحالة ..
فمن يقطع هذا الإقبال لأي سبب دنيوي من الطبيعي أن يحرم الإقبال ثانية .
فإذن ، المؤمن ينظر إلى مزاجه ، إذا رأى في مزاجه إقبالا ، يحاول أن يمشي إلى آخر الخطوات ..
فالإقبال ضيف إن أكرمته بقي وإلا ذهب .. الضيف إن لم تكرمه يذهب ..
وهذه الحالة إكرامها بأن تُعطى حقها .
( فإن القلب إذا أُكره عمي )
إن الإنسان الذي يصلي ويقرأ القرآن وهمه آخر الجزء هذا الإنسان في يوم من الأيام يكره العبادة ويعمى قلبه ..
لا ينبغي للإنسان أن يرهق نفسه في المستحبات إذا لم يجد إقبالا !..
قد يقول قائل : إذا عملنا بهذا الكلام نفلس في سوق الآخرة !..
هناك جوابان على هذا التساؤل :
أولاً :
الذي لا يقوم للنوافل عليه أن يتقن الفرائض .. في بعض الروايات : قال رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ و سلم ): ( قال الله تعالى : إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده .. فيجتهد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظراً مني إليه وإبقاءً عليه .. فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت ( لها) زارئ عليها .. ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك .. فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه حتى يظن أنه يتقرب إلي )
الليلة الماضية كان متألقا ، هذه الليلة ينام ؛ ليعاتب نفسه ( يا آدم !.. أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المرائيين ).. فمن فاتته نافلة الليل، فليتقن الواجبات .. فليتعمد الذهاب إلى المسجد ، كي يصلي جماعة ، وبتوجه .. من المعلوم : " أن نقص الفرائض تجبر بالنوافل " كما ورد في الروايات .. ولكن من الممكن القول أيضا : أن الواجبات إذا أُتقنت تجبر النوافل .
ثانياً :
الإنسان الذي عنده إدبار مزمن يحتاج إلى تغيير ، هذا قلبه ميت .. المغمى عليه يعطى صدمة كهربائية لعله ينتعش !.. ومن يموت قلبه علاجه يكون بتقديم شكوى إلى الله عز وجل !..
( اِلـهي !.. اِلَيْكَ اَشْكُو نَفْساً بِالسُّوءِ اَمّارَةً ، وَاِلَى الْخَطيئَةِ مُبادِرَةً ، وَبِمَعاصيكَ مُولَعَةً ، وَلِسَخَطِكَ مُتَعَرِّضَةً ، تَسْلُكُ بي مَسالِكَ الْمَهالِكِ وَتَجْعَلُني عِنْدَكَ اَهْوَنَ هالِك، كَثيرَةَ الْعِلَلِ ، طَويلَةَ الاَْمَلِ ، اِنْ مَسَّهَا الشَّرُّ تَجْزَعُ ، وَاِنْ مَسَّهَا الْخَيْرُ تَمْنَعُ ، مَيّالَةً اِلَى اللَّعِبِ وَالَلَّهْوِ مَمْلُؤةً بِالْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ ، تُسْرِ عُ بي اِلَى الْحَوْبَةِ وَتُسَوِّفُني بِالتَّوْبَةِ ، اِلـهي اَشْكُو اِلَيْكَ عَدُوّاً يُضِلُّني، وَشَيْطاناً يُغْويني ، قَدْ مَلاََ بِالْوَسْواسِ صَدْري ، وَاَحاطَتْ هَواجِسُهُ بِقَلْبي ، يُعاضِدُ لِيَ الْهَوى ، وَيُزَيِّنُ لي حُبَّ الدُّنْيا وَيَحُولُ بَيْني وَبَيْنَ الطّاعَةِ وَالزُّلْفى ، اِلـهي اِلَيْكَ اَشْكُو قَلْباً قاسِياً مَعَ الْوَسْواسِ مُتَقَلِّباً ، وَبِالرَّيْنِ وَالطَّبْعِ مُتَلَبِّساً ، وَعَيْناً عَنِ الْبُكاءِ مِنْ خَوْفِكَ جامِدَةً ، وِ اِلى ما يَسٌرُّها طامِحَةً ، اِلـهي لا حَوْلَ لي وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِقُدْرَتِكَ ، وَلا نَجاةَ لي مِنْ مَكارِهِ الدُّنْيا اِلاّ بِعِصْمَتِكَ ، فَاَسْألُكَ بِبَلاغَةِ حِكْمَتِكَ وَنَفاذِ مَشِيَّتِكَ ، اَنْ لا تَجْعَلَني لِغَيْرِ جُوْدِكَ مُتَعَرِّضاً ، وَلا تُصَيِّرَني لِلْفِتَنِ غَرَضاً ، وَكُنْ لي عَلَى الاَْعْداءِ ناصِراً ، وَعَلَى الَْمخازي وَالْعُيُوبِ ساتِراً ، وَمِنَ الْبَلاءِ واقِياً ، وَعَنِ الْمَعاصي عاصِماً بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ )
هذه الشكاوى إذا اجتمعت - إن شاء الله تعالى - في ليلة من الليالي أو في يوم من الأيام هذا القلب يعود إلى حياته بمنه وكرمه .
1
11
2010

ناريمان الشريف 11-01-2010 06:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 38861)
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( التوبة المقبولة)
إن البعض منا عندما يقال له : إستغفر الله !.. يقول مرة واحدة ، وبلقلقة لسان :
" أستغفر الله ربي وأتوب إليه " وإذا أراد أن يُكثّف استغفاره ؛ يستغفر مائة مرة .. ويظن أنه بذلك استغفر حقيقة !.. والحال أن معنى الاستغفار الذي يفسره لنا علي (عليهش السلام ) مختلف عما نفهمه نحن .
قال (عليه ِ السلام ) :
(اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ ، وَهُوَ اِسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ : أَوَّلُهَا : اَلنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى .. وَاَلثَّانِي : اَلْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ اَلْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً .. وَاَلثَّالِثُ : أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ ؛ حَتَّى تَلْقَى اَللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمْلَسَ ، لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ .. وَاَلرَّابِعُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا ؛ فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَ ا.. وَاَلْخَامِسُ : أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اَللَّحْمِ اَلَّذِي نَبَتَ عَلَى اَلسُّحْتِ ؛ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ اَلْجِلْدَ بِالْعَظْمِ ، وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ .. وَاَلسَّادِسُ : أَنْ تُذِيقَ اَلْجِسْمَ أَلَمَ اَلطَّاعَةِ ؛ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ اَلْمَعْصِيَةِ .. فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ : أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ) .
اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ .. أي أن الإنسان المستغفر حقيقة واصل لدرجة عالية ؛ لأنه :
عرف ربه أولاً ، واستحى منه ثانياً ، وعرف ضعفه ثالثاً .. أدرك هذه المعادلة الكبيرة ، ومن هنا يستغفر ربه بكل تفاعل .. يونس (عليه ِ السلام ) هذا النبي العظيم ، من الممكن أنه قال الذكر اليونسي مرة واحدة ، القرآن الكريم لم يقل : فنادى عشرات المرات ، أو مئات المرات .. بل قال :
{ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }؛ كلمة { فَنَادَى} تتحقق بمرة واحدة .. حيث وصف الذات بأعلى الأوصاف ، فقال : { لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ} ؛ أي لا مؤثر في الوجود إلا أنت .. ثم نزهه من كل تقصير ، فقال : { سُبْحَانَكَ}؛ أي يا رب، أنت المنزّه، وما وقعت به فهو من فعلي أنا.. ثم جعل نفسه هو الظالم وهو المقصّر، فقال: {إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ أي أنا ظلمت نفسي.. هذه هي أركان الإنابة إلى الله عز وجل.. ثم يفصل الإمام ( عليه ِ السلام ) في معنى التوبة :
أولاً :
الندم .. إذا أحسّ الإنسان بحالة الندامة الباطنية؛ يكون قد عاد إلى ربه.. لأن العودة إلى رب العالمين عودة قلبية، لا عودة مادية.. فالقلب إذا لم يندم: فلا رجوع، ولا إنابة، ولا توبة في البين.. ومن هنا الفقهاء في الرسالة العملية، يقولون: لو ارتكب الإنسان ذنبا، ثم ندم ولم يتلفظ بالاستغفار؛ هذا الإنسان تائب.. نعم، يستحب له أن يتلفظ بألفاظ التوبة، وإلا بندامته فهو تائب.. كالمصلي الذي ينوي أن يصلي بين يدي الله عز وجل، يكبّر ويقف للصلاة؛ فإنه يعد مصليا، رغم أنه لم يتلفظ بشيء.
ثانياً :
عدم العود.. هناك فرق بين الندم الذي معه عزم، وبين الندم العابر.. العصاة عادة يندمون على ما هم فيه؛ أي يعيشون حالة الأسى والأسف.. ولكن المشكلة في سرعة الرجوع إلى ما كانوا عليه؛ أي هناك ندم، ولكن ليس هناك عزم على عدم العود..
علي (عليه ش السلام ) يقول: من شروط الاستغفار؛ العزم على العود.. لا يعزم على الترك في شهر رمضان؛ احتراماً للشهر الكريم.. بل يجب ترك الذنب مطلقا، والعزم على عدم العود إليه أبدا.

ثالثاً: تأدية حقوق المخلوقين.. الإنسان الذي يستغفر من السرقة، وأموال الناس في جيبه، أو في حسابه؛ هذا إنسان مستهزئ بالاستغفار.. فالقلب الذي يريد أن يلقى الله -عز وجل- بنقاء تام، وبسلامة تامة؛ لابد أن يكون مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه؛ ليس عليه تبعة.

رابعاً: تأدية حقوق الخالق.. الإنسان الذي في ذمته: صلاة، أو صوم، أو حج، أو خمس، أو...الخ؛ عليه أن يقضي تلك الحقوق.. البعض يكون في أواخر عمره، ولا زال عليه قضاء صلوات.. ستون سنة، وهو لم يؤد حقوق الله عز وجل؛ فضلا عن حقوق المخلوقين.

خامساً: إذابة اللحم الذي نشأ من السحت.. وذلك من خلال الصيام والأحزان، ثم ينشأ لحم جديد من مال حلال.

سادساً: إذاقة الجسم ألم الطاعة.. الإنسان عندما أذنب استمتع بالمعاصي.. فالمعاصي فيها متعة، وفيها لذة؛ وإلا الشيطان لما أغرانا بذلك {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.. طبيعة الحرام فيه جاذبية: من مأكوله، ومشروبه، و...الخ؛ كل هذه المحرمات فيها جاذبية.. هو تلذذ بالحرام في فترة من حياته، والآن: تاب، وندم، وعزم، وأدى الحق الذي عليه.. وكذلك يجب أن يذيق الجسم ألم الطاعة، كما أذاقه حلاوة المعصية.. فعند ذلك يقول: استغفر الله.

إن الإنسان الذي وصل إلى ملكوت الواجب والمستحب؛ يتلذذ بأداء التكليف.. عندما يذهب إلى الحج، ويعاني ما يعاني في طريق الحج؛ يتلذذ في هذه الصعوبات، كما يقال: لذة الخطاب أذهبت العناء.. أي أن الإنسان الذي يخاطب بالتكليف، هذا تشريف إلهي بالنسبة له.. ولكن إنسانا حديث عهد بالمعاصي والذنوب، من الطبيعي أنه في أول الطريق إلى الله عز وجل، يعيش ألم الطاعة.. الطاعات لا تناسب مزاجه إلا تكلفا، يقوم لصلاة الليل متناعسا، ومتثاقلا.. ولكن بعد فترة لو فاتته نافلة الليل في ليلة من الليالي، لمرض أو لنعاس؛ يكون في النهار في حالة يرثى لها؛ لأنه لم يقف بين يدي الله عز وجل.

الخلاصة :
أن العبد يصل في مراحل التكامل إلى درجة، لو خير بين المتعة المادية والمتعة المعنوية؛ فإنه يقدم المعنى على المادة، على أنها متعة زائدة، وليس من باب التقرب.. مثلا: يستحب للإنسان في ليلة الزفاف أن يصلي لله -عز وجل- ركعتين.. البعض يعيش الأنس في هاتين الركعتين، أكثر مما يعيشه من بعض اللذائذ الحسية..
29
10
2010

اللهم ارزقنا توبة نصوحاً
صفحات تملأ القلب سكينة
إنها قوت للقلوب
بارك الله في زادك ..


أزكى تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 11-02-2010 06:56 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( أنواع الرزق )

إن الرزق أنواع ..
عندما نقول : الرزق يتبادر إلى الذهن : النقد والذهب والفضة والرصيد في البنوك .. والحال أن هذا نوع من أنواع الرزق ..
هناك عدة عوامل توجب زيادة الرزق منها :
اليقظة بين الطلوعين ..
قال أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) :
(مَن كانت له إلى ربّه - عزّ وجلّ - حاجةٌ فليطلبها في ثلاث ساعات : ساعة في يوم الجمعة .. وساعة تزول الشمس حين تهبّ الرياح وتفتح أبواب السماء وتنزل الرحمة ويصوّت الطير .. وساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر فإنّ ملكين يناديان : هل من تائبٍ يُتاب عليه ؟.. هل من سائلٍ يُعطى ؟.. هل من مستغفرٍ فيُغفر له ؟.. هل من طالب حاجة فتُقضى له ؟.. فأجيبوا داعي الله واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض وهي الساعة التي يقسم الله فيها الرزق بين عباده ) .
سورة الواقعة ..
قراءة الواقعة ليلا توجب زيادة الرزق عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه الفاقة أبدا ) .
قيام الليل ..
إن الرجل ليكذب الكذبة فيُحرم بها صلاة الليل ..
فإذا حُرم صلاة الليل حُرم بها الرزق .
الاستغفار ..
قال الله تعالى :
{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً }
عن النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) أنه قال :
( مَن أكثر الاستغفار جعل الله له من كلّ همّ فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب ).‏.
إذا استبطأت الرزق فأكْثِر من الاستغفار .

ترك المعاصي والذنوب ..
ما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي .. يكتب للرجل رزقا حلالا طيبا فإذا عصا ربه حرم ذلك الرزق .. حتى أن هنالك بعض النصوص تدل أن الطير إذا غفل عن ذكر الله - عز وجل - يصاد ما من طير يصاد في البر ولا في البحر .. ولا يصاد شيء من الوحش إلا بتضييعه التسبيح .
إن البعض يقوم بهذه المستحبات ولا يزداد رزقاً مادياً بل يزداد انتكاسة .. وهو لا يعلم أن الرزق معنى عام جدا وآخر الرزق هو المال ..
أنواع الرزق :
أولاً :
الإقبال القلبي ..
أهم أنواع الرزق وأوسع أبواب الرزق الإقبال القلبي .. إذا جاء الإنسان إلى المسجد وصلى صلاة خاشعة فيها أنين وحنين ثم خرج من المسجد وأصابه حادث سير فخسر مائة دينار مثلا .. أين هذه الخسارة من هذا الإقبال ؟..
ثانياً :
الزوجة الصالحة ..
شاب يقوم الليل لا تفتح له أبواب المال ولكن يعطى زوجة صالحة ..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ آلهِ وسلم ) :
( ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله - عز وجل - خيراً له من زوجة صالحة : إن أمرها أطاعتهر.. وإن نظر إليها سرته .. وإن أقسم عليها أبرّته .. وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله ) .
ثالثاً :
الذرية الطيبة ..
البعض يموت فقيرا ويترك ذرية مطيعة فلا ينسون يوماً إهداءه ثواب صلاة ركعتين ..
والبعض الآخر يموت غنياً ويترك الأموال الطائلة لذريته فيتمتعون بأمواله ولا يذكرونه بركعة واحدة ..
عن النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) :
( إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له )..
إذن الولد الصالح أيضا رزق .
رابعاً :
المال ..
ثم يأتي النقد والذهب والفضة ..
قال علي ( عليهِ السلام ) :
( الرزق رزقان : رزقٌ تطلبه ، ورزقٌ يطلبك .. فإن لم تأته أتاك فلا تحمل همّ سنتك على همّ يومك كفاك كل يوم ما فيه .. فإن تكن السنة من عمرك فإنّ الله - تعالى جدّه - سيؤتيك في كل غد جديد ما قسّم لك .. وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهمّ لما ليس لك ؟.. ولن يسبقك إلى رزقك طالبٌ ولن يغلبك عليه غالبٌ ولن يبطئ عنك ما قد قُدّر لك ) .

( رزقٌ تطلبه ورزقٌ يطلبك ) .. فما كان من النمط الأول فإن الرزق يأتي الإنسان كما يأتيه الموت ..
بعض الأوقات يسعى الإنسان وراء عمل معين فلا يجد إلا الخسران .. وبعض الأوقات بعمل بسيط وإذا بأبواب الرزق تفتح عليه .
( فلا تحمل همّ سنتك على همّ يومك ) ..
بعض الآباء يحملون همّ أولادهم بالنسبة إلى الجامعة وهم مازالوا في أول ثانوي .. هذا ليس من سنن الأولياء هذا اسمه طول الأمل .
( فإن تكن السنة من عمرك فإنّ الله - تعالى جدّه - سيؤتيك في كل غد جديد ما قسّم لك ).. يقول بمنطق علمي : أنت إما أن تبقى لآخر السنة وإما أن تموت .. وإذا كان رب العالمين مد بعمرك فقد قال في كتابه الكريم :
{ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } أي أن الرزق سيأتيك كما قسمه لك .
( وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بالهمّ لما ليس لك ) ؟.. إن كان المقدر أن لا تبقى فلا تحمّل نفسك همّ سنة لا تأتيك ؟..
إن المؤمن يطلب من الله رزقا واسعا ، هذا الرزق ما هو :
إقبال للقلب أو زوجة صالحة أو ذرية صالحة أو مال وفير .. دع رب العالمين يختار لك ما يشاء
{ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } فهو يعلم ما يصلحك وما لا يصلحك ..
هنيئا لمن عاش هذا التفويض!..

2
11
2010

ناريمان الشريف 11-02-2010 07:22 PM

( ما أضمر أحد شيئا ، إلا ظهر في فلتات لسانه ، وصفحات وجهه ) ..


رائع يا حميد
هذه المقالة لعلي كرم الله وجهه .. تدل على وعي كبير وفهم عميق للنفس الانسانية
ونهج البلاغة كتاب غني عن التعريف
فلا أروع من هذا الكتاب


أحسنت أخي حميد

تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 11-03-2010 09:47 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 39290)
اللهم ارزقنا توبة نصوحاً
صفحات تملأ القلب سكينة
إنها قوت للقلوب
بارك الله في زادك ..

أزكى تحية ... ناريمان

آمين .. يا ربَ العالمين
صباح الخير أختي الطيبة ناريمان
شكرا ً لمرورك ِ
جُزيت ِ خيرا
لك ِ سلامي
3
11
2010

حميد درويش عطية 11-03-2010 10:35 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( الموائد المعنوية للمتقين )

إن أمير المؤمنين ( عليه ِ السلام ) في نهج البلاغة ، يصف المتقين بصفات ، ينبغي للمؤمن بين وقت وآخر ، أن يرى نسبة انطباق هذه الصفات عليه ؛ لأن كل هذه الصفات لا تجتمع عادة في شخص واحد .. ولكن لينظر إلى النسبة المئوية ، فبدرجة التأسي يكون موالياً لهم .
( مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ ، وَأَكُفِّهِمْ ، وَرُكَبِهِمْ ، وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ ) ..
إن المؤمن على المائدة المعنوية ، شأنه شأن الإنسان الجالس على المائدة المادية .. إذ أنه عندما يجلس الإنسان على المائدة المتنوعة ، يأكل ما يشتهيه .. والمائدة المعنوية أيضاً مائدة ممدودة ، والإنسان الذي يستيقظ في جوف الليل ، إذا كان يغلب عليه الميل لقراءة القرآن مثلاً ؛ يكون معظم الوقت في تلاوة القرآن .. والذي يغلب عليه الميل لقراءة الدعاء ، يأخذ نصيبه منه .. والذي يغلب عليه الميل لصلاة الليل ، يصلي .. ولكن صلاة الليل في الحد الأدنى ؛ لابد منها ..
البعض يستيقظ ويبقى في فراشه متأملاً في خلق السموات والأرض ، مدّعياً التعبد ؛ هذا إغواء من الشيطان الرجيم .. فصلاة الليل لها حكم خاص :
إذا كان الإنسان متعباً ، أو مريضاً ، أو كان الوقت ضيقاً ؛ فبإمكانه أن يختصر الصلاة إلى ثلاث ركعات : ركعتي الشفع وركعة الوتر ، ومن دون سورة ؛ إذ يكفي قراءة الحمد .. وعليه ، فإن الإنسان بإمكانه أن يصلي صلاة الليل قبل آذان الفجر بخمس دقائق ، ويكتب في ديوان قائمي الليل .
إن المؤمن في جوف الليل ، له ثلاثة برامج
: صلاة الليل ، وتلاوة القرآن ، والسجود .. وللسجود معان كثيرة :
عن النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) !..
ورب العالمين يحدث عبده وهو ساجد .. أما كيف يحدثه ؛ فإن له طرقه الخاصة !..
فهذه أم موسى ( عليها السلام ) لم تكن نبياً ، ومع ذلك فإن رب العالمين أوحى إليها ، فالأمر بيده !..
{ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ } ..
لذا ، فإن المؤمن عندما يسجد ، يطلب من رب العالمين المدد الغيبي .
( يَطْلُبُون إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ ) ..
هؤلاء يطلبون من الله - عز وجل - في جوف الليل فكاك رقابهم .. لم يقل : فكاك رقابهم من نار جهنم ، يبدو أن هؤلاء لهم هاجس أكبر من نار جهنم !.. فالمؤمن يقضي سنوات طويلة في عبادة الله - عز وجل - ومع ذلك يخاف من نار جهنم ؛ ولكن البعض يصل إلى درجة يكون فيها مطمئناً إلى أن رب العالمين لن يدخله النار .
فإذن ، إن فكاك الرقاب الذي يطلبونه ، هو من غضب الله - عز وجل - ومن إعراض الله - عز وجل - عنهم .. مثلاً : الإنسان الذي يسهر فيما لا يحرم وما لا يجمل - ليس حراما - ولكنه سهر على الباطل ، فبسبب هذا اللغو رب العالمين يعرض عنه ..
بعض الناس ليسوا من أهل جهنم ، ولكن رب العالمين أيضاً لا يلتفت إليهم ؛ لأنهم مشغولون بالأباطيل ، وما لا طائل منه .
إن المؤمن بين خوفين :
إما الخوف من النار في أوائل أمره ، أو الخوف من إعراض الله - عز وجل - في نهايات أمره ؛ وهذا الخوف يبقى إلى ساعة الموت ..
فالإنسان مهما بلغ يبقى خائفاً ؛ لأنه لا يعلم هل الله - عز وجل - راضٍ عنه ، أم لا !.. مثلاً : هناك أب عنده ثلاثة أولاد : يحب أحدهم كثيراً ؛ لأنه مطيع ويرضى عنه .. وهناك ولد مشاكس ؛ فإنه يغضب عليه .. وهناك ولد ليس فيه خير ، وليس فيه شر فإنه لا يلتفت إليه .
وعليه ، فإن الناس ثلاثة أصناف ، ومعظم الناس يندرج تحت الصنف الثالث .. لذا ، فإن النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ ) كان يدعو بهذا الدعاء دائماً :
( لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً ) !..
بعض الناس رب العالمين أوكل أمرهم إلى أنفسهم : لا غضب ، ولا رعاية .. وهذه أيضاً كارثة : أن يكون الإنسان مهملاً في هذه الدنيا لا ولي له ، يقول تعالى :
{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } ،
فإذا لم يكن الإنسان مؤمناً ؛ فهو لا ولي له .
3
11
2010

حميد درويش عطية 11-06-2010 10:06 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( الناس ثلاثة أصناف )
يُقسّم الإمام علي ( عليهِ السلام ) الناس إلى ثلاثة أقسام :
الناس ثلاثة : فعالم ربـّاني ، ومتعلـّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع: أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، لم يستضيؤوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق )..
( فعالم ربـّاني ) ..
عندما نقرأ بعض الروايات ، مثل :
( طلب العلم فريضة على كل مسلم )
ليس معنى ذلك أن طلب علم الهندسة فريضة .. نعم ، بعض الأمور واجبات كفائية ؛ إذ لابد من وجود الطبيب في المجتمع مثلاً .. ولكن كلمة " فريضة " أي على كل مسلم .. فهل على كل مسلم ، أن يتعلم الطب والفيزياء والهندسة ؟..
المراد بالعلم في هذه الموارد هو العلم الذي يضمن للإنسان الآخرة ، العلم الذي يقرّبه إلى الله عز وجل .. أما العلوم الطبيعية ، فهي ضرورية في مجال المعاش ، ولكن كل علم لا يصلحك ضلال ومال لا ينفعك وبال . :
في عرصات القيامة ليس هناك سؤال عن الكيمياء والفيزياء ، إنما السؤال عن العلم الواجب تعلمه ، والمنطبق على أصول وفروع الدين : الأصول اجتهاداً ، والفروع تقليداً ..
والعالم الرباني هو العالم الذي علمه متصل بالله - عز وجل - وليس المراد بالعالم هنا أئمة المساجد .. بل قد يكون العالم الرباني إنساناً فيزيائياً أو كيميائياً ، ولكن له انكشاف بصيرة ؛ ويرى الأمور بمنظار إلهي .
( ومتعلـّم على سبيل نجاة ) ..
إن الإنسان الذي يعترف بجهله ، هذا إنسان جيد .. والجاهل على قسمين :
جاهل يرجى له النجاة ؛ وهو الجاهل البسيط. . وجاهل لا يرجى له النجاة ؛ وهو الجاهل المركب ، الذي لا يعلم أنه لا يعلم ؛ لذا سيبقى في جهله إلى آخر عمره ..
تقول الرواية :
( إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم ؛ رضاً بما يصنع )
هل المراد هنا طالب العلم المحترف في الحوزات العلمية ، أم أنه ينطبق أيضاً على من يلتحق بالدورات الثقافية التي تقام لمدة عشرة أيام - مثلاً - في الفقه والعقائد ، أو أي علم نافع في أمور الدين ، وعلى من يأتي إلى المسجد ، وينوي تعلم العلم ؟.. لهذا يقول المجتهدون :
مسجد المرأة بيتها ، إلا إذا كان في المسجد علم ينتفع به .
( وهمج رعاع : أتباع كلّ ناعق )
الهمج مفسر في اللغة : " بالحمقى " والرعاع : هو " الإنسان الذي لا وزن له".. هؤلاء أتباع كل ناعق ، والناعق هو الذي يتكلم بالحق والباطل ..
ولكن إذا كان أغلب الناس من هذا القسم ، هل هذا يوجب الوحشة ؟..
روي عن أمير المؤمنين ( عليِهِ السلام ) :
( أيها الناس !.. لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله ، فإنّ الناس اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل )..
ونبي الله نوح ( عليِهِ السلام ) لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وما آمن به إلا القليل ..
- وفسر القليل دون المائة -
أما الأغلبية فإنهم كانوا يضحكون على نوح ( عليِهِ السلام ) وهو يصنع السفينة على اليابسة ..
فإذن ، هنيئا لمن كان على هذا الخط !.. يقول الإمام علي ( عليِهِ السلام ) :
( اعرف الحق تعرف أهله .. لا يقاس الحق بالرجال ولكن يقاس الرجال بالحق ) !..
***************
6
11
2010

حميد درويش عطية 11-07-2010 06:34 AM

بسم اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( العلم خير من المال )

الإمام علي ٌ ( عليهِ السلام ) يقوم بعمل مقارنة بين العلم والمال ..
بعض الأمور في حياتنا بديهية ، ولكن في مقام العمل ينسى الإنسان هذه البديهيات ، فيأتي ( عليهِ السلام ) ليلفت النظر، وينبه على هذه الأمور البديهية ..
الإمام ( عليهِ السلام ) في مقدمة الكلام يقول :
( العلم خيرٌ من المال : العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال .. المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق .. وصنيع المال يزول بزواله ) .
( العلم خيرٌ من المال ) ..
هذه دعوى ، ونعتقد بها جميعاً .. ولكن الإمام ( عليهِ السلام ) يبرهن على ذلك ، من خلال عمل مقارنة بسيطة بين العلم والمال من ثلاث زوايا :
أولاً :
( العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ) ..
المال مادة صامتة ، فهو : إما نقد ، أو سكن ، أو بضاعة ..
النقد يحتاج إلى مصرف ، والعمارة تحتاج إلى صيانة ، والبضاعة تحتاج إلى مخازن ..
إذن كل مال يحتاج إلى حفظ، وحماية .. وطبيعة الإنسان الذي يحفظ شيئاً ، أنه يعيش حالة القلق دائماً : فالتاجر يخاف من احتراق بضاعته ، والإنسان يخاف من ضياع ماله ، وأصحاب الأسهم يعيشون حالة الترقب دائماً .
فإذن ، إن طبيعة المال تلازم تقريباً حالة القلق والفزع والخوف ، ومن هنا قيل :
( ما قلّ وكفى ؛ خير مما كثر وألهى ) !..
لذا ، فإن العمل الوظيفي - من بعض الجهات - خير للمؤمن الذي يحب أن يتفرغ لآخرته من العمل التجاري .. لأن التجارة قد تذهب برأس مال الإنسان الأخروي ، أما العمل الوظيفي فإن الإنسان يذهب إلى وظيفته صباحاً ، ويعود ظهراً ، وفي نهاية الشهر يستلم راتبه ، وعندما يعود إلى منزله ينسى الدائرة وما فيها ، بخلاف التاجر وهو في المنزل وفكره في : الباخرة التي شحنت البضاعة ، وفي المتجر ، وفي البورصات العالمية ؛ لذا فهو يعيش حالة القلق دائماً .
إذا كان الإنسان على مستوى الأبطال ، يعمل بقوله تعالى :
{ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ }
ونوادر البشر فقط هم من مصاديق هذه الآية ..
والقرآن الكريم عندما يذكر منزلة من المنازل ؛ معنى ذلك أنها ممكنة الوصول ، وليست قضية عرفانية معقدة صعبة جداً ..
القرآن يصف المؤمن بأنه إذا ربح ألف دينار لا يفرح ؛ لأنه يخاف أن تكون هذه الألف هي استدراج ؛ ولا يعلم هل سيصرفها كما أراد الله عز وجل ؟.. أما الذي لا يُعطى ؛ فلا حساب عليه ..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) :
( لا تزولا قدما عبد يوم القيامة ، حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) .
ثانياً :
( المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ) ..
ولهذا بعض الخطباء عندما يبدأ الخطابة ، يكون علمه محدوداً ، ولكن مع كثرة الحديث والممارسة ؛ علمه يزداد بخلاف الذي ينفق من المال ؛ فإنه ينقص .
ثالثاً :
( وصنيع المال يزول بزواله ) ..
البعض عندما تكون حالتهم الاقتصادية جيدة ؛ تكون دواوينهم عامرة بالمحبين ، وكل الناس تحترمهم ولكن إذا أصيبوا بإفلاس ؛ فإن كل هذه المزايا تسلب منهم ، يقول الإمام علي ( عليهِ السلام ) :
( إذا أقبلت الدنيا على امرئ ؛ أعارته محاسن غيره .. وإذا أدبرت عنه ؛ سلبته محاسن نفسه ) ..
الإمام (عليهِ السلام ) يشير إلى هذه الحقيقة : وهي أن الأصدقاء الذين يحيطون بالإنسان وهو مقتدر ، هؤلاء يذهبون بزوال المال .. بخلاف العالم : إن صار غنياً ، أو مفلساً ، وفي كل تقلباته ؛ علمه يبقى معه .. وقمة الفوز أن هذا العلم يدخل في قبره ، بينما المال لا يدخل إلى قبره .. فعلمه الذي كان في صدره ، من موجبات القرب إلى الله
- عز وجل - في الدنيا والبرزخ والآخرة .
إن المراد بالعلم هناليس العلم الحوزوي فقط .. والذي يتعلم هذا العلم في ساعته ؛ يكتب من المتقربين إلى الله عز وجل .. وهذا الذي يتعلمه الإنسان في المجالس ، عليه أن ينقله إلى عائلته ؛ فهذه زكاة العلم .. وهذا النقل ، يرسخ المضامين في النفوس .
***************************
7
11
2010

حميد درويش عطية 11-13-2010 10:38 PM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( البلاء رفع درجات )

إن البلاءات في هذه الحياة الدنيا على قسمين :
القسم الأول :
بلاء تفضلي .. رب العالمين يرفع بهذا البلاء درجة العبد ، ومثاله بلاء الأنبياء والأوصياء والصالحين :
ورد في الحديث عن الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله- أنه قال:
( ما أوذي نبي مثل ما أوذيت ) ..
فإذن ، هذا البلاء رفع لدرجات العبد .
القسم الثاني :
بلاء رفع الأوزار .. هذا البلاء الذي هو كفارة للسيئات ، وهناك الكثير من مصاديق هذا البلاء في حياتنا .. ولكن هناك مجموعة روايات في هذا المجال ينبغي أن نستوعبها جيداً فهي عبارة عن قوانين ومعادلات :

المعادلة الأولى :
مثلاً : لو أن أحدهم رأى كريماً فأعطاه قلماً فاخراً هدية ووضعه في جيبه .. وبعد يوم أو يومين رآه فنزع منه القلم وجعله في جيبه !..
فإذا لم يكن هناك حكمة من وراء هذا التصرف فمن المؤكد أن هناك بخلاً ، بل أكثر من البخل !.. إنسان يعطي إنساناً هدية ثم يسترجعها فأقل ما يقال عنه : أنه لئيم !..
كذلك الإنسان المنعم عليه بالعافية والتوفيق وسلامة القلب ، والكثير من النعم ، ثم تسلب فجأة .. وبما أن الله -عز وجل- أكرم الأكرمين فلا يكون هناك تفسير لهذا السلب !..
المعادلة الثانية :
إن الحياة قبل خمسين سنة كانت قاسية في مظهرها المادي ولكن كان هناك جو من الألفة والتآلف ..
والأمراض الجديدة كالإيدز وغيره لم تكن موجودة سابقاً ..
فهذه الأيام هناك ذنوب مبتكرة كالمعاصي التي ترتكب من خلال النت والتلفاز وغيرها .. وبما أن هناك معاصي مستحدثة فإن الجزاء أيضاً مستحدث : بلاءات وأمراض جديدة وأمراض نفسية لم تكن موجودة .

فإذن إن الإنسان المؤمن بمجرد أن تسلب منه النعمة بدل أن يقرأ الفنجان والأبراج والكف ، ويسب الزمان ؛ فلينظر إلى نفسه ما الذي فعله ؟..
ومن أسوأ صور المعاصي : أن يعصي الإنسان ربه وهو مرتاح ..
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
( من أذنب ذنبا وهو ضاحك دخل النار وهو باك )
مثلاً : ينظر إلى فيلم حرام وهو يضحك أو يقامر وهو يضحك هذا الإنسان في منتهى السوء لأنه يعصي ولا يعيش حالة الخجل من الله عز وجل .. لذا فإنه يدخل النار مقابل ذنبه وباكياً مقابل ضحكه في الحياة الدنيا وهو يرتكب المعاصي .
الدرس العملي :
يجب أن لا ننسى الاستغفار من غير ذنب .. البعض منا إذا أذنب يستغفر وقد يبكي بكاء مريراً .. ولكن هناك معاصي لا يلتفت إليها الإنسان ، معاصي صغيرة تتراكم ؛ فتسلبه النعم .. لذا احتياطاً فليلتزم بالاستغفار في اليوم مرتين : مرة في النهار بعد صلاة العصر ، ومرة في الليل في نافلة الليل .. موقف في الليل ، وموقف في النهار ، حتى لو كان هناك هفوات ، هو لا يعرفها ؛ رب العالمين بهذا الاستغفار يغفر الذنب ..
*************************
13
11
2010

ناريمان الشريف 11-17-2010 11:05 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 40009)
بسم اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( العلم خير من المال )

الإمام علي ٌ ( عليهِ السلام ) يقوم بعمل مقارنة بين العلم والمال ..
بعض الأمور في حياتنا بديهية ، ولكن في مقام العمل ينسى الإنسان هذه البديهيات ، فيأتي ( عليهِ السلام ) ليلفت النظر، وينبه على هذه الأمور البديهية ..
الإمام ( عليهِ السلام ) في مقدمة الكلام يقول :
( العلم خيرٌ من المال : العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال .. المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق .. وصنيع المال يزول بزواله ) .
( العلم خيرٌ من المال ) ..
هذه دعوى ، ونعتقد بها جميعاً .. ولكن الإمام ( عليهِ السلام ) يبرهن على ذلك ، من خلال عمل مقارنة بسيطة بين العلم والمال من ثلاث زوايا :
أولاً :
( العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ) ..
المال مادة صامتة ، فهو : إما نقد ، أو سكن ، أو بضاعة ..
النقد يحتاج إلى مصرف ، والعمارة تحتاج إلى صيانة ، والبضاعة تحتاج إلى مخازن ..
إذن كل مال يحتاج إلى حفظ، وحماية .. وطبيعة الإنسان الذي يحفظ شيئاً ، أنه يعيش حالة القلق دائماً : فالتاجر يخاف من احتراق بضاعته ، والإنسان يخاف من ضياع ماله ، وأصحاب الأسهم يعيشون حالة الترقب دائماً .
فإذن ، إن طبيعة المال تلازم تقريباً حالة القلق والفزع والخوف ، ومن هنا قيل :
( ما قلّ وكفى ؛ خير مما كثر وألهى ) !..
لذا ، فإن العمل الوظيفي - من بعض الجهات - خير للمؤمن الذي يحب أن يتفرغ لآخرته من العمل التجاري .. لأن التجارة قد تذهب برأس مال الإنسان الأخروي ، أما العمل الوظيفي فإن الإنسان يذهب إلى وظيفته صباحاً ، ويعود ظهراً ، وفي نهاية الشهر يستلم راتبه ، وعندما يعود إلى منزله ينسى الدائرة وما فيها ، بخلاف التاجر وهو في المنزل وفكره في : الباخرة التي شحنت البضاعة ، وفي المتجر ، وفي البورصات العالمية ؛ لذا فهو يعيش حالة القلق دائماً .
إذا كان الإنسان على مستوى الأبطال ، يعمل بقوله تعالى :
{ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ }
ونوادر البشر فقط هم من مصاديق هذه الآية ..
والقرآن الكريم عندما يذكر منزلة من المنازل ؛ معنى ذلك أنها ممكنة الوصول ، وليست قضية عرفانية معقدة صعبة جداً ..
القرآن يصف المؤمن بأنه إذا ربح ألف دينار لا يفرح ؛ لأنه يخاف أن تكون هذه الألف هي استدراج ؛ ولا يعلم هل سيصرفها كما أراد الله عز وجل ؟.. أما الذي لا يُعطى ؛ فلا حساب عليه ..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) :
( لا تزولا قدما عبد يوم القيامة ، حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) .
ثانياً :
( المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ) ..
ولهذا بعض الخطباء عندما يبدأ الخطابة ، يكون علمه محدوداً ، ولكن مع كثرة الحديث والممارسة ؛ علمه يزداد بخلاف الذي ينفق من المال ؛ فإنه ينقص .
ثالثاً :
( وصنيع المال يزول بزواله ) ..
البعض عندما تكون حالتهم الاقتصادية جيدة ؛ تكون دواوينهم عامرة بالمحبين ، وكل الناس تحترمهم ولكن إذا أصيبوا بإفلاس ؛ فإن كل هذه المزايا تسلب منهم ، يقول الإمام علي ( عليهِ السلام ) :
( إذا أقبلت الدنيا على امرئ ؛ أعارته محاسن غيره .. وإذا أدبرت عنه ؛ سلبته محاسن نفسه ) ..
الإمام (عليهِ السلام ) يشير إلى هذه الحقيقة : وهي أن الأصدقاء الذين يحيطون بالإنسان وهو مقتدر ، هؤلاء يذهبون بزوال المال .. بخلاف العالم : إن صار غنياً ، أو مفلساً ، وفي كل تقلباته ؛ علمه يبقى معه .. وقمة الفوز أن هذا العلم يدخل في قبره ، بينما المال لا يدخل إلى قبره .. فعلمه الذي كان في صدره ، من موجبات القرب إلى الله
- عز وجل - في الدنيا والبرزخ والآخرة .
إن المراد بالعلم هناليس العلم الحوزوي فقط .. والذي يتعلم هذا العلم في ساعته ؛ يكتب من المتقربين إلى الله عز وجل .. وهذا الذي يتعلمه الإنسان في المجالس ، عليه أن ينقله إلى عائلته ؛ فهذه زكاة العلم .. وهذا النقل ، يرسخ المضامين في النفوس .
***************************
7
11
2010

زاد طيب .. فيه درس عظيم
إذ أن المال هو أكثر ما يشغل الناس هذه الأيام
ومعه نسوا آخرتهم واشتغلوا بجمعه
اللهم بارك لنا فيما رزقتنا .. وارزقنا انفاقه في وجوه ترضى عنها يا كريم
اللهم آمين


أشكرك ... ناريمان

حميد درويش عطية 11-21-2010 11:39 AM

الحمل على المحمل الحسن

إن أغلب الناس في تقييمهم للأشخاص ، يعتمدون على القول ،
و أن كثيراً من الأخبار مصدره قال فلان ، وقيل كذا ..
وفي خبر آخر قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) !..
والغريب أن بعض الأقاويل ، أو بعض التهم منقولة من الصحف ، ولا يعلم من قائلها ؛ فأين ذهب قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } ؟..
فإذن ، إن وظيفة المؤمن عندما يسمع من أخيه كلمة سيئة ؛ أن يعمل بهذه الروايات :
ورد عن رسول الله ( صلى اللهُ عليه ِ وآله ِ و سلم) قوله :
( إحمل أخاك المؤمن على سبعين محملاً من الخير ) ..
وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
( لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً ، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا ) !..
إن الأب إذا سمع عن ابنه بعض التهم الخطيرة ، فعليه ألا يعامله معاملة المتهم ؛ لأن هذه دعوى .. بل يجب أن يحمله على البراءة ، إلى أن يثبت العكس ما لم يدان .. ولكن في نفس الوقت ، عليه أن يحذر فمادام هناك أقاويل ..
إن كان الإنسان مما لا يعنيه أمره؛ فلا شأن له به ..
ولكن إن كان يعنيه : كالولد ، أو الزوجة ، أو الأرحام ، أو الأصدقاء .. فالإنسان لا ينسى النصيحة ، ولو من باب التحذير .
إن مشكلتنا تكمن في أن الولد بعد أن ينحرف ، نشكوه لزيد وعمرو ، ونتكلم معه بقسوة .. بينما المؤمن إذا رأى في ولده بوادر مراهقة ، أو محرمات معينة ؛ يحاول أن يجتث القضية قبل التفاعل ..
وبعبارة أخرى : يدخل إلى جوفه ، وإلى قلبه ؛ ليبنيه من الداخل ؛ بدلا من الردع والضرب وغيره.
وعليه ، فإن هناك وظيفتين - حسب الظاهر - مختلفتين ، ولكنهما وظيفتان ، وهما :
الحمل على الأحسن ، والحيطة والحذر ..
فالحمل على الأحسن مع وجود هذه الأجواء المفسدة ؛ أمر صعب ..
ولكن المؤمن في نفس الوقت الذي لا يبالي فيه بكلام الآخرين ، أيضاً عليه أن يحذر ويدفع البلاء قبل نزوله .
إن الإنسان عندما يحمل فعل أخيه على محمل حسن ، ثم يتبين أنه فاسق فاجر ، هو لم يخسر شيئا ، يقول :
يا رب ، أنا حملته على محمل حسن ، ثم تبين أن هذه التهمة صحيحة ..
وأما العكس : إذا لم يحمله على محمل حسن ، وتكلم عليه وأسقطه من الأعين ، ثم تبينت براءته ؛ فهنا الكارثة !.. يوم القيامة لا يقال : لِمَ لم تتكلم على فلان ؟.. بل يقال : لمَ تكلمت على فلان ، وأنت لست على يقين ؟..
القاعدة العامة :
إن الإنسان أثناء قيادته للسيارة ، يأخذ الحيطة والحذر في كل شيء ..
وفي التعامل مع الناس ، أيضاً لابد من هذه الحيطة والحذر ،
***************************
21
11
2010

هند طاهر 11-22-2010 12:08 AM

وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ

جزاك الله خيرا بارك الله فيك

وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين

تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا
وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري
وكم من عروس زينوها لزوجها
وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري
وكم من صغار يرتجى طول عمرهم
وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
تزود من التقوى فإنك لا تدري
إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فمن عاش ألفا وألفين فلابد من يوم
يحمل فيه إلى القبر

(للامام الشافعي

ناريمان الشريف 11-23-2010 07:20 PM

من أذنب ذنبا وهو ضاحك دخل النار وهو باك )

اللهم صل على محمد .. اللهم عافنا من الذنوب واعف عنا
زاد رائع يا حميد
لا تحرمنا من هذا الزاد
أتابعك باستمرار

لك أزكى تحية


...... ناريمان

هند طاهر 12-05-2010 10:40 PM

الدعاء عند سماع الاذان

َعَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرِو بْنِ العاصِ رضِيَ اللَّه عنْهُما أَنه سَمِع رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا علَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عشْراً ، ثُمَّ سلُوا اللَّه لي الْوسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنزِلَةٌ في الجنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لعَبْدٍ منْ عِباد اللَّه وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو ، فَمنْ سَأَل ليَ الْوسِيلَة حَلَّتْ لَهُ الشَّفاعَةُ » رواه مسلم .
وعن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضيَ اللَّه عنْهُ أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ ، فَقُولُوا كَما يقُولُ المُؤذِّنُ » . متفق عليه .
وَعنْ جابرٍ رضَي اللَّه عنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « من قَال حِين يسْمعُ النِّداءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعوةِ التَّامَّةِ ، والصَّلاةِ الْقَائِمةِ، آت مُحَمَّداً الْوسِيلَةَ ، والْفَضَيِلَة، وابْعثْهُ مقَامًا محْمُوداً الَّذي وعَدْتَه ، حلَّتْ لَهُ شَفَاعتي يوْم الْقِيامِة » رواه البخاري .
وعنْ سَعْدِ بْن أَبي وقَّاصٍ رضِيَ اللَّه عنْهُ عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَال حِينَ يسْمعُ المُؤذِّنَ : أَشْهَد أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه وحْدهُ لا شَريك لهُ ، وَأَنَّ مُحمَّداً عبْدُهُ وَرسُولُهُ ، رضِيتُ بِاللَّهِ ربًّا ، وبمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وبالإِسْلامِ دِينًا ، غُفِر لَهُ ذَنْبُهُ » رواه مسلم .

حميد درويش عطية 12-06-2010 06:53 AM

التصرف الإلهي في قلوب العباد

إن البعض ينتظر ليلة القدر ليدعو ربه في تلك الليلة ، وهذا أمر في محل ه.. أو ينتظر موسم الحج ، ليدعو في يوم عرفة مثلاً .. أي ينتظر المناسبات ، وهي مناسبات محدودة .. فكل الليالي عادية ، إلا الليالي التي فيها أعمال.. ولكن في هذا الحديث القدسي، نفهم أن للمؤمن في كل ليلة محطة من محطات الالتجاء إلى الله عز وجل ، وكل ليلة من الممكن أن نحولها إلى ليلة قدر .

( إنّ الله -تبارك وتعالى - لينادي كلّ ليلة جمعة من فوق عرشه من أوّل اللّيل إلى آخره :
ألا عبدٌ مؤمنٌ يدعوني لدينه أو دنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه !..
ألا عبدٌ مؤمنٌ يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه !..
ألا عبدٌ مؤمنٌ قد قتّرت عليه رزقه فأزيده وأوسّع عليه !..
ألا عبدٌ سقيمٌ يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأعافيه !..
ألا عبدٌ مؤمنٌ محبوسٌ مغمومٌ يسألني أن أطلقه من سجنه فأخلّي سربه !..
ألا عبدٌ مؤمنٌ مظلومٌ يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له وآخذ له بظلامته !..
فلا يزال ينادي بهذا حتّى يطلع الفجر ).
كيف ينادي رب العالمين ؟..
أولاً :
في اللغة العربية، هناك ما يسمى بحذف المضاف، وتدل عليه القرينة.. يقول تعالى في سورة يوسف: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ؛ الإنسان لا يسأل جدران القرية؛ أي واسأل أهل القرية، هنا أهل مقدر.. وفي هذه الرواية (إنّ الله -تبارك وتعالى- لينادي ) من الممكن أن يكون المقدر: أن ملك الله ينادي ؛ أي الملائكة هي التي تنادي.
ثانياً :
من الممكن أن الله - عز وجل - هو الذي ينادي، فنجعله على ظاهره ولا نؤول بالملائكة.. ولكن نقول : كما نادى موسى ( عليهِ السلام ) من خلال الشجرة؛ أي أن رب العالمين يخلق الكلام خلقاً.
ثالثاً :
لعل هذه الروايات أوقعت بعض المسلمين في شبهة التجسيم :
أن الله - عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا وينادي، هنا نقدر أن ملائكة الله -عز وجل- تنزل، وعندما يأتي الوكيل كأنه جاء الموكل..
إن القيام قبل طلوع الفجر؛ هذه سنة الأولياء.. والذي يريد أن يصل إلى درجة من درجات التكامل؛ لا بد له من وقفة في جوف الليل ولو لدقائق.. فقد قال عز من قائل:
( ألا عبدٌ مؤمنٌ يدعوني )، لم يحدد أن الدعاء يجب أن يكون في نافلة الليل.. فلو أن إنساناً قام قبل صلاة الفجر بخمس دقائق، وشكا ظلمه وظلامته، وطلب شفاء مرضه؛ فإن هذه الرواية تنطبق عليه.. أما صلاة الليل، فهي مسألة أخرى.
وفي رواية أخرى، حدد القيام في الثلث الأخير من الليل، وليلة الجمعة من أول الليل..
( إنّ الربّ - تبارك وتعالى - يُنزّل في كلّ ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أوّل اللّيل، وفي كلّ ليلةٍٍ في الثلث الأخير ملكاً ينادي: هل من تائبٍ يُتاب عليه؟.. هل من مستغفرٍ فيُغفر له؟.. هل من سائلٍ فيُعطى سؤله؟.. اللّهمّ!.. أعط كلّ منفق خلفاً، وكلّ ممسكٍ تلفاً.. فإذا طلع الفجر عاد الربّ إلى عرشه، فقسّم الأرزاق بين العباد ).
إن هذه النداءات تكون كل ليلة في الثلث الأخير من الليل، وهناك روايات لم تحدد القيام بالثلث الأخير، أما ليلة الجمعة فإنها من أول الليل.. لذا الإنسان الذي عنده حوائج، احتياطاً بعد صلاتي المغرب والعشاء، يقول: يا رب، أنت هكذا تقول، وأنا قد جئتك في بيتك، وبعد فريضة واجبة، فاستجب لي دعائي!..
( ألا عبدٌ سقيمٌ يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر؛ فأعافيه ) !.. لم يقل: سقيم في بدنه، بل قد يكون مبتلى بقسوة القلب.. البعض قبل أن يدخل المسجد، يعاهد ربه ونفسه أنه سيصلي صلاة خاشعة بإذن الله تعالى.. فيأتي قبل الوقت متطيباً متطهراً، ويصلي جماعة، وإذا بنفسه تخونه.. فهذه مصيبة، وهذا مرض!.. لذا فإن البعض يصلي ركعتين بعد الفرائض، ويستغفر ربه من صلاته.. يقول: يا رب، ما هذا الذي أمرتني به.. الصلاة معراج وقربان وعمود؛ وهذا لا ينطبق على ما صليت؛ فاغفر لي!..
فإذن، إن المؤمن إذا رأى في قلبه قسوة، أو حسداً؛ أو سوء ظن، أو رأى في صدره وسواساً؛ فهذا إنسان سقيم.. فليتخذ الأسحار، والثلث الأخير من الليل، للشكوى إلى الله عز وجل.. طوبى لمن يقوم من فراشه، ويأتي إلى بيت الله -عز وجل- في ظلمة الليل، في الجو البارد والماطر، فيدخل المسجد، ويدعو ربه إلى أن يحين وقت الصلاة !..
************************************************** ************************************************** *********
7
12
2010

حميد درويش عطية 12-06-2010 07:01 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هند طاهر (المشاركة 45257)
الدعاء عند سماع الاذان

َعَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمرِو بْنِ العاصِ رضِيَ اللَّه عنْهُما أَنه سَمِع رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ : « إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا علَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عشْراً ، ثُمَّ سلُوا اللَّه لي الْوسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنزِلَةٌ في الجنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لعَبْدٍ منْ عِباد اللَّه وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو ، فَمنْ سَأَل ليَ الْوسِيلَة حَلَّتْ لَهُ الشَّفاعَةُ » رواه مسلم .
وعن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضيَ اللَّه عنْهُ أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ ، فَقُولُوا كَما يقُولُ المُؤذِّنُ » . متفق عليه .
وَعنْ جابرٍ رضَي اللَّه عنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « من قَال حِين يسْمعُ النِّداءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعوةِ التَّامَّةِ ، والصَّلاةِ الْقَائِمةِ، آت مُحَمَّداً الْوسِيلَةَ ، والْفَضَيِلَة، وابْعثْهُ مقَامًا محْمُوداً الَّذي وعَدْتَه ، حلَّتْ لَهُ شَفَاعتي يوْم الْقِيامِة » رواه البخاري .
وعنْ سَعْدِ بْن أَبي وقَّاصٍ رضِيَ اللَّه عنْهُ عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَال حِينَ يسْمعُ المُؤذِّنَ : أَشْهَد أَنْ لا إِله إِلاَّ اللَّه وحْدهُ لا شَريك لهُ ، وَأَنَّ مُحمَّداً عبْدُهُ وَرسُولُهُ ، رضِيتُ بِاللَّهِ ربًّا ، وبمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وبالإِسْلامِ دِينًا ، غُفِر لَهُ ذَنْبُهُ » رواه مسلم .

[SIZE="4"][COLOR="rgb(46, 139, 87)"][CENTER][U][B]رضِيتُ بِاللَّهِ ربًّا ، وبمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وبالإِسْلامِ دِينًا و بالقرآنِ كتابا ً و بالكعبة ِ قبلة ً
[SIZE="4"][COLOR="rgb(160, 82, 45)"]حقا ً هوَ خيرُ الزاد
باركَ اللهُ تعالى فيك ِ أختي هند
و جزاك ِ خيرا ً
أسعدتِ صباحا ً
مشاركة ٌ قيمة
تحياتي

حميد درويش عطية 12-20-2010 06:38 AM

الموائد المعنوية للمتقين

إن أمير المؤمنين (عليه السلام ) في نهج البلاغة ، يصف المتقين بصفات ، ينبغي للمؤمن بين وقت وآخر ، أن يرى نسبة انطباق هذه الصفات عليه ؛ لأن كل هذه الصفات لا تجتمع عادة في شخص واحد ..
ولكن لينظر إلى النسبة المئوية ، فبدرجة التأسي يكون موالياً لهم .
( مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ ، وَأَكُفِّهِمْ ، وَرُكَبِهِمْ ، وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ )
إن المؤمن على المائدة المعنوية ، شأنه شأن الإنسان الجالس على المائدة المادية .. إذ أنه عندما يجلس الإنسان على المائدة المتنوعة ، يأكل ما يشتهيه .. والمائدة المعنوية أيضاً مائدة ممدودة ، والإنسان الذي يستيقظ في جوف الليل ، إذا كان يغلب عليه الميل لقراءة القرآن مثلاً ؛ يكون معظم الوقت في تلاوة القرآن ..
والذي يغلب عليه الميل لقراءة الدعاء ، يأخذ نصيبه منه ..
والذي يغلب عليه الميل لصلاة الليل ، يصلي .. ولكن صلاة الليل في الحد الأدنى ؛ لابد منها ..
البعض يستيقظ ويبقى في فراشه متأملاً في خلق السموات والأر ض، مدّعياً التعبد ؛ هذا إغواء من الشيطان الرجيم .. فصلاة الليل لها حكم خاص :
إذا كان الإنسان متعباً ، أو مريضاً ، أو كان الوقت ضيقاً ؛ فبإمكانه أن يختصر الصلاة إلى ثلاث ركعات : ركعتي الشفع وركعة الوتر ، ومن دون سورة ؛ لأن السورة في المستحبات ليست واجبة ، إذ يكفي قراءة الحمد .. وعليه ، فإن الإنسان بإمكانه أن يصلي صلاة الليل قبل آذان الفجر بخمس دقائق ، ويكتب في ديوان قائمي الليل .
إن المؤمن في جوف الليل ، له ثلاثة برامج :
صلاة الليل ، وتلاوة القرآن ، والسجود ..
وللسجود معان كثيرة :
عن النبي الأكرم ( صلى الله ُعليه و آله وسلم ):
( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) !..
ورب العالمين يحدث عبده وهو ساجد .. أما كيف يحدثه ؛ فإن له طرقه الخاصة !.. فهذه أم موسى ( عليه السلام ) لم تكن نبياً أو إماماً ، ومع ذلك فإن رب العالمين أوحى إليها ، فالأمر بيده !..
{ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ }
لذا ، فإن المؤمن عندما يسجد ، يطلب من رب العالمين المدد الغيبي .
( يَطْلُبُون إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ )
هؤلاء يطلبون من الله - عز وجل - في جوف الليل فكاك رقابهم.. لم يقل : فكاك رقابهم من نار جهنم ، يبدو أن هؤلاء لهم هاجس أكبر من نار جهنم !.. فالمؤمن يقضي سنوات طويلة في عبادة الله - عز وجل - ومع ذلك يخاف من نار جهنم ؛ ولكن البعض يصل إلى درجة يكون فيها مطمئناً إلى أن رب العالمين لن يدخله النار .
فإذن ، إن فكاك الرقاب الذي يطلبونه ، هو من غضب الله - عز وجل - ومن إعراض الله - عز وجل - عنهم .. مثلاً :
الإنسان الذي يسهر فيما لا يحرم وما لا يجمل - ليس حراما - ولكنه سهر على الباطل ، فبسبب هذا اللغو رب العالمين يعرض عنه ..
( ... لو ملتُ بوجهي عنه ؛ لمال بوجهه عني .. أفمن يُرى راحما بعده ) ؟!..
هذه معادلة : أي إذا أنا صرفت النظر عن ربي ؛ فإن رب العالمين يصرف النظر عني ..
بعض الناس ليسوا من أهل جهنم ، ولكن رب العالمين أيضاً لا يلتفت إليهم ؛ لأنهم مشغولون بالأباطيل ، وما لا طائل منه .
إن المؤمن بين خوفين : إما الخوف من النار في أوائل أمره ، أو الخوف من إعراض الله - عز وجل - في نهايات أمره ؛ وهذا الخوف يبقى إلى ساعة الموت ..
فالإنسان مهما بلغ يبقى خائفاً ؛ لأنه لا يعلم هل الله - عز وجل - راضٍ ٍ عنه ، أم لا !.. مثلاً :
هناك أب عنده ثلاثة أولاد : يحب أحدهم كثيراً ؛ لأنه مطيع ويرضى عنه .. وهناك ولد مشاكس ؛ فإنه يغضب عليه .. وهناك ولد ليس فيه خير، وليس فيه شر ؛ فإنه لا يلتفت إليه .
وعليه ، فإن الناس ثلاثة أصناف ، ومعظم الناس يندرج تحت الصنف الثالث .. لذا ، فإن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان يدعو بهذا الدعاء دائماً :
( لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً ) !..
بعض الناس رب العالمين أوكل أمرهم إلى أنفسهم : لا غضب ، ولا رعاية .. وهذه أيضاً كارثة : أن يكون الإنسان مهملاً في هذه الدنيا لا ولي له ، يقول تعالى :
{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }
فإذا لم يكن الإنسان مؤمناً ؛ فهو لا ولي له .
__________________________________________________ _____________________________________________
20
12
2010

حميد درويش عطية 12-23-2010 06:42 AM

الصفات المتناقضة في المتقين
إن علياً ( عليه السلام ) يذكر الصفات المتناقضة في نفوس المتقين ..
يقول (عليه السلام ) مثلاً :
( وَحَزْماً فِي لِينٍ ) ؛
الحزم لا يتناسب مع اللين :
فالإنسان اللين ليس بحازم ، والإنسان الحازم ليس بلين ..
ولكن المتقي يجمع بين هاتين الصفتين.
إن الشيطان ماكر ، يشغل الإنسان بعدة طرق:
أولاً : يشغله بالحرام عن الواجب .. مثلاً : بدل أن يصلي ، يستمع للغناء .
ثانياً : إذا صار قوياً ، يشغله بالمكروه عن المستحب .. مثلاً : المستحب أن يصلي النوافل بين الطلوعين، فيشغله بالمكروهات وهو النوم بين الطلوعين .
ثالثاً : وإذا لم يقدر عليه ، فإنه يشغله بالمباحات عن المستحبات .. مثلاً : بدل أن يقرأ القرآن ؛ يقرأ مقالاً لا ينفعه لا دنيا ولا آخرة .
رابعاً : إذا يأس من ذلك كله ، فإنه يشغله بالمستحب عن المستحب .. مثلاً : هذا الوقت يستحب فيه عيادة مريض من أصدقائه أو أرحامه ؛ فيقول له : اقرأ القرآن الآن !..
فإذن ، إن الشيطان له طرقه في شغل الإنسان ، لهذا يجب أن يكون الإنسان حذراً في هذا المجال !..
( إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَا تَكْرَهُ ، لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا تُحِبُّ ) ..
هنا إشارة إلى قانون المعاقبة عند علي ( عليه السلام ) ، ففي المدارس وغير المدارس : دائماً العمل الجيد فيه مكافأة ، والعمل السيئ أيضاً فيه حرمان ، ولو من الدرجات التشويقية ..
فالذي يشتكي من فوات صلاة الفجر ، لو وضع قانوناً وقام بتنفيذه ، فإنه سيقضي على هذه المشكلة ..
مثلاً : إذا عاهد نفسه أنه إذا لم يستيقظ لصلاة الفجر ؛ سيصوم في ذلك اليوم ؛ فإن هذا من الصعب جداً أن لا يستيقظ للصلاة مرة أخرى ؛ لأنه يعرف أن هناك حرماناً !..
هذا قانون جيد ، ولكن ينبغي تطبيقه بحذر !.. لأن البعض يطبق قانون المعاقبة ، فينفر من الدين ، وخاصة الصغار في السن .
( إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ ؛ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ ) ..
إنها صفة جداً جميلة !.. فالمتقي أينما كان ، حتى لو كان في مواطن الغفلة : الأسواق ، أو الأعراس ، أو الدواوين اللاهية ؛ هو بين الغافلين ، ولكنه لا يكتب في الغافلين ؛ بل يُكتب في الذاكرين ..
تارة يكون من الذاكرين وهو في الطواف ، فهنا الجو العام يساعد على ذلك ، وكذلك في شهر رمضان .. ولكن في الأعراس الناس في صخب ، ولعلهم في حال حرام ؛ بينما هو يعيش في ذكر دائم .
( وَإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ ) ..
قد يكون الإنسان في الذاكرين ، ولكنه يُكتب من الغافلين ، مثلاً : البعض يحمل بيده السبحة ، ويذكر الله - عز وجل - ولكن عينه على مباراة في التلفاز ؛ فهذا إنسان : لسانه ذاكر ، ولكن قلبه غافل .. بينما المتقي قلبه مطابق للسانه ؛ وهذا هو عماد الذكر.
***************************************
23
12
2010

حميد درويش عطية 12-24-2010 06:34 AM

قضاء حوائج المؤمنين

إن النواقص التي في حياة بني آدم : مرضاً، أو فقراً، أو وهناً، أو همّاً، أو حزناً؛ فيها ثلاث فوائد :

الفائدة الأولى:
رفع الدرجات .. إن المؤمن الذي حساباته نظيفة مع رب العالمين، فإن كل بلية ترد عليه ؛ هذه البلية ترفع درجته .

الفائدة الثانية :
كفارة السيئات .. إن كل بلية ترد على المؤمن ، إن لم تكن رفع درجات، فهي تكفير سيئات ..
وفرق بين سيئة إن بقيت يحاسب عليها يوم القيامة بدخول نار جهنم سنة مثلاُ، وبين أن يصاب ليلة بصداع في الحياة الدنيا !..

الفائدة الثالثة :
إثابة للبعض ..
إن النقص في حياة المؤمنين، مقدمة لإثابة البعض..
وهذا ما يسمى بقضاء حوائج الأخوان، مثلاً: هناك إنسان متورط ، رب العالمين ابتلاه بآفة، أو بفقر؛ فهذه مادة لأن يترقى المؤمن في طاعة الله عز وجل، وذلك بأن يقضي حاجة ذلك المبتلى..

مواصفات عطاء المؤمن:
إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يضع ثلاث مواصفات قياسية، لقضاء حوائج الناس.. يقول ( عليه السلام ):
( لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاث : باستصغارها لتعظم، وباستكتامها لتظهر، وبتعجيلها لتهنؤ ).

أولاً :
التصغير..
إن الإنسان عندما يقدم مساعدة للغير، ما العمل الذي قام به ؟.. المال مال الله - عز وجل - وهذا العبد عيال الله - عز وجل -، وهو قام بنقل المال بأمر صاحبه من مكان إلى مكان ..
مثلاً: لو أن إنساناً دخل منزلاً، فطلب منه صاحب المنزل، أن ينقل بعضاً من المتاع من زاوية إلى أخرى: فإذا قام بذلك، فهو مشكور على عمله، ولكنه لم يعمل عملاً عظيماً !.. فالمال ماله، وهو الذي طلب منه أن ينقل الأثاث من مكان إلى مكان آخر.. نعم، يثاب على استماعه للكلام، وإلا فهو حقيقة ما عمل شيئاً .. وكذلك بالنسبة إلى قضاء الحوائج : المال مال الله - عز وجل - في جيبه، ورب العالمين طلب منه أن ينقل هذا المال من جيبه إلى جيب فلان؛ فإذا سمع الكلام، فهو إنسان جيد، ولكن ليس له فضيلة كبيرة !..

ثانياً :
الكتمان..
ويقول تعالى في كتابه الكريم:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى }
بعض الناس يهدم حسنته بذكرها أمام الآخرين.. لماذا يذكر مؤمناً - له وجاهة، وقد أراق ماء وجهه عنده - أمام الناس ؟..

ثالثاً :
التعجيل..
أي يجب أن لا يماطل المؤمن بقضاء حاجة الطرف المقابل، فهو قد يقضي له الحاجة بعد إذلال، عندئذ لا قيمة لهذا العطاء.. إذا كان الإنسان لا يمكنه قضاء حاجة أو مساعدة من طلب منه المساعدة؛ فليصرّح له بالأمر، ولا يجعله يعلق آمالاً في الهواء.

إنْ أصبح الإنسان مصدراً لمراجعة الناس؛ فليشكر الله - عز وجل - على هذه النعمة، عن الإمام الحسين ( عليه السلام ):
( واعلموا أن حوائج الناس إليكم، من نعم الله عليكم.. فلا تملوا النعم، فتحور نقماً )..
هنيئاً لأصحاب قضاء الحوائج !.. فلا تملوا النعم، فترحل عنكم إلى غيركم؛ لأن رب العالمين لا حاجة له بالملول
{ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }.
*******************************************
24
12
2010

ناريمان الشريف 12-24-2010 11:25 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 42293)
الحمل على المحمل الحسن

إن أغلب الناس في تقييمهم للأشخاص ، يعتمدون على القول ،
و أن كثيراً من الأخبار مصدره قال فلان ، وقيل كذا ..
وفي خبر آخر قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) !..
والغريب أن بعض الأقاويل ، أو بعض التهم منقولة من الصحف ، ولا يعلم من قائلها ؛ فأين ذهب قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } ؟..
فإذن ، إن وظيفة المؤمن عندما يسمع من أخيه كلمة سيئة ؛ أن يعمل بهذه الروايات :
ورد عن رسول الله ( صلى اللهُ عليه ِ وآله ِ و سلم) قوله :
( إحمل أخاك المؤمن على سبعين محملاً من الخير ) ..
وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
( لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً ، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا ) !..
إن الأب إذا سمع عن ابنه بعض التهم الخطيرة ، فعليه ألا يعامله معاملة المتهم ؛ لأن هذه دعوى .. بل يجب أن يحمله على البراءة ، إلى أن يثبت العكس ما لم يدان .. ولكن في نفس الوقت ، عليه أن يحذر فمادام هناك أقاويل ..
إن كان الإنسان مما لا يعنيه أمره؛ فلا شأن له به ..
ولكن إن كان يعنيه : كالولد ، أو الزوجة ، أو الأرحام ، أو الأصدقاء .. فالإنسان لا ينسى النصيحة ، ولو من باب التحذير .
إن مشكلتنا تكمن في أن الولد بعد أن ينحرف ، نشكوه لزيد وعمرو ، ونتكلم معه بقسوة .. بينما المؤمن إذا رأى في ولده بوادر مراهقة ، أو محرمات معينة ؛ يحاول أن يجتث القضية قبل التفاعل ..
وبعبارة أخرى : يدخل إلى جوفه ، وإلى قلبه ؛ ليبنيه من الداخل ؛ بدلا من الردع والضرب وغيره.
وعليه ، فإن هناك وظيفتين - حسب الظاهر - مختلفتين ، ولكنهما وظيفتان ، وهما :
الحمل على الأحسن ، والحيطة والحذر ..
فالحمل على الأحسن مع وجود هذه الأجواء المفسدة ؛ أمر صعب ..
ولكن المؤمن في نفس الوقت الذي لا يبالي فيه بكلام الآخرين ، أيضاً عليه أن يحذر ويدفع البلاء قبل نزوله .
إن الإنسان عندما يحمل فعل أخيه على محمل حسن ، ثم يتبين أنه فاسق فاجر ، هو لم يخسر شيئا ، يقول :
يا رب ، أنا حملته على محمل حسن ، ثم تبين أن هذه التهمة صحيحة ..
وأما العكس : إذا لم يحمله على محمل حسن ، وتكلم عليه وأسقطه من الأعين ، ثم تبينت براءته ؛ فهنا الكارثة !.. يوم القيامة لا يقال : لِمَ لم تتكلم على فلان ؟.. بل يقال : لمَ تكلمت على فلان ، وأنت لست على يقين ؟..
القاعدة العامة :
إن الإنسان أثناء قيادته للسيارة ، يأخذ الحيطة والحذر في كل شيء ..
وفي التعامل مع الناس ، أيضاً لابد من هذه الحيطة والحذر ،
***************************
21
11
2010

يا الله .. كم هذا الدرس رائعاً ومفيداً !
إنه في صميم العلاقات الانسانية
فكم من خبر أخذه أحدهم على محمل الجد والصدق وتصرف بناء عليه من غير أن يتبين صدقه من كذبه
وكم من بيوت هدمت وعائلات تشردت بسبب ذلك
ما أجمل أن نتزين بديننا الحنيف ونتزيا بأقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم
خير زاد يا حميد
بوركت وبورك ما تنقل لنا من روائع الكلم


تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 12-24-2010 04:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 49281)
يا الله .. كم هذا الدرس رائعاً ومفيداً !

إنه في صميم العلاقات الانسانية
فكم من خبر أخذه أحدهم على محمل الجد والصدق وتصرف بناء عليه من غير أن يتبين صدقه من كذبه
وكم من بيوت هدمت وعائلات تشردت بسبب ذلك
ما أجمل أن نتزين بديننا الحنيف ونتزيا بأقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم
خير زاد يا حميد
بوركت وبورك ما تنقل لنا من روائع الكلم


تحية ... ناريمان

حياك ِ اللهُ تعالى
أختي ناريمان
و باركَ فيكِ
و وفقك ِ لما يُحبهُ و يرضاه
حقا ً هو خيرُ زاد ٍ هذا الذي ننقله ُ هنا
ليتنا ندركهُ جيدا ً و نلتزمُ به ِ في سلوكنا
فتستقيمُ حياتنا
شكري لك ِ أختي ناريمان
و تقبلي تحياتي
حميد
24
12
2010

حميد درويش عطية 12-27-2010 05:55 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
المحقرات من الذنوب
الإنسان عادة يحسب حساب الكبائر، وإذا ارتكب كبيرة، يعيش حالة الخوف والوخز الباطني؛ لأنه ارتكب كبيرة: كالزنا، والقتل مثلاً.. ولكن المشكلة بالصغائر، أو ما يسمى بـ" المحقرات من الذنوب "؛ لأن الإنسان يقول: هذا ذنب صغير لا وزن له
(من الذنوب التي لا تغفر، قول الرجل : ليتني لا أُؤاخذ إلاّ بهذا) ؛
نفس هذا الاعتقاد وهذا الكلام من المهلكات؛ لأن هذا الكلام يدل على استصغار الذنب، وعدم الندامة عليه، وهو جرأة على الله -سبحانه-،
(لا تستقلوا قليل الذنوب
(اتقوا المحقرات من الذنوب؛ فإنها لا تغفر).
لماذا هذا التخويف من المحقرات من الذنوب؟..
أولاً:
إن تحقير الذنب فيه إهانة، وتحدٍّ مبطن لله -سبحانه وتعالى-.. روي عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال :
«لا تنظروا إلى صغير الذنب، ولكن انظروا إلى ما اجترأتم»..
ثانياً:
إن الذنوب الصغيرة، وتعدي حدود الله -عز وجل- بمثابة إنسان تسلل حدود دولة أجنبية، وحرس الحدود لهم الصلاحيات في إطلاق النار على كل متسلل، ولو على شبر واحد.. لأنه ليس هناك فرق بين أن يجتاز متراً من هذه الحدود، أو كيلومترات؛ فهو إنسان متعدٍّ.. ولهذا القرآن الكريم يقول:
{ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }..
وعليه، فإن هذا حد لا ينبغي للإنسان أن يتجاوزه.
روي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم):
( إنّ الله كتم ثلاثة في ثلاثة: كتم رضاه في طاعته، وكتم سخطه في معصيته، وكتم وليه في خلقه.. فلا يستخفن أحدكم شيئاً من الطاعات، فإنّه لا يدري في أيها رضا الله.. ولا يستقلن أحدكم شيئاً من المعاصي؛ فإنّه لا يدري في أيها سخط الله.. ولا يزرين أحدكم بأحد من خلق الله؛ فإنه لا يدري أيهم ولي الله ).
ثلاثة تحذيرات:
التحذير الأول:
( كتم رضاه في طاعته )..
إن الإنسان لا يعلم ما هي الطاعة المقبولة عند الله عز وجل، قد يقوم الإنسان بعمل كبير يعوّل عليه، فيأتي يوم القيامة وهذا العمل لم يقبل منه، وقد يكون بناء مشروع عظيم!.. وقد يقوم بعمل لا يلتفت إليه؛ ولكن هذا العمل وقع في موقعه.. فنحن لا نعلم ما هي موازين القبول وعدم القبول!..
التحذير الثاني:
( وكتم سخطه في معصيته )..
قد يقوم إنسان بمعصية، في ظرف لا يتوقع منه ذلك، مثلاً: النظر إلى أجنبية بشهوة أو بريبة، هذا من الصغائر؛ ولكن تارة يكون هذا النظر في الأسواق، وتارة يكون أثناء الطواف.. فهذا نظر محرم، وهذا نظر محرم؛ ولكن في المرة الثانية، رب العالمين لا يسامح على هذا العمل..
مثلاً: هناك إنسان دخل المسجد، وصلى صلاة خاشعة، ثم خرج وإذا به يرتكب حرام النظر.. وعليه، فإن هذا الخشوع الذي كان في الصلاة كان خشوعاً شيطانياً.. فالشيطان يلقي على البعض البكاء والخشوع؛ كي يصطاده في مرحلة لاحقة، فيرتكب الحرام الصغير بعد الإقبال على الله -عز وجل-.. فمن الممكن أن هذه المعصية توقعه في الداهية!..
التحذير الثالث:
( وكتم وليه في خلقه )..
بعض الناس يحكم على الظاهر، مثلاً: يرى إنساناً فقيراً، مجهولاً، لا يعتد بشخصيته، ولعل له بعض الذنوب.. فيقول: أنا خير منه!.. من أين علم أنه أفضل منه؟.. ولهذا إذا أراد الإنسان أن يتعالى على أحد، ويرى نفسه خيراً منه: فليتذكر أن الأعمال بخواتيمها!.. فلعله هو صاحب عاقبة سيئة، وهذا الذي يزدريه صاحب عاقبة حميدة، فالتاريخ مليء بالنماذج، من أين للإنسان أن يعلم؟.. هو رأى عملاً أو عملين قبيحين من ذلك الشخص، ولكنه لا يعلم طيب باطنه، فهذا إنسان: كريم الطبع، سريع التجاوز، عفيف النفس؛ فكل هذه ملكات راقية!..
لذا ينبغي التوقف في هذا المجال.
*******************************************
27
12
2010



حميد درويش عطية 01-09-2011 07:45 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة

إن من صفات المتقين كما ذكرها أمير المؤمنين عليٌ ( عليه السلام ) :
( قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ).
( قُلوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ ) لماذا قلوبهم حزينة ؟.. إ
إن الحزن على قسمين :
أولاً :
الحزن الدنيوي ..
إن هناك حزناً منشؤه المتاع الدنيوي العاجل :
فالإنسان إما أن يحزن على ما فاته، أو يحزن ويخاف على ما سيفوته .. حيث أن كل إنسان على وجه الأرض قلقه من أحد أمرين :
إما أن يخاف من المستقبل، أو يحزن على المستقبل الذي فاته ..
ولهذا القرآن الكريم عندما يصف أولياء الله - عز وجل - يقول :
{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
لأن هؤلاء لهم علاقة وطيدة بمن في يده المستقبل؛ فلمَ يخافون ؟!..
ولا يحزنون على الماضي؛ لأنهم لم يفرطوا في الماضي.
وعليه، فإن الحزن الدنيوي، لا وجود له في حياة المؤمن، حتى في أحلك الظروف ..
فالدنيا بالنسبة للمؤمن ليست مصدراً للحزن أبداً، بل المؤمن تمر عليه حالة، إذا فقد شيئاً من متاع الدنيا، أو أصابته بلية؛ يفرح في قرارة نفسه نوعاً ما؛ لأنه يعلم أن ذلك :
إما رفع درجة، أو كفارة سيئة .. ويكون قلقه عند النعمة؛ أكثر من قلقه عند البلاء !..
فهو عندما تأتيه منحة مالية - مثلاً - يضطرب قليلاً .. أما عند البلاء؛ فيرى أنه مقدمة للتكامل.
ثانياً :
الحزن الأخروي.. إن المؤمن دائما في خوف، لأنه لا يعلم هل أن الله - عز وجل - راض أم غير راض عنه ؟.. مثلاً: يوم الجمعة كان عمله جيداً، ولكن يوم السبت لا يعلم ملفه، حيث أن لكلّ يوم ملفاً..
هنالك آية في القرآن الكريم تبين هذه الحالة :
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }
أي لأنهم إلى ربهم راجعون، وعندما يلاقون ربهم، قد لا يشكرهم على إنفاقهم، وذلك لسببين :
1. قد يكون هذا الإنفاق في غير حله، فربما يكون قد كسب المال من غير الحلال ..
وعليه، فإنه يجب أن يُقدّم إلى المحاكمة، لا أن يكافأ على الإنفاق في سبيل الله عز وجل .. فهو أنفق من مال الغير، من مال الفقراء مثلاً .. لذا، فإن قلوبهم تكون وجلة.
2. قد يكون العمل غير مقبول، حيث يمكن أن يكون هناك عدة أسباب لعدم القبول ..
( وَشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ ) ..
روي عن رسول الله محمد ٍ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أنه قال :
( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )
البعض قد يذكر سره لأحد، فإذا به يعيش حالة الاضطراب والقلق، خوفاً من إفشائه للسر.. بينما المؤمن وجود آمن
( الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ، وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ )
فإذا وصل الإنسان لهذه المرحلة من الأمان؛ يكون قد وصل إلى درجة الإسلام.
9
1
2011













حميد درويش عطية 01-16-2011 06:42 AM

أجسادهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة
إن من صفات المتقين، كما يقول أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
(وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ، وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَة، وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌٌ).
(وَأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ).. لماذا أجسادهم نحيفة ؟..
إن هناك مصدرين للنحافة :
المصدر الأول : قلة الأكل..
إن قسماً من السمنة؛ سببها كثرة الأكل، بينما المؤمن شعاره دائما وأبد اً:
(المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء)؛ وهذا مصدر العافية والصحة..
عن الإمام علي (عليه السلام) :
(لا تجلِس على الطعام إلاَّ وأنت جائع،‏ ولا تقم عن الطعام إلاَّ وأنت تشتهيه).. وروي عن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أنه قال :
( مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرٌّا مِن بَطْنٍ !.. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ !.. فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ : فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِه)..
وعليه، فإنه من الطبيعي أن جسم المؤمن يميل إلى النحافة لقلة أكله.
المصدر الثاني : الهمّ والغمّ ..
إن كل همّ وغمّ؛ يشغل البال، ويذيب الجسد، لذا يقال :
(الهمّ نصف الهرم).. ولكن الفرق بين همّ المؤمن، وهمّ غير المؤمن : أن غير المؤمن همّه في : بطنه، وفرجه، وماله، ودنياه.. بينما المؤمن همّه لما يعانيه المسلمون من البلاء، وابتعاد الناس عن منهج الله -عز وجل-.. عندما يرى الشباب منظراً مثيراً في الشارع، يكونون على ثلاثة أقسام : البعض ينظر نظرة محرمة، والبعض يغضّ النظر، والبعض يتألم: أي أن الأمر لا يصل إلى الشهوة حتى يجاهد نفسه، إنما الألم يعتصر قلبه لما يراه من الفساد.. فالمؤمن عندما يرى بنات المسلمين؛ يعتبر أن هؤلاء بناته (أتى رجل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال : يا رسول الله، إئذن لي بالزنا!.. فقال له الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- : أترضاه لأمك؟.. قال : لا، قال : أترضاه لأختك؟.. قال : لا، قال: أترتضاه لعمتك ؟.. قال : لا.. فقال له الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم : كذلك الناس لا يرضون على أعراضهم) ..
والإنسان عندما يتجاوز على بنات المسلمين، فليتذكر أن هذه البنت هي: أخت، وعمة، وخالة، وأم.
فإذن، إن المؤمن تشغله الهموم الأخروية.. يقول الشيخ " محمد عبده " في شرحه للنهج :
أن نحافة أجسادهم، من الفكر في صلاح دينهم، والقيام بما يجب عليهم.
(وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ) ..
المؤمن لا يبالغ في أثاث المنزل؛ فالهدف منه : أن يقيه الحر والبرد، وأن يرتاح فيه.. والمبالغة في اقتناء الأثاث وتغييره؛ ليس من دأب المؤمن.. وقع حريق في المدائن؛ فأخذ سلمان مصحفه وسيفه، وخرج من الدار، وقال :
«هكذا ينجو المخفون»..
وكلما بالغ الإنسان في اقتناء المتاع الزائد، فإنه يتورط في شيئين :
أولاً :
الحفاظ عليه .. إن الذي لديه سيارة باهظة الثمن مثلاً؛ تراه يقف هو في الشمس، ويضعها في الظل.. ويبقى دائماً في خوف وقلق عليها من السرقة ومن الأطفال ..
ويا ليت الأمر ينتهي في الدنيا !.. بل هناك عند الصراط، يسأل عن سبب مبالغته وشرائه ما ليس من شأنه !..
ثانياً :
الخمس .. إن الخمس يكون في الزائد من المؤونة اللائقة بحال الإنسان، فلو أن إنساناً اشترى مؤونة لا تليق بحاله، ولم يخمس هذا المال؛ فإنه يوم القيامة يحاسب حساب غير المخمسين .. فما صرفه في المؤونة التي لا تليق به، مثلاً :
اشترى سيارة فوق مستواه، أو منزلاً فوق مستواه؛ هذا الإنسان يحاسب بهذا المعنى.
(وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ) ..
(ما من عبادة أفضل عند الله، من عفة بطن وفرج) ..
البعض يذهب مسافات بعيدة، ليأكل طعاماً معيناً ..
وإذا أتى إلى المنزل، ولم يجد الطعام جاهزاً، يوجه بعض الإهانات لزوجته؛ هذا الإنسان أسير بطنه.. أما المؤمن؛ فنفسه عفيفة..
وهنيئاً لمن كان على نهج علي (عليه السلام) في قوله وفعله !..
16
1
2011















حميد درويش عطية 01-21-2011 06:26 AM

الأحزان التي ترد على قلب المؤمن


إن الإنسان قد يكون في أعلى درجات الرفاهية، ولكن قلبه يعتصر حزنا وألما..
حيث أنه ليس هناك أي تلازم بين أن يكون الإنسان في سعة من الرزق، وبين حزن قلبه أو فرحه.. فإذن، لا يعتقدن أحد أن الرفاهية المادية ستشفع له في هذا المجال.. وكما هو متعارف: فإن الفقراء من أصفى الناس باطنا، وبعض التجار المترفين من أشد الناس عذابا ! ..
إن الحزن ليس حالة واحدة، بل حالات متعددة :
أولا :
الحزن المقدس :
إن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان من أكثر الناس حزنا، يقول القرآن الكريم :
{ طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى }..
كان يحمل حزنا عظيما، ولكن هذا الحزن كان مقدسا؛ لأنه حزن على الناس وعلى الأمة، فقد كان ( صلى الله عليه و آله وسلم ) عندما يؤذيه قومه، يقول :
( اللهم !.. اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون ).
فإذن، عندما يرى المؤمن أن حزنه نابع من تقصيره في العبودية: حيث أنه من الصباح إلى المساء لم يوفق لطاعة معتبرة، أو عزم على ترك معصية، وفي ساعة الامتحان وقع في تلك المعصية .. أو لا هذه ولا تلك؛ أي لم يرتكب معصية، ولكنه يعيش حالة الغفلة والبعد عن الله عز وجل؛ فإن هذا الحزن مقدس .. لأن ذكر الله -عز وجل- بالنسبة للمؤمن الذي وصل إلى درجة عالية، هو بمثابة الهواء الذي يستنشقه.. فإذن، هذا الحزن مقدس.. وعلى المؤمن أن يدعو ويقول :
يا رب، زدني حزنا !..
فهذا الحزن بمثابة المنبه، يجعل المؤمن يتنبه إلى أن هناك شيئا ما، أورثه هذا الحزن.
ثانيا :
الحزن غير المقدس ..
وهو حزن شيطاني، إذ أن الإنسان يحزّن نفسه دون سبب :
هو وضعه جيد، في نعمة ظاهرية وباطنية؛ ولكنه قلقل من المجهول، ويعيش في خوف من المستقبل .. حيث أن الله -عز وجل- منذ أن خلق آدم ( عليه السلام ) إلى يومنا هذا، ما أعطى ضمانا لأحد أن يعيش إلى آخر عمره على نحو ما هو يريد.. فالحياة فيها تقلبات.. فإذن، إن الحزن الذي منشؤه الدنيا والحرص عليها، غير مقدس.
ثالثا :
الحزن الذي لا يعلم سببه ..
وهناك حزن لا يعلم هل هو مقدس أو غير مقدس : لا هو من معصية، ولا من غفلة، ولا هو من ابتعاد، ولا من دنيا ..
سببه مجهول، فما هو الحل ؟..
على الإنسان أن يستقرئ باطنه، ويرى الأسباب التي أورثته هذه الحزن ..
ومن الأسباب التي لا نقيم لها وزنا، إدخال الحزن على الآخرين ..
إن رأيت حزنا في قلبك، ابحث عن القلوب المحيطة بك، لعلك كنت سببا في شعور إنسان بالألم والأذى؛ فعجّل رب العالمين لك العقوبة في الدنيا، أن جعل في قلبك هذا الحزن، ليخفف عنك العذاب يوم القيامة.
21
1
2011















ناريمان الشريف 01-21-2011 12:34 PM

أعجبتني ( أجسامهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة )
جزيل الشكر على هذه المنقولات الرائعة والمفيدة




تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 08-20-2011 05:39 PM

التعامل مع الدنيا

إن تعامل الناس بالنسبة إلى الدنيا، على نوعين :
هناك قسم توطدوا بالدنيا، ورضوا بالمتاع العاجل..
وبتعبير القرآن :
{ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا }..
وهناك قوم انقطعوا إلى الآخرة، وأهملوا الدنيا؛ أي لا يشتغلون للدنيا، فهم غير فعالين فيها، ويغلب عليهم الذكر اللفظي مثلا، ولا يبالون لا بمجتمعهم ولا بأسرهم..
وهذه أيضا حالة مرفوضة.
إن الكلمة الفصل في هذا المجال لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
( إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً )..
إنه تعبير رائع جدا!..
فالمؤمن يستثمر كل ما لديه من طاقات وقدرات، لتثبيت دعائم الحياة المادية..
والمؤمن من اهتماماته في الدنيا، أن يجمع مالا وفيرا، ليوقف بها أمرا ماديا، يكون له زادا في عرصات القيامة..
( إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له )..
من هم أصحاب الصدقات الجارية؟..
هم أصحاب المال
فالمؤمن الفقير : رأس ماله الدعاء، والصبر..
أما المؤمن الغني : هو الذي بإمكانه أن يبني ما يكون له صدقة جارية، وأن يتكفل الأيتام.
فإذن، إن الدنيا مزرعة الآخرة..
في عالم الزراعة : كلما اتسعت رقعة المزرعة، كلما زاد المحصول.. وكلما زاد المحصول، زادت الزكاة الواجبة لذلك المال..
وبالتالي، فإن الدنيا إذا أصبحت في يد أمثال سليمان، تصبح نعم العون على الآخرة!..
إن الإمام عليا ً( عليه السلام ) يقول :
( واعمل لآخرتك، كأنك تموت غداً )..
إن المؤمن قد لا يخشع في صلاة الصبح، وقد لا يخشع في صلاة الظهر؛ لأنه يكون في قمة الانشغال اليومي..
أما في خصوص صلاة العشاء، فإن لها حالة خاصة..
وذلك لأن الإنسان عندما يصلي صلاة العشاء، يصلي صلاة المودع، فهي آخر فريضة لهذا اليوم، وبعدها سوف ينام، والله -تعالى- يقول في كتابه الكريم :
{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى }
فالموت والنوم أخوان قريبان..
من أين للإنسان الضمان أن الله يرجع له الروح بعد النوم؟..
ولهذا عندما يستيقظ من النوم، يخر ساجدا لله ويقول :
( الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني، وإليه النشور )..
فالعبارة حقيقية!..
إن بعض الحجاج -مع الأسف- يحجون حجة، هم لا يرضون بها، على أمل الحج السنة المقبلة!..
من قال أنه سيوفق لذلك؟..
لذا عليه أن يحج حجة مودع، وفي ليلة القدر كذلك عليه أن يقوم بأعمال مودع..
ومعنى قول الإمام ( عليه السلام ) :
( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) بعبارة أخرى :
( ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء )..
مثلا : هناك فقير له عصا وله سبحة، ولكن قلبه متعلق بهما؛ فهذا الإنسان عابد للدنيا..
وهناك إنسان آخر عنده مصانع كثيرة، ولكن قلبه غير متعلق بها؛ فهذا الإنسان زاهد بالدنيا.
____________________________________________
*
*
*
حميد
20
8
2011


الساعة الآن 12:15 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team