![]() |
قال : قد قتلتما قتلة عثمان من أهل البصرة , وأنتم قبل قتلهم كنتم أقرب إلى الاستقامة منكم اليوم , قتلتم ستمائة رجل ٍ إلا واحدا ً فغضب لهم ستة آلاف , واعتزلوكم , وخرجوا من بين أظهركم , وطلبتم حرقوص بن زهير الذي أُفلت فمنعه ستة آلاف ٍ وهم على حذر وخوف فإن تركتموه كنتم تاركين لما تقولون , وإن قاتلتموهم والذين اعتزلوكم فأُديلوا عليكم , فالذي حذرتم وفرقتم به هذا أعظم مما أراكم تكرهون فأنتم أثرتم حمية ربيعة ومضر من هذه البلاد , فاجتمعوا على حربكم وخذلانكم نصرة ً لهؤلاء , كما انضم هؤلاء لأهل هذا الحدث العظيم والذنب الكبير . فقالت عائشة رضي الله عنها : فماذا أنت تقول ؟ قال : أقول : هذا الأمر دواؤه التسكين , فإذا سكن تفرقوا , وإن أنتم بايعتمونا فعلامة خير ٍ , وتباشير رحمة ٍ , وإدراك بثأر هذا الرجل , وعافية وسلامة لهذه الأمة , وإن أنتم أبيتم إلا المكابرة لهذا الأمر , كانت علامة شر ٍّ , وذهاب هذا الثأر , وبعثة الله في هذه الأمة هزاهزها - البلايا والحروب - فآثروا العافية تُرزقوها , وكونوا مفاتيح الخير كما كنتم تكونون , ولا تعرّضونا للبلاء , ولا تعرّضوا له فيصرعنا وإياكم وأيم الله إني لأقول هذا وأدعوكم إليه , وإني لخائف ألا يتم فتنزل المحن والبلايا بالأمة وقد قل َّ متاعها ونزل بها ما نزل . فقالوا : نعم , إذن أحسنت وأصبت المقالة , فارجع فإن قدم علي , رضي الله عنه , وهو على مثل رأيك صُلح هذا الأمر . رجع القعقاع إلى علي رضي الله عنه , فأخبره بما حدث فأعجبه ذلك , وأشرف القوم على الصلح كره ذلك من كره ورضي من رضي . |
أدرك الغوغائيون أن الصلح ليس لصالحهم , وأن الدائرة ستدور عليهم , فأنشبوا القتال بخُبث ٍ , وحاول علي رضي الله عنه أن يوقف القتال فيُنادي : كفوا أيها الناس , فليس هناك من مجيب ٍ , وجاء قاضي البصرة ( كعب بن سور ) فأتى عائشة رضي الله عنها فقال لها : أدركي الناس فقد أبى الغوغائيون إلا القتال لعل ّ الله يُصلح بك , فركبت الجمل , ووُضعت الدروع على هودجها , وأخذ كعب بزمام الجمل , فقالت : خل ِّ يا كعب عن البعير , وتقدم بكتاب الله عزوجل فادعهم إليه - ودفعت إليه مصحفا ً - فأقبل الغوغائيون وأمامهم السبئية يخشون أن يتم الصلح فاستقبلهم كعب بالمصحف , وعلي ّ رضي الله عنه من الخلف يعمل لردعهم وردّهم فيأبون إلا الإقدام , وقد رشقوا كعبا ً فقتلوه , ورموا عائشة رضي الله عنها , في هودجها , فجعلت تنادي : يا بني ّ البقية , البقية , ويرتفع صوتها - الله , الله - فيأبون إلا الإقدام . أدركت عائشة رضي الله عنها , أن الأمر قد أفلت من يدها , وأن قتلة عثمان رضي الله عنه , هم الذين أنشبوا القتال , فما كان منها إلا أن نادت بحرقة ٍ ولوعة ٍ , وهي ترى دماء المسلمين تُسفك حولها ! أيها الناس العنوا قتلة عثمان وأشياعهم , فضج أهل البصرة بلعن قتلة عثمان وجاء علي ٌّ رضي الله عنه وساهم في لعن قتلة عثمان وأشياعهم . أُصيب طلحة بن عبيدالله , رضي الله عنه في أول المعركة بسهم ٍ فترك المكان إلى داخل البصرة فمات متأثرا ً بجرحه . وكان الزبير بن العوام , رضي الله عنه قد ترك المكان منذ بدء القتال , وسار إلى مكان ٍ يُعرف بـ ( وادي السباع ) فلحق به عمرو بن جرموز فقتله غيلة ً . |
وخرجت عائشة , رضي الله عنها , إلى ميدان القتال لإيقافه فوقع عكس ما تريد إذ حمي الوطيس وعملت السبئية على رميها فاستبسل من حولها من أزد البصرة وبني ضُبة , حتى قتل على خُطام جملها أربعون , وقيل سبعون , وكانوا بني ضُبة يرتجزون حول الجمل : نحن بنو ضبة أصحاب الجمل .... ننازل الموت إذا الموت نزل والموت عندنا أشهى من العسل ... ننعى ابن عفان بأطراف الأسل حتى يُعقر الجمل . وأدرك علي ٌّ رضي الله عنه أن القتال لن يتوقّف , فنادى اعقروا الجمل , فإنه إن عُقر تفرقوا , فعقره رجل , وأمر علي رضي الله عنه محمد بن أبي بكر أن يضرب على أُخته عائشة رضي الله عنهم , قُبة وأن يطمئن على سلامتها . خرج محمد بن أبي بكر آخر الليل بأخته عائشة رضي الله عنها , فدخل بها البصرة وأنزلها في دار عبدالله بن خلف الخزاعي على صفية بنت الحارث وكانت الموقعة يوم الخميس لعشر ٍ من شهر جمادى الآخرة سنة ست ٍ وثلاثين من الهجرة . أقام علي , رضي الله عنه في عسكره ثلاثة أيام فدفن الناس موتاهم , وصلى على قتلى الفريقين وقال : إني لأرجو ألا يكون أحد نقي قلبه إلا أدخله الله الجنة . ودخل مدينة البصرة يوم الاثنين الرابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة ست ٍ وثلاثين , فوصل إلى المسجد فصلى فيه , ثم مشى إلى عائشة رضي الله عنها فسلّم عليها . جهز علي ٌّ , عائشة رضي الله عنهم بكل ما تحتاج إليه من زاد ومركب ٍ , ومتاع ٍ وأخرج معها كل من نجا ممن خرج معها من مكة وكذلك أربعين امرأة من نساء البصرة المعروفات وقد اختارهن إليها , ثم طلب من أخيها محمد أن يتجهز ليُبلّغها مكة . ولما كان اليوم الذي سترحل فيه , جاء أليها وجاء الناس فودّعوها , وودعتهم , وقالت : يا بني َّ عتب بعضنا على بعض ٍ فلا يعتدّن أحد منكم على أحد ٍ بشيء ٍ بلغه من ذلك . إنه والله ما كان بيني وبين علي ٍّ في الماضي إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه عندي على عتبي لمن الأخيار . وقال علي : صدقت والله وبرّت ما كان بيني وبينها إلا ذلك , وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة . وخرجت عائشة رضي الله عنها من البصرة يوم السبت لغرة شهر رجب سنة ست ً وثلاثين , وشيّعها علي أميالا ً , وسيّر أولاده معها يوما ً فقصدت مكة فأقامت إلى الحج , ثم رجعت إلى المدينة بعد الموسم , وقد غابت عن المدينة طويلا ً . |
رأي في معركة الجمل : لننظر هل كانت معركة الجمل بين أعداء ٍ ألداء كما يصف ذلك بعضهم , أم بين أخوة ٍ أوقع الشيطان بينهم , فطاشت أحلامهم ثم ثابت ؟ ويمكن أن نتعرف على هذا من النتائج . كانت رؤوس جيش البصرة : طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم , فلننظر ما الرأي بهم ؟ التقى القعقاع بن عمرو التميمي أحد قادة جيش علي وحكمائه أثناء المعركة مع طلحة وهو يُقاتل جريحا ً فقال له : يا أبا محمد إنك جريح فحبذا لو دخلت أحد البيوتات . فبطل يرى قائد خصومة جريحا ً , فيطلب منه الخلود إلى الراحة من أجل العافية أم يُجهِز عليه ! ! وجاء عمرو بن جرموز بعد المعركة يستأذن عليا ً وقال : قل له : قاتل الزبير , فقال علي : ائذن له وبشّره بالنار . فهل القائد يفرح بقتل قائد خصومه أم يتأثر ثم يقول : إن قاتله لا شك في النار ؟ وزار علي رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها , بعد المعركة وضرب من تكلم عنها , وقال عندما شيّعها في غرّة شهر رجب مع أخيها محمد بن أبي بكر : إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة . وأعطاها مبلغا ً كبيرا ً من المال , وسيّر في ركبها عددا ً من النساء . وعندما زارها في دار عبدالله بن خلف الخزاعي كان عدد الجرحى المختبئين في تلك الدار وهو يعرف مكانهم ومكان غيرهم وقد تجاهل ذلك وكأنه لم يعلم شيئا ً , إذ لم يكونوا خصوما ً كما يُصوّر ذلك بعضهم , فلو كانوا كذلك لنالوا ما نالوا . كما كان علي ّ رضي الله عنه قد طلب من جنده ألا يجهزوا على جريح ٍ ولا يتبعوا هاربا ً , ولا يدخلوا دارا ً ولا يحوزوا مالا ً ولا يؤذوا امرأة ً ولا طفلا ً ولا غير مقاتل ٍ مُصر ٍّ مُعاند ٍ , وهذا كله يدل ُّ على الأخوة التامة , ولكن الشيطان أوقع بينهم ولكل وجهة نظر واجتهاده الخاص وهو عليها مأجور - بإذن الله - المرجع : كتاب أمهات المؤمنين للمؤرخ محمود شاكر . |
عائشة في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم
لم تكن عائشة , رضي الله عنها لترضى أيام معاوية كما كانت أيام الخلفاء الراشدين وذلك بسبب بعض الأحداث . - كان أخوها محمد بن أبي بكر ٍ واليا ً على مصر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فثار عليه الموالون لمعاوية بن أبي سفيان بقيادة معاوية بن حُديج السكوني , فأرسل معاوية قوة ً بقيادة عمرو بن العاص لدعم أعوانه فانتصروا على والي مصر محمد بن أبي بكر الذي وقع أسيرا ً بيد معاوية بن حُديج فقتله فتأثرت عائشة رضي الله عنها ودعت على معاوية وقد أعالت عائشة رضي الله عنها عيال أخيها المقتول ومنهم القاسم بن محمد , ولم يبلغ المقتول الثلاثين من العمر . - منع مروان بن الحكم والي المدينة من قِبل معاوية بن أبي سفيان أن يُدفن الحسن بن علي رضي الله عنهما في الحجرة النبوية بعد أن أذنت عائشة بذلك . وكادت أن تقع فتنة إذ أصر َّ الحسين بن علي رضي الله عنهم على دفن أخيه في الحجرة فجزعت عائشة رضي الله عنها جزعا ً شديدا ً على ما جرى . - عندما عهد معاوية لابنه يزيد من بعده بالخلافة . - قتل ُ معاوية لحجر بن عدي لأنه قام للصلاة وقام الناس معه حيث أطال والي الكوفة زياد بن أبيه بالخطبة رغم تنبيه حجر له . ورغم ذلك فقد حرص معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما , حرصا ً شديدا ً على تحسين علاقته مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها . |
أخت ناريمان جزاك الله خيرا ً وكل عام وأنتم بخير نفعنا الله بحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب آل بيته وأزواجه ورزقنا السير على سنته شكرا ًلك |
اللهم آمين ما شاء الله عليك أخي جابر , جزاك الله خيرا ً ونور دربك بالسير خلف الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم . شكرا ً أخي الكريم وكل عام وأنت بخير |
لا زلت أتابعك أخي الكريم سعدت جداً قي المطالعة هنا بارك الله في حسناتك .. ..... ناريمان |
أخي عبد السلام .. رضي الله على أُمنا وأرضاها .. تلك المفضلة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام .. بورك فيك وفي نقلك .. |
الأخت الكريمة ناريمان والأخت الكريمة سحر, جزاكم الله خيرا ً على المرور مروركم يسرني , أدخل الله السرور إلى قلوبكم في الدنيا والآخرة |
الساعة الآن 12:05 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.