![]() |
مما كان قديما .. حلم مذؤوب .. الجزء السادس
|
مما كان قديما .. حلم مذؤوب .. الجزء السابع
|
مما كان قديما .. حلم مذؤوب .. الجزء الثامن
|
للفقيد الرحمة
يعم الهرج و الارتباك أنحاء المستشفى مع دوي صفير سيارة الإسعاف القادمة من بداية الطريق مدير المستشفى يصرخ في الجميع : أعدوا غرفة العمليات الخاصة بأقصى سرعة و استدعوا الأطباء في الحال . يرد صوت من بعيد : الأطباء جاهزون يا سيدي يرد الصراخ من جديد : أريد الأساتذة جميعهم هنا في الحال الأمر في غاية الخطورة . يجري المدير و معه لفيف من المتخصصين في العمليات الطارئه . يستقبلون ذلك المستلقي على سرير السيارة بلهفه رجال الأمن ينتشرون انتشار الجراد في كل ناحية سيارة فارهه تتبع سيارة الإسعاف ذات علامات خضراء خاصة و مميزة للجميع . الصمت يعم الجميع و الكل منكب على متابعة حالة المريض المصاب في حادثٍ مأسوي المدير يشرف بنفسه على انتقال المريض من السياره إلى حيث غرفة العمليات الخاصة و المجهزة بأحدث الوسائل و جميع من في المستشفى يجري هنا وهناك لكي يأتي و يساعد . يدخل المريض غرفة العمليات و يتتابع توافد المتخصصين من كل مكان و من كافة المستشفيات المجاورة . . . . . مرت بضع ساعات و الكل غارق في العرق و التوتر . ومازال المستلقي على سرير غرفة العمليات كما هو النبض ضعيف جدا و تتضاءل قوته . الأنفاس لا تكد تدخل . البرد يجري في الأوصال جميعها . المتخصصين من جميع التخصصات يقومون بواجبهم على أكمل وجه . . يكسر الموقف دخول أحد الممرضات لتخبر المدير أن أحد الأتوبيسات العامة قد انقلب و هناك الكثير من الجرحى يحتاجون لنقل دم و عمليات خطيرة يصرخ فيها المدير بلا هوادة : و هل هذا وقت ذلك أما ترين ما نحن فيه ؟ قولي لزميلاتك أن تضمد جراح من هو مصاب منهم و حاولوا ايقاف النزيف منهم لحين أن نفرغ مما نحن فيه و نتأكد من تعافيه . تنسحب الممرضة دون كلمة و بهدوء تغلق الباب لتتوجه إلى حيث غرفات المصابين أو بالأحرى إلى الردهة التي تحوي أشلاءهم المتناثرة . . بعد مرور بضع ساعات و الحال كما هي . يدخل أحد المساعدين للمدير قائلا : سيدي هناك حادث مروع و مطلوب منا سيارات مجهزة للإسعاف و السيارة الباقيه هي السيارة التي كانت تقل هذا المصاب الذي في العمليات . هل أرسلها لهم لنقل المصابين و الجرحي فهي تشبه المستشفى المتنقل ؟ لم يستكمل السؤال حتى وجه له المدير نظرة كادت تقتله من شدة قسوتها و قال له و مالنا نحن !!! اتركهم فغيرنا سيذهب لهم و هذا الحادث في طريق سكني فتأكد أن السكان سيساعدون في كل شيء لا تخف هم كالقطط بسبع أرواح أما مريضنا الغالي فليس مثله . . . . مضت ساعات طويله على نفس الحال و الكل يقف يدعوا و يتضرع بشفاء المصاب . و في وسط ذلك المشهد يخرج الكل من الداخل و مرسوم على وجوههم علامات الأسى و الحزن و هناك بعض منهم يغرق وجهه الدموع . اقترب كبيرهم قائلا للمدير : سيدي أنعي لك الفقيد العظيم لقد لفظ أخر أنفاسه و نحن لم نقصر في أي شيء فقد فعلنا ما علينا و حاولنا قدر امكاننا أن نفيقه لكن الإصابه كانت مباشره في القلب . . . . اقترب المدير من قائد الأمن الخاص الملازم للمصاب العظيم و في قمة التأثر قال له : عزاءنا جميعا في الفقيد . فعلنا ما نقدر عليه لكن القدر قد شاء له ألا يلازمنا أكثر من ذلك . و في هدوء تام انسحب قائد الحرس و استقلوا سياراتهم ذات الأرقام المميزة . . . . و في الصباح يتصدر الصحف الحكوميه و الخاصة و العامة و المتخصصة ذلك الخبر المحزن ذلك الخبر الذي أحزن كافة طوائف الشعب بكل كياناتها . ذلك الخبر الذي أفردت له الصحف صفحات لتتحدث عن بطولات الفقيد . فقد استطاع القبض على الكثير ممن حاولوا الاقتراب من القصر الرئاسي و قد انقذ السيد الرئيس من عملية اغتيال تم تدبيرها في أحد الزيارات لأحد المنتجعات السياحيه و قام بفك شفرات الكثير من المكائد التي كانت تدبر للرئيس سواء بالأسلحة أو بالمتفجرات . و استعرضت الصحف الكثير عن سيرته الذاتيه و بطولاته في كلية الشرطة إبان وقت قريب حينما كان قائدا لسلاحه هناك و كبيرا لهم كل هذا في خبر خبر تصدر كل الصحف و لم تنكس له الأعلام . خبر كتبت عنه جريدة أبي الهول : أثناء قيام السيد الرئيس بتفقد الإنشاءات الخاصة بالقرية الذكية الجديدة كان حارسه الأمين يجري بجواره و يلهث كعادته و لفت نظره وجود جسم غريب مرمي على الأرض فذهب إليه يتفقده فإذا به يرديه صريعا كان الجسم الغريب هو سلك كهربائي عالي الضغط . عوّضك الله خيرا منه يا رئيسنا المفدى و من الآن سيتم اطلاق اسم الفقيد على كل الذكور من مواليد الكلاب تخليدا لذكرى البطل الهمام ( كلب الرئيس ) الراحل .. هولاكو . |
بعض من جنون
جلست أمامه تتأنق بغنج كلما لامس النسيم جسدها تتمايل هنا و هناك . تخطف البصر بذلك الأحمر المرسوم على غليظ شفاهها يتابعها بخطف نظرة سريعة لجسدها الممشوق يلفه ذاك الثوب الأبيض الرقيق تتبارى مفاتنها أن تظهر من تحت ثوبها الملفوف باتقان حول خاصرتها فجأة . تسأله بهمس مجنون الصوت في عقله يثير في نفسه تلك الشهوة المتأججة فيه هل تشتاق تقبيل شفتي ! تصهل ضحكتها الماجنة في عقله فيلف وجهه عنها بسرعة خوفا من الانزلاق في جب إغراءها الغير مقاوم . يشد بصره أحد العشاق يحتضنها برفق و يسحب من شفتها قبلة طويلة حارة فيغمض عيناه و يغيب في حالة من النشوة التي يعلمها جيدا أواه كم يشتاق لذلك الشعور . كم كان دافئا وقت البرد القارس حين كانت قبلتها هي مدفأته حين كان شعرها يطلق العنان لنفسه كلما اشتعلت فيها تلك الجمرة الصغيرة بهدوء . يرمي عينيه إلى ذلك الجيب الصغير الساكن فوق قلبه يخرج صندوقها الثمين ثم يسحبها من خاصرتها بهدوء ليعيدها إلى حيث كانت ...... . . . . . . حوار بين مدخن و سيجارة و علبة السجائر |
بعد عام من انقطاع . عودة تذكارية
تساؤلات ... تنتفض فجأه في الشاحب من الخيال تلقي بأطراف ظلالها الباهتة رماديّها على مقدمة طريق يطل بشاحب وجه ينادي على قارعته منادٍ نحيل الصوت بخفوت يصل حد الفحيح القادم من سحيق الأعماق هلم . ..... اقترب ............. ادنُ أكثر ذبلت منابت النبض فاستجابت طوعا بعد الصراع . . بغتة أقف . أتساءل يلتف متفحصا حوله هل تركت البصمة / البسمة ! ؟ يدور في رأسه يستعيد بعض قواه للرد تسقط وريقة صفراء ببطء تسقط العين معها يسيران سويا في سكون . . أيها الغائب الحاضر . أيها الحاضر الغائب . كفاك أن كنت تحاول . . . . |
رغم الوجع .. نعود
رغم تكسّر الخطوات على ذاك الطريق القاسي مازال الأمل يجري في المقدمة . يلهث بأنفاس متقاطعة لكنه مازال يـ سـ تــ كـ مـ ل . هنا اكتنفت الصفحات حروفا سقطت و حروفا ما زالت تتعلق باصفرار |
الخامس من سبتمبر ... لذكرى روح أبي . عليه رحمة الله
الخامس من سبتمبر : اليوم الإثنين ... تدق الساعة الثامنة والربع صباحا .. دقات ربما لم أسمعها بأذني لم يسمع الكون بأكمله لم ترها سوى عيوني عندما رأيت هذا المشهد أمامي لأول مرة في حياتي الشبه طويلة مشهد لن يتكرر سوى مرة واحدة في الحياة . أبي أمامي مسجى على فراش خامد الروح . دقت ساعة رحلته الطويلة . تجمد الوقت عندي عند هذه اللحظة أمي تغطي وجهه تغمض عيونه المتجرة أمامي . ساكن... كان منذ دقائق يحدثني . صوته في أذني يوصيني بنفسي . بأمي . باخي الأصغر: أنت الكبير لا تترك أهلك و تنزوي في دنياك اشدد من أزرهم يساندوك . طلب كوب من الماء وقفت أمي لتأتي بالماء فأمسك بيدها .. هل كان يحس أنها اللحظة الأخيرة ؟؟ هل خاف عليّ من رهبة الموت ؟؟ اهتزت يدي ..فسقط الماء على ملابسي أردت أبكي لم أستطع نظرت للماء المنسكب أمامي فضحكت . تساءلت هل هذه هيستريا الموت ؟ أمي بجانبي فجأة دون أن أحس شدت على يدي بقوة هامسة : أنت كبير امسك نفسك اياك أن تبكي . سألتها بعيني هل هذا حلم أم حقيقة ؟ ازدادت حدة شدتها على يدي قوة عقلي يحاول أن يساعدني على الاستيقاظ من الحلم الأسود أحاول ان اتيقن مما أنا فيه ما زلت متأكد من أن ما يحدث حلم لا كابوس لالالالالا ليست حقيقة . عقلي رافض أرفع عيني أكاد أفقأها بأصابعي . أمي لا تبكي . أخي الأصغر يتحرك هنا و هناك يسأل عن الطبيب . أما أنا فما أزال متحجرا أمام الجسد المغطى أمامي ما زالت الساعة كما هي لم تتحرك .. تهت في دوامة ..و فجأة أستيقظ على ( البقاء لله ) سيتم نقل الجثمان للمنزل . هنا فقط تتسارع الدقائق ما بين المنزل و المستشفى مائة متر و لكن المستحيل أن يخرج الأب كما دخل أخي يوقظني بكلمة (تحرك) .. (ما هو آت أصعب مما مضى) .( استفق يا كبير) ما الذي يحدث ؟؟ هل أنا من يعيش الكابوس وحيداً و الكل يعيش الواقع؟؟ ( لاأعلم ) نحمله سويا كما أدخلناه نستقل السيارة كما أتينا ما هذا ؟؟؟ ماذا أحس هنا ؟؟؟ أنفاسه أحسها لمسات يده ليدي عندما يطلب مني شيء كل شيء كما هو أحدق انظر فيه لأتأكد أحاول أن أستدر عطف دموعي لأستفيق . نصل المنزل . تتسارع الأوقات أكثر و أكثر و الأحداث معها أسرع يسجى الجسد أمامي . يلف في البياض . ومضت ذكرى لبسه للجلباب الأبيض للمسجد ... تلاوة القرآن تملأ المكان على كل لسان . تهدأ الأنفس قليلا . نستعد يرفع آذان الظهر تأتي سيارة نقل الموتى تأتي للموكب الأخير . هنا أستجمع قوتي أحاول تذكر أواخر كلماته ما بين المسجد و البيت ليس بعيد لماذا لا نرد له الجميل لماذا لا نحمله على الأعناق فكم حملنا على كتفيه . إلى نفس المسجد كنا نخرج سويا أنا في يده اليمنى و أخي في اليد اليسرى . نخرج فرحين . للقاء الله . يوم الجمعة . لماذا لا نحمله نحن اليوم ؟؟ يٌطلب منا وضع الجثمان في نعشه . أتساءل لماذا لا نحمله أنا و اخي اليوم . يدخل الناس للمساعدة أشير لأخي بالرفض توافقني أمي فيستجيب أخي الأصغر ينقل رغبتنا للناس يدخل ثلاثة من المقربين يودون المساعدة يدخل السائق بالنعش الخشبي الفارغ يقف أخي أمام الأقارب رافضا دخولهم يأخذ من السائق ما أتى به . لن يحمله غيرنا حتى و إن ذهبنا زحفا و لكن لن يحمله غيرنا كانت تلك رغبته الأخيرة . دلفنا للجسد المكسو بالبياض . إنه ينتظرنا حتى نذهب سويا . كعادته . قرأنا الفاتحة تشابكت أيادينا سويا . أمي ، أخي و أنا تلونا " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضيه فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي "دعونا الله بما فاض علينا به . توكلنا على الله . طلبت إلى أخي أن يذهب عند رأسه و أنا من قدميه و أمي تسنده من وسطه لنضعه في نعشه رفعنا الجسد . سبحان الله . كأنه يساعدنا لا شعور بثقل كما كان من قبل إنه . إنه . إنه خفيف جدا . وضعناه أنظر لأمي . لأخي أتساءل في صمت عيناهما تنقل لي نفس إحساسي لقد كان يساعدنا . توكلنا على الله . رفعنا النعش سويا أنا و أخي خرجنا من الباب نفس المشهد . ذكريات تمر كشريط ..سريع .. هو وسطنا و نحن في يديه نمسك به نسير إلى المسجد نفس الطريقة . كأننا نجري مسرعين من حوله النعش يجري للمسجد و نحن من نلاحقه . كما كان بالفعل . ندخل المسجد يرفع الناس ايديهم بالشهادتين . نصلي الجنازة . أقف أمامه . أنظر لعمي . أعتصر رأسي يذكرني أخي . " أنت الكبير " قال لك أنت الكبير أتفهم . ؟؟ أصلي الجنازة بالناس ثم نحمله إلى مثواه الأخير . طريق لم نمشه من قبل سويا في يوم من الأيام . و لكن ما نحسه غير عادي . الطريق سهل . نسير بسرعة . يقترب العم . الخال . أبناء العمومة ليحملوا معنا . لا أستطيع الرفض هنا .نصل للمقبرة . ترتجف اوصالي . يستقر النعش الخشبي . أمام القبر . يدفن الجسد . يُهال التراب . تدق الساعة الواحدة و النصف ظهرا . تتشابك الأيدي بالدعاء . بالتثبيت عند السؤال . نقرأ الفاتحة . ما تيسر من القرآن . فجأة و لأول مرة يرتفع صوت أخي الكامن . " هنا مثوانا جميعا و نهايتنا و مآلنا إلى التراب " ............... ..... .. ينفض الموكب الجنائزي بعد انتهاء مراسمه أعود إلى القبر أرفع رأسي لأرى ... اسم والدي على قبره .. هنا فقط ينتفض عقلي و تخر قواي و أصحو من الكابوس بانهمار الدموع مني . كأنها لم تغادرها منذ مولدي . هذه كانت ساعات من صباح يوم الخامس من سبتمبر . عند أدركت أن كل الناس مجرد " أسماء محفورة على شواهد القبور " لا أكثر .. |
عودة من بعيد ...
|
ترانيم عاشق
|
الساعة الآن 12:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.