منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات التربوية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   تعالوا نكتب قصص أطفال ساحرة: ورشة عمل (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=10508)

أسرار أحمد 03-01-2013 07:45 PM

سلام الله عليك أستاذنا لقد قمت بتطوير القصة ما رأيك بها الآن
في أعماق المحيطات ، تلك التي لطالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات ، إنَّها المحيطات لكم جرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار و كم عدَّت جسراً يصل ما بين الدول و القارات ، نبحر في أعماقها ، لنرى العجائب و الآيات ، فالأسماك تتمايل ما بين الحشائش مختلفة الألوان، تارةٌ تلوح أسرابٌ كبيرة صفراء ، لتتبعها أسماك طويلة حمراء ، و عجباً للسمان الكبار إنَّها القرش بأسنان كالمنشار ،
ترى ما هذه الأنوار التي تضيء كالمصابيح في دجى الأيام و تزين الحشائش بأروع الأنوار .
إنَّها الدرر ما بين أفواه الأصداف التي عبَّرت عن نعاسها ففتحت أفواهها لتنير من حولها بدرها المكنون .
و ما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً ...
لنصل إلى قصر كأنَّه من عالم الأحلام .
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدر
من أفواه الأصداف .
ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟؟؟؟؟هيَّا نذهب للأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات

أسرار أحمد 03-01-2013 07:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 140264)
ها انا قمت على ادخال تعديلات على النص وتطويره لكنني ما ازال في منتصف الطريق.
==

ذلك الشيء

هناك، بعيدا جدا، في مجرة أخرى من بين ملايين المجرات التي تسبح في هذا الكون الواسع منذ الانفجار الكبير، وعلى بعد 500 مليون سنة ضوئية من كوكب الأرض، كانت الحياة تدب هناك بكل همة ونشاط وعنفوان على ظهر واحد من أجمل الكواكب المسكونة في هذا الكون الفسيح الذي لا يُعرف له حدود.

كان كوكبا ساحرا...اسماه أهله كوكب "نيسان". سطحه أشبة بلوحة فنية أبدعتها ريشة فنان. سهول واسعة غنية بتربتها الخصبة ذات اللون الأحمر القاني. جبال راسية متعددة الارتفاع بعضها شاهق يناطح الساحب، تكسو قممها الثلوج ناصعة البياض على مدار ألأيام. غابات كثيفة بعض أشجارها عالية كأنها تعانق النجوم. انهار عديدة متدفقة تمتاز بشلالاتها التي تخلب الأبصار. ينابيع حارة متفجرة، وأخرى تنساب مياهً باردة عذبه رقراقة. مراعي خضراء على امتداد البصر، وأشجار مثمرة، وأزهار بألوان الطيف بل هي أجمل من ذلك بكثير.

أما ابرز ما كان يميز ذلك الكوكب الصغير فهو النهر الأزرق المتعرج الكبير، الذي كان يمتد من الشمال إلى الجنوب ويكاد يقسم الكوكب إلى نصفين متساويين، شرقي وغربي ..وهو ما سهل على أعظم ملوك كوكب نيسان تقسيم مملكته إلى مملكتين يفصل بينهما ذلك النهر العظيم، عندما أحس بدون اجله.
كان ذلك منذ ألف، ألف عام أو يزيد، حينما جمع الملك العظيم حاشيته ووزراؤه، وجلس إلى يساره ابنه البكر ضرغام، وكان عندها طفلا في سن العاشرة، بينما جلس ابنه الأصغر، سلام، ابن الثالثة إلى يمينه.

وعندما ظهر أن المرض قد اشتد على الملك، واقترب الأجل المحتوم، أنصت الجميع ولم يكن احد يتحدث إلا همسا، بينما تحدث الملك بصوت مرتجف اختلط بأنين مسموع، وكان صوته متقطعا غير مفهوم من شدة الألم...

كان جليا للجميع بأن الملك أراد أن يقول شيئا مهما، بل شيئا مهولا، قبل أن يلفظ آخر أنفاسه، وكأنه كان يحتفظ في أعماق صدره بسر عظيم، أراد أن ينقله لأبنائه الأمراء الذين سيحكمون الكوكب من بعده، فتعمق صمت الحضور، وأنصت الجميع بمزيد من الاهتمام و الانتباه، وتسمرت عينوهم على تقاسيم وجهه المتألم وحركة شفتيه التي أخذت تتباطأ شيئا فشيا.

كان الملك قد بدأ يقص عليهم حكاية أسطورية كان قد توارثها ملوك ذلك الكوكب عن جدهم الأول، جيلا بعد جيل...وبدا أن في الأسطورة نبؤه وتحذير من خطر داهم، مزلزل، وشديد، قادم من باطن الأرض أو ربما من السماء.

كان الملك قد بدأ يقص على الحضور حكاية ذلك الشيء الذي سيظهر يوما ما، وسيؤدي ربما إلى تدمير الكوكب وانتهاء الحياة عليه، ولكن القدر عاجله، ولفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يكمل حديثه...

استشعر الحضور ما أراد الملك أن يقول، وتمنوا لو انه افحص في الحديث، لكنه مات ودفن سر ذلك الشيء معه، بينما خطر ذلك الشيء والخشية منه ظلا ماثلين في قلوب وعقول سكان ذلك الكوكب منذ ذلك التاريخ.

في اليوم التالي نصب سكان الكوكب أبناؤه الأمراء الأيتام، الكبير ضرغام ملكا على المملكة الغربية، والصغير سلام ملكا على المملكة الشرقية.

وعملا بالعرف المعمول به هناك، تشكلت مجالس للحكم في كل مملكة، أشرفت على تعليم وتدريب الملوك الصغار، خصصت لهم أفضل المدرسيين والمدربين في كل المجالات والميادين.

ومع مرور الأيام اصحب ضرغام فارسا قويا، وقائدا كرزميا، وخطيبا مفوها، يعشق المغامرة ، يعشق العلوم ويميل إلى الحروب. أما أخاه الأمير سلام فقد أصبح هو أيضا قائدا فذا كرزميا، ينطق بالحكمة على صغر سنه، لكنه اظهر شغفا بالطبيعة وحب الأدب وقول الشعر، وكان يطغى عليه روح الفنان.

وما أن تولى ضرغام الحكم ورغم انشغاله في أمور مملكته وأعباء الحكم، لكن اهتمامه الأول انصب وتمحور حول معرفة ذلك الشيء الذي يهدد الحياة على الكوكب ودفن سره بموت والده.

فبادر إلى جمع قادة جيوشه وشكل مجلسا من العلماء والخبراء، وطلب منهم أن يشيروا عليه؟! فتداول الحشد الأمر لأيام وأيام، وأخيرا أشاروا عليه ببناء جيش عظيم، وتوفير السلاح له، والاستعداد للحرب، وفي نفس الوقت بناء فلك طائر عظيم، حتى إذا ما اقترب خطر ذلك الشيء حاربوه إن كانوا على ذلك قادرين، وان تبين انه لا قبل لهم على حربه، وأصبح خطر انهيار كوكبهم ماثلا، والدمار محتوم ركبوا فلكهم وطاروا هاربين وإلى كوكب آخر..فاريين.

وهكذا اصدر الملك ضرغام ملك المملكة الغربية أوامره بتسخير كل مصادر مملكته للاستعداد لليوم الموعود...وبينما اهتم قادة الجيوش بالاستعداد للحرب وتوفير السلاح، ركز العلماء على بناء ذلك الفلك الطائر العظيم...

وأصبح جميع سكان المملكة الغربية كبيرهم وصغيرهم، يعملون ليلا نهار، يبنون المصانع، و يسخرون كل إمكاناتهم وموجداتهم للمجهود الحربي، وبناء ذلك الفلك الطائر العظيم لعله يكون خلاصهم إذا ما فشلوا في هزيمة ذلك الشيء الموعود.

وفي سبيل تحقيق غايتهم المنشودة، أهمل سكان المملكة الغربية الأرض، عزفوا عن الزراعة والأشجار، واقبلوا بنهم على بناء المصانع والعمل في التصنيع، وتحولت أنهارهم إلى مكبات للنفايات، القوا فيها مخلفات مصانعهم السامة، فتحولت الحدائق الغناء ارض جرداء.

تلوث المكان بمخلفات مصانعهم، حتى أنهم لم يعودا قادرين على الشرب من مياه أنهارهم، وتراكمت سحب الدخان الأسود في سماء المملكة وامتدت إلى خارج حدودها بكثير، وأصبحت الغيوم مع الأيام تمطر مطرا اسودا يحرق الأشجار والمزروعات. وهبت على المملكة عواصف وأعاصير تدمر في طريقها كل شيء، لم يكن الكوكب قد عرفها من قبل.

كادت ينابيعهم تجف، وأصبحت شمسهم تختفي خلف تلك الغيوم لساعات طوال، تسود فيها العتمة والظلام في عز الظهر. استفحلت فيهم الأمراض، ولم يعد الناس يلحظون جمال أرضهم وسحر طبيعتهم، ولم يعد احد ينتظر لحظات الغروب.

في تلك الأثناء لم يكن اهتمام الملك الشاب سلام، ملك المملكة الشرقية، بشأن ذلك الشيء، أقل من اهتمام أخاه ضرغام

نحن بانتظار:D

ناريمان الشريف 03-02-2013 11:35 AM

الأستاذ أيوب
سلام الله عليك

تواجدت هنا قبل قليل فقط .. وطالعت بعض ما جاء هنا
وفي الحقيقة أعجبتني مقالة الأستاذ محمود شقير لما فيها من معلومات هامة للكتابة للأطفال
ولا شك أن الكتابة للطفل فن .. وهذا الفن غائب مغيب في وطننا العربي
رغم حاجتنا الماسة إليه ..
ذلك أن الطفل هو اللبنة الأساس في المجتمع وعليه يقوم المستقبل ..
وأهم شيء من وجهة نظري عند الكتابة للطفل
أن يضع الكاتب نفسه مكان الطفل .. ويفكر بعقليته مع كل جملة ترد في القصة
لذلك فالكتابة للأطفال مهمة خطيرة جداً ينبغي التفكير ألف مرة قبل أن نكتب
وعلى أي حال ..
أشكرك جداً على ما تقوم به من جهد ..
أحب الأطفال .. وكثيراً ما أكتب عنهم .. والآن
سأحاول أن أكتب إليهم .. وهناك فرق كبير
.. ولكن
لأنني عايشت أطفال فلسطين العمالقة ... فالكتابة لهم تحتاج إلى العد للمليون قبل البدء
لأنهم يسخرون من الحكايات السخيفة ..

جزيل الشكر والاحترام أخي أيوب



تحية ... ناريمان

ايوب صابر 03-02-2013 01:02 PM

اهلا وسهلا استاذة ناريمان

لا شك ان مداخلتك تبين مجموعة اضافية من الملاحظات المهمة التي يجب على الكاتب للطفل ان يأخذها في الاعتبار عند الكتابة، لكن ربما ان سبب غياب هذا الفن وتغييبه يعود جزئيا الى الخشية من الكتابة لهذه الشريحة ...لاننا نظن دائما بأننا اعجز من ان نكتب للاطفال.

لا بد لنا ان نقتحم هذا المجال ونجرب وهذا هو الغرض من ورشة العمل هذه لعلنا ننجح في الكتابة ضمن المعايير التي ذكرناها هنا.

ايوب صابر 03-02-2013 02:23 PM

تابع ...قصة ذلك الشيء ...طبعا من المهم التنويه بأن هذه القصة ما تزال في طور التشكل والولادة وقد يطرأ عليها تغيير واضافة قبل ان تصل الى شكلها النهائي.

ذلك الشيء

في تلك الأثناء لم يكن اهتمام الملك الشاب سلام، ملك المملكة الشرقية، بشأن ذلك الشيء، أقل من اهتمام أخاه ضرغام. وقد ظل أمر ذلك الشيء يشغل باله هو ايضا، وأحيانا كان يرى في منامه كوابيس مرعبة بطلها ذلك الشيء الذي ورث همه مناصفة مع أخيه ضرغام، منذ تلك الليلة الكئيبة التي لفظ فيها والدهما الملك آخر أنفاسه.

وكان مجلس الحكم الذي تولى أدارة شؤون المملكة الشرقية انتظارا لبلوغ الأمير سلام السن القانونية، لينصب على عرش المملكة ، قد خطى خطوات مشابهه لتلك التي قامت بها المملكة الغربية، فاتجهت المملكة الشرقية نحو التصنيع أيضا، وكأنها في سباق محموم مع المملكة الغربية.

ولم تكن توجهات مجلس الحكم تلك ترضى الأمير سلام رغم حداثة سنه، لكنه ظل يكتم ذلك في سريرته، فقد كان يميل إلى عشق الأرض والطبيعة، يحب الصيد، وركوب الخيل، ويمارس طقوس مشاهدة النجوم في الليالي التي تكون فيها السماء خالية من الغيوم. وكان اشد ما يكره ذلك الأذى الذي كانت تتسبب فيه المصانع لأرض مملكته، وبساتينها وغاباتها ومياهها. وكان إذا ما شاهد سحابة سوداء تغلف الجو اصيب بحزن شديد.

ومرت الأيام وأصبح سلام بدوره فارسا قويا، وقائدا كرزميا، وخطيبا مفوها، لكن شغفه بالطبيعة وحب الأرض والأنهار والجبال والينابيع والأشجار والغابات، وممارسته لطقوس التحديق في السماء لمراقبة النجوم، وأشعة الشمس الذهبية أثناء ولادتها الصباحية، كل ذلك كان يوحي بأن سلام قد شب مختلفا عن أخاه الأكبر ضرغام، فهو هادئ الطباع، رومانسي المشاعر، مرهف الإحساس، يكره الحروب. وظهر جليا أن شغفه الأول والأخير هو الطبيعة الساحرة لمملكته التي كتب فيها شعرا وتغنى في جمالها حينما كانت تطغى عليه روح الفنان.

ولما تولى الحكم صار كل ما يتعلق بالحفاظ على جمال مملكة، وبيئتها الساحرة ، وطبيعتها الخلابة، على رأس أولوياته، لكنه لم ينس أبدا ذلك الشيء الذي طالما ارقه وحرمه من النوم لساعات طويلة حينما كانت الكوابيس تهاجمه.

وهو أيضا بادر حينما تولى الحكم إلى تشكيل مجلسا من العلماء والخبراء وأهل الرأي، وطلب منهم أن يشيروا عليه. فجاء الرأي أن تعزز المملكة الشرقية مسيرة البناء والتصنيع والاستعداد للخطر القادم الذي لم يتمكن احد من تحدية ملامحة...وعلى شاكلة ما تقوم به المملكة الغربية.

لكن الملك الشاب فاجأ الجميع، وعلى عكس كل التوقعات قرر وقد شاهد بأم عينة وتألم لما تفعله المصانع والآليات في الأشجار والغابات والأنهار وحتى الهواء الذي يتنسفه الناس.
يتيع،،

ايوب صابر 03-03-2013 11:58 AM

تابع ...قصة ذلك الشيء ...طبعا من المهم التنويه بأن هذه القصة ما تزال في طور التشكل والولادة وقد يطرأ عليها تغيير واضافة قبل ان تصل الى شكلها النهائي.


وبادر الملك سلام إلى إصدار عدة مراسيم عجيبة غريبة غير مسبوقة ولم تخطر على بال إنسان.

فجاء اول مرسوم يحتوي على امر ملكي بأغلاق كل المصانع ذات الصوامع التي تنفث سموما في الجو، وامر بأن يوضع مكانها طواحيين للهواء. ومرسوم امر بموجبة اغلاق المناجم التي تسبب الدمار للغابات والاشجار.

ومنع بمرسوم آخر استخدام السيارات التي تعمل بالوقود الصلب. ومرسوم يأمر بتسخير الشمس والهواء والماء كمصادر نظيفة للطاقة. تلاه مرسوم يكلف كل اسرة بزراعة شجرة عند ولادة كل طفل، وجعل للشجرة عيد يحتفل فيه الناس يكرمون فيه الاشجار، ويحتفون بالشرجة التي لا ينقطع عطاؤها.

وفرض في مرسوم ثالث على الناس مشاهدة الشروق والغروب والنجوم. وخصص جائزة مليكة لصاحب اجمل بستان ازهار. وامر بمد القنوات بهدف ايصال مياه الانهار الى كل مكان.


يتبع،،

أسرار أحمد 03-04-2013 06:38 PM

و كما قلت هذه البدايات قابلة للتعديل

ابتدأت السمكة الصفراء الحديث قائلة ، كنَّا كل يوم بعد الغداء نتسابق مع حوريتنا الحسناء ، كلٌّ منَّا في رتل ، الأسماك الصفراء بلونها الذهبي ، و الأسماك الحمراء بطولها الجميل ، على أنغام اصطكاك أسنان أسماك القرش بحجمها الكبير و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، لتأخذ الدرر من أفواه الأصداف تاركةً الأسماك في غيظها تكتوي إلى أن طال غيابها حتَّى ساد القلق و عمَّ في قلوب أسماك المحيطات ...

يتبع ......

ياسر علي 03-05-2013 12:56 AM

سعيد جدا ببداية هذا الورش ، نعم الفكرة هي ، وحبذا لو تفاعل الكثيرون مع هذه الفسحة العطرة في رياض الطفولة.
الطفل ذاك البرعم الذي ينتظر منا الكثير ، ذلك الفارس الذي سنعتمد عليه يوما في رفع راية التحدي و ردم هوة عمقنا أخاديدها ، عسى طريقا إلى مجد ضيعناه يكون على يديه سالكا آمنا .
لعمري إنها أجل خدمة تقدم لصغارنا ، أن نغذي ملكاتهم و ننمي فيهم روح الإقدام و حب الاستطلاع ، ونساعدهم على العثور على ذواتهم ، ولعل التدريب على القراءة و تذوق حلاوة المعرفة ، و توطيد الصلة بين الطفل والتعلم واحدة من الرسالات التي ينبغي أن نجتهد في أدائها دون كلل و لا ملل .
لم أشارك في المنابر بعد بأي عمل . ولعل بدايتي هنا ستكون بحول الله . ما زالت الفكرة تتخمر في دواخلي ومتى نضجت لن أجد كثير صعوبة في ترجمتها عملا إبداعيا .
لي بعض ملا حظات على النصين لكن لن أشوش تركيز الأستاذ أيوب الذي أقدره تمام الاحترام وكذا الأستاذة الفاضلة سارة .
تحيتي لمجهوديكما وتحيتي لكل من يستفزه السؤال . *

أسرار أحمد 03-05-2013 02:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 140559)
سعيد جدا ببداية هذا الورش ، نعم الفكرة هي ، وحبذا لو تفاعل الكثيرون مع هذه الفسحة العطرة في رياض الطفولة.
الطفل ذاك البرعم الذي ينتظر منا الكثير ، ذلك الفارس الذي سنعتمد عليه يوما في رفع راية التحدي و ردم هوة عمقنا أخاديدها ، عسى طريقا إلى مجد ضيعناه يكون على يديه سالكا آمنا .
لعمري إنها أجل خدمة تقدم لصغارنا ، أن نغذي ملكاتهم و ننمي فيهم روح الإقدام و حب الاستطلاع ، ونساعدهم على العثور على ذواتهم ، ولعل التدريب على القراءة و تذوق حلاوة المعرفة ، و توطيد الصلة بين الطفل والتعلم واحدة من الرسالات التي ينبغي أن نجتهد في أدائها دون كلل و لا ملل .
لم أشارك في المنابر بعد بأي عمل . ولعل بدايتي هنا ستكون بحول الله . ما زالت الفكرة تتخمر في دواخلي ومتى نضجت لن أجد كثير صعوبة في ترجمتها عملا إبداعيا .
لي بعض ملا حظات على النصين لكن لن أشوش تركيز الأستاذ أيوب الذي أقدره تمام الاحترام وكذا الأستاذة الفاضلة سارة .
تحيتي لمجهوديكما وتحيتي لكل من يستفزه السؤال . *

سلام الله عليك أستاذنا أهلاً بك في واحتنا و نتشرف بملاحظاتك
نحن بانتظارها بالنسبة لي هذه أول مرة أكتب قصص للأطفال
و طبعاً أنتظر الملاحظات

أسرار أحمد 03-05-2013 03:46 PM

في أعماق المحيطات ، تلك التي لطالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات ، إنَّها المحيطات لكم جرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار و كم عدَّت جسراً يصل ما بين الدول و القارات ، نبحر في أعماقها ، لنرى العجائب و الآيات ، فالأسماك تتمايل ما بين الحشائش مختلفة الألوان، تارةٌ تلوح أسرابٌ كبيرة صفراء ، لتتبعها أسماك طويلة حمراء ، و عجباً للسمان الكبار إنَّها القرش بأسنان كالمنشار ،
ترى ما هذه الأنوار التي تضيء كالمصابيح في دجى الأيام و تزين الحشائش بأروع الأنوار .
إنَّها الدرر ما بين أفواه الأصداف التي عبَّرت عن نعاسها ففتحت أفواهها لتنير من حولها بدرها المكنون .
و ما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً ...
لنصل إلى قصر كأنَّه من عالم الأحلام .
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدر
من أفواه الأصداف .
ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟؟؟؟؟هيَّا نذهب للأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات
ابتدأت السمكة الصفراء الحديث قائلة ، كنَّا كل يوم بعد الغداء نتسابق مع حوريتنا الحسناء ، كلٌّ منَّا في رتل ، الأسماك الصفراء بلونها الذهبي ، و الأسماك الحمراء بطولها الجميل ، على أنغام اصطكاك أسنان أسماك القرش بحجمها الكبير و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، لتأخذ الدرر من أفواه الأصداف تاركةً الأسماك في غيظها تكتوي إلى أن طال غيابها حتَّى ساد القلق و عمَّ في قلوب أسماك المحيطات ...

يتبع ......

ايوب صابر 03-07-2013 10:04 AM

الاستاذ ياسر على

وانا سأكون بانتظار ابداعاتك هنا. كما ساكون بانتظار ملاحظتك لكن دعنى اكمل النص اولا. واضح انك تمتلك تصور واضح لما يجب ان تكون عليه الكتابة للطف.
- الطفل ذاك البرعم الذي ينتظر منا الكثير.
- ذلك الفارس الذي سنعتمد عليه يوما في رفع راية التحدي و ردم هوة عمقنا أخاديدها ، عسى طريقا إلى مجد ضيعناه يكون على يديه سالكا آمنا .
- أن نغذي ملكاتهم .
- ننمي فيهم روح الإقدام .
- ننمي فيهم حب الاستطلاع .
- نساعدهم على العثور على ذواتهم.
- تثقيفهم باهمية التدريب على القراءة و تذوق حلاوة المعرفة.
- توطيد الصلة بين الطفل والتعلم واحدة من الرسالات التي ينبغي أن نجتهد في أدائها دون كلل و لا ملل .

أسرار أحمد 03-07-2013 07:05 PM

و بعد طول انتظار نادت السمكة الحمراء جموع الأسماك لزيارة الحورية علَّهم يعرفوا سبب غيابها الطَّويل ،
انطلقت الأسماك باتِّجاه القصر بألوانها المتنوعة لتبدو في سيرها و كأنَّها قوس قزح أطلَّ من بعد المطر،في أجمل و أبهى الحلل، و عند الوصول و بعدما استأذنوا الحارس بالدُّخول .
خالت السَّمكات نفسها، دخلت في بوابة الزَّمن و عادت للعصور الوسطى ، زمن الخليفة هارون الرَّشيد و كأنَّهم، الآن في ضيافة زوجته زبيدة .
ثم بعدما هدؤوا أدركوا أنَّهم داخل قصر الحورية الحسناء .
و في قاعة الانتظار أهلَّت أخيراً الحورية الغائبة بوجهها الحزين و الكلُّ مشدود إليها لمرآها العابس التعيس ......
يتبع

أسرار أحمد 03-07-2013 07:08 PM

في أعماق المحيطات ، تلك التي لطالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات ، إنَّها المحيطات لكم جرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار و كم عدَّت جسراً يصل ما بين الدول و القارات ، نبحر في أعماقها ، لنرى العجائب و الآيات ، فالأسماك تتمايل ما بين الحشائش مختلفة الألوان، تارةٌ تلوح أسرابٌ كبيرة صفراء ، لتتبعها أسماك طويلة حمراء ، و عجباً للسمان الكبار إنَّها القرش بأسنان كالمنشار ،
ترى ما هذه الأنوار التي تضيء كالمصابيح في دجى الأيام و تزين الحشائش بأروع الأنوار .
إنَّها الدرر ما بين أفواه الأصداف التي عبَّرت عن نعاسها ففتحت أفواهها لتنير من حولها بدرها المكنون .
و ما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً ...
لنصل إلى قصر كأنَّه من عالم الأحلام .
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدر
من أفواه الأصداف .

ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟؟؟؟؟هيَّا نذهب للأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات
ابتدأت السمكة الصفراء الحديث قائلة ، كنَّا كل يوم بعد الغداء نتسابق مع حوريتنا الحسناء ، كلٌّ منَّا في رتل ، الأسماك الصفراء بلونها الذهبي ، و الأسماك الحمراء بطولها الجميل ، على أنغام اصطكاك أسنان أسماك القرش بحجمها الكبير و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، لتأخذ الدرر من أفواه الأصداف تاركةً الأسماك في غيظها تكتوي إلى أن طال غيابها حتَّى ساد القلق و عمَّ في قلوب أسماك المحيطات ...
و بعد طول انتظار نادت السمكة الحمراء جموع الأسماك لزيارة الحورية علَّهم يعرفوا سبب غيابها الطَّويل ،
انطلقت الأسماك باتِّجاه القصر بألوانها المتنوعة لتبدو في سيرها و كأنَّها قوس قزح أطلَّ من بعد المطر،في أجمل و أبهى الحلل، و عند الوصول و بعدما استأذنوا الحارس بالدُّخول .
خالت السَّمكات نفسها، دخلت في بوابة الزَّمن و عادت للعصور الوسطى ، زمن الخليفة هارون الرَّشيد و كأنَّهم، الآن في ضيافة زوجته زبيدة .
ثم بعدما هدؤوا أدركوا أنَّهم داخل قصر الحورية الحسناء .
و في قاعة الانتظار أهلَّت أخيراً الحورية الغائبة بوجهها الحزين و الكلُّ مشدود إليها لمرآها العابس التعيس ......

يتبع

ريمه الخاني 03-11-2013 06:02 AM

السلام عليكم جميعا:
تجربة الورشة تجربة رائعة ولاشك,وأرى انها تحفز على البحث في زوايا القريحة الأدبية لتحفيزها لعطاء أكبر ولكن:
1-أين تعريف مصطلح"أدب الأطفال"
2- أين التجربة العربية في هذا المضمار؟
3-أين النظرة التاريخية العامة؟ام هي مقتطفات فقط؟
4- واخيرا هل نحن نقوم بتغريب التجربة الأدبية العربية بإلقاء الضوء على القلم الغربي دونا عن العربي الذي بدأ يتجه بجدية عبر المنتديات لإغناء مكتبة الطفل؟فضلا عن التجارب الأولى!!!
أسئلة عديدة يهمني الولوج لعالمها,واخيرا اسمحوا لي بضم بعض الأراء وبعض ماورد لكتابي الجديد.
كل التقدير.

ايوب صابر 03-11-2013 11:48 AM

اهلا وسهلا استاذة ريمه الخاني واشكرك جزيل الشكر على الاشادة باهمية الورشه والغاية منها هنا هو كما تقولين ان نتعلم ونجرب كيف نكتب للاطفال.
للاجابة على الاسئلة التي طحتها اقول:

1-أين تعريف مصطلح"أدب الأطفال"
كنت قد اوضحت في المقدمة بأن الغاية من الورشة هو التعمق في فهم ودراسة اسلوب الكاتبة السويدية السحري واعتبارها نموذج للكتابة الناجحة للاطفال، اي تجاوز ما هو سائد ومألوف والانتقال الى ما هو سحري واستثنائي. فلا حاجة لنا هنا بالتعريف الاكاديمي لمصطلح ادب الاطفال وعلى امل ان تشكل مجموعة المميزات التي امتاز بها ادب الكتابة السويدية التعريف لادب الاطفال المميز.

2- أين التجربة العربية في هذا المضمار؟
ان كان لديك ما يستحق ان يذكر عن التجربة العربية في المجال سنكون شاكرين لك لو قدمت لنا ملخص عنه هنا. علما بأن الرأي السائد يشير الى ضعف كبير في مجال ادب الاطفال عند العرب لاسباب ومحددات كثيرة ذكر بعضها في المقدمة.

3-أين النظرة التاريخية العامة؟ام هي مقتطفات فقط؟
في تصوري اردنا من الورشة ان تركز على عناصر الجمال والسحرية في ادب الكاتبة السويدية وتحاول تجاوز ما سائد ومألوف وتاريخي.

4- واخيرا هل نحن نقوم بتغريب التجربة الأدبية العربية بإلقاء الضوء على القلم الغربي دونا عن العربي الذي بدأ يتجه بجدية عبر المنتديات لإغناء مكتبة الطفل؟فضلا عن التجارب الأولى!!!
لا اعرف ماذا تعني اننا نقوم بتغريب التجربة العربية؟ وهل ان قمنا على دراسة عناصر القوة في رواية الشيخ والبحر لهمنجوي نكون قد غربنا روايات ريمه الخاني؟ او واسيني الاعرج او نجيب محفوظ . الهدف هو الاستفادة من التجربة الغربية ونقل عناصر التأثير لصناعة قصص اطفال ناجحه. ما حاجتنا في كتابة قصص لا تقرأ او انها تعيد صياغة قصة ليلى والذئب والشاطر حسن.

لا شك ان نجاح الكاتبة المذكورة له علاقة بقدرة على فهم الطريقة التي يفكر ويشعر فيها الطفل وهي تكتب باسلوب مدهش سحري وغير منفر. تستطيع ان تحقق اهدافها التربوية باسلوب غير مباشر. يعني تخلصت من عقد الوعظ والارشاد لكنها نجحت في الوعظ والاشاد بطريقة ثورية سحرية.

واخيرا اسمحوا لي بضم بعض الأراء وبعض ماورد لكتابي الجديد.
طبعا يمكنك ضم ما تشائين من الافكارالتي تخص الورشة لكن يفضل ذكر المرجعية في حال الاخذ من افكار الكتاب الذين تعرضنا لدراساتهم هنا في محاولة منا لنتعلم منهم وحسب الاصول المعمول بها.

واهلا وسهلا بك. نورتينا بزيارتك. وننتظر منك المشاركة الفعالة.

ريما ريماوي 03-11-2013 05:33 PM

جميل ما قرأت هنا.. لي تجربة أو تجربتين سابقتين..
أود طرحهما هنا حين يتسنى المجال لذلك... والاشتراك في انتقادهما
من أجل تحسينهما، في حالة رؤية ذلك مناسبا...

متابعة بشغف ولي عودة للتعليق على القصتين المطروحتين من قبل حضراتكما أ. أيوب صابر والأستاذة سارة...

بوركتما... تحيتي.

أسرار أحمد 03-11-2013 11:30 PM

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته أهلاً بالأستاذة ناريمان و الأستاذة
ريمة الخاني و الأستاذة ريما ريماوي في واحتنا بانتظار مشاركاتكم و ملاحظاتكم حول القصص
أستاذ أيوب ما عدت أعطيتني ملاحظات حول تجربتي الأولى
باركك الله

ايوب صابر 03-12-2013 05:03 PM

مرحبا

طبعا لا بد ان اعود بملاحظاتي، لقد تأخرت بسبب الانشغال فقط.

ايوب صابر 03-12-2013 05:54 PM

ذلك الشيء
هناك، بعيدا جدا، في مجرة أخرى من بين ملايين المجرات التي تسبح في هذا الكون الواسع منذ الانفجار الكبير، وعلى بعد 500 مليون سنة ضوئية من كوكب الأرض، كانت الحياة تدب هناك بكل همة ونشاط وعنفوان على ظهر واحد من أجمل الكواكب المسكونة في هذا الكون الفسيح الذي لا يُعرف له حدود.

كان كوكبا ساحرا...اسماه أهله كوكب "نيسان". سطحه أشبة بلوحة فنية أبدعتها ريشة فنان. سهول واسعة غنية بتربتها الخصبة ذات اللون الأحمر القاني. جبال راسية متعددة الارتفاع بعضها شاهق يناطح الساحب، تكسو قممها الثلوج ناصعة البياض على مدار ألأيام. غابات كثيفة بعض أشجارها عالية كأنها تعانق النجوم. انهار عديدة متدفقة تمتاز بشلالاتها التي تخلب الأبصار. ينابيع حارة متفجرة، وأخرى تنساب مياهً باردة عذبه رقراقة. مراعي خضراء على امتداد البصر، وأشجار مثمرة، وأزهار بألوان الطيف بل هي أجمل من ذلك بكثير.

أما ابرز ما كان يميز ذلك الكوكب الصغير فهو النهر الأزرق المتعرج الكبير، الذي كان يمتد من الشمال إلى الجنوب ويكاد يقسم الكوكب إلى نصفين متساويين، شرقي وغربي ..وهو ما سهل على أعظم ملوك كوكب نيسان تقسيم مملكته، التي هي اشبه بجزيرة في وسط بحر عظيم، إلى مملكتين يفصل بينهما ذلك النهر العظيم، عندما أحس بدون اجله.
كان ذلك منذ ألف، ألف عام أو يزيد، حينما جمع الملك العظيم حاشيته ووزراؤه، وجلس إلى يساره ابنه البكر ضرغام، وكان عندها طفلا في سن العاشرة، بينما جلس ابنه الأصغر، الامير سلام، ابن الثالثة إلى يمينه.

وعندما ظهر أن المرض قد اشتد على الملك، واقترب الأجل المحتوم، أنصت الجميع ولم يكن احد يتحدث إلا همسا، بينما تحدث الملك بصوت مرتجف اختلط بأنين مسموع، وكان صوته متقطعا غير مفهوم من شدة الألم...

كان جليا للجميع بأن الملك أراد أن يقول شيئا مهما، بل شيئا مهولا، قبل أن يلفظ آخر أنفاسه، وكأنه كان يحتفظ في أعماق صدره بسر عظيم، أراد أن ينقله لأبنائه الأمراء الذين سيحكمون الكوكب من بعده، فتعمق صمت الحضور، وأنصت الجميع بمزيد من الاهتمام و الانتباه، وتسمرت عينوهم على تقاسيم وجهه المتألم وحركة شفتيه التي أخذت تتباطأ شيئا فشيا.

كان الملك قد بدأ يقص عليهم حكاية أسطورية كان قد توارثها ملوك ذلك الكوكب عن جدهم الأول، جيلا بعد جيل...وبدا أن في الأسطورة نبؤه وتحذير من خطر داهم، مزلزل، وشديد، قادم من باطن الأرض أو ربما من السماء.

كان الملك قد بدأ يقص على الحضور حكاية ذلك الشيء الذي سيظهر يوما ما، وسيؤدي ربما إلى تدمير الكوكب وانتهاء الحياة عليه، ولكن القدر عاجله، ولفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يكمل حديثه...

استشعر الحضور ما أراد الملك أن يقول، وتمنوا لو انه افصح في الحديث، لكنه مات ودفن سر ذلك الشيء معه، بينما ظل خطر ذلك الشيء والخشية منه ماثلين في قلوب وعقول سكان ذلك الكوكب منذ ذلك التاريخ.

في اليوم التالي نصب سكان الكوكب أبناؤه الأمراء الأيتام، الكبير ضرغام ملكا على المملكة الغربية، والصغير سلام ملكا على المملكة الشرقية.

وعملا بالعرف المعمول به هناك، تشكلت مجالس للحكم في كل مملكة، أشرفت على تعليم وتدريب الملوك الصغار، خصصت لهم أفضل المدرسيين والمدربين في كل المجالات والميادين.

ومع مرور الأيام اصبح ضرغام فارسا قويا، وقائدا كرزميا، وخطيبا مفوها، يعشق المغامرة ، ويعشق العلوم ويميل إلى الحروب.

أما أخاه الأمير سلام فقد أصبح هو أيضا قائدا فذا كرزميا، ينطق بالحكمة على صغر سنه، لكنه اظهر شغفا بالطبيعة وحب الأدب وقول الشعر، وكان تطغى عليه روح الفنان.

وما أن تولى ضرغام الحكم انشغل في أمور مملكته وأعباء الحكم، لكن اهتمامه الأول انصب وتمحور حول معرفة ذلك الشيء الذي يهدد الحياة على الكوكب ودفن سره بموت والده.

فبادر إلى جمع قادة جيوشه وشكل مجلسا من العلماء والخبراء، وطلب منهم أن يشيروا عليه؟! فتداول الحشد الأمر لأيام وأيام، وأخيرا أشاروا عليه ببناء جيش عظيم، وتوفير السلاح له، والاستعداد للحرب، وفي نفس الوقت بناء فلك طائر عظيم، حتى إذا ما اقترب خطر ذلك الشيء حاربوه إن كانوا على ذلك قادرين، وان تبين انه لا قبل لهم على حربه، وأصبح خطر انهيار كوكبهم ماثلا، والدمار محتوم ركبوا فلكهم وطاروا هاربين وإلى كوكب آخر..فاريين.

وهكذا اصدر الملك ضرغام ملك المملكة الغربية أوامره بتسخير كل مصادر مملكته للاستعداد لليوم الموعود...وبينما اهتم قادة الجيوش بالاستعداد للحرب وتوفير السلاح، ركز العلماء على بناء ذلك الفلك الطائر العظيم...

وأصبح جميع سكان المملكة الغربية كبيرهم وصغيرهم، يعملون ليلا نهار، يبنون المصانع، ويسخرون كل إمكاناتهم وموجداتهم للمجهود الحربي، وبناء ذلك الفلك الطائر العظيم لعله يكون خلاصهم إذا ما فشلوا في هزيمة ذلك الشيء الموعود.

وفي سبيل تحقيق غايتهم المنشودة، أهمل سكان المملكة الغربية الأرض، وعزفوا عن الزراعة والأشجار، واقبلوا بنهم على بناء المصانع والعمل في التصنيع، وتحولت أنهارهم إلى مكبات للنفايات، القوا فيها مخلفات مصانعهم السامة، فتحولت الحدائق الغناء الى ارض جرداء.

تلوث المكان بمخلفات مصانعهم، حتى أنهم لم يعودا قادرين على الشرب من مياه أنهارهم التي ظلت عذبة رقراقة على مدى السنين، وتراكمت سحب الدخان الأسود في سماء المملكة، وامتدت إلى خارج حدودها بكثير، وأصبحت الغيوم مع الأيام تمطر مطرا اسودا يحرق الأشجار والمزروعات.

كادت ينابيعهم تجف، وأصبحت شمسهم تختفي خلف تلك الغيوم لساعات طوال، تسود فيها العتمة والظلام في عز الظهر. استفحلت فيهم الأمراض، ولم يعد الناس يلحظون جمال أرضهم وسحر طبيعتهم، ولم يعد احد ينتظر لحظات الغروب.

في تلك الأثناء لم يكن اهتمام الملك الشاب سلام، ملك المملكة الشرقية، بشأن ذلك الشيء، أقل من اهتمام أخاه ضرغام. وقد ظل أمر ذلك الشيء يشغل باله هو أيضا، وأحيانا كان يرى في منامه كوابيس مرعبة بطلها ذلك الشيء الذي ورث همه مناصفة مع أخيه ضرغام، منذ تلك الليلة الكئيبة التي لفظ فيها والدهما الملك آخر أنفاسه.

وكان مجلس الحكم الذي تولى إدارة شؤون المملكة الشرقية انتظارا لبلوغ الأمير سلام السن القانونية، لينصب على عرش المملكة قد خطى خطوات مشابهه لتلك التي قامت بها المملكة الغربية، فاتجهت المملكة الشرقية نحو التصنيع أيضا، وكأنها في سباق محموم مع المملكة الغربية.

ولم تكن توجهات مجلس الحكم تلك ترضى الأمير سلام رغم حداثة سنه، لكنه ظل يكتم ذلك في سريرته، فقد كان يميل إلى عشق الأرض والطبيعة، يحب الصيد، وركوب الخيل، ويمارس طقوس مشاهدة النجوم في الليالي التي تكون فيها السماء خالية من الغيوم.

وكان اشد ما يكره ذلك الأذى الذي كانت تتسبب فيه المصانع لأرض مملكته، وبساتينها وغاباتها ومياهها. وكان إذا ما شاهد سحابة سوداء تغلف الجو أصيب بحزن شديد.

ومرت الأيام وأصبح سلام بدوره فارسا قويا، وقائدا كرزميا، وخطيبا مفوها، لكن شغفه بالطبيعة وحب الأرض والأنهار والجبال والينابيع والأشجار والغابات، وممارسته لطقوس التحديق في السماء لمراقبة النجوم، وأشعة الشمس الذهبية أثناء ولادتها الصباحية، كل ذلك كان يوحي بأن سلام قد شب مختلفا عن أخاه الأكبر ضرغام، فهو هادئ الطباع، رومانسي المشاعر، مرهف الإحساس، يكره الحروب. وظهر جليا أن شغفه الأول والأخير هو الطبيعة الساحرة لمملكته التي كتب فيها شعرا وتغنى في جمالها حينما كانت تطغى عليه روح الفنان.

ولما تولى الحكم صار كل ما يتعلق بالحفاظ على جمال مملكة، وبيئتها الساحرة ، وطبيعتها الخلابة، على رأس أولوياته، لكنه لم ينس أبدا ذلك الشيء الذي طالما ارقه في صحوته، وحرمه من النوم لساعات طويلة حينما كانت الكوابيس تهاجمه.

وهو أيضا بادر حينما تولى الحكم إلى تشكيل مجلسا من العلماء والخبراء وأهل الرأي، وطلب منهم أن يشيروا عليه بشأن ذلك الشيء. فجاء الرأي أن تعزز المملكة الشرقية مسيرة البناء والتصنيع والاستعداد للخطر القادم الذي لم يتمكن احد من تحديد ملامحه، ولا فهم كنهه أو توقع على أي شاكلة ستقع مخاطره ومتى وأين ستحل الكارثة التي تبدو متحققة لا محالة...وعلى أن تسخر المملكة كل إمكانيتها لدر خطر ذلك الشيء أو الهروب منه وعلى شاكلة ما تقوم به المملكة الغربية.

لكن الملك الشاب فاجأ الجميع ، وعلى عكس كل التوقعات قرر عدم الموافقة على مشورة مجلس العلماء. وبادر الملك الشاب سلام ورغم تملل مستشاريه ووزراؤه إلى إصدار عدة مراسيم عجيبة غريبة وغير مسبوقة ولم تخطر على بال احد من سكان الكوكب.

فجاء أول مرسوم يحتوي على أمر ملكي بإغلاق كل المصانع ذات الصوامع التي تنفث سموما في الجو، وأمر بأن يوضع مكانها طواحيين الهواء أو زراعة ألأشجار . ومرسوم آخر أمر بموجبه إغلاق المناجم التي تتسبب في الدمار للغابات وألاراضي والمراعي.

ومنع بمرسوم آخر استخدام السيارات التي تعمل بالوقود الصلب وامر استبدالها بعربات تجرها الخيول والحمير. وفي مرسوم آخر أمر بتسخير الشمس والهواء والماء كمصادر بديلة ونظيفة للطاقة. وتلاه مرسوم يكلف كل أسرة بزراعة شجرة مثمرة عند ولادة كل طفل وشجرة حرجية عند وفاة كل انسان. وجعل للزهور عيدا يحتفل فيه الناس ويحتفون بالأزهار ويزرعون منها المزيد. وأمر بمرسوم إعادة تصدير كل المعدات التي تعمل بمبدأ الميكروويف أو تلك التي ثبت لعلماء الملكة أنها مصدر محتمل للأمراض الخبيثة وأمر على استبدالها بالأواني الفخارية. وشجع على تربية الطيور ومنع الصيد إلا في شهور محددة. وفرض في مرسوم ثالث على الناس مشاهدة الشروق والغروب والنجوم. وأمر بإنشاء السدود وحفر الينابيع ومد قنوات الرأي والأنهر الصناعية بهدف إيصال المياه إلى كل مكان.

وبين لسكان مملكته في اكثر من مناسبة أن مخاطر مسيرة التصنيع وما ينتج عنها من تلويث للمكان بالسموم والغازات، لا تقل في خطرها عن خطر ذلك الشيء.

==

نهاية الجزء الأول: ماذا حصل بعد ذلك؟ هل تمكن الملك ضرغام من صناعة فكله الطائر؟ وماذا حل بمملكته؟ وماذا فعل تجاه ذلك؟
وهل تمكن الملك سلام من حماية مملكته من الملوثات التي تنتجها مصانع المملكة الغربية؟ وماذا حصل لمملكته؟
انتظروا الجزء الثاني؟

أسرار أحمد 03-14-2013 12:35 AM

نحن بانتظار:)

ايوب صابر 03-14-2013 01:40 PM

بس بدي اول اسمع رأيكم في الجزء الاول؟!!؟؟ وهل تستحق القصة الجهد وعناء الاستمرار؟؟؟

أسرار أحمد 03-14-2013 04:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 141186)
بس بدي اول اسمع رأيكم في الجزء الاول؟!!؟؟ وهل تستحق القصة الجهد وعناء الاستمرار؟؟؟

سلام الله عليك أستاذنا قصتك أكثر من رائعة كلما عاودت قراءتها تبهرني براعتك في انتقاء الكلمات و التنقل ما بين الأفكار و محور القصة جميل ووجود السر و اللغز فيها يزيد من جمالها فإنَّ الأطفال يعشقون الألغاز

وأستاذنا لو أنَّك بعد إذنك تطرح في المنتدى بعض قصصك القديمة حتَّى يستفيد كل من يكتب من أسلوبها باركك الله

أمَّا النَّقد فلست من أهله حتَّى أنقد و لكن لعَّلي أحلل القصَّة إلى هنا
و عندما تنتهي أتابع التحليل
الصِّراع جلي في القصَّة و هو صراع داخلي داخل شخصية الأخوين
مع أنفسهم لمعرفة السر الذي دفن بموت الأب
المكان :
الأمكنة مصغَّرة و مكبَّرة
المكبَّرة: الكوكب الذي تجري عليه القصَّة
المصغَّرة : المملكتين و القصرين و المعامل و المصانع و غيرها
الأسلوب : أسلوبك قوي و متين و أحياناً أشعر أنَّه يرتقي عن مستوى الصغار
الزمان :على بعد 500 مليون سنة ضوئية

الشخوص :
الشخصيات الأساسية شخصية الأب
و شخصية ابنيه درغام و سلام
بالإضافة إلى سكان المملكتين و مجالس الحكم

ايوب صابر 03-14-2013 10:21 PM

اشكرك جدا الصحيح انك شجعتيني لاستمر خاصة ان هذه اول قصة لي. واضح انني استفدت كثيرا من معطيات هذه الورشة وبفضل تعاونك ودعمك تمكنت من انجاز هذا الجزء من المحاولة الاولى.

سأكون بانتظار رأي الاستاذة ريم بدر الدين والاستاذ ياسر علي والاستاذة نريمان الشريف والاستاذة ريما الريماوي والاستاذة ريمه الخاني والاستاذة حنان عرفه ايضا وكل الذين يمرون من هنا.

هذا العصف الذهني مفيد للغاية في تطوير المهارات السردية، وانتهز الفرصة
لـ ادعو
كل من تردد حتى الان من المشاركة في الورشة ان لا يتردد وان يقدم على التجريب .

سأكون بانتظار مشاركة الاستاذ ياسر علي بشك خاص، الذي اعتقد ان لديه الكثير ليقوله فتعليقاته ومداخلاته على الاعمال الادبية تدل على ان لديه رصيد معرفي كبير وكونه استاذ سوف يتمكن حتما من محاكاة عقل الطفل باسلوب جميل تربوي سليم .


ياسر علي 03-14-2013 11:22 PM

السلام عليكم ورحمة الله
أعجبتني بدايتك الموفقة التي أثارت موضوع البيئة بشكل سلس ومرن مما يساهم بالتحسيس بالأخطار البيئية المحدقة بكوكب الأرض ، ونجحت في توظيف قيمة المنافسة والغبطة بين الأخوين مما سيجعل الطفل سيسعى إلى توظيف هذه القيمة التي تعتبر من القيم المحفزة على الفعل والانوجاد ، أظن أن ذلك الشيء المنتظر يبقى لغزا يشد الانتباه ويفتح باب التخيل والتوقع ، فقط حاول أن تجعله ينجلي بعض الشيء تدريجيا ولو بذكر بعض أعراضه ، واستعمل مفردات أخرى للتعبير عنه ، مثل الخطر القادم ، اللغز المحير ، المجهول الآتي ......... عموما بداية جميلة جدا
الأستاذة سارة قصك لون آخر و عالم آخر وهي من القصص التي تبدو في البداية سهلة ، لكن لن ينجح في ابتكارها إلا كاتب متمرس ومالك لأسرار المحيطات وفقيه بعالم الطفل ، سعيد جدا أن أحضر كتابة قصة فأنا مجرد مبتدئ ، عموما أنا هنا أنتظر الجديد .
قريبا ستأتي مشاركتي أستاذي أيوب . *

ريمه الخاني 03-15-2013 05:57 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 140992)
اهلا وسهلا استاذة ريمه الخاني واشكرك جزيل الشكر على الاشادة باهمية الورشه والغاية منها هنا هو كما تقولين ان نتعلم ونجرب كيف نكتب للاطفال.
للاجابة على الاسئلة التي طحتها اقول:

1-أين تعريف مصطلح"أدب الأطفال"
كنت قد اوضحت في المقدمة بأن الغاية من الورشة هو التعمق في فهم ودراسة اسلوب الكاتبة السويدية السحري واعتبارها نموذج للكتابة الناجحة للاطفال، اي تجاوز ما هو سائد ومألوف والانتقال الى ما هو سحري واستثنائي. فلا حاجة لنا هنا بالتعريف الاكاديمي لمصطلح ادب الاطفال وعلى امل ان تشكل مجموعة المميزات التي امتاز بها ادب الكتابة السويدية التعريف لادب الاطفال المميز.

2- أين التجربة العربية في هذا المضمار؟
ان كان لديك ما يستحق ان يذكر عن التجربة العربية في المجال سنكون شاكرين لك لو قدمت لنا ملخص عنه هنا. علما بأن الرأي السائد يشير الى ضعف كبير في مجال ادب الاطفال عند العرب لاسباب ومحددات كثيرة ذكر بعضها في المقدمة.

3-أين النظرة التاريخية العامة؟ام هي مقتطفات فقط؟
في تصوري اردنا من الورشة ان تركز على عناصر الجمال والسحرية في ادب الكاتبة السويدية وتحاول تجاوز ما سائد ومألوف وتاريخي.

4- واخيرا هل نحن نقوم بتغريب التجربة الأدبية العربية بإلقاء الضوء على القلم الغربي دونا عن العربي الذي بدأ يتجه بجدية عبر المنتديات لإغناء مكتبة الطفل؟فضلا عن التجارب الأولى!!!
لا اعرف ماذا تعني اننا نقوم بتغريب التجربة العربية؟ وهل ان قمنا على دراسة عناصر القوة في رواية الشيخ والبحر لهمنجوي نكون قد غربنا روايات ريمه الخاني؟ او واسيني الاعرج او نجيب محفوظ . الهدف هو الاستفادة من التجربة الغربية ونقل عناصر التأثير لصناعة قصص اطفال ناجحه. ما حاجتنا في كتابة قصص لا تقرأ او انها تعيد صياغة قصة ليلى والذئب والشاطر حسن.

لا شك ان نجاح الكاتبة المذكورة له علاقة بقدرة على فهم الطريقة التي يفكر ويشعر فيها الطفل وهي تكتب باسلوب مدهش سحري وغير منفر. تستطيع ان تحقق اهدافها التربوية باسلوب غير مباشر. يعني تخلصت من عقد الوعظ والارشاد لكنها نجحت في الوعظ والاشاد بطريقة ثورية سحرية.

واخيرا اسمحوا لي بضم بعض الأراء وبعض ماورد لكتابي الجديد.
طبعا يمكنك ضم ما تشائين من الافكارالتي تخص الورشة لكن يفضل ذكر المرجعية في حال الاخذ من افكار الكتاب الذين تعرضنا لدراساتهم هنا في محاولة منا لنتعلم منهم وحسب الاصول المعمول بها.

واهلا وسهلا بك. نورتينا بزيارتك. وننتظر منك المشاركة الفعالة.

شكرا للاهتمام بما طرحت من أسئلة ولك الفضل:
بالنسبة للسؤال الأول نعم ماذكرته صحيح لكن لايعفيك من طرحه لتكون الورشة مرتبة ومنسقة فكريا,بالنسبة للتجربة العربية ومن قال انه لايوجد ولنقل مثلا "كليلة ودمنه"رغم انها توجه للكبار أيضا,وقد اقتبس منها كتاب كبار وحوروها وهذا دليل غنى التجربة قديما وفقرها حديثا,لذا لو عمقنا التجربة تاريخيا نستطيع ان نمضي قدما بعد هذا الجهد العظيم لكتابة نصوص للأطفال على ضوء مادرسناه وإلا فما فائدة عملنا هذا؟بعد هذه الجولة لنطرح مفهوم:
ماهو مفهوم القصة النموذجية للأطفال؟
اما عن التغريب:فقد قصدت أنه رغم فقر التجربة العربية بقصص الأطفال ,لكنها غير معدومة فلم لانسلط الضوء على ميزاتها وسيئاتها كي ننطلق من جديد ونكتب مالم نكتبه بعد,وهنا نكون قد استفدنا من تلم الورشة تماما.
اعتبرها مجرد وجهة نظر.
ولكم الفضل في رحابة صدركم وفكركم.

أسرار أحمد 03-15-2013 05:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 141231)
السلام عليكم ورحمة الله

الأستاذة سارة قصك لون آخر و عالم آخر وهي من القصص التي تبدو في البداية سهلة ، لكن لن ينجح في ابتكارها إلا كاتب متمرس ومالك لأسرار المحيطات وفقيه بعالم الطفل ، فقط ملا حظة صغيرة هو كثرة ذكر كلمة "الأسماك" في النص قد تفسد جماليته ، أتمنى لو غيرتها بمرادفات وعند ذكرها بالألوان من المستحسن حذف كلمة السمكة وذكر اللون ، سعيد جدا أن أحضر كتابة قصة فأنا مجرد مبتدئ ، عموما أنا هنا أنتظر الجديد .
قريبا ستأتي مشاركتي أستاذي أيوب . *

جزاك الله خيراً أستاذنا

أسرار أحمد 03-15-2013 05:36 PM

في أعماق المحيطات ، تلك التي لطالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات ، إنَّها المحيطات لكم جرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار و كم عدَّت جسراً يصل ما بين الدول و القارات ، نبحر في أعماقها ، لنرى العجائب و الآيات ، فالأسماك تتمايل ما بين الحشائش مختلفة الألوان، تارةٌ تلوح أسرابٌ كبيرة صفراء ، لتتبعها طويلة حمراء ، و عجباً للسمان الكبار إنَّها القرش بأسنان كالمنشار ،
ترى ما هذه الأنوار التي تضيء كالمصابيح في دجى الأيام و تزين الحشائش بأروع الأنوار .
إنَّها الدرر ما بين أفواه الأصداف التي عبَّرت عن نعاسها ففتحت أفواهها لتنير من حولها بدرها المكنون .
و ما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً ...
لنصل إلى قصر كأنَّه من عالم الأحلام .
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدر
من أفواه الأصداف .

ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟؟؟؟؟هيَّا نذهب للأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات
ابتدأت السمكة الصفراء الحديث قائلة ، كنَّا كل يوم بعد الغداء نتسابق مع حوريتنا الحسناء ، كلٌّ منَّا في رتل ، الصفراء بلونها الذهبي ، و الحمراء بطولها الجميل ، على أنغام اصطكاك أسنان القرش بحجمها الكبير و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، لتأخذ الدرر من أفواه الأصداف تاركةً الأسماك في غيظها تكتوي إلى أن طال غيابها حتَّى ساد القلق و عمَّ في قلوب الجميع..
و بعد طول انتظار نادت الحمراء جموع الأسماك لزيارة الحورية علَّهم يعرفوا سبب غيابها الطَّويل ،
انطلقت الأسماك باتِّجاه القصر بألوانها المتنوعة لتبدو في سيرها و كأنَّها قوس قزح أطلَّ من بعد المطر،في أجمل و أبهى الحلل، و عند الوصول و بعدما استأذنوا الحارس بالدُّخول .
خالوا أنفسهم، دخلوا في بوابة الزَّمن و عادوا للعصور الوسطى ، زمن الخليفة هارون الرَّشيد و كأنَّهم، الآن في ضيافة زوجته زبيدة .
ثم بعدما هدؤوا أدركوا أنَّهم داخل قصر الحورية الحسناء .
و في قاعة الانتظار أهلَّت أخيراً الحورية الغائبة بوجهها الحزين و الكلُّ مشدود إليها لمرآها العابس التعيس ......
صكَّت القرش أسنانها محاولةً أن تعزف لحناً علَّ الجميع ينشد
أغنية يزيح بها الحزن عن وجه الحورية الحزين

ياسر علي 03-17-2013 08:05 PM

الشاطر 1
حطت بهم الرحلة في هذا المخيم الصيفي ، مساكنه متناثرة بين شعاب تخترق أرضه المنبسطة الممتدة غربا إلى شاطئ البحر برماله الذهبية الملمعة بمياه المد والجزر، وشرقا تترامى إلى التلال المعانقة للأفق البعيد مستندة على كتل جبلية تلف قممها عمامات ثلج بيضاء ، الجو تميل حرارته إلى اعتدال ربيعي في عز أيام القيض ، فجرا يتهادى الضباب من أعماق اليم إلى حدود الجبل ، فيحد من نصاعة المنظر البديع الذي يتجلى في الضحى عند بزوغ أشعة الشمس كانسة أطياف دخان البحر .
علي يحب الركض واراء الفراشات والعبث بالحشرات ، وقنص الطيور ، في يده مقلاع به يصوب بدقة رام محترف ، كلما ظهرت يمامة أرسل إليها قذيفة تسقط بعضا من ريشها أو تهوي صريعة ، تستهويه ذوات الأجنحة فيقلد تغريد البلابل ، وهديل الحمام و شقشقة الشحارير ، لا يحب نعيب الغربان المحلقة مساء ، و يشمئز كلما رآها تحملق ذات اليمين والشمال ، تمنى لو تفقد أجنحتها فتلازم جحور الأرض . ترافقه سوسو ، سالوقية بأطراف طويلة وجسم نحيف ، كلما اقتنص صيدا يكون لها هدية ، ما أن يبدأ الرمي حتى تنطلق كالسهم لا تعيقها السهوب والأحجار و الأغصان اليابسة المنتشرة تحت الظلال الوارفة . كلما دب إليه العياء تناول قنينة الماء من محفظته الظهرية ، مستظلا بدوحة الجوز أو شجرة البلوط ، مستمتعا بأناشيد الطيور التي تتناغم بشكل جميل ، يقض مضجعه صوت الصرار الذي يدوم كأزيز قطار لا يتوقف في أذنيه ، كلما تناهى إلى مسامعه أعد منجنيقه نحو الشجرة التي تحويه طاردا هذه الحشرة التي لا تحسن غير العويل على مدى العمر نادبة حظها العاثر من مسامرة الأنغام ومعانقة الألوان . يحب الهدهد ورشاقته و انسجام ألوانه ، يجده حكيما في انزوائه وملكا في هيئته ، يستحلى هدهدة تداعب أعماق نفسه ، تلاعب دقات قلبه فيقلد هذه التأتأة الحزينة فيتمدد استرخاء فتطير أحاسيسه سابحة في فضاء الأحلام .

*

ايوب صابر 03-17-2013 08:57 PM

استاذ ياسر قدرة هائلة على الوصف الجميل.

ساكون بانتظار كيف ستتطور الحبكة وما طبيعة الصراع الذي سيتمحور الحكي حوله.

ياسر علي 03-17-2013 09:33 PM

الشاطر 2
يعود كل يوم وقد تلطخت ملابسه ، فيجد أمه هيأت له حماما وطعاما ، يلهو بألعابه الالكترونية قليلا ، يشاهد حلقة صديق الأطفال ، ثم تتسلل أصابعه إلى الخزانة فيسيح بين أحضان قصصه في انتظار قدوم والده .
أبوه يحبه حبا مجنونا ، رغم ذلك يفرض عليه نظاما صارما ، غسل الأسنان ، تقليم الاظافر ، تهوية الغرفة ، ساعات اللعب ، أوقات المذاكرة ، يرافقه إلى البحر وهناك يجده الشاطر إنسانا مغايرا ، يخيل إليه أنه طفل في حجم كبير ، يتراشقان بالماء ، يرميه على الأمواج ، يعلمه ركوبها على صهوة اللوح فيتزحلقان بندية الصبيان ، يصطادان الأسماك قرب الصخرة الجاثمة على بساط الماء الأزرق عند مصب النهر . يستطيب علي مخادعة الحيتان بصنارته الحادة التي يختار لها طعما أخاذا ، يحرك القصبة بمهارة الصياد ، تتهافت عليه الأسماك لترصع مائدة العشاء .
الجار مصطفى ميسور الحال ، لديه قارب جميل ، يخت فيه غرفة نوم و مطبخ و حمام*وبهو صغير بأريكتين و مائدة و مقصورة القيادة بأجهزة وشاشات مختلفة الأحجام ، في شرفته مقاعد مذهبة تحت ظلة قزحية الألوان ، هناك يستشرف الجارمع زوجته طامو هذه الصفحة الزرقاء .
ركبوا البحر و قد تبن الخيط الأبيض من الأسود ، أمه تظهر اليوم أكثر جمالا بجسمها الرشيق و فستانها الوردي . طامو تتحرك ببطء ، فاض وجهها على عنقها ، وتكوم ظهرها فغابت رقبتها ، باسمة الملامح ، وديعة الصوت ، صعدت اليخت بصعوبة و زفرات متتابعة ، ترغمها الأم في فسحتهما أحيانا على السباحة رغم تحرجها من عيون تشد إليها الرحال كلما شلحت ملابسها ، فتصبح كتلة لحمية بدينة تمشي الهوينى نحو الماء كفقمة سمينة .
لم يحس غربة كبيرة رغم اقتحامه عالم الكبار أحيانا يرى فيهم براءة أطفال المدارس ، أحب أن يمثل في حضرتهم دور راشد حقيقي ، فيحاولون استنطاقه وأخذ رأيه فيجرهم إلى شغب الطفولة فتنطلق قهقهاتهم ، يحب استثارة ضحكاتهم فيظنون به قصورا ، يغتنمها فرصة لاستكشاف سذاجة الكبار ، قالت له الخالة طامو : "هل تود أن تلعب معي الغميضى؟"*رد عليها متهكما :" طبعا ولكن لا تستطيعين الاختباء تحت المائدة " فثارت ثائرتها واحمرت وجنتاها الممتلئتان ،فاستطرد قائلا:" عذرا خالتي لست كمشرفة برامج الأطفال ، يوما أرادت أن تمازح قطها الذي تقوس ظهره وانتفخ ذيله ، فغرز مخالبه في وجهها ، فاضطرت لارتداء قناع طيلة أسبوع كامل " انطلت الكذبة على الخالة المبتسمة على إيقاع ضحكات الجمع ، فضمته بقوة طابعة قبلة على جبينه ، فأحس ضغطا يعصر جسمه الفتي كما لو أنه بين فكي كماشة .*

ياسر علي 03-17-2013 11:14 PM

الشاطر3
ما أحلى منظر الغروب ! حين تعانق الشمس مياه البحر وقد احمر الشفق وصفحة الماء كشفتي الأم . بينما الجميع على سطح المركب يشدهم رونق الطبيعة وقد ابتسم الأفق لمقدم الليل ، توقف المركب عن المسير فجأة و انطفأ مصباح بدأ نوره يشع ، أسرع العم مصطفى إلى مقصورة القيادة ، أفجعه دخول المياه المالحة إلى الجناح السفلي ، ، هرع إلى إطلاق نداء استغاثة فوجد جهاز الإنذار والاتصال معطلا ، أخرج هاتفه النقال من جيبه ليجده خارج التغطية ، صرخ بصوت مرعب : " ياسر..ياسر !! أينك ياسر ؟ هاقد أصبحنا في عداد الأموات ، ها قد تقطعت حبال الأمل" أجابوه بهبة واحدة ، فوجدوه منكسر الرجاء ، دامع العين ، يئن لهول الصدمة ، فانخرطت طاموا في العويل بينما الأم تقطبت ملامحها ، وظهرت على وجهها علامات السنين ، رد ياسر باستغراب " ماذا تعني ؟ ماذا سنفعل؟" فأجاب مصطفى بقلة حيلة " سنموت سنموت " أطلق علي صفيرا أتبعه بصياح فأخذته الأم بين ذراعيها :" ما من جدوى بني ، لن يسمعك أحد ، فنحن بعيدون جدا جدا "*لكن أردف في الحال : " عمي أين قارب النجاة ؟ " فرد العم بيأس ، أتظن هذا الكيس ينجينا من انفعال البحر ، أتظن أن أحدا سيفتقدنا ، أتظننا نستطيع بلوغ الشاطئ بهذا الصفاق و لو هدأ البحر " أسرع ياسر بفتح أحزمة الغشاء المطاطي وهو يردد : " لا باس سنحاول " انخرط الجميع في العمل ، وقد دلهم مصطفى على مكان وجود مضخة الهواء ، ولحسن حظهم ممدوا أنبوبها إلى السطح فبدأ الزورق يتشكل . وزعت الخالة قمصان االنجدة على الجميع وحملت لوحتها التي لا تفارقها ، كيف لا وهي تذكار يوبيلها النحاسي .
على الزورق استوى الخمسة بشق الأنفس ومعهم سوسو تحرك ذيلها بدون توقف ، الخالة تتلو صلواتها وقد استحكم الظلام ، حين سمعوا ابتلاع البحر للمركب الجميل وهم لا يبتعدون عنه إلا بامتار معدودات ، فهزت حركة الماء الصفاق الذي يطفو بتوازن هش ، فكفة الخالة مائلة مما جعل زوجها يساعدها لتصل إلى مركزه .
الأم تنشد في أذن الصغير بصوتها العذب أنشودة مرحة ، وبين الفينة والأخرى تمسح دمعة تهوي من عينيها قائلة : " أخاف أن أموت قبل أن تعلم يا بني ، أني مجرد أم ربتك ، أما والداك فقد ماتا في حادثة سير بعد مولدك بستة أشهر "
كانت جملة أقوى من غرق المركب ، " آه أمي ماتت وأبي مات ، ونحن سنموت ، ما هذا يا إلهي
أنا السبب ، أنا الغراب ، أنا البومة ، أنا الشر تخلصوا مني ، أنا قاتل آبائي ، أنا من يقتلهم مرتين " يبكي منتحبا وأمه تمسح على رأسه بمرونة وهو يردد أنا الغراب ..أنا الغراب ... أنا البومة....تقبل جبينه وتقول " أبوك وأمك يريدانك قويا يا بني ، كن صلبا حتى أنت مستعد للقائهما ...لا تستسلم ، أنظر هناك رغم أننا في هذه الورطة ..... هناك نجوم تتلالأ و ثريا في الفضاء تتزين فتملأ الدنيا أملا و فألا حسنا "


تتبع إن شاء الله مع تحياتي لكم جميعا وللاستاذ ايوب خصوصا .

أسرار أحمد 03-18-2013 03:06 PM

في أعماق المحيطات ، تلك التي لطالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات ، إنَّها المحيطات لكم جرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار و كم عدَّت جسراً يصل ما بين الدول و القارات ، نبحر في أعماقها ، لنرى العجائب و الآيات ، فالأسماك تتمايل ما بين الحشائش مختلفة الألوان، تارةٌ تلوح أسرابٌ كبيرة صفراء ، لتتبعها طويلة حمراء ، و عجباً للسمان الكبار إنَّها القرش بأسنان كالمنشار ،
ترى ما هذه الأنوار التي تضيء كالمصابيح في دجى الأيام و تزين الحشائش بأروع الأنوار .
إنَّها الدرر ما بين أفواه الأصداف التي عبَّرت عن نعاسها ففتحت أفواهها لتنير من حولها بدرها المكنون .
و ما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً ...
لنصل إلى قصر كأنَّه من عالم الأحلام .
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدر
من أفواه الأصداف .

ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟؟؟؟؟هيَّا نذهب للأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات
ابتدأت السمكة الصفراء الحديث قائلة ، كنَّا كل يوم بعد الغداء نتسابق مع حوريتنا الحسناء ، كلٌّ منَّا في رتل ، الصفراء بلونها الذهبي ، و الحمراء بطولها الجميل ، على أنغام اصطكاك أسنان القرش بحجمها الكبير و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، لتأخذ الدرر من أفواه الأصداف تاركةً الأسماك في غيظها تكتوي إلى أن طال غيابها حتَّى ساد القلق و عمَّ في قلوب الجميع..
و بعد طول انتظار نادت الحمراء جموع الأسماك لزيارة الحورية علَّهم يعرفوا سبب غيابها الطَّويل ،
انطلقت الأسماك باتِّجاه القصر بألوانها المتنوعة لتبدو في سيرها و كأنَّها قوس قزح أطلَّ من بعد المطر،في أجمل و أبهى الحلل، و عند الوصول و بعدما استأذنوا الحارس بالدُّخول .
خالوا أنفسهم، دخلوا في بوابة الزَّمن و عادوا للعصور الوسطى ، زمن الخليفة هارون الرَّشيد و كأنَّهم، الآن في ضيافة زوجته زبيدة .
ثم بعدما هدؤوا أدركوا أنَّهم داخل قصر الحورية الحسناء .
و في قاعة الانتظار أهلَّت أخيراً الحورية الغائبة بوجهها الحزين و الكلُّ مشدود إليها لمرآها العابس التعيس ......
صكَّت القرش أسنانها محاولةً أن تعزف لحناً علَّ الجميع ينشد
أغنية يزيح بها الحزن عن وجه الحورية الحزين
ثمَّ بدؤوا بالغناء
في الأمس كانت حورية
تضحك في بحرٍ مسرورة
ماذا حدث غابت زمناً
باتت عابسة محزونة
هيَّا ابتسمي قولي حالاً
فيم الحزن يا مزيونة
صمت الجميع ورفعت الحورية رأسها ليبين عن وجهها هذا الوجه الَّذي اكتسب بياضه من حبَّات الثَّلج و هاتان العينان بالحور الذي في طرفهما و كأنَّهما نزلتا من رياض الجنان ، و بدأ الثَّغر يتكلَّم ليفصح اللسان عمَّا طواه القلب ،
بينما كنت أتنقل في أرجاء المحيطات نزلت عند كوخ قديم لأستريح بعض الوقت و غلبتني عيناي فنمت ، و إذ بي أستيقظ لأرى حورية
حورية من أجمل ما خلق الله تتقطَّر الرحمة من عينيها توقظني و تدعوني لأتناول معها كوباً من الحساء ، كان بيتها متواضع لكنني شعرت أنه مليء بالأسرار ثمَّ دعتني لأصعد معها إلى العلية
و إذ بي أرى مكتبة تربعت على أغصان الأشجار فيها ما لذَّ و طاب من أصناف العلوم و الآداب و الفنون ، فيها الاكتشافات و الاختراعات و المؤلفات و المصنَّفات و الألواح و الرسومات ، و إلى جانب العلية غرفة صغيرة تحيك بها الحورية الملابس التي تبيعها و من ريعها تغني مكتبتها بنفائس الكتب و درر العلوم و الفنون .
لم أذق في حياتي أطيب من هكذا حساء على الرغم من بساطته
شعرت بأنَّه ألذ و أطيب من الموائد الفاخرة التي تقدم كل يوم في قصري الرائع الكبير
عندها أحسست بتفاهتي .
أمضي وقتي كلَّ يوم باللعب و السباق هذا و أنا الذي تيَّسرت لي كل أسباب الحياة ، و غيري يفني أيامه بالجدِّ و العلم و العمل .
كوخٌ صغيرٌ أثمر علماً و فناً و أدباً و قصر كبير ضاعت فيه أيامي لعباً .
صاحت القرش سنبني من اليوم كوخ فاخر إلى جانب قصرك العظيم ، ندعوا إليه حوريتنا العالمة و ما أنتجته من
روائع العلوم و الآداب نتعلَّم كل يوم درساً علماً ، فنَّاً ، أدباً
و من يحرز أعلى نشاط يأخذ الدرر من أفواه الأصداف و بعدها نعود للتسابق في الميدان
تتبع

أسرار أحمد 03-18-2013 07:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 141351)
الشاطر3
ما أحلى منظر الغروب ! حين تعانق الشمس مياه البحر وقد احمر الشفق وصفحة الماء كشفتي أمه . بينما الجميع على سطح المركب يشدهم رونق الطبيعة وقد ابتسم الأفق لمقدم الليل ، توقف المركب عن المسير فجأة و انطفأ مصباح بدأ نوره يشع ، أسرع العم مصطفى إلى مقصورة القيادة ، أفجعه دخول المياه المالحة إلى الجناح السفلي ، ، هرع إلى إطلاق نداء استغاثة فوجد جهاز الإنذار والاتصال معطلا ، أخرج هاتفه النقال من جيبه ليجده خارج التغطية ، صرخ بصوت مرعب : " ياسر..ياسر !! أينك ياسر ؟ هاقد أصبحنا في عداد الأموات ، ها قد تقطعت حبال الأمل" أجابوه بهبة واحدة ، فوجدوه منكسر الرجاء ، دامع العين ، يئن لهول الصدمة ، فانخرطت طاموا في العويل بينما الأم تقطبت ملامحها ، وظهرت على وجهها علامات السنين ، رد ياسر باستغراب " ماذا تعني ؟ ماذا سنفعل؟" فأجاب مصطفى بقلة حيلة " سنموت سنموت " أطلق علي صفيرا أتبعه بصياح فأخذته الأم بين ذراعيها :" ما من جدوى بني ، لن يسمعك أحد ، فنحن بعيدون جدا جدا "*لكن أردف في الحال : " عمي أين قارب النجاة ؟ " فرد العم بيأس ، أتظن هذا الكيس ينجينا من انفعال البحر ، أتظن أن أحدا سيفتقدنا ، أتظننا نستطيع بلوغ الشاطئ بهاذا الصفاق و لو هدأ البحر " أسرع ياسر بفتح أحزمة الغشاء المطاطي وهو يردد : " لا باس سنحاول " انخرط الجميع في العمل ، وقد دلهم مصطفى على مكان وجود مضخة الهواء ، ولحسن حظهم ممدوا أنبوبها إلى السطح فبدأ الزورق يتشكل . وزعت الخالة قمصان االنجدة على الجميع وحملت لوحتها التي لا تفارقها ، كيف لا وهي تذكار يوبيلها النحاسي .
على الزورق استوى الخمسة بشق الأنفس ومعهم سوسو تحرك ذيلها بدون توقف ، الخالة تتلو صلواتها وقد استحكم الظلام ، حين سمعوا ابتلاع البحر للمركب الجميل وهم لا يبتعدون عنه إلا بامتار معدودات ، فهزت حركة الماء الصفاق الذي يطفو بتوازن هش ، فكفة الخالة مائلة مما جعل زوجها يساعدها لتصل إلى مركزه .
الأم تنشد في أذن الصغير بصوتها العذب أنشودة مرحة ، وبين الفينة والأخرى تمسح دمعة تهوي من عينيها قائلة : " أخاف أن أموت قبل أن تعلم يا بني ، أني مجرد أم ربتك ، أما والداك فقد ماتا في حادثة سير بعد مولدك بستة أشهر "
كانت جملة أقوى من غرق المركب ، " آه أمي ماتت وأبي مات ، ونحن سنموت ، ما هذا يا إلهي
أنا السبب ، أنا الغراب ، أنا البومة ، أنا الشر تخلصوا مني ، أنا قاتل آبائي ، أنا من يقتلهم مرتين " يبكي منتحبا وأمه تمسح على رأسه بمرونة وهو يردد أنا الغراب ..أنا الغراب ... أنا البومة....تقبل جبينه وتقول " أبوك وأمك يريدانك قويا يا بني ، كن صلبا حتى أنت مستعد للقائهما ...لا تستسلم ، أنظر هناك رغم أننا في هذه الورطة ..... هناك نجوم تتلالأ ثريا في الفضاء تتزين فتملأ الدنيا أملا و فألا حسنا "


تتبع إن شاء الله مع تحياتي لكم جميعا وللاستاذ ايوب خصوصا .

أستاذنا قصتك رائعة

ياسر علي 03-20-2013 05:59 PM

الشاطر4
نظر نظرة إلى النجوم فلم تعاف سقما أصابه ولم تبلسم جراحا شلت حركيته ، ولم تخفف أثقالا على كتفيه الغضتين ، انزوى متقرفصا دافنا رأسه بين ركبتيه ، لم يكن الأب بعيدا عن هذا المشهد الخفي المحزن ، أرسل إليه همسة فغمزة لكن الطفل أبى الاستجابة فرشاقة أحلامه ضاعت ، و رحابة نزقه تبخرت ، واستوطنت غصة في حجم بيضة حلقه خانقة أنفاسه، وسرعان ما ذهبت بآخر حركاته فسقط مغشيا عليه ، حاول الأب إعادته إلى الحياة بقرصة فصفعة ، رشه بحفنة ماء فسرت رعشة جسده المحموم و توالى سعاله فحضنته أمه فغاب عن الوجود سابحة روحه هناك ، طوال الليل يسمعون منه شهقات وزفرات و يغنغن بكلام غير مفهوم يتكرر فيه غين فراء فباء ، باتوا الليل كله يسلون تعبهم بحكايات لا تمسح كوابيس أحلام يقظة لا تفارقهم ، ينتظرون استفاقة من نوع ما ، لكن الليل يدوم و يدوم فربما تكون عقارب الزمان توقفت عن الدوران ، كما استبد النكد بنفوسهم فلا يتزحزح قيد أنملة .
كانت طلقته إلى الغزالة دقيقة موزونة ، أصابت قرنها الأيمن فسقطت يسارا ، انتفضت بسرعة البرق وهي تنط قفزات متوالية تزداد خلالها وثباتها اتساعا ، سوسو وراءها تطوي المسافات طيا برشاقة فهد وهمة لبؤة ، تخلص من قميص الكشافة و رمى بجرابه ملتحقا بالمتسابقتين ، تعرقله بندقيته فخبأها بين أغصان شجرة مواصلا عدوه ، حذاءه يعيق سرعته فهو ممتد نحو الركبة لكن يعطيه انطباع الجندي المقاتل ، رمى القبعة بعيدا عندما بدأ العياء يستبد به ، لايزال يجري في مسالك ملتوية بين التلال حتى تفطن أنه يطارد السراب فلا الغزالة بادية ولا الكلبة ظاهرة ، أنهكت قوته فركع ساعلا ، نافثا عوالق جفاف حلقه ، اشتعلت نار التعب في صدره ، قام من ركوعه فاخضر المكان و رقرقت مياه الجداول ، فشرب و انتشى ، و فتنته طبيعة البساتين ، زهور من كل الألوان ، أعشاب مخضرة تكبره طولا وعرضا ، وصلته هبات نسمات استدار فوجدها فراشة عملاقة تؤدي حوله رقصات ، ما إن أحس بالفزع حتى سمع نغمة ناي صديق الأطفال ، محارب الأشرار ، زارع الأمل ، ماسح الكوابيس ، راعي الأحلام وإذا بصوته البطولي يقول :" أهلا بك عزيزي و صديقي " نظر الشاطر إلى قدوته فقدم له تحية مجند لرئيسه قائلا : " أنا في خدمتك عقيدي ، أرجو أن تقبلني جنديا مع فريقك الماهر ، أريد أن أشارك في محاربة الأوهام و الوساويس ." تبسم العقيد قائلا : " ربما تحتاج إلى الراحة فقد أتيت من أرض بعيدة إلى هذه الجزيرة الخضراء ، مرتع الخير و الأفكار الجميلة ، هيا معي فنحن نكرم الضيوف أولا ، و بعد ذلك ندرس طلبك ، سرعان ما تلقى العقيد ضربة قوية رمته على بعد أمتار من الشاطر ، فظهر في الأفق البعيد من واء الجبل وحش في هيئة وطواط برأس بومة ، فأرسل بعينيه أطيافا رمادية تصحر الحديقة الغناء ، وتقضي على الفراشات ففترت عزائم علي قائلا : " عذرا أيها العقيد أنا الغراب أينما قدمت يحل به الدمار ."*

ياسر علي 03-20-2013 09:11 PM

أهلا وسهلا بكم
أنتظر انطباعاتكم أو بعض توجيه ، و حتى بعض نقد .
سؤال للأستاذ أيوب
" هل تحبون قصة مطولة ، أم متوسطة ؟
معذرة عن بعض الأخطاء اللغوية والمطبعية ، فأنا لست لي خبرة كافية ، في الضرب على لوح المفاتيح ، ومناولات الحاسوب .

ايوب صابر 03-21-2013 12:13 PM

استاذ ياسر

قصتك رائعة وقدرة على الوصف رهيبة في جمالها. استمر في الكتابة ولك ان تكتب ما تشاء. ساعود حتما ان شاء الله للحديث بتفصيل عن القصة.

آية أحمد 03-21-2013 01:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر علي (المشاركة 141333)
الشاطر 1
حطت بهم الرحلة في هذا المخيم الصيفي ، مساكنه متناثرة بين شعاب تخترق أرضه المنبسطة الممتدة غربا إلى شاطئ البحر برماله الذهبية الملمعة بمياه المد والجزر، وشرقا تترامى إلى التلال المعانقة للأفق البعيد مستندة على كتل جبلية تلف قممها عمامات ثلج بيضاء ، الجو تميل حرارته إلى اعتدال ربيعي في عز أيام القيض ، فجرا يتهادى الضباب من أعماق اليم إلى حدود الجبل ، فيحد من نصاعة المنظر البديع الذي يتجلى في الضحى عند بزوغ أشعة الشمس كانسة أطياف دخان البحر .
علي يحب الركض واراء الفراشات والعبث بالحشرات ، وقنص الطيور ، في يده مقلاع به يصوب بدقة رام محترف ، كلما ظهرت يمامة أرسل إليها قذيفة تسقط بعضا من ريشها أو تهوي صريعة ، تستهويه ذوات الأجنحة فيقلد تغريد البلابل ، وهديل الحمام و شقشقة الشحارير ، لا يحب نعيب الغربان المحلقة مساء ، و يشمئز كلما رآها تحملق ذات اليمين والشمال ، تمنى لو تفقد أجنحتها فتلازم جحور الأرض . ترافقه سوسو ، سالوقية بأطراف طويلة وجسم نحيف ، كلما اقتنص صيدا يكون لها هدية ، ما أن يبدأ الرمي حتى تنطلق كالسهم لا تعيقها السهوب والأحجار و الأغصان اليابسة المنتشرة تحت الظلال الوارفة . كلما دب إليه العياء تناول قنينة الماء من محفظته الظهرية ، مستظلا بدوحة الجوز أو شجرة البلوط ، مستمتعا بأناشيد الطيور التي تتناغم بشكل جميل ، يقض مضجعه صوت الصرار الذي يدوم كأزيز قطار لا يتوقف في أذنيه ، كلما تناهى إلى مسامعه أعد منجنيقه نحو الشجرة التي تحويه طاردا هذه الحشرة التي لا تحسن غير العويل على مدى العمر نادبة حظها العاثر من مسامرة الأنغام ومعانقة الألوان . يحب الهدهد ورشاقته و انسجام ألوانه ، يجده حكيما في انزوائه وملكا في هيئته ، يستحلى هدهدة تداعب أعماق نفسه ، تلاعب دقات قلبه فيقلد هذه التأتأة الحزينة فيتمدد استرخاء فتطير أحاسيسه سابحة في فضاء الأحلام .

*

الأخ ياسر:
أسلوبك في القص بديع، ولغتك رائعة راقية
ألا ترى معي أنها أكبر من لغة الأطفال؟

أشجعك على المواصلة، لكن لأقرِها أنا لا الأطفال. ههههه

تحياتي الخالصة.

آية أحمد 03-21-2013 02:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 141088)
ذلك الشيء
هناك، بعيدا جدا، في مجرة أخرى من بين ملايين المجرات التي تسبح في هذا الكون الواسع منذ الانفجار الكبير، وعلى بعد 500 مليون سنة ضوئية من كوكب الأرض، كانت الحياة تدب هناك بكل همة ونشاط وعنفوان على ظهر واحد من أجمل الكواكب المسكونة في هذا الكون الفسيح الذي لا يُعرف له حدود.

كان كوكبا ساحرا...اسماه أهله كوكب "نيسان". سطحه أشبة بلوحة فنية أبدعتها ريشة فنان. سهول واسعة غنية بتربتها الخصبة ذات اللون الأحمر القاني. جبال راسية متعددة الارتفاع بعضها شاهق يناطح الساحب، تكسو قممها الثلوج ناصعة البياض على مدار ألأيام. غابات كثيفة بعض أشجارها عالية كأنها تعانق النجوم. انهار عديدة متدفقة تمتاز بشلالاتها التي تخلب الأبصار. ينابيع حارة متفجرة، وأخرى تنساب مياهً باردة عذبه رقراقة. مراعي خضراء على امتداد البصر، وأشجار مثمرة، وأزهار بألوان الطيف بل هي أجمل من ذلك بكثير.

أما ابرز ما كان يميز ذلك الكوكب الصغير فهو النهر الأزرق المتعرج الكبير، الذي كان يمتد من الشمال إلى الجنوب ويكاد يقسم الكوكب إلى نصفين متساويين، شرقي وغربي ..وهو ما سهل على أعظم ملوك كوكب نيسان تقسيم مملكته، التي هي اشبه بجزيرة في وسط بحر عظيم، إلى مملكتين يفصل بينهما ذلك النهر العظيم، عندما أحس بدون اجله.
كان ذلك منذ ألف، ألف عام أو يزيد، حينما جمع الملك العظيم حاشيته ووزراؤه، وجلس إلى يساره ابنه البكر ضرغام، وكان عندها طفلا في سن العاشرة، بينما جلس ابنه الأصغر، الامير سلام، ابن الثالثة إلى يمينه.

وعندما ظهر أن المرض قد اشتد على الملك، واقترب الأجل المحتوم، أنصت الجميع ولم يكن احد يتحدث إلا همسا، بينما تحدث الملك بصوت مرتجف اختلط بأنين مسموع، وكان صوته متقطعا غير مفهوم من شدة الألم...

كان جليا للجميع بأن الملك أراد أن يقول شيئا مهما، بل شيئا مهولا، قبل أن يلفظ آخر أنفاسه، وكأنه كان يحتفظ في أعماق صدره بسر عظيم، أراد أن ينقله لأبنائه الأمراء الذين سيحكمون الكوكب من بعده، فتعمق صمت الحضور، وأنصت الجميع بمزيد من الاهتمام و الانتباه، وتسمرت عينوهم على تقاسيم وجهه المتألم وحركة شفتيه التي أخذت تتباطأ شيئا فشيا.

كان الملك قد بدأ يقص عليهم حكاية أسطورية كان قد توارثها ملوك ذلك الكوكب عن جدهم الأول، جيلا بعد جيل...وبدا أن في الأسطورة نبؤه وتحذير من خطر داهم، مزلزل، وشديد، قادم من باطن الأرض أو ربما من السماء.

كان الملك قد بدأ يقص على الحضور حكاية ذلك الشيء الذي سيظهر يوما ما، وسيؤدي ربما إلى تدمير الكوكب وانتهاء الحياة عليه، ولكن القدر عاجله، ولفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يكمل حديثه...

استشعر الحضور ما أراد الملك أن يقول، وتمنوا لو انه افصح في الحديث، لكنه مات ودفن سر ذلك الشيء معه، بينما ظل خطر ذلك الشيء والخشية منه ماثلين في قلوب وعقول سكان ذلك الكوكب منذ ذلك التاريخ.

في اليوم التالي نصب سكان الكوكب أبناؤه الأمراء الأيتام، الكبير ضرغام ملكا على المملكة الغربية، والصغير سلام ملكا على المملكة الشرقية.

وعملا بالعرف المعمول به هناك، تشكلت مجالس للحكم في كل مملكة، أشرفت على تعليم وتدريب الملوك الصغار، خصصت لهم أفضل المدرسيين والمدربين في كل المجالات والميادين.

ومع مرور الأيام اصبح ضرغام فارسا قويا، وقائدا كرزميا، وخطيبا مفوها، يعشق المغامرة ، ويعشق العلوم ويميل إلى الحروب.

أما أخاه الأمير سلام فقد أصبح هو أيضا قائدا فذا كرزميا، ينطق بالحكمة على صغر سنه، لكنه اظهر شغفا بالطبيعة وحب الأدب وقول الشعر، وكان تطغى عليه روح الفنان.

وما أن تولى ضرغام الحكم انشغل في أمور مملكته وأعباء الحكم، لكن اهتمامه الأول انصب وتمحور حول معرفة ذلك الشيء الذي يهدد الحياة على الكوكب ودفن سره بموت والده.

فبادر إلى جمع قادة جيوشه وشكل مجلسا من العلماء والخبراء، وطلب منهم أن يشيروا عليه؟! فتداول الحشد الأمر لأيام وأيام، وأخيرا أشاروا عليه ببناء جيش عظيم، وتوفير السلاح له، والاستعداد للحرب، وفي نفس الوقت بناء فلك طائر عظيم، حتى إذا ما اقترب خطر ذلك الشيء حاربوه إن كانوا على ذلك قادرين، وان تبين انه لا قبل لهم على حربه، وأصبح خطر انهيار كوكبهم ماثلا، والدمار محتوم ركبوا فلكهم وطاروا هاربين وإلى كوكب آخر..فاريين.

وهكذا اصدر الملك ضرغام ملك المملكة الغربية أوامره بتسخير كل مصادر مملكته للاستعداد لليوم الموعود...وبينما اهتم قادة الجيوش بالاستعداد للحرب وتوفير السلاح، ركز العلماء على بناء ذلك الفلك الطائر العظيم...

وأصبح جميع سكان المملكة الغربية كبيرهم وصغيرهم، يعملون ليلا نهار، يبنون المصانع، ويسخرون كل إمكاناتهم وموجداتهم للمجهود الحربي، وبناء ذلك الفلك الطائر العظيم لعله يكون خلاصهم إذا ما فشلوا في هزيمة ذلك الشيء الموعود.

وفي سبيل تحقيق غايتهم المنشودة، أهمل سكان المملكة الغربية الأرض، وعزفوا عن الزراعة والأشجار، واقبلوا بنهم على بناء المصانع والعمل في التصنيع، وتحولت أنهارهم إلى مكبات للنفايات، القوا فيها مخلفات مصانعهم السامة، فتحولت الحدائق الغناء الى ارض جرداء.

تلوث المكان بمخلفات مصانعهم، حتى أنهم لم يعودا قادرين على الشرب من مياه أنهارهم التي ظلت عذبة رقراقة على مدى السنين، وتراكمت سحب الدخان الأسود في سماء المملكة، وامتدت إلى خارج حدودها بكثير، وأصبحت الغيوم مع الأيام تمطر مطرا اسودا يحرق الأشجار والمزروعات.

كادت ينابيعهم تجف، وأصبحت شمسهم تختفي خلف تلك الغيوم لساعات طوال، تسود فيها العتمة والظلام في عز الظهر. استفحلت فيهم الأمراض، ولم يعد الناس يلحظون جمال أرضهم وسحر طبيعتهم، ولم يعد احد ينتظر لحظات الغروب.

في تلك الأثناء لم يكن اهتمام الملك الشاب سلام، ملك المملكة الشرقية، بشأن ذلك الشيء، أقل من اهتمام أخاه ضرغام. وقد ظل أمر ذلك الشيء يشغل باله هو أيضا، وأحيانا كان يرى في منامه كوابيس مرعبة بطلها ذلك الشيء الذي ورث همه مناصفة مع أخيه ضرغام، منذ تلك الليلة الكئيبة التي لفظ فيها والدهما الملك آخر أنفاسه.

وكان مجلس الحكم الذي تولى إدارة شؤون المملكة الشرقية انتظارا لبلوغ الأمير سلام السن القانونية، لينصب على عرش المملكة قد خطى خطوات مشابهه لتلك التي قامت بها المملكة الغربية، فاتجهت المملكة الشرقية نحو التصنيع أيضا، وكأنها في سباق محموم مع المملكة الغربية.

ولم تكن توجهات مجلس الحكم تلك ترضى الأمير سلام رغم حداثة سنه، لكنه ظل يكتم ذلك في سريرته، فقد كان يميل إلى عشق الأرض والطبيعة، يحب الصيد، وركوب الخيل، ويمارس طقوس مشاهدة النجوم في الليالي التي تكون فيها السماء خالية من الغيوم.

وكان اشد ما يكره ذلك الأذى الذي كانت تتسبب فيه المصانع لأرض مملكته، وبساتينها وغاباتها ومياهها. وكان إذا ما شاهد سحابة سوداء تغلف الجو أصيب بحزن شديد.

ومرت الأيام وأصبح سلام بدوره فارسا قويا، وقائدا كرزميا، وخطيبا مفوها، لكن شغفه بالطبيعة وحب الأرض والأنهار والجبال والينابيع والأشجار والغابات، وممارسته لطقوس التحديق في السماء لمراقبة النجوم، وأشعة الشمس الذهبية أثناء ولادتها الصباحية، كل ذلك كان يوحي بأن سلام قد شب مختلفا عن أخاه الأكبر ضرغام، فهو هادئ الطباع، رومانسي المشاعر، مرهف الإحساس، يكره الحروب. وظهر جليا أن شغفه الأول والأخير هو الطبيعة الساحرة لمملكته التي كتب فيها شعرا وتغنى في جمالها حينما كانت تطغى عليه روح الفنان.

ولما تولى الحكم صار كل ما يتعلق بالحفاظ على جمال مملكة، وبيئتها الساحرة ، وطبيعتها الخلابة، على رأس أولوياته، لكنه لم ينس أبدا ذلك الشيء الذي طالما ارقه في صحوته، وحرمه من النوم لساعات طويلة حينما كانت الكوابيس تهاجمه.

وهو أيضا بادر حينما تولى الحكم إلى تشكيل مجلسا من العلماء والخبراء وأهل الرأي، وطلب منهم أن يشيروا عليه بشأن ذلك الشيء. فجاء الرأي أن تعزز المملكة الشرقية مسيرة البناء والتصنيع والاستعداد للخطر القادم الذي لم يتمكن احد من تحديد ملامحه، ولا فهم كنهه أو توقع على أي شاكلة ستقع مخاطره ومتى وأين ستحل الكارثة التي تبدو متحققة لا محالة...وعلى أن تسخر المملكة كل إمكانيتها لدر خطر ذلك الشيء أو الهروب منه وعلى شاكلة ما تقوم به المملكة الغربية.

لكن الملك الشاب فاجأ الجميع ، وعلى عكس كل التوقعات قرر عدم الموافقة على مشورة مجلس العلماء. وبادر الملك الشاب سلام ورغم تملل مستشاريه ووزراؤه إلى إصدار عدة مراسيم عجيبة غريبة وغير مسبوقة ولم تخطر على بال احد من سكان الكوكب.

فجاء أول مرسوم يحتوي على أمر ملكي بإغلاق كل المصانع ذات الصوامع التي تنفث سموما في الجو، وأمر بأن يوضع مكانها طواحيين الهواء أو زراعة ألأشجار . ومرسوم آخر أمر بموجبه إغلاق المناجم التي تتسبب في الدمار للغابات وألاراضي والمراعي.

ومنع بمرسوم آخر استخدام السيارات التي تعمل بالوقود الصلب وامر استبدالها بعربات تجرها الخيول والحمير. وفي مرسوم آخر أمر بتسخير الشمس والهواء والماء كمصادر بديلة ونظيفة للطاقة. وتلاه مرسوم يكلف كل أسرة بزراعة شجرة مثمرة عند ولادة كل طفل وشجرة حرجية عند وفاة كل انسان. وجعل للزهور عيدا يحتفل فيه الناس ويحتفون بالأزهار ويزرعون منها المزيد. وأمر بمرسوم إعادة تصدير كل المعدات التي تعمل بمبدأ الميكروويف أو تلك التي ثبت لعلماء الملكة أنها مصدر محتمل للأمراض الخبيثة وأمر على استبدالها بالأواني الفخارية. وشجع على تربية الطيور ومنع الصيد إلا في شهور محددة. وفرض في مرسوم ثالث على الناس مشاهدة الشروق والغروب والنجوم. وأمر بإنشاء السدود وحفر الينابيع ومد قنوات الرأي والأنهر الصناعية بهدف إيصال المياه إلى كل مكان.

وبين لسكان مملكته في اكثر من مناسبة أن مخاطر مسيرة التصنيع وما ينتج عنها من تلويث للمكان بالسموم والغازات، لا تقل في خطرها عن خطر ذلك الشيء.

==

نهاية الجزء الأول: ماذا حصل بعد ذلك؟ هل تمكن الملك ضرغام من صناعة فكله الطائر؟ وماذا حل بمملكته؟ وماذا فعل تجاه ذلك؟
وهل تمكن الملك سلام من حماية مملكته من الملوثات التي تنتجها مصانع المملكة الغربية؟ وماذا حصل لمملكته؟
انتظروا الجزء الثاني؟

رائعة أفكارك الأستاذ أيوب، ليتك تترشح في الانتخابات وتتقدم ببرنامج بطلك سلام، وتأكد أني سأكون أول الناخبين لك.
لغتك سلسة وجميلة ، واسلوبك أيضا جميل،وإن كان ذا وتيرة سريعة، تقطع الأنفاس، ولكنني أتخيلها إذا ما طبعت في كتاب، ربما ستعطينا الصور التي تتخلل القصة من حين لآخر بعض الوقت لالتقاط النفس.
أشجعك أستاذ أيوب لكتابة مثل هذه الأفكار الراقية.
تمنيت لو أساهم أيضا بقصة للأطفال، لكني أخشى الإخفاق في كتابة شئ لم أتعوده، لكني سأحاول التواجد هنا للتشجيع، وإن كان ذلك أضعف الإيمان.
ملاحظة بسيطة: أرجو فقط الانتباه للأخطاء النحوية وهي ملاحظة ليست موجهة لك فحسب ولكن لجميع الاخوة الافاضل المساهمين، فكما تعلم أن هذا الامر في غاية الأهمية، فنحن نسعى لبناء أفكار قويمة والى جانبها لغة سليمة تحفظ للأمة كيانها.

بوركت ووفقت.
تحياتي

آية أحمد 03-21-2013 03:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسرار أحمد (المشاركة 141251)
في أعماق المحيطات ، تلك التي لطالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات ، إنَّها المحيطات لكم جرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار و كم عدَّت جسراً يصل ما بين الدول و القارات ، نبحر في أعماقها ، لنرى العجائب و الآيات ، فالأسماك تتمايل ما بين الحشائش مختلفة الألوان، تارةٌ تلوح أسرابٌ كبيرة صفراء ، لتتبعها طويلة حمراء ، و عجباً للسمان الكبار إنَّها القرش بأسنان كالمنشار ،
ترى ما هذه الأنوار التي تضيء كالمصابيح في دجى الأيام و تزين الحشائش بأروع الأنوار .
إنَّها الدرر ما بين أفواه الأصداف التي عبَّرت عن نعاسها ففتحت أفواهها لتنير من حولها بدرها المكنون .
و ما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً ...
لنصل إلى قصر كأنَّه من عالم الأحلام .
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدر
من أفواه الأصداف .

ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟؟؟؟؟هيَّا نذهب للأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات
ابتدأت السمكة الصفراء الحديث قائلة ، كنَّا كل يوم بعد الغداء نتسابق مع حوريتنا الحسناء ، كلٌّ منَّا في رتل ، الصفراء بلونها الذهبي ، و الحمراء بطولها الجميل ، على أنغام اصطكاك أسنان القرش بحجمها الكبير و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، لتأخذ الدرر من أفواه الأصداف تاركةً الأسماك في غيظها تكتوي إلى أن طال غيابها حتَّى ساد القلق و عمَّ في قلوب الجميع..
و بعد طول انتظار نادت الحمراء جموع الأسماك لزيارة الحورية علَّهم يعرفوا سبب غيابها الطَّويل ،
انطلقت الأسماك باتِّجاه القصر بألوانها المتنوعة لتبدو في سيرها و كأنَّها قوس قزح أطلَّ من بعد المطر،في أجمل و أبهى الحلل، و عند الوصول و بعدما استأذنوا الحارس بالدُّخول .
خالوا أنفسهم، دخلوا في بوابة الزَّمن و عادوا للعصور الوسطى ، زمن الخليفة هارون الرَّشيد و كأنَّهم، الآن في ضيافة زوجته زبيدة .
ثم بعدما هدؤوا أدركوا أنَّهم داخل قصر الحورية الحسناء .
و في قاعة الانتظار أهلَّت أخيراً الحورية الغائبة بوجهها الحزين و الكلُّ مشدود إليها لمرآها العابس التعيس ......
صكَّت القرش أسنانها محاولةً أن تعزف لحناً علَّ الجميع ينشد
أغنية يزيح بها الحزن عن وجه الحورية الحزين

أصعب الكتابة الأدبية، الكتابة للأطفال، وأصعبها على الإطلاق ما كتب للأطفال في سن الحداثة، ورغم ذلك ها نحن نرى الرائعة كاتبة القصة تتحدى الصعب وتكتب قصصا جميلا للبراعم .
أحييك يا سارة وأشد على يدك للمواصلة، فلديك خيال واسع يلامس خيال الأطفال في هذه السن، وهذه ميزة حباك الله بها.
واصلي أيتها البرعمة الشابة ، فقط لا تنسي السلامة النحوية، لأن لغة أطفالنا أمانة في أعناقنا.
تحياتي ومودتي.

ايوب صابر 03-22-2013 01:56 PM

الاستاذة آية احمد
اشكرك جدا جدا على مداخلكت الكريمة.

تقولين " رائعة أفكارك الأستاذ أيوب، ليتك تترشح في الانتخابات وتتقدم ببرنامج بطلك سلام، وتأكد أني سأكون أول الناخبين لك".
- هل هذا يعني ان النص اقرب الى البيان الانتخابي منها الى القصة السردية؟

تقولين " لغتك سلسة وجميلة ، واسلوبك أيضا جميل،وإن كان ذا وتيرة سريعة، تقطع الأنفاس، ولكنني أتخيلها إذا ما طبعت في كتاب، ربما ستعطينا الصور التي تتخلل القصة من حين لآخر بعض الوقت لالتقاط النفس".
- معك حق ..في البداة كنت افكر في وضعها على شكل قصة قصيرة ووجدت بعد الانطلاقة انها لا بد ان تكون رواية قصرة او قصة طويلة.

تقولين" أشجعك أستاذ أيوب لكتابة مثل هذه الأفكار الراقية"
- هل استمر؟

تقولين" تمنيت لو أساهم أيضا بقصة للأطفال، لكني أخشى الإخفاق في كتابة شئ لم أتعوده، لكني سأحاول التواجد هنا للتشجيع، وإن كان ذلك أضعف الإيمان.
- كلنا انا والاستاذة ساره والاستاذ علي مبتدئين وهذه اول تجربة لنا في هذا المجال. عليك ان لا تتردي في التجريب... والتمرين هو الذي يصنع الجودة... لايجوز ان تخشي الاخفاق فهو الذي يؤدي الى الاخفاق انطلقي وانت على قناعة بأنك سوف تنجحين.

تقولين" ملاحظة بسيطة: أرجو فقط الانتباه للأخطاء النحوية وهي ملاحظة ليست موجهة لك فحسب ولكن لجميع الاخوة الافاضل المساهمين، فكما تعلم أن هذا الامر في غاية الأهمية، فنحن نسعى لبناء أفكار قويمة والى جانبها لغة سليمة تحفظ للأمة كيانها".
- معك حق لكن المشكلة في الكتابة عبر الانترنت تكون عادة ارتجالية ولا نكلف انفسنا احيانا الجهد لفحص الاملاء على الكمبوتر.

كل الشكر لك وانا بانتظار تجربتك الاولى في الكتابة للاطفال. وربما يجدر بك الاطلاع على كتاب السر وتعلم قانون الجذب قبل ذلك لكي تتمكني من تجاوز عقبة الخشية وجذب النجاح. تذكري دائما ان نجاحنا وفشلنا من صنع افكارنا. فكري انك قادرة على النجاح وسوف تتدفق الافكار في رأسك بشكل مذهل...وتنجحين. ويمكنك كتابة قصة حول هذه الفكرة تكون حبكتها طالبين واحد يفكر في النجاح دائما فيحص عليه وآخر يفكر في الفشل ولا يجني سوى الفشل. ستكون القصة تربوية تعمل الاطفال طريقة التفكير الايجابي الذي يؤدي الى النجاح.




الساعة الآن 09:36 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team