منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 03-19-2014 10:24 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب


- رواية "لعبةالنسيان" نص إشكالي أسال الكثير من المداد حول هويته الأجناسية ومنذ صدورها فيطبعتها الأولى سنة 1987، كانت مثار جدل واسع على صفحات الجرائد والمجلات الثقافيةونشرت حولها دراسات جامعية ونقدية كثيرة.

- قلة هم الكتاب الذين وزوا بينإنجازين: إنجاز تجسد في الكتابة النقدية التطبيقية، وإنجاز تمثل في الكتابةالإبداعية، حيث لغة الصورة وإنتاج الجمال، ومنهم: إلياس خوري، ونبيل سليمان، ومحمدعز الدين التازي، ومحمد برادة...

- فالرواية بالنسبةلهؤلاء إبداع جمالي يمتلك ثوابت بالإمكان التقاطها وترصدها من داخل الممارسةالنقدية..

- لا تتشكل رواية "لعبة النسيان" منفصول وإنما جاءت حاملة لعناوين هي أسماء لشخصيات فاعلة متفاعلة داخل النص الروائي (مثلا "سيد الطيب")

- أو لجمل شعرية تختزل المضمون ضمن البنيات الحكائية الصغرىوالمشكلة للرواية كبنية كبرى (مثلا "للا نجية أم ثانية" و"الطايع في حومة الكبار")

- إلى جانب هوامش داخل المتن متمثلة في "الإضاءة" و"التعتيم".

- ومدار الرواية منغلقحول الأم،

- لكن الشخصية المحورية هي شخصية "الهادي" (أم هل هو محمد برادة نفسه كمايقول نقاد يعتبرونها سيرة ذاتية؟

==
انتظرونا هنا لمعرفة العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم -47- "الريح الشتوية" لـ مبارك الربيع من المغرب ):

ايوب صابر 03-30-2014 03:05 PM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب



- تصور رواية «الريح الشتوية الإنسان المغربي في فترة حرجة وحاسمة من تاريخ المغرب الحديث، وهي فترة الاستعمار.

-إذ تحكي قصة «العربي الحمدوني»، ومن خلاله ومعه شرائح كثيرة من المغاربة الذين سلبالحاكم الفرنسي أراضيهم في البادية، ونزحوا إلى مدينة الدار البيضاء، وتكدسوا فيأحياء صفيحية مهمشة، مثقلة بالفقر والقذارة أبرزها «الكريان سنطرال»، الذي شكلوالفضاءات المجاورة له معترك السيرورة السردية.

-وقد عمل الكاتب في خضم ذلك على كشفالواقع المتردي والمتسم بالجهل والخرافة والتخلف ومخاصمة الذات والهوية، من خلالعديد من الشخصيات أبرزها «عائشة العرجاء»، التي أسند إليها دلالات وأبعادا شاسعة.

-حيث جسدت مرجعية اجتماعية مضطربة، أفرزت سوء فهم لعمق القضية، وكرست الإحساس بالهمالفردي والبحث عن الخلاص الفردي، تجلى في النص من خلال توجه الناس إلى المحكمةللمطالبة بأراضيهم.

-وكان العربي الحمدوني بطل الحل الفردي. حيث وكّل محاميا لهذاالغرض، لكن قضيته كان مصيرها الفشل وكان مصيره هو الموت.

-ومع القسم الثاني تحول مسار السرد، وتم إقصاء شخصيات لصالحأخرى جديدة أهمها «العالم»، الذي اشتهرت حلقته بالتوعية الدينية ومصالحة الناس معذواتهم وقيمهم.

- ثم ترك أمر الحلقة للشاب«سي عبد الفتاح» الذي بدأ يخوض في التوعيةالوطنية وتأطيرالناس، فظهرت بوادر وعي جماعي، ثم عمل وطني منظم ونقابات عمالية موازية له.

-وبذلك أصبح الكريان سنطرال مصدر قلق سلطات الاحتلال التي وجهت نداء إلىالسكان بالإفراغ، لكنهم رفضوا، فأقدمت على إحراق الكريان، لكن ذلك لم يزد الناس إلاإصرارا.

-وهكذا انطلقت مواجهة مفتوحة بينهم وبين المستعمر مخلفة قتلى وجرحىومعتقلين، وانتهت أحداث الرواية على هذا الخط الصراعي المفتوح.

-وانطلاقا من هذا الإطار الموضوعي الفضفاض، بسبب صعوبة تلخيصأحداث الرواية، يمكن استخلاص أن النص يقوم على ثلاث متواليات سردية:

1- متوالية اتخذتمنحى سلبيا تمثل في واقع الجهل والخرافة، وتمخض عنه سوء فهم القضية والنزوع إلىالحل الفردي.
2- ومتوالية جاءت بالنقيض عكست خطا توعويا دينيا ثم وطنيا، تمخضت عنهالمصالحة مع الذات والنزوع إلى الإحساس بالهم الجماعي.
3- ومتوالية فتحت مواجهة مباشرةبين المغاربة والمستعمر، وأفرزت حركة تاريخية قائمة على التوازن في أرجوحةالصراع.

-وبناء على هذه المتواليات فإنالسمات المهيمنة في النص هي: الإقصاء والتحول والتنامي.

-وهي سمات تعد بسيرورة سرديةفيها تفاعل وجدلية قوية.

ايوب صابر 03-31-2014 10:00 AM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب

- يعد الكاتب المغربي مبارك ربيع أحد الأسماء المؤسسة للكتابة الروائية والقصصية بالمغرب، فقد ساهم منذ نهاية الستينات الى جانب كل من عبد المجيد بن جلون وعبد الكريم غلاب ومحمد عز الدين التازي في إرساء قواعد الكتابة الإبداعية بالمغرب، ورصد تحولات المجتمع المغربي في مناهضته للاستعمار الفرنسي، وتحولات المجتمع العربي وتوجهاته القومية.

- يقول في حديث مع بعض الأصدقاء إنني حينما أكتب الرواية أشعر أنني على شاطئ المحيط أحاول أن أصطاد سمكة، لكنني حينما أكتب القصة القصيرة أشعر أنني أحتفي بالتقائي بهذه السمكة. فهناك درجة من الانجذاب نحو الرواية أو القصة وذلك يختلف حسب الظروف، ولكن ليست هناك قطيعة مستمرة أو غير مستمرة بيني وبين القصة القصيرة في مرحلة من حياتي الإبداعية.

- يقول "المبدأ العام لدي هو أنني لا أكتب إلا عندما يكون لدي شيء حقيقي يُكتب سواء في الرواية أو القصة.

- ويقول " إن رواياتي الأولى إذا كانت قد حظيت بالاهتمام فلأنها قد فرضت نفسها قبل أن يولى لها هذا الاهتمام. فأول رواية لي وهي «الطيبون» حازت جائزة لها أهميتها الكبرى في ذلك الوقت، وكذلك رواية «رفقة السلاح والقمر» وهذه كلها روايات لقيت إقبالا كبيرا من طرف القراء في المغرب والعالم العربي في وقت واسع من المنافسة وفي وقت كان يتعذر فيه الحصول على مثل هذا النوع من التقييمات.

- تتميز أعماله الابداعية بتنوع المضامين وتعدد الرؤى، حيث انتقلت من الرؤية الوطنية الى الرؤية العربية القومية، واحتفظت مع ذلك بخصوصيتها كابداع مغربي.

- يقول هو نفسه " لا أنكر أنني منشغل بما يهم مجتمعي المغربي والعربي وما فيه من شرائح متعددة، وليس الموضوع هو الذي يجعل الرواية رواية، بل روائيتها وبناؤها الفني.

- يقول أيضا " الروائي يمكن أن يكتب في أي موضوع بشرط أن يتفاعل معه.

- ويقول " فروائية الرواية هي الأهم وليس الموضوع لأنه يأتي بدرجات بعد البناء الفني ولا يمكنه لوحده أن يصنع عملا روائيا.

- يقول ايضا " صحيح أن أعمالي تعرف تنوعا في الموضوعات، وقد انتبه الى ذلك كبار المفكرين المغاربة ونوهوا به واعتبروه دلالة على تعمق التفاعل بيني وبين الفن الروائي. بالنسبة لي المسألة طبيعية فأنا أتفاعل مع الموضوع وأشرع في الكتابة. وأنا أخلص لهذا الأمر سواء كان الموضوع تخييليا صرفا أو يمزج بين التخييل والواقع. المهم بالنسبة لي هو أن يكون هذا التفاعل بيني وبين الموضوع الذي أشتغل عليه، لأنني أكتب رواية قبل أي شيء. فليس الأداء الموضوعاتي هو همي وشاغلي في الكتابة الروائية.

- يقول " الفضاءات التي اكتبت عنها هي فضاءات عرفتها بشكل جيد وخبرتها، ولكن أيضا هناك فضاءات عربية مثلا في رواية «رفقة السلاح والقمر» التي أتحدث فيها عن دمشق والقاهرة وبيروت الى جانب الرباط والدار البيضاء والقصيبة. فتأثيث الفضاء الروائي ليس معادلة محسومة مسبقا، بل هي أمور تفرض نفسها مع العمل أو مع التخطيط له ولكن ليس بشكل تعسفي وهذا هو أهم شيء.

- يقول " حينما أكتب عن مدينة معينة أكتب بطلاقة وعفوية فكرية وروائية، وهو نفس الشيء حينما أكتب عن عالم قروي أو عالم مخضرم. فالمسألة فيها جزء من الجانب الذاتي ولكن الجانب الفني هو الذي يفرض نفسه.

- تجمع أغلب الدراسات التي تناولت أعماله أنها تندرج في اطار التجريب المعتدل، الذي يضع الكتابة بين ـ بين، أي بين النمط الكلاسيكي والنمط الحداثي.

- يقول بخصوص التجريب في الكتابة " يهمني أن ما أقوم به يأتي بعفوية منسجمة مع الفضاء وخالقا لعالم روائي جمالي أدبي ممتع قبل كل شيء.

- يقول " فيما يتعلق بالرواية والقصة فأنا أحتاج للتوقف ولا أستطيع أن استمر طويلا، ولدي تفسير لذلك يخصني وهو أن الابداع الروائي هو تجربة في اللامتناهي تتطلب نوعا من التعامل يخرج عن التعسف والحسم السريع في المواقف أو الشخوص والجمالية، ولذلك فأنا أكتب بأناة بالغة وأكاد أقول إنه لا توجد كلمة في قصصي لم أضعها إلا بعد اقتناع بأهميتها، ولا يوجد في عباراتي شيء من مجرد إفراغ الشحنة بأي طريقة لأملأ الفراغ. ولذلك فأنا لست محترفا للكتابات الموجودة في الساحة، ولكني أكتب إن صح التعبير بضمير روائي وقصصي.

ايوب صابر 04-01-2014 08:25 AM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب

- يقول تجربتي في الكتابة السردية لم تنفصل عن تصور للحرية والحركية والتجدد.

- تميز بحصيلة من الأعمال سواء في حقل الرواية، أم فيحقل القصة القصيرة، إلى جانب الدراسة والبحث كأستاذ جامعي متخصص في علم النفس، وتوجهذا المسار الحافل بعمله السردي الضخم (درب السلطان) الذي يعتبر أول ثلاثية روائيةمغربية، تناولت عبر ثلاثة أجزاء هي (نور الطلبة)، (ظل الأحباس) و(نزهة البلدية) أحدأشهر أحياء مدينة الدار البيضاء، لينصف بذلك المدينة المغربية التي ظلت بعيدة عنالروائيين المغاربة وانشغالاتهم.

-يقول " لو كتبت عن طريق الأسطورة أو بإلهام منها، لا أعني إلا الحاضر،وأعتقد أن
في كتاباتي شيئاً من ربط العلاقة بين الماضي والحاضر كمصدر إلهام."

- ويقول " أنالا ارجع إلى الماضي لأتمسك به، بمعنى أن يكون هو مصدر القيم، فقيم الماضي هي نحن. أنا نفسي قيمة من قيم الماضي، ولكن علي أن أعيش الحاضر والمستقبل، فذهني وسلوكيليسا نتاج الحاضر وحده، هما نتاج الماضي والحاضر، نتاج التراث والمعاصرة، وعندمااستلهم الماضي أو الأسطورة فإنما أعني الحاضر والمستقبل، ولا يعني هذا إنني أعوداليهما دائماً، حيث أتناول الحاضر المباشر، في الوقت الذي أتناول أيضا الماضي أوالواقع الأسطوري.

- يقول ايضا " أنا اعتقد إن الفن كالتكنولوجيا، كالموضة، عندما يبلغ مستوى من النضجالحضاري، تتفق الإنتاجات على معالم مشتركة، وبالنسبة لمن هو في خضم هذه العملية،وقد بلغ درجة النضج فيها، ليس من الضروري أن يقرأ "فلاناً" بالذات لكي يتشابه معكتابته، يكفي أن يبلغ درجة النضج التي بلغها "فلان" لكي يكتب أثراً مشابهاً، بمعنىأن الإنتاج العالمي لفن من الفنون، في مرحلة من المراحل، يجب أن يبلغ درجة المعالم المشتركة التي تعني مستوى من النضج الحضاري.

ـ يقول " لا أزال معجباً بالكتابات الكلاسيكية الروسية لأنها تمثل لي النموذجالروائي الأكبر بالنسبة للإنتاج العالمي. من الممكن أن نتجاوزها من حيث الشكل،لكنها بواقعيتها وبخيالها ما زالت قادرة على الإلهام والصمود، مثلما هي "كليلةودمنة" أو "ألف ليلة وليلة" ليس في مكانتها في الأدب العربي فحسب، وإنما في مكانتهافي الأدب الإنساني.

-يقول "أقرأ كثيراً، ومعجب جداً بهمنغواي وشتاينبك وأميل زولا، وإذا أردت اعترافاً مني فانقراءتي للرواية، حتى قبل أن أكتبها، لم تكن تسمح لي بالاختيار، إلا عندما تتاح ليفرص الاختيار، فأنا أقرأ ما أجده وما يقع أمامي."

ايوب صابر 04-02-2014 08:39 AM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب


- اذا اقرينا بأن الكتابة الروائية نوع من انواع السيرة الذاتية نجد ان مبارك ربيع عاش في طفولته فترة حرجة وحاسمة من تاريخ المغرب الحديث، وهي فترة الاستعمار، كما رسمها وسجلها لنا فير رائعته الريح الشتوية.

- عايش في طفولته انفجار الأزمة السياسية بين فرنسا والمغرب ام 1952 ونفي الملك محمد الخامس وأسرته والزجّ بالوطنيين في السجن وإغلاق المدارس الحرة، ومن بينها مدرسة لحلو حيث كان مبارك ربيع يتابع دراسته.

- اصوله من العالم القروي ولا بد انه تأثر كثير بظيم الاستعمار.

- رده على سؤال لماذا تكتب رد قائلا: "كنت وما أزال في لسان حال يجيب عن تساؤل بنظيره: لم لا أكتب أمام وفي عالم ما يفتأ يسود ويسوء بسيادة العدم والغياب والضياع للقيم الإنسانية الجميلة، والمعاني السامية النبيلة، لما تعلمناه في مدرسة البراءة والحب والطفولة؟

- وهو يرى، أن الإبداع " فضاء حريتنا المتبقي، أو هامشها المرن لكل تقلص وامتداد، والحرية أبجدية الوجودية الأولية الأولى، تلك التي فطرنا عليها، ونشأنا ـ بكل أسف ـ على الجهل بها، وحقنا في الإبداع، هو حقنا في الحرية والحلم، حق شخوصنا وفضاءاتنا، ولذلك لخصنا كل القيم النبيلة في الإنسان وما هو إنساني، ننقب عن صفاء الطبيعة في البشرية وفي الكون، ولعل منتهى مثل هذه المرونة والحرية في الفكر والفن، وفي الأداء والأداة، قد يفسر ما جعلني انصرف عن حق أو بدون حق، إلى ممارسة الكتابة في جنس الأدب السردي، لذلك، فان تجربة الكتابة السردية لم تنفصل عندي منذ البدء، عن تصور للحرية والحركية والتجدد.

ايوب صابر 04-06-2014 09:16 AM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب


- يبدو أن أول ما يمكن ملاحظته بصدد البنية الأسلوبية لهذه الرواية هو بساطة لغتها
- وسلامة تراكيبها
- وفصاحتها،
- مع توجيه طرق التعبير نحو خطاب جديد أكثر واقعية ومباشرة.
- وعلى العموم، فإن هذا النص يتميز بجملة من الخصائص الأسلوبية يمكن رصد بعضها كالآتي:
1. استخدام الألفاظ المألوفة مع الابتعاد عن الغريب والمهجور من اللفظ.
2. — اعتماد المبدع على الجمل البسيطة في التعبير: رغم توظيفه بعض الجمل الطويلة التي تظل، تركيبيا، بسيطة وبعيدة عن التعقيد التأليفي.
3. استخدام بعض النماذج التعبيرية من الزجل الشعبي.
4. استخدام بعض العبارات العامية.
5. اقتحام بعض الألفاظ الأجنبية الفرنسية في التعبير.
6. اعتماد الأسلوب الأدبي الروائي الذي يتداخل فيه السرد بالوصف.
7. وفي هذا الإطار يلاحظ تركيز المبدع على الوصف وتصوير المشاهد، وينصب هذا الوصف على الفضاءات والشخوص .
8. نتيجة لذلك، يتضح أن هذه الخصائص جعلت هذه الرواية، من الناحية الأسلوبية، تتمازج فيها لغة التخاطب اليومي باللغة الأجنبية، بالإضافة إلى لغة ثابتة تتأرجح بين المستويين السابقين.

- أما إذا نظرنا إلى هذا النص، باعتباره نصا روائيا، فإننا يمكن أن نسجل بأنه يشتمل على جملة من المعايير والمميزات التي ترسخت من خلال تجارب روائية غربية وعربية: ومنها:
1. عرض تجارب مجموعة من الشخوص في أزمنة وأمكنة مختلفة، مع تتبع ما يلحقهم من تغيرات وتطورات..مثلا [ شخصية كبور – شخصية العربي الحمدوني...].
2. تحديد الأزمنة والأمكنة التي تتحرك فيها هذه الشخوص، وتنجز فيها الأحداث.
3. الاعتماد على عنصر السرد، وإسناد هذه المهمة إلى سارد يلم بتفاصيل الحكاية، من أجل تقديم تجارب الشخوص، ووصف حالاتها وتحولاتها.
4. عرض الأحداث من مستوى منظور سردي محدد هو "الرؤية من خلف" الشيء، الذي يبرز تحكم المبدع في جميع عناصر روايته.
5. تنويع طرائق العرض ما بين السرد والوصف، والحوار بنوعيه الخارجي والداخلي.
6. توظيف اللغة النثرية الفنية جنبا إلى جنب مع مستويات لغوية أخرى (عامية + أجنبية + وسطى...).
7. توظيف وسائل فنية روائية مهمة تدل على الاسترجاع + الاستباق + الحذف والاختزال + التعطيل والكسر + التعليق والتوضيح، و غيرها.
8. توظيف الرمز مثلا في الحُلم.
9. عنصر الإيحاء ممثلا في بعض التعابير مثل:— "شجرة التين التي غرسها (كبور) في باحة الدار، والتي بدأت ثمارها الأولى تعد بعطاء سخي». « الشمس والريح الشتوية الصادقة المجهولة المصدر...».
- هذه التعابير وغيرها، الرمزية و الإيحائية، جسدت الموضوع الروائي بشكل رفيع، بحيث تكشف عن حقيقة تاريخية، بشكل فني، هي المجابهة بين "سكان الكاريان" والاستعمار الفرنسي.
- ومن ثمة يظهر جليا بأن إشكال هذا النص يكمن في: كيف تتسرب المادة التاريخية إلى شرايين الرواية، ويتهيكل العمل الفني رواية وليس تاريخا؟
- وكيف يكون السرد الروائي المستلهم للتاريخ، لوقائع حدثت في الزمن العام أحداث فنية تخضع لمعمارية النص الروائي ولوحداته الكتابية؟...».[عن كتاب "في الأدب المغربي المعاصر" لأحمد المديني ص 44].
- وخلاصة القول هي أن رواية "الريح الشتوية" للكاتب المغربي مبارك ربيع تستجيب لهذه المعايير الفنية من حيث أحداثها، ولغتها وتقنيات العرض فيها، ومن حيث التنظيم البنائي ..
- ومع ذلك تبقى رهينة الكتابة الروائية التقليدية على الرغم من ظهورها في مرحلة شهدت فيها التجربة الفنية للمبدع بعض التوسع والتطور.
- وبناء على ذلك، يتضح بأن هذا النص يطرح من حيث محتواه، إشكالية نقدية هي علاقة الروائي بالتاريخ.

ايوب صابر 04-07-2014 08:20 AM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب

- إن رواية "الريح الشتوية" للكاتب المغربي مبارك ربيع عملت على تصوير مظاهر الواقع الاجتماعي التاريخي خلال مرحلة الأربعينيات، برؤية تسجيلية ظلت تحتفل وتنشد الاستقلال كلحظة سعيدة، وضمن سياق فكري - إيديولوجي هدفه وصف التغلغل الاستعماري - الرأسمالي في البلاد، وتصوير المقاومة الشعبية بمظهرها السياسي والنقابي، التي ترتبت عن الاغتصاب والقمع والاستغلال..
- وهي رواية تتعاطف مع الكادحين "سكان الكاريان" كأبطال للنصر في صراعهم مع المستعمر، وتخالف من زاوية أخرى، رؤية وموقف "عبد الكريم غلاب" في روايته "دفنا الماضي" و"لمعلم علي" الذي يربط الوعي النقابي والوطني بالطبقة البرجوازية الصاعدة.

ايوب صابر 04-08-2014 08:00 AM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب


I would really confess that this is the most realistic story that I had during my literary career, It was a nice depiction of the main components inside the Moroccan society, Poverty, Demoralization, Degradation, Human rights abuse all these aspects were present in the Events of Rih Chatwiya.

- هذه الرواية هي الأكثر واقعية خلال رحلتي الإبداعية وهي تصور الظروف الاجتماعية في
المجتمع المغربي .
-
- Besides the main aim inside this story was to recover the social image that Moroccans forget during Colonization and After the Independence

- الهدف الرئيسي من الرواية هو استعادة صورة الوضع الاجتماعي الذي نسيه المغاربة خلال فترة الاستعمار وبعد الاستقلال.

- It was a strategy of how to resist poverty and to look for a better life.

- إنها إستراتيجية عن كيف تنهي الفقر وتبحث عن حياة أفضل



Concerning the Negative aspects, It would be obvious that the novel was an Ethnic attack between Arabs as a main protagonists and Europeans as Antagonists, It was believed that the main cause for the Character's suffering was Colonization without stating other reasons including the low management of the national cause and the corruption that was growing inside their national state.

- تصور الرواية الصراع بين العرب والمستعمر الأوروبي وتحمل المستعمر المسؤولية عن المشاكل الاجتماعية متناسية كل الأسباب الأخرى المسببة لتلك الظروف

ايوب صابر 04-09-2014 08:19 AM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 47- الريح الشتوية مبارك الربيع المغرب


- I personally didn't agree with the writer's final intentions, It was obvious that the story was a weapon against every European presence in the state,

- واضح أن الرواية كانت عبارة سلاح ضد الاستعمار الأوروبي.


Besides the story writer was not so objective during the writing of this book. I held the position that I as a reader could not bear such attack and such violent description of poverty.
- أتصور أن الروائي لم يكن موضوعيا في كتابته فقد تولد لدي انطباع بأنه بالغ في وصف ومهاجمة الفقر


- Personally I feel sad about the death of the Protagonist, about the environment where he lived, and about the forcible denial of the French authority by taking his land without any proper cause.

- شخصيا اشعر بالحزن لموت البطلة في القصة وللبيئة التي عاش فيها وللاجراءت الفرنسية القهرية التي تمثلت في الاستيلاء على أرضه دون أي مصوغ.
-
- Finally I would say that if this is the real situation where Moroccan lived than I would confess that they led a very miserable life full of tragedy.

- وأقول اذا كانت هذه هي فعلا حياة المغاربة اعترف بأن حياتهم كانت تعيسة ومأساوية.

- The Story was so tragic, so I don't recommend it to people who seek enjoyment, However I would recommend it to people who seeks the true life of a certain people,

- لقد كانت الرواية مأساوية بشكل لا يصدق حتى أنني لا أوصي بقراءتها لمن يبحث عن المتعة ولكنني أوصي بقراءتها لمن يبحث عن الحقيقة عن حياة بعض الناس.

- The Book is written in Arabic so I recommend to people who are interested in Arab literature and Moroccan history.

- الرواية باللغة العربية وعليه فانني اوصي به لم يحب الادب العربي وتاريخ المغرب.

- Finally I recommend it to people who fall in love with realistic novels.
كما انني اوصي به لمن يحب الاطلاع على الروايات الواقعية.

ايوب صابر 04-10-2014 02:00 PM

والان مع ....العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشاحسن نصر تونس


- لقد كتب حسن نصر(40) "دارالباشا"(41) روايتين أخريين [دهاليز الليل(1977)- خبز الأرض(1985)] وقد نهج فيهما نهج الواقعية التقليديّة من خلال ذلك التشخيص الوصفي للواقع المعيش أو لهذا النصّ الدنيوي الذي تسعى الرّواية الكلاسيكية إلى تجسيده.

- تطمح هذه الرّواية إلى عرض شخصيّة "مرتضى الشامخ" الذي ترك دار الباشا" ثم عاد إليها بعد أربعين عاماً لا يستطيع قارئ الرواية أن يتمثلها، فتغيب الوقائع والأحداث المتعلّقة بهذه المرحلة الطويلة من حياة الشّخصيّة المحوريّة ولا نكاد ندرك ملامحها إلا عبر إشارات تبريريّة يصرح بها السّارد في بعض مواطن الرّواية أهمّهُا ما ورد بالفصل السّابق عندما يقول "خرجت مُمزَّقاً طريد أفكارك، تلاحق أوهاماً وأشباحاً، تقاذفتك الأهواء والعواصم واختلطت عليك اللغات المختلفة شرقيها وغربيها.

- بثاً يبحث القارئ عن ملامح هذه السبل التي اختلطت على مرتضى الشامخ أو عن هذه الصدمة الحضاريّة الحادة الّتي واجهها فلا يعدو الأمر أن يكون من باب التبرير اللّفظي لهذه الوضعية الّت يوضع فيها المؤلف شخصيته وهي تباشر حياتها في دار الباشا" بعد انقطاع طويل وعودة مفاجئة مفعمة بحنين جارف إلى المكان.

- منذ الفصل الأول من الرّواية يصرِّحُ السَّارِدُ بهذا الوجه الإشكاليّ الّذي يريد أن يرسم به شخصيته "هذا هو الجسر الذي عليك أن تعتبرُه من الماضي إلى الحاضر ومن المنفى إلى المنفى، إليه جئت دون رضاك ومنه خرجت هارباً، وإليه تعود تارة أخرى تبحث عن معنى".

- فتصبح العودة إلى المكان قادحاً للعودة إلى الماضي بما تحمل من معاني الاسترجاع وسبر لأغوار الشخصية الباحثة عن معنى وجودها.

- وتمر رحلة البحث بمسلكين:

1. مسلك باطني هو بمثابة رحلة طويلة من حياة السّارد تتّخذ من السيرة الذاتيّة بعض ملامحها، فيعود السّاردُ إلى طفولة "مرتضى الشامخ" ونشأته في عائلة متوسطة وأمر طلاق أمه وبعض وجوه تعلّمه وتقلّبه في بعض المهن وبعض مغامراته الشّخصية.
2. مسلك خارجي هو بمثابة إعادة بناء للمكان، فعبر الذاكرة تسعى الشخصية إلى تركيب "نهج الباشا" لوحةً لوحةً ومشهداً مشهداً، بمبانيه وأزقّته ودوره ودكاكينه.
3. ويتجادل المسلكان، يتقاطعان حيناً ويلتقيان حيناً آخر ليملأ هذا الزّمن الذي مضى ويرضيا هذا الحنين لحياة خلت وتتعب الذاكرة في استرجاعها "فأي فراغ مهول حصل في ذاكرته.

- بيد أَنَّ للحاضر منطقاً مغايراً ووجهاً صدامياً عنيفاً،فهذه الدَّارُ العتيقة الّتي هجرها أهلها أو كادوا وتحولت إلى كابوس مفزع في خيال الشخصيّة الرئيسيّة (مرتضى الشامخ) وحلمها، في حاجة إلى ترميم هو من مسؤولية الجيل الجديد.

- تنتهي الرّواية بما يشبه صيحة الفزع" من يعيد إلى أحلامي الجميلة.. من يعيد إلي شامه".. ويعيد طفولتي الضائعة".

- وهي صيحة تؤكد أن بطل الرّواية اقتنع في النّهاية بمنطق الزّمن وأنّ مسؤولية الأجيال الجديدة في إنجازات عصرها وأَنَّهُ لا سبيل إلى التّوفيق، لكل عصر رجاله ولكل زمان أفعاله وخياله.

- تلك هي إشكاليّة هذا البطل الروائيّ في رواية "دار الباشا" وهي إشكاليّة قديمة حديثة، فالحنين إلى الماضي ومحاولة بعث بعض مظاهر حياتنا القديمة من خلال قضية التّراث والإشكاليات التي يطرحها، عالجتها الثقافة العربية منذ نهاية القرن الماضي والثلث الأول من القرن العشرين وعالجها الأدب معالجة خاصة وعالجتها الرّواية بوجه أخص. فقد تعرض إليها منذ الأربعينات نجيب محفوظ في رواية "خان الخليلي"..

- وهي إشكالية حديثة لأنها تطرح من جديد في أشكال التعبير الفني المختلفة ويكفي أن نذكر في تونس هذا الشريط السينمائي "عصفور السطح" الذي يعود بالذاكرة إلى تونس القديمة في أربعينات القرن العشرين من خلال رسم لوحة فَنِيَةٍ عن مظاهر العمران والحياة فيها.

- ولا شك أن حسن نصر شاهد هذا العمل الفني وتأثَّرَ به تأثّراً فنّياً واضحاً نعثر على ملامحه في رواية "دار الباشا" .

- فالكاتب خضع لهيمنة صورة العصفور، فهو يستعيرها في الرّواية مرتين "رفت أصابعه كأجنحة عصفور يريد أن يفرّ" .

- وهو بذلك يعيد الاستعارة ذاتها وكان قد استعملها في بداية الرواية ص50 .

- ويتحول هذا الحضور إلى ضرب من الاقتباس في مستوى التشخيص.

- ففي صفحة أربع وأربعين يتحدث السّارد عن علاقة "منجية" بصالح الفيّاش. "واصلت طريقها عبر سوق سيدي محرز ودخلت به في الزحام، بينما هي منشغلةأمام إحدى المعروضات ناداها من خلفها رجل… انتبذ بها ناحية وراحا يتجاذبان الحديث".

- فهذا المقطع السّرديّ يذكر بذاك المشهد السينمائي في شريط "عصفورالسطح" والذي يُجَسّده الممثل محمد إدريس مع إحدى الممثلات وهو مشهد مراودة.

- وفي الصفحة الرابعة والثلاثين بعد المائة يصف السّارد مرتضى الشامخ وهو طفل، كيف صعد السطح مع صديقه ليطلا على مشهد جنسيٍّ ثم ينطلقان على السطح عدوا: "امرأة تقف أمام النافذة، كنا ننظر إليها من موقع لا ترانا فيه، ورأينا رجلاً يتقدم فيأخذها إليه ويفر بها منه… انطلقنا نجري هاربين كأنما أحد كان يجري وراءنا، أخذنا نقفز المدرجن كاد نطير" .

ايوب صابر 04-13-2014 09:03 AM

تابع ....العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية- 48 - دار الباشا حسن نصرتونس


- ولا أحد يَشُكُّ في إحالة هذا المقطع السرديّ على صورة السطح برُمَّتِها، تلك التي تخيلها فريد بوغدير قبل حسن نصر وهكذا يربط الخطاب الروائي من خلال هذه الرّواية علاقةً وطيدة بالخطاب السينمائي. فالكاتب عادة يكتب وهو يتذكر.

- إنّ هذه الرواية من حيث بناؤها العام تتبنى مقولات الخطاب الواقعي الوصفي.

- والخطاب الواقعي الوصفي هو بالدرجة الأولى خطابٌ تبريريٌ،

- فالسارد الذي كثيراً ما يتدخل ويسوق الأحداث سوْقاً إنّما هو يتدخل ليبرر أساساً.

- فكل حدثًٍينبني على منطقٍ ولكلِّ حالةٍ مبرراتْها النفسية أو الأيديولوجية أو الحدثية.

- لقد صاغت الرواية العربية الحديثة أجمل شخصياتها الإشكالية(25) ولكن القارئ المختص في الرواية لا يمكن له أن يهمل شخصيتين روائيتين يمكن أن تعتبرا أنموذجين أساسين في صياغة الشخصية الإشكالية وهما مُصطفى سعيد في"موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح ومنصور عبد السلام في رواية "الأشجار واغتيال مرزوق" لعبد الرحمان منيف. والشخصيتان أنموذجيتان لأنهما متكاملتان من حيث البناء، مُبرَرَتان تاريخياً وأيديولوجياً ونفسياً، بيد أننَّا عندما نتأمل شخصية "مرتضى الشامخ" نُدْرِكُ أنها شخصيةٌ غير متكاملة البناء إذ ينقصها التَّبريرُالكافي الذي يُشرْعُ وجُودَهَا.

- فهذا الرجل الذي عاد من حيث لا ندري يعيش أزمةعنيفةً وقد استطاع الكاتبُ فعلاً أن يطوِرَ هذه الأزمةَ، لكنّنا لا نُدرِكُ أبداً أسباب هذه الأزمة وأبعادها.

- لا شكَّ أنّ الساردَ ألمح إلى أن بطله عاش بعيداً عن وطنه ثم عاد إليه بعد أربعين عاماً.

- لكنَ مسألة تقنية تطرح وهي متعلقة أساساً بهذه المدة التاريخية، فالبطل لا يبدو لنا شيخاً في الرّواية بل هو كما نتصوَّرُرجلٌ كَهْلٌ في نهاية الأربعين أو عند الخمسين، فإذا عاش أربعين عاماً خارج وطنه فهو لا يمكن أن يكون قد عاش أكثر من عشرة أعوام في وطنه، فسنون الاغتراب أربعة أضعاف سنين الوطن.

- ولكنّها لا تحتلُّ في حيّز السّرْد سوى بعض المقاطع القصيرة جدّاً وهي مقاطع وصفيةٌ وليست تشخيصيةً،

- فهي من باب كلام السارد وليس من باب الوقائع التي يُشَخّصُها السَّاردُ

- والأمر في اعتقادنا ليس مجرّد ملاحظة عابرة بل إنّه يتّصلْ وثيق الاتصال بالمنهج الفني الذي اقتفاه السَّارِدُ،

- فإذا كان السارد في الرواية مورَّطاً إلى حدّ الأذنين في الأحداث لكثرة تدخّلاته السّاخرة فإنّه يتحتّم عليه أن يصف لنا الوقائع التي عاشها البطل الإشكاليّ في بلاد الغربة وأن يُشَخّصَهَا ليبررَتلك الأزمة التي ذكرها ولم يصفها وليجد مَعْبراً لذاك الحنين الجارف إلى "دارالباشا" لكن السّارد لم يفعل.

ايوب صابر 04-14-2014 09:00 AM

تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس



- وإذا كان التّبريرْ الدّاخلي غير موجود فلا بدَّ من البحث عندئذ عن تبرير خارجيّ وبذلك ندخل إطار التأويل، فالنص لم يعُدْ يَقْولُ شيئاً وإنما على الناقد أن يقول وأن يجد مدخلاً يبرّرُ هذه الشخصيّة الإشكالية "دارالباشا".

- ولن يكون التّبرير إلاّ تبريراً حضاريّاً أو بعبارة أخرى سياسيّاً عاماً

- . ذلك أنّ الرّواية تطرح قضيّة العودة إلى الأصول، فالبطل لا يحقّقُ ذاته إلا عبرالذاكرة، تلك المسيرة الاسترجاعية عبر الزمان الآفل وعبر المكان المهدّد بالزّوال وعندئذ يُصْبِحُ الاسترجاع فَراراً من واقع مُخِيفٍ هو واقع العقل المجحف الذي يهدّد الخيال والحلم وهو كذلك واقع المصالح المادية والتحرّر الاقتصاديّ والمضاربات المالية، فالمكان لا يكتسب قيمته برائحة الإنسان فيه وفعله الحضاري وقيمته التاريخية ولكنّه أضحى سِلْعَةً تخضع لاقتصاد السوق ف "هذه الأراضي التي تحيط بالمدينة كانت من قبل لا تساوي شيئاً والآن، انظر كيف ارتفعت قيمتها، من شَدْرِي، ربما "دار الباشا" ترتفع قيمتها يوماً وهذه الأماكن لا تكتسي قيمتها من ذاتها، نحن الذين نكسبها القيمة التي تستحقّ، بما نحقّقه من عمل وننجزه من مشاريع، بالعمل يمكن أن ترتفع قيمة "دار الباشا" وليس بالحلم".

- إنّ العمل والمشاريع والمضاربات الماليّة هي لغة العصر الحديث الذي قطع مع الأيديولوجيا والقيم المثاليّة.

- ذاك وجه من وجوه فهم أبعاد هذه الشخصية الإشكالية،

- ولكنَّ الوجه الآخر يتمثّل في أنّ البطل في هذه الرّواية بمسيرته النكوصيّة إنما هو رمز لهذا الجيل الذي عاش أحلاماً كثيرة وواكب هزّاتٍ سياسيةً واجتماعيةً عنيفةً على الصعيد القطري وعلى الصعيد القومي،يستيقظ لكي يُدْرِكَ أنَّ كُلْ تلك الأحلام قد تهاوت وعندئذ يعود بحثاً عن الأصول والجذور فلا يجد منها إلا أطلالاً تتهاوى لتُعبِّرَ عن أزمة جيل شاخ قبل الأوان.

- في "دار الباشا" يتضخّم السارد-هذا الكائن الوهمي- تضخماً غير عادي، فنحن-داخل الرّواية- إزاء رؤيتين مستقلّتين هما رؤية البطل (مرتضى الشامخ) ورؤية السّارد ولا شكَ أن الرّؤيتين تتقاطعان بل تتطابقان تطابقاً كاملاً ولكنّ رؤية السّارد تطفح على رؤية الشخصية ولعل عبارة الإنشائيين" الرؤية من الخلف". لا تكفي لتجسيد هذه العلاقة بين السّارد والعالم الذي يرويه ويصفه.

- لا يمكن أن نعتبر السّارد شخصيَّةً روائيّةً إذ أنه ليس طرفاً مباشراً في الأفعال التي يتخيّلها المؤلّف ولكنّ سلْطته التعليقية والتفسيرية والتبريرية (خارج حقبة الأربعين عاماً التي إليها أشرنا) تقوى إلى درجة يتحوَّل بها السّارد إلى بطل من الدّرجة الأولى.

- فأغلب عناصر العالم المرويّ تصل إلى القارئ عبرعين السارد وليس عبر عين الشّخصيّة الإشكاليّة والأمثلة في الرّواية كثيرة وهذه بعضها: "عرجت به بعد ذلك إلى زاوية سيدي محرز ودخلت السقيفة الرحبة الشاسعة، ملاذ الحيارى والمساكين والبائسين، صدمه المنظر العجيب، أطفال تتعالى أصواتهم بالبكاء، نساء يتنقلن كالأشباح أو يجلسن تحت حائط السقيفة، ثيابهن بالية، نظراتهم مخطوفة، ركام من الأدباش وأكداس من الفوضى، حصر مهترئة، فرش متسخة،أوان مبعثرة، أرضية مغطاة بالنفايات.

- إنّ مثل هذا الوصف يكون في كثير من الأحيان وصفاً تزيينياً لا علاقة له بالشخصيّة الرئيسية بقدر علاقته بالسّارد إذ يعكس -من موقع التّبئير- نظرة السّارد إلى هذا العالم السّحريّ الذي يريد أن يرصده من خلال ملامح تونس القديمة.

- ولذلك يصبح وصف المؤثّثات والمكان برمّته مجرد إطار تسبح فيه الشّخصيّة ولكنّه لا يعكس نفسيتها وأزمتها وحالتها الفكريّة،

- ويعكس الوصف أحياناً أخرى موقفاً توثيقياً واحداً، فالسّارد يتّخذ من حركته الشخصيّة في المكان وسيلةً ليَرْسمَ من خلالها بعض اللّوحات عن شوارع تونس القديمة لتسجيلها وتوثيقها عبر إعادتها إلى الذاكرة: "رجل يدفع عربة وآخر يحمل فوق رأسه قُفّةً، متسوّل يطلب صدقة وأعمى يقرع الأرض بعصاه، بائع العطور، ماء الزهر وماء الورد والعطر شيّة، دلال وسقّاء وحامل المبخرة وسلاّك الواحلين يلقي الكلام الموزون ويعبر سريعاً، فرقة نحاسية تتقدم باتجاه سيدي محرز من وراءها "المظهر" في ثيابه الزاهية يحف به الأطفال وهم ينشدون وراء الفرقة".

- وفي هذا السّياق لا يمكن أن يفوت الباحث المختصّ أن يلاحظ أنّ الكاتب وضع مقطعاً وصفيّاً كاملاً وهو الفصل الخامس عشر برُمَّتِهِ، لاتذكر فيه أيّة شخصيّة من شخصيّات الرّواية ولو مجرد ذكر ولا حضور فيه إلاّ للسّارد الذي نتخيّل أنه الكائن الذي يقف وراء هذا المقطع ولكنّ هذا الفصل يمكن أن يحذف ولن يؤثر حذفه في سياق الأحداث ولا في بناء الشخصيات فلا مبرر لوجوده إلا رغبة المؤلّف في الوصف المجاني وفي التّوثيق واتّخاذ موقف من الحضارة الحديثة ولذلك يصبح المقطع أشبه ببحث في العمارة الحديثة.

- ونضيف إلى هذا الفصل ما رواه السّارد عن الحرب ليتحوّل إلى مُؤَرّخ شاهِد ومحلّلٍ لأبعاد الحدث.

- ولا يضاهي هذا المقطع التّاريخي الطّويل إلا مقطعَ شبيه يصف فيه السّارد واقعة تازركة.

- وهكذا تتحولُ الرواية إلى ما يشبه الوثيقة التاريخيّة لهيمنة حضور السّارد ورغبته الملحّة في تسجيل الوقائع التاريخيّة والمشاهدات العمرانيّة مؤكّداً بذلك حقائقية العالم الذي يحيل عليه ومصداقيته الوهم المرجعي الذي إليه يشد الوقائع والأحداث وبذلك يظلّ برنامج الميثاق الواقعي قائماً.

ايوب صابر 04-15-2014 11:12 AM

تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس

- امتازت رواية دار الباشا بنزعة التوثيقوالإخبار وظلت رغم محاولة التّجديد فيها ْمُرْتَبِطَةً بميثاقها الواقعيًّ.

- تلك هي دار الباشا وذلك هو عالمها المبهم الذي تأخذنا إليه.

- دليلنا إلىهذا العالم شخص اسمه "مرتضى الشامخ".

- وإذا كان من شأن الدليل أن يكون عارفابالمكان، مرشدا إلى أسراره وأكنافه، فإن دليلنا إلى دار الباشا لا يملك المعرفة ولابرد اليقين،

- بل هو دليل يبحث عن حقيقة لا يستطيع تحديدها،

- جسد مثقل بذكريات منالماضي تزيد الفراغ من حوله اشتدادا وتجعل من الرجوع إل البداية أمرا مؤلما ،وتتصاعد الأسئلة لتملأ رأسه ...لكن الأجوبة تتلفّع بالغموض وتلوذ بالخواء.

- تطمح هذه الرّواية إلى عرض شخصيّة "مرتضى الشامخ" الذي ترك دار الباشا" ثم عاد إليها بعد أربعين عاماً لا يستطيع قارئ الرواية أن يتمثلها، فتغيب الوقائع والأحداث المتعلّقة بهذه المرحلة الطويلة من حياة الشّخصيّة المحوريّة ولا نكاد ندرك ملامحها إلا عبر إشارات تبريريّة يصرح بها السّارد في بعض مواطن الرّواية أهمّهُا ما ورد بالفصل السّابق عندما يقول "خرجت مُمزَّقاً طريد أفكارك، تلاحق أوهاماً وأشباحاً، تقاذفتك الأهواء والعواصم واختلطت عليك اللغات المختلفة شرقيها وغربيها:‏

- من باريس إلى لندن ومن جنيف إلى بون ومنها إلى طهران فدمشق فبيروت، تقلبت ظهراً على بطن، وانتفضت من الأعماق حتى غشي عليك، اختلطت عليك السبل، ففقدت السيطرة على نفسك، أضعت توازنك، تزلزل كيانك من الجذور حتى كفرت بكل شيء، أصبت بصدمة حضارية حادة، تملكك الذهول، فخرجت على الناس مذهولاً، لتلقي ما تبقى منك في جحيم الصحراء" وعبثاً يبحث القارئ عن ملامح هذه السبل التي اختلطت على مرتضى الشامخ أو عن هذه الصدمة الحضاريّة الحادة الّتي واجهها فلا يعدو الأمر أن يكون من باب التبرير اللّفظي لهذه الوضعية الّتي وضع فيها المؤلف شخصيته وهي تباشر حياتها في دار الباشا" بعد انقطاع طويل وعودة مفاجئة مفعمة بحنين جارف إلى المكان.

ايوب صابر 04-16-2014 09:07 AM

تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس


- A haunting, poetic, semi-autobiographical evocation of a Tunisian childhood during the days of nationalist resistance against French colonial rule.
رواية جميلة مكتوبة بلغة شاعرية وهي اقرب الى السيرة الذاتية تصور مرحلة الطفولة لبطل القصة الذي عاش في زمن المقاومة للاستعمار الفرنسي.

- Return to Dar al-Basha by the contemporary Tunisian author - Hassan Nasr depicts the childhood of Murtada al-Shamikh and his return forty years later to his home in the medina or old city of Tunis.
تسرد الرواية قصة حياة بطل القصة متضى الشامخ وعودتة الى ميدنة تونس القديمة بعد 40 سنة من الغياب

- After being taken from his mother and raised in his father's home where he was physically abused and emotionally marginalized,
وتروي القصة ما حصل لبطلها الذي اخذ من بين امه وتمت تنشأته في منزل والده حيث تم الاعتداء عليه جسديا وتهميشه عاطفيا

- Murtada spends a life of anxiety wandering the world. His return is prompted by a mysterious visit from one of his father's Sufi friends as he roams the desert in Mauritania.
وتصور الرواية كيف ان مرتضى قضى حياته في القلق وهو يجوب العالم وكان سبب عودته زيارة لاحد اصقاء والده الصوفيين الذي كان يجوب الصحراء في موريتانيا

- Murtada retraces his steps through the medina to his family's house in anticipation of a possible reunion with his troubled father, vividly reliving sights, smells, and sounds from his childhood and evoking his childhood initiation into Islamic mysticism as he experiences a personal journey of the spirit across space and time.
يسترجع مرتضى في الرواية خلال عودته الى منزل والده حياتة السابقة في المدينة وحياته في منزل والده ويتذكر الروائح المناظر من طفولته وتعرف على التصوف وتجاربه الشخصية والروحية عبر الزمن والمكان.

- Nasr succeeds in conjuring up a Tunisian boyhood not unlike his own and brings to life in a poetic, sensual narrative the spaces, light, colors, and life of Tunis some six decades ago.
ينجح القاص في تصوير كيف كانت عليه طفولة طفل تونسي تشبه طفولته كما نجح في تصوير الحياة في ذلك الزمن بما فيها من اضواء والوان كما كانت عليه قبل ستون عاما

- Murtada searches the streets of Tunis and his memories for the decisive mistake he feels he must have made-that has left him a perpetual wanderer until he undergoes a cathartic nightmare sequence that leaves him shaken
.
يبحث مرتضى في شوارع المدينة وفي ذاكرته عن الاخطاء التي لا بد انه ارتكبها حتى تسببت في تحويله الى مشرد وتتسبب هذه الذكرايات في صدمته

- Only then is he finally able to come to peace with his past and with himself.
فقط بعد ذلك يتمكن من تحقيق السلام لنفسه ومع ماضيه


ايوب صابر 04-16-2014 02:26 PM

تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس


- "Nasr’s hero in this multi-layered novel develops a deep humanity as he describes with almost mystical grace his tortured passage through life.

- Born in Dar al-Basha, a busy quarter of the old city of Tunis, the protagonist experiences a dreadful childhood of physical and psychological abuse and rejection.

- Finally he flees his tyrannical father and roams the world for 40 years, seeking escape from a life he could not understand and trying to come to terms with himself and the world.

- In the moving ending, he returns to his childhood home, generous spirited and purged of bitterness.

- Often impressionistic, Nasr’s writing is dominated by sensual imagery of colors, sounds and smells.

- Descriptions of the surrounding world frequently contrast with the hero’s inner turmoil and give a sense of continuity to balance his fragmented perception of it.

- Beneath the surface lies a stratum of Sufi thought, and below that a layer of anti-colonialism.

- The translation is excellent, and Hutchins maintains a consistent style that does justice to the Arabic original.
- This fine novel, Nasr’s first appearance in English, is a fine example of modern Arabic fiction from North Africa.

- "Return to Dar al-Basha is a semi-autobiographical novel describing a boy’s Tunisian childhood during the era of nationalistic resistance against French colonial rule.

- Taken from his mother and raised in his father’s home, physically abused and emotionally neglected, he grows up into a perpetual wanderer. Questioning his inability to set roots, he explores the streets of Tunis, recalls his childhood introduction to Islamic mysticism and Sufism, and braces himself to see his father again.

- An evocative, heartfelt tale, providing an unforgettably vivid impression of Tunisian life through a child’s eyes."



ايوب صابر 04-29-2014 03:12 PM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا

- ولد موسى ولد إبنو في أبيتلميت بموريتانيا عام 1956. حصل على دكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون, باريس, وكان قد تخرج قبلها في معهد الصحافة بباريس وحصل على إجازته. تولى مسؤوليات قيادية في بلاده بميدان الصحافة العربية والفرنسية وبالنشر, كما عمل أستاذًا للفلسفة بجامعة نواكشوط

- في مقطع من حديث الكاتب حول روايته "مدينة الرياح" يقول " تدور أحداث مدينة الرياح في برازخ التاريخ، وتعتمد أسلوبا في الكتابة برزخا بين الواقعية والرمزية، وبين رواية الخيال العلمي والرواية التاريخية.

- فالمكان والزمان والشخوص واللغة التي أنتجتھا الرواية تتأسس في فضاء بعيد، فضاء القَصص القرآني.

- تستلھم رواياتي النص القرآني، سواء في وجھه الإبداعي: (خلق المصطلحات والجمل وأسماء الشخوص)، أو في تكوين عالم جديد يحاكي عوالم القَصص القرآني، أو حتى في إيجاد تقنيات جديدة للحكي.

- فمثلا، خلال كتابة مدينة الرياح، عرضت لي معضل إبداع بطل يشھد علي عشرات القرون وينتقل بين حقب زمنية متباعدة. وإن كانت فكرة نسبية الزمن في نظرية إنشتاين قد خطرت ببالي كطريق إلى حل ممكن، فإنھا لم تسعفني. ولكن عندما استحضرت قصة أصحاب الكھف، وكونھم عاشوا {ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا} (الآية). تبلورت أمامي طريقة تمديد حياة بطل الرواية لتغطي قرونا كثيرة. كما أني استلھمت القَصص القرآني في خلق شخصية الخضير في الرواية، ملَك الزمن، الذي ينقل البطل من فترة زمنية إلى أخرى، ليؤدي وظيفته كشاھد على الزمن.

- بما أن موضوع الرواية الرئيسي ھو بصيرة الإنسان والحكم عليھا من خلال مقارنة فترات من التاريخ تفصلھا قرون عدة، كان لابد من إيجاد لحظة يتكور فيھا الزمن، لحظة يمكن أن تشتمل علي عشرات القرون التي جابھا البطل، وتكون ھذه اللحظة لحظة حق تنجلي فيھا الحقيقة أمام البطل-الراوي، وتمكنه من الحكم على التاريخ وعلى نفسه وعلى الزمن. ھنا يظھر دور القَصص القرآني وأھمية استلھامه في الكتابة الروائية وفي حل معضلات الحكي.

- رواية تسافر في التاريخ في أركان لحظات زمنيةر مختلفة، و في زوايا أماكن متباينة، كل هذا ستلتهمه آذانك من فم جمجمة استنطقها باحثون فضوليون ينقبون عن آثار الماضي في الغلاوية في الشمال الموريتاني "و من الفضول نعمة.. و منه قد تكتب رواية "

- كانت (فاله) حزينة دائماً.. تبكي أحياناً بدون سبب مفهوم.. تعلقت بي شيئاً فشيئاً.. كنت كما لو أني طير من طيورها أو دويبة من حشراتها.. كان يبدو لي أحياناً أنها تعتبرني شاهداً على عالم مضى، أثراً واهياً من زمن انصرم.. عندما تلامسني تفعل ذلك بحذر وحنان، كأنني آنية خزفية ملكية، عثر عليها باحث مهووس. كانت تغيب أسابيع طويلة.. أسكن البيت وحدي مع النباتات والحيوانات.. وفي الليل أقرأ مخطوطاتها الشعرية التي تتغزل بالطبيعة.. عندما أقرأ شعرها يخيل إلي أنها حاضرة تكلمني.. لا حدود لشغفها بالطبيعة لهذا غادرت مدينة الرياح، وسكنت في هذه الضاحية المعزولة.

- لا تكمن فتنة (مدينة الرياح) فقط في اتساع مخيّلة مؤلفها أو في فكرته المبتكرة, بل في قدرته المدهشة على السرد وتقصّي الأحداث ببراعة وعفوية. ورغم أن الرواية تعتمد بشكل أساسي على عنصر التأليف الذي يتم بمهارة فائقة, فإن الجهد الذي بُذل في التأليف لا يوازيه سوى الجهد المبذول في محوه وطمره, بحيث تتدفق الوقائع بتلقائية وتتوالد الأحداث من نفسها دون أن يخدش السرد ما يشير إلى تكلف أو افتعال.

- يستفيد الكاتب من تقنيّات السرد الروائي الغربي, إلا أنه يحاول جاهدًا ألا يكون صدًى لسواه, وأن يغرف من الينابيع الأفريقية والإسلامية والمشرقية على حد سواء.

- فهو يمزج الواقعي بالمتخيّل والحقيقة بالأسطورة, استنادًا إلى التراث المشرقي العريق الذي شكلت ألف ليلة وليلة محوره.

- كما تؤكد العناصر الإسلامية حضورها في الرواية عبر إشارات تتكرر إلى الصلوات وشعائر العبادة الإسلامية, وإلى صلاة الاستسقاء عند استتباب الجفاف واستفحاله.

- كما يستند العبيد الذين يحضّرون للثورة على أسيادهم إلى أحكام الإسلام التي تدعو إلى الحرية وإلغاء الرقّ.

- وإذا كانت (مدينة الرياح) تستفيد إلى حد بعيد من المكوّنات الثقافية الإسلامية والمشرقية; فهي تظل مع ذلك رواية إفريقية بامتياز, ذلك أنها تزخر بروح الزنوجة المقهورة بما تعانيه من ظلم وعسف .

[/color][/size][/right]

ايوب صابر 04-29-2014 04:02 PM

تابع ...العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا


- الرواية رحلة في الزمان والمكان معا، رحلة شخص وقع في أسر العبودية طفلا، فكره الظلم الإنساني، ثم كره الجنس البشرى نفسه

- وقد استطاع الكاتب أن يبني روايته ببراعة لتعبر بنائيا عن فكرته الأساسية، فقسم الرواية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي "برج السوداء"، و"برج البيضاء"، و"برج التبانة"، وهذا التقسيم مواز لرحلة بطل الرواية في الزمان .

-فالقسم الأول يعبر عن العصور المظلمة؛ عصور استعباد الإنسان الصريح لأخيه الإنسان.

-والقسم الثاني عن عصر النهضة الأوروبية حيث استطاع الإنسان الأبيض تطوير إمكاناته ليسيطر على بقية الجنس البشري.

- والقسم الأخير يشير إلى مستقبل البشرية حيث يتنبأ الكاتب بأن تصبح الأرض مجرد سلة قمامة نووية كبيرة لبقية كواكب المجموعة الشمسية.

- كل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يتكون من مقدمة وخمسة فصول، وهي عبارة عن رحلة في المكان، ينتقل خلالها البطل من مكان لآخر في نفس العصر.

- وقد لعب الكاتب على اتجاهين مختلفين في تناول التاريخ، أحدهما يرى أن التاريخ يعيد نفسه، فنجد الشخصية الرئيسية في الرواية "فارا" ينتقل من عصر لعصر ليجد أنه لا شيء تغير في طبيعة البشر وظلمهم لبعضهم البعض.

- كما يستخدم الكاتب أسلوب الحلقة الروائية ليبدأ الرواية من نقطة وينتهي بها عند نفس النقطة.

- كما يبدأ انتقال البطل من عصر لعصر بنفس الطريقة، بل يعيد استخدام نفس الوصف في هذه الحالة والذي يستغرق حوالي صفحتين يكررهما الكاتب لتأكيد فكرته عن إعادة التاريخ نفسه وبالتالي عدم وجود الأمل في شيء أفضل، لكنه في الوقت نفسه يكتشف مع بطله أن الإنسان يطور وسائل الشر بشكل لا يمكن أن يخطر ببال، وهو هنا يستند إلى الفكرة القائلة إن التاريخ يسير في خط مستقيم إلى الأمام، وهذا السير إلى الأمام لا يعني بالضرورة إلى الأفضل، بل غالبا –وهنا يرى الكاتب أنه دائما- العكس.

- يعثر بعض الباحثين على جثة مدفونة على عمق سبعة أمتار في قمة جبل، يخضعون جمجمة الجثة لبعض الاختبارات والتحاليل، ويوصلونها بالحاسب الآلي، لنبدأ قراءة أفكار ومشاعر هذه الجثة التي عاشت في الفترة من 1034-2055م!!

- تستولي قافلة تجار الملح على الغلام "فارا" مقابل لوح من الملح يأخذه أبوه، وترحل القافلة حيث يقدم الكاتب وصفا أنثروبولوجيا للرحلة بما فيها من سادة وعبيد وجمال، وما يواجهونه من عقبات بيئية أو مشاكل صحية، وكيف يداوون مرضاهم بالأعشاب والتعاويذ، وكيف يحملون البضائع على ظهور الجمال، وكيف يتحركون في منخفضات الصحراء ومرتفعاتها وقد ربطوا العبيد من أعناقهم، ثم صفوا الجمال وبينها العبيد كسلسلة متصلة، ثم يصلون إلى مدينة أودافوست حيث يُعرض "فارا" في سوق العبيد، ويشتريه رجل اسمه "ازباعره" فيساعده "فارا" في تأسيس مدرسة بالمسجد لمذهب الإباضية، وفي المدرسة يتعلم "فارا" اللغة العربية، ويحفظ القرآن وتفسيره، ويعي المناظرات الكلامية والفلسفية.

- يكتشف أهل أودافوست أن آبار المدينة جفت، يصلون صلاة الاستسقاء، وفي نهاية الصلاة يفاجئون برجل دميم يخطب فيهم منددا بهم لاسترقاقهم المسلمين رغم ادعائهم الإسلام، وتعاليهم، وتكالبهم على الدنيا..

- يتعرف "فارا" على أمة جميلة "فاله"، ويشاركان في التحضير لثورة العبيد التي تفشل لوشاية بعضهم ببعض، ويلقيه سيده في بئر الكنيف ليعاقبه، يأتيه الرجل الدميم "إذا كنت ترفض القدر، فاهرب من البشر، والجأ إلى الصحراء، وانتظر أمر ربك". فيهرب إلى منطقة "تنين الرمال" التي يعتبرونها موطنا للجن وأن النجاة من تيهها نادر الحدوث.

- في هذا القسم من الرواية نستمع إلى صرخات "فارا" المطالبة بالمساواة معلنا كراهيته المطلقة للبشر واحتقاره لهم "هذه الرمال النقية، السابحة في الضوء، كان يمكن أن تكون ذات جمال مطلق، لو لم تكن ملوثة بهذا البشر".

- ينفرد "فارا" بنفسه في الصحراء، يصلي ويتعبد، وينفد ماؤه وطعامه حتى يشرف على الهلاك، تهبط سحابة تحييه بمائها، ويرى "الخضير".. يطلب "فارا" من الخضير أن يعيده إلى العدم ليكفر عن ذنب وجوده، يخبره الخضير أن هذا مستحيل، لكنه يمنحه فرصة السفر إلى المستقبل، له أن يختار محطة مستقبلية ليعيش فيها، وإذا لم تعجبه فسيختار أخرى، لكن الثانية ستكون الأخيرة وسيموت فيها.

- تعثر قافلة الباحث الأثري الأوروبي "فوستباستر" وعشيقته السوداء "فاله" على "فارا" الذي يلاحظ أحوال القافلة باندهاش، لكنه لا يستطيع الإجابة عن أسئلة الباحث الأثري؛ من هو ومن أين وإلى أين؟؟ أكثر من تسعة قرون تفصل بين الزمن الذي تدور فيه أحداث "برج السوداء" وأحداث "برج البيضاء".

- "فوستباستر" يبحث عن أطلال مدينة أودافوست التي اختفت تماما، في الحلم يتذكر "فارا" أودافوست ويتحدث عنها بالتفصيل، لكنه في اليقظة لا يتذكر شيئا، تصل قافلة الباحث الأثري إلى مدينة تجفجه فتجد آثار معركة بين المستعمرين والأهالي، وقد قام قائد الحصن بتعليق وجهاء المدينة ليعترفوا بمكان الثوار الذين يسميهم إرهابيين والذين قتلوا القائد السابق للحصن.. يشعر "فارا" أنه يدور في دائرة جهنمية، وأن الزمن الذي انتقل إليه ليس بأفضل من الزمن الذي هرب منه. فيهرب مرة أخرى إلى خلوة ينتظر فيها أمر ربه.

- ينتقل "فارا" إلى سنة 2045م، ليجد نفسه أمام مركز لتخزين النفايات السامة، وقد أصبحت البلاد ملكا لأبنائها، وحاكمها "تنفل" أحد أحفاد "فارا" و"فاله"، والذي حول البلاد إلى مقلب زبالة نووية، مقابل المكاسب التي يحصل عليها هو وحاشيته، والعاصمة هي مدينة الرياح، المآل الأخير للشر البشرى الذي أصبحت معه "الكرة الأرضية مصنفة الآن من قبل النظام العالمي مستودعا للقمامات على مستوى المجموعة الشمسية". يعمل "فارا" إجباريا في مركز النفايات السامة، ثم يهرب من المركز.

- وفي مدينة "أطويل" يتعرف إلى "فاله" المغرمة بالطبيعة، والتي هربت من مدينة الرياح المجللة بالغبار المشبع بالإشعاعات النووية.. "فاله" لديها ابن منعوها من اصطحابه لأنه لم ينه دراسته الإجبارية، وعندما حاولت اختطافه مرتين وضعوها في السجن، وهي مستعدة لدفع حياتها ثمنا لإنقاذه من مدينة الرياح.

- يشارك "فارا" "فاله" في عملية مقاومة لاصطياد سائقي شاحنات النفايات النووية، فيتم القبض عليهما، بعد أشهر من سجنه يعلم "فارا" أن "فاله" عادت إلى مدينة الرياح، وأنها ستتزوج الحاكم لتأمين مستقبل ابنها، ويتم الحكم على "فارا" بالإعدام في نفس المكان الذي بدأ فيه خلوته الأولى، وقد تيقن من أن نبوءة الخضير آتية لا محالة "لو واصلت السير في المستقبل، فإنك ستجد الأرض وقد أصبحت كومة رماد، والشمس وقد انطفأت".

- على الرغم من مقت الكاتب للظلم الإنساني، ووصفه للعبودية الصريحة، ثم الاستعمار الأجنبي، ثم استعباد الحكام المحليين لبلادهم، فإنه اضطر أن يصف الوجه الآخر من الصورة، وهو التمرد والثورة، وحتى إن لم تكتمل تلك الثورة وتؤتي ثمارها، فالعبيد حاولوا التحرر، والثوار حاول القضاء على المستعمر، وأنصار البيئة يحاولون مقاومة زرع مراكز النفايات النووية في بلادهم، فالظلم مستمر وقوي وجبار، لكن الثورة مستمرة أيضا مهما تكن وسائلها ضعيفة وأنصارها قلة، وهذا ما يمنح شعاعا من الأمل في ليل اليأس الطويل من البشرية التي لا يرجو الكاتب منها خيرا.

- في الصفحات 7و8 والسطور الثلاثة الأخيرة من الرواية نجد صوت الراوي العليم الذي يتحدث عن كيفية العثور على الجثة، وتوصيل الجمجمة بالحاسب الآلي، ثم كيف أصبحت كل حياة "فارا" شريطا محفوظا في المكتبة العمومية بمعهد أركيولوجيا الفكر البشرى.

- لكن الراوي الأساسي في الرواية هو "فارا" الذي يتحدث بضمير الأنا، وهو سارد غير عادي، لأنه سارد عليم، فهو يسرد وقائع حياته وأفكاره ومشاعره وتنقلاته عبر المكان والزمان، لكنه في الوقت نفسه ميت، والحاسوب هو الذي يقرأ كل ذلك من خلال ذاكرة جمجمته، وهذا السارد أعطى الكاتب فرصة جيدة للتغلغل في أفكار "فارا" ومشاعره، ليصفها، ويحدد منابعها، وأسبابها، ويحللها، رابطا إياها بصيرورة تاريخ الجنس البشري، الذي لم يكن أكثر من تطور أساليب الشر.

- وفي الرواية سارد آخر هو "فوستباستر" الذي استخدمه الكاتب ليكتب رواية قصيرة داخل الرواية الأساسية التي يحكيها "فارا"، ليلقي الضوء على حياة "فاله" التي شاركت "فارا" جميع سفراته عبر الزمان بنفس الاسم وإن كانت بأشكال مختلفة. وهنا يستخدم السارد ضمير المخاطب.

- كما استطاع الكاتب أن يلون استخداماته للغة السرد حسب مقتضيات الحال، فجاءت اللغة وصفية مباشرة عندما يقدم مشهدا واقعيا، أو يصف وقائع تهم الباحث الأنثروبولوجى والاجتماعي.

- وكانت لغته أقرب إلى التصوف عندما يستبطن مشاعر "فارا" في خلوته التي ينتظر فيها أمر ربه، وهي لغة ذات نَفَس فلسفي واضح عندما يعلن "فارا" رأيه في الجنس البشرى وملاحظاته عنه.

- على الرغم من الوعي الشديد الذي كتب به المؤلف روايته فإنها لم تسلم من بعض الملاحظات التي أعتبرها غير هينة؛ فصوت الكاتب يظهر في بعض مواطن الرواية معطيا معلومات أو وصفا لا نتخيل أن الشخصية التي تتحدث تعرفها، أو تناسب ثقافتها، فهي بالأحرى نابعة من ثقافة الكاتب نفسه، كأن يشبه "فارا" نفسه بآليس في بلاد العجائب. وعندما يقدم الكاتب "تالوثان" رئيس القافلة المتجهة إلى أودافوست في صفحتي 20 و21 تظن أنه يقدم شخصين وليس شخصا واحدا، في ارتباك سردي واضح.

- الأهم من ذلك أن الكاتب يأتي بحكاية فرعية عن تالوثان لا تضيف شيئا للرواية بل تعوق سيرها (ص28 إلى ص32) ويقع الكاتب في خطأ سردي كبير؛ لأن الرواية التي نقرؤها عبر الحاسوب من ذاكرة جمجمة "فارا" لا يمكن أن يوجد فيها خط سردي لما يدور في ذهن "تالوثان".

ايوب صابر 04-30-2014 09:09 AM


تابع ... العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا

هذه القراءة للكاتب نفسه في روايتي " الحب المستحيل " و مدينة الرياح ":

- تدور أحداث روايتي الحب المستحيل ومدينة الرياح في مستقبل بعيد. بعد نهاية القرن الحادي والعشرين. لكن إذا كانت أحداث الحب المستحيل تدور كلها في هذا المستقبل البعيد، فإن مدينة الرياح في جزئيها الأول والثاني، تسترجع فترات من الماضي؛ لأن بطلها ﮜارَا الذي سافر في اللازمان يسترجع في لحظة سكرة* موته ذاكرة الماضي السحيق، بدءا من القرن الحادي عشر م. الذي ولد في بدايته، ومرورا بالقرن العشرين الذي جابه هاربا نحو المستقبل، بفضل الخضير الذي ينقله من الماضي إلي المستقبل ليريه ما آل إليه البشر.

-وهذان النصان يجعلان من التراث مرتكزا* لكتابة رواية الخيال العلمي. ففي مدينة الرياح كما في الحب المستحيل أقحمت التراث القديم في رواية الخيال العلمي سواء كان هذا التراث عالميا، من خلال اتراجيديا اليونانية، أو عربيا إسلاميا من خلال التراث العالِمْ القرآني، أو التراث الشعبي الموسيقي البيضاني. فجاء النص على منوال حكاية أديبية، لا بالمعنى لفريدي(Freudien)، ولكن بالمعنى الصُّوفُّوكْلِي. فصوفوكل (Sophocle)*

-عندما ألف أُدِيبْ ملكا كتب اتراجيديا البصيرة الإنسانية، وذلك وفق القراءة المتميزة التي قدمها كارل رينهارت (Karl Reinhart). فالطريق الفاصل بين بداية مجد البطل التيبي (نسبة إلى مدينته (Thèbe) إلى نهايته المروعة، هو صراع بين الظاهر(الكُمُونْ) و الحقيقة (التجلي).

- إن الأساطير والنصوص التراثية المؤسِّسة، سواء كانت عالمة أو شعبية، لا تقص علينا حكايات من الماضي بقدر ما تنبئنا عن خبايا مستقبلنا؛ وهذا هو مرتكز توظيف التراث في رواية الخيال العلمي. فرواية الحب المستحيل مثلا هي تأويل للخطيئة الآدمية على أنها أمر سيحدث في المستقبل بطرد بني آدم من الكوكب الأرضي الذي يكون قد دمره مجتمع التقانة. كما أنها أيضا تأويل للأمانة في سورة الأحزاب، على أن نقض الميثاق الأزلي الذي ورد في هذه السورة ينبئ عن جهالات وزلات مجتمع التقانة الواقعة في الحاضر والتي ستتفاقم في المستقبل. والرواية هي أيضا تأويل لقصة آدم وحواء التي، وإن كانت قد خرجت من ضلعه لتوقعه في الخطيئة، إلا أنها تمثل أيضا مآله ، بما أحدثه مجتمع التقانة من تخنيث للجنس البشري وهدم للأسس الطبيعية لعلاقات الجنسين من تكاثر وتكافل، وبتحويله الرجال نساء، والنساء رجالا، واستنساخه البشر. وهذا القدر مطروق في الحب المستحيل، وقد قاد البطل، في نهاية الرواية، إلى تغيير جنسه للحاق بمحبوبته، حيث قرر أن يتحول إلى امرأة فأصبح حواء.

- تؤول أيضا رواية الحب المستحيل نصا تراثيا عالميا آخر هو أسطورة المأدبة لأفلاطون وتوظفه في الخيال العلمي لتصف مجتمعا مستقبليا نزل به نفس العقاب الإلهي الذي سبق* وأن نزل بالجنس الاندروجيني (Androgyne) .

- تتزاوج في مدينة الرياح وفي الحب المستحيل لغات عدة (تراثية، فلسفية، علمية) وأساليب عدة (روائية، شعرية، موسيقية، دينية) لتشكل كتابة تتعطش إلى الحقيقة، ذلك العطش نفسه الذي قتل ﮜارَا، بطل مدينة الرياح، ثم بعثه من جديد. وقد أنتجت هذه الكتابة سماء جديدة وأرضا جديدة، "أرض الرجال"، وسماؤهم التي تمكنهم من النظر إلى أنفسهم حسب عبارة هانري كوربين (Henri Corbin). إنه عالم الرواية الذي يدعونا إلى التفكير: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} (الآية).
- بغض النظر عن الأسباب الموضوعية والذاتية والعوامل المفترضة، سواء كانت عوامل نفسية ، أو كانت وجودية أو سوسيو تاريخية، يظهر من خلال قراءة الروايتين أنهما ترتبطان بأنموذج أسطوري يتجاوز بشكل كبير الكاتب نفسه، واللحظة السوسيو- تاريخية. ففي الروايتين يمكن تقصي معنى النص على ضوء الأساطير الكبرى. فمن الأسطورة استوحيت التجليات التي ألهمتني إنشاء عالم ينافي الواقع المبتذل، بل يتجاوز ذلك ليرفض وطأة هذا الواقع المنساق وراء السفالة.

- تدور أحداث مدينة الرياح في برازخ التاريخ، وتعتمد أسلوبا في الكتابة برزخا بين الواقعية والرمزية، وبين رواية الخيال العلمي والرواية التاريخية.

- فالمكان والزمان والشخوص واللغة التي أنتجتها الرواية تتأسس في فضاء بعيد. فضاء القَصص القرآني. تستلهم رواياتي النص القرآني، سواء في وجهها الإبداعي: (خلق المصطلحات والجمل وأسماء الشخوص)، أو في تكوين عالم جديد يحاكي عوالم القَصص القرآني، أو حتى في إيجاد تقنيات جديدة للحكي.

- فمثلا، خلال كتابة مدينة الرياح، عرضت لي معضلة إبداع بطل يشهد على عشرات القرون وينتقل بين حقب زمنية متباعدة. وإن كانت فكرة نسبية الزمن قد خطرت ببالي كطريق إلى حل ممكن، إلا أنها لم تسعفني. لكن عندما استحضرت قصة أصحاب الكهف، وكونهم عاشوا {ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا} (الآية) تبلورت أمامي طريقة تمديد حياة بطل الرواية لتغطي قرونا كثيرة. كما أني استلهمت القَصص القرآني* في خلق شخصية الخضير في الرواية، ملَك الزمن، الذي ينقل البطل من فترة زمنية إلى أخرى. ليؤدي وظيفته كشاهد على الفعل الإنساني عبر التاريخ.

- وبما أن موضوع الرواية الرئيسي هو بصيرة الإنسان والحكم عليها من خلال مقارنة فترات من التاريخ تفصلها قرون عدة، كان لابد من إيجاد لحظة يتكور فيها الزمن، لحظة يمكن أن تشتمل علي عشرات القرون التي جابها البطل، وتكون هذه اللحظة لحظة حق تنجلي فيها الحقيقة أمام البطل-الراوي، وتمكنه من الحكم على التاريخ وعلى نفسه وعلى الزمن.

- هنا يظهر دور القَصص القرآني وأهمية استلهامه في الكتابة الروائية وفي حل معضلات الحكي: لقد جاء في القرآن الكريم أن لحظة الحق هذه كائنة، وهي لحظة سكرة الموت: { وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ(19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ(20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } ( سورة ق ). فعند سكرة الموت يتمدد الزمن ليستدير فيسترجع الأمد مهما طال، وتُسترجع البداية، وتتكشف الحقيقة. هكذا جاء الحكي في رواية مدينة الرياح ليروي لحظة الحق هذه، لحظة الشهادة التي ينكشف فيها الغطاء. يروي البطل في هذه اللحظة ببصيرة ثاقبة أحداثا عاشها في زمن امتد عشرات القرون، أحداثا كان في غفلة منها فتكشفت له وصار شاهدا عليها، يعرف كل شيء عنها ويحكم عليها ببصيرة:

- تتجلى في القصص القرآني كل الحقيقة الإنسانية، وكل تحديات الحاضر. هذا ما جعلني أستلهم من القرآن الكريم أهم موضوعاتي الروائية. ففي روايتي الأولى، الحب المستحيل، تمحور الحكي حول الأمانة الواردة في الآية قبل الأخيرة من سورة الأحزاب. { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}. فالأمانة هي أمانة العلم الذي أودعه الله الإنسان، عندما علمه الأسماء: {وعلم آدم الأسماء كلها} (الآية)، والظلم هو الجهالة المحكوم بها أزليا على الإنسان، والتي تجلت في زلاته في ماضيه وحاضره* وفي مستقبله، وهذا ما تكرسه المدن غير الفاضلة في الحب المستحيل.

- أما بنية مدينة الرياح فهي تمثُّلٌ لقَصص سورة الكهف.* فالأجزاء الثلاثة في الرواية تتناص مع القَصص في هذه السورة: (قصة أصحاب الكهف، قصة موسى عليه السلام والخضر، وقصة ذي القرنين). كما أن هذه الأجزاء الثلاثة تتمثل المحطات الثلاث في قصة موسى عليه السلام والخضر (خرق السفينة، قتل الغلام، إقامة الجدار).

- تتقاطع الثيمات في الرواية مع موضوعات القَصص في هذه السورة: السفر خارج الزمن (زمن الكهف) البصيرة (مجمع بحري المعرفة الإنسانية والمعرفة الإلهية)، الفعل وعلاقته بالخير والشر (خرق السفينة، قتل الغلام، إقامة الجدار)، وأيضا غرور الإنسان وقصور بصيرته (اعتراض موسى عليه السلام على أفعال الخضر).* وهي أمور تتمثل في الحكي من خلال حكم كاهنة أوداغوست على ﮜارَا : "لن تستطيع أبدا أن تحكم بتمعن على المستقبل بالحاضر.." (الرواية ص61).* وهو الحكم نفسه الذي تحكم به الكهانة على أوديب في اتراجيديا صوفوكل. لكن التناص يتجلى بشكل أوضح في كون "كهف" أصحاب الكهف برزخا زمانيا ومكانيا: {وترى الشمس إذا طلعت تزَّاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه..}.
- والمكان في مدينة الرياح كهف برزخي، فجمهورية تنگَلَّ هي "جمهورية المنكب البرزخي الديمقراطية". كما أن أحداث الرواية تدور في الفضاء الموريتاني الذي يسميه الشيخ محمد المامي "المنكب البرزخي" ويقول عنه أبو الهامة:"هذه الأرض برزخ" (ص54)،*

- كما أن ﮜارَا يقول: "كهفي ممتلئ سوداوية إلى حد الفيضان.." (ص125)،* وزمانها زمن كهفي: البطل ﮜارَا ينقله الخضير في اللازمان. من فترة تاريخية إلى أخرى. والحكي في الرواية ينتقل مرتين من الزمن إلى اللازمان حيث يفر البطل في نهاية الفصل الأول إلى قمة الجبل فيلتقي الخضير، و يفر في نهاية الجزء الثاني ليلتقيه مرة ثانية؛ مثلما هو الحال في سورة الكهف التي ينتقل قَصصها مرتين من الزمن إلى اللازمان: الأولى عندما يعتزل أصحاب الكهف مجتمعهم ويلجئون إلى الكهف، والثانية عندما يصل موسى عليه السلام إلى مجمع البحرين ليلتقي الخضر.

- ومن أبرز إشكاليات هذا التناص المقابلة بين الجزء الأخير من الرواية الذي يتناول مستقبل مجتمع التقانة، وقصة ذي القرنين التي تتناول مصير الأرض بعدما مُكن للإنسان فيها: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا} (الآية)،

- كما أن ﮜارَا والثعلب و فاله وكلابها و النمادي وكلابهم يشكلون في الرواية تمثلا لأصحاب الكهف وكلبهم، وأيضا فإن لازمة رواية مدينة الرياح: "إذا كنت رافضا للقدر فاعتزل البشر، وانفرد في الصحراء وانتظر أمر ربك.." هي تمثل لنداء أصحاب الكهف {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} (الكهف:16)*

- في نهاية الجزء الأول من الرواية، يهرب ﮜارَا من مجتمع بشري فاسد، مجتمع أُودَاغُوسْتْ فيأوي إلى رأس جبل الغلاوية منتظرا الخلاص بالموت أو رحمة من الله، مجيبا نداء البعيد الذي جعل أصحاب الكهف يعتزلون مجتمعهم، فهو ينتج ويؤول على صعيد حياته البشرية هذا النداء الذي أجابه أصحاب الكهف. وهو نفس النداء الذي جعل موسى عليه السلام يقصد مجمع البحرين (بحر المعرفة الإنسانية وبحر المعرفة الإلهية) ليلتقي الخضر (الخضير في الرواية).

- يظن الإنسان أنه صائب النظر وأنه يسعى من أجل الخير وطبق الهدف الذي حدد لنفسه. لكنه في أغلب الأحيان يكون أعمى، بينما يظن أنه يبصر؛* فتنتج أفعاله عكس ما أراد. يظن الإنسان - والحالة هذه- أنه يسعى لمصلحته، وهو في الحقيقة يعمل لهلاكه. فيكون التخلص من الظاهر سبيلا أوحد لاكتشاف الحقيقة الجوهرية ومعرفة الحكمة الإلهية. وهذا بالضبط هو موضوع القَصص القرآني في سورة الكهف.* ففي مستهل هذه السورة تأتي قصة أصحاب الكهف الهاربين من ظلم المجتمع البشري، والذين يتقبلهم الله في رحمته، فيخرجهم من الزمن الفلكي ليدخلهم في الزمن الكهفي: {وترى الشمس إذا طلعت تزَّاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه}،* ليرجعهم بعد قرون إلي مجتمعهم، فيروا ما آل إليه. ثم تروي السورة قصة موسى عليه السلام والخضر، التي تُظهر بجلاء قصور البصيرة الإنسانية وعجزها عن تقصي الحقيقة. وفي الأخير تروي سورة الكهف قصة ذي القرنين الذي ملك المشرق والمغرب، وجال الأرض مكتشفا الوجوه المختلفة لفعل الإنسان فيها، حتى وصل بين السدين وأقام السد دون يأجوج ومأجوج. وتُستنتج دلالة هذا القَصص في الآية97 من السورة : {قل هل نُنَبِّئُكُمْ بالأخسرين أعمالا الذي ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
-
يستوحي نص مدينه الرياح هذا المعنى ويتناوله على صعيد الزمن البشري، زمن التاريخ، ليقارن أفعال البشر في فترات من التاريخ متباعدة ، لكن ضمن تاريخ بلد واحد (موريتانيا) من الماضي إلى الحاضر والمستقبل. تقاس من خلالها بصيرة الإنسان، وهل هو يسعى إلى الخير أم إلى الهلاك، وهل أن الإنسان ينتقل، بفعله في التاريخ، إلى الأفضل أم أنه يرذل.

- هكذا يكون ﮜارَا ، بطل رواية مدينة الرياح، الضمير الذي يقارن بين الماضي والمستقبل في مسيرة التاريخ، وهو الإنسان المنتشل من المستقبل البعيد ليروي ذاكرة الماضي السحيق.

- أما في مدينة الرياح فإن تأويل قصة ذي القرنين من سورة الكهف نتج عنه تصور لما سيؤول إليه مجتمع التقانة. فعند ما أتدبر محطات ذي القرنين في سورة الكهف، وأتدبر تمكينه* في الأرض وإتيانه أسباب الأشياء كلها، فالذي يتبادر إلى ذهني هو الإنسان التقاني الذي غزا مشارق الأرض ومغاربها، والذي تحكم في الطبيعة: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا} (الآية 83).

- وعندما أتدبر ما ورد في القرآن الكريم عن محطات ذي القرنين (العين الحمئة، القوم الذين تطلع عليهم الشمس دون ستر ، البشر الذين لا يفقهون قولا و يأجوج ومأجوج) فإنه يحضر ذهني تلوث المياه وتشقق طبقة الأوزون في الغلاف الجوي التي نتجت عن جهالات البشر وفساده: {إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض} (الأية90) وهي كلها أمور تذكر بما آل إليه مجتمع التقانة.

- رافق هذا التأويل لقصة ذي القرنين في الجزء الأخير من رواية مدينة الرياح توظيف آخر للتراث في مجال الموسيقى الشعبية البيضانية (موسيقى البيضان، الموريتانيين البيض) من خلال استلهام (جانْبَتْ الغول) طريق* گلنَيْدِيَّ في التِّيدِنِيتْ، التي أوحت بمجتمع مستقبلي وقع في التهلكة. فمَوْسَقَتْ لگنيدي الجزء الأخير من الرواية الذي يتناول مجتمع تنگَلَّ ومدينته غير الفاضلة (مدينه الرياح)، تنگَلَّ "الغول الْمُلَوِّثْ" (الرواية) الذي حول المجابات الكبرى إلى مخزن للنفايات السامة.

ايوب صابر 04-30-2014 09:25 AM

رابط الرواية :

http://www.ckfu.org/vb/attachment.ph...5&d=1325773166

ايوب صابر 04-30-2014 03:37 PM

تابع ... العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا

- فى الرواية سمات واضحة من أدب الخيال العلمى، ورواية الرحلة، والرواية الغرائبية، والرواية الفلسفية، ورواية الأمثولة "أوليجاركية"، لكنك لا تستطيع أن تنسبها إلى أى شكل من تلك الأشكال الروائية، لأنها استطاعت أن تكون مزيجا من كل تلك الأشكال، لتعطى شكلا متفردا لرواية تستحق القراءة دون فكرة مسبقة تحصرها فى شكل أدبى بعينه.

- في روايته مدينة الرياح يطل موسى ولد ابنو من مكان آخر هو الرواية. وهو لا يكتفي بالخروج على القافلة اللامتناهية للقريض الموريتاني بل يخرج أيضا عن المفهوم التقليدي للرواية ضاربا بخياله الخصب شبكة العلاقات المألوفة بين الواقع وتعبيراته ومطلا على عالم تأويلي يحل فيه الرمز محل الحقيقة وتتداخل فوقه الأشياء وظلالها، الأماكن وكائناتها المصارعة

- في روايته الأولى المكتوبة بلغته الأم «مدينة الرياح» فاجأ موسى ولد ابنو قراءة بذلك الخلط العجيب بين التواريخ والأزمنة والوقائع حيث استطاع أن يحول الرواية إلى فانتازيا متواصلة من الرؤى والتهيؤات.

- وإذا كان الكاتب المقيم في فرنسا قد أفاد إلى حد بعيد من تقنيات الرواية الغربية والأمريكية اللاتينية فإنه يبدو من جهة مأخوذاً بالينابيع السحرية لـ «ألف ليلة وليلة» ويبدو من جهة أخرى شديد الحرص على أن تكون الصحراء بسكونها وأصواتها،بعمقها واندلاع نيرانها الخصبة، الخلفية الأبرز لعوالمه الروائية.

- الشأن الآخر الذي يلفت في كتابة ولد ابنو هو ثقافته الواسعة التي تفيد من الرياضيات والفلك والتاريخ وعلم الأجنة والأجناس وغيرها من العلوم والمعارف التي يحسن توظيفها داخل نصه المشوق من دون أن يرهق القارئ

ايوب صابر 05-01-2014 01:18 PM

والان العناصر التي صنعت الروعه في رواية رقم - 50 - أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم مصر

- رائعة عبد الحكيم قاسم " أيام الإنسان السبعة " تدور في القرية المصرية في جانب لم يكتبه أحد من قبل هو حياة الدراويش، هؤلاء الفلاحون الفقراء الذين يقضون نهارهم في الحقول، وحين يأتي المساء يئوبون إلى "الحضرة" حيث الذكر والإنشاد بعد الصلاة. وحيث الحلم باليوم الذي يذهبون فيه إلى مولد السيد أحمد البدوي في طنطا.

- أيام الإنسان السبعة إشارة إلى طريقة في الإدراك أهملنا تأملها لزمن طويل

- ايام الانسان السبعة –ربما لو كنت قرأت هذة الرواية من فترةمعينة لظننت انها مجرد رواية ليس اكثر من ذلك و لا علاقة لها باي واقع و انما هي محض خيال كاتب بل اعتقد انني كنت لأكراهها ظن مني ببعض المبالغات في بعض احداثها - لولا ان رأيت جزء مما ذكر بنفسي في احد المرات بمحض الصدفة.

- الرواية تتحدث عن "كما يطلق عليهم في احدي سطورها" الموالديه - اي محبي و زوار موالد الاولياء الصالحين و عليوجه التحديد السيد البدوي او كما عرفت من الراوية مولد السلطان كما يطلقون علية ..
- تري احداث الرواية بعين ابن كبيرهم الذي يبداء معنا صغير السن هذا الولد الذي يحب ابيه جدا و يحب اصدقائة الدراويش و لكنة مع ذلك ناقم عليهم و علي تصرفاتهم و احيانا علي كونهم فلاحين اصلا و علي ماهية و غرض الذهاب لهذة الموالد – الامر الذي يعلنه في احدي لحظات غضبة و يصفهم بالبهائم و بعباد الاصنام فيصب ابيه عليه اللعنات والكفر.

- اعجبني جدا استخدامة للتعبيرات بشكل جميل و ايضا الاسلوب الذي يصف من خلاله الاشياء و الاحداث، لعل السبب انني رأيت مشهد مماثل لذلك في الواقع
في موضع اخر ايضا يصف حالة الغوغائية التي تعم المكان ما بين اصوات الموقد و الكلوبات و تصايحهم و ضحكهم "يضحكون في سرور حتي في صياحهم الغاضب انما هم يضحكون في هذا الزحام الغريب يروحون و يجيئون بسهولة.

- اما عن الفصل الاخير من هذة الرواية فقد جاء متفاعل مع عامل الزمن و مرور الايام جاء مليء بلحظات انكسار و التعب جاء ملىء بالرحيل و الموت جاء كثير التشويش و التخبط .. عمت سطوره الحزن بوجه عام .

ايوب صابر 05-01-2014 06:35 PM


والان العناصر التي صنعت الروعه في رواية رقم - 50 - أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم مصر


- نلاحظ أن السيرة الذاتية للكاتب هي محور أو موضوع نصوصه وإذا كانت قد تقنعت تلك السيرة في الرواية موضوع البحث مثل تسمية البطل عبد العزيز بدلا من عبد الحكيم وتغيير أسماء الشخصيات وغيرها من الحيل الفنية فقد نزعت بعض الأقنعة في رواية مثل "محاولة للخروج" ونزعت معظمهها في رواية " قدر الغرف المقبضة".

-- فنجد القصص القصيرة تلتقط لحظات أو مشاهد جزئية تدخل ضمن الصورة الأكبر التي ظهرت في الروايات وأبزر ذلك: من مجموعة ديوان الملحقات قصة : واحد من أهل الله، وهي تنتمي بلا شك لعالم " أيام الإنسان .." كما تنمتي قصص: قريتي-عشق-ليلة شتوية من "الأشواق والأسى" وإن كانت القصة الأولي "واحد من أهل الله" أبرز مثال لأن نفس الشخصية تظهر في "أيام الإنسان السبعة " بنفس الرسم والملامح واختلفت فقط تفاصيل الحدث

- اللغة شاعرية
- والذكاء كان في أن الكاتب جعل النقلة الزمنية في فصل الليلة الكبيرة من عبد العزيز الصبي للشاب فسحر جو وأحداث الموالد ونظرة الانبهار للعالم الغني بتفاصيل لا يراها البطل إلا مرة كل عام

- الرواية تتعرض بشكل أساسي على مفارقة داخلية تقوم داخل نفس عبد العزيز حيث يدور صراع إيجابي حيث يدور السؤال والتفكير ومحاولة الفعل لتغيير الواقع

..
- لم يحدث التغيير بعنف فالشخصية بطبيعتها ليست متمردة تأخذ تصرفا ثوريا خارجيا لكن طبيعة الشخصية أن تمردها وثورتها تعتمل داخلها دائما وهو ما يجعل المسألة أعقد والأزمة أشد..

-فالمواجهة الوحيدة مع الأهل أحدثت لهم صدمة عندما اكتشفوا أنه تغير ورغم اعتذاره أو بالتحديد صمته وعدم تكرار المحاولة لكن ذلك لم يمنع الفجوة والجفاء بين عبد العزيز وأهله

- (طول عمر عبد العزيز وهو يحب .....)
هذا السطر الأول من الرواية يطرح أن الكاتب اختار ضمير الغائب حيث يحكي عن الشخصية الرئيسية .ونجد هيمنة للراوي السارد والموقع الأحادي للحكم على أحداث وشخصيات الرواية ..
- والعلاقة بين الكاتب والشخصية علاقة "تضامن" ونشرح ذلكمن اللحظة الأولي يتبنى الكاتب رؤية الشخصية الرئيسية وإلى نهاية الرواية لا نجد زاوية أخرى لشخصية أخرى لا للتأييد أو للنفي..

- أظن أن فكرة الانتقال من السيرة الذاتية للرواية هي السبب حيث جاء ذكاء عبد الحكيم قاسم فى الاستفادة من امكانات الرواية كجنس أدبي..حيث ينزع ذاته ويطرحها كموضوع للبحث ..ولضمان الموضوعية " دراميا" كتبها كمن يحكي عن آخر
- المهم أن صانع المفارقة اتسم بالقدرة على التقاط التفاصيل وأبرزها-فصل الخبيز-
واتسم بالموضوعية والتجرد وخاصة بعد زيادة الوعي ولنلاحظ نبرة المقارنة بين طنطا والقرية وبين بنات طنطا وسميرة واتسم أيضا بالتعاطف مع الضحية عبد العزيز هنا هو ضحية في هذا العالم حيث ضاع من عبد العزيز يقين الصبا
وأصبح كل حلمه أن تصل مراكبه للمرافئ البعيدة

ايوب صابر 05-01-2014 09:03 PM

والان العناصر التي صنعت الروعه في رواية رقم - 50 - أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم مصر

- يعتبر القاص والروائي المصري عبدالحكيم قاسم (حكم.. كما يسميه اصدقاؤه ) من العلامات البارزة في الكتابة القصصية والروائية العربية، وينتمي لموجة الحساسية الجديدة بتوصيف ادوار الخراط والتي كان جيل الستينات الكبير بكل رموزه الفكرية و زخمه وحيويته وثوريته وعراكه الثقافي والايديولوجي والسياسي اهم افرازات ومميزات هذه الحقبة التاريخية ،

- و لانكاد نذكر هذا الجيل دون ذكر اسماء عبد الحكيم قاسم و صنع الله ابراهيم وابراهيم اصلان ومحمود الورداني وابراهيم عبد المجيد وعبد القادر القط وجمال الغيطاني وعبده جبير ومجيد طوبيا ومحمد مستجاب ويحيى الطاهر عبد الله واحمد هاشم الشريف وبهاء طاهر ومحمد البساطي وصبري موسى ويوسف القعيد وغيرهم من من يمثلون بحق نواة هذا الجيل الكبير بما للكلمة من معنى، و الذي حمل هم وطن مزقه الفقر والتخلف وشتته القمع ورسم بحق ملامح مجتمع في مفترق الطرق ودافع عن مكاسبه بما اوتي من صلابة راي وصدق مواقف

- ولد المبدع عبد الحكيم قاسم بقرية البندرة قرب طنطا سنة 1934 انتقل في منتصف الخمسينات إلى القاهرة وبدأ الكتابة الأدبية في منتصف الستينات حينما سجن لمدة أربع سنوات لانتمائه ل تنظيم يساري . عاش في المنفى ببرلين من عام 1974 إلى عام 1985 لاختلافه مع النظام ثم رجع إلى القاهرة حيث توفي عام 1990.

- يقول عنه صديقه محمد شعير ( كان الروائي المصري الراحل عبدالحكيم قاسم قد سافر في بداية السبعينيات إلى ألمانيا بهدف المشاركة في إحدى الندوات عن الأدب العربي، وبدلا من أن يظل أسبوعا، كما كان مقررا، امتدت رحلته أكثر من خمسة عشر عاما. عندما وصل إلى هناك قرر البقاء للدراسة، وأعد بالفعل أطروحة حول "جيل الستينيات في الأدب المصري" ولكنه لم يناقشها، وعمل أيضاً في المساء حارسا ليليا لأحد القصور. احساس قاسم بالفراغ والوحدة جعله يمضي وقته بالكتابة، هناك كتب كل أعماله الروائية والقصصية باستثناء "أيام الإنسان السبعة"، و"محاولة للخروج"... ).

-كان عبد الحكيم انساناً اشتراكياً ومناضلاً في سبيل الحرية والدفاع عن الحقوق الديمقراطية.ومن اخصب أيامه تلك التي قضاها في أقبية السجون .. وعن ذلك كتب يقول:"تعلمت وأنا داخل السجن حقيقتي كانسان لأنني تأملتها طويلاً حتى انه لم يتح لي فرصة أن أتأملها بهذا التوسع والعمق إلا من خلال السجن، ولولا السجن لما كنت توصلت الى الرؤية الخاصة التي امتلكها. فالسجن ثقافة أخرى، وربما بدونه ما كنت أصبحت عبد الحكيم قاسم الأديب، ففيه كتبت أعمالي الأولى من رواية ومجموعة قصصية ".

- وكانت الرواية الأولى التي كتبها عبد الحكيم قد أثارت انتباه النقاد والقراء في مصر والعالم العربي ،وأحدثت في حينه ضجة ونقاشاً ساخناً في الحياة الأدبية والثقافية بسبب موضوعها وأسلوبها وصياغتها.

-وهذه الرواية تناولت تفاصيل الحياة اليومية للانسان البسيط العادي في الريف المصري.
- ومن أبرز ابداعات الراحل عبد الحكيم قاسم التي اغتنت بها المكتبة العربية :"محاولة للخروج"و"أيام الانسان السبعة"و"دفترالاحوال"و"المهدي"و"قدر الغرف المقبضة".

- عبد الحكيم قاسم مبدع وقصاص مميز وروائي حقيقي وواقعي لم يعش في الأبراج العاجية ،وبقي في الظل بعيداً عن الأضواء والنجومية

- عكست رواياته وقصصه الواقع الحياتي للطبقات الشعبية المسحوقة المتعطشة والظامئة للحياة والفرح والسعادة،

- تشدنا لغته الجميلة وكلماته المهذبة.

ايوب صابر 05-01-2014 10:54 PM

تابع ---الان العناصر التي صنعت الروعه في رواية رقم - 50 - أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم مصر

- كنت أخاله دوماً كخفير غير نظامي للقرية ، خفير : سلاحه قلمه وقلمه سلاحه ، تدب قدماه ـ ليل .. نهار ـ أرض الحارات والباحات والدور والمصاطب والغيطان والأسواق

- مشروعه الإبداعي الحقيقي بدأ برواية " أيام الإنسان السبعة ".

- كتابات عبد الحكيم قاسم تدور حول محور القرية : قريته " البندرة " التي كتبها بخصوصية شديدة في المذاق والطعم والنكهة إذا جاز لنا هذا التعبير ، ومن خلال إبداع عام لجيل الستينيات المتميز ، الذي تخصص بعض أفراد كتيبته في تناول القرية المصرية

- كتب قريته بتنوع وثراء ، وظل له ـ بينهم ـ صوته الخاص كماركة مسجلة تقترن باسمه ، صوت ملم بدقائق أمور القرية وأطوارها وحيواتها المختلفة ، وربما تأتى له ذلك لكونه يكتب بحب نادر عمن عرفهم من أهله وناسه .

- وكان عبد الحكيم أيضاً ـ في كل أعماله ـ مولعاً باللغة التي كان ينحت منها جملاً رصينة وجميلة في آن ، كلمات ينتقيها من المعجم تبدو عامية ولكنها فصيحة .

-ولكنه كان حريصاً في الوقت نفسه ألاَّ يسمح لجماليات اللغة التي عشقها أن تسطو منه علي المضمون فتهمشه أو ترهله أو تنفيه أو تبعده عن موقعه الذي يريده له وهو موقع القص ،

- ولم يلجأ للغموض أو الرمز ، ولم تغره محاولات التجديد

- روايته الأولى " أيام الإنسان السبعة " (8) والتي نُشرت عام 1968 م كانت عملاً مميزاً وفريداً في أدبنا العربي ، قال عنها صلاح عبد الصبور عندما قرأها : " أحسن كتاب قرأته في الخمس سنوات الماضية " ، وقال عنها " عبد المحسن طه بدر " : " إنها رواية تقدم لنا في جملتها رؤية متكاملة للقرية المصرية ، رؤية يلتحم فيها الذات والموضوع " .

-هذا ويعتقد عبد الحكيم قاسم أن شهرة هذه الرواية ترجع إلي حظها في أنها أولى رواياته التي نُشرت ، وأنه لو نُشرت له أية رواية أخرى مثل " محاولة للخروج " أو " قدر الغرف المقبضة " لكان قد تحقق لها نفس الشيء ، لقد كتبتها بحب شديد لشخوصها من الريف ، وقد عبرت بصدق عن هموم الفلاَّح ، ولقد ظلَّت شهرتها مع هذا تؤرقه ككاتب ، فهو يقول في موضع آخر : " أنا كتبت غيرها وأكتب غيرها وسأكتب غيرها ، فأنا في سباق مع أيام الإنسان السبعة حتى أكتب رواية تهزمها " .

- تنسج الرواية قصة الزيارة السنوية التي تقوم بها قريته لضريح سيدي أحمد البدوي في طنطا ، وتتناول عالم هذه القرية بكل دقائقه وتفاصيله وأسراره من خلال رؤية عميقة ، ورغم احتفال الرواية بهذه التفاصيل التي تبدو تقريرية تدنو من أرض الواقع ، إلاَّ أنها واقعية ذات نسيج خاص يتطلبه العمل الفني الذي كُتب بطريقة غنائية أقرب إلي الوجد ، يحوم حول الواقع ويعود إليه بقدر ما يتطلب العمل

- يقول عبد الحكيم : " كتبت رواية أيام الإنسان السبعة في السجن .. ثم كتبتها بعد ذلك ثلاث مرَّات حتى خرجت بالشكل الذي نُشرت به في عام 1968م ".
.

ايوب صابر 05-04-2014 04:14 PM

تابع ---الان العناصر التي صنعت الروعه في رواية رقم - 50 - أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم مصر

- تدور رواية أيام الانسان السبعة حول الطفل عبد العزيز الذي هو محور كل شيء حوله، في امتداد الدائرة الحياتية التي يتحرك فيها ضمن عائلة قروية، ينتمي عائلها إلى مجموعة صوفية، داخل القرية،

- أقول لو فعل النقاد ذلك لعرفوا أن الرواية هي من النوع الذي يسميه نقاد الرواية “رواية التكوين” وهي رواية لها مواصفات خاصة توجد في روايات عالمية شهيرة مثل “التربية العاطفية” للكاتب الفرنسى الشهير فلوبير،

- وهي رواية تتحدث عن بطل يقع في الحب للمرة الأولى، متنقلا ما بين عالم الطفولة إلى عالم المراهقة الذي لا ينتهي إلا عند مشارف الرجولة أو اكتمال الشباب.

-ويبدو أن المرحوم عبدالمحسن بدر عندما كتب عن رواية عبد الحكيم قاسم في كتابه “الروائي والأرض” الذي درس فيه “زينب” لهيكل، و”الأرض” و”الفلاح” للشرقاوي وختم برواية “أيام الإنسان السبعة” ووّجه الأنظار إلى علاقة الروائي بالقرية، وكيف اختلف جيل عن جيل في جعل القرية موضوعا روائيا هذا التركيز فيما يبدو جعل النقاد التالين يلتفتون إلى هذا الجانب، ومنهم تلميذي الدكتور محمد بدوي الذي كان مشغولا بأثر التغير الاجتماعي الاقتصادي على الرواية،

- ومضت الدراسات بعد ذلك في هذا الاتجاه الذي تابع فيه محمد بدوي وصف الرواية بأنها تدور حول مجموعة صوفية من المهمشين في القرية، إذا لم تخني الذاكرة ويبدو أن هذا الفهم دفع روائيا إلى التساؤل هل تدور الرواية حقا حول القرية؟

- والرواية تدور حقا حول القرية، لكن من خلال منظور محدد هو منظور الكاتب الذي يكتب عن طفولته ونشأته وتفتح وعيه بالعالم داخل قرية، ويتزايد تكون وعيه الديني من خلال المجموعة التي كان يقودها أبوه.

ايوب صابر 05-04-2014 05:04 PM

تابع ---الان العناصر التي صنعت الروعه في رواية رقم - 50 - أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم مصر

- من جانبه، قال الأديب خيري شلبي، مقرر لجنة القصة، إن قاسم كان صاحب أول تجربة حداثية رائدة في رواية الستينات،

- وذكر أن «أيام الإنسان السبعة» التي أصدرها صادفت حظا عاثرا، حيث تزامن صدورها مع رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح وما رافقها من دوي شديد، غطى على «أيام الإنسان السبعة» التي أسست لأدب جيل احتفى باللغة وحاول الخروج من أسر الواقعية التي كان يتزعمها نجيب محفوظ.

- وأشار شلبي إلى أن «أيام الإنسان السبعة» قامت على فكرة تفنيد الزمن كأوراق الكوتشينة بوصفه وعاء يختزن تاريخ الجوهر الإنساني،

- وقد استطاع كاتبها عبر أحداثها أن يستخلص تاريخ الريف المصري، ويعلي من قيمة الجانب الصوفي الذي يتميز به البشر هناك، ويعد من أكثر جوانب شخصية الإنسان المصري تجليا في حياته.

- وذكر خيري أن التركيبة الصوفية للإنسان الريفي لم يلتفت إليها كثيرون،

- وقال إن بطل القصة عبد العزيز ينمو من خلال ترتيب الأوراق اليومية، ويتطور ويكبر عن اليوم الذي سبقه من خلال رؤية خاصة للزمن اعتمدها قاسم.

- ولفت شلبي إلى تحرر قاسم مكن أسر لغة محفوظ عبر لغة عالية المقام، سهلة حملها الكثير من روح وجوهر الإنسان المصري، مشيرا إلى أنه كان يقرأها بصوت عال ليفكر في ما تحويه العبارات.

- وتحدث خيري عن أعمال أخرى لقاسم، مشيرا إلى أن رواية «أيام الإنسان السبعة» لا يمكن اعتبارها «بيضة الديك» التي اعتمد فيها على تقنية الزمن. واعترف خيري بأنه استفاد من رواية «أيام الإنسان السبعة» قدر استفادته من جميع الروايات التي قرأها لغيره من الأدباء.

- واعتبر الناقد عبد المنعم تليمة رواية «المهدي» لقاسم من أهم «المنتجات الفنية» التي يتجلى فيها النسيج القبطي المصري، بشكل فريد على مستوى الرؤية واللغة وتقنيات السرد.

- وقال الدكتور سامي سليمان إن الدراسات النقدية لرواية «أيام الإنسان السبعة» تجاوزت الثلاثين منذ صدورها حتى الآن، كانت أولاها دراسة للناقد صبري حافظ، وذكر أن كل هذه الدراسات أجمعت على أنها من العلامات الفارقة في الرواية العربية والمصرية بوصفها إيذانا بمولد جيل جديد يبدأ طريقا جديدا من طرائق التفكير الجمالي.

- وفي رأي الناقد يسري عبد الله، فإن الروائي عبد الحكيم قاسم جعل من المكان الروائي نقطة انطلاق للمكان الإبداعي بوصفه فضاء مسكونا بانفعالات الإنسان، وأن الزمان ممتد وموصول على المستوي الشعوري، لافتا إلى أن جذرا عميقا يربط بين ما فات وما هو آت.

- وذكر أن الزمن الجمالي للنص انتقائي الطابع منتخب، يحمل مؤشرين دالين عليه بوصفهما علامتين سرديتين مميزتين، تبرز الأولى خلال رصد قاسم سبعة مشاهد تشكل المتن السردي للرواية بوصفها مقاطع من الحياة وعلامات سردية دالة ترصد ملامح البشر في لحظات إنسانية قدمها الروائي برهافة تامة.

- أما الأخرى فيمكن ملاحظتها من خلال توظيف قاسم الدال لعناصر الثقافة الشعبية كالزار والحضرة والغناء الصوفي.

- وشدد الناقد جابر عصفور على أن «أيام الإنسان السبعة» رواية تكوين.

- وقال إن بطلها عبد العزيز هو نفسه كاتب الرواية، وقد حاول باختصار وصف عالم القرية من منظوره الحميم.

- وكشف عصفور أن عبد الحكيم قاسم كتبها في السجن عام 1969، وذكر أنه بعدما قرأها توجه بها إلى الدكتور عبد المحسن طه بدر، وأخبره بأنها تتضمن حساسية جديدة للنظر إلى الأرض والقرية، تكتمل في روايته الأخيرة «المهدي» التي كتبها في منفاه الإجباري بألمانيا، وكلتاهما تتحدث عن تغيرين متناقضين عميقين حدثا في الريف المصري.

- وقال القاص سعيد الكفراوي إن قاسم كان قليل الحظ في حياته وبعد مماته، رغم وجوده في مرحلة كان الناس فيها يعتبرون الكتابة سعيا للمعرفة ومجابهة للمظالم واختراقا للمألوف.

- وذكر أن لقاسم فضلا عليه، حيث نبهه إلى أن في الروح المصرية منطقة غامضة كشفها عبر إبداعاته الروائية والقصصية، تكمن في الوجل والهسيس والمصير والظلال والرؤى واللحظات النادرة.

- وهذه المنطقة دفعته إلى أن يكتب «طرف من خبر الآخر» و«ديوان الملحقات» و«أيام الإنسان السبعة» و«المهدي»، وغيرها من أعمال مهمة في الأدب العربي.

- وذكرت الناقدة أماني فؤاد أنها وجدت في مجموعته «ديوان الملحقات» تيمات لغوية تميز بها دون غيره من كتاب جيله، حيث استخدم ضمائر ومفردات كان يقصد بها أن يصنع لنفسه أسلوبا خاصا، مثل استخدامه لألفاظ شديدة الريفية لا يستطيع فهمها إلا من يعيشون في هذه المناطق.

- وأضافت أن اختياره الأسلوب المجازي كان فكرة مبتكرة ميزت أسلوبه الإبداعي عن غيره من أبناء جيله من الروائيين.

ايوب صابر 05-05-2014 10:28 AM


تابع ---
الان العناصر التي صنعت الروعه في رواية رقم - 50 - أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم مصر

- في رواية "أيام الإنسان السبعة" يتوفر قاسم علي عالم خاص جدا، داخل البيئة الريفية هو عالم التصوف حيث "الحضرة" التي تقرأ فيها دلائل الخيرات وبردة البوصيري، وحيث حضور مولد السيد البدوي في طنطا.

- والرواية مقسمة إلي سبع لوحات بما يمتلك الرقم سبعة من دلالات أسطورية واجتماعية: الحضرة، الخبيز، السفر، الخدمة، الليلة الكبيرة، الوداع، والطريق.

-هي تقريبا رحلة الإنسان في حياة راكدة شقاؤها كبير ورضاها كثير مع ذلك، حيث تصنع الغبطة بأفراحها القليلة سيمفونية للبهجة تتردد أصداؤها علي مدي مئتي وخمسين صفحة.
- ليست لغة عبد الحكيم قاسم هي الخاصة فقط، وإنما وإحساسه بالجانب الروحي من حياة المجتمع الريفي المصري الذي لم يسبقه إليه أحد،

- أما الصور الشعرية فتفاجئ قارئ الرواية منذ المفتتح:" طول عمر الولد عبد العزيز وهو يحب صلاة المغرب، فهي تأتي في وقت يكون فيه النهار رقيقا، الشمس غاربة، والأضواء لينة، وربما حزينة قليلا، والأب الحاج كريم يقول في وقار وترتيل: المغرب جوهرة فالتقطوها..".

- علي هذا النحو الشاعري يبدأ الراوي متناوبا القص مع "الولد عبد العزيز" في سرد وقائع ليلة الحضرة، والتي تبدأ بعودة الحاج كريم من صلاة المغرب مبكرا ليجلس في شرفة الدوار، علي جبينه تراب من أثر السجود وفمه مشغول بالتسابيح في انتظار أصدقائه الذين يتوافدون واحدا بعد الآخر في ليلة للسمر يتثاءب فيها الوقت ويمد السلام جناحيه فوقها: وقت للرب ووقت لرواية الحكايات وربما النكت والنوادر، وجل أبطالها من الحاضرين. وذكرياتهم المشتركة في الغالب ذكريات من رحلة السنة الماضية إلي المولد، بما جري فيها من صلاة وإطعام للطعام وأخذ العهود من شيوخ الطريقة إلي وقائع السرقة أو التعرض لعملية نصب من أبناء المدينة وحتي الفسق والاختلاط بالغجريات.

- وفي عالم سكوني كذلك الذي يصفه عبدالحكيم قاسم تقوم اللغة وصورها الشعرية بالعبء الأكبر في الحكاية فتصبح حركة لف سيجارة أو إنضاج فنجان من القهوة، أو إشعال المصباح عملا كبيرا،

- بينما يمثل "يوم الخبيز" الذي يسبق السفر إلي طنطا نوعا من ملحمة، ابتداء من استيقاظ الزوجتين المبكر، مرورا بمعاينة درجة خجمر العجين وإحماء الفرن وما إلي ذلك من تفاصيل نري خلالها خلافا يمتد بطول العمر بين الحاج كريم وإحدي زوجتيه (أم عبدالعزيز) الزوج المتصوف يري أن تكثير القليل الذي يملكه لا يمر إلا عبر منحه للفقراء، والأم وزير الخزانة اليقظ، تعرف بالأرقام والأوزان حجم ما تبقي في مخازنها،

- لكن السلام الذي يهيمن علي الرواية كلها لا يستثني هذا الخلاف، الذي يظل قائما دون أن يكف الحاج كريم عن بذل ماله في سبيل الله ودون أن تعصاه زوجته أو تمتنع عن خبز الزوادة التي سيأخذها زادا لنفسه ولأصدقائه من أهل الطريق.

-عن اخبار الادب

ايوب صابر 05-06-2014 05:42 PM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 51- طائر الحوم حليم بركات سوريا


- حليم بركات الروائي السوري , وعالم الاجتماع يقدم في روايته (طائر الحوم) مايشبه السيرة الذاتية متضمنة رحلة الآلام والآمال , ويبدو الماضي أمامنا وكأنه لايزال يتقد جمراً ..

- من جعبة تلك الأيام نتوقف عند لحظات لاتنسى, بل لنقل هي العمر كلّه منسكباً نحو القادم : تذكرت أنني في طفولتي دخلت فجأة كثافات غيوم سوداء تضيئها بروق وصواعق متكررة .. كان قد توفي والدي فجأة في الثلاثينات من عمره دون إرث من أي نوعٍ سوى بغلٍ كان يكاري عليه وبيت حجري دون غرف ترابي السطح .. فاضطرت أمي أن تنزح بنا أنا وأختي وأخي الى مدينة بيروت بعد أن جاهدت عبثاً في القرية مدّة سنة أو أكثر . عملت خبّازة على التنور (تلقى أجرها عدة أرغفة ساخنة ) وحصّآدة موسمية في مناطق نائية كان أهل القرية يسمونها (مشرّف) مازلت أحسّ بالجوع حين أتذكر أرغفة القمح الساخنة المخبوزة على التنور خصوصاً أننا بعد موت أبي كنا نضطر أحياناً أن نأكل خبز (المخلط) من قمح وذرة وشعير وهو خبز الفقراء.. نتقاسمها بعد أن نمعس رأس بصلة ورأس شنكليش نغمره بزيت الزيتون أحسّ الأن بالجوع مع أنني تناولت وجبة كبيرة منذ فترة قصيرة لمجرد تذكر الشنكليش والبصل والزيت , ومهما كان , كنّآ نقدر حياتنا ونتمتع بها. عدا جمال القرية وطيبة الناس فقد أُفلتنا فعلاً من قبضة الموت الذي قضى على أربعة أخوة وأخوات قبل أن يبلغوا الثانية أو الثالثة ثم قبض على أبى...

- يقول الراوي، وهو يلخص علاقته بالضيعة: "الضيعة وأناسها وينابيعها وتلالها وأوديتها وطيورها وطرقها وازدهارها وأشواكها وأحزانها وأفراحها شرشت في نفسي. لا أحد، لا شيء يقتلعها من نفسي. وكلما ذبلت شجرة حياتي، كلما نبتت شجرة أخرى من جذورها العميقة". أما عن اكتشاف الجنس الآخر، وبمقدار ما تختلس الفتيات النظر إلى الصبية وهم يسبحون في النهر عراة، فإن الصورة التي ترتسم في ذاكرة الفتيان أشد سطوعاً: "حين تسبح الفتيات في النهر بثناياهن وتبتل تلك الثياب، تبزغ خيرات الأرض فعلفه بضباب شفاف" فيتولد الحنين إلى الاكتشاف ويحلق الخيال وهو يصرخ: "ما أجمل غموض الجسد"، وهذا ما يجعل الالتقاء الالتحام يوماً، أمراً حقيقياً لأن "حدس الجسد لا يخون".

- "طائر لحوم" رواية متفردة بالغة الرقة والحساسية،

- إضافة إلى مرآتها في التصدي لعدد من القضايا الشائكة التي تكاد تكون حرمة.

- هذا عدا عن معمارها الفني الجديد والمتميز.

- وبقدر ما توغل هذه الرواية في الماضي. بحيث تبدو أقرب إلى سيرة الطفولة، فإنها شديدة الحضور من الراهن، في الهموم المعاصرة، كما لا تغفل عن التنبيه لأخطار المستقبل.

- لذلك ليس من السهل تصنيفها ضمن العناوين السائدة، أو حصرها في إطار ضيق، إنها تذكر وبوح وتأمل، وتصل في أحيان كثيرة إلى مستوى الشعر الخالص، دون أن تنسى خطها الدرامي الذي يجعلها إحدى أبرز الروايات التي صدرت في السنوات الأخيرة.

ايوب صابر 05-07-2014 10:00 AM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 51- طائر الحوم حليم بركات سوريا


- الرواية تعد سيرةذاتية ( تحدث عنها الكثيرون باعجاب شديد وقلة من تمكنت من قراءتها لعدة اسباب تتعلقبانتقال الكتاب عبر اشواك الحدود العربية )

- وهذا النوع من الادب قليل جدا في ادبناالعربي أصلا ، ويعاني من احجام اعترافات المبدعين وتخوفهم من اظهار تجاربهم وحياتهملعيون الناس ،

- وقد تم طرح هذه الاشكالية للسير الذاتية في الكثير من وسائل الاعلامالمقروءة ولكن يبدو ان حياتنا العربية ما زالت تخاف البوح

- وانتشيت ايضا لأنيلمحت رائحة تأثر هذه الرواية وبتأثر مؤلفها بنيرودا ..

- وهكذا نجد انفسنا في دائرةالتأثر والتاثير .. ولذلك يصير الأدب انساني كوني بروح الانسان فيه

- كتاب يثيرالكثير من الموضوعات منها على سبيل المثال لا الحصر : غياب السير الذاتية كجنس ادبيابداعي ، معاناة المثقف العربي وتغييب دوره في حياتنا العربية

- اضافة الى الصراعالانساني مع الحياة والموت ، وكلاهما يتحولان الى رموز يومية تتنفس معنا

- في هذه الرواية يقدم لنا حليم بركات بأسلوب شاعري أخاذ ،تقريراً صادقاً عن حياته الشخصية

- ففي رواية قصيرة ذاتية ومركزة يستعيد بركات ماضيه كله ويزودنا بوثائق أصيلة عن رحلة حياة طويلة في الاقتلاع والحنين إلى الوطن والإغتراب والنفي الأبدي ، مما يجعل القارئ يلهث وراء الكاتب في رحلته القاسية والشديدة الانحدارات محاولاً أن يجد أجوبة لتلك الأسئلة الصعبة التي طرحتها الرواية .

- لكن تجربة الكاتب الشخصية سرعان ما تتحول إلى بيان عام أشمل يتجاوز واقع كاتبها لينسحب على المفكرين العرب الذين يعانون الاضهاد والنفي.

- يأتي كل هذا بأسلوب اعترافي يفصح عن تجارب شخصية غايةفي الخصوصية ويكشف بصراحة متناهية عن أفكار مغيبة في لا شعور الكاتب ويسلط الضوءعلى خمسين سنة من تاريخه وأحداث حياته .

- وبركات الذي هو داعية من دعاة التغيير السياسي والإجتماعيفي العالم العربي وعربي قومي معروف ، إذ يركز على حياته الشخصية ويعرضها أمامناعارية إنما يقوم من خلالها بكشف عري العالم أجمع وعري علاقاته في آن معاً .

-وفي كتابته المهووسة بحنين جارف لقريته وطفولته ووطنه وأبيه وأمه يسيطر اللاوعي واللاشعور على قلمه فيستحضر أحداثاً دفينه من الماضي ويستدعي أحلاماً وذكريات غيبهاالنسيان سابقة ومستترة في النماذج البدئية واللاوعي الجمعي للفرد والأمة على السواء

- فيكسر قشرة أسراره منذ الطفولة ويمليها في واقع راهن فتأتي في مشاهد ملونة ومأساويةمعاً .

-وقد قال فيها الروائي الكبير عبدالرحمن منيف إن هذه الرواية ” تذكر وبوحوتأمل .. وكتبت بدماء القلب ” .

- تبدأ بنقطة إرتجاع سينمائية وتنفتح على مشهد منالماضي هو ” الكفرون ” قرية الكاتب ومسقط رأسه إذ تظهر في السماء أسراب من طيورالحوم الوديعة الرائعة الجمال تتأمل رحيلها إلى مناطق دافئة بعد أن إنتهى موسم الصيف وبدأ فصل الخريف .

- وسرعان مايتحول هذا المشهد الهادئ الجميل إلى مشهد دموي إذ يطلق الصيادون الأشرار نيران بنادقهم فجأة على الطيور البريئة فتسقط مضرجةبجراحاتها بأجنحة مترنحة ويتناثر ريشها الأبيض والأسود فوق رؤوس الأشجار ثم يسقط في النهر حيث يمتزج ماؤه بالدماء .

- وأمام هذا المشهد يقف الطفل الراوي مراقباً بجزع وخوف الطيور الصامتة البريئة وهي تنتظر موتها البطئ . ومنذ هذه اللحظات يتوحد الطفل بطائر الحوم ليصبح عنده ، فيما بعد ، رمزاً للمفكر العربي المظهد ، المحاط بكل قوى الشر والطغيان ، الذي يدور إلى الأبد حول الكرة الأرضية ولا يجد مواطئا لقدمه ،باحثاً على الدوام عن الحرية والخلاص لنفسه ولأمته في آن معاً ، وناشداً الحلول لتناقضات الكون الحادة في الفرح والحزن ، في الفقر والغنى ، في الحب والكراهية ، في الشرق والغرب ، وفي البحث عن معنى الحياة والموت .

- بات الطفل الرواي الذي شهد عدوان الصيادين وشر الناس معذب روح الطفولة نتيجة الظلم والعدوان الممارس ضد الطيور والمنطبق على الأفرادوالمجتمعات والأمم . كما بات مشحوناً بكراهية شديدة لبشاعة هذا العالم ، الذي ينذرنفسه داعية للتمرد والحرية والثورة في كل مجالات الحياة ، على مستوى الفرد والمجتمع.

ايوب صابر 05-07-2014 11:51 PM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 51- طائر الحوم حليم بركات سوريا

- حقيقة أن بركات يتصدى في روايته هذه لموضوعات صعبة ومعقدة وتنسحب بالتالي على الماضي والحاضر والمستقبل .

- وأبعد من هذا فانه يأخذ طريق الخلاص وذاك عن طريق مايقدمه الكاتب من رؤى وإضاءات تستشرف المستقبل .

- والواقع أن مثل هذه المواقف القومية ليست بالغريبة ولا بالجديدة . فسبق للشعراء والروائيين العرب أن حملوا أنفسهم مهمة تصوير وتأريخ ويلات شعوبهم بما فيها وقائع الظلم التي يعيشها شعب فلسطين ، ووقائع التعسف التي يقوم بها القادة العرب ضد شعوبهم ، وأوضاع التفتت والإنقسام في الأمة العربية .

- إلا أن بركات يخرج عن إطار مسؤوليته تجاه الوطن العربي ويتجاوزها إلى العالم كله إذ يتوحد بشعب افريقيا في جوعه وفقره ، وبأطفال اليابان في مأساتهم إثر ويلات القنبلة الذرية فيهيروشيما كما يتوحد بالأقلية السوداء في الولايات المتحدة في نضالها لإنهاء سياسيةالتميز العنصري .

- إنه باختصار يتوحد بكل الضعفاء والمقهورين والمظلومين في العالم وبكل العاجزين الذين لا صوت لهم .

- إن مثل هذا التوحد الإنساني مع المسحوقين ومثل هذا التعاطف الكوني معهم إنما يأخذ مثالية عالية مليئة بصيحات تبشرية متواصلة تحض على التمرد والرفض والمقاومة .

- وفي مشهد آخر يستعرض بركات ذكرى أليمة عصفت به وهو طفل حين يقف برعب وهول أمام فراش أبيه الذي كان يواجه الموت في آخر لحظات احتضاره ، فتأتي كلماته بالغة التأثير قوية ، خارقة للروح وباعثه على البكاء .

- ولا بد لنا أن نسجل هنا أنماكتبه بركات في هذا الصدد يعتبرمن أكثر الكتابات قوة وتأثيراً في الأدب العربي الحديث .

- إضافه إلى أن وصفه لشخصية أبيه ، هذه الشخصية التي طغت على الرواية وتسربت في ثناياهها ، تدخل وعي القارئ ولا تخرج منه . لقد رسم صورة رائعة ، صورة أب أصيل من أيام الدنيا الغابرة ، مثالي ، ذي وقار وذي هيبة يمضي عمره في خدمة زوجته وأولاده ، مجبول بالحب والتضحية

- وهذا الطفل الذي فقد أباه في الكفرون والذي شهد موته المفاجئ الأليم والذي فقد صورة المثال الأعلى ، والقدرة على الحياة ، هذا الطفل يكبر ثم يرحل إلى أمريكا ويصبح أستاذاً جامعياً .

- لكنه في البلد الذي هاجر إليه يعود لمواجهة الموت من جديد . هذه المرة يواجه موت أمه الطاعنة في السن ، إلّا أن التجربة هنا تختلف فهذه السيدة الفاضلة النبيلة والتي كان الكاتب قد أهداها أحد أعماله الروائية بالعبارة التالية ” إلى الملحمة التي كانت حياتها سلسلة عطاء ومحبة ” .هذه الأم هي مريضة الآن بأكثر من مرض ومصابة فوق ذلك بالنسيان وأمست في حالة فقدان وعي دائم وتتأرجح ما بين الحياة والموت .

- ومع تأرجحها المرير هذا يتأرجح الكاتب معها بين هذين العالمين .

- فالكاتب المعذب بعذابات أمه وآلامها يعيش من جديد تجربة موت أبيه ويقف ممزقاً وعاجزاً عن فعله أي شيئ إلا الدعاء لله أن يأخذ أمه إليه رأفة بها وبه ، وفي هذا المشهد يغوص الكاتب في معاني الموت والحياة ويطرح فيها أسئلة كونية وأن كانت كلماته في موت أبيه حادة ومؤثرة إلا أن كلماته في وصف صورة أمه القديسة لا تقل قوة وحساسية عنها بل تنحفر بعمق في وعي القارئ وتبقى خالدة .

- لاشئ يموت ولاشئ يتلاشى في ذاكرة الكاتب ، فها هو يستعيد مشهد آخر لشخصية من أيام طفولته تعمل أثراً في النفس لا يمحى . إذ كان في القرية شخص معتوه يدعى مخول ، كان غريباً ومشرداً وعجيب الخلقة . لا أحد يعرف من أين جاء أو أين ولد ، لذا كان عرضة مستمرة لتهكم أطفال القريةوإهاناتهم غير المحدودة ، يضحكون منه ويلاحقونه بالعصي والحجارة على مر السنين .

- ويأخذ المشهد بعداً مؤثراً حين يتذكر الكاتب أن أباه كان في إحدى الأمسيات يغني بصوته الدافئ أبيات العتابا بلحن عاطفي حزين ، وكان في الشارع وخلف الدار يقف مخول يجهش بالبكاء وتنهمر الدموع بمرارة على وجهه ،

- لقد اخترقت أبيات العتابا روح ذلك المعتوه وأثارت شواجنه الدفينة وعواطفه المقموعة في داخله .

- أزاء هذا المشهد يحدث وعي فجائي عند الطفل الراوي تجاه مخول ويتعاطف معه ، وينذر نفسه للدفاع عنه ضدأطفال القرية .

- ربما كانت أعظم خدمة قدمها بركات في روايته هذه هي تخليد قريته ومسقط راسه كفرون ، فهذه القريةالمغمورة الصغيرة في سوريا والتي لم يسمع بها كثيرون تصبح فجأة ذات شأن ومعروفة في العالم

- أن حب الكاتب الشديد لها واخلاصه الهائل لها ووصفه الحي لأشجارها وكرومهاوطرقها وأوديتها وأناسها والذي سيطر على الرواية كان ذا أهمية بالغة في تحويلها إلى مكان تاريخي ذي دلالة خاصة ، وفي جعلها بطلاً رئيسياً في الرواية .

- إنه لمن المفارقة أن نجدالكاتب يطلق لفظ حبيبتي على زوجته طوال الرواية ، إلا أنه لم يستطع ان يعطيها وصفاًغنياً أو رائعاً كما هو الحال في معظم شخصيات الرواية ، ونجد أن الحوار والجدالبينهما لم يكن إلا وسيلة وأداة فنية هدفها استدعاء الأحلام واستحضار ذكريات الماضيوأثارة التساؤلات حول المستقبل ، وعلى طوال الرواية بأسرها تبدو علاقته بها ، وكذلكعلاقتها به ، علاقة فكرية محورية المركز دون أن تكون علاقة حب حقيقي بين شريكين . إلا أن ” طائر الحوم ” تبقى واحدة من اقوى الروايات في الأدب العربي الحديث ومنأكثرها شفافية وحساسية . وهي في حقيقة صراحتها وأسلوبها الاعترافي نادرة ومميزة ،أنها رواية مليئة بالمشاعر وبالألتزام الحميمي وبروح المقاومة .

- انها حقاً بمثابة مرآة لروح هذا الكاتب

- وسجل حافل بتاريخه الشخصي ،

- وسجل تاريخي خالد لقرية كفرون ،

- إنها تبدوكشجرة علقت على أغصانها أحداث أجيال متعاقبة ،

- وأنها بحق إنجاز كبير آخر يضاف إلى أعمال هذا الروائي وشهادة ميلاد وجواز سفر .

- وتبقى الرواية إسهاماً قيماً وهاماً في الأدب . لقد جعلتناننظر إلى الأشياء بعين مختلفة وبطريقة مغايرة وفوق كل شيئ وفرت لنا فرصة لنتفحص حياة هذا الكاتب العربي .

- يقول الشاعر السوري شوقي بغدادي عن الرواية " إنها رواية تعصر القلب وتغسل الروح “

ايوب صابر 05-08-2014 10:31 AM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 51- طائر الحوم حليم بركات سوريا

- حليم بركات مؤلف رواية "ستة أيام" اعتبرت بمثابة نبوءة، لأنها تخيلت حرباً إسرائيلية عربية تمتد لستة أيام وتنتهي بهزيمة عربية علما كتب حليم بركات هذه الرواية قبل حرب حزيران 1967 بستة أعوام.

- ابتداءَ من أول صفحة في روايته يبدأ "حليم بركات" بالأسئلة الصعبة التي ليس لها أجوبة!.. أسئلة قاسية وكثيفة ينقلها إلى قارئه كيفما اتجه دون أن يفهم لم كل هذه العواصف ؟ .. ولم تصطخب في نفسه الهادئة أحداثٌ لم يكن ينتظرها؟؟
" لماذا موت أبي السريع في ذروة الشباب، وموت أمي البطئ الذي لايأتي؟"
" لماذا تلاحقني جراحك ياطائر الحوم؟"
"متى الغروب؟ متى الخلاص؟ "
أسئلةٌ لاتنتهي و "تخفق باضطراب ".. تماماً مثل ظهور طيور الحوم في سماء الكفرون!

- يملؤنا الكاتب لهفةً لمعرفة كل شيئ عن طفولته وأيامه التي عاشها قبل الهجرة. ومع تناقض الحياة بين الكفرون وواشنطن نعيش معه وندخل إلى قلبه لنعرف هذا الكمّ الملوّع من الذكريات المخبأة بانتظار البوح.. إنها الرواية التي ينقلك فيها "حليم بركات" بكل ذاكرته إلى جوارحه وألمه ..و جرأته، و إلى كل الصدق الذي.. نفتقده !

- يقول "كتبت هذه الرواية أصلاً قصة بعنوان " اهبط أيها الموت إلى الكفرون" سنة 1962 لدى زيارتي الأولى للولايات المتحدة، ونشرتها في مجلة "أدب" بيروت صيف 1962، العدد الثالث، ص 26 ـ 35 . أعدت كتابتها في فترات متقطعة بين 85 ـ 87 بعد زيارة مفعمة للكفرون فأخذت شكلها

ـ "طائر الحوم" رواية متفردة بالغة الرقة والحساسية، إضافة إلى جرأته في التصدي لعدد من القضايا الشائكة التي تكاد تكون محرمة، هذا عدا عن معمارها الفني الجديد والمتميز.

- وبقدر ما توغل هذه الرواية في الماضي بحيث تبدو أقرب إلى سيرة الطفولة، فإنها شديدة الحضور في الراهن، في الهموم المعاصرة، كما لا تغفل عن التنبيه لأخطار المستقبل لذلك ليس من السهل تصنيفها ضمن العناوين السائدة، أو حصرها في إطار ضيق.

- إنها تذكر وبوح وتأمل، وتصل في أحيان كثيرة إلى مستوى الشعر الخالص، دون أن تنسى خطها الدرامي الذي يجعلها إحدى أبرز الروايات التي صدرت في السنوات
الماضية .

ـ وهكذا يسافر الطائر حليم بركات من أميركـا إلى سورية، إلى وادي الكفرون، ويحط مطمئنا مبهورا وينادي طائر الحوم كزميل له، وهما يحلقان معا في سماء الكفرون مثلك يا طائر الحوم إذن من ماض واحد: هو ماضي الكاتب

- كذلك يتقمص الطائر ماضي الكاتب (الماضي الفردي). إن طائر الحوم هو أيضا أبوه. هكدا يصف حليم بركات كيف اقترب من أبيه المحتضر، "فاقتربت بوجل كما اقتربت من طائر الحوم المصاب". وطائر الحوم كذلك أمه: "يرقد جسدها الصغير فوق رأسها وتتنفس بصعوبة.

- أضطربت كما اضطربت أمام طائر الحوم الجريح لا أدري ما أفعل. ولا يكتفي بركات برموز الطيران ليتحرر ويدخل في مصير من "الخفة". إن الحرية لا تكفيه. إنه يبحث أيضا عما يطهره وينقيه من أدران العالم. وكـما ارتفع في الفضاء سوف نراه يغتمر الأنهار ليغتسل فيها.

- هكذا تتأرجح الرواية من طيران إلى وقوع، ومن ارتفاع إلى هبوط. إن بركات يحب المرتفعات بقدر ما يكرهها، وهو يعرف، كما يقول باشلار عن ريلكة، "إن كل حلم بالطيران يتضمن السقوط البطيء أيضا… إن الحلم بالطيران هو دلالة على شخصية جامعة بين السقوط والسمو عبرت القارات وحلقت فوق القمم ومع تحليقه، يبلغ الطائر حليم بركات أقصى التطابق مع العنصر الروائي الذي تبناه.

ايوب صابر 05-12-2014 12:44 PM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 52- حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان


- يدور محور الرواية حطاية زهرة حول حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات.

- "حكاية زهرة" هو اسم كتاب للكاتبة اللبنانية حنان ألشيخ، يكفي أن تدخل في عمق الغلاف لتتسائل كثيراً حول سر الاكياس أو معنى ألأشكال التي على الغلاف، لتتشوق اكثر بمعرفة المزيد عن ماهية بطل القصة وهي –زهرة-

- هذه الرواية هي حكاية إمرأة في عالم الرجال، حربهم وسلامهم، أديانهم وقوانينهم.

- حكاية زهرة تبدا في صحراء ، صحراء ذو شقين : البرتقالة وصُرتها ..وعالم الذكور
لقد كانت زهرة وأمها كالبرتقالة وصرتها وصُرة هذه البرتقالة "زهرة" وهي شاهد عيان على خيانة الأم، باستخدام إبنتها زهرة كوسيلة مصطحبة لأمها الخائنة بحجج عديدة منها زيارة الطبيب، أو زيارة الجدة وغيرها من الزيارات المتكررة، لتروي الأم ظمئها من الرجال أمام أعين إبنتها زهرة...

- والشق الآخر هو عالم الرجال الذي لاحقها بوحشية في دهاليز الإغتصاب ليكون شرفها قد سُحب في حُقن ثخينة وليكون !! صاحب أكبر حُقنة تَسحب شرفها هو خالها "هاشم" الذي إغتصبها بوحشية .

- لقد كرهت نفسها لأنها صامتة ولكنها غير خرساء، صاحية وتعيش ولكنها تحلُم أن تعيش، وصمتها كان مرضها، كان حلمها سماع جملة واحدة من أول مُغتصبيها وهي: "زوجتك نفسي" ويا لبراءة المسكينة.

- ففي كل مرة إغتصاب ، كانت تندلع الحرب في داخلها إبتداءً من دماغها حتى أصابع قدمها ، لقد أغتصبت وأجهضت مراراً وتكرارًا وهي عابثة غير مكترثة ، ليكون أول المجرمين –المغتصبين- هو "مالك" صديق أخاها الذي أغواها بالحب العذري وأقوال جُبران ووسطهم إبن خالتها قاسم ، وليكون آخرهم هو قاتلها

- وبالنهاية فهي لا شيئ سوى علامة إستفهام !!

- من بيروت الى بيروت ، من حزب الى حزب، من لبنان الى أفريقيا، من ثقب ألحمام الى عش زوجية الى ترك الزوجية الى آخر النفق .

- لقد ودّع خالها "هاشم" الوطن لبنان ليذهب الى أفريقيا، لقد كان مُخلصاً للوطن بكل ذرة ووفاء، ليكون عيْبه الوحيد أن جيوبه لم تكن ممتلئة بالمال، وأبوه ليس بزعيم يقولون له ما أن يلمحوا طربوشه: "يعيش يا يعيش يا"

- لقد نُفي الى بلاد الغربة أفريقيا. وكانت رائحة الوطن تتسلل اليه عَبر الرسائل التي تبعثها اليه إبنة أخته زهرة ، وها هي زهرة تزوره شهر كامل، لقد كان يشم رائحة إرتباطه بعائلته ووطنه من خلالها، وكان يريد ألالتصاق بيدها ووجهها وشعرها وذيل فستانها ليحس بوطنه لبنان، كان يريد أن يصرخ –يشهق- أنه دخل الى الوطن ولكنه لم يدخل الوطن كما اعتقد بل دخل بزهراء وبمعنى آخر لقد أصبح ثاني مُغتصبي أبنة أخته.

- تزوجت زهرة من صديق خالها "ماجد" الذي آمن في نهاية اللأمر أن رُؤية الدم والعذرية هي شيئ رجعي ، ولكن ما نَفع ذلك فالأمر محسوم عند زهرة كأنه سيّان، فقد تصرفت أثناء زواجها كالمجنونة غير مكترثة بشيئ، وغير مسؤولة عن شيئ، وأنها في نهاية الأمر لا شيئ وهنا تطلقت، لتصبح أمنيتها الوحيدة أن تعود الى رَحم أمها .

- الحرب دخلت لبنان، والموت يسيطر من منتصف الشارع الى آخره لتدخل بقفص إغتصاب آخر وكان قنّاص، ر جل من أبناء حارتها ، وبما أن صفة الاغتصاب أو السماح بممارسة الجنس معها هو إدمان –وبرغبتها أحياناً- فقد حَملت منه !!

- لقد كانت في السابق صُرة البرتقالة وها هي تصبح برتقالة ولكن صرتها هو الكيس ليصبح الكيس حجتها للذهاب من مكان الى مكان، والاغتصاب والاجهاض هو برنامجها السنوي ولكن !! في هذة المرة الاجهاض صاحب رفيقته زهرة ليكون موتها على يد آخر مغتصبيها ... لقد أغمضت عينيها – أم تراها لم تفتحهما قبلاً ..لتلهث آخر أنفاسها " انا الميتة يا بشر".

ايوب صابر 05-13-2014 07:46 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 52- حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان

- حنان الشيخ، تقرأ في سطور المجتمع ومأساة الأنثى الطافحة باستبدادية ذكورية همجية، سادية المنطلق والمنتهى.

- وزهرة هي رمز لكل أنثى، هي زهرة تنال حظها من الألم والاضطهاد والعبثية بكل ألوانها من مجتمع ذكوري يحقّ فيه للذكر ما شاء.

- تكتب حنان في زمن الحرب الأهلية اللبنانية عن حرب عاشتها زهرة فاقت بمأساتها مأساة الحرب الحقيقية.

- رحلتها من أفريقيا إلى لبنان، من الجنوب إلى الجنوب، من بيروت إلى بيروت، من حزب إلى حزب، من ثقب الباب إلى خيالات الغرف، إلى آخر النفق، حكاية أنثى في مجتمع الحضارة المزعوم.


- حكاية زهرة هي "حكاية امرأة في عالم الرجال، حربهم وسلامهم، أديانهم وقوانينهم.

- حكاية امرأة إذا كانت صاحية وتعيش، أم أنها تحلم أنها تعيش. وفي حلمها، غالباً ما تسيطر الكوابيس.

- حكاية امرأة في عالم يرعبها، يهدَّدها، يلاحقها بوحشيته الذكريّة حتى الرمق الأخير، مثل غول الطفولة.

- حكاية تعصر، بصدقها عصراً.

- تبدو انها تجربة شخصية.

- تبدو وكانها تحكي تجربتها الشخصية وتكشف عن العلاقة السرية التي تجمع بين أمها وذلك الرجل المجهول الذي اكتفت زهرة فقط بالإشارة إليه، وذكر تفاصيل معاملة الأم لها فالرواية (الفتاة زهرة) تأخذ طرف الحكي في مقابل مراحل عدة من عمرها،فهي الشاهدة على خيانة الأم للأب منذ مرحلة الطفولة، وهي الشاهده- أيضا- على التفرقة في المعاملة التي يعقدها أبوها وأمها بينها.

- تروي زهرة جانبا آخر من حياتها إثر الظروف التي تعرضت لها منذ نشأتها - خيانة الأم، محاباة الأم للأخ الفاسد أحمد، قسوة الأب ورعونته، تدليل الأخ وحرمان الأسرة لتوفير مصاريف دراسته في أمريكا ـ

- كلها ظروف قاسية جعلت في داخل الفتاة الكثير من المعاناة الخاصة.

- أما عن حياتها الشخصية التي كان لابد أن تجد فيها عوضا عن حياتها الأسرية، فهي تسير بخراب حياتها الأسرية نفسه، عندما تقع في علاقة أثمة مع صديق الأخ ....

ايوب صابر 05-16-2014 11:51 AM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 52- حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان




- حكاية زهرة هي حكاية امرأة في عالم الرجال، حربهم و سلامهم ، أديانهم و قوانينهم .

- حكاية زهرة هي حكاية امرأة إذا كانت صاحية و تعيش ، أم أنها تحلم أنها تعيش. و في حلمها ، غالباً ما تسيطر الكوابيس.

- هي حكاية امرأة في عالم يرعبها ، يهددها ، يلاحقها بوحشيته الذكوريه حتى الرمق الاخير ،مثل غول الطفولة .

- حكاية تعصر ، بصدقها عصرا .

- هي حكاية زهرة في صحراء.

- في العام 1975 سافرت لتقيم في لندن إثر الحرب الأهلية في لبنان وكتبت عنها روايتها حكاية زهرة 1980 التي منعت في الدول العربية لأنها تعالج موضوع الجنس.

- حنان الشيخ كاتبة متحررة ترفض الواقع الذي تعيش فيه المرأة العربية وهي تكتب بلا رقابة وبجرأة متخطية الأعراف والتقاليد كاشفة التأخر والجهل السائدين في العالم العربي.

ايوب صابر 05-16-2014 02:04 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 52- حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان

- تزيح حنان الشيخ الستار عن مسرح الحياة في رواياتها لتطل مشاهدها حيّة بأشخاصها بمواقعها، بزمانها ومكانها، روايات تزخر بعبق الحياة، وبإخراج ذكي تستحيل شخصياتها مخلوقات تتماوج حركتها من خلال المعاني والحروف.

- والمجموعة المختارة من أعمال حنان الشيخ تكشف عن إبداع روائي أنثوي استطاعت من خلاله الروائية تجسيد حالات وإيحاءت أنثوية في حالات خاصة وحتى عامة.
-كما استطاعت معالجة مواضيع حياتية بعمق وموضوعية بلغة هي للحديث الشيق أقرب،

- تدعوك لزيارة لندن، لتتعرف على عاصمة الضباب من خلال شخصيات تتفاوت أدوارها ومواقعها ومشاربها في هذه الحياة... لتثبت لك "إنها لندن يا عزيزي"، ومعها، حنان الشيخ، تكنس الشمس عن السطوح، لتتطلع معها على خفايا الدور والقصور من خلال مجموعتها القصصية "أكنس الشمس عن السطوح" التي تأخذ بتلابيب بعضها كاشفة حنان الشيخ من خلالها عن شفافية إنسانية رائعة تطلّ من عباراتها، تطلّ من سطورها التي تتماوج وكأنها شريط تسجيلي تسمع منه رنات الصوت، وهمسات الأحاديث، شيقة هي تلك الأحاديث بهمسها بصراخها تشيع في أرجاء الصفحات نبض الحياة.

- وتأبى حنان الشيخ إلا أن تقص عليك "حكاية زهرة" وهي حكاية امرأة في عالم الرجال، هي حربهم وسلامهم، أديانهم وقوانينهم، امرأة لا تدري إن حقاً تعيش، أم أنها في حلم غالباً ما تسيطر عليه الكوابيس، فهي تتواجد في عالم يهددها، يلاحقها بوحشيته الذكرية حتى الرمق الأخير، مثل غول الطفولة.

- وحنان الشيخ في تجربتها الروائية تكشف للعين المستور وتترك العين ترى والعقل يحلل... والخيال يحلق.

- حكاية زهرة حكاية تعصر، بصدقها عصراً.

-ايقاع لغتها سريع، والمشهد عندها يطوى بسرعة، بحيث لا تترك فرصة للقارئ ليتململ.

ايوب صابر 05-16-2014 02:32 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 52- حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان


Hanan al-Shaykh's literature follows in the footsteps of contemporaryArab women authors like Nawal El Saadawi in that it explicitly challenges the roles of women in the traditional social structures of the Arab Middle East.
Her work is heavily influenced by the patriarchal controls that were
placed on her by not only her father and brother, but within traditional neighborhood in which she was raised.

As a result, her work is a manifestation of a social commentary on the status of women in the Arab-Muslim world. She challenges notions of sexuality, obedience, modesty, and familiar relations in her work.

Her work often implies or states sexually explicit scenes and sexual situations which go directly against the social mores of conservative Arab society, which has led to her books being banned in the more conservative areas of the region including the Persian Gulf. In other countries, they are difficult to obtain because of censorship laws which prevent the Arabic translations from being easily accessible to the public. Specific examples include The Story of Zahra which includes abortion, divorce, sanity, illegitimacy and sexual promiscuity and Women of Sand and Myrrh which contains scenes of a lesbian hard core sexual relationships between two of the main protagonists. Arab critics also cite that al-Shaykh's work perpetuates myths and stereotypes about women's condition in the Arab World
.
In addition to her prolific writing on the condition of Arab women and her literary social criticism, she is also part of a group of authors writing about the Lebanese Civil War. Many literary critics cite that her literature is not only about the condition of women, but is also a human manifestation of Lebanon during the civil war.
Scholars cite notions of the nation possessing a female identity and woman standing for nation in not only al-Shaykh's literature, but also in the works of her contemporaries including Evelyne Accad[citation needed].

أمة الله الواحد 05-18-2014 12:09 AM

’،

شكر وتقدير لهذا الجهد المخلص ، والدراسة الدؤوب

حُفظت صفحتكم في المفضلة لتكرار العودة

شكرا لكم أستاذ أيوب صابر


..

ايوب صابر 05-18-2014 04:20 PM

جزيل الشكر والتقدير امة الله الواحد على هذاالثناء والمرور . عسى ان يستفيد اكبر عدد من هواة الكتابة السردية من هذا الجهد من خلال التعرف على اسرار الاعمال الرائعة والعناصر التي تشكل تلك الروعة من واقع ما احتوت عليه افضل 100 رواية عربية حسب قائمة اتحاد الكتاب العرب والتي يبدو انها تغطي روايات الاعضاء المنتسبين للاتحاد فقط لأننا قد نجد خارج هذه القائمة روايات اروع لكنها لم تدخل القائمة المذكورة.
*

ايوب صابر 05-19-2014 03:19 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 52- حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان


- تنقسم رواية حنان الشيخ "حكايةزهرة" ، إلى قسمين ، يحمل القسم الأول عنوان ‘نُدوب السلام ونجد فيه زهرة ، الشخصية الأنثى المركزية ، وقد جرت التضحية بها بصمت ، من البنية الأبوية بمختلف مظاهرها البشعة . ويحمل القسم الثاني عنوانا فرعيا*: ‘ تيارات الحرب الجارفة ’ نرى فيه زهرة شخصا مختلفة تماما ، مستعدة للقيام بأي عمل من أجل وقف الحرب ، حتى إن وصل الأمر إلى إقامة علاقة مع قنَاص ، رمز الحرب الأبوية ، وانتهت بموتها المأساوي .

- تصوّر حنان الشيخ الكيفية التي تواصل بها زهرة مقاومة النظام الأبوي القهري , من خلال الالتجاء إلى مكان تحتمي به في صمت ، كما رأينا ذلك في القسم الأول من الرواية. إذ أصبح الحمّام ملاذها الآمن الوحيد من المجتمع الخانق الذي تعيش فيه. فزهرة, مثلاًّ, تحبس نفسها في الحمّام , سواء أكان ذلك في بيروت أم في أفريقيا , حيثما واجهت ضغوطاً نفسية وذهنية, فُرضت عليها من الوالد المستبّد , ومن خالها , وزوجها. فبالنسبه لخالها الذي يعيش في المنفى في أفريقيا , جاءت اليه فكرته المثالية عن وطنه الأم لبنان, في شكل زهرة. ونجد أن وصول زهرة إلى بلد المنفى لخالها يمثل " الصّله المباشره , التي هي أكثر ما يفتقده , فتعلّق بها بكل كيانه منذ البداية ". ويُلمَس ذلك من الطريقة التي اعطى بها سريره لزهرة ، بينما هو نام على الأريكة... وكيف كان يأتي لإيقاظها كل صباح . كان يُبدي اهتماماً شديداَ بها وغالبا ما كان يغازلها بطريقة تزعجها كثيراً ، ما أعاد اليها كل الذكريات المؤلمة من ماضيها .

-و توّد زهرة لو تكسر صمتها الخاص و تفصح عما يدور حقّا بخلدها . خالي ، هّلا قلت لي لماذا تمدّدت بجانبي . آه*! ليتني تمكنّت من لفظ هذه الكلمات*! خالي ، ليتك تستطيع سماع دقات قلبي ،وليتك تستطيع رؤية الاشمئزاز والغضب المتراكمين في روحي ، ويا ليتك تعرف حقيقة مشاعري . إنني افقد سلامة عقلي ، ومنزعجة من نفسي ، و اكرهها لأنني لازمة الصمت . فمتى ستصرخ روحي مثل امرأة مستكينة لحب مخلص ؟"

-تكشف هذه الكلمات عن الذات الدخلية لزهرة , وعن بحثها اليائس عن هويتها الذاتية . لكنها بدلاً من التعبير عن غضبها من خالها , تنسحب الى الصمت في الحمّام ."ذهبت الى الحمّام وسمعت نفسي تفكّر بأن لا انفصال عنك أيها الحمّام . فأنت الشيء الوحيد الذي أحببته في أفريقيا ... أنت والأواني المنزلية الكهربائية المركونة على الرّفوف ".

- تحاول حنان الشيخ أن تدمَر الفكرة الأبوية عن الحرب , بإلقاء ضوء عن مشاركة المرأة لوضع حدّ لها. فنحن نرى , مثلاً , أن زهرة لم تعد حبيسة السلامة في الحمّام , بل إنها , بدلاً من ذلك ," تجد أنها قادرة على أن تسكن أماكن أخرى , وتنتقل إلى ما هو أبعد من نمط الحياة الضيّق لوالدتها . ففي حين جَبُن اّّّّّّّّّّخرون من الخوف , اندفعت زهرة الى خضم الاضطراب" . لقد أعادتها الحرب بقوة إلى الحياة , وأجبرتها على القيام بعمل . فتطوعت لفترة قصيرة في أحد أجنحة المصابين , ما وفّر لها رؤية أعمق لشناعة وقائع الحرب . " ترى هل يزور زعماء الحرب هذه المستشفيات ؟ وهل إذا زاروها ساعة , ثم غادروها , استطاعوا أن يحيوا بقية يومهم يندمجون بعمل شيء اّّّّّّّّخر غير التفكيرفي القدم المقطوعة , والعين التي أصبحت سائلاً , واليد التي خارت أصابعها وبقيت يداً وحيدة مستسلمة ؟ لماذا لا يقف زعيم ما , عند سماعه للأنين , ويُقسِم بأن يوقف الحرب ويصرخ, الحرب انتهت , سأنهي الحرب*! لا قضية سنفوز بها إذا ما أكملت الحرب حربها , أي قضية لن تكون أهمّ من قضية الإنسان وروحه وسلامته . سأنهي الحرب ابتداءً من هذه اللحظه".

- تحاول زهرة فهم الأسباب الحقيقية للحرب , وما هي جداولها , وكذلك الحاجة الماسة للعمل لإيقاف هذا الجنون المطبق .

- وما من شك في أن تأملاتها , في هذه الحرب الوحشية , تطرح أسئلة هامة عن دور المرأة في إيقافها , وعن الاستراتيجيات الواجب تبنّيها في هذا الخصوص .

- وتحاول زهرة , في محاولاتها المستمرة لوقف الحرب , أن تمنع إطلاق النار على الأشخاص الذين اُسِروا من الجانب المسيحي, بالطلب إلى رجال الميليشيات الذين تعرفهم بإطلاق سراحهم . غير أن والديها , الخائفين على حياتها , يشدّانها ويعيدانها الى البيت حيث تقعد باكية*:"

- الحرب تضع كل حقيقة من حقائق الحياة محلّ تساؤل . فزهرة ووالدتها تتشبّثان ببعضهما خلال النوبات المتتالية لقتال الشوارع فيما بين الفصائل اللبنانية , ما جعل زهرة تلتصق بوالدتها ثانية , مثل " البرتقالة والصُرّة*:"

- قرّبت الحرب البنت ووالدتها من بعضهما أكثر من ذي قبل , كونهما مروّعتين من وجهها البربري .

- تقّوض حنان الشيخ الفكرة الذكرية للحرب بالكشف عن جانبها القبيح والتعريض به , وكيف أن هذه الحرب تلحق الضرر بالنسيج الاجتماعي على نحو كارثي .

- زهرة متمكنة من انتقاد انهيار القيم الأخلاقية , وتنأى بنفسها عن النظام الأبوي كي تتمكن من تطوير قيم السلام والتسامح والمساواة . وهي مدركة بأن تلك الحرب نشاط ذكري , وأن النساء هن الضحيّة النهائية لأحوالها .


-
- قد يُرى إلى موت زهرة المأساوي , في نهاية الرواية , دليلاً على أن الحرب لم تنظف القوى الأبوية التقليدية التي تجيز شرعاً كل ما يضطهد المرأة , " رغم أن الحرب حرقت معها مقاييس الغنى والفقر , الجمال والبشاعة " . ولعل هذا هو السبب الذي جعل حنان الشيخ تموضع اللقاءات الجنسية بين زهرة والقناص في سلالم بناية مهجورة " – ما يشير إلى عقم هذه العلاقة و عدم جدواها ، والمقدَر لها أن تقتل أي أمل بحياة جديدة .
3. الخلاصة

- ختاما ، كانت هرة ضحية كل من الأبوية والحرب . فزهرة تسقط أمام البنى الهيكلية الأبوية ذاتها ، متمثلة الآن في شكل القناص ، التي سبَبت لها الآلام في شبابها . وقد أخطأت زهرة التفكير بأن الحرب – بالرغم من جانبها القبيح- قد تكون بداية جديدة تدشَن فيها حياة صحية و اعتيادية . في رواية "حكاية زهرة" ،

- أكدت حنان الشيخ على حديث بارز القوة للمرأة . ويلمس ذلك من خلال حياة زهرة ، ابتداء من صمتها حتى سعيها الحازم من أجل القيام بعمل ذي قيمة ، وبعيد كل البعد عن الانتماء السياسي المحدود ، وبهدف وضع حد لهذه الحرب الهمجية .

- وتسجل حكاية " رواية زهرة" رفض المرأة لخطاب الحرب ، وللأبوية التي تولدَها . زهرة تنبذ ، كامرأة مضطهدة فرض عليها الصَمت ، هذه القيود وتشدَد على حقها في الإفصاح عن معارضتها للنظام الأبوي المستبد . وفي هذا الخصوص ، تقول العقاد إنه " ينبغي على النساء والرجال العمل معا نحو وطنية مقوَمة ، مجردة من شوفينيه المذكَر ، ومن الحرب والعنف .

ايوب صابر 05-19-2014 10:35 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم - 52- حكاية زهرة حنان الشيخ لبنان


- حنان الشيخ تحكي أزمة المرأة العربية في «حكاية زهرة وهذه المحاولة كانت في رواية «حكاية زهرة» الصادرة عن دار الآداب في طبعتها الثانية، من خلال مكانين متباعدين، وأزمنة متداخلة متقاربة، بين مكان الولادة .

- وهنا كانت الكاتبة ترمي من ذلك إبراز أزمة الإنسان العربي الحالم بالزواج الذي يكشف له عذرية زوجته، فهذه زهرة بعد ما أرادت التخلص من معاملة خالها لها غير الراضية عنها فكرت في الزواج من ماجد الذي يكتشف فض بكارتها قبل الزواج من دون أن يعرف الشخص الذي أقدم على هذا الفض.

- ومن خلال هذه الأزمات تبرز الروائية أهمية الإنسان في الغربة وكيفية بناء العلاقات الإنسانية مع الآخر، أو العلاقات التي تسهم في بقائه في بلد المهجر، أو العلاقات التي تسد جزءاً من شغفه الجنسي وتعطشه الشهواني الموقت، مما يقع الإنسان من دون أن يعي في بعض الأمراض الجنسية أو النفسية أو العصبية.

- وإذا كانت الأزمات تتكالب على الإنسان العربي من خلال العلاقات المتعددة في طبيعة الحياة، فالكاتبة وقفت في القسم الثاني على الحرب الأهلية اللبنانية، لتكشف عن سوء استخدام السلاح، ودور الأحزاب وتعددها، ورغبة الناس في الهروب أو الهجرة أو البقاء في ظل الهدوء والسكينة،

- هذه الحرب التي صورتها الكاتبة، وصورتها المحطات المتلفزة والصحف المقروءة وكأنها أفعى تأكل وتلتهم ما تراه أمامها، فهي الحرب والدمار والموت والحزن وقتل البسمة التي كانت ترتسم على شفاه الأطفال.

-وهنا تأتي الأزمة واضحة في قراءة واقع الحرب وكيفية التخلص منها، إذ تصور الكاتبة هذه الأزمة على لسان زهرة التي ما عادت تطيق الحياة في ظل هذه الأوضاع « كنا نفكر ونقول، بل الجميع يفكر ويقول عندما يتسلم كرامي رئاسة الوزراء سوف تنتهي الحرب، عندما يتراجع كمال جنبلاط عن طلبه تأديب الكتائب ستنتهي الحرب، عندما يتنازل رئيس الجمهورية عن منصبه سوف تنتهي الحرب ص 156».

- حاولت الروائية حنان الشيخ أن تجعل الفتاة اللبنانية أنموذجاً لأزمة الفتاة العربية التي تعاني جبروت العادات والتقاليد والنظرة الذئبية من قبل الرجل، هذا الرجل الذي لا يعرف من المرأة إلا مدى ما تقدمه من لذة جنسية وجسدية له، أليس هناك حبيب لأم زهرة، وهناك مالك الذي مارس مع زهرة من دون أن يتزوجها، وهناك ماجد الذي يرى عفاف المرأة وكرامتها في بكارتها، وكأن هذا الغشاء الرقيق هو عنوان المرأة العذراء، أليست زهرة التي أجهضت أصلحت هذا الغشاء، بمعنى أن الغشاء ليس دليلاً على العفة والشرف، ألم يقل الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري «أترى العفاف مقاس أقمشة... ظلمت إذاً عفافا... هو في الضمائر... لا يخط ولا يقاس ولا يكافا... من لم يخف حكم الضمير... فمن سواه لن يخافا».

- كما ان زهرة التي أخذت صورة الفتاة العربية، هي أيضاً لبنان، فالاثنتان اغتصبتا من قبل الآخر/ المسيطر، الذي يملك الكثير لأجل الحصول، زهرة التي هجرت لبنان، هي لبنان التي لم تعد تعرف أهلها في الحرب، ولم يعد أهلها يعرفها لما يقومون به من قتل وقنص ودمار، فالكل بات غريباً عن الآخر، زهرة التي تشظت بين لبنان بلد المولد والمنشأ، وأفريقيا بلد الغربة والهجرة والزواج، والتي تشظت بين الواقع المرير وما تحلم به كل بنت، بين الجمال التي تراه لبنان في فتياتها وبين البثور التي نثرت على وجه زهرة،

- وتقول «وها أنا أصبحت كلبوه جرحت جروحاً طفيفة في كل أنحاء جسمها. ثم لبوه جرحت جروحاً عميقة في قلبها ص 154»، وكذلك لبنان هو أيضاً كان مجروحاً من أهله وناسه، مجروحاً في بنيته التحتية، في تكوينه النفسي والاجتماعي.


الساعة الآن 01:38 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team