منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 02-20-2013 03:44 PM

وألان مع عناصر الأفضلية والروعة في رواية 12- الوشم - عبد الرحمن مجيد الربيعيالعراق

- تعتبر رواية "الوشم" للكاتب العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي منالروايات العربية النادرة التي حظيت باستقبال هام نقداً وتحليلاً.
- صدرت الرواية في طبعتها الأولىسنة 1972 في سياق تاريخيّ هام مرّت بهالرّواية العربيّة الحديثة من أبرز معالمه تحوّل في فهم الواقعيّة باعتبارها منهجاً في الكتابة الروائية.
- تواجه رواية "الوشم" قارئها طباعياً بازدواجية خطابيّة شكليّة إذيفصل المؤلف بين مستويين من السّرد عبر تغيير حجم الحروف، يتّصل المستوى الأول وهومستوى الحروف العاديّة بخطاب السّارد ويتّصل المستوى الثاني وهو مستوى الحروفالغليظة بخطاب كريم الناصري وهو الشخصية المركزية في الرواية.
- تتبلور هذه الازدواجيةالخطابية أكثر في مستويي استعمال الضمائر والتلقّي... فالسّارد يستعمل ضمير الغائبوهو يروي حكاية كريم الناصري، ويوظّف كريم النّاصري ضمير المتكلم ويروي حكايتهالشّخصيّة.
- السّارد يوجّه خطابه إلى قارئ الرّواية في حين يوجّه كريم الناصريخطابه إلى "حسّون السليمان" وهو أحد رفاق السجن. ويتقاطع الخطابان في شكل مقاطعسرديّة تطول وتقصر عبر كامل النصّ.

ايوب صابر 02-20-2013 09:24 PM

تابع..........عناصر الأفضلية والروعة في رواية 12- الوشم - عبد الرحمن مجيد الربيعيالعراق


- رواية انكتبتمنذ صرختها الأولى نصا حداثويا ، مشاكسا، متمردا على كل شيء مثل بطلها كريم الناصري .
- نصشقي من نصوص (أدب السجون) .
- يعتبر المكان في رواية "الوشم" هو الشخصية المحورية، ولوبالغياب، وهو المعتقل الموحش، الذي كان يوما إصطبلا لخيول الشرطة .. بلياليهالسرمدية .. هذا الفضاء الكريه، الذي يصادر الحرية ويغتال الأحلام، ويختطف الدفءالإنساني .. ويدجن المغضوب عليهم .. يقهرهم سياسيا ونفسيا ... ويدفعهم إلى الغرق فيالوحدة وفي الخطيئة (السقوط)
- كم يغدو الزمن النفسي توأم هذا الفضاء المقيتالقاتل: "ويدعوه صوت من الأعماق لأن يحمل رفاته ويقـلع لعل رأسه اللائب تحتضنهوسادة أمان، ويدفـعـه في النهاية إلى الهـرب، إلى اختيار مـنـفـاه : "إننيمسافر غدا إلى الكويت لقد استـقـلت من الجريدة والشركة معا وسأبدأ حياتي هـناك منجــديـد
- بين البداية والنهاية سلسلة منالخطايا والآلام والتداعيات ...
- يتحول كريم الناصري (ذلك الصبي الشجاعالذي لا يخا ف الظلام ولا المجهول) من مثـقـف مناضل حالم إلى إنسان يحمل رفاته،دمرته ليالي المعتقل من الداخل، كل أمانيه في الحياة أن يعيش ليقرأ الكتب ويعاشرالبغايا – بعد انقراض الحب الأفلاطوني طبعا – ويهرب من تأنيب الضمير باللجوء إلىالسكر وغيبوبة اللحظة والتفاهة .
- مكتوبة على غرار باقي الرواياتالسياسية، عندما يفشل البطل المناضل / الضحية يحاول أن يعوض عنتريته المنكسرةبممارسة فروسيته على أجساد النساء أو في الحب.
- استطاع الربيعي في هذا النص المتميز أن ينمق جراح كريمالناصري / الضحية السياسية بكل تلويناتها ..
- ونجح في بنائه الفني ببراعة بدائريةالحكي، وتفتيت السرد وتعدد الضمائر والأصوات وشعرنة بعض المقاطع السردية تخفيفا منحدة قتامة أجواء الرواية ..
- ولعل هذا ما جعل الرواية تستقبل بكل حفاوة نقدية منذصدورها ... وهي تكشف الستار عن المسكوت عنه في لعبة السياسة التي ينبهر بها المثقفالطليعي.
- الرواية تدفع المتلقي الى السؤال : هل الحياة في المعتقل تكون أحيانا أفـضل من الحياة خارجه ؟ إن هذه المواقتة بين الجواني والبراني يمزجها الربيعي بتكـنيك واقعي، لا حلم بلا واقع ولا واقع بلا حلم ، أما التقـنية الرائعة فهي ساعة بلا عقارب ، تذكرنا بتكنيك الروائيين الكبار من جويس إلى وليم فولنكر ، لا بد من الإحساس بالزمن ، بعمق، لإدراك هذا التوقيت الموزع

ايوب صابر 02-21-2013 10:41 AM

تابع..........عناصر الأفضلية والروعة في رواية 12- الوشم - عبد الرحمن مجيد الربيعيالعراق

- أن رواية الربيعي يمكن أن "تذكرنا بتكنيك الروائيين الكبار من جويس إلى وليم فولكنر"
- تتجاوزتكنيك سرد تيار اللاوعي، و اتبتكر سرد مبعثر أو مشتت لرصد وعي يماثله،.
- لم تزل تحتفظ برونق سردها و تلقائيته و بما تثيره من أفكار سباقة و ملحّة على المواطن العربي الذي يعيش في"غرفة بملايين الجدران" بعبارة محمد الماغوط، أو في "سجن بلا جدران و لا حراس"
- الرواية تتحدث عن شاب مثقف يدعى كريم الناصري لم يزل يعاني من جرائر سجنه سبعة أشهر في أحد سجون العراق طالما أنه لا يعرف كيف يتخلص من خزيه و عاره بعد قبوله بالاعتراف بنشاطه السياسي و تبرؤه منه علناً في إحدى الصحف لكي ينال حريته و يذهب إلى أقرب حانة.
- الرواية لا تحاول أن تفضح انهزامية هذا الشاب بقدر ما تحاول أن تكشف عن طهرانية المجتمع الذي يعيش فيه ، و عن انقلابية أفكاره و عدم مقدرته على تكوين وعي علائقي حديث و عقلاني حتى بين صفوف الشرائح العلمانية واليسارية.
- الرواية لا تصرّح بأفكار شخصياتها السياسية أو العامة ،و إنما تكتفي بفضح أحادية السلطة أو المعارضة في ثنائية تصادمية لا مكان للحراك الثقافي أو الاجتماعي أو الإنساني بينهما .
- يؤكد ذلك اضطراب عقل كريم الناصري و نفسيته حين لا يستطيع الاستمرار في حياة متوازنة داخل العراق على الرغم من توفر العمل و المرأة بل و الحب ، و ذلك بسبب من شعوره بالتلوث و الإثم لتخليه عنأفكاره السياسية السابقة و تنازله للسلطة ، الشيء الذي يعتبره خيانة لا تغتفر و لايمكن الخلاص من خطاياها إلا بالانتحار المكاني أي الهروب خارج العراق إلى الكويتأولاَ و من ثمّ إلى بلدان أخرى للابتعاد أكثر فأكثر عن مسرح الجريمة.
- بنية سردها المتشابكة التي اقترحتها ذهنية كريم الناصري الذي تولى رواية معظم الأحداث على شكل استذكارات و رسائل متداخلة في أمكنتها و أزمنتها و لكن لكي تعاود التشكل في ذهن القارئ لحظة انتهائه من قرائتها بما يتيح له التفكر و التأمل في مقولاتها و وقائعها حتى لتبدو أنها رواية يومية لحياتنا التي نعيشها الآن في بيوتنا و شوارعنا و عملنا و كأن السجون أصبحت إحدى مورثاتنا الطبيعية أو هي آفة عصرية نتفسها مع الهواء و نشربها مع المياه و نأكلها مع الطعام ، واعتبارها كذلك هو بحد ذاته كاف ليجعلها إحدى الروايات الرائدة في تفكيك الوعي العربي و إحالته إلى مشرحة العقل النيّر من غير ادعاء أو فذلكة شكلية قد لا تفضي بنا إلا إلى مزيد من الجهل أو في أحسن الأحوال إلى مزيد من الانكفاء و التجاهل لما يمكن أن يودي بنا جميعاً إلى التحلل و التلاشي

ايوب صابر 02-22-2013 03:03 PM

تابع..........عناصر الأفضلية والروعة في رواية 12- الوشم - عبد الرحمن مجيد الربيعيالعراق


- كل عنصر في روايات الربيعي له مدلول أنساني.
- رواياته غنية المعاني وعميقةالدلالات ، شيقة الأحداث.
- هي تجارب وسجل ذاكرة ... وهو لم يتدثر بعباءة غيره.
- تجربته موّارة بالحياة ، رافلة بالبساطة والعفوية والعمق ، أنها من النوع السهل الممتنع.
- اسلوبه ظل عصي على التقليد ..كونه وثيق الصلة بجذور الحياة المتجددة أبداً وبصولات الفكر الإنساني الذي لا يهدأ
- يقول انه حكّاء وأنه لم يرو سيرة آخرين بل سيرته هو.
- يقول عبد الستار ناصر في مقال له نشرته " الزمان " عن الربيعي : ( لم يبق من شيء من عالم الربيعي المتشعب إلا وكتبه ومن صندوقه المحشو بالأسرار إلا وفتحه، وما من زقاق أو شارع أو محلة أو مقهي أو حانة أو مطعم الا دخل اليه وجاء علي ذكره في بغداد كان ذلك أو في بيروت، ودائماً مع هذا الصديق أو ذلك المحب).
- ذاكرته جسر ممدود عبر الزمن ، تنهل من الماضي لكي تثري الحاضر .
- إن جميع أعمال الربيعي التي اطلعت عليها ، رواية وشعراً ودراسة ، تتمتع بقدرة مدهشة على إثارة الأسئلة وإبقائها معلقة في الهواء ، تبحث دونجدوى عن مفاتيحها وإجاباتها ، وتلك ميزة لم يحصل عليها إلا قلة قليلة ، فكتاباته لؤلؤاً لا يخالطه الحصى !
- الربيعي كان يتصرف بنفس الطريقة التي يفكر بها بمعنى أنه لم يتناقض ابداً >

يتبع،،

ايوب صابر 02-22-2013 08:39 PM

تابع..........عناصر الأفضلية والروعة في رواية 12- الوشم - عبد الرحمن مجيد الربيعيالعراق


- يصف الربيعي الكتابات الأولى فيقول "كانت كتابات تجريبية، لأننا أردنا أن نصل بها إلى نتائجمعينة.. كانت أشبه مايكون بمن يدخل إلىمختبر ويبدأ بالتركيب ليصل إلى نتائج متوخاة، ربما يكون النصالذي نكتبه لا يحقق مانريد، لكن إنصافا لهذا النص أنه حرك الماء الراكد، وعمد إلىتكسيرالوجود وتعريةواقع ليس واضحا تماما.

- جاء إلى الكتابة من الفنون التشكيلية، وهو يقول "كنت منبهرابالسريالية التي كانتطاغية على الرسم العالمي، وبدأت أتساءل عن وعي كيف يمكن أن أكتب بطريقة سريالية من وحيما أراه من لوحات تشكيلية؟

- مجيدالربيعي تساءل مبكراحول الذات والهوية، ولم يكن يريد أن يلحق اسمه بالآخر على حد تعبيره.

- كان الربيعي يريد لنصوصه أن تكون ابنة الواقع شاهدة عليه، رافضا شحنها بالشعارات.

- مجيد الربيعي هو زنبقة أزهرت بجوارالزقورة تحمل أريج كلكامش مزهوّة بأناشيد المعبد وشاهدة على المرارة الحية تغازلأحشائنا وتقول ما نريد قوله , تصفعنا بالبهاء ونستلقي في رحابها , نستفيء ظلها فيكل المواسم وهي ترتل ما تشاهده في قصص رائعة ملك العبير جوفها فنثرته كما تحب وكماهو في أجمل صورة , ذلك هو الروائي والقاص عبد الرحمن مجيد الربيعي.

- فمه الفرات وأنفاسه دجلة تتعانق في أكثر المنحدرات خصوبة , فملأ اسمه الأصقاع.

- أحب الفن منذصباه فتغلغل في أعماقه وأصبح مبتغاه درّس الفن التشكيلي في مسقط رأسه عاشقا له وانتركه لكنه بقي ( الفن التشكيلي ) في أحشائه يحترق قصائد وقصص مستغرقا بالتفاصيل وما يخط قلمه ليصبح وهجا آخر ينتشر بمساحة اكبر.

- يرى الأشياء كما هي بلا زيف أو تطفل أو غاية , يفيض موّدة وعشقا أزلي للوطن كما هو السومري الأصيل الذي يتربع عرشه مزهوا بإرث ملأ شذاه الكون محلقا في فضائه الواسعة , ويبحر في زورق جميل إذا تعبت جناحيه عن التحليق.

- إكليله الصدق يتأمل عمق التاريخ الراهن في الواقع وفي عمق الأسطورة بعيدا عنالهذيان المسترسل الذي لا يطابق أفكاره وحلمه الذي يراوده في سلوك رضعه من ترابه فأصبح مادته المطابقة لأفكاره, محلقا عاليا فوق المدن التي خفق جناحه فيها والتي يراها كأنها امرأة فاتنة, رافضا ما يغريه كما هو شأنه دائما وما أوقع الكثيرين غيره فيها.

- خط لنفسه طريقا وحرفا يمتاز به ليكون هو غير مقلد لأحد رغم ما عاشه الإنسان أو بالأحرى جيلهمن تداعيات مستعينا بفنه مجسدا روح المخاطرة فيهرافضا أن يكون تقليديا كما أرادهالزمن الذي يعيش فيه فحمل الفن مركبه وسار.

- يجسد ما هو شخصي وما هو عام وما هو حاضرا وماهو دائم متنقلا في خط رائع من الجزئي إلى الشمولي ومما يدعوا النظر بعين ثاقبة ومايتلمسه من واقع يعيشه , ينقل أفكاره بوضوح كما هي حياته اليومية وعليه يمكن القولإن شخصيات الربيعي واضحة جدا وتعيش حاضرها كما هو ومنغمسة فيه ومستقبلها جزء لايتجزأ من الحاضر لأنها تعيش فيه.

- كل كتاباته لها مضمون متكامل وكل عنصر فيها له فعله الإنساني .


-كل قصصه شيقة الحدث وهي سجل زاخر بالأحداث والذكريات والمعاني سببها الرئيسي الصلة الوثيقة مع الجذور الراسخة والمتوهجة حبا.


- كما يتمتع بقدرة هائلة على إثارة الأسئلة تبحث بلا كلل عنأجوبة وهي ميزة لا يشاركه فيها احد فيما يبوح من أصالة ونقاء متميزا في عطائه بسيطافي عفويته وعميق المعنى ومتجددا ولم يتبع بخطواته احد.

- ينفث ما يغازل روحة في قصصهورواياته شعرا من خلال الصور التي تتوهج في مشاعره ومشاعر الإنسان فتخلق تواصلاحميميا بينهم.

- كتاباته الزاخرة مبنية علىأسس وقواعد فنية تعالج الواقع وتتفاعل معه وتسبر غوره .

- مسكون في وميض الحرفاللامحدود، ممتزجا بالنغم والإيقاع الذي يصاحبه وما يرقص ذاته وما يحيط حوله معالآخرين.

- قال عنه صديقه عبد الستار ناصر في مقال نشرته الزمان ( لم يبق من شيءمن عالم الربيعي المتشعب إلا وكتبه ومن صندوقه المحشو بالأسرار إلا وفتحه، وما منزقاق أو شارع أو محلة أو مقهي أو حانة أو مطعم الا دخل اليه وجاء على ذكره في بغدادكان ذلك أو في بيروت، ودائماً مع هذا الصديق أو ذلك المحب) .

- يقول عن نفسه عندما أكتب لا أضع أي محذور أمامي.

- ويقول أنا من الكتاب الخارجين علىالتبويب تحت عناوين معينة والمنتمين إلى أنفسهم وإلى همومهم.

يتبع،،

ايوب صابر 02-22-2013 09:54 PM

تابع..........عناصر الأفضلية والروعة في رواية 12- الوشم - عبد الرحمن مجيد الربيعيالعراق


-برع الربيعي في تصوير الدوائر المغلقة والملاحقات السياسية في روايته الوشم ومن بعدها الوكر وما بينهما الأنهار والقمروالأسوار.

- تتداخل الأجناس في كتاباته، الشعر ينهض في تجربته كلها،في الشعر والرواية والقصة القصيرة ما يجعل كتابته أقرب إلى المختبر الإبداعي منهاإلى المنجز المطمئن إلى حدوده وتصنيفاته، الشعر كرؤية للكون بعيدا عن التجنيس فيجدل متواصل بين الحقول الإبداعية كافة داخل نص واحد هو نص الربيعيبامتياز.

ايوب صابر 02-22-2013 10:00 PM

وألان مع عناصر القوة في رواية 13- - الرجع البعيدفؤادالتكرليالعراق

-دخل الروائي فؤاد التكرلي عالم الأدب من بعد خبرة طويلة في مجالالقضاء،وذاع صيته مع رواية الرجع البعيد التي تعد من قمم الروايات العراقيةفي عقد الستينات.

-تمركزت روايتة الرجع البعيد حول حياة الطبقة الوسطى في بغداد.
- ثمة ظلال لمحلة باب الشيخ وهي من الأحياء الشهيرة في بغداد في أغلب رواياتالتكرلي، وهي إما من الطبقات الفقيرة الآخذة في طريقها نحو الطبقة الوسطى أو منأبناء الطبقة الوسطى المنحدرة الى الطبقة الفقيرة مع تلميحات لشخصيات في طريقهالتجاوز الطبقة الوسطى نحو الأرستقراطية وبالعكس.

-يقول فؤاد التكرلي: "اعتقد أنالمكان الذي حملته دائماً، وعشت فيه مجازاً حتى اليوم هو محلة "باب الشيخ"، فكلرواياتي وقصصي تقريباً تستند إليه، وحتى حديقته الصغيرة بقيت للآن جزءا من تاريخيالشخصي".

- في خاتم الرمل نحن إزاء بيوتاتبغدادية تتغلب على ضجرها بإقامة حفلات البنكو، صالت فخمة، تنزه على الكورنيش،حدائق، بساتين نخيل محاذية للشوارع العامة، تشغيل اسطوانات لشوبان ، نواد وباراتليلية حفلات ومصابيح حمراء وزرقاء تضفي أجواء من البهجة على ليل المدينة ومفرداتعديدة كانت في صلب الحياة المدنية البغدادية ، ولا يمكن أن تعود إلا من باب الحنين .

- روايات قليلة، إلا أن مساحة تأثيرهاكانت أكبر انها نموذج للروايات الكلاسيكية الحديثة ببنائها.
- الرجع البعيد التي أسست لخطاب روائي متميز وأرخت لحقبةتاريخية مهمة في الحياة العراقية .

- كانت مفعمة بالروح والأعراف الشعبية ونكهة كل وجبة وبهاء كل طقس اجتماعي لأهل بغداد العجيبين.

-الرواية ساحرة بسردها المحكم واحداثها المتشابكة وبنائها المعماري ،وبحوارها الصادق والمتنامي باللهجة العراقية الرشيقة وكأنه مكتوب للمسرح اوالسينما.

ايوب صابر 02-23-2013 10:50 AM

تابع.........وألان مع عناصر القوة في رواية 13- - الرجع البعيدفؤادالتكرليالعراق.


- صرح في مقابلة نشرتها مجلة المدى عام 2004 قال كل اعمالي هي ضد السلطة ، ومع ذلك كتبت وانا في العراق وبقيت فيه ..

- ويضيف : ركزت في كتاباتي على المشاكل الحقيقية لدى الشعب العراقي ،ولم اكن أشتم أو احتج بطريقة فجة ،بل اخترت الكتابة العميقة.

- عندما أتوصّل الى الشكل،أبدأ الكتابة فوراً.

- ويقول فكرة «الرجع البعيد» (1980) جاءتني عام 1963 وبقيت أفكر حتىعام 1969 في كيفية إخراجها فنياً.

- ويقول أنا نادم على الوقت الطويل الذي استغرقته فيكتابتها. كان يُمكن اختصار الوقت لو بذلت جهداً أكبر.

- واحد من القلة من الكتاب العراقيين ، الذين انصرفوا لتوثيقتاريخ العراق المعاصر ، قصصيا ، وروائيا ، ومسرحيا

- كل اعماله دعوة الى التمرد على سبئاتالمجتمع

- التكرلي في تشريحه للمجتمع العراقي ووضعه اليدعلى معايبه ومشكلاته ، كان أديبا واقعيا صادقا لهذا لم يتعرض لاي مضايقة او ملاحقة، هذا فضلا عن ان السلطة في كل مراحل تاريخ العراق كانت تعرف بان التكرلي ، وهو قاضنبيل ومعروف ، واحد من رجالات القصة والرواية والابداع لذلك لم يكن من الصواب انتتعرض له لأي سبب من الاسباب ،لا بالعكس كانت تقدره وتضعه في المكان الذي يستحق.

- كتب عنه الناقد الادبي الكبير الاستاذ الدكتور علي جواد الطاهر" فقال : ان التكرلي ليس قصاصا حسب ، انه مثقف في فن القصة ، وفي علمها : قواعدها ،قوانينها ، سماتها .

- أما القاص والروائي (محمد خضير)، فقد قال عند تكريم جريدةالمدى (البغدادية) للتكرلي ، معقبا على بعض أحداث وشخوص روايته ( الوجه الاخر) نحنالان نشم فيه النسمات الاخيرة لشارع الرشيد .

- ولم ينس الروائي (علي بدر) ان يؤكدحقيقة مهمة في ما قدمه التكرلي حين قال : بأن الاجيال القادمة ستتذكر بأن ملامحالشخصية العراقية موجودة في اعمال فؤاد التكرلي.

- كما اشار الناقد والشاعر فاروقسلوم في مقال له منشور على موقع كتابات (الالكتروني) يوم 6 ايلول 2007 الى ان فؤادالتكرلي أصر على النزعة البغدادية المدينية.. مقابل أي اتجاه آخر،

- كان رهانهالعالمي على هويته فشخصياته كلها من الواقع العراقي المعاصر الرافض لكل قيد ..

- عدنان ومدحت بطلا روايته ( الرجع البعيد) فهما علامة فارقة لمجتمع متنوع ومتوافق يقبل الفساد .. ويقبل العفة .

ايوب صابر 02-23-2013 05:32 PM

وألان مع عناصر القوة في رواية 13- - الرجع البعيدفؤادالتكرليالعراق

-لقد عاصر التكرلي اجيالا من السياسيين ، وشهد تقلباتالعراق السياسية ، لحقب ثكلى ومحملة بالاسى .. وكان مسؤولا في قاعة المحكمة عنالظلم والمظلومين ، لكنه ظل ، يقول سلوم ، يريد كشف جوهر الصراع ، وخباياه النفسيةوالاجتماعية والتربوية ، ويلتقط الباحث (كرم نعمة ) الخيط في موقع جريدة البينة (2005) ليقرأ بعضا مما جاء في ( المسرات والاوجاع) ، هذه الرواية التي وصفها الناقد (صبري حافظ )بانها (رواية العصر الكبرى) .
-قائلا : انه عندما نستذكر بطل هذهالرواية في الخاتمة، وقد نزل عليه مبلغ هائل من المال ،وهو يتجول في الكرادة ،ويقتني قطعة حلوى ...نشعر ان المكان في ذاكرة التكرلي قائم ومخلصلعراقيته.

-أما (اسماعيل زاير ) الناقد والصحفي المعروف ، فأكد في تقديمهلملف كامل عن التكرلي نشرته جريدة الصباح الجديد في عددها الصادر يوم (10 ايلول 2007) : ان التكرلي من أفضل وأجمل تعبيرات الذات العراقية الحرة والمنطلقة علىهواها وبما تمليه سجيتها .

-قال الناقد (ماجد السامرائي )في حوار له معالتكرلي نشرته الحياة (البيروتية) يوم 26 تشرين الاول 2003: ان الرؤية الاجتماعيةالواقعية هي التي أطرت ادب التكرلي القصصي والروائي والمسرحي كما انها كانت دافعالاحداث التنوع فيه.

-أما الناقد( ناطق خلوصي )فكتب مقالة بعنوان : مدرسةالتكرلي في الابداع منشورة على موقع قناة الشرقية ( الفضائية) جاء فيها ان التكرليأول من تناول موضوعة الجنس في روايته تناولا مباشرا وصريحا احيانا ، مع أن الاقترابمن هذه الموضوعة كان يصطدم بالمحرمات الدينية والأخلاقية والاجتماعية .. ويقينا انهاستفاد من عمله ، كقاض ومن هنا فان تعامله مع شخصياته ، كان تعاملا وفق منظور نفسيـ اجتماعي ..

-فهو يعطي للعوامل والظروف الاجتماعية والاقتصادية ما تستحقهمن اهتمام .

-كما يسعى للتوغل في أعماق الشخصيات .. ويضيف( خلوصي ) .

-الى ذلك قوله انالتكرلي في مجمل أعماله الروائية كان يحرص على تقديم استقراء لتاريخ العراق المعاصروخاصة في ال50 سنة الاخيرة ..

-ويبدو ان التكرلي ، وهو ابن الطبقة الوسطى ، مع أنهعد يساريا في افكاره ، كان على علم ببواطن وخفايا واسرار هذه الطبقة لهذا حرص علىاختيار شخصياته منها مع رغبة متناهية في ادانة كل انواع الظلم الاجتماعي ، والسياسي، والاقتصادي .

-كان التكرلي يعد كتابة الرواية عملية غامضة وممتعة ، ومحاطةبالمعاناة، والحرية الداخلية ، بنظره ، تطلق طاقة الابداع .

-ويضع الناقدوالشاعر (ياسين طه حافظ )، فؤاد التكرلي ضمن سياق زمنه وعصره ، فيقول : ( ان فؤادا، وقد بلغ الثمانين من العمر طوى عصورا ثقافية ، وازمنة انسانية وهو يتابع حركةالانسان وعذاباته في طريق الشمس . ويضيف : فؤاد كاتب كبير فنا ، وفؤاد قبل هذاوبعده انسان اخلاقي كبير .

- أما الناقد( جمال كريم ) :فيؤكد في الملف انفالذكر ان التكرلي وثق للمكان والاحداث في حقب جد مهمة وشائكة في تاريخ العراقالمعاصر السياسي والاجتماعي ولكن من وجهة نظر روائي محايد ومتمكن من أدوات فنهالسردي .

-ويضرب على ذلك مثلا فيضيف إلى ذلك قوله انه في مرحلة ما بعد ثورة 14 تموز 1958 ، وما خلفت من تداعيات على صعد حياة المجتمع العراقي آنذاك ، بل وما رافقها منصراعات سياسية على دفة الحكم وخزائن الثروة ، فالأحداث والشخصيات المحورية ، بمختلفانتماءاتها الاجتماعية والسياسية والثقافية تتحرك على فضاءات مكانية عراقية وخاصةفي بغداد العاصمة وضمن جغرافية الاحياء (المحلات ) الشعبية ومنها محلة باب الشيخوما يتبعها من ازقة أو شارع الكفاح (غازي )وما يتماس أو يتقاطع معه من شوارع ،يحاولالتكرلي ، تبعا لخصوصية هذه الامكنة، من حيث المشكلات الاجتماعية ومستويات الفقر،وعمق معاناتها ،وحدة صراعاتها ،ان يتعامل معها بمنتهى الواقعية.

- اعتبره البعض الصوت الحقيقي للمجتمع العراقي الحديث.

- كان له أسلوبه الخاص.

- الرواية تصور حياة العراق من خلال عيون عائلة كانت تعيش في حقبة الاضطراب السياسي وحتى الانقلاب على عبد الكريم قاسم.

ايوب صابر 02-24-2013 11:40 AM

وألان مع عناصر القوة في رواية 13- - الرجع البعيدفؤادالتكرليالعراق

- يتفق الكثير من النقاد على اعتبار أدب التكرلي أدبا اجتماعيا سياسيا يهتم بالإنسان في محيطه السياسي الاجتماعي، ويمنح الاهتمام لسيكولوجيتهالاجتماعية، لكنه من زاوية أكثر شمولا، يعد ادبا تاريخيا لقسم من تاريخ العراقالمعاصر.

- عن جيله تحدثالتكرلي ذات مرة فقال إنم يشكلون "حزمة واحدة متكاملة، يتشابهون في التعبير الواقعيعن المجتمع" لكنه يشعر أنه مختلف عنهم فيما يتعلق بالتعبير عن الفرد.

- ويمضيموضحا: " نشترك برسم لوحة بانورامية واسعة لمجتمع تلك الفترة.

- في "الرجع البعيد" صدى يستدعيك لاجتياز تخدم الوجدان العراقي، التغلغلفيه عبارات، كلمات، ومشاهد تصبح من خلالها واحداً من الأسرة العراقية التي اختارهافؤاد التكرلي لتكون وقائع حياتها محور روائية.
- يصدر من خلالها الواقع الحياتيالعراقي بكل أبعاده الاجتماعية السياسية الاقتصادية...

- رواية لم تقف على أعتابالكلمات، بل تجاوزتها لتقف على أعتاب الإحساس الإنساني المتفاعل مع محيطه أينما كانوحيثما كان.

- التكرلي صاحب الكم الأكبر في الإنتاج الروائي العراقي في هذا المجال ( الرجع البعيد، خاتم الرمل، المسرّات والأوجاع)، فإنه صاحب السبق في مجال الريادةعلى المستوى العربي، كما أشار إلى ذلك الناقد الراحل «د. عبد الإله أحمد» في كتابه «الأدب القصصي في العراق»


ايوب صابر 02-24-2013 01:52 PM

وألان مع عناصر القوة في رواية 13- - الرجع البعيدفؤادالتكرليالعراق

- ادبه مرتبط في مكان طفولته على شاكلة ابرهمي الكوني على الرغم انه رحل عنه والمكان هومحلة "باب الشيخ" حيث يقول عنها ( محلة باب الشيخ مسكونة في نفسي لحد اليوم، وقد تجاوز عمري الثمانين، مسكونة فيحياتي كلها، بمعنى أني ما زلت عائشا فيها رغم مغادرتي لها، وقد كتبت عنها وأنا بعيدعنها، كانت هاجسي الأول والأخير في التعبير عما يشبه رمزها، وجذرها المعنوي فينفسي(.

- ويقول لقد كتبت " الرجع البعيد" بدءاً من مكان بيتنا القديم، أنك عندما تختارالمكان فإنك تختار، ضمنه أو معه، عناصر كثيرة: الشخصيات ، المشاكل التي يعيشونها ،الأحداث التي تمر من خلالهم .. وهو يشكل أهم عناصر الرواية أوالقصة.

- عندما ولدت كان أبي في الرابعة والستين، وحين أصبح عمري 6 سنوات كان قد اقترب أبي من السبعين ، تلك كانت مفارقة، وكانعندي خشية من المستقبل، فقد شعرت أن الحياة أوقعتني بين عجوزين : والدي الهرموبيتنا القديم ، وقد كان والدي يدللني ويحبني كثيراً، وكان احساسي أن هذا الوضع لنيدوم لفترة طويلة.

- كنت الأصغر في الأسرة، وأبي متزوج مناثنتين، أنجب منالأولى أخوين لي، ثم تزوجوالدتي عام 1902 لكنها لم تنجب إلا بعد عشرينعاماً، ولذلك فان الفارق بيننا نحن وبين أخوتنا من الأولى يصللأكثر من 30 عاماً ، تلك كانت مفارقة أخرى ..

- المفارقة الثالثة أنني وجدت نفسي وسطعائلة كبيرة ، أنا وأخي نهاد ، وشقيقتان وأمي، وجدتي وآخرون من أقارب قريبين ،بعبارة أخرى أن البيت كان مليئاً بالبشر، وكان والدي قد تقاعد من عمله كمأمور كمركفي العهد العثماني، وبراتب بسيط 5-6 دنانير شهرياً ،ومعيشتنا كانت أقل منمتوسطة، لكنني لمأكن أشعر وأنا صغير بالمشاكل المالية التي تواجهها الأسرة ، على العكس كنت أحسأحياناً برفاهية غريبة .

- لكن عندما بدأت الحرب العالمية الثانية أخذت حياتنا تضيقشيئا فشيئا , وحين توفي والدي عام 1942 ضربنا سيف الفقر والحرمان كثيرا.( توفي والده وعمره 15 سنة).


- حسب آخر مقابلة له لقد كشفالتكرلي بوضوح عن سر عبقريته الادبية فهو هذا الطفل الذي يولد لاب في عمر الرابعةوالستين بعد عشرين عام زواج ، كان الموت ينتظر على الباب في تصور التكرلي الطفليترصد والده، وكانت الحياة اقرب الى العدم وعندما سقط الوالد وعمر الولد 15 عاما ،اصبحت الحياة اكثر قساوة فصهره البؤس كما صهر غيره من المبدعين، وليس من الغريبوالحال كذلك ان تكون اول روايه " بصقه في وجه الحياة".
- التكرلي يتيمفي سن الخامسة عشرة.

انتهى الحديث عن التكرلي الى اللقاء مع راوية اخرى وعناصر الجمال فيها وهي :

رواية رقم - 14- الشراع والعاصفة – حنا مينه سوريا

ايوب صابر 02-26-2013 03:23 PM

وألان مع عناصر القوة والجمال فيرواية 14-الشراع والعاصفةحنا مينهسوريا


- الشراع والعاصفة، قصة مدينة سورية ساحلية أثناءالحرب العالمية الثانية.
- صور فيها حنا مينا ببراعة مدهشة اثر الحرب وما تركتهمن عواصف في بلاد يحتلها الفرنسيون.
- ابرز فيها التناقضات التي كانت تفترس مجتمعا غيرمتجانس.
- لكنها أولا قصة رجال البحر .
- قصة الانتصار على الطبيعة القاسية.
- قصة الإرادةالبشرية والمغامرة.
- في الرواية العربية، لا يذكر البحر إلا ويذكر حنامينه، وكأنهما توأمان بل هما كذلك، انبثقا من رحم الساحل السوري، ليبلورا معاًأدباً خالداً في الزمان.
- حنا مينه يعتبر أن البحر كان دائما مصدرإلهامه، وهو يقول "لحمي سمك البحر، دميماؤه المالح،صراعي مع القروش كان صراع حياة، أما العواصف فقدنقشت وشما على جلدي لا أدعي الفروسية، المغامرة نعم".
- روايته الأولى "المصابيح الزرق" كانت شيئاً جديداً في الأدب السوري،خط فيها الأسس الواقعية للرواية السورية.

- الشراع والعاصفة "هي قصة رجال البحر المردة،فيصراعهم اليومي المرير مع الموتالمتمثل في البحر الهائج، والعواصف الغادرة،يقابلونها بأشرعتهم الممزقة، وقواربهم العتيقة، وعزمهم المستمد من صخور الشطآن.

- إنفيها لروحاً أسطورياً حنوناً، ولكنه غائص الجذور بالأرض "البحر ملك" تلك هي صيحةالاحترام العميقة التي يطلقها كل بحار، والطروسي، بطل القصة الأول يؤمن بسلطنةالبحر كما يؤمن بسلطنة المرأة، ولكنه، في عنفوان شعوره برجولته، يعرف كيف يكونترويض النمور.

- تمتاز روايات حنا مينه بالواقعية.

- يقول عن نفسه " "أنا كاتب الكفاح والفرحالإنسانيين"...فالكفاح له فرحه، له سعادته، له لذّته القصوى.

- ويقول" الأدباء العرب، أكثرهم لم يكتبوا عن البحرلأنهم خافوا معاينة الموت في جبهة الموج الصاخب".

- لقد أبدع في الكتابة عن البحر بروايات فيها الكثير من الصدق والعمق والمعاناة والكفاح والواقعية والحب والجمال.

ايوب صابر 02-26-2013 09:20 PM

وألان مع عناصر القوة والجمال فيرواية 14-الشراع والعاصفةحنا مينهسوريا

- يقول حنا مينه "لقد كتبت عنمصادفات في حياتي كنت فيها قريباً من البحر وقادراً أن أكون بجواره.

- من المعروف عنه اختراقه للمألوف.
- يقول " عشت عمري كلّه مع المغامرة، كنت علي موعد مع الموت ولمأهبه، الموت جبان لمن ينذر له نفسه.
- حنا مينا خريج جامعة الفقر الأسود! كم يقول.
- يقول ما عانيته في السجون الفرنسية، وحتىالسجون الوطنية، على امتداد عهد الإقطاع، بعد الاستقلال، كان يؤرقها. اذا ادبه ينتمى إلى ادب السجون أيضا .
- ويقول "عملت على المراكب الشراعية، التي تنتقل بين مرافئ المتوسط العربية،وعلى هذه المراكب، خلال العواصف، عاينت الموت، في نظرات باردة، لأفعى اللجة، ومنهنا كان ولعي بالبحر، ثم الكتابة عنه، عندما تعاطيت مهنة الحرف الحزينة، القذرةواللذيذة، حسب تعبير ارنست همنغواي، والتي لا انفكاك منها سوى بالموت.
- ويقول " إن العمل في البحر،افادني في كتابة الشراع والعاصفة" .

- يقول ولدت عليلاً،ونشأت عليلاً، وكان الموت والحياة يحومان حول فراشك، الذي كان طراحة على حصيرة فيبيت فقير الى حد البؤس الحقيقي..

- ويقول " بدأت رحلة التشرد وأنا في الثالثة من عمري، وهذه الرحلة من حيث هي ترحالمأساوي في المكان، عمرها الآن ثمانون عاماً، أما رحلتي في الزمان فهي أبعد من ذلكوستبقي ما بقيت .



ايوب صابر 02-27-2013 01:17 PM

وألان مع عناصر القوة والجمال في رواية 14-الشراع والعاصفةحنا مينهسوريا


- في روايته ( الشراع والعاصفة) استطاع الروائي السوري حنا مينه رصد إحدى المراحل التاريخية القاسية التي عاشتها البلاد العربية أثناء الحرب العالمية الثانية، وخصوصاً على طول السواحل السورية.
- إذ ندخل معه عبر روايته (الشراع والعاصفة) إلى حكاية مدينة سورية يختلط فيها مجموعة من الأحداث المحيطة بالواقع تعكس أبرز التناقضات التي كانت تسود مجتمعنا غير المتجانس.
- ذلك من خلال يوميات رجال البحر في صراعهم المفاجئ مع العاصفة، متجاوزين ظروفهم الاجتماعية المتقلبة متسلحين بإرادة البشر بالعيش الكريم والمغامرة.. ‏
- موضوع الرواية جاذب درامياً وفيها أساس لعمل سينمائي كبير
- شخصية (الطروسي) التي يجسدها الفنان جهاد سعد تمثل شخصاً يحمل في داخله روح الثورة لأنه رومانسي وابن بيئة فقيرة واستطاع بفقره أن يحقق شيئاً ما، هذا الحلم الذي حققه في أن يرحل عبر سفينة تخالف في مسارها رغبة الأقدار فتتحطم في الطريق إلى الحلم ولكن رغم ذلك لا يتحطم أمل (الطروسي) في أن يحقق ذاته كما رسمها حنا مينه في الرواية (الأمل موجود دائماً عبر الأفعال). ‏
- أغنى حنا مينه فضاءاته السردية في حبكة الرواية،.
- يتميز الطروسي عن باقي الشخصيات الأخرى بالاستمرارية على مستوى السرد وعلى مستوى القصة. فكل الأحداث المسجلة في الرواية لها مرجع واحد هو هذه الشخصية : كمشارك، أو متفرج، أو صاحب مصلحة، أو موضوع لفعل ما.
- روايته " الشراع والعاصفة" وهي رواية تمجد الفعل الإنساني وتبارك روح التحدي والمغامرة لأجل الآخرين الكامنة في شخص الطروسي .
- والبحر إذا صار رمزا وواقعا مثار تحدي، ومصهر تنصهر فيه الإرادة الانسانية متخلصة من الأدران فتغدو أكثر قوة وديمومة والإنسان الحقيقي هو الذي يمارس إنسانيته بلا تكلف أو رياء فهو كالماء ينبجس تلقائيا من جوف الأرض، والاستجابة لنداء الضمير في مساعدة الآخرين وهم في لحظة حرجة – حتى ولو كانوا من المسيئين إلينا- هي صفات الطروسي .
- إن سردية رواية (الشراع والعاصفة) كانت بنت مرحلتها ظاهرياً، لكنها في المضمر، كانت بنت هذا الوقت وما يليه، مادام الكلام على البحر- وأدبنا العربي القديم والحديث خال منه تقريباً!-يعد جديداً في مفرداته وتعبيراته، فقبل (الشراع والعاصفة) لم تكن ثمة رواية بحرية، رغم أن العرب جميعاً يعيشون على شواطئ البحار وكل ما كان في القديم نتف من حكايات بحرية سندبادية. ‏
- حين صدرت (الشراع والعاصفة): فكانت ملحمة البحر، أو قصيدة البحر، كما سماها النقاد، وقد نُحت بطلها محمد بن زهدي الطروسي (من أندر المعادن) حسب تعبير الناقد الكبير المرحوم غالي شكري، في كتابه (الرواية العربية في رحلة العذاب). ‏
- ذلك أن سردية (الشراع والعاصفة) تبدو عادية، في القراءة الاطلاعية، وهذه السردية العادية يتوفر لها شرطان، يجعلانها في غير العادية، حتى بالنسبة للقراءة لأجل المطالعة وهذان الشرطان هما: الإيقاع والتشويق، ففي الإيقاع يظهر السرد رهواً حيناً متوتراً حيناً، هادئاً تارة، هادراً طوراً، وفق نمو السياق الروائي، دونما تعسف أو افتعال أو صراخ، هذه الآفات التي تقتل الإبداع لأنها قبلاً تقتل سويته الفنية، أما التشويق فإنه يشد القارئ إلى ما يقرأ، يأخذه إليه، كما الفيلم السينمائي الجيد، ويروضه ما أن تبدأ أحداث الصراع مع البحر، خلال العاصفة التي تنبثق من الصمت جاعلة المركب أو السفينة مثل طاسة مفرغة، مدورة يلهو بها الموج قبل أن تغيبها اللجة في القاع، أو تكتب لها النجاة بشكل ما، خارق غير مألوف وغير مسبوق أيضاً. ‏
- حتى مع استعمال واو العطف، تبقى السردية في هذه الرواية مغايرة للسردية في الروايات المجايلة لها، ومرد ذلك إلى أن رشاقة السرد أو شاعريته، تخفف كثيراً من أثر واو العطف هذه

ايوب صابر 02-28-2013 09:53 AM

والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية-15 - الزيني بركاتلـ جمال الغيطانيمصر


- تعد رواية" الزيني بركات لجمال الغيطاني من الروايات البارزة في الرواياتالعربية التي عالجتظاهرةالقمع والخوف واتكأت على أسبابها وبينت مظاهرها المرعبةفي الحياة العربية.
- فالغيطاني حين يحاصره الراهن بقمعه واستبداده وقهره، حينيمارس أقسى أشكال العنف والرعب والقهر في السجن المعاصريعود بنا مستنطقاً تاريخ ابن إياسبدائع الزهور ليجدصورة مرعبة لكبير البصاصين الشهاب الأعظم زكريا بن راضي ووالي الحسبةالزيني بركات.
- ويكفي أن نقرأ عن تعذيب التاجر علي أبي الجود وتدرج الزيني في التفننبتعذيبه ليحصل منعلى المال، والأدهى أن وسيلة إرغامه على الإقرار كانت بتعذيبالفلاحين أمامهعذاباً منكراً بغية إخافته وترويعه،على مدى سبعة أيام منها تعذيب فلاحأمام عينيه.
- يسقط هذه الصورة على الحاضر بل يسقط الحاضر عليها فيبني منهاما هو أقل إيلاماً من الحاضر فقدمت لنا نماذج مرعبة ولكنها مشوهة منخورة فيالوقت نفسه لأنها من وجهة نظر الرواية فيما أحسب لا تتسلح بقيم تجعلها قادرة على مواجهةالتغيرات المحتملة.


- يذكر د. محمد رضوان : الزيني بركات"، تستخلص عبرةً منمرحلة تاريخية،أسّست لهزيمةٍ محققة، نتيجة للعسف والقمع والاستبداد،إنما أنتجتْ بنية روائية خاصة بها، تدخل في عداد التجارب الروائية العربية المتميزة،والمغايرة للتجربة الروائية وخبراتها، المكتسبة من الغرب، مما يعيد إثارة السؤالالمزمن حول الشكل الروائي للرواية العربية.
- ولعلّ رواية الغيطاني هذه- إلى جانب بعضأعماله الروائية الأخرى- قد ساهمت في تقديمإجابة ما، عملية، على أسئلة الرواية العربية، التي بدأت تش قطريقها نحو شكل متميز، يواكب الروايةالعالمية، وربما يتفوق عليها.‏

- إن موضوع القمع الذي تناوله الغيطاني في "الزينيبركات" ليسجديداً في الرواية العربية ، وإنّما الجديد المتميز الذي بناهالغيطاني، هو الشكلالذي يستعيد تاريخاً ثقافياً وسياسياً، يقرأ فيه الماضي بوعي راهن،أي يجعل من ثقافةالماضي، بعد تحويلها فنياً، ثقافة راهنة، من أجلالحاضر.‏

- أخيراً، يمكن القول أن الغيطاني قدأنجز رواية تاريخيةتثير الحاضر، كما ترهّن الماضي.

- وهو بذلك يعيد ترتيب السلسلة التاريخيةأو الاجتماعية،والثقافية، عبر المأساة الوجودية للراهن العربي، وطقوس القمعالشمولية التييخضع لها، لتكون حافزاً استفزازياً، لتغيير هذا الوجود وآلياتهالقاهرة.‏

- يتحدث عنها كاتبها (جمـال الغيـطـاني ) فيقول : جاءت (( الزينيبركات)) نتيجة لعوامل عديدة. أهمها فيتقديري, تجربةمعاناة القهر البوليسي في مصر خلال الستينيات.كانت هناك تجربة ضخمة تهدف إلى تحقيق العدالةالاجتماعية. تهدفإلى تحقيق أحلامالبسطاء. يقودها زعيم كبير هو جمال عبد الناصر. ولكن كان مقتلهذه التجربة فيرأيي, هو الأسلوب الذي تعاملت به مع الديمقراطية. وأحيانا كنا نحجمعن الحديث بهذاالشكل لأن هذه التجربة بعد انتهائها, تعرضت وما تزال تتعرض لهجومحاد من خصومالعدالة الاجتماعية, ومن خصوم إتاحة الفرص أمام الفقراء. ولكن أنا أتصورأن الشهادة يجب أنتكون دقيقة الآن, خاصة وأن جيلنا, جيل الستينات الذي ننتمي إليهأنا والأستاذالبساطي قد بدأ يدنو من مراحله الأخيرة. لذا يجب أن نترك كلمة حق حتىلا تتكرر تلكالأخطاء.

- عانينا من الرقابة في الستينيات. وأسلوب التعامل البوليسي. وأتصور أن هذا كان أحد أسباب علاقتي القوية بالتاريخ. كنت مهموما بالبحث في تاريخ مصر, وبقراءة هذاالتاريخ خاصة الفترة المملوكية, التي وجدت تشابها كبيرا بين تفاصيلها وبينالزمن الراهن الذي نعيش فيه. وأنا عندما أقول الفترة المملوكية, أعني الفترة المملوكيةالتي كانت مصر فيها سلطنة مستقلة تحمي البحرين والحرمين. وقد انتهت هذه السلطنة فيعام 1517 بهزيمة عسكرية كبيرة في مرج دابق شمال حلب. وعندما طالعت مراجع شهودالعيان الذين عاشوا هذه الفترة, ذهلت منتشابه الظرف بين هزيمة 67 والأسباب التي أدت إليها وبينهزيمة القرنالسادس عشر.

- وأوصلني هذا فيما بعد, إلى ما يمكن أنيسمى باكتشاف وحدة التجربة الإنسانية في مراحل كثيرة من التاريخ حتى وإن بعدتالمسافة. على سبيل المثال : الألم الإنساني واحد. فالشعوربالحزن هو نفسه الذي كان يعبر عنهالمصري القديم أوالبابلي القديم.

- ومصرنتيجةلاستمراريةتاريخها وعدم انقطاعه تتشابه فيها الظروف من فترة إلى أخرى. سياحتي في التاريخ استقرت في العصرالمملوكي. وكنتمهموما بهاجس الرقابة وهاجس المطاردة قبل أن أدخل المعتقل إلى درجةأنني كتبت عددا من القصص القصيرة عن السجن, نشرت منها قصة ؛ رسالة فتاة من الشمال« في مجلة الآداب في يوليو 1964, وقصة أخرى اسمها ؛القلعة« في مجلة الأديب اللبنانية أيضاعام 1964. وكتبت رواية كاملة عن فكرة المطاردة وظروف المطاردة, ف ق د تعندما اعتقلت في عام 1966. والغريب أنني عندما دخلت المعتقل لم أفاجأ بالتفاصيل. فقدكنت أسمعها من زملائي الذين سبقوني في تلكالتجربة.

- ولكن عندما خرجت قبل وقوع الهزيمةبشهرين عام 1967 مع زملائي, الذين يمثلون جيل الستينيات من الكتاب — فأكبركتاب الستينيات كانوا في هذه الحبسة –, كتبت قصة اسمها »هداية أهل الورى لبعض ما جرىفي المقشرة« وقد افترضت فيها أنني عثرت على مذكرات آمر سجن المقشرة. وهو منالسجون الشديدة البشاعة في العصر المملوكي. وكنت قد وصلت بعض قراءة طويلة — بل لاأقول قراءة ولكن معايشةلابن إياس وابن زمبل الرمال والمقريزي وابن تغري بردي إلىاكتشاف بلاغة جديدة, لم يكن الأدب العربي يتعامل معها. بلاغة يمكن الآن أن أقولإنها بلاغة مصرية, تجمع مابين الفصحى وخلفية العامية المصرية في التراكيب اللغوية. وهذه نجدها عند المؤرخين وليس عند الأدباء. عند المقريزي وابن إياس ثم الجبرتيفيما بعد. وربما يرجع ذلك إلى أنهم كانوا يكتبون الأحداث بسرعة, فلا يتأنقون ولا يغوصونفي أساليب البلاغة المستقرة من زمن قديم. هذه البلاغة شعرت أنها تمسكبالواقع أكثر من الأساليب السرديةالسائدة.

ايوب صابر 03-07-2013 05:07 PM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية-15 - الزيني بركاتلـ جمال الغيطانيمصر


- يتخذ جمال الغيطاني الشكل التاريخي نمطا للإبداع و التخييل لسد الثغرات ومساءلة الواقعوالبحث عن الأسباب و النتائج بالغوص في أعماق الزمن واستقراء لحظات التاريخ و نبشأغواره العميقة واستنطاق ملامح الخارجية.

- ترتكز الرواية ذات العنونة الشخوصية على الزيني بركات باعتباره شخصية مركزية تحوم حولها الشخصيات الأخرى وتلتقي عندهاالأحداث المتشابكة لتصوغ بنية روائية متوترة .

- يحمل عنوان الرواية مفارقة بين الشعار الاسمي (الزينيبركات) و الممارسة الفعلية .

- بني المتن الروائي على سبع سرادقات و مقدمة و خاتمة. والسرادق هو المكان الذي تعقد فيه الحفلات مثل خيمة يجمع فيها الناس، وهذا إن دلعلى شيء فإنما يدل على التركيب السينمائي لهذه الرواية ، إذ يمكن توزيعها إلى سبعمناظر مشهدية أو فصول درامية إما أنها متعلقة بالمكان (كوم الجارح في السرادقالسابع ) أو الشخوص (ظهور الزيني بركات في السرادق الثاني و السرادق الأول والسرادق الرابع ) أو الأحداث (انعقاد مؤتمر البصاصين في القاهرة في السرادق الخامس ...

- تبلغ عدد صفحات الرواية مائتين و سبعا و ثمانين (287) صفحة من الحجم المتوسط. و يتبين لنا أن الغيطاني لم يقسم روايته إلى فصول ، بلاختار السرادقات بمثابة لوحات فنية مستقلة يمكن بسهولة تقطيعها و تركيبها في مونتاجروائي يخلخل السرد ويكسر خطية الزمن واستمراريته الرتيبة لخلق أفق جديد لقارئ الرواية.

- أخذ الغيطاني طريقة تقسيم المتن إلى السرادقات منابن إياس الذي وزع كتابه تاريخ مصر المشهور بـــاسم"بدائع الزهور في عجائب الدهور" حسب السرادقات .

- أما لماذا اختار الغيطاني ابن إياس دون غيره من المؤرخين لمحاكاتهو التخييل من خلال ما كتبه؟ فيرجع ذلك إلى سببين ، الأول : إن ابن إياس كان يتمتعباستقلال الرأي نظرا لأنه ميسور الحال، كما أنه لم يتقلد وظيفة من وظائف السلطنة ،كما أنه كان ينحدر من أصل جركسي ما سهل له الاتصال برجال الدولة وكبرائها.2 و الثاني : أن ابن إياس " ينفرد عنغيره من مؤرخي ذلك العصر في أنه عاش عصرين وشهد أحداث جيلين : أواخر العصر المملوكيو مستهل العصر العثماني . و كان شاهد عيان لما وقع فيهما من أحداث، و تمتد الفترةالتي أرخ وقائعها من سنة 872 م /1468هــ إلى سنة 928م/1522هــ "

- اختارالغيطاني كتاب ابن إياس للتفاعل معه حوارا ومساءلة قصد بناء تاريخ حقيقي لفهمالحاضر و ذلك بالسفر إلى قلب الزمن المملوكي لتصوير المجتمع و الإنسان و التاريخ فيعلاقة بالسلطة لمعرفة أوجه التشابه و الاختلاف بين الماضي والحاضر . ومن هنا، يسقطالمبدع الماضي على الحاضر و يقرأ الماضي بالحاضر و العكس صحيح أيضا ما دامت هناكجدلية الأزمنة و تقاطعها وظيفيا و فنيا.

- يستعير جمال الغيطانيمن ابن إياس المادة التاريخية المتعلقة بالهزيمة و معركة مرج دابق كما يأخذ منهالبنية السردية التراثية لغة و بناء و تركيبا و تفضية و تزامنا .

- يقوم التفاعلبين النصين : النص الأصلي ( كتاب ابن إياس حول تاريخ الديار المصرية )، و النصالفرعي ( الزيني بركات لجمال الغيطاني ) على المحاكاة الساخرة والباروديا والتهجينو التناص و الحوارية و المفارقة والمعارضة و السخرية و التحويل و التشربالإيديولوجي من خلال استعارة التركيب و الصيغ المسكوكة للبنية السردية التراثية .

- هو بذلك لا يعيد كتابة تاريخ مصر المملوكية بل يسائل هذا التاريخ و يبين فجواته و ثغراته و يقرأ لا شعور السلطة و خلفيات الاستبداد و يفترض الأسئلة و الأجوبة من خلال منطق الافتراض و التصور و التقدير على الرغم من حقيقة الأحداث و الشخصيات التاريخية و دقة صحة المعلومات الواردة في متن الرواية

- يختلف هذا النمط منالكتابة عن الرواية التاريخية المعروفة كما تقول سيزا قاسم في أن هذا النص : " يقيمموازاة نصية من خلال المعارضة الشكلية اللغوية للنص التاريخي، فجمال الغيطاني يحاكيقول ابن إياس التاريخي ، أي إنه لا يلجأ إلى استخدام " محتوى" تاريخي يصوغه في لغةعصره ، بل ينتقل بنصه الخاص إلى الحقبة التاريخيةالسالفة"

- ترى سامية أحمد أن"الزيني بركاترواية – لا رواية تاريخية – (....) تتناول أحداثا وقعت في عهد السلطان قنصوه الغوري.

- يصرح الغيطانيفي شهاداته أنه لم يكتب " زيني بركات" كرواية تاريخية ، و هي لم تعتبر كذلك روايةتاريخية " في كل اللغات التي ترجمت إليها هذه الرواية سواء في الروسية أم الفرنسيةأم الانگليزية، لم يعاملها أحد على أنها رواية تاريخية ، إنما عوملت على أساس أنهارواية ضد القمع و ضد قمع الإنسان في أي زمان و مكان "

- من ثم ، فرواية ( الزيني بركات ) رواية التخييل التاريخي تستعير التاريخ مادة و صياغة لتحويله إلى أسئلة و أجوبةباستقراء العلاقة الموجودة بين المتسلط والمحكوم من النواحي النفسية و الاجتماعية والإنسانية و افتراض مجموعة من العلاقات خاصة ما يتعلق بالجوانب الجنسية و الشذوذ والحب و الإجرام وزيف الدين ، و فهم النواحي الخفية عند السلاطين والأمراءوالمستبدين و نقط ضعفهم إلى غير ذلك من الأمور التي لا تذكر في التاريخ الرسمي ، ويركز عليها التاريخ الشعبي والمجتمعي على حد سواء .

- رواية "الزيني بركات" لجمال الغيطاني رواية تراثية تندرج ضمن التخييل التاريخي، وتتخذ منزمن المماليك قناعا رمزيا لإدانة حاضر الستينيات في مصر .

- وهي رواية طليعية و جديدة لبنيتها السردية التراثية التي تقوم على خلخلة البناء المنطقيوالزمني للأحداث و اللجوء إلى تعدد الرواة و الرؤى السردية والإثراء اللغويالأسلوبي لخلق رواية بوليفونية ، وتوظيف الوثائق و الخطابات السردية و عتاقةالأسلوب التراثي لخلق حداثة سردية و صوت فني متميز .

- يبدو لنا أن الغيطاني لم يكتب روايةتاريخية حرفية أو موثقة من أجل التوثيق الموضوعي، بل استحضر التاريخ ليسائله ويحاوره ويبرز نقط ضعفه و يحدد الأسباب و يشخص المظاهر ليصل إلى النتائج بطريقةجمالية و فنية رائعة

ايوب صابر 03-09-2013 09:27 AM

تابع ....العناصر التي صنعت الروعة في رواية-15 - الزيني بركاتلـ جمال الغيطانيمصر


- تظنه معمارياً لو قرأت "شطح المدينة" أو "المسافر خانة" وفي كتابٍ ثانٍ متصوفاً وفيكتابٍ آخر تشكيلياً.

- يبدو هو البلديٌّ الصعيدي المنبت مزيج من شغف وحنين ورغباتوحارات جمالية في الحسين وصندوق كتب جده..

- أشياءٌ حولته إلى متأمل ونثّار نثر عمرهفي تجارب عديدة، وصرف جلّه في الكتاب حتى تظن إن دخلت بيته أنك في مكتبةٍ عامةشديدة الأناقة وعالية القيمة والنوع والتنوّع تحتوي على نفائس الأعمال، هي خلاصةحياته بما ضمته، خصّص جانباً منها لمؤلفاته الكثيرة.

- هذا هو جمال الغيطاني متعددٌفي الكتابة والحكايات.

- يقول جمال الغيطانيانه اكتشف ان الكتابة كانت مجاهدة ضد النسيان، ضدالمحو ضد الطيّ لأنه لا شيء يبقى، والآن في حقب كاملة أنا عشتها أنا أحياناً أنظرإلى بعض الصور التي التقطت في لحظات حميمة فأتعرف على بعض الوجوه التي كنت أرتبط بهابعلاقات، فيه ستائر بتنزل مع الزمن الزمن يطوي ما هو الشيء الوحيد الذي توصل إليهالإنسان لكي يحتفظ باللحظة التي تفنى هي الكتابة، الفوتوغرافيا هي نوع من الكتابةطبعاً الانشغال بالزمن بيقود إلى الانشغال بأمور أخرى منها قضية الموت دهعرض من أعراض الزمن يعني.. وأنا أعني الموت الطبيعي أو الموت.. لكن الكتابة هناقيمتها تبرز أنها تسجّل مضمون اللحظة التي تفنى وبالتالي هي فعل مقاومة ضدالنسيان..

- كان رائد في اسلوبه فرفض ما كان سائدا من قوانين تشترط أن يختفي المؤلف طيب وقد تمكن من تبني اسلوب في هامش اكبر من الحرية في التعبير وكانت الانطلاقة في الزيني بركات.

- اصبح لا يعنيه اي قانون مسبّق عند الكتابة، العمل يولد قانونه معه، فأحياناً..



ايوب صابر 03-10-2013 09:37 AM

وألان مع عناصر القوة التي صنعت الأفضلية في رواية(16) ثلاثية سأهبك مدينة أخرىأحمدإبراهيم الفقيهليبيا

- صدرت هذه الرواية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ..الروايةعبارة عن كتاب واحد في 516 صفحة يضمثلاثة أجزاء: سأهبك مدينة أخرى، هذه تخوم مملكتي ، نفق تضيئه إمرأة واحدة.

- الحكايات في هذه الرواية تسبح في عالم الخيال .

- تطيب ليالمتعة الروحية والبهجة التي أستمدها منها بالرغم من إنها لا تقدم أية فائدة أو ثقافةعلى خلاف الروايات التي تستند على خلفية واقعية من أحداث سابقة أوحالية.

- وجدتها شاعرية وحالمة .. تتغذى على موائد الحلم ..تسكن مُدن الأساطير.. ترتدي حُلة الخرافة.. تعدو خلف السراب.. تخاطب الخيال.

- خليل بطل الحكاية مسكون بهاجس البحث عنالمرأة الحلم ..

- مُشبعة إلى حد ما .. هي الأحلام عندما نقتات عليها لحينبزوغ فجر الواقع عندما يأتي كما نحب ونشتهي ..

- أحببت جانب الحُلم فيالحكاية لكن بطلها خذلني وشعرت بالخيبة كنت أظن بأنه سيكون رجل مختلف .. وفي .. رومانسي.. كون خط الرواية في جزء كبير منها قد نُقش بأحرف حالمة ..

- لم يعجبني خليل لمأتعاطف معه .. رجل يقنعك بأنه متشبث بصورة جميلة لفتاة أحلامه وحتى عندما يجدها يخونهامع أية فتاة عابثة تطفىء نيران حاجاته البيولوجية كما يقول.

- رأيته شخص حسي لأبعدحد وصورة الحب لديه بروازها الجسد ثم الجسد ثم الجسد ..

- عندما يتحدث ويقولأحببت أعلم بأن حبه يتمحور في تضاريس الجسد ليس إلا ..

- ربما هذا فقط هو الحب في نظر خليل أو في نظر معظم الرجال أو بالتحديد في نظر الكاتب أحمد الفقية.

ايوب صابر 03-11-2013 09:35 AM

تابع ألان مع عناصر القوة التي صنعت الأفضلية في رواية(16) ثلاثية سأهبك مدينة أخرىأحمدإبراهيم الفقيهليبيا

- يعد الاغترابوالحلم ملمحين بارزين فى أدب أحمد إبراهيم الفقيه القصصى .

- وقد جاء الاغتراب تعبيراعن تصدع الذات فى مواجهتها الواقع المعيش خاصة الجيلالذى نشأ بين زمنين - يمثله خليل الأمام فى الثلاثية.

- يجسد خليل الإمام فىالثلاثيةظاهرة اغتراب المثقفالعربىفى وطنه وخارجه لأنه كماتروى الأحداث عاش بين زمنين زمن الماضى بمفاهيم وقيمة البالية هذه التقاليد والقيمشكلت وجدانه واستعداده النفسى بمفاهيم معينة وزمن الحاضر بمبادئه التى شكلتهاالمعطيات الفكرية والحضارية والأخلاقية.

- هنا كان التصدع حيث التردى الاخلاقى والتمزقالاجتماعى وقد وجد (خليل الامام) فى الحلم الهروب من الواقع علاجا وإن كان غير ناجعلأنه يتجاوز عمل المسكن فالحلم لا يدوم ولابد من العيش فى الواقع بكل ضراوته وبحثاعن حل لعدم الانسجام وتجاوزا للاغتراب كان الهروب من هذا الواقع فى صور ثلاثة فىثلاثيته لتأخذ كل رواية صورة من هذه الصور ما بين الابحار فى ذاكرة الماضى أو الحلمبعالم مثالى او قصة حب تغسل أدران النفس.

- هكذا اقترن الاغتراب بالحلم وإضافةإلى هويس أبطال قصص الفقيه بالبحث عن المرأة المثالية والمثال موضوعه عالم الحلم لاالواقع فأبطال قصص الفقيه يلهثون فى عالم الواقع جريا رواء المرأة (المثال) التيتشبه المرأة الحلم في أعماق وجدانهم ولهوسهم تصوروا أنه بإمكان نقل الحلم إلى واقع (نقل امرأة الحلم فى عالم الواقع) ولكن هيهات بين الحلم والواقع فلم يتحقق لهم ماكانوا يتمنونه ليعود البطل من أوهامه مهزوما مكسورالوجدان.

- تعتبر الثلاثية تحفه أديبة بحق .

- أنها تجسد لنا أزمة المفكر العرب فى مجتمع تفسحت فيهالقيم وضاعت فيه المبادئ وسط الزحف الاقتصادى الذى ترك أثارا سلبية فى طباع الناسومشاعرهم تجمدت ومات النبع الجميل فى نفوسهم انها أزمة فكرية وحضارية وأخلاقيةأفقدت الإنسان الانسجام مع نفسه ومع مجتمعه مما ادى إلى شيوع الأمراض النفسية ومواتالروح حتى الذين تظاهروا بالانسجام كان انسجامهم ظاهريا لم يتجاوز القشور إلىاللباب.

- إننى لا أبالغ حيث أقول إن ثلاثية الفقيه من أفضل الأعمال الروائية التىصورت أزمة المفكر وأمراضه فى عصرنا كل ذلك فى بناء فنى ونسيج قصصى محكم تتآزرعناصره فى منظومة متجانسة شخصيات وأحداث وحبكه ولغة شاعرية تجعلنا نشيد بصاحبهاكفنان أصيل متميز.

ايوب صابر 03-11-2013 04:46 PM

تابع ألان مع عناصر القوة التي صنعت الأفضلية في رواية(16) ثلاثية سأهبك مدينة أخرىأحمدإبراهيم الفقيهليبيا



- صدرت ثلاثية الدكتور الفقيه (سأهبك مدينة أخرى – هذه تخوم مملكتي – نفقتضيئه امرأة واحدة ) عن دار (رياض الريس ) عام (1991 ) .

- قرأت الرواية للمرة الأولىوأنا بالصف الثاني الثانوي ..وعاودت قرأتها ثلاث مرات متتالية ..وفي كل مرة كنت أجدفيها رؤية إنسانية جديدة..وكانت هديتي المفضلة في تلك الفترة للأشخاص المميزين عندي.

- تمتاز الرواية بالسرد الممتع والسلس ..المليء بالأحداث المترابطة ..المشوقة ,,التي ترغمك على عدم ترك الكتب الثلاثة حتى تلتهما كوجبة لذيذة منالبداية للنهاية .

- تحصل خلال ذلك على متعة لا نظير لها تماثل متعتك بالنظر إلى لوحةجميلة تحمل من المشاعر والملامح والأفكار ما تحمل من جمال وفن وذوق.

- لا تشعر خلالقراءتك لها بأي ملل أو سأم .

- تجد في الرواية انسيابية تامة وشفافية مطلقة.

- رواية تجعلك بعمقها ..تحلل وتفكر وتستنتج وتتعاطف ..وتحب …وأحيانا وتبكي؟؟؟؟!!!!

- ظهرت في هذه الثلاثية قدرة الفقيه في السرد الروائي الحديث

- تمكنالكاتب من شدنا لشخصية خليل الإمام وبحثه عن الزمن الذي لا يأتي تارة في الغوص فياسترجاع ذكريات رحلته لأوربا للحصول على الدكتوراه في رواية (سأهبك مدينة أخرى )وتارة أخرى في الحلم باليوتوبيا والمدينة الفاضلة المثالية في رواية ( هذه تخوممملكتي ) وتارة ثالثة بالحلم بقصة حب مختلفة في رواية ( نفق تضيئه امرأة واحدة ) .

- في الجزء الأول من الثلاثية نقرا في نفسية خليل الإمام ذلك الرجل الشرقي الذيذهب للغرب بمفاهيم وأفكار وقيم معينة …ثم هناك يظهر الجانب الخفي من شخصيته ..الجزءالمخبئ خلف قناع فرضه عليه المجتمع …ونرى في سرد مشوق ماذا يحدث عندما ظهرت شخصيةهذا الرجل على حقيقتها ونرى خلال هذه الأحداث الصراع وأوجه الخلاف بين الشرقالمحافظ والغرب الذي يصل لحد الانحلال غالبا

- تمتلئ الرواية بجمل عميقة تغوصفي النفس البشرية وتحللها وتكتشف مواطن القبح والجمال ..الخير والشر ..الضعف والقوة ..مثل ..(تسطع فى قلب الظلام أضواء مدينة بعيدة . وأستعيد مع تراتيل الموجذكرى تلك الأيام التي حاولت أن أمحوها من تاريخي . فإذا بها تطفو على سطحالذاكرة ، حلقة من حلقات زمن بهيج تقوض وانتهى . أملأ صدري من هواء البحر وأنا أحسبشيء من الارتياح لأنني منحت ذاكرتي مدينة أخرى تهرب إليها، من قسوة المدن التيتطاردها رياح الصحراء))

- ويصف البطل ليندا ..المرأة الغربية التي أحبها بدفءوعاطفة العربي ..وحرارته السوية . وما أن جاءت ليندا ، حتى أذابت هذا الإحساس . كشطت كل الأتربة التي تراكمت فوق الأنسجة والخلايا ، وطردت الأشباح التي تنوحفي خرائب الروح . عاطفة ساخنة ،تبخرت معها الهواجس والتحفظات ، وتهاوت تلك الأسوارالتى نقيمها حول أنفسنا لكى لا ينتهك الآخرون شيئاً ثميناً.

ايوب صابر 03-13-2013 08:57 AM

تابع ألان مع عناصر القوة التي صنعت الأفضلية في رواية(16) ثلاثية سأهبك مدينة أخرىأحمدإبراهيم الفقيهليبيا

- الثلاثية التياثارت الكثير من التساؤلات في الوسط الثقافيحيث الصراع النفسي الذي يعيشه المغترب و استلابه منالحياة عبر اختلافات الشرق و الغرب ومحاولة البحث عن حالة التوازن.


-أحمد إبراهيم الفقيه يسحب القارئ إلى سيالات خيالات منزرعة بصور مرئية وغير مرئية وبمعانٍ تدور كدوامات أسطورية ويدور الذهن في حلقاتها اللانهائية ليغوص في أعماق توصل إلى مدائن يستقر في حناياها إنسان متوزع الطموحات، تتصارع في داخله كل الأشياء وكل الفلسفات وكل القيم، يصرخ يستغيث من نفسه ليلتجأ منها إليها.

- زمن هارب وزمن آخر ينتظره ذاك المنتظر على حواف الأمنيات داخل الإنسان مرئيات من الحياة تنساب في سأهبك مدينة أخرى، تزخرف البنية الروائية بعطاءات لغوية هي للإبداع أقرب، وبقدر ما يبتعد الروائي عن التكلف، بقدر ما يقترب من الأحاسيس والمشاعر التي تبقى رهينة الصفحات الحافلة بالأحداث الهاربة عباراتها من عمق مواطن النفس حتى آخر حرف.

ايوب صابر 03-14-2013 03:29 PM

وألان مع سر العناصر التي صنعت الأفضلية والروعة في رواية:
17 أناأحيا - ليلي بعلبكيلبنان

- فيشتاء عام 1958 أعلنت مجلة «شعر» عن صدور رواية عنوانها «أناأحيا» لكاتبة لبنانية شابة تدعى ليلى بعلبكي، وورد في الإعلان أن هذه الرواية «سيكون لها أثر بعيد في مستقبل الرواية العربية».

- كان الإعلان لافتاً جداً في مضمونه أولاً وفي تبني مجلة «شعر» لعمل روائي، هي التي لم يشغلها سوى الشعر وحده.

- ولم تمضِ أشهر حتى راجت الرواية ولقيت نجاحاً كبيراً في الأوساط النقدية وأضحت بمثابة حدث روائي في بيروت الستينات،مدينة الحداثة، وبعض العواصم العربية.

- ولم تلبث الرواية أن أصبحت أشبه بـ «الظاهرة»، وكان يكفي ذكر «أنا أحيا» حتى ترتسم صورةبطلتها لينا فياض في أذهان الكثيرين، نقاداً وأدباء وقرّاء.

- في موسوعة «الكاتبة العربية» (المجلس الأعلى للثقافة في مصر) وفي الجزء الذي تناولالرواية النسائية اللبنانية اختارت الناقدة يمنى العيد «أنا أحيا» كأولى الروايات النسائية الحديثة واصفة إياها بأنها «شكّلت علامة بارزة على تطور الكتابة الروائيةالعربية في لبنان».

- هذه «المرتبة» التي احتلتها «أنا أحيا» سابقاً ما زالت تحتلها تاريخياً، فهي الرواية الأولى «الفضائحية» في المعنى الوجودي العميق التي تعلن تمرّدها أولاً على الإرث الروائي اللبناني (من زينب فواز إلى توفيق يوسفعوّاد) جاعلة مدينة بيروت إطاراً مكانياً و «العصر» الحديث إطاراً زمنياً.

- كما أعلنت تمرّدها على الفن الروائي الكلاسيكي أو التقليدي وعلى مفهوم الشخصية الإيجابية وعلى النظام اللبنائي مانحة «الأنا» الراوية الفرصة لتتداعى بحرية وتوتر وتصبح المحور الرئيس الذي تدور حوله «الأحداث» وتنطلق منه.

- ظلت رواية «أناأحيا تشغل النقدوالإعلام. وتأثر بها جيل من الروائيات بدأ يبرز وفي طليعته منى جبور التي تأثرتبـ «أناأحيا» كثيراً، وبدا هذاالأثر بيّناً في روايتها «فتاة تافهة» (1962) وجاء الاثر من نواح عدة: اللغة، التداعي، التوتر،بناء الشخصية الرئيسة» ندى» التي تشبه شخصية «لينا» في «أناأحيا». ولم تتوان عناستخدام عبارة «أناأحيا» في روايتها مستوحيةأحوال التمرّد والاحتجاج التي حفلت بهارواية بعلبكي.

- رواية أناأحيا» لا تخلو من المتعةوإن فقدت الرواية بعضاً من الجرأة التي تميزت بها لا سيما عبر شخصية البطلةالراوية التي أعلنت أقصى تمرّدها على القيم والثوابت و «الأصنام» المعاصرة والعائلةوالجامعة والأيديولوجيا… بحثاً عن الحرية، الحرية الفردية خصوصاً.

- شخصية البطلة شخصية سلبيةبامتياز (في مفهوم البطل السلبي) عمرها بين التاسعة عشرة والعشرين، عنيفة وشرسةورقيقة في آن واحد، تكره الحياة وتسعى إليها، تعيش في الواقع وتحلم… «بطلة» متناقضة، تعاني الوحدة و «القمع» العائلي، تكره والدهاوتسخر منه، رجلاً ذكورياً وزوجاً وتاجراً ينتمي الى طبقة الأثرياء الجدد. علاقة «أوديبية» ولكن في الوجهة المعاكسة. تفضحه يتلصص على «الجارة المترهلة» هو الثريالذي يفيد من المآسي والأزمات ليتاجر بالقمح وسائر السلع بين لبنان ومصر وبريطانياوتبلغ بها الكراهية حتى لتصفه بـ «الأحمق» وتحتقره.

- أما الأم فلم توفرها بدورها منبغضائها. إنها في نظرها أنموذج عن المرأة التقليدية التي لا تعرف من الحياة إلا طهوالطعام وتربية الأبناء ومشاركة الزوج فراشه عندما يريد هو. امرأة خاضعة لسلطة «الذكر» تشفق عليها وتشمئز منها وتعاندها: «منظر لحم والدتي يثير قرفي منها»… ولعلهذا الموقف من الأم وبعض النماذج النسائية الأخرى يبعد الرواية عن مضارب الأدبالنسوي. فقتل الذكر مجازاً يقابله قتل الأنثى مجازاً أيضاً.

- لم يقم في الرواية صراعصريح بين الذكورة والأنوثة كقطبين مضادّين. فالراوية تحتقر الرجل التقليدي مثلماتحتقر المرأة التقليدية.

- إنها لينا فياض التي تتولى فعل السرد وتؤدي دورالأناالراوية.

- تخبر في المستهل أنها قصّت شعرها الجميل في موقفعدائي من «الأنظار» التي يلفتها هذا الشعر: «لمن الشعر الدافئ المنثور على كتفيّ؟أليس هو لي…؟ ألست حرة في أن أسخط عليه…؟» تقول. عبارة «ألست حرة» ترددها دوماًممارسة فعل الحرية وإن كان ثمنه باهظاً فيأحيان.

- ولعل إصرارها على السير تحت المطر وعلى استقلال القطار (الترام) هي ابنة العائلة الثرية يمثل أحد وجوه الحرية التي تبحث عنها وتعجز عنتحقيقها. المطر يغسل جسدها من «وحول» السلطة بل «السلطات» التي طالما خضعت لها ويمنحهالحظات من التحرر.

- التحقت بالجامعة الأميركية ثم تركتها من دون أن تنال أيشهادة. إنها تكره أيضاً الدروس وأفكار الأساتذة على رغم الأسئلة الكثيرة التيتطرحها على نفسها، أسئلة سياسية وفلسفية وفكرية. تحاول أن تعمل في مؤسسة وتفشلوسرعان ما تقدم استقالتها الى المدير «البصّاص» الذي ودّت ذات مرة أن تقطع ساقهاالتي كان ينظر إليها بشهوة وترميها في عينيه فيسيل دمها في فمه كما تعبّر.

- واللافت أن المؤسسة التي عملت فيها فترة هي «مكتب دعاية ضد الشيوعية»، لكنها لم تعر الأمرأي اهتمام هي التي تناهض الاستعمار وتدافع عن فلسطين والجزائر في حربها ومصر فيمواجهتها الاعتداء

ايوب صابر 03-14-2013 10:25 PM

تابع....
وألان مع العناصر التي صنعت الأفضلية والروعة في رواية:
17 أنا أحيا - ليلي بعلبكيلبنان



- تقرأ رواية «أنا أحيا» بمتعة وكأنها كتبت في الأمس القريب على رغم التفاصيل الكثيرة التي كان يمكن حذفها.

- ايضا كان ممكناً تشذيب النص من الزوائد مع أن اللغة شديدة التوتر والدينامية مثل البطلة نفسها.

- في «أنا أحيا» ذكر عابر للحرب لا يتعدّى مقطعا أو مقطعين من بين عدد صفحات بلغ 327 صفحة. لكن، سواء كانت «فتنة» 1958 هي المقصودة، أو كانت هذه حربا أخرى (1948 الفلسطينيّة مثلا أو حرب 1956 المصرية)، فإن بيروت آنذاك، وبحسب الرواية، لم تكن قد خسرت شيئا من هدوئها ولم تشوّش أهلَها مسائلُ تتجاوز روتين عيشهم.

- لينا فيّاض، بطلة الرواية، لم تكن تعاني إلا الملل وسكون الحياة وفراغها في البلد الذي يبدو قليل الأزمات، بل عديمها.

- ذلك المكتب الذي تكتشف لينا فيّاض، بعدأن تبدأ العمل موظّفة فيه، أنه مكتب لنشر الدعاية الرأسماليّة ومكافحة الشيوعيّة، بدا أقلّ وجودا وأهميّة مما ينبغي له أن يكون. كأنّه وكالة سفريّات أو وكالة عاديّة للدعاية. وفي نزاعها معه، ومع نفسها، بسبب وجودها فيه، لا تجد لينا فياض بواعث لذلك النزاع تختلف عما تشعر به تجاه منزل الأهل الذي تقيم فيه، أو تجاه الجمعة التي تنتسب إليها.

- هذه المدينة، ودائما كما تظهر في «أنا أحيا»، خالية من كلّ ما هومشكل يمكنه أن يكون محور رواية (على غرار ما جاءت به الحروب إلى الروايات التي صدرت خلال العقود التي تلت) .

- بهاء، الشاب غير اللبناني المنتسب إلى الجامعة الأميركية،لا تبدو مرارته مقنعة وكذلك حزبيته واضطراب شخصيته ونزوعه، في فقرات عابرة من الرواية، إلى الإنتحار. كما لا يبدو انتسابه إلى الجامعة الأميركيّة متوافقا مع فقره، في ماضيه وحاضره، وليس مقنعا أيضا احتفاظه بتقليديته جنبا إلى جنب مع عقائديّته، بمعايير ذلك الزمن أقصد. يبدو بهاء هذا شخصيّة مستعارة للرواية، خليطا من تصوّرات عابرة ومتداخلة لا تصنع شخصيّة.

- ففيما يخصّ نزوعه إلى الفعل، أو إلى «التغيير» بحسب تعبير حزبي، لم توفّق الروائيّة إلا في جعله يتوهّم ما سيقوم بهتوهّما، كما لو أنه مراهق طامح لأن يكون منتسبا ألى حزب وليست الحزبيّة أولىصفاته.

- لكن ما هو حاضر، بل ويكاد يكون متفرّدا في حضوره، هو الكتابة. لايحتاج القارئ إلى كثير تأمّل ليدرك أن الرواية ليست أكثر من ذريعة لتلك الحاجة. الكتابة التي رأى فيها ميخائيل نعيمة، بعد أن أطلق عليها كلمة «أسلوب»، في تعليقه على الكتاب، «قيمة ليست لأيّ كتاب غيره في الأدب العربي_ قديمه وحديثه».

- جبرا ابراهيم جبرا قرأ الرواية أيضا بعين من يقرأ الشعر «.. فيها غنائيّة لفظيّة رائعة تدنيها من غنائيّة الشعر».

- وهذا على أيّ حال ما تكادالقراءة تعرّف به نفسها، حيث ينبغي التوقّف عند نهايات الجُمَل أو الفقرات والتأمّلفي معناها من ثمّ، على غرار ما تُقرأ الفقرات الشعريّة.

- ولن تساعد القراءة المسرعةعلى متابعة القراءة إذ ستعترض سيولة المتابعة كلّ فقرة من الفقرات، كما أنها ستغفلعن ذلك الغنى والرغبة في قول ما لم تهتد كتابة تلك الأيام إلىقوله.

- بعضقرّاء ذلك الزمن (الخمسينات) أدركوا ذلك الميل المتميّز بالمناجاة الشخصية وافتقادالرواية للعناصر المكوّنة لفنّها، وهي، ليلى بعلبكي، ردّت على قائلي ذلك بالتقديملروايتها « الآلهة الممسوخة» المؤرّخ في 10 نيسان1965، وفي المقدّمة هذه بدت كما لوأنّها تعد قرّاءها بالإقتراب أكثر من الرواية: « قصدت «بالآلهة الممسوخة» أن تكونتجربة أدبيّة جديدة لي، وأن تكون ردا على النقّاد وعلى الذين اعتبروا «أنا أحيا» «بيضة الديك» وفهموا أنّه خواطر فتاة صغيرة وتفاصيل حياة خاصّة أعيشهاشخصيّا».

- - الرواية مكتوبة بأسلوب خاص وسخرية مبطنة،وتعابير مختصر لصور متعددة من الحياة، وتصف حالة الاغتراب المرة التي يحياهاالإنسان داخل وطنه وبين أهله، ولكنه يبقى يجهل ذاته، يبحث عن ثمة مساحة في هذاالعبث الملحمي الذي يعيش.

- تقول لينة بطلة الرواية: "هكذا أنا، عالم مستقل لا يمكنأن يتأثر مجرى الحياة فيه بأي حدث خارجي لا ينطلق من ذاتي، من مشكلة الإنسان فيذاتي، وصحيح أنني أسكن مع أمي وأبي وأختي، السمراء والشقراء، وأخي الدلوع بسام،لكنني لا أحسهم إنهم تماماً خارج السور في عالمي.

- إنهم حتى خارج قنوات المياهالطافحة، فبدأت تبحث عن عمل يعيد إليها توازنها بعيداً عن أسرتها التي تصفهمبأثرياء الحرب واشتعلت الأرض بنيران الحرب العالمية الثانية، فإذا الحياة تتبدلوتنطلق بسرعة جنونية، وإذا نحن أثرياء: نحن أغنياءحرب".

- محطاتكثيرة، وأحداث متعددة، تنتظرنا عند قراءتنا لهذه الرواية الرائعة لنكتشف معاً محطاتتمثل صوراً لحياة الإنسان العربي الباحث عن هويته وعن حريته وعن أمته فلا يجده، فهلتمثل هذه الصغيرة "لينة" ما نريد أن نعبر عنه عن الكبار وما نرفضه في عصر مليءبالصراعات، والفقر، والحروب، والخروج إلى واقع جديد لم يعد ممكناً محاورته إلابالذهاب بعيداً إلى مرحلة الحدود القصوى؟

- ليلى بعلبكي لم ترو قصتها بل كتبت بصدق ووعي ما قد عانتهصبية لبنانية تحدّت الجميع وتجرأت على قولما يتفاعل به جسدها من دون ان تخشى ردود الفعل في المجتمع الذي لم يتعوّد كتابة كهذه، ولا بوحاً واعترافاًوتعبيراً تعبّر كلها عن اشياء جديدة لميُقرأ سابقا مثلها.

- كان ثمة ويلات كثيرة تنتظرها لأنها جاهرت ولبّت واحترمت رغبات جديدة ومتطلبات كان عليها انتراعيها وتتقبلها وتتفانى فيالدفاع عنها ضدكل من تجرأ واعتبر هذه الرواية ضربا من الاباحية غيرالمقبولة.

ايوب صابر 03-14-2013 10:58 PM

تابع....
وألان مع العناصر التي صنعت الأفضلية والروعة في رواية:
17 أنا أحيا - ليلي بعلبكيلبنان

- لكن الكاتبة الحقيقية لم تخف. لم يزعجها كل ما قيل ضدها. لم ترعبها الحملات من اي جهة اتت. لم تحسبانها ستكون وحدها في مجابهة الجميع، أكانت الحملات نسائية ام ذكورية. عرفت ان محاربيها فئتان: أولئك الذينوقفوا ضدها في المبدأ لأنها جاهرت في حينأنهم اختاروا الرضوخ، وهؤلاء الذين فشلوا في حين أنها نجحت متسلحةً بموهبتها وحصانتها الروحية وقواها العقليةوالجسدية.

- لم تستسلم ليلى بعلبكي، ولمتقبل في أيّ لحظة بأن تُقهر، فمزّقت غشاء البكارةالثقافية والعقلية، وكسرت الجدار، جداراللغة وجدار المحرَّم المجتمعي، ففتحت بذلك الطريق أمام الما لا يقال والمالا يُعبَّر عنه عند المرأة.

- لم يبق اديب أو باحث أو مثقف او شاعراو مسرحي او فنان تشكيلي او موسيقي او راقصكلاسيكي او ممثل الا حيّا الوجه الجديد في الادب اللبناني وفي الادب العربي.

- الجميع طوّبوها اديبة فاتحةً الصفحةالمجيدة التي ستتحرك ضمنها وليس خارجها كلفتاة لم تكن لتجرؤ قبلا على البوح والاعتراف وعدم الخجل من المشاعر والرغبات والتصرفات التي تصادفها في حياتهاالخاصة.

- انهالت عليها الطلبات للمقابلات والعروض لترجمة التحفة الجديدة.

- كانت الوجودية في عزّها فيفرنسا. وكان جان بول سارتر وسيمون دوبوفوار وسواهما يلتقون في مقهى "لي دو ماغو" في باريس الوجوه الشابة الوافدة الى العاصمة الفرنسية للانغماس فيالاجواء الوجودية السائدة. وكنا جميعا في بيروتنقوم بالتبشير بالحرية وبحقوقنا في التصرف بأجسادنا كما يحلولنا. لم نعد نقبل بأن نكون "بوبيه دو لوكس" ولا اسيراتالتقاليد ولا جاريات الامراء والشيوخ. اصبحنا ننادي بحقنا في الحياة، وذلك خصوصاً لأن ليلى بعلبكي كتبت "انااحيا".

- أستطيع أن أقول إن الرواية لم تفقد نضارتها على رغم مرورهذا الزمن الطويل، بين الصدور الأول والصدور الثانيالآن، كما ان ملامح البطلة الرئيسية فيالرواية، لينا، لم تبهت البتة. فهي لا تزال مندفعة، جسداً وكلمات،مشاعرها، أحاسيسها، جملها، سريعة، متدفقة، متوترة،حيوية. تتدحرج كالحصى فوق واد سحيق.

- لينا لاتضيّع وقتا كثيرا في الوصف او الحوار بل تختصر الاشياء بجمل خاطفة،مقطعة ومباشرة. تذهب بسرعة الى الهدف. لا لفّ عندها ولادوران معها. انها حديثة ومعاصرة ومتمردةومالكة لجسدها وروحها وكل قواها العقلية، لتلبية ما تتفاعل معه وما يتوافق مع سجايا حواسها ومشاعرها.

ايوب صابر 03-16-2013 06:12 PM

والان مع العناصر التي شكلت الروعة في روايةرقم 18-لا أحد ينام في الإسكندريةإبراهيم عبد المجيدمصر

- في روايتهالرائعة «لا أحد ينام في الإسكندرية» يرسم الروائي الإسكندراني إبراهيم عبدالمجيدصورة للمجتمع المصري في نهاية الحرب العالمية الثانية، من خلال أسرتين إحداهمامسلمة هاجرت من الريف لتستقر في الإسكندرية بحثا عن الرزق وتجاور أسرة مسيحية،وتنشأ بين الأسرتين علاقات اجتماعية تتجاوز كل الاختلافات لتواجه حالة الحرب التييعيشها العالم.


- تفرد الرواية صفحات طويلة لمظاهر التعايش الجميل، والاحترام المتبادلبين الجميع، تغيب إلا قليلاً نعرات التعصب والاحتقان بين شريكي الحياة في المجتمع،يصوم دميان مع مجد الدين رمضان، ويتشاركان معاً الصوم الكبير، والأربعاء والجمعة. تتداخل أعياد الفصح مع الفطر، وتعم البهجة الجميع في المناسبات. ينتقل الصديقانللعمل في العلمين غرب الإسكندرية، يعيد مجدالدين زوجته إلى القرية، تودع زهرة مريموإيفون دامعة، وتوصيهما خيراً بكامليا التي انقطعت اخبارها بعد قصة العشق، والتيتحولت بعد ذلك إلى راهبة صاحبة كرامات.
- لا أحد ينام في الإسكندرية تدور أحداثها عشيةالحرب العالمية الثانية. وهي تسرد وقائع وأحداث كانت الإسكندرية مسرحاً لها فيالأربعينات، ترصد الرواية طبيعة العلاقة بين شرائح المجتمع الإسكندري الغني بألوانهالمتهددة، والذي واجه تداعيات الحرب العالمية الثانية التي كانت لها انعكاسات كبيرةعلى المجتمع المصري.
- بطل الرواية انتزع من قريته عنوةليستقر في الإسكندرية المدينة الغريبة بالنسبة إليه، لكنه سرعان ما أصبح جزءاً منهاإذ تربطه علاقة جميمة بدميان القبطي، وهي علاقة تجسد روح التسامح والإخوة التي كانتسائدة بين الإسكندريين.
- الرواية تؤرخ لأحداث سياسيةكبيرة ولتحولات هامة مرت بها الإسكندرية عموماً ومصر خصوصاً أفصح فيها الكاتب عنمكنونات أبطاله وحالاتهم النفسية العميقة التي كانوا يمرون بها، باسلوب روائي حاذق،امتزجت فيه الواقعية بمسحة أسطورية تجسدها شخصية البهي، وبهية التي كانت تطاردهأينما حل.


- لقد كره البهى مبكراً كل محاولة لأن يتعلم حرفاً في الكتاب أوالزاوية أو البيت. ولم يكره شيئاً مثل كرهه للفرحة والفلاحين! قالوا ذلك لوسامته،وقالوا لهيبة في قلبه، وقال الأب دائماً والحسرة في عينيه "هكذا هو خلقة".

- اختارتله الأم اسم "البهى" لأنها ولدته في ليلة السابع والعشرين من رمضان. لقد رأت وهوينزلق منها طاقة نور يخرج معه تضئ الحجرة وتمشى على الجدران.

- وبكت القابلة وهي تلفه في القماط، وتقول لأمه أن تخفيه عن العيون،فهو فضلاً عن طاقة النور التي خرجت معه، ولد مختوناً، إنه ولد طاهر من البدايةمنذور لخير عميم.
وهكذا لم ير الناس البهى إلا حيناستطاع المشي، فتسلل من كوة الباب الخشبي الكبير، وتدحرج في الزقاق الضيق يحيطبوجهه الضوء العجيب, ولم ينته جزع الأم إلا بعد أن أنجبت بعده ثلاث بنات ثم مجدالدين. لم تعد أم الذكور فقط. جزع الأب هو الذي لم ينته.

- لقد فطن بكراً إلى أن فيعيني البهي نزفاً غير مألوف في العائلة، مع أن للعيون في العائلة اللون الأخضر نفسهالذي أخذه الجميع من الأم، في عيني البهي وحده اللون الأزرق! وهذا أيضاً عجيب.

- ما كاد البهي يبلغ مرحلة الصبا، حتى راح يخرج منالدار مع الصباح، ولا يعود إلا في المساء، لينام دون حديث مع أحد. لم يسأله أحد أينيمضي يومه. الأم ممتلئة بالحنان، والأب لا يستطيع أن يفسر لنفسه، هذا الضعف الذيقذف به الله إلى قلبه تجاه الغلام.

- شيئاً فشيئاً صار البهي وسط العائلة مثل خيال،يخرج الإخوة في الصباح الباكر إلى الحقول، ويخرج هو بعدهم لكن لا يعرف أحد إلى أين،يعودون في المساء متعبين ليتناولوا عشاءهم ويناموا مبكراً، وتظل الأم لا تنام، إلابعد أن تسمع صرير كوة الباب، وخفقات قلب البهي المتسلل عائداً.

- ثم راح يغيب لأكثرمن يوم وليلة ويعود ينام في أقرب مكان يقابله، مع البهائم، مع الدجاج، فوق الفرن،في الباحة بين الحجرات. المهم أنه لم يعد ينام في حجرة بها أحد من إخوته، ولا يزالالأب لا يدري سر هذا الضعف الذي يتملكه أمام ابنه العجيب، والابن المسالم لا تأتيمن جرائه أي شرور حتى الآن، ثم انكشف سر البهي وملأ فضاءالقرية...".

- فر رد على سؤال يقول الروائي" فيأعمالي القضايا الكبرى ليست مباشرة, انما هي عناصر في تكوين الشخصيات، من أجل عرضقضايا اكبر".

- ربما كانت روايتي الاولى( في الصيف 1967) مكرسة- كما هو واضح منعنوانها- لإعادة تقييم ما أتت به النكسة؛ لكن رغم ذلك فهذه الرواية حملت حوارا عنالعالم و الوجود، هو اوسع من السياسة.

- ففيها من شعر الحلاج، و غيره، الكثير... إذنمن البداية القضايا الكبرى موجودة، و لكن الى جانب، و بالتماذج مع قضايا الحياةاليومية, و هذا ما ظهر بشكل اوسع في روايتي الثانية( المسافات)، التي احتلت فيهاقضايا الوجود المكان المحوري, و اصبحت السياسة و القضايا الكبرى روافد خفيفة.. فهيرواية مكان طارد للبشر- كأنها بحث عن فردوس مفقود.

- ويقول " أنا أكتب عن الاسكندريه لأنني ممزوج فيها. ولا أجد فصلا بيني و بينها. فأنا لا أكتب لأني أريد ذلك؟ بل لأني و إياها شيء واحد, و اذا كان ثمة فضل لأحد الطرفين فهو للاسكندرية, و ليس لي. انا ولدت فيها لكنها هيالتي صنعتني: تاريخها، حاضرها، ملاهيها، ناسها، و ثقافتها.. كل هذا كون ابراهيم عبدالمجيد.

- وفي رد ان كان أشخاص رواياته ممسوسون بجنون خفي، يكشف طيبتهم و عمقهم معاً؛ وهل هم أنبياء منتظرون؟ يقول "الممسوسون في رواياتي هم كذلك بسبب من عدم توافقهم مع المجتمع. فهم أشخاص أكثربراءة من غيرهم. لا يستطيعون تحمل كل هذه القسوة، فيخرجون إلى مدار كوني آخريرتاحون فيه".

ايوب صابر 03-17-2013 08:57 AM

والان مع العناصر التي شكلت الروعة في روايةرقم 18-لا أحد ينام في الإسكندريةإبراهيم عبد المجيدمصر

- العلاقة بينىوبينالمدينة حميمة، وأعتقد أن كل كاتب منذور لمكان ما، وهوالمكان الذى قضى فيه السنوات ا لمؤثرة فى حياته، فى الإسكندرية أمضيت السنوات الأولى منعمرى، ورأيت العالم من خلالها، ومن الطبيعى عندما أكتب أن أكتب عنها، فأنا لا أعرفحتى الآن أن أكتب عن شئ آخر، أو عن مكان آخر غير الإسكندرية.


- ابراهيم عبد الحميد شخص محاصر بالموت الذي هو حسب رأيه سفر لا نهائي وخلال حياتي قابلت اناس كثيرن سافروا واختفوا من الحياة . اذكر انني تعرفت على هذا السفر اللانهائي في مراحل مبكرة جدا من حياتي فالموت غيب الكثير ممن اعرفهم مثل صديقي اثناء مرحلة الطفولة المرحوم خير الدين والذي تناولت شخصيته في رواية ( طيور العنبر ) وكانت شخصية من اجمل شخصيات الرواية.

- ويقول "انا محاصر بالسفر والرحيل والفراق والموت منذ الولادة والنشأة ناهيك عن عملي الزظيفي بالقافة الجماهيرية والذي جعلني على سفر معظم الوقت – كل ذلك جعل قضايا السفر والرحيل والفراق تتسرب ربما دون وعي كنى الى أعمالي الادبية.

- إبراهيم عبد المجيد كتب "لا أحد ينام في الإسكندرية" بروح مغايرة وبنظرة مختلفة، وبطريقة في الرؤية تختلف تماماً عن داريل، فإذا كان داريل قد سرد حياة العالم الخفي لمدينة الإسكندرية في رباعيته، عالم يرتبط باشتباكات وعلاقات مختلفة مع حياة الأجانب الذين كان يعيش بينهم ويعرف حياتهم، فإن عبد المجيد كتب روايته برؤية الحياة السكندرية الواضحة، حياة طبقات الشعب المصري الذي يعاني من قضايا الحياة، في تدرجات معضلاتها المختلفة، إضافة إلى ما يرد لها من تأثيرات من العالم الخارجي، فينتج من التأثير ما يزيد عن المؤثرات الداخلية.

- وقد وفق الكاتب في اختيار الفترة الزمنية التي تتجاوب مع الرغبة في التقاط "لحظة التنوع" التي استطاع أن يعرضه في روايته، إنها فترة الأربعينات من القرن الماضي، وهي الفترة أيضاً التي وقعت فيها كثير من المتغيرات على المستوى العالمي، وكانت أهم أحداثها الحرب العالمية الثانية التي أحدثت تماساً من نوع خاص مع مدينة الإسكندرية، وأثرت تأثيراً واضحاً على طبيعة الحياة فيها، ولكن الإسكندرية كانت تثبت في كل مرة أنها مدينة "الحياة" مهما حدث فيها من أحداث الحرب و"الموت".

ايوب صابر 03-17-2013 09:02 PM

والان مع العناصر التي شكلت الروعة في روايةرقم 18-لا أحد ينام في الإسكندريةإبراهيم عبد المجيدمصر

- كما استطاع الكاتب أن يعرض لمعضلات إنسانية كبرى مثل الحياة والحرب والحب في مستوى تحقق هذه المفاهيم الكبرى في حياة الإنسان البسيط، فبطل الرواية، مجد الدين الذي أتى من قريته هرباً من عمدة القرية الذي حكم بنفيه من القرية، فهرب مجد الدين من قريته مهاجراً إلى الإسكنرية بحثاً عن الحياة له ولأسرته الصغيرة، لكن تفاعلات الحرب العالمية على أرض الإسكندرية كشفت عن الجانب الآخر من جوانب تنوع الحياة فيها، وهو التأثر بمجريات الحرب وويلاتها المتعددة.

- تفرعت خطوط الدراما السردية في قصص الحب المختلفة، في صور من الحب المستحيل، على الرغم من الحياة في مدينة تعرف الحب وتعيش به، فنجد قصة الحب بين البهي وبهية المتزوجة، وبين رشدي وكاميليا لاختلاف الديانة، وبين دميان وبريكة لاختلاف المذهب، إضافة لقصة حمزة المأساوية في خطوطها المختلفة، حيث عاش الحياة لا يعلم شيئاً عن تفاصيلها، ووصل إلى أيدي القوات المتحاربة دون أن تكون له أية علاقة بأي شيء.

- لم تنجح غير قصة حب مجد الدين لزوجته زهرة، إن صح أن نسميها قصة حب، فقد كشفت المواقف القصصية عن تآلف وتماسك قوي بينهما، وقد فرضت العوامل الخارجية: عداء العمدة لهما، صعوبة الحصول على لقمة العيش، الهجرة إلى بلد غريب، هذه العوامل الخارجية فرضت عليهما نوعاً من التماسك الداخلي الذي أكسبهما قدرة واسعة على مواجهة تلك الأخطار، ومن ثم صبغت العلاقة بينهما بنوع من الحب الإيجابي الذي تبادلا فيه العطاء وأنجبا من خلاله ابنهما شوقي وابنتهما شوقية، ولا يخفى على القارئ دلالة الاسمين المعبرين عن استمرار الشوق وتبادله بينهما، عند محطات الفراق المتكررة في رحلة بحثه (مجد الدين) عن لقمة العيش.

- وفي إطار سردي متشعب استطاع أن يصنع الكاتب بنية روائية متعددة المستويات والدوائر، يروي لنا الكاتب الروائي إبراهيم عبد المجيد جحيم الحرب العالمية الثانية من خلالها، وكيف استطاعت تلك الحرب بمقدرة كبيرة، أو بمقدرة القائمين عليها أن تُذبل زهرة الحياة في مدينة تعشق الحياة بقدر ما بها من عشاق للحياة على اختلاف ألوانهم وأجناسهم.

- فيحاول الكاتب أن يرصد تبعات هذا الجحيم البشري/ الحرب خلال سنوات ثلاث وصلت فيها إلى تلك المدينة الوادعة فأصبحت مدينة لا أحد ينام فيها، كما حملت الدلالة المعنوية لعنوانها، ففي مشاهد روائية تضج بالحيوية وتدب في أوصالها الحركة يبدأ الكاتب بمشهد تأسيسي غاية في الدلالة والقدرة على النطق بجوهر الحروب، حيث يبدأ الكاتب بـ هتلر في مبنى المستشارية في برلين: "عاقداً يديه خلف ظهره، محنياً قليلاً إلى الأمام، في حالة من التأمل العميق، لكنه أيضاً زم شفتيه مما أبرز شاربه محدباً قليلاً، وفتح عينيه في غضب زاد لمعانها. في الحقيقة كاد صدره ينفجر ورأسه، وهو ذاهل تماماً عن حراس المبنى الواقفين، وحراسه هو الذين يدورون خلفه، كان يفكر لو يستطيع أن يمسك برئيس حكومة بولندا يعصره عصراً".

- استطاع الكاتب ببراعة أن يصور ـ من خلال هذا المشهد ـ الصورة التمهيدية المؤسسة لإطار النص الروائي بكامله لينتقل من خلاله إلى هذا الأثر الذي سوف تقذفه الحرب على آلاف البسطاء في أنحاء المعمورة، سواء أكانوا من أبناء البلاد المحاربة أو من الذين لا شأن لهم بالحرب، ولا يد لهم في صنع أحداثها، ومن ثم يربط الكاتب بين مشهد هتلر الذي يستعد لتصميم آلته الحربية بأقصى وأبشع طرق الإبادة الممكنة ومشهد الشخصية المحورية في الرواية "مجد الدين"، حيث يريد أن تتخلى عائلته عن قتال العائلة الأخرى والتوقف عن تبادل الثأر بين الخلايلة (عائلة مجد الدين) والطوالبة (عائلة صديقه)، وقد كان مجد الدين و"خَـلَف" صديقه يتحايلان على ألا يلتقى أحدهما بالآخر في معارك العائلتين، وهم الذين ظلوا يتبادلون الأخذ بالثأر لمدة استمرت عشر سنوات.

- أما المشهد الروائي المقابل فيصور مجد الدين الذي جاءه "شيخ البلد" يطلب منه ترك البلد في نهاية الأسبوع، بناء على أمر صدر من عمدة القرية، ويبدأ المشهد بوصف ليلته الأخيرة في بلدته التي أشعلها الثأر: "في الليلة الأخيرة لمجد الدين جلس صامتاً وسط أفراد عائلته، راحوا ينظرون إليه غير قادرين على تصديق الأمر كله، لكنه بدا بينهم كمن لم يتغير أبداً. في الأربعين لكنه في صورة ابن العشرين. وجه مستطيل قوي القسمات بارز الوجنتين، ذو عينين خضراوين، شعر الرأس أشقر لولا أنه مغطى دائماً بالطاقية البيضاء. ولا يزال له الجسم القوي نفسه للشاب الصغير. ـ لماذا لا تسمح لنا بالقتال؟.. تساءل أحد أزواج أخواته الثلاث ثم أكمل: نستطيع قتال القرية كلها لو استدعى الأمر، ولا يزال في البيت سلاح قديم، ونحن رجال. لكن مجد الدين طلب من الجميع أن يناموا، الصباح رباح، ويحلها من لا يغفل ولا ينام. كلماته الأثيرة التي يعرفونها عند الضيق، وتعرفها أكثر زوجته الشابة زهرة كلما غشيته الأزمات".

ايوب صابر 03-17-2013 09:04 PM

والان مع العناصر التي شكلت الروعة في روايةرقم 18-لا أحد ينام في الإسكندريةإبراهيم عبد المجيدمصر


- وبين مشهد سلطة عالمية في اتخاذ قرار الحرب، متمثلة في هتلر، ومشهد سلطة أخرى في قرية صغيرة، لأخذ القرار في مواجهة هدوء الحياة وراحة البال، تعرض الرواية لتجربة المرارة المرافقة للوجود البشري مع الحروب، وكيف لا يلتفت القائمون على شؤون السياسة إلى ذلك، بل يذهبون يروجون للحرب بدعائية فجة اعتماداً على ما يوهمون به شعوبهم من تحقيق مصلحة قريبة أو بعيدة المدى، دون النظر إلى ما تخلفه تلك الحروب من هلاك ودمار على المستويين: الإنساني والحضاري، إلا أن الإنسان في مستواه الاجتماعي العادي لا يقل فيما يصنع عن السياسيين المحبين للحروب، فهو يصنع العداوات ويشعل الثارات وينتظر فرصة لالتقاط الخلاف مع غيره ليعيش في عداوة مع هذا وفي صراع مع ذاك.

- وعندما يتناول إبراهيم عبد المجيد هذه الحقيقة في نصه الروائي "لا أحد ينام في الإسكندرية" فإنه يعرض الأثر التدميري للحروب على المستوى الإنساني المتمثل في شخصيات الرواية، مرتكزاً على الفردي والخاص للانطلاق إلى الجمعي والعام، يرصد الكاتب ذلك من خلال مفارقة قصصية قائمة على أن مجد الدين المحب للسلام والذي ترك قريته وأهله هرباً من الحرب الثأرية بين عائلته والعائلة الأخرى، بل ويتركها مطروداً من شيخ البلد، فيذهب إلى الإسكندرية ليعاني ويلات الحرب العالمية التي "لا ناقة له فيها ولا جمل"، وهي العبارة التي كانت متداولة وقتها للتعبير عن حالة الدول التي اكتوت بنار الحرب العالمية، ودفعت ثمنها باهظاً من أرواح أبنائها وتدمير لمظاهر حياتها، وكان الأثر الأول لهذه الحرب على حياته هو سعيه الدؤوب لكي يجد عملاً يسد به رمقه ويعول به أسرته الصغيرة التي تعاني معه شظف العيش، ويبقى على هذه الحال عدة أيام دون عمل يسد رمقه ويفي بمتطلبات أسرته الصغيرة المكونة من زوجته وابنته.

- نجد في الرواية السرد الروائي المبتعد عن الرواية التاريخية، بل هو سرد روائي اجتماعيإنساني يرصد مجمل المتغيرات والتحولات الإنسانية في لحظة تاريخية معينة.

- فالرواية إذن تلتقط الدائم والمستمر وتترك الزائل والمتحول، لا تتركه بمعنى الإهمال، بل تلتقطه وتمنعه من الانفلات لترصد أثره على الثابت وهو الإنسان، أما المتغير فهو الحروب وما تجلبه للإنسان الضعيف من ويلات، هذا الإنسان الذي يخرجها من عقالها، ولا يعرف كيف يعيدها إلى علبتها السحرية كما يحدث في قصة الجنيّ الواردة في ألف ليلة وليلة والقصص القديم.

- لكن إبراهيم عبد المجيد يصنع للقارئ أرضية من المعايشة من خلال تقنية "التوثيق" التي اعتمد فيها على ما كان يُنشر في الجرائد والمجلات في تلك الفترة من فعاليات حياتية مختلفة، سواء في الفن أو الحرب أو حوادث القتل الفردية وجرائم الشرف، وغيرها من الاهتمامات الإعلامية التي تجعل القارئ يعايش الفترة الزمنية التي يقرأ عنها بطريقة تصنع "الجو الروائي" الذي تدور فيه الأحداث، كما يصدر بعض الفصول بمقدمات معلوماتية عن مدينة الإسكندرية ومناطقها المختلفة، عن جزيرة فاروس (الأنفوشي حالياً) وجزيرة راقودة (كرموز حالياً)، وعامود السواري، وغيرها من المناطق.

- ومن الأجزاء "التوثيقية" التي نجح الكاتب في صياغتها قوله: "وعُيـِّن الأميرلاي علي الشريف بك مديراً عاماً لمصلحة الحدود، وزار المرشال جورنج قائد الجو النازي الشهير إيطاليا فحبس العالم أنفاسه من نتائج الزيارة وخطب عصمت إينونو رئيس جمهورية تركيا طالباً حياد بلاده وتركها بعيداً عن الحرب، وصدر قرار بعدم استقدام فرق التمثيل الأجنبية توفيراً للنفقات، وتقديراً لفرق التمثيل المصرية، وعلق أحد الخبثاء بأن طرق المواصلات العالمية مقطوعة بالأصل، وأعاد "سيرج بوجولوسكي" وهو فنان أجنبي مقيم في باريس لوحة "المستهتر" التي كان سرقها من اللوفر في يونيو الماضي.

- نجحت هذه "الحيلة التوثيقية" في تخلص الكاتب من عبء تقديم الجو الروائي من خلال الشخصيات والأحداث التي من الممكن أن تستغرق الكثير من الصفحات بطريقة السرد التقليدي دون أن تقدم ما أراد تقديمة في التوثيق السردي المركز في صفحات محدودة، فالبناء الروائي يتحمل، في الأساس، ثلاثية روائية أو حتى رباعية، لكن رغبة الكاتب في جعلها رواية واحدة (مكونة من 432 صفحة) جعل تلك الحيلة الفنية ناجعة في تقديم الجو الروائي الذي أراده الكاتب لتلك الفترة التاريخية.

- تأتي شخصية البهي (أخو مجد الدين) لتكون الشخصية الأكثر تعبيراً عن رغبة الكاتب في تقديم "جرعة" من التشويق الروائي للقارئ المتأسس على الغرائبية المحببة في القص الشعبي، فهو إنسان تنطوي حياته على الكثير من الأمور الغريبة، منذ بدايات حياته الأولى، فمنذ مولده قيل إنه ولد في ليلة القدر، وأن طاقة من النور خرجت معه، وأن القابلة أخبرت أمه أنه ولد مختوناً، وهو من المنذورين لخير عميم، ولكن الكاتب رغم ما كان يمني به القارئ في تلك الحوادث التمهيدية لتصوير حياة البهي إذا به يفاجئ توقع القارئ نحو أنه كان سبباً لإشعال نيران القتال بين العائلتين؛ بسبب نزواته المنفلتة.

ايوب صابر 03-17-2013 09:12 PM

والان مع العناصر التي شكلت الروعة في روايةرقم 18-لا أحد ينام في الإسكندريةإبراهيم عبد المجيدمصر

- ومن الخطوط السردية التي نسجها الكاتب بطريقة هادئة ودون شعارات أو إسقاطات أيدلوجية علاقة المسلم بالمسيحي، فمجد الدين الذي يحفظ القرآن ويعرف تعاليم الدين يذهب إلى الإسكندرية ويجد نفسه جاراً لأسرة مسيحية فيتجاوب معهم في تقاليد الحياة التي تجمع كل الناس، ويجاملهم اجتماعياً في مناسباتهم وأعيادهم كما يجاملونه ويتواصلون معه، بل وتصل علاقته بـ "دميان" إلى صداقة قوية تستمر طوال مراحل عمره في نوع من التعاضد والتكافل الذي قل نظيره.

- عرض الكاتب ذلك ببساطة ودون تكلف، وبالطريقة التي نجدها كثيراً في حياة الإسكندرية المتسامحة، وقد التقط الكاتب لحظة من لحظات الحياة المكثفة وهي لحظة الموت الذي يشترك فيه الجميع فعرض لعلاقة صداقة أخرى بين مجد الدين وديمتري: "لقد دفع الخواجة ديمتري عشرة جنيهات تكاليف المقبرة والدفن، وقال لمجد الدين هامساً "تستطيع أن تعيدها حين ميسرة" وكان مجد الدين على ثقة من قدرته على إعادتها، فأرضه في البلد تدر دخلاً، وأخواته لابد سيرسلن إليه نصيبه كل موسم زراعي. الذي شغل مجد الدين هو هذا الود الذي يظهره الخواجة ديمتري له ولزوجته هو وأسرته، مع أنهم لم يتعارفوا إلا منذ أسابيع".

- أتت عتبات النص أو مداخله لتصنع حالة من الرؤية القصدية للكاتب في نظرته لمختلف أمور الحياة، ففي البداية الأولى يأتي بمقولة لبول إيلوار، وبعدها يأتي الإهداء، ثم تأتي مقولة للورانس داريل، وبعد ذلك نقرأ جزءاً مقتطعاً من أسطورة الطوفان البابلية، وبعده مقولة لشاعر الإسكندرية كفافيس، وإذا كانت المقدمات التصديرية لرواية ما تعبر عن قصدية معينة، ويحاول من خلالها الكاتب إيصال رسالة محددة للقارئ فإن إبراهيم عبد المجيد، كما أرى، أسرف على نفسه وعلى القارئ بهذا التعدد في العبارات التصديرية دفعة واحدة، والتي تقلل كثرتها من هدفها الدلالي الأولي فتتحول إلى عبارات متتابعة مفتقدة لقيمتها الإيحائية، وخاصة أن كل فصول الرواية أتت بتصديرات لأقوال مختلفة، والغريب فيها أن الكاتب لم يذكر قائلي هذه العبارات، أو هذا ما يخرج به القارئ من مطالعة طبعة "منشورات الجمل"، أما طبعة دار الهلال فقد ورد في نهايتها: "تنويه: هذه الرواية اعتمدت على العديد من الكتب أبرزها مذكرات القادة والسياسيين لتلك الحقبة بالإضافة إلى الصحف اليومية وكتب تاريخية وغيرها، ومن المهم هنا أن نذكر أن مقدمات الفصول ليست من وضع المؤلف الذي آثر عدم ذكر أصحابها في النص حتى لا يقطع الإحساس باتصال السرد، والمؤلف هنا يذكر أصحابها ومصادرها بترتيب الفصول".
- أعتقد أن ذكر قائلي العبارات لم يكن ليقطع الإحساس باتصال السرد، فهي عبارات تصديرية منفصلة عن السرد، إضافة لأن هذه السقطة الطباعية التي حدثت في طبعة دار الجمل أحدثت فراغاً ما كان ليحدث لولا فكرة عدم ذكر الأسماء مع عبارات أصحابها.
- الرواية رحلة عشق سردي لمدينة قدمت الكثير لحياة من عاشوا فيها، وهي، في تصور الكاتب، كائن حي، حيث تتألم على ما يصيبها من حماقات البشر وسخافاتهم، وتفرح لما تمر به من حالات السكون والاستقرار فتفتح ذراعيها محتضنة الجميع في حياة تعيد إنتاج حيوات جديدة في تجدد واستمرارية.

ايوب صابر 03-17-2013 09:21 PM


والان مع العناصر التي شكلت الروعة في روايةرقم 18-لا أحد ينام في الإسكندريةإبراهيم عبد المجيدمصر



- في حين تستمد “لا أحد ينام في الإسكندرية” قوتها من قوة عناصرها، أي موضوعها وشخصياتها والمرحلة التي تتناولها، فإن “طيور العنبر” تستمد قوتها من ضعف هذه العناصر.

- فبالنسبة إلى الموضوع، تناولت الرواية الأولى فترة بالغة الأهمية من تاريخ المدينة بل وتاريخ العالم، وركزت على دورها الإيجابي في التصدي للغارات الأجنبية في الحرب العالمية الثانية.

- أما دور المدينة في “طيور العنبر” فهو دور سلبي وغير فاعل، ويمكن وصفه في أحسن الحالات بأنه مجرد رد فعل على الأحداث التي واجهتها المدينة في المرحلة التي تتناولها الرواية مثل العدوان الثلاثي، التأميم، خروج الأجانب، فقد المدينة لجانب هام من جوانب شخصيتها، وهو جانب التنوع الحضاري الذي كانت تتسم به إلى أن خرج منها الأجانب بالآلاف في أعقاب العدوان. واقترن بذلك الجانب السلبي بعض الممارسات (السلبية أيضا) من جانب السلطة، مثل عمليات الاعتقال العشوائية وقمع الحريات والتخويف.

- بالنسبة إلى الشخصيات فقد ضمت “لا أحد ينام في الإسكندرية” عددا من الشخصيات التي تحمل صفات الأبطال الروائيين، وبالذات شخصية مجد الدين، البطل الأساسي في الرواية، الفلاح الذي يهجر قريته، راضيا، حقنا للدماء، الشخص المسالم الطيب المتدين بلا تعصب، والمغترب الذي يهجر قريته وأسرته التماسا للرزق. أما شخصيات “طيور العنبر” فهي من الشخصيات التي يمكن وصفها بالأبطال السلبيين أو اللاأبطال. وشخصية البطل السلبي هي شخصية تعوزها صفات البطل العادي مثل الذكاء وقوة الشخصية والاستقامة الأخلاقية ورجاحة العقل. ورغم العيوب التي تشوب هذه الشخصية السلبية فهي دائما صادقة مع نفسها، وتظهر في بعض الأحيان، وعلى غير توقع، قدرة فائقة على مواجهة الصدمات ورباطة الجأش. وتستمد هذه الشخصيات قوتها من ضعفها وعجزها اللذين يتحولان في الوقت المناسب إلى قدرة وصلابة وشعور مكثف بالكرامة والرغبة في تحقيق الذات. وهي شخصيات تحفل بها حارات نجيب محفوظ وروايات جوجول وفلوبير وديستويفسكي

-إن روح البهجة والفرحة والتلاقي والأمل في المستقبل التي ميزت نهاية “لا أحد ينام في الإسكندرية” حيث “صارت مدينة من فضة تسري فيها عروق من ذهب” تتطلع إلى المستقبل، تتناقض بصورة صارخة مع نهاية “طيور العنبر” المعبرة عن صراع شخصيات الرواية مع إحباطاتها ومع واقع ملبد بالموت والفراق وفقد الاتجاه، وهو واقع صوره المؤلف في مقطوعة بعنوان “قصة سوريالية” تعبر عن الهلع الذي أصاب ركاب إحدى السفن الغارقة فراحوا يلقون بأنفسهم في الماء التماسا للنجاة، وهي حكاية رمزية جسدت ما يواجه المدينة وأهلها من مستقبل غامض ومجهول.

-روايه بطعم التاريخ تسرد الاحداث التاريخيه في اثناء قيام الحرب وموقع مصر بالنسبه للاحداث

-تصف الاسكندريه اثناء الحرب العالميه التانيه بكل تفاصيلها من خلال اشخاص واحداث خياليه.

- اسلوب الكاتب لذيذ بدايه شيقه ثم يتوالي في سرد الاحداث .

- في هذه الرواية يأخذك إبراهيم عبد المجيد “الحكاء” الماهر الموهوب بشخصيات رواياته غنية ومميزة إلى اسكندرية الأربعينات وأجواء الحرب العالمية الثانية ..

- الرواية في أجزاء كبيرة منها أشبه بيوميات الحرب في الاسكندرية خصوصا وباقي العالم عموما .. تبدأ الرواية يوم بدأ الحرب وتنتهي بنهايتها بالنسبة للإسكندرية بانتهاء معركة العلمين .. فكرة مدهشة كذلك اقتباس عناوين الصحف لتنقل القارئ إلى عالم الأربعينات بتفاصيله الصغيرة الغنية وكأنه يعيشها.

- مبهرة جدا كذلك الحالة “الصوفية” التي تتلبس الكاتب بدون مناسبة ويخترق فيها حاجز “المعقول” بقدر بسيط .. تتماشى هذه الحالة مع غموض وجمال تلك الحقبة ..

- أعجبتني فكرة “هالة النور” التي تحيط بوجوه بعض الشخصيات في بعض المراحل ..

- وكان مشهد موت “دميان” في قمة الإبداع.

ايوب صابر 03-20-2013 01:31 PM

والان مع عناصر القوة في رواية -19- الحب في المنفىبهاء طاهرمصر




- تدور أحداث الحب في المنفى في بداية الثمانينيات، قبل وبعدالاحتلال الإسرائيلي لبيروت، تحكي بلسان صحفي مصريناصري في الخمسين من عمره، صدم في ما آلت إليه بلاده بعد رحيلرحيلعبد الناصر نفسه، وانتقال البلاد من زعيم إلى قائد. مر بعدةاضطرابات في حياته الزوجية إنتهت إلى الطلاق من زوجته منار، سافر بعدها إلىسويسرا حيث عمل مراسلا لصحيفة لم تعدتنشر له أي شيء، لأنه لا يزال مواليا لعبد الناصر! تستمر أحداث الرواية فيتعرفإلى المرشدة السياحية النمساوية بريجيت ويحبها. ثم يظهر في حياته أمير خليجي ثرييحاول إقناعه بتحرير جريدة ينوي إنشائها، إلا أنه السارد يكتشف أن هناك نوايامشبوهة فيبتعد.

- الرواية خيالية ولكن من خلالها ذكر الكاتب عدد من الوقائع الحقيقية، كقصةتعذيب بيدرو ومصرع شقيقه فريدي في تشيلي، وما حدث في عين الحلوة بجنوب لبنان حسبشهادة الممرضة النرويجية (حسب الكاتب فهذه الوقائع حصلت كما هي وهناك نصوص مقتبسةمن هذه الشهادات كما هي).
- يعيب البعض على الروايةرتابة الأحداث وبطئها، إلا أنني لم أجدها سيئة إلى هذا الحد لأن الرواية معتمدة علىالسرد مما يفتح الباب للبوح سواء بين السارد ونفسه أو بينه وبين الشخصيات الأخرى،وهذه الجزئية تحديدا قد تكون ميزة في أعين بعضالقراء، وعيبا لدي البعض الآخر - لا قاعدة هنا حيث التفضيلالشخصي.

- علاقةالمثقف بالسلطة، وآثار التحولاتالاجتماعية تكاد أن تكون القيمتين الغالبتين على أدب بهاءطاهر.

- واذا أضفناهما ثالثا يشغل بهاء طاهر وهو علاقة الشرق والغرب أو الذات والآخرلخرجنا بمعادلة تختزل المشروع الإبداعي لبهاء طاهر وهي قضية النهضة والتقدم.

- في روايته الحب في المنفى يشتغل بهاء طاهر علي نقد الذات الفردية والجماعية برصد خيباتها وفشل مشاريعهاوأحلامها علي أرض الواقع، وخيبات الشخصيات وخيبات الإنجاز العربي ساعيا إلي إزالةالأقنعة عما يظهر في السطح، وإظهار الواقع والذات العربية علي ما هي عليه عبرأسلوبي السخرية والاعتراف.

- تشترك شخصيات حب فيالمنفي في مجموعة من السمات: إنها شخصيات مكتملة، تقدمها الرواية فيلحظة اكتمالها، فيعمل السارد وتعمل معه الشخصيات علي إضاءة ذلك الاكتمال عبر مجموعةمن الاسترجاعات، التي تؤكد أن وراء كل شخصية حكاية دعتها إليالمنفي.

- كل الشخصيات الرئيسية في الرواية تعيشالمنفي الاضطراري، انطلاقا من السارد ومرورا ببريجيت وإبراهيم ووصولا إلي يوسف،كانت تعاني في بلدها من مشكلة إما مرتبطة بتمسكها بمبادئ تتعارض مع واقعها أو أنهاتحمل أفكارا معادية للنظام، كيوسف الذي هاجر نتيجة اشتراكه في مظاهرة ضد السادات فاضطر للفرار والسارد الذي ظل وفيا لعبد الناصر فتم إبعاده من الجريدة كمراسللها بسويسرا. تفضل الشخصيات البقاء في المنفي علي العودة إلي بلدها. أفضل البقاءهنا علي العودة إلي البلد .

- جل الشخصيات لم تختر مصائرها، ولم تخترالوضع الجديد بالمنفي. تقول بريجيت النمساوية التي تعمل كمرشدة سياحية بجنيف: لمأختره ولكنه كان العمل الممكن لي كأجنبية في هذا البلد .

- فمصائرها ليست بأيديها وتعرف أن ما تقومبه خارج عن إرادتها، وأنها مجبرة علي فعله: يقول السارد متسائلا عن وضعه: وكنت أسألنفسي في دهشة هل ما زلت بالفعل صحافيا له حاسة الصحافي؟ بعد كل السنين التي مارستفيها البطالة في هذه المدينة الأوروبية أنقل الأخبار الرديئة لصحيفة رديئة؟

- إن منفي الشخصيات مرحلة انتقالية لكنهاطالت.

- يعمل السارد علي تسليط الضوء عليالشخصيات في لحظة فشلها وانهزام أحلامها علي أرض الواقع، فتؤمن بأنها كانت تحلمبأفكار لا تلائم الواقع، فتعيش خللا وجوديا، ما بين الواقع والحلم، ودائما ينتصرالواقع، لتفشل مشاريعها وأحلامها فالسارد كان يحلم بانتصار الثورة واستمرار الفكرالناصري، وإبراهيم كان يحلم بانتصار الفكر الماركسي، ويوسف الذي كان يحلم بأن يصبحصحافيا كبيرا لكنه انتهي إلي مشتغل في مقهي بالمنفي.

- كل أحلام الشخصيات، إذن تحطمت علي أرض الواقع، حتي بالمنفي عند ما حاولالسارد ومعه يوسف إنشاء جريدة، فاكتشف السارد أن صاحب الفكرة وممولها الأمير حامديقوم بأعمال مشبوهة، فهناك فشل في أرض الوطن وخارجالوطن كبريجيت التي فشلت فيزواجها من إفريقي بوطنها النمسا، وفشلت في الحصول علي عمل بالمنفي، مما جعل الروايةتركز كثيرا علي خيبات الشخصيات، وتحاول تقديمها في أوضاع الهزيمة والخيبة، ممايجعلها تؤمن بفشلها، وتغير قناعاتها وتتخلي عن بعض مبادئها، لتدخل إلي مسارات لاترضي بها، مثل السارد الذي أصبح يتقاضي أجرا بدون عمل. هذا الوضع دفع الشخصيات إليالسخرية من ذاتها ومن واقعها المتردي.

ايوب صابر 03-22-2013 01:44 PM

والان مع عناصر القوة في رواية -19- الحب في المنفىبهاء طاهرمصر


- انعكس خطاب الفشل والخيبة علي أسلوب الرواية، فجعلها تندرج في سياق خطاب نقد الذاتوتحريضها، بالتركيز علي خيباتها وزوال أوهامها، وهو خطاب ميز الرواية العربية،خصوصا بعد هزيمة 67 التي عرت خطاب الأحلام وأعلنت بداية خطابالأزمة.

- والسخرية كأداة بلاغية، تندرج في هذاالنقد الجاد، يلجأ إليها بهاء طاهر لتقديم رؤياه للعالم العربي وأوضاعه في فترة منفتراته الحرجة (اجتياح إسرائيل للبنان) ونهاية حكم عبد الناصر وبداية حكم أنورالسادات بمصر، أمام هذه التحولات المتسارعة التي عرفها الوضع العربي لم يكن أمامالسارد والشخصيات من وسيلة إلا السخرية من ذواتهم ومن الواقع الذي انتهي إلي غير ماكانوا يريدون. بذلك كانت السخرية أداة بلاغية مؤسسة لرواية حب فيالمنفي.

- تتأسس السخرية في رواية حب في المنفي علي ثلاثركائز:ـ الأولي: السخرية من الذات ويقوم بهاالسارد، الثانية السخرية من الأنا العربية والواقع العربي، والثالثة سخرية الشخصياتمن بعضها البعض.

- السخرية من الذات: انعكست التحولات الكبريالتي عرفها الواقع الخاص والعام للسارد، وفشل الأحلام والشعارات وانكسارها علي أرضالواقع، علي السارد فأدخلته في قلق وجودي وتوتر دفعاه إلي السخرية من ذاته ومن قيمهومبادئه الخاصة من الذات، وتتأسس علي عنصرين وهما:

-عدم رضي السارد علي وضعه الجديد يدفعه إلي السخرية من ذاته والنقمةعليها.
- إحساس السارد وإيمانه بالعجز والفشل يدفعانهإلي السخرية من ذاته.
- السخرية من الوضع العربي: تدخلالسخرية من الوضع العربي في إطار نقد الذات العربية عموما بمبادئها وقيمهاومنجزاتها وخيباتها، وتنتج السخرية عبر نقطة التوتر بين ما كان يطمح إليه العربوبين ما آلوا إليه من خيبات وفشل علي العديد من المجالات (عسكريا، سياسيا،اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا)، مما يدفع السارد إلي النقد.
- تعمل السخرية هنا علي تجاوز ما يظهر في السطحإلي عمق الأشياء وتزيل الأقنعة وتعري الواقع، وتجعله يظهر علي الصورة الحقيقية التيهو عليها، منذ أن انجلت الأوهام وفشلت المشاريع الكبري سواء علي مستوي الوحدةالعربية وعلي مستوي الفكر الاشتراكي.

ـ السخرية من عادات المهنة بالمقارنة مع ما هي عليه في المنفي.
ـ السخرية من التلفزيون: التلفزيون عندنا جهازللتخلف العقلي.
ـ السخرية من الوضعالثقافي.
- سخرية الشخصيات من بعضها البعض: تتأسسانطلاقا من اشتغال الشخصيات علي التقاط المفارقات في كلام وأفعال وأفكار بعضهاالبعض، الأمر الذي يفضي إلي خلق موقف باعث علي السخرية، في إطار حوار سقراطي يتأسسعلي صراع الأوعاء.

- كما أن صراع الأوعاء،خصوصا بين السارد وإبراهيم، يدفعهما إلي السخرية من بعضها البعض.
- كما تعمل الشخصيات علي إزالة الأقنعة عن بعضهاالبعض وتأكيد أن ما تقوم به من أفعال ليس مجانيا، مثلا بريجيت تجاه الأعمالالإنسانية التي يقوم بها الطبيب مولر تقول بريجيت: مما في ذلك دموعك أنت أيهاالمنافق! أنت ولجنة أطبائك الدولية .

- وكذلك السارد مع الأمير حامد صاحب مشروع جريدةبالمنفي الذي أراد أن يختبئ وراءها ويغطي أفعاله الدنيئة .
- إن السخرية أداة بلاغية تكشف الوجه الحقيقيللواقع وتكون خارجية (من قبل شخص آخر) عكس الاعتراف الذي يكون ذاتيا وتلقائياوإراديا (داخلي) والذي بدوره يسير في تعرية الذات ونقدها.

ايوب صابر 03-23-2013 10:49 AM

تابع....والان مع عناصر القوة في رواية -19- الحب في المنفىبهاء طاهرمصر

- تراوحتطريقة السرد في رواية حب في المنفي بين سرد إطار يقوم به السارد، واسترجاعات يقومبها السارد والشخصيات، تلك الاسترجاعات التي تظهر في بعض الأحيان علي شكل اعترافات،وهناك شهادات للشخصيات الأخري، الشخصيات الثانوية أو العابرة في الرواية. فالملمحالعام الموجه للسرد هو الاعتراف بالفشل والنقمة علي الذاتوالعالم.

أ ـ السرد الإطار يقوم به السارد (بطلالرواية هو الإطار العام للرواية والموجه لها والمحدد لمساراتها، وهو الخيط الناظمللأشكال السردية الأخري، إذ يركز علي الذات في حالة فشلهاوإحباطها.

ب ـ الاسترجاعات: يتعلق الأمر بطريقةسردية تقوم بها جل الشخصيات الرئيسية في الرواية، بما في ذلك السارد، ويؤدي دوراأساسيا وهو إضاءة الوضع الحالي للشخصيات، وضع الفشل والإحباط والتأكيد علي أن وراءما آلت إليه حكاية حدث ما.
- نميز بين دورين للاسترجاعات إما تكون بدافعمن السارد لإضاءة وضع ما أو علاقة ما، وإما بدافع من الشخصيات التي تحاول أن تفهمشيئا ما في حياة الشخصيات الأخري.

ج ـ البوح: هناكحضور قوي للبوح في الرواية، إذ تبوح الشخصيات لبعضها البعض بشكل واع، وبشكل تلقائي،لوجود أشياء تتقاسمها، ووجود حقل نفسي مشترك هو الذي يدفعها إلي البوح. والبوح هنابمثابة تداعيات حرة بلغة التحليل النفسي، لكنها تداعيات إرادية، تبوح الشخصياتبالمسكوت عنه وتبوح بكل شيء، تبوح بخيباتها وفشلها وإحباطها وعجزها.
- كان هذا النوع بمثابة علاج للشخصيات ووسيلةللتخفيف من حدة التجارب والأحداث وهذه الطريقة من صميم حياتنا العربية، فنحن عادةما نعالج عبر الحكي للآخرين وفي الرواية البوح علاج للشخصيات يزيل عنها عبئاًثقيلاً. ففي البوح راحة للشخصيات وتخلص من أعباء نفسية وكذلك في البوح تقليل منقيمة الشخصيات وأهميتها في أعين الآخرين، وفي ذلك جلد وتجريح للشخصية.
- الشهادات: تنفتح الرواية علي شهادات حقيقية لشخصيات حقيقية عن أحداث عرفها التاريخالمعاصر كشهادة بيدرو إيبانيزا الشيلي عن بعض الجرائم الحقيقية التي كانت ترتكب فيالشيلي إبان الحكم الديكتاتوري، وهو أحد ضحاياها، وشهادة الممرضة النرويجية عماعاينته من مجازر في صبرا وشاتيلا.إن في هذه الشهادات صيحة تفضح الجرائم التي تمتفي حق الإنسان.
- محكي اجتياح إسرائيل للبنان وذلك عبر ماتناقلته وكالة الأنباء وتراوح بين إظهار الحقيقة وإخفائها، وكذلك صور التلفزيون عنمجازر صبرا وشاتيلا.

- يمكن الحديث عن تنوع سردي كما وكيفا، بينالشهادات والسرد الإطار والاسترجاعات والبوح كل ذلك من أجل إعطاء صورة للذاتوالواقع قوامها الفشل والخيبة والعجز.

- هكذا تفاعل بها طاهر مع التحولات التي آل إليهاالعالم العربي من تصدع وخيبات وأزمات متواصلة ونهاية المشاريع الكبري، محاولا تشخيصهذا التصدع انطلاقا من السخرية من الذات ومن الواقع وتعريتها بأسلوب سردي قوامهالبوح والاعتراف بالعجز والفشل والإحباط. وبذلك التأمت آليات الكتابة مع الثيمةالأساسية في الرواية.

- رواية كاملة الأوصاف» ـ د. علي الراعي - الأهرام

- نموذج جديد للرواية الواقعية» ـ د. شكريعياد - الهلال

- رواية نسجهامؤلفها باقتدار كبير» ـ د. جابر عصفور - الحياة

- كأنى بهذا المبدع الكبير يريد أن يحفر فيوجدان قارئه ما حدث.. حتى لاينساه أبدا» ـ فاروق عبد القادر - روزاليوسف

- بهاء طاهر كاتب واضح مسيطرعلى مادته وأدواته. جديد في رؤيته ومتفرد في نوع أدائه

ايوب صابر 03-27-2013 10:16 AM

تابع....والان مع عناصر القوة في رواية -19- الحب في المنفىبهاء طاهرمصر

- لعلّ من يقرأ أعماله يلاحظذلك التنوع في بيئات القصص وأجوائها من البيئات المحلية في الصعيد والريف المصريإلى بيئة القاهرة بطبقاتها وأجوائها الغنية، ثم هناك ما يمكن تسميته بالبيئةالعالمية والإنسانية، تلك التي جمع فيها شخصيات من ثقافات وبلدان مختلفة ووطّنهم فيدولة جديدة، هي الرواية أو القصة القصيرة، هذا واضح مثلاً في قصته (بالأمس حلمت بك) وقصته (أنا الملك جئت) وروايته الفريدة (الحب في المنفى).

- من يدقق في قصصهورواياته سيلاحظ أنه من أكثر الكتاب تميزاً في تقنية "الحوار"، حتى يغدو عندهعنصراً أساسياً لا تستغني القصة عنه. حوارات أشبه بالسيناريو حتى وهي موجزة، تنبضبالحياة وتسمح للشخصية بتقديم نفسها، وتمنح القارئ متعة خاصة في الاقتراب من أنفاسالشخصية ومن تدرج منطقها.

- رغم كل شيء يشدد في إبداعاته وكتاباته على دور الثقافة في فهم المجتمع وفيتحليله وفي صيانته، لأن الثقافة مرادفة للحرية وللوعي وللعطاء النبيل. ولا يمكنللثقافة أن تنهض ببعض ذلك دون أن يكون المثقف نفسه مستقلاً صلباً بعيداً عن الأشكالالمعروفة من شراء الذمم وفسادها.

- بهاءطاهر، مبدع ومثقف تنويري، بأوضح معاني التنوير، قاص وروائي مجدّد، مسرحي ومترجم،إذاعي عريق، كاتب مجيد في مقالاته ودراساته، ناقد مسرحي، وخبير بشوؤن السيناريووالدراما، يعرف الصعيد الذي يسكن روحه، ويعرف القاهرة ويعيشها، مثلما يمتلك خبرة فيمدن العالم، وفي ناسه، يعرف درس التاريخ ويراه مستمراً فينا، بمحتواه الأسطوريالقديم أو بوقائعه التي يمكن تجريدها في صورة تجارب وأفكار إنسانية متكررة.

- في سياق الإبداع السردي يسلك اسم بهاءطاهر في جيل الستينات، الجيل الذي رسخ الكتابة ونقلها إلى أحوال جديدة رؤيةوتشكيلاً.

- لبهاء طاهر صوته الخاص وتجربته المميزة بعيداً عن الفكرة الجماعية فيمبدأ التجييل.

- يمكنك أن تحدس بمبلغ عنايته بكل ما يكتبه، بحيث تجمع كتابته بينالأناقة التعبيرية والغنى الرؤيوي، ورغم وضوح حسمه لوظيفة الكتابة، فإنه أبدا لميقع في فخاخ الأيدلوجيا أو لغة الشعارات.

- الكتابة عنده تجربة مغايرة لكل ذلك، لهااشتراطاتها الصعبة جمالياً ورؤيوياً، وربما لهذا السبب لم يكن يستعجل النشر، بل إنمجموعته الأولى تأخرت في الصّدور حتى عام (1972)، كما أن ما نشره ليس إلا نسبةمحدودة مما كتب.

- إنه من أولئك المبدعين الذين يقدّسون الكلمة، ويتعاملون مع الكتابةبحرص واحترام وإجلال.. - ولعل القيمة العالية لإنتاجه المنشور خير شاهد على جرأةالحذف والاصطفاء والاختيار، بحيث لا يمرّر كلمة ولا جملة ولا قصة تمريراً عبثياً أويوردها أو ينشرها دون قناعة كاملة بأنها في مكانها الملائم وأنها تنهض بالوظيفةالإبداعية المأمولة.

- إنتاجه أقل عدداً وكماً من مجايليهومن الأجيال اللاحقة، لكن الإبداع يعترف بالنوع لا بالكّم، وكاتب صعب مع نفسه علىطريقة بهاء طاهر، ينحاز حتماً للنوع وللتميز، وليس لعدد الأعمال أو كثرة الظهور فيالصحافة ووسائل الإعلام.

- كل من كتبوا عنه شهدوا بنزاهته، وبتواريه عن الشهرة التيتلاحقه، لا يميل إلى الظهور في الصحافة ووسائل الإعلام.

- لكن أعماله تفرض نفسهابتميزها وخصوصيتها وسحرها الخاص.

- ينشغل بهاء طاهر بجوهر الكتابة وليس بما يحيط بهامن سلوكيات ومظاهر، ولذلك يمكن القول أن اسم بهاء طاهر من أسماء عصامية قليلة مردّشهرتها إلى الإبداع ولا شيء غيره.

- ورغم غيابه عن مصر والعالم العربي منذ منتصفالسبعينات وحتى منتصف التسعينات فقد عرفه القراء العرب وقدّروا تجربته، فاجتازالامتحان الصعب مما يدلّ بعمق على تميز هذه التجربة وفرادتها الخاصة، وصمودهاالذاتي دون دوافع أو عوامل مساندة مما يشيع في حياتنا الثقافيةالعربية.

- بعض ما ظهر تحت مسمى (القصة القصيرة) عندبهاء، أقرب لشكل الرواية القصيرة (النوفيلا) وخصوصاً قصص: بالأمس حلمت بك، أناالملك جئت، محاورة الجبل.. وهذا الشكل الفني يحتاج دراسة خاصة يمكن أن تعتمد علىأعمال بهاء طاهر، بما يسهم في بلورة شكل (النوفيلا) في الأدب العربي، واكتشافخصوصيتها ومنقطها السردي الذي لا يقف عند حدّ الاختلاف في الحجم أو في عدد الصفحات،بل يتعداه إلى اختلافات جوهرية في الخطاب السردي وفي المبنى الحكائي بما يجعل منهنوعاً متميزاً عن القصة القصيرة والرواية وغيرهما من أنواع سردية.

- يقول عنه محمود أمين العالِم كتابات بهاء طاهر من هذه الكتابات الهامسة التي تنسابإليك بهدوءٍ آسر بليغ تربت على مشاعرك في نعومة ورقة مهما بلغت حدتها الدراميةوعمقها الدلالي، إنه قصاصٌ شاعرٌ متصوّف تفيض شاعريته وصوفيته برؤيا إنسانية حادةتغريك برومانسيتها الظاهرة عما ورائها من حكمة وعقلانية وإحساس عميق بالمسؤوليةوالالتزام، هو عاشقٌ عظيم لمصر، باحثٌ دائب البحث عن أسرارها وأغوارها مهمومٌ بماتعانيه من أوجاعٍ وأشواق.

ايوب صابر 03-27-2013 04:11 PM

والان مع عناصر القوة في رواية -20- مدارات الشرقنبيل سليمانسوريا

-تمثل رواية مدارات الشرق للكاتب نبيل سليمان محاولة لاستجلاء ورصدالعلاقات المجتمعية في الحياة السورية ومكنوناتها بصورة دقيقة وعميقة وهي بذلك ليسترواية تاريخية بالمعنى الضيق المتعارف عليه للتاريخ بقدر اهتمامها بتطور هذهالعلاقات خلال فترة تاريخية معينة تتصف بأنها الأكثر حساسية وتأثيراً.
-وفيهذه الرواية الرباعية وخاصة الجزء المعنون بالأشرعة يعيدنا نبيل سليمان إلىالبدايات الحقيقية لسقوط الإمبراطوريات وتكون الدول وتشكل القوى ليقول للقارئ بصوتهامس وغير مباشر أحيانا.. إن تلك البدايات أوصلتنا إلى هنا وهي مرحلة مفصلية فيحياة سورية حيث الحرب العالمية الأولى وتفتت الدولة العثمانية.

-حاولالكاتب في هذه الرواية الإحاطة بالوطن الجديد سورية من كل مفاصله وعبر تشكيلاتهالمدنية والبدوية والفلاحية ليضع يده على الآلام الدفينة والخفية لمجموعات عانتكثيراً من القسوة إضافة إلى المعاناة الجمعية في العلاقة مع النظام العثماني الذيكان شديد العدل بتوزيعه الجهل والحرمان والإفقار على الجميع غير مبال بالتبايناتالمذهبية.

-كما يتبين لقارئ أجزاء مدارات الشرق جميعها أن الكاتب نبيلسليمان يفتش عن وجوه انهيار العالم العربي وإخفاقه ويمارس الكتابة الروائية كشكل منالمساءلة والقلق والبحث عن المعرفة وكشهادة معرفية أخلاقية ترصد واقعا يغترب فيهالإنسان وتصفه بشكل ينفيه ويغير شكل النظر إليه.

-من حيث الأسلوب تتميزالرواية بالإمتاع والفائدة معاوالمهارة في تطوير الشخصيات فهي تبتعد عن الوعظ أوإلقاء الدروسوتفتح أعين القارئء على الواقع بطريقة فنية لتخبره كيف كانت الحياةوكيف تصرف البشر تاركة مساحة كبيرة من الحرية والمعرفة حتى يستعيد ما جرى ثم يحكمعليه مكتسباً مزيداً من الإدراك والوعي.

-إضافة إلى الجمالية اللغوية التيتوازت مع غنى المحتوى فقد استطاع نبيل سليمان أن يدمج الوثائقي بالتخيلي وأن يستشف العام من تفاصيل الوقائع والأحداث ليدخل بذلك مرحلة جديدة ضمن هاجسه الطموح بتطويرفن الرواية ولعل مدارات الشرق تتابع طريق الرواية العربية من حيث انها كتابةللتاريخ تفيض عن الأخيرة مذكرة بثلاثية نجيب محفوظ ومدن الملح لعبد الرحمن منيفوبروايات غالب طعمة فرمان.

-يشار إلى أن مدارات الشرق صدرت عن وزارة الثقافةفي أربعة أجزاء من القطع الكبير هي بنات نعش، والأشرعة، والتيجان، والشقائق للكاتبنبيل سليمان.

ايوب صابر 03-28-2013 12:53 PM

تابع.........والان مع عناصر القوة في رواية -20- مدارات الشرقنبيل سليمانسوريا

- هذه الرواية للمؤلف نبيل سليمان.. من خلال تصفحي السريع لصفحات هذهالرواية لمست أنها تتناول جوانب عصرية طازجة.. فالرواية منشورة لأول مرة عام 2005م.. فهي من أعمال الكاتب الأخيرة.. وقد ضمنها أفكاراً تعالج التعسف والقهرالإنساني.. وصولاً حتى إلى غوانتانامو..

-أعطى نبيل سليمان الرواية السورية أفقاً جديداً
يمثلنبيل سليمان منذ ثلاثة عقود تقريباً الصوت السوري الروائي الأكثر اجتهاداً وتنوعاً، وإن لم يمثل حالةثقافية خاصة تمارس النقد والنشر والكتابة الروائية والمداخلة الفكرية الضرورية، وإذا كان في هذهالممارسة أعطى الرواية السوريةأفقاً جديداً،

-فقد كان ذلك الجهد المتراكم الذي صوب أدوات الروائي، وأتاح له أن يكتب مدارات الشرقالتي قرأت التاريخ القريب بأدواتروائية، وأن يساجل التاريخ القائم في مساحات يومية ضيقة، هذاما جاء في ورقة د.فيصل دراج والتي تحت عنوان "التاريخ في صوره اليومية"

-وتناولت د.شهلا العجيلي "تجلياتالنسق الثقافي في نص سليمانالروائي" والتي أكدت خلال عرضها أنه نص متطور وتجربته فيالكتابةتجربة تصاعدية، يتحول النص فيها من الإيديولوجي، ليصير إلى الجمال-المعرفيالذي تسعى إليه نظرية الرواية.

-ويبدو هذا التحول جلياً فيانتقال سليمان من كتابة (المدارات) بأجزائها الأربعة إلى كتابة رواياته الأخيرة (في غيابها)، ودرج الليل–درجالنهار .. و( دلعون ) إذ يلحظ المتلقي انتقال الكتابة الروائية لدى نبيل سليمان من مرحلة استقطابالنص للمقولات النظرية إلى مرحلةكتابة.

-ليختم د.رضوان قضماني بخطاب نبيلسليمان الروائي "من الحكاية إلى تأويل الحكايةالسرد ولغة التشكيل الدلالي فيه "مشيراً إلى أنه منذصدورروايته ينداحالطوفان 1970 وحتى صدور روايته الأخيرة دلعون 2006 راحت بنية السرد الروائي عند سليمان تتعدد بين عمل وآخر منتقلة من الحكاية القائمة على أحادية صوت الراويإلى تجاوز الراوي إلى ساردين عدةسعياً إلى خلق تعددية الأصوات.

- في ختام الندوةالتكريمية تلت د.شهلا العجيلي رسالة الناقد سعيديقطين التي وجهها إلى الروائي المكرم عنوانها "نبيل سليمان شهريار التخييل العربي" جاء فيها : "لقدتبين لي من خلال اللقاء والقراءةوالاطلاع أن نبيل سليمان من معدن نادر من الرجال. وحسبه أنه ممن يؤلفُ ويألفُ. يملأ المجالس الثقافيةبهحة وحبوراً، وكيف والبسمة لا تفارق محياه حتى فيأحلك الظروف وأصعبها".

- خمسة وثلاثون عاماً (يرتكب) المبدعنبيل سليمان عشق الرواية أولاً، ليملأ غيابها بنشاطات أخرى، هي ثانوية أو إضافيةلكنها مميزة. وعلى مدار الخمسة والثلاثين إبداعاً تعلم من الراوية الكثير، لتصوغههي كما نعرفه: شجاعاً في وجه السلطان الاجتماعي والسياسي، يعرف كيف يحتال علىالرقيب وينتصر عليه، مختلفاً دائماً عن المعتاد، وأكثر من ذلك كما يقول تعلمت منهاًألاّ أركن إلى أسلوب بعينه أو نجاح بعينه، بل أن أغامر وأجرّب وأعتزل وأتأمل وأتلذذو.. وأقرأ وأكتب.

- يقول في (مدارات الشرق) وفي (أطيافالعرش) عدت إلى النصف الأول من القرن الماضي مخاطباً هذا اليوم وذلك الغد، كما عدتإلى اللحظة الأندلسية في رواية (في غيابها) مخاطباً ذلك الغد وهذا اليوم. وما أكثرما رمح الزمن من عشرات أو مئات أو آلاف السنين إلى حرب العراق أمس أو إلى حرب 1973أول أمس. إنه زمن يرمح، أجل، زمن يملؤني بالحرية، زمن حرّ حتى ليصح فيه القول: الزمان. على العكس من أسر المكان، ولعلفي هذا ما يميز فضاءات رواياتي عن الفضاءاتالأخرى.

- ويقول: ولعل لي أن أضيف أنني مجبول منأزمنة وأمكنة بلا عدّ ولا حصر، لذلك كان لرواياتي هذا الفضاء المتلاطم ـ الفضاءاتالمتلاطمة.

- الرواية بالنسبة لي هي الأولوالآخر والباطن والظاهر، هي الحياة والموت، وما عدا ذلك هو نشاط آخر، ثانوي أوإضافي، دون أن يعني ذلك التقليل من شأن النقد، سواء فيما أحاول منه أم بعامة.

- عندما أعدّ لرواية وأتهيّألكتابتها، أنسى ما عداها. وحين أشرع بالكتابة تستغرقني تماماً، ليس فقط عن كتابةالنقد، بل حتى عن أسرتي.

- في معظم رواياته تاريخ .. تاريخ معاصر , تاريخ قديم لمنطقتنا و بلادنا , و لكن هذا التاريخ لم يمارس سطوة كبيرة على عملية الكتابة لديه.

-يقول ... عدتمثل آخرين إلى النصف الأول من القرن العشرين في(مدرات الشرق) وفي (أطياف العرش) , و قد أعود إلى ذلك و إلى سواه من الماضي . ليست كل عودة إلى الماضي فراراً أو تقية . لقد كان الأمر بالنسبة لي كما هو بالنسبة لعبد الرحمن منيف في خماسيته أو لجمالالغيطاني في( الزيني بركات ) أو لسالم بن حميش في رواياته عن الحاكم بأمر الله وابن خلدون ..لقد كان الأمر حفراً في التاريخمن أجل أن نتبيّن حاضرنا و مستقبلنا , من أجل أن نتلمس جذور ما نحياه من هزائم و تخلّف. و الكتابة عن قضايا الراهن هيأيضاً فخّ لمن لا يتلمّس نبض التاريخ , فتأخذه الشعارية و يأخذهالعابر.

ايوب صابر 03-28-2013 04:02 PM

تابع.........والان مع عناصر القوة في رواية -20- مدارات الشرقنبيل سليمانسوريا
- لقد اكتفىصاحب «ثلج الصّيف» بالإشارة إلى الهزيمة، في كلمة الإهداء «إلى 5 حزيران عرفاناًبالجميل». ثم أتبعها بـ «هزائم مبكّرة» (1985)، التي تروي مسلسل الهزائم الذي لايغفل عن بطولات هنا وهناك ويقاربها روائياً «اقتراناً بهزائم على المستوى الشخصيالرّوحي.
»
-يتّضح التّنوع الثّقافي في شخصيّات رواياته، فمصدره التنقّلالمبكّر بين الأمكنة: إنه مولود في صافيتا سنة 1945، ودرس الأدب العربي في جامعةدمشق وتخرج سنة 1967. وكان يسافر مراهقاً مع والده ليعيش فترات بين عامودا البلدةالكردية في منطقة الجزيرة، ثم عاش في قرية شركسيّة في عين صاف، إلى أن انتقل إلىالدريكيش. وعن ذلك يقول: «هذا الخليط جبلني تعددياً، وانفتاحياً وحوارياً». هكذا هيعوالم رواياته المتعدّدة والجدليّة.

-وقد بات معروفاً أنّمشروع نبيل سليمان الأكبر هو روايته «مدارات الشّرق»، التي يقول عنها: «صرت أصدّقأنّ في حياة كلّ كاتب مشروع العمر الذي يُكتَب مرّة واحدة ولا يتكرر».

-جاءت هذهالرواية بعد عمله «قيس يبكي»، فشرع في كتابة كتلة من أكثر من ألف صفحة كانت نتاجاًلعمل 15 ساعة يوميّاً صيفاً وشتاءً، حتّى أنجز «الكتلة الأولى»، بعد ستّة شهور، ثمّتابع العمل حتّى بلغ 2400 صفحة.

-تهيمن على معظمأعماله الروائية وأبحاثه النقدية الدراسات المضمونية والسوسيولوجية، وتطغى عليهاالانطباعات الشّخصية، والأحكام الذّاتية، وتكتفي بتلخيص مضمون الرواية، في محاولةلتأكيد أحكام القيمة المستمدّة من العرض السّريع للمضمون.

-بنية النّص عند نبيل سليمان، بنية مفتوحة على الحقول الدلالية،والثقافية والأيديولوجية والاجتماعية. ومن هنا نزوعها إلى تجاوز الدراساتالسوسيولوجية التي تقف عند حدود المؤثرات، إلى التفاعل النّصي والتناص، وينفتح النصالأدبي على مستويات أعلى من الوعي والإدراك، ويتحوّل إلى «رؤية» للعالم، ذات دلالةاجتماعية، تنظّم فضاءه.

-ومع اعتبار المبدع واضعاً للصياغة الفنّية المناسبة للوعيالجماعي الذي يعتمل في ضمير مجتمعه، كما يقول ميشيل بوتور: «ليس الرّوائي هو الذييصنع الرّواية، بل الرّواية هي التي تصنع نفسها بنفسها».

-يعكس الروائي نبيل سليمان الواقع الاجتماعي في تماسكه وتناقضاته وظاهره، لا انعكاساً بسيطاً ومباشراً، بل تعبيراً عنالطّموحات التي ينزع إليها وعي الجماعة التي يتحدّث الأديب باسمها.

-تعالج رواياتنبيل سليمان، تاريخ سورية الحديث والمعاصر، منذ العهدالعثماني وحتى اليوم.

-لقد غطّى نبيل سليمان بإنتاجه الرّوائيقرابة ثلاثة أرباع القرن العشرين. وكان الطّابع العام لهذا الإنتاج هي التاريخية،والاجتماعية، معيداً الحق لأصحابه البسطاء العاديين الذين أهملهم التاريخ الرسمي،فجاء الفن الرّوائي ليصوّر بطولاتهم المنسيّة.

-في هذه الرواية وبحسب الكاتب نفسه، ثمةتجربة خاصة في بناء الزمان الممتد عبر 65 سنة، بُني على شكل موجات. وهذا المقترحالجمالي في «مدارات الشرق»، هو إضافتها الأهم من محاولتها تصوير ما كان عليه أمرالنفط في الثلاثينيات في سورية والعراق، وما وصل إليه مع بدء الانقلابات العسكريةعام 1948.

-أمّا مشروعه كناشر، فتجلّى في «دارالحوار» التي أسسها سنة 1982، وانصرف إليها انصرافاً كاملاً بدل عمله في التدريس. يقول عنها منذر المصري: «أرادَ أن يخرج من حالة الهزائم المبكرة التي بدأ بها حياتهوجعلها عنوان إحدى رواياته، إلى حالة الانتصارات المتأخرة، ويكون صاحب مشروع ثقافي متكامل».

ايوب صابر 03-29-2013 05:29 PM

تابع.........والان مع عناصر القوة في رواية -20- مدارات الشرقنبيل سليمانسوريا

- رواية «مدارات الشرق» استوعبت فيثناياها الكثير من الأحداث التاريخية وصاغتها صياغة روائية ـ تمثيلاً وتخييلاً ـعبرت بالأزمنة والأمكنة الحدود الروائية التقليدية في إطارها العام، وتعاطفت معالشّخصيات التي عانت ما عانت، من جراء خذلان أصحاب الزّعامات لها وهي تبحث عنممكنات عيشها الرّغيد على حساب الطبقات المسحوقة، في نمط خفي من الصّراع الطّبقيالمهيمن على ذهنيّة مجتمع تشكّلت نسقيته على هذاالأساس.
-تجاوزت الرواية في هذا السياق السمات السردية التقليديةالجاهزة، لتخلق لها سمات مبتكرة تفرضها الطبيعة الملحمية للحدث الروائي، وصياغةحوارات ذات وظائف انفعالية وتفسيرية وإشارية، لتؤسس عبرها لغة روائية خاصة يندمجفيها المديني بالرّعوي والشرقي بالغربي، مع ما فيها من صدامات ومشاحنات وتنافر تصلحد الإذلال المتعمّد والمهين لكرامة الإنسان واستحقاقات وجوده الطبيعي في الحياةعبر كشف أساليب تعذيبية وحشية.
-فالرواية على وفق هذه الجدلية زاخرة بالمقابلاتالضدّية مادياً ومعنوياً: الحياة والموت/الاتصال والانفصال/الثورة والرضوخ/السلطةوالاستعباد/المقاومة والعجز، حيث التضاد شكل من أشكال الصراع الملحميالعنيف.
-فوضع الحدود الفاصلة للمفاهيم واجتراحها، هي النقطة الأهموالأشمل، خاصة إذا تعلق الأمر بالآخر، ذلك أن هذا الآخر لا يبقى على وتيرة واحدةوشكل واحد ورؤية واحدة وحساسية واحدة بمرور الزّمن، كما هو الحال في «مداراتالشرق».
-وبفعل الروح الوطنية التي يحملها، فإنه يتحطم إنسانياًبفعل الضربات الموجعة التي تلحق بروحه وجسده وحلمه هزيمة ساحقة، هذه الهزيمة التيتترك أثرها في علاقته بنجوم، ومن ثم يبرز الهروب بوصفه بديلاً أو وسيلة للتخلّص منعقدة الذنب التي يحسّها، هذه العقدة التي نشأت لديه بعد أن ترك شمّا تُذبح أمامعينيه وهو ساكن وعاجز لا يتحرّك ولا يتمكّن من فعل شيء. هنا تتحول الشخصية التيعرفناها في بداية الرواية ـ مرحة، ثورية، فاعلة ومتفاعلة مع الآخرين، محبّة ـ إلىشخصية أخرى محطّمة، منسحقة، فيثور، وتبرز هذه الثورة في نقمته على نفسه، والتمرّدعليها، إذ ينشأ الصراع داخليا وذاتياً أكثر مما هو خارجي، وبفعل الضّغوط والمواجهةالحادّة مع النّفس تتشكّل رؤيته الخاصة لذاته ولشخصه ككيان يحمل في داخله آثارالدّمار والعجز ومحاولة إفناء الآخرين من غيرتعمّد.
-من خلال شخصية عمر التكلي نقف على نشأةالبرجوازية الحديثة في الشرق العربي، واهتمامها بمصالحها الشخصية، وتحيّنها الفرصةللصعود، فهي شخصية نرجسية، تعيش في عالم آخر أكثر ثراء من العالم الذي تركته خلفها،فهاهو عمر مزهواً بذاته، متملّقاً حتى في أبسط الأمور، انتهازياً بكل معنى الكلمة،ونرجسيته هذه تجعله ينظر إلى نفسه بمنظار آخر إذ يحتفي بذاته ويتمركز حولها تمركزاًشديداً.
-كذلك شخصية فيّاض العقدة الذي أحب نجوم الصوان، ورغبالزواج منها، وبعد أن خطبها وحدث احتلال مرجمين، أُصيب فياض وتشردت نجوم بعد أنقُتِل أبوها وماتت أمها، تلتقي بعزيز فيأخذها إلى العم حاتم أبو راسين ويغيب عنها،تتزوج نجوم من العم حاتم، في أثناء ذلك يستطيع فياض الهرب من المستشفى والبحث عنها،يلتقيها هناك في بيت العم حاتم بعد أن يكون قد استشهد وتركهاأرملة.
-يتحوّل فياض إلى شخصية انتهازية وجشعة، نرجسية، يتنكّرلأصدقاء الأمس بغرور، يحاول السيطرة على الآخرين، محاولاً الاستحواذ على كل مايمكنه الاستحواذ عليه في سبيل الإعلاء من شأن وجوده الشخصاني، وكأنه يعاني من «مركبالنقص» ذلك أن إحساسه بفقدان الكثير مما كان يأمل الحصول عليه قبل الاحتلال، نمّىلديه شعوراً قويا بالعقدة - لاحظ التسمية المقصودة في اسمه - وهذه العقدة تدفعه إلىالتعامل مع الآخرين بقوة مزعومة، فيتعامل مع الفرنسيين ويضطر الثوار إلىقتله.
-أما شخصية فؤاد، فهو مثقف أولاً، عاش في الغرب مدة منالزمن، تنتمي عمته إلى إحدى الدول الغربية التي عاشت فيها وتزوجت هناك من المستربيجيت، ينتمي إلى أسرة عريقة فأبوه الباشا شكيم أحد باشاوات سورية، له صلةبالإنكليز، عاش حياة مترفة، متنقّلاً بين الشرق والغرب. يتجاذبه طرفان، الغرب منجهة، والشرق من جهة أخرى، ومع هذا الانتماء فإنه لا يحس بانتمائه لأي جهة منهما، بلينتمي إلى وطنه ويسمّي عشيقاته بسورية. ويتجلى أنموذج الأنا من خلال عنصر الشخصية،حيث تتمادى في أنويتها على حساب الذوات المجاورة مما يكسبها حسّاً فاعلاً بوجوبحصولها على استحقاقات إضافية ليست لها فيالأصل.
إشكاليةالأنا/الآخر:
-تغدو الأنا في علاقتها بالآخر المحورالمهم في توجيه الصراع الدائر ووضعه على طاولة المفاوضات الثنائية التي لا تجدمفراً سوى الرضوخ لهذه الثنائية وبالتالي التماهي بين الاثنين، وإن كانت النتيجةتحسم دوماً في صالح الجانب الآخر بوصفه الحلقة المسيطرة في عمليات الصراعودينامياته.
- فشعور العربي بتفوق الغرب عليه، في كافةالمجالات خلق لديه هاجساً مريراً، فنشأ الصراع بين «الأنا والغرب» مع الأخذ بعينالاعتبار عدم تساوي كفتي الصراع. فصورة الآخر المتفوق والمهيمن والمركزي والمتسلطوالصانع للحضارة دوماً، تجعل العربي يظهر بمظهر المهزوم، المضطرب والضعيف ويندرجضمن هذا المحور عدة أقانيم تحدد شكل العلاقةوتفسّرها.
الآخر/الإنساني،وفيه:
- أن الأهم هو الخصائص النوعية، فمع أن تركيزسليمان غالب على الرواية إبداعا ونقداً، إلا أن أعماله النقدية تنوعت، فبالإضافةإلى النقد الروائي هناك اهتمام واضح بالأيديولوجيا والثقافة عامة والماركسيةوالتراث العربي.
- نبيل سليمان لا يتورع من تجريب كل أشكال الكتابةالروائية من حيث الطول، فلديه القصيرة (جرماتي)، والخماسية التي تتجاوز الألفي صفحة (مدارات الشرق)، ومن حيث التوجه الفني بين الواقعية والسيرة الذاتية وتيار الوعيوالحلمية.
- تفيض الرواية بقلق إزاء الأحداث السياسية المحيطة، وفيطليعتها الحرب المتوقعة في العراق حين كتبت الرواية.‏

ايوب صابر 03-31-2013 09:30 AM

وألان مع عناصر القوة والتأثير في رواية -21- الوباء هاني الراهب سوريا

- الوباء - رواية الروائي المتميزهاني الراهب واحدة من أفضل الروايات في تاريخ الأدب العربي.

-رواية الوباء: اختارها اتحاد الكتاب العرب كواحدة من الروايات المائة الأوائل في تاريخ الأدب العربي.

-في روايةالوباء .. فتبدأ الحكاية هناك فيالشير في تلك الفسحةالمربعة بين كتلتين من الجبال. تنتهي آجال... وتولد أجيال، ومابين الولادة والموت فسحةالحياة التي تتلون بألوان يضفيها عليها المناخ والمسرح والأفاق.

- ضمن هذه الأجواء يتنقل هاني الراهب متابعاً دورة الزمان لهذه العائلة السنديانية الآتية من ذلك المكان الممتد بينمرابع الصحراء إلى بلاد الشام وزمان ينحدر من السفر برلك إلى يوم حاضر.

- يتتابع الأشخاص يتغيرون بتغير أماكنهم وأزمانهم يموتأشخاص ويولد غيرهم ويبقىوجه الحياة وحسها الآتي من معانيها قابعاً في كل حياته...

- وتبقى حسرة في قلب خولة "كمايهدرمن عمر الإنسان فيهذا النمط من الحياة؟ كل هذه الأعوام سبعة وأربعون... ولمتتعلم أن الزهرة تظل أجملإذا لم تقطف... ولكن ماذا لو أنها تحت الحرية واكتملت؟ لوهذا الهدر لم يكن... لكانبوسعها أن تخيط ألف فستان زيادة... وتحب ألف شيء آخر... وتشعربألف فرح آخر..."

- وتبقى ماذا لو؛لغز السعادة الآفلة... في رواية الوباء آتية من ثنايا حكاية الحياة.

ايوب صابر 04-01-2013 09:30 AM

تابع... عناصر القوة والتأثير في رواية -21- الوباء هاني الراهب سوريا


- هاني الراهب روائي عربي سوري منأصحاب الكلمة الممنوعة والمقموعة والمغيبة.

- اقتحم بوابة الرواية بثقة وجواز مرورواحتلت نصوصه موقعاً واضحاً في الأدب القصصي والروائي السوري والعربي المعاصر.

- وقدنحى منحى جديداً في الكتابة الروائية واستفاد كثيراً من مطالعاته وقراءاته فيالآداب والثقافات العالمية المختلفة ووظف كثيراً مما اكتسبه في آثارهوأعماله.

- عاش هاني الراهب في زمنالانقلابات والعواصف والصراعات الفكرية التي اعقبت نكسة حزيران ، ومات في الرمالالتي غطت أرض الوطن العربي بعد عاصفة الصحراء والهزيمة الكبرى في العراق ، تاركاًومخلفاً وراءه الصدق والوهج وألم الفقدان ووجع الغربة والأسئلة عن الذات والحالةالعربية الراهنة.

- صدرت له عدة ترجماتلاعمال نقدية عالمية ولرواية "غبار" لياعيل ديان وألف كتاباً عن الشخصية الصهيونيةفي الرواية الانجليزية ، وله في القصة القصيرة "المدينة الفاضلة" وفي الرواية "المهزومون، شرخ في تاريخ طويل، ألف ليلة وليلتان، الوباء، التلال ، المستنقعات " وغيرها.

- ويعبر هاني الراهب عن حالة وبؤسالواقع العربي المأزوم والمهزوم على لسان "أسيان" بطل قصته "المعجزة" فيقول: "انحياتنا اليومية مطبوعة بطابع النذالة والتفاهة والغيظ والمماحكة، وعلينا أن نتخلصمن هذا الطابع لتصبح الحياة ممكنة .

- أعرف انني أعمق نذالة من الجميع وأكثرها تفاهةوغيظاً وإني فارقت من الخطايا ما يبتلعكم كلكم، لكني من جانب آخر معذور لأني أردتأن أعرف حقيقة الإنسان، اننا جميعاً خطاة ولكننا لن نضيع وقتنا في المحاكمات واصدارعقوبات الاعدام فالشر بذلك يبقى شراً".

- ويحاول هاني الراهب في نصوصه رسم ونقل هموم وعذابات أبناءجيله ووصف حالة الانهزام والسقوط والتكيف في ظل الهزيمة .

- نجده في قصة "الخامسالدائم من حزيران " يحكي عن مجموعة من الشباب المرح الذي يستسلم للهو والرقص للهروبمن الواقع ونسيان ما يقلق البال وتنتهي حفلة الرقص بحادثة تقضي على الفرح الكاذبعندما تظهر لاجئة فلسطينية طالبة الخبز لأطفالها الجياع.

- وفي رواية "الوباء" يطرح هاني الراهب أسئلة هامة وكثيرة لميجد لها جواباً في الواقع الحياتي عن الديمقراطية والحرية، وموقع المثقف فيالمجتمع المدني ودوره في عالم تنقرض فيه الثقافة ويقتل الوعيالنقدي.

- أما في رواية "المهزومون" فيرويويسرد حكاية المهزومين الذين يثرثرون في المقاهي ويصنعون الفراغ من الحلمالوجودي.

- وشخصيات هاني الراهب ملتبسة وقلقةومضطربة تعاني القمع والاغتراب والتهميش وغير قادرة على مواجهة السلطة السياسية،التي تغتال الإبداع وتصادر حرية الكلمة.

- أخيراً يمكن القول أن قصص وروايات هاني الراهب فيها الكثيرمن التفاصيل الزائدة والرموز السياسية ، وتستوعب الواقع اليومي الممل ، وذات أبعادسياسية وفكرية عميقة.

- وهي تصور التكوين والتشكيل الطبقي والسياسي في المجتمع العربيالبطريركي ، وتغلب على أرجائها مسحة الحزن واليأس .

- وتحكي القهر والألم والتفجعلكاتب عربي أصيل أصيب بالخيبة وفقدان الأمل، وعايش الإخفاقاتوالانتكاسات والهزائم،ومات في رحاب المهزومين.

- في رواية الوباء يطرح هاني الراهبأسئلة هامة وكثيرة لم يجد لها جواباً في الواقع الحياتي عن الديمقراطية والحرية،وموقع المثقف في المجتمع المدني ودوره في عالم تنقرض فيه الثقافة ويقتل الوعيالنقدي.

- وتبحث الرواية بجرأة في تاريخ الحركة السرية للمناضلين من أجل الديمقراطيةوبداية نشاطهم وتشكل الوعي الثوري لديهم، وبنفس الوقت ترصد حركه العسكر الذيناغتصبوا السلطه وطموحاتهم وسيطرتهم على البلد وبمعنى آخر نشوء البرجوازيةالبيروقراطية والطفيلية التي لا تملك شيئاً.


الساعة الآن 04:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team