منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من شعراء العصر العباسي ( الشريف المرتضى ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1759)

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:05 AM

أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ
( الشريف المرتضى )


أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ
ضُحى ً والهَوى فيهنَّ قلبُك طائرُ؟
جزعتَ لأنْ غابوا وتلك سفاهة ٌ
تُلامُ بها لو أنَّ لُبَّك حاضرُ
و لما جحدتُ الحبَّ قال خبيره :
إذا كنتَ لاتهوى فلِمْ أنتَ زافرُ
يلومونني والحبُّ عنديَ دونهمْ
ومن أينَ للمشتاقِ في النّاس عاذرُ
أيا صاحِ في الربعِ الذي بان أهلهُ
كأنهمُ سربٌ على الدوَّ نافرُ
فلا الرَّبعُ فيه منهمُ اليومَ رابعٌ
و لا سمراتُ الجزعِ فيهنّ سامرُ
أعِنِّي غداة َ البينِ منك بنظرة ٍ
فقد عَشِيَتْ بالدَّمعِ منَّا النَّواظرُ
وسرَّك فاكتمْهُ عليك وخلِّنا
فقد ظهرتْ بالبين منا السرائرُ
و قل لحبيبٍ خاف مني " ملالة ً "
محلُّك من قلبي مَدى الدَّهر عامرُ
فللّهِ يومُ الشِّعب قلبي وقد بدَتْ
منَ الشِّعبِ أطلاءٌ لنا وجآذرُ
وقفنا فدمعٌ قاطرٌ من جُفونهِ
وفي السِّرْبِ ملآنٌ منَ الحسنِ مُتْرَعٌ
أوائلُ قلبي عندَهُ والأواخرُ
أجود عليه بالمنى وهوَ باخلٌ
وآتي وصالاً بينَه وهْوَ هاجرُ
أحبُّ الثَّرى النجديَّ فاحَ بعَرْفِه
إلى الركبِ رجراجُ العشياتِ مائرُ
و يعجبني والناعجاتُ مشيحة ٌ
خيالٌ من الزوراءِ في الليل زائرُ
يزورُ وأعناقُ المطيِّ خواضعٌ
كلالاً " وأحشاها ظوامٍ " ضوامرُ
إلى ملكِ الأملاكِ أعملتُ مادحاً
قوافيَ تنتابُ العلا وتزاورُ
نوازعَ لا يدنو الكلالُ وجيفها
و لا " بتشـ ـكى " أينهنَّ المسافرُ
حَملن إليه من ثنائي بفضلهِ
و إنعامه ما لا تقلُّ الأباعرُ
إلى حيث حلّ المجد جما عديدهُ
وحيثُ يكونُ السُّؤدُدُ المتكاثرُ
فأنت الذي أوليتني النعمَ التي
تغيبُ النجومُ الزهرُ وهيَ ظواهرُ
غرائبُ لم تَسبقْ إليهنَّ فِكرة ٌ
ولا أحضَرَتْها في القلوبِ الضَّمائرُ
عرفتُ بهنّ الناسَ لما أصبنني
فبانَ صديقٌ أو عدوٌّ مُكاشِرُ
كأنّ الذي يثنى بهنّ وما وفى
بمبلغهنّ كافرٌ وهوَ شاكرُ
و قبلك ما فتُّ الملوكَ فلم يكن
لتيجانِهمْ من نَظْمِ لفظي جواهرُ
و ما كان تاج الملة ِ احتلّ سمعهُ
قريضي ولم يشعرْ بأنيَ ششاعرُ
إلى أن مضى عني ومن كان بعده
و سارت بتقريضي علاكَ السوائرُ
ثناءٌ حدته من " علاك " كرائمٌ
ثقالٌ على الأعناق غُرٌّ غرائرُ
كأنِّيَ أَنْثوهُنّ ربُّ لَطيمة ٍ
تَجَعْجَعَها في سوقِ دارِينَ عاطِرُ
فهبْ ليَ مافرَّطتُ فيهِ وما مضَتْ
ضَياعاً به عنّي السِّنونُ الغوائرُ
ودونَكَ منِّي اليومَ كلَّ قصيدة ٍ
مهذبة ٍ قد ثقفتها الخواطرُ
إذا أُنشدتْ قال المُصيخون: هكذا
تنظمُ في أهلِ الفخار المفاخرُ
وقد علمَ المغرورُ بالملك أنَّكم
سِدادٌ له ممَّنْ سِواكُم وحاجرُ
و أنكمُ من دونهِ لمريغه
رماحٌ طِوالٌ أو سيوفٌ بواتِرُ
فكمْ مزقتْ أشلاءَ قومٍ تطامحوا
إلى الملكِ أنيابٌ لكمْ وأظافرُ
ودونَ الثَّنايا المطلعاتِ إلى الذُّرا
ذُرا المُلِكِ مفتولُ الذِّراعين خادِرُ
يصرِّفُ أحياءَ الوَرى وهْوَ وادعٌ
و يطرقُ إطراقَ الكرى وهو ناظرُ
وتصبحُ في فَجٍّ منَ الأرض دارُهُ
وفي أُذُنِ الآفاقِ منه زماجرُ
مهيبٌ فلا تلوى عليه حقوقه
مطالاً ولا تعصى لديه الأوامرُ
ويركبُ أثباجاً منَ الأمر لم يكُنْ
ليرْكَبَها إلاّ الغلامُ المخاطرُ
ومُغبَّرة ِ الآفاقِ بالنَّقعِ لا يُرَى
بأرجائها إلاّ القَنا المتشاجرُ
و إلاّ يدٌ تهوي إلى القرن بالردى
و إلاّ دمٌ من عاملِ الرمحِ قاطرُ
تَبلَّجتَ فيها والوجوهُ كواسِفٌ
وأقدَمْتَ بأساً والنُّفوسُ حواذرُ
وقُدتَ إليها كلَّ جرداءَ سَمْحة ٍ
لها أولٌ في السابقاتِ وآخرُ
إذا أُرْسِلتْ في الخيلِ تَعْدو إلى مدى ً
تُحاضرُ حتى لاتَرى مَن تحاضِرُ
فلا أوحشَتْ منك الدِّيارُ ولاخَلَتْ
محافلُ من أسمائكمْ ومنابرُ
و ضلتْ صروفُ الدهرِ عنك " وحاذرتْ "
رباعك أن تعتادهنّ المحاذرُ
تروح وتغدو في الزمان محكماً
وتَجري بما تَهواهُ فينا المقادِرُ
ويَفديك مَن لا يُرتَجى لِمُلَّمة ٍ
ولاهوَ فيما أنتَ تصبرُ صابرُ
تموهَ دهراً لومه ثم صرحتْ
به النفسُ إذ ضاقتْ عليه المعاذرُ
و هنئتَ يومَ المهرجانِ فإنه
زمانٌ " كزهر الروض " أخضرُ ناضرُ
توسَّطَ في قُرٍّ وحَرٍّ فخلْفَهُ
وقُدَّامَه ظهائرٌ وصَنابرُ
و دمْ مستقرَّ العزَّ مستوفزَ العدى
فأُمُّ زمانٍ لا يسرُّك عاقرُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:06 AM

أمِن شَعَرٍ في الرّأس بُدِّلَ لونُهُ
( الشريف المرتضى )


أمِن شَعَرٍ في الرّأس بُدِّلَ لونُهُ
تبدَّلتِ يا أسماءُ عنّي وعن ودِّي؟
فإنْ يكُ هذا الهجرُ منكِ أو القِلَى
فليس بياضُ الرأس يا أسمُ من عندي
تصدين عمداً والهوى أنتِ كلهُ
و ما كان شيبي لو تأملتِ من عمدي
وليس لمن جازَتْهُ ستُّون حجُّة ً
من الشيب إنْ لم يرده الموتُ من بدَّ
ولا لومَ يوماً من تغيُّرِ صِبْغتي
إذا لم يكن ذاك التغيرُ من عهدي

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:07 AM

أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري
( الشريف المرتضى )


أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري
ونحنُ جميعاً هاجعون على الغَمْرِ
تعجَّبتُ منه كيفَ أَمَّ رِكابَنا
وأرحُلَنا بينَ الرِّحال وما يَدْري
و كيف اهتدى والقاعُ بيني وبينه
و لماعة ُ القطرين مناعة ُ القطرِ ؟
و أفضى إلى شعثِ الحقائب عرسوا
على منزلٍ وَعْرٍ ودَوِّيَّة ٍ قَفْرِ
وقومٍ لَقُوا أعضادَ كلِّ طَليحة ٍ
بهامٍ مَلاهُنَّ النُّعاس منَ السُّكْرِ
سروا وسماكُ الرمح فوق رؤسهمْ
فما هوموا إلاَّ على " وقعة " النسرِ
وباتَ ضجيعاً لي ونحنُ منَ الكرى
كأنا تروينا العتيقُ من الخمرِ
أضمّ عليه ساعديَّ " إلى " الحشا
وأَفرشُهُ مابينَ سَحْري إلى نَحري
تمنَّيتُهُ والليلُ سارٍ بشخصِهِ
إلى مَضجعي حتَّى التَقيْنا على قَدْرِ
و بيضٍ لواهنَّ المشيبُ عن الهوى
فأَنْزَرْنَ من وصْلي وأوسَعْنَ مِن هَجْري
و ألزمنني ذنبَ المشيب كأنني
جَفَتْهُ يدايَ عامداً، لا يدُ الدَّهرِ
أَمِنْ شَعَراتٍ حُلنَ بيضاً بمَفْرَقي
ظَنَنتنَّ ضَعْفي أو أَيِسْتُنَّ من عُمري
محاكنَّ ربي إنما الشيبُ قسمة ٌ
لما فات من شرخِ الشبيبة من أمري
سقى اللهُ أيَّامَ الشَّبيبة ِ رَيِّعاً
ورَعْياً لعصرٍ بانَ عنِّيَ من عصرِ
لياليَ لاتَعْدو جِماليَ مُنيَتي
و لا ترددُ الحسناءُ نهيي ولا أمري
وليلُ شبابي غاربُ النَّجم فاحمٌ
ترى العينَ تسري فيه دهراً بلا فجرِ
وإذ أنا في حُبِّ القلوب مُحكَّمٌ
و أفئدة البيض الكواعب في أسري
أَلا يابني فِهْرٍ شَكيَّة َ مُثقَلٍ
منَ الغَيظِ مَلآنِ الضُّلوع منَ الوِتْرِ
تسقونه في كلّ يومٍ وليلة ٍ
بلا ظمأٍ كأس العداوة والغدرِ
وأغضبكمْ ماطوَّلَ اللهُ في يدي
وأعلاه مِن مَجْدي وأسناهُ مِن فَخْري
و إنيَ ممنْ لا تحطُّ ركابهُ
على البلد " النابي المجلهِ بالحسرِ "
وإنَّ لساني عازبٌ قد علمتُمُ
عن العورِ أن أجريهِ والمنطق الهجرِ
وكمْ ساءَكمْ نفعي ولم يكُ منكُمُ
وسَرَّكُمُ ما قيَّضَ الدَّهرُ من ضَرِّي
و أرضاكمُ عسري وإن كان عسركمْ
وأسْخَطكمْ يُسري وإن لم يكن يُسري
و قد كنتُ أرجوكمْ لجبري فها أنا
أخافُكُمُ طولَ الحياة ِ على كسري
وكان لكم منِّي جَميعي فلم يزلْ
قبيحكُمُ حتَّى زَوى عنكُمُ شَطري
وغرَّكُمُ أنِّي غَمَرتُ عُقوقَكُمْ
و أخفيته عن أعين الناس بالبرَّ
أزملهُ في كلَّ يومٍ وليلة ٍ
كما زَمَّلَ المقرورُ كشحَيْهِ في قُرِّ
وأكظِمُهُ كَظْمَ الغريبة ِ داءَها
و لولا اتساعي ضاق عن كظمهِ صدري
وكيف أُرامي من ورائي عدوَّكمْ
وفيكم ورائي مَن أخافُ على ظهري
وأنَّى أُرجِّيكُمْ لبُرْءٍ جِراحتي
و ما كان إلاَّ عن سهامكمُ عقري
وأنِّي لأرضَى منكُمُ إنْ رضِيتُمُ
بأن تبخلوا بالحلو عني وبالمرَّ
وأنْ لاتكونوا للعدوِّ مخالباً
إذا لم تكونوا يوم فريي بكم ظفري
وهل فيكُمُ إلا امرؤٌ شاعَ ذكرُهُ
لِما شاعَ مابينَ الخلائق من ذكري؟
ومَن هو غُفْلٌ قبلَ وَسْمي وعاطلُ
التَّرائب لولا دُرُّ نَظْميَ أو نثري
و شنعاءَ جاءتْ من لسان سفيهكمْ
تصاممتها عمداً وما بيَ من وقرِ
و أعرضت عنها طاويَ الكشح دونها
وطيُّ اليماني البرد أبقى على النشرِ
رَعى اللهُ قوماً خلَّفوني عليكُمُ
شددتُ بهمْ في كلّ معضلة ٍ أزري
بطيئين عن سلمي ، فإن عزم العدا
مُحاربتي كانوا سِراعاً إلى نَصري
ولي دونَهمْ حقِّي وفوقَ ظهورِهمْ
إذا عضَّني المكروهُ ثِقْليَ أو وِقْري
صحبتهمُ أستنجد الكر فيهمُ
و قد كنتُ في الأقوام مستنجداً صبري
همُ أخصبوا مرعايَ فيهمْ ومسرحي
و همْ آمنوا ما بين أظهرهمْ وكري
وهم بَرَّدوا في النَّائباتِ جَوانحي
و همْ تركوا ذنبي غنياً " عن " العذرِ
و قد كنتُ ألقى فيهمُ كلَّ مترعٍ
من الحسن معقولِ الأسرة ِ كالبدرِ
أمين الخطا لم يسرِِ إلاّ إلى تقى
و لا دبّ يوماً للأخلاء بالمكرِ
تراهُ مليّاً والعَوالي تَنوشُه
بأنْ يولج المجرَ العظيمَ " على المجرِ "
و يمسى حديثُ القومِ عنه ويغتدي
ذكياً ششذاهُ بينهمْ أرجَ النشرِ
كأنهمُ شنتْ ثناهُ شفاههمْ
يشنون في النادي سحيقاً من العطرِ
مَضَوْا بَدَداً عنِّي وحلَّقَ بعدَهُمْ
بما سَرَّني في العيش قادِمَتا نَسْرِ
فلا أغمضُ العينين إلاّ على قذى
و لا أقلب الجنبين إلاّ على جمرِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:08 AM

أمِنْ أجلِ أن أعفاك دهرُكَ تطمَعُ
( الشريف المرتضى )


أمِنْ أجلِ أن أعفاك دهرُكَ تطمَعُ
وتأمن في الدنيا وأنتَ المروعُ؟
فإنْ كنتَ مغروراً بمن سمحتْ بهِ
صروف الليالي فهي تعطى وتمنعُ
شفاءٌ وأَسقامٌ وفقرٌ وثَرْوَة ٌ
وبَعْدَ ائتلافٍ نَبْوَة ٌ وتصدُّعُ
تأمل خليلي هل ترى غير هالكٍ
وإلاّ مُبَقّى ً هُلْكُهُ مُتَوقَّعُ؟
فما بالُنا نَبْغي الحياة َ وإنَّما
حياة ُ الفتَى نَهجٌ إِلى الموتِ مَهْيَعُ؟
لنا كل يومٍ صاحبٌ في يد الردى
وماضٍ إلى دارِ البِلى ليس يرجعُ
ومغنى جميعٍ فرّق الدّهر بينهم
ودارُ أنيسٍ أوْحَشَتْ فَهْيَ بَلْقَعُ
وقيدَ إلى الأجداث عادٌ وتبعُ
وآل نزار زعزعت من عروشهم
بأيدي الرَّزايا السُّود هوجاءُ زَعْزعُ
ولم يبق من ابناء ساسان مخبرٌ
ولم يبدُ من أولادِ قيصَرَ مُسمِعُ
ولم ينجهم منه عديدٌ مجمعُ
ولم ينجهم منه عديدٌ مجمعُ
ولم يثنهم عنه مشيدٌ مرفعُ
فلا معصم فيه سوارٌ معطنٌ
ولامَفْرَقٌ يَعلوهُ تاجٌ مُرَصَّعُ
كأنهمُ بعد اعتلاءِ وصولة ٍ
أديمٌ مفرى أو هشيمٌ مذعذعُ
وليس لهم إلا بناءٌ مهدمٌ
وركنٌ بمرِّ الحادثات مضعضعُ
وقطَّعَ عنِّي معشري وأصادِقي
وشملُ امرئ فات الردى متقطعُ
وكانوا وعزَّاتُ الزَّمانِ ذليلة ٌ
لديهم وأجفان المنياتِ هجعُ
متى أعجموا كانوا الصّخور وإن هم
دُعُوا يومَ مكروهٍ أجابوا فأسرعوا
وإن شهدوا الهيجاء والسّمر شرَّعٌ
فذاك عرينٌ لا أبا لك مسبعُ
تفانَوْا فماضٍ بانَ غيرَ مُودَّعٍ
تعاجَلَهُ صرفُ الرَّدى أو مودَّعُ
ألا قل لنا عى جعفر بن محمد
واسمعني ياليت لم أكُ أسمعُ
فما لكَ منِّي اليومَ إلاّ تَلَهُّفٌ
وإلا زفيرٌ أو حنينٌ مرجعُ
وإلا عضاض للأباهمِ من جوى
وهل نافعٌ أنْ أُدْمِيَتْ ليَ إصبعُ
ولو كانتِ الأقدارُ تُوقَى وَقَتْك من
نيوب الردى أيد طوال وأذرعُ
كرامٌ إذا ضنَّ الغمامُ تدفقوا
وإنْ أقحطَ العامُ الشّماليُّ أمْرَعوا
وإن طلبوا صعباً من الأمر أرهقوا
معاقلهم مافيهم من بسالة ٍ
وليس لهم إلا القنا السُّمر أدرعُ
وبيضاً تراهن العيون وعهدها
بَعيدٌ بأَيمانِ الصَّياقلِ تلمعُ
ومافيهم والحربُ تقتنص الطّلى
بأيدي الظُّبا إِلاّ الغلامُ المُشَيَّعُ
صحبت به عصر الشبابِ وطيبه
وكنت إلى نجواه في الهمِّ أفزعُ
وللسِّرِّ منّي بينَ جنبيهِ مَسكَنٌ
حميٌّ أبيٌّ شاحِطٌ مُتمنِّعُ
وكم رامه مني الرجال وإنما
يرومون نَجماً غارباً ليس يطلعُ
ولم أسلهُ لكن تجلدت كي يرى
شموتٌ بحزني أنّ صدريَ أوسعُ
وقالوا: عهدنا منك صبراً وحسبة ً
وفي الرُّزءِ لا يجري لعينيك مدمعُ
فقلت مصيبات الزمان كثيرة ٌ
وبعضُ الرّزايا فيه ادهَى وأوجعُ
ذكرتك والعينان لاغرب فيهما
فلم تبق لي لمّا ذكرتك أدمع
ومازُلتَ عن قلبي وإنْ زُلتَ عن يدي
وقد تنزعُ الأقدارُ ماليس يُنزعُ
فإن ترق عيني من بكاءِ تجملاً
فمن دونها قلبٌ بفقدك مُوجَعُ
ومابعد يومٍ أمطرتك مدامعي
لعيني مبكى أو لقلبي مجزعُ
وكم قلَّبتْ كفّايَ من ذي مودَّة ٍ
فلم يلقني إلا الملوم المقرعُ
عرفتك لمّا أن وفيت وماوفوا
وحين حفظتَ العهدَ منِّى وضيعوا
فنعمَ مُشيراً أنتَ والرَّأيُ ضيِّقٌ
ونعم ظهيراً أنت والخطب أشنعُ
وإنّ غناء بعد هللكك أصلمٌ
وإن وفاء بعد فقدك أجدعُ
وليس لإخوان الزمان وقد سقوا
فراقك صرفاً من يضر وينفعُ
عهدتُك لاتعْنو لباسٍ ولم تَبِتْ
وخدك من شكوى الشدائد أضرعُ
وعزَّ على قلبي بأنَّك مُفردٌ
أُناجيك لَهْفاً نائماً ليس تسمَعُ
وأنَّك مِن بعدِ امتناعِ وعزَّة ٍ
تُحَطُّ على أيدي الرِّجالِ وتُرفعُ
فمالك مهجوراً وأنتَ مُحبَّبٌ
ومالك مبذولاً وأنت الممنعُ؟
وقد كنت صعباً شامس الظهر آبياً
وأنت لرحل الموت عودٌ موقعُ
وما ذاك عن عجزٍ ولا ضَعْفِ قوّة ٍ
ولكنَّه الأمرُ الذي ليس يُدفعُ
وماسرني أني نبذتك طائحاً
بغبراء لاتدنو ولاتتجمعُ
وأودعت بطن الأرض منك نفيسة ً
وهلْ مُودَعٌ في التُّربِ إلاّ المُضَيَّعُ؟
سقى قبرك الثاوى بملساء قفرة ٍ
غزائرُ من نسجِ العشيَّاتِ هُمَّعُ
كأنَّ السَّحابَ الجَوْنَ يَنطِفُ فوقَهُ
ركائبُ يحملْنَ الهوادجَ ضُلَّعُ
ولازال مطلولَ التراب وحوله
منَ الرَّوض مُخضرُّ السَّباسبِ مُمْرعُ
وجيد بريحانٍ وروحٍ ورحمة ٍ
وناء بمافيه الشفيعُ المشفعُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:09 AM

أمّا الشَّبابُ فقد مضتْ أيّامُهُ
( الشريف المرتضى )


أمّا الشَّبابُ فقد مضتْ أيّامُهُ
واستلّ من كفّى الغداة َ زمامهُ
وتنكَّرتْ أيّامُهُ وتَغيَّرتْ
جاراته وتقوّضتْ آطامهُ
ولقد درى من فى الشبابِ حياته
أنّ المشيبَ إذا علاه حمامهُ
عوجا نحيى ّ الرّبعَ "يدللنا" الهوى
فلربَّما نفع المحبَّ سَلامُهُ
واستعبرا عنِّي بهِ إنْ خانني
جَفني فلم يمطُرْ عليهِ غَمامُهُ
فمن الجفونِ جوامِدٌ وذوارفٌ
ومن السّحاب ركامهُ وجهامهُ
دِمَنٌ رضعتُ بهنَّ أخلافَ الصِّبا
لو لم يكنْ بعدَ الرَّضاعِ فطامُهُ
ولقد مررتُ على العقيق فشفّنى
أنْ لم تُغنِّ على الغصون حَمامُهُ
وكأنّه دنفٌ تجلّد مؤنساً
عوّاده حتّى استبان سقامهُ
من بعدما فارقته فكأنّه
نشوانُ تمسحُ تربَهُ آكامُهُ
مَرِحٌ يهزُّ قناتَهُ لا يأتلي
أَشَرُ الصِّبا وغرامُهُ وعُرامُهُ
تندى على حرّ الهجير ظلالهُ
ويُضيءُ في وقتِ العشيِّ ظَلامُهُ
وكأنّما أطياره ومياههُ
للنّازليه قيانه ومدامهُ
وكأنّ آرامَ النّساءِ بأرضه
للقانِصي طَرْدِ الهوى آرامُهُ
وكأنّما برد الصّبا حوذانه
وكأنّما ورق الشّباب بشامهُ
وعَضيهة ٍ جاءتْكَ من عَبِقٍ بها
أَزرى عليكَ فلم يجُزْهُ كلامُهُ
ورماك مجترئاً عليك وإنّما
وافاك من قعر الطّوى ّ سلامهُ
وكأنَّما تَسْفي الرِّياحُ بعالِج
ماقالَ أو ما سطَّرتْ أقلامُهُ
وكأنّ زوراً لفّقتْ ألفاظهُ
سلكٌ وهى فانحلّ عنه نظامهُ
وإذا الفتى قَعدتْ به أخوالُهُ
فى المجد لم تنهض به أعماقه
وإذا خصالُ السّوءِ باعدن امرءًا
عن قومهِ لم تُدنِهِ أرحامُهُ
ولكمْ رمانى قبل رميكِ حاسدٌ
طاشَتْ ولم تخدشْ سِواهُ سِهامُهُ
ألقَى كلاماً لم يَضِرْني وانثنى
وندوبه فى جلده وكلامهُ
هيهاتَ أنْ أُلفَى رَسيلَ مُسافِهٍ
ينجو به يوم السّبابِ لطامهُ
أو أن أرى فى معركٍ وسلاحهُ
بدلَ السّيوف قذافهُ وعذامهُ
ومن البلاءِ عداوة ٌ من خاملٍ
لاخلفَه لِعُلًى ولا قُدَّامُهُ
كثرتْ مساويه فصار كمدحه
بينَ الخلائقِ عيبُهُ أوْ ذامُهُ
والخُرْقُ كلُّ الخُرقِ من متفاوتِ الـ
ـأفعالِ يَتْلو نقضَهُ إبرامُهُ
جَدِبِ الجَنابِ فجارُهُ في أزْمة ٍ
والضَّيفُ موكولٌ إليهِ طعامُهُ
وإذا علقتَ بحبله مستعصماً
فكفقعِ قَرْقَرَة ٍ يكونُ ذِمامُهُ
وإذا عهودُ القومِ كنّ كنبعهمْ
فالعهد منه يراعهُ وثمامهُ
وأنا الذى أعييتُ قبلك من رستْ
أطوادُه واستشرفتْ أعلامُهُ
وتتبّع المعروفَ حتّى طنّبتْ
جوداً على سننِ الطّريقِ خيامهُ
وتنادَرتْ أعداؤهُ سَطَواتِهِ
كاللَّيثِ يُوهَب نائياً إرزامُهُ
وترى إذا قابلته فى وجهه
كالبدرِ أشرقَ حينَ تمَّ تَمامُهُ
حتّى تذلّل بعد لأى ٍ صعبهُ
وانقادَ منبوذاً إليَّ خطامُهُ
يهدى إلى ّ على المغيب ثناؤهُ
وإذا حضرتُ أظلّنى إكرامهُ
فمضَى سَليماً مِن أداة ِ قوارضي
واستام ذمّى بعده مستامهُ
والآن يوقظنى لنحتِ صفاتهِ
من طال عن أخذ الحقوق نيامهُ
ويسومُني مالم أزلْ عن عزَّة ٍ
ونزاهة ٍ آباه حين أسامهُ
"ويلسّنى " ولئنْ حلوتُ فإنّنى
مقرٌ وفى حنكِ العدوّ سمامهُ
فلبئسَما منَّتْه منِّي خالياً
خطراتُه أو سُوِّلتْ أحلامُهُ
أمَّا الطَّريفُ منَ الفخارِ فعندنا
ولنا من المجد التّليد سنامهُ
ولنا من البيت المحرّم كلّما
طافتْ بهِ في مَوسمٍ أقدامُهُ
ولنا الحَطيمُ وزَمْزَمٌ وتراثُنا
نِعْمَ التُّراثُ عن الخليل مَقامُهُ
ولنا المشاعرُ والمواقفُ والَّذي
تهدى إليه من منًى أنعامهُ
وبجدّنا وبصنوه دحيتْ عن الـ
ـبيت الحرامِ وزعزعتْ أصنامه
وهما علينا أَطلعا شمسَ الهدى
حتى استنار حلالهُ وحرامهُ
وأبى الذى تبدو على رغم العدا
غرّاً محجّلة ً لنا أيّامهُ
كالبدر يكسو الّليلَ أثواب الضّحى
والفجرُ شبّ على الظلام ضرامهُ
وهو الذي لا يقتضي في موقفٍ
إقدامهُ نكصٌ به أقدامهُ
حتّى كأنّ حياته هى حتفه
ووراءَه ممّا يُخافُ أمامُهُ
ووقَى الرَّسولَ على الفراشِ بنفسهِ
لمّا أرادَ حِمامَه أقوامُهُ
ثانيهِ فى كلّ الأمور وحصنه
فى النّائباتِ وركنه ودعامهُ
للَّهِ دَرُّ بلائهِ ودفاعِهِ
واليومُ يَغْشى الدَّارعين قتَامُهُ
وكأنّما أجمُ العوالى غيلهُ
وكأنّما هو بينها ضرغامهُ
وتَرى الصَّريعَ دِماؤه أكفانُهُ
وحنوطه أحجاره ورغامهُ
والموت من ماء التّرائب ورده
ومنَ النّفوسِ مَرادُه ومَسامُهُ
طلبوا مداهُ ففاتَهمْ سَبقاً إلى
أمَدٍ يشقُّ على الرِّجالِ مَرامُهُ
فمتى أجالوا للفخارِ قداحهمْ
فالفائزاتُ قِداحُهُ وسهامُهُ
وإذا الأمور تشابهت واستبهمتْ
فجِلاؤها وشفاؤها أحكامُهُ
وتَرى النديَّ إذا احتبى لقضيَّة ٍ
عوجاً إليها مصغياتٍ هامهُ
يُفْضي إلى لُبِّ البليدِ بيانُه
فيعى وينشئُ فهمه إفهامهُ
بغريبِ لفظٍ لم تُدِرْهُ أَلْسُنٌ
ولطيفِ معنًى لم يفضّ ختامهُ
وإذا التفتّ إلى التّقى صادقته
مِن كلِّ بِرِّ وافراً أقسامُهُ
فاللَّيلُ فيهِ قيامُه مُتهجِّداً
يتلو الكتابَ وفي النَّهارِ صيامُهُ
يطوي الثلاثَ تعفُّفاً وتَكرُّماً
حتّى يُصادفَ زادَه مُعْتامُهُ
وتراهُ عُريانَ اللِّسانِ منَ الخَنا
لا يهتدى للأمر فيه ملامهُ
وعلى الذى يرضى الإلهَ هجومه
وعلى الذى لا يرتضى إحجامهُ
فمضَى برئياً لم تَشِنْهُ ذُنوبُهُ
يوماً ولاظفِرتْ به آثامُهُ
ومفاخرٍ ما شئتَ إن عدّدتها
فالسَّيلُ أطبقُ لا يُعَدُّ زهامُهُ
تعلو على من رام يوماً نيلها
من يذبلٍ هضباتهُ وإكامهُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:09 AM

أنتمْ على َّ وإنْ لم
( الشريف المرتضى )


أنتمْ على َّ وإنْ لم
تدروا أرقُّ وأحنى
أردتُ أنْ تَحملوا اليو
مَ فوق ظهرى َ منّا
فعفتمُ وأبيتمْ
شحّاً على َّ وجبنا
فكنتمُ باتّفاقٍ
خيراً لنا الآن منّا
وما غُبِنّا بلَ انْتُمْ
بذاك أظهرُ غبنا
وما أساتُ ولكنْ
أحسنتُ بالسّوءِ ظنّا
ظَننتُكُمْ لِمُلّمٍ
عوناً وفى الخوفِ أمنا
حتّى خبرتُ فكنتمْ
كاللّفظ ما فيهِ مَعْنى

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:10 AM

أنجدْ إذا شئتَ في الأرزاق أو أغرِ
( الشريف المرتضى )


أنجدْ إذا شئتَ في الأرزاق أو أغرِ
فلستَ تأخذُ إلاَّ من يدِ القدَرِ
و ما أصابك والأقدارُ كافلة ٌ
بأَنْ يُصيبَكَ لاتَلْويه بالحذَرِ
و قد رأيتُ الذي تذوى القلوبُ به
لولم يكنْ ليَ قلبٌ صِيغَ مِن حَجَر
فكِّرْ بقلبك فيما أنت تُبصرُهُ
فالأرضُ مملوءة ُ الأقطارِ بالعِبَرِ
و لا تبتْ جذلاً بالشيء يتركهُ
عليكَ خطبٌ جَفا عَمْداً ولم يَذَرِ
ولاتقلْ: فاتتِ الأخطارُ إنْ عَزَبَتْ
فلم يَفُتْ خَطَرٌ إلاّ إِلى خَطَرِ
كيف القرارُ لمن يمسي ويصبح في
كلِّ الذي هو آتيهِ على غَرَرِ
يبيتُ إما على شوك القتادِ له
جنبٌ ، وإما على فرشٍ من الإبرِ
أجلْ لخاظكَ في الأقوامِ كلهمُ
فلستَ تُبصرُ إِلاّ سَنْحَة َ البَصَرِ
أما ترى ما أراهُ من عيوبهمُ
وليسَ فيها لهمْ عذرٌ لمعتذِرِ
في كلَّ يومٍ تراني بين أظهرهمْ
أحتال في نفعِ من يحتال في ضروري
قالوا: اصطبرْ قلتُ: قد جُرِّعتُ قبلكُمُ
من التصبرِ كاساتٍ من الصبرِ
وما انتفعتُ وطولُ الهمِّ يَصحبُني
عمرَ الحياة ِ بما قد طال من عمري
وقد غرستُ غُروساً غيرَ مُثمرة ٍ
و عاد بالكدَّ من لم يحظَ بالثمرَ
من أين لي في جميع الناس كللهمُ
حلوُ الشمائل منهم طيبُ الخبرِ ؟
أحلى لقلبيَ من قلبي وأعذبُ في
مَذاقِهِ ليَ مِن سمعي ومن بَصَري
وكلَّما غَمزَتْ كفِّي جوانبَه
غمزتُ منه أنابيباً بلا خورِ
أبثهُ عحرى حتى يكون لها
كفيلَها وأُقضِّي عنده بُجَري

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:10 AM

أهاجَكَ ذكرٌ منهمُ ووساوسُ
( الشريف المرتضى )


أهاجَكَ ذكرٌ منهمُ ووساوسُ
و قد نزحتْ بيدٌ بهمْ وبسابسُ
وما رَحلوا إلاّ وحشْوُ حُدوجِهمْ
شموسٌ لروادِ الهوى ومقابسُ
كأنَّ قطينَ الحيِّ لمّا تحمَّلوا
جميعاً ضُحى ً جُنحٌ منَ اللّيلِ دامسُ
أوِ الصَّخرُ من أعلامِ ثَهْلانَ زائلاً
أو الدوحُ دوحُ الغابة المتكاوسُ
فجادَ ديارَ العامريَّة ِ وابلٌ
وعادَ ديارَ العامريَّة ِ راجِسُ
و لا درستْ تلك الرسومَ ملموٌ
ولارَمَسَتْ تلكَ الطُّلولَ الرَّوامسُ
فقد طالما قضيتُ مأربة َ الصبا
بهنَّ وندماني الظباءُ الأوانسُ
و بيضٍ لبسنَ الحسنَ عن كلَّ ملبسٍ
فزانَ لنا مالا تزينُ الملابسُ
يعرن الصبا منْ لم يكن همهُ الصبا
فيطمع فيه كلُّ من هو آيسُ
و ساقطن عذباً من حديثٍ كأنهُ
نسيمُ رياضٍ آخرَ الليل ناعسُ
و لما التقينا والرقيبُ على الهوى
يخالسنا من لحظهِ ونخالسُ
أَرَيْنَ وجوهاً للجمال كأنَّها
نصولٌ حبتها للقيونِ والمداوسُ
فهنَّ كمالاً مالهنَّ صواحبٌ
وهنَّ عَفافاً مالهنَّ حوارسُ
حلفتُ بمن طافَ الحجيجُ ببيتِهِ
و من هو للركنِ اليمانيَّ لامسُ
و ايدي المطايا يبتدرن مغمساً
وهنَّ خَميصاتُ البطون خوامِسُ
طَواها السُّرى طيَّ الحريرِ على البِلَى
فهنَّ قِسِيٌّ مالهنَّ مَعاجِسُ
و منْ أمَّ جمعاً والمطيُّ لواغبٌ
تماطلُ مضماضَ الكرى وتماكسُ
و ما هرقوا عند الجمارِ على منى ً
من الدمِ منه مستبلٌّ وجامسُ
لقد ولدتْ منِّي النساءُ مُشيَّعاً
له الرَّوْعُ مَغْنى ً والحروبُ مجالسُ
و قد جربوا أني إذا احتدم الوغى
لأِثَوابِها دونَ الكتيبة ِ لابسُ
بضربٍ كما اختارتْ شفارُ " مناصلٍ "
و طعنٍ كما شاء الكميُّ المداعسُ
تطامنَ عني كلُّ ذي خنزوانة ٍ
و غمض دوني الأبلجُ المتشاوسُ
فلم يرَ لي لما سمقتُ مطاولٌ
ولم يبقَ لي لمّا سبقتُ منافِسُ
و ذللتها هوجاءَ " سامية " القرا
وما كلُّ روّاضٍ تطيعُ الشّوامِسُ
فقلْ للذي يبغي الفَخارَ ودونَهُ
مفاوز لا تسطيعهنّ العرامسُ
قعدتَ عن الحسنى وغيرك قائمٌ
وقمتَ إلى السَّوأى وغيرُك جالسُ
و رمتَ الذي لم تسعَ يوماً بطرقهِ
ونَيْلَ الجَنَى عفواً وما أنتَ غارسُ
وأنَّى ببرحِ الأمر في القومِ ناهضٌ
و أنتَ عن الأمر المبرحِ " خانسُ "
و لي النظرُ السامي إلى كلّ ذروة ٍ
فكيفَ تُساميني العيونُ النَّواكِسُ
ترومون أنْ تعلوا وأنتمْ أسافلٌ
و أن تشرقوا فينا وأنتم حنادس
نَهسْتُمْ لَعَمْري مَرْوَتي جَهلة ً بها
فيا للنهى ماذا استفاد النواهسُ ؟
و كيف عجميمْ هاتماً كلَّ عاجمٍ
ومارستُمُ مَن كَلَّ عنه الممارسُ
فما لعجاجي منكمُ اليومَ تابعٌ
و لا لعبابي منكمُ اليومَ قامسُ
فإنْ أنتُمُ أَقْذَيْتُمُ صفوَ عيشِنا
فقد رغمتْ آنافكمْ والمغاطسُ
وإنْ جرَّ دهرٌ نحوكُمْ بعضَ سعدِهِ
فما أنتمُ في الدهرِ إلاّ المناحسُ
و من ذا الذي لولاي آوى سروحكمْ
وأنتمُ لآسادِ الخطوب فرائسُ
وما البِيضُ بيضُ الهند لولا أكفُّها
و ما الخيلُ يومَ الروع إلاّ الفوارسُ
و إنْ أنتَ لم تحرسكَ نفسك نجدة ً
فليسَ بحامٍ عن جنابِك حارسُ
و مالك من كلّ الذين تراهمُ
و إنْ غضبوا إلاّ الطلولُ الدولرسُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:11 AM

أودُّ بأنني أبقى ويبقى
( الشريف المرتضى )


أودُّ بأنني أبقى ويبقى
ليَ الولدُ المحببُ والتلادُ
و لا أقذى ولا أوذى بشيءٍ
و أولُ خائبٍ هذا الودادُ
وأنِّي بينَ أثناءِ اللّيالي
صلاحٌ لا يخالطه فسادُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:12 AM

أيا حاديَ الأظعانِ لمْ لا نعرسُ
( الشريف المرتضى )


أيا حاديَ الأظعانِ لمْ لا نعرسُ
لعلَّك أنْ تَحْظَى بقربك أنفُسُ
أنِخْ وانْضُ أَحْلاساً أكلْنَ جلودَها
فصرن جلوداً طالما أنت " محلسُ "
و إنْ كنتَ قد جاوزتَ بطنَ مثقبٍ
و ما فيه من ظلٍّ يقيءُ " فيلبسُ "
ففي الحَزْنِ مُخْضَرٌّ منَ الرَّوض يانِعٌ
و عذبُ زلالٍ بات يصفو ويسلسُ
تُدَرِّجُهُ أيدي الشَّمال كأنَّه
إذا أبصرَتْهُ العينُ نَصْلٌ مُضرَّسُ
وإنْ لم تُرِدْ إلاّ اللِّوَى فعلى اللِّوَى
سلامٌ ففيه موقفٌ ومعرسُ
وقومٌ لهمْ في كلِّ علياءَ منزلٌ
وعزٌّ على كلِّ القبائل أقعسُ
كرامٌ تضيءُ المشكلاتُ وجوههمْ
كما شفّ في تمٍّ عن البدر طرمسُ
و ما فيهمُ للهونِ مرعى ومجثمٌ
و لا منهمُ للذلَّ خدٌّ ومعطسُ
خليليَّ قُولا ما أَسَرَّ إليكما
وقد لَحَظَتْني عَينُهُ المتفرِّسُ
على حينِ زايلنا الأحبَّة َ بَغْتة ً
و كلُّ جليدٍ يومَ ذلك مبلسُ
صَموتٌ عن النَّجوى فإنْ سِيلَ مابِهِ
فلا قولَ إلاّ زَفرَة ٌ وتنفُّسُ
تُزعزعُهُ أيدي النَّوَى وهْو لابثٌ
و تنطقهُ شكوى الهوى وهو أخرسُ
و مما شجاني أنني يومَ بينهمْ
رجعت ورأسي من أذى البين " مخلسُ "
و قد كنتُ أخفيتُ الصبابة َ منهمُ
فنمّ عليها دمعيَ المتبجسُ
عشيَّة أُخفي في الرِّداءِ مسيلَهُ
ليسحبَ صحبي أنني متعطسُ
و ليلة َ بتنا بالثنية ِ سهدا
وما حَشْوُها إلاّ ظلامٌ وحِنْدِسُ
و قد زارنا بعد الهدوَّ توصلاً
إلى الزاد غرثانُ العشياتِ أطلسُ
شديدُ الطَّوَى عاري الجناجِنِ مابهِ
أتانيَ مُغبرَّ السَّراة ِ كأنَّه
من الأرض لولا أنه يتلمسُ
تضاءَل في قُطْرَيهِ يكتمُ شخصَهُ
و أطرقَ حتى قلتُ ما يتنفسُ
و ضمَّ إليه حسهُ متوجساً
وما عنده في الكيد إلاّ التوجُّسُ
يخادِعُني من كَيْسِهِ عن مَطيَّتِي
و لم يدرِ أني منه أدهى وأكيسُ
وأقْعى إزاءَ الرَّحْلِ يطلبُ غِرَّة ً
و يلقى إليه الحرصُ أنْ سوف أنعسُ
فقلتُ له لمَّا توالى خداعُهُ:
" تعزَّ " فما عندي لنابك منهسُ
و ما كنتُ أحميك القرى لو " أردتهُ "
برفقٍ ولكنْ دارَ منك التَّغَطْرُسُ
فلما رأى صبري عليه وأنني
أضنُّ على باغي خداعي وأنفسُ
" عوى " ثمّ ولى يستجير " بشدة ٍ "
و يطلبُ بهماً نام عنها المحبسُ
و كم خطة ٍ جاوزتها متمهلاً
و عرضيَ من لومِ العشيرة أملسُ
ومَكْرُمة ٍ أعطيتها متطلِّقاً
و قد ضنّ بالبذل " الخسيس " المعبسُ
و طرق إلى كسب المكارم والعلا
وبذلِ اللُّها أنهجتُها وهي دُرَّسُ
و مولى ً يداجيني وفي لحظاتهِ
شراراتُ أحقادٍ لمن يتقبسُ
يرمِّسُ ضِغْناً في سُوَيداءِ قلبِهِ
ليُخفِيَهُ لو كان للضِّغْنِ مَرْمَسُ
و يعجبُ أني في الفضائل فتهُ
ولمْ لا يفوتُ المصبحين المُغَلِّسُ
كأنّ وإياهُ معنى بمدنفٍ
يَبلُّ قليلاً ثم يأْبَى فينكُسُ
ومُشكلة ٌ أخلاقُهُ وخصالُهُ
كما شئتَ لماعاً يضيءُ ويبلسُ
فلا أنا عمَّا يُثمرُ الوصلُ أنتهي
ولا هوَ عن شأوِ القطيعة يحبسُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:12 AM

أيا زائراً باللّيل من غيرِ أنْ يَسري
( الشريف المرتضى )


أيا زائراً باللّيل من غيرِ أنْ يَسري
و هل زائرٌ بالليل من غير أن يسري ؟
ويا مُشْبهاً للفجرِ ضوءُ جبينِهِ
أبنْ لي قليلا كيف روعتَ بالفجرِ
تجودُ علينا والمعاذيرُ جَمَّة ٌ
و تبخلُ بالجدوى وأنت بلا عذرِ
ولمَّا تعاتبنا على الهجرِ صُغتَ لي
دُنُوَّك من بُعدٍ ووصلكَ من هجرِ
وأَوليتَ بِرّاً لم يكنْ عندَ واصلٍ
إليه " وإن " أغنى " نصيباً " من الشكر

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:13 AM

أيا شجراتِ الوادِيَيْنِ لعلَّني
( الشريف المرتضى )


أيا شجراتِ الوادِيَيْنِ لعلَّني
أعُوجُ بما تُظْلِلْنَهُ فأَقيلُ
وفيكُنَّ لي ما تَشْتهي النَّفْسُ من مُنى ً
وليس إلى ما تَشتهيهِ سَبيلُ
ولو أنّنى منكنّ زوّدتُ ساعة ً
تروّحَ فى أظلالكنّ عليلُ
وما أبتغى إلا القليلَ وكم شفى
كثيرَ سَقامٍ في الرِّجالِ قليلُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:13 AM

أيا صاحِبي إنْ لم تكنْ في شديدتي
( الشريف المرتضى )


أيا صاحِبي إنْ لم تكنْ في شديدتي
كفيلاً بها دوني فلستَ بصاحبي
ولو لم تكُنْ خيرَ الأُلى عَجَمَتْهُمُ
بَنانِيَ لم أَضمُمْ عليك رواجبي
ذَخَرتُكَ لي في النَّائباتِ، ومنْ يكنْ
صديقًا صَدوقًا فهْوَ ذُخرُ النَّوائبِ
وما ضرَّ والقربُ المؤلِّفُ بينَنَا
ودادٌ لنا أنْ لم تكنْ من أقاربِي
أجِرْنِيَ إمّا بالقواضبِ والقنا
أوِ الرّأْي إنْ خَطْبٌ أناخ بجانبي
وكُنْ قَبَسي إنْ كانَ قومٌ دياجِري
وكنْ صادقي إنْ كانَ دهريَ كاذِبي
وقُمْ واكفِني إنْ كنتَ تستطيعُ هذِهِ
حُلوليَ مغلوبًا بوادي العجائبِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:14 AM

أيا ظبية ً فى ربى جاسمِ
( الشريف المرتضى )


أيا ظبية ً فى ربى جاسمِ
سقيتِ حيا واكفٍ ساجمِ
طلعتِ لنا في خلالِ الهضابِ
فبُحتِ بسرِّ امرىء ٍ كاتِم
وكنْ غُصّة ً في لَهاة ِ العدوِّ
وأعيا على رُقْيَة ِ اللاّئِمِ
وقد ضمّنا موقفٌ للوداع
خلا للمحبّين من زاحِمِ
فمن مظهرٍ شوقهُ بائحٍ
ومن كاتمٍ وجده كاظمِ
إذا اضطرب الشوق فى قلبهِ
فلو كان نَصْفاً أنامَ القيامَ
وكم فيه من عادمٍ عائمٍ
ومن واجدٍ للغنى آجمِ
ولا تبعدنْ عن نداءِ الصّريخِ
وعن هبّة ِ الثّائرِ العازمِ
فلابدَّ من و
ثْبة ٍ للذّئا
ولستُ بمستبطئٍ للزّمان
وقد ضمنوا سرعة َ السّالمِ
ولولاك كنتُ نَفورَ الجَنا
نِ لا أستنيمُ إلى رائِمِ
ولمّا بَلوْتُ الورى أنكرتْ
وما ظلمتْ إصبعي خاتمي
بريئين من كلِّ عارٍ وذامِ
وما إنْ أبالى إذا كنتَ منْ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:15 AM

أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي
( الشريف المرتضى )


أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي
حبَوْتَ به من نعمة ٍ وتعهُّدِ
وأرسلتَ تستدعي المديحَ وإنّه
لرأسيَ تاجٌ والسواران في يدي
ولم يكُنِ التَّشريفُ لي دَرَّ درُّه
سوى خزّ أثوابي ودرَّ مقلدي
وما أخَّرَ النَّظْمَ الّذي كنتَ خاطباً
به بينَ هذا الخلق في كلِّ مَشْهدِ
سِوى مرضٍ حُوشيتَ منه وإنّني
لراضٍ بأنِّي للأَذى عنك مُفْتَدِ
وحالَ عن التَّجويدِ ما قد شَكوتُه
ولم أرضَ قولاً فيكَ غير مجوَّدِ
وليس لمعقولِ اللِّسانِ مقالة ٌ
تقالُ ولا مشيٌ لرجلِ المقيدِ
و كيف اطراحي مدحَ من كان مدحه
به الدَّهرَ تَسبيحي وطولُ تهجُّدي؟
أصولُ به فعلاً على كلِّ فاعلٍ
و أزهى به قولاً على كل منشدِ
وكم ليَ في مدحي عُلاكَ قصائدٌ
فَضَلْنَ افتخاراً نَظْمَ كلِّ مُقصِّدِ
يسرن على الأكوار شرقاً ومغرباً
و يقطعن فينا كلَّ برٍّ وفدفدِ
ويُطْربْنَ مَن أَصغَى لهنَّ بسمِعه
كما أطربتْ ذا الخمرِ ألحانُ معبدِ
فإنْ غرَّد الشادي بهنَّ تنعُّماً
تناسيتَ تغريدَ الحَمامِ المغرِّدِ
خدمتُكَ كهلاً مُذ ثلاثون حجة ً
أروح بما ترضاه مني وأغتدي
ولم تكُ منِّي هفوة ٌ ما اعتمدتُها
فكيف لما تأتي يدُ المتعمدِ ؟
و ما كان إلا في رضاك تشمري
ولا كان إلاّ في هواك تَجرُّدي
تنامُ الدُّجَى عنِّي وأقطعُ عُرضَه
دعاءً بما تَهْوَى بجَفْنٍ مُسَهَّدِ
و أعلمُ أني مستجابٌ دعاؤه
لصادقِ إِخلاصِي ومحضِ تَوَدُّدي
و كنتَ ملكتَ الرقَ منيَ سالفاً
فخذْ رِبْقَتي عفواً بملكٍ مُجدَّدِ
فأما موالينا بنوك فإنهمْ
علَوْا في سماءٍ للعُلا كلَّ فرقدِ
سيوفُ غوارٍ بيننا وتسلطٍ
كهوفُ قرارٍ بيننا وتمهدِ
همُ ورثوا تلك النجابة َ فيهمُ
كما شئتها عن سيدٍ بعد سيدِ
حُسدتَ بهمْ لمّا تَناهَى كمالُهمْ
و لا خيرَ فيمن عاش غيرَ محسدِ
و كم لهمُ في الملكِ من عبقٍ به
و من مرتقى ً عالي البناءِ مشيدِ
وتُعرَفُ فيهمْ من شمائلك التي
بَهرتَ بها آثارَ مجدٍ وسؤدُدِ
ولم تَرمِ لمّا أنْ رميتَ إلى المنى
بهمْ أَسهماً إلاّ بسهم مُسدَّدِ
فلا زلتَ مكفياً بهمْ كبلَّ ريبة ٍ
ولا زلتَ فيهمْ بالغاً كلَّ مَقْصِدِ
وإِنَّك من قومٍ إذا شَهدوا الوغَى
فما شئتَ من عانٍ بها وفتى ً ردِ
ومن أبيضٍ عندَ الضِّرابِ مُثلَّمٍ
و من أسمرٍ عند الطعان مقصدِ
أبَوْا أن يسدُّوا عن عظيمِ أناتِهِ
وأن يُحجموا عن جاحمٍ متوَقِّدِ
وأن يرجعوا إلاّ بشملٍ مجمَّعٍ
جنوه لهمْ من كفَّ شملٍ مبددِ
ولم يُرَ فيهمْ والمخاوفُ جمَّة ٌ
مولٍّ إلى أمنٍ ولا من معردِ
ولم يَرْتَوُوا إلاّ بما سالَ بالقَنا
كما يرتوي بالماءِ من عطشٍ صدِ
و دمْ أبداً للمجدِ والحمدِ والندى
تعومُ انغماساً في بقاءٍ مُخلَّدِ
وإن رامَ دهرٌ أنْ يسوءَك صرفُه
فأصغَى بمصلومٍ وعضَّ بأدْرَدِ
و لا طلعتْ يوماً على دولة ٍ بها
بلغنا بها إلاّ كواكبُ أسعدِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:16 AM

أيّها السّائلُ
( الشريف المرتضى )


أيّها السّائلُ كى يعـ
ـلمَ حالي مِن سؤالي
أنا فى عشرِ الثّمانين البعيدات الطّوالِ
ـنَ البعيداتِ الطِّوالِ
كم تخطّيتُ إليها
من سهولٍ ورمالِ
وثَراءٍ وافتقارٍ
واهتداءٍ وضلالِ
حوليَ الآجا
لُ يَفْرِسْـ
ـنَ نفوساً وحِيالي
بى َ أنموذجَ حالى
ليس بدٌّ للذى يسـ
ـعى بعيداً من كلالِ
والّذى يسكن داراً
من زوالٍ وانتقالِ
ربّ أقوامٍ - بلا جر
مٍ - يريغون ارتحالى
والذي يهوَوْنَ منّي
ليس في أيدي الرِّجالِ
لستُ أقلاهمْ فلمْ لى
من لدُنْهمْ كلُّ قالِ؟

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:18 AM

أيّها الشّيخُ
( الشريف المرتضى )


أيّها الشّيخُ إنّ من ثوّرَ الصّيـ
ـدَ كمن صاده بحكمِ العقولِ
هجتَ منّى على القوافى جناناً
لم يكنْ عن بديعها بكليلِ
فطمى بحرُ خاطرى فترامى
فيه قولي من غيرِ معنى ً مَقُولِ
ذلك الفضلُ إذ دللتَ على الفضـ
ـل ولا بدّ فى السّرى من دليلِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:19 AM

أيُّ فتى ً وورِي في التُّربِ
( الشريف المرتضى )


أيُّ فتى ً وورِي في التُّربِ
قضى ولم أقضِ به نَحْبي؟
زوّدني بعد فراقي له
ما شاءت الأحزانُ من كربِ
قلتُ لرَكْبٍ قال لي إِنه
ذاق الرّدى أُرجلتَ من رَكْب
ولا رَعَتْ عيسُكَ في منزلٍ
نزلتَه شيئًا منَ العُشبِ
ولا يزلْ فوك وقد قال ليْ
ما قالَ مملوءًا منَ التربِ
قد ضرّني الصّدقُ فمنْ ذا الّذي
ينفعني يا قومُ بالكذبِ؟
نعيتَ ـ لا بُوعدتَ من سيِّىء ٍ ـ
أفضلَ من قلبي إلى قلبي
رمحي الّذي يفرِي نحورَ العدى
وفي جِلادي هُوَ لي عَضْبي
فكمْ له دونِيَ من موقفٍ
آمنني فيه من الرُّعبِ
ولم يكن لي وهْوَ في قبضتي
على المُنى شيءٌ منَ العَتْبِ
ما قنعتْ إلاّ به هِمَّتي
ولم أقُلْ إلاّ بهِ حَسْبي
وعاضَني مِن حَرِجٍ ضَيِّقٍ
عليَّ بالإفساجِ والرُّحْبِ
هو الرّدى يأخذ من بيننا
إذْ همّ مَنْ شاء بلا ذنْبِ
وليس يُسطاع دفاعٌ له
بالطّعنِ بالرُّمْح ولا الضّرب
إنْ يبغِ مَحجوبًا فما إنْ له
مِن دونهِ شيءٌ منَ الحُجْبِ
أو شاءَ أن يأخذَ ذا هَضْبة ٍ
عالية ٍ فهْوَ بلا هضْبِ
بزَّ اليمانيِّينَ تيجانَهمْ
من دونها أردية ُ العَصْبِ
واستلَّ من كسرى بإيوانِهِ
أطواقَه الحُمرَ مع القُلبِ
ولم تزلْ تدخُلُ رُوَّادُهُ
من مُضَرٍ شِعْباً إلى شِعْبِ
وشرَّدتْ أصحابَه بطشَة ٌ
منه بِهمْ فهْو بلا صَحْبِ
ولفّهُم لفّاً بأيدي القنا
لفَّ الصِّبا للغُصُنِ الرَّطْبِ
كأنّهمْ تزهر أجداثُهُمْ
ذوائبٌ خرّتْ من الشهب
وكم سَطا فيهمْ بأُسْدِ الشَّرى
ومُطعمِي الأضيافِ في الجَدْبِ
قلْ لامرىء ٍ يطمعُ في خُلدِهِ
فهْوَ غَفولٌ آمنُ السِّربِ
ليس كما قدّرتَه إنّما
خُلقتَ للتُّربِ منَ التُّربِ
لا ترجُ أنْ تَنْجُوَ مَشيًا وقد
بغاك باغٍ واسعُ الوثْبِ
تنال كفّاه إذا مُدَّتا
مَن كان في بُعدٍ وفي قُرْبِ
يا نائيًا عنِّي ومن مُنْيتي
أنْ بِعْتُ بُعدي منه بالقُربِ
كم لكَ عندي من إيادٍ مضَتْ
بيضًا وإنْ كنتَ منَ الشُّحْبِ
واللّيلُ كالصُّبحِ لنفعِ الورَى
والسُّمرُ كالبيضِ لدَى الحربِ
وما جرى في النّاس شيءٌ لهمْ
مَجرَى سوادِ العين والقلبِ
والقزُّ في الصُّفرة ِ مخلوقة ً
خيرٌ لباغيهِ من العُطبِ
فافخرْ على القومِ الأُلى سُوِّدوا
في الشَّرق إِنْ شئتَ وفي الغربِ
فليسَ فيهمْ كلَّهمْ واحدٌ
سادَ جميعَ العُجْمِ والعُرْبِ
لم تألفِ السُّوءَ ولا بتَّ في
ناحية ِ القذفِ ولا الثَّلْبِ
ولم تعُجْ باللّهوِ في خلوَة ٍ
ولا مزجتَ الجِدَّ باللِّعبِ
وكلّما نِلْتَ بها رُتبة ً
حَمَيْتَ فيها جانِبَ الجُنْبِ
كم كنتَ للأملاكِ كهفاً وكمْ
حَمَيْتَهُمْ بالمُلك من خَطْبِ
وكم تلافيتَ بتفكيرة ٍ
صافية ٍ شَعْباً من الشَّعْبِ
كانوا ومن رأيك "آراؤُهُمْ"
مثلَ رَحى دارتْ على قُطْبِ
قد دَرَّتِ الدُّنيا لهمْ مرّة ً
وأيُّ درٍ ليس بالحَلْبِ؟
كم ذا تداركتَ اعوجاجاً لهمْ
على ظهورِ الضُّمَّرِ القُبِّ
يطوين يحملن الرّدى للعدى
سَهْبًا منَ الأرضِ إلى سَهْبِ
وكلّما زاحَمْنَ في غَمرة ٍ
شوكَ القنا السّمر على إرْبِ
كُسِينَ أَجلالاً بنسج القنا
منَ النَّجيع الأحمر العَصْبِ
سقى الذي أصبحتَ رهناً به
من الثَّرى أندية ُ السُّحْبِ
ولا سمعنا لخريقٍ به
صَوتًا ولا زَعْزَعَة َ النُّكْبِ
ولا يزلْ تُنضَحُ حافاتُهُ
منَ الحَيا بالباردِ العَذْبِ
حتّى يُرى من بينِ أجداثِهمْ
رَيّانَ ملآنَ من الخِصْبِ
فليس مُلْقًى في الثَّرى مَيّتًا
مُوسَّدَ الكفِّ على الجنْبِ
مَنْ طار في الآفاق ذكرٌ لهُ
وسار بالأقلامِ في الكتبِ
فالحقْ بمن سَمَّى لنا نفسَهُ
بأنَّه يعفو عنِ الذَّنبِ
فما أتتْ كفّاكَ من سيّءٍ
يضيقُ عنهُ كرمُ الرّبِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:19 AM

أيُّ ناع نعاهُ لي أيُّ ناعِ
( الشريف المرتضى )


أيُّ ناع نعاهُ لي أيُّ ناعِ
لارمى اللهُ شعبه بانصداعِ
لم يَرُعْني وطالما أتْرَعَ النّا
عون فينا قلوبنا بارتياعِ
لا ولا موجِعاً لقلبي بما قا
ل ولكنْ داوَى به أوجاعي
ولقد قلتُ إذْ سمعتُ الذي كنـ
ـتُ أُرَجِّي: للَّهِ دَرُّ النَّاعي!
خبرٌ مبهجٌ لقلبى وقد كا
نَ كئيباً، مؤرِّج لرِباعي
لم أزل مبغضاً لكلِّ نذيرٍ
للمنايا حتّى نعاه النّاعى !
أمْتَعَ القلبَ بالبشارة لازا
ل مُحَيّاً بالسُّؤْلِ والإمتاعِ
ولو أنّي استطعتُ شاطرتُ عمري
ثمَّ ذخرى ومتعتى ومتاعى
فلَهُ والحقوقُ تُلفَى وتُرعَى
كلُّ حقٍّ عليَّ غيرُ مُضاعِ
وبوُدِّي أنْ لم يكن ليَ تعريـ
لَمِ داءً لَسَيِّدُ الأوجاعِ
قد مضى معدنُ النّفاقِ وأصلُ الـ
ـمَيْنِ عنّا ورأسُ كلِّ خِداعِ
والّذى كنتُ فى قناعٍ فلمّا
ضلَّ هُلْكاً ألقيتُ عنِّي قِناعي
ـخيرُ في ضِيقة ٍ ولا في اتّساعِ
وثويتَ الثّرى فطوّلتَ باعى
وَرَمَتْني السِّهامُ منكَ ولكنْ
لم تَضِرْني واللَّهُ مِن أدراعي
كلُّ شكري لأنَّني نلتُ ما كد
ـتُ أُرَجِّي باللَّهِ لا باصطناعي
وكُفِيتُ المكروهَ منك وَشيكاً
بدفاعِ الإله لا بدفاعى
وامتلا رَبْعيَ الجديبُ منَ الخِصْـ
ـب كما أشتهيه لا بانتجاعى
وقراعُ الإلهِ عنّى َ أغنى
يا خليلي كما تَرى عن قِراعي
ورمى الله فى ظلامك لمّا
غَشِيَ النّاسَ كلَّهمْ بانقشاعِ
ولَئِنْ بِنْتَ واغتربتَ فما عنـ
ـدك شوقي ولا إليك نِزاعي
ومتى ما سئلتُ عنك فقولى :
لارعاهُ في طَرْفِهِ مَنْ يُراعي
وقلوبٌ حشين فى الموت بالّلو
عاتِ ما خُرْنَ فيك بالإلتِياعِ
لك نزرٌ من كلّ خيرٍ فإنّى
كِلْتُ للشّرِّ وحدَه بالصَّاعِ
إنّ غدراً ثوى فلم تخلُ أضلا
عكَ منه ما اجتاز فى أضلاعى
وغروري بك الغداة َ كما غَرْ
رَ سرابٌ بوَمْضِهِ اللمَّاعِ
وإذا ما علقتهُ فعلوقى
بجنابٍ هاعٍ لعمرك لاعِ
لم يكنْ بينَ ماكرهتُ وما أحْـ
ـبَبْتُ إلاّ وقتٌ قصيرُ السَّاعِ
وكفاني الإلهُ شَرَّ امرىء ٍ ليـ
س يراعى من التّقى ما أراعى
إن علواً لا يستحقّ كسفلٍ
وارتفاعاً لا ينبغى كاتّضاعِ
ليت ما كان بيننا لم يكن كا
ن قديماً من إلفة ٍ واجتماعِ
بعتنى بالرّخيص من غير أن أنـ
ـكثَ عهداً أو أنْ يحين بياعى
وسيدرى من باعنى بحقيرٍ
أيُّ غَبْنٍ عليه مِن مُبْتاعي
وإذا ماجهلتَ فخري وجُودي
بين كفّيك طاب فيه ضياعى
ضاعَ ودِّي مَن لم يكنْ أهلَ ودِّي
وشقى ٌّ غادٍ بودٍّ مضاعِ
كان مثلَ الضّياحِ فى القاعِ طوراً
وحَكى تارَة ً ثُغاءَ الرَّاعي
وعلى ذا مضى الزّمانُ فحى ٌّ
غيرُ ساهٍ وميِّتٌ غيرُ داعِ
كيف قدّرتَ أنّنى من أناسٍ
قدتهمْ نحو حينهمْ باختداعِ ؟
حاشَ للَّهِ أنْ أكونَ سريعاً
ومجيباً من الورى كلَّ داعِ
وغَبينٌ مَن هاجَ منِّي لساناً
مثلَ حدِّ الحسامِ يومَ المصاعِ
ورجا والرّجاءُ نحسٌ وسعدٌ
لَيَّ رُمْحٍ يومَ الوغَى بِيرَاعِ
وتَعاطَى جهالة ً منه تَرويـ
ـعَ جَنانٍ ما كانَ بالمرتاعِ
ولوادٍ حللتَ فيه جديبٌ
بكَ نائي الإخصابِ والإمراعِ
ليس فيه إلّا الجنابُ لراجٍ
يرتجيهِ أو الهشيمُ لراعِ
وصدى ً لم يَطُفْ به قطُّ إرْوا
ءٌ وجوعٌ لم يروِ بالإشباعِ
بين وهدٍ غبرِ المتون وهيها
تَ وِهادٌ مغبرَّة ٌ من قِلاعِ
ليس يرميه آملٌ برجاءٍ
لا ولا يَنْتحيهِ سعيٌ لساعِ
وإذا ما أُلفِيتَ فيه فما يلـ
ـقاك إلّا بباخلٍ منّاعِ
مجثمُ اليأسِ والقنوط فما فيـ
ـهِ مَزارٌ لجاثلِ الأطماعِ
وبودّى أنْ لم يكن لى َ تعريجٌ
إليه ولا عليه اطّلاعى
وإذا ما بقيتَ فاجتنبِ الغا
بَ محلَّ الرّدى ومطوى السّباعِ
ودعِ الإغترارِ بالسّلمِ فالسّلـ
ـمُ طريقٌ إلى ركوبِ القِراعِ
أنّنى وحدى َ الّذى لو تأمّلـ
ـتَ ملأتُ الوادي بغُرِّ المساعي
واتّباعى ما كان قطُّ لخلقٍ
وأولو الفضلِ كلُّهمْ أتباعي
وغبينٌ مَن ليس يعلمُ شيئاً
بعيانٍ يرى ولا بسماعِ
أيُّ فضلٍ في العقل غيرُ مُطاعٍ
وانتفاعٌ بالقلب ليس بواعِ ؟
وإذا ما مررْتُ يوماً على قبـ
ـرِك؛ شرِّ القبورِ في شرِّ قاعِ
قاتُ لا مسّكَ النّسيمُ ولا اعتا
دك نوءٌ من واكفٍ همّاعِ
وعَداك السّلامُ والرَّوحُ والرَّحْـ
مة ُ من فائضِ الجدا النّفّاعِ
وسُقِيتَ العَذابَ لا العَذْبَ والزَّلْـ
ـزالَ تأتى به يدُ الزّعزاعِ
وإذا جوزى َ الأنامُ فلا جو
زيتَ إِلاّ بالمؤلمِ اللّذّاعِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:20 AM

أيُّها اللاَّئمُ
( الشريف المرتضى )


أيُّها اللاَّئمُ الذي لا يملُّ اللْـ
صبحاً حتّى يلومَ عشيّا
لمتنى أنْ نبوتُ عمّنْ رمانى
ثمّ لم أقضِ أنْ أكون رميّا
وحقيقٌ باللَّومِ دونكَ دهرٌ
لا أرى فيه " صاحباً " مرضيّا
كم أرانى الزّمانُ قبلك من كنـ
ـتُ خَلِيّاً منه فعدتُ شَجِيّا
لم أزلْ مغضياً على هفواتٍ
منه لو جزننى لكنتُ غبيّا
لو وفَى صاحبٌ وفَى لي سوادٌ
زار فودى َّ منذ كنتُ صبيّا
شطّ عنّى لمّا ارعويتُ وقد كا
ن مقيماً أيّامَ كنتُ غويّا
قد سلونا وفاءكمْ ويئسنا
أنْ نرى منكمُ عطاءً هنيّا
وسئمنا علاجكمْ وعلمنا
أنّ بين الضّلوعِ داءً دوّيّا
يَعِدُّ البِرَّ ماطِلاً فإذا أوْ
عَدَ يوماً شرّاً أَتاك وحَيّا
علِّلونا بظاهرٍ من جميلٍ
ودعوا مُضمرَ القلوبِ خَفِيّا
فبعيدٌ عن المجرّبِ منّا
أنْ يعيدَ العدوَّ " شىء ٌ " وليّا
أتَراني أنسَى حفاظَ كِرامٍ
كان بالي منهمْ زماناً رَخِيّا؟
قارَعوا عنِّيَ الخطوبَ وَسَدّواً
يومَ سيلِ المكروهِ عنّى الأتيا
وانتضوا بينهمْ وبين أعادى َّ
طوالَ الخطى ِّ والمشرفيّا
كم بلاهمْ أعداءهمْ فأصابوا
مَحْتِداً أمْلَساً وعِرضاً نقيّا
وخِلالاً تكذِّبُ الكَلِمَ العَوْ
راءَ فيهمْ أو اللسّانَ البَذِيّا
" وترى وعدهمْ وبذلهمُ الأمـ
ـوالَ هذا نزراً وذاك سنيّا "
يضعفُ المرءُ منهمُ في يدِ الحقْ
وإن كان فى اللّقاءِ قويّا
وتراهُ الوَقاحَ في حَوْمَة ِ الحرْ
بِ وفي حَوْمَة ِ السؤالِ حَيِيّا
لا رعى اللهُ لى متى لم يجد عهـ
ـدهمُ فى جوانحى مرعيّا
أنا من قد علمت لا أركبُ الظّهـ
ـرَ الموطّا حتّى يكون عليّا
وإذا جانبٌ منَ الأرض لم يسـ
ـطِعْ مقامي استطعتُ عنه مُضِيّا
ومتى ما اقتضَى كلاميَ أمرٌ
لم أكنْ بالمقالِ فيه عَيِيّا

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:21 AM

أَأُسْقَى نَميرَ الماءِ ثمَّ يَلَذُّ لي
( الشريف المرتضى )


أَأُسْقَى نَميرَ الماءِ ثمَّ يَلَذُّ لي
ودورُكُمُ آلَ الرّسولِ خَلاءُ؟
أنتم كما شاءَ الشَّتاتُ ولستمُ
كما شِئْتُمْ في عيشة ٍ وأشاءُ
تُذاودون عن ماء الفُراتِ وكارعٌ
به إبلٌ للغادرينَ وشاءُ
تَنَشَّرُ منْكُمْ في القَواءِ مَعاشرٌ
كأنّهُمُ للمبصرين مُلاءُ
ألا إنّ يومَ الطفّ أدمى محاجراً
وأدوى قلوباً ما لهنَّ دواءُ
وإنّ مصيباتِ الزّمان كثيرة ٌ
وربّ مصابٍ ليس فيه عزاءُ
أرى طَخْية ً فينا فأين صباحُها
وداءً على داءٍ فأين شفاءُ؟
وبين تراقينا قلوبٌ صديئة ٌ
يُرادُ لها لو أُعطِيَتْهُ جَلاءُ
فيا لائماً في دمعتي أو مُفّنِّدًا
على لوعتي واللَّومُ منه عَناءُ!
فما لكَ منِّي اليومَ إلا تَلهُّفٌ
وما لكَ إلاّ زَفرة ٌ وبُكاءُ
وهل لي سُلوانٌ وآلُ محمدٍ
شريدُهُمُ ما حانَ منه ثَواءُ
تُصَدُّ عنِ الرَّوْحاتِ أيدي مطيِّهمْ
ويُزوى عَطاءٌ دونهم وحِباءُ
كأنَّهُمُ نسلٌ لغيرِ محمدٍ
ومن شَعبهِ أو حزبهِ بُعداءُ
فيا أنجمًا يُهْدَى إلى اللهِ نورُها
وإن حالَ عنها بالغبيِّ غباءُ
فإنْ يكُ قومٌ وُصلة ً لجهنَّمٍ
فأنتمْ إلى خُلدِ الجنانِ رِشاءُ
دعوا قلبِيَ المحزنَ فيكم يَهيجُهُ
صَباحٌ على أُخراكُم ومساءُ
فليس دموعي من جفوني وإنَّما
تقاطَرْنَ من قلبي فيهنَّ دماءُ
إذا لم تكونوا فالحياة منَيَّة ٌ
ولا خير فيها والبقاءُ فَناءُ
وإمّا شَقيتمْ في الزّمان فإنّما
نَعيمي إذا لم تلبسوهُ شَقاءُ
لَحا اللهُ قومًا لم يجازوا جميلَكُم
لأنَّكُمُ أحسنتُمُ وأساؤا
ولا انْتاشَهُمْ عندَ المكارهِ مُنهِضٌ
ولا مَسَّهُمْ يومَ البلاءِ جَزاءُ
سَقى اللهُ أجداثاً طُوِينَ عليكُمُ
ولا زال مُنْهلاًّ بهنَّ رِواءُ
يسيرُ إليهنَّ الغمام وخلفه
زماجِرُ مِن قَعقاعِه وحُداءُ
كأنَّ بوادِيهِ العِشارُ تَروَّحَتْ
لهنّ حنين دائمٌ ورُغاءُ
ومَن كان يُسقى في الجنانِ كرامة ً
فلا مسّه من ذي السحائب ماءُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:22 AM

أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ
( الشريف المرتضى )


أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ
يُخُبُّ على الآفاقِ طَوراً ويُوضِعُ؟
ولمّا أرادَ الحيُّ أنْ يَتَحمَّلوا
ولم يبقَ لي في لُبْثَة ِ الحيِّ مَطمعُ
جَرتْ لي حياتي من جفوني صَبابة ً
وظن الغبي أنما هي أدمعُ
فليت المطايا إذ حملن لنا الهوى
حُدِينَ عَشيّاً وهْيَ حَسْرَى وظُلَّعُ
فإن لم يكونوا أنذروا بفراقهم
وفاجأنا منه الرواء المروعُ
فقد صاحَ قبلَ البينِ لي بفراقِهمْ
غرابٌ على فرعِ الأراكة أبقعُ
سلامٌ على ملكِ الملوك يقودُه
وليٌّ يناجي بالتَّحايا فيُسمِعُ
مقيمٌ على دار الحفاظ وطالما
تَناسى رجالٌ للحِفاظ فضيَّعوا
وأنتَ الذي فُتَّ الملوكَ فكلُّهمْ
خلالَكَ يَنْحو أو طريقَك يتبعُ
فمالك إلا في السماء معرسٌ
وما لك إلاّ مَضجَعَ الشَّمسِ مَضجعُ
فإنْ يك قومٌ لم يَضُرُّوا ويَنْفعوا
فإنَّك فينا قد تضرُّ وتنفعُ
وإنَّك من قومٍ كأنَّ وجوهَهمْ
كواكبُ في ليلِ المعارك تطلُعُ
تُساعي لهمْ نحو العليّاتِ أرجُلٌ
وتبسط منهم في الملمات أذرعُ
وما امتقعت ألوانهم في شديدة ٍ
تهاب ولون اليوم لونٌ مولّعُ
شفاهُهُمُ من كلِّ عَوْراءَ قفرَة ٌ
ودارُهُمُ من كلِّ شَنعاءَ بَلقَعُ
وأيديهم تجري إذا جمد الحيا
على المُعتفين بالعطايا وتَهمعُ
سراع إلى داعي الصريخ شجاعة
وفي كلّ كفّ منهم البيض تلمعُ
فإن طعنوا يوم الكريهة أوسعوا
وإنْ أَطعموا عند المجاعة ِ أشبعوا
وإنْ وُزِنوا كانوا الجبالَ رزانة ً
وكم طائش منهم إلى الموت مسرعُ
فما فيهم إلا همامٌ مرفعٌ
بحيث الثريا أو غلامٌ مشيعُ
وكم لك في يوم شهدتَ به الوغى
وما لكَ إلاّ الضّربَ والطّعنَ أدرُعُ
وفي كفِّكَ العَضبُ اليمانيُّ قاطعاً
وما كلُّ سيفٍ كان في الكفِّ يقطعُ
وأنت على رخو العنان كأنه
منَ الضُّمْرِ طاوٍ ليس يروي ويَشبعُ
وليسترى إلا الأسنة رعفاً
وبيض الظّبا ماء الترائب تكرعُ
وقد علموا لمّا سرى البغي فيهمُ
وطارتْ بهمْ نكباءُ للغدرِ زَعْزَعُ
ولم تر إلا شمل عقد مفرقاً
وإلا عهوداً منهم تتقطعُ
وقد حالَ منهمْ كلُّ شيءٍ عهدتَه
فأحفظُ منهمْ للذِّمامِ المضيِّعُ
بأنَّكَ رُضتَ الحِلْمَ حتّى لبِستَهُ
شعاراً ولكن ليس ينضى ويخلعُ
وعاد الذي قد كان بالأمس شامساً
عليك مطيعاً وهو عودٌ موقعُ
فلا انتيشَ من غمائِها المتروِّعُ
وراموا الذي لا يرتضى وتولعوا
أطرتهم تحت السنابك في الثرى
كما طارَ بالبيداءِ زِقٌّ مُزَعْزَعُ
فلم يلق منهم بعد ذلك سامعٌ
ولم يبق منهم بعد ذلك مسمعُ
قنعت بحظى منك ذخراً أعدهّ
ولست بشئ يقنع الناس أقنعُ
فماليَ إلاّ تحتَ ظِلِّكَ مَوئلٌ
ولا ليَ إلاّ في رياضك مَرْتَع
ولا كان لي إلاّ عليك إقامة ٌ
ولاكان لي إلا بربعك مربعُ
ولا قيَّضَ اللهُ التفرُّقَ عنكمُ
ولا عَنَّ نأيٌ بَيْنَنا وتَصدُّعُ
فلو أنني ودعتكم يومَ فرقة ٍ
لما كدتُ إلاّ للحياة ِ أودِّعُ
وإما تكونوا لي وفي طيّ قبضتي
فلست بشئٍ غيركم أتطلعُ
وإن كنتم لي ناصرين على العدا
فما إنْ أُبالي فرِّقوا أو تجمَّعوا
وودي لكم لا يستفيق ضمانة ً
وما كنتُ إلاّ بالذي زانَ أولعُ
يُعنِّفُني قومٌ بأنِّي أُطيعُكمْ
ولم يرضِكمْ إلاّ الذي هُو أطوعُ
ولم يلحني في نصحكم غير كاشحٍ
وإِلاَّ امرؤٌ في الغِشّ بالغيبِ مولَعُ
ولو أنصفوا لم يعذِلونيَ في هوى ً
لقلبي لا يلوى ولاهو ينزع
وقد زعزعوا لكن لمن ليس ينثنى
وقد هددوا لكن لمن ليس يفزعُ
وكم رَمْيَة ٍ لم تُصْمِ ممَّن رَمى بها
وكم قَولة ٍ من قائلٍ ليس تُسمَعُ
فإنَّ خِطاراً أنْ تُهيجوا مُفوَّهاً
له كلم تفري البلاد وتقطع
وما ضرَّني أنّي قُذفتُ بباطلٍ
وما زلتُ عُمْرَ الدهرِ بالحقِّ أصدَعُ
وما راعني ذاك الذي روعوا به
فلا انتيش من غمائمها المتروعُ
وإمّا نبا بي أجْرَعٌ فاجتويتُهُ
فلي دونه منا من الله أجرعُ
فدونَكما فيها مَعانٍ سترتُها
وأنت عليها دون غيرك أوقعُ
ولم يكنِ التَّعويضُ مِنِّيَ خِيفة ً
ولكنني ما اسطعت للشر أدفعُ
وكم ليَ في مدحي لكُمْ من قصائدٍ
لهنَّ على الآفاقِ في الأرض مَطْلَعُ
وهنيت هذا العيد وابق لمثله
وأنف الذي يبغي لك السوء أجدعُ
تروح وتغدو في الزمان محكماً
على النّاس تعطى من تشاء وتمنعُ
وغصنك لا يذوي مدا الدهر كلّه
وركنك لا يبلى ولا يتضعضعُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:22 AM

أَعَلَى الرَّكائبِ سارتِ الأحداجُ
( الشريف المرتضى )


أَعَلَى الرَّكائبِ سارتِ الأحداجُ
والبَينُ ما عنهُ هُناك مَعاجُ؟
لا تطلبوا "منِّي" السلوَّ فليس مِنْ
حاجي وليَ في منْ ترحّلَ حاجُ
قالوا: اصطبرْ والصبرُ ليسَ بزائلٍ
مَنْ عندَهُ بالغانياتِ لجاجُ
ودواءُ أمراضِ النّفوسِ كثيرة ٌ
والحبُّ داءٌ ليس منه علاجُ
بيني وبين تجلُّدي وتماسكي
والعيسُ تُرحلُ للفراق رِتاجُ
همْ أَوقدوا نارَ الهوَى في أضلُعي
بقراقهمْ يومَ الرّحيل وهاجوا
في ساعة ٍ ما إنْ بها إلاّ حوى ً
يُضني وسيلُ مدامعٍ ثجّاجُ
عاجُوا علينا بالوَداعِ وليسَ لي
صَبرٌ عليهِ فليتَهُمْ ما عاجوا
وسَرَوا بمُسوَدٍ بهيمٍ مالهمْ
إلاّ وجوهُ البيضِ فيه سراجُ
وغذا همُ بالرغمِ منّا أدلجوا
أودى المتيَّمَ ذلك الإدلاجُ
ولقد نعى وَصْلي لكمْ وبكى به
قبلَ الفراقِ النَّاعقُ الشَّحّاجُ
نادَى فأزعَجَ كلَّ من لم يأْتِهِ
لولاهُ إِقلاقٌ ولا إزعاجُ
لِمْ شِرْبُكمْ عندي النَميرُ وعندكمْ
شِربي على الظمأِ الشديد أجاجُ؟
وإذا ضنِنتمْ بالعطاءِ فليتَهُ
ما كان إفقارٌ ولا إحواجُ؟
والبُخلُ مِلْءُ بيوتِكمْ فمتى يُرَى
يُثرى ويُغنى منكمُ المحتاجُ
وأنا الفصيحُ فإنْ شكوت إليكمُ
جَنَفَ الغرامِ فإنَّني اللَّجلاجُ
وفلاحُ قلبٍ لا يُرجّى بعدما
وَلِيَتْ عليهِ الطِّفلة ُ المِغْناجُ
أقسمتُ بالبيتِ الحرامِ وحولَهُ
للزَّائريهِ منَ الوُفودِ ضَجاجُ
عَرَقَتْهُمُ حتَّى أتَوْهُ هُزَّلاً
بيدٌ عِراضٌ دونَهُ وفجاجُ
ومنى وبُدْنٍ ما صًرعنَ بتُربها
ـنَدْبُ الخفيفُ إذا عَلا الهِلباجُ
والمَوْقِفَيْنِ عليهما وإليهما
طَلَبَ "النّجا وتزاحمَ" الحُجاجُ
لولايَ لم يكُ للنّدى سيلٌ ولا
في الرَّوع إلجامٌ ولا إسراجُ
ما ضَرَّني أنْ ليسَ فوقَ مَفارقي
تاجٌ ومن فضلي عليَّ التّاجُ
وأنا الغبينُ وضيتُ بإن تُرى
فوقي العيوبُ وتحتيَ الهِملاجُ
وبأنْ تَقِلَّ مَكارمٌ مِنِّي ولي
ثَمَرٌ كثيرٌ سائغٌ وخَراجُ
والضّاحكون بيومِهمْ ما فيهُمُ
إلاّ الذي هو في غدٍ نشّاجُ
دعْ مَن يكونُ جمالَهُ وفخارَهُ
في الفاخرينَ الوَشْيُ والدّيباجُ
فثيابُ مِثلي يومَ سِلْمٍ عِفَّة ٌ
وثيابُ جسمي في اللّقاءِ عَجاجُ
قلْ للأُلى سَخِطوا الجميلَ فمالهمْ
يومًا إلى كسبِ العُلا مِنهاجُ:
لو شئتمُ أن تعلموا لعلمتُمُ
علمي فليس على العلوم سِياجُ
ما فيكمُ لولايَ لو أنصفتمُ
دخَّالُ كلِّ كريهة ٍ خَرّاجُ
كلُّ الفضائلِ في يدَيَّ وما لكُمْ
منهنَّ أفرادٌ ولا أزواجُ
ومعالمي خضرُ الذّوائبِ لم يَسرِ
فيهنَّ إخلاقٌ ولا إنْهاجُ
ولقد ظهرتُ فليس يُخفي شُهرتي
في النّاسِ إدراجٌ ولا إدماجُ
وعَشيتُمُ منّي وفوق رؤؤسكمْ
بالرّغم يلمع كوكبي الوّهاجُ
فالمَكْرُماتُ عقيمة ٌ منكُمْ ولي
منهنّ في كلّ الزّمانِ نتاجُ
ما فيكمُ صفوٌ ولكنْ أنتمُ
كَدَرٌ لصفوٍ في الوَرى ومِزاجُ
قُوموا أَروني تابعًا فردًا لكُمْ
ودَعُوا الّذي أتباعُهُ الأفواجُ
والنقصُ ملتحفٌ بكمْ ما فيكمُ
عنهُ المحيصُ ولا لهُ إفراجُ
حتَّى سُويعاتُ السُّرورِ قَصيرة ٌ
فيكُمْ ووضعُ الحاملاتِ خِداجُ
وإذا رضيتم بالحُطامِ فلا ارتوى
صادٍ ولا امتلأتْ لكمْ أعفاجُ
من لي بخِلٍ يستوي ليَ عنده
يُسْري وعُسْري والغِنى والحاجُ؟
وإذا عَرَتني في الزّمانِ شديدة ٌ
فَهُوَ المكشِّفُ كَرْبَها الفَرّاجُ
ما يَسْتوي جَدْبٌ وخِصْبٌ لا ولا
وَشَلٌ وبحرٌ فائضٌ عَجَّاجُ
بِتْنا ونحن المُعرِقون تقودنا
بينَ العِدى وتَسُوقُنا الأعلاجُ
ماوِرْدُنا في الدهر إلاّ رَنْقُهُ
ولنا الإضاعة ُ فيهِ والإمراجُ
لا خيرَ في هامٍ بغير أزِمّة ٍ
فينا وسَجْلٍ ليس فيه عِناجُ
ماحقُّ مِثلي وهو ممّن قولُهُ
يسري إلى الآفاقِ منه لِهاجُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:23 AM

أَلا بكِّها أُمَّ الأسَى والمصائبِ
( الشريف المرتضى )


أَلا بكِّها أُمَّ الأسَى والمصائبِ
بدمعك سَحًّا بينَ سارٍ وساربِ
وعاصِ الّذي لم يُهمِ ماءَ جُفونِهِ
على فقدِ ماضٍ أو على إِثْرِ ذاهبِ
ولا تُغرِنِي بالصَّبْرِ والصَّبرُ مالَه
طريقٌ إلى ما في الحشا والتّرائبِ
تلومُ على ما بي وأنتَ مُسَلَّمٌ
وقد جبَّ هذا الرُّزءُ دونك غاربي
وإنّيَ مَبْلُوٌّ بما لم تُبَلْ بِهِ
فلا تُبلِني فيه بلومِ المعاتبِ
وما مسّني فيما مضى مُشبهٌ بهِ
ولا مرَّ شاجٍ لي شجاهُ بجانِبي
مصابٌ هوى بالشُّمِّ مِن آل هاشمٍ
وضَعْضعَ رُكنًا من لُؤَيِّ بنِ غالبِ
ولم يمض إلاّ بالشَّواة عن الشّوى
ولم يرضَ إلاّ بالطُّلى والذَّوائبِ
وناعٍ نعى نفسي ولم يدرِ أنّه
نَعاها فأغراها بلَدْمِ تَرائبي
ولم أشفِ ما بي من جوًى ومَضاضة ٍ
بقرع جبيني أو عضيض رواجبي
تمنَّيتُ لمّا أنْ أتى وهْوَ صادِقي
على الرّغم منّي أنه كان كاذبي
نسيبيَ بالودّ الصّحيح "وفضلة ٌ"
على ودّنا ما بيننا من مَناسِبِ
وما ضرَّ مَن كانَ القريبُ مودَّة ً
مُقَرَّبة ً أنْ لم يكُنْ من أقاربي؟
عططتُ اصطباري عنه لمّا فقدتُهُ
عليه ولم أقنع بعطّ جلاببي
ولمّا تُوُفِّي "الزينبيُّ محمّدٌ"
وسارت بما لاقاه أيدي الرَّكائبِ
نفضتُ منَ الخُلاّنِ كَفِّيَ بعدَهُ
ولوّيتُ عن دار الأخوّة جانبي
وغاضتْ دموعي في الشّؤونِ فلَمْ تسِلْ
فلا مُطمِعٌ من سائر النّاس مُطمِعِي
ولا رائبٌ من بَنْوة ِ الدّهر رائبي
وإنَّ ودادي بعده لمَّ نَفسَه
وحاصَ امتراقاً من أكفِّ الخواطِبِ
فلا تُدنِنِي يوماً ديارَ مَسرّة ٍ
ولا تغشَ بي إلاّ بيوت المنادِبِ
فمن ذا الذي يرجو البقاءَ ونحنُ في
يمين الرّدى طوعاً وأيدي المعاطِب
نُساقُ إلى المكروهِ من كلِّ وُجهِة ٍ
ونُلوَى عنِ المحبوب لَيَّ الغرائبِ
ونُطوى كما تُطوى البُرودُ بحفرة ٍ
مُطمّمة ٍ أعيتْ على كلّ هارب
فثاوٍ بها طولَ المدى غيرُ راحلٍ
وماضٍ إليها بالرَّدى غيرُ آئبِ
ونُعدى بداء الموتِ ممَّنْ أَصابه
وعدوى المنايا غيرُ عدوى الأجارب
ولم يَعْرَ جِلدِي كلما ذَرَّ شارقٌ
لرامي المنايا من سهامٍ صوائِبِ
فيثلمُني مَن لا أراهُ بناظري
ويجرحني من ليس لي بمحارِبِ
وما غرّني منها سلامة ُ سالمٍ
فكمْ سالمٍ من حولِهِ أَلفُ عاطِبِ
فإنْ تُبقِني الأيّامُ بعدكَ للأسَى
عليك وحزني فائضٌ غيرُ ناضِبِ
فإنّيَ قوسٌ ما لها منك أسهُمٌ
ونصلُ قراعٍ ما لَهُ من مَضارِبِ
ونارٌ بلا صالٍ وضيفٌ بلا قِرى
وليلٌ بهيمٌ ما له من كواكِبِ
فإنْ لم يكن شوك القَتادِ من الأسى
غليكَ فراشًا لي فشَوْلُ العقاربِ
أبادَ الرَّدى أهلي وأَفنى معاشِري
وفرّق ما بيني وبين عصائبي
وعاث زماني في قبيلي وتارة ً
يذعذع ما بيني وبين أصحابي
وأسمعني في كلِّ يومٍ وليلة ٍ
نشيج البواكي أو حنينَ النَّوادبِ
وأَعرَى يميني من إخاءٍ شريتُهُ
وأعَددْتُهُ ذُخرًا بسَوْمِ التجارِبِ
كأنِّيَ عَوْدٌ في يديهِ مُذَلَّلٌ
تجذِّبُهُ للعَقْرِ أيدي الجواذِبِ
له مَنسِمٌ من كلِّ فِهْرٍ مُشجَّجٌ
"ويُبلى " قَراه كلَّ يومٍ براكبِ
ومن عَجَبٍ أَنّي طرحتُك في الثرى
بملْعَبَة ٍ بينَ الرِّياحِ الجنائبِ
ووسّدْتُكَ البَوْغاءَ من بعد بُرْهة ٍ
توسَّدتَ فيها طالعاتِ الكواكب
فإنْ تخفَ عنّا في التراب فإنَّما
خفيتَ وقد أطلعت غُرَّ المناقبِ
وإن تُبْلَ في قعر الضَّريح بِغَيْهبٍ
فقد طالما بيّضتَ سود الغياهبِ
وإن تُضحِ محبوساً عن النُّطق بالرّدى
فما زلتَ في الأقوام أوَّلَ خاطِبِ
وما أنصف الأقوامُ خلَّوْك في الثرى
وراحوا إلى أوطارهمْ والملاعِبِ
وما جانَبوك عن قِلاهُمْ وإنَّما
تناءَوْا جميعاً عن بعيدٍ مجانِبِ
هُمُ أَودعوك التُّربَ عَمدًا وَوَدَّعوا
على رَغْمهم خيرَ اللِّحى والحواجِبِ
فإنْ حملوا صَعْبًا عليكَ فطالما
تحمّلْتَ عنهم مُضْلِعاتِ الصّعائبِ
وإنْ أسعفوك بالنّحيب توجّعاً
فمن بعدِ أن أسعفتَهمْ بالحرائبِ
فقدْتُك فقدي مِقْوَلِي يومَ حاجتي
إلى القولِ أوْ سيفي غداة َ التضَّاربِ
ولم يُعْيني إلاَّ الَّذي يطرقُ الفتى
وإلاَّ فإنّي غالبٌ كلَّ غالبِ
وكم سَلَبٍ أَجرى الدِّماءَ جفونَنا
ولم تجنِهِ فينا يمينٌ لغاضِبِ
فلا أرَبٌ في الدّهر إلاَّ محوتَه
فبِنْ بالمُنى عنّا وكلِّ المآرِبِ
أيا ذاهبًا ولَّى وخلَّفَ بعدَهُ
عليَّ منَ الأحزانِ مِلْءَ جوانبي
وأخطَرَني من بعدِ أنْ كانَ لي حِمًى
وأفردَني من بعد أنْ كانَ صاحبي
وُهبتَ لنا ثُمَّ ارتُجعتَ إلى الرَّدى
فما لي انتفاعٌ بعدَها بالمواهبِ
فإنْ لم أكنْ مَيْتًا كما أنتَ ميِّتٌ
فما لِيَ في عيشي نصيبٌ لراغِبِ
وإنْ حجّبوك عن لقائِيَ بالثّرى
فما حَجَبوا حُزني عليك بحاجِبِ
وإن تمضِ صِفْرَ الكفّ من كلّ ثروة ٍ
فقد بِنتَ صِفْرًا من جميع المعايِبِ
بقلبِيَ نارٌ من فراقك ليتها
ولا بدَّ منها اليومَ نارُ الحُباحبِ
ومن أينَ لي من بعدِه بَدَلٌ بهِ
وأين بديلٌ عن زُلالٍ لشاربِ؟
فتًى أقفَرتْ منه ديارُ مَودَّتي
وخُولستُ أحبابي بها وحبائبي
وفارقني لا عن مَلالِ وِصالِهِ
وكم مللٍ لي من لصيقٍ مصاقِبِ
وقال خليلي: حزنُك اليومَ مُسرفٌ
كأنّ عليكَ الحزنَ ضربة ُ لازبِ
لَعَمْرُ اللّواحي إنّها لمصيبة ٌ
ولكنّها ليست كباقي المصائِبِ
وقد نابكمْ ما نابكمْ فتأمّلوا
أمرَّ لكُمْ مِثلٌ لها في النَّوائبِ؟
أعِنِّي على ما بي وإلاّ فخلِّني
فلستَ وما ثِقْلي عليك بصاحبي
ولا تُسلِنِي عمّا مضى بالّذي تَرى
فقد حِيزَ عنِّي خيرُ ما في حقائبي
ولو أنَّ غيرَ الموت ضامك وحدَه
دفعناه بالبيض الرّقاق المضارِبِ
ومُدَّتْ إليه من رجالٍ أعزَّة ٍ
طوالِ الخُطا أيدي القنا والقواضبِ
إذا ركبوا لم يرجعوا عن عزيمة ٍ
وإن غضبوا لم يحفِلوا بالعواقِبِ
هُمُ أَطعموا سُغبَ الصَّوارمِ والقَنا
طِعانًا وضَربًا من لحومِ الكتائِبِ
وما عُظِّموا في النّاسِ إلاّ بحقِّهمْ
وما قُدِّموا في القومِ إلاّ بواجبِ
وهمْ أخجلوا بالجدْب كلَّ مجاودٍ
وهمْ غلبوا في الحرب كلَّ مُحاربِ
عليكَ سلامٌ لا انقطاعَ لِوَبْلِهِ
يجودُ وإنْ ضنَّتْ غِزارُ السَّحائِبِ
ولا زِلتَ مطلولَ الثَّرى أرِجَ النَّدى
تضوع ذَكاءً من جميعِ الجوانِبِ
وإنْ مسَّتِ الأرواحُ تربَك مسَّة ً
فمُرُّ نسيمِ المُعيباتِ اللّواعبِ
وأولَجَكَ اللهُ النّعيمَ ولا تكنْ
بجنّاتِهِ إلاّ عَلَّى المراتبِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:24 AM

أَلا عوجا لمجتَمَعِ السِّيالِ
( الشريف المرتضى )


أَلا عوجا لمجتَمَعِ السِّيالِ
فثمَّشفاءُ مابى من خبالِ
وإنْ أنكرتما منّى ضلالاً
فماذا ضرّ غيرى من ضلالى ؟
فإمّا شئتما أنْ تسعدانى
فمُرّا بي على الدِّمَنِ البَوالي
خرسن فلو ملكن النّطقَ يوماً
شكَوْنَ إليك من جَنَفِ اللّيالي
لعلّى أنْ أرى طللاً لحبٍّ
وآثاراً لأيّامِ الوِصالِ
نصيبُ مصاحبى منّى حنينٌ
حنينُ الرّائماتِ إلى الفِصالِ
ومُنْهَلٌ منَ العَبَراتِ تَجري
فينطقُ إنْ سكتُّ بسوء حالى
ومسترقٍ من الأحشاء يخبو
أُوارُ النّارِ وهْوَ على اشتعالِ
وفى الغادين من يمنٍ فتاة ٌ
تُضامُ مَعادة ً شبهَ الغزالِ
أشاق إلى المواعد من هواها
وإِنْ كانتْ تُسَوِّفُ بالمُحالِ
وذللّنا طويلُ الهجر حتّى
قنعنا فى التّزاور بالخيالِ
وخبَّرها الوشاة ُ بنا إِليها
بما جَعَلَتْهُ عُذراً في المَلالِ
وقد كنتُ اعتزمتُ الصّبرَ عنها
فلمّا أن بدأتُ به بدا لى
سقى نجداً ومن بجنوب نجدٍ
مُلِثُّ الوَدْقِ منهمرُ العَزالي
كأنَّ بروقه يخفقن بلقٌ
خرجْنَ على الظَّلامِ بلا جِلالِ
وأسيافٌ سللن على الدّياجى
لها عهدٌ قريبٌ بالصّقالِ
فكم بجنوب نجدٍ من عزيزٍ
صغيرِ الذَّنبِ مُحتَمَلِ الدَّلالِ!
إذا سلّى العواذلُ فيه قلباً
مَشُوقاً لم يكنْ عنه بسالِ
فقولوا للأُلى دَرَجوا ملوكاً
وحازوا باللّها ربقَ الرّجالِ
وهَبَّتْ في حَفاوتِهمْ وفيما
ينالون الجنوبُ مع الشّمالِ:
أجِيلوا نظرة ً بِبني بويهٍ
تَرَوْا سَعَة ً على ضيقِ المجالِ
لهمْ في كلِّ نائبة ٍ حلومٌ
ثِقالٌ لا تُوازَنُ بالجبالِ
وفى العلياءِ فخرُ الملك يسمو
سموَّ البدرِ فى غررِ اللّيالى
وقد علمتْ ملوكُ ببنى بويهٍ
بأنَّك حاسمُ الدّاءِ العُضالِ
وأنّك فى الخطوبِ الجونِ منهمْ
مكانَ النّارِ فى طرفِ الذبالِ
ولمّا رامَها مَن رامَ منهمْ
عجلتَ إليه من قبل العجالِ
ليوثٌ كالأجادل ضارياتٌ
على صهواتِ خيلٍ كالرّئالِ
تَحُفُّ بصلِّ رملة ِ بطنِ وادٍ
تَناذرُ منه أصلالُ الرِّمالِ
إذا ما همَّ طوَّحَ بالتَّمادي
وداسَ السِّلْمَ في طرقِ القتالِ
وأرغَمها أنوفاً من أناسٍ
غَدَوْا يَستنزِلونَ عنِ النِّزالِ
وقد ساموك مشكلة ً لموعاً
كما لمعَ الفضاءُ بلمعِ آلِ
وظنّ بك الغواة ُ الصّدَّ عنها
وما ريعتْ قرومك بالإفالِ
فيالشجاعة ٍ بكَ ما أفادَتْ
منَ النَّعماءِ عندك للموالي!
وأيَّة ُ صَعْبَة ٍ ذلَّلتَ قسْراً
قراها أى ّ ذلٍّ للرّجال !
فقد عَلَّمتَ كيف تفوتُ شرّاً
وكيفَ تجوزُ ضَيِّقة َ المجالِ
وليس يَضِلُّ إثْرَكَ مَن هَدَتْهُ
مواقعُ مَنْسِمِ العَوْدِ الجَلالِ
إذا ما كنتَ لي وَزَراً حصيناً
على نُوَبِ الزَّمانِ فما أُبالي
وخَوَّفَني العُداة ُ الشَّرَّ منهمْ
فما خطرتْ مخافتهمْ ببالى
وراموا قطعَ أسبابٍ متانٍ
علقتُ بها فما قطعوا قبالى
وما نَقَموا سِوى أنِّي لديهِ
شديدُ القربِ مُستَمَعُ المقالِ
وأنّى فيه دون النّاس جمعاً
أُعادي مَن أُعادي أو أُوالي
وكم لى فيه من غررٍ بواقٍ
ومن سحرٍ سبقتُ به حلالِ
يغورُ إلى القلوب بلا حجابٍ
ويشفيك الجواب بلا سؤال
وقافية ٍ متى استمعتْ أبرّتْ
عذوبتها على الماءِ الزّلالِ
فلولا أنَّها كِلَمٌ لكانتْ
فريدَ نحور ربّاتِ الحجالِ
وهذا العيدُة النّيروزُ جاءا
كما نهواه فيك بخير فالِ
وما افترقا بهذا العصرِ إلاّ
كما افترقتْ يمينٌ معْ شمالِ
فدُمْ لتكرُّمٍ أرخصتَ منه
ولم يزلِ التَّكرُّمُ وهو غالِ
ويا نعمى له دومى وكونى
على غيرِ الزّمان بلا زوالِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:24 AM

أَلا ما لقلبٍ بأيدي الغُواة ِ
( الشريف المرتضى )


أَلا ما لقلبٍ بأيدي الغُواة ِ
يُعلَّلُ في الحبِّ بالباطلِ
يرنّ اشتكاءً إلى نازلٍ
وإمّا اشتياقاً إلى راحلِ
ويُضحي قتيلَ بدورِ الخدو
رِ وَجْداً وما من دمٍ سائلِ
وكيف انتفاعى بأنّى كتمـ
ـتُ بنطق الغرامِ عن العاذلِ
ولى ألسنٌ شاهداتٌ به
من الدّمع والجسدِ النّاحلِ
والحزمِ في الموقفِ الهائلِ
لِ ما لِيم في النّاسِ من عاقلِ
وزَوْرٍ أتاني وكلُّ العيونِ
نِ من النّومِ فى شغلٍ شاغلِ
وكم بيننا حائلٌ هائلٌ
وأوْهَمَ أنْ ليسَ مِن حائلِ
ولولا لذاذة ُ ذاك الغرو
رِ ما كانَ في الطَّيف من طائلِ
وكيفَ أخافُ وأنتَ الخَفيرُ
غداة َ المنى في يد الباسلِ
أقول لركبٍ على أينقٍ
سراعٍ كذئبِ الغضا العاسلِ
وقد أكلَ السَّيرُ أوصالَها
وأيْنُ السُّرى خيرَ ما آكلِ
فما شئتَ من تامكٍ ناحل
وما شئتَ من ضيِّقٍ حائلِ
بلا عضدٍ وبلا كاهلِ
إلى عقوة ِ الأوحدِ العادلِ
دعوا قائلاً غيرَ ما فاعلٍ
وعُوجوا على القائل الفاعلِ
إلى صائلٍ لم تَطُفْ مرَّة ً
عليه صِقالاً يدا صاقِلِ
فتى ً يُعمِلُ السَّيفَ يومَ الهياجِ
ج ويتّركُ الجبنَ للنّابلِ
وما كان يوماً وقد مسّه اللّـ
ـغوبُ من الجدِّ بالهازلِ
فللهِ دَرُّكَ من زائدٍ
عطاء على أملِ الآملِ
وبانَ لنا الحقُّ من باطلِ
عِ فضلاً وذا الجودِ بالباخلِ
ويومَ يُسقَّى الرَّدى حاضريهِ
شهدتَ فكنتَ مكانَ العَفارِ
وللرُّمح في موضعَ العاملِ
وإنّى لأعشق منك الكما
لَ فلم أر قبلك من كاملِ
وآسى على زمنٍ مرّ بى
ومالى َ مثلك من كافلِ
لدى معشرٍ أنا ما بينهمْ
ولا ناهضٍ لهُمُ حاملِ
فدرُّ قريضى بلا ناظمٍ
وغرُّ مَقالي بلا قائلِ
وحلى ُ كلامى وما استأصلوا
ه مدى الدّهر منهم على عاطلِ
ولولا مكانك كان الملو
ولا دافعٍ شرَّ ما حاذرو
ه ولا ناهضٍ لهم حاملِ
وكم ذا أعدتَ لهمْ ملكهمْ
وأرجوك أنَّك لي قابلي
فأضحى على ثابتٍ راسخٍ
وقد كانَ في هائرٍ مائلِ
وقد جرّبوا منك ما جرّبو
عليهنَّ كلُّ فتى ً باسلِ
وخالوك جهلاً كمن يعهدو
وكم غُرَّ ذو الحزمِ بالجاهلِ
ولمّا طلعتَ ولم يشعروا
فأيقظهمْ من كرى الغافلِ
أطاعَ لكَ الصَّبُ بعدَ الجماحِ
مقالاً يبرِّحُ بالقائلينَ
وإنّ خُراسانَ زَلْزَلْتَها
وما لكَ من ركنٍ زائلِ
وساروا إليك كأسدِ الصّريـ
لداري ورحليَ من غائِلِ؟
وأضحى كثيرهمُ كالقليـ
ـل وناصرهمْ منك كالخاذلِ
وأسمَعْتَنا أنَّة َ المُعْوِلاتِ
تِ على القوم أو رنّة َ الثّاكلِ
ولمّا رأَوا صَهَواتِ الجيادِ
وولَّوا وفارسُهمْ في المماتِ
على الرّغمِ منها يدُ الحاملِ
فلم تَرَ غيرَ قتيلٍ هوَى
تَدَوَّسُهُ الخيلُ أو قاتل
ت بحدِّ سيوفك كالرّاجلِ
وظنُّوا نُكولَك لمّا دَعَوك
وحاشاكَ من خُلُقِ النَّاكلِ
وليس الشّجاعة ُ هتكَ الوريـ
بعرِّيسَة ِ الأسدِ الصّائلِ
ولكنّها بامتطاءِ الصّوا
ب والحزم فى الموقفِ الهائلِ
فلا تَلُمِ النّاسَ في شوقِهمْ
إلى غيثك السبِلِ الهاطِلِ
وإمّا التَّنابُلُ للخاملِ
ت من كان فى البلد الماحلِ ؟
فإن كنتَ قد غبتَ عن " بابلٍ "
فذكرُك ما غابَ عن بابِلِ
ومثلُ مُثولك بينَ الرِّجالِ
ل ثناؤك فى المجلس الحافلِ
وما زلتَ تمطلنا باللّقا
ءِ للحزم عاماً إلى قابلِ
ومَن كان إرجاؤه باللِّقا
ءِ مصلحة ً ليس بالماطلِ
فقولي لقومِيَ إنّي اعتصمتُ
ـتُ بعرّيسة ِ الأسدِ الصّائلِ
فلا مفزعٌ أبداً مفزعى
ولا هائلٌ أبداً هائلي
ولا مثل عزّى به لامرئٍ
ولا لكليبِ بنى وائلِ
أَلا فاحُبُني بداومِ الصَّفاءِ
إذا جاءَ نفعيَ من باطِلِ
وقد حزتَ منِّي جميعَ القبولِ
لِ وأرجوك أنّك لى قابلى
وإنّى لأرضى بأنْ كنتَ بى
عليماً وكلُّ الورَى جاهلي
وما أنْ أُبالي جَفاءً لهمْ
إذا كنتَ وحدَك لي واصلي
ولمّا جعلتك لى موئلاً
دعانى الورى خيرَ ما وائلِ
فأسندتُ ظهرى إلى يذبلٍ
وألقيتُ ثقلى على بازلِ
وإنّى مقيمٌ وإن أجدبتْ
بلادي على الرَّجُلِ الفاضلِ
ولستُ بغير الطّوالِ الخطا
إلى الفخر فى النّاس بالحافلِ
ولا من حياض الأذى والصّدى
يزعزعنى قطُّ بالنّاهلِ
وليس الفتى للذى سار عنـ
ـهُ من دَنَسِ العِرْضِ بالغاسلِ
فخذها ومن بعدها مثلها
فكمْ ذا تنبّه من غافلِ
وقد جاءَ عفواً منَ القائلِ
ولم أكُ قبلَ امتداحي عُلا
ك إلاّ كبُرْدٍ بلا رافلِ
فهبْ ليَ مافاتَ من زلَّة ٍ
فما زلتَ تصفحُ عن واهلِ
وما كلُّ مَن قرعتْ كفُّهُ
لأبوابه فيه بالدّاخلِ
فلا زالَ نجمُك نَجْمُ السُّعو
دِ غيرَ الخفيِّ ولا الآفلِ
وبُقِّيتَ مُشتملاً بالثَّواءِ
ءِ بغير رحيلٍ مع الرّاحلِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:25 AM

لا هل لِما فاتَ مِن مَطلبِ
( الشريف المرتضى )


أَلا هل لِما فاتَ مِن مَطلبِ
وهل عن رِدَى المرءِ من مَهرَبِ؟
وهل لامرىء ٍ يبتغيهِ القضا
ءُ من مُستجارٍ ومن مذهبِ؟
عذيرِيَ مِن حادثاتِ الزَّمانِ
أجِدُّ لهنَّ ويلعبْنَ بي
يُثْلّمْنَ من حَنَقٍ مَرْوَتي
ويرعَيْنَ من نَهَمٍ خُلّبي
وإمّا بَرِ؛ْنَ ففي طيّهنَّ
ما شئتَ من تعبٍ مُتعِبِ
وإنْ هُنَّ صَفَّينَ لي مَشربًا
رجَعْنَ فرنّقْنَ لي مَشْربي
فكم ذا أُعلّلُ "بالمُبْرِضاتِ"
وأُخدَعُ بالبارقِ الخُلَّبِ
وأُعدى بأدواء هذا الزّمانِ
عَدْوَى المُصحِّ من المُجرَبِ
ولو كنتُ أعجبُ من حادثٍ
عجبتُ من الحادث الأقربِ
أتانيَ على عُدَواءِ الدّيارِ
لواذعُ من نبإٍ مُنصِبِ
فإنّ نجيع فخار الملو
كِ سِيطَ هنالك بالأثْلَبِ
وإنّ أُسامة َ ذا اللِّبدَتيْـ
ـنِ صُرِّعَ عن خُدَعِ الأذْؤُبِ
غُلبتمْ بنقضِكُمُ عهدَهُ
ومن غلّبَ الغَدْرَ لم يغلِبِ
بأيِّ يدٍ قُدتمُ غِرَّة ً
ولا تَرقبوا غيرَ وَدْقِ الحِمامِ
وكيفَ ظفِرتُمْ وبُعدُ المنا
لِ بينكُمُ بسنا الكَوكبِ؟
وكيف عَلِقْتُمْ على ما بكمْ
من العَجْزِ بالحُوَّلِ القُلَّبِ
وأينَ يمينكُمُ والعُهو
دُ تطايحن في نَفْنفٍ سَبْسَبِ
وأصبح ملكُكُمُ بعدَه
بغير ذراعٍ ولا مَنكِبِ
وما كنتُ أخشى على الأُفْعوا
مدى الدَّهر من حُمَة ِ العقربِ
أمنْ بعد أن قادها نحوَكم
نَفوراً مُحَرَّمَة َ المركبِ
وأولجها بين أبياتكمْ
وليس لها ثَمَّ مِن مرغَبِ؟
ودافع عنها لغير القويّ
يِ كلَّ شديدِ القُوى مُحرِبِ
تُجازونَهُ بجزاءِ العدوِّ
وتَجْزونَه أُسْوَة َ المُذنِبِ؟
شآكُمْ ولكنَّ لم يَرْتَبِ
خذوها تَلذُّ لكمْ عاجلاً
وآجَلُها غيرُ مُسْتَعذَبِ
ولا ترقبوا غير ودْقِ الحِما
مِ وشيكاً من العارِضِ الصَّيِّبِ
ففي الغيبِ من ثارهِ فيكُمُ
شفاءٌ لأفئدة ٍ وُجَّبِ
ألا غَنِّياني بقرعِ السُّيوفِ
ف فما غيرُها أبداً مُطربي
وحُثّا عليَّ كؤوسَ النَّجيعِ
سَواءً شربتُ ولم أشربِ
ولا تَمْطُلا ثارَهُ إنّه
فتى ً حرّم المَطْلَ في مَطلبِ
كأنّي بها كجبالِ الحجا
زِ يُقبلنَ أو قِطَعِ الغَيْهَبِ
عليهنَّ كلُّ شُجاعِ الجَنانِ
إذا رُهبَ الهولُ لم يَرهَبِ
لأسيافهم في رءوس الكُما
مُصمَّمة ُ القُضُب اللُّهَّبِ
ولمّا مرَرْنا على رَبْعِهِ
خرابِ الأنيسِ ولم يَخرِبِ
تبدّل بعد عجيج الوفو
بحاجاتِهم صَرَّة َ الجُندُبِ
ومن سابغاتٍ ملأن الفِناءَ
من القَزّ أردية العنكبِ
بكينا على غَفَلاتٍ بِهِ
سُرِقْنَ وعيشٍ مضَى طيِّبِ
وقلنا لما كان صعبَ المَذالِ
من سَبَلِ العين لا تَصْعبِ
أيا دارُ كيف لبستِ العَفاءَ
وماءُ النَّضارة ِ لم ينضُبِ؟
وكيف نَسيتِ الذي كان فيكِ
منَ العزِّ والكرمِ الأرحبِ؟
وكيف خلوتِ من القاطنين
وغربانُ بينك لم يَنعَبِ؟
وأينَ مكامنُ ذاك الشجاعِ
ومريضة ُ الأسدِ الأغلبِ؟
وأينَ مواقفُ وِلْدانِهِ
ومُزدَحَمِ الجُندِ في الموكبِ؟
ومَجرى سوابَقِهِ كالصُّقورِ
جلبنَ صباحًا على مَرْقَبِ
أيمضي وأسيافُهُ ما فَتِئـ
ـنَ بالضَّرب والسُّمْرُ لم تُخضَبِ؟
ولم تُعجل الخيلُ مذعورة ً
إلى مَرغبٍ وإلى مَرْهبِ؟
ولم يُستلبْ بالرّماح الطّوا
لِ في الرّوع واسطة ُ المِقْنَبِ
ولو علم السيف لمّا علا
كَ حالَ كليلاً بلا مَضرِبِ
وبُدّل من ساعدٍ هزّه
لحتفك بالسّاعد الأعضبِ
تَعامَه قومٌ سَقَوك الحِمامَ
فما فيهُمُ عنك مِن مُعرِب
فلو عَن رَداكَ سألناهُمُ
أحالَ الحضور على الغُيَّبِ
ألِفْتَ التكَرُّمَ حتَّى غفلـ
ـتَ عن جانبِ الحاسدِ المُجلِب
ولم تَعتد المنعَ للطّالبين
فجدْتَ بنفسك للطُّلَّبِ
فإن تكُ يا واحداً في الزّمانِ
ذهبتَ ففضلُك لم يَذهبِ
وإنْ حجّبوك بنسْجِ الصّفيحِ
فغرُّ مساعيك لم يُحجَبِ
سلامٌ عليك وإن كنتَ ما
سلمتَ من الزّمن الأخيبِ
وواهًا لأيّامك المَاضياتِ
مُضِيَّ السَّحابة ِ عن مُجدبِ
فما بِنْتَ إلاّ كبين الحياة ِ
وشرخِ الشّبابِ عن الأشيبِ
ولا خير بعدك في الطيّباتِ
فما العيشُ بعدك بالطيِّبِ
حرامٌ عليّ اكتسابُ الإخاءِ
فمثلَ إخائك لم أكسِبِ
ولستَ ترانيَ فيمنّ ترا
هُ إلاّ على نجوَة ِ الأجْنَبِ
ولستُ بهِ طالبًا غيرَهُ
فقِدْمًا وجدتُ ولم أطلُبِ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:26 AM

أَلمَّتْ بنا بعدَ الهدوِّ، وربمَّا
( الشريف المرتضى )


أَلمَّتْ بنا بعدَ الهدوِّ، وربمَّا
ألمَّ بنا مَن ليسَ نَرجو لِمامَهُ
فيالكَ من يومٍ شحطتَ بياضهُ
فلم يَعْدُني حتّى رضيتُ ظَلامَهُ
ومنْ مغرمٍ يقلى لذيذَ انتباهه
ويَهْوَى لِما جرَّ المنامُ منامَهُ
ومنْ مسعفٍ جنحاً بطيبِ عناقهِ
وكم حَرَمَ العُشّاقِ صُبحاً كلامَهُ
فإنْ لم يكن حقّاً فقد بات مغرمٌ
يداوى بتلك الباطلاتِ سقامهُ
فحبَّ به من باذلٍ لى حلالهُ
وفادٍ بذاك البذل منّى حرامهُ
ومن ملتقًى عذبِ المذاقِ وتحتهُ
فلم يرضَ لى حتى ربحتُ أثامهُ
ولا عيبَ فيهِ غيرَ قربِ زوالِهِ
على أَنَّ مُشتاقاً أرادَ دوامَهُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:28 AM

أَمَلَلْتَني وزعمتَ أنْـ
( الشريف المرتضى )


أَمَلَلْتَني وزعمتَ أنْـ
ـك خائفٌ منّى الملالهْ ؟
وأطعتَ فى َّ وما أطعـ
ـتَ محرّفاً أبداً مقالهْ
وعلمتَ منّى ما علمـ
ـتَ فلِمْ علمتَ على الجهالَهْ؟
يا منْ جفانى فى الضّحى
وأَزارني وهْناً خيالَهْ
وحُرِمتُ منه صحيحَهُ
وقبلتُ مضطرّاً مُحالَهْ
هل ضامنٌ منكمْ لنا
ضمن الجميل فما بدا لهْ ؟

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:29 AM

أَمِنْكِ الشَّوقُ أرَّقني فهاجا
( الشريف المرتضى )


أَمِنْكِ الشَّوقُ أرَّقني فهاجا
وقد جَزَعتْ ركائبنا النّباجا
وطيفُكِ كيفَ زارَ بذاتِ عِرْقٍ
مَضاجعَ فِتْية ٍ وَلَجوا الفِجاجا؟
تَطرَّقنا ونحن نخالُ ألا
يعوجَ بِنا منَ البَلوَى فعاجا
فأوْهَمَنا اللِّقاءَ ولا لقاءٌ
وناجَى لو بصدقٍ منه ناجَى
أَلَمَّ بنا وما رَكبَ المطايا
ولا أَسرى ولا ادَّلجَ ادِّلاجا
ومُعتَكِرِ الغدائرِ باتَ وَهْنًا
يُسقِّيني بريقتهِ مُجاجا
أضاءتْ لي صباحتُهُ فكانتْ
وجُنحُ الليلِ ملتبسٌ- سِراجا
ومُنتسبٍ إلى كرمِ البوادي
خبرْتُ فكان ألأَمُ منْ يُفاجا
عذاهُ اللؤمُ صِفاً والداهُ
فضمَّ إليهِ من صَلَفٍ مِزاجا
وكفٍ لا تُمدُّ إلى جميلٍ
كأنَّ بها وما شَنَجتْ شَناجا
عداني بالطّفيفة ِ من حقوقي
وأطبقَ دونَ ضَفَّتيَ الرِّتاجا
وقد حاجَجْتُهُ فيها مُبينًا
فما أرعى مسامعهُ الحِجاجا
يَلَجُّ وكم أدالَ اللهُ ممَّنْ
على غُلواتهِ ركبَ اللَّجاجا
ألا قلْ للأجلدِلِ من بُوَيْهٍ
أرى أوَداً شديداً واعوجاجا
ومُثْقَلَة ً كؤوداً "لاتُرادى "
وداهية ً صَموتًا لا تُناجَى
ديارُكُمُ لكمْ قَولاً ويَجْبي
سِواكمْ مِن جوانبِها الخَراجا
وفي أرجاءِ دِجْلَة َ مُؤْبِداتٌ
وأدواءٌ تريد لها علاجا
رعانا بَعْدكُمْ مَن كانَ يَرعَى
على الغِيطانِ إبْلاً أو نِعاجا
وذُؤبانٌ تخطَّفُ كلَّ يومٍ
لكُمْ ما خَفَّ من نَعَمٍ وراجا
فمن عنّا يبلِّغكُمْ خُطوبًا
إذا ذُكِرتْ يَصَمُّ لها المُناجَى ؟
تَملَّكنا ببُعْدِكُمُ الأعادي
فما نَرجو لِتَيْهَتِنا رَشادًا
ولا نَرجو لضَيْقنا انْفِراجا
وإنَّ بنا وما يَدري المُعافَى
شجى ً في الصدّر يعتلج اعتلاجا
وإنَّ السّرحَ تحميهِ أسودٌ
فلا درّاً نصيبُ ولا نِتاجا
ونحنُ وغيرُكمْ والٍ علينا
كظالِعة ٍ نطالبُها الرّواجا
ومَنْ ضربَ القليبَ ببطنِ سَجْلٍ
ولم يشددْ إلى وَذَمٍ عِناجا
أَرونا النَّصْفَ فيمنْ جارَ دهرًا
فإنَّ بنا إلى الإنصافِ حاجا
فإنَّكُمُ الشِّفاءُ لكلِّ داءٍ
ويأْبَى كيُّكُمْ إلاّ نِضاجا
وصُونوا الدَّوْلة َ الغرَّاءَ ممن
يُداجي بالعداوة ِ أو يُداجى
"يريم" كصلِّ رَملة ِ بطنِ وادٍ
فإمّا فرصة ٌ هاجتْهُ هاجا
ولا تنتظروا في الحربِ منهمْ
تماماً طالما نُتِجتْ خِداجا
فما زالوا متى قُرعوا صخوراً
مُلَمْلَمة ً وإن صُدعوا زجاجا
لعلِّي إن أراها عن قريبٍ
على الزّوراءِ "تمترقُ" العجاجا
عليها كلُّ أرْوَعَ من رجالٍ
كرامٍ طالما شَهدوا الهياجا
تَراهمْ يُولغون ظُبا المواضي
ويُرْوونَ الأسنّة َ والزِّجاجا
وتَلقاهُمْ كأنَّ بهمْ أُوامًا
إلى أن يَبْزلوا بدمٍ وِداجا
فدونَك يا شَقيقَ اللؤْمِ قَولاً
يسوؤكَ ثمَّ يوسِعُنا ابتهاجا
وخذ ماهِجتَ من كَلِمٍ بواقٍ
فما حقُّ المُفَوَّهِ أنْ يُهاجا

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:30 AM

أُحبُّ ثَرى نَجدٍ ونجدٌ بعيدة ٌ
( الشريف المرتضى )


أُحبُّ ثَرى نَجدٍ ونجدٌ بعيدة ٌ
ألا حبّذا نجدٌ وإن لم "تُفِدْ" قُربا
يقولون نجدٌ لستَ من شعب أهلها
وقد صَدقوا لكنَّني منهُمِ حُبَّا
كأني وقد فارقتُ نجداً شقاوة ً
فتى ً ضلَّ عنه قلبه "يبتغي قلبا"

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:30 AM

أُحِبُّ مَنْ ليس حظٌّ في مودّتِهِ
( الشريف المرتضى )


أُحِبُّ مَنْ ليس حظٌّ في مودّتِهِ
وليس إلاّ الهوَى والهمُّ والكَمَدُ
يسوؤهُ أنَّه همِّي ويُغضِبُهُ
أنِّي شكوتُ إليه بعضَ ما أجدُ
يا صاحبي لا تلمني في هوى ً هجمتْ
به عليَّ الَّتي ما ردَّها أحَدُ
وافى ولم تسعَ لي رجلٌ لألحقهُ
حرصاً عليهِ ولم تمددْ إليه يدُ
فإنْ يكن لكَ صبرٌ فيهِ أو جَلَدٌ
فليس لي في الهوى صَبرٌ ولا جَلَدُ

ناريمان الشريف 10-10-2010 08:31 AM

إذا أنتُمُ لم تشفعوا في قَباحة ٍ
( الشريف المرتضى )


إذا أنتُمُ لم تشفعوا في قَباحة ٍ
ولم تشفعوا في خائفٍ بأمانِ
فما أنتمُ إلاّ سرابٌ بقيعة ٍ
يضلّلُ رأيى أوْ يغرّ عيانى
وجدْتُكمْ لم تَصْلحوا لرُخائنا
ولا لزمانِ البؤسِ والحدثانِ
وما أنتُمُ أهلٌ لودِ قلوبِنا
ولكنَّ للبغضاءِ والشَّنَآنِ
أقمْ واحِداً فرداً ودعْ عنك مرّة ً
نفاقَ فلانٍ أوْ خداعَ فلانِ
فكمْ عشتُ مقروناً بقومٍ صحبتُهمْ
ولكنَّني لم أنتفعْ بِقرانِ
أذمُّ زماني فيهمُ ومِنَ أجلِهم
وما الذَّنبُ لو أنصفتُ ذنبَ زماني
فإنْ أنتَ أنكرتَ المعاريضَ وانتَهَتْ
إليك مغازٍ بينها ومعانِ
فهذا وقولي في يد الحزمِ مُوثَقٌ
فكيف إذا أطلَقْتُ فيه عِناني؟


الساعة الآن 03:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team