منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من روائع بدر شاكر السياب (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1328)

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:49 PM

حقائق كالخيال
( بدر شاكر السياب )


-3
ماذا تريد العيون السود من رجل
قد حاش زهر الخطايا حين لاقاها
زهرا على جسمي المحموم أقطفه
في باقة من جراح بتّ أصلاها
هذا الربيع الذي تهدي شقائقه
ريح المنايا إلى قلبي بريّاها
أزهار تموز ما أرعى أسلمه
في عتمة العالم السفلى أياها
أم صل حواء بالتفاح كافأني
و هو الذي أمس بالتفاح أغواها
ماذا تريد العيون السود ؟ إن لها
ما لست أنساه منها حين أنساها
ما بالهن استعضن البوم أوعية
عن أوجه الغيد حتى ضاع معناها
أين المناقير من لعس مراشفها
ربي ؟ و أين ابتسام كان يغشاها
من هذه الخربة الظلماء محدقة
بي أعين البوم من أجداث موتاها
قفراء منغير ثكلى شف مئزرها
عن وهج فانوسها الكابي و أخفاها
تسعى كما اصطاد في ليل يراعته
طفل وطارت و قد ألوى جناحاها
محنية تتفرى كل شاهدة
من كل قبر كما لو كان طفلاها
في كل قبر يذوقان الردى دية
عمن يؤاوي و عن أحياء دنياها
نادتهما فانبرى يزقو لصيحتها
من حيث رد الصدى بوم و ناداها
أماه إنا هنا ريح بنا عصفت
لم ندر أيم أنهينا بعد لقياها
و انشق منخلفها قبر ليبلعها
و احتازها و اشرأبت منه كفّاها
يختص فانوسها التمام بينهما
و الريح خرساء تعبى غير ها ها ها
و يلم سازاك كيف اندك حائطه
حتى تعرى لي السهل الذي حجبا
سهل يكن الصلال الرقط أجهضه
عاد من المحل حتى يفرغ العطبا
و انبحت التربة العجفاء من عطش
عم أشدق فاغرات تنبح السحبا
و لاشمس كالأطلس المسعور تنهشه
و الريح تصليه من تنورها لهبا
الريح لا ليست الريح التي ركضت
بيضاء سوداء رقطاء القفا عجبا
عنقاء في مسعر الجوزاء أعينها
و الصخرة يرفص من أظلافها شهبا
تلك الزرافات في السهل العقيم لها
مرعى روى من سراب ينبت السّغبا
ما روعتها سوى ضوضاء خشخشة
في كف أبرص يعدو خلفها خببا
تخفيه عنها ضمادات و يظهر
ما نز من قيحه الدامي و ما شخبا
نادى و كفاه تختضان و احربا
فاستعبر العاصف المصدور واحربا
ماء اسق يا ماء تلهاث مقاطعة
منزوعة من لسان يشبه الخشبا
حتى استجاب السحاب الجون فانعقدت
في الجو حباته الغبراء فاحتجبا
و انهل لا عن ندى صاف و لا مطر
بل عن دم من ثدي مزقت حلبا
أو عن مشاش من الأحداق فقأها
سيخ لجنكيز دام ينفث اللهبا
ماء اسق يا ماء و الغيث الرهيب كلى
مفرية سحت الآجال و الكربا
لم يبق من مر تو أو ظاميء بفم
أو دون و من ماء الردى شربا
ويل لسازاك ماذا ينوي بدمي
من نيّة فهو يستصفي و يمتار
تلك الزجاجات أشلاء مجزأة
مني دمي مختز فيهن موار
لم تثن سازاك عن شحذ لمدينة
آهات مرضى و لا ألهاء زوار
إني لدار بأني حين يشرعها
ران إليها فملدوغ فمنهار
هل تبتغي شفرتاها غير آنية
فيها دمي راجف و الداء و العار
ما كنت يوما و لا المرضى سوى عرض
في أعين سازاك يجبي منه إيجار
ست و عشرون أعداد على سرر
أما الأصحاء و المرضى فأصفار
فالرقم عشرون لا يسقى سوى لبن
و الرقم عشر نعاه اليوم محرار
و اليوم لم يبق ما اعطيه عن مرض
إلا دعائي و قولي نعمت الدار
فليلق سازاك من يسمى ثمانية
غيري و يستوف أجر القبر حفار

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:50 PM

حميد
( بدر شاكر السياب )


حميد أخي في البلاء الكبير
فقد كان مثلي كسيحا
يدب بكرسيه مستريحا
تساءلت عنه فقالوا يسير
على قدميه فقد عاد روحا
لقد مات
يا ويلنا للمصير
ينام ورجلاه مطويتان
شهوودا على الداء في قبره
إذا ما رأى الله رأي العيان
وقد سار زحفا على صدره
فأي انسحاق و أي انكسار
يشعان من عينه الضارعة
سيبكى له الله من رحمة و اعتذار
و في الساعة السابعة
إذا ذرت الريح ورد الغروب
سأجلس في الشرفة الخالية
و من تحتي الدرب يخفق مأى يذوب
ألوف من الأرجل الماشية
إلى أي مبغى وراء الدروب
و خمارة في الدجى نائية
إلى اللغو و القهقهات الكذوب
و ألمح فيما وراء الظلال
حميدا و كرسية في الخيال
فتخنقني اللوعة الباكية
فأواه لو توقدين الشموع
لدى مسجد القرية المترب
تمد من النور خيطا تعلق فيه الدموع
و لو تضرعين مع المغرب
إلى الله يا رب رفقا بطفلي الصغير
و ابق أباه
و جنبه يا رب هذا المصير
و لكنني مت واحسرتاه

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:51 PM

حنين في روما
( بدر شاكر السياب )


يتثاءب جسمك في خلدي
فتجنّ عروقي
عريان تزلّق في أبد
تنهيه الرعشة فهي شروق
في ليل الشهوة كل دمي
يتحرق يلهث ينفجر
و يقبّل تغرك ألف فم
في جسمي تنبتها سقر
و أحنّ أتوق
و أحس عبيرك في نفسي
ينهد يدندن كالجرس
ووليمة جسمك يا واها
ما أشهاها
يافجر الصيف إذا بردا
يا دفء شتائي يا قبلا أتمناها
أحيا منها و أموت بها و أضم الأمس
أمسّ غدا
و تعود اللحظة لي أبدا
ما أنأى بيتك ما أنأى عينك
بحار
و جبال دم زمن جمدا
ليعود مدى و أجنّ أثار
فأحسّ عبيرك في نفسي
ينهد يدندن كالجرس
ما أسعدها ما أشقاها ؟
أرضي آسية العريانة
أنا في روما أبكيها و أعيش بذاركها
ألأنك فيها أهواها
من جوع صغارك يا وطني أشبعت الغرب و غربانه
صحراء من الدم تعوي ترجف مقرورة
و مربط خيل مهجورة
و منازل تلهث أوها
و مقابر ينشج موتاها
و أحسّ عبيرك في نفسي
ينهد يدندن كالجرس
لو شئت لطيفك أوربا
وطنا لحملت معي زادي
و عبرت مرافئها و طويت شوارعها دربا دربا
أسقيه الشمس و أطعمه قبلا و براعم أوراد
لكنك أثبت في الشرق
سأعود فأقطع سلّمنا وثبا
لأضمّك يا أبد الشوق
يانور المرفأ يهدي القلب إذا تاها
ياقصة عنتر إذ تروى حول التنور فأحياها
سأحسّ عبيرك في نفسي
ينثال و يقرع كالجرس
**

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:51 PM

حورية النهر
( بدر شاكر السياب )


نفوس معذبه هائمة
تخبط في الظلمة القاتمة
أجد لها الليل أحزانها
و تذكار أيامها الباسمة
فسارت تفتش عن حبها
و تنشد لذاتها الدائمة
و أسرى بها تحت جنح الظلام
زوارق في اللجة الغائمة
إذا ما تلوث على الشاطئين
من النهر أمواجه اللاطمه
و أرسى على مائه زورق
تؤرجحه النسمة الحالمة
أطلت على النهر حورية
فأغوته بالنظرة الساهمة
فأغواره و هي أوطانها
بواك على فقدها نادمة
و أمواجه و هي أترابها
جئت تحت أقدامها لاثمه
أحورية النهر غضي العيون
و كوني بملاحة راحمه
تسيرين في زورق من ظلال
فتدفعه النسمة الناعمة
و مجدافك اخترته من ضي
اء النجوم على اللجة القاتمة
و أطربت النهر و الضفتين
أغان و قيثارة ناغمة
لقد حق أن تسحر الكائنات
وتستل آهاتها الجاثمة
فأوتارها شعرك العسجدي
و أنت الموقعة الباسمة
رأى النهر مصرع ملاحه
بعينيك أيتها الظالمة
رآك فهيأ مجدافه
و أسلم زورقه للظلام
يثير إذا سار عزم الميا
ه فتطلق عن جانبيه السهام
طغى الموج و ارتد يطوي الظلال
فلم يبق للعين إلا القتام
فيا زورقا من ظلال تلاشى
بحورية ليس ترعى الذمام
أخلفت ملاحنا وحده
و للموج في الشاطئين احتدام
و حورية النهر ما خلفت
سوى أغنيات تثير الغرام
يجاري اختلاجاتها زورق
و موج و قلب حواه الهيام
و نهر تمازج أمواهه
و يحملها رغوة إذ تنام
و نجم يعشى الدجى ضوءه
كنبع على ثغره العشب نام
و يقتاف آثارها زورق
و ملاحه الشارد المستهام
يطالعه طيف حورية
من الموج يختال في الابتسام
فمن كل صوب سرى خالها
هناك و إن سار ألفى الظلام
أوهما يرى لا فذا صوتها
ينتهي فتعيد المياه الكلام
و لاحت له أعين مشفقات
محدقة من وراء الغمام
تنادي به ظللتك الخطوب
و قادتك نحو الردى و الحمام
و لكن أذنيه لم تسمعا
حديث السماوات حيث السلام
جرى وهو ليس له غاية
سوى أن يجدف حتى الصباح
و يقفو على الماء ضوء النجوم
و يصرع أشجانه بالنواح
لقد حطم الليل مجدافه
و هيض الشراع بعصف الرياح
وقد أطفأ الموج مصباحه
فصاح و لم يجد ذاك الصياح
تبرمت يا ليل بالبائسين
فزل و اترك الصبح يأسو الجراح
و نادى وقد مد كلتا يديه
لقد حان يا أرض عنك الرواح
فيا شاطئا كان مأوى الغريب
إذا مل طول السرى فاسترح
وداعا وداع الشقي الحزين
سيسر إلى الموت بعد الكفاح
و يا زمج الماء خدن السفين
سمير الشراع الطروب الصداح
كلانا يحن إلى تربه
فطر لي فإني مهيض الجناح
و يا أنجم الليل يا عودي
إذا القلب في الليل بالداء طاح
إذا ما خبا نوركن الوضيء
أسى و تألق نجم الصباح
فحدثنه عن فتى في الدجى
طواه العباب وحب الملاح
رأى -ويح عينيه- حورية
فجن بها ساعة ثم راح
فقد يخبر النجم عنه الرعاة
فيبكون حزنا و تبكي البطاح
و مات الشقي الحزين فعادت
تكفنه بالشراع الرياح

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:52 PM

خذيني
( بدر شاكر السياب )


خذيني أطر في أعالي السماء
صدى غنوة كركرات سحابة
خذيني فإن صخور الكآبة
تشد بروحي إلى قاع بحر بعيد القرار
خذيني أك في دجاكي الضياء
و لا تتركيني لليل القفار
إذا شئت أن لا تكوني لناري
وقودا فكوني حريقا
إذا شئت أن تتخلصي من إساري
فلا تتركيني طليقا
خذيني إلى صدرك المثقل
بهمّ السنين
خذيني فإني حزين
و لا تتركيني على الدرب وحدي أسير إلى المجهل
وكانت دروبي خيوط اشتياق
ووجد وحب
إلى منزل في العراق
تضيء نوافذ ليل قلبي
إلى زوجة كان فيها هنائي
و كانت سمائي
كواكبها ترسم الدرب دربي
وهبت عليها رياح سموم
تبعثر خيطان تلك الدروب البعيدة
فعادت جذى كل تلك النجوم
صلبت عليها و عادت مسامير نعش
و عادت دروبي دربا إذا جئت أمشي
رماني إليك كوزن يقود القصيدة
فوا لهف قلبي عليك
ودرب رماني إليك
أما تعلمين بأني تشهّيتك البارحة
أشم رداءك حتى كأني
سجين يعود إلى داره يتنشّق جدارنها
هنا صدرها قلبها كان يخفق كان التمني
يدغدغه يشعل الشوق فيه إلى غيمة رائحة
لأرض الحبيب ستنضح أركانها
بذوب نداها
تشتهيك البارحة
فقيلت ردن الرداء هنا ساعداها
هنا إبطها يا لكهف الخيال
و مرفأ ثغري إذا لا جرفته رياح ابتهال
وحرجة مد شوق ملح وقد حار فيه السؤال
تحبيني أنت ؟ هل تخجلين ؟
أم استترفت شوقك الكبرياء
فلم يبق إلا ابتسام الرثاء ؟
أترثين لي أم ترى تشفقين
على قلبك انهدّ تحت الصليب المعلّق في صخرة الكبرياء
نباح الكلاب المبعثر في وشوشات النخيل
ينبه في قلبي الذكريات العتاق
و يررتبط دقات قلبي بأرض العراق
لأسمع بابا فيطفأ حبي و تبرد نار الغليل
و أعدوا على الدرب سدت خطاي عليه
نوافذ بيتي تجمّدت فيها الضياء
تغربت عنه و عدت إليه

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:53 PM

خلا البيت
( بدر شاكر السياب )


خلا البيت لا خفقة من نعال
و لا كركرات على السلم
و أنت على الباب ريح الشمال
و ماتت على كرمه المظلم
تلاشت خطى موكب الدافنين
و من مسجد القرية المعتم
تلوى كما رف فوق السفين
شراع حزين
أذان ( هو الله باق وزال
عن الأرض إلاه ) الله أكبر
و في قبره اهتز كالبرعم
إذا الصبح نور
دفين و أصغى أنين الرمال
و تهويدة الخل ينعس و الليل أقمر
و في بيته الآن خل العويل
و نوح اليتامى و ندب النساء
لقد فتح الآن زهر الشتاء
ليملأ تنوره بالشذى و الضياء
أنار وجوها و أخفى وجوها فسال الأصيل
ينث سنابله الدافئة
و سمراء تصغي إلى الشاي فوق الصلاء
يوسوس عن خيمة في العراء
و عن عيشة هانئة
خلا البيت وانسل لون المغيب
إلى المخدع المقفر
هنا كان يطوي خيوط الدروب
صغيران تطفيء شمس الغروب
بشعرها نار فانوسها الأحمر
إذا ما ارتخت تحت ظل الهجير
جفون يرنق فيها النعاس
أفاءا إلى قصة عن أمير
تخطفه الجن حتى أتى متزلا من نحاس
تلامح شباكه عن أميره
تدلى إليه الضفيره
ليرقى إليها
خلا البيت إلا أنين يابقا
يصعدها شاطيء من حنين

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:54 PM

خيالك
( بدر شاكر السياب )


لظلك لو يعلم الجدول
على العذب من مائه منزل
يمر به القلب مر الغريب
و يهفو له الحب و المأمل
بأفيائه تحلم الذكريات
و يشدو الخيال و يسترسل
وقفت حزينا لدى الضفتين
و حولي زهور المنى تذبل
وقد رف ظلك فوق المياه
وجالت بأعطافه الشمأل
ففي الموج مما رأى هزة
يحار لها الشاطيء الممحل
و سرحت عيني في مقلتين
يسدد سهميها الجدول
غرام فهل تنكرين الغرام
وحب و هل منه لي موئل
تمنيت لو كنت ريحا تمر
على ظل و لهى فلا تعذل
و يستأسر الموج إغراؤها
و ترديدها النائح المرسل
فتمضي و يمضي به للسماء
غماما بأرجائها يرفل
فأخلو بظلك بين النجوم
وقد جال فيها الدجى المسبل
ففي كل تقبيلة نجمه
تغور أو كوكب يذهل
خيالك من أهلي الأقربين
أبر و إن كان لا يعقل
أبي منه قد جردتني النساء
و أمي طواها الردى طواها الردى المعجل
و ما لي من الدهر إلا رضاك
فرحماك فالدهر لا يعدل

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:55 PM

دار جدي
( بدر شاكر السياب )


مطفأة هي النوافذ الكثار
و باب جدّي موصد و بيته انتظار
و أطرق الباب فمن يجيب يفتح ؟
تجيبني الطفولة الشباب منذ صار
تجيبني الجرار جف ماؤها فليس تنضح
بويب غير أنها تذرذر الغبار
مطفأة هي الشموس فيه و النجوم
الحقب الثلاث منذ أن خفقت للحياة
في بيت جدي ازدحمن فيه كالغيوم
تختصر البحارفي خدودهن و المياه
فنحن لا نلم بالردى من القبور
فاوجه العجائز
أفصح في الحديث عن مناجل العصور
من القبور فيه و الجنائز
و حين تقفز البيوت من بناتها
و ساكينها من أغانيها و من شكاتها
نحس كيف يسحق الزمان إذ يدور
**
أأشتهيك يا حجارة الجدار يا بلاط يا حديد يا طلاء
أأشتهي التقاءكن مثلما انتهى إلي فيه ؟
أم الصّبا صباي و الطفولة اللعوب و الهناء
وهل بكيت أن تضعضع البناء
و أقفر الفناء أم بكيت ساكنيه ؟
أم أنني رأيت في خرابك الفناء
محدقا إليّ منك من دمي
مكشرا من الحجار ؟ آه أيّ برعم
يربّ فيك ؟ برعم الردى غدا أموت
و لن يظل من قواي ما يظل من خرائب البيوت
لا أنشق الضياء لا أعضعض الهواء
لا أعصر النهار أو يمصّني المساء
**
كأنّ مقلتي بل كأنني انبعثت ( أورفيوس )
تمصّه الخرائب الهوى إلى الجحيم
فيلتقي بمقلتيه ، يلتقي بها بيورديس
أة يا عروس
يا توأم الشباب يا زنبقة النعيم
طريقة ابتناه بالحنين و الغناء
براعم الخلود فتحت له مغالق الفناء
و بالغناء يا صباي يا عظام يا رميم
كسوتك الرواء و الضياء
طفولتي صباي أين أين كلّ ذاك ؟
أين حياة لا يحد من طريقها الطويل سور
كشر عن بوّابة كأعين الشباك
تفضي إلى القبور
و الكون بالحياة ينبض : المياه و الصخور
وذرة الغبار و النمال و الحديد
و كل لحن كل موسم جديد
الحرث و البذار و الزهور
وكل ضاحك فمن فؤاده و كل ناطق فمن فؤاده
وكا نائح فمن فؤاده و الأرض لا تدور
و الشمس إذ تغيب تستريح كالصغير في رقاده
و المرء لا يموت إن لم يفترسه في الظلام يب
أو يختطفه مارد و المرء لا يشيب
( فهكذا الشيوخ منذ يولدون
الشعر الأبيض و العصي و الذوقون )
**
و في ليالي الصيف حين ينعس القمر
و تذبل النجوم في أوائل السحر
أفيق أجمع الندى من الشجر
في قدح ليقتل السعال و الهزال
و في المساء كنت أستحمّ بالنجوم
عيناي تلقطانهن نجمة فنجمة وراكب الهلال
سفينة كأن سندباد في ارتحال
شراعي الغيوم
و مرفأي المحال
و أبصر الله على هيئة نخلة كتاج نخلة يبيضّ
في الظلام
أحسه يقول : يا بني يا غلام
و هبتك الحياة و الحنان و النجوم
وهبتها لمقلتيك و المطر
للقدمين الغصّتين فاشرب الحياة
وعبّها يحبّك الإله
أهكذا السنون تذهب
أهكذا الحياة تنضب ؟
أحس أنني أذوب أتعب
أموت كالشجر

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:56 PM

دجلة الغضبى
( بدر شاكر السياب )


ذوب الليل يا شعاع النهار
تلمح العين ما وراء الستار
ذوب الليل يبصر الشعب صرعاه
فما زال واقفا بانتظار
يبصر القوم بين هاو الى اللحد
وغرقان دائب في احتظار
ما غضبة المياه الحبيبات
تدفقن بعد طول الأسار
زمزم الموج في السهول النديات
مغيطا وصاح في كل دار
سائل الكوخ والربى والصجارى
كيف أرعش في يد التيار
أيها النائمون في الضفة السكرى
على الجوع والضنى والصغار
كيف بالله كيف تغفو عيون
في حمى كل ظالم غدار
علموا دجلة الظلامات والغدر
فعادت ولا تفي عهد جار
أيها الضاربون في ظلمة الليل
الى غير منتهى أو قرار
يسرقون الخطى على ضوء نجم
يسرق الخطو في قصي المدار
كيف خلفتم الديار الحبيبات
ألا لفتة لتلك الديار
ضرب الماء ما بنى كل بان
وطوى كل مأمل بالثمار
فاشتكى صاحب القطيع من الموج
لذئب رآه أو جزار
واشتكى الحاصد المعنى الى الشيخ
فما كان منه غير ازورار
وهو بالأمس واهب القائد الغربي
زلفى اليه سيف النضار
صيغ من أضلع الجياع العريا
تحت أنظار كل جوعان عاري
وهوبالأمس من حبا لندن الشوهاء
ما شاء منه حب الفخار
وهو من يبخل الغداه على الشعب
ويلقى انتحابه بافترار
ليت لي قوة المياه فاقتض
من الشيخ للدموع الغزار
ليتني أهدم القصور وأبنيهن
بيتا لشارد في القفار
ليتني أبدل القلوب التى تغفو
على الذل بالحصى والحجار
أيها الشعب واحتماك عار
على الحر دونه كل عار
طالما قد صبرت يا شعبي المظلوم
فانهض كفاك طول اصطبار
أيها المرسل الأنين الى الآذان
يلبسن قرط الاستعمار
حق ما ترسل الأنين اليهن
اجتزازا بصارم بتار
فهي صماء حين تدعو وصغواء
اذا اهتز شارب المستشار
ضلة للنيام والثلعب الرعديد
يسطو بمخلب مستعار
رب ناج من الردى خلف الأبناء
صرعى في المائج الهدار
مثقل الظهر بالسنين الطويلات
وأشلاء بيته المنهار
لاح لي فانطلقت أزجي اليه الشعر
حران قاذفا بالشرار
أيها المبتلى وأدعو بك الشعب
وقد هم غيظه بانفجار
ذلك النهر فاض بعد احتباس
عاصفا بالسدود عصف اقتدار
نبني أي ساعة أبصر الشعب
وقد فاض بعد طول الأسار
ساحقا في اندفاعه ما أقام الظلم
في دره من الأسوار
قل لمن ثبت العروش على الماء
فقال امتلكت كل البحار
سوف تأتيك ساعة توقظ الأمواج
فيها انتفاضة الاعصار
أيها الشعب يعصب الداء عينيه
فلا تبصران ضوء النهار
الدواء الذي ترجي سيأتيك
اسمه من حناجر الثوار
تعصف الصيحة المدماة بالتاج
على كل مفرق مستطار
يوم لا الظالم الغشوم بمنجيه
من الثائرين وشك الفرار
لا ولا القيد مستطيع حيال النار
صبرا ودونه ألف نار
الردى واالهوان خط الأذلاء
وكل الحياة للأحرار

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:56 PM

درم
( بدر شاكر السياب )


درم
بنفسي مما عزاني برم
فمدي ذراعيك و لتحضنيني
إلى هوة من ظلام العدم
فما قيمة العمر أقضيه أمشي
بعكازة في دروب الهرم
أهذا شبابي ؟ و أين الشباب
ألا حب ل لا زهو لا عنفوان
أهذا مشيبي حصدت السراب
إذا كان معنى المشيب الهوان
أعقبى المشيب الأسى و الندم
أما من شبابي الذي مرّ ذكرى
أما منه مال و بقيا شمم
أكان الذي منه خلفت شعرا
و بيتا وراء الرياح انهدم
درم
تمنيّت لو متّ بين الثلوج
على جدول جمّدته النّسم
فروحي تجوب المروج
و تأوي إلى رمّه في الظّلم
و من أين للروح هذا البقاء
فناء فناء
سوى قصّة قد تثير السّأم
يردّدها سامر في الشتاء
لقد خطّ شعرا له من هباء
و كانت له زوجة و ابن عم
و طفلان لا لا نسيت ابنتان
وطفل و يخبو لديه الضّرم
فيغفو على المسند السامر
و تفتح بوّابة من دخان
عليها الدجى حائر
يبعثر أنجمة من خلال الضباب
أهذا هو الشاعر
حديث ينيم الصحاب
إذا مات أو عاش فهو الألم
درم
بنفسي مما عراني برم

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:57 PM

ديوان شعر
( بدر شاكر السياب )


ديوان شعر ملؤه غزل
بين العذارى بات ينتقل
أنفاسي الحرى تهيم على
صفحاته و الحب و الأمل
و ستلقي أنفاسهن بها
و ترف في جنباته القبل
ديوان شعر ملؤه غزل
بين العذارى بات ينتقل
**
و إذا رأين النّوح و الشكوى –
كل تقول من التي يهوي ؟
و سترتمي نظراتهنّ على الصفحات
بين سطوره نشوى
و لسوف ترتج النهود أسى
و يثيرها ما فيه من نجوى
ولربّما قرأته فاتنتي فمضت تقول : من التي يهوى ؟
**
ديوان شعري رب عذراء
أذكرتها بحبيبها النائي
فتحسست شفة مقبّلة
و شتيت أنفاس و أصداء
فطوتك فوق نهودها بيد
و استرسلت في شبه إغفاء
ديوان شعري ربّ عذراء
أذكرتها بحبيبها النائي
**
يا ليتني أصبحت ديواني
لأفرّ من صدر إلى ثان
قد بت م حسد أقول له :
يا ليت من تهواك تهواني
ألك الكؤوس و لي ثمالتها
و لك الخلود و إنّني فان؟
يا ليتني أصبحت ديواني
لأفر من صدر إلى ثاني
**
سأبيت في نوح و تسهيد
و تبيت تحت وسائد الغيد
أو لست مني إنني نكد
ما بال حظّك غير منكود ؟
زاحمت قلبي في محبته
و خرجت منها غير معمود
أأبيت في نوح و تسهيد
و تبيت تحت وسائد الغيد؟

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:58 PM

ذبول أزهار الدفلى
( بدر شاكر السياب )


لذع الأوام أزاهر الدفل
فذوت كما يذوي سنا المقل
كانت تعير النهر حمرتها
فيضيء فيه الموج كالشعل
كانت تعير النهر حلتها
فيسير في وشى من الحلل
كم زينت بالأمس لبته
بقلائد المرجان و القبل
و اليوم أطفىء نورها و خبا
فكأنها لم تند أو تمل
و اليوم أصبح عقدها بددا
فرأيت جيد النهر في عطل
و لكم مررت بزهرة ذبلت
فبكيت حين بكيتها أملي
و سقيتها بالراحتين كما
تسقي السحابة تربة الطلل
فتراعشت في غصنها و هوت
و مضى النسيم بها على عجل
يا عين أين أزاهر الدفل
مري بجانب نهرها و سلى
لرجوت لو دامت غضارتها
وصل التي وعدت فلم تصل
قد كان وشك ذبولها أجلا
للملتقى ففجعت بالأرجل
و لكنت آمل أن أقبلها
واعب خمرة حسنها الثمل
أما و قد ذبلت فلا أمل
لي باللقاء فكيف بالقبل

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:59 PM

ذكرى لقاء
( بدر شاكر السياب )


قد انتصف الليل فاطو الكتاب
عن الريح و الشمعة الخابية
فعيناك لا تقرآن السطور
و لكنها العلة الواهيه
فأنت ترى مقلتيها هناك
و ذكرى من الليلة الماضيه
فتطوي على ركبتيك الكتاب
و ترنو إلى الأنجم النائيه
**
هنا أنت بين الضياء الضئيل
و بين الدجى في الفضاء الرحيب
و كم من مصابيح تفنى هناك
تنير الثرى و الفراغ الرهيب
**
مصابيح كانت تذوب
و تنحل في شعرها:س
خطانا و لون الغروب
و ما ضاع من عطرها
و تلقي على ذكريات الشتاء
ستاراً من الأدمع الراجفة
فتخبو مصابيحهن البعاد
بطيئاً كما تبرد العاطفة
كما افترقت يوم حان الرحيل
يد صافحتها يد واجفة
كرجع الخطى في الطريق البعيد
كما انحلت الرغبة الخائفة
**
وتصغي و لا شيء إلا السكون
و إلا خطى الحارس المتعب
وإلا ارتعاش الضياء الضئيل
و خفق الظلال على المكتب
**
و أسفارك البالية
كأشباح موتى تسير
حياري إلى الهاوية
وحلم أدكار قصير
**
و تنساب مثل الشراع الكئيب
وراء الدجى روحك الشاردة
ترى وجهها كالتماع النجوم
و تطويه عنك اليد الماردة
إلى أن يذوب الضباب الثقيل
و تنهار ألوانه الجامدة
فها أنت ذا تستعيد اللقاء
كما عادت الجثة الباردة
**
و تمتد يمناك نحو الكتاب
كمن ينشد السلوة الضائعة
فتبكي مع العبقري المريض
و قد خاطب النجمه الساطعة
**
تمنيت يا كوكب
ثباتا كهذا أنام
على صدرها في الظلام
وافني كما تغرب
و يغشى رؤاك الضياء القديم
بطيئاً كما سارت القافلة
ترى الباب مثل انعكاس المغيب
على صفحة الجدول الناحلة
و يغشى رؤاك الضياء القديم
ينير لك الغرفة الآفلة
و يغشى رؤاك الضياء القديم
فيا لانتفاضتك الهائلة!
**
ترى الباب ألقى عليه الأصيل
ظلالاً من الكرمة العارية
فما كان غير اعتناق طويل
عصرنا به القوة الباقية
**
و ألقيت عبء السنين
و رأسي على صدرها
فشدت عليه اليمين
و أدنته من ثغرها
**
و أيقنت أن الحياة الحياة
بغير الهوى قصة فاترة
و إني بغير التي ألهبت
خيالي بأنفاسها العاطرة
شريد يشق ازدحام الرجال
و تخنقه الأعين الساخرة

ناريمان الشريف 10-06-2010 09:59 PM

رؤيا في عام 1956
( بدر شاكر السياب )


حطت الرؤيا على عينيّ صقرا من لهيب
إنها تنقضّ تجتثّ السواد
تقطع الأعصاب تمتص القذى من كل
جفن فالمغيب
عاد منها توأما للصبح أنهار المداد
ليس تطفي غلة الرؤيا صحارى من نحيب 0
من حجور تلفظ الأشلاء هل جاء المعاد
أهو بعث أهو موت أهي نار أم رماد
أيها الصقر الالهي الغريب
أيها المنقض من أولمب في صمت المساء
رافعا روحي لأطباق السماء
رافعا روحي غنيميدا جريحا
صالبا عيني تموزا مسيحا
أيها الصقر الإلهي ترفّق
إن روحي تتمزق
إنها عادت هشيما يوم أن أمسيت ريحا
في غيمة الرؤيا
يوم بلا ميعاد
جنكيز هل يحيا
جنكيز في بغداد
عين بلا أجفان
تمتد من روحي
شدق بلا أسنان
ينداح في الريح
يعوي أناالأنسان
-2-
يا جوادا راكضا يعدو على جسم الطريح
ياجوادا ساحقا عينيّ بالصخر السنابك
رابطا بالأربع الأرجل قلبي
فإذا بالنبض نقر للدرابك
و إذا بالنار دربي
سحّت الرؤيا ضياء من لظاها
صابغا ما تبصر العين القريح
مازجا بالشيء ظلّه
خالطا فيها يهوذا بالمسيح
مدخلا في اليوم ليلة
بانيا في عروة المهد الضّريح
الدماء
الدماء
الدماء
وحّدت بالمجرمين الأبرياء
نصبت في شدقيي الذئبة كرّسي القضاء
ماذا جنى شعبي
حلت به اللعنه
من زاده المحنه
رحماك يا ربي
من مائه الديدان
من لبسه الأكفان
من طيره الغربان
ينقرن في قلبي
و اليوم في بيدري
لم يبق من حبي
شيء هنا حبتان
فأمطري أمطري
و إن يكون نيران
و أثمري أثمري
و إن يكن ثعبان
-3-
ما الذي يبدو على الأشجار حولي من ظلال
منجل يجتثّ أعراق الدوالي
قاطعا أعراق تموز الدفينه
و على القنب أشلاء حزينة
رأس طفل سابح في دمه
نهد أم تنقر الديدان فيه في سكينة
أي آه من دم في فمه
ما الذي ينطف من حلمته من لحمه
يا حبال الفنب التقي كحيات السعير
و اخنقي روحي و خلي الطفل و الأم الحزينة
يا حبالا تسحب الموتى إلى قبر كبير
جفنة قد هيّأوها للوليمه
يا حبالا تسحب الأحياء من شيخ كبير
من فتاة أو عجوز من ضلوع حطموها
علقت فيها تميمة
من صدور مزّقوها
زرعوا فيها بذورا من رصاص من حديد
ما الذي تثمر هتيك البذور
غير أحجار القبور
غير تفاح الصديد
-4-
تموز هذا أتيس
هذا و هذا الربيع
يا خبزنا يا أتيس
أنبت لنا الحب و أحي اليبيس
إلتأم الحفل و جاء الجميع
يقدّمون النذور
يحيون كل الطقوس
و يبذرون البذور
سيقان كل الشجر
ضارعة و النفوس
عطشى تريد المطر
شدوا على كل ساق
يا رب تمثالك
فلتسق كل العراق
فلتسق فلاحيك عمالك
شدوا على كل ساق
أواه ما شدّوا
أواه ما سمروا
أغصان زيتوننا أثقلها الورد
ورد الدم الأحمر
شدوا على كل ساق
يارب تمثالك
فاسمع صلاة الرفاق
و لترع فلاحيك عمالك
تمثالك البعل
تمثالك الطفل
تمثالك العذراء
تمثالك الجانون و الأبرياء
تمثالك الأمّ الشمالية
لأنها ليست شيوعية
يقطع نهداها
تسمل عيناها
تصل صلبا فوق زيتونة
تهزها الريح الجنوبية
تمثالك الآلاف مجنونه
من رعبها تمثالك الأحمر
كأنه الشقيق إذ يزهر
-5-
عشتار على ساق الشجرة
صلبوها دقوا مسمارا
في بيت الميلاد -الرّحم
عشتار بحفصة مستتره
تدعي لتسوق الأمطارا
تدعي لتساق إلى العدم
عشتار العذراء الشقراء مسيل الدم
صلّوا هذا طقس المطر
صلّوا هذا عصر الحجر
صلوا بل أصلوها نارا
تموز تجسّد مسمارا
من حفصة يخرج و الشجرة
النهد الأعذر فاض ليطعم كل فم
خبز الألم
الأقة صاح القصّاب
من هذا اللحم بفلسين
إقطع من لحم النهدين
اللحم لنا و الأثواب
ستكون لمس السكينه
من آثار دم الأطفال
من آثار دم المسكّينه
فتلحي زنود العمال
في قلبي دمدم زلزال
فجنائن بابل تندثر
في قلبي يصرخ أطفال
في قلبي يختنق القمر
الظلمة تعبس في قلبي
و الجور رصاص
و الريح تهب على شعبي
و الريح رصاص
أواه لقد هجم التتر
فالصبح رصاص
و الليل رصاص
-6-
الرؤيا تلمح كالقلع
في بحر يزبد غضبانا
طور للأغوار و أحيانا
يعلو فنراه و في سمعي
أصداء تصمت أو تعلو
و بياني يغمض أو يجلو
أي حشد من وجوه كالحات
من أكفّ كالتراب
نبتها الآجرّ و الفولاذ كالأرض اليباب
أي حشد من ذئاب
يطعمون الجو ريح المعمل
أي نعش أي شكوى أي دمع من نساء ثاكلات
أي جمع من عذارى نادبات
أي موت مثكل
يا لعشتاراتنا يبكين تموز القتيل
العازر قام من النعش
شخنوب العازر قد بعثا
حيا يتقافز أو يمشي
كم ظلّ هناك و كم مكثا
أترى عاما أم عامين
أم دامت ميتته ساعة
شخنوب العامل من راعه
فتنكر للدينارين
و تواثب يركض مذعورا
الموت الزائف خاتمة
لحياة زائفة مثله
و البعث الزائف عاقبة
للموت الزائف من قبله
-7-
و لفني الظلام في المساء
فامتصت الدماء
صحراء نومي تنبت الزهر
فإنما الدماء
توأم المطر

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:01 PM

ربيع الجزائر
( بدر شاكر السياب )


سلاما بلاد اللظى و الخراب
و مأوى اليتامى و أرض القبور
أتى الغيث و انحلّ عقد السحاب
فروى ثرى جائعا للبذور
و ذاب الجناح الحديد
على حمرة الفجر تغسل في كل ركن بقايا شهيد
و تبحث عن ظامئات الجذور
و ما عاد صبحك نارا تقعقع غضبي و تزرع ليلا
و أشلاء قتلى
و تنفث قابيل في كلّ نار يسفّ الصديد
و أصبحت في هدأة تسمعين نافورة من هتاف
لديك يبشّر أن الدّجى قد تولى
و صبحت تستقبلين الصباح المطلاّ
بتكبيرة من ألوف المآذن كانت تخاف
فتأوي إلى عاريات الجبال
تبرقع أصداءها بالرمال
بماذا ستستقبلين الربيع ؟
ببقيا من الأعظم البالية
لها شعلة رشّت الدالية
تعير العناقيد لون النجيع
وفي جانبي كل درب حزين
عيون تحدّق تحت الثرى
تحدق في عورة العاجزين
لو تستطيع الكلام
لصبّت على الظالمين
حميما من اللعنات من العار من كل غيظ دفين
ربيعك يمضغ قيح السلام
بيوتك تبقى طوال المساء
مفتّحة فيك أبوابها
لعل المجاهد بعد انطفاء اللهيب و بعد النوى و العناء
يعود إلى الدار يدفن تحت الغطاء
جراحا يفرّ إليه الصغار ترفرف أثوابها
يصيحون بابا فيفطر قلب المساء
و ماذا حملت لنا من هديّة
غدا ضاحكا أطلعته الدماء
و كم دارة في أقاصي الدروب القصيّة
مفتحة الباب تقرعه الريح في آخر الليل قرعا
فتخرج أو الصغار
و مصباحها في يد أرعش الوجد منها
يرود الدجى ما أنار
سوى الدرب قفر المدى و هي تصغى و ترهف سمعا
و ما تحمل الريح إلا نباح الكلاب البعيد
فتخفت مصباحها من جديد
و لما استرحنا بكينا الرفاق
هماس لأنبييس عبر القرون
وها أنت تدمع فيك العيون
و تبكين قتلاك
نامت وغى فاستفاق
بك الحزن عاد اليتامى يتامى
ردى عاد ما ظنّ يوما فراق
سلاما بلاد الثكالى بلاد الأيامى
سلاما
سلاما

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:01 PM

رثاء القطيع
( بدر شاكر السياب )


لقد حدثوني بموت القطيع
فشدت على القلب كف الألم
رأيتك تبكين بين الثرى
و تستصرخين رعاة الغنم
و حولك سرب من الراعيات
يخففن عنك الضنى و السأم
أما أرقت عين هذا التراب
دموع لها فوقه منسجم
من الأعين الحور ينبوعها
فهل تصبح اليوم تحت القدم
لقد زوقت تحت أيدي الأصيل
سفوح الروابي بظل القمم
و قد حوم النوم حول الغدير
فما بال أزهاره لم تنم
و أمواجه أخلدت للسكون
فمات على ضفتيه النغم
و كانت تغني بحجر النسيم
إذا لفها موهنا و استجم
أحزنا على ما أصاب القطيع
رفيق هواها عراها السقم
و مالك لا تملأين المروج ابتساما
فإن الربيع ابتسم
و فوق الثرى ذاب قوس السحاب
فبادت على جانبيه الظلم
رياض كما يشتهي العاشقون
و ما صور الفن منذ القدم
و نور سها شفاه الزهور
و نهر عليه الذهول ارتسم
أحزنا على ما أصاب القطيع
أليف الروابي اعتراك الألم
سأبكي وقد كنت تستضحكين
إذا الدمع من ناظري انسجم

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:02 PM

رثاء جدتي
( بدر شاكر السياب )


أسلمتني أيدي القضا للشحون
إذ قضى من يردني لسكوني
و رمى سهمه بقية آمالي
فخرت صريعة من عيوني
وودعت أذنه توالي أنغامي
و آبت إلى الفناء لجوني
جدتي
و هي كل ما خلف الدهر
من الحب و المنى و الظنون
و رجاء بدا فالهمني الص
فو و خفت أنواره لحنيني
قد فقدت الأم الحنون فأنس
تني مصاب الأم الرؤوم الحنون
كم تحملت في حياتك سقما
ود قلبي لو أنه يعتريني
تتلوين في مهاد المنايا
و تغيبين في عذاب الأنين
و تضجين بالدموع سجاما
و تطوفين في بحار السنين
ثم آب السفين بعد طواف
خاليا عودة الكسير المهين
تاركا في البحار عذب أغا
نيه لها بالمياه أي رنين
يا لها ليلة و قد عادت الر
وح إلى ربها و دنيا اليقين
فزعت كل مهجة لأساها وار
تمى الفكر فوق صدر الشجون
و انجلى الفجر حاملا بين
كفيه سعيرا عذابه يصليني
جاء بأخلفه نوى و بعادا
لا يرجى اللقاء فيه بحنين
رفعوا نعشها و نحن حيارى
و الدموع الغزار ملء العيون
أيها القبر كن عليها رحيما
مثلما ربت اليتامى بلين
أيها القلب هل تلام شمالي
و التي تفعل الذنوب يميني
لا تلمني فلست قد علم الله
أرد القضاء لو يأتيني
ولم الموت و الزمان الذي
يسلب ما ترتجيه غير صنين
جدتي من أبث بعدك شكواي
طواني الأسى وقل معيني
أنت يا من فتحت قلبك
بالأمس لحبي أوصدت قبرك دوني
فقليل عي أن أذرف الدمع
و يقضي علي طول أنيني
ليتني لم أكن رأيتك من
قبل و لم ألق منك عطف حنون
آه لو لم تعوديني على العطف
و آه لو لم أكن أو تكوني

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:03 PM

رحل النهار
( بدر شاكر السياب )


رحل النهار
ها إنه انطفأت ذبالته على أفق توهّج دون نار
و جليت تنظرين عودة سندباد من السّفار
و البحر يصرخ من ورائك بالعواصف و الرعود
هو لن يعود
أو ما علمت بأنه أسرته آلهة البحار
في قلعة سوداء في جزر من الدم و المحار
هو لن يعود
رحل النهار
فلترحلي هو لن يعود
الأفق غابات من السحب الثقيلة و الرعود
الموت من أثمارهنّ و بعض أرمدة النهار
الموت من أمطارهنّ وبعض أرمدة النهار
الخوف من ألوانهنّ وبعض أرمدة النهار
رحل النهار
رحل النهار
و كأنّ معصمك اليسار
و كأنّ ساعدك اليسار وراء ساعته فنار
في شاطيء للموت يحلم بالسفين على انتظار
رحل النهار
هيهات أن يقف الزمان تمر حتى باللحود
خطى الزمان و بالحجارة
رحل النهار و لن يعود
الأفق غابات من السحب الثقيلة و الرعود
الموت من أثمارهنّ و بعض أرمدة النهار
الموت من أمطارهنّ و بعض أرمدة النهار
الخوف من ألوانهنّ و بعض أرمدة النهال
رحل النهار
رحل النهار
خصلات شعرك لم يصنعها سندباد من الدمار
سربت أجاج الماء حتى شاب أشقرها و غار
و سائل الحب الكثار
مبتلة منطمس بها ألق الوعود
و جلست تنظرين هائمة الخواطر في دوار
سيعود لا غرق السفين من المحيط إلى القرار
سيعود لا حجزته صارخة العواصف في إسار
يا سندباد أما تعود ؟
كاد الشباب يزول تنطفيء الزنابق في الخدود
فمتى تعود
أواه مدّ يديك بين القلب عالمه الجديد
بهما و يحطم عالم الدم و الأظافر و السعار
بيني و لو لهنية دنياه
أه متى تعود
أترى ستعرف ما سيعرف ما سيعرف كلما انطفأ النار
صمت الأصابع من بروق الغيب في ظلم الوجود ؟
دعني لآخذ قبضتيك كماء ثلج في انهمار
من حيثما وجّهت طرفي ماء ثلج في انهمار
في راحتيّ يسيل في قلبي يصبّ إلى قرار
يا طالما بهما حلمت كزهرتين على غدير
تتفتحان على متاهة عزلتي
رحل النهار
و البحر متسع و خاو لا غناء سوى الهدير
وما يبين سوى شراع رنحته العاصفات و ما يطير
إلا فؤادك فوق سطح الماء يخفق في انتظار
رحل النهار
فلترحلي رحل النهار

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:03 PM

رسالة من مقبرة
( بدر شاكر السياب )


من قاع قبري أصيح
حتى تئن القبور
من رجع صوتي و هو رمل و ريح
من عالم في حفرتي يستريح
مركومة في جانبيه القصور
و فيه ما في سواه
إلا دبيب الحياه
حتى الأغاني فيه حتى الزّهور
و الشمس إلا أنها لا تدور
و الدّود نخار بها في ضريح
من عالم قي قاع قبري أصيح
لا تيأسوا من مولد أو نشورا
النور من طين هنا أو زجاج
قفل على باب سور
النور في قبري دجى دون نور
النور في شباك داري زجاج
كم حدّقت بي خلفه من عيون
سوداء العار
يجرحن بالأهدالب أسراري
فاليوم داري لم تعد داري
و النور في شبّاك داري ظنون
تمتص أغواري
و عند بابي يصرخ الجائعون
في خبزك اليومي دفء الدّماء
فاملأ لنا في كل يوم و عاء
من لحمك الحي الذي نشتهيه
فنكهة الشمس فيه
و فيه طعم الهواء
و عند بابي يصرخ الأشقياء
أعصر لنا من مقلتيك الضياء
فأننا مظلمون
و عند بابي يصرخ المخبرون
و عر هو المرقى إلى الجلجلة
و الصخر يا سيزيف ما أثقله
سيزيف إن الصخرة الآخرون
لكنّ أصواتا كقرع الطبول
تنهلّ في رمسي
من عالم الشمس
هذي خطى الأحياء بين الحقول
في جانب القبر الذي نحن فيه
أصداؤها الخضراء
تنهلّ في داري
أوراق أزهار
من عالم الشمس الذي نشتهيه
أصداؤها البيضاء
يصدعن من حولي جليد الهواء
أصداؤها الحمراء
تنهل في داري
شلال أنوار
فالنور في شبّاك داري دماء
ينضحن من حيث التقى بالصخور
في فوهة القبر المغطاه سور
هذا مخاض الأرض لا تيأسي
بشراك يا أجداث حان النشور
بشراك في وهران أصداء صور
سيزيف ألقى عنه العبء الدّهور
و استقبل الشمس على الأطلس
آه لوهران التي لا تثور

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:04 PM

رنة تتمزق
( بدر شاكر السياب )


الداء يثلج راحتي، ويطفيء الغد ... في خيالي
ويشل أنفاسي ويطلقها كأنفاس الذبال
تهتز في رئتين يرقص فيهما شبح الزوال
مشدودتين إلى ظلام القبر بالدّم والسعال ..
**
واحسرتا ؟! كذا أموت ؟ كما يجف ندى الصباح ؟
ما كاد يلمع بين أفواف الزنابق والأقاحي
فتضوع أنفاس الربيع تهزّ أفياء الدوالي
حتى تلاشى في الهواء كأنه خفق الجناح !
**
كم ليلة ناديت باسمك أيها الموت الرهيب
وودت لا طلع الشروق علي إن مال الغروب
بالأمس كنت أرى دجاك أحب من خفقات آل
راقصن آمال الظماء ... فبلها الدم واللهيب !
**
بالأمس كنت أصيح : خذني في الظلام إلى ذراعك
وأعبر بي الأحقاب يطويهن ظل من شراعك
خذني إلى كهف تهوم حوله ريح الشمال ..
نام الزمان على الزمان به وذابا في شعاعك
**
كان الهوى وهما يعذبني الحنين إلى لقائه
ساءلت عنه الأمنيات وبت أحلم بارتمائه
زهراَ ونوراَ في فراغ من شكاة وابتهال ..
في ظلمة بين الأضالع تشرئب إلى ضيائه
**
واليوم حببت الحياة إلى وابتسم الزمان
في ثغرها وطفا على أهدابها الغد والحنان
سمراء تلتفت النخيل المساهمات إلى الرمال
في لونها وتفر ورقاء ويأرج أقحوان
**
شع الهوى في ناظريها فاحتوانب واحتواها
وارتاح صدري وهو يخفق باللحون على شذاها
فغفوت استرق الرؤى والشاعرية من رؤاها
وأغيب في الدفء المعطر كالغمامة في نداها
**
عينان سوداوات أصفى من؟ أماسي اللقاء
وأحب من نجم الصباح إلى المراعي والرعاء
تتلألأ عن الرجا كليلة تخفي دجاها
فجراَ يلون بالندى درب الربيع وبالضياء
**
سمراء يا نجما تألق في مسائي أبغضيني
واقسي علي ولا ترقى للشكاة وعذبيني
خلي احتقار في العيون وقطبي تلك الشفاها
فالداء في صدري تحفز لافتراسك في عيوني !
**
يا موت يارب المخاوف والدياميس الضريرة
اليوم تأتي ؟! من دعاك ؟ ومن أدراك أن تزوره ؟
أنا ما دعوتك أيها القاسي فتحرمني هواها
دعني أعيش على ابتسامتها وان كانت قصيرة
**
لا ! سوف أحيى سوف أشقى سوف تمهلني طويلا
لن تطفيء المصباح لكن سوف تحرقه فتيلا
في ليلة في ليلتين سيلتقي آها فآها
حتى يفيض سني النهار فيغرق النور الضئيلا !!
**
يا للنهاية حين تسدل هذه الرئة الأكيل
بين السعال على الدماء فيختم الفصل الطويل
والحفرة السوداء تفغر بانطفاء النور فاها
إني أخاف أخاف من شبح تخبئه الفصول !!
**
وغدا إذا ارتجف الشتاء على ابتسامات الربيع
وانحل كالظل الهزيل وذاب كاللحن السريع
وتفتحت بين السنابل وهي تحلم بالقطيع
والناي زنبقة مددت يدي إليها في خشوع
**
وهويت أنشقها فتصعد كلما صعد العبير
من صدري المهدوم حشرجة فتحرق العطور
تحت الشفاه الراعشات ويطفأ الحقل النضير
شيئا فشيئا .. في عيوني ثم ينقلب الأسير !!

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:05 PM

ستار
( بدر شاكر السياب )


-1-
عيناك و النور الضئيل من الشموع الخابيات
و الكأس و اللليل المطل من النوافذ بالنجوم
يبحثن في عيني عن قلب و عن حب قديم
عن حاضر خاو و ماض في ضباب الذكريات
ينأى و يصغر ثم يفنى إنه الصمت العميق
و الباب توصده وراءك في الظلام يدا صديق !
**
-2-
كالشاطيء المهجور قلبي لا وميض و لا شراع
في ليلة ظلماء بل فضاءها المطر الثقيل -
لا صرخة اللقيا تطيف به و لا صمت الرحيل
يمناك و النور الضئيل أكان ذاك هو الوداع ؟!
باب و ظل يدين تفترقان- ثم هوى الستار
ووقفت أنظر في الظلام و سرت أنت إلى النهار
**
-3-
في ناظريك الحالمين رأيت أشباح الدموع
أنأى من النجم البعيد تمر في ضوء الشموع
و اليأس مد على شفاهك و هي تهمس في اكتئاب
ظلاً- كما تلقي جبال نائيات من جليد
أطيافهن على غدير تحت أستار الضباب
لا تسألي ماذا تريد ؟ فلست أملك ما أريد!
**
-4-
باب و ظل يدين تفترقان- ليتك تعلمين
أن الشموع سينطفين, و أن أمطار الشتاء
بيني و بينك سوف تهوي كالستار فتصرخين
الريح تعول عند بابي لست أسمع من نداء
إلا بقايا من حديث رددته الذكريات
و سنان هوّم كالسحابه في خيالي ثم مات !
**
-5-
أنا سوف أمضي سوف أنأى سوف يصبح كالجماد
قلب قضيت الليل باحثة على الضوء الضئيل
على ظله في مقلتي فما رأيت سوى رماد!!
أنا سوف أمضي ربما أنسى إذا سال الأصيل
بالصمت أنك في انتظاري ترقبين و ترقبين
أو ربما طافت بي الذكرى فلم تذك الحنين
**
-6-
الزورق النائي و أنات المجاديف الطوال
تدنو على مهل و تدنو في انخفاض و ارتفاع
حتى إذا امتدت يداك إلي في شبه ابتهال
و همست ها هو ذا يعود! رجعت فارغة الذّراع
وأفقت في الظلماء حيرى لا ترين سوى النجوم
ترنو إليك من النوافذ في وجوم.. في وجوم !
**
-7-
قد لا أؤوب إليك إلا في الخيال وقد أؤوب
لا أملس في قلبي و لا في مقلتي هوى قديم:
كفان ترتجفان حول الموقد الخابي.. و كوب
تتراقص الأشباح فيه.. و تنظرين إلى النجوم
حذر البكاء.. و كيف أنت تهز قلبك في ارتخاء
عاد الشتاء..
فتهمسين: و سوف يرجع في الشتاء

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:06 PM

سجين
( بدر شاكر السياب )


ذراعا أبي تلقيان الظلال
على روحي المستهام الغريب
ذراعا أبي و السراج الحزين
يطاردني في ارتعاش رتيب
وحفت بي الأوجه الجائعات
حيارى فيا للجدار الرهيب
ذراعا أبي تلقيان الظلال
على روحي المستهام الغريب
**
و طال انتظاري كأن الزمان
تلاشى فلم يبق إلا الانتظار
و عيناي ملء الشمال البعيد
فيا ليتني أستطيع الفرار
و أنتِ التقاء الثرى بالسماء
على الآل في نائيات القفار
و طال انتظاري كأن الزمان
تلاشى فلم يبق إلا الانتظار!
**
أألقاك؟ تأتي على النجوم
و تمضي و ما غير هذا السؤال
تغنيه في مسمعي الرياح
و تلقيه في ناظري الظلال
و ترنو على جرسه الأمنيات
إلى ذكريات الهوى في ابنتها
أألقاك تأتي على النجوم
و تمضي و ما غير هذا السؤال
**
أصيخي! أما تسمعين الرنين
تدوي به الساعة القاسية ؟؟
أصيخي فهذا صليل القيود
و قهقهة الموت في الهاويه!
زمان .. زمان يهز النداء
فؤادي فأدعوك يا نائية
أصيخي أما تسمعين الرنين
تدوي به الساعة القاسية!؟
**
أما تبصرين الدخان الثقيل
يجر الخطى من فم الموقد
تلوى فأبصرت فيه الظهور
وقد قوستها عصا السيد
و أبصرت فيه الحجاب الكثيف
على جبهة العالم المجهد
أما تبصرين الدخان الثقيل
يجر الخطى من فم الموقد
**
و لا بد من ساعة من مكان
لروحين ما زالتا في ارتقاب
سألقاك أين الزمان الثقيل
إذا ما التقينا و أين العذاب؟!
سينهار على مقلتيك الجدار
و تفنى ذراعا أبي كالضباب
و لا بد من ساعة من مكان
لروحين ما زالتا في ارتقاب!
**
و كيف التلاقي و بين المنى
و إدراكهن الدخان الثقيل؟
تموج الأساطير في جانبيه
و يحبو على صدره المستحيل
و نحن الغريقان في لجه
سننسى الهوى فيه عما قليل
و كيف التلاقي و بين المنى
و إدراكهن الدخان الثقيل
**
لينهد هذا الجدار الرهيب
و تندك حتى ذراعا أبي
أحاطت بي الأعين الجائعات
مرايا من النار في غيهب
إذا أستطعب مهرباً مقلتاي
تصدى خيالان في مهربي
فأبصرت ظلين لي في الجدار
أو استوقغني ذراعا أبي
**
سابقى وراء الجدار البغيض
وعيناي لا تبرحان الطريق
أعد الليالي خلال الكرى
وارعى نجوم الظلام العميق
فلا تيأسي- أن تمر السنون
و يطفين في وجنتيك البريق
سأبقى وراء الجدار القديم
وعينان لا تبرحان الطريق

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:06 PM

سراب
( بدر شاكر السياب )


بقايا من القافلة
تنير لها نجمة آفله
طريق الفناء
وتؤنسها بالغناء
شفاه ظماء
تهاويل مرسومة في السراب
تمزّق عنها النقاب
على نظرة ذاهلة
وشوق يذيب الحدود
*
ظلال على صفحة باردة
تحركها قبضة ماردة
وتدفعها غنوة باكية
إلى الهاوية .
ظلال على سلم من لهيب
رمى في الفراغ الرهيب
مراتبة البالية
وأرخى على الهاوية
قناع الوجود
سنمضي .. ويبقى السراب
وظل الشفاه الظماء
يهوم خلف النقاب
وتمشي الظلال البطاء
على وقع أقدامك العارية
إلى ظلمة الهاوية
وننسى على قمة السلم
هوانا .. فلا تحلمي
بأنا نعود !

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:08 PM

سراج
( بدر شاكر السياب )


أراع يطويي بحار الظلام
أو سراج في غرفة المستهام
شاحب الضوء يرقب الشاعر
السهران تبكيه نائبات الغرام
خافق مثل فلبه حين يطغى
راعش مثل دمعه في انسجام
أعليه لنجمة الصبح وعد
بلقاء فبات نضو سقام
فهو نبع تحت الظلام فريد
لو روى قلب ظاميء من أوام
و هو أرجوحة الظلام و ظل
حركته أنامل الأنسام
و جناح يبيت ينتظر الفجر
خفوق بغصنه المتسامي
مر طيف من الحبيبة يهفو
للقاء المعذب المستضام
فطواه اللظى وبات دخانا
يطرق الليل نفحة من قتام
فرويدا كفى السراج اعتسافا
انه غال رائع الأحلام
بأسى الليل باحتراق الفراشات
بدمع من النفوس الظوامى
بسهاد الفتى بما بين جنبيه
بما للنجوم من آلام
رحمة أيها السراج بمن أحص
يت آهاته وراء الظلام
لا تسامره إنه شاعر ضل
بدنيا الخيال و الأوهام
أذان الصبح أن يلوح فدعه
يسعد الطرف لحظة بمنام

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:08 PM

سهر
( بدر شاكر السياب )


سهرت فكل شيء ساهر قدماي و المصباح
و أوراقي
أنا الماضي الذي سدوا عليه الباب فالألواح
غدي و الحاضر الباقي
أنا الغد في ضمير الليل مد الليل ألف جناح
عليه فطار لما طار بالظلماء و الشهب
أصخت السمع و الظلماء حولي بوق سيارة
يبث إلى البغي رسالة الحبّ
و يومى للسكارى أن تعالوا ألف خمّارة
تكشر تفرج الساقين تقطع نومة الدرب
بوهوهة النيون
أصخت و الظلماء صفارة
و خطوة حارس
فذكرت نهر القرية المكسال
يسيل لكي يعيش لكي يموت يمصه الجزر
فيعرى جرفه الطيني حتى يقبل الفجر
فيحمل في سناه المد يحمل زورقا يختال
بصياد يعد شباكه و يرود في الماء
مسارب كل ناعسة من الأسماك خضراء
ذكرت مقابر الأطفال
تلوذ بكل سفح نام فيها دون أثداء
و لا قمط صغار من حصاد الجوع و الداء
لقد رضعوا من الثدي الذي لم تبله الأجيال
و ناموا في حمى الأم التي لا يستوي الأطفال
و لا الأشياء إلا في حماها في حمى ترب و ظلماء
سهرت الليل في بيروت لا بين المواخير
(كهوف العالم المتحضّسر المغسول بالنور )
هنا يتوكأون على العظام ليصعدوا أفقا من النشوة
لينحدروا إلى فجوة
تثاءب ظلها و أصيلها بين الدياجير
و بين منابع الأضواء
تثاءب ظلّها و أصيلها بين العقارب و السنانير
و بين المسرج الظلماء
و الممتد حتى الله في القدس و في سيناء
سهرت يرن صور الموت في أذنّي كالزلزال
تهدم حائط الأجيال
و كاد يغور إذ لمسته كفي ألف نوح زال
و ألف زليخة صيّرت كحل عيونها ظلمة
أنا الباقي بقاء الله أكتب باسمه الآجال
و ما لسواه عند مطارق الآجال من حرمة
هنا في كل موت ألف موت كان في الضمّة
و في القبلات في الأقداح
تدور الأسطوانه و هو فيها لمعة الضوء
يوسوس في تهدّج صوتها فيخادع الأرواح
و يلمس جبهة الملاّح في النّوء
سهرت لأني أدري
بأني لن أقبّل ذات يوم وجنة الفجر
سيقبل مطلقا في كل عشّ نغمة و جناح
و سوف أكون في قبري

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:09 PM

سوبروس في بابل
( بدر شاكر السياب )


ليعو سربروس في الدروب
في بابل الحزينة المهدمة
و يملأ الفضاء زمزمه
يمزق الصغار بالنيوب يقضم العظام
و يشرب القلوب
عيناه نيزكان في الظلام
و شدقه الرهيب موجتان من مدى
تخبيء الردى
أشداقه الرهيبة الثلاثة احتراق
يؤجّ في العراق
ليعو سربروس في الدروب
و ينبش التراب عن إلهنا الدفين
تموزنا الطعين
يأكله يمص عينيه إلى القرار
يقصم صلبه القوي يحطم الجرار
بين يديه ينثر الورود و الشقيق
أواه لو يفيق
إلهنا الفتيّ لو يبرعم الحقول
لو ينثر البيادر النضار في السهو
لو ينتضي الحسام لو يفجر الرعود و البرق و المطر
و يطلق السيول من يديه آه لو يؤوب
لحافنا التراب فوقه من القمر
دم و من نهود نسوة العراق طين
و نحن إذ نبضّ من مغاور السنين
نرى العراق يسأل الصغار في قراره
ما القمح ما الثمر
ما الماء ما المهود ما الإله ما البشر
فكل مانراه
دم يتر أو حبال فيه أو حفر
أكانت الحياه
أحب أن تعاش و الصغار آمنين
أكانت الحقول تزهر
أكانت السماء تمطر
أكانت النساء و الرجال مؤمنين
بأنّ في السماء قوة تدبر
تحسّ تسمع الشكاة تبصر
ترقّ ترحم الضّعاف تغفرالذنوب
أكانت القلوب
أرق و النفوس بالصفاء تقطر
و أقبل إلهة الحصاد
رفيقة الزهور و المياه و الطيوب
عشتار ربّة الشمال و الجنوب
تسير في السهول و الوهاد
تسير في الدروب
تلفظ منها لحم تموز إذا انتثر
تلمه في سله كأنه الثمر
لكنّ سربروس بابل الجحيم
يحب في الدروب خلفها و يركض
يمزق النعال في أقدامها يعضعض
سيقانها اللدان ينهش اليدين أو يمزّق الرداء
يلوث الوشاح بالدم القديم
يمزج الدم الجديد بالعواء
ليعو سوبروس في الدروب
لينهش الألهة الحزينة الألهة المروّعة
فأن من دمائها ستخضب الحبوب
سينبت الاله فالشرائح الموزّعة
تجمعت تململت سيولد الضياء
من رحم ينزّ بالدماء

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:11 PM

سوف أمضي
( بدر شاكر السياب )


سوف أمضي أسمع الريح تناديني بعيداً
في ظلام الغابة اللفّاء .. والدّرب الطويل
يتمطي ضجراً، والذئب يعوي، والأفول
يسرق النجم كما تسرق روحي مقلتاك
فاتركي أقطعلا اللليل وحيدا
سوف أمضي فهي ما زالت هناك
في انتظاري
**
سوف أمضي. لا هدير السيل صخّبا رهيبا
يغرق الوادي، ولا الأشباح تلقيها القبور
في طريقي تسأل الليل إلى أين أسير
كل هذا ليس يثنيني فعودي واتركيني
ودعيني أقطع اللليل غريبا
إنها ترنو إلى الأفق الحزين
في انتظاري
**
سوف أمضي حوّلي عينيك لا ترني إليّا
إن سحراً فيهما يأبى على رجلي مسيرا
إن سراً فيهما يستوقف القلب الكسيرا
وارفعي عني ذراعيك ... فما جدوى العناق
إن يكن لا يبعث الأشواق فيّا ؟
اتركيني ها هو الفجر تبدى، ورفاقي
في انتظاري

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:12 PM

شباك و فيقة
( بدر شاكر السياب )


1
شبّاك و فيقة بالقريه
نشوان يطلّ على الساحه
كجليل تنتظر المشيه
ويسوع و ينشر ألواحه
ايكار يمسّح بالشمس
ريشات النسر و ينطلق
ايكار تلقّفه الأفق
و رماه إلى اللجج الرمس
شبّاك وفيقة يا شجره
تتنفس في الغبش الصاحي
الأعين عندك منتظره
**
تترقب زهرة تفاح
و بويب نشيد
و الريح تعيد
أنغام الماء على السّعف
**
ووفيقة تنظر في أسف
من قاع القبر و تنتظر:
سيمر فيهمسه النّهر
ظلاً يتماوج كالجرس
في ضحوة عيد
ويهفّ كحبات النّفس
و الريح تعيد
أنغام الماء ( هو المطر )
و الشمس تكركر في السعف
شباك يضحك في الألق؟
أم باب يفتح في السور
فتفر بأجنحة العبق
روح تتلهف للنور ؟
**
يا صخرة معراج القلب
يا صور الألفة و الحبّ
يا درباً يصعد للرب
لولاك لما ضحكت للأنسام القرية
في الريح عبير
من طوق النهر يهدهدنا و يغنينا
عوليس مع الأمواج يسير
والريح تذكره بجزائر منسية:
شبنا يا ريح فخلّينا
**
العالم يفتح شبّاكة
من ذاك الشباك الأزرق
يتوحد يجعل أشواكه
أزهاراً في دعة تعبق
**
شباك مثلك في لبنات
شباك مثلك في الهند
و فتاة تحلم في اليابان
كوفيقة تحلم في اللّحد
بالبرق الأخضر و الرعد
**
شباك وفيقة في القريه
نشوان يطل على الساحه
كجليل تحلم بالمشيه
و يسوع
و يحرق ألواحه
شباك وفيقة
2
أطلي فشّباكك الأزرق
سماء تجوع
تبينته من خلال الدموع
كأني بي أرتجف الزورق
إذا انشق عن وجهك الأسمر
كما انشق عن عشتروت المحار
و سارت من الرغو في مئزر
ففي الشاطئين اخضرار
و في المرفأ المغلق
تصلّي البحار
كأني طائر بحر غريب
طوى البحر عند المغيب
و طاف بشبّاكك الأزرق
يريد التجاء إليه
من الليل يربدّ عن جانبيه
فلم تفتحي
ولو كان ما بيننا محض باب
لألقيت نفسي لديك
و حدقت في ناظريك
هو الموت و العالم الأسفل
هو المستحيل الذي يذهل
تمثّلت عينيك يا حفرتين
تطلان سخراً على العالم
على ضفة الموت بوّابتين
تلوحان للقادم
و شبّاكك الأزرق
على ظلمة مطبق
تبدّي كحبل يدّ الحياه
إلى الموت كيلا تموت
شفاهك عندي ألذّ الشفاه
و بيتك عندي أحبّ البيوت
و ماضيك من حاضري أجمل
هو المستحيل الذي يذهل
هو الكامل المنتهي لا يريد
و لا يشتهي أنه الأكمل
ففي خاطري منه ظل مديد
و في حاضري منه مستقبل
* *
ترى جاءك الطائر الزنبقي
فحلقت في ذات فجر معه
و ألقى نعاس الصباح النقي
على حسك المشتكى برقعة
و فتحت عينيك عند الأصيل
على مدرج أخضر
و كان انكسار الشعاع الدليل
إلى التل و المنزل المرمر
هناك المساء اخضرار نحيل
من التوت و الظل و الساقيه
و في الباب مدّ الأمير الجميل
ذراعيه يستقيل الآتيه :
أميرتي الغالية
لقد طال منذ الشتاء انتظاري
ففيم التأني وفيم الصدود ؟
* *
و هيهات أن ترجهي من سفار
و هل ميّت من سفار يعود ؟

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:13 PM

شباك وفيقة -2
( بدر شاكر السياب )


أطلي فشّباكك الأزرق
سماء تجوع
تبينته من خلال الدموع
كأني بي أرتجف الزورق
إذا انشق عن وجهك الأسمر
كما انشق عن عشتروت المحار
و سارت من الرغو في مئزر
ففي الشاطئين اخضرار
و في المرفأ المغلق
تصلّي البحار
كأني طائر بحر غريب
طوى البحر عند المغيب
و طاف بشبّاكك الأزرق
يريد التجاء إليه
من الليل يربدّ عن جانبيه
فلم تفتحي
ولو كان ما بيننا محض باب
لألقيت نفسي لديك
و حدقت في ناظريك
هو الموت و العالم الأسفل
هو المستحيل الذي يذهل
تمثّلت عينيك يا حفرتين
تطلان سخراً على العالم
على ضفة الموت بوّابتين
تلوحان للقادم
و شبّاكك الأزرق
على ظلمة مطبق
تبدّي كحبل يدّ الحياه
إلى الموت كيلا تموت
شفاهك عندي ألذّ الشفاه
و بيتك عندي أحبّ البيوت
و ماضيك من حاضري أجمل
هو المستحيل الذي يذهل
هو الكامل المنتهي لا يريد
و لا يشتهي أنه الأكمل
ففي خاطري منه ظل مديد
و في حاضري منه مستقبل
* *
ترى جاءك الطائر الزنبقي
فحلقت في ذات فجر معه
و ألقى نعاس الصباح النقي
على حسك المشتكى برقعة
و فتحت عينيك عند الأصيل
على مدرج أخضر
و كان انكسار الشعاع الدليل
إلى التل و المنزل المرمر
هناك المساء اخضرار نحيل
من التوت و الظل و الساقيه
و في الباب مدّ الأمير الجميل
ذراعيه يستقيل الآتيه :
أميرتي الغالية
لقد طال منذ الشتاء انتظاري
ففيم التأني وفيم الصدود ؟
* *
و هيهات أن ترجهي من سفار
و هل ميّت من سفار يعود ؟

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:13 PM

شباك و فيقة - 1
( بدر شاكر السياب )


شبّاك و فيقة بالقريه
نشوان يطلّ على الساحه
كجليل تنتظر المشيه
ويسوع و ينشر ألواحه
ايكار يمسّح بالشمس
ريشات النسر و ينطلق
ايكار تلقّفه الأفق
و رماه إلى اللجج الرمس
شبّاك وفيقة يا شجره
تتنفس في الغبش الصاحي
الأعين عندك منتظره
**
تترقب زهرة تفاح
و بويب نشيد
و الريح تعيد
أنغام الماء على السّعف
**
ووفيقة تنظر في أسف
من قاع القبر و تنتظر:
سيمر فيهمسه النّهر
ظلاً يتماوج كالجرس
في ضحوة عيد
ويهفّ كحبات النّفس
و الريح تعيد
أنغام الماء ( هو المطر )
و الشمس تكركر في السعف
شباك يضحك في الألق؟
أم باب يفتح في السور
فتفر بأجنحة العبق
روح تتلهف للنور ؟
**
يا صخرة معراج القلب
يا صور الألفة و الحبّ
يا درباً يصعد للرب
لولاك لما ضحكت للأنسام القرية
في الريح عبير
من طوق النهر يهدهدنا و يغنينا
عوليس مع الأمواج يسير
والريح تذكره بجزائر منسية:
شبنا يا ريح فخلّينا
**
العالم يفتح شبّاكة
من ذاك الشباك الأزرق
يتوحد يجعل أشواكه
أزهاراً في دعة تعبق
**
شباك مثلك في لبنات
شباك مثلك في الهند
و فتاة تحلم في اليابان
كوفيقة تحلم في اللّحد
بالبرق الأخضر و الرعد
**
شباك وفيقة في القريه
نشوان يطل على الساحه
كجليل تحلم بالمشيه
و يسوع
و يحرق ألواحه

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:14 PM

شناشيل ابنة الجلبي
( بدر شاكر السياب )


و أذكر من شتاء القرية النضاح فيه النور
من خلل السحاب كأنه النغم
تسرب من ثقوب العزف ارتعشت له الظلم
و قد غنى صباحا قبل فيم اعد طفلا كنت
ابتسم
لليلي أو نهاري اثقلت اغصانه النشوى عيون الحور
و كنا جدنا الهدار يضحك او يغني في ظلال الجوسق
القصب
و فلاحيه ينتظرون غيثك يا اله و أخوتي في
غابة اللعب
يصيدون الأرانب و الفراش و أحمد الناطور
نحدق في ظلال الجوسق السمراءفي النهر
و نرفع للسحاب عيوننا سيسيل بالقطر
و أرعدت السماء فرن قاع النهر و ارتعشت ذرى السعف
وأشعلهن و مض البرق أزرق ثم أاخضر ثم تنطفئ
و فتحت السماء لغيثها المدرار بابا بعد باب
عاد منه النهر و هو ممتلئ
تكلله الفقائع عاد أخضر عاد أاسمر عص
بالأنعام و اللهف
و تحت النخل حيث تظل تمطر كل ما سعفه
تراقصت الفقائع و هي تفجر انه الرطب
تساقط في يد العذراء و هي تهز في لهفه
بجذع النخلة الفرعاء تاج و ليدك الانوار ال الذهب
سيصلب منه حب الاخرين سيبرئ الاعمى
و يبعث في قرار القبر ميتا هذه التعب
من السفر الطويل الى ظلام الموت يكسو عظمه اللحما
و يوقد قلبه الثلجي فهو بحبه يثب
و ابرقت السماء فلاح حيث تعرج النهر
و طاف معلقا من دون اس يلثم الماء
شناشيل ابنة الجلبي نور حوله الزهر
عقود ندى من اللبلاب تسطع منه بيضاءا
و اسية الجميلة كحل الاحداق منها الوجد و السهر
يا مطرا يا حلبي
عبر بنات الجلبي
يا مطرا يا شاشا
عبر بنات الباشا
يا مطرا من ذهب
تقطعت الدروب مقص هذا الهاطل المدرار
قطعها و وراها
و طوقت المعابر من جذوع النخل في الأمطار
كغرقى من سفينة سندباد كقصة خضراء ارجأها و خلاها
الى الغد أحمد الناطور وهو يدير في الغرفة
كؤوس الشاي يلمس بندقيته و يسعل ثم يعبر طرفه
الشرفه
و يخترق الظلام
و صاح يا جدي أخي الثرثار
انمكث في ضلام الجوسق المبتل ننتظر
متى يتوقف المطر
و ارعدت السماء فطار منها ثمة انفجرا
شناشيل ابنة الجلبي
ثم تلوح في الافق
ذرى قوس السحاب و حيث كان يسارق النظر
شناشيل الجميلة لا تصيب العين الا حمرة الشفق
ثلاثون انقضت و كبرت كم حب و كم وجد
توهج في فؤادي
غير اني كلما صفقت يدا الرعد
مددت الطرف ارقب ربما ائتلق الشناشيل
فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة الى وعدي
و لم ارها هواء كل اشواقي اباطيل
و نبت دونما ثمر و لا ورد

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:17 PM

شهداء الحرية
( بدر شاكر السياب )


شهيد العلا لن يسمع اللوم نادبه
و ليس يرى باكيه من قد يعاتبه
طواه الردى فالكون للمجد مأتم
مشارقه مسودة و مغاربه
فتى قاد أبناء الجهاد إلى العلا
و قد حطمت بأس العدو كتائبه
فتى همه أن يبلغ العز موطن
غدا كل باغ دون خوف يواثبه
فتى يعرف الأعداء فتكة سيفه
قد فتحت فتحا مبينا مضاربه
فتى ما جنى ذنبا سوى أنه انتضى
حساما بوجه الظلم ما لان جانبه
إذا ذكروا في جحفل الحرب يونسا
مشى الموت للأعداء حمرا سبائبه
لقد باع للعرب النفوس ثلاثة
فقروا و دمعي لا تقر غواربه
فآة على من ودع الصحب و اغتدى
على يونس فليطلق الدمع حاجبه
و آه على نسر أهيض جناحه
و كم ملأت أفق العراق عصائبه
لئن غيبوا جثمان محمود في الثرى
فما غيبوا المجد الذي هو كاسبه
و لهفي عى فهمي و ما كان خطبه
يهون و إن هانت لديه مشاربه
شهيد رأى الطغيان يغزو بلاده
فهب وقاد العزم جندا يحاربه
أيشنق من يحمي الديار بسيفه
و تغدو على كسب المعالي ركائبه
رجال أباه عاهدوا الله أنهم
مضحون حتى يرجع الحق غاصبه
أراق عبيد الإنكليز دماءهم
فيا ويلهم ممن تخاف جوالبه
أراق عبيد الإنكليز دماءهم
و لكن دون الثأر من هو طالبه
أراق ربيب الأنجليز دماءهم
و لكن في برلين ليثا يراقبه
رشيد و يا نعم الزعيم لأمة
يعيث بها عبد الإله و صاحبه
لأنت الزعيم الحق نبهت نوما
تقاذفم دهر توالت نوائبه

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:18 PM

صحيفة الأحرار
( بدر شاكر السياب )


يا حابسين صحيفة الأحرار
هل يمنع القيد استعار النار
إن تحجبوها فهي حقد كامن
بين الضلوع و صرخة استنكار
بنت الكفاح و كل سطر خالد
عرق يفور به دم الثوار
ضم الشتات بها ( فكاوا ) يجتلي
من عين ( يعرب ) ضحكة استبشار
و ( القدس ) تشهد كل جرح أنها
برء يثير مخاوف الأشرار
لم تكب في ساح الجهاد و لا ارتضت
ذلا و لا غفلت عن استعمار
إن تحجبوها فالليالي شأنها
ألا يدوم بها سنا الأقمار
ما إن نخور فليس فينا جاهل
إن الحياة عطية الأخطار
إنا لنغمد في اللظى أقدامنا
هيهات نشكو سطوة الأحجار
واحر قلبي يا بلادي أنني
جردت فيك سوى من الأشعار
ماذا ظننت بصادق في حبه
لو كان يملك قوة الأقدار
هل كان ينفض من نضال كفه
أو كان يتركها على القيثار
و لو استطعت لكنت حزبا ثانيا
مثل التحرر صادق الآثار
أو عدت أجعل من دمائي ثورة
تجلو غشاوة هذه الأبصار
الشعب يعلم عن يقين أنها
بوق النضال و منبر الأحرار
حان الكفاح فأنزلتها طعنة
حمراء في صدر الحليف الصاري
الجو فيك لكل نسر ضيق
رحب لكل ملون المنقار
قصوا جناح النشر فيه و أطلقوا
لليوم أجنحة الخنا و العار
و من المهازل أن أوفى صفحة
للشعب تطويها يدا غدار
ما راش جود الكادحين جناحها
حتى يراه مقص الاستعمار
أن يحجبوها فهي في أرواحنا
و ضحاه تنشرها يد التذكار
أو طاب يوم ( الخائنات ) بيومها
فالخائنات قصيرة الأعمار
إن المصاب و إن خلا من فرحة
لم يخل من عظة و من انذار
فالطاعن الصدر الأبي بسيفه
سق الستار بطعنة استهتار
فإذا العيون ترى و في أهدابها
لمح الدماء خبيثة ( الثرثار )
يجثو على فرش الحرير و دونه
جسم الطعين على التراب العاري
فالطرف يمسك بالكؤوس و رجله
بالطرس و الكغان بالدينار
لو باركته يدا ( سفير ) ساعة
باع النضال بحلفة ( استيزار )
يا من يشيد لكل حر محبسا
خوفا على كرسيه المنهار
إن الظلام إذا تناهى غيه
زاد العيون صدى إلى الأنوار
و الحابس الأبطال عن أن يزأروا
ظن الزئير قضى قتل إسار
حتى تكشف عن سراب ظنه
و انفض جوف الصمت عن إعصار
فإذا الحناجر و الزمازم تنبري
غضبى تجوز عليه عقر الدار
هيهات تغلب كل كف شأنها
لمس الحرير تدفق التيار
هيهات يصرع كل فكر ملؤه
همس الطغاة صوارخ الأنكار
ما دام بعض دم الضحية دافقا
فيها فلا ركنت إلى الأظفار
يا شعب أنت غد فإن لم يؤمنوا
بالكادحين فلست للكفار
إن الطغاة نجوم ليل ترتدي
ثوب المغيب و أنت شمس نهار
أنت اندفعت إلى العلاء و غلغلوا
في هوة لا تنتهي بقرار
لا يستوي الجيلان هذا مقبل
نحو الحياة و ذاك في إدبار
ظنونك سخرية الزمان و نهزه
للطامعين و لعبة الأغرار
حتى أبنت عن اللظى في ملمس
و كشفت في شرب عن الأكدار
أنت العباب سجا و أغفى حاجبا
خلف السجو منية البحار
أنت الزمان صفا ليهوي سيفه
بعد الصفاء على يدي جبار
إن الشعوب شكون داء واحدا
رغم التنائي و اختلاف الدار
أغلالهن مجمعات في يد
رعناء تنشرها على الأقطار
فإذا حطمت فلست وحدك حاطما
تلك القيود غنيت بالأنصار
لاوفق الأشرار في أن يخرقوا
قلب النضال بكاذب الأخبار
هل يأمن المطعون من جلاده
إلا لقاء الصارم البتار
و الأرض ليس لها من غاسل
رجس الطغاة سوى دم الثوار

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:19 PM

ظلال الحب
( بدر شاكر السياب )


والعصر مخضوب البنان
و أزهار الحقل الحسان
و الصبح يملأ بالندى
عطرا سلال الأقحوان
و البدر و هو مظله
لليل تمتلك افتناني
إن الفؤاد لفي ضلال
من هواه و في هوان
ما داخل الحب الفؤا
د فعاد بيتا للأماني
أو بات في روض و أص
بح باسما نضر المجاني
هبط النعيم و ساكنيه
فرده خلو المغاني
سل عنه أزهار الحقول
على جداولها حواني
سل زهرة التفاح ضا
حكة الأسرة و المعاني
يا زهرة التفاح هلا
تخبرين عن الجنان
يوم استفز بها الهوى
فلبين باتا يخفقان
اروي لنا نبأ ( الطريد )
فأنت راوية الزمان
أغوته ( حواء ) فمد
يديه نحو الأفعوان
ثمر يحرمه الإله
عليهما و يحللان
ذاقا فكانا ظالمين
فكيف يجزي الظالمان
وبدا الموارى منهما
فإذا هنالك سوءتان
و عليهما طفقا من الو
رق المهدل يخصفان
يا بؤس من فضح الإله
و لم يزده سوى الهوان
لم يعرف الدوح الخريف
و نزع أوراق حسان
حتى نضى ورقاته
العاشقان الآثمان

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:20 PM

عبير
( بدر شاكر السياب )


عطرت أحلامي بهذا الشذي
من شعرك المسترسل الأسود
الجو من حولي ربيع حبا
من خدره النائي إلى الموعد
هذا عبير الحب فجرته
يبحث عن مجرى له في غد
نبع أثيري الخطى, حالم
بالظله الخضراء و المسند
و العاشق السكران يحصى على
ثغرك ما في الليل من فرقد
أوقدت مصباح الهوى بعدما
خبا و لولا أنت لم يوقد
هبت عليه الريح مجنونة
محلولة الشعر, خضيب اليد
الزيت من هذا الشذى و اللظى
من قبلة في الغيب لم تولد
تطفو على العطر خيالاً فلا
ترسب الا في الفؤاد الصدي
**
أهم أن أهتف : أنت التي
مثلتها في أمسي الأبعد
و أنت من تحلم روحي بها
على ضفاف الزمن المزبد
تسائل الموج و تومي إلى
كل شراع علها تهتدي
أهم أن أهتف لولا خطى
عابرة في الخاطر المجهد
؟أطياف حسناواتي استيقظت
هاتفة : يا ذكريات اشهدي
ما نال منا غير أسمائنا
تسخر من آماله الشرد
مكتوبة بالنار, في شعره
كالصورة الخرساء في معبد

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:21 PM

عرب الثأر فاهتفي يا ضحايا
( بدر شاكر السياب )


بسمت النور في ثغور الجراح
أنت قبل الصباح نجم الصباح
كلما لحت في خيال الطواغيت
وألهت مرقد السفاح
ذاب قيد على اللظى وتراخت
قبضات على حطام السلاح
واختفت كالاظلام تنحل في النار
وجوه تحف بالأقداح
كلما لحت هلل الشعب أسوان
يبث ابتهاجه في النواح
وتحدى الطغاة بالساعد المفنول
من عامل ومن فلاح
كان في غفوة فلما ملأت
النوم في مقلتيه بالأشباح
هب غضبان يهمز الثأر بالثأر
ويمشي على لهيب الكفاح
يا عيون الجراح لولاك ما امتدت
عيون الى الستار المزاح
تبصر الظلم عاريا ةالطواغيت
كأوراق دوحة في الرياح
جرد البغي خنجرا في دجى الليل
وأهوى على الحمى المستباح
فاهتدت أمة على لمعة النصل
وقد عب من دماء الأضاحي
واستضاءت بسمة من شهيد
ومشت فوق معبر من جراح
عربد الثأر فانهضي يا ضحايا
واطرحي عنك باردات الصفاح
كلما ألهب الدجى حزن بغداد
فغصت بدمعها النضاح
وانظري هل ترين الا ثكالي
وأيامي يضربن راحا براح
وانظري ما يزال جلاك السكران
فوق الثرى طليق الجناح
واسألي قبر جعفر النارد المحزون
ما ذنب هذه الأرواح
جعفرالحق يا نشيد البطولات
تغنيه تحت ظل الصفاح
مد من قبرك المدمى بيمناك
فما زلت حامل المصباح
أنت مزقت ظلمة الليل بالنور
فلا تهن مقلة السفاح

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:21 PM

عرس في القرية
( بدر شاكر السياب )


مثلما تنفض الريح ذرّ النضار
عن جناح الفراشة مات النهار
النهار الطويل
فاحصدوا يا رفاقي فلم يبق إلاّ القليل
كان نقر الدّرابك منذ الأصيل
تيساقط مثل الثمار
من رياح تهوم بين النخيل
يتساقط مثل الدموع
أو كمثل الشرار
إنها ليلة العرس بعد انتظار
مات حب قديم و مات النهار
مثلما تطفيء الريح ضوء الشموع
الشموع الشموع
مثل حقل من القمح عند المساء
من ثغور العذارى تعبّ الهواء
حين يرقصن حول العروس
منشدات نوار اهنئي يا نوار
حلوة أنت مثل الندى يا عروس
يا رفاقي سترنوا إلينا نوار
من عل في احتقار
زهدتها بنا حفنه من نضار
خاتم أو سوار و قصر مشيد
من عظام العبيد
و هي يا رب من هؤلاء العبيد
و لو أنا و آباءنا الأولين
قد كدحنا طوال السنين
و ادخرنا على جوع أطفالنا الجائعين
ما اكتسبناه في كدنا من نقود
ما اشترينا لها خاتما أو سوار
خاتم ضم في ماسة الأزرق
من رفات الضحايا مئات اللحود
اشتراها به الصيرفيّ الشقي
مثلما تنثر الريح عند الأصيل
زهرة الجلنّار
أقفر الريف لمّا تولّت نوار
بالصبابات يا حاملات الجرار
رحن و اسألنها يا نوار
هل تصيرين للأجنبي الدخيل
للذي لا تكادين أن تعرفيه
يا ابنة الريف لم تنصفيه
كم فتى من بنيه
كان أولى بأن تعشقيه
إنهم يعرفونك منذ الصغر
مثلما يعرفون القمر
مثلما يعرفون حفيف النخيل
و ضفاف النهر
و المطر
و الهوى يا نوار
احصدوا يا رفاقي فإن المغيب
طاف بين الروابي يرش اللهيب
من أباريق مجبولة من نضار
و الزغاريد تصدى بها كل دار
أوقد القصر أضواءه الأربعين
فاتبعوني إليها مع الرائحين
اتركوني أغني أمام العريس
و أراقص ظلي كقرد سجين
و أمثّل دو المحب التعيس
ضاحكا من جراحات قلبي الحزين
من هواي المضاع
من قلوب الجياع
حين تهوي و من ذلة الكادحين
سوف آكل حتى ينزّ الدم
من عيوني فما زال عندي فم
كل ما عندنا نحن هذا الفم
كان وهما هوانا فان القلوب
و الصبابات وقف على الأغنياء
لا عتاب فلو لم نكن أغبياء
ما رضينا بهذا و نحن الشعوب

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:22 PM

عكاز في الجحيم
( بدر شاكر السياب )


و بقيت أدور
حول الطاحونة من ألمي
ثوارا معصوبا كالصخرة هيهات تثور
لكني أعجز عن سير ويلاه على قدمي
و سريري سجني تابوتي منفاي إلى الألم
و إلى العدم
و أقول سيأتيني يوم من بعد شهور
أو بعد سنين من السقم
أو بعد دهور
فأسير على قدمي
عكاز في يدي اليمنى
عكاز بل عكازان
تحت الإبطين يعينان
جسما من أوجاع يفنى
طللا يغشاه مسيل دم
و أسير أسير على قدمي
لو كان الدرب إلى القبر
الظلمة و الدود الفراس بألف فم
يمتد أمامي في أقصى أركان الدنيا في نحر
أو واد أظلم أو جبل عال
لسعيت إليه على رأسي أو هدبي أو ظهري
و شققت إلى سقر دربي و دحورت الأبواب السودا
و صرخت بوجه موكلها
لم تترك بابك مسدودا
و لتدع شياطين النار
تقتص من الجسد الهاري
تقتص من الجرح العاري
و لتأت صقورك تفترس العينين و تنهش القلبا
فهنا لا يشمت بي جاري
أو تهتف عاهرة مرت من نصف الليل على داري
بيت المشلول هنا أمسى لا يملك أكلا أو شربا
و سيرمون غدا بنتيه وزوجته دربا
و فتاه الطفل إذا لم يدفع مترا كم إيجار
انثرني ويك أباديدا
و افتح بابك لا تتركه أمام شقائي مسدودا
و لتطعم جسمي للنار

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:23 PM

على الرابية
( بدر شاكر السياب )


وحيدا هناك على الرابية
جلست أبث الدجى ما بيه
أعدد أيامي الذاهبات
فأبكي لأيامي الباقية
و جددت الحزن لي دمعة
محيرة بين أهدابية
عرفت بها قصتي في الحياة
و تضليل روحي و آمالية
لها بين عيني و بين الثرى
مسيل على زجنة ذاوية
فلي مثلها سفرة في غد
و لي مثلها قصة دامية
شكوت إلى الليل جور الح
اة فارتد يشكو أذاها ليه
فقال و إني أسير و تلك
النجوم المضيئات أغلاليه
فقلت و روحي بذل الأسار
رمتها قوى الجسد العاتية
فما خفقات فؤادي سوى
رنين سلاسلها القاسية
شكوت إلى الليل جور الغرام
فأرسل آهاته الباكية
فقال و أني أحب النهار
و يعشق أطرافي الساجيه
كلانا يفتش عن إلفه
و كل تفرق في ناحية
فقلت و في القلب من حبه
نواظر تحلم بالراعية
قسيمي بما أشتكيه الدجى
فهيهات أن أشتكى ثانية
و مرت على و جنتي الصبا
مكفكفة أدمعي الجارية

ناريمان الشريف 10-06-2010 10:23 PM

على الشاطيء
( بدر شاكر السياب )


بين رفات أحلامي التي تكسرت أجنحتها و أحرقتها نار الخيبة و بين ضباب من الأوهام من الأوهام يكتنفني ووسط سكون رهيب لا يعكره إلا أنات قلبي الجريح جلست على الشاطيء أترقب عودتك و لكن ... هيهات
على الشاطيء أحلامي
طواها الموج يا حب
و في حلكة أيامي
غذا نجم الهوى يخبو
عزاء قلبي الدامي
و ذا الفجر بأنواره
رمى الليل و أطيافه
شذا الطير بأوكاره
و هز الورد أعطافه
و في غمرة أوهامي
و في يقظة آلامي
بكى محبوبه القلب
عزاء قلبي الدامي
و عن بعد سرى زورق
فهل فيه التي أهوى
و ذا قلبي جوى يحرق
عسى أن يجد السلوى
و من آهات أنغامي
أتتني رمية الرامي
مضى الزورق يا رب
عزاء قلبي الدامي
و في موكب أحلامي
تسير الشمس للغرب
فيشكو فلبي الظامي
إليها لوعة الحب
فيا ربه إلهامي
و يا تسبيح أيامي
لك القلب مضى يصبو
فردي بعض أحلامي
تقضي الليل فالفجر
و لكن هل أتت هند
خلا من طيفها النهر
فأين الحب و العهد
سدى قضيت أعوامي
على شطآن أوهامي
و لا صفو و لا قرب
فردي بعض أحلامي


الساعة الآن 07:43 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team