![]() |
كيف نجمع بين آية { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } والاستعانة بالغير؟..
إن المصلي يقرأ في كل صلاة في سورة الحمد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}؟ .. وكما هو معلوم هناك فرق بين {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وبين نعبدك ونستعينك .. إذا قلنا: ( نعبدك ) فإن هذا لا ينافي أن نعبد غير الله عز وجل ، ولكن عندما نقول : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } أي نعبدك حصرا .. { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } أي نستعين بك حصرا . من حيث العبادة ، كلنا نعبد الله - عز وجل - حقيقة وحصرا ، ولكن المشكلة في الشق الثاني .. طبعا الشرك الخفي له مجاله ، ولكن الكلام هنا عن الاستعانة ؛ أي يا رب نستعين بك، ولا نستعين بأحد سواك .. فإذن كيف نجمع بين هذه المقولة ، وبين استعانة بعضنا ببعض في الحياة الدنيا ؟.. نحن نستعين بذوي الاختصاص : بالطبيب والمهندس ، ونجعل بعضنا وسطاء في قضاء الحوائج .. كيف نجمع بين { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وبين الاستعانة بالغير كما هي سنة الحياة ؟.. إن القضية جدا بسيطة : أي أستعين بأخي المؤمن على أنه سبب من الأسباب ، وعلى أنه أداة بيد الله عز وجل { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } .. ولو شاء الله لقلب فؤاده على خلاف ما هو يريد .. فرعون كان يقتل الأطفال ، ولكن عندما وقع موسى بيده تحول من عدو قاس إلى إنسان لين ، وجعله ابنا له .. عندما عاد موسى ليدعوا ربه ويبطل ألوهية فرعون , منّ ّعليه بأنه رباه وليدا فـ{ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } .. فإذن ، إن معنى ذلك أن القلب بيد الله عز وجل ( إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ، يصرفها كيف يشاء ). وبالتالي فإنه عندما يذهب الإنسان للأسباب الظاهرية عليه أن يذهب إلى أن هذا السبب بيد الله - عز وجل - ولو شاء لأزال سببيته .. ولهذا عندما تقضى حاجة المؤمن كعملية موفقة على يد جراح ماهر فإن أول خطوة عليه القيام بها هي أن يشكر الله - عز وجل - على هذه النعمة ، فيقول : يا رب لك الحمد، ولك الشكر ، أن سخرت لي فلانا .. فمن شكر الله على النعم سيسخر له رب العالمين أسبابا أخرى من باب : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ }. ************************************************** ***************************************** الأحد 13 صفر 1438هج 13 - 11 - 2016 |
إدمان السجود .................... إن هناك حركة من المناسب أن يتنبه لها المؤمن ، سواء كان في المسجد أو كان في المنزل .. فمن يقدم على هذه الخطوة ، يصبح مدمنا عليها ، مثلما يدمن الإنسان الذي يتناول تلك الحشيشة التي تنبت في الأرض ، وتفرز مادة حمضية .. فإن تناولها لمرة واحدة ، لا يستطيع تركها .. فهل رب العالمين الذي جعل خاصية الإدمان في حشيشة صغيرة ، لا يمكن أن يجعل الإدمان الإيجابي : أي الإدمان الروحي ، والإدمان التكاملي ، في حركة من الحركات ؟.. إن السجدة بالنسبة للأولياء والصالحين ، ليست مجرد دقائق وسويعات ، بل لعلهم كانوا يمضون بعض لياليهم في السجود .. حيث أن من أفضل موجبات الاطمئنان ، هو الذكر في حال السجود .. وهو مقتضى قول النبي (صلى اللهُ عليهِ و أله ) : ( أقرب ما يكون العبد من ربه ، وهو ساجد ) .. فالسجود هو أشرف حركة بدنية ، وذلك لأسباب منها: أولا : لأن الإنسان يكون منبطحا على الأرض .. فالواقف شامخ بأنفه ، والراكع نصف التكبر خلق منه .. أما عندما يسجد فإنه يتكور ، ولعل أصغر حجم ٍ لبني آدمَ يكونُ أثناءَ السجود .. ثانيا : إن رأس الإنسان عادة ما يرمز إلى العظمة ، والتكبر ، والكبرياء ، والعلو ، وهو في البدن يمثل القيادة .. فيلاحظ أن هذا الرأس في السجود ، يتطأطأ أمام رب العالمين سجوداً .. وكذلك فإن أشرف بقعة في الرأس -وهو الموضع الذي يحاذي المخ ، وهو مكان التفكير - ألا وهي الجبهة - وهذه الجبهة المحاذية لأشرف بقعة في الجسم على الإطلاق ، وهو المخ المفكر- يلاحظ بأنها تلتصق بأرخص بقعة في الوجود ، ألا وهو التراب .. يجعل الرأس وهو أشرف بقعة في الجسم ، والجبين وهو أشرف بقعة في الرأس ، يضع هذه القطعة على أرخص بقعة في الأرض . فإذن ، إن الحركة هي بنفسها تواضعية .. بعض الناس يصلي صلاة الليل ، وعندما ينتهي يسجد وينام في سجوده ، فيكون جسمه في الأرض ، وروحه في السماء .. هذا العبد يباهي الله - تعالى - به الملائكة ، لأنه لم يلزمه بشيء ، بل هو ألزم نفسه .. عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آله ) : ( يا أبا ذر !.. إنّ ربك - عزَّ وجلَّ - يباهي الملائكة بثلاثة نفر ـ إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورجل قام من الليل فصلّى وحده ، فسجد ونام وهو ساجد ، فيقول الله تعالى : اُنظروا إلى عبدي !.. روحه عندي وجسده في طاعتي ) . إن تذوق السجدة من ألذ لذائذ العيش عند أهلها .. وعليه ، فإن السجود عملية مبارك ة.. ولكن ماذا نقول في السجود ؟.. إن أفضل ذكر هو الذكر اليونسي ، الذي لم يفارق الأولياء والصالحين طوال التاريخ : { لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } .. هذا الذكر عجيب ، جامع لمعانٍ عظيمة ، منها : أولا : { لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ } ، هو سيد الأذكار .. لم يقل : ( لا إله إلا الله ) ؛ لأن الإنسان عندما يكون قريبا من المخاطب ، يخاطبه مباشرة ، يقول : يا رب ، أنا أخاطبك أنت مباشرة . ثانيا : { سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } ؛ تنزيه .. أي أن ما حصل ، لم يكن جزافا!.. بل أنا الذي ظلمت نفسي ، فأوقعت نفسي ببطن الحوت .. وأنا الذي ظلمت نفسي ، فأوقعت نفسي في الكآبة المزمنة .. وأنا الذي ظلمت نفسي ، فكتبت عاقبتي .. وعليه ، فإن هذا الذكر فيه اعتراف جميل !.. إن القرآن الكريم لم يذكر أن يونس ( عليهِ السلام ) قال هذا الذكر مائة مرة ، لعله ذكره مرة واحدة ، ولكن بحالة يونسية .. فهنيئا لمن ذكر الذكر اليونسي بحالة يونسية ، ولو مرة واحدة في عمره ؛ عندها يرى الأعاجيب !. .منقول ************************************************** **************************************** الثلاثاء 15 صفر 1438هج 15 - 11 - 2016 |
( الذكر الدائم )
.................... إن من صفات المؤمن ،أن يكون لسانه لهجا بذكر الله عز وجل .. فطبيعة بني آدم تغلب عليه الغفلة ، ولعل كلمة " إنسان " أطلقت عليه لغلبة النسيان . كيف يذكر الإنسان ربه ؟.. هناك عدة عوامل ، تجعل الإنسان في ذكر دائم : أولا : المصيبة والبلاء .. إن الإنسان عندما يقع في مصيبة ، يخرج من جو الغفلة .. ولهذا فإن إيمان السفينة إيمان معروف ، فالمؤمن وغير المؤمن عندما يكون الطوفان ، يذكر الله عز وجل ، يقول تعالى في كتابه الكريم : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } .. فإذن ، إن المصيبة تذكّر ، ولكن مادامت قائمة .. ولهذا فإن المسجون يكون في محرابه وعلى سجادته يصلي، فإذا أطلق سراحه ينسى كل شيء . ثانيا: النعمة.. إن النعمة هي أيضا تذكر ، حيث يكون الإنسان في غفلة ، فيأتيه خبر مفرح مثلا : جاءه صبي ، أو مال ، أو فرج .. فيذكر الله - عز وجل - وهذا أمر جيد !.. ثالثا : الاستفتاح بالتسمية .. إن الإنسان ليس دائما في مصيبة ، وليس دائما في نعمة .. لذا علينا أن نجعل الأعمال لله - عز وجل - دائما، مثلا : عندما يريد أن يذهب الرجل إلى المنزل ، فإن أول خطوة يقوم بها ، هي ركوب السيارة .. فبإمكانه أن يقرأ هذه الآية : { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } .. هذه الآية البعض يقرأها في الطائرة ، ولكن أيضا يمكن أن يقرأ هذا الدعاء عند الركوب في السيارة .. وعندما يدخل المنزل ، فليقل : بسم الله أدخل هذا البيت .. وهناك دعاء عند الخروج من المنزل : ورد أن الإنسان إذا خرج من منزله ، قال حين يريد أن يخرج : " الله أكبر ، الله أكبر ثلاثا " بالله أخرج ، وبالله أدخل، وعلى الله أتوكل " ثلاث مرات " اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير ، واختم لي بخير، وقني شر كل دابة أنت آخذ بناصيته ا، إن ربي على صراط مستقيم " لم يزل في ضمان الله - عز وجل - حتى يرده الله إلى المكان الذي كان فيه .. وعندما يريد أن يتناول الطعام ، يبدأ بالبسملة ، وينتهي بالحمد .. وعندما يتوضأ كذلك يبدأ بالبسملة .. وقد ورد عن النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، عن الله عز وجل : ( كل أمرٍ ذي بال ، لم يُذكر فيه بسم الله ؛ فهو أبتر ) .. فإذن ، إن كل الأمور الهامة ، هي من موجبات ذكر الله كثيرا . إن من آثار ذكر الله عز وجل ، غير إخراج العمل عن كونه أبتر ، أنه يحمي الإنسان من الوقوع في المعاصي .. مثلا : عندما يركب الإنسان الطائر ة، ويقول: بسم الله أفتتح سفري هذا ، سوف لن يعصي الله .. فالذي يلتفت إلى مضمون التسمية ، قهريا لا شعوريا ، لا يمكن أن يكون هذا العمل الذي باركه ببسم الله ، مقدمة لحرام يرتكبه . ما معنى بسم الله ؟.. في اللغة العربية : كل جار ومجرور ، لا بد أن يكون متعلقا بشيء .. مثلا : إذا قلنا : في الدار .. فإن هذه الجملة ناقصة ، ولا بد أن تقدر تقديرا بـ: مررت أو دخلت .. وهنا { بسم الله } جار ومجرور ، و{ الرحمن الرحيم } صفة للفظ الجلالة .. فالجملة ناقصة جدا ، ولابد أن نقدر ، والتقدير المعروف : أني أفتتح عملي هذا ببسم الله الرحمن الرحيم . منقول بتصرف ************************************************** ************************************* الجمعة 18 صفر 1438هج 18 - 11 - 2016 |
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـن الرَّحِيمِ
كيف نجمع بين العزة الإيمانية وبين الصفح عن أخطاء الآخرين ؟.. إن هناك حيرة عند المسلمين ، حيث يقولون : لا ندري ما هو التكليف في هذه الحالة حيث يقول تعالى : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } .. فالله - عز وجل - أوكل أمور المؤمن إلى نفسه لا أن يذل نفسه .. ليس له الحق أن يجعل نفسه في مواضع الذل والوهن ، وهذه قضية بديهية واضحة في الشريعة . ولكن من ناحية أخرى أمرنا بالصفح عن زلل الغير ، حيث يقول تعالى في كتابه الكريم : { رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } ، { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } .. وعن علي (عليه السلام ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ألا أدلك على خير أخلاق الأولين والآخرين ؟.. قال : قلت : يا رسول الله ، نعم .. قال : تعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ) .. فكيف نجمع بين العزة الإيمانية ، وبين الصفح عن زلل الغير ؟.. وهذه من المشاكل الأخلاقية . إن القضية تختلف باختلاف الموارد، فالعزة الإيمانية أو إثبات الشخصية الإيمانية لها موراد، وكذلك العفو له موارد .. والقوانين غير منضبطة في هذا المجال ، ولكن إجمالا : إذا كان العفو عن الظالم يوجب له مزيدا من الظلم ، نعم في هذا المورد يجب أن يأخذ موقفا حاسما ؛ ولكن من باب دفع الظلم ، وعدم تمادي الغير في الباطل. أما إذا كانت القضية بالعكس ؛ أي أن عفوي عمن ظلمني يوجب احترام الطرف المقابل ؛ فإنه يجب العفو .. فهذه قاعدة معروفة ، عندما تغضب المرأة على الرجل ، ويسكت ويحسن إليها بسكوته ؛ فإنه يدخل إلى قلب المرأة بهذه الحركة .. هو أراد أن يملكها بالعنف وغيره ، ولكنه احتواها بتصرفه هذا .. وعليه ، فإن المؤمن في هذا المجال ينظر إلى الأمر ، ويدرسه دراسة ودية .. هناك قاعدة في القرآن الكريم تقول : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ، وهناك قاعدة أخرى تقول : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } .. نحن عندما نتخاصم مع أحد ، فإن الحل عندنا هو المحاكم ، ولكن القرآن يقول : { فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } .. وبالنسبة إلى الزوجين المتخاصمين يقول : { إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } . فإذن ، إن القاعدة العامة هي : رحماء بينهم ، وإذا أراد الإنسان أن يخرج من الرحمة ؛ لا بد له من سبيل !.. ************************************************** ************** الأحد 20 صفر 1438هج 20 - 11 - 2016 |
الساعة الآن 10:41 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.