منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   مسيرة عطاء // الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1437)

أمل محمد 09-21-2010 05:25 AM

مؤلفاته :
ألف مؤلفات وكتب ورسائل كثيرة وله فتاوى تبلغ مجلدات جمعها ورتبها الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم جامع ( فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ) وله فتاوى غير ما جمعه ابن قاسم تبلغ عدة مجلدات لا تزال محفوظة في ملفات دار الإفتاء بالرياض .
وبلغني أن النية متجهة إلى ترتيبها وتحقيقها وتبويبها والقيام بطبعها ، وله مجموعة أحاديث في الأحكام رتبها على أبواب الفقه لا تزال محفوظة في ملفاتها ، وله معرفة بالعروض ويقرض الشعر على طريقة العلماء ، له مرثية في عمه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبد اللطيف تبلغ أبياتها خمسة وخمسين بيتا ، ومطلعها :
على الشيخ عبد الله بدر المحافل نريق كصوب الغاديات الهواطل
وله أربعة أبيات رثاء في الشيخ عمر بن سليم .
وظائفه وأعماله التي قام بها:
استمر في إمامة مسجد عمه الشيخ عبد الله المعروف بمسجد الشيخ وتدريس الطلاب فيه من عام 1339 هـ إلى قبيل وفاته . وفي عام 1373 هـ أنشئت دار الإفتاء والإشراف على الشئون الدينية تحت رئاسة سماحته، وفي عام 1376 هـ أنشئت رئاسة القضاة تحت رئاسة سماحته في نجد والمنطقة الشرقية والمنطقة الشمالية، وبعد وفاة سماحة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ - رحمه الله - سنة 1378 هـ رئيس القضاة بالحجاز والمنطقة الغربية ضمت رئاسة القضاة بالحجاز والمنطقة الغربية إلى سماحة المترجم فصار رئيس قضاة المملكة العربية السعودية عامة .
أعمال سماحته المتعلقة بالمدارس والمعاهد والكليات:
وفي عام 1369 هـ عرض سماحته على جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فكرة إنشاء معهد علمي بمدينة الرياض، فأمر جلالته - رحمه الله - بإنشاء هذا المعهد وتخصيص مكافآت سخية لطلابه تحت إشراف سماحته، وتم افتتاح هذا المعهد المشار إليه عام 1370 هـ ؛ وأسند سماحته إدارته إلى شقيقه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم واختار سماحته عددا وفيرا من تلامذته وألحقهم بالسنة الثالثة من المعهد المذكور نظرا لقراءتهم عليه وتحصيلهم السابق المعادل للسنة المذكورة .
وفي عام 1373 هـ أنشئت كلية الشريعة بمدينة الرياض فالتحق بها خريجو المعهد المذكور، وفي عام 1374 هـ تحصل سماحته على أمر ملكي يخوله افتتاح فروع لهذا المعهد فأمر سماحته بافتتاح ستة معاهد في كل من بريدة وشقراء والإحساء والمجمعة ومكة المكرمة وسامطة من أعمال جازان، ثم بدأت فروع هذا المعهد تنتشر في جميع أنحاء هذه المملكة .
وفي عام 1374 هـ أنشئت كلية اللغة العربية بمدينة الرياض .
هذه بعض الأعمال التي كان يقوم بها ويضطلع بأعبائها في حياته، وقد أوردنا ملخصا يتضمن جميع الأعمال المنوطة بسماحته في ملحق خاص وضعناه في آخر هذه الترجمة ليرجع إليه من شاء الاطلاع ومعرفة ما كان ينوء به الفقيد من الأعمال العظيمة التي لا يستطيع القيام بها إلا من كان في مستواه من العلم وراحة العقل والاتزان ومعرفة موارد الأمور ومصادرها .
وفاته رحمه الله :
توفي ظهر يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين عن عمر بلغ ثمانين وسبعين سنة وثمانية شهور وثمانية أيام، وانزعج الناس لموته وحزنوا عليه حزنا شديدا وصلوا عليه في الجامع الكبير وأم الصلاة عليه الشيخ عبد العزيز بن باز وبعد فراغهم من الصلاة خرجوا به إلى المقبرة محمولا على الأعناق وكان الجمع عظيما والزحام شديدا وشيعه إمام المسلمين جلالة الملك فيصل آل سعود والعلماء والأمراء والوزراء وجميع سكان مدينة الرياض وقبر بمقبرة العود، وخلف أربعة أبناء هم الشيخ عبد العزيز والشيخ إبراهيم، وأحمد وعبد الله، وقد رثاه العلماء . والأدباء والشعراء نثرا ونظما، ويكفي أن نشير إشارة خاطفة في هذه الترجمة الموجزة إلى بعض من رثاه مرتبين على النحو التالي:
1- الشيخ راشد بن صالح بن خنين رثاه نثرا بعنوان ( حادث جلل ) .
2- الشيخ حمد بن محمد بن فريان .
3- الشيخ سعد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن رويشد رثاه نثرا بعنوان ( فقيد الإسلام) .
4- ابنه عبد الله ابن الشيخ سعد بن عبد العزيز بن رويشد رثاه نثرا بعنوان: ( فجيعة مملكة في شيخ القضاء وقاضي العلماء ) .
5- ورثاه شعرا الشيخ عبد الله بن إدريس بقصيدة تبلغ أبياتها عشرين بيتا ومطلعها:
ما عاش إلا للعلوم وشنرعة الإنصاف قضى الحياة مكرم الأوصاف
6- ورثاه الدكمور محمد عبد المنعم الخفاجي بقصيدة طويلة تبلغ أبياتها زهاء ثلاثة وخمسين بيتا ومطلعها:
أمات الشيخ هل ذهب الإمام *** وطار به إلى الخلد الغمام
7- ورثاه الدكتور كامل الفقي مدرس بكلية اللغة العربية بالرياض رثاه بقصيدة تبلغ أبياتها اثنين وثلاثين بيتا ومطلعها:
دهى الجزيرة خطب ليس يحتمل*** فلتنفطر مهج ولتنهمر مقل
8- ورثاه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن هليل المستشار الشرعي بديوان المظالم بقصيدة تبلغ أبياتها أربعة وثلاثين بيتا ومطلعها:
على شيخنا الحبر الجليل محمد*** حفيد إمام المسلمين محمد
محقق توحيد الإله بدعوة*** تجلت بنهج مستبشر محمد
9- ورثاه نجله الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد مدير المعاهد والكليات بقصيدة تبلغ أبياتها ثلاثة وعشرين بيتا ومطلعها:
خطب دهى فبكى له العلماء*** وبكت لهول مصابه العقلاء
10- ورثاه نجله الشيخ إبراهيم ابن الشيخ محمد نائب المفتي الأكبر بقصيدة تبلغ أبياتها ثلاثين بيتا ومطلعها:
مصاب كبير وجرح أليم*** ورزء عظيم وخطب جسيم
ورثاه معالي الشيخ حسن ابن الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ .
وسيرى القارئ على الصفحة التالية ملحقا في ملخص أعمال سماحته التي كان يشغله ويقوم بأعبائها في حياته تغمده الله برحمته وغفرانه .
ملحق في ملخص أعمال سماحته
نلخص أعمال سماحته ومسئولياته فيما يأتي:-
1- دار الإفتاء .
2- رئاسة القضاة .
3- رئاسة الكليات والمعاهد العلمية .
4- رئاسة الجامعة الإسلامية التي أسست بالمدينة المنورة سنة 1381 هـ . وبعد وفاة سماحته أسندت رئاستها إلى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في 15 / 9 / 1390 هـ .
5- رئاسة دور الأيتام التي ضمت فيما بعد إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية .
6- الإشراف على رئاسة تعليم البنات .
7- رئاسة المعهد العالي للقضاء .
8- رئاسة المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي .
9- رئاسة المكتبة السعودية التي أنشئت بجوار مسجد سماحته بحي دخنة عام 1370 هـ.
10- رئاسة المعهد الإسلامي في نيجيريا .
11- رئاسة المجلس العالي للقضاء .
12- رئاسة معهد إمام الدعوة .
13- خطيب الجامع الكبير وإمام العيدين .
14- إمام مسجد دخنة الكبير المعروف بمسجد الشيخ من عام 1339 هـ إلى أن توفي - رحمه الله - .
15- الإشراف على نشر الدعوة الإسلامية في إفريقيا .
16- رئيس مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية التي تصدر عنها الآن جريدة الدعوة .
17- بدأ في إنشاء مجلس هيئة كبار العلماء وأثبت في ميزانية عام 1389 هـ غير أن المنية وافت سماحته - رحمه الله - قبل أن يباشر المجلس أعماله .
18- الإشراف على ترشيح الأئمة والمؤذنين .
19- تعيين الوعاظ والمرشدين .
هذا موجز أعمال سماحته التي كان يضطلع بها في حياته - رحمه الله تعالى - .

أمل محمد 09-21-2010 05:26 AM

مكانته العلمية

إن مما لا شك فيه، ولا ريب يعتريه، أنه لا توجد في الإسلام وظيفة أشرف قدرا، وأسمى منزلة، وأرحب أفقا، وأثقل تبعة، وأوثق عهدا، وأعظم أجرا عند الله، من وظيفة العالم! ذلك لأنه وراث لمقام النبوة، وآخذ بأهم تكاليفها، وهو الدعوة إلى الله وتوجيه خلقه إليه، وتزكيتهم وتعليمهم وترويضهم على الحق حتى يفهموه ويقبلوه، ثم يعملوا به ويعملوا له.
فالعالم بمفهومه الديني في الإسلام، قائد ميدانه النفوس، وسلاحه الكتاب والسنة وتفسيرهما العملي من الكتاب والسنة، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه، وعونه الأكبر الانتصار، في هذا الميدان أن ينسى نفسه ويذوب في المعاني السامية التي جاء بها الإسلام وأن يطرح حظوظها وشهواتها من الاعتبار، وأن يكون حظه من ميراث النبوة أن يزكي ويعلم، وأن يقول الحق بلسانه، ويحققه بجوارحه، وأن ينصره إذا خذله الناس، وأن يجاهد في سبيله بكل ما آتاه الله من قوة؛ وقد هيأ الله لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز هذه الصفات الحميدة، والمناقب الرشيدة فأتاه الله حسن القبول، ورفعة الذكر، وانكباب المسلمين عليه في أقطار المعمورة، إفتاء ودعوة وتوجيها وإرشادا وتسديدا، بل إنه ليعتبر في مكانة علمية رفيعة فهو مفتي المسلمين ومرجعهم في النوائب والكرب والملمات والشدائد، بعد الله سبحانه، فهو لضعيفهم أب رحيم، ولمظلومهم كهف منيع ولداعيهم موجه سديد، ولطالبهم معلم رشيد، ولفقيرهم محسن كريم، وأما الوسيلة الكبرى في نجاحه في هذه المكانة العلمية ووصوله إليها، فهي أنه قد بدأ بنفسه في نقطة الأمر والنهي، فلا يأمر بشيء مما أمر الله به ورسوله حتى يكون أول فاعل له، ولا ينهى عن شيء مما نهى الله ورسوله عنه حتى يكون أول تارك له، كل ذلك ليأخذ الناس عنه بالقدوة والتأسي أكثر مما يأخذون عنه بوساطة الأقوال المجردة والنصوص اللفظية، لأنه أدرك - أدام الله عزه - تمام الإدراك أن تلاوة الأقوال والنصوص لا تعدو أن تكون تبليغا، والتبليغ لا يستلزم الاتباع، ولا يثمر الاهتداء ضربة لازم، ولا يعدو أن يكون تذكيرا للناسي، وتبكيتا للقاسي، وتنبيها للخامل، وتعليما للجاهل، وإيقاظا للخامل، وتحريكا للجامد ودلالة للضال...
أما جر الناس إلى الهداية بكيفية تشبه الإلزام فهو في التطبيقات والتفسيرات العملية التي كان المرشد الأول محمد صلى الله عليه وسلم يأتي بها في تربية أصحابه، فيعلمهم بأعماله، أكثر ما يعلمهم بأقواله... لعلمه وهو - سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم - بما للتربية العملية من الأثر في النفوس، ومن الحفز إلى العمل بباعث فطري في الاقتداء، وقد رأى مصداق ذلك في واقعة الحديبية حين أمر أصحابه بالقول فتردّدوا، مع أنهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا ينطق عن الهوى، ثم عمل فتتابعوا في العمل اقتداء به وكأنهم غير من كانوا.
ومما أوصل سماحته إلى هذه المكانة العلمية، والمنزلة الرفيعة، أنه يرى نفسه أنه مستحفظ على كتاب الله، ومؤتمن على سنة رسوله في العمل بها وتبليغها كما هي، وحارس لهما وعليهما أن يحرفهما الغالون، أو يزيغ بهما عن حقيقتهما المبطلون، أو يعبث بها المبتدعة الضالون، فهو حذر أن يؤتى الإسلام من قبله، تجده لذلك - حفظه الله - يقظ الضمير، متأجج الشعور، مضبوط الأنفاس، دقيق الوزن، مرهف الحس، كثير العمل، قليل الكلام عن نفسه وجهده وجهاده، متتبع لما يأتي الناس، وما يذرون من قول وعمل، سريع الاستجابة للحق، إذا دعا داعيه، وإلى نجدته، إذا ريع سربه، أو طرق بالشر حماه. ومما أوصله إلى مكانته العلمية أنه قد أخذ على نفسه بالفزع والجد لحرب الباطل أول ما تنجم ناجمته وتظهر بوادره، فلا يهدأ له خاطر، ولا تلين له قناة، حتى يوسعه إبطالا ومحوا، ولا يسكت عليه وعنه حتى يستشري شره ويستفحل أمره، فتستغلظ جذوره، ويتبوأ من نفوس العامة مكانا مطمئنا، بل يحاربه محاربة شديدة حتى يقل ويندثر، وتلك صفة مجيدة، ومنقبة حميدة تذكر لسماحته في كل منكر وباطل - زاده الله توفيقا -.
من تلك المقومات، لمكانته العلمية أنه دائما يتذكر عهد الله على العلماء وأنه قد أخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق، وأن الحق هو ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم عن ربه عز جل لهداية البشر وصلاح حالهم وإصلاح نفوسهم.
ومن تلك المقومات، أنه يزن نفسه دائما بميزان الكتاب والسنة، فأي زيغ واعوجاج وميل، قوّمه في الحال بالرجوع والإنابة والعودة إلى المصدرين الأصليين والمنبعين العظيمين. ومما أوصله إلى تلك المكانة المتميزة أنه يرد كل ما اختلف فيه إلى الكتاب والسنة، تاركا آراء العلماء، وأقوال الفقهاء، والتي يرى أنها بعيدة عن الكتاب والسنة، لأن الحق واحد لا يتعدد؛ وله في ذلك سلف صالح من علماء الأمة، وأمناء الملة، فما هي قصة الإمام مالك - بن أنس - رحمه الله - مع الإمام ابن مهدي - رحمه الله - وهو قرينه في العلم والإمامة - حينما عزم على الإحرام من المسجد النبوي، وعلل ذلك قائلا : إنما هي بضعة أميال أزيدها، فقال له مالك : أو ما قرأت قوله : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وأية فتنة أعظم من أن تسول لك نفسك أنك جئت بأكمل مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو كلاما هذا معناه... ثم تلا قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا }
وقال كلمته الجامعة التي كأن عليها ضياء الوحي بل كأنها مستلة من مشكاة النبوة، وهي قوله : " فما لم يكن دينا فليس اليوم بدين ".
ومن أبرز مقومات مكانته العلمية التي تبوأها هي أنه يقدم دينه والوحي على العقل، ويجعل الرأي تبعا للنص ويحكم عقله في لسانه، فلا يصدر كلاما إلا بعد أن يتحرى ويتروى فيه، وينظر نظرة ذات اعتبار وتقدير في آرائه وفتاويه، ويجعل ميزان الترجيح داخلا في أمور مهمة من المصلحة والضرورة والزمان والمكان والحال، ودرء المفاسد، بل إنه يميز بين أقل الخيرين وأكثر الشرين مع دفع أعلاهما ضررا وأضرارا، وبين خير الخيرين وشر الشرين، لذلك غلب صوابه على خطأه في الفهم والاجتهاد.
وكان وما زال - رفع الله قدره - يزن الشدائد التي تصيبه في طريقه إلى إقامة دين الله بأجرها عند الله ومثوبتها في الدار الآخرة، ولا يهتم بما يفوته من أعراض الدنيا، وسلامة البدن، وخفض العيش وراحة البال، فما أصابه من أمر من أمور الابتلاء يعد طريقا إلى الجنة، ووسيلة إلى رضي الله. ومن أهم مقومات مكانته العلمية أنه ذائد عن حمى الدين، واقف بالمرصاد لمن يريد العلو في الأرض والفساد والضلال بين العباد، لا يقر باطلا أو منكرا، ولا يسكت أو يتجاهل مخالفة صريحة للدين، ولا يتساهل أبدا في حق الله، ولا يرضى مطلقا عن ما يسخط الله من أي شخص كائن من كان، بل يقول كلمة الحق، ويدل عليها، ويحرص أشد الحرص على بيان الحق وإيصاله للأمة أجمع، فلله دره ما أقواه وما أجلده فجزاه الله خير الجزاء عن أمة الإسلام، فقد قدم جهدا كبيرا، وبذل وقتا ثمينا للأمة فنال بذلك جمال الأحدوثة، وطيب الثناء، والأمة هي شهود الله في الأرض، وأن الأمة تشهد والتاريخ يشهد والعلماء يشهدون أن ابن باز - وفقه الله للصالحات من الأعمال - أمة في رجل، ورجل في أمة.
بمثل هذه الخلال الحميدة التي أشرنا إليها إشارات يسيرة، باللمحة المنبهة، تبوأ ابن باز هذه المكانة العلمية التي أوصلته إلى أعلى المراتب، وأسنى المناصب، وهو التوقيع عن رب العالمين في الإفتاء والدعوة إلى الله، وهذا قليل من كثير في مكانته العلمية، ومنزلته الدينية، جعلنا الله وإياه من دعاة الحق وأنصار الهدى - آمين -.
وإننا لنفرح أشد الفرح أن الله قد ادّخره لهذا العصر المتلاطمة أمواجه بالفتن، والظاهر فيه أوار المحن والذي تأذن فيه أيضا فجر الإسلام بالانبلاج، هذا العالم الرباني، والإمام المصلح، الذي بزَّ الجميع في شجاعة الرأي وقوة العلم والعقل، وسلامة الفكر والتدبير، وجرأة اللسان والقلب، والزهد والورع فهز النفوس الجامدة، وحرك العقول الراكدة، وأيقظ المشاعر الخامدة، وترك ذكره وعمله دويا وصوتا ملأ سمع الزمان، وسيكون له شأن أيما شأن، بإذن الواحد المنان، وربنا الرحمن المستعان.

أمل محمد 09-21-2010 05:26 AM

نبوغه المبكر

لقد عرف سماحته بالنبوغ المبكر والألمعية النادرة، والنجابة الظاهرة، والذكاء المفرط منذ نعومة أظفاره حتى بزَّ أقرانه، وفاق أترابه، فهو منذ صغره صاحب همة عالية، ونفس أبية، وقلب طموح، جعلته تلك الصفات الجليلة موضع تقدير واحترام، وتبجيل وتعظيم، لكل من عرفه آنذاك أو خالطه وزامله.
ومن أبرز الأدلة، وأبين الأمثلة على نبوغه المبكر، وتوقد ذهنه، وشدة ذكائه، حفظه المتقن لكتاب الله عز وجل قبل البلوغ، وحفظه لبعض المتون العلمية، وتطلعه للعلم والحرص عليه أشد الحرص.
أما أهم الأسباب التي جعلته يقبل على العلم، ويقدر من وقته الشيء الثمين لذلك مع ذهن وقاد، وذكاء مفرط، ونبوغ واطلاع تعود إلى خمسة أسباب :
1- إخلاص النية في طلبه للعلم، مع صدق القصد، وحسن التوجه إلى الله.
2- نشأته الصالحة في بيت علم وهدى وإيمان : وكان يجد من أمه - رحمها الله - التشجيع المستمر، والدعوات الصالحة، والحث والتأكيد على أهمية طلب العلم.
3- عناية إلهية كريمة، ومنة ربانية رحيمة، ونعمة امتن الله بها على الشيخ فكان لها أعظم الأثر، وأطيب الثمر، في نبوغه العلمي، وتفوقه في مجال الفقه والفهم لأمور الدين.
4- دقة استحضاره وسلامة منهجه واستقامة حياته، وجولان ذهنه، وحسن استجابته لنصائح أساتذته وشيوخه.
5- استعداده الفطري، وصفاء ذهنه، وحضور بديهته، وقوة حافظته، واستثمار وقته في البحث والمطالعة، مع توقد في الهمة، وتوفر الرغبة الملحة في معرفة العلم بمختلف فنونه، والحرص على الدليل في كل مسألة من مسائل العلم المختلف فيها.

أمل محمد 09-21-2010 05:26 AM

الشيخ عبد العزيز والتعليم

لقد كان مجيء سماحة الشيخ عبد العزيز إلى الدلم قاضيا للخرج نعمة كبيرة أحدث مع وصوله عقلة كبيرة في جميع النواحي وبالأخص الناحية التعليمية ، إذ وجد قلوبا محبة للخير والعلم والتعليم والصبر على ذلك ، فعقد حلقات التدريس في الجامع الكبير في الدلم والقرى المحيطة به ، ثم ما لبثت وفود الطلاب تتقاطر على الدلم من أنحاء المملكة التي عمرت بالأمن بعد توحيدها علي يد الملك عبد العزيز - رحمه الله- ولم تقتصر تلك الحلقات على الجامع بل كان هناك حلقة في بيته لبعض الطلاب الملازمين له فكان غالب يومه في غير أوقات القضاء في الدرس والتعليم والتربية .
وما فتئ يعلو شأنه وينتشر صيته في أرجاء العالم الإسلامي كعلم من أعلام الشريعة البارزين حتى توافد عليه بعض الطلاب للدراسة عليه من الأقطار المجاورة ( من اليمن وفلسطين والعراق وغيرها ) فازداد عدد الطلاب فلم يعد يجد الكثير منهم مأوى يسكن فيه ، عندئذ طلب سماحته من الملك عبد العزيز- رحمه الله- التكرم بالأمر ببناء سكن يأوي إليه الطلبة ، فلبى الملك عبد العزيز- رحمه الله- طلبه ببناء حجرات قرب الجامع الكبر بمنافعها لتكون سكنا للطلاب وسمي بالرباط ، ولعدم كفاية تلك الحجرات فيما بعد استأجر لبعضهم بيوتا يسكنون فيها .
وأصبح من المألوف أن يجد الرجل في ذلك الوقت طلابا من أنحاء المملكة وإلى الجانب طلابا من ( فلسطين والعراق واليمن ، بل أن بعض هؤلاء الذين وفدوا على المملكة طلاب لهم المقام في الدلم وتزوجوا منها وأصبح لهم ذرية ) .
وللشيخ عبد العزيز عناية خاصة بطلابه فإلى جانب تأمين السكن لهم سعى لدى المسؤولين في الدولة وعلى رأسهم الملك عبد العزيز- رحمه الله- في إيجاد مكافآت شهرية لبعض الطلاب المجدين والمغتربين تشجيعا لهم على مواصلة الدراسة وطلب العلم ومساعدة لهم على تكاليف الحياة ، فكانت المكافآت ترسل للشيخ في الدلم ويقوم نيابة عنه تلميذه الشيخ راشد بن صالح بن خنين بتوزيعها شهريا على الطلاب ، لأن الشيخ راشد كان إلى جانب طلبه للعلم عند الشيخ عبد العزيز يعمل كاتبا في مجلس القضاء عنده ، ويقوم الشيخ كذلك بتوزيع عباءات لبعض الطلاب المتميزين لتشجيعهم على زيادة طلب العلم . وقد قسم الشيخ أوقاته بين القضاء والتدريس وعقد له حلقتين في المسجد الجامع الكبير في الدلم إحداهما بعد صلاة الفجر في التوحيد والفقه والحديث والنحو والتفسير .
وكان يعطي الطلاب ما يناسبهم فصغار الطلبة والمبتدئين من قصار المتون . وكبار الطلبة يعطي لهم من المتون الطوال حتى الضحى حيث يذهب لمنزله للجلوس للقضاء . والثانية بعد صلاة المغرب في الفرائض وقد اهتم الشيخ بهذا العلم اهتماما بالغا حيث يناقش الطلبة فيما درسوه ليتأكد من فهمهم للمادة العلمية . وبعد أذان العشاء يبدأ درسا آخر في تفسير ابن كثير حيث يقرأ أحد تلامذته وهو عبد الرحمن بن عبد العزيز بن جلال على الشيخ في تفسير ابن كثير مدة من الزمن حي يذكر ذلك ابن جلال بقوله : " لقد أكرمني الشيخ عبد العزيز حفظه الله بتخصيص هذا الوقت لي للقراءة عليه في تفسير ابن كثير قبل صلاة العشاء ، وقد لاحظت من خلال قراءتي عليه شدة تأثره وكثرة بكائه وربما زاد تأثره بما سمع فيمتد الدرس ويطول الوقت دون أن يشعر حتى ينتبه فينهيه فتقام صلاة العشاء " .
وهناك حلقتان كانتا بعد صلاة الظهر وبعد صلاة العصر وقد أوقفهما الشيخ بعد مدة لما ازدحم برنامجه بالأعمال وضاق وقته عن الجلوس لهذين الدرسين .
وكان حريصا على ما يلقيه من الدروس فلا يلقي درسه ولا يسمعه من الطالب حتى يراجع عليه شروحه وحواشيه وما قاله العلماء عليه وذلك في الليلة السابقة للدرس ولذلك إذا وفد إليه أحد وانشغل عن المراجعة لم يجلس للطلبة ، لذا أقبل عليه الطلاب واستفادوا من علمه لما اشتهر به من سعة العلم وحسن الإفادة وكريم الخلق ونطف العشرة . ومن الطريف أن بعض الطلاب كان حريصا على حضور درس الشيخ بعد صلاة الفجر فكثيرا ما ينطلق بعضهم من قبل أذان الفجر مشيا على أقدامهم من أماكن بعيدة في أطراف الدلم حتى يصلوا لجامع الدلم لصلاة الفجر ومن ثم حضور الدرس .
ولم يكتف- حفظه الله- بالدروس التي يلقيها في الجامع الكبير أو في بيته بل كان حريصا على نشر العلم بطرق كثيرة وخاصة بعد انتشار المدارس النظامية الحكومية ، فطلب من ولي العهد آنذاك الأمير سعود بن عبد العزيز ( الملك سعود فيما بعد ) - رحمه الله- حيث كان مشرفا على التعليم خلال مقابلته له في مكة في موسم الحج لعام 1367 هـ افتتاح مدرسة ابتدائية في الدلم فصدر الأمر لمدير المعارف آنذاك الشيخ محمد بن مانع- رحمه الله- بافتتاح مدرسة ابتدائية في الدلم ، فتم افتتاحها في عام 1368 هـ وسميت المدرسة السعودية الابتدائية ( ابن عباس حاليا ) .
وقد أوكل الإشراف عليها لسماحته يرشح لها المدير والمدرسين الأكفاء ، وأخذ الشيخ يحض الناس ويشجعهم على إلحاق أبنائهم في تلك المدرسة حرصا منه على تعليم الناس الخير وانتشار العلم ومحو الأمية والجهل . ولحرصه على المدرسة كان يفقد أحوالها ويسأل عن أوضاعها ويشجع القائمين عليها ويحثهم على بذل المزيد من العطاء .
ويحرص دائما- حفظه الله- على تجديد الجو العلمي لطلابه باهتمامه بالتربية الجسدية ، لذا فعندما دعاه مدير ومدرسو المدرسة السعودية ( ابن عباس حاليا ) وهم بعض طلابه في الحلقات في الجامع للخروج معهم في رحلة إلى البر في إحدى الرياض المزدهرة طلب منهم البقاء في البر إلى الغد على حسابه ثم دعا وجهاء البلد والمسئولين فيه فخرجوا واندمجوا مع بعض في رياضات متعددة إلى جانب الدروس العلمية التي يلقيها الشيخ عليهم . وكان يجلس لعموم الناس في الدلم بعد صلاة الجمعة في منزله ويستقبل الجميع ثم يتم قراءة بعض الآيات ويقوم الشيخ بتفسيرها والتعليق عليها لأن غالبية من حضر قد جاء للاستفادة من الشيخ أو السلام عليه ، جاءوا من أطراف الدلم من المزارع لكون غالبيتهم يعملون في الزراعة .

أمل محمد 09-21-2010 05:27 AM

أبرز أعمال الشيخ وإسهاماته العامة

إن لسماحة الشيخ عبد العزيز همة عالية في فعل الخير ونفسا طموحة للمعروف والإصلاح والسعي في شؤون الناس العامة وقضاء حوائجهم ومصالحهم منذ أن ولي القضاء في الخرج ، لذا فلم يكن عمله في القضاء مقصورا على مهمة المحكمة ، فقد كان يراسل المسئولين في الدولة وعلى رأسهم الملك عبد العزيز- رحمه الله- في كل ما من شأنه إصلاح المنطقة فكانوا عند حسن ظنه لما أحسوا من نصحه وإخلاصه .
وسنذكر طرفا من الإصلاحات التي قام بها وإسهاماته العامة مع الناس ، ومن ذلك أنه لما رأى أن بيت القاضي في الدلم قد خرب وتهدم أكثره لتقادم العهد به طلب من الملك عبد العزيز- رحمه الله- التكرم بالأمر بتعميره فوافق على ذلك وعمد الوزير عبد الله بن سليمان- رحمه الله- بما يلزم بتعميره حسب توجيه سماحته فاشترى دارا مجاورة وضمه إلى بيت القاضي لتوسعته ونظمه من جديد فأمر ببناء مجلس القضاء وجعل فيه " حبسا " للجلوس وجعل مكانا لانتظار الرجال ، وآخر لانتظار النساء وبه نافذة صغيرة يستمع من خلالها إلى شكوى المرأة صاحبة الدعوى ، وبجوار مجلس القضاء جعل غرفة صغيرة لا تتجاوز أبعادها 2*3 م للكاتب وسجل أوراق القضاء وجلب له مكتبا صغيرا وكرسيا .
وبهذه الغرفة نافذة صغيرة تطل على مكان جلوس الشيخ فيملي من خلالها على الكاتب ما يريد كتابته ، وعمر بقية البيت لسكناه فأمر ببقاء مكتبة للكتب وغرفة أخرى للجلوس . وقد اهتم سماحته بالمساجد اهتماما كبيرا وأولاها جل عنايته ، فبعد مضي عام على قدومه قاضيا- أي في عام 1358 هـ قام بتجديد بناء الجامع الكبير في الدلم وذلك لقدم بنائه وعدم دخول الشمس فيه لإضاءته ، فهو مظلم من الداخل لأن سقفه محمول على " سناطي " من الطين في وسطه . فأمر بهدمه وبنائه من جديد بتعاون من الأهالي ، فهذا يحضر عاملا من عماله وآخر كذلك وثالث يحضر خشبا للسقف وآخر يحضر جريدا . فأتم بناء الجامع بهذا التعاون وجعل فيه أعمدة من الحجر دائرية فأصبح الجامع يدخله نور الشمس واتسعت مساحته ، وترك في وسطه سرحة . وفي نهاية الجامع من الشرق جعل فيه خلوة يصلي فيها وقت الشتاء .
وهكذا نرى الجهد الذي بذله- حفظه الله- في تجديد هذا الجامع بتكاليف مالية قليلة وذلك بتعاون الجميع لثقتهم ومحبتهم للشيخ ولفعل الخير والمساهمة فيه ، ولقد ألحق بالجامع غرفا للطلاب المغتربين لطلب العلم للسكن فيها .
وفي العام التالي قام كذلك بتجديد بناء جامع المحمدي شمال الدلم ثم جدد بناء جامع العذار ثم جامع زميقة ، ثم أخذ في بناء المساجد في نواحي وهجر الدلم الواحد تلو الآخر وجعل له وكيلا للقيام بهذه المهمة والإشراف على البناء والصرف عليه بعد المشاورة في ذلك وهو العم عبد الله بن رشيد البراك- رحمه الله- .

أمل محمد 09-21-2010 05:27 AM

عمله في التدريس في المعهد العلمي وكلية الشريعة

بعد حياة زاخرة بالعلم والقضاء في الدلم ، تولى الشيخ - حفظه الله- التدريس في المعهد العلمي بالرياض عام 1371 هـ ، بأمر من سماحة المفتي العام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ- رحمه الله- ثم بعد ذلك في كلية الشريعة ، وتخرج على يديه أفواج من أهل العلم والفضل ، وكان يدرس العقيدة والحديث والفقه ، بل حتى النحو قبل أن يأتي الشيخ عبد اللطيف بن سرحان- رحمه الله- وتدريسه يمتاز بوضوح الكلام وقلته ، والقدرة الهائلة على إيصال المعلومة إلى أذهان الطلاب بأبسط الطرق وأسهلها ، وكان طلابه معجبون بسلامة منهجه ودقة استحضاره وقوة ذاكرته وقدرته على الجمع بين الآراء المختلفة ، والأحاديث المتعارضة ؛ وتوصيلها بعبارة سهلة واضحة في جملها وكلماتها .
وكان الشيخ- رعاه الله- جادا في تدريسه وأدائه ، مخلصا في عمله وما يقوم به من أعباء ومسئوليات ويرى أن التدريس أمانة عظيمة ، ومسئولية جسيمة ، لابد من القيام بها ، وهو أمر إن أحسن من يقوم به ، فإنه سيكون له أكبر الأثر وأعظم النفع بين البلاد والعباد . وكان في تدريسه لا يفرق بين الطلاب بل كلهم سواسية لديه ، وإن كان للمجتهد مزية وتقدم على غيره فإنما هو لجده واجتهاده وإن رأى من أحد طلابه خطأ أو عيبا ينبهه إلى ذلك برفق وتؤدة وحسن خلق وصدق في النصح والتوجيه والإرشاد .
وله قدرة هائلة في الاستنباط من النصوص ، وتوضيح المسائل العلمية ، وتوجيه الطلاب إلى مسلك تعظيم الدليل من الكتاب والسنة ، وترك أقوال الرجال المخالفة للكتاب والسنة ، مع معرفة فضلهم واحترامهم وتقديرهم ومكانتهم في الأمة ، ويردد في ذلك قولة الإمام مالك المشهورة : " كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذه الحجرة- يعني النبي صلى الله عليه وسلم " .
ويمتاز سماحته بقوة الحجة ، ونصاعة البيان ، رأى ذلك طلابه جليا في مناقشاتهم العلمية من أثناء تدريسه لهم ، فلربما جاء بعض الطلاب بأقوال لبعض العلماء فيرد سماحته عليها ردا علميا قائما على الأدلة وأقوال العلماء المعتبرين . وكان- وما زال- آية في الفرائض وعلومها ، فقد أتقن مسائلها ، وعرف غوامضها ، وألف فيها مؤلفه المعروف " الفوائد الجلية في المباحث الفرضية " فاستفاد منه طلابه أشد الاستفادة .
وكان في تدريسه- حفظه الله- مثلا لرحابة الصدر ، وإبانة المسائل ، وتربية الطلاب على طريقة الترجيح ، ولا سيما أن مواطن الدرس في كل من الحديث والفقه متفقه ، فمثلا يدرس باب الزكاة في الفقه ، وباب الزكاة في الحديث ، فإذا كانت حصة الفقه ، قرر المسألة على مذهب الحنابلة بدليلها عندهم وإذا كان درس الحديث قرر المسألة على ما تنص عليه الأحاديث ، فإن كان المذهب- الحنبلي- وافقه كان تأييدا له وإذا خالفه أشار إلى وجه الترجيح ودعا إلى الأخذ بما يسانده الدليل ، بدون تعصب لمذهب معين ، ومما يحفظ لفضيلته - رعاه الله- عدم التثاقل من السؤال وتوجيه الطالب إلى ما أراده ، وربما توقف عن الإجابة وطلب الإمهال ، إذا كانت المسألة تحتاج إلى نظر وتأمل ، بأن كانت من مواضع الخلاف مثلا ، أو كان بعيد العهد بها ، أو لم يترجح له فيها شيئا . فاستمر على ذلك المنوال معلما ومربيا فاضلا ، وأستاذا حنونا واسع الصدر ، كبير العلم ، عظيم الحلم حتى صدر أمر المفتي العام للملكة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله- في عام 1380 هـ بانتقاله إلى المدينة النبوية نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية .

أمل محمد 09-21-2010 05:27 AM

عمله في الجامعة الإسلامية نائبا ورئيساً


عين سماحة الشيخ- حفظه الله- في عام 1381 هـ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية إلى عام 1390 هـ ، ثم بعد ذلك تولى رئاستها من عام 1390 هـ بعد وفاة رئيسها سماحة المفتي الإمام الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله- إلى عام 1395 هـ .
ويجدر بنا في هذا المقام أن نشير إلى جهوده البارزة في الجامعة الإسلامية : إن الجامعة الإسلامية روضة غناء ، وحديقة رواء ، ذات بهجة تسر الناظرين ، وتقنع الطالبين وتشبع الآكلين ، وهي رسالة عالمية ، وحصن من حصون العلم والمعرفة ، وكهف من كهوف الدين المنيعة ، قيض الله لها علماء أجلاء ، وفقهاء فضلاء ، فنشروا فيها العلم النافع والعمل الصالح معطاءة الخير ، في جميع جوانبها وأمورها ، وكان لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- حفظه الله- أكبر الأثر في مسيرتها الخالدة ، فها هي ثمارها غضة طرية في كل مكان من أصقاع المعمورة فهي رسالة الإسلام وخريجوها أبناء الإسلام ، بها أستعاد الإسلام قوته ، وبها استعاد مهبط الوحي المدينة النبوية مركزها المشع على العالم الإسلامي وقد أحسن المجذوب حينما قال في وصف الجامعة الإسلامية ورسالتها ، وذلك أمام الملك فيصل بن عبد العزيز- رحمه الله- عام 1384 هـ إبان زيارته للجامعة الإسلامية آنذاك : هذي الحديقة من أغراس بيتكم وقد أنى ينعها واخلولق الثمر ردت إلى طيبة قيادتها فكل صقع به من نفحها أثر فأنظر إلى اسم الدنيا بساحتها في وحدة لم يشب إيلافها كدر جاءت طلاب الهدى من كل ناحية ظمأى إلى النور تحدوها المنى الكبر فيومها دأب في الدرس متصل ومعظم الليل في تحقيقه سهر لا ترتضي الرأي إلا أن تؤيده طريقة المصطفى والآي والسور جيل الهداة الذي تهفو لمطلعه سوح الكفاح ويرنو نحوه القدر ومما لا خلاف فيه ، ولا شك ولا ريب يمازجه أن للشيخ ابن باز- رعاه الله- أثره العميق في كل تقدم أحرزته الجامعة تحت إشرافه نائبا لرئيسها ، ثم رئيسا مستقلا لها بعد وفاة رئيسها الأول الشيخ محمد بن إبراهيم- رحمه الله
1- كان سماحته- حفظه الله- يتفقد الفصول بين الحين والآخر ، فيستمع إلى دروس المشايخ ويلقي توجيهاته الحكيمة هنا وهناك ، وقد يلحظ في دروس بعضهم ما لا يأتلف مع أفكاره الوثيقة فيعقب على ما سمع بما يؤدي الغرض في منتهى الكياسة والتقدير .
2- ويتردد على قاعات المدرسين فيسألهم عن صحتهم وراحتهم ، ويحاورهم في . شئون التعليم ، ويشجعهم على المزيد من الجهد في خدمة الطلبة ابتغاء ما عند الله .
3- ويدعو المدرسين في مطلع كل عام دارسي لاجتماع عام يضم أساتذة المعاهد مرة ، وأساتذة الكليات الأخرى ، فيتداول معهم أمور الجامعة ، وضرورة الانتفاع من الخبرات الماضية ، مؤكدا على وجوب الاهتمام بأصول العقيدة ، التي يعتبرها الشيخ- رعاه الله- منطلق العمل لتكوين شخصية الطالب ، ثم العناية بلغة القرآن التي عليها يتوقف نجاحه في الفهم عن الله ورسوله . . . وبخاصة في هذه الجامعة التي معظم طلابها من غير العرب ، فلا سبيل لتثبيت العربية في ألسنتهم وأقلامهم إلا عن طريق القدوة والمحاكاة فعلى المدرس إذن أن يتجنب كل لغة ملحونة ، وأن يلتزم الفصحى وحدها في كل حوار مع الطلاب .
وهكذا الشأن في نهاية العام الدراسي ، إذ يعقد مع المدرسين اجتماعا عاما آخر ، فيتدارس وإياهم شئون المقررات وملاحظاتهم عليها ، ورأيهم في مسيرة الدروس ، وفي سلوك الطلاب ، وما قد جمعوه من الانطباعات أثناء العام ، ويحثهم على الكتابة عن كل ما يرونه مفيدا للجامعة ، ليعرض على مجلس الجامعة لدراستها والانتفاع بكل صالح منها .
4- وفي دار الحديث التابعة للجامعة- ومن ثم في الجامعة- تلقى المحاضرات الأسبوعية من قبل الأساتذة في مختلف الموضوعات على مدار العام الدراسي إلا فترة المذاكرة للاختبارات والامتحانات ويشرف الشيخ- حفظه الله- بنفسه على محاضرات الموسم هذه ، لا يكاد يعيب عن إحداها إلا تحت ضغط الضرورة ، ولا تعدم المحاضرة تعقيبا منه يوضح غامضها ، ويوسع بعض جوانبها على قدر ما يرى لها من الأهمية .
فإذا كانت المحاضرة له اختار لها الموضوع الذي يمس القلوب والعقول ، حتى إذا جاء موعد الأسئلة حول بعض النقاط ، أفاض على مستمعيه بما يكفي ويشفي ؛ وكثيرا ما ينتهز السامعون هذه الفرصة ، فيوردون على الشيخ- حفظه الله- ألوان الاستيضاحات التي تحمل صفة الاستفادات ، فتأتي أجوبته عليها جامعة مانعة ، لا تلبث أن تتردد على الأفواه . وقد كتب عنه أحد الأساتذة في مقدمة محاضرة ألقاها الشيخ عبد العزيز عن سيرة المجدد المصلح الإسلامي الشيخ محمد بن بن عبد الوهاب - رحمه الله- : " وفي العقائد كان - الشيخ بن باز- مثال الاعتدال لا هو من أولئك المتطرفين الذين يطلقون عبارات الشرك على كل صغيرة كبيرة ، ولا هو من المتساهلين الذين يغضون النظر عن صغار الأمور ، بل إنه لينبه على الصغيرة والكبيرة ، ويضع كل شيء في موضعه ، يجعل الشرك شركا والبدعة بدعة " .
وفي العالم الإسلامي : ولا يقف نشاط الشيخ- حفظه الله- العلمي والعملي عند حدود الجامعة وحدها ، على الرغم من عظم أعبائها ، بل إن- نشاطه هذا ليمتد إلى الأقاصي البعيدة من وطن الإسلام ومهاجر المسلمين فهناك المدرسون الذين ينتدبهم باسم الجامعة للتدريس في أكثر من مؤسسة علمية ، أو مدرسة وجامعة أثرية ، وبخاصة في الهند وإفريقية وباكستان .
وهناك المتفوقون من متخرجي الجامعة الذين يقدمهم الشيخ إلى مجلس الدعوة الإسلامية . بالرياض من أجل انتدابهم لخدمة الدعوة في بلادهم وغير بلادهم ، وقد تجاوز عددهم . حتى اليوم المئة ، وهم يعملون ليل ونهار في تعليم المسلمين دينهم الحق ، وصراطهم المستقيم ، وتحصينهم من التيارات الهدامة ، سواء منها الفرقة الضالة ، أو القاديانية المرتدة ، أو التبشيرية الخادعة ، وغيرها من القبورية والمناهج البدعية - أعلى الله لهم منارا وأخمد لأعدائهم نارا- .
ولقد بذل الشيخ- سدد الله أمره- قصارى جهده لإمداد المسلمين بالكتب النافعة التي هم بحاجة إليها ، في نطاق التدريس أو المطالعة ، واستجابت المؤسسة الحكومية لاقتراحاته ، فوضعت لتوزيع . الكتب نظاما شاملا يتيح لكل منها أن تسهم . في هذا المضمار بالقسط المناسب ، وفي الجامعة الإسلامية دار لتوزيع الكتب يتلقى الكتب والمطبوعات الإسلامية من مختلف الدوائر المعنية بالدعوة في المملكة ليقوم بتوزيعه على الجهات المحتاجة في مختلف أنحاء العالم ، ويعرف اليوم باسم / مركز شئون الدعوة .
وهكذا أصبحت الجامعة الإسلامية بفضل الله وحده ، ثم بجهود هذا العالم الداعية الصالح ، مركز إشعاع ومنبع نور ، ومصدر علم وهدى ، لا على نطاق المدينة النبوية وحدها ، بل على مستوى العالم الإسلامي كله . يضاف إلى ذلك عمله الجاد في مد نشاطات الجامعة ، فهو لا يرضي الوقوف بها عند حد مهما يبلغ من الجلال ، بل يريد لها تحركا متصلا في طريق النمو .
6- أقسام وكليات : لقد بدأت الجامعة عام 1381 هـ ذات مرحلتين ، ففي جانب معهد للدارسة الإعدادية والثانوية ؛ وفي الجانب الآخر كلية الشريعة وعلومها ، وهي الآن- ولله الحمد والمنة- تضم مع المعهدين شعبة خاصة لتعليم العربية لغير العرب ، وإلى جانب كلية الشريعة أربع وهي : كلية أصول الدين والدعوة .
والثانية : كلية القرآن الكريم وهي الوحيدة من نوعها في العالم كله ، وقد استقبل افتتاحها بموجة من الاستبشار في أنحاء العالم الإسلامي ، وتلقت الجامعة فيها تهاني أكابر علماء الإسلام والثالثة : كلية الحديث الشريف وعلومه والرابعة : كلية اللغة العربية وآدابها . مع أقسام عدة للدراسات العليا- الماجستير والدكتوراه .
وهذه الجهود كلها بإشراف من ساحته- حفظه الله- وإن كان بعض المنشآت قد تم بعد انتقال الشيخ إلى عمله الجديد في الرياض ، إلا أن التخطيط له سبق انتقاله ، وكان له الأثر البعيد في التوجيه إليه ، ذلك أنه يرى للجامعة رسالة علمية عالمية تستدعي تجهيزها بكل الإمكانات التي تساعدها على أدائها . وقد أعانه الله على هذه الخطة الرشيدة ، والطريقة الحكيمة ، بإدارة من خيار الرجال ، وأفاضل المستشارين تشاركه النظرة الثاقبة إلى رسالة الجامعة ودورها البناء في إرساء تعاليم الإسلام وقيمه وأهدافه وحظي- ولله الحمد والمنة- بتقدير المسئولين وما ذاك إلا لإخلاصه وفضله ، يدفعهم للاستجابة إلى كل ما يطلب من الاعتمادات المالية لتحقيق هذا الطموح .
7- مشهد لا ينسى : نختم هذه الجهود العلمية الرائعة في الجامعة بمشهد معبر محزن لا ينسى ، إنه مشهد وداع الشيخ- رعاه الله- للجامعة الإسلامية ، ويعبر عن ذلك الشيخ محمد المجذوب بقوله : " كان انتقال الشيخ- رعاه الله- إلى منصبه الجديد في الرياض مفاجأة لكل من في الجامعة مدرسين وطلابا وموظفين ، لا يشبهها إلا فقدان أسرة راعيها الحليم الرحيم الكريم .
وذات يوم عاد إلى المدينة النبوية ، التي أحبها من شغاف قلبه ، عاد إلى الجامعة الإسلامية التي خالطت لحمه ودمه ، عاد إليها في زيارة عابرة ، فكانت فرصة مرموقة للاجتماع على وداعه . وفي مسجد الجامعة احتشد هؤلاء ليعبروا عن تقديرهم . للرجل الذي خالط حبه دماءهم ، فكانت هناك كلمات أملاها الإخلاص دون إعداد ، حتى جاء دور الشيخ للتعقيب عليها ، فإذا هو يتعثر في التعبير ، إذ غلبه التأثر فلم يتمالك أن يبكي . لقد كانت تلك الدموع الحارة أبلغ خطاب سمعته للشيخ ، بل وأشد خطبه المبينة تحريكا لمشاعر سامعيه ، حتى غمر التفاعل كل من في المسجد ، فهم بين باك في صمت ومعول في نشيج . . وما أحسب ثمة بيانا أدل على مدى الترابط الروحي بين الشيخ وهذا الجمع في مثل ذلك الموقف .
ووجدت في نفسي دافعا لا يدفع إلى الكلام في أعقاب هذا المشهد المثير فكان مما جرى به لساني هذان البيتان :
بكينا وفاء لامرئ قل أن يرى *** له في الدعاة العاملين نظير
فخلوا ملامي إن ألح بي البكا *** فإن فراق الصالحين عسير
وحقا لقد كان فراق الشيخ ابن باز للجامعة الإسلامية عسيرا ، لأنه فرق بينها وبين الرجل الذي باشر غرسها من أول أيامها ، ثم مضى يسبقها ذوب قلبه ، ويبذل لها من الجهد ما لا يضاهيه إلا سهر الأم على طفلها الحبيب . فجزاه الله عن الجامعة وأهلها ، وعن الإسلام الذي وهب نفسه كلها لها ، خير ما يجزي الدعاة العاملون المصلحون " .

أمل محمد 09-21-2010 05:28 AM

رئيسا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

عمله رئيسا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ثم مفتيا عاما للملكة العربية السعودية ، ورئيسا لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء . في عام هـ 1395 هـ صدر الأمر الملكي الكريم بتعيين سماحته في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير ، ثم في . عام 1413 هـ صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه في منصب مفتي عام المملكة السعودية بالإضافة إلى رئاسة هيئة كبار العلماء ، ورئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء .
وإلي جانب هذه الأعمال الكبيرة التي تنوء بحملها أصحاب القدرات الهائلة ، فللشيخ- رعاه الله- أعمال خيرية في الهيئات الرسمية فلعل من أبرزها :
1- رئاسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
2- رئاسة وعضوية المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي .
3- رئاسة المجمع الإسلامي بمكة المكرمة التابع للرابطة أيضا .
4- عضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة .
5- عضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية .
6- عضوية المجلس الاستشاري للندوة العالمية للشباب الإسلامي .
7- عضوية الصندوق الدائم للتنمية الشبابية .

أمل محمد 09-21-2010 05:28 AM

جهوده في الدعوة

للشيخ- أطال الله في عمره على طاعته- عدة نشاطات خيرية تصب في قالب الدعوة إلى الله والاهتمام بأمور المسلمين نذكر بعضا مها على سبيل المثال لا الحصر :
ا- دعمه للمؤسسات والمراكز الإسلامية المنتشرة في كافة أنحاء العالم الإسلامي ، والتي تقوم بأمور التعليم والدعوة إلى الله ورعاية شئون المسلمين ، وبخاصة الأقليات المستضعفة.
2- دعمه الملموس للجهاد الإسلامي ودعوته للمسلمين القادرين على مساعدتهم ، وخاصة في أفغانستان . والبوسنة والهرسك والشيشان وكشمير وإريتريا والصومال وبورما ، وغير ذلك من الدول الإسلامية ، وأخيرا الآن كوسوفا .
3- اهتمامه البالغ بقضايا التوحيد وصفاء العقيدة ، وما التبس على المسلمين من أمور دينهم ، ويدرك تلك الأمور من حضر دروسه ، أو استمع إلى محاضراته وأحاديثه أو أطلع على مؤلفاته .
4- يولى سماحته حفظ وتعليم القرآن الكريم اهتماما خاصا ، ويحث إخوانه وتلاميذه وأعضاء الجمعيات الخيرية لمضاعفة الجهد في هذا الصدد .
5- اهتمامه بالدعاة ومساعدتهم وكفالتهم ، ويبلغ عدد الدعاة في العالم الإسلامي الذين يكلفهم الشيخ رعاه الله- أكثر من ألفي داعية ، وقد وضع لهم بندا خاصا بهم من بنود الرواتب ، وها هم الآن- في جميع أنحاء المعمورة يسيرون على العقيدة الصافية والهدي النبوي الكريم ، ناشرين للتوحيد ، محاربين للشرك ، متأسين بسماحة الشيخ- رعاه الله- في الرفق واللين في الدعوة إلى الله ؛ فأثمرت دعوتهم ، وأتت أكلها ، وأصبحت دعوة مقبولة- ولله الحمد- .
6- دعم هيئات الأمر بالمعروف والنهي من المنكر ، وتشجيعها وتشجيع أعضائها ، وحرصه على استمرار هذه الهيئات ، والالتقاء بأعضائها وتوجيههم التوجيه الأبوي السليم المبني على الرفق والحلم والعلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومراعاة المصالح والمفاسد ، وفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مما أثمر عن ذلك هيئات قائمة على العلم من الكتاب والسنة ، رفع الله لها منارا ، وأخمد لأعدائها نارا .
ومن خلال هذا الاستعراض الموجز لإسهامات الشيخ - حفظه الله- واهتماماته الدعوية لخدمة الإسلام والمسلمين نجد أن حياته العملية ، زخرت بالعديد من العطاءات والإضافات ، التي تحسب له على كافة الأصعدة والمستويات ، في مجال الدين والعقيدة والدعوة والجهاد ودعم الأقليات ، وتشجيع الشباب المسلم على مواجهة حركات التغريب والتصدي لكافة التحديات ، التي يمكن أن تتمخض عنها الأيام ، ومن المعروف أن جهود سماحته قد تجاوزت حدود وطنه الصغير ، لتصل إلى أقطار العالم الإسلامي ، وإلى ديار الإسلام والمسلمين كافة ، في جميع ربوع العالم الأمر الذي يدل دلالة عميقة المغزى على إدراك سماحته- رعاه الله- وحرصه الشديد على ترسيخ مفهوم الأخوة الإسلامية الواسعة النطاق كما يجسد شعوره الشخصي لأنه مسئول عن السعي في أمر أي مسلم وتبني قضيته والعمل على حل مشكلته ما وجد . إلى ذلك سبيلا .

أمل محمد 09-21-2010 05:28 AM

قضاء الحوائج والشفاعات

ويعتبر هذا الأمر من أبرز أعمال الشيخ- حفظه الله- المبرورة ، ومساعيه المشكورة ، وخاصة أن الفرد المسلم في هذا العصر بحاجة إلى التعاون والتآلف ، فكان الشيخ- حفظه الله- وما زال متعاونا مع إخوانه المسلمين من المحتاجين بقضاء حوائجهم ، وبذل جاهه لهم ، والشفاعة الحسنة لهم منطلقا من مثل قوله تعالى : مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وقوله صلى الله عليه وسلم : اشفعوا تؤجروا
ومن مثل هذه المنطلقات السامية ، والأهداف النبيلة ، والأخلاق الجميلة ، أدرك سماحته- رعاه الله- حرص الإسلام ، وترغيبه في قضاء حوائج الناس وبذل المعروف لهم ، فسارع في ذلك أشد المسارعة ، وأخذ على عاتق نفسه أن يكتب للمحسنين من ولاة الأمور وغيرهم ممن له في الخير يد سابقة ، وكف بالخير ندية ، عن أحوال إخوانهم المعسورين ، مذكرا لهم بقوله تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وقول الرسول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب الآخرة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة رواه البخاري ومسلم وفي لفظ آخر عند مسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر عن معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
وغيرها من النصوص الشرعية التي تحث على هذا الخلق الجميل ، والسلوك النبيل ، منبها لهم على عظم الأجر والثواب ، من لدن الله العلي الوهاب .
وسماحته- حفظه الله- تجسد فيه هذا الخلق الجميل ، والسلوك النبيل ، فتراه يفرح أشد الفرح شكرا لله ، وإعظاما له ، على أنه قام بقضاء حوائج الناس ، وإقالة عثراتهم ، وتفريج كرباتهم ويرى أن ذلك من أقل الواجب بل سمعته يقول : ليس البخيل بخيل المال ، بل البخيل بخيل الجاه ولكل شيء زكاة ، وزكاة الجاه الشفاعة للمعسرين والمحتاجين . وتجد سماحته- حفظه الله- رضي النفس كريما متواضعا منبسطا للناس ، وهذا الأمر الذي حدا به إلي كل خير في الأعمال والأقوال والعقد والسبيل .
وبالجملة : فإن الشيخ عبد العزيز بن باز- حفظه الله- فرد زمانه ، ووحيد عصره وأوانه وهو إمام في كل شيء من أموره الخيرة ، وأفعاله الحسنة ، قدوة يقتدي بها في مجالاته النافعة وأسوة يتأسى بها في مواقفه المشرقة- ختم الله له بالخير والصالح من العمل- .

أمل محمد 09-21-2010 05:29 AM

المساهمة في بناء المساجد

وللشيخ- حفظه الله- مساهمة كبيرة في بناء المساجد وتشييدها وإعمارها ، وذلك يتمثل في كتابه للمحسنين ، والإشارة عليهم ببناء المساجد في الأماكن المحتاجة من القرى والهجر البعيدة ، وكم من قرية نائية بعيدة كل البعد ، تجد فيها مسجدا قائما معمورا على أحسن طراز ، وأتم شكل ، وأفضل بنيان ، فإن سألت عن بنائه ومن قام بذلك تجد الإجابة التي . تنشرح لها الصدور المؤمنة ، وتطمئن لها القلوب المخلصة ، وهي أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- حفظه الله- قد توسط لنا في بناء هذا المسجد من طريق أحد فاعلي الخير من المحسنين ، وتجدهم بعد ذلك يرفعون أكف الضراعة إلى المولى القدير ، بأن يبقي سماحته ، ويطيل في عمره ، ويجعله ذخرا للإسلام والمسلمين .
وليس هذا الأمر- أعني به بناء المساجد محصورا على هذه البلاد المباركة فحسب ، بل في كل بقعة من بقاع الدنيا ، تجد أن للشيخ- حفظه الله- معلما بارزا ، وأثرا واضحا ، في بناء بيوت الله وإقامتها وإعمارها ، إنها والله أعمال جليلة ، وآثار خالدة ، ستبقى واضحة المعالم ، بينة الدلائل ، وهذه هي . رسالة العالم المسلم الخائف على إخوانه ، المشفق عليهم ، الرؤوف بهم ، الحريص على نفعهم ، إيصال الخير لهم ، في أي مكان كانوا ، تحت كل سماء وفوق كل أرض . إن أعمال سماحته ومشاريعه الخيرية ، يعجز القلم عن أن يعبر عنها التعبير الشافي الكافي لكن هذه إشارات صغيرة ، ومنارات يسيرة ، وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وسماحته منطلق عن مثل قوله تعالى : إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : من بنى لله بيتا بنى الله له بيتا في الجنة متفق عليه .
فلا تستغرب- أخي القارئ الكريم- من هذه الأعمال الخيرية ، والجهود الإحسانية لسماحته فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، إنها منة ونعمة من أكبر المنن والنعم علي أمة الإسلام وخاصة في عصرنا- أن قيض الله لنا هذا الإمام الفذ الجهبذ الذي له كبير الأثر في جميع بلاد الإسلام ، وتلك نعمة ومنة تستحق منا الشكر للمولى عز وجل .

أمل محمد 09-21-2010 05:29 AM

ما الهم الذي يحمله الشيخ- رعاه الله-

عرفت هذه الأعمال الكبيرة الجليلة ، التي يقوم بها سماحته- حفظه الله- فهل أدركت وعرفت الهم الذي يحمله الشيخ- رعاه الله- إنه هم دين الله سبحانه وتعالى ونصرته ، فهذا الهم هو الذي يلازم الشيخ سواء كان في مقر عمله ، أو منزله ، أو في سيارته ، جالسا كان أو قائما ، فلا يزال هم الدين وإعلاء كلمة الله في أنحاء المعمورة شرقا وغربا ، شمالا هجيري الشيخ وديدنه ، فلهذا فإن لسماحته ثمان وخمسون سنة لم يأخذ إجازة ولو كان يوما واحدا ، فأي هم يحمله هذا الإمام الجهبذ لا شك بل ولا ريب أنه هم الإسلام والمسلمين ، وهو مع ذلك لا ينام في يومه إلا قرابة 4-5 ساعات فقط وأما الباقي من . هذه الساعات فهي في ذكر وعبادة ونشر علم وإفتاء وقضاء حوائج المسلمين بل يقول سماحته- رعاه الله- ويردد ذلك أكثر من مرة : أنا مستحق للتقاعد منذ عشرين سنة - بكامل الراتب- ولكن ما بقيت في هذه الأعمال إلا لخدمة المسلمين ونصرة الدين . فلتكن همومنا وهممنا مثل هذا الهم ، وتلك الهمة ، والله المعين .

أمل محمد 09-21-2010 05:29 AM

حقائق عن الشيخ حفظه الله- في مجال العمل والعبادة

الحقيقة الأولى : يقول أحد كتاب الشيخ- حفظه الله- ذهبت مع سماحته إلى مكة وجلست أقرأ عليه المعاملات إلى حدود الساعة الحادية عشر ليلا ، وإذا بالشيخ رعاه الله- يقول : يبدو أننا تعبنا فلنأخذ راحتنا- وحقيقة الأمر أن الشيخ - رفع الله قدره- لم يتعب ولكن تأدبا مع الكاتب الذي معه- فقال الكاتب : نعم يا شيخ لقد تعبنا ، يقول الكاتب : فنمت بعدما صليت ما كتب الله لي ، واستيقظت قبل الفجر وإذا بالشيخ يصلي .
الحقيقة الثانية : يقول أحد الذين رافقوا سماحته من الطائف إلى- الرياض برا؟ ولما صرنا في منتصف الليل بعد الساعة الثانية ليلا تقريبا ، قال الشيخ لمرافقيه : يبدو أننا تعبنا قفوا لننام في الطريق ، فتوقفنا ، فما لامست أقدامنا الأرض إلا وأخذنا النوم ، والجيد منا من صلى ركعة أو ثلاث قيل أن ينام ؛ فشرع الشيخ في الصلاة ، فاستيقظ من كانوا معه قبل الفجر فإذا بالشيخ يصلي .
الحقيقة الثالثة : وهذه الحقيقة يرويها أحد موظفي دار الإفتاء من عدة سنوات ، يقول : جاءت رسالة من الفلبين لسماحة الشيخ - رعاه الله- فإذا بامرأة لقول : إن زوجي مسلم أخذوه النصارى وألقوه في بئر ، وأصبحت أرملة ، وأطفالي يتامى ، وليس لي أحد بعد الله جل وعلا ، فقلت : لمن اكتب له في هذه الأرض لكي يساعدني بعد الله !!! قالوا لا يوجد إلا الشيخ / عبد العزيز بن باز فآمل أن تساعدني . فكتب الشيخ- حفظه الله- للجهات المسئولة في الإدارة مساعدتها وجاءت الإجابة أنه لا يوجد بند لمساعدة امرأة وضع زوجها في بئر ، فالبنود المالية محددة ، فقال الشيخ لكاتبه اكتب إلى أمين الصندوق : مع التحية اخصم من راتبي عشرة آلاف ريال وأرسله إلى هذه المرأة .
الحقيقة الرابعة : يذكر أحد الذين يعملون في الجامعة أنه ذهب في دورة إلى إحدى الدول في وسط أفريقيا فيقول : أننا وجدنا عجوزا ، فقالت : من أين أنعم؟ فقلنا لها عبر المترجم ، من السعودية ، فقالت : بلغوا سلامي للشيخ ابن باز . هذه حقائق واقعة صادقة ، بالحق ناطقة ، وبضياء البرهان والدليل ناصعة ، الله أكبر إنه والله حب الخير ، وهم الإسلام والمسلمين ، ووضع القبول لهذا الإمام- رعاه الله- في الأرض امرأة في أدغال . أفريقيا تعرف الشيخ ، وأخرى في مجاهل آسيا في الفلبين تستنجد بالشيخ وتطلب منه المعونة بعد لله عز وجل ، هذا كله لأن سماحته- حفظه الله- يحمل هم الإسلام بل هم كل مسلم . ومسلمة ، وهذه الحقائق تبين مدى اهتمام المسلمين وعلمائهم بنصرة الدين والتآزر عليه ، والتعاون فيه على البر والتقوى .

أمل محمد 09-21-2010 05:29 AM

عمل اليوم والليلة

هذا عرض موجز يسير لأعباء الشيخ ، وأعماله اليومية التي تقوم بها؛ وهذا واقعه الذي لا يوشك أن يتغير سواء في الرياض أو مكة أو الطائف : يبدأ يوم الشيخ- حفظه الله- في الغالب قيل الفجر ، حيث يستيقظ في الثلث الأخير من الليل ، ويصلي ما كتب الله له ، وبعد صلاة الفجر يحرص- حفظه الله- على قراءة أوراده حتى أنه لا يكاد يجيب أحدا حتى يقرأها ثم يبدأ الدرس ، حيث يقرأ عليه الأخوان من طلاب العلم وتلاميذه عدة كتب متنوعة ، وهو يشرح ويفصل ويستدرك ويعقب ويقيد ، لا يضجر من طول الدرس ، ولا يمل من كثرة الأسئلة ، هذا دأبه وشأنه حتى قبيل الساعة السابعة صباحا ، هذا إذ كان من أيام الدروس ، أما إذا كان في المسكن ، جلس للنظر في الاستفتاءات الواردة إلى مكتب البيت من مختلف الأرجاء والأقطار ، والمعاملات المحالة إلى مكتب البيت من قبل سماحته ، ثم ينظر في طلبات المستشفعين وأصحاب الحاجات ، فيوردها جميعا مواردها اللازمة ، وعلى هذا الأمر والنسق حتى يحين موعد دوامه الرسمي قرابة الساعة التاسعة صباحا فإذا ما وافى مقر الرئاسة ومكتبه وجد المراجعين يمثلون الأمكنة المعدة لهم بانتظاره ، فيحييهم ويستقبلهم ويصافحهم ويعانقهم ، ثم يأخذ مجلسه وهو صدر المكتب .
الذي هو عبارة عن كراسي متعددة لا توجد طاولة بينها كغيره من المكاتب الأخرى لعدم حاجته لها ، حيث تعرض عليه المعاملات قراءة ليوجه مستشاره أو كاتبه بكتابة الشرح المناسب والرد على المعاملة فورا .
وخلال عرض المعاملات يستقبل سماحته الاتصالات الهاتفية التي غالبا ما تأتي من سائل يسأل عن فتوى أو قضية معينة تهم السائل ، ويرد على المتصلين بهدوء العلماء ويحرص على إقناع السائل قبل إنهاء المكالمة ، وما بين لحظة وأخرى نجد الناس يدخلون على سماحته طالبين أن يشهروا إسلامهم على يديه وتعليمهم أحكام الشريعة ومحاسن الدين الإسلامي ، وقد تكون هناك اجتماعات اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، فيحرص سماحته على رئاستها وحضورها ، فإن كانت صباحا ، استقبل المراجعين ظهرا ، إن كانت ظهرا استقبل المراجعين صباحا ، وهكذا يستمر المشهد حتى حلول موعد أذان الظهر حيث يذهب سماحته للصلاة في المسجد القريب من المكتب ، وربما عقب بعد الصلاة بكلمة وعظية جامعة تأسر كلماتها القلوب المؤمنة ، وتحس بين حروفها صدق النصح ، وأغلب تلك الكلمات ، تدور حول تفسير الآيات من القرآن وتدبرها وتأملها ، ويختم تلك الكلمات بأدعية جامعة مانعة في صلاح الإسلام ونصرته ، وصلاح البلاد والعبادة ثم يعود بعد ذلك إلى المكتب حيث يخصص ما بقي من الوقت حتى نهاية الدوام للمعاملات الرسمية ، والنظر في فتاوى الطلاق ، وطلب الشفاعة منه من المعوزين المحتاجين ، واستقبال الوفود من الدول الإسلامية ، والأقليات المسلمة ، ورؤساء الجماعات الإسلامية ، حتى قرابة الثانية والربع ظهرا ، حيث يحرص سماحته أن يدعوا الضيوف من الحاضرين لتناول الغداء معه في منزله العامر وبعد الطعام يجلس برهة قصيرة في مجلسه ، فيدعوا . بالقهوة فالشاي ، والطيب ، ويتحدث إلى جلسائه وضيوفه حديثا فيما يخص مصالحهم ، حتى يوافي موعد الآذان- أذان صلاة العصر- فيأخذ سبيله إلى المسجد القريب من منزله ، فيصلي فيه صلاة العصر ، ثم يقرأ عليه شيئا يسيرا من الأحاديث إما من كتاب التوحيد ، أو من كتاب رياض الصالحين ، فيعلق تعليقات علمية يسيرة على ما قرئ عليه مستنبطا الفوائد المهمة ، والقواعد الجامعة ، ثم يذهب إلى بيته لأخذ قسط من الراحة حتى حلول صلاة المغرب ، فإن كان ثمة درس له أو محاضرة بكر في الحضور إلى المسجد وحرص على أن يكون قريبا من محبيه وطلابه ، أما إن . لم يكن له درس أو غيره من الارتباطات فإنه يتوجه إلى مجلسه العام لعامة الناس وخاصتهم ، المقبلين للسلام عليه ، أو استفتائه في أمور الدين والدنيا؛ ويستضيفهم الشيخ فيسألون عن أحواله ، ويسألهم عن أحوالهم ، في جو مليء بالود والوفاء والتناصح والتشاور ، ويستمر هذا المجلس حتى يحين موعد صلاة العشاء ، حيث يتأهب سماحته والحضور للخروج من المجلس ذاهبين للمسجد . وفي المسجد خلال الفترة التي بين الآذان والإقامة يقرأ عليه إمام المسجد كتاب بلوغ المرام فيشرحه الشيخ شرحا علميا دقيقا ، ثم بعد ذلك يرجع إلى المنزل للنظر في بعض المعاملات الخاصة بالمساجد ، ولقاء بعض المهتمين بالدعوة وشئونها وشجونها ، ثم يتناول مع ضيوفه طعام العشاء ثم يخلد إلى مكتبته العامرة للقراءة في بعض الكتب ، أو النظر في بعض الأمور فلا يزال بين قراءة وإملاء وحديث نافع حتى وقت متأخر- فجزاه الله أحسن الجزاء- .
هذه صورة مقاربة ليوم الشيخ وعمله في اليوم والليلة ، وإنك- أخي القارئ- لربما يثيرك العجب والاستغراب إزاء هذه الوقائع والأعباء الجسمية ، التي تكاد لا تصدق أنها تصدر من سماحته ولكنها مع ذلك حقيقة واقعة ، وأمر لا شك فيه ولا امتراء ، ومن جرب الشيخ وعرفه عن قرب وكثب لربما رأى أكثر من ذلك ، فلا يهولنك الأمر ، فإنه فضل من بيده الفضل ، وهو ذو الفضل العظيم .

أمل محمد 09-21-2010 05:30 AM

محطات يومية

هذه حياة سماحته اليومية عرضناها من واقع يوم في حياته ، ولعلنا نلخص للقارئ الكريم أهم النقاط التي وردت إجمالا في هذا السياق وهي على النحو التالي :
1- يحرص سماحته على صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع التزاما بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم .
2- حلقات دروس الفجر في الرياض تعقد بعد صلاة . فجر أيام الأحد الاثنين والأربعاء والخميس أما في الطائف فهي بعد فجر يومي الاثنين والخميس .
3- يحرص على دعوة ضيوفه وزواره لتناول طعام الغداء معه مهما كان عددهم .
4- المعاملات الرسمية وغير الرسمية تعرض على سماحته طيلة اليوم من الصباح وحتى المساء ، حتى أن بعض مستشاريه يستغلون الوقت الذي تقطعه السيارة المقلة لهم لعرض المعاملات عليه .
5- فترة الصباح من كل يوم عدا يومي- الأحد والثلاثاء- فهما لاجتماعات اللجنة الدائمة للإفتاء- يستقبل ضيوفه ومراجعيه .
6- سماحته يتلقى يوميا تقريرا إخباريا من وكالة الأنباء السعودية- واس- يحوي على أهم الأحداث العالمية إجمالا وتفصيلا يقرأه عليه مستشاره الدكتور \ محمد بن سعد الشويعر .
7- اعتاد سماحته قيام الليل إحياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم . هـ يستقبل سماحته الضيوف القادمين من أماكن بعيدة في منزله طيلة إقامتهم في المدينة التي يتواجد فيها .
9- معدل من يشهرون إسلامهم على يديه لا يقل عن خمسة أشخاص يوميا . 10- في بيت سماحته مكتبته عامرة تحوي عدة آلاف من أمهات الكتب النادرة .
11- هناك مشروع لجمع فتاوى وردود سماحته على استفسارات المسلمين وإصدارها في مجلدات تتكون من أكثر من عشرين مجلدا صدر منها حتى الآن اثنا عشر جزءا ، يقوم بجمعها والإشراف على طبعها الدكتور الفاضل \ محمد بن سعد الشويعر .
12- لا يخلو يوم الأربعاء والخميس من وليمة يدعى إليها مع بعض العلماء ويتخللها بعض الكلمات الوعظية ويجيب على أسئلة الحضور .
13- بعد صلاة الجمعة يجتمع عنده طلابه للأسئلة والاستفسارات ويقم لهم وليمة غداء في منزله العامر .

أمل محمد 09-21-2010 05:30 AM

العالم الرباني ونصير المظلومين

العالم الرباني
لقد تلقت أسرة ندوة العلماء بمدارسها ومراكزها للدعوة الإسلامية بمزيد من الأسى نبأ وفاة العالم الرباني الجليل العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز فكان هذا الحادث المؤلم خسارة للعالم الإسلامي كله ، خاصة في هذا العصر الذي نفقد فيه رجالا مخلصين عاملين لله وحده فالعلامة الشيخ ابن باز كان ثروة لميع المسلمين ، وليس للمملكة العربية السعودية وحدها ، وقد أراد الله أن يعم الخير عن طريقه العالم كله ، فاليوم فقدنا سندا قويا ودعما كبيرا للدعوة إلى الله ، والنصح والإرشاد وإنا على ثقة بأن كتبه ومواعظه تنفع المسلمين على اختلاف بلدانهم ولغاتهم .
وطلبة دار العلوم لندوة العلماء وأساتذتها والمسئولون فيها يعتبرون هذا الحادث قد ألم بالجميع ويشاطرون المسلمين الشعور بالأسى داعين إلى الله أن يتغمد الفقيد العظيم برحمته ورضاه ، ويوفقنا جميعا أن نستفيد عما تركه الشيخ الفقيد من كتبه ومجموعات فتاواه وخطبه ، أسأل الله العلي العظيم أن يكتب لشيخنا الفقيد الأجر والمثوبة ما يكتبه للصالحين من عباده .
الأستاذ محمد الرابع الندوي
رئيس تحرير مجلة البعث الإسلامي – الهند

أمل محمد 09-21-2010 05:30 AM

نصير المظلومين


إن وفاة الشيخ ابن باز نكرت فراغاً فكرياً كبيراً في الأوساط العلمية والفقهية وتذكر هنا العلاقة الوثيقة التي كانت تربطه – رحمه الله – بالإمام أبي علي المدودي مؤسس الجماعة الإسلامية في باكستان .
إن الأمة الإسلامية فقدت عالما جليلا وقاضيا حكيما ، وعرف بمناصراته للحق والمظلومين وكان رحمه الله منارا لأبناء الأمة الإسلامية في عبادة الله واتباع سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .
القاضي حسين أحمد
أمير الجماعة الإسلامية في باكستان

أمل محمد 09-21-2010 05:31 AM

عام الحزن

إن تسعين عاما في الجهاد والعلم هي رحلة الشيخ ابن باز التي لا أستطيع التعبير عن قدره ومكانته في نفسي ولدى الشعب الباكستاني الذي عرفه مجاهدا وداعيا إلى الخير ومعلما ومرشدا لأبنائهم .
كان بركة عظيمة وهو أهل لكل خير، جاهد ضد الإلحاد والشرك والبدعة، وقد شرفت بالتلمذة على يديه في عام 83هـ وإنني أسمى هذا العام الهجري عام فقيد الأمة الإسلامية وحزن العلم والعلماء.
الشيخ سميع الحق
أمير جمعية علماء الإسلام – باكستان

أمل محمد 09-21-2010 05:31 AM

من رموز الأمة و إمام الفتوى ورجل الحق

كان رموز الأمة
كان الشيخ ابن باز علما من أعلام الأمة الإسلامية افتقدت الأمة بفقده عالما جليلا ومجتهدا أمينا لأمته وولاة أمرها ،وقد اثري الشيخ ابن باز الدعوة الإسلامية بآلاف الفتاوى التي كان فيها مثالا للعالم الورع التقي الصادق نسأل الله أن يعوض أمتنا عه خيرا عنه خيرا وأن يجزيه على ما قدم لدينه وأمته خيرا الجزاء ، وقد كان الشيخ عبد العزيز بن باز عالما ومفتيا للأمة وليس للمملكة العربية السعودية وحدها وكان رمزا .
صلاح عبد المقصود
عضو مجلس ثقافة الصحفيين بمصر

إمام الفتوى
الشيخ ابن باز كان ظاهرة نادرة فلم يكن موظفا بدرجة مفت وإنما كان إماما في الفتوى يصدر رأيه عن اجتهاد ويعلن رأيه في قوة وإصرار لما يرى أنه الحق وقد كن له دائما مشاركة في كل مشكلة شهرت في العالم الإسلامي بل كان الناس ي أنحاء العالم الإسلامي إذا حدثت حادثة ما توجهوا إلى حيث يقيم الرجل ينتظرون رأيه ويتطلعون إلى حل المشكلة التي يعانونها من خلال اجتهاده الذي يقتدي به . فرحة الله على الرجل .
الدكتور عبد الصبور شاهين
القاهرة – مصر

رجل الحق
إن ديننا الآن وفي كل زمان يحتاج إلى مثل هذه الشخصية التي تمتاز بالخلق والعلم والصلابة والدفاع عن الرأي إذا ما لاح الحق له ، وقد ترك الشيخ ابن باز فراغا آلم برحيله كل مسلم ، لأن العلم لا يرفعه الله رفعا من الكتب والمصاحف وإنما رفع العلم بقبض العلماء ، وأنا أشعر بالأسى والحزن على فراق الرجل فإنه لا يمنعني أن أتقدم بخالص التعزية إلى الأمة الإسلامية عامة ولأسرته خاصة وأرجوا الله أن يعوضنا عنه خيرا .
الدكتور طه الدسوقي حبيش
القاهرة – مصر

أمل محمد 09-21-2010 05:31 AM

مؤلفاته وآثاره العلمية

لقد أثرى الشيخ - حفظه الله - المكتبة الإسلامية بمؤلفات عديدة، قيمة في بابها، واضحة العبارات رصينة في أسلوبها، تطرق فيها إلى جوانب من العلوم الشرعية، والقضايا الاجتماعية والواقعية، وذلك من أجل إبراء الذمة، ونصح الأمة، وبيان الحق لها، وتحذيرها من الباطل والضلال وأسبابهما، وكتب سماحته ومؤلفاته زاخرة بالعلم الشرعي، من الأدلة الواضحة من كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأقوال الأئمة المرضيين من السلف الصالحين، ومن سار على نهجهم من أئمة الدين، فنجد من سماحته - رعاه الله - أنه قد كتب في العقيدة الإسلامية بأنواعها وأقسامها المختلفة، ونبه إلى البدع والمنكرات، وألف في الفقه وأصوله وقواعده، وفي العبادات والمعاملات والبيوع المحرمة، وكتب في الحديث وأصوله ومصطلحاته، وفي الأذكار وفوائدها .
وفي التراجم، وعن المرأة المسلمة ودورها في بناء المجتمع، وإنقاذها من براثن الكفر والشبه الضالة، وفي التشريع والجهاد في سبيل الله، وفي فضل الدعوة إلى الله، ومسئولية الشباب المسلم، وفي الحض على الزواج المبكر، كما أنه كتب كتبا تدفع المطاعن والشبهات في الدين، وكتب في الغزو الفكري، والقومية العربية، والحداثة الشعرية . فهذه الكتب المتنوعة يجمعها صدق النصيحة، مع صدق العبارة، مع الأسلوب الواضح المفهوم لخاصة الناس وعامتهم، فنفع الله بهذه المؤلفات نفعا عظيما، حتى أن كثيرا منها قد ترجم لعدة لغات ؛ لكي يستفاد منه أشد الاستفادة، حتى أنني رأيت بعض كتب سماحته - في أدغال أفريقيا - وهي وصلت إلى كل بقعة من العالم الإسلامي ويحكي لي بعض الدكاترة المصريين: أنه رأى في معرض الكتاب الدولي في القاهرة صفا طويلا "أي طابورا" فاستغرب لهذا المنظر الغريب، والأمر العجين، فأخذه حب الاستطلاع إلى الوقوف مع الناس، فإذا به يفاجأ بأن الصف من أجل أنه يوزع كتاب "التحذير من البدع" لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رعاه الله - يقول: فكبرت بأعلى صوتي وقلت: "جاء الحق وزهق الباطل" .
وهكذا - يهيئ الله لمن أخلص نيته، وأحسن قصده، القبول في جميع الأرض، وعند جميع طبقات العالم الإسلامي .
ومؤلفاته على النحو التالي:
أ- الرسائل الكبيرة والمتوسطة:
1- الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب .
2- الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس وسكون الأرض .
3- إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين .
4- الإمام محمد بن عبد الوهاب: دعوته وسيرته.
5- بيان معنى كلمة لا إله إلا الله .
6- التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة.
7- تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل .
8- ثلاثة رسائل:
أ- العقيدة الصحيحة وما يضادها .
ب- الدعوة إلى الله .
جـ- تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة إلى الشيخ أحمد .
9- رسالتان هامتان:
أ- وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها،
ب- الدعوة إلى الله سبحانه وأخلاق الدعاة .
10- الرسائل والفتاوى النسائية: اعتنى بجمعها ونشرها أحمد بن عثمان الشمري .
11- الفتاوى: ط مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية .
12- فتاوى إسلامية - ابن باز - ابن عثيمين - ابن جبرين .
13- فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة .
14- فتاوى المرأة لابن باز واللجنة الدائمة جمع وترتيب محمد المسند .
15- فتاوى مهمة تتعلق بالحج والعمرة .
16- فتاوى وتنبيهات ونصائح .
17- الفوائد الجلية في المباحث الفرضية،
18- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة أشرف على تجميعه وطبعه د . محمد بن سعد الشويعر . من ا - 12 طبعة دار الإفتاء .
19- مجموعة رسائل في الطهارة والصلاة والوضوء .
20- مجموعة الفتاوى والرسائل النسائية .
21- نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع .
22- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
23- وجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها .
24- شرح ثلاثة الأصول .
ب- الرسائل الصغيرة
1- الأذكار التي تقال بعد الفراغ من الصلاة .
2- إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك .
3- التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله .
4- التحذير من البدع .
5- التحذير من القمار وشرب المسكر .
6- التحذير من المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج .
7- تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار .
8- تنبيه هام على كذب الوصية المنسوبة للشيخ أحمد خادم الحرم النبوي .
9- ثلاث رسائل في الصلاة:
أ- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم،
ب- وجوب أداء الصلاة في الجماعة،
جـ- أين يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع .
10- الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح .
11- الجواب المفيد في حكم التصوير .
12- حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض أو مشتمل على بعض الخرافات أو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بما يتضمن تنقصه أو الطعن في رسالته، والرد على الرئيس أبي رقيبة فيما نسب إليه من ذلك .
13- حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار .
14- حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإشارة إليها بالحروف .
15- حكم الغناء .
16- حكم مقابلة المرأة للسائق والخادم .
17- خطر مشاركة الرجل للمرأة في ميدان عمله .
18- الدروس المهمة لعامة الأمة .
19- الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة .
20- رسالتان في الصلاة .
21- رسالتان موجزتان عن أحكام الزكاة والصيام .
22- رسالة عن حكم شرب الدخان .
23- رسالة في إعفاء اللحى .
24- رسالة في الجهاد .
25- رسالة في حكم السحر والكهانة .
26- رسالة في مسائل الحجاب والسفور .
27- رسالة في وجوب الصلاة جماعة .
28- رسائل في الطهارة والصلاة .
29- السفر إلى بلاد الكفرة .
30- العقيدة الصحيحة وما يضادها .
31- عوامل إصلاح المجتمع مع نصيحة مهمة عامة .
32- الغزو الفكري ووسائله .
33- فتاوى في حكم الغناء والإسبال وحلق اللحى والتصوير وشرب الدخان .
فتاوى ورسائل في الأفراح .
35- فضل الجهاد والمجاهدين .
36- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم .
37- ماذا يجب عليكم شباب الإسلام .
38- مجموعة رسائل في الصلاة .
39- موقف اليهود من الإسلام .
40- نصيحة المسلمين وفتاوى بشأن الخدم والسائقين وخطرهم على الفرد والمجتمع .
41- نصيحة وتنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع .
42- هكذا حج الرسول صلى الله عليه وسلم .
43- وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه .
44- في ظل الشريعة الإسلامية .
45- وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة .
46- دعوة للتوبة .
47- بيان لا إله إلا الله .
48- العلم وأخلاق أهله .
49- أهمية العلم في محاربة الأفكار الهدامة .
50- أصول الإيمان .
51- لا دين حق إلا دين الإسلام .
52- التحذير من الإسراف والتبذير .
53- يا مسلم احذر تسلم .
54- بيان التوحيد .
55- السحر والخرافة .
56- الأجوبة المفيدة عن بعض رسائل العقيدة .
57- رسالة في التبرك والتوسل .
58- مسئولية طالب العلم .
59- إعصار التوحيد يحطم وثن الصوفية .
60- نصائح عامة .

أمل محمد 09-21-2010 05:32 AM

أمين عام مجلس الوزراء لـ"عكاظ":كتب عبد الله العريفج:

أكد معالي أمين عام مجلس الوزراء عبد العزيز بن عبد الله السالم على اهتمام الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني على الاهتمام بالعلماء واحترامهم وإجلالهم باعتبارهم المصابيح المنيرة في سماء هذه الدنيا . وقال معاليه الذي كان يتحدث لـ"عكاظ" هاتفياً من مكتبه في جدة أمس أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز تفوق وتميز من بين العلماء الأجلاء خصوصاً في العلوم الشرعية وكرمه العجيب وتبسطه وتشريع أبواب داره لكل الناس من الداخل والخارج ، ونوه معالي أمين عام مجلس الوزراء محسن اختيار مليك البلاد – رعاه الله – لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وتعيينه مفتياً عاماً ورئيساً لهيئة كبار العلماء وقال إن ثقة خادم الحرمين الشريفين أمانة ومسؤولية تحملها سماحته وهو أهل لها فقد عاش قريباً في ظل الشيخ ابن باز ورافقه فترة من الزمن أكسبته خبرة ومراساً في أمور الفتوى والدعوة.
وفيما يلي نص الحوار الهاتفي الذي أجرته "عكاظ" مع معاليه:
* استهل خادم الحرمين الشريفين جلسة مجلس الوزراء "اثنين" بالإعراب عن عميق الحزن والألم لوفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومثنياً حفظه الله على حياته التي كرسها للعلم وخدمة الإسلام" فكيف تنظرون معاليكم إلى دلالات ذلك؟
* لا شك أن هذا الاهتمام يدل على إجلال العلماء لأنهم المصابيح المنيرة في سماء هذه الدنيا خاصة لعلماء العلوم الشرعية في هذا البلد الذي يطبق الإسلام وشرع الله والسنة شريعة ومنهجاً قولاً وعملاً . . وسماحة الشيخ ابن باز له تفوق وتميز من بين العلماء الأجلاء الذين لهم دورهم في هذه الحياة لكن الشيخ ابن باز رحمه الله تميز بميزات كثيرة فهو مشرع أبواب داره لكل الناس حتى الذين جاؤوا من الخارج يستوعب المتجمعين الداخلي والخارجي فضلاً عن كرمه العجيب.
* إذا كيف ترك رحيل سماحته في نفس معاليكم؟
* لقد تأثرت كثيراً مثلما تأثر كل الناس . وقد اتصل بي بعض الإوان من الولايات المتحدة الأمريكية وأخبروني بتأثر المراكز والجاليات الإسلامية هناك بشكل بالغ إثر رحيل الشيخ ابن باز غفر الله له .. والحقيقة أن رحيل سماحته كان مؤثراً جداً فهو فقيد الع الم الإسلامي وقد تجلى ذلك في الحشود الكبيرة التي شاهدناها في الحرم المكي الشريف عند الصلاة عليه يم الجمعة الماضي . ولقد من الله علي بأن مكنني من المشاركة في أداء الصلاة على سماحته .. وذهبت للمقبرة للمشاركة في تشييعه رحمه الله ولقد كان تشييعه منظراً عجيباً جداً حيث الحشود الكبيرة التي جاءت بمشارعها وقلوبها قبل أجسادها وبكته القلوب قبل العيون لأنه ترك في قلب كل إنسان أثراً كبيرا ًوعميقاً . . فلقد كانت وفاته رحمه الله فجيعة لنا بعدما كان مرضاً مفاجئاً للناس حيث أدخل للمستشفى وخرج منه قبل وفاته بيومين أي يوم الاثنين قبل الماضي .كنت على اتصال مستمر بنجله أحمد أسأل عن والده وأطمئن عليه .. وكان يجيبني بأن والده في تحسن وهو بخير وأحمله سلامي لسماحته رحمه الله لأنني لا أرغب في إزعاجه فما كان من نجله أحمد إلا أن قال والدي يريد محادثتك فتحدث معه رحمه الله هاتفياً قد سألني شيخنا الفقيد عن أحوالي وأحوالي أبنائي وعن أخي محمد وأبنائه متبسطاً معي في الحديث . وسمعت منه الحديث الذي دائماً ما كنت أعهده فيه عند زيارتي له والسلام عليه في المناسبات كرمضان والعيدين في منزله أو مكتبه .. وصلتي به قوية وطويلة وقديمة ولقد فوجئت بتلك الانتكاسة السريعة في حالته الصحية ثم الوفاة التي كانت فجيعة للجميع ومؤلمة .. ولهذا فقد كان أثر وفاة سماحته على الناس أجمعين حتى أن أبواب الحرم شبه مغلقة نظير الأمواج البشرية التي شاركت في الصلاة عليه وتشييع رحمه الله ولا شك أن هذه كانت صورة من صور ما للشيخ ابن باز في قلوب الناس .
* صدر أمر ملكي كما تعلمون بتعيين سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتياً عاماً ورئيساً لهيئة كبار العلماء . فكيف تنظرون إلى ثقة ولي الأمر باختيار سماحته؟
* هذا الشيخ الجليل هو أهل للثقة التي أولاه إياها خادم الحرمين الشريفين وهو في ذات الوقت أمانة ومسؤولية تحملها سماحته ونعدعو الله له بالتوفيق والسداد والعون وأن يؤخدي هذه المهمة كما تحملها وهو أهل لها ذلك أن الشيخ عبد العزيز عاش قريباً في ظل الشيخ الفقيد ابن باز ورافقه فترة من الزمن وكان نائباً له مما أكسبه خبرة ومراساً في أمور الفتوى والدعوة والعلم وهي الأعمال التي كان قائماً بها الشيخ ابن باز بنفسه رحمه الله والشيخ عبد العزيز آل الشيخ الذي يعتبر ابن باز أباً له قد اكتسب منه الكثير ذلك أن الشيخ ابن باز مدرسة عاش في ظلها وتعلم منها الكثيرون إذ سخر جل وقته رحمه الله للعلم منذ أن كان قاضياً في الخرج وطلبة العلم يدرسون عليه .. ويترددون على مجالسه.
* كيف تنظرون معاليكم إلى سماحة المفتي ورئيس هيئة كبار العلماء الجديد؟
* أرى أنه كما يؤمل فيه الجميع ليقوم بالمهة على خير ما يرام وندعو الله له بالتوفيق والعون وسداد الخطى ... ولا شك أن سماحته من أبرز العلماء في الفقه والعلوم الشرعية وأمور الدعوة الإسلامية والعمل على خدمة الإسلام والمسلمين فضلاً عن بساطته ودماثة خلقه وتواضعه وكريم أخلاقه وتبسطه مع الجميع .

عكاظ: 5 / 2 / 1420هـ

أمل محمد 09-21-2010 05:32 AM

قصص مكذوبة

هذه بعض القصص المكذوبة على سماحته ، رأيت إيرادها وبيان كذبها وأنها مختلقة لا أساس لها من الصدق والصحة ، حتى لا يغتر بها من يسمع بها من قبل عامة الناس ، وأنصاف طلبة العلم ، وما بلاء العالم إلا من هؤلاء ، نسأل الله السلامة والعافية .
القصة الأولى :
" يروى أن رجلا سأل الشيخ محمد بن إبراهيم فقال : . يا شيخ إن زوجتي رضعت من نفسها ، فرد عليه الشيخ محمد بن إبراهيم : تحرم عليك زوجتك لأنها رضعت من ثديها " ثم ذهبوا إلى الشيخ عبد العزيز بن باز فقال : " لا تحرم عليك ، ولا نريد أن نفتح هذا الباب ، فلو فتحنا هذا الباب ، لكان كل امرأة لا تريد زوجها ، ترضع من ثديها لكي تحرم على زوجها ، فقال الشيخ عبد العزيز بن باز أيضا : " إن هذا الرضاع لا يضر " .
قلت : هذه القصة الكذب فيها واضح ، وأمارات الوضع ظاهرة بينة ، وقد سئل عنها سماحته فقال : " إن هذه القصة لا أساس لها من الصحة ، ويجب على طلاب العلم أن يبينوها قلت : وهذه القصة مكذوبة بينة الوضع وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بريئان منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليهما السلام ومن علامات وضعها الواضحة أنه ليس من أدب الشيخ- رعاه الله- أن يتقدم على شيخه في الإمامة ومنها ما كان الشيخ ليبدل لفظة في القرآن متعمدا لأجل مسألة في الطلاق؟ بل كان المعهود منه- إن حصلت القصة- أن يناقش شيخه فيها مناقشة علمية . إذ الحق أبلج والباطل لجلج .
القصة الثالثة :
انتشرت عند عامة الناس وطلبة العلم أن الشيخ عبد العزيز- حفظه الله- قد اعتدى عليه بعض الرافضة أو الشيعة ، وأنهم طعنوه وأطلقوا عليه الرصاص ، وصدموا سيارته ، وفعلوا كذا وكذا . قلت : وهذه إشاعات لا أساس لها ولا قدم في الصدق ، ولا مرتكز لها من الصحة .
القصة الرابعة :
انتشر في بعض المناطق والقرى إن الشيخ عبد العزيز - رعاه الله- اجتمع معه كبار العلماء ، لأنهم سمعوا أن الشيخ يقول : إن المرأة التي لها أولاد لا تطلق أبدا وفي اجتماعهم ذكرها العلماء قالوا يا شيخ إنك ترجع دائما الزوجة إلى زوجها ، وما رأيناك أثبت طلاقا ، ويذكر العامة أن الشيخ قام واقفا من شدة الغضب وقال : والذي رقع سبعا ، ونزل سبعا ، إنكم إن لم تسكتوا لأقول للناس جميعا أن أي امرأة طلقها زوجها وعندها أولاد إنها لا تطلق أبدا .
قلت : هذه القصة يغني إيرادها عن تفنيدها وتكذيبها ، وهذه القصص وغيرها لا بد من التحرز في نقلها ، والتثبت من صحتها بالاتصال على سماحته- رعاه الله- والتأكد منه ، وليتق الله أقوام همهم قيل وقال ونقل كلام ، فإنه كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ، بل على العاقل أن ينتقي وأن يورد الكلام على مظانه ، وحين احتياجه ، متثبتا متأكدا ، فذاك له أنفع وأجدى خاتمة وعاقبة . وهذه القصص قد طلب سماحته- رعاه الله- من طلاب العلم أن يبينوا للعامة والناس أنها مكذوبة لا أساس . لها من الصحة ، فاستجابة لطلبه ، وتنفيذا لأمره ، أوردها هنا ، لعل الله أن يثيبني عليها أجرا ، ويرفع لي بها ذكرا .

أمل محمد 09-21-2010 05:32 AM

حادثة عجيبة تدل على حرص سماحة الشيخ على الصلاة


في يوم من الأيام كان سماحة الشيخ على موعد بعد صلاة الفجر ، فلم يصلِّ في المسجد ، وذهبنا بعد الصلاة إلى منزل سماحته وانتظرناه ، وقلقنا عليه ، فخرج علينا وسأل عن الوقت ، فأخبرناه بأن الجماعة قد صلوا.
وكان رحمه الله متعباً في الليل ، ولم ينم إلا في ساعة متأخرة ، وبعد أن قام للتهجد اضطجع فأخذه النوم ، ولم يكن حوله أحد يوقظه ، أو يضبط له الساعة المنبهة.
وبعد أن علم أن الناس قد صلوا صلى ، وقال للأخوين الزميلين الشيخ عبدالرحمن العتيق ، والأخ حمد بن محمد الناصر: هذه أول مرة تفوتني صلاة الفجر.

أمل محمد 09-21-2010 05:33 AM

موقف للشيخ في ليلة الـ 27 من رمضان لعام 1412هـ


ومما يحضرني في هذا الشأن أن سماحته رحمه الله ذهب في ليلة السابع والعشرين من رمضان لأداء صلاة التراويح في المسجد الحرام ، وذلك عام 1412هـ تقريباً ، وقد صلى سماحته في الدور العلوي للحرم ، ولما انتهى من صلاة التراويح ورآه الناس ، وتسامعوا بوجوده هناك أقبلوا عليه أرسالاً تلو أرسال.
وكنا معه في سطح الحرم ، وكان عددنا ستة أشخاص ، وحاولنا بكل ما نستطيع أن نبعد الناس عنه ، أو نخففهم أو ننظم سلامهم عليه فما استطعنا ، حتى كدنا نشتبك مع الناس؛ لأننا خفنا على سماحة الشيخ ، بل لقد ضاق عليه النَّفَس ، فَرُفِع على كرسي حتى يشم الهواء.
ولما رأينا صعوبة نزوله مع السلم الكهربائي أنزلناه عبر المصعد الذي يستعمله العمال الذين يعملون في الحرم ، وما إن وصل سماحته إلى المصعد إلا وهو يتصبب عرقاً من زحام الناس ، وما إن نزلنا إلى الأرض في ساحات الحرم الخارجية إلا والناس يتسابقون ويلتفون حوله.
وبالتي واللتيا تمكن سماحته من ركوب السيارة بعد أن اسود ثوبه من عرقه ، وعرق الناس ، وتزاحمهم عليه.
والعجيب في الأمر أن سماحة الشيخ لم يفارقه هدوؤه ، ولا سكينته ،
بل كان يبتسم ، ولا يزيد على أن يقول: هداهم الله.

أمل محمد 09-21-2010 05:33 AM

موقف للشيخ في الحج

في أحد أيام الحج قال له أحد الحاضرين ممن يعرف سماحة الشيخ: يا شيخ بعض هؤلاء لا يعرفون أدب الأكل ، ولا يَحْسُن الجلوس معهم؛ فلو انفردت عنهم ، وأرحت نفسك من هؤلاء؛ فقال سماحة الشيخ رحمه الله: أنا الذي وضعت الطعام لهم ، وهم جاءوا إليَّ ، وراحتي بالأكل معهم ، والرسول"كان يأكل مع أصحابه ومع الفقراء حتى مات ، ولي فيه أسوة ، وسوف أستمر على هذا إلى أن أموت ، والذي لا يتحمل ولا يرغب الجلوس معهم نسامحه ، ويذهب إلى غيرنا.

أمل محمد 09-21-2010 05:33 AM

موقف الشيخ مع مصرف السبيعي

كان من عادة سماحته أنه يتعامل مع مصرف السبيعي ، وإذا كُتِب له عن مسجد ، أو مشروع خيري أنه يحتاج إلى التكميل بمبلغ مائة ألف ، أو خمسين ألفاً أو أكثر أو أقل - كتب لمصرف السبيعي ، وأمر بدفع المبلغ المطلوب ، ثم إن المصرف يصرف ما يأمر به سماحة الشيخ.
وفي يوم من الأيام اجتمع مبلغ كبير على سماحة الشيخ قدره ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف ريال؛ فأرسل المصرف كشفاً بالمبلغ المذكور ، وقالوا: أحببنا إخباركم بالمطلوب ، وإلا فنحن لن نتوقف عن صرف أي مبلغ يأمر به سماحته.
فقال بعض الموظفين: يا سماحة الشيخ ! توقف عن التحويل على السبيعي؛ فالحساب مدين بما ترى.
فضحك سماحة الشيخ ، وقال: أبشروا بالخير.
فكُتب لخادم الحرمين - الملك فهد - حفظه الله - بذلك ، فأمر بدفع المبلغ المذكور ، فلما علم الشيخ بذلك قال: ألم أخبركم بأن فرج الله قريب

أمل محمد 09-21-2010 05:34 AM

موقع الشيخ مع الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن بجامع الفريان

في عام 1406هـ حضر سماحة الشيخ رحمه الله حفل الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم المقام في جامع الفريان بالرياض.
وفي ضمن فقرات الحفل ، كان هناك حديث لرئيس الجماعة؛ صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن الفريان - حفظه الله - وبعد أن استعرض جهود الجماعة وميزانيتها - أشار إلى أن الجمعية في تلك السنة تحتاج إلى دعم ، وأن مواردها ضعيفه ، وأنهم بحاجة إلى سبعين مدرساً للقرآن ، ولكن ليس لديهم رواتب لهؤلاء.
فما كان من سماحة الشيخ عبدالعزيز رحمه الله إلا أن قال بأريحيته المعروفة ، ونفسه الكريمة ، وثقته بربه - عز وجل - : اتفقوا معهم على حسابي.

أمل محمد 09-21-2010 05:34 AM

الشيخ ومشروع لأحد المؤسسات الخيرية

كان سماحة الشيخ رحمه الله في مجلسه في الرياض، وكان ضمن الحاضرين فضيلة الشيخ عقيل العقيل، رئيس مؤسسة الحرمين الخيرية، فقال الشيخ عقيل -حفظه الله -: يا سماحة الشيخ ! عندنا مشروع دعوي ضخم في بلد كذا و - كذا، ولا نستطيع إيجاد نفقته؛ فما رأي سماحتكم ؟
فقال سماحة الشيخ: اكتبوا لنا ماترونه، واعرضوه على مجموعة من المؤسسات، واتفقوا مع أقلهم عرضاً.
فقال الشيخ عقيل: إن المبلغ كبير جداً يا سماحة الشيخ .
فقال سماحة الشيخ: ولو كان.
فقال الشيخ عقيل: إنه فوق ما تتصورون يا سماحة الشيخ .
فقال سماحته: كم المبلغ ؟
فقال الشيخ عقيل: سبعة ملايين ريال .
فقال سماحة الشيخ: ولو كان عشرة ملايين؛ ييسرها الله !!

أمل محمد 09-21-2010 05:35 AM

مواقف متنوعة من كتاب جوانب من سيرة الإمام

أذكر أن رجلاً قدم من الاتحاد السوفيتي بعد تفكك الشيوعية، فلما دخل على سماحة الشيخ سأل عنه، فقلت له: ها هو سماحة الشيخ سَلِّم عليه، فتردد قليلاً، فقلت له: أقدم، وسلم، سماحة الشيخ من أيسر الناس، فقال: لا أجرؤ على السلام عليه، فحاولت به مراراً حتى سلم على سماحته.

في يوم من الأيام وقبل وفاته بثلاثين عاماً حضر إلى مسجد؛ ليلقي فيه محاضرة، فلما شَعُر بأن المسجد مفروش بالحصير، وأن سجادةً قد وضعت له خاصة طواها بنفسه، وطرحها جانباً؛ لأنه لا يريد أن يتميز عن غيره.

ومن ذلك أن السيارة الممنوحة له ولأمثاله من قبل الدولة إذا انتهت مدتها، وأرادوا تغييرها بأحدث منها قال: وما عِلَّتُها فيقال له: انتهت مدتها؛ فماذا تريدون بدلاً عنها يا سماحة الشيخ ؟ فيَسْأَل: وما أنواع السيارات ؟ فيذكر له الكاديلاك، والمرسيدس، والفورد، والبيوك، وغيرها فيقول: والكابرس ؟ فيقال له: لا يليق بمقامك، فيقول: لماذا ؟ أليس القبر واحداً ؟!

طُلب من سماحة الشيخ تغيير أثاث بيته في مكة أكثر من مرة، وهو لا يستجيب، ويقول: لنا في هذا البيت ستة عشرة سنة، ولا ندري ماذا بقي من أعمارنا!.
ولما كثر عليه الإلحاح، وقيل له: إن أثاث المجلس غير صالح، وغير مناسب، وإن تغييره ضروري توقف كثيراً. وبعد إلحاح شديد أمر بتشكيل لجنة خماسية ذكرهم، وقال: اجتمعوا، واكتبوا ما ترونه، وحصل ذلك، وتم إصلاح ما يحتاج إلى إصلاح، وذلك في آخر أيامه رحمه الله .

وفي بيته الذي في الرياض دعت الحاجة إلى إيجاد بعض الغرف، فقلت له يا شيخ ! البيوت المعروضة للبيع في هذا الحي كثيرة، وأرى أن يشترى بيتٌ يكون لبعض العمالة الموجودة لديكم، وللضيوف، فتغير وجه سماحته، وقال: نحن مسافرون !!.
يعني السفر إلى الدار الآخرة.

ومن صور تواضُعِهِ تواضُعُهُ للمرأة والمسكين والسائل، وأذكر قبل ثلاثين سنة من وفاته أنني رأيته خارجاً من المسجد الجامع، فقيل له هناك امرأة تريد إجابة عن أسئلتها، فما كان منه إلا أن اتكأ على عصاه، وأصغى لها، وأجاب عن أسئلتها حتى انصرفت. !

ومن ذلك أنه في عام 1402هـ لما أصيب بمرض في القلب، ولازم الفراش في المستشفى التخصصي عدة أيام، وأجريت له الفحوصات اللازمة_أوصاه الأطباء بتناول بعض الأشياء، ومنعوه من بعضها ككثير الدهن، والملح، ثم وضعوا له طعاماً خاصاً.
فلما علم بذلك أبى، وقال: الذي يوضع لغيري يوضع لي، وما يحصل إلا الخير !.

وفي عرفة في حج عام 1418هـ كان جالساً في المصلى، ومئات الناس حوله، فجيء له بفاكهة مقطعة؛ لأن عادته في المشاعر في الحج أنه لا يأكل في الغالب إلا الفاكهة، والتمر، واللبن.
فلما وضع أمامه قال: أكُلُّ الحاضرين وضع لهم مثل هذا ؟
قالوا: لا، فقال: أبعدوه، وغضب.

حدثني بعض من عاش معه في الدلم لما كان قاضياً فيها أنه يهدى إليه من بعض جيرانه لبن فيقول سماحته: إن كان كثيراً فقدموه للضيوف، وإن كان قليلاً فلا أريد منه شيئاً.


وفي عام 1402هـ كان يلقي درساً في الحرم، فسئل: هل الأنثى مثل الذكر يحلق رأسها، ويوزن، ويُتصَدق بوزنه ورقاً ؟
فأجاب رحمه الله بقوله: ما عندي علم أَسْأَلُ إخواني طلبة العلم، وأخبركم إن شاء الله.

وأذكر أنه في يوم من الأيام اتصل شاب صغير بسماحة الشيخ، وقال: يا سماحة الشيخ ! الناس بأشد الحاجة إلى علماء يُفتُونهم، وأقترح على سماحتكم أن تجعلوا في كل مدينة مفتياً؛ ليسهل الاتصال.
فقال له سماحة الشيخ: ما شاء الله، أصلحك الله، كم عمرك ؟ فقال: ثلاثة عشر عاماً.
فقال لي سماحة الشيخ: هذا اقتراح طيب، يستحق الدراسة، اكتب إلى الأمين العام لهيئة كبار العلماء بهذا، فكتبتُ ما أملى به، ومما جاء في كتابه: أما بعد فقد اتصل بي بعض الناصحين، وقال: إنه يقترح وضع مفتين في كل بلد، ونرى عرضه على اللجنة الدائمة؛ لنتبادل الرأي في الموضوع.


ومما يذكر في هذا الصدد أن صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور محمد تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله وهو يكبر سماحة الشيخ بسنوات_قال قصيدة طويلة ماتعة في سماحة الشيخ رحمه الله .
وبعد أن نُشِرت تلك القصيدة في مجلة الجامعة السلفية في الهند كتب سماحته تعقيباً على تلك القصيدة مبدياً تكدره وامتعاضه؛ فإليكم القصيدة أولاً، ثم تعقيب سماحة الشيخ.
يقول الشيخ الدكتور الهلالي رحمه الله في أول شهر شعبان 1397هـ:
خليلي عُوْجَابي لنغتنمَ الأجرا
على آل باز إنهم بالعلى أحرى

فما منهمو إلا كريم وماجدٌ
تراه إذا ما زرته في الندى بحرا

فعالمهم جَلَّى بعلم وحكمةٍ
وفارسهم أولى عداة الهدى قهرا

فسل عنهمُ القاموسَ والكتُبَ التي
بعلم حديث المصطفى قد سمت قدرا

أعُمُّهموا مدحاً وإني مقصرٌ
وأختص من حاز المعالي والفخرا

أمامَ الهدى عبدَالعزيز الذي بدا
بعلم وأخلاق أمام الورى بدرا

تراه إذا ما جئته متهللاً
ينيلك ترحيباً ويمنحك البِشْرى

وأما قِرى الأضيافِ فهو إمامُه
فحاتم لم يتْرك له في الورى ذكرا

حليمٌ عن الجاني إذا فاه بالخنا
ولو شاء أرداه وجلله خُسرا

يقابل بالعفو المسيء تكرماً
ويبدل بالحسنى مساءته غُفرا

وزهده في الدنيا لو آن ابن أدهم
رآه ارتأى فيه المشقة والعسرا

وكم رامت الدنيا تحلُّ فؤاده
فأبدلها نُكْراً وأوسعها هَجْرا

فقالت له: دعني بكفِّك إنني
بقلبك لم أطمع فحسبي به وَكْرا

خطيب بليغ دون أدنى تلعثم
ومن دون لحن حين يكتب أو يقرا

بعَصْرٍ يرى قُراؤه اللحنَ واجباً
عليهم ومحتوماً ولو قرأوا سطرا

بتفسير قرآنٍ وسنة أحمدٍ
يُعمِّر أوقاتا وينشرها درّا

وينصر مظلوماً ويسعف طالباً
بحاجاته ما إن يخيِّب مضطرا

قضى في القضا دهراً فكان شُريحَه
بخرج أزال الظلم والحيف والقسرا

وكليةَ التشريعِ قد كان قُطْبَها
فأفعمها علماً فنال به شكرا

وجامعة الإسلام أطلع شمسَها
فَعَمَّت به أنوارُها السَّهْلَ والرعرا

تيمّمَها الطلابُ من كل وُجْهَةٍ
ونالوا بها علماً وكان لهم ذخرا

فمن كان منهم ذا خداع فخاسر
ومن كان منهم مخلصاً فله البشرى

ولم أر في هذا الزمان نظيره
وآتاك شيخاً صالحاً عالماً بَرَّا

وأصبح في الإفتا إماماً مُحَقِّقَاً
بعلم وأخلاق بدا عَرْفُها نَشْرا

وأما بحوث العلم فهو طبيبُها
مشاكله العسرى به أُبدلت يسرا

ويعرف معروفاً وينكر منكراً
ولم يخش في الإنكار زيداً ولا عمرا

وما زال في الدعوى سراجاً منوِّراً
دُجَى الجهل والإشراك يدحره دحرا

بدعوته أضحت جموعٌ كثيرةٌ
تحقق دين الحق تنصره نصرا

ألم نره في موسم الحج قائماً
كيعسوب نحلٍ والحشودُ له تترا

وما زال في التوحيد بدر كماله
يحققه للسامعين وللقُرا

ويثبت للرحمن كل صفاته
على رغم جهمي يعطلها جهرا

ويعلن حرباً ليس فيه هوادة
على أهل إلحاد ومن عبدالقبرا

وما قلت هذا رغبة أو تملقاً
ولكن قلبي بالذي قلته أدرى


فيارب مَتِّعْنَا بطول حياته
وحفظاً له من كل ما ساء أو ضرَّا

فلو كان في الدنيا أناس كمثله
بأقطار إسلام بهم تكشف الضرَّا

فيا أيها المَلْكُ المعظم خالدٌ
بإرشاده اعمل تحرز الفتح والنصرا

فقد خصَّه الرحمن باليمن والمنى
وآتاك شخصاً صالحاً عالماً برَّا

فأنت لأهل الكفر والشرك ضيغم

تذيقهموا صاباً وتسقيهموا المُرا

فلا زلت للإسلام تنصر أهله
وتردي بأهل الكفر ترديهموا كسرا

وحبَّبك الرحمنُ للناس كلِّهم
سوى حاسد أو مشرك أضمر الكفرا

وقد أبغض الكفارُ أكرَمَ مُرسلٍ
وإن كان خير الخلق والنعمة الكبرى

عليه صلاة الله ثم سلامه
يدومان في الدنيا وفي النشأة الأخرى


كذا الآل والصحب الأجلاء مابكت بكت
مطوقةٌ ورقاءُ في دوحة خضرا


وما طاف بالبيت العتيق تقرباً
حجيج يُرَجُّون المثوبة والأجرا

وما قال مشتاق وقد بان إلفه
خليلي عوجا بي لنغتنم الأجرا

فيا أيها الأستاذ خذها ظعينةً
مقنعةً شعثاء تلتمس العذرا

فقابلْ جفاها بالقبول وأولها
من العفو جلباباً يكون لها سترا

وبعد أن نشرت تلك القصيدة في مجلة الجامعة السلفية في بنارس_الهند_أرسل سماحة الشيخ عبدالعزيز رحمه الله في 23/3/1398هـ تعقيباً إليك نصه:
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ عبدالوحيد الرحماني مدير مجلة الجامعة السلفية في بنارس_وفقه الله للخير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد اطلعت على قصيدة نُشرت في العدد التاسع من مجلتكم لفضيلة الدكتور تقي الدين الهلالي تتضمن الغلو في المدح لي، ولعموم قبيلتي، وقد كدرتني كثيراً، فرأيت أن أكتب تنبيهاً للقراء، باستنكاري لذلك وعدم رضائي به.
وإليك ما كتبت برفقه راجياً المبادرة بنشره في أول عدد يصدر في المجلة.
أثابكم الله وشكر سعيكم.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة، والدعوة والإرشاد

وإليكم أيها القارئ نَصَّ ذلك التنبيه:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه.
أما بعد فقد اطلعت على قصيدة نشرت في العدد التاسع من مجلة الجامعة السلفية في بنارس_الهند_لفضيلة الدكتور تقي الدين الهلالي، وقد كدرتني كثيراً، وأسفت أن تصدر من مثله، وذلك لما تضمنته من الغلو في المدح لي ولعموم قبيلتي، وتَنَقُّصِه للزاهد المشهور إبراهيم بن أدهم رحمه الله وتفضيلي عليه في الزهد، وعلى حاتم في الكرم، وتسويتي بشريح في القضاء إلى غير ذلك من المدح المذموم الذي أمر الرسول"بحثي التراب في وجوه من يستعمله.
وإني أبرأ إلى الله من الرضا بذلك، ويعلم الله كراهيتي له، وامتعاضي من القصيدة لما سمعت فيها ما سمعت.
وإني أنصح فضيلته من العَوْد إلى مثل ذلك، وأن يستغفر الله مما صدر منه، ونسأل الله أن يحفظنا وإياه وسائر إخواننا من زلات اللسان، ووساوس الشيطان، وأن يعاملنا جميعاً بعفوه، ورحمته، وأن يختم للجميع بالخاتمة الحسنة؛ إنه خير مسؤول.
ولإعلان الحقيقة وإشعار من اطلع على ذلك بعدم رضائي بالمدح المذكور جرى نشره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العملية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


مرة أرسل إليه أحد المسؤولين_جزاه الله خيراً_مبلغاً كبيراً، وقال: هذه هدية مني لسماحتكم فأخذه، ورأيت في وجهه الكراهة، وعجبت من أخذه إياه؛ إذ ليس ذلك من عادته؛ فشرع يوزع من ذلك المبلغ.
ولما كان الغد قال لي: اتصل بفلان_وهو يعمل عند ذاك المسؤول الذي أهدى المبلغ_وقل له يأتي؛ لأنني كرهت هذا المبلغ.
فلما اتصلت به، وأخبرته جاء إلى سماحة الشيخ فقال له سماحته: بلِّغ فلاناً شكري ودعائي له، وأخبره أنني بخير، ولست بحاجة إلى ذلك المبلغ، وقل له: إن كان يسمح بتوزيعه بين خواص الفقراء فلا بأس، وإلا أعطيناه المبلغ؛ وجزاه الله خيراً.
فلما وصل الخبر إلى المسؤول الذي أهدى المبلغ أذن بتوزيعه على نظر سماحته.

وقبل قرابة عشرين عاماً من وفاة سماحته لما انتهى بناءُ بيته الذي في الطائف أرسل إليه مسؤول كبير_جزاه الله خيراً_مبلغاً وقال هذه هدية مني لسماحتكم؛ لتأثيث المنزل.
فرده سماحته، وقال: نحن بخير، ولا نحتاج إلى شيء؛ وجزاك الله خيراً.
وأنا أعلم أن سماحته مدين، وأنه بحاجة، ولكنه غني القلب، عزيز النفس، لا ينظر إلى ما في أيدي الناس.

وقبل ما يقارب ثلاثين عاماً من وفاة سماحته هَمَّ ببيع بيته لما كثرت ديونه؛ فعلم بذلك بعض المسؤولين، وأرسل إليه بعض المال، وقال: بلغني أنك تريد بيع بيتك بسبب ضيق ما في يدك، وهذا مما كدرني؛ فآمل قبول هديتي، والإذن لي بإبلاغ جلالة الملك في هذا الشأن.
فأجابه سماحة الشيخ بالشكر والدعاء، وقال له: ما سمعتم من الحاجة صحيح كما لا يخفى من كثرة الضيوف والمحتاجين في الرياض والمدينة، ولكن لا أسمح بإبلاغ الملك، وشكره ودعا له دعاءً كثيراً.


ولما عاد سماحة الشيخ إلى منزله أُخبر الملك فيصل بأن الشيخ جاء بسيارة أجرة، فتكدر الملك كثيراً، وأرسل إلى سماحة الشيخ سيارة، وأخبره بتكدره.
ولما أخبر سماحة الشيخ بذلك قال: ردوها، لا حاجة لنا بها، سيارتنا تكفينا.
يقول الشيخ إبراهيم: فقلت: يا سماحة الشيخ هذه من الملك، وأنت تستحقها، فأنت تقوم بعمل عظيم، ومصلحة عامة، والذي أرسلها ولي الأمر، وإذا رددتها ستكون في نفسه، والذي أراه أن تقبلها.
فقال سماحة الشيخ: دعني أصلي الاستخارة، فصلى، وبعد الصلاة قال: لا بأس نأخذها، وكتب للملك ودعا له.


كتب سماحة الشيخ رحمه الله مقالاً بعنوان خطر مشاركة المرأة للرجل في عمله+ وذلك لمجلة منار الإسلام الصادرة عن وزارة العدل والشؤون الإسلامية في دولة الأمارات العربية المتحدة.
وبعد أن نشر المقال أرسلوا كتاباً إلى سماحة الشيخ ضمنوه شكرهم، وشفعوه بشيك مقابل تلك المشاركة، فأرسل إليهم سماحة الشيخ رداً وذلك برقم 2/1 بتاريخ 11/1/1399هـ، وإليك رد سماحته رحمه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم مدير مجلة المنار وفقه الله آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فأعيد لكم كتابكم برقم 183م في 27/11/1398هـ ومشفوعه الشيك رقم 110262 بالمبلغ الذي جعلتموه مكافأة لنا فيما ننشره من مقال في الحق، وأخبركم أنه ليس من عادتنا أخذ مكافأة على ما ننشره من المقالات في الدعوة إلى الحق، أرجو مسامحتنا في ذلك.
شكر الله سعيكم، وبارك في أعمالكم، وأعانكم على كل خير؛ إنه خير مسؤول.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

وأذكر أن أحد المسؤولين الكبار عرض على سماحته الخروج للنزهة في وقت الربيع، فقال سماحة الشيخ: أنا لا أرغب الخروج، وليس من عادتي.
فقال له المسؤول: النفس تحتاج إلى الراحة، وتغيير الجو، وشم الهواء.
فقال سماحة الشيخ_ممازحاً_: الذي يرغب تغيير الجو، وشم الهواء النظيف يخرج إلى السطح ويكفيه ذلك.

ومما يحضرني من القصص في هذا القبيل ما ذكره الشيخ عبدالرحمن ابن دايل_وهو من قدامى كتاب سماحة الشيخ وعمره قريب من عمر سماحة الشيخ، فهو من مواليد 1332هـ تقريباً، وقد عاش مع سماحته ما يقارب أربعين سنة؛ يقول: كنا في المدينة إبَّان عمل سماحته في الجامعة الإسلامية، وذات يوم سافر سماحته إلى قرية بدر التي تقع على الطريق بين جده والمدينة على الطريق القديم، حيث ذهب لمهمة دعوة يلقي خلالها محاضرة وكنت أنا والشيخ ابراهيم بن عبدالرحمن الحصين رحمه الله معه في السيارة؛ فلما بدأ سيرنا ودعا سماحته بدعاء السفر التفت رحمه الله وقال: توكلوا على الله، يعني ابدؤا بقراءة المعاملات، فقلنا: يا شيخ_غفر الله لك_نحن دائماً نقرأ، ولا نتمكن من الخروج خارج المدينة، وهذه هي فرصتنا؛ دعنا نستمتع بالرحلة، وننظر إلى الجبال والأودية، ونتفكر في مخلوقات الله.
فضحك سماحته وقال: اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا فيمن هديت؛ ليقرأ الشيخ إبراهيم، وأنت تفكر في مخلوقات الله كما تقول، وبعد أن ينتهي الشيخ إبراهيم، أملي عليك، وينظر الشيخ إبراهيم ويتفكر وقت الإملاء، وهكذا.
وذات مرة جاءه مطلِّق فقال له: ما اسمك ؟ قال: ذيب، قال: وما اسم زوجتك قال: ذيبة؛ فقال سماحته مداعباً: أسأل الله العافية ! أنت ذيب، وهي ذيبة، كيف يعيش بينكما أولاد ؟
ومن النماذج على دعابة سماحة الشيخ أنه كان قبل وفاته بعام واحد مدعواً عندي، بمناسبة سكناي بيتي الجديد، وكان المجلس مليئاً بالمشايخ وطلاب العلم، وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبدالعزيز رحمه الله وصاحب الفضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين، وصاحب الفضيلة الشيخ عبدالله الفنتوخ، وصاحب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز السدحان وجمع من المشايخ من الزلفي.
وكان سماحة الشيخ يعمر المجلس بالفوائد، والإجابة على الأسئلة، وحصل أنَّ حديثاً طويلاً دار حول الرقية، وتلبس الجني بالأنسي.
ومما دار في ذلك المجلس أن الشيخ عبدالعزيز السدحان ذكر أنه ورد في ترجمة أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله أنه رقى رجلاً فيه مس من الجن، فتكلمت على لسانه جنية، فقالت لأحمد بن نصر: يا شيخ لن أخرج من هذا الرجل حتى يدع القول بخلق القرآن.
فتبسم سماحته رحمه الله وقال: ما شاء الله، هذه جنية سنية، هذه من أهل السنة والجماعة.

في مرضه الأخير، وقبل وفاته بمدة يسيرة جداً توفي رجل من أهل الرياض اسمه سليمان الغنيم، وكان هذا الرجل مُسِنَّاً، محسناً، صالحاً، محباً لسماحة الشيخ، وله مكانة عند الشيخ؛ فاتصل أحد أبناء ذلك الرجل بسماحة الشيخ وقال: إن أبي قد توفي، ونأمل أن تُصَلُّوا عليه، وتحضروا جنازته، فقال الشيخ: إن شاء الله نفعل.
وبعد ذلك بقليل جاءه خبر وفاة الشيخ صالح بن غصون رحمه الله فذهب للصلاة على جنازة ابن غصون مع أن سماحته كان تحت وطأة مرضه الأخير، وكان متعباً جداً، وقد سقط في السيارة على من بجانبه، وتقيأ وهو في الطريق.
وبعد أن صلى على جنازة الشيخ ابن غصون رحمه الله وذهب لتعزية أهله، لم ينس الرجل المذكور الذي توفي في ذلك اليوم؛ بل ذهب إلى قبره وهو على تلك الحال من الإعياء، وصلى عليه بعد العصر، وبعد المغرب ذهب إلى أهل المتوفى، وعزاهم وصبَّرهم !!



طود العلم والتقوى

لقد كان – رحمه الله – طوداً شامخاً في العلم والزهد والتقوى ، وحب الخير للناس ، له في كل ميدان من ميادين العمل الصالح يد تذكر فتشكر ، نمط فريد من أنماط العلماء العاملين الصالحين يذكر الإنسان بأئمة علماء السلف ، الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، ورثوا علم النبوة ، تحملوا الأمانة ، وجاهدوا في أدائها على خير ما يكون الجهاد ، نذروا أنفسهم لنشر دين الإسلام والدعوة إليه والذب عنه ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقامت الحجة بهم على الناس ، ورأى الناس فيهم من الصفات والعزم والحزم والتقوى ، في والعمل الصالح ابتغاء مرضاة الله ، ما ثبت الدين في النفوس والمجتمعات ، وأبرز خيرية أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي أخبر الله تبارك وتعالى عنها بقوله :" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " .
كانت الدعوة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والصبر على ذلك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ديدنهم إتباعا لقول الله تعالى: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ".
عرفت سماحته منذ خمسة وأربعين عاماً ، تتلمذت عليه ، واستفدت من نصحه وتوجيهه ، وقويت صلتي عندما توليت إدارة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ،فكان – رحمه الله – حريصا على الجامعة ورجالها ، يسأل عنها وعن مشروعاتها ويحضر مناسباتها ، وقل أن يعقد مؤتمر أو ندوة فيها إلا وهو في مقدمة الحاضرين والموجهين والمعينين .
وبعد انتقالي منها إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، كان شديد الصلة بالدعوة والدعاة ، يسأل عنهم ويعينهم ، ويسعى لحل مشكلاتهم ، يهتم بالمساجد والأئمة والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن ، ولا أذكر أني طلبت منه رأياً أو عوناً أو إسهاماً في مجال خير ينفع الناس ، ويسهم في ربطهم بالكتاب والسنة إلا وكان مستجيباً بما يستطيع ناصحاً ، مخلصاً فجزاه الله أحسن الجزاء وأكرمه لقاء ما قام به في سبيل الإسلام والمسلمين .

الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
في المملكة العربية السعودية
مقتطف من كلمة معالي الدكتور عبد الله التركي المنشورة في جريدة عكاظ السعودية

أمل محمد 09-21-2010 05:35 AM

عمل دائب لإعلاء كلمة الله

تلقينا نعي سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله تعالى- وأسكنه فسيح جناته ، فقد كان رحمه الله من أعز إخواننا وأكرم زملائنا في دروب الدعوة إلى الله ، وكان لي معه صحبة وصداقة منذ أربعين سنة أو أكثر ، في جلسات رابطة العالم الإسلامي والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ومناسبات مختلفة ، وكلما لقيته وجدت فيه روحاً جياشة ومعنوية عظيمة لإعلاء كلمة الله في مشارق الأرض ومغاربها .
ونحن فقدنا بوفاته أعظم شخصية دينية في عيني، نسأل الله – عز أسمه – أن يتغمده برحمته ويجازيه بأحسن ما جازى به أعلام المسلمين وكبار الصالحين ورجال العلم والدين.
وقد كان رحمه الله وحدة في العمل الدائب والإخلاص وإنكار الذات وكان عونا كبيرا لطلبة العلم والمنتسبين إلى العلوم الشرعية في حقل الدعوة .
ولي ذكريات طيبة عن لقاءاته عن لقاءاته المتكررة فقد تلقيت ترحاباً كلما زرته .
أملي هذه السطور وأنا على فراش المرض، إلا أكثرت في العرض عما تكنه نفسي تجاه الفقيد العظيم، وأسأل الله أن يلهمنا الصبر والسلوان، وعظم الله أجرنا جميعا.
سماحة الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي
لكنو – الهند

أمل محمد 09-21-2010 05:35 AM

كان يدعو للجهاد في مواجهة إسرائيل

إن العلامة ابن باز – رحمه الله – هو فقيد العالم الإسلامي كافة ، له موافقة الجهادية في ميادين العلم والدعوة الإسلامية الحقة ، والوقوف موقف المدافع القوي عن الإسلام والمسلمين في كافة المواقع التي شغلها ، حيث سخرها لخدمة الإسلام والعقيدة الإسلامية ، وبهذا الصدد له موقف ثابت في الحفاظ على الكتاب والسنة والدفاع عن العقيدة الإسلامية لتبقى نقية أصيلة بعيدة عن محاولات التشويه .
كان لقائي معه في موسم الحج من العام المنصرم 1419هـ / 1998م في أرض الحجاز ،حيث كان – رحمه الله – ترحيبه بنا حاراً ، وحديثنا معه مشرقاً ، حيث تحدثنا في أمور كثيرة ، وكان محور حديثه متوجه حول الحفاظ على وحده الشعب الفلسطيني والوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على المتربصين لوحدة شعبنا الفلسطيني والمتآمرين على قضيته محذراً من التفسخ والانقسام ، مذكراً بالهدف الواحد القائم على أساس إعلاء كلمة الحق وكلمة الدين .
وقد كان اعتبار أن أرض فلسطين أرض وقف إسلامي ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التنازل عنها ، أو التفريط بها ، وكان – رحمه الله – دائم الدعوة لمسلمي العالم أجمع للجهاد في سبيل الله لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي ومحاربة الصهيونية أينما حلت ووجدت .
الشيخ أحمد ياسين رحمه الله
مؤسس حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) غزة – فلسطين

أمل محمد 09-21-2010 05:36 AM

سباق إلى الخير

عرفت الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز عام 1381هـ لأني كنت ضمن وفد دعي للمساهمة في تكوين رابطة العالم الإسلامي وكان رئيسها في ذلك الوقت الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية وهو رئيس الرابطة ونائبه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، وأيضا يوم أن كان مديراً للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة بعد إنشائها وكان مقره في ذلك التاريخ في المدينة ثم أصبحت صلته بي صلة قوية يدعوني باسم الجماعة للمؤتمرات التي كان يعقدها في الجامعة من وقت لآخر ، ثم لما انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد أصبحنا بالنسبة له طلبة ودعاة يدعونا في المواسم في رمضان وفي الحج لنلقي دروسا ومحاضرات في المساجد .
وأخيرا حدد لنا ثلاثة كراسي في الحرم المكي في الحج ومثلها في المدينة بعد الحج نلقي توجيها للحجاج وهكذا ظل الأمر يستمر بنفس الحالة سنين عدة ، وكنا نقدم له توصيات لطلبة حازوا الشهادة السودانية لقبلوهم في جامعة المدينة مدة رئاسته لها وما كان يرد لنا طلبا فالدفعات الأوائل من خريجي جامعة المدينة السودانيين كانوا عند حسن ظننا بهم ، الأوائل في جميع المراحل مما جعل الشيخ يحبهم ويحب السودان من أجلهم ، ولا يرد طلبا يصله منا ، ولما جلس في رئاسة البحوث بالرياض وأصبح يأتي إلى مكة في رمضان وفي موسم الحج كنا نعمر وقتنا بالجلوس إلى حلقاته نتزود من علمه ومن سلوكه ومن صبره ومن حضور ذهنه وكنا نعجب أنه لا ينسى أسماءنا لأننا نغيب عنه عشرة شهور تزيد أو تنقص قليلا وكلما حضرنا وجدناه برحب بنا بأسمائنا ويسأل عن كل فرد زاره معنا وهذا يدل أن الله تبارك وتعالى مده بمواهب كثيرة وخصائص لا أقول حصرت فيه ولكن كانت من مميزات شخصيته القلة ، ثم من الملاحظات العجيبة أنه لا يحدد زمنا للعمل إنما كان وقته جميعا للعمل يفتي الساعات الطوال بالنهار وعلى مائدة الطعام لا ينفك الهاتف من أذنه عن المستفتين رجالا ونساء داخل المملكة وخارجها ، أيضا بعد أن يتناول طعام الغداء يجلس في صالون الجلوس وهو ساحة فسيحة للعمل حتى يؤذن العصر ، ونذهب نحن منه إلى منازلنا ونعلم أنه في مدع نومه تلاحقه الاستفتاءات بالتليفون يرد عليها بحنان الأبوة وصداقة الصديق وعطف الأخ علي أخيه ولا يعتذر ولا يتبرم مهما كان السائل يلح في الأسئلة والاستفسارات .
ثم في الحياة العامة ونحن في السودان ويعتقد السودانيون في بلادنا أننا من أحب الناس إلى المملكة حكاما ومحكومين يظنون أن ينالوا العلاج من المرض والثراء لمعدمين من المملكة عن ريقنا ولا نبخل بالتوصية ولكنها محدودة من أشخاصنا ننتهي عند سماحة الشيخ بن باز إن كان للعلاج فالمريض يقصد لخادم الحرمين الشريفين أو لولي العهد أو النائب الثاني ودورنا أن نرفع مع الطلب رجاء لسماحة الشيخ – رحمه الله – تعريفا بحال المريض وموقفه المادي وحال المحتاج وضرورته ونرجوا منه أن يعزز رجاءنا هذا بتوصية لخادم الحرمين الشريفين أو ولي العهد أو النائب الثاني ليحقق للطالب طلبه فما رد طلبا أبدا لمرضى وسد حاجة محتاجين ، في طوال الخمس والثلاثين سنة التي عشت فيها بصلة معه ثم ظاهرة أخرى ما رأيت مائدة الشيخ في أي وجبة من الواجبات إلا وهي مكونه من عدة سفر قد ترتفع إلى عشرة سفر كل الجالسين عليها يمثلون العالم الإسلامي بأكمله أفريقيين وأسيويين وأوروبيين ، طوال هذه المدة وفي أوقات الوجبات المختلفة ولا يتمايز عليهم بطعام خاص إنما يكون فردا ضمن آخرين على مائدة واحدة .
أما عن فوائد سماحته – رحمه الله – للسودان فقد بعث للسودان عدة دعاة من حملة الشهادات بعضهم وفق الميزانية الرسمية وجلهم على مكتب المنزل وهو خارج ميزانية الدولة وقد يقول مساعدوه إن السودان أخذ كفايته من الدعاة ويكون رده أن السودان مليون ميل مربع وكل ميل من هذه الأميال في حاجة إلى داعية ولذلك نرى المجتمعات التي فيها الدعاة المبعوثين من سماحة الشيخ ومنهم السوداني والإريتري التي يسكن السودان كل أماكنهم أصبحت مستنيرة في فهم دينها وتطبيق شعائره وفق السنة المطهرة .
الشيخ محمد هاشم الهدية
رئيس عام جماعة أنصار السنة المحمدية – السودان

أمل محمد 09-21-2010 05:36 AM

صمام الأمان

كان صمام أمان في المجتمع الإسلامي جبل من جبال العلم هوى، فنعزي أنفسنا والمسلمين ونسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يجعله مع الصديقين والصالحين.
أعتقد أن الشيخ ابن باز كان صمام أمان بين أبناء المجتمع يضبط الفتوى ويثق الناس في فتواه حيث كان يبتغي بفتواه وجه الله – لا ينحاز إلى فئة أو دولة أو طائفة أو هوى ، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحد وكان – رحمه الله – إذا حضر مؤتمرا كان النجم اللامع الذي يقود دفة سير المناقشات في تلك المؤتمرات بعلم وحكمة وسداد رأي .
ومن مواقفه أنه بالرغم من أن الشيخ عبد العزيز كان له موقف من بعض الآراء حول دوران الأرض وكروبيتها إلا أنني ناقشته في ذلك وبينت له أن الذين كانوا يقولون بأن الأرض تدور والشمس ثابتة قد تراجعوا عن قولهم ذلك وقالوا الأرض تدور والشمس تجري ، فالموقف الشديد الذي كنتم تقفونه من يعارض ظاهر الآية وهي قوله تعالى " والشمس تجري " ولا مبرر له بعد قولهم أن الشمس تجري وأنها ليست ثابتة فقال الشيخ : " إذا كان الأمر هكذا فهين " فأخبرت بذلك الجمهور في محاضرة لي في السعودية ، فشكاني بعض السامعين إليه وقالوا :" – يا شيخ – الزنداني يتقول عليك ويقول أنك قلت :" أن الأمر هين " فقال لهم : إذا كان ذلك فقد صدق .
وكان – رحمه الله – من المحتسبين لهيئة الإعجاز العلمي والداعمين لها وكان ينتدبني للإصلاح بين المجاهدين الأفغان " ولما سمع أننا قمنا بإنشاء جامعة الإيمان أرسل إلينا رسالة يشجعنا فيها على المضي في ذلك ويقول أنه يسعده أن يعاون ويدعم الجامعة .
ومن أبرز صفاته أنه كان عالما وثيق الصلة بالعلم وكثير العمل وكثير الذكر والعبادة وهي صفات قل أن تجتمع في رجل، وكان شجاعا في الحق ولكن في أين، لا تأخذه الانفعالات.. تحكمه الشريعة والدليل ولقد ناقشته مع الشيخ عبد الوهاب الديلمي في فتوى أصدرها وتراجع عنها بعد أن أتيناه بالدليل من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب أخرى .
وهو سهل قريب مع البسطاء والمساكين يقضي حاجاتهم ويدافع عنهم ويرعى أسرهم ولكنه لا يتنازل في دينه قيد شعره – نحسبه كذلك - .. وإن وقع – رحمه الله – في أمر في خطأ فإنما مرد ذلك للضعف البشري ولا لسوء القصد ، وكان شديد التمسك بمنهج السلف ، بصيرا بواقع أمته وإماما من أئمة المسلمين .
الشيخ عبد المجيد الزنداني
رئيس جامعة الإيمان – صنعاء – اليمن

أمل محمد 09-21-2010 05:36 AM

لا يجامل أحدا في الحق

لقد اهتز العالم الإسلامي بأفراده وشعوبه بإعلان وفاة العلامة الكبير الشيخ عبد العزيز ابن باز – رحمه الله – وأسكنه في الفردوس الأعلى لاجتماع ثلاثة أسباب في شخصه:
الأول: كثرة خشيته الله تعالى، والتزامه بتقوى الله وورعه في الفتوى، وتميزه بتحري الصواب، ومطابقة شريعة الله تعالى.
الثاني : سعة علمه وإحاطته بمصادر الشريعة ، من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، والتزامه منهج السلف الصالح في الاعتقاد وتطابق القول مع العمل ، مع قوة الذاكرة والحفظ .
الثالث: أخلاقه الكريمة : فكان – رحمه الله – ميز بالتواضع من غير حاجة ولا ضعف ، وباللطف وحسن المعاشرة اللطيفة وتودده للناس وطيب نفسه من غير خبث ولا ضغينة ولا أحقاد ، وبكياسة حكمة ، وجرأة في إعلان الحق ، وإصراره على رضاه الله عزوجل ، فأحبه الناس وعظموه ، وتأدب معه الكبار والصغار والملوك والأمراء والحكام ، وهابه الجميع وكان رجلا مهيبا وذكيا أديبا ، وحكيما في المناسبات المحرجة .
لقد جالست الشيخ – رحمه الله – في مجالس العلم والمؤتمرات ، منذ أكثر من ربع قرن في الرياض ومكة المكرمة ، ومؤتمر الفقة الإسلامي ودورات مجمع الفقة الإسلامي التابع لمنطقة رابطة العالم الإسلامي الذي كان رئيسا أمينا له " ولقراراته التي اشتملت على تحصين أحكام الشريعة القيمة تدقيقها وتجليتها وتيسير معرفتها من غير زيغ ولا انحراف عنها ، أو في أحكام الشرع في كثير من مستجدات العصر ، وكان في الحالتين فارس الميدان ، ويتوقف الحسم في النقاش وصياغة القرار النهائي على رأيه وبحسب ما يطمئن له في دينه ومرضاة ربه ، وكانت جلساته مع كبار علماء المملكة اليومية مثلا رفيعا لتمحيص المسائل ، والإجابة على التساؤلات والاستفتاءات الكثيرة من أرجاء العالم الإسلامي وغير الإسلامي .
وترى الجميع يأنسون برأيه ، ويطمئنون لفتواه ، ويكبرون تخريجاته واستنباطاته وحرصه على إعلان الحق من غير مهابة أحد ولا مجاملة لكبير أو عظيم ، ولا يجرؤ أحد أن يتخطى برأيه وتوجيهه ، ومع ذلك تراه واسع الصدر يقبل النقاش والاعتراض ، ويمحص المسائل حتى ينجلي الحق ويقدح الصواب في ذهنه ، ولا يتسرع في الإفتاء ،عملا بالحديث النبوي " أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار " رحم الله الشيخ ابن باز العالم المفتي رئيس مجلس الإفتاء وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ، وعوض الله الأمة بنظرائه التي يسيرون على دربه ومنهاجه ، ولا يسيرون في هوى حاكم أو عظيم ، حتى تظل شريعة الله مهيمنة على كل شيء وتظل أمانة العلم فوق كل اعتبار ، ويظل الاجتماع على حب عالم جرئ هو الثروة الكبرى ودليل المصداقية والطمأنينة والرضا الإلهي .
الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي
رئيس قسم الفقة الإسلامي ومذاهبه
جامعة دمشق – سوريا

أمل محمد 09-21-2010 05:37 AM

كثير الاهتمام بقضايا المرأة المسلمة

لقد أمضى الشيخ – رحمه الله تعالى – طوال عمره في خدمة الإسلام والمسلمين ، وتعليم الناس الخير ، ودعوتهم إلى منهاج النبوة ، ولا شك أن ما قدمه رحمه الله تعالى يشترك فيه جميع أفراد الأمة رجالا ونساء وعلى كافة المستويات ، ولقد كان للشيخ عليه رحمه الله تعالى اهتمام ظاهر بالمرأة المسلمة وحرص بالغ على توجيهها بما يعود بالنفع لها ولأمتها ، ومما يدل على ذلك .
مشاركته في كثير من المحاضرات المخصصة للنساء على رغم مسؤولياته الكبيرة ومشاغله التي لا تخفى على أحد ، ولقد كان رحمه الله تعالى لا يفوته إذا حاضر في إحدى الجهات النسائية أن يوجه النصيحة ، ويلفت النظر لما يراه من مآخذ وقد سبق أن حضرت له محاضرة في مكان ذكر للشيخ أن فيه محرمات لا ترضي الله فوجه – رحمه الله – نصيحة للقائمات على تلك الجهة ونبه على ما قد سمعه بخطاب رفيع ودعوة بالحسنى كما هو معروف عنه رحمه الله .
الأستاذة نادية عبد الله الكليبي
الرياض – السعودية

أمل محمد 09-21-2010 05:37 AM

مات بقية السلف

مات شيخ العلماء وعالم الأمة وبقية السلف .. مات العالم الرباني والرجل الزاهد والعالم المجاهد .. إنه شيخ الإسلام في عصره وزمانه .. سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. استيقظت صباح الخميس على مكالمة هاتفية من أحد الأخوة الفضلاء فأبلغني بالخير الصاعقة فرددت " إنا لله وإنا إليه راجعون " وترحمت على شيخنا ودعوت له.. حقا إن موت العلماء خسارة كبيرة ومصيبة عظيمة فكيف إذا كان مصاب الأمة في عالم كبير كالشيخ ابن باز لا شك أنه مصاب جلل.
لقد جمع سماحته الكثير من الصفات والمزايا فأحبه الناس كاتب أو متحدث أن يحصي فضائل الشيخ.
كان أنموذجا فريدا للعالم المسلم بكل ما يجب أن يتصف به من الصفات والأخلاق والمزايا.. جمع سماحته العلم والفضل وحسن الخلق وكريم السجايا وسلامة الصدر وطيبة القلب ونقاء السرير وصفاء النفس كان في العلم قمة شامخة وعلما بارزا لا يملك من استمع إليه أو قرأ له سمع عنه إلا أن يقابله بالإجلال والتقدير والاحترام.
كن يحظى رحمه الله باحترام الجميع ففتاواه ودروسه وتوجيهاته كانت موضوع القبول من جميع المسلمين وليس في المملكة فحسب.. أعرف كثيرين من المسلمين من خارج المملكة لا يطمئنون إلا إلى فتاوى سماحته وأذكر أن رجلا من " المغرب الشقيق " حصل بينه وبين زوجته خلاف في مسألة من المسائل وأصرت زوجها أن يتصل بابن باز في " الرياض " لمعرفة الحكم الشرعي في هذه المسألة وبالفعل تم الاتصال بسماحته – يرحمه الله – وأجاب على استفسارهم وما ذلك إلا لاطمئنانهم وثقتهم الكبيرة بسماحته .
هذا من علمه أما عن أخلاقه فحدث ولا حرج كريم بماله وجاهه ووقته.. سعادته في قضاء حوائج الناس وفك كربهم ومساعدهم وتيسير أمورهم .
قلبه الكبير وبيته ومكتبه كلها مفتوحة لاستقبال الناس على مختلف فئاتهم ومستوياتهم ليس في مجلسه لغو أو غريبة أو فضل كلام لا تسمع فيه إلا ذكر الله تسبيح أو تهليل أو تلاوة أو حديث نافع أو موعظة مؤثرة أو توجيه سديد ..
أما طيبة قلبه ونقاء سريرته وسلامة صدره فلا يكاد يختلف عليها اثنان فإذا ما ذكر ابن باز تذكر الناس أبرز صفاته وأجملها " سلامة الصدر " لا يحمل في قلبه إلا الحب والخير والعطف على الناس جميعا.. لا يسمح أن يذكر في مجلسه أحد بسوء فضلا عن أن يسمع منه في أي شخص اتفق معه واختلف إلا الخير.. ولهذا أجمع الناس على حبه وتقديره .. إنه ابن باز الذي اتخذ من السلف الصالح القدوة والأسوة في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته .. إن رحيله خسارة كبيرة ليس لنا في المملكة العربية السعودية بل للأمة الإسلامية قاطبة.
لقد رحل عنا في ظروف نحن أحوج ما نكون فيها إلى عمله وحكمته وآرائه وتوجيهاته ولكن عزاءنا أن سيرته العطرة وعلمه الغزيرة وذكره الطيب.. ستبقى بيننا حية متوقدة كما أن تلاميذه المخلصين وأبنائه البررة سيسرون على منهجه المتسم بالحكمة والتوسط والاعتدال.*
د. إبراهيم بن محمد أبو عبادة
رئيس جهاز التوجيه والإرشاد بالحرس الوطني
المملكة العربية السعودية
مقتطف من كلمته المنشورة في جريدة الرياض السعودية

أمل محمد 09-21-2010 05:37 AM

رقيق القلب كثير البكاء

كان الشيخ – رحمه الله – كثير العبادة ملازما للذكر والأوراد في أوقاتها ، كثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من يراه ويسمع لدروسه يسمعه يكثر من قول سبحان الله كثيرا ومن تريد لا حول ولا قوة إلى بالله العظيم ومن عجيب ما ذكر عليه رحمه الله أن كان إذا غضب يقول لتلميذه أو سائلة : سبح كان – رحمه الله – كثيرا الوصاية بتقوى الله يصدر بها حديثه ودرسه ونصيحته .
والشيخ رحمه الله مع كل ذلك يملك قلبا رقيقا متأثرا بكل ما يسمعه من الآيات والأحاديث النبوية والسيرة النبوية وكذا سيرة الصحابة باكيا لما فيه من الوعيد وهكذا ما أعده الله من النعيم ، وكم من حديث أثار أشجان الشيخ رحمه الله فبكى متأثرا مما ورد فيه ، من ذلك أنه بكى عند قصة تخلف كعب بن مالك رضي الله عنه عن غزوة تبوك ، وبكى عند حديث الإفك وقصة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في ذلك ، يحث أحد طلابه : أنه ما رأى الشيخ متأثرا كما رآه عندما قرأت عليه حادثة الإفك إذ تأثر الشيخ وبكى طويلا ، وغلبه البكاء مرة عندما قرأت عليه مقولة أبي بكر رضي الله عنه عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " .
وبكى – رحمه الله – عند حديث جرير بن عبد الله البجلي الذي رواه الإمام أحمد في قصة الأعرابي الذي أسلم ثم وقصته دابته فقال عليه الصلاة والسلام : " عمل قليلا وأجر كثيرا " وبكى عند بيعة الأنصار رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة ، وقد كان رحمه الله سريع الدمعة عند تذكره لعلمائه ومشايخه.
فحدث عن بعض طلابه أنه قرأ عليه رحمه الله حديث: " أن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الملوك لا مالك إلا الله " قال سفيان مثل : " شاهان شاه " ، فكان القارئ وهو أحد تلاميذه قرأها " شاه شاه " هكذا قرأتها على سماحة شيخنا العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله ، فما كان من الشيخ رحمه الله إلا أن دمعته عيناه وغلبه البكاء لأنه تذكر شيخه سماحة العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله قال محدث القصة : فكان هذا موقف لا أنساه ودمعة على وجنتي شيخنا لا أنساها أبدا .
الشيخ الداعية : ولقد عرف عن الشيخ رحمه الله جهاده الطويل في الدعوة إلى الله عزوجل ولا أدل على ذلك من دروسه ومحاضراته وحلقاته ، ومما يحفظه طلبة العلم عن الشيخ رحمه الله والعامة قبل الخاصة والقاصي قبل الداني جهاد الشيخ – رحمه الله – في نشر عقيدة التوحيد الصحيحة بين الناس وطلبة العلم ، فما من درس ولا محاضرة إلا وأكد فيه رحمه الله هذا الموضوع ويوصي به طلابه والدعاة إلى الله عزوجل ، وكلنا يحفظ عن الشيخ رحمه الله إحياء لمذهب إتباع الدليل في مسائل الفروع ونبذ التعصب المذهبي الممقوت الذي لا يقوم على دليل من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الشيخ محمد بن عبد الله صالح .
الواعظ الأول بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف
الفجيرة – الإمارات العربية السعودية

أمل محمد 09-21-2010 05:37 AM

كان يدعم المجاهدين

من خلال مجالستي القديمة له أيام كان رئيسا للجامعة الإسلامية ، وكذا من خلال ما سمعنا عنه من طلاب العلم والعلماء والذين نعرفهم وكلهم يذكرونه بخير ويثنون عليه بما هو أهل هما عدا من في قلبه مرض ، وقد كان محبوبا في كافة الحركات الإسلامية الجادة والمعتدلة ، يحبهم جميعا ويساعدهم ، أضف إلى ذلك دوره في مساعدة الحركات الجهادية في أفغانستان ومواجهة المد الشيوعي والعلماني وكان يدعم منظمات الإغاثة والجمعيات الخيرية في أفريقيا وآسيا وغيرها .
لقد كان رجلا منصفا يعتمد الدليل في فتاواه ويواجه المعارضين بحكمة ولين وقد كان يحب اليمنيين وخاصة الملتحقين بالجامعة الإسلامية حيث كان يتجاوز عن بعض شروط القبول مراعاة لهم ، وكان لا يرد أحدا يأتيه في حاجة وقد يعطيه من مرتبه ولا تنسى أدواره البارزة في كثير من المؤتمرات الإسلامية التي كان يحضرها .
وقد عرفناه يصدع بالحق وينهي عن كل ما يرى شرعا أنه من المنكرات ولما تولى رئاسة الإفتاء والدعوة والإرشاد كان له دور في إصدار سلسلة من الإصدارات لفتاواه وفتاوى زملائه من كبار العلماء.
الشيخ محمد الصادق
عضو الهيئة القضائية في التجمع اليمني للإصلاح – تعز

أمل محمد 09-21-2010 05:38 AM

كان يتوق للصلاة في المسجد الأقصى

عرفت سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز عالما عاملا امتاز بعمق البصيرة ونقاء السريرة وحب العلم وأهله، وحب القدس والأقصى.
ولقد خدم في ميادين الدعوة المتنوعة من خلال الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ، فقد كان رئيسها لها فترة طويلة ، ومن خلال إرسال دعاة إلى مختلف أنحاء العالم ومن خلال مؤلفاته التي تركز على العقيدة الصافية الخالية من الشوائب ، وعلى أداء الواجبات والتمسك بالعبادات ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لقد خدم الإسلام والمسلمين من خلال المراكز المرموقة والحساسة التي تبوأها في مجالات الفتوى والوعظ والإرشاد والمجامع الفقهية .
لقد عرفته عن قرب في جلسات المجلس الأعلى للمساجد كما عرفته حين كنت أزوره في بيته في مكة المكرمة وفي بيته في الرياض عدة مرات ، كما عرفته من خلال المراسلات التي تمت بيني وبينه لابتعاث طلاب المدارس الشرعية بالقدس وفلسطين إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وغيرها من الجامعات في المملكة العربية السعودية .
لقد اتصف – رحمه الله – بالتواضع والبساطة والفطنة والذكاء وسرعة البديهة وكانت الفتاوى التي تصدر عنه تدل على عمق التفكير وسعة الإطلاع وصفاء العقيدة ، بالإضافة إلى ذاك اهتمامه ومتابعته لأخبار القدس والأقصى وأخبار العالم الإسلامي ، أخيرا لقد كان يتوق للصلاة في المسجد الأقصى المبارك .
الشيخ عكرمة صبري
خطيب المسجد الأقصى ومفتي الديار الفلسطينية
ورئيس الهيئة الإسلامية العليا – القدس

أمل محمد 09-21-2010 05:38 AM

كان يكره التشدد والتنطع

حدث هز قلوب الذين عرفوا هذا الشيخ واستفادوا من علمه الغزيرة والشيخ الجليل له مواقف عظيمة وكانت حياته زاخرة بكل معاني النيل والتقوى والشجاعة والرجولة. عرفت الشيخ معرفة طويلة ولكن تمتعت إبان زيارتي للرياض بزيارته في مقره حيث كان رئيسا للدعوة والإرشاد والإفتاء ، عهدت جلوسه في داخل الهيئة وكرمني بدعوته في بيته مع بعض إخواني فتناولنا معه طعام الغداء والانطباع الذي أخذته عن الشيخ أنه جم التواضع ، جم الأدب لا شك أن من رأى بساطه الذي يعيشه ورأى الزهد الذي يتمتع به يعلم من أول وهلة أنه عالم رباني .
أيضا لفت نظري من مواقف الشيخ الاهتمام الكبير بأخبار العالم الإسلامي ومتابعة قضايا المسلمين ونحن معه تناول الغداء أحضر جهاز المذياع وكان حريصا أن يضعه بجانبه أول ما حان موعد نشرة الأخبار في الثالثة من بعد الظهر تابع المذياع واستمع كما استمعنا معه إلى أخبار ذاك اليوم فكان يعلق على كل خبر ، إن كان سارا حمد الله عز وجل وإن كان خبرا فيه يستعاذ منه استعاذ وأذكر في ذلك اليوم أنه كان هناك زلزال في مكان ما فكان الشيخ يستعيذ ويحوقل ويحذر من مصائر هؤلاء لجالسيه فكان هذا موقف عرفت من قدر اهتمام الشيخ بأحوال العالم الإسلامي .
إن الشيخ بدأ بتعليم نفسه عصامياً ولقد كانت جهوده العلمية كبيرة بفضل الله فمنها تعليمه الناس في المعاهد الدينية وفي مجالسه الخاصة وفي المساجد وارتقى به جهده إلى أن وصل رئيسا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وكان مجلسه في الحرم النبوي زينة المجالس ومجلسه في الكعبة المشرفة في المسجد الحرام في المواسم مشهود . إلى آخر لحظة من لحظات نشاطه العلمي وكتاباته وتحقيقه لكثير من المراجع لا تخفى على أحد في السنة والسيرة والفقه وفتاواه مشهورة ومنشورة وبرامجه التي كان يقدمها نور على الدرب استفاد منها العالم الإسلامي فائدة ، والشيخ إلى جانب هذا العلم الغزير له شخصية مرنة ولم يكن متعصبا لرأي أو مذهب وأحيانا يفتي على غير المذهب الذي هو له وكان يميل إلى التيسير على الناس في فتاواه ولم يعرف عنه التشدد والتنطع – كم خسر العالم الإسلامي بفقد الشيخ في كل هذه الجوانب العظيمة – إن الشيخ داعية بسلوكه أولا وبتواضعه الجم ويزهده في حطام الدنيا وكان لا يأكل إلا على الأرض ولا يلبس لباسا يلبسه عامة الناس ، ومن أكثر من أعجبني في هذا أنه كان يفضل الجلباب المفصل على الطريقة السودانية . أنا رأيته في ذاك الجلباب أكثر من مرة ، وكان الشيخ لا يقبل الغلو في الدين وفي نفس الوقت لا يقبل التهاون والتجاهل وكان يناصر جميع من يدعون إلى تطبيق شرع الله في أي مكان كان ، وكنت له مواقف مشرفة وعظيمة مع الحركة الإسلامية في السودان إبان صراعها مع الشيوعية والإلحاد حيث ناصرها بقوله وقلمه وفكره وأذكر ونحن طلاب في الدراسات العليا في أدنبرة ببريطانيا ، أن عن لنا أن ننشيء مسجدا وربنا سبحانه وتعالى يسر لنا واشترينا موضع كنيسة قديمة وكتبنا للشيخ في هذا فإذا بالدعم الكبير يأتي من المملكة بأسم خادم الحرمين الشريفين ذاك الوقت الملك فيصل – رحمه الله - .
أسال الله أن يرحم الشيخ رحمة واسعة وأن يجعل الجنة مثواه وأن الخسارة بفقده كبيرة ونسأل أن يرفع مكانته في عليين وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الشيخ محمد عثمان صالح
أمين عام هيئة علماء السودان – الخرطوم


الساعة الآن 04:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team