.... إنَّ مَنْ لا يَعْرِفُ الوَحْيَ أَحْمَقُ .... ويروى الوَحَى مكان الوَحْيِ . يضرب لمن لا يعرف الإيماء والتعريضَ حتى يُجَاهر بما يراد إليه . |
.... إنَّ في المَعَارِيْضِ لَمَنْدُوْحَةٌ عَنِ الكَذِبِ .... هذا من كلام عِمْرَانُ بن حصين . والمعاريضُ : جمع المِعْراض ، يقال : عرفت ذلك في معراض كلامه ، أي في فَحْوَاه . قلتُ : أجود من هذا أن يقال التَّعريض ضدُّ التصريح ، وهو أن يُلْغِزَ كلامه عن الظاهر ، فكلامه مَعْرض ، والمعاريض جمعه . ثم لك أن تثبت الياء وتحذفها ، والمَنْدُوحة : السَّعَة ، وكذلك النُّدْحَة يقال : إن في كذا نُدْحَةً : أي سَعَةً وفُسْحَة . يضرب لمن يحسب أنه مضطر إلى الكذب . |
.... إنَّ المَقْدِرَةَ تُذْهِبُ الحَفِيْظَةَ .... المَقْدِرة والمَقْدُرة : القِدْرة ، والحفيظةُ : الغضب . قال أبو عبيد : بلغنا هذا المثلُ عن رجلٍ عظيمٍ من قريش في سالف الدهر كان يطلب رجلاً بِذَحْلٍ* فلما ظَفر به قال : لولا أن المقدرة تذهب الحفيظة لانتقمت منك ، ثم تركه . * الذَّحْلُ : الثأرُ |
.... إنَّ السَّلَامَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فِيْها .... قيل : إن المثل في أمر اللُّقَطةِ توجَد ، وقيل: إنه في ذمِّ الدنيا والحثِّ على تركها وهذا في بيتٍ أوله : والنفسُ تَكْلَفُ بالدنيا وقد علمتْ = أنَّ السلامةَ منها تَرْكُ ما فيها |
.... إنَّ الهَوَانَ لِلَّئيمِ مَرْأَمَة .... المَرْأَمة : الرِّئْمَانُ ، وهما الرأفة والعطف . يعني إذا أكرمْتَ اللئيم استخفَّ بك ، وإذا أهنته فكأنك أكرمته ، كما قال أبو الطيب: إذا أنْتَ أكرمْتَ الكريمَ ملكتَهُ = وإنْ أنْتَ أكرمْتَ اللئيمَ تمرَّدَا وَوضْعُ النَّدَى في مَوْضِعِ السيفِ بالعُلَا = مُضِرٌّ كوضْعِ السَّيفِ في موضِعِ النَّدى |
.... إنَّ الكَذُوْبَ قَدْ يَصْدُقُ .... قال أبو عبيد : هذا المثل يضرب للرجل تكون الإساءة الغالبةَ عليه ، ثم تكون منه الهَنَةُ من الإحسان . |
تحيّاتي
أشكرك أستاذ عبد السلام بركات الزريق على موضوعك الماتع ، وعلى حُسن اختيارك للأمثلة الدالة المعبرة. بوركت ، وبورك اليراع. |
اقتباس:
السلام عليك الأخ الأستاذ ماجد جابر أشكر مرورك الكريم ولا أخفيك يا صديقي أن في الشروح الكثير من الفوائد وبحول الله سأدرج أغلب الأمثال بعد تدقيقها تقديري |
.... إنَّ تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوَةً .... الطِّرَقُ : الضعفُ والاسترخاء ، ورجلٌ مَطْروق فيه رخوة وضعف ، قال ابن أحمر: ولا تَصِلي بَمْطروقٍ إذا ما = سَرَى في القومِ أصبحَ مُستكينا
ومصدره الطِّرِّيقة بالتشديد ، والعِنْدَأْوَة فِعْلَأْوَة من عَنَد يَعْنُدُ عُنُوداً إذا عَدَل عن الصواب ، أو عَنَدَ يَعْنِدُ إذا خالف وردَّ الحق . ومعنى المثل أنَّ في لينه وانقياده أحياناً بعضَ العسر . |
.... إنَّ الْبَلَاءَ مُوَكَّلٌ بِالمَنْطِقِ .... قال المفضل : يقال : إن أول مَنْ قال ذلك أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فيما ذكره ابن عباس ، قال : حدثني علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لما أُمِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَعْرِضَ نفسَه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر ، فَدُفِعْنَا إلى مجلسٍ من مجالس العرب ، فتقدم أبو بكر وكان نَسَّابة ، فسَلَّم فردُّوا عليه السلام ، فقال : ممن القوم ؟ قالوا : من ربيعة ، فقال : أمِنْ هامتها أم من لَهَازمها ؟ قالوا : من هامتها العظمى ، قال: فأيُّ هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا: ذُهْلٌ الأكبر، قال : أفمنكم عَوْف الذي يقال له: لَا حُرَّ بِوَادي عَوْف ؟ قالوا : لا ، قال: أفمنكم بِسْطَام ذُو الِّلواء ومنتهى الأحياء ؟ قالوا : لا ، قال : أفمنكم جَسَّاس بن مُرَّةَ حامي الذِّمارِ ومانِعُ الجارِ ؟ قالوا : لا ، قال : أفمنكم الحَوْفَزَانُ قاتل الملوك وسالبها أنفسَها ؟ قالوا : لا ، قال : أفمنكم المزدَلف صاحب العِمَامة الفَرْدة ؟ قالوا : لا ، قال: أفأنتم أخوال الملوك من كِنْدَة ؟ قالوا : لا ، قال : فلستم ذُهْلاً الأكبر ، أنتم ذهل الأصغر ، فقام إليه غلام قد بَقَلَ وَجْهُه يقال له دغفل ، فقال :
يا هذا ، إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئاً فمن الرجل أنت ؟ قال : رجلٌ من قريش ، قال : بخ بخ أهل الشرف والرياسة ، فمن أي قريش أنت ؟ قال : من تَيْم بن مُرَّة ، قال : أمْكَنْتَ والله الرامي من صفاء الثغرة ، أفمنكم قُصَّيّ بن كلاب الذي جَمَعَ القبائل من فِهْر وكان يُدْعَى مُجَمِّعاً ؟ قال : لا ، قال : أفمنكم هاشم الذي هَشَمَ الثريدَ لقومه ورجالُ مكة مُسْنِتُونَ عِجَاف ؟ قال : لا ، قال : أفمنكم شَيْبَةُ الحمدِ مُطْعِم طير السماء الذي كأن في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي ؟ قال : لا ، قال: أمن المُفِيضِينَ بالناس أنت ؟ قال : لا ، قال : أفَمن أهل النَّدْوَة أنت ؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل الرِّفادة أنت ؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل الحِجَابة أنت ؟ قال : لا ، قال : أفمن أهل السِّقاية أنت ؟ قال : لا ، قال : واجتذبَ أبو بكر زِمام ناقته فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال دغفل : صادَفَ دَرأ السَّيل دَرْأً يصدعُهُ ، أما والله لو ثبتَّ لأخبرتك أنك من زَمَعَاتِ قريش أو ما أنا بدغفل ، قال : فتبسَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، قال علي : قلت لأبي بكر : لقد وَقَعْتَ من الأعرابي على باقِعَةٍ ، قال : أَجَلْ إن لكل طامة طامة ، وإنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطق . |
الساعة الآن 03:10 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.