منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 01-04-2014 01:39 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 42- باب الشمس إلياس خوري لبنان


- لقد تمثلت استراتيجية الياس خوريفي "باب الشمس"، بجعل الحكايات تنداح في دوائر (ولنتذكر كلام د. خليل عن الحكاياتالتي يزيحها من حوله ليتمكن من الرؤية والفهم)، في عدم السماح لأية حكاية منالحكايات بتبوء مركز الصدارة في السرد.

- وعلى الرغم من أن حكاية يونس ونهيلة تشكلالحكاية الإطارية في العمل فانها لا تتفوق على الحكايات الأخرى من حيث مركزيتها،وهي مثلها مثل حكايات د. خليل وأمه وجدته، وأم حسن ودنيا وعدنان أبو عودة وشمسوأهالي الغابسية والكويكات..الخ،

- تنويع على الحكايات التي لا عد لها لفلسطينيينتشردوا وعذبوا وماتوا وأصبحوا بلا مستقبل، وهم لذلك يعيشون في الحكاية وللحكاية،يجترون ماضيهم ويسقون صورته ماء (كما كانت تفعل جدة د.خليل اذ تسقي صورة والدهالميت بالملعقة على جدار بيتها في شاتيلا) عل ذلك لماضي ينهض من جديد ويحتلالحاضر.

- قام الياس خوري بتذويب حكاية يونس في حكايات لآخرين عبر عمليةالتقطيع التي خلصت الرواية من لإملال وجعلت القاريء ينشد الى خيوط الحكاية لتي لاتكتمل إلا بموت يونس الأسري في نهاية "باب الشمس" بعيدا عن أرضه وأبنائه وأحفاده.

- يستخدم الكاتب حكايات سمعها من عشرات من أهالي مخيمات برجالبراجنة وشاتيلا ومار الياس وعين الحلوة، كما يعود الى الوثائق التاريخية والكتبوالمقالات التي تروي تاريخ فلسطين وتسجل وقائع الزمان الفلسطيني الحديث.

ايوب صابر 01-05-2014 01:15 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 42- باب الشمس إلياس خوريلبنان


- اعتبر بعض النقاد رواية باب الشمس نقلة نوعية كبرى في الحقل الروائي بأسره في حين اعتبرها الكاتب نفسه المنعطف الأكبر في تاريخه الروائي.

- تلك الرواية التي بناها من مجموعة حكايات متجاورة ومتقاطعة تشدنا إلى مأساة الواقع الفلسطيني، وعنف التاريخ الذي كتب حكاية الفلسطيني بحروف من دم، إنها حكاية فلسطين الكبرى، التي تتناسل منها عشرات الحكايات.

- لكن المهم في هذه الرواية ليس هذا التاريخ وأحداثه وحسب -كما تشير الباحثة-، بل الأسلوب الروائي، وطريقة سرد الحكايات التي يتوالد بعضها من بعض، والنصوص الحاضرة فيها والغائبة، التي تغري بدراستها وتبيان دورها في تشكيل المعنى العام للرواية.

- "باب الشمس" خاضت غمار التجريب الذي أتاح لها تأسيس نفسها ضمن قوانين التناص، فهي لم تكن ذاتا مستقلة أو مادة موحدة، بل كانت سلسلة من العلاقات مع نصوص أخرى قادمة ومقتبسة من أجناس أدبية مختلفة ومن حقول ثقافية متنوعة، لكل جنس نظامه وبنيته وشفراته الخاصة، التي تختلف بها عن الآخر. لكن رغم ذلك بقي النص الروائي هو الفضاء الذي تحاورت فيه تلك النصوص. وبهذا غدت "باب الشمس" حوار نصوص وأجناس ولغات، ترجعنا بطريقة مختلفة إلى بحر لانهائي هو ( المكتوب من قبل، محققة قول باختين "لا خطاب خارج خطاب الآخر".

ايوب صابر 01-06-2014 01:02 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 42- باب الشمس إلياس خوري لبنان

- يعتقد البعض ان سر الروعة يكمن في نضج تجربة الروائي وسيطرته على أدواته؟

- والبعض الاخر يعتقد ان السر يكمن في مضنونها الذي يقارب مأساة الواقع الفلسطيني، وحكاية فلسطين الكبرى التي تتناسل منها عشرات الحكايات؟!
- ويعتقد البعض الاخر أن الشهرة التي حظيت بها رواية "باب الشمس" ليست مرتبطة بمضمونها، ومقاربتها لتاريخ النكبة الفلسطينية فحسب، على أهمية هذه المسألة، بل ترتبط أيضاً بقيمتها الفنية والأسلوبية، بشهادة بعض نقّاد الأدب، حيث اعتبرها البعض "نقلة نوعية في الحقل الروائي بأسره" واعتبرها الكاتب ذاته "المنعطف الأكبر في تاريخه الروائي".

- فهي على صعيد المعمار الفني تنهض على بناء مجموعة حكايات متجاورة ومتقاطعة، تشدّنا إلى مأساة الواقع الفلسطيني، وعنف التاريخ الذي كتب حكاية الفلسطيني بحروف من الدم الذي سال بغزارة وما زال، عبر تاريخ هذه المأساة.

- بيد أن المهم ليس التاريخ وأحداثه فحسب، بل الأسلوب الفني الذي اعتمده الكاتب ويمكن تلخيصه بـ
1. تعدّد الرواة.
2. تداخل الحكايات.
3. التكرار.
4. أسلوب النفي.
5. التشابه بين السارد والراوئي.
6. اللعب الروائي.
7. انشطار الذات.
8. تداخل ضمائر السرد...الخ.

- مثلاً استخدام تقنية تعدّد الرواة أو الأصوات..داخل الرواية، سمحت للكاتب بتوزيع الحقائق التي يرغب بمقاربتها، والشغل عليها بشكلٍ مراوغ، الأمر الذي أتاح له أن يجعل فن القص شكلاً من أشكال البوح غير المباشر أو الفج، وبالتالي فتح الفضاء الروائي أمام إشباع أخلاقية القارئ بإسناد القص إلى عملية التخييل لا إلى الواقع،

- كما سمح بتقويض سلطة الراوي العليم، العارف بكل الأحداث بشكلٍ مسبق.

- من جهة أخرى فرضت تقنية الرواية وطريقة بنائها على الكاتب استخدامه تداخل الحكايات والتكرار بهدف تشكيك القارئ في الواقع، أو في المحتوى الحقيقي لحدث بعينه، والتكرار على مستوى اللفظة، أو الجملة، جاء لتنمية الثراء الإيقاعي للرواية، وليشكّل نوعاً من الترابط بين حلقاتها، أو كلازمة سردية تمهّد للانتقال من محور إلى آخر، أو كأداة للتذكير بماضي الشخصية (يونس، نهيلة، خليل، شمس...)

- هذا الأسلوب الفني الذي اتبعه إلياس خوري، مكّنه من تحقيق الوعي بواقع الحكاية التي يرويها، دون الإدّعاء بكتابتها، وذلك من خلال توليد الالتباس بين الحقيقي والمتخيّل، والتشابه بين السارد والروائي، لأن ثمة أفكار وآراء يكررها السارد، حتى يبدو مختلفاً بين حكاية وأخرى، الأمر الذي يؤكد أن الكاتب تؤرقه على طول الخط فكرة القص والسرد، إذ على الرغم من بساطة سارديه، واختلاف مستوياتهم التعليمية كانوا ينطقون بما ينطق به الكاتب نفسه، ومن الطبيعي أن الغاية من وراء ذلك، رغبة الكاتب في أن يبثّ بعض آرائه ومفاهيمه، من خلال تخفيه خلف شخصياته الروائية.

- كذلك يمكن القول: أن "اللعب الروائي وانشطار الذات" يشكّلان مظهرين أسلوبيين لافتين في رواية "باب الشمس" وهدف الكاتب من وراء ذلك الكشف عن التناقض بين العالم الداخل والخارجي لشخصياته الروائية.

- اشتغل بعض النقّاد على مسألة التناص في رواية "باب الشمس" مع نصوص أخرى مقتبسة من أجناس أدبية مختلفة، ومن حقول ثقافية متنوعة، وهذا ما أضاف لنصّه الكثير من الثراء الأدبي والمعرفي، إذ لكل جنس نظامه وبنيته وشيفراته الخاصة، وخوض "باب الشمس" غمار التجريب أتاح لها تأسيس نفسها ضمن قوانين التناص كما تقول الباحثة أمل أبو حنيش "فهي لم تكن ذاتاً مستقلة، أو مادة موحّدة، بل كانت سلسلة من العلاقات مع نصوص أخرى... وبالتالي غدت حوار نصوص وأجناس ولغات"

- يقول الياس خوري: استغرقت مني كتابة رواية باب الشمس سبع سنوات... كنت خلالها أقعد أنا ويونس ونهيلة وخليل وشمس...أرّخت لنكبة فلسطين، ولم أؤرّخ للحرب اللبنانية... أنا كتبت بالحرب وليس عن الحرب..

- وبالتالي أمام هذه الغزارة البحثية والمعرفية والتقنية والإبداعية تطمح باب الشمس إلى خلق خطاب جديد قائم على المغايرة للخطابات السردية ذات الحبكة التقليدية، والكتابات ذات الصبغة الوثائقية المباشرة، الملتزمة بالتراتبية الزمنية، وقد نجحت في تحقيق طموحاتها تلك.

- تقتضي الموضوعية الإشارة إلى أن أسلوب إلياس خوري في معظم رواياته متسق، ويصعب الفصل على مستوى المعمار الأسلوبي بين نصوصه الروائية، إلا أن "باب الشمس"، كانت المنعطف الأهم بينها.

- وبالتأكيد لعب مضمونها في مقاربة المأساة الفلسطينية دوراً مهماً في هذا الزخم والضوء الذي حظيت به، دون أن يعني ذلك، بأي حال من الأحوال التقليل من أهمية أسلوبها وبنائها الفني، أو التقليل من أهمية نصوصه الروائية الأخرى، وإن حظيت باب الشمس دون غيرها بالقسط الأهم من الشهرة والأضواء.

- وقد أضاف دون شك، الناشطون الفلسطينيون والدوليون في بنائهم لقرية "باب الشمس" قيمة رمزية ودلالية ونضالية وإنسانية جديدة ومضيئة لهذه الرواية، حيث بات الواقع يتماهى مع التخييل الروائي، وبات الخيال الروائي وكأنه يمتزج بالواقع، وهذا أقصى ما يمكن أن يحلم به أي مبدع، أو كاتب روائي حينما يشهد هذا الإلهام الذي بعثه نصّه في نفوس أجيال من المناضلين، حيث يغدو الواقع خيالاً ..والخيال واقعاً!

ايوب صابر 01-13-2014 11:33 AM

العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم-43- الحي اللاتيني سهيل ادريس لبنان


- في روايته هذه استطاع "سهيل إدريس" أن يجعل النفس الإنسانية مسرحاً لصراع بين بيروت وباريس، بين الشرق والغرب، الشرق بأديانه وأخلاقه وتقاليده وصموده ورغبته في التحرر، والغرب بحريته وتقدمه وثقافته ونزعته الاستعمارية أيضاً.

- إن عنوان الرواية هو الحي اللاتيني، وهو عنوان كلاسيكي صيغ في تركيب وصفي اسمي، خبره المتن الروائي ككل.

- ويشير العنوان إلى المكون المكاني الذي تجري فيه الأحداث الرئيسة في الرواية.

- والحي اللاتيني حي الطلبة الذين يأتون إلى فرنسا من كل أصقاع العالم لطلب العلم ومتابعة الدراسات العليا الجامعية قصد تحضير شهادة الليسانس أو الدكتوراه, ويحاذي هذا الفضاء العلمي جامعة السوربون بباريس.

- كما أن هذا المكان يأوي الطلبة المغتربين بفنادقه ومطاعمه ويتحول إلى أندية للنقاش السياسي والاجتماعي والفكري أو ملتقى إنساني وحضاري متنوع لتعدد مشارب الطلبة على المستوى اللغوي والعقائدي، وفضاء رومانسي وغرامي يؤثث العلاقات بين الجنسين، كما يشكل صورة واضحة للعلاقة بين الشرق والغرب.

- يمكن إدراج هذه الرواية ضمن الرواية الحضارية التي تصور العلاقة الجدلية بين الشرق والغرب أو بين الشمال والجنوب.

- أي أن الرواية الحضارية هي التي تصورالعلاقة بين الأنا والآخر أو اللقاء الحضاري بين الشرق بعاداته ودياناته ومعطياته الروحية وبين الغرب بمعطياته المادية والعلمية والتكنولوجية.

- وقد تكون هذه العلاقة بين الأنا والآخر علاقة إيجابية قائمة على التواصل والتعايش والحوار والتكامل والأخوة والاحترام، وقد تكون العلاقة مبنية على الصراع الجدلي والعدوان والكراهية والصدام.

- والحي اللاتيني رواية من هذه الروايات الحضارية التي تعقد مقارنة حضارية بين الشرق والغرب.

- كما يمكن اعتبارها كذلك سيرة ذاتية للمؤلف الدكتور سهيل إدريس لتطابق أحداث الرواية مع سيرة الكاتب من الناحية العلمية والاجتماعية والهوية الثقافية والأدبية...

- ويمكن اعتبارها سيرة ذهنية على غرار سيرة عبد الله العروي أوراق والأيام لطه حسين وحياتي لأحمد أمين... ما دامت تركز على المعطى العلمي والثقافي وما حصله البطل من شواهد علمية وما قرأه من كتب وما قام به من علاقاتغرامية وثقافية وإنسانية.

نزهة الفلاح 01-14-2014 05:05 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 168356)
اشكرك استاذه نزهة الفلاح

املي ان يستفيد من هذه الدراسة المعمقة الشباب الطامح لكتابة نثرية متميزة فلا شك ان التعرف على اساليب الكتابة لدى اصحاب اعظم 100 رواية عربية يكون له دور مهم في عملية التحفيز وامتلاك ادوات الكتابة الرائعة؟

أكيد أستاذي الكريم، هو حقا كنز لمن يطمح للإبداع والتفوق والتميز في المجال
جزاك الله كل خير وتقبل منك

ايوب صابر 01-15-2014 09:15 AM

اشكرك استاذه نزهة الفلاح

هذا هو الامل..نريد ان نصل من خلال ما نتعلمه من منابر الى العالمية في التأليف.

ايوب صابر 01-15-2014 09:19 AM

تابع... العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم-43- الحي اللاتيني سهيل ادريس لبنان

- للحي اللاتيني معمار روائي يذكرنا بالأبحاث الأكاديمية والرسائل والأطروحات الجامعية، إذ قسم الكاتب روايته إلى ثلاثة أقسام وتمهيد وخاتمة على غرار المصنفات والدراسات الأدبية والنقدية والفكرية.

- وهذا المعمار كان لا يستعمل بكثرة في الإبداع سواء أكان شعرا أم رواية أم قصة.

- وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى تأثر الكاتب سهيل إدريس ببحوثه ودراساته الأدبية والنقدية والمترجمات التي كان ينجزها.

- و يتكون كل قسم من مجموعة من الفصول المرقمة دون أن يسميها فصولا. ويمكن توضيح المعمار الروائي على الطريقة التالية:
تمهيد: ثلاث صفحات تقريبا.
القسم الأول: 12 فصلا أو مبحثا قصصيا.
القسم الثاني: 11فصلا أو مبحثا روائيا أو قصصيا.
القسم الثالث: 11 فصلا أو مبحثا روائيا أوقصصيا.
الخاتمة: ثلاث صفحات تقريبا.

- يلاحظ أن الكاتب أحسن تقسيم روايته لوجود تعادل وتواز كمي بين الأقسام و بشكل نسبي بين المباحث والفصول.

- في الغلاف الخارجي الخلفي لرواية الحي اللاتيني مجموعة من الكلمات الانطباعية والآراء النقدية التي تقيم الرواية وتنقدها، وكلها تصب في تقريضها ومدح صاحبها على ما حققه من روعة فنية فيها.

- تصور هذه الرواية العلاقة بين الشرق والغرب من خلال المرأة باعتبارها هي المحك الأساسي لهذه العلاقة والرمز الإنساني الذي سيحكم على هذا التواصل الحضاري بين الأنا والآخر.

- فبطل الحي اللاتيني هو الأنا أو الشرق، وجانين مونترو هي بمثابة رمز للآخر أو الغرب.

- يبدأ الكاتب باستهلال روائي يحدد الشخصيات المحورية في الرواية: البطل وعدنان وصبحي الذين غادروا لبنان متجهين إلى فرنسا منأجل استكمال دراساتهم العليا وتحضير الدكتوراه، وكل هذا على نفقة وزارة المعارف اللبنانية.

- بيد أن الشخصية الدينامية هي شخصية البطل التي استقر بها المقام بعد وصولها إلى باريس في الحي اللاتيني لتكون قريبة من جامعة السوربون.

ايوب صابر 01-16-2014 10:07 AM

تابع... العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم-43- الحي اللاتيني سهيل ادريس لبنان

-لقد وظف الكاتب سهيل إدريس مجموعة من الشخصيات التي تتقابل فضائيا وحضاريا( الشرقالغرب)، وجنسيا( الذكورة العربية≠ الأنوثة الغربية)، ولونيا( الأسمر العربيالغربية الشقراء) لرصد التفاوت الحضاري والاختلاف الوجودي بين البيئة العربيةالمكبلة بأغلال الحرمان والمنع والكبت والشذوذ والعقد والخلفيات المسبقة والعاداتوالتقاليد المحافظة الموبوءة والبيئة الغربية التي تتسم بالتحرر والانعتاق والعلموالإقبال على الحياة ولو في ثوبها المادياللاخلاقي.

-وإذاكانت مجموعة من الروايات العربية روايات أفضية ومكانية مثل: روايات نجيب محفوظ( زقاق المدق)، وعبد الرحمن الشرقاوي( الأرض)، ومحمد عزالدين التازي( المباءة- المغارات...)، فإن رواية سهيل إدريس على الرغم من عنوانها المكاني لهي روايةالشخصية لاسيما الشخصية النموذجية( بطل الحي اللاتيني) التي تعيش مصيرا وجوديا منخلال ثنائية الحرية والمسؤولية، الحرية في إثبات وجودها والارتواء من لذات الحياةوالاستمتاع بمباهج الدنيا ومعاقرة الخمرة والإشباع الجنسي، والمسؤولية التي تكمن فيالثورة على الحرمان والتقاليد البالية والعادات المستنبتة في الشرق والرغبة فيالنضال الوطني والقومي لتحرير الإنسان العربي من موروثات التخلف وقيود الكبتوالإحجام والانطواء النفسي حتى تصبح الذات العربية قادرة على الإبداع والابتكار فيمجتمع يقدس المرأة ويحررها إلى جانب الرجل حتى تساهم في العطاء والبناء الحضاري علىغرار المرأة الغربية.

-لقد خلق الكاتب شخصية مركزية وهي البطل واستتبعها بشخصيات ثانويةتابعة لها مثل صبحي وعدنان وربيع وفؤاد وأحمد.

-تتسم هذه الشخصية بالفرديةوالتشبعبالفكر الوجودي الذي اكتسبه في جامعة السوربون لاسيما أن هذه الفترة كانت فترةالفلسفة الوجودية التي دعا إليها كل من سارتر وسيمون دوبوبفوار وألبير كامو، إذ قالسارتر: إن الإنسان في هذه الحياة كممثل يؤدي دوره ثم ينتهي وجوديا، لذلك دعا إلىحياة العبث واللاجدوى تحت شعار: افعل ما تشاء، حيث تشاء، ومتى تشاء. ( حرية الفعل،حرية المكان، حرية الزمان). كما أن فلسفة سارتر تنبني على مرتكزين أساسيين هما: الحرية والمسؤولية.

-ويلاحظ أن شخصية بطل الحي اللاتيني شخصية تعبر عن المؤلف الواقعي: الدكتور سهيل إدريس مما يعطي لهذه الرواية بعدا أطوبيوغرافيا( سيرة ذاتية)؛ لأنالكاتب يرسم هذه الشخصية حسب قناعاته وأفكاره ومبادئه التي يؤمن بها حتى تتبدى لناشخصية نموذجية ومثالية بالمقارنة مع عدنان المتعصب دينيا وصبحي المستهتر أخلاقياوربيع التونسي المتطرف في مواقفه الوطنية والسياسية وفؤاد الملتزم بالدفاع عن قضاياالوطن والأمة حيث تخلى عن عشيقته فرانسواز لاصطدام مواقفهما تجاه فرنسا وبطشهاالاستعماري.

-ويجمع فؤاد بين هموم المرأة الجنسية والهموم الثقافية والفكريةوالنضالية، بينما يظل بطل الحي اللاتيني بطلا معتدلا في أفكاره ووطنيته ومواقفهتجاه الوطن والأمة والآخر لا يتشنج ولا يتعصب كالآخرين، فلسفته الوجودية متوازنة،وهذا ما يشير غليه كذلك الدكتور إبراهيم السعافين:"

-فالشخصية المركزية هي الفكرةالمثالية، والشخصيات الأخرى إما عوامل كشف عن الشخصية المركزية وتعديل سلوكهاوتسويغ له، وإما تبع لها تدور في فلكها، وتنطق باسمها، فوق أنها تلقي الضوء عليها،وتكشف عن أبعادها.

-وشخصية بطل الحي اللاتيني قد اختارت النوع الأول من الشخصياتالثانوية حيث تبدو شخصيته قائمة على الاعتدال، فهو معتدل في فكره و معتقده، معتدلفي نزواته، معتدل في وطنيته، وحتى يلقى المؤلف الضوء على هذه القضايا، لجأ إلىتوظيف الشخصيات الثانوية التي تعد نماذج ابتدعها فكر المؤلف، لتحدد " نموذج" الشخصية المركزية.

-وأما ما نسمعه على ألسنة جانين أو فرانسواز أو غيرهما فإنهمحاولة لكشف بعد جديد من شخصية البطل، في الوقت الذي لانحس فيه بوجود هذه الشخصياتفي الواقع أو نكاد. فهي- على أي حال- شخصيات كسيحة شوهاء أشبه بنماذج لفكرة جبريةفي رأس المؤلف. الأمر الذي أدى أحيانا إلى أن تظهر النرجسية بوضوح فيما أضفتهالشخصيات الثانوية إلى الشخصية المركزية" النموذج" على نحو ما ورد في رسالة جانينالأخيرة إلى بطل الحي اللاتيني التي أشرنا إليها في حديثنا عن الأحداث والعقدة".

-وحتى على مستوى الشخصيات النسوية نجد تقابلابينها: فجانين مونترو عشيقة البطل هي شخصية نموذجية تدافع عن العرب، وتقدر الحبوالمسؤولية، وفية وصادقة في عواطفها ومبادئها، تضحي بكل ما لديها من أجل الآخرين. أما فرانسواز حبيبة فؤاد فكانت مثقفة وواعية ذوقها الفني رفيع بيد أنها كانت عنصريةتدافع عن فرنسا الاستعمارية. أما مارغريت والأخريات كمرأة الرصيف وفتاة السينما فهينماذج وجودية مستهترة وعبثية غير صادقة ووفية، فواحدة تدعي أنها شاعرة، والأخرىتسرق نقودا من البطل، وأخرى تعد ولاتفي. أما هند في الشرق فهي نموذج للمرأة العربيةالخائفة على شرفها وعفتها وجسدها ترتعد من وجود الرجل وتعطي ألف حساب للمعتقداتوالأنظمة الاجتماعية الموروثة حتى تحافظ على نفسها ووجودها بين أسرتهاومجتمعها.

-شخصية البطل أتتلتعبر عن فكر المؤلف مما جعلها تتميز بالفردية والنرجسية؛ لأن الشخصيات الأخرى كلهاتدور في فلكها وترغب في اصطحابها ومعاشرتها على الرغم من انطوائيتها وعزلتهاواحترامها لحريتها المقننة التي ترتبط بالمسؤولية. كما يمكن لنا أن نرصد مسارات فيهذه الشخصية النامية الديناميكية:
مسار الإخفاقوالعبث والملل واليأس واللاجدوى والاغتراب الذاتي والمكاني؛
مسار التحرر الوجودي عن طريق التمركز الذاتي والإشباع الجنسي والارتواءالثقافي والفني؛
مسار النقد الذاتي وتحملالمسؤولية الوجودية والوطنية والقومية.
-ويمكنكذلك أن نضع تصنيفا للشخصيات في الرواية بهذا الشكل:
شخصيات وجودية عابثة ( صبحي- عدنان- أحمد....)؛
شخصيات وجودية متوازنة( البطل، وفؤاد)؛
شخصيات محافظة ( الأم، ناهدة، هدى، الأهل فيلبنان....)؛
شخصيات نسوية زائفة( مارغريت،ليليان، فتاة الرصيف، فتاة السينما...)،
شخصياتنسوية عنصرية( فرانسواز، امرأة مطعم لوي جران التي وصفت الإنسان العربيبالمتوحش)
شخصيات إنسانية ضحية الظروف ولهاموقف: ( جانين مونترو- تيريز

-ونستغرب أن يكونبطل سهيل إدريس بدون اسم علم يحمله، إذ تركه مجهولا لتعبر عنه ملامحه وأفعالهوالقيم التي يؤمن بها.

-وما الجدوى من اسم علم في عالم يتناطح فيه الصراع ويبرز فيهالشر وتنعدم فيه الحرية .

- يقول سهيل إدريس عن بطله:" ولكن من حسن حظ بطل الحياللاتيني أن قام عشرات من الدارسين يتعاطفون معه، محللين سلوكه بين الوقائعوالأحداث، ويربطونه بوضع الإنسان العربي، المحروم المقموع، جنسيا وفكريا واجتماعيا،الذي يذهب ليلتمس الحرية في فترة من الاغتراب المؤقت، حتى إذا أاشبع هذه الرغبةالمقموعة والتي كانت تكبت معظم طاقاته الإنسانية والإبداعية، بدأ يعي ذاته ويستكملمختلف أبعادها، ويوظف طاقته في خدمة قومه الذين يعود إليهم. لقد ارتكب هذا الإنسانكثيرا من الآثام والأخطاء، لأنه كان يعتقد أن الحرية بلا ثمن. ولكنه حين أرادالتكفير عن خطئه، أثبت أنه أصبح يعي مسؤوليته وأنه مدعو لتوظيفها في خدمة قضاياهالمصيرية."

-وهكذا نخلص إلى أن شخصية البطل اللاتيني شخصية وجودية متوازنة على الرغممن تناقضاتها، وقد اهتدت في الأخير إلى خلاصها المسؤول أخلاقيا ومصيريا ووجودياووطنيا وحضاريا.

ايوب صابر 01-16-2014 02:11 PM

تابع... العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم-43- الحي اللاتيني سهيل ادريس لبنان

-نقصد بالفضاء الروائي المكان وزمانالقصة في ترابطهما الجدلي والفني والسردي. فأحداث الرواية تقترن بفضاءين متناقضين: فرنسا ولبنان، وهما يشيران إلى التفاوت الحضاري بين فضاء روحاني وفضاء مادي. فلبنانبالنسبة لبطل الحي اللاتيني فضاء الحرمان والكبت والقهر والعادات المحافظة أمافرنسا فهو فضاء التحرر والانعتاق الوجودي.

-ويبقى الحي اللاتيني هو الفضاء الأساسيفي الرواية لأبعاده التربوية والإنسانية كما أنه ملاذ للمحرومين جنسيا وعاطفيا.

-وتتقابل كذلك باريس الحرية مع بيروت التقاليد والمحافظة لتشكل شخصية البطل فيصراعها الذاتي والموضوعي.

-أما زمان القصة، فإنكان غير محدد بشكل جلي ولكن يمكن أن نموقع القصة في فترة ما بين الأربعينيات والخمسينيات لانتشار الفكر الوجودي وإقبال الشباب على كهوف سان جيرمان لإثبات وجودهمالجنسي والمصيري والتحرر من قيود العقل وأنظمة المنطق، والإشارة إلى خضوع الوطنالعربي للاستعمار.

- يتسم الوصف عند سهيل إدريس بالإيجاز والاختصار؛ والسبب في ذلك أنالرواية تنبني على الأحداث ووظائف الشخصيات مما أثر علىالوصف.

-ولقد اهتم سهيل إدريس بوصف الشخصياتفوصفها وصفا بيانيا رائعا فيه سحر أخاذ كوصفه لفتاة السينما:" واسترخى في مقعدهسعيدا كالطفل، فرحا بقرب هذه الفتاة التي يشعر بنكهة الفتوة تفيض من أردانها. كانتترتدي بنطلونا طويلا مرسلا في وحشية لذيذة، دون ما تفنن. أما وجهها، فلم ير إلاالجانب الأيمن منه: وجه طفل تبرق فيه عين زرقاء، وشفتان تلتمعان بحمرة شفافة تحييهابسمة ساذجة".

-إن هذا الوصف يعتمد فيه الكاتب على الأوصاف والنعوت والتشبيهوالاستعارات المجازية لتزيين الموصوف وتجميله.

-وقد يركز الكاتب على الوصف الخارجيالفيزيائي بطريقة موجزة ومختصرةتخالف طريقة المدرسة الواقعية التي تعتمد على التفصيل والإسهاب والإستقصاء كما عندنجيب محفوظ وعبد الكريم غلاب ومبارك ربيع:" فلم يقتنع عدنان ولم يشأ أن يمضي فيالنقاش. وما لبثوا أن طرقوا باب منزل في ضاحية " فانسين" أخذوا عنوانه من أحدالمكاتب، ففتحت لهم سيدة لا يبدو أنها تتعدى الثلاثين من عمرها، ممشوقة الجسم،سمراء الوجه، ذات سحر وإغراء. وقد استقبلتهم باسمة مرحبة وأدخلتهم غرفة مؤثثة نظيفةطلبت ثمانية آلاف فرنك أجرا شهريا لها.".

-كما وصف الكاتب الفضاء بأشيائه كوصفهلغرفة جانين بعد سأمها الوجودي وضياعها النهائي: "ويدخل، فيغلق الباب، ويراها تخلعسترتها وترمي بها على سرير منخفض صغير قائم في الزاوية. وإذ ذاك رأى ثيابها. كانتترتدي مثل اللباس الذي رآه في " برغولا". وأجال بصره في الغرفة. إنها نصف غرفتي،نصف غرفتها في " ليغران زوم". وبالقرب من السرير، كانت تقوم طاولة قصيرة القوائم. وفي الزاوية المقابلة أريكة ذات مرفقين، أتجه إليها متمهلا، فانخسفت به حيناقتعدها" .

-ويلاحظ على وصف الأشياء الإيجاز بالمقارنة مع روايات بلزاك أو فلوبير؛والسبب في ذلك يعود إلى افتقار غرفة جانين إلى الأثاث لفقرها وعوزها.

-ووصف الكاتببعض الأمكنة إيجازا واختصارا:"على أنه ما عتم أن ضاق بغرفته نفسها، فغادرها عندالغروب إلى ساحة الأوبرا وفي نيته أن يشاهد واجهات المخازن المزدانة لمناسبةالميلاد، بكل رائع فتان من المعروضات. وقد ظل ساعة ينتقل أمام الحوانيت المضاءة،حتى أسلمته قدماه إلى جادة " الشانزليزيه"، وكان قد اجتازها مرة من أدناها إلىأقصاها، فاستشعر لذلك لذة غريبة.".

-يستند الكاتب فيتقديمه للحبكة السردية إلى الرؤية من الخلف أو التبئير الصفري لاعتماد الكاتب علىضمير الغياب والراوي الواحد الموضوعي الذي تنازل إلى درجة الصفر لكسب الحياد وعدمالتدخل في الأحداث.

-وتتسم معرفة الراوي بكونها معرفة شاملة ومطلقة تتعدى ما هو خارجيعلى ما هو داخلي كأنه الإله الخفي، ويعني هذا أن السارد يتوارى وراء ضمير الغائبليقدم وجهة نظره ورؤيته للعالم والكون والإنسان.

-وإليكم مقطعا سرديا يحدد لنا هذهالرؤية المطلقة التي تدخل الرواية ضمن زمرة الروايات الكلاسيكية التقليدية:"وأغضتجانين مونترو، فأدرك هو أن نظرته المحددة قد آذتها. والحق أنه لم تكن له في ذلكحيلة، فقد كان في عينيها الزرقاوان صفاء لم يعهده في عينين قبلهما. وكان يحس، وهوينظر فيهما، أن نظراته تستحم في مياهها الدافئة، بالرغم من أنها نظرات خاطفة هاربة،بل من أجل ذلك بالذات. وقد شعر بهذا منذ التقت عيناه بعيني جانين للمرة الأولى،فكان كل همه بعد هذا النظر الهارب، ويثبته في نظره، حتى يتاح له أن يسبر أغواره. وكان الفتاة إذ أغضت، قد أدركت ذلك، فصرفت عنه هذا النظر الذي يود أن يحتفظبأسراره".

- وللسارد وظائف يقوم بها في هذا النص كوظيفة السرد والتعليق وتقديمالأحداث والتنسيق بين الشخصيات والتأثير في المتلقي من خلال الوظيفة الانفعالية،بالإضافة إلى الوظيقة الإيديولوجية التي تكمن في تقديم الفلسفة الوجودية والدفاععنها في هذا النص الروائي كأطروحة فكرية للاختبار والتمحيص.

-وظف الكاتبنسقا زمنيا كلاسيكيا متناميا ومتسلسلا في تطوره السردي والكرونولوجي المتعاقب، إذانطلق من الحاضر إلى المستقبل أو من لحظة الوصول إلى باريس إلى لحظة العودة إلىبيروت بعد حصوله على شهادة الدكتوراه كأن الزمن السردي في النص زمن دائري: بيروت- باريس- بيروت. وعلى الرغم من تسلسل الأحداث منطقيا وسببيا وكرونولوجيا فهناكانحرافات زمنية إما: إلى الماضي لاسترجاعه" فلاش باك"أثناء تذكره للبنان وناهدةوأسرته وأصدقائه وإما في استشراف للمستقبل لما ينتظره من طموح وتطلع علمي ونضالي أولقاء غرامي ورومانسي.

ايوب صابر 01-19-2014 01:15 PM

تابع... العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم-43- الحي اللاتيني سهيل ادريس لبنان

-استعمل الكاتب في صياغته الفنية لمتنهالروائي على السرد ، ولكن لم يكتف بهذه الطريقة الأحادية في التعبير بل وظف الحوارللتعبير عن مواقف الشخصيات واستنطاق وجهات نظرهم ومنظوراتهم الإيديولوجية.

-كما شغلالأسلوب غير المباشر الحر الذي يختلط فيه كلام السارد والشخصية والذي يتحول في عدةمقاطع نصية إلى منولوج أو مناجاة تعبر عن الصراع الداخلي والتمزق النفسي:"

-أما لغة الرواية السردية فهي لغة بيانية وإنشائية تذكرنا بلغة الرافعيوطه حسين والمنفلوطي، تمتاز بنصاعة التعبير وسلاسة الألفاظ والتعابير الموحيةوالصور البلاغية الرائعة في الجودة والانتقاء، كما أنها لغة شاعرية في التشخيص،ثرية في تراكيبها ومعاجمها.

-ومن حقولها الدلالية نجد: حقل السفر- حقل الذات- حقلالجنس- حقل العلم- حقل الحب- حقل النضال.

-أماالخطابات التي تتضمنها الرواية فنذكر الخطاب الفلسفي" الوجودية"، والخطاب الأدبي" الشعر العربي الحديث"، والخطاب الديني" تصورات عدنان"، والخطاب السياسي" تصوراتفؤاد"...

-وبناء على ما سلف يمكن القول: إن الحياللاتيني رواية كلاسيكية في أسلوبها وبيانية في لغتها الأدبية على غرار رواية زينبلمحمد حسين هيكل أو عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم.

-تندرج رواية الحي اللاتيني لسهيلإدريس ضمن الروايات الوجودية التي ترتكز على مقومين أساسيين وهما: الحريةوالمسؤولية.

-أي أن هذه الرواية تصور عبث الشخصيات وقلقها ومللها وتحررها من القيودالاجتماعية والأخلاقية بحثا عن ذواتهم. ولكن تبقى الحرية عند البعض فوضى واستهتارمثل: صبحي وعدنان، وعند البعض الآخر مسؤولية كفؤاد وبطل الرواية."

-إن تعبير الحياللاتيني عن الفكر الوجودي الذي التزم به المؤلف، لا تقل أهمية عن المضامين العديدةالأخرى التي ناقشتها الرواية من خلال اللقاء المتعدد الآثار بين الشرق والغرب، إنلم تكن تلك المضامين نابعة أصلا من موقف عام أملاه هذا الفكر في نظرته إلى الإنسانوالواقع وحركة الحياة.

-وهكذا كان الفكر أبرز ما يسم رواية الحي اللاتيني التي تعدبداية انفتاح المؤلف " البطل"على الفكر الغربي بصورة مباشرة، ويتضح ذلك بصورة خاصةفي قضايا المرأة والالتزام الوطني والقومي والسياسي، والمفارقة بين الموقفالثقافي والموقف الاستعماري فيالحضارة الأوربية."

ايوب صابر 01-20-2014 09:23 AM

تابع... العناصر التي صنعت الروعة في روايةرقم-43- الحي اللاتيني سهيل ادريس لبنان

- تناقشالرواية كثيرا من الظواهر الاجتماعية و الحضاريةكالتفاوت الموجود بينالشرق والغرب على مستوى العلم والثقافة والفكر والفلسفة والفن،ومعاناة العالم العربيمن التخلف والاستعمار والجهل والاستبداد السياسي والحرمانالاجتماع يوتردي القيم.

- كما تشير الرواية إلى نكبة فلسطين وضرورة النضال الوطني والقومي.

- وتشير الرواية كذلك إلى البعثات الطلابية إلىالخارج وانسياقهم وراء ملذات الحياة والتيارات الإلحادية المنحرفة والانغماس في الجنس والخمرةوالاستهتاراللاأخلاقي.

- وتعكس كذلك منظومة الزواج في العالم العربي ، واستعداد الشبابالعربي المثقف للنضالوالتضحية من أجل التحرر من الاستعمار والتخلف.

- تتميز شخصيات الرواية بالطابع الوجودي وبخاصيةالاستهتار والعبث واللاجدوى والخوف والقلق واليأس.

- تعد رواية الحي اللاتيني لسهيل إدريس روايةوجودية ذات بناء كلاسيكيولغة بيانية إنشائية شاعرية موحية مشوقة، كما أنها روايةذهنية حضارية تصورالعلاقة بين الشرق والغرب من خلال المرأة كرمز فني لتجسيد هذاالتقابل بين الرجولةوالأنوثة من خلال رؤية للعالم قوامها التصور الوجودي الذي يستندإلى الحريةوالمسؤولية.

ايوب صابر 01-23-2014 11:31 AM

العناصر التي صنعت الروعة في رواية44- عودة الروح توفيق الحكيم مصر

- يغلب على المتلقي شعور مريح بالفكاهة والخفة .

- تدور أحداث هذه الرواية في مصر بالطبعأبان فترة الاحتلال الإنجليزي لها وشخصية الرواية المحورية شاب يدعى (محسن) وهوطالب ثانوية يسكن مع أعمامه الثلاثة ، حنفي ويعمل مدرس حساب وعبده طالب كليةالهندسة وسليم ضابط البوليس الموقوف عن العمل ويقوم بخدمتهم مبروك الخادم تحت أشرافالسة زنوبة عمت محسن .

- ينقدح زناد أحداث هذه الرواية بضياع منديلاً حريري تمتلكهسنية الجارة اليافعة الساكنة مع أمها ربة البيت وأبيها الدكتور حلمي والذي كان يعملفي الجيش كطبيب ،أنشغل محسن وأعمامه بهذه الفتاة أيمى أنشغال وتباينة أحاسيسهم تجاههذه الفتاة ، وينتهي العام الدراسي ويسافر محسن الى دمنهور ، والى هنا وينتهي الجزءالأول من الرواية.

- يبد الجزء الثاني من الرواية من عربة القطار الذيأستقله محسن ليبلغ دمنهور حيث يعيش أبويه ، أمه التركية الأصل وأبوه صاحب الأرضالزراعية الواسعة وتبقى سنية وأعمامه حاضرين في ذاكرته طوال الوقت وهو يجوب الحقولويعاشر الفلاحين ويسمع أحاديثهم ومشاكلهم مع البدو الذين يقيمون على أطراف القرية .

- وتنتهي أجازة محسن ويعود الي القاهرة ، وكان أن دخلة على خط أحداث الرواية شخصية (مصطفى) وذلك اثناء غياب محسن .

- يختصرالأديب توفيق الحكيم روايته عودة الروح. حب وخيبة وفشل عاطفي يسردها الحكيم بأسلوبهالممتع الذي يجعل من الرواية كتلة أحدا ث متحركة.

- ينطق شخصياتها بعفوية ممتعة.

- يحيلها حضوراً متواجداً في ذهن القارئ ونظره وسمعه.

- يتفاعل المتلقي مع الأحداثالعاطفية منها والوطنية وذلك لبراعة القلم الذي صاغها .

- وقدرته على النفاذ إلى عمقالشخصية والحدث بآن معاً.

وصياغتها في مناخ روائي يمتع النفس ويثري الخيال.

ايوب صابر 01-25-2014 01:21 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية44- عودة الروح توفيق الحكيم مصر

- هي رواية عن عائلةمصرية تناول الكاتب محاسنها وعيوبها في بساطة يحس معها القارئ أنه يقرأ عنهاالحقيقة بعينها، ويشعر معها أن هذه العائلة هي صورة طبق الأصل لشعب بأكمله..

- إن مثلهذه الروايات تساعدنا على فهم أوضاع شعب أعاد بناء استقلاله ببطء..

- قيمتها تكمن فيتلك الصورة التي تمخضت عن خلق روح مصر الحاضرة..

- هي رواية اجتماعية واقعية بقلمكاتب كبير ترك بصمة خالدة في تاريخ الأدب العربي.

- يقول جانين بونجران في عودة الروح :" إنها ولاشك طريقة شهرزاد في حديثها ، مع سخرية دقيقةمماثلة لسخرية فولتير مؤلف كانديد !

- قصة ساحرة وياله من سحر يجتذب القارئ حتى نهاية القصة.

-في (عودةالروح) هي الشرارة التي أوقدتها الثورة المصرية.

- في هذه القصة يعمد إلي دمجتاريخ حياته في الطفولة والصبا بتاريخ مصر.

- يجمع بين الواقعية والرمزية معا على نحو جديد.

- تتجليمقدرة الحكيم الفنية في قدرته الفائقة على الإبداع وابتكار الشخصيات وتوظيفالأسطورة والتاريخ على نحو يتميز بالبراعة والإتقان.

- الرواية تكشف عن مهارة تمرس وحسناختيار للقالب الفني الذي يصب فيه إبداعه، سواء في القصة أو المسرحية.

- بالإضافة إليتنوع مستويات الحوار لديه بما يناسب كل شخصية من شخصياته، ويتفق مع مستواها الفكريوالاجتماعي؛ وهو ما يشهد بتمكنه ووعيه.

- يمتازأسلوب توفيق الحكيم بالدقة والتكثيف الشديد وحشد المعاني والدلالات والقدرة الفائقةعلي التصوير.

- يصف في جمل قليلة ما قد لا يبلغه غيره في صفحات طوال، سواء كانذلك في رواياته أو مسرحياته.

- يعتنيالحكيم عناية فائقة بدقة تصوير المشاهد، وحيوية تجسيد الحركة، ووصف الجوانبالشعورية والانفعالات النفسية بعمق وإيحاءشديدين.

- نزّله جمال عبدالناصر منزلة الأب الروحي لثورة 23يوليو، بسبب عودة الروح التي أصدرها الحكيم عام1933،ومهّد بها لظهور البطل المنتظر الذي سيحيي الأمة منرقادها.

ايوب صابر 01-26-2014 12:02 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية44- عودة الروح توفيق الحكيم مصر
- عودة الروح هي رواية للكاتب المصري توفيق الحكيم. انتهى توفيق الحكيم من كتابتها سنة 1927[1 عندما كان طالبًا في فرنسا، ونشرها سنة 1933
- كانت "عودة الروح" وليدة مجموعة عوامل أدبية وسياسية، تأثر بها الحكيم ككتّاب جيله في مصر في فترة ما بين الحربين، من أهمها ثورة 1919 التي شكلت انتصارا للفكرة القومية في المجال السياسي وبعثت في نفوس المفكرين أملا بتحقيق الشخصية المصرية.
- رواية رائعة ،خفيفة الظل و مليئة بالمشاعر ،،

- تخبرنا كيف أن الانسان يفسر ما حوله وفقاً لاماله ومخاوفه وكيف أن ألشعور بالالم يوحد بيننا ..

- أعجبني حوار الفرنسي والانجليزي

- كما أعجبني مناجاة محسن لنفسه حين فقد الأمل في حبه قائلاً : "كيف أرجع إلى ما كنت قبلاً ؟ نعم عشت من غير حب وعشت سعيداً ولكنها سعادة الأعمى الذي لم ير الجمال ولكنك فتحت عين الأعمى وجعلته يبصر وينبهر ..

- فهل تحسبه إذا أرجعته إلى ظلامه الأول مستطيعاً أن يجد سعادته الأولى ؟!"..

- أسلوب الحكيم ممتع وكلماته تقطر رقة وعذوبة
- أثار الأديب الكبير توفيق الحكيم جدلاً كبيراً بسبب مواقفه المعروفة تجاه المرأة وحرصه الشديد على المال و”التقتير” عند إنفاقه، وكل ذلك محتمل ومقبول من فيلسوف متميز هو بحق “عصفور من الشرق” وهو صاحب يوميات “نائب في الأرياف”

- إلا أن أخطر مواقفه عموماً هي تلك المتصلة بالحقبة الناصرية حيث احتفى به عبد الناصر في خمسينات القرن الماضي، واعتبر أن رائعته “عودة الروح” هي إحدى إلهامات ثورة 1952 ووسمه بأرفع النياشين،

- وظل توفيق الحكيم على عهده مع الرئيس عبد الناصر باستثناء المشاركة في بعض المشاكسات الجماعية بعد هزيمة ،1967

- وعندما رحل عبد الناصر عن عالمنا نشرت الصحف في أول أكتوبر/ تشرين الأول 1970بكائية حزينة كتبها “الحكيم” في رثاء الزعيم البطل بل خاطبه قائلاً (اغفر لي يا سيدي الرئيس فيداي ترتعشان وأنا أكتب عنك)

- وطالب بالاكتتاب من أجل إقامة تمثال لجمال عبد الناصر يوضع فوق القاعدة الضخمة التي كانت موجودة في ميدان التحرير حيث كان الملك فاروق يزمع أن يضع عليها تمثالاً لأبيه فؤاد الأول .

- ولكن المدهش حقاً هو أن توفيق الحكيم تحوّل بعد فترة قصيرة لكي يكون واحداً من ناقدي عصر عبد الناصر والرافضين لسياساته،

- وعند ذلك أصدر كتابه “عودة الوعي” على غرار “عودة الروح” منتقداً بشدة عبد الناصر وحكمه وسياسته، في وقت تعرض فيه الزعيم الراحل لحملة شرسة قلبت انتصاراته إلى هزائم وإنجازاته إلى أخطاء، فالسد العالي أفسد المناخ وأضر بخصوبة الأرض المصرية، أما تأميم قناة السويس الذي تعرضت بسببه مصر للعدوان الثلاثي، فلم يكن له مبرر أيضاً، لأن عقد امتياز القناة كان سوف ينتهي طبيعياً عام ،1969 بل وأضاف الكارهون له أيضاً أن قانون الإصلاح الزراعي قد فتت الملكية وأضر بالناتج الإجمالي للزراعة المصرية .

- رحم الله أديبنا الكبير توفيق الحكيم فلقد اقترنت عودة الروح بعودة الوعي أيضاً! .


ايوب صابر 01-27-2014 12:17 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية44- عودة الروح توفيق الحكيم مصر


- «عودة الروح» رواية تصور لك حياة بضعة أفراد بعضهم لبعض قريب، يسكنون بيتًا واحدًا، ويتربصون لجارة لهم وجار، من النوافذ أو من قهوة قبالة البيت، على نحو ما يفعل المتبطلون والفارغو القلوب

- والتصوير على العموم صادق، وأصدق ما فيه إطلاق الكاتب عليهم كلمة «الشعب» للدلالة على نوع المعايشة وحالة المخالطة، وفيهم التلميذ، وضابط البوليس الموقوف، والمدرس، والخادم المخلوط بالأسرة، والعانس الدميمة التي تفلتت منها فرص الزواج وعلَّتْ واشتاقت أن تتزوج، ولجأت إلى ضروب من (سحر) المشعوذين ولم تفدها شيئًا ولا أجدت عليها، فأما الشبان فيحبون جميعًا فتاة جار لهم، ويغلبهم عليها ويفوز بها جار آخَر.

- وقد سمى الرواية «عودة الروح» لأن مصر التي خُيِّل إلى جاهليها أنها ماتت منذ قرون نهضت «على أقدامها في يوم واحد. إنها كانت تنتظر … ابنها المعبود رمز آلامها المدفونة يُبعَث من جديد … فبُعِث هذا المعبود من صلب الفلاح (يشير إلى الثورة المصرية في سنة ١٩١٩، ويعني بالفلاح المعبود سعد باشا) كما نهض أوزوريس الذي قُتِل وأُلقِي بالصندوق الذي احتواه في اليم».

- على أنَّا نؤثر أن تخلو الرواية من هذه المعالنة بالمغازي، وهذا الكبح من المؤلف لنفسه لا يجعل الرواية أضعف أثرًا، وأحسب الأستاذ الحكيم لا يجهل ما كان من تأثير الرواية الروسية في حياة الشعب الروسي ونظام الاجتماع والحكم في بلاده، وأظنه يوافقنا على أنها كانت من الأسباب التي أفضت إلى الثورة الأخيرة هناك، وهي مع ذلك روايات لا تعدو التصوير البارع الدقيق للحياة في روسيا، ولا يتجاوزه كتَّابها إلى التعليق السياسي أو الفلسفي.

- كنت أقرأ «عودة الروح» وأحس أن قوة تدفعني إلى المضي فيها وتحبس أنفاسي وتعلقها.

- فقد أجاد الأستاذ الحكيم السرد.

- ووُفِّق في رسم الشخصيات، ولا سيما زنوبة العانس ومحسن التلميذ وسليم الضابط وحنفي أفندي المدرس والفتاة سنية.

- ومن أبرع ما له في الرواية بضعة فصول في الجزء الثاني تصف لك الفلاح المصري، وتكشف عن روحه الخاصة التي انفرد بها وتميَّزَ، وهي فصول لا ينساها من يقرؤها،

ايوب صابر 01-28-2014 09:47 AM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية44- عودة الروح توفيق الحكيم مصر


- كتب توفيق الحكيم الرواية عام 1927 والحوار فى الرواية بالعامية البسيطة وتحتوى على قدر كبير من السخرية والفكاهة ووصف الحياة في مصر فى تلك الفترة ما قبل واثناء ثورة 1919 وترابط جميع افراد الشعب واحلامهم بالحرية والأستقلال .

- فى عودة الروح تجد نفسك تعيش فى تلك الفترة من تاريخ مصر مع محسن واعمامة افراد الشعب للتعرف علي عمق الأنسان المصري وروحه الكامنه فى صدره ..

- ابطال الرواية هم شخصيات عادية تجدها فى المجتمع المصري كثيرا ينفرد كلا منهم بشخصيته الخاصه

- محسن اصغر افراد الشعب سنا يدور محور الرواية حولة طالب فى البكالوريا يحب عيشته البسيطة مع اعمامه على الرغم من والده ثري من الاعيان وامة من اصل تركى الا انه كان يجد انجذابا ناحية أعمامة ويحب الحياة البسيطة معهم ولا يطيق فراقهم , يقع في حب سنية ولكنها لم تولي حبه اهتماما بسبب صغر سنة .

- الريس حنفى كبير البيت يعمل مدرس للحساب بمدرسة خليل اغا الابتدائية يطلقون علية لقب الرئيس شرف بينما فى المدرسة يطلق علية التلاميذ لقب حنفى افندى ابو زعيزع .. لم يتزوج بعد على الرغم من كبر سنة, هادئ البال دوما ولا يتدخل فى اى خلاف يحدث فى البيت طلبا لراحة الدماغ ويحب النوم كثيرا .

- سليم اليوزباشى فى البوليس المصرى الموقوف عن العمل لمغازلتة سيدة شامية واستخدام سلطتة في الدخول الي بيتها زعما لتفتيشه .. بارد الاعصاب ويحب المزاح ولة شاربين كبيرين يستعمل الكوزماتيك فى تثبيتهما ويحب مغازلة النساء كما يحب الاهتمام بمظهرة على الرغم من بساطة ملابسة .

- عبدة طالب فى الهندسة عصبى المزاج شديد التحمس لة صوت عال يستعملة فى المشاجرة مع الجميع ولكنة فى داخلة على قدر من الطيبة ويحب الجميع .

- زنوبة العانس تبحث عن عريس بعدما فاتها قطار الزواج لتعلل هى الأمر بعد ذلك بالبخت الأسود والنصيب, وتطمع فى الزواج من جارهم

- مصطفى راجي وهو شاب عاطل يعتمد على والدة صاحب محل المنيفاتورة فى المحلة الذى يرسل لة المال اللازم لمصاريف حياتة الهادئة حيث يقضى معظم وقتة فى الجلوس الى مقهى المعلم شحاتة المقابل للمنزل الذى يقطنون فية جميعا .

- سنية الفتاة المراهقة الجميلة على قدر من الذكاء والتى يقع فى غرامها محسن وعبدة وسليم ومصطفى لا ادرى لماذا تلاعبت بعبدة وسليم وايضا محسن ؟. ثم فى النهاية اختارت مصطفى راجى جارهم .

- وكأنما سنية هى الحرية التي التى احبوها وظلوا يبحثون جميعا عنها ويحلمون بالحصول عليها بدون جدوي وعلي الرغم من انها اصبحت لشخص آخر الا انهم لم يفقدوا الأمل وواصلوا كفاحهم فى الحياة املا فى نيل الحرية لجميع افراد الشعب

- الرواية كانت في جزئين وجدت الجزء الأول ساخرا وفكاهى

- اما الجزء الثانى فقد اضطربت العلاقة بين بيت الدكتور احمد حلمى وبين بيت الشعب وسرعان ما انقطعت تماما ليقع محسن وعبدة وسليم في اليأس وتسود الدنيا امامهم تجمعهم جميعا نفس المحنه والحزن, ولكن تبدأ الروح تعود إليهم مرة أخري مع جميع شعب مصر الذي التف حول زعيمهم سعد زغلول مع اندلاع ثورة 1919 ومشاركة جميع المصريين في الثورة بروح واحدة ضد الاحتلال البريطاني .

- تصور رواية عودة الروح قوة الإنسان المصري الدفينة, والتي قد ينسي هو نفسة وجودها بداخلة, فهو مهما طال صبرة وتحملة للآلم والمعاناه فسوف يثور ذات يوم ..

- ثورة لا يوقفها احد اذا ما اندلعت مثل ثورة 19 ,وثورة 23يوليو , واخيرا ثورة 25 يناير

- المصري ثائر بطبعة ولكنة ايضا حمول وصبور وهو لا يحب ان يستغل صبرة وتحملة في استعبادة أبدا مهما حدث .

ايوب صابر 02-09-2014 09:50 AM

وألان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينةزيد مطيع دماج اليمن


- جاءت "الرهينة"، على ما قد يؤخذ عليها، أكثر نضجاً من قصصه.

- هذه الرواية واحدة من أعمال يمنية قليلة تخطت حدود اليمن عربياً وعالمياً.

- على الصعيد العالمي ترجمت الرهينة إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية، وعلى الصعيد العربي صدرت في طبعات كثيرة، منها طبعتان عن داري الآداب والريس.

- كما صدرت في أيلول/سبتمبر 1998 ضمن مشروع كتاب في جريدة فضمن لها الإصدار الأخير انتشاراً واسعاً في الوطن العربي يتخطى صعوبات انتقال الكتاب بين الأقطار العربية، كما يتجاوز قراء الكتاب ليصل إلى شريحة أوسع من القراء هم قراء الجرائد الذين لا يقتنون الكتب إلا نادراً.

- وما يهمنا هنا أن المقرر أساساً ضمن المشروع كان إصدار قصص مختارة لدماج، كما هو مدون ضمن قائمة الكتب المختارة، ولا ندري متى ولم كان التغيير من القصص إلى الرواية، على أننا نرجح أن ذلك عائد إلى تميز رواية دماج على قصصه القصيرة.

- إذا كان عامة القراء يخلطون أحياناً بين الراوي والروائي، وهو أمر مفهوم قد يتفنن الكتاب في الإيحاء به، فإن الكتاب أنفسهم كثيراً ما يقعون في مثل هذا، فيرسمون شخصياتهم على نحو ما رأوا بأعينهم من ناحية، وعلى الصورة المثلى التي يحلمون هم بأن يكونوا عليها من ناحية ثانية. ولا يبدو لنا أن دماج كان بعيداً عن هذا وهو يرسم لنا صورة "الرهينة".

- فقد قدّمه لنا على ما ينبغي له أن يكون: بطلاً بمعنى البطولة لا بمعنى الشخصية الروائية الرئيسة فحسب. ..فهو ذكي (ينجح في مسعاه إلى الهرب)، وهو "رجل" (يحبّ فلا يقوده الحبّ إلى التنازل عن كرامته)، وهو جميل (تتغزل حفصة بجماله قائلة: أنت حالي قبل أن تكون دويداراً).

- لا نستطيع أن نصنف دماج على أنه كاتب واقعي أو ينتمي إلى المدرسة الواقعية.

- ولم يكن بالتأكيد واقعياً اشتراكياً.

- وإن تأكيد مصداقية ما يرويه من انحلال خلقي في قصور الطغمة الإمامية من مصادر تاريخية وشهادات إضافية لا يضفي عليه صفة الواقعية، وإن بدا في هذا الجانب مفرطاً في الواقعية إلى درجة تفوق المألوف كما سنرى.

- وإذا كان لا بد من تصنيفه، فهو في رأيي كان رومنسياً ثورياً في "الرهينة". ذلك أنه صور لنا الشخصية الأولى بطلاً لا عيب فيه، ولا تنال منه المصاعب والعقبات، ولا تحول دون تحقيق غايته التي رسمها، وهي الفرار.

- حضور الجنس في الرهينة بارز يتجاوز المألوف في الفن الروائي العربي. فدماج من القلائل النادرين وربما يكون الوحيد الذي تطرق إلى بعض العلاقات التي نعدها شاذة. ومن ذلك انتهاك الإنسان الذكر للحيوان، وانتهاك الذكر البالغ للذكر القاصر، وانتهاك المرأة البالغة للذكر اليافع. وقد جاء كل ذلك موظّفاً لهجاء أحوال يكون الانحراف الجنسي مظهراً صارخاً لشذوذها العام، ويكون الانتهاك الجنسي عنواناً لانتهاك كل ما هو جميل في مختلف جوانب الحياة.

- وهكذا تنطوي هذه "الواقعية السوداء الفضائحية" التي لا تبالي بخدش المشاعر ترميزاً صادماً لواقع يتجاوزها كماً ونوعاً.

- إن الجنس في الرهينة، وإن أوحى ظاهراً بِأجواء ألف ليلية، تشدّ بغرائبيتها قارئاً غربياً ناعم البال، أو قارئاً عربياً مسكوناً بحرمان حقيقي أو نفسي، لم يأت بقصد الإثارة الرخيصة، ولم يؤد إلى شيء من ذلك، بقدر ما أضفى على الأجواء ظلالاً من انعدام الإنسانية في الممارسات الإنسانية، وهو ما يرمز في الآخر إلى انعدامها المطلق في ظرف شاذ يهين الإنسان ويجرّده من شموخه.

- وإذا كان الجنس، بطبيعته الفيزيولوجية، صالحاً للترميز، مما جعله رمزاً لا يبلى للعلاقات الانتهاكية (ولا سيما - في الرواية العربية - في علاقة الـ شرق/غرب) فإن دماج، كما ألمحنا، يتفرّد بأن يقدّم انتهاك الذكر (الدويدار) رمزاً لانتهاك الشعب (مذكر)، انتهاكاً مباشراً، وليس من خلال انتهاك أنثاه على المعتاد.

- إن هذا التفرد عند دماج، ليس رغبة في التميّز المجاني، بل هو تعبير مباشر، لا يرعوي عن مواجهة الحقيقة المفجعة بأعين مفتوحة، تعمّد الكثيرون - بدوافع نبيلة مفهومة - إلى إغلاقها. وإذا استقرأنا التاريخ الحديث وجدنا هذا المسلك شائعاً في التعامل مع الأسرى من ضيوف الـ كاجي بي في أرخبيل بولاخ إلى ضيوف الديمقراطية العبرية من شيوخ حزب الله، وما هو غير معلن - لا نريد الإعلان عنه - أكثر وأفظع بكثير.

- على أن دماج في واقعيته السوداء الفضائحية لم يستطع أن يخرج عن رومنسيته الثورية التي أشرنا إليها، فهذه الرومنسية بما تنطوي عليه من بطولة استثنائية وأمل برّاق منعت رهينته هو من أن تكون ضحية لانتهاك نسائي، وجعلته في علاقة عاطفية مع الشريفة حفصة (أخت النائب، الجميلة المطلقة)، وتركت هذا الانتهاك للدويدار الحالي، كما منعته من الانتهاك الذكوري وتركته لدويدار ولي العهد (قال بتخنث واضح: أنا؟ أنا لا "أريد" منك شيئاً! الشريفة حفصة أصرّت عليّ باستدعائك. ولا أدري ماذا "تريد" منك؟ ف2)، أما انتهاك البغلة (الزعفرانة) بوصفه الأكثر دناءة فتركته للطبشي العجوز، ليكون رمزاً لاستعداد زبانية النظام لأكثر الأعمال دناءة في حق الناس.

ايوب صابر 02-10-2014 09:19 AM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن

- لقد حمل زيد ضمير الأمة في صراعها مع العبودية والتخلف، وفي سعيها إلى الحرية والتقدم.

- هذا يعني أنه سيمس أحاسيسنا ووعينا باستمرار، لأن المعركة مستمرة وإن تغيرت تسميات الأعداء.

- ولما كانت المعركة واحدة من المحيط إلى الخليج، فإن الرهينة لا تمثل للقارئ العربي حالاً فرداً معزولاً مكاناً وزماناً، بل واقعاً اجتماعياً وسياسياً متفشياً في أرجاء الوطن العربي.

- وإن نهاية الرهينة بانتقال الرهينة من مرحلة الأسير إلى مرحلة الآبق تمثل الأمل في نهاية وردية للواقع الكابوسي.

- وظني أن المكانة التي حظي بها زيد لن يزحزحها التقدم المنتظر في الرواية اليمنية، ذلك أن له فضل الريادة.

- ولأنه كتب بحرارة فائضة جعلت بعض مسلمات النقد الأدبي قليلة الفاعلية في عملية تقييمه.

- إن الأعمال الأخرى القائمة أو المقبلة، مهما بلغت من التحليل والنضج الفني، لن تستطيع أن تنسينا مواقف إنسانية تنحفر في الوجدان كدفن الدويدار الحالي وسط جو من الحزن العابر الذي انتاب الشريفات المحترمات.

- غياب المبدع الكبير زيد مطيع دماج صاحب "الرهينة" الرواية الأشهر في اليمن وفي الأقطار العربية يشكل خسارة فادحة وبخاصة للساحة الأدبية اليمنية التي تفتقر إلى المواهب الحقيقية والتي كانت قد رأت فيه واحداً من آمالها العريضة في الإبداع القصصي والروائي المعجونين بتراب الأرض والناهضين من قلب الأوجاع الإنسانية

- فقد كان زيد – وهنا تكمن الخسارة والفجيعة معاً في غيابه – الأقدر على التقاط الساخن والأهم الماضي المنقرض أو الواقع المعاش.

- كان الأقدر كذلك على المزج بين الذاتي والعام بين الواقع والمتخيل.

- وكل النقاد الذين تابعوا أعماله الإبداعية وتناولوها بالنقد يجمعون على تميزه وانفراده بامتلاك الخصائص التي تجعله يقترب مما صار يسمى بالواقعية السحرية .

- دون حاجة إلى استخدام الأساطير الخارجة عن واقع المجتمع الإنساني بهمومه ونضالاته وأخطائه وخرافاته وتوقه الدائب إلى التغلب على حالات القهر والإذلال .

ايوب صابر 02-15-2014 04:25 PM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن

- وفي العودة إلى تلك الكتابات النقدية التي تناولت أعمال زيد الإبداعية بما فيها روايته الرهينة نجد أصحابها يؤكدون بما يشبه الإجماع على حقيقة واحدة هي أنهم يقرءون اليمن في كتابات زيد ،
- وأنه نجح في تمثل المحلية التي هي أساس العالمية كما لم يحدث عند كاتب آخر في هذه البلاد ،
- وتعــد مجموعته الأولى " طاهش الحوبان " بما استعادته أقاصيصها من الماضي القريب بانوراما فنية تقبض على ناصية الزمن الذي كان لتصنعه على الورق بلحمه وشحمه بعد أن تضع عليه اللمسات الفنية اللازمة لتجعله ينبض بالحيوية والحياة ،
- وكذلك هو الحال مع مجموعته الثانية " الجسر " التي يتقدم بها خطوات نحو استكمال مقومات القص ، ويقدم فيها أنماطاً لشخوص من قاع الحياة وسطــحها .
- أما " العقرب " وهي مجموعته الثالثة فتحتشد بفيض هائل من الرموز ، لم يكن أهمها وأسطعها بطل قصة " المجنون " الذي ذهب ذات مساء إلى "جرن" القرية والناس نيام وقام بجمع محاصيل الحصاد وخلط الأكوام الصغيرة والكبيرة في كومة كبيرة ليتم توزيعها فيما بعد بين الجميع بالتساوي !!

- لقد اهتدى زيد مطيع دماج إلى أسلوب من القص فريد في نظامه يجمع في براعة فائقة بين الحكاية ذات الدلالات الشعبية القريبة من وعي القارئ وتلهفه إلى معرفة معنى الحدث وبين القص الناضج الذي تنمو معه الأحداث في إطار غرائبي مثير للدهشة
- متوسلاً إلى ذلك بأدوات تعبير تحقق المكونات الدلالية بأقل قدر من الكلمات.
- وهو في مجموعاته القصصية كما في رواياته ( لم ينشر منها حتى الآن سوى الرهينة ) يثبت أنه كان يغترف من نهر الواقع ومن صفحات الماضي القريب
- ما يجعله قادراً على أن يقدم لقارئه العربي والعالمي نماذج مدهشة من الحياة والناس تم اختيارها بعناية فائقة مصحوبة بظروفها الاجتماعية وفي إطار من التقاليد والأعراف
- التي أجاد رسمها بلغة مكثفة توجز معنى السهل الممتنع في الفن الأدبي ، وتؤكد أن السرد في الإبداع القصصي لا يعني الاسترسال والثرثرة ، ، كما ان الاستطراد والتزيد في التقصي شأن صحفي لا يمت إلى الفن الأدبي بصلة .

ايوب صابر 02-16-2014 08:51 AM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن


- وإذا كان هذا هو حال زيد في كل أعماله القصصية فان رواية الرهينة تعد – حسب نقادها – نموذجاً للتكثيف والاقتصاد في استخدام الكلام ،

- أنها تومئ ولا تقول ،

- تشير ولا تتحدث .

- ولهذا السبب – ربما – تعرضت بعد ظهورها مباشرة ، لعدد من القراءات غير البريئة منها قراءة خطيب الجامع ذلك ( الورع الفاضل ) الذي طالب بإجراء حد السكر على الكاتب لأنه أعترف في ثنايا الرواية بأنه تناول الخمرة، وقد أصر الخطيب أن الكاتب الذي كان يتحدث بلسـان بطل روايته يستحق الجلد فقد أعترف بذلك علناً والاعتراف سيد الأدلة !!، ولعل هذا الخطيب ( الفاضل ) لم يقرأ في حياته رواية واحدة ، ولم يدر بخلده أن الكاتب مجرد راوٍ لا أكثر ، وان أبطاله من ورق وليسوا من لحم ودم وإذا كانوا يعاقرون الموبقات فان الكاتب ليس مسئولاً عن تصرفاتهم وما يرتكبونه من خروج على التقاليد .

- الرواية التي حرصت كما قال أحد النقاد الأشقاء على أن تقدم فصلاً قصيراً من فصول العبث التي شهدتها اليمن ، ولذلك احتلت مكانة مرموقة بين أهم الروايات العربية على الإطلاق ،

- كما أردف أن من بين "مميزات هذا العمل الروائي الفريد" قدرته على الجمع "بين ملامح المعاش - المتخيل اليمني وبين إيماءات واختلاجات الموروث ،

- وأن رواية الرهينة ترتسم مثل شريحة عمودية لحالة عربية تتجاوز حدود اللغة والأدب والاجتماع لتعكس بمراياها الداخلية سؤال الزمن العربي الإسلامي بين الماضي والحاضر".

- ومن تحصيل الحاصل القول بأن كل قراءة سياسية للفن في أشكاله المختلفة تقتل روح هذا الفن ولا تعطي أية أهمية لما يشيعه في حياة الناس من دفء ومن انتصار لمعاني الحرية،

- وقد حملت الرهينة – شأن كل أعمال زيد الإبداعية – بعداً رمزياً وتورية مضمرة تجاه ما كان وتجاه ما هو كائن،

ايوب صابر 02-17-2014 12:59 PM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن


- رواية الرهينة التي ترجمت إلى لغتين، والتي تعالج في أحداثها زمن الإمامة اليمنية قبل ثورة 1962،
- كما أن تركيز الكاتب على فترة ما قبل الثورة اليمنية واضح في كثير من قصصه،
- حيث أنه يُعتبر "كاتبًا يمنيًا أصيلاً" بسبب اهتمامه الكبير بظلم الإمامة اليمنية
- وأيضًا لتصويره الأماكن اليمنية القديمة والتقليدية مثل "السمسرة" و"المقهاية" والأسواق الشعبية في العديد من قصصه.
- اليمن عند زيد مطيع دماج إذن "كوليس أدبي" متكرر يتحرك أمامه أبطاله القصصيون.
- وإذا دخلنا في التفاصيل فنرى أن قصص دماج التالية تندرج تحت هذا الصنف، وهي متناثرة في مجموعات طاهش الحوبان، والعقرب، والجسر: "العسكري ذبح الدجاجة"، "بياع من برط"، "ثورة بغلة"، "المجنون"، "الفتى مبخوت"، "بائعة الذرة"، "امرأة"، و"البدة".

- جاز القول إن زيد مطيع دماج يروج لحداثةٍ تُعد فيها كل شيء قديم متخلفًا، ويعتبر كل شيء جديد مرغوبًا فيه. ولا يتم تعريف هذه الحداثة، ولكن يمكن معرفة بعض ملامحها: فهي تتمثل أولاً في رأسملة اليمن: التاجر في "بياع من برط" يعتبر ثائرًا جريئًا بمجرد مزاولته مهنة التجارة، ويبدو مثاليًّا أيضًا لأن التجارة تعد هنا شيئًا مرغوبًا وحقًا من الحقوق. وفي قصة "ثورة بغلة" يُضحك على الملك الإمام لأنه بسيط ومتواضع وفقير، والأرجح أن زيد مطيع دماج كان سيصف أي حاكم آخر باحترام أكبر إذا أحاط نفسه بالكماليات والترف.

- أما في "بائعة الذرة" فنلاحظ شوقًا للبساطة ونفيًا للطمع.

- ونلاحظ أيضًا أن الراوي (والكاتب نفسه أيضًا) يميل إلى الغرب. لا يحترم الإنجازات الغربية مثل الشمسية الآلية فقط، بل يأتي بتشبيهات لا تمتّ إلى اليمن أو الشرق بصلة.

- إذن هذه الازدواجية، أي التركيز على القديم والفلكلوري واحترام أوربا في الوقت نفسه، تثبت أن المؤلف لا يهمه "العودة إلى الأصيل" رداً على هيمنة الغرب، كما هو الحال لدى كتاب عرب كثيرين، بل على العكس من ذلك: إنه معجب بالغرب.

- إذن قصص زيد مطيع دماج تسلي وتحير معاً.

- لكن تنوع أعمال زيد مطيع دماج يثبت أن هذا الكاتب اليمني لا يمكن نعته بـ"التقليدية"،

- بل أن أدبه هو هجين من مفاهيم مختلفة للابداع.

- فلا يتناقض سعيه إلى إبراز الصبغة المحلية وخلقه شبكة اجتماعية وثقافية "يمنية أصيلة" مع كونه باحثاً عن أساليب جديدة وشخصية للتعبير الأدبي.

ايوب صابر 02-18-2014 02:36 PM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن

- عندما تقرأ زيد مطيع دماج، قاصاً وروائياً، تستولي عليك الآلية السردية التي تلغي، فوراً، حالة الوهم عند القارئ باستبعاد فكرة الافتراض السردي،

- فالسرد لديه يحدث شعوراً ضاغطاً بالزمان والمكان، من حيث هما محمولان دراميان لدلالتين دراميتين،

- وهو في أغلب إنتاجه، يستجر القارئ للاندماج في الزمن المضاد من خلال شخصيات لا تحتمل التأويل،

- فهو لا يضحي بالخصائص التي تضحي تحدد هوية أبطاله الإنسانية والطبقية.. من حيث هي حيوات مقموعة، مضطهدة، هامشية، تتعرض لظلم مزدوج، ومصائر تصل بها إلى منطقة الغرابة، وتظل تحمل مرموزيتها بنفسها.

- ألا تحمل [الرهينة] حقيقتين واضحتين في آن واحد:

- واقعيتها الصارمة، التي تحمل دلالاتها الواقعية من خلال أحداثها المُدركة والمعيشية والمعروفة،

- ورمزيتها التي تشير لشعب كامل في فترة معتمة من تاريخه؟

- ألا نستطيع أن نجعل من [طاهش الحوبان] صفةً، رمزاً، مدلولاً، علامة لجماعته البشرية، وصورة لواقع حالها؟

- إن من مزايا أسلوب زيد مطيع دماج تحقيقه شوط الإحساس بالمكان والزمان ومعادلهما الاجتماعي،

- فهو لا يهيئ بديلاً للواقع،

- ولا يعطي لأبطاله أدواراً غير أدوارهم الحقيقية،

- وبذلك يخلق نوعاً من التوازن الضدي لعالمين متضادين مدفوعاً برغبة حقيقية في أن يجعل الاضطهاد أشد وقعاً بجعله علنياً،

- ولهذا رأى بعضهم في [الرهينة]، وثيقة كشف لا تتستر على القائم،

- نصاً يعري ويفضح ويفصل في المستور، الذي تتحاشاه قيم المهادنة العربية ودماثة مبدعيها الكاذبة!

- إن زيد مطيع دماج في سلوكه السردي، يغلب المعيار الخارجي، الموضوعي، التوصيفي، على المعيار الداخلي [السايكلوجي]، - على حد توصيف مندلاو – لأن الأول كاف لشحن طاقة الحدث وتعمير بنيان القص، بما هو أشد تأثيراً، لأنه بالنتيجة النهائية، تحصيل حاصل للضغوط القائمة، المتصارعة، التي تجعلنا نتقبل سلوكيات شخوص السرد من خلال معرفة أفعالها، ودوافعها، وحركتها، وتعرضها المستمر لصور من الاستغلال الروحي والجسدي، تكسب القارئ الفطن وعياً خاصاً متفرداً وتحريضياً،

- لأن المعيش لا المفترض، هو الدافع، الأساس، في تحديد الزمن الاجتماعي: سلوك الشخصيات، انفعالاتها، رغباتها المقموعة.

- وهو في تعاقبه يخلق إحساساً عادلاً بتعاطفه مع المصائر البشرية المعذبة.

- زيد مطيع دماج يكتب الماضي لا بصفته زمناً عابراً تتداعى وحداته بمقياس الوقت، بقدر ما يستعيده حاضراً ومستقبلاً، كشهادة غير تجريدية أبداً، تحمل توصيفاً لواقع حال فظيع، يستدعي أسباباً مشروعة، لتوثيقه توثيقاً جمالياً، يأخذ ما للتاريخ من دور، حيناً، وما لعلم الاجتماع والسياسة أحياناً أخرى، وفي كل ذلك، يظل نصاً إبداعياً محكوماً بقيم السرد وامتيازاته.

- زيد مطيع دماج مؤرخ المشاعر البشرية، مؤرخ المكان في ظلامة أيامه المستشرية بالعذاب الإنساني، والظلم، وفقدان شروط الوجود والسعي لفتح نوافذ البيت المهجور لهواء الحرية والإبداع والأمل.

- إن المُبْدَع المرتبط بمصير جماعته البشرية، وثائق جمالية في أرشيف القيم التي لا تموت، وإذا تسنى له مسلكية إنسانية عالية، كما تشير إلى نفسها حياة زيد مطيع دماج، تصبح وثيقة شعب، وشهادة جمالية له وعليه.

ايوب صابر 02-19-2014 09:29 AM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن


- يتساءل البعض عن السر الذي جعل الكاتب والروائي والقصصي الكبير زيد دماج يتجاوز المحلية الى العربية، والاجابة تكمن في مقدرة زيد على استيعاب الخصوصية المحلية بقدر عال من الصفاء والبساطة العميقة والنجاح في تقديم الواقع المحلي بطريقة جمالية فيها الكثير من الدقة والعمق.


- لم يحاول زيد في قصصه وفي روايته الوحيدة الرهينة ان يكون عالمياً بالمفهوم السطحي للعالمية كان يكتب عن باريس وسويسرا و السويد، ولكنه تحدث عن طاهش الحوبان، وعلى بن علي العائد من البحر، وعن سمسرة ورده، وعن عكفة الامام والمدفع الاصفر في قلعة تعز الى آخر هذه المشاهد المغمورة بمياه الواقع المحلي بكل خصائصه وتفاصيله.. ومن هنا دخل زيد العالمية من اوسع الابواب.


- وزيد يشبه في هذا المنحى الروائي الكبير نجيب محفوظ الذي قفز الى العالمية من خلال رواياته التي لم تخرج شخصياتها عن محيط مدينة القاهرة، وربما عن بعض حاراتها القديمة،


- لكنه عرف كيف يجعل القارئ يتنسم عبق ترابها وحكايات ناسها وما تضج به حياتهم من افراح واحزان ومقاومة وسلبية، وكانت النتيجة ان اوصلته تلك المحلية المفرطة في خصوصيتها الى العالمية ومنها الى جائزة نوبل.


- لم يكن النقاد ولا الصداقات او الشللية الادبية هي التي صنعت الروائي الكبير نجيب محفوظ وبالمقابل فان موهبة زيد دماج وابداعه الادبي المميز هما اللذان اخرجاه من المحلية الى العربية ومنها الى العالمية.


- كان زيد طالباً في جامعة القاهرة عندما تعرفت عليه لاول مرة، وكان قد بدا في كتابة القصة القصيرة معتمداً في موضوعاتها على ما اختزنته ذاكرته القوية من المشهد الوطني وواقع هذا المشهد الذي يشكل مادة خصبة بالغة الثراء للمبدع الموهوب الذي يعرف أين تكمن الصورة القادرة على شد انتباه القارئ عربياً كان هذا القارئ أو اجنبياً دون حاجة الى فصل الحقيقة عن الخيال ..


- ومن المؤكد ان فكرة المحلية والعالمية لم تكن واردة في ذهنه وهو يغترف من الواقع المحلي شخوصه ووقائع هذه الشخوص،


- كما انه كان ابعد ما يكون عن نقل الواقع في «فوتوغرافية» باهتة وسطحية على نحو ما كان يفعله بعض كتاب الواقعية في الاربعينيات والخمسينات من القرن العشرين


- وانما احب بلاده وفنها وصنع من مزيج الحب هذا اعمالاً ادبية اثارت كل هذا الاهتمام في الداخل والخارج ومن أناس لم يعرفوا زيداً ولم يكونوا في قائمة اصدقائه.


- منذ فترة كنت اقلب في مجلة (المصور) المصرية، وهي واحدة من المجلات التي احرص -منذ الستينات- على متابعة ما تنشره عن الادب والادباء ولفت انتباهي عنوان مقال تذكرت معه زيداً والعنوان هو (العائد من البحر) جزء من عنوان قصة معروفة من مجموعة طاهش الحوبان، وما كدت امض في القراءة حتى ادركت ان المقال عن زيد وعن قصته (علي بن علي العائد من البحر) والمقال بقلم الاديبة والاعلامية المعروفة (مرفت رجب) التي تكتب في المصور مقالاً اسبوعياً تحت عنوان ثابت (بدون احراج) وقد احتفظت بالمقال الخاص بزيد لكي يعاد نشره في ذكرى رحيله في مثل هذه الايام من ستة اعوام تبدو في غيابة ثقيلة مملة وخالية من حديثه الراقي الجذاب.


- ان سطور المقال البديع الذي كتبته الاستاذة «مرفت» تذكرني بالعشرات ممن زاروا اليمن، وفي اعماقهم رغبة جارفة الى التعرف على البلد الذي خرج منه زيد وكتب عنه اعمالاً ادبية تثير الاعجاب والانبهار والمتعة.

ايوب صابر 02-19-2014 03:04 PM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن

- مزج بين القديم و الحديث ، و بين الذاتي والعام ، وبين الواقع والمتخيل .

- احتفى بالمكان واستخرج منه ما هو مدهش وأصيل وغريب . وقد كان ذلك واضحا أشد الوضوح في سياق تحليل القصص التي تخللت الدراسة .

- اهتم بتدوين المشاعر البشرية ،وبخاصة تلك النصوص التي طرحت قضايا المرأة من زوايا مختلفة .

- انتقد البيئة اليمنية في كثير من القصص كما في قصة العسكري ذبح الدجاجة وقصة ( الهايلوكس) وقصة قف على جنب ولذلك يتمنى وضعا أفضل يتمنى أن تزول الإجراءات التعسفية ويتمنى أن يعود الناس إلى أوطانهم ، ويتمنى أن يحصل الناس على الوظائف العامة بحسب كفاءاتهم لا بحسب أعراقهم كما رأينا ذلك في قصة ( الذماري) والعائد من البحر وقصة مهاجر حقيقي وقصة (قطط الامام ) .

- ومن حيث وقوف السارد على المكان مصورا تفاصيله أو الشخصيات راسما ملامحها فالملاحظ أن في قصص دماج :
- تنبعث روائح اليمن و يندهش القارئ حالما يقرأها ؛ وساعتها يشتم من قراءة تلك القصص رائحة الأرض - تتجسد ملامح الإنسان اليمني في المكان فلا يلبث أن يعيش المتلقي الحياة البسيطة لذلك الإنسان ، ويقرأ أفكاره ومشاعره ، ويشاركه همومه وأفراحه ، وبخاصة الملامح الريفية للإنسان اليمني والمظاهر الطبيعية للأرض اليمنية بتضاريسها الوعرة ، وجبالها الشامخة ،وهضابها الواسعة .

- لقد رسم السارد تلك البيئة اليمنية في أدق تفاصيلها ، اعتمادا على منهج الواقعية في الفن ، ونتيجة لذلك فإننا نلمس ميل القصص لدى دماج - عموما - إلى هذه الواقعية .

- احتفت معظم القصص التي كتبها دماج في بداية حياته الأدبية بالقضايا الاجتماعية متجسدة في صراع اليمني مع القوى الخفية التي تظهر على شكل أساطير، أو خرافة أو معجزات أو كرامات أو خوارق عادات من أجل تعرية ذلك الواقع ، وكشفا لسوءة النظام الإمامي ، تعريضا به ،ودعوة إلى رفضه وصولا إلى التغيير الذي ينشده الكاتب .

- تجلت أهم موضوعات السرد في قضية الهجرة باعتبارها ضرورة حياتية ، وفي السلطة القائمة كقضية سياسية ، و في الإقطاع كموضوع فرض نفسه في صميم الواقع المعيش .

- موضوعات السرد تجلت في قضايا المرأة ككائن إنساني مستضعف يتعرض لأصناف التميز في كافة مناحي الحياة ، ساردا صورتها في الماضي ووضعها الحالي و طموحاتها المستقبلية . إضافة إلى قضايا المجتمع عامة بعاداته وتقاليده وتراثه وحضارته وثقافته .

- جاءت الرؤية السردية في قصص دماج مشحونة بالهاجس الوطني والهم التحرري ، فهي تجمع بين الحلم والواقع ، وتتحدث عن الصراع بين التقدم والتخلف ،إذ أنها تنهل من الواقع المعيش، وتتحدث عنه بصورة أقل ما يقال عنها أنها تتسم بالصدق الواقعي والفني .

- حملت الرؤية السردية هم هذا القروي البائس ، وتبنت وجهة نظره ؛ خصوصا في البدايات الأولى للكاتب ، غير أن الرؤية لديه لم تنحصر في إطار القروية ، بل تجاوزتها لتشمل المدنية - دون التخلي تماما عن القرية - لتعالج قضايا التقدم في المدن اليمنية .

ايوب صابر 02-20-2014 10:19 AM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن

- الرؤية السردية إضافة إلى نظرتها للماضي ، تحمل هم الحاضر المعيش ، والمستقبل المأمول

- الكاتب غالبا ما يختار لحظة الاصطدام مع الواقع المتخلف كما في العديد من القصص .
فالرؤية من الخلف على سبيل المثال جسدت صراع الشخصية السردية مع القوى الخفية المتمثلة بالخرافات والأساطير في قصص عدة منها : ( ليل الجبل) وقصة ( طاهش الحوبان ) ، وقصة ( البدة ) ، وقصة (النذر ) .

- أما الرؤية المصاحبة فجسدت صراع الشخصية السردية مع المرأة . وقد تجلى ذلك في قصة ( فتاة مدبرة) ، وقصة ( عقدة ) ، كما جسدت أيضا الإقطاع بصورته النمطية والتقليدية ، وفق ذلك طرحت موضوع ممثلي السلطة من عدة زوايا .. وقد تجلى ذلك في قصة ( ثورة بغلة ) وقصة ( فتاة مدبرة)؛ بالإضافة إلى قضايا الأمن وإشكالاته ، وقد جاء ذلك في قصة ( الهيلوكس) و قصة ( قف على جنب )، و قد التفت السارد إلى قضايا الحرية عموما ، وقضايا نظام الحكم متجسدا في نظام الإمامة ، تجلى ذلك في قصة ( ثورة بغلة ). ولقد أعطى كذلك نصيبا من السرد للنظام الجمهوري كما تجلى ذلك في قصة

- أما الرؤية من الخارج فهي وإن كانت لا تمثل ظاهرة عامة عند دماج ، لكن ذلك لا يعني غياب هذه الرؤية ؛ فالرؤية من الخارج موجودة فعلا عند دماج ، لكن نماذجها قليلة ، مقارنة بالرؤية من الخلف أو الرؤية المصاحبة . فلقد احتفى السارد من خلال الرؤية من الخارج بقضايا أكثر معاصرة ، مثل قضايا حقوق الإنسان ، و حقوق الحيوان والتي ضمنها قصة (الرمال العابرة ) من مجموعة طاهش الحوبان .

- وقد اهتم زيد كثيرا بقضايا الحرية ، والحقوق السياسية ،وموضوع الإقصاء والتهميش ،وقضايا أخرى مثل التعذيب والديمقراطية . وهذه القضايا مضمنة في قصة ( هي هتلر) وقصة ( الناسك ) وقصة (الجسر) . ومن القضايا الاجتماعية التي تطرق إليها السارد أيضا قضية حقوق الأطفال، وهي قضية أشار إليها على عجل في قصة ( الذي أضاع أمه ) ، ومن القضايا التي تطرق إليها كذلك القضية الثقافية وخصوصا الكتاب ،وقد تناوله في قصة ( رجل على الرصيف ) .

- في تجليات التصوير السردي و تقنياته: التصوير لدى دماج تقنية أصيلة فهو يعبر عن الشخصيات والأشياء بوسائل التصوير المختلفة . فالصورة الوصفية عند دماج تبدو عفوية وغير متكلفة ، ليس لأنه يستخدم الشخصية النمطية والمألوفة فحسب ، بل لأنه

- يلتقط شخصياته من بين آلاف الشخصيات التي تدب على البسيطة ، سواء أكانت ذات نموذج بشري أو غير بشري ، كما تجلى ذلك في نصوص القراءة .

- يتميز التصوير في قصص دماج - خصوصا الصورة الوصفية - بالبساطة في وصف المكان ، أو المشهد أو الشخصية . مثل ما هو ملاحظ في قصة ( خلف الشمس بخمس ) ،حيث يحس القارئ بعبق المكان و خصوصية . كما رأينا ذلك في قصة ( ليلة) ، و قصة(الغجرية ) ، و قصة (المجنون )

- تميزت الصورة الوصفية عنده بالوقوف عند المشاعر والعواطف والأحاسيس الشخصية بالنسبة لشخصيات السرد ، خصوصا في حالتي التأمل و التذكر ، وقد تجلى ذلك في قصة (عقدة ) ، وقصة ( الذماري ).

- أما الصورة السردية عند دماج فتقوم بمهمة تصوير السلوك الذي يكشف عن الأخلاق الظاهرة ، و الباطنة للشخصيات السردية . وقد برزت الصورة السردية في قصة (العسكري ذبح الدجاجة ) و قصة طاهش الحوبان وفي قصة ( بياع من برط ) و قصة (الذماري) و قصة ( أول المنتحرين ) و قصة ( المجنون ) و قصة (اللقية )

- أما الصورة السينمائية عند دماج وإن كانت لا تشكل ظاهرة لكنها كانت موجودة فعلا . ففيها

- تتابع أحداث السرد متابعة محايدة فلا تدخل للسارد بالتعليق أو التقييم أو التفسير ، ولا معرفة غير معرفة ما توحي به الصورة السينمائية .

- ظهرت تجليات الصورة السينمائية من خلال تركيز السارد على عدد قليل من الشخصيات السردية ، المحصورة بالكلب والعجوز العمياء والأطفال العراة ، في قصة (لرمال العابرة) ؛ و ظلت الصورة محصورة في مكان ضيق جدا محدد بالعشة المتآكلة ومحيطها الضيق بجانب الشجرة .

- في قصة( الجسر )، حيث تجلت ( الصورة عن قرب) على طول المسار السردي ، فالسارد يبدأ الحكي من لحظة ( شرود ذهني ) ، مقتصرا دوره على الإدلاء بشهادته على الأحداث كما راءها أو كما ظهرت من خلال عينيه ،

- تجلت الصورة أيضا في اللقطة البانورامية: حيث أدخلت حركة الكاميرا إحساسا بالتفوق المرسوم من جانب أولئك اللذين تتجه الكاميرا نحوهم على الجسر في قصة( الجسر) .. .

- بدت لقطة (الكرين) في قصة (المدفع الأصفر)، وكأن عدسة الكاميرا فوق رافعة( ونش)، تصعد وتصور الحصن وما يفعله الشخصية ، في لقطة (بانورامية) ؛ ثم تنزل وتصور ما فعلته القذائف في بيوت المدينة في لقطة (الترافلنج ).

- في تجليات الزمن السردي وتقنياته الزمن في قصص دماج يحيل على مرجعيات متعددة منها :

- المرجعية التاريخية لواقع مجتمع يمن ما قبل الثورة ، وقد تجلى ذلك في قصص المجموعة الأولى وبعض القصص الأخرى . وواقع مجتمع يمن ما بعد الثورة ، وتجلى ذلك في مجموعة الجسر ، وبعض قصص مجموعة العقرب . وقصص مجموعة أحزان البنت مياسة.

- المرجعية الأسلوبية وتتجلى في القصص التي يمكن أن يطلق عليها قصص الوصف ، وتظهر في بعض القصص مثل قصة ( أول المنتحرين ) ، وقصة ( الجسر ) ، وقصة (الرمال العابرة ) ، وقصة (رجل على الرصيف ) وقصة ( الذي أضاع أمه ) .

- المرجعية الأيدلوجية ، وتتجلى في قصص عديدة منها : قصة ( الظاهري ) ،وقصة (الناسك) ... وعلى أية حال فقد دارت أحداث القصص التي كتبها دماج في :

- ربوع اليمن مكانيا ؛ وتحديدا في شماله ، حيث أشارت القصص إلى عهد الأئمة الذي حكموا اليمن، من بداية القرن العشرين حتى قيام الثورة عليهم في ثورة 1962م . وقد تجلى ذلك في معظم قصص المجموعات .

- امتد الزمن الوقائعي الذي دارت فيه الأحداث القصصية حتى العام 1990 م . وقليل من تلك القصص دارت أحداثها في مصر إبان ثورة يوليو ( 53) ، و أشارت إلى أحداث الثورة المصرية ، وحرب اليمن ، وحرب 63 بين مصر و إسرائيل . وقد ظهر ذلك في قصة (عقدة )، وقصة ( المرأة والكلب وأنا ) . وأقل من ذلك تلك القصص التي أشارت إلى أحداث دارت وقائعها إبان الحكم العثماني في اليمن ، والى الدولة الصليحية كما في قصة ( المدفع الأصفر ) .

- في المجموعة الأولى سيطر ( زمن القصة) على معظم قصص المجموعة ، حيث سردت تلك القصص بتقنية تقليدية بوجه عام ، فالزمن في كل القصص ذو ( بداية ووسط ونهاية ) ،

- القصص في المجموعات الأخرى لا تخلو من الإشارة إلى تقنيات الزمن والتي ظهر منها : تقنية تسريع السرد ممثلة بتقنية الحذف و التلخيص ، و تقنية إبطاء السرد ممثلة بالوقفة الوصفية ، و تقنية التطابق السردي ،ممثلة بتقنيتي الحوار بنوعيه الداخلي والخارجي ،المباشر وغير المباشر . وتقنية المفارقة السردية ، ممثلة في الاسترجاع والاستباق . وقد حللنا كل ذلك في موضعه من هذا البحث مشيرين إلى عدم توافر تقنية الاستباق لدى زيد مطيع دماج .

ايوب صابر 02-23-2014 10:24 AM

تابع....العناصر التي صنعت الروعة في رواية -45- الرهينة زيد مطيع دماج اليمن

-الرهينة" ورقة قديمة عن يمن قديم، حياة خفية يعرضها زيد مطيع دماج وهي تدلّ وحدها على ما كان في اليمن من انعزال واستبداد وتخلف، يسردها في إطار روائي متميز سماه "الرهينة".

-تعتبر روايته الرهينة تعبيرا واقعيا لأوجاع اليمنيين في فترة من أحلك فترات الجبروت الإمامي والتسلط الملكي البائد.
- استطاع زيد دماج التعبير وبصدق عن هموم ومعاناة شعبب أكمله من خلال " رهينته" التي ستظل مصدرا ومرجعا للباحثين والدارسين جمعت بين القصة الإجتماعية والمأساة وبين استعراض غير مباشر للتاريخ اليمني"...

- يكتب زيد مطيع دماج كما يرى أو كما يتذكر وينقل أحاسيسه ومشاعره بحرفية من يضع في الكلمة كل شيء, فهي الجسد وهي المكان وهي الضائقة وهي الفرج وهي أخيرا الملجأ المطمئن الذي يأوي إليه ليحميه من كل أشكال المخاوف التي تحدق به في عالم غير مقتنع به يحاول مرعوبا مسحورا أن يكشف أسراره ويفك طلاسمه بروح طفل حذر جريء , عيناه تبرقان كشفرة خنجر يماني.

-إن دماج روائي النبرة الخافتة والصورة المتكاملة الأبعاد بكل نتوآتها وظلالها والتي لا يمكن لنا, مع ذلك تسميتها بالفوتوغرافية , لأنها تنأى بكل مضامينها وطقوسها عن هذه الصفة الجادة خاصة وإنها منجزة في ذاكرة اللغة قبل مخيلة الكاتب, الذي وهو ينقلها لنا , لا يجرؤ على أنيخدش صفو إصغائه لها وعذوبة انسياقه وراءها لا بوعي أيديولوجي ولا بتقنية مركبة ومعقدة ولا حتى بتداعيات حلمية أو سواها .

- هكذا يقودنا دماج إلى قصور الخرافة العربية حيث النساء والجواري والغلمان والحرس المفتون بالأسرار والملوك المؤطرينبالحجاب والحواشي والشعراء المداحين في قصر الإمام اليمني كاشفا خباياه , متسللاإلى دهاليزه وتحت أردية نسائه الملونة بالشهوة والخوف.

-الرهينة واقع حكاية لا حكاية واقع يمكن أن يتحقق أو هو قدتحقق , عاشه المؤلف أو كاد .

-أهميتها أنها تخرج من خزائن الذاكرة العربية السحيقة وهي بنت سنواتنا ومعاصرتنا هنا في جنوب الجزيرة العربية في بلد عربي هو اليمن .

- بين ملامح المعاش / المتخيل اليمني وبينإيماءات واختلاجات الموروث العربي الإسلامي ترتسم مثل شريحة عمودية لحالة عربيةتتجاوز حدود اللغة والأدب والاجتماع لتعكس بمراياها الداخلية سؤال الزمن العربيالإسلامي بين الماضي والحاضر , هذا الأخير الذي صار يدير ظهره كليا عن المستقبلليستقبل صورة ماضيه وحدها لا منازع , مفتونا بها تاركا شعوبا ومصاير في وحل المعاشوانهيار العالم حواليه .

-إنها تطرح السؤال بشكل جديد وكأنها لا تريد جوابا .

- تلك عفوية دماج في هز جدران الحاضرة العربية واليمنية بالذات .ولكن , تبقى يمنية بسلاسلها وملامحها وجدرانها وشبقها وسطوتها وبندقيتها وإمامها وقمرها " الحالي " المفتون بسهولها وسفوحها .

ايوب صابر 03-05-2014 05:04 PM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

- لعبة النسيان هي روايةلمحمد برادة، صدرت سنة 1987 عن دارالأمان تعتبر من بين أهم أعمال برادة.

- صنفت في المركز 46 فيقائمة أفضل مئة روايةعربية.

- موضوعها فقدان إنسان عزيز وغال، وهيالأم، التي تحتلفيه مكانة كبيرة.

- الرواية تركز على لحظتين مركزيتين في حياة الهادي، الشخصيةالمحورية في الرواية: الأولى لحظة موت الأمّ: لالّة الغالية، تلك المرأة التي لاتعوّض ولا توصف، والثانية لحظة موت امرأة أخرى هي أول موضوع للحب والشهوة والرغبةالمشتعلة: لالة ربيعة.

- مناخها النفسي يخيّم عليه التوجّع والتفجّع والضيقوالكآبة.

- يمارس الراوي لعبة النسيان، نسيان الآلام والأوجاع،ويدعو إلى استحضار الذكريات والشروع في تشخيص متخيّل للشيء العزيز المفقودوالمفتقد.

- جنسها الكاتببعنوان فرعي تعييني"نص روائي".

- يعني هذا أن المؤلف رواية ما دامت تشخص الذاتوالموضوع والرواية نفسها.

- تتشابك في النص أحداث تخييلية وواقعية متنوعة، وتتناغمتيمات عديدة على إيقاعات درامية حدادية دائرية التركيب إلى جانب تفاعل عدة شخوصرئيسية وثانوية عبر حركية التاريخ وصيرورة الزمن وتناوب الأجيال مابين الاستعماروالاستقلال وما بعد الاستقلال.

- هذه الأحداث المتوجة غير منفصلة عن فضاءاتهاالزمكانية التي تنفعل بالشخوص وتفعل فيها ما يمكن أن تفعل تحت ضغوط الجبرية وحتميةالواقع: تأثرا و تأثيرا.

- لكن يبقى هذا النص الروائي سيرة ذاتية أو أطبيوغرافياما دام يرتكز كثيرا على تشخيص الذات ( التذويت)، واستدعاء تاريخها عبر الصيرورةالتاريخية، واسترجاع تاريخ الذوات الأخرى المتفاعلة معها؛ وذلك بسبر الموضوع الذييؤثر فيها.

ايوب صابر 03-06-2014 09:25 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

- وخطاب الأطوبيوغرافيا حديث العهد، فقد نظر له الناقد الفرنسي فيليبلوجون. إذ يعرف النص الأوطوبيوغرافي بأنه:" محكي نثري استرجاعي ينصب على الوجود الشخصي لفرد ما، وذلك حينما يتم التركيز أساسا على الحياة الفردية وبالخصوص علىتاريخ الشخصية".

- وهذا التعريف ينطبق إلى حد كبير على نص محمد برادة؛ لأن لعبة النسيان أولا نص سردي نثري ينبني على استرجاع ماضي الشخصية أو الذوات الفردية (الهادي)، في امتدادها الزمني وتعايشها مع الذوات الأخرى سلبا أو إيجابا في مواجهة الموضوع من أجل فهم الحياة الفردية وتاريخها وتفسيرها بما هو خارجي شعوري أو لاشعوري، مع حضور المؤلف المقنع بقناع السارد أو الشخصية ( السارد المشخصن)، كما هوالشأن في الرواية إذ يحضر في صورة ( الهادي) لوجود عدة تماثلات ذهنية ووجدانيةواجتماعية بين محمد برادة والهادي ( انتقال الهادي ما بين فاس والرباط والقاهرةوباريس، الدراسة الجامعية، الصحافة، الكتابة السردية كاحتراف....).

- تحضر عدة تيمات في هذه الرواية مثل: الحياة والموت والجنس وصراع الذات مع الموضوع والوطن والمكان والطفولة والوطن والنضال والحرية.

- يعتبر الموت أبرز حدث رئيسي في هذه الرواية، فعنه تتفرع الأحداث الدرامية الأخرى وعبره تترابط الإيقاعات والقصص السردية.

- ويمكن اعتبارلعبة النسيان رواية استرجاع الزمن الضائع من خلال الشخوص ودورة الحياة والموت عبرالأمكنة والفضاءات المنغلقة والمنفتحة والداخلية والخارجية.

- وتحضر الأم باعتبارها شخصية رابطة مبئرة ومبأرة، عليها تتجمع الشخوص لتنسج خيوطها السردية لخلق حياتها وموتها.

- كما أنها تجمع هذه الشخوص لتخلق فيها الحياة والدفء والاستمرارية عبرالصيرورة التاريخية.

- وهذه الرواية كذلك رواية أجيال ثلاثة مختلفة الطباع والقسما توالرؤى.

- تتحول مع المكان والزمان في تكيفها وصراعها مع الواقع المتميز بين الحماية والاستقلال: جيل ما بعد الاستقلال جيل مابين الاستعمار و الاستقلال جيل الحماية
عزيز- فتاح- نادية سي إبراهيم-لالة نجية- الهدي- الطايع لالةالغالية- سي الطيب- الشريف.

ايوب صابر 03-09-2014 12:06 PM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب


- تتضمن رواية لعبة النسيان لمحمد برادة سبعة فصول على النحو التالي:

1- في البدء كانت الكلمة:
يدور هذا الفصل حول حضور الأم في الدار الكبيرة بفاس وانتقالها إلى الرباط لمساعدة ابنتها التي تزوجها سي إبراهيم في تربية أولادها وتدبير شؤون المنزل وما أحدث وفاتها من أثر على الأبناء والأهل والأقارب والجيران.

2- سيد الطيب:
يستنطق هذا الفصل شخصية سيد الطيب العاقر وتناقضاته العديدة، ويحاول تفسيرها بعلل الموضوع ومنسيات الذات. ويرصد الحكي هذه الشخصية في طيبو بتها ودماثة أخلاقها وبعدها الديني والروحي إلى جانب انغماسها في اللذات والشهوات والميل إلى اللهو ولعب الكارطة وتبذير الأموال من أجل التلذذ بمفاتن الجسد.

3- ما قبل تاريخنا:
يذكر هذا الفصل طفولة الهادي والطايع ومراهقتهما ما بين فاس والرباط.

4- ثم يكبر العالم في أعيننا:
تفكر الرواية في نفسها من خلال فضح اللعبة السردية والحوار معا لمتلقي عبر تأسيس ميثاق سردي يشارك فيه المؤلف وراوي الرواة والمتقبل. وتكمن مهمة راوي الرواة في قول الحقيقة والبوح بها وتعرية لاشعور الشخصيات خاصة المشاهد الجنسية الطفولية ( الهادي)، أو الذكورية ( واقعة السيد " الضب" الذي اغتصب فتاة المدرسة، وهي ما تزال صغيرة)، كما يتعرض الفصل للزوجين: سي إبراهيم ولالة نجية في تكيفهما مع الواقع وامتدادهما في الحاضر، واستعراض بعض النشرات الإعلامية والإذاعية والصحفية التي أدلى بها راوي الرواة لتشخيص التحولات الطارئة على مغرب الاستقلال وبعد الاستقلال.

5- قلت وكم يهواك من عاشق:
ينصب هذا الفصل على عدة مشاهد شبقية وجنسية تبين الفلسفة العبثية لشخصية الهادي. هذه الشخصية التي لا تؤمن بالدين وتضعه دائما قاب قوسين، وتعيش حاضرها من خلال اللذة ومغازلة الحياة والثورةعلى الواقع والتمرد على الكائن. ويستعرض الفصل دفً الأجساد في باريس ( البيضاوية) والقاهرة ومدريد.

6- زمن آخر:
يعود الهادي إلى فاس لاسترجاع الذكريات والبحث عن الأم في رحيلها ووجودها الحلمي وتأمل المكان وعبقه التاريخي والحضاري. كما يستعرض الفصل الجيل الجديد جيل عزيز وفتاح ونادية عبر حفل زواج عزيز بن سي إبراهيم ولالة نجية، حيث تتغير القيم المثلى وتتحول إلى قيم كمية ومادية، وتبرز كذلك ثورة الشباب على واقع مغرب ما بعد الاستقلال على كافة المستويات. ويشيرالفصل إلى صراع راوي الرواة مع المؤلف حول قضايا سياسية واجتماعية لا يريد المؤلف إثباتها لما لها من تأثير سلبي على الراوي وعلى المؤلف نفسه مثل: المناقشة حول سرقة أموال الشعب وتبذير الملايير في الحفلات الخاصة والعامة، وظهور جماعة الملياردية أوالتعريض ببعض كبار موظفي الدولة وتصدير فتيات المغرب إلى الخليج أو الخارج لبيع الجسد والحصول على العملة الصعبة والتخفيف من البطالة، ورصد ظاهرة المخدرات وضياع الشباب...
و إذا كان راوي الرواة يتمسك بالسلبي، فإن المؤلف ينصحه بذكر ما هوإيجابي؛ لأن الإيجابيات أكثر من السلبيات. ولكن هذا الحوار بلغ مأزقه عندما لم ينته إلى اتفاق بينهما.

7- من يذكر منكم أمي: يحاول الهادي استعادة ذكرىأمه واسترجاع وفاتها من جديد عبر التأملات ليخلق حضورها ويفلسف وجودها، وليتصالح الهادي في الأخير مع الكل، ومع أخيه الطايع الذي قاطعه أمدا طويلا عندما حضر مع أخته ( لالة نجية) وزوجها ( سي إبراهيم) لمواساة الطايع ومشاركته حزنه حول مآل فتاح بسبب نضاله الوطني والحزبي. وكانت " الأم" طيفا حاضرا لجمع الشمل مرةأخرى.

ايوب صابر 03-10-2014 08:25 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب


- لعبة النسيان تتكون من سبعة فصول تتجاذبها ثنائية الإضاءة والتعتيم.

- وتتخذ الرواية طابعا واقعيا وذاتيا ووطنيا وفلسفيا.

- تحوي لعبة النسيان عدة شخصيات بعضها رئيس يمثل: لالة الغالية ولالة نجية وسي إبراهيم وسي الطيب والهادي والطايع وعزيز والبعض الآخر ثانوي مثل فتاح ونادية وإدريس والجيران والشريف...وتتمحور هذه الشخصيات كلها حول شخصية الأم لالة الغالية باعتبارها الرحم والمصدر الأمومي الأصل الذي تفرعت عنه باقي الفروع الأخرى.

- هناك شخصيات نامية ومتطورة ودينامكية في الرواية مثل: الهادي والطايع وفتاح وسي الطيب، وشخصيات ثابتة ستاتيكية مثل: لالة الغالية ولالة نجية وعزيز وسي إبراهيم. ويلاحظ كذلك أن هناك علاقات تواصلية مختلفة مثل:علاقة العداء وعدم التفاهم بين الهادي والطايع، وبين الهادي وفاختة، وعلاقة حب البنوة أو الأبوة( حب الأولاد للغالية)، أو القرابة ( سي الطيب- الأحفاد وحبهم للهادي...)، أو المصاهرة( سي إبراهيم...)، وعلاقة جنس وحب شبقي ( الهادي مع القاهرية والمدريدية والبيضاوية في باريس...، وسي الطيب ومغامراته مع المرأة اليهودية التي أودت به إلى الإفلاس...).

-هذه الشخصيات من أجيال مختلفة، فهناك جيل الاستعمار( لالة الغالية- سي الطيب- الشريف...)، وجيل الاستقلال ( الهادي والطايع ولالة نجية وسي إبراهيم...)، وجيل ما بعد الاستقلال ( فتاح- نادية – سعيدة- إدريس...). وهذه الأجيال مختلفة في مواقفها، فهناك جيل راض على واقعه ( الأم- سي الطيب...)، وجيل متوتر ومتردد يتكيف مع الواقع على الرغم من رفضه له، وجيل ثائر وناقم على الواقع خاصة واقع ما بعد الاستقلال بسبب بطالة الخريجين، وتغير القيم واختلاف المنظورات وعدم الإيمان بالوطن الذي لم يحقق للشباب الطموحات والآمال التي يتعلقون بها.

- لعبة النسيان من خلال هذا الوصف الفيزيولوجي والاجتماعي والأخلاقي تبين أن هذا النص الروائي هو نص الشخصيات في تشابكها العائلي واختلافها في المواقف وصراعها مع الموضوع، وامتدادها إلى الماضي عبر الأصول ( لالة الغالية)، والفروع( الهادي- الطايع- سي إبراهيم)، ما داموا حواشي تتشرب من معين الدفء العائلي العريق عبر جدلية الفضاء ( فاس- الرباط- المغرب –الخارج)، والزمن( الاستعمار- الاستقلال- ما بعد الاستقلال).

- يتم نقل هذه الشخصيات وتصويرها وتفسير منظوماتها الذاتية والموضوعية من خلال الامتداد والاسترجاع والتذكر واستدعاء الماضي واستشراف المستقبل واستنطاق الحاضر بوعي جدلي ( فتاح- الأحفاد الجامعيون).

- يمكن أن نصنف شخصيات الرواية إلى شخصيات إشكالية، وشخصيات متصالحة، وشخصيات مندمجة. إن الشخصيات الأولى تحمل قيما أصيلة وتحاول غرسها في مجتمع منحط؛ ولكنها تفشل في زرعها وينتهي بها المآل إلى اليأس والثورة والتمرد كما هو حال الطايع والهادي وفتاح. أما الشخصيات المتصالحة فهي التي تتكيف مع الواقع وتنصهر في بوتقته كيفما كانت الأحوال، يتحكم فيها الوضع والزمن وتحلل الأمور بسذاجة وسطحية، وهي شخصيات سلبية وإشكالية كذلك مادامت تقبل المصالحة والتطبيع مع الواقع السلبي، ومن خير من يمثل هذا الصنف من الشخصيات سي إبراهيم وعزيز. أما الشخصيات المندمجة فهي " تلك التي تبتهج بالحياة، وتعيشها بامتلاء دونما إحساس بشرخ في كينونتها"، وندرج ضمن هذا المحور الأم وسيد الطيب.

- ويمكن اقتراح تصنيف آخر للشخصيات من خلال البعد السوسيولوجي. فهناك: شخصيات الوعي الممكن( الطايع- الهادي- فتاح)، حيث تستحضر الذوات المستقبل، وتستشرف غدا أفضل من خلال الرفض للواقع السائد والموضوع الكائن عبرالتمرد واليأس والنضال النظري والعملي. وهناك شخصيات الوعي الكائن، وهو وعي سائد، قد يكون زائفا ومغلوطا، ويمثل هذا الوعي: الأم، لالة نجية، سي إبراهيم، سيد الطيب، فالوعي الأول إيجابي، والثاني وعي سلبي.

ايوب صابر 03-11-2014 09:06 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

- التجأ محمد برادة في لعبة النسيان إلى تقنية الوصف أثناء تعطيل الزمن والوقفات لتشخيص الفضاءات ووصفها كما فعل عندما وصف فاس البالي والدارالكبيرة.

- إلى جانب وصف الشخصيات من خلال أبعادها الفزيولوجية ووظائفها الاجتماعية وإنجازاتها السردية وقيمها السيكولوجية.

- ويؤثث هذا الوصف الفضاء ويقدم الشخصيات ويعرض الإطار العام الذي يرسم البرامج السردية سواء أكانت سطحية أم عميقة.

- ويغلب على هذا الوصف الطابع الواقعي والنظرة الإثنوغرافية السياحية خاصة عندما يصف الكاتب فاس البالي والدار الكبيرة وحفلة زفاف عزيز على غرار وصف عبد الكريم غلاب في دفنا الماضي والمعلم علي.

- ويستند الكاتب في وصفه إلى التطويل المعتدل دون الإسهاب في ذكرالنعوت والصفات والأوصاف التفريعية، بل يكتفي بما هو عام دون ما هو خاص وجزئي ولا يبالغ في التطويل كما عند فلوبير في ( مدام بوفاري)، أو بلزاك في رواياته الواقعية أو زولا في جيرمينال.

- بل يكتفي بلوحة وصفية لا تتعدى صفحة واحدة إلى صفحتين، لينتقل من السرد الوصفي إلى المشاهد الدرامية والخطاب المعروض أو الذاتي.

- والوصف غالبا ما ينصب على الشخوص والأشياء والأمكنة والوسائل، ويحضر في الرواية كثيرا وصف الشخصيات بأبعادها الداخلية والخارجية ( الأم- سي إبراهيم- سيد الطيب- لالة نجية- الهادي- الطايع...)،

- ووصف الفضاءات بهندساتها المكانية وقيمها الإنسانية ( فاس- الرباط- فيلا العرس- المقهى الذي يشتغل فيه سي إبراهيم......- الدار الكبيرة..

ولم يقتصر الوصف هنا على التزيين وتأثيث الديكور، بل هو وصف دلالي ووظيفي وخلاق؛ لأنه يوحي بدلالات عديدة ومعان شتى.

ايوب صابر 03-12-2014 09:23 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

- تدور أحداث الرواية في فضائين متقابلين داخليا: فضاءفاس وهو فضاء حميمي عريق في أصالته مرتبط بلالة الغالية، إثنوغرافي بعاداتهومعماريته خاصة فاس القديمة بدروبها وسكانها وحيواناتها وحرفها مع التمدين الحداثيفي فاس الجديدة.

- أسهب الكاتب في وصف فاس القديمة مستعرضاقسماتها الفسيفسائية ومظاهرها البانورامية وأشكالها السياحية على طريقة عبد الكريمغلاب في دفنا الماضي على عكس عز الدين التازي الذي اعتبرها مباءة وموت ونهايةوجودية وعبثية.

- فإذا كان الكاتب قد ركز كثيرا على وصف فاس محاولا استرجاع ذكرياتهاوذكريات الأم، فإن الرباط لم يكن إلا فضاء عابرا؛ لأنه لا يؤشر سوى على الهروبوالتحول الرجولي.

- يزاوج الكاتب في نقله للفضاء بين الطريقة الكلاسيكية في الإسهابالوصفي الواقعي والطريقة التي تبنتها الرواية الجديدة في العبور السريع على المكانللتركيز على الأشياء بدل الأفضية وما يمت بصلة إلى الإنسان.

- وتخضر( الدارالكبيرة) بفضائها العريق في الرواية لتبين الطابع الإنساني والعائلي الذي يملأ هذهالدار بوجود لالة الغالية ولتحيل على فضاء الطيبوبة والأصالة على عكس الرباط التيتحضر بفضاءات المقاهي والشوارع الحزينة ووجوه المستعمرين وقساوة الحياة والظروفالمادية الصعبة.

- ويغلب على هذه الفضاءات الطابع الحزين والروح الجنائزية وشبح الموتبوفاة الأم.

- إن قارىء( لعبة النسيان) الذي ليس" من الضروري أن يكون قد عاش- يقولأحمد اليابوري- أو تعرف مباشرة، على مثل تلك الدار الفاسية، يشعر بالوحشة خاصةعندما يتتبع التفصيلات المتصلة بالأبواب الثلاثة التي يفضي بعضها إلى بعض، والتيتذكرنا بنماذج من ( ألف ليلة وليلة) حيث لا يتم الوصول إلى الكنز إلا بعد اختراق عددمن الأبواب والممرات والمتاهات.

- غير أن ما يحد من هذه الوحشة بل ويكاد يلغيها، هوحضور الأم ( الكنز)، كعلامة إنسانية مشرقة دافئة وسط عالم الأشياء والأشكال، من هناطابعها الرمزي، بل والأسطوري من منظور دلالة الفضاء العتيق: في هذه الدار أشياءكثيرة، لكن أهم ما فيها الأم" .

- يتخلل هذه الأفضية لونان بصريان هما: الأبيض ( الوفاة/ الموت)، والسواد( الحياة بمتناقضاتها وصراعاتها السيزيفية)، إنها لعبةالألوان " التي تمثل مجال الصراع الذي يعيشه البطل بين الماضي والحاضر، بين المثلوإرغامات المعيش.

- وتلتقي نهاية هذه اللعبة على مستوى الألوان بنهاية اللعبة علىالمستوى الروائي، في محاولة اقتناص اللحظة البدئية خارج ثنائية الأسود والبض،الواقع والحلم" .

- يلعب المكان دورا مهما على مستوى الذاكرة والحلم واسترجاعالزمن الضائع واستعادة حضور الأم ووفاتها.

- فاس هي المكان المحوري في الرواية؛لأنها ترتبط بالمهد الأمومي.

- هذا ولقد اعتمدت لعبة النسيان في قسمها الأول " المرتبط بما قبيل الاستقلال، على الاستذكار الطفولي للمكان، لذلك بقي اتساعه محدوداوأبعاده ضيقة

- إن ما يميز الفضاءات في القسم الثاني من الرواية- قسم ما بعدالاستقلال- هو تمزقها المادي وانعزالها عن بعضها البعض، بحيث تفقد المسافات الواصلةبين الأجزاء المكانية.

- هذا يعطي الانطباع بتشتت أحداث الرواية وبقفزات غير محسوبةولكن حين يدرك القارىء أن الفضاءات هنا هي ماديا فضاءات شكلية صورية غير مقصودةلذاتها مباشرة أو ضمنيا، وحين يدرك أنها فضاءات اجتماعية ونفسية ووجدانية سواء فيرموزها المادية أو علاماتها، فنكاد نلمس تلك الأبعاد الاجتماعية والنفسيةوالوجدانية بحواسنا دون أن نتأمل ونعمق التفكير كثيرا..." .

- وتبرز في الروايةفضاءات علوية ( طبقات الدار الكبير)، وفضاءات سفلية، أو الفوق والتحت من خلال تواصلعاطفي وإنساني.

ايوب صابر 03-12-2014 02:38 PM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

- على مستوى الرؤية تنبني الرواية على تعدد السراد والأصوات والضمائر والمنظورات.

- فكل قصة نووية يسردها سراد مختلفون، كل سارد له رؤيته الخاصة إلى زاوية الموضوع.

- أي أن المؤلف أعطى للشخوص الحرية والديمقراطية في التعبير عن وجهات نظرها دون تدخل للمؤلف لترجيح موقف على آخر، بل ترك كل شخص يدلي برأيه وبمنظوره تجاه الحدث والموقف، يعبر عن نظره وإيديولوجيته بكل صراحة دون زيف أو تغيير لكلامه.

- لذلك وجدنا القصة تروى من خلال عدة منظورات متناقضة.

- ويلاحظ أن هناك عدة قصص نووية صغرى وحكايات مترابطة فيما بينها من خلال قصتي الهادي والأم باعتبارهما شخصيتين محوريتين في الرواية.

- وكل قصة تروى من عدة سراد أو رواة لإضفاء الموضوعية على الحكي وتوفير قدرا ما من الديمقراطية في التعبير من خلال جدلية المواقف والإيديولوجيات والمنظورات الفلسفية والواقعية، فالهادي مثلا يختلف عن الطايع، فيذكر الكاتب بكل حياد وموضوعية مبرراتهما ويترك للقارىء يحكم على الشخوص ومن له وجهة نظر أرجح من الأخرى، أي يترك للمتقبل أن يرجح آراء الشخوص من خلال رجحان الأدلة والمواقف وطبيعتها الواقعية وابتعادها عن الرومانسية والمثالية.

- ونستشف من خلال الرؤية السردية التواتر التكراري، إذ يهيمن السرد المكرر بكثرة، وهو أن يروي أكثر من مرة ما حدث مرة واحدة.

- فأحداث الرواية تروى مرات عديدة بصيغ مختلفة أو متماثلة.

- ويكشف الكاتب في روايته عن اللعبة السردية من خلال صراع المؤلف مع راوي الرواة واستحضار القارىء لمناقشة الميثاق السردي.

- ومن ثم يمكن القول: إن الرواية لعبة النسيان تطبيق لآراء محمد برادة النقدية، خاصة أنها أيالرواية نموذج عربي للرواية البوليفونية القائمة على تعدد الأصوات والمنظوراتوالرؤى الإيديولوجية حيث يختار القارىء وجهة نظر الشخص الذي يميل إليه.

- وهكذا يتقاطع الإبداع مع النقد في الرواية والأطوبيوغرافيا مع البوليفونية الباختينية.

- وينتج عن كثرة المحافل السردية" تعدد الضمائر النحوية وتنوع وجهات النظر وتضاربها وبروز طابع النسبية الذي يصبح صفة ملازمة للأفكار والمواقف؛

- ثم نجد المؤلف نفسه يدخل في حوار مع السارد الرئيسي فيتحول، نتيجة لذلك، إلى شخصية روائية،إلى صوت سردي بين باقي الأصوات. ويتم ذلك الحوار في إطار الاختلاف، وحتى عندما يبرز ظاهريا نوعا من التطابق، فإنه يكون منطويا على عناصر تمت إلى السخرية بصلة".

- ومن الضمائر السردية التي ينتقل عبرها الكاتب هي ضمير المتكلم وضمير المخاطب وضمير الغياب، فرديا وجماعيا. وهذا ينم عن مدى التنوع والاختلاف وتعدد الزوايا والمنظورات، وبالتالي، فالكاتب يؤمن بالحوارية والاختلاف.

- ويعمد الكاتب إلى مزج الرؤية الخلفية بالرؤية المصاحبة، إذ السارد في الرؤية الأولى يشرف على السراد ويقوم بالتنسيق بينهم ويترك لهم فرصة التعبير ويعطيهم حرية الإدلاء بآرائهم وقناعاتهم ومواقفهم الإيديولوجية.

- وعلى الرغم من معرفته الواسعة بالشخصيات فإنه يلتزم الحياد وينزل إلى درجة الصفر ليمسك بخيوط السرد: توجيها وتوزيعا.

- كما يتحكم في توجيه دفة الأحداث والوقائع وترتيب الاستيهامات والأحلام.

- وفي كثير من الأحيان يثورهذا السارد على المؤلف ليصحح كثيرا من الأحداث المشوهة أو المزينة: إيحاء وتمويها.

- وكما تقوم الشخصيات – من خلال الرؤية الثانية- بسرد حكاياتها مستعملة ضمير المتكلم الفردي أو الجماعي مستبطنة الذات والموضوع معا عبر عمليات الاسترجاع والتداعي والتذكر الشعوري واللاشعوري.

- وتتجلى الرؤية من الخلف عندما يتحدث السارد عن الأم في الدار الكبيرة وسيد الطيب والهادي في طفولته ومراهقته وحفل زواج عزيز،

- بينما تهيمن الرؤية "مع" في الفصول والقصص الأخرى.

- وهذا يعني أن الرؤية الداخلية/ الذاتية أكثر هيمنة من الرؤية الخلفية الكلاسيكية.

- ومن ثم، فالرواية ذات تبئيرين: داخلي وخارجي.

- وتقترب من الرواية المنولوجية عندما تستبطن الذات والموضوع من خلالال منولوج الداخلي والرؤية المصاحبة.

- في نفس الوقت تمتح من النسق الكلاسيكي عندما يحضر السارد العارف بكل شيء.

- وهذا يعني كذلك حضور السرد الداخلي والسرد الخارجي

وحضور السارد لا شخصي ( الكلاسيكي)، والسارد المشخصن أو السارد التطابقي إذ يصبح السارد شخصية رئيسية ( الهادي/ الطايع/ سي إبراهيم)، أو شخصية ثانوية ( كنزة تتحدث عن لالة نجية، ونساء الدار الكبيرة يتحدثن عم الأم لالة الغالية)، أو دور شاهد على الأحداث.

ايوب صابر 03-13-2014 08:47 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب


- إن الزمن في لعبة النسيان دائري وهابط؛ لأن السرد قائم على استرجاع الزمن الضائع واستعادة ذكرى وفاة الأم باعتبارها الشخصية المحورية.

- وهذا يدل على مدى انزياح الرواية زمنيا عن النسق الزمن الكلاسيكي حيث يتحرك الزمن من الحاضر وهو صاعد نحو المستقبل.

- ويلاحظ أن الرواية عبارة عن قصص نووية مستقلة بمفردها ولوحات سردية منفصلة على الرغم من كونها تترابط بنيويا من خلال شجرة العائلة: قرابة ومصاهرة.

- وتحضر النصوص النقدية المتعلقة بالتفكير في الرواية وكيفية تشخيصها ذاتيا من خلال فضح أسرار اللعبة السردية لتبين الانفصال الموجود بين الإبداع والنقد المقتحم ليحضر القارىء قصد إبلاغه بتقنيات الرواية ومنظوراتها السردية وطريقة أسلبتها.

- إن الرواية- إذا- متخلخلة من حيث البناء والتركيب والزمن، فلا نجد الخط الكرونولوجي، بل نجد أحداثا دائرية تستعاد عن طريق الفلاش باك أو التذكر عبر العودة إلى الماضي بحثا عن الأصول والجذور وتحولاتها في الحاضر وامتدادها في المستقبل من خلال الفروع والحواشي.

- إذا، هناك تكسير لعمودية السرد عبر الاسترجاع والبناء الدائري؛ لأن الرواية تبدأ بالموت وتنتهي به كذلك.

- وعلى الرغم من تفكك الرواية على قصص صغرى وحكايات نووية تسردها الشخصيات المشخصة أو الساردة فإن الرواية مترابطة من خلال اتساقها وانسجامها الداخلي/ البنيوي لأنها تصب كلها في قصة لالة الغالية باعتبارها الأم المثالية، أو التاريخ العريق، والوطن بكل دفء وأمومة.

- فالأم حاضرة في هذه القصص كلها من خلال الاستدعاء والامتداد والتماثل والتطابق والتضمن.

- وبالتالي، فوفاتها تشكل البؤرة الدلالية الكبرى للرواية التي استحثت التيمات والشخوص الأخرى لتوليد الخطابات السردية حولها في شكل اعترافات ومذكرات وتعليقات وشهادات.

- وهكذا، فلعبة النسيان هي رواية الفقدان والنسيان والسلوان واستعادة الزمن الضائع.

- وينحرف الزمن في الرواية إلى الماضي أكثر من انحرافه نحو استشراف المستقبل.

- لأن الرواية هي رواية التاريخ واستعادة الذات لزمنها في صيرورتها الموضوعية، ويمكن أن نختزل سرعة الزمن وبطئه في الخطاطة التوضيحية:

- الكاتب يستفيد من تقنيات الرواية الجديدة ومن تقنيات الرواية الكلاسيكية كذلك، مع العلم أن الزمن لدى الكاتب يتسم بالتشظي والإرصاد والخلخلة في البناء على الرغم منوجود الانسجام العضوي والاتساق البنيوي.

- يستند الكاتب في الرواية إلى توظيف الوقفات الوصفية لتقديم الشخصيات الرئيسية وتصوير الفضاء الذي يؤطر الأحداث ويؤثثها، وتستغرق هذه الوقفات مساحات نصية كبيرة مما يتعطل معها الزمن لتشويق القارىء وخلق الجو النفسي لمعايشة الحدث وتصور الاحتمالات الفنية الممكنة.

- ويقترب محمد برادة في مقاطعه الوصفية من عبد الكريم غلاب في دفنا الماضي والمعلم علي، إذ تغلب الرؤية الإثنوغرافية والسياحية على تقديم المقاطع الوصفية، خاصة وصف فاس البالي، وحفلة عرس عزيز في فاس الجديدة.

- ويتسم هذا الوصف بالطابع الواقعي.

- لكن نفس محمد برادة ليس طويلا ومسهبا مثل نفس بلزاك أو نجيب محفوظ أو عبد الكريم غلاب الذي يستغرق صفحات طويلة.

- بل يتسم الوصف بالإيجاز والتلميح والإيحاء والاختزال والتكثيف.

- وتحضر المشاهد الدرامية بكثرة خاصة مشهد " واقعة الضب"، والمشاهد الجنسية المتعلقة بالهادي والمشاهد الغرامية المتعلقة كذلك بالطايع، إنها مشاهد درامية مشحونة بالتوتروالصراع واختلاف وجهات النظر والرؤى الفلسفية العميقة والبعد المأساوي( كمشهد جنازة الأم / أو زوجة سيدالطيب....).

- وإذا كان التلخيص يعمد إلى حذف ما لا قيمة له، فإن المشاهد عبارة عن مقاطع تمثيلية لها أهمية كبرى في تأزيم الرواية وشحنها بالصراع الدرامي.

- ولا يعمد الكاتب إلى البطء الزمني من خلال الوقفة والمشهد المسرحي، بل يلتجىء كذلك على تسريع الزمن من خلال التلخيص عبر المرور السريع على فترات زمنية طويلة لا جدوى منذكر أحداثها؛ لأنها لا تضيف أي جديد على بناء الرواية وتوتر إيقاعها النسقي.

- كما يكثر من الحذف الزمني لخلق الثغرات الظاهرة والضمنية رغبة في الدخول في الأحداث مباشرة وتسهيل الانتقال من مقطع إلى آخر أو المرور من حدث إلى حدث آخر أو من فترة زمنية إلى أخرى مستغنيا عن الأحداث التي لا قيمة لها.

- أما عن التواتر فهي قضية أسلوبية عند البعض، وزمنية عند البعض الآخر كجيرار جنيت، والمقصود بالتواتر هو مجموع علاقات التكرار بين النص والحكاية.

ايوب صابر 03-15-2014 05:05 PM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب


- يلتجىء محمد براد في لعبة النسيان إلى تنويع أساليبه لخلق رواية بوليفونية حديثة، إذ يوظف بشكل متوازن الأسلوب غير المباشر أو الخطاب المسرود الموضوعي.

-حيث يقوم الراوي بنقل الأحداث وتقديم الشخصيات والمشاهد وعرض الوقفات الوصفية عندما يؤثث الفضاءات ويزينها أويموهها أو يشينها بمقاطع وصفية.

- ويعتمد في ذلك على وصف خارجي يحدد المعالم والقسماتويستبطن المناحي النفسية والعوالم الداخلية سابرا أغوار الذات الإنسانية فيسلوكاتها الشعورية واللاشعورية.

-ويخفف الكاتب من تدخلات الراوي العالم بكل شيء الذييملك المعرفة المطلقة من خلال رؤية خافية ينظر بها إلى الشخوص مدعيا الحيادوالموضوعية سوى ما يتبادر منه في شكل تعليقات وتقويمات عندما أدخل راوي الرواة إلىحلبة السرد ليشوش على الراوي المطلق الذي يمثل المؤلف الضمني؛ لأن وجود راوي الرواةهو تصحيح لكثير من حقائق الرواية وفضح لأسرار الذات وانطلاق لما هو مضمر ومخفي وبوحبالحقيقة واعتراف بالصراحة.

- ويحضر الخطاب المسرود الموضوعي في تقديم أسلوبإخباري تقريري عن الشخوص والأحداث والفضاءات بطريقة توحي بالواقعية وتموه بصدقالمحكي.

-لذا يعمد الراوي أو راوي الرواة إلى تبني السرد والنيابة عن الشخوص في نقلالأجواء السردية:"

-ويحضر كذلك الخطاب المعروض من خلال السردالمشهدي والحوار وعرض كلام الشخصيات، وهي تتجادل وتبوح باعترافاتها وتدلي بشهاداتهاوتختلف في منظوراتها ومواقفها الإيديولوجية( مثل حوار الهادي مع الطايع).

-ويحضر هذاالخطاب الحواري كثيرا في المشاهد المسرحية والدرامية حيث الشخصيات تعبر عن وجهةنظرها.

- ويتوسل الكاتب بالأسلوب المباشر لنقل آراء الشخصيات وأفكارها وعواطفهاوطروحاتها بدون أن يتدخل الكاتب لتشويه تصوراتها أو تغيير أفكارها.

- ويستندالكاتب إلى الخطاب المسرود الذاتي موظفا المنولوج أو العرض التلقائي أو تيار الوعيكما يوجد عند جيمس جويس وفيرجينيا وولف كافكا...لاستنطاق الذات مباشرة في صراعها معالموضوع عبر استدعاء الذاكرة والأوهام والأحلام ومن خلال التأمل الذاتي والتعبيرالشعوري واللاشعوريبحث عن الأم والزمن الضائع والانطواء على الذات للتلذذ بالغربةالمكانية والضياع الوجودي والثورة على الواقع الكائن إلى درجة اليأس والسأموالعبثية( الهادي) أو الرجوع إلى الصواب والإيمان الرباني( الطايع). إن المنولوجتعبير عن التمزق النفسي والذاتي والصراع الداخلي والمناجاة النفسية.

-وقد أوردالكاتب مقاطع كثيرة من الخطاب المسرود الذاتي ليخلق توازنا أسلوبيا وتعددا صوتياداخل روايته التجريبية.

- كما يلتجيء الكاتب إلى توظيف الخطاب المنقول عبر أسلوب غير مباشر حرالذي يزاوج بين تقنيات الحوار وتقنيات السرد، إذ ينقل الراوي كلام الشخصية بطريقةمباشرة أي " ينوب السارد عن الشخصية في التلفظ بخطابها، أو أن الشخصية تتكلم عبرصوت السارد، وحينها يتدخل الصوتان"

-إذا، فهذا الأسلوب المزدوج يعكس حرية الكاتبفي نسج كلام الشخصية داخل كلام الراوي...

-ويعني هذا اختفاء الراوي من عمله لنقلمشاعر الشخصيات وحياتهم النفسية بدل ترجمتها بطريقة سردية غير مباشرة تفقد الكلامنبرته التأثيرية والمشهدية

-ويلاحظ أن الكاتب قد استعمل عدة أساليب للتعبير عناختلاف المنظورات وتعدد الأصوات وجدلية الداخل والخارج واحترام الصراع بين الراويوالشخصيات بطريقة تعددية حوارية، وهذا ما تدعو غليه الرواية الحديثة التي ابتعدت عنالصوت الواحد والموقف المنفرد:

- وعلى مستوى لغة الرواية فهي لغة متنوعة إذ تجمعبين لغة الفصيح ولغة العامة عبر التهجين والأسلبة والسخرية، كما أنها تستعينبالفرنسية


[/tabletext]
سامر العتيبي 03-16-2014 12:54 AM


[tabletext="width:70%;"]



أ. أيوب صابر
متصفح يصافح الفضول كل ما صدفني ..

ــ هل يسكن الوحي بين جدران السجن ؟
ــ علم وعالم البراسايكولوجي : هل لديك قوى خارقة ؟
ــ هنري جوزف دارجر الابن ..من اشهر الايتام.. فنان وكاتب امريكي
ــ هزي خصرك هزي الوضع العربي بخزي...انت شو رايك ؟؟؟؟
ــ أمة إقرأ’ لا تقرأ : ما الاسباب وما الحلول لدفع الامة للقراءة ؟ ‏

وغيرها الكثير الكثير تبحر بنا الى جوهر الكاتب لما و لمن كتب ؟ .. لأمة إقرأ ! .. لا وربي هو وحي في محبره
اسمح لي سيدي وإن كان ردي خارج عن الماالوف هنا ..



إحتراماتي










ايوب صابر 03-16-2014 08:16 PM

مرحباً استاذ سامر

اشكرك على اهتمامك ...سؤالي هو هل تقصد ان للفن وحي وانه هو مصدر الفن والابداع ؟
الان هل توافق على ان نجري معك مقابلة صحفية في منبر " لقاء مع كتاب منابر" نطرح من خلالها عليك مجموعة من الأسئلة حول سيرتك الشخصية وظروف النشأة والفن ودوافعه واشكاله وكل ما يتعلق به من قضايا .. نقاش مفتوح ندعو فيه كل كتاب منابر للمشاركة في طرح الأسئلة ؟

ايوب صابر 03-17-2014 09:31 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

-تتفاعل في الرواية عدة خطابات تناصية ومستنسخات مكونة لنسيجالرواية ويمكن حصرها في الأنماط التالية:
1- الخطاب الديني والصوفي: آيات الذكر- الجذبات الصوفية- العمارة.

2- الخطاب الأسطوري: كرامات الأولياءوخاصة الشريف...

3- الخطاب الموسيقي: نوبة العشاق- الاستهلال...

4- الخطابالإعلامي: التقارير الصحفية والإذاعية....

5- الخطاب الشعري: أورد نصوصاشعرية.....

6- الخطاب التراسلي: أورد رسائل خاصة مثل: رسائل الهادي.....

7- الخطاب النقدي الواصف: فضح اللعبة الروائية....

8- الخطاب التاريخي: يورد الكاتبأحداثا تاريخية خاصة بالمغرب...

9- الخطاب السياسي: التأشير على الصراعاتالسياسية والإيديولوجية بالمغرب....

10- الخطاب الفلسفي: ماركوز- سارتر- فرويد....

11- الخطاب السينمائي: مناقشة فيلم ( حكاية أو....)...

12- الخطابالاجتماعي: فلسفة الأزياء والموضة وأسماء الملابس واستحضار أحداث المجتمع...

13- الخطاب الغنائي: استحضار أغاني أم كلثوم والطرب الأندلسي والجذبات الصوفيةوالملحون...

- كما تحضر خطابات أخرى كالخطبة السياسية والمثل والأحلام والسيرةالذاتية والخطاب الفانطازي

-وعلى مستوى التناص أيضا، تتحاور الرواية مع عدةنصوص إبداعية ونقدية داخلية وخارجية، إذ من خلالها نتذكر سهيل إدريس( الحياللاتيني)، وطه حسين( أديب)، وتوفيق الحكيم( عصفور من الشرق)، والطيب صالح( موسمالهجرة إلى الشمال)، ومحمد شكري ( الخبز الحافي)، وعبد الكريم غلاب( دفنا الماضي/ المعلم علي)، وعبد المجيد بن جلون( في الطفولة)، وعبد لله العروي( أوراق)، وميخائيلباختين في ( الخطاب الروائي وشعرية دويستفسكي)، وسلخ الجلد للكاتب نفسه( الجنس/ الموت...).

- وهذه الحوارية بين اللغات والخطابات يشكل خطاب الأسلبة والباروديا،إذ يقول باختين: " إن اللعب المتعدد الأشكال بحدود الخطابات واللغات والمنظوراتيعتبر أحد أهم سمات الخطاب الساخر" .
- وعليه، فقد أبدع محمد برادة روايةبوليفونية قائمة على التناصية وتعدد الخطابات وتفاعل الأجناس الأدبية والفنيةوتلاقح اللغات واللهجات مما جعل هذه الرواية تستجمع جميع الأصوات الاجتماعية لتعبربكل حرية وديمقراطية عن وجهات نظرها مع حضور المتلقي والمؤلف الوهمي الذي أجبر علىالتنازل عن سلطته للراوي الرواة والشخوص لتعبر عن عوالمها الداخلية ومواقفها تجاه الموضوع.

- تتبنى الرواية التعدد اللغوي والتجريب البوليفوني ولاسيما أنالكاتب يعد من أنصار هذا التيار النقدي في العالم العربي الحديث، ويبدو ذلك واضحافي ترجمته لكتاب باختين ( عن جمالية الرواية ونظريتها) إلى اللغة العربية، ومقالهالمنشور في كتابه أسئلة الرواية/ أسئلة النقد( التعدد اللغوي في الرواية العربية).

ايوب صابر 03-18-2014 09:20 AM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

- رواية لعبة النسيان لمحمدبرادة رواية جديدة ذات منحى حداثي وتجريبي.

- لاعتمادها على تشظية المتن الروائي إلىعدة حكايات صغرى نووية.

-وتوظيف تقنية الاسترجاع من خلال التذكر والتداعيوالاستيهام، وتحقيق البوليفونية من خلال تعدد السراد ( راوي الرواة/ الهادي/ الطايع/ سي إبراهيم/ نساء الدار الكبيرة...).

-وتعدد الضمائر والأصوات والأجناس.

-وغلبة الحوارية.

-وتداخل الأزمنة.

-والتخييل الذاتي والموضوعي .

-وتناول تيمات جريئة كتيمةالجنس والسلطة والاستبداد.

-كما أن الرواية ذات أطروحة وطنية ووجودية.

-وتهدف الروايةكذلك إلى إدانة الوعي الوطني المزيف والتركيز على الوعي الاجتماعي للجيل الجديدالذي يتمثل في الثورة والرفض والتغيير.

ايوب صابر 03-18-2014 05:07 PM

تابع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 46- -لعبة النسيان محمد برادة المغرب

- لعبة الأم : إن حضور الأم في ’’ لعبة النسيان ’’ جوهري , ذلك أن هذا عنوان هذا العمل الروائيمضلل , لأنه في العمق لعبة للتذكر وليس للنسيان .

-مضافا إليها جانب التخييل , حيثتقدم الشخوص من خلال مشاعر وانفعالات أولئك الذين يقدمونهم.

- فالأم في الروايةمضاءة من عدة زوايا سردية وشهادات خارجية , وكل وجهات النظر حولها ترسم صورتهاالجميلة , لأنها تحتل مركز الأسرة , لذلك ستنغرس ذكراها إلى الأبد في شخصية الهادي .

- غير أن الأم تحمل فيالرواية أكثر من اسم : للا الغالية , للا ربيعة , فاس , الوطن .. ولها أكثر من صورة , إنها بين الخيال والواقع , وبذلك تكتسب قيمة رمزية تتجاوز الزمن , ففي البدء كانتالأم / الفصل الأول , ومع النهاية أيضا تبدأ / الفصل الأخير / من منكم يذكر أمي , فرغم تعدد وجهات وزوايا النظر حولها , إلا أنها كلها تصب في إخراجها في صورة بهية .


الساعة الآن 03:55 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team