منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من شعراء العصر الجاهلي ( عبيد بن الأبرص ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1560)

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:19 PM

در در الشباب!
( عبيدة بن الابرص )


لَيْسَ رَسْمٌ على الدَّفِينِ بِبَالي،
فَلِوَى ذَرْوَةٍ فَجَنْبَيْ أُثَالِ
فَالمَرَوْرَاةُ فَالصّحِيفَةُ قَفْرٌ،
كلُّ وَادٍ وَرَوْضَةٍ مِحْلالِ
دَارُ حَيٍّ أصَابَهُمْ سَالِفُ الدّهْـ
ـرِ فأضْحَتْ دِيارُهمْ كَالخِلالِ
مُقْفِرَاتٍ إلاّ رَمَاداً غَبِيّاً
وَبَقَايَا مِنْ دِمْنَةِ الأطْلالِ
وأوَارِيَّ قَدْ عَفَوْنَ وَنُؤياً
وَرُسُوماً عُرِّينَ مُذْ أحْوَالِ
بُدِّلَتْ مِنْهُمُ الدّيَارُ نَعَاماً
خَاضِبَاتٍ يُزْجِينَ خَيْطَ الرِّئَالِ
وَظِبَاءً كأنّهُنّ أبَارِيـ
ـقُ لُجَينٍ، تَحْنُو على الأطْفالِ
تِلْكَ عِرْسِي تَرُومُ قِدْماً زِيَالي
ألِبَينٍ تُرِيدُ أمْ لِدَلالِ
إنْ يَكُنْ طِبُّكِ الدّلالَ فَلَوْ في
سَالِفِ الدّهْرِ وَاللّيَالي الحَوَالي
أنْتِ بَيْضَاءُ كَالمَهَاةِ، وَإذْ آ
تِيكِ نَشْوَانَ مُرْخِياً أذْيَالي
فَاتْرُكي مَطَّ حاجِبَيْكِ وَعِيشي
مَعَنَا بِالرّجَاء وَالتّأمَالِ
أوْ يَكُنْ طِبُّكِ الزِّيَلَ فإنَّ الـ
ـبَيْنَ أنْ تَعْطِفي صُدورَ الجِمَالِ
زَعَمَتْ أنّني كَبِرْتُ وَأنّي
قَلّ مالي وَضَنّ عَنّي المَوَالي
وَصَحَا بَاطِلي وَأصْبَحْتُ كَهْلاً
لا يُؤاتي أمْثَالَهَا أمْثَالي
إنْ رَأتْني تَغَيّرَ اللّوْنُ مِنّي،
وَعَلاَ الشّيْبُ مَفْرِقِي وَقَذَالي
فَبِمَا أدْخُلُ الخِبَاء عَلى مَهْـ
ـضُومَةِ الكَشْحِ طَفْلَةٍ كالغَزَالِ
فَتَعاطَيْتُ جِيدَهَا ثُمّ مَالَتْ
مَيَلانَ الكَثِيبِ بَينَ الرّمَالِ
ثمّ قَالَتْ فِدًى لنَفْسِكَ نَفْسِي،
وَفِدَاءٌ لِمَالِ أهْلِكَ مَالي
فَارْفُضِي العاذِلينَ وَاقْنَيْ حَيَاءً
لا يَكُونُوا عَلَيكِ حَظَّ مِثَالي
وَبِحَظٍّ مِمّا نَعِيشُ فَلا تَذْ
هَبْ بِكِ التُّرَّهاتُ في الأهْوَالِ
مِنْهُمُ مُمْسِكٌ وَمِنْهُمْ عَدِيمٌ
وَبَخِيلٌ عَلَيْكِ في بُخّالِ
وَاتْرُكي صِرْمَةً على آلِ زَيْدٍ
بِالقُطَيْباتِ كُنَّ أوْ أَوْرَالِ
لَمْ تَكُنْ غَزْوَةَ الجِيَادِ وَلَمْ يُنْـ
ـقَبْ بِآثَارِهَا صُدُورُ النِّعَالِ
دَرَّ دَرُّ الشّبَابِ وَالشَّعَرِ الأسْـ
ـوَدِ وَالرَّاتِكَاتِ تَحْتَ الرّحَالِ
وَالعَنَاجِيجِ كَالقِدَاحِ مِنَ الشَّو
حَطِ يَحْمِلْنَ شِكّةَ الأبْطَالِ
وَلَقَدْ أذْعَرُ السُّرُوبَ بِطِرْفٍ
مِثْلِ شَاةِ الإرَانِ غَيرِ مُذَالِ
غَيرِ أقْنَى وَلا أصَكَّ وَلَكِنْ
مِرْجَمٌ ذُو كَرِيهَةٍ وَنِقَالِ
يَسْبِقُ الألْفَ بالمُدَجَّجِ ذي القَوْ
نَسِ حَتّى يَؤوبَ كَالتّمْثَالِ
فَهْوَ كَالمِنْزَعِ المَرِيشِ مِنَ الشَّوْ
حَطِ مَالَتْ بهِ شِمَالُ الُمغَالي
يَعْقِرُ الظّبْيَ وَالظّلِيمَ وَيُلْوِي
بِلَبُونِ المِعْزَابَةِ المِعْزَالِ
وَلَقَدْ أقْدُمُ الخميسَ على الجرْ
داء ذاتِ الجِرَاء وَالتَّنْقالِ
فَتَقِيني بِنَحْرِهَا وَأقِيهَا
بِقَضِيبٍ مِنَ القَنَا غَيرِ بَالي
وَلَقَدْ أقْطَعُ السَّبَاسِبَ وَالشُّهْـ
ـبَ عَلى الصَّيْعَرِيّةِ الشِّمْلالِ
ثُمّ أبْرِي نِحَاضَهَا فَتَرَاهَا
ضَامِراً بَعْدَ بُدْنِهَا كالـهِلالِ
عَنْتَرِيسٍ كَأنّهَا ذُو وُشُومٍ
أحْرَجَتْهُ بِالجَوّ إحْدَى اللّيَالي

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:20 PM

سقى الرباب
( عبيدة بن الابرص )


سَقَى الرَّبَابَ مُجَلْجِلُ الْـ
ـأكْنَافِ لَمّاحٌ بُرُوقُهْ
جَوْنٌ تُكَرْكِرُهُ الصَّبَا
وَهْناً وَتَمْرِيهِ خَرِيقُهْ
مَرْيَ العَسِيفِ عِشَارَهُ،
حَتّى إذا دَرّتْ عُرُوقُهْ
وَدَنَا يُضِيءُ صُبَابُهُ
غَاباً يُضَرِّمُهُ حَرِيقُهْ
حَتّى إذَا مَا ذَرْعُهُ
بِالمَاء ضَاقَ فَما يُطِيقُهْ
هَبَّتْ لَهُ مِنْ خَلْفِهِ
رِيحٌ يَمَانِيَّةٌ تَسُوقُهْ
حَلَّتْ عَزَالِيَهُ الجَنُو
بُ فَشَجَّ وَاهِيَةً خُرُوقُهْ

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:20 PM

سقينا امرأ القيس
( عبيدة بن الابرص )


سَقَيْنا امْرَأَ القَيْسِ بْنَ حُجْرِ بْنِ حارِثٍ،
كُؤوسَ الشَّجَا حَتَى تَعَوّدَ بالقَهْرِ
وَألْهَاهُ شُرْبٌ ناعِمٌ وَقُرَاقِرٌ،
وَأعْيَاهُ ثَأرٌ كانَ يَطْلُبُ في حُجْرِ
وَذَاكَ لَعَمْرِي كانَ أسْهَلَ مَشْرَعاً
عَلَيْهِ مِنَ البِيضِ الصّوَارِمِ وَالسُّمْرِ

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:21 PM

سل الشعراء
( عبيدة بن الابرص )


أرِقْتُ لِضَوْءِ بَرْقٍ في نَشَاصِ
تَلألأ في مُمَلأةٍ غِصَاصِ
لَوَاقِحَ دُلَّحٍ بِالماء سُحْمٍ
تَثُجُّ المَاءَ مِنْ خَلَلِ الخَصَاصِ
سَحَابٍ ذاتِ أسْحَمَ مُكْفَهِرٍّ
تُوَحّي الأرْضَ قَطْراً ذا افْتِحاصِ
تَألّفَ فَاسْتَوَى طَبَقاً دِكَاكاً
مُحِيلاً دُونَ مَثْعَبِهِ نَوَاصِ
كَلَيْلٍ مُظْلِمِ الحَجَرَاتِ دَاجٍ
بَهِيمٍ أوْ كَبَحْرٍ ذِي بَوَاصِ
كَأنّ تَبَسُّمَ الأنْوَاء فِيهِ
إذا ما انْكَلّ عَنْ لَهِقٍ هُصَاصِ
وَلاحَ بِهَا تَبَسُّمُ وَاضِحَاتٍ
يَزِينُ صَفائِحَ الحُورِ القِلاصِ
سَلِ الشّعَرَاءَ هَل سَبَحوا كَسَبْحي
بُحُورَ الشِّعْرِ أوْ غاصُوا مَغاصِي
لِساني بِالقَرِيضِ وَبِالقَوَافي
وَبِالأشْعَارِ أمْهَرُ في الغَوَاصِ
مِنَ الحُوتِ الذي في لُجّ بَحْرٍ
يُجِيدُ السَّبْحَ في اللُّجَجِ القِماصِ
إذَا مَا بَاصَ لاحَ بِصَفْحَتَيْهِ
وَبَيَّضَ في المَكَرّ وَفي المَحَاصِ
تُلاوِصُ في المَدَاصِ مُلاوِصَاتٌ
لَهُ مَلْصَى دَوَاجِنَ بالمِلاصِ
بَنَاتُ المَاء لَيْسَ لَها حَيَاةٌ
إذا أخْرَجْتَهُنّ مِنَ المَدَاصِ
إذا قَبَضَتْ عَلَيْهِ الكَفُّ حِيناً
تَنَاعَصَ تَحْتَهَا أيَّ انْتِعَاصِ
وَبَاصَ وَلاصَ مِنْ مَلَصٍ مَلاصٍ،
وَحُوتُ البَحْرِ أسَودُ أوْ مِلاص
كَلَوْنِ المَاء أسْوَدُ ذُو قُشُورٍ
نُسِجْنَ تَلاحُمَ السَّرْدِ الدِّلاصِ
لَعَمْرُكَ إنّني لأُعِفُّ نَفْسِي،
وَأسْتُرُ بالتّكَرّمِ مِنْ خَصَاصِ
وَأُكْرِمُ وَالدي وَأصُونُ عِرْضِي،
وَأكْرَهُ أنْ أُعَدّ مِنَ الحِرَاصِ
إذا مَا كُنْتَ لَحّاساً بَخِيلاً
سَؤولاً لِلْمُطَاعِ وَذَا عِقَاصِ
لِزَادِ المَرْء آبَصَ مِنْ عُقَابٍ،
وَعِنْدَ البَابِ أثْقَلَ مِنْ رَصَاصِ
بَكَى البَوّابُ مِنْكَ وَقالَ: هَلْ لي
وَهَلْ لِلْبَابِ مِنْ ذَا مِنْ خَلاصِ
فَيُوشِكُ أنْ يَرَاكَ لَهُ عَدُوّاً
عَدَاوَةَ مَنْ يُلاطِمُ أوْ يُنَاصِي
إذَا مَا كَانَ عِرْضِي عِنْدَ بَطْني،
فَأيْنَ مِنَ أنْ أُسَبّ بِهِ مَنَاصِي
فَإنْ خَفّتْ لِجُوعِ البَطْنِ رِجْلي،
فَدَقّ اللَّهُ رِجْلي بِالمُعَاصِ

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:21 PM

صبر النفس
( عبيدة بن الابرص )


صَبِّرِ النَّفْسَ عِنْدَ كُلّ مُلِمٍّ،
إنّ في الصّبرِ حِيلَةَ المُحْتَالِ
لا تَضِيقَنّ في الأُمُورِ فَقَدْ تُكْـ
ـشَفُ غَمّاؤهَا بِغَيرِ احْتِيَالِ
رُبّمَا تَجْزَعُ النّفُوسُ مِنَ الأمْـ
ـرِ لَهُ فُرْجَةٌ كَحَلّ العِقَالِ

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:22 PM

طاف الخيال
( عبيدة بن الابرص )


طافَ الخَيالُ عَلَيْنَا لَيْلَةَ الوَادي
لآلِ أسْمَاءَ لَمْ يُلْمِمْ لِمِيعَادِ
أنّى اهتَدَيْتَ لرَكْبٍ طالَ سَيرُهُمُ
في سَبْسَبٍ بَينَ دَكْداكٍ وَأعْقادِ
يُكَلِّفُونَ سُرَاهَا كُلَّ يَعْمَلَةٍ
مِثْلَ المَهَاةِ إذا ما احتَثّها الحادي
أبْلِغْ أبا كَرِبٍ عَنّي وَأُسْرَتَهُ
قَوْلاً سَيَذهَبُ غَوْراً بَعدَ إنْجادِ
يا عَمْرُو ما راحَ مِن قَوْمٍ وَلا ابتكرُوا
إلاّ وَللمَوْتِ في آثارِهِمْ حَادِي
فَإنْ رَأيْتَ بِوَادٍ حَيّةً ذَكَراً،
فامضِ وَدَعْني أُمارِس حيّةَ الوَادِي
لأعْرِفَنّكَ بَعدَ المَوْتِ تَنْدُبُني،
وَفي حَياتيَ ما زَوّدْتَني زَادِي
إنّ أمامَكَ يَوْماً أنْتَ مُدْرِكُهُ
لا حاضِرٌ مُفْلِتٌ مِنْهُ وَلا بَادِي
فَانْظُرْ إلى فَيْء مُلْكٍ أنتَ تارِكُهُ!
هَلْ تُرْسَيَنّ أوَاخيهِ بِأوْتَادِ
إذْ هِبْ إلَيْكَ فَإنّي مِنْ بَني أسَدٍ
أهْلِ القِبَابِ وَأهْلِ الجُرْدِ وَالنّادي
قَدْ أتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَراً أنامِلُهُ،
كَأنّ أثْوَابَهُ مُجّتْ بِفِرْصَادِ
أوْجَرْتُهُ، وَنَواصِي الخَيلِ شاحِبَةٌ،
سَمْرَاءَ عامِلُها مِن خَلْفِهِ بَادِي

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:23 PM

فقالت لي كبرت!
( عبيدة بن الابرص )


تَغَيَّرَتِ الدِّيَارُ بِذِي الدَّفِينِ،
فَأوْدِيَةِ اللِّوَى فَرِمَالِ لِينِ
فَحَرْجَيْ ذِرْوَةٍ فَقَفا ذَيَالٍ،
يُعَفّي آيَهُ سَلَفُ السّنِينِ
تَبَصّرْ صَاحِبي أتَرَى حُمُولاً
تُسَاقُ كَأنّهَا عَوْمُ السَّفِينِ
جَعَلْنَ الفَجَّ مِنْ رَكَكٍ شِمالاً،
وَنَكّبْنَ الطَّوِيَّ عَنِ اليَمِينِ
ألا عَتَبَتْ عَليَّ اليَوْمَ عِرْسِي،
وَقَدْ هَبّتْ بِلَيْلٍ تَشْتَكِيني
فقالَتْ لي: كَبِرْتَ! فقلتُ: حَقّاً،
لَقَدْ أخْلَفْتُ حِيناً بَعدَ حِينِ
تُرِيني آيَةَ الإعْرَاضِ مِنْهَا،
وَفَظّتْ في المَقَالَةِ بَعْدَ لِينِ
وَمَطّتْ حَاجِبيْهَا أنْ رَأتْني
كَبِرْتُ وَأنْ قدِ ابيَضَّتْ قُرُوني
فقُلتُ لـها: رُوَيْدَكِ بَعضَ عَتْبي،
فإنّي لا أرَى أنْ تَزْدَهِيني
وَعِيشي بالّذِي يُغْنِيكِ، حَتى
إذا مَا شِئْتِ أنْ تَنْأي فَبِيني
فإنْ يَكُ فاتَني، أسَفاً، شَبَابي،
وَأضْحَى الرّأسُ مِنّي كاللَّجِينِ
وَكَانَ اللّهْوُ حَالَفَني زمَاناً،
فَأضْحَى اليَوْمَ مُنْقَطِعَ القَرِينِ
فَقَدْ ألِجُ الخِبَاءَ عَلى العَذَارَى،
كَأنّ عُيُونَهُنّ عُيُونُ عِينِ
يَمِلْنَ عَليّ بِالأقْرَابِ طَوْراً
وَبِالأجْيَادِ كَالرَّيْطِ المَصُونِ
وَأسْمَرَ قَدْ نَصَبْتُ لِذي سَنَاءٍ
يَرَى مِنّي مُحَافظة اليقِين
إذا مَا عَادَهُ مِنْهَا نِسَاءٌ
صَفَحْنَ الدّمْعَ مِنْ بَعْدِ الرَّنِينِ
وَخَرْقٍ قَدْ ذَعَرْتُ الجُونَ فيهِ
عَلى أدْمَاءَ كَالعَيرِ الشَّنُونِ

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:23 PM

فنيت وأفناني الزمان
( عبيدة بن الابرص )


وَهل رَامَ عن عَهدي وُدَيْكٌ مكانَهُ
إلى حيثُ يُفضِي سَيلُ ذاتِ المَساجدِ
فَنِيتُ وَأفْنَاني الزّمانُ وَأصْبَحَتْ
لِدَاتي بَنُو نَعْشٍ وَزُهْرُ الفَرَاقِدِ

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:24 PM

كل يفنى إلا الإلـه
( عبيدة بن الابرص )


وَلَتَأتِيَنْ بَعْدِي قُرُونٌ جَمّةٌ،
تَرْعَى مَخَارِمَ أيْكَةٍ وَلَدُودَا
فالشّمْسُ طالعَةٌ وَلَيلٌ كاسِفٌ،
وَالنَّجْمُ تَجْرِي أنْحُساً وَسُعُودَا
حَتّى يُقالَ لِمَنْ تَعَرَّقَ دَهْرَهُ:
يا ذا الزَّمَانَةِ هَلْ رَأيتَ عَبِيدَا؟
مائَتَيْ زَمَانٍ كامِلٍ وَنَصِيّةً
عِشْرِينَ عِشْتُ مُعَمَّراً مَحمُودَا
أدْرَكْتُ أوّلَ مُلْكِ نَصْرٍ ناشِئاً،
وَبِنَاءَ سِنْدَادٍ وَكانَ أُبِيدَا
وَطَلَبْتُ ذا القَرْنَيْنِ حَتّى فَاتَني
رَكْضاً وَكِدْتُ بِأنْ أرعى داؤودَا
مَا تَبْتَغي مِنْ بَعْدِ هذا عِيشَةً،
إلاّ الخُلُودَ وَلَنْ تَنَالَ خُلُودَا
وَلَيَفْنَيَنْ هَذَا وَذَاكَ كِلاهُمَا،
إلاّ الإلَهَ وَوَجْهَهُ المَعْبُودَا

ناريمان الشريف 09-26-2010 04:24 PM

للمرء أيام تعد
( عبيدة بن الابرص )


لِمَنْ دِمْنَةٌ أقْوَتْ بِحَرّةِ ضَرْغَدِ
تَلُوحُ كَعُنْوَانِ الكِتابِ المُجَدَّدِ
لِسَعْدَةَ إذْ كانَتْ تُثِيبُ بِوُدّها،
وَإذ هِيَ لا تَلْقَاكَ إلاّ بِأسْعُدِ
وَإذْ هيَ حَوْرَاءُ المَدامِعِ طَفْلَةٌ
كَمِثْلِ مَهَاةٍ حُرّةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
تُرَاعي بهِ نَبْتَ الخَمائِلِ بالضُّحَى،
وَتَأوِي بِهِ إلى أرَاكٍ وَغَرْقَدِ
وَتَجْعَلُهُ في سِرْبِها نُصْبَ عَيْنِها،
وَتَثني عَلَيهِ الجِيدَ في كلّ مَرْقَدِ
فقَد أوْرَثَتْ في القَلبِ سُقماً يَعودُهُ
عِياداً كَسُمّ الحَيّةِ المُتَرَدِّدِ
غَداةَ بَدَتْ مِنْ سِتْرِها، وَكأنّما
تُحَفُّ ثَنَايَاها بِحالِكِ إثْمِدِ
وَتَبْسِمُ عَنْ عَذْبِ اللِّثَاتِ كأنّهُ
أقاحي الرُّبَى أضْحى وظاهِرُهُ نَدِ
فإنّي إلى سُعْدَى وَإنْ طالَ نَأيُهَا
إلى نَيْلِها ما عِشْتُ كالحائمِ الصَّدِي
إذا كنتَ لم تَعبأ بِرَأيٍ وَلَمْ تُطِعْ
لِنُصْحٍ وَلاَ تُصْغي إلى قَوْلِ مُرْشِدِ
فَلا تَتّقي ذَمَّ العَشِيرَةِ كُلّهَا،
وَتَدْفَعُ عَنْهَا باللّسانِ وَبِاليَدِ
وَتَصْفَحُ عن ذي جَهلِهَا وَتَحُوطُها،
وَتَقْمَعُ عَنْهَا نَخْوَةَ المُتَهَدِّدِ
وَتَنْزِلُ مِنْهَا بِالمَكانِ الذي بِهِ
يُرى الفَضْلُ في الدّنيا على المُتَحَمِّدِ
فلَستَ، وَإن عَلّلتَ نَفْسَكَ بالمُنى،
بِذِي سُودَدٍ بعادٍ وَلا كَرْبِ سَيّدِ
لَعَمرُكَ ما يَخشَى الخليطُ تَفَحُّشِي
عَلَيْهِ وَلا أنْأى عَلى المُتَوَدِّدِ
وَلا أبْتَغي وُدَّ امرِىءٍ قَلّ خَيْرُهُ،
وَلا أنَا عَنْ وَصْلِ الصّديقِ بأصْيَدِ
وَإني لأُطْفي الحَرْبَ بَعدَ شُبُوبِها
وَقَدْ أُوقِدَتْ للغَيّ في كلّ مَوْقِدِ
فأوْقَدْتُها لِلظّالِمِ المُصْطَلي بِهَا،
إذا لَمْ يَزَعْهُ رَأيُهُ عَنْ تَرَدُّدِ
وَأغْفِرُ لِلْمَوْلى هَنَاةً تُرِيبُني،
فَأظْلِمُهُ ما لَمْ يَنَلْني بمَحقدِي
وَمَنْ رَامَ ظُلْمي مِنْهُمُ فَكَأنّما
تَوَقَّصَ حِيناً مِن شَوَاهِقِ صِنْدِدِ
وَإنّي لَذو رَأيٍ يُعاشُ بفَضْلِهِ،
وَما أنَا مِنْ عِلْمِ الأمُورِ بمُبْتَدِي
إذا أنْتَ حَمّلْتَ الخَؤونَ أمَانَةً،
فإنّكَ قَدْ أسْنَدْتَها شَرَّ مُسْنَدِ
وَجَدْتُ خَؤونَ القَوْم كالعُرّ يُتّقى،
وَما خِلْتُ غَمَّ الجارِ إلاّ بمَعْهَدِي
وَلا تُظهِرَنْ حُبّ امرِىءٍ قبل خُبرِه،
وَبَعْدَ بَلاءِ المَرْء فَاذْمُمْ أوِ احمَدِ
وَلا تَتْبَعَنّ رَأيَ مَنْ لَمْ تَقُصّهُ،
وَلكنْ بِرَأيِ المَرْء ذي اللُّبّ فاقتَدِ
وَلا تَزْهَدَنْ في وَصْلِ أهْلِ قَرَابَةٍ
لِذُخْرٍ وَفي وَصْلِ الأباعِدِ فازْهَدِ
وَإنْ أنتَ في مَجدٍ أصَبْتَ غَنِيمَةً،
فَعُدْ لِلّذي صَادَفتَ من ذاك وَازْدَدِ
تَزَوَّدْ مِنَ الدّنْيا مَتَاعاً فَإنّهُ
على كلّ حالٍ خَيرُ زَادِ المُزَوِّدِ
تَمَنَّى مُرَيءُ القَيسِ مَوْتي، وَإن أمتْ
فَتِلْكَ سَبيلٌ لَستُ فيها بأوْحَدِ
لَعَلّ الذي يَرْجُو رَدَايَ وَمِيتَتي
سَفاهاً وَجُبْناً أن يكونَ هوَ الرَّدي
فما عَيشُ مَن يَرْجو هلاكي بضَائرِي،
وَلا موْتُ مَن قد ماتَ قبلي بمُخْلِدِي
وَلِلْمَرء أيّامٌ تُعَدُّ وَقَدْ رَعَتْ
حِبَالُ المَنَايا للفَتى كلَّ مَرْصَدِ
مَنِيّتُهُ تَجْرِي لوَقْتٍ، وَقَصْرُهُ
مُلاقاتُها يَوْماً على غَيرِ مَوْعِدِ
فَمَنْ لمْ يَمُتْ في اليَوْمِ لا بُدّ أنّهُ
سَيَعْلَقُهُ حَبْلُ المَنِيّةِ في غَدِ
فَقُل للّذي يَبغي خِلافَ الذي مضَى:
تَهَيّأ لأُخْرَى مِثْلِها فكأنْ قَدِ
فَإنّا وَمَنْ قَدْ بَادَ مِنّا فكَالّذِي
يَرُوحُ وكالقاضِي البَتاتِ لِيَغْتَدِي


الساعة الآن 03:32 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team