منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 12-31-2012 04:28 PM

سر الفوز بجائزة نوبل للادب على الرابط ادناه:

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=9967



==========

* لحين انجاز التحليل للبيانات الاحصائية ما يزال المجال مفتوح لاي معلومة حول سيرة حياة الكتاب.

ايوب صابر 01-09-2013 02:47 PM

في ظل الاهتمام الاستثنائي في هذا المنبر تعالوا نسير خطوة اخرى ونتعمق في هذه النصوص الرائعة؟؟؟!!!
سر الروعة في أفضل 100 رواية عربية :
طبعا يظل حجم المآسي التي يكتوي بنارها المبدع هو الذي يؤثر في كيمياء الدماغ وبالتالي جعل الدماغ يعمل بقوة وطاقة تمكنه من توليد نصوص عظيمة. ( انظر الدراسات التي تشير ان العلاقة بين اليتم والابداع في أعلى حالاته، يتعدى عامل الصدفة هنا في منبر الدراسات).

ويبدو أن أهم سر من أسرار عظمة الأعمال الإبداعية هو مستوى الطاقة البوزيترونية المشمولة في العمل الإبداعي.
فكلما كان مستوى الطاقة البوزيترونية في الدماغ عالي كلما كان الدماغ قادر على توليد نصوص عبقرية.
هذه الطاقة وهذه القدرة نلمسها نحن كمتلقين على شكل نصوص بارعة، مذهلة ومزلزلة، في تركيبتها وأثرها... ولا شك أن لبراعة النصوص مواصفات تميزها عن غيرها، من عدة جوانب منها مثلا الموضوع المطروق، وآلية السرد في الأعمال الإبداعية الأدبية طبعا،و الأسلوب واللغة، وما إلى ذلك من العناصر.
فيما يلي سأحاول سرد ملخص لما قاله النقاد عن سر الروعة في أفضل 100 رواية عربية من حيث عناصر الجمال في هذه النصوص، والتي جعلها تصنف واحدة من أفضل 100 رواية عربية.
طبعا لا شك أن استيعاب عناصر الجمال في هذه النصوص وفهمها، وبحيث تصبح جزء من وعي المبدع ولا وعيه، ثم الحرص على تضمينها واستخدامها في النصوص الإبداعية... لا بد انه سيجعل منها نصوص فذة، بارعة، لان الادب تقليد وتقليد التقليد.
ومن دون شك سيكون للأيتام والأشخاص الذين فجرت المآسي في أدمغتهم براكين الطاقة البوزيترونية حظا أوفر في الاستفادة من هذه الخواص والمميزات والمواصفات :

تابعونا هنا في محولتنا لرصد عناصر الجمال في أروع 100 رواية عربية
تعالوا وهاتوا ما في جعبتكم من معلومات حول هذه النصوص البارعة لتعم الفائدة.

يتيع ...سر الروعة في ثلاثية نجيب محفوظ؟

ايوب صابر 01-10-2013 01:21 PM

سر الروعة في ثلاثية نجيب محفوظ؟

- لا يكتب عن شخصية لا يعرفها تماما.
- يستخدم الأسلوب الساخر.
- كان يعمد إلى لغة ملائمة للحدث.
- في لغته الأسلوب الشعري المكثف المفعم بالصور.
- ينتمي إلى المدرسة الواقعية.
- يستخدم تيار الشعور والمنولوج الداخلي.
- استخدم أسلوب الحذف في النص أي انه لا يذكر معلومات يفترض وجودها في تلك الفترة الي ألحكي عنها.
- كان يكتب على اعتبار أن الأدب ثورة على الواقع وليس تصوريا له.
- يقدم نقد للمجتمع من خلال المقارنة بين شخصيتين عكسيتين.
- يلجأ إلى استخدام الراوي العليم.
- سرديته شعرية.
- يسجل حقائق ملموسة في الواقع العربي.
- يقوم بعملية استبطان لدخائل شخصوه والإغراق في وصف خواطرها النفسية.
- ينتقد المجتمع الشرقي المتحفظ حد الإفراط.
- يعالج تناقضات الحياة اليومية والصراعات السياسية.
- يصور الصراع بين تقاليد المجتمع والحرية.
- يكتب بتركيز وتكثيف.
- رواياته كأنها منتزعه من صميم التأريخ فهي حية في وجدان المجتمع وضميره.
- شخصياته تتحرك في نبض الشارع والمجتمع فيتعرف القارئ على سلوكها وانفعاليها وينفعل إزاءها.
- المشاعر والأحاسيس عند مرتبطة بمكان معين دائما.
- يسبر محفوظ أغوار الواقع ويساير حركة المجتمع المصري في رؤية مدركة لتطور الحياة المصرية.
- وصفت أعماله تحول المجتمع المصري من التقليد إلى التجديد فظهر أكثر من تضاد وأكثر من مقارنة وأكثر من صراع على أصعدة مختلفة سواء كان بين الرجل والمرأة أو بين الدين والدنيا أو بين الجشع الإقطاعي ومسكنة الغلابا.
- القضايا التي تتناولها قصص وروايات محفوظ قضايا مصرية، إلا أن معالجته لها، كانت معالجة إنسانية عميقة.
- كان نجيب محفوظ دارسا للفلسفة وكاتبا فيها في مستهل حياته الثقافية، وظل أثر هذا الاهتمام المبكر واضحا في أعماله الأدبية من بعد.
- كان له موقف عام من المشكلات الاجتماعية والإنسانية عامة؛ وبهذا الموقف المزدوج ـ الفلسفي الأدبي ـ استطاع محفوظ أن يجعل من الأدب المحلي أدبا عالميا.
- نزع نجيب محفوظ نحو التوفيق بين المطلق (الفلسفي) والقيم الاجتماعية.
- كان نجيب محفوظ ومنذ بداية حياته، مهموما بمشكلتين في وقت واحد، هما المشكلة الاجتماعية والمشكلة الميتافيزيقية.
- دراسة أدب نجيب محفوظ في مجمله، الذي بلغ 49 عملا حتى الآن، تكشف عن موقف فلسفي عبّر عنه هذا الأديب في شكل أدبي.

اذا ربما ان ابرز ما جعل ادب نجيب محفوظ رائع هو دون حصر : واقعيته، واستخدامه للاسلوب الساخر، وتوظيفيه للنقائض والتضاد وربما الاهم صبره على خلق شخصيات تكاد تكون حية وقريبة من الناس، ولا شك انه تمكن من توظيف الفلسفة في اغناء نصوصه.

يتبع،،،

سر الروعة في رائعة جبرا ابراهيم جبرا ...البحث عن وليد مسعود؟

ايوب صابر 01-11-2013 02:43 PM

سر الروعة في رواية البحث عن وليد مسعود لجبرا إبراهيم جبرا؟

- شكل جبرا في روايته صورة عجيبة لشخصية وليد مسعود متطرقا لأسرار حياته العاطفية وطفولته في فلسطين ومواقفه الدينية والسياسية.
- تعددت الزوايا بعدد أشخاص الرواية فكان وليد مسعود تركيبة من جميع عناصر الإنسان العربي الذي يعيش حياته الخاصة متقاطعا مع تفاصيل عصره.
- حملت الرواية سمات للحداثة الروائية في العالم العربي.
- الرواية في تنسيقها فريدة من نوعها إلى اليوم وتعد نقطة التقاء بين خصوصيات الكتابة العربية والرواية العالمية.
تختزل الرواية مسيرة جبرا إبراهيم جبرا الروائية.
- الرواية متشبعة، معقدة، بارعة التركيب هندسيا وزمانيا.
- تمكن جبرا إبراهيم جبرا من خلق عدد كبير من الشخصيات التي يجد القارئ أنها تفرض نفسها على ذهنه فيعايشها من الداخل ولا يستطيع نسيانها.
- تمكن في روايته من تصوير مأساة شعبه بعمق.
- يقدم جبرا إبراهيم جبرا من خلال هذا العمل وليد مسعود الفلسطيني الجنسية المثقف المثقل بالأسئلة الفلسفية والذي حقق نجاحات اجتماعية و مادية لم تكن كافية لإخماد نار السؤال الأكبر : سؤال الوطن.
- اتسم أدبه بقدر منالكوزموبوليتية.
- يمتلئ عالمه بالإحالات والصور المحلية.
- كأنه يكتب سيرة حياته. فلا شك في أن لطفولته وصباه في بيت لحم والقدس أثراًحاسماً في ادبه.
- في إنتاجه الشعري والسردي، نجد ذلك التشبّث بمتعلقات المكان الفلسطيني. وهوما تلخّصه جملة وضعها في مطلع أعماله الشعرية: «فلتكن هذه فروع زيتونة أخرى في جبلالزيتون، زرع بذرتها في زمن مضى/ فتى كان كثير الرؤى ولم يملك في حياته سوى الحبوالكلمات.
- البحث عن وليد مسعود اسبه بحالة البحث عنالتوازن، ذلك النوع من التوازن الذي يخلخل المشي، ومن ثم الارتباك فالسقوط، ثمالبحث عن توازن مرة أخرى.
- يمثل وليد مسعود حالة «جبراوية» نموذجية راقبناها في جلّ أعمالصاحب «يوميات سراب عفان». وغالباً ما استندت هذه الحالة إلى مطارحة مفهوم الاغترابمن كلّ مكان وفي كل موضع، وهي حالة تقترحها سرديات جبرا، منطلقةً من التجربةالجمعية أولاً إلى الفردية ثانياً، على عكس من الاغتراب كما كتبه فرانز فانون في «بشرة سوداء، أقنعة بيضاء».
- جبرا الفلسطيني التلحمي المولد، الذي غادر بلاده بعدالنكبة، ثم استقرّ في بغداد، ينطلق من وجود القضية في حياة الفلسطيني كمحرّك أساسيللأحداث.
- هو لا يستخدم الكليشيهات، ولا نلمح في أعماله عين الحنين المتهافتة، ولاهو بكاتب للتاريخ الفلسطيني.
- وجد جبرا الفلسطيني نفسه خارج المكان، على رأي إدوارسعيد، فحياته كلها خارجية الهوى، وخارج التجربة الجمعية الأصيلة. ليكون الاغترابعلى مستويين فردي (النفي عن المكان تعطيل لترعرع الفرد في حاضنته الجغرافيةوبالتالي الثقافية) وجمعي (تعطيل بلوغ الثقافة المحلية وصيرورتها). وما كان يفعلهجبرا روائياً وشاعراً وتشكيلياً هو التعامل مع هذين المستويين ومقاومة ذلكالتعطيل.
- ايضا اكتسبت رواياته طابعاً إنسانياً مثلما هي حال الأعمال العظيمة. فقد وضع شخوصهفي مآزق إنسانية وأخلاقية وفلسفية كما في «السفينة» و«الغرف الأخرى».
-
- بنية حركة العمل هي من الانكسار الجمعي إلى الفردي، إلى المقاومة الجمعية مرةأخرى، لكن المهم هنا أنها مقاومة تحدث داخل الذات.
- لقد كان جبرا مثقفاً شاملاً بحق.
- حياة جبرا لم تخل من الفجائع الشخصية، إحداها موت شقيقته الذي ترك في نفسهأثراً بالغاً. حتى إنه اعتبر أن المأساة هي سبب الفن، بل كلأسبابه....فعبقريته اذا ناتجه عن تجربته مع صدمة الموت في سن مبكرة ولو ان الموت كان لاخته كما حصل مع نزار قباتي.
- السيرة الذاتية لجبرا تعدّ إضاءة (بانورامية) تضيء الذاتالمبدعة من الداخل والخارج على السواء، لأن الأديب يقف على أحداث متعددة، ووجوهمتنوّعة، وعلى تجارب ومعاناة وثقافات أسّست العلاقة معه، أو أثّرت في مكوّناتهالمعرفية، فاستمدّ منها نسع الإبداع، وعبّر عنها بالكلمة الموحية، والعبارة الدالّةالتي سجّلها بقلمه الخصب، على دفاتره الخاصة، التي وصلت إلينا، لنطالع فيها وجهيهاللذين يبدوان ـ في النهاية ـ ناصعين، على الرغم مما هبّ عليهما من نسائموعواصف.‏
- أدبه انعكاس لحياته التي وصفها البعض على انه عاش حياةً مبعثرة.‏
- أن قليلاً من الكتاب من يفردلطفولته كتاباً خاصاً، بل إن معظمهم يميلون إلى تجنّب ذلك أو إهماله.. وقد جرت عادتهمإذا ركّزوا على أحداث طفولتهم أن ينظروا إليها بعين النضج الذي أدركوه مع تقدّمالسن..".(3). ولم يكن "جبرا" كذلك، وإنما ترك طفولته تأخذ مجراها، وغالباً ما نظرإليها بعيني طفلٍ، وتعامل معها بعقلية البراءة..‏
- لقد هيأ لنا "جبرا" بأسلوب الأديب أن نستشفّ من سيرته الآثار التي تركت بصماتها على فنّه وفكره، فسفحأمام أعيننا صور الأحلام التي دارت في مخيّلته، وفي هذا مصدرٌ هام يلقي مزيداً منالضوء على سيرته الأدبية، ونتاجه الفكري، واهتماماته المتعدّدةالمتنوعة.‏
- جبرا عمد إلى الإيحاء والترميز، في سيرته نظراًلما للبئر من موقع حسّاس في النفس، ينمّ عن معايير معيّنة في اختياره لتركيب وصفي،جمالي ودلالي معاً، يوحي بالانخفاض والعوز والعمق والسجن والرطوبة والدونيةوالتحتية والرهبة، وقد كان يؤكّد على هذه الدلالة كلما استعاد في طفولته شيئاً منخوفٍ أو حزنٍ، فحين هزَّ زلزالٌ فلسطين، وصفه الأديب الكبير بعيّني طفلٍ صغيرٍ، فيرواية "البحث عن وليد مسعود" حيث قال " شهدت الزلزال وأنا طفل في السادسة، لقد خضّ الأرض كمالو خضّتها ريح غريبة رهيبة، كنت جالساً على الأرض مع غيري من الأطفال في المدرسةالصغيرة، فحسبت الريح الهادرة هزّت البنيان القديم هزّاً عنيفاً، ولمّا انطلقالصبية مذعورين إلى الخارج، انطلقت معهم، ورأيت الحجارة تتساقط كتلاً من أعلىالمبنى العتيق المقابل، وتتكوّم أمام عيني في ركام أبيض مريع، واتجهتْ أبصارنا منالخرابة التي نحن فيها نحو كنيسة المهد نستنجد الله لإنقاذنا.
-

ايوب صابر 01-12-2013 03:36 PM

تابع ...سر روعة رواية " البحث عن وليد مسعود":

- اغنى ادبه بتجاربه الضخصية من طفولته على وجه الخصوص فه كان يدرك أن الأصول الحقيقية للأشياء تعود إلىالتجارب الأولى من حياة المرء"، (9). وأكّد على ذلك مراراً مركّزاًعلى لفظ "البئر" ومدلولها: "طفولتي ما زالت هي ينبوعي الأغزر. إنها البئر والعينالتي تمدّني بالكثير من النسغ لما يتنامى في ذهني من بنت الخيال، وأرجو أنها ستستمرفي منع الجفاف والعطش".
- رأى في (البئر) ما يرمز إلى حياة الناسالواقعية، والدينية: أما الواقعية فهي مستمدّة من حياة الناس في عشرينيات القرنالماضي.
- تتحقق أطروحة جبرا ابراهيم جبرا القائلة ان «كل رواية عظيمة يجب ان تعمل علىمستويين: واقعي واسطوري, وان مدى نجاح الكاتب يمكن قياسه بمدى قدرته على دمجالمستويين معا بصورة مقنعة» في مجمل ابداعه الروائي الذي يتسم بعمله على هذينالمستويين, معا, وبقدرة جبرا نفسه على دمجهما معا في عالم تخييلي تتداخل فيهالحدود, وتكاد تمحي أحيانا, بين ما هو واقعي وما هو أسطوري.
- تعد شخصية بطلروايته «البحث عن وليد مسعود»(1) اكثر تجليات هذا التداخل بين المستويين في تجربتهالروائية بعامة, إذ ما أن تجد هذه الشخصية نفسها مغلولة الى عالمي الواقع, حتى تبديانزياحا عنه, يحاول الروائي, عبره ومن خلاله, صياغة عالم أسطوري يتناسل داخلالرواية بوصفه معارضة للعالم الاول وليس الغاء له, يجد المتلقي نفسه في مواجهةشخصية روائية فائرة بشبكة تكاد تكون لا متناهية من المجازات والرموزوالدلالات.
- وهذا الانتقال من الانساني الى الاسطوري يتبدىعلى نحو أشد وضوحا في تلك الطاقة الجسدية الخارقة التي كانت لوليد أيضا, او في «عزيمة الكبش» التي جعلت مريم الصفار «منجذبة» اليه, بل «مهووسة به» لانه كثيرا ماكان يتركها وهي «منهكة بلذاذة الجنس»(ص147)
- كما يبدو اختفاء وليد تعبيرا عن رغبتهبمواجهته الموت بالموت يبدو في الوقت نفسه تعبيرا عن برمه بالواقع السياسي العربيالذي قاد الى النكبة الفلسطينية, ثم الى الهزيمة الحزيرانية, والذي كانت تصوغهسلطات سياسية مولعة بإنتاج شعارات خرساء لا رصيد لها في هذا الواقع: «ما من حكومةعربية إلا وتصرخ بالوحدة وتضع في الوقت نفسه ألف حاجز بين قطرها والقطر العربيالآخر»(ص110).
- تقيم الرواية "البحث عن وليد مسعود" اكثر من صلة مع إنجازات الرواية الحديثة, وهي لا تفعل ذلك من خلال توزيع مادتهاالحكائية على اثني عشر فصلا, يحمل كل منها عنوانا ذا حمولة شعرية واضحة, ومعبرة, على نحو كنائي, عن جوهر الحدث الذي يتضمنه كل فصل, فحسب, بل من خلال انتاجها سردامو ارا بمختلف تقنيات السرد الحداثي, بدءا من تيار الوعي, الى الوصف الخلاق الذي «ينزع الى ابتعاث معنى»(12), ويؤدي وظيفة رمزية داخل النص الى الاستفادة من تقنياتالفنون, ولا سيما الموسيقى, الى التداخل بين نمطي السرد الاساسيين, السرد والعرض, وبين انماطهما الفرعية, الى الاتكاء على تقنية «التواتر» (Frequence), التي منأشكالها الأربعة الأساسية, كما صنفها «ج.جنيت» (G.Genette) , رواية ما وقع مرةواحدة مرات عدة(13), إذ تقوم كل شخصية من الشخصيات التي عرفت وليد مسعود عن قرببرواية حدث اختفائه, ثم بتعليل بواعث هذا الاختفاء من وجهات نظر مختلفة يلقي كلمنها المزيد من الضوء على شخصية وليد, كما يلقي المزيد من الضوء على الواقع الذيدفع «وليد» نفسه الى اختيار ذلك الاختفاء, والى ترك سيارته على قارعة الطريقالصحراوي الذاهب الى سوريا, مخلفا وراءه شريط تسجيل فحسب «قال فيه أشياء كثيرة, ولميقل الشيء الوحيد الذي تحرق الجميع الى معرفته: إلى أين ذهب»(ص16).
- تعد الرواية أغزر نتاج جبرا الروائيوأكثره امتلاء بـ«الخلاصات» و؛الحذوف» معا, بسبب صدور المحكي فيها عن اكثر من راو / شخصية, ينتج كل منها الايقاع الزمني الذي يكاد يكون مغايرا تماما لسواه منالايقاعات الزمنية التي تنتجها الشخصيات الاخرى. فالدكتور جواد حسني, على سبيلالمثال, الذي يسهم في انتاج المحكي الروائي, يختزل خمس عشرة سنة من حياة وليد مسعودفي اقل من سطر, مكتفيا بالإشارة الى عمل وليد في البنك العربي خلالها.
- تشتمل رواياته على الصراع بينالشر الواضح والخير الأكثر وضوحاً، والبطل الذي ينصر الخير وينصره الخير الذي تجسّدفيه المستقبل كزمن للخلاص، أو كزمن خلاصي، يأخذ بيد الإنسان إلى موقع مشرق موعود.

يتبع،،سر الروعة في رواية شرف لصنع الله ابراهيم. انتظروني هنا.

ايوب صابر 01-13-2013 12:27 PM

قراءة جملية للعنصر الذي وجد يتكرر في الاعمال العظمية حسب رأي الكاتب...شكرا له على هذا الطرح:
الحدس الروائي والتجادل مع الطبيعة
عبر قراءتنا المديدة للرواية لاحظنا ظاهرة إبداعية، هي الحدس، تتكرر في الأعمال العظيمة لعدد من كبار الكتاب مثل: فيدور دستوفسكي، أونريه دي بلزاك، نجيب محفوظ، جبرا إبراهيم جبرا، وزياد قاسم.
في روايته الأبله المنشورة قبل ثورة أكتوبر 1917 بحوالي نصف قرن كتب دستوفسكي: هذا الروسي الغليظ والعنيد سيغير وجه العالم. قال ذلك وروسيا مجرد نظام إقطاعي متخلف، ينخر فيه الجهل والفساد وتسيطر عليه أجهزة القمع القيصري! كيف رأى أعظم كتاب الرواية في روسيا ذلك؟ وكيف استطاع روائي فرنسا الأشهر بلزاك قراءة التاريخ الاجتماعي لفرنسا ومساراته اللاحقة بأفضل مما قرأه علماء التاريخ والاجتماع والاقتصاد مجتمعين، كما قال أنجلز؟.. ومثله فعل نجيب محفوظ في ثلاثيته وزياد قاسم في أبناء القلعة وفي سداسيته الزوبعة.. إذ رسما بدقة مكونات الواقع الاجتماعي، كما أشر الاثنان مبكراً إلى الحضور اللاحق للتيار الجهادي.
يقيناً لم يأت هذا الكشف عبر البحث الأكاديمي، وإنما عبر الحدس الروائي المستند إلى خلفية معرفية واسعة وعميقة.
قبل الحديث عن الحدس الروائي، يجب التمييز بين عمليات الاستشراف الذهني المتصلة بالتحليل والاستدلال المنطقي التي تؤشر له الوقائع المادية، وبين الحدس المتصل بالإلهام والرؤيا، والمقارب للطفرة المعرفية، وهو ما يسميه جبرا إبراهيم جبرا في روايته البحث عن وليد مسعود: الحدس النبوي، ويقول: الحدس هو المهم. الحدس النبوي.
إن التعريف المعجمي العربي لكلمة الحدس لا يحدد كامل دلالاتها الفلسفية والإبداعية، ولكنه يقارب سياقاتها العامة، فالحدس لغة هو التخمين والظن والتخيل والتوهم والتوقع والتصور والفراسة والسبر، والمضي مع طريق غير مطروق، والرجل الحدُوس هو الرجل المغامر. وللكلمة معان أخرى كثيرة.
وموضوع الحدس من القضايا المبكرة التي انشغلت بها الفلسفة منذ المشائيين اليونان، ثم الفلاسفة العرب، مثل ابن سينا والغزالي. بل لا نكاد نقرأ فيلسوفا لم يهتم بالحدس. ورغم تعدد مفاهيم الحدس الفلسفي وتعريفاته إلا أن بالإمكان القول إن الحدس هو، كما تخبرنا الموسوعة الفلسفية: المقدرة على فهم الحقيقة مباشرة دون استدلال منطقي تمهيدي. ويرى ديكارت أن البديهيات تفهم بطريقة حدسية بحتة، فيما رأى سبينوزا بالحدس نوعا ثالثا من المعرفة، بل كان يعدّه أكثر أنواع المعرفة فائدة وأهمية.
ولكن كيف يتحقق الحدس ومنه الحدس الروائي الذي يستطيع أن يبصر ما لا تراه العين، ويرى ما لا يخضع للتفسير العقلي؟
يرى الكاتب والمفكر السوري صبحي درويش أن في أعماق نفس كل إنسان كنوز ودفائن كثيرة، ومواهب وقدرات كبيرة، وقوى نفسية خارقة. وفي أغوار اللاوعي طاقات نفاذة وقوى مبدعة... وهي قوى لاشعورية تنبعث من أعماق العقل الباطن. ومن المعلوم أن الوعي شيء قشري سطحي مقابل اللاوعي أو العقل الباطن الذي يتحكم فينا بآليات غير مفهومة ولا تخضع للمنطق (انظر: موقع الحوار المتمدن، عدد: 1527، 21/4/ 2006).
ويرى المفكر السعودي المعروف إبراهيم البليهي أن الحدس الخارق والصائب: هو ضوء يسطع في الذهن فجأة وبقوة فيفتح أبواب الحقيقة للباحثين ويمد العاملين بالإلهام، وهو ذروة المصادر الأربعة الرئيسية للمعرفة. ويضيف إن كشوف العلم وروائع الفكر وفتوحات الأدب وانجازات الفن ومهارات الأداء ليست ثمرة من ثمار الالتزام بقواعد البحث وأساليب الأداء فقط وإنما هي الهامات مضيئة تنبثق من حرارة الاهتمام.
ويتصل الحدس الروائي بالرؤيا، بوصفها سمة مميزة للأدب الذي يقدم رؤيا أو نبوءة ملهمة. ومصطلح الرؤيا هنا يرجع إلى سفر الرؤيا للقديس يوحنا، ولكنه يطلق الآن على أي قول أدبي يكشف عن المستقبل ويتنبأ به.
والحدس الفني في الرواية واحد من العلامات الدالة على مدى الإبداع المتحقق فيها، نظرا لما يحمله النص، عبر محاورة الواقع واستبطانه، من استشفاف للغد يشكل إشارة سهم مضيئة إلى الأمام، ويمكن أن تلعب دورا ملهما في فهم الواقع والتحرك به نحو المستقبل.. فيكون المبدع هنا: شاهدا على زمنه، ومحرضا على تغييره، ومبشرا بغده.
ومثل هذا الدور الذي يلعبه الحدس الروائي لا يتم بقرار مسبق، فالكتابة الروائية لا تتم وفق مخطط مكتمل معد سلفا، بل بفعل امتلاك المبدع لخاصيات التأمل الفني والحدس الذاتي، إلى جانب امتلاكه لشمولية المعارف الإنسانية التي لا غنى عنها في أي رواية عظيمة، كما سنرى في رواية البحث عن وليد مسعود، وحيث يحرص جبرا إبراهيم جبرا ومنذ الصفحات الأولى، على رسم شخصية وليد مسعود بوصفه كائناً استثنائياً مسكوناً بالاحتمالات، ومرشحاً للإقدام على مواقف غير متوقعه، وإن كانت تعبر بصورة غامضة عن تاريخ خاص ودوافع خاصة تجعله مختلفاً عن الجماعة، ليس بسبب هويته الفلسطينية فحسب، على أهمية ذلك، بل بفعل شيء أشبه بالتصدع يتبدى في كيانه، كأن تفاعلاً كيماوياً داخلياً جعل يكشف عن نفسه في صوته، في كلماته، في عينيه.
ولكن ما سر هذا الغموض الذي يشكل تكوين وليد ويحيط بخياراته؟ ولماذا يرفض الواقع الذي يعيشه؟.. رغم أنه، وكما لاحظ صديق عمره عشرين سنة عرفته، والتراب يتحول إلى ذهب بين يديه. ورأيته وهو يرفض ذلك كله. إنه يغادر الواقع لأنه معتم والمستقبل مسدود دونه بالجدران السوداء العالية، فما الذي يتبقى لوليد إذن.
يجيب: لم يكن هناك ما يهديني نحو غايتي، إلا الحدس، والحلم، والتوق الذي لا استطيع أن أمنطقه. وكلما تطلعت بعيدا إلى التلال والوديان، والجبال البنفسجية التي تتماوج وراءها، أحسست أنها حية بالبراكين الكامنة فيها، وأن بوسعها أن تتفجر بين حين وآخر بحمم لعلها تغير كل شيء، ولكنها لا تفعل ذلك. وفي هذه اللحظة بالضبط يتذكر الزلزال الذي عاشه في بيت لحم العام 1927 وهو في السادسة من عمره.. فلا شيء قادرا على تفجير العتمة وهدم الجدران السوداء سوى الزلازل والديناميت، ولكن كيف؟
الطريق صعبة وطويل ومليئة بالألغام.. فيهرب من الواقع المستحيل إلى الحدس النبوي.. ففيه وحده اليقين والخلاص.
غير أن الحدس ليس بديلاً عن الفعل الذاتي للفرد، ولا هو بديل العمل الجماعي للأمة، ولكنه مزيج من الجدل السحري بين كل هذه العناصر: إن الحلول في آخر المطاف يجب أن تنبع من الداخل، من الإرادات التي تمثل بمجموعها هوية الأمة، وإن العقل، كما يراه هو، مزيج ذو ظلال لا تحصى يجب أن يتحرك بملء الحرية، مدفوعا بنزعة الإبداع الغامضة أبدا، الخطيرة أبدا، كي يستطيع أن يفعل فعله الحقيقي في المجتمع.
وجبرا/ وليد يستمد هذا اليقين من ينابيع الإبداع الأولى التي شكلت وجدانه.. إنها عبقرية الطبيعة الحية التي تستعصي على الموت والتصحر..
ذلك لأن الحياة تتفجر دائما إلى الأعلى، إلى الجانبين، إلى الأسفل.
فإذا حاولوا إرغامها على التصخر فإنها لا بد يوما أن تنفجر في وجوههم كالقنابل، مهما بدت مستكينة الآن. سفح صخري شائك، واحد، يحمل آلاف الحيوات!
هنا يتجادل على نحو مدهش الاستشراف العلمي المادي بالحدس الملهم فنكون إزاء المعجزة في أرقى تجلياتها (اليقينية): المعجزات، إنها تهبط عليك من السماء كصرة ملأى باللآلئ، يسقطها في حضنك طير كبير، جميل، مجهول، ضحى يوم مجنون.. المعجزات، هي هبات السماء هذه. فجأة ترى بين يديك روعة الوجود، مجسدة: روعة الكون في الأشجار والأثمار والغابات والجبال والبحار وشلالات الدنيا كلها. وفي لحظة عمقها دهور سحيقة تعرف كل شيء.
وتنسى كل شيء. وتتركز اللذائذ كلها بعينيك، بيديك، بشفتيك.
هذا الحدس النبوي لدى وليد لا يقتصر عليه وحده.. فهو يصيب المحيطين به بما يشبه حمى الحدس النبوي ذاته، وخصوصاً وصال التي يتلبسها يقين مطلق بمعرفة المكان الذي اختفى فيه وليد، ولماذا اختفى أيضاً، رغم أنها على مستوى المعلومات المباشرة لا تعرف شيئاً. تقول لجواد بيقين:
- وليد حي! وليد حي يرزق.
- متأكدة؟
- مئة بالمئة.
- هل رأيته؟
- طبعا لا. إنه في الأرض المحتلة باسم آخر.. ربما بشكل آخر، ولا أحد يعرف أين هو بالضبط... وأنا أريد اللحاق به.
ثم هي تتابع يقينها باتجاه اقتفاء أثره النضالي: نعم، نعم. إذا كان يسكن كهفاً، سكنت الكهف معه. ثم تضيف: فعلها يوما في صغره، فلم لا يفعلها اليوم في كبره. ولكنه في صغره لم يكن له من يريده. وحين يبتسم جواد ساخرا تقول: لا تبتسم دكتور جواد، لست مجنونة، ولست ساذجة إلى الحد الذي تتصور.. أنا أحدس الآن بأنه حي. وليد يريد أن يقاتل، على طريقته. فلأكن معه. أقاتل إلى جانبه.
عدوى الحدس التي أصابت وصال من وليد لم تلبث أن أصابت الدكتور جواد بالتتابع، ذلك أنه لم يستطع أمام حدسها الجارف سوى أن يؤمن بيقينها سواء توفرت الأدلة أم لم تتوفر.. فيتساءل بدوره: لم لا يكون وليد حيا؟ لم لا يعود ناسكا في كهف أو مسافرا باسم غريب، أو راهبا في دير إيطالي أو غير إيطالي - أحد تلك الأديرة الكثيرة التي طالما حدثني عنها؟ هناك ألف طريقة يعود بها الطائر إلى وكره. ومن هناك ينطلق إلى الفعل، مهما يكن مع زملاء له كثيرين.
وعند هذا الحد ينفجر بغتة حدس جواد بما يشبه البركان.. فيكاد وليد يصير مسيحاً جديداً يمشي فوق الماء: فلتمطر السماء ماءً، فلتمطر السماء ناراً: إنها لن ترهب رجلاً عبر الماء ولم يغرق، عبر النار ولم يحترق. أو إنه ما عاد يرهبه أن يغرق أو يحترق. لم يعد كائنا حقيقيا... كل شيء ممكن بخصوص هذا الرجل. كل شيء ممكن.
وجبرا في اندفاعاته الحدسية لا يغفل عن هذه الغرائبيات التي يسوقها على ألسنة أبطال روايته، بل إنه حتى يتوقف لمناقشتها وتسويغها على لسان الدكتور جواد الذي يتساءل عن سر وليد، وهو يواجه فيض حدس وصال: ... هل الوقائع دائما مادية ومحسوسة ومعقلنة؟ أليس ثمة في بعض الناس قوة لا تعللها هذه الوقائع. لأنها فيض ينابيع لا يحددها تشريح، أو فعل أو مكان؟
القرائن لا تنسجم دائما، والتناقض قد يظهر في أدق الأجزاء. ولكن من قال إن أجزاء الحياة تتماسك منطقياً وتناغمياً فيما بينها؟ وحيثما كانت الحياة صراعا مستمرا، وتحديا مستمرا، وحبا مستمرا -وهذه كلها تحتم خلق العلاقات التي تتضارب فيما بينها- كأن حاصل الأجزاء معا أكثر من مجرد مجموعها بكثير. وهل كان وليد إلا حاصل حياته وحياة المحيطين به، حاصل زمانه الخاص وزماننا العام، في وقت واحد؟ وأي زمان كان كلاهما، زمانه وزماننا! فلأعد إلى الغابة. ولأعد إلى البحر.
والحاج إبراهيم، صديق وليد، يعلم بما يشبه الحدس أيضاً أن واحداً من هؤلاء المنفيين، الذين من مواقع منفاهم يزعزعون العالم العربي ليعيد النظر في كل ما صنع وفكّر، ويملأون العالم ذكرا لاسم العربي، مهما تكن النعوت التي يطلقها عليه الأعداء، الذين تركبهم العقد النفسية تجاهه.
وهذا الذي لاحظه الحاج إبراهيم سبق أن لاحظه من قبل صديقه الدكتور رفعت عبر معاينة علاقة وليد بالنساء والتي يتمثل وجهها الإيجابي، كما قال: في شهوة في استطلاع ألغاز الكون مشفوعة بتلك الروح الثورية التي تكافح لكي تعطي العالم وجها جديدا.
وهذه الرغبة في التغيير شكلت سمة ملازمة لحياة وليد كلها منذ أن اندفع مع النساك الصغار إلى كهف وادي الجمل في بيت لحم مرورا بمغادرة مقاعد الدراسة في إيطاليا وصولاً إلى لغز اختفائه بين بغداد وفلسطين: ..هناك المنطق الذي سيبرر حلمي الذي لم يتح لي أن أفهمه في الكهف بوادي الجمل.
وإذا بي أكتشف أن ما أرسلوني لدرسه قد جعلوه وسيلة لتثبيت العالم، لا لتغييره. أردت تغيير الأعماق التي بها سوف يخلق الإنسان بشرا جديدا.
لقد لاحظنا، ونحن ندرس ظاهرة الحدس في رواية البحث عن وليد مسعود لجبرا إبراهيم جبرا، كيف يوظف الطبيعة بكل مكوناتها وكائناتها للتعبير عن لحظة الحدس التي ينفجر بها وليد وأبطال روايته الآخرون: الجبل، الغابة، البحر، الشتاء، النهر، الجدول، السماء، الكهف، الماء، النار، الطير، الزلزال، الأفق.. الخ.. وبعد الطبيعة نفسه يتجلى كذلك في متشائل إميل حبيبي حيث نلحظ من خلال حوار باقية مع ابنها ولاء في كهف الطنطورة، وقوات العدو تحيط به كيف دفعها قلب الأم لثنيه عن المقاومة والاستسلام، فتروح تستنجد بمفردات الطبيعة كي تقنعه بأن زمن القطاف والثورة لم يحن بعد، وبأن لكل فعل موسماً يأتي به تقول: مثلما تسعى الطبيعة في سبيل حريتها.. فالفجر لا يطلع من ليله إلا بعد أن يكتمل ليله. والزنبقة لا تبرعم إلا بعد أن تنضج بصلتها. الطبيعة تكره الإجهاض يا ولدي.
ولا شك أن أسرار الطبيعة قادرة دوماً على أن تمنح من يتأملها مثل هذا الحدس النافذ، بل هو يستطيع أن يبصر بعين الرؤيا من الشيء نقيضه..
على هذا النحو من التجادل الحدسي مع الطبيعة: أم الأسرار وخالقة الاحتمالات، يختم جبرا صفحات روايته.. ولكن على هيئة طوفان من الأسئلة التي تحمل يقين إجاباتها.. ولكنها إجابات يتدفق بها الحدس: طيراً وغابةً وبحراً، وليس الذهن البارد: بحثاً وتحليلاً.
* كاتب أردني
nazihabunidal@hotmail
سنتابع تلخيص عناصر الجمال في افضل 100رواية عربية ظلوا معنا

ايوب صابر 01-17-2013 11:14 PM

العناصر التي صنعت الروعة في روايــــــــة شــــرف:

- الأعمال الأدبية لصنع الله إبراهيم هي أعمال وثيقة التشابك مع سيرته من جهة ، ومع تاريخ مصر السياسي من جهة أخرى.
-سُجن أكثر من خمس سنوات من 1959 إلى 1964م ، وذلك في سياق حملة شنّها جمال عبد الناصر ضدّ اليسار. وعليه فان رواياته تنتمى الى ادب السجون. حيث ان الجزء الأول حدوتة أشرف أو شرف كما تناديه والدته يدخل السجن بعد قتله للخواجة الذى حاول انتهاك عرضة وداخل السجن يتعرف شرف على دنيا جديدة بقوانين جديدة .
- رواية (شرف) نبرة عالية لكلمة عصر احتاج التغيير كأمر واقع من بعد أن تفاقمت الأخطاء.
- رواية مشوقة تسرد أحداثا حقيقية مقنعة.
- وصفها د علي الراعي "انها ليست روايةانها دفتر أحوال مصر" فهي اذا واقعية.
- صنع الله ابراهيم هو ملكالتفاصيل تكاد تجزم عند قرآتك للقسم الأول أن أكيد المؤلف كان مسجون قديم نسج رائعبين الشخوص و الأماكن.
- الجزء الأخير يرجع بينا المؤلف داخل السجن ليكشف الوجه الأنسانىللمساجين و بعذوبة شديدة يكشف لنا مشاعر المساجين خاصة اللى بقالهم كتيرمساجين.
- تنتهى روايته بلانهاية محددة نهاية مفتوحة للغاية.
- بعين مفتوحة حرص الكاتب على توثيق ما يحدث، كمصورمحايد، يترك القارئ ليكوّن استنتاجه .
- اتسمتبموضوعية جلية اعطتهويتها لاجل ان يبقى الكاتب الملتزم مزاحما احقية الروايةعلى الراوي ذاته... بكلتاريخه الشخصي، وسلوكه. فتكون الكتابة هي الحقيقة التاريخيةالوحيدة التي لا تقبلالتزوير.
- تتصف روايته بالواقعية الموضوعية
- رواياته أشبهبدش ماء بارد في ليل الشتاء القارص يجعلك تنتبه منتفضا ، أو أشبه بطلقات موجهة فيمقتل لنظام فاسد.
- تبهرك ثقافته واطلاعه ومتابعته الذكية للأحداث ويبهرك أكثرأسلوبه الفني الرائع في السرد ومزج الأحداث السياسية بقالب روائي فني شيق
- لا يمكنك ان تمل وأنت تقرا لهولا يمكنك أن تبدأ في كتابلصنع الله إبراهيم وتدعه من يدك قبل أن تكمل قراءته للنهاية .

يتبع،،،

ايوب صابر 01-20-2013 12:53 PM

تابع...العناصر التي صنعت الروعة في روايــــــــة شــــرف:


- برهن صنع الله إبراهيم بطريقة أخري علي قدراته كمحلل مستفزٌ وثاقب النظر للأوضاع السياسية والاجتماعية، مثلا عندما أثبت أن الرجل العربي هو في الحقيقة من يرتدي الحجاب،وأنه غير قادر علي أن يتكيف مع خسارة موقعه المهيمن، ومع التحول الاجتماعي السريع.
- إن هذا الكتاب، الذي يربط فيه صنع الله إبراهيم طوبوغرافيته الشخصية بالجوانب العامة لتاريخ المدينة، هو إعلان حبٌ مرير لمدينته القاهرة.
- مع أنٌ الأعوام التي قضاها في السجن، وهو في الثانية والعشرين إلى السابعة والعشرين من العمر، ومارافقها من تعذيب وأشغال شاقة، قد شكٌلت تجربة تراوماتية بالنسبة إليه، فإن صنع الله إبراهيم نجح في أن ينظر إلي ذلك الزمن نظرة إيجابية، وقد وصفه ذات مرٌة ب جامعته.
- إبراهيم يتميز في كل أعماله، بصرامة الجراح، المنتبه لكل دقائق العملية، في شبكة روايته، ويفرض علينا هدوءه ووقاره، وخبثه كذلك، خاصة في وصف ضعف الناس وهزائمهم أوحيلهم المكشوفة، وكما لو أنه يتشفي منهم ومنا.
- لأول مرة، أصادف عملا ملحميا، انمحي منه الفعل الماضي، وحل محله، مشمرا علي ذراعيه، الفعل المضارع، مستعينا بالاسماء أو بشبه الجملة.
- يجعل المضارع، المرء في وضعية من يشاهد حركات كاميرا، علي الشاشة، في مناظر لا تتقطع.
- حتي أننا نكاد، نتوهم أنه، صنع الله، يأخذ بأيدينا نحن، ككاتب، بدل الابن الذي يأخذ بيده أبوه.
- لقد تولدت قوة هائلة في جعل السرد، حركة، وليس توهما أوخيالا.
-لغة إبراهيم صنع الله كعادتها تتجنب التقاعر، لتكون سلسة، خجولة أمام الصورة أو الحركة،ولكنها معبرة بقوة، عما يراد أن يصلنا، ولقد جعل إبراهيم، كل مفردات المجتمع المصري، المعبرة عن أشاء دخيلة، لا بديل لها في الفصحي، تندمج مع النص، دون أينشاز.
- استعملت عبارة ملحمة، وأكررها دون تردد، فهي: ملحمة فقراء مصر أيامه، ملحمة الصراع مع سلطة فاسدة، ملحمة حداثة، تدق الأبواب، بإمكانيات محدودة، ملحمة الصراع العربيالإسرائيلي، ملحمة أب شبيه بسيزيف، صخرته هي هذا الولد الذي يحبه في عمقه، والذي لا يمكن أن يفرط فيه، ملحمة هذا الولد المحكوم عليه بالعيش معظم طفولته مع الكبار، ملحمة النمو والاكتشاف، الطبيعيين الغريزيين.


تابعونا مع رواية جديدة؟؟!! (4 - الحرب في بر مصر يوسف القعيد مصر.) ما سر الروعة فيها؟

ايوب صابر 01-20-2013 10:24 PM

سر الروعة في - (4 - الحرب في بر مصريوسف القعيد مصر- يوسف القعيد

- اديب وقصاص مصري معاصر ولد بالبحيرة.
- اهتم بالتعبير عن المحيط القروي المصري وما يتصل به من قضايا.
- عرف بنبرته السياسية الناقدة وتعرضت بعض أعماله للمصادرة.
- اعماله الروائية القيمة تعكس همه الاساسي وهو المشاركة الفعالة في قضايا وطنه.
- قدم أعمال روائية تعبر عن مشاكل وطمه.
- يكتب وفي باله قضية تحركه.
- يكتب حتى يشعر الناس بان هناك خللا ما لادفعهم الى تغييره.
- يرى بأنه كلما تدهور الواقع ووصل الى مرحلة ما بعد المأساة ينتج أدباً أفضل، لانه كلما انهار الواقع كلما ادى الى ابداع ادبي أكثر.
- هو قريب من هموم المواطن ويكتب بشكل مبسط ولديه توسع في استخدام اللغة العامية، فهو ينتمي الى المدرسة الواقعية وبتعد عن الاغتراب وهو حال الجيل الجديد كما يقول هو.
- يعمل من الساعة 5-11 صباحاً، ولا يعني ذلك بانه يكتب يوميا لمدة 6 ساعات، وهو يقول "ليس بالضرورة ان يكتب الكاتب يومياً، فيمكن أن اقرأ، أو أشغل نفسي بقضايا مرتبطة بالعملية الابداعية، فالذي يقول انه مسيطر على العملية الابداعية سيطرة كاملة غير مبدع، والذي يدعي ان الوعي الخاص به هو الذي ينجز العملية الابداعية كلها فهو ايضا غير مبدع، فاحيانا اللاوعي يقوم بحل مشاكل كثيرة في العملية الابداعية، التعمد في الابداع يؤدي الى خروج جثث وليس شخصيات حية، مسألة الابداع فيها قدر كبير من اللاوعي وفيها قدر كبير من الاحتشاد".

ايوب صابر 01-22-2013 01:37 PM

تابع ... سر الروعة في - (4 - الحرب في بر مصريوسف القعيد مصر- يوسف القعيد


-تمتاز الرواية بالأسلوب الرائع و لغة يوسف القعيد في سرد الأحداث
-كتب (يوسف القعيد) هذه الرواية بطريقة الراوي العليم...فكل فصل من فصول الرواية يرويه احد أبطال الرواية ففصل يرويه العمدة و آخر يرويه الغفير و ثالث يرويه (مصري) و.......هكذا.
-الرواية تنطق بالفقر و المعاناة و الظلم و الجبروت و استغلال النفوذ الذي يبرزه الكاتب بشدة بعد استشهاد (مصري) في حرب اكتوبر و انكشاف القصة كلها لدى المسئولين و كيف تم (التعتيم) على القضية بعد أن استغل العمدة سلطاته و نفوذه فهي تنتمي الى المدرسة الواقعية اذا.
- أتقن القعيد البناءالنفسي للشخصيات ، ويهتم بالتفاصيل إلى حد أن المتلقي يقتنع بمررات كل شخصية في الانحراف عن الصواب.
- كتب روايته بالأسلوب الساخر. وما يجعل النص ساخرا هي تلك التناقضات التي يلمحها المتلقي بين أقوال الشخصيات وأفعالها، والمفارقات التي تسم مسارها ، فالمتلقي يقرن بين وضعيات سردية تارة، ويربط بين أقوال الشخصيات وسياقاتها سواء النصية منها أو الخارجية تارة أخرى ، ليتخذ مسافة بين ما تقدمه الشخصية، وما ينوي الكاتب الضمني- باعتباره المسؤول عن اطروحة الرواية- إيصاله الى المتلقي . ويكون لاستراتيجية السرد في هذا النص دور كبير في إقصاء السخرية اللفضية وتثمين السخرية الموقفية.
- إن مايلفت النظر في رواية الحرب في بر مصر هو موت السارد، سواء كان سارد اعارفا بكل شيء ،وباسطا هيمنته وسيطرته على الشخصيات مستعملا ضمير الغائب الذي يزكي هذه الهيمنة، أم سارد ا بضمير المتكلم. لا تقدم الرواية بذلك من خلال" وعي سردي مركزي يعرف كل شيئ ويتحرك في كل الفضاءات، فلا وجود لعين شاملة " .

- تتبنى معظم الشخصيات استراتيجية تهدف إلى اتخاذ نبرة جادة اثناء الحكي، مما يوحي بأن كل ما ترويه الشخصية صحيح لا يقبل الشك ولا المزاح .وتنتفي بذلك نية إحداث الأثر الساخر التي هي أساس السخرية اللفظية.

- لقد عودتنا النصوص الواقعية على الاحتفاء بالوصف وخلق تنويعاته ، لكن رواية الحرب في بر مصر تشذ عن هذه القاعدة ،لأن ما يهم فيها ليس المظهر الخارجي للشخصيات والأشياء ، و إنما أقوالها وأفعالها وما تحققه من امتداد دلالي،ومن هنا ، يكون توظيف السخرية الموقفية أكثر درامية وتأثيرا من السخرية اللفظية.

- إن المقاطع التي تعتمد الوصف الكاريكاتوري قليلة جدا. إذ تركز الرواية على أقوال الشخصيات وأفعالها . وهي أفعال توحي على المستوى الظاهر بتيمات إيجابية تسم الشخصية.

- إن عدم تخصيص الشخصية باسم وصفات محددة ، يؤكد أن هدف الرواية ليس هجاء الأشخاص وإنما النماذج من خلال ما تأتيه من أقوال وأفعال مفارقة تفضح بشاعة الواقع وقبحه ، في عالم كرنفالي كل مافيه صار مقلوبا ، كما أن "النموذج على خلاف النسخة المفردة ، مطاطي وقابل لأن يستوعب ما يعود إلى آلاف الشخصيات ، كما يبدو ذلك في المعيش الواقعي.

- يبدو أن هناك علاقة جدلية بين السخرية كآلية واستراتيجية ،والنص الروائي وبنيته .

- إننا امام بناء يتقاطع وبناء الحكاية، حيث البطل يجابه دوما نقصا، يحاول إصلاحه ، كما انه يمر بحالات تدهور وتحسن، ويخوض تجارب وامتحانات لينتصر في النهاية .

- بناء على ذلك ، تستثمر السخرية الموقفية كآلية تحافظ على انسجام البعد الروائي.

- رواية " الحرب في بر مصر" نصا غير منته بتعبير ايكو ، لأنها لا تقول كل شيء، نصا مفتوحا على إمكانات سردية متعددة، ونصا متعدد الأصوات كما يرى باختين ، إذ تتيح السخرية الموقفية تبين صوت ووجهة نظر مغايرة ، صوت الكاتب الضمني الذي يدين ،ب ناء على هذه الاستراتيجية ، القيم الزائفة والمنحطة، والمؤسسات التي تحميها،مضمنا النص آليات مختلفة تسهم في استثمار تعدد صوتي .

- القراءة المتأنية للرواية تجعلنا نتبين أن الاسولب السهل الذي كتبت فيه الرواية مجرد خدعة ناتجة عن حنكة الكاتب ،وتمرسه بالكتابة والهم السياسي والثقافي لبلده" واستيعابه حركية المجتمع في نماذجه الاجتماعية والنفسية المتنوعة ،وتكثيفها في حالات مخصوصة تعيد صياغة المعيش ضمن عالم مخيالي يستمد عناصره من الصياغة لا من الوقائع الفعلية " وعبر الكاتب عن ذلك بتقنية عالية تبعده عن الخطابات الجاهزة وهي السخرية إذ مكنته من تصريف الوقائع الموصوفة وتحويلها الى حدث هو عصب البناء الروائي وهيكله .

- استطاع بواسطتها أن يرقى بالحدث الذي قد يبدو عاديا وعابرا في عالم صار يقتل كل القيم الجميلة ،ويسحق الضمائر الحرة ، إلى مستوى إبداعي ناقش من خلاله سياقا سوسيوثقافيا عرفته مصر، بل كان يستشرف المستقبل لأن الرواية ،وهي توظف السخرية، لم تسخر فقط بالقيم والنماذج، وإنما أيضا بالاختيارات السياسية واقترحت الحلول التي ربما في فترة سابقة كانت تبدو من المستحيلات ، نظرا لتربع سادة القرار في معبد السلطة. وهي حلول نستنتجها بشكل إيحائي انطلاقا من العنوان: الحرب في بر مصر " .

ايوب صابر 01-24-2013 01:33 PM

عناصر الروعة في رواية رجال في الشمس للروائي غسان كنفاني

- رجال في الشمس هي الرواية الأولىللكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، تماصدارها سنة 1963 في بيروت.
- الرواية تصف تأثيراتالنكبةسنة 1948 على الشعب الفلسطيني من خلال أربعة نماذج من أجيالمختلفة، وهي تقدم الفلسطيني في صيغة اللاجئ وهي الصيغة التي يطورها غسان كنفاني فيروايتيه التاليتين "ما تبقى لكم" حيث يقدم الفلسطيني/الفدائي، و"عائد إلى حيفا" حيثيقدم الفلسطيني/الثائر، متمشيا بذلك مع تطور القضية الفلسطينيةذاتها.
- يعتمد غسان كنفاني بشكل كبير على المنولوج الداخلي في سرد الأحداث.
- واضح أيضاأن الكاتب استفاد من تقنية السيناريو السينمائي فحكى روايته بالصورة قبل كل شيءآخر، ولعل هذا من الأسباب المهمة التي جعلت المخرج المصري توفيق صالح يتحمس للرواية ويقررأن يصنع منها فيلمًا.
- هي رواية قصيرة تستلهم تجربة الموت الفلسطيني وتحيله الى سؤال يتردد صداه في الصحراءالعربية .
- أدب غسان وإنتاجه الأدبي كان متفاعلا دائما مع حياته وحياة الناس وفي كل ما كتب كان يصور واقعا عاشه أو تأثر به. وروايته رجال في الشمس رواية واقعية.
- كتب روايته "رجال فيالشمس" من واقع حياته وحياة الفلسطينيين بالكويت واثر عودته إلى دمشق في سيارة قديمة عبرالصحراء، كانت المعاناة ووصفها هى تلك الصورة الظاهرية للأحداث أما في هدفها فقد كانت ترمز وتصور ضياع الفلسطينيين في تلك الحقبة وتحول قضيتهم إلى قضية لقمة العيش مثبتاً أنهم قد ضلوا الطريق.
- في قصته "ما تبقي لكم"، التي تعتبر مكملة "لرجال في الشمس"، يكتشف البطل طريق القضية، في أرض فلسطين وكانذلك تبشيراً بالعمل الفدائي.
- قصص "أم سعد" وقصصه الاخري كانت كلها مستوحاة من ناس حقيقيين.
- كانت لغسان عين الفنان النفاذة وحسه الشفاف المرهف فقد كانت في ذهنه في الفترة الأخيرة فكرة مكتملة لقصة رائعة استوحاها من مشاهدته لأحد العمال وهو يكسر الصخر فى كاراج البناية التىيسكنها وكان ينوى تسميتها "الرجل والصخر".
- يتناول غسان كنفاني في كتاباته معاناة الشعب الفلسطيني في أكثر تجلياتهاتعبيراً. " وهو يمثل نموذجاً خاصاً للكاتب السياسي والروائي والقاص والناقد.
- رواية رجال في الشمس،أعدت للسينما وحصل الفيلم على عدد من الجوائز في مهرجاناتمتعددة.
- فقد كانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمقالثقافة العربية والفلسطينية.
- على الرغم من أن روايات غسان وقصصه القصيرة ومعظم أعماله الأدبيةالأخرى قد كتبت في إطار قضية فلسطين وشعبها فإن مواهبه الأدبية الفريدة أعطتها جاذبية عالمية شاملة.
- كثيراً ما كان غسان يردد: <<الأطفال هم مستقبلنا>>. لقد كتب الكثير من القصص التي كان أبطالها من الأطفال.

يتبع،،،

ايوب صابر 01-26-2013 02:59 PM

6 - عناصر الجمال في رواية – "الوقائع الغريبة في اختفاء أبيسعيد النحس المتشائل"إميل حبيبي:


- الوقائع الغريبةفي اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل (أو باختصار المتشائل) رواية ساخرة من تأليف الروائي الفلسطيني إميل حبيبي صدرت عام 1974 . اذا الرواية مكتوبة بالأسلوب الساخر.

- تدور أحداث الرواية حول سعيد أبي النحس المتشائل وهو فلسطيني من عرب الداخل في فترة الحكم العسكري. فهي تنتمي إلى الأدب الواقعي إذا.

- يتميز أسلوب الرواية باختلافه عن الأساليب الروائية التقليدية، فإميلحبيبي يمزج بين استلهام التراث العربي منالسيرة والمقامة والأمثال والحكايات وبين أساليب روائية حداثوية وما بعد حداثوية متأثرا أيضا بكافكا وسخريته السوداء وكانديد لفولتير وغيرهم.

- أوجد حبيبي كلمة جديدة ليصور حالة عرب الداخل وهي التشاؤل التي هي تحملمعنيي التفاؤل والتشاؤم مندمجين. فإن حصل مكروه للمتشائل فإنه يحمد الله على عدمحصول مكروه أكبر أو كما شُرِحت في الرواية:"خذني أنا مثلاً، فإنني لا أميزالتشاؤم عن التفاؤل. فأسأل نفسي: من أنا؟ أمتشائم أنا أم متفائل؟ أقوم في الصباح مننومي فأحمد الله على أنه لم يقبضني في المنام. فإذا أصابني مكروه في يومي أحمده علىأن الأكره منه لم يقع، فأيهما أنا: أمتشائم أنا أممتفائل".

- ما يميز الروايه انها ليست جامده فهي ليست قصه محدده و عقده "تنحل" مع نهاية الروايه... او كما يصفها موقعgoodreads :
إقتباس: لكي يخرج اميل حبيبي الشكل العربي للرواية امتص رحيق ألفليلة وشملته روح الجاحظ الساخرةحينا ، المتفاكهة حينا آخر، وصدر في روايته عن طريقة كتابة الرسائلفي التراث العربي ، وعن حكمةكليلة ودمنة ، ثم لم يقتصر على التراث العربي ، بل رفده بالتراث العالمي ، حين أنشأ علاقة ما بين روايتهورواية فولتير" كانديلو". والمحصلة النهائية : رواية فذة ، عربية الشكل والمضمون ، لعلها الأولى التي تثبتبجدارة أنفي وسع الروايةالعربية المعاصرة أن تترك جانبا الشكل الغربي الذي اتخذته وعاءلها فأقامها حتى الان إلى شكلخاص بالعرب ينبع من تراث قصصي زاخر وطويل.
و من موقع الجزيره نت: إقتباس:

- في "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل" (1974) يصور حبيبيكابوسية المصير التراجيدي لشعبانشطر نصفين: شطرا داخل الوطن وشطرا خارجه. و"المتشائل"،الذي يمزج فينظرته إلى الحياة بين التشاؤم والتفاؤل ويُغلّب نظرة التفاؤلغير المبني على أسس واقعية علىالتشاؤم، شخصية مركبة كاشفة يميط المؤلف من خلالها اللثام عن تجربة شعب.

- إنه يعمل على تكوين شبكة سردية معقدة تدور حول شخصيةسعيدأبي النحس التي يبدو ظاهرهاغير باطنها، ولكن المفارقات اللفظية والموقفية تكشف عنطبيعة ولائها وتكشف في الوقت نفسه عن كوميديا سوداءيعيشها شعب مشرد على أرضه.

- الروايه هي كوميديا سوداء ساخره تدور احداثها على لسان سعيد، و هو شخصيه فكاهيه الى حد السذاجه،جبانه . عاد الى فلسطين من لبنانبعيد النكبه ليروي قصة عقدين من الزمن قضاهما تحت حكم "دولةاسرائيل.

- المتشائل مليئة بالمواقف الساخره والاسقاطات، و اللعب على الالفاظ ، ولعل الدلاله واضحه في اسم البطل "سعيد" ابي "النحس" و اسم عائلته "المتشائل" و هوخليط من كلمتيالتشاؤم و التفاؤل.

- المتشائل من الاعمال القليله التي لا تمل من قرائتها اكثر من مره، فهي لا تقرأ لمجرد البحث عنحل لعقده تتطور مع الاحداث، بلمجموعه لمشاهد قصيره ساخره تحمل بين سطورها الكثير من المعاني و الدلالات... الروايه تقع في اقل من 100 صفحه وهناك نسخه اليكترونيه منها موجوده على الانترنت.

يتبع،،

ايوب صابر 01-29-2013 04:24 PM

- عناصر الجمال في رواية – "الوقائع الغريبة في اختفاء أبي سعيد النحس المتشائل"إميل حبيبي:


- جعلت تلك الاعمال القليلة صاحبها أحد أهم المبدعينالعرب وذلك لأسلوبه الجديد والمتميز في الكتابة الأدبية.

- رواية "المتشائل" يعتبرها البعض لوحات مَشهدية.

- هذا الإبداع الذي أدّى إلى هزّة في عالم الإبداعالعربي وتناولته الأقلام النقدية في الداخل والخارج، وحتى الآن يُعتَبَر أهم عملإبداعي نثري عربي صدر في السبعينات، وقد كان سببا لظهور تيّار أدبي جديد اتخذ اسلوبإميل حبيبي هاديا له.

- من أكثرادباء فلسطين فرادة في ألاسلوب والمزاج والذوق.

- كان الرجل كان متعدد الشواغل والمواهب.

- أن قراءة جديدة أو زيارة جديدة لكتاب حبيبي «الوقائعالغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل» كافية لننعم برحلة ماتعة مع أسلوبوملاحظة وحس مفارقة ولعبة لغة قلّ نظيرها في أدبنا المعاصر.

- المتشائل كلمةينحتها إميل حبيبي من مفردتين «المتفائل والمتشائم» وهي تعني موقفا بين بين. لايذهب في التفاؤل ولا يذهب في التشاؤم، والحال أن المتشائل، أي موقف اللاموقف يكاديكون الاسم الأصح لمواقفنا جميعها.

-المتشائل» نسميه اختصارا ليس رواية بالمعنىالذي نعرفه للرواية لكنها ليست نوعا آخر غير الرواية. فالمتشائل سرد ولربما صح أننسميه حكايات، إلا أن للحكاية كما نعرفها بنية أخرى، فهي أقصر وأكثر ضغطا، ومتشائلإميل حبيبي سرد سيال.
-لعلنا لا نخطئ إذا شبهنا كتاب «المتشائل» بالأغاني لأبي الفرجالأصفهاني، فمثل الأغاني «المتشائل» كتاب أخبار ومثل الأغاني تتصل الأخبار ببعضهاالبعض وتتناسل من بعضها البعض.

-سبق أن شبّه كتاب حبيبي بألف ليلة وليلة والأرجح أنشبهه بكتب الأخبار والحوليات والتواريخ أكثر، لكننا نستنتج من ذلك أن حبيبي نسج فيالمتشائل وسواها رواية مثالها قائم في التراث.

- ثم أن المتشائل هي في الواقع رواية فلسطين التي تحولت منذ قيام إسرائيل الى بلد الأعاجيب والمفارقات والغرائب التي يعمر بها الواقع ولا تحتاج الى كثير من الخيال، فانتازيا حبيبي واقعية بل تاريخية، وهي قائمة على أن الواقع في بلاد كهذه أغرب من الخيال.

ايوب صابر 01-29-2013 09:32 PM

تابع،،،

عناصر الجمال في رواية – "الوقائع الغريبة في اختفاء أبي سعيد النحس المتشائل"إميل حبيبي

-كتب روايته بأسلوب واقعي ساخر أي ما يعرف بالكوميديا السوداء.
-تقوم روايته على ما يعرف بنقيض البطل anti hero سعيد المعروف في التراث الأدبي العربي .

ايوب صابر 01-31-2013 09:22 AM

العناصر التي تشكل الروعة في رواية حيد حيدر" الزمن الموحش"

- الزمن الموحش , رواية الاديب السوري حيدر حيدر الصادرة في أوائل السبعينيات بعيد هزيمة حزيران عام 1967.

- شكلت انطلاقة جديدة للرواية العربية بعد الهزيمة باعتمادها تيار الوعي.

- تيارالوعي أسلوب يقدّم الشخصيات وأفكارها كما تطرأ في شكلها الواقعي العشوائي وهو تقنيةتكشف عن المعاني والإحساسات من دون اعتبار للسياق المنطقي أو التمايز بين مستوياتالواقع المختلفة وهو فن في وصف الحياة النفسية الداخلية للشخصيات بطريقة تقلّد حركةالتفكير التلقائية التي لا تخضع لمنطق معين ولا لنظام تتابع خاص ,ويُجري المؤلف علىهذا التيار عملية اختيار مبدئية واعية، إذ إنه لا يختار من عناصره سوى ما يتفقومقتضيات روايته من حديث نفسي أو رؤية أو حلم، أو ملاحق، مثل مراثي إرميا أو بعضالقصائد النثرية .

- وقد يستند إلى تداعي الذكريات ثم الحلم في تقنية رصد تيارالوعي عند شخصياته.

- لم يكن حيدر حيدر في استخدامه تيار الوعي في رواياته مقلّداًرواد هذه النزعة في الغرب، ، بل كانت له سيرته الخاصة التي تطورت فيها هذه النزعةعبر روايات أربع الزمن الموحش، وليمة لأعشاب البحر، مرايا النار، شموس الغجر ففيروايته هذه (الزمن الموحش).

- يجري السرد بضمير المتكلم، فالراوي / السارد هو الشخصيةالتي تتحدث عبر تداعي الذكريات ثم الحلم في تقنية رصد تيار الوعي لتجاربها وتجاربالرفاق الآخرين في واقع التسكع والضياع الذي يعيشونه بين التنظير الأيديولوجيوالخمر والنساء، حيث يتقاطع الصحو/ المحو: الارتطام بالواقع/ الضياع، الحلم/ انكسارالحلم. ويضع أسلوب تيار الوعي الحدث في المكان الثاني، لأنه يضع تقديم مدركاتالشخصية وأفكارها في المقام الأول، وبذلك تتراجع الحبكة إلى المكان الثاني لتتقدمعليها التداعيات ورصد الرؤيا والحلم وتداخل صوت الراوي/ المؤلف مع صوت السارد/ الشخصية. إنها النقلة الأولى في تطور الرواية السورية تمت بعد هزيمة حزيرانباستخدام أسلوب تيار الوعي.

ايوب صابر 02-01-2013 02:54 PM

العناصر التي تشكل الروعة في رواية حيد حيدر" الزمن الموحش"

- إن المقهى -وهو أهم الأماكن التي تتواجد فيها الشخصيات المثقفة -هو المكان المفضل للشخصيات المثقفة في روايات "الزمن الموحش" و "شرخ في تاريخ طويل" و "ألف ليلة وليلتان"، وقد اختارت هذه الشخصيات المقهى لتمارس فيه العطالة وتزجية الوقت، بعد أن وضعها الواقع المؤلم على هامش الحياة، وغرّبها عن المجتمع والناس.‏
==
في دراسة نقدية للزمن الموحش يقول النقاد المغربي :
- يتناول المؤلف الفضاء في رواية "الزمن الموحش" لحيدر حيدر، قائلًا: الفضاء في الرواية جغرافية للأماكن تقع فيها الأحداث، ومساحة تحتوي حركات الشخصيات، وهي بنية من بنيات الحكي تتماشى مع البنيات الحكائية الأخرى "السرد، الوصف، الشخصيات" وتتداخل معها.
- المكان عنصر من العناصر التي تشكل الفضاء، بينما الفضاء هو التأليف الذي يبدعه الخيال الروائي بين مجموع العناصر المكانية. أما في رواية "الزمن الموحش" فهي تنبنى على مجموعة من المحكيات التي ينظمها مكون الفضاء "دمشق" مع ما يتفرع عن هذا الفضاء المركزي من فضاءات أخرى، فمن خلال تيه السارد الذي يستعمل ضمير المتكلم ويتماهى مع شخصية البطل. تتغير الأماكن، بدخول السارد البطل في شبكة من العلاقات مع شخصيات أخرى، تأخذ المتاهات التي يسير فيها السارد، نحو حوارات سياسية يتشارك فيها مع شخصيات أخرى، ونحو استبهاماته وأحلامه ورؤاه.
في ذلك التيه يضرب السارد البطل في الأماكن، متنقلًا بين فضاء دمشق وفضاء الريف، مستدعيًا علاقاته مع "حسن" و"أمنية" كشخصيتين نسائيتين، ومع شخصيات رجالية أخرى. وتشكل علاقة السارد البطل بدمشق بؤرة لتجمع المحكيات والانفتاح الروائية على فضاءات وأماكن أخرى، وبذلك ينتظم المحكي في الرواية على تشتته عبر علاقته المتميزة بدمشق التي تتغلب أوجهها ومجالاتها من العيش اليومي إلى الحنين والرؤى والأوهام.
- ويرى المؤلف أن فضاء الرواية شاسع متعدد المستويات والأبعاد تسكنه الأحداث والشخصيات، وتبينه الرواية بجمالية ما تستشفه فيه من تقاطعات مكانية وتناسى للمكان من المكان عبر الذكرى والاسترجاعات، واستغوار أعماق السارد البطل، كما تبينه من طرائق تشكيلها للأماكن وتنظيمها للفضاء.
ويضيف: تتشكل شعرية المكان في الرواية من العلائق التي تسحبها فيما بنيها، ومن طبيعي اللغة المعبر عنها والتي من خلالها يتشيد المكان في وجوده ومعناه. شاعرية اللغة هي التي تشرق بالمكان وتحلق به أو تطوح به من الأماكن الأخرى، وهي التي تجعل منه علاقة، كما تجعل منه موضوعًا للتغني والإحساس بالغربة والوحشة في زمن السارد المنذور لهما.
وتشكل "دمشق" حضورًا فضائيًا مركزيًا في الرواية منه تتناسل باقي الفضاءات الأخرى، وتجلياتها في الرواية تتجاوز بعدها الجغرافي، وكون أماكنها مجرد مسرح لأحداث الرواية إلى كونها متعالية عن أن تكون مجرد مدنية يحيا السارد البطل في شوارعها وبيوتها وحاناتها ولتكون أبعد من ذلك فالسارد بعشقه لـ"دمشق" إلى جانب "منى" يمنح كل منهما، ومن خلال توترات السرد بعدًا تعويضيًا حيث يشعر بالفقدان، فالواحدة منهما تعوض الأخرى، ناهيك عن درجة استنطاقهما ليصبحا حالة تتجاوز الشعور إلى اللاشعور، وتخصيب معانيهما بكل المعاني، أنمى: المرأة والمدنية كمترادفين، تتأسس في الرواية علاقتهما مع السارد من خلال لحظات هذيانية شبه مجنونة، هي التي تخرق سطوح العلاقة وتدفع بها نمو كل أنواع الترميز الممكنة، وأنواع التقلبات النفسية للسارد من فرح وحزن، وثورة وانتكاس، وصوت وحياة "دمشق" في رؤية السارد لها تمتلك وجهين: وجه ظاهر وآخر باطن غير مرئي. يقول: دمشق مدنية لكثير من مدن العالم عمارات من حجر، شوارع يعبرها الناس والسيارات، أماكن خاصة وعمومية، بيع وشراء لكن الوجه الآخر يغفو تحت الجلد الظاهر، يشف ذلك الجلد إذ يغيب الإنسان عن سطوح أشيائها في ليل صامت شفاف". فالسطح هو المألوف العادي الموجود في كل المدن، أما العمق فيرتبط بالإنسان "يغفو تحت الجلد الظاهر" كما يرتبط بغيبوبة الإنسان التي تمكنه من اختراق السطح والنفاذ إلى العمق.
هكذا يصر السارد دمشق بمظهريها المتناقضين: سطح × عمق، ظاهر × خفي

ايوب صابر 02-01-2013 07:33 PM

العناصر التي تشكل الروعة في رواية حيد حيدر" الزمن الموحش"


- في كل مرة أقف احتراماً لهذا الرجلالعظيم ، الذي قرأ الواقع والتاريخ والجغرافيا والنفس الإنسانية ..إذا واضح انه استخدم الواقعية + تيار الوعي.

- بعد فترة فوجئ حيدر حيدر نفسه بما قرأه هو نفسه من أدبه العتيق وكيف ينسحب في كثير من تفاصيله على واقعنا المعاش رغم أن الرواية عمرها 38سنة !

- واضح أن الكاتب استشرف المستقبل فهناك من يقر بحجم الشبه بين أجواء الرواية وما يجري حالياً.

- أقول عن الزمنالموحش أنها أفضل ما كتب وما سيكتب في الأدب العربي لأنهاملحمة بكل معنى الكلمة وهي رواية فيها من الشعر والشاعرية الشيءالكثير.


- كتبها وهو يمسك بمفاصل الحدثويصل إلى عمقالأحداث وليس إلى ظاهرها

- تصنف رواية الزمن الموحش على أنها تنتمي إلى ما بعد الحداثة.


- تعتبر حالة مميزة في اللغة والجرأة مستخدماً.

- يمكن وصفها بالمتطرفة فقد تجرأ بان يتحدث عن الثالوث المحرم: الدينوالجنس والسياسة لأخرج برواية حداثية كما وصفها البعض.

- حكايات "الزمنالموحش" تحكي زمن الفشل العربي... قصص تمتزج بالأسى... باللوعة... بالحزن.

- يكتب حيدر حيدر في مقدّمة كتابه أوراق المنفى وهو شهادات عن أحوال زماننا: فيفسحة السلام والحرب، فسحة الحياة والموت، كان عليّ أن أواصل سيرة الحياة وسيرةالكتابة. بالكتابة ربّما كنت أتوازن وأنا أترنّح،مولّدامن الكلمات هرموناتمضادّة للموت والجنون وضراوة الحنين إلىالمنفى.

- لقد أتى زمن النار وزمن القتل: زمن الهول. نسير في الخطر، وننام فيفراش الخطر، ونكتب في جفن الردى والردى حيّ لايموت.

ايوب صابر 02-03-2013 12:57 PM

8- عناصر سر الروعة في رواية "رامة والتنين" لادوار الخراطمصر:-

- أول ما يستوقف القارئ في هذه الرواية، اللغة التي تشي بامتلاك الكاتب لها.
- لديه قدرته على تصوير أحاسيس أبطال روايته من خلال اللغة التي اتقنها.
- في هذه الرواية تتداخل الأزمنة حيث تتداعى أحداث الماضي في تشابك مع اللحظة الحاضرة التي تشكل إطاراً زمنياً للرواية.
- وفي كل هذا يطل الإنسان برغباته ونزعاته وشهواته، حيث لا مفر من البحث عن نهاية يقنع عندها بأنه استنفد كل جهده، وطاقاته.
- الرواية ترصد تفاعلات النفوس الإنسانية التي ذاقت مرارة الهزائم والإنكسارات وتفجرمكامن الخوف في الإنسان الذي تتقاذفه أقداره دون طوق للنجاة يصل به إلى برالأمان.
- يعالج الروائي موضوعة الموت والحياة ويلجأ الى الاستشراف...مثال "واستشرفت أنّه ليس حتى في الموت برء من الوحدة. بعد حياة الوحشة المحكوم بها علينا, نحن نموت. ولا نجد في الموت نجدة. ولا نلتقي فيه بأحد. الموت يطوي الكتاب و يغلقه ويكرس ختمه.
- يمثل إدوار الخراط تيارًا يرفض الواقعية الاجتماعية كما جسّدها نجيب محفوظ في الخمسينات مثلا ولا يرى من حقيقة إلا حقيقة الذات ويرجّح الرؤية الداخلية، وهو أول من نظّر للـ"حساسية الجديدة" في مصر بعد1967م.
- اعتبرت أول مجموعة قصصية له (الحيطان العالية) 1959 منعطفًا حاسمًا في القصة العربية إذ ابتعد عن الواقعية السائدة آن ذاك وركّز اهتمامه على وصف خفايا الأرواح المعرَّضة للخيبة واليأس.
- ثم أكدت مجموعته الثانية (ساعات الكبرياء) هذه النزعة إلى رسم شخوص تتخبط في عالم كله ظلم واضطهاد وفساد.
- أما روايته الأولى (رامة والتِنِّين) 1980 فشكّلت حدثًا أدبيًا من الطراز الأول، تبدو على شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصرأسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية.
- ثم أعاد الخراط الكرة بـ(الزمان الآخر) 1985 وبعدد من القصص والروايات (وإن صعب تصنيف هذه النصوص) متحررة من اللاعتبارات الإديولوجية التي كانت سائدة من قبل.
- منح إدوارد الخراط، واحده من اهم الجوائز لمهارته الروائية وتلاحم عناصر تجربته.
-يمتاز بقدرته على التأليف الشعري.
- له حضور جلي في نصوصه المعروفة.
- وهولا يحاكي مذهباً ولا يقلد أحداً.
- تمرس بفن الرواية مبتكراً للأشكال منوعاً فيها، فجاءت بارعة متداخلة ما بين ظاهرها وباطنهاـ
- روايته غنية بحياتها، معنية بروح العصر وبمشكلات المثقفين، وبكل ما يتيح للأدب أن يتجاور مع الواقع دون أن يتخلى عن سعيه إلى تجاوز هذا الواقع نحو عالم أكثر بهاء وحرية وإنسانية.

ايوب صابر 02-03-2013 03:28 PM

تابع،،،

8- عناصر سر الروعة في رواية "رامة والتنين" لادوار الخراطمصر:-

-قادر على خلق كائنات حية تتجول داخل النصوص، لتلهمنا تجاربها وتمنحنا المتعة وتستثيرنا لمواجهة الواقع..
- يرى ادورد الخراط نفسه ان كتاباته تتطلب جهد مشترك يبذل هو قسما منه عند الكتابة ويتوقع من القارىء أن يبذل نصيبا من الجهد لتكتمل دائرة العمل ويصبح النص عندها مكتملا.
- يقول انه يشجع القارىء على التفكير وإعمال العقل دون التمسك بالثوابت.. بل عليه الثورة على الثوابت والتعامل دائما مع المتغيرات فلكل شىء جوانب سلبية وإيجابية والأمر يعتمد على الزاوية التى تنظر أنت منها للعمل.
- ويقول "هناك جماليات معينة تحتاج نظرة جديدة وقارئا جديدا".
- يرى انه من الطبيعى جدا أن يظهر بعض التشابه فى كتاباته لأن الكاتب واحد. ولكن مع قليل من التأمل والوعى سوف تجد الفروق والاختلافات والتنوع واضح بالتأكيد. والتكرارهنا ليس استنساخا بل هو تكرار نابع من وحدة الرؤية، وربما من وحدة الأسلوب.
- لكن هذه الوحدة لا تعنى نفى التنوع.. بالعكس الوحدة تشمل التغاير والتنوع. وهذا ما يسمى بالمنطق الجدلى.
- يقول ايضا "لا أتمسك بقوالب معينة.. فخلال عملية الكتابة أترك النص مفتوحا على كل الاحتمالات.. وبالتالى يمكننى أن أستكشف أعماقا جديدة وأبعادا جديدة أضيفها للشخصيات.. أى أن العملية ليست مخططة تخطيطا كاملا منذ البداية. وإلا أصبحت عملية قصدية.
- وفى رأيه أن جمال الفن وصدقه يكمنان فى اكتشاف الجديد حتى بالنسبة للكاتب أوالفنان. أن يكتشف خلال عمله ما كان خافيا عليه البداية. ما كان يشعر به ويحسه ولكن لا يعرفه بوضوح.
- يرى بأن العمل الفنى يملى قانونه الخاص وليس عليك ككاتب أن تملى قانونك الخاص على العمل الفنى.
- لا يأخذ الواقع بشكل مجرد. وهو يرى بان أى كاتب أو أى فنان يأخذ الواقع ويراه من منظوره الخاص.. ومن خلال رؤيته المستمدة من ثقافته وقراءاته.
- ويرى انه ليس هناك واقع نمطى يمكن أن يراه كل الناس بشكل موحد. كل الفنانين لا يمكن أن يروا الواقع بشكل متطابق أومتشابه. بالعكس التنوع هنا هو الضرورة الأساسية التى تكشف عن جوانب مختلفة من الواقع قد لا يراها القارئ العادى أو الناقد العادى. ولكن الفنان يمكنه أن يجد فى هذا الواقع جوانب مختلفة عن الجوانب التى يراها فنان آخر. وهذه هو قيمة الفن.
- الفن يمكنه أن يستكشف بكارة معينة خفية فى هذا الواقع الذى يبدو نمطيا أو متشابها. وهوطبعا ليس متشابه ولا نمطى بل متنوع ومتعدد الأبعاد والأعماق. وهذا ما يضيف جمالا إلى العمل.
- يكتب بصورة عفوية حيث يقول "انا أتركها عفوية.. أترك الأمور تجرى كما تهوى.. ولذا لا أميل إلى التسجيل أو التوثيق وأترك هذه الأمور لتأتى فى غمار العمل الفنى أو النقدى كما تتطلبه المواصفات الفنية للعمل نفسه.
- يقول "انا مع كتابة الجسد لأنه مقدس وليس مبتذلا لارتباطه بالروح.
- أخرجه القدر من براءة شبابه الأول ليلقى به فى بحر متلاطم من الحياة الشاقة التى بقدر ما أهلكته، بقدر ما خلقت بداخله قوة مختزنة، جعلته قادراًعلى مواجهة الحياة وترويضها لصالحه.
- ادبه غارق في المصرية.
-تحمل المسئولية بعد وفاة والده أنضجه مبكراً.
- كان مصدر احساسه بأن العالم من حوله ليس عادلاً، بل ظالم، أمرين اثنين:
الامر الاول: فقدانه خالته واخويّ وأختيّ الذين خطفهم الموت على نحو متواتر او متتابع. فالثلاثينات والأربعينات كانت حقبة سيئة وقاسية، عموماً، على الصعيد الصحي، اذ كانت الامراض والاوبئة، كالتيفوئيد، تفتك بالناس فتكاً متمادياً،لعدم توافر الأدوية، خصوصاً المضادات الحيوية.
الأمر الثاني: الذي يلازم الأول ويوازيه في دفعي الى اليسار، كان محنة الظروف المادية وقسوتها. فاليسر والرفاه اللذان عرفهما والدي قبل ازمة 1936 الاقتصادية الخانقة، انقلبا عسراً وضيقاً بعد تلك الأزمة، مما فاقم احساسي بالظلم واللاعدالة.

- كروائي،اعتبر نفسي مؤرخاً لأشواق الروح وأشواك المجتمع.
- لكن التأريخ الاجتماعي وغيرالاجتماعي يحضر في وصفه عنصراً داخلياً في السياق الروائي والمشهد الروائي. وأظن ان التأريخ الحقيقي او الفعلي متضمَّن في الأعمالالروائية.

==
ملاحظة: الكاتبة عن الروح والكاتبة الاسطورية مؤشر على دماغ يعمل بطاقة هائلة وغالبا ما تؤشر الى ظروف يتم مبكر والم شديد كما هو الحال عند ادوارد الخراط، ولا عجب ان يكون الخراط قد تأثر بجبران خليل جبران صاحب المقولة الشهيرة " اللؤلؤة هيكل بناه الالم حول حبة رمل"..

ايوب صابر 02-04-2013 12:27 PM

تابع معنا ايضا سر الروعة في افضل 100 رواية عالمية على الرابط التالي :

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=5829

حيث سنبدأ في رصد عناصر الجمال والتأثير في هذه الروايات هناك ايضا وعلى شاكلة ما نقوم به هنا حتى نخرج بخلاصة تشير الى عناصر الجمال التي تجعل من النص الادبي نصا رائعا ، بمعنى آخر آليات الاستافدة من الطاقة الذهنية المهولة والتي يرتفع منسوبها في حالة مرور المبدع في احداث تروماتيه trumatic بائسه في الطفولة لانتاج وتوليد نصوص ادبية رائعة.

ايوب صابر 02-05-2013 09:54 AM

9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:
- هوعمل أدبي للكاتب التونسي محمود المسعدي، بث من خلاله أفكاره الفلسفية الوجودية من خلال البطل أبو هريرة معتمدا على لغة مكثفة وقديمة.
- اعتبرها الناقد توفيق بكار أهم مغامرة روائية في القرن العشرين واختيرت من أفضل 100 رواية عربية من اتحاد الكتاب العرب. وتحتل حسب هذا الترتيب المرتبة التاسعة.
- كتابه الأشهر "حدّث أبو هريرة قال"،لا يحيل إلا إلى مرجعة دينية، وعندما كانت رفوف مكتبات الشركة الوطنية للنشروالتوزيع بالجزائر ممتلئة به، وقد نشرته بالاشتراك مع "دار الجنوب" التونسية فاعتقده البعض كتابا في السنة النبوية على غرار "من كنوز السنة"، لكن الذي اشتراه وقرأه ساهم بقسط كبير في زلزال كيانه وحدث له مثل ما حدث لتلك الشخصية التي تحمل اسم ذلك الصحابي الشهير.
- لقد كتب المسعدي ذلك الكتاب سنة 1939، الذي يمكن أن يصنف كـ"رواية"، وليست أي رواية، فهي تجريبية بامتياز، واستفاد فيها بذكاء نادر من طريقة الرواة في التراث العربي القديم.
- الرواية تنبض حد التشبع بالفلسفة الوجودية التي كانت موضة العصر ساعتها والعالم تمزقه الحروب الكونية الكبرى.
- لم يكن المسعدي مجرد كاتب يرصف الكلمات، فلم يكتب إلا ثلاث أعمال سردية (السد، وحدّث أبو هريرة قال، ومولد النسيان)، بين ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.

- لكنّ متصفح" حدّث أبوهريرة قال" يمكنه أن يجدها سلسلة من الأخبار تناقلها الرّواة بعد أن قضى البطل ، وهي تتضمّن ما صمد من أفعاله وأفلت من دائرة الفناء.

- نصّ المسعدي عندئذ له مزية جمع تلك الأخبار ولصاحبه فضل التدوين.

- إنّ اتّخاذ الخبر نواة لبناء صرح الرّواية يرتدّ بنا إلى ثقافة ضاربة في القدم، الثقافة العربية عندما كانت قائمة على المشافهة والمعارف تتناقلها الألسن ....والخبر بنية سردية تنحدر إلينا من الموروث فهو الشكل الذي وردت عليه أقوال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وسيرته وأيام العرب وهو الوعاء الذي سكب فيه الجاحظ نوادره والهمذاني مقاماته، وإجمالا فإنّ بنية نواة الرّواية رباط متين يشدها إلى ذاك الزمن العبق الغابر.

- وإن تخطينا المسح الخطّي لكامل الأثر ونظرنا في بنية الخبرالواحد فإنّما يسترعي انتباهنا ظاهرة التصدير، إذ كثيرا ما مهّد المبدع للخبربمقولات بعضها مقدّس كالآيات القرآنيّة وبعضها إبداعي فسمعنا أصوات أبي العتاهيّة والتّوحيدي والغزالي . تجتمع تلك المقولات على اختلافها في الارتداد بالنصّ إلى فضاء تالد وجذور أصيلة ، وليس النص القرآني ومقولات المفكّرين العرب إلاّ الأسس التي نهضت عليها الحضارة العربية في عصرها الذهبي.

- على أنّ الأصوات التي علت في فاتحة الأحاديث لم تكن لتقتصر على الفضاء الثّقافي الموروث بل تخطته لتنبعث من لحظة راهنة وثقافة معاصرة اتسعت لتشمل مقولات "ابسن".. وما ذاك التصدير إلاّ حجّة على قطب معاصر ينازع قطب الأصالة.

- إنّ بناء الأثر أو بناء الخبر الواحد ساحة تدافع الحاضروالماضي والموروث والوافد.

- توفّر شخصية البطل لمستهلك النصّ متعة الارتحال بين زمنيين ولذة الارتحال بين ثقافتين، فبعض ما في الشخصيّة -اسمها- يحيي أشهر رواة أحاديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ويستدعي أحد النّحاة، على أنّ المنصت إلى ما سال على لسان أبي هريرة من أقوال وما صدر عنه من أفعال يكشف انتماءه إلى لحظة ثقافية راهنة إذ أنّ مسيرته تعكس رؤية للوجود منبعها الفلسفة الوجودية.

- فبطلنا جذر قدمه الأولى في الماضي وغرسها في ذاك الموروث الشرقي ووضع قدمه الثّانية في الحاضر لتستوعب ما أنتجه الفكرالإنساني. أبو هريرة بين الدّائرتين متراوح بعضه أصيل منحدر من الماضي وبعضه معاصرانبثق من الحاضر وكان البطل تأليفا بينهما ومستودع أليه انتهى الرافدان .

- ولم تفلت مسيرته من فلك تلك الثّنائية فكان بعض منها سيرا على منوال الوجوديين في سعيهم إلى ملء الذات ونحت الكيان ونعني بذلك تجربة الحسّ والجماعة والرّوح، وكان البعض الأخر إتباعا لرؤية المتصّوّفة وإنصاتهم إلى الصمت غاية إدراك معنى الوجود الحقّ وسرّ الحياة الأصيل ليطلّق المحدودية وينفتح على الخلود وينتصر على الموت وذاك ما تحتضنه تجربة الحكمة في نهض جوانبها .

- ولعلّ حديث البعث الآخر يدعّم ما ذهبنا إليه فقد حققّ البطل رغبة أفصح عنها في بداية الرّواية : لقد وقف بطلنا على قمّة جبل سرعان ما طلّقه وطار ، تلك لحظة الحلول بالمطلق والفناء فيه وهي مطلب كل متصوّف.

ايوب صابر 02-06-2013 03:35 PM

تابع ،،
9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:

- إنّ زمن الأحداث في رواية المسعدي يبعث في ذهن القارئ عصر النّاقة والقافلة والإغارة والصّعلكة والسّبي ويمتدّ ليشمل فجرالاسلام، وكانت الأمكنة- مكّة بمساجدها وصحرائها ..-فضاءات تومئ إلى شبه الجزيرة العربية في لحظة تاريخية غابرة .

- على أنّ ما انتجته شخصية البطل من خطاب يجعل ملامح الماضي مشربة بالحاضر والأصيل بناكب المعاصر.

- فيجد القارئ نفسه في حيرة منبعها عجز عن تنزيل أزمنة الحدث الرّوائي وأمكنته في حدود واضحة.

- ويقرّ الغريبي في دراسته بإفلات أطر الرّواية من قبضة الماضي وسلطان الحاضر.

- فهي مجال أخر من مجالات من تدافع الأصيل والمعاصر.

- عرض المسعدي أحداث مغامرة بطله على نحو يظهر امتلاكه لتقنيات سرد متنوعة فكان التتابع والتضمين والتقاطع:

- التّتابع: وهو السرد الخطي، قوامه عرض الأحداث وفق منطق التعاقب وكان التتابع منطق نظم وقائع حديث "البعث الآخر" فقد تمّ عرضها متدرّجة نامية وتكشف بعض القرائن التعاقب من ذلك" ولمّا كان من الغد...مضت ساعة...ثمّ".


-
التّضمين: وهو إسناد قصّة في قصّة بالاستناد إلى الومضة الورائية أو التذكّر لإدراج حدث ماض له ما يشابهه في الحاضر. فأبو هريرة في حديث الحقّ والباطل ينسلّ من لحظة راهنة ليسترجع ذكرى موتأخته.

- التقاطع: وهو ضرب من التداخل بين أزمنة النصّ ويتجلّى هذا النوع من القصّفي "حديث القيامة" حيث لعب المبدع بالأزمنة لعبا مغريا.

- كانت بداية الحديث رغبة أبي هريرة شراء شموع من أبي المدائن لإحياء حفل وتلتقي الجماعة ليلا بضيعة البطل وينطلق الغناء... ثمّ تغيم السماء وينتشر الفزع فيأخذ أبو هريرة ريحانة خلفه وينطلق بها .. عندها يسرد أبو المدائن حدثا ماضيا – إحراق البطل منزله وموت زوجته وسرعان ما يتلقّف أبو هريرة السرد ليغدو منطلقه وأبو المدائن منتهاه.
- يبدو التتابع و التضمين من تقنيات السرد الموروثة ونجد لهما حضورا في أشكال السّرد القديمة "الحكاية المثليّة،رسالة الغفران " في حين نرى التّقاطع أو تداخل الأزمنة من أنواع السرد المعاصر . ومن ثمّ فتقنيات السّرد تعمّق مبدأ النزاع بين الأصيل والمعاصر .

- إنّ العلاقة بين الأصالة والمعاصره في رواية المسعدي لا تقوم على التجاور أوالتعاقب بل هي مشيّدةعلى جدل وتدافع.

- يمكن أن نجد مبررات لهذه الثنائية ونستطيع أن نحدّد لها غايات، قد يعود حضور الموروث والمعاصر في الرّواية إلى ثقافة المبدع ذات الرّوافد المتعددة، فترجمة المسعدي تظهر انتقاله بين مؤسسات تعليمية تقليدية تنحدر من زمن سحيق – الكتّابوأخرى حديثة أنشأها الآخر القويّ.

- أمّا دلالات الحضور فإنّها لن تخرج عن التأصيل والتجذير للرّواية كجنس وافد والانفتاح على التجربة الإنسانية.


ايوب صابر 02-07-2013 08:59 AM

9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:
- المسعدي بشهادة كبار النقادوالدارسينعصي عنالتقليد...
- ولقد نهل المسعديمن معين المدرسة الغربية وتأثرإلى حد كبير بالفلسفة الوجودية التي من أعلامها جون بول سارتر والبار كامي ولكنه تشبع قبل ذلك بثقافةإسلامية عميقة، نجد ملامحها في كتابه " حدث أبو هريرةقال" الذي يعد من أشهر كتبه بعد كتابه الأشهر " السدّ".

- ولقد حمل المسعدي في فكره ووجدانه: طموح جيل كامل منالمثقفين البناة الذين كانوا يناضلون من أجل بناء ثقافة تونسية أصيلة مواكبة لروح العصر ومتحررة من الجمودوالتكلس.

- يعد كتاب محمودالمسعدي " السد" من أشهر الكتب الروائية العربية، وحاز هذا الكتاب شهرة كبيرة في تونس والعالم العربي والتقى به عديد الدارسين الذين وقفوا على ما توفرت لهذا الكتاب من عناصر القوة في البناء والفكرة والموضوع والطرح.

- شهد بقيمته الفنية والأدبية كبار الأدباء والكتاب العرب وفي مقدمتهم عميد الأدب العربي طه حسين وصاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ وغيرها من أعلام الأدب العربي.

- الأديب محمود المسعدي يعد واحدا من أعمدة النص الروائي العربي وأحد الروائيين العرب الكبار الذين استوحوا التراث العربي القديم في كتابة روائية حديثة متقدمة تطرح هموم الانسان.

- لاحظ الروائي والكاتب عبد القادر بلحاج نصر أن المسعدي امتاز عما سبقه وعاصره بأسلوب أدبي ارتفع حتى عائق الكمال وصفا حتى أصبح هو الجودة نفسها، نهل من جمالية القرآن وبديع القدامى، وأخذ من هموم العصر وقضاياه ومن مشاغل المحيط ومسائله فأخرج إبداعا إنسانيا تجاوزت لشهرته الوطن ليشغل الكثير من أهل الفكر والثقافة في العالم العربي.

- أما الشاعر والأديب محمد الغزي فقال : أنه إذا كان الشابي يمثل حداثة النص الشعري فإن المسعدي يمثل حداثة النص السردي، ونص المسعدي ينتمي إلى جنس الكتابة، الكتابة على وجه الحقيقة والإطلاق حيث تتشابك كل أجناس المعرفة.

- وبين الروائي ابراهيم الدرغوتي أن المسعدي يمثل الاستثناء في الأدب التونسي إذ مكن الأدب التونسي من الخروج من المحلية الضيقة إلى رحاب أوسع في بلاد العرب وعالميا أيضا.

- كان المسعدي رائدا من أهم رواد الفكر المعاصر.

ايوب صابر 02-07-2013 04:24 PM

تابع ..........

9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:

- الطريف في ادبه أصالة هذا الأدب ووفاءه لجوهر الإنسان وهيالتي مكّنته من أن يفتكّ الإعجاب إلى حدّ أنّ المخيال الشعبي نسج حكايات عن " السدّ " وعن العلاقة بين صاحبه وعميد الأدب العربي ونُسبت إلى طه حسين أقوال لم ترد فيالمراسلات التي نشرت .

- لغة المسعدي : المسعدي حريص على أن لا يكرّر نفسه، وقد كان معروفا بصرامته في العمل معتلامذته ومع الأساتذه أمّا في الكتابة فقد تمثلت الصرامة في علاقته باللغة فهو يقسوعليها ويشذّبها من كلّ الزوائد فلا يسمح لها بالخروج إلى النّاس إلاّ وقد تهذّبتواستقامت وتجلّت فكانت في خير صورة شاءها صاحبها.

- لقد كتب المسعدي نثرا ولكنّهصاغه وهو مدرك لقيمة اللغة وإيقاعاتها، أوَ لم يخصّص بحثه الأكاديمي للنظر في الإيقاع في النثر العربي ؟

- إنّه يكتب من ذاكرة مكتضّة تتزاحم فيها نصوص الجاحظوالتوحيدي وأخبار الأصفهاني وإيقاعات المقامات فكانت كتابة منحوتة نحتا من اللغةالصوان.

- وإن نحن استثنينا فقرات من السدّ، فقد جاء نثر المسعدي كأنه شعر بفعل ماتوفّر فيه من جمال الإيقاع وحسن السبك والنظم بعيدا عن حوشي الغريب، يتوفر على جمالالصورة وبلاغة الإيجاز. يغنيك قليله عن كثير من اللغو والثرثرة.

ايوب صابر 02-07-2013 09:50 PM

تابع ..........

9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:

- إنّ قارئ مولفات المسعدي يدركبوضوح اعتناق الرجل للمذهب الوجودي ولعلّه متأثر في ذلك بثقافته وبإقامته في فرنسازمن ازدهار هذا المذهب. غير أنّ وجودية الرجل تختلف عمّا ألفناه في كتابات سارتروكامو، لأنّه - ومثلما صرّح بذلك أكثر من مرّة - لم يكتب شيئا يدل على أنّ الحياةعبث.

- لا شكّ أنّه يؤمن أنّ الوجود يسبق الماهية وما على الإنسان إلاّ أن ينحتوجوده ويصوغ ذاته ويحقّق ماهيته من خلال ما يعرض له من تجارب. أليست هذه الفلسفةاحتفالا بالإرادة في معناها السامي؟ فيها الكثير من النفس الاعتزالي وتؤمن بجدارةالإنسان في أن يتحمّل أمانة هذا الكون، إنّ غيلان هو أبو هريرة وهو أنت وأنا وكلّإنسان وعى ذاته وعزم على أن يحقق وجوده الفردي والجماعي. هو الإنسان الذي قبِلالأمانة وتحمّل أن يكون خليفة اللّه في الأرض بكلّ ما تعنيه الخلافة من معنى. وهوالإنسان الذي طوّر المعارف والعلوم، وذلّل الطبيعة وقاوم الجوع والمرض وسعى إلى مافيه خير البلاد والعباد، هو الإنسان الذي بنى الحضارة ونشر قيم الحقّ والعدلوالحبّ.

- وجودية المسعدي لا تقنع بالموجود بل تطمح دوما إلى المنشود حتّى إن كانتتؤمن أنّها قد لا تدرك مطلق المنشود لأنّه صنو الكمال.

- غير أنّ هذا العمل لا يعنيالعبثية وغيلان ليس سيزيفا لأنّه يؤمن أن الفعل البشري لا يكتمل ومتى اكتمل الفعلكانت النهاية لأنك كما يقول المسعدي "إن أنت أتممت الفعل قتلته" وطبيعة الإنسانالسائر بصفة حتمية وطبيعية إلى العجز والفناء لا حدود لطموحها، وما قد يبدو اليوممعجزة سيبدو يوما آخر عاديا.

- كان لا بدّ لسدّ غيلان أن لا يكتمل بناؤه، لأنّهليس سدّا من حجارة بل هو الحلم الإنساني الذي لا حدّ له أكثر ممّا هو حلم شخص محدّدفي الزمان والمكان. ولو أنّ المسعدي جعل روايته تنتهي نهاية سعيدة باكتمال بناءالسدّ لكانت قصّة عادية وأقل من العادية لا تستحقّ أدنى اهتمام لأنها ستتحول إلىحكاية اجتماعية تنتهي بالزواج السعيد في فرح وسرور ولفقدت جلّ معانيها الإنسانيةالخالدة.

- قد نتّهم المسعدي بالقسوة على أبطاله وحكمه عليهم بالفشل والعبث بهم فينهايات مأسوية. ولكنّ المأساة من طبيعة الوجود البشري. ويكفي أنّ المرء يدرك تمامالإدارك أنّه محكوم عليه بالفناء ليشوب النقصان كلّ عمله .

- إنّ شخصيات المسعديوإن كانت كائنات من ورق على حدّ عبارة النقد الحديث فهي كائنات بشرية وليستأسطورية، وكان لا بدّ لأبي هريرة أن ينسحب من مسرح الأحداث لأنّه أتمّ دوره وعاش ماعاش من تجارب متنوعة، ولم يعد له ما يضيف إلاّ أن يكرّر ذاته. وما انسحابه إلاّإفساح المجال لغيره ليواصل رسالة الحياة ويحيا بدوره نفس التجارب بنفس مختلف نظرالاختلاف الظروف زمانا ومكانا. ولقائل أن يقول ما دام الأمر على هذا الشكل منالنقصان والفشل، ألا يُخفي إيمانا بعبثية الحياة ما دام سيزيف يسكن كلّ جهدوعمل؟

- إنّ المسعدي وإن آمن بأنّ الوجود سابق للماهية فإنّه كان ينطلق من واقعإسلامي ويختار شخصياته من هذا الفضاء وينزّلهم في مشاغل هذا الواقع وفي فضائهالثقافي والروحي .

- إنّه يكتب لمجتمع تونسي وعربي إسلامي قبل أن يكتب للإنسان فيالمطلق.

- إنّه يحمّل شخصياته طموحات هذا المجتمع في النهوض من التخلّف وبناء حضارةجديدة.

- إنّ المسعدي لا يستنسخ نماذج محنّطة بل يثور على الواقع الموروث ويسعى إلىجعله يعي ذاته ووجوده حتّى يصبح قادرا على الفعل وتحديد مصيره والسعي إلى تحقيق هذاالمصير.

- إنّ معنى الحياة عند المسعدي يكمن في الحياة ذاتها. فأن تعيش حياتك وتحققوجودك الفردي والجماعي ذاك هو معنى الوجود السامي .

- إنّ وجودية المسعدي ملتزمةبالفعل، وما دامت قد تنزّلت في واقع عربي إسلامي تخلّف أشواطا عن ركب الحضارة فلامجال للعبثية لأنّ للفعل السياسي والاجتماعي أو الثقافي معاني جليلة تنتفي أمامهاأحزان العبثيين وهي تحتاج إلى عمل أجيال وأجيال لنفي أسباب التخلف واستعادة الرايةمن جديد مع المحافظة عليها وهو مشروع يحتاج إلى سدود عظيمة تنشد الفعل وتحتفلبالإضافة حتّى يكتمل الصرح أو يقارب الاكتمال ولو بعد أجيال.

ايوب صابر 02-09-2013 01:39 PM

تابع ..........

9- عناصر الجمال في رواية "حدث أبو هريرة قال" للروائي محمود المسعديتونس:

- إنّ البحث في حياة المسعدي يحتاج إلى متسع من القول وليته أضاف إلى ما كتب شيئا من أدب السيرة الذاتية ليفيد في هذا المجال ويكشف عن صفحات مجهولة.

-المسعدي اختط لنفسه طريقة في الكتابة مخصوصة تعمّدت تقويض الحدود القائمة بين الأجناس والجمع بين أزمنة لغويّة كثيرة تنحدر من عصور أدبية شتى .

- لا شكّ في أنّ هذه الكتابة تحمل في طياتهاملامح اللحظة التاريخية التي صدرت عنها، وتومئ إلى أهم ّالأسئلة الكيانية التيأرّقت الكاتب لكنها استبطنت ،في الوقت ذاته ،إنجازات التراث العربي الجماليةوتشرّبت أسئلته الوجوديّة.

- لدى المسعدي قناعة ما فتئ يدافع عنها ويعدّد الحجج لتوكيدها، وهي أن للأدب «جوهراً» ثابتاً لا يتغيرمهما تعددت أشكاله وتباينت مدارسه ...وهذا الجوهر هو الإفصاح عن «مأساة الإنسان» ومحنته أمام «الموت ، أمام الحياة ،أمام الغيب، أمام الآلهة ،أمام نفسه...».

- لهذا اختار أن يعقد علاقة صداقة مع كبار الأدباء والشعراء في كل العصور...بل حوّل الكتابة إلى ضرب من الحوار معهم ، يُصغي إليهم ،ي جادلهم ،يسترفدهم....فهُمْ حوله،قريبون منه،يلهمونه،يذكّرونه باستمرار بمحنة الإنسان في حفل الوجود...

- لكنّ هذا الحوار لا يتجلىّ في طبيعة الأسئلةالتي نهض عليها أدب المسعدي فحسب وإنما يتجلى أيضاً في لغته وأساليبه وطرائق أدائه.

- الكتابة ،لدى المسعدي ،احتفال كبير باللغة،بإمكاناتها التخييلية ،وطاقاتهاالاستعارية...واللغة في مختلف أعماله الأدبية ليست دلالات فحسب وإنما هي أجراس وإيقاعات وأصوات..

- المسعدي لا يفصح عن تجربته بمعاني الكلمات فحسب وإنما بموسيقاها، بظلالها الإيقاعية .

- أعماله وريثة مقابسات التوحيدي وقصائد أبي نواس وطواسينالحلاج وروايات دستيوفسكي وخواطر نيتشة..

- اللغة فيها منبثقة من الأماكن الأكثر عمقاًفي الكائن ... الأكثر ظلمة...الأكثر غموضاً...فهي ليست مجرد أداة للتعبير وإنما هي حضور وحياة وكينونة، تشدّ الانتباه إليها قبل أن تشدّه إلى شيء آخر خارجعنها.

- تتجلىّ هذه الخصائص أقوى ما تتجلىّ في عمليه اللافتين «حدّث أبو هريرة قال» و «السد» ...أمّا عمله الأول فيصوّر مغامرة البطل» أبي هريرة» يخوض جملة من التجارب هي أقرب ما تكون إلى عدد من المقامات الصوفية يُرتقى معارجها تباعاً إلى أن يبلغ أقصاها وهو مقام الاتحاد والحلول..

- اختار المسعدي الجزيرة العربية فضاء تتحرك فيه شخصياته، هذه الجزيرة حاضرة في عمله بصحرائها ومدنها ونمط حياتها. لكنّ هذا الفضاء لا يحيل،على رغم ذلك ، على المكان الواقعيّ بقدر ما يحيل على مكان متخيّل،استمد ّالشاعر عناصره من قصائد الشعراء الجاهليين ومن كتب الأخبار والسير...

- لايختلف الزمان في غموضه عن المكان...فهو أقرب ما يكون إلى الزمان الأسطوري الذي لايحدّ طرفاه...زمان هو، في الواقع، جماع كل الأزمنة...

- أمّا الأحداث فهي ذات طبيعة رمزيّة...فهذاالعمل يصوّر أبا هريرة وهو ينتقل من حال إلى حال ومن تجربة إلى اخرى.(التجربةالحسية ، التجربة الروحية ،التجربة الجماعية...) لكي يختتم مسيرته الوجودية بالصعودعلى ظهر جبل والذوبان في المطلق...

- هذا النصّ لم يعقد مع المتقبل ميثاقاً سردياً مخصوصاً ، لهذا اختلف النقاد في تحديد طبيعته الأجناسية. فبعضهم عدّه بالأدب القصصي أوثق صلة وإن متح من السرد القديم الكثير من خصائصه، بينما عدّه البعض الآخر أقرب إلى الجنس الروائي وإن جاء في شكل جديد،أما الناقد محمد القاضي فقد ذهب إلى أنّ المسعدي قد اختار أن ينسج على منوال جنس أدبيّ قديم هو الخبر . والخبر وحدة سردية مستقلة. فهذه الأخبار أو الأحاديث التي يضمها كتاب «حدّث ابو هريرة قال...»هي ،فينظر الناقد ،أشبه ما تكون بما نجده في كتاب «الأغاني» حيث يكون أهم ّعناصر التوحيدبين الأخبار اتصالها بشخصيّة واحدة،وإن كنّا نلمح ،بصفة عامة، أنّ الأصفهاني يعمد،في الكثير من الأحيان إلى مراعاة التطوّر الزمني ما أمكن...

ايوب صابر 02-10-2013 10:32 AM

10-عناصر الجمال في كوابيس بيروتلـ غادة السمان


اهم العناصر التي صنعت عبقريتها :
- غادة السمان كاتبة واديبة سورية من مواليد 1942. ولدت في دمشقلأسرة شامية عريقة، ولها صلة قربى بالشاعر السوري نزار قباني، والدها الدكتور أحمدالسمان حاصل على شهادة الدكتوراه من السوربونفي الاقتصاد السياسي وكانرئيسا للجامعة السوريةووزيرا للتعليم في سوريا لفترة من الوقت، وقد تأثرت كثيرابه بسبب وفاة والدتها وهي صغيرة.

- أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "عيناك قدري" في العام 1962 واعتبرتيومها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، مثلكوليت خوري وليلى بعلبكي، لكن غادة استمرتواستطاعت ان تقدم أدبا مختلفا ومتميزا خرجت به من الاطار الضيق لمشاكل المرأةوالحركات النسوية إلى افاق اجتماعية ونفسية وإنسانية.

- سافرت غادة إلى أوروبا وتنقلت بين معظم العواصمالاوربيةوعملت كمراسلة صحفية لكنها عمدت أيضا إلى اكتشاف العالم وصقل شخصيتها الأدبيةبالتعرف على مناهل الأدب والثقافة هناك، وظهر أثر ذلك في مجموعتها الثالثة "ليلالغرباء" عام 1966 التي أظهرت نضجا كبيرا في مسيرتها الأدبية وجعلت كبار النقادآنذاك مثل محمود أمين العالم يعترفون بها وبتميزها.

-كانت هزيمة حزيران 1967 بمثابة صدمة كبيرة لغادة السمان وجيلها،يومها كتبت مقالها الشهير "أحمل عاري إلى لندن"، كانت من القلائل الذين حذروا مناستخدام مصطلح "النكسة" وأثره التخديري على الشعب العربي.
- يتيمة الام في الطفولة المبكرة.

عناصر الجمال , والتأثير في اعمالها الادبية خاصة كوابيس بيروت :
- كوابيس بيروت هو واحد من مجموعة الروايات الطويلة للكاتبة السورية غادة السمان، تم إصدار الطبعة الأولى منه في أكتوبر عام 1976 م.

- وهذه الرواية هي مجموعة مذكرات للكاتبة أثناء الحرب الأهلية في لبنان تكتبها مباشرة من قلب الحدث.

- بدأت غادة السمان في كتابة هذه المذكرات ليلة 13 نوفمبر عام 1975 وانتهت من كتابتها في 27 شباط عام 1976 .

- نشرت هذه المذكرات لأول مرة في مسلسلة في إحدى المجلات اللبنانية مع أوائل عام 1976، ولكنها توقفت عن نشرها في آب 1976 اعتبارا من كابوس رقم 160.

- عرضت غادة السمان هذه المذكرات الدامية في شكل سلسلة من الكوابيس، فمثلا كانت تبدأ كل مقطع بعنوان " كابوس 1 " وهكذا دواليك، وكان آخرها كابوس 197، وآخرهاسمي بـ " حلم 1 ".

- يلفت النظرفي البداية الإهداء الغير اعتيادي لهذه الرواية الغير اعتيادية، حيث اختارت الكاتبةالسورية غادة السمان إهداءه إلى عمال المطبعة ،الذين يعملون بالخفاء وتحت القصف، دون أن يعرف عنهم أحد ودون أن تدون أسماءهم في الأعمال الأدبية.

- الرواية تسجيل لاحداث واقعية : حيث تبدأ الرواية بالكاتبة وهي تحاول بمساعدة أخيها إخلاء منزلها من النساء والأطفال وأخذهم لمكان " آمن " نسبيا وبعيدا عن القصف، ولكنها ما أن تعود إلى شقتها بعد عملية الإخلاءالناجحة حتى تفاجأ بأن فندق الهوليدي إن، الذي يقف أمام بيتها مباشرة قد تعرض " للاحتال " من قبل المسلحين، وهذا تجد نفسها عالقة في شقتها في قلب الأحداث وفي قلب الطلقات النارية غير مجهزة بالموارد الغذ ائية مع احتمال انقطاع الماء والكهرباءعنها، وتتساءل والحال كذلك عن جدوى الأدب والشعر في هذه الحالة وتتمنى لو أنها تعلمت بعضا من فنون القتال للدفاع عن النفس في مواقف عصيبة كهذه!

- تدور الأحداث بعد ذلك عندما تجد الكاتبة نفسها حبيسة في منزلها مهددة بالخطر الكامن على مقربة منها بالإضافة إلى شح الموارد الغذائية وغيرها..

- تحتوي الرواية كذلك على عدد كبير من المشاهد الخيالية، كرحلة " السيد موت "، ومغامرتها في متجر بائع الحيوانات الأليفة، والجولة الليلة لدمى عرض المتاجر فيشارع الحمراء بين ضواحي المدينة، وهذه القصص تحمل الكثير من الرموز الشيقة والمعانيالعميقة.... اذا هي تعالج ثنائية الموت والحياة.

- تنتهي الرواية بمجموعة من " مشاريع الكوابيس " بالإضافة إلى الحلم الوحيد فيها لتكتمل هذه اللوحة الفنية الرائعة.

- إنها الحرب .... إنها المأساة ... إنها تتاليل مجموعة من الكوابيس ليس إلا باختصار هذاهو كتاب " كوابيس بيروت " للمبدعة السورية " غادة السمان.

- الكاتبة غادة السمان تنقلنا عبر كتابها هذا إلى صميم الوجع البيروتي أيام الحرب الأهلية حيث حياة الرعب واللاتنفس, فالخروج من البيت هو مخاطرة, والوقوف على شرفة أو النظر عبر النافذة هو أمر يجب أن يحسب حسابه ألف مرة .

- كتاب مليء بالوجع اللبناني الذي هو في كثير من وجوهه وجع عربي , فغادة السمان عبر الكوابيس التي تعيشها في بيروت تنقل لنا واقعاً مريراً واقعاً يحمل في طياته مأساة هذه المدينة التي كان قدرها الدمار عبر حرب هي للأسف بيروت.

- الكتاب طويل و لكن يغفر لطول الكتاب هذا الثراء الفاحش المتجلي في كل صفحة لاسيما في الصفحات الخمسوالعشرين الأخيرة حيث قدمت غادة السمان في "مشاريعها الكابوسية" بعض أجمل وأقوى ما كتب في اللغة العربية خلال السنوات الأخيرة

- رواية كوابيس بيروت الـ197 ترصد فيها الكاتبة مناخات بيروت عند تفجر أزمة الحرب اللبنانية، كما ترصد أوضاع المثقفين والسياسيين والناس العاديين حيث رائحة البارود والفساد تزكم الأنوف، إذ يمتزج العهر السياسي والمالي والاحتكاري مع العهر الجنسي في بوتقة مناخ فاسد إنسانياً.

- كما تتغلغل في ثنايا وزوايا الحياة اليومية لأفراد عاديين يعيشون حياتهم في زحمة الأحداث غير مكترثين لمصير وطن كامل.

- الرواية تؤرخ لمرحلة عصبية كانت الحرب الأهلية فيها تمزق العلاقات البشرية التي لا جذور حقيقية لها، حيث تلتهم الحرائق كل شيء في هذه المدينة التي رقصت يوماً على إيقاع السقوط القذائف والصواريخ.

ايوب صابر 02-10-2013 04:23 PM

تابع،،،

10-عناصر الجمال والتأثير في كوابيس بيروتلـ غادة السمان:

- في عام 1973 أصدرت مجموعتها الرابعة "رحيل المرافئ القديمة" والتي اعتبرها البعض الأهم بينكل مجاميعها حيث قدمت بقالب أدبي بارع المأزق الذي يعيشه المثقف العربي والهوةالسحيقة بين فكره وسلوكه.

- في أواخر عام 1974 أصدرت روايتها "بيروت 75" والتي غاصتفيها بعيدا عن القناع الجميل لسويسرا الشرق إلى حيث القاع المشوه المحتقن، وقالت على لسان عرافة من شخصيات الرواية "أرى الدم.. أرى كثيرا من الدم" وما لبثت أن نشبتالحرب الاهلية بعد بضعة أشهر من صدور الرواية.

- مع روايتيها "كوابيس بيروت " 1977و"ليلة المليار" 1986 تكرست غادة كواحدة من أهم الروائيين والرئيات العرب. ويعتبرها بعض النقاد الكاتبة العربية الأهم حتى من نجيب محفوظ.

- رغم وجود الجنس في ادب غادة السمان الا انه يشهد لها انه دوما في خدمة السياق الروائي والبعد الدرامي للشخصيات و لم تنزلق ابدا إلى تقديم ادب اباحي كذلك الذي صارت بعضالكاتبات يكتبنه لاحقا من أجل الشهرة و الرواج. مثال على ذلك ، العجز الجنسي الذييصيب بطل "ليلة المليار" المثقف هو رمز درامي كثيف لعجز المثقفين العرب عموما فيمواجهة ازمات الانظمة و انهيار الحلم العربي الجميل.

- تجمع غادة في اسلوبها الادبي بين تيارالوعي في الكتابة و مقاطع الفيديو- تيب مع نبض شعري مميز خاص بها.

- لا تزال غادة تنتج ، صدرت لها " الرواية المستحيلة: فسيفساءدمشقية" بمثابة سيرة ذاتية عام 1997 ، و سهرة تنكرية للموتى عام 2003 و التي عادتفيها للتنبوء بأن الاوضاع في لبنان معرضة للانفجار .

- غادة السمان ظاهرة أدبية فذة، تخطت في شهرتها حدود العالم العربي إلىتخوم العالمية، لأنها في أدبها فضّت حجب "التابو" والمحرمات الموروثة من العصورالظلامية القديمة، والتي شكلت قيداً على حرية الإنسان وشلت حركيته الاجتماعيةوالفكرية والمسلكية.

- لقد بنت غادةالسمان على أنقاض ما هدمت مفاهيم جديدة، وأرست منهجاً تقدمياً، تحررياً، إنسانياً، حضارياً، يعيد للإنسان إنسانيته المستلبة، ويكسبه حقيقة كينونته‘‘.

==
ملاحظة : احتوت روايتها نبؤات ولو على لسان العرافة وهذه احدى ميزات ادب الايتام الذين يمتلكون القدرة على الاستشراف والرؤيا المستقبلية وغالبا ما يكتبون بلغة كودية تحمل على معاني مستقبلية.

ايوب صابر 02-11-2013 09:09 AM

11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:

- رواية المجوس هي ملحمة الطوارق الكبرى.
- رواية 'المجوس' لإبراهيم الكوني والتي تقع في (693) صفحة روايةٌ ملحمية تؤرخ للصحراء الكبرى بقبائلها وعاداتها ودياناتها وعشقها وشِعرها ورجالها ونسائها وغنائها وحكمتهاومعاركها وتحدياتها.

- صاغها إبراهيم الكوني في إطارٍ روائيٍّ عالي المستوى وسطَّر من خلال شخصياتها المحورية تاريخ شخصية الصحراوي وتاريخ الطوارق كشعبٍ أصيل وكأمة ولغة وتاريخ وعراقة من خلال لغةٍ شعرية وصوفية أدخل فيها الكثير من مفردات حياتهم القاسية .

- يحتدم الصراع الوجودي الكبير بين الصحراويين وبيئتهم الجافة والقاسية والوحش الكبير الذي انتصب كبطلٍ رئيسيٍّ للرواية 'القِبلي' وهو الريح الرملية العاتية التي تُدمر كلَّ شيءٍ وأوله الماء والآبار التي عليها تقوم حياة الصحراء والصحراويين.

- يبرزُالقِبلي كمحرك أساسي للأحداث والتحديات والبطولات التي يحاول أهل الصحراء انجازها لوقف هذا الوحش عن ابتلاعهم وابتلاع مياههم ووجودهم ويقومون باختراع ادوات لمواجهته ووقف محاصرته لهم بأساليب مبتكرة من خلال إخفاء آبارهم وحمايتها ووضع خرائط لها واعتبار أي إهانة لهذه الآبار كفراً بشريعتهم ويعاقب عليها الله والصحراء.

- وقد قامت معاركهم على الحفاظ على هذا الكنز ومنع الأعداء من السيطرة عليه واسقطوا ذلك في أساطيرهم والعقوبات التي وقعت لمن خالفوا الناموس وأهانوا أو تهاونوا في حمايةالمياه .

- رواية واقعية: الشخصيات المحورية الأخرى في الرواية هي الشخصيات المحورية في مجتمع الطوارق الصحراويين :
الدرويش: وهو منسلالة المرابطين وله احترام كبير في المجتمع الصحراوي وشكَّل في الرواية الشخصيةالرؤيوية الطيبة والتي كانت ترى ما لا يراه الآخرون، وهو الذي يتنبأ بالأحداث وهو الذي ينبهالصحراويين إلى الدراويش الدجالين الباحثين عن الثروة واللصوص والزناديق والقتلة،وهو الذي تأتيه الأسرار وعلى لسانه كانت الرواية تقول لغتها الصوفية العميقةوالموحية.
- شخصية الدرويش: شخصية ملتبسة في الرواية فهو يقوم في مشهد من الروايةبإخصاء نفسه وبِمدية العرافة ليتخلص من الأفعى التي أخرجت أجداده من الجنة، من 'واو'، وهو من القلائل الذين نجوا من الشتات بعد دمار القبيلة على يد المجوس وأبناءآوى والجن، ونجا معه زعيم القبيلة الحكيم الذي كان منفياً بعد سيطرة شيخ الطريقةالقادرية الدجال على السلطة، ونجت المرأة التي أحبَّها الدرويش 'تفاوت' والعرافالمجوسي 'ايدكران'، ربما يشير الى العناصر التي ما زالت فاعلة في المجتمع الصحراوي .
- العرافون والعرافات: وهي شخصيات فاعلة في مجتمع الطوارق وبعضها كان يقرأ آية الكرسي من القرآن الكريم وبعض التعاويذ المجوسيةفي المواقف الصعبة وفي الوقت نفسه مما يُدلل على تزامن الإسلام مع الديانات الأخرىوعدم فرضه السيطرة الدينية المطلقة على الصحراء وشعبها.

- الزعيم: وهو زعيم القبيلة الحكيم والمحافظ على ناموسها والذي يغرف من كتاب الصحراء المقدس 'آنهي 'وهوناموس الأجداد والصحراء وحكمتهم المتوارثة والذي ضاع عبر التاريخ في إشارة أخرى الى البحث عن الهوية والشخصية الصحراوية التي ضاعت .

- السلطان والنبلاء والذهب والتجار وصراع المدن على الثروة والذهب والأسواق ومراكز التجارة والمؤامرات والقتل واغتصاب السلطة والتعاون مع الأعداء من أجل الذهب وبيع القيم والناموس والتاريخ، ويمثل ذلك بعمق مقطع ليلة الإفراج عن 'أمناي' وهو صنم وإله للزنوج الذين اشترطوا عودة إلههم لمنح تنبكتو الجديدة الذهب والتبر والقوافل.

- كل هذه شكَّلت شخصيات ومحاور للأحداث في هذه الرواية.
- اللثام والودّان والنقوش وآنهي والقِبلي والذهب والبئر والمرأة و' واو' المفقودة والغناءالأسطوري والحكمة المعكوسة في رسائل الأجداد والمبثوثة في الحجارة وأفواه الآباروالأفعوان الذي يبرز في مشاهد مُرعبة كتحدّ ٍ وجودي للصحراويين، هو الوحش الأسطوري الذي بُنيت على تحديه وقتله معظم أساطير حوض المتوسط .

- المرأة : كان لها وجود طاغ ٍ في الرواية (المرأة العاشقة، تينيري، تفاوت، والمرأة الأم، أم أوداد وأم الدرويش ومربيته،المرأة الخلاسية الشهوانية، نساء البكاي، وامرأة كبير التجار، والمرأة الشاعرة،تميما .. الخ).

- هناك جانب شخصي برز في نظرة الرواية الى المرأة باعتبارها اصل كل الشرور وأنها هي الأفعى التي أخرجت جَدَّ الصحراويين من الفردوس وبصور تدل على موقف دوني من المرأة.
- الرواية ذات لغة شعرية عالية وبعض مقاطعها ترتقي الى مستوى الملاحم الكبرى ففي بعض المقاطع ترى الصحراء بصهدها ورملها وعطشها وقسوتها وترى القِبليّ وحشاً يتحرك أمامك بكل تفاصيله.

- كذلك عالجت الرواية حياة الطوارق وهويتهم ولغتهم وأساطيرهم المؤسِّسة وقيمهم في محاولة لإعادة الروحإلى شخصيتهم التي اختفت في الظل طوال قرون طويلة.

- في هذه الرواية يُعالج إبراهيم الكوني قضايا فلسفية عميقة للحياة والتاريخ والسلطة والحكم والإنسان والأسطورة وأسرارها، واللغة وتاريخها السريّ الذي يختزن التاريخ العميق والسريّ للجماعات والشعوب، كل ذلك من خلال بناء ملحمي مثير ومشوّق وأصيل .
- ومن القضاياالفلسفية التي عالجتها الرواية بطريقة مُدهشة من خلال المصارعة والحرب التي دارتبين الزعيم المنفي من شيخ الطريقة القادرية وبين 'بوبو' أحد أتباع الطريق القادرية،وهو الصراع بين رؤيتين للسلطة والحكم أولاهما والتي مثَّلها الزعيم والتي ترى كلَّالناس سواسية أمام الله والطبيعة والتاريخ والسلطة ومن حقِّهم أن يكونوا أحراراً فيحياتهم وقراراتهم ومستقبلهم وعليهم تَحمُّل نتيجة هذه الحرية والرؤية الثانية التيمثَّلها 'بوبو' ممثل الشرع والطريقة القادرية والذي يرى الناس قطيعاً وغير مؤهلينلتلقي الحقيقة وتحمُّل مسؤولية قراراتهم كيلا يتوهوا فهم بائسون وبحاجة الى راع ٍيقود خُطاهم بشكل مباشر ويومي.

- ينتهي الصراع بانتصار الزعيم وانتحار 'بوبو' وهذا موقففلسفي يقف فيه إبراهيم الكوني مع الإنسان بما هو إنسان ضد النخبوية والكهنوتيةوالتسلط الذي وسمَ التاريخ العربي الإسلامي وفقاً للتبرير الفقهي الذي هزمتهالرواية .

- كذلك منالمقاطع العميقة في الرواية 'الرهان 'ورحلة صعود 'أوداد' الذي يُمثِّل الروحالصحراوية بجموحها وأصالتها الى قمة جبل 'ايدينان' للفوز بالأميرة تينيريوالتحديات الكبرىالتي واجهها في رحلته فكأنَّ إبراهيم الكوني يستعيد الرحلات الكبرى في التاريخالإنساني لتجاوز الجدار وتجاوز البيئة وشروطها وقهرها وقسوتها، كانت المقاطع التيتصف رحلته ومشاقـّها في قمة الحرارة والصدق والعمق، والقارىء لهذه المقاطع يعيش مع 'أوداد' تلك اللحظات العنيفة في رحلته ويلتقط أنفاسه معه لحظةًبلحظة.

- برزت في الرواية روح صوفية مولعة بالأسرار ولغة صوفيةمُنبثَّة في أنحاءِ الرواية (المحو، الحلول، الوجد، العروج نحو 'واو' الاستشهادبمقولات الصوفيين الكبار كالنفَّري وفريد الدين العطار وابن عربي ..الخ) .

- عمل روائي شائك وثري وعميق ويقع في (693) صفحة، ويمكنالقول باختصار شديد أنَّ هذا العمل عملٌ روائي فَذ ويستحق أن يُقرأ ويُسلط عليهالضوء وعلى مواضيعه ورؤاه وطروحاته وفنياته وتقنياته وبشكلٍ واسع
يتبع ،،،

ايوب صابر 02-11-2013 11:18 AM

11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:
- الموت رفيق الصحراويين، سرّ الصحراويّ أنهلا يخاف الموت. يقال إنّه نزل الى الحياة بصحبة الموت، وعندما استنشق الهواء وأخذأوّل نفس من فتحتي الأنف، توقّف الموت ورفض أن يدخل الى الجوف. قال للإنسان: أناافضّل أن أمكث هنا وأنتظر. حفر مأوى بين فتحتي الأنف والشفة العليا، في هذا الضريحيرقد الموت ) المجوس ج 2 ص 182.

- في هذا الخضمّ منالتنافر والتجاذب، بين السماء والارض، الروح والجسد، التبر والطهر، الحياة والموت،تبدو مصائر ذوات الروايةوشخوصها فجائعية، مهولة، تنقذف الىالموت بنفس القسوة والصرخة والألم التي انقذفت بها الى الحياة لحظة ولادتها،لأنها اقترفت ذنبا لا يغتفر، خدشت صمت الصحراء، جرحت سكونها، لم تعرف الإنصاتلسكينتها، فقضت لا يداخلها الخوف ولا التردّد ولا الضعف، بل هي في تقدّمها باتجاهالموت كأنّها تتقدّم خطوة ربّما باتجاه حياة اخرى، في عيونها ترتسم أشباح وشياطينوفي قلوبها توق مرير الى ( واو المفقودة ) فردوس الامتلاء في فراغ الصحراء، فردوسالارتواء في صحراء الظمأ.

- الحنين قدر الصحراوي الأول. والانتماء المزدوج هو الذيخلق منه قدرا. فيوم انفصل عن أمّه الارض بقوّة الروح السماوية، الإلهية، التي نفختمن نفسها في كتلة الطين، كان عليه أن يعاني غربة مزدوجة. فهو نُفي من الفردوسالسماوي وانفصل عن الله. نزل الى الارض لكنه لم يتّحد بالصحراء، لم يفز بامتدادهاوعرائها وحريتها. حلّ في حفنة الطين قبل أن يبلغ الأصل الآخر، الأكبر، الأرحم،والأعظم: الصحراء. فظلّ المخلوق كائنا معلّقا بين السماء والارض. البدن يسعى للعودةالى وطنه الصحراء، والروح تحن عشقا لأن تتحرّر من المحبس الأرضي وتطير الى أصلهاالسماوي ) المجوس ج 2 ص 62.

- ينتهي العبور الصحراوي الى الموت غرقا، ظمأ،ذبحا، خنقا … ولكن الدائرة لا تنقفل به على صعيد استمرار الجماعة وديمومتها فوقالصحراء، إذ تلوح تباشير الحياة فوقركام الجثث وسواقي الدم المراق والحلوقالظمآنة، تلوح على هيئة الرحيل، رحيل رجل وامرأة بقيا فوق الأشلاء. امرأة حدسهاالأنثوي العميق يدفعها لمطالبة الرجل جهارا كي يطأها حتى تستمرّ الذرية، لا ترى فيالخراب العميم من حولها إلا طوقا، يكسره نسل مرتجى من صلب رجل حتى تستمر الحياةوتستمرّ الصحراء، المرأة نفسها التي أنزلت الرجل من "فردوس واو المفقودة" ولم تكنلتخشى النزول. أبدا ارتضت الديمومة للحياة والبقاء فهي من جنس الطبيعة تعصى علىالفناء.

- سوف تبقى المرأة الى الأبد في الثقافة الذكورية موسومة بلعنة الخطيئة،مقترنة بها، لا تستطيع منها فكاكا. وستبقى مصدر الغواية، الأفعى تغوي بالحبّ والجسدوالغناء، وتفعل ما لا تستطيع فعله إلا الشياطين والجنّ.

- تملك نداء الميدوزياتيحطّمن سفن البحارة الأشدّاء على صخرة الضياع والتيه. المرأة لن تفلت أبدا من وشمالخطيئة، ولكنها في المقابل امتلكت سلاحا فعالا وناجعا ضدّ التهمة الأزلية، رشفرحيق الغواية واجتراع طيب الخطيئة حتى الثمالة، التحصن المكين ضد التوق الى ( واوالمفقودة ) واو المرأةفي جسدها، في غنائها، برسم الفرسان والنبلاء يهيمون بها،فتكون هي الشمس وهم الظلال الهاربة، هي الأنثى وهم العابرون. لن تلعن نفسها ولنتشعر بالذنب، وسيبقى حدسها جسر عبور ولغة إشارية تواصلها مع الطبيعة الأمّ.

- الرجالوحدهم من سيلعنونها وسيلعنون قبلها أنفسهم وهم وحدهم المذنبون. وإن حمّلوها الوزر،لن تطيق أجسادهم الناحلة متعة الخطيئة، ولكنها هي الأنثى تطيقها، لن تطيق أرواحهمالهائمة متعة الاغتراب والضياع في المتاهة، ولكنها الأنثى تجرّيها في دمها، وستبقىأبدا هي، وهم الآفلون.

- تحضر الطبيعة ـ عناصرهاوأشياؤها ـ كموجودات حيّة تتنفّس وتحيى في علاقة وطيدة مع الإنسان، الذي يمتلكتصوّرا خاصا عن حياة مبثوثة في رمل الصحراء الحارق ورياحها العاصفة وسلاسل جبالآيدينان في جلستها الوقورة الرزينة تراقب باهتمام وهدوء الصحراء ـ المسرح، هدوءالقويّ المسيطر على أشيائه، فلا تخذله قوّته ولا يخذله اتباعه وتقديرهم وتبجيلهملحقيقة السطوة الفعلية لهذه الكائنات الخرافية، المعمّمة بالضباب والغموض والأسرارالعصيّة على البشر.

- ينفتح منجم الأساطيروالحكايات والمرويات، ويختلط وينشبك مع الأحداث والوقائع، ليختلط الأسطوريّبالواقعيّ،والسرابيّ بالحقيقيّ، وعناصر الطبيعة بشخصيات الرواية، فلا يعود التمييزممكنا بين الادوار.

- ما من سرد خاصّ بالبشر، بل هو يسيل على لسان الجماد والحيوانبلغة الرمز والإشارة، ويصبح التخاطب ممكنا بل مفتوحا بين الجماد والإنسان، الحيوانوالإنسان، كلٌّ يفهم تماما ما يريده الآخر، وما هي حدود دوره في هذا العبورالصحراوي وإن بدا الخلود والبقاء للطبيعة وأشيائها، فالصحراء نداء، يدوّخ المنادىويسلبه عقله ( الصحراء مثل الأغاني السماوية، إذا لم ترتو من لحنها قتلك العشقوالجنون ) المجوس ج 1 ص 79.

- يبدو جهدإبراهيم الكوني تأسيسيا في سياق كتابة رواية عربية صحراوية بامتياز، والمفارقة هيفي المخالفة الأصيلة والمبتكرة التي تتمثل في التوظيف المبدع لجنس أدبي غربي قائمعلى الاجتماع والمدينة أساسا، وتكريسه للكتابة عن الصحراء القائمة على الانفصالوالوحدة.

- يبدو نجاح الكوني معتمدا بالدرجة الاولى على التواصل العميق والقدرةعلى التخاطب واستنطاق الصحراء ومفرداتها بلغة شعرية حيّة ( لا أرى أنّ باستطاعة أيّقوّة أن تمزّق الحجاب الذي يلفّ الصحراء غير الشعر ) المجوس ج 2 ص 45.

والأمر الآخر هو تمثُّلُ ثقافة شفويةموغلة في القدم والبكارة، وإعادة إنتاجها كتابيا لتحتل مكانها اللائق في ثقافاتالعالم وآدابه العظيمة. ( وتقول الأسطورة أنّ الخالق فضأ العالم وجرّده من الحياةكي يتفرّغ لخلق المخلوق فصنع الصحراء الكبرى. خلق المخلوق وراقته سكينة الصحراءفباركها وخلق في قلبها "واحة واو" وتنفّس الصعداء. ولازالت التنهيدة الجليلة تسمعفي سكون الصحراء حتى اليوم، والأصوات التي تدمدم في الفراغ كالأنغام هي أنفاسهالجليلة فأصبح الإنصات للصمت عبادة. ولم يكن لغير المعمّرين، الذين ذاقوا طعمالسكينة، أن يفهموا سرّ هذه اللغة. فاتّخذوها " واوا " أخرى يقضون في رحابهااللحظات المعدودة من حياتهم الفانية. وكثيرا ما يضرب الحكماء منهم صدورهم النحيلةليردّدوا: " واو الحقيقية هنا. قفص الصدر أسوارها والسكون لغتها " ) المجوس ج 1 ص 278.

ايوب صابر 02-11-2013 11:20 AM

11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:

- هي نوع من الأدب الرفيع جدا، ومن الفكر الأسطوري الملحمي عن الحياةفي الصحراء العربية، فالكاتب هو من ليبيا وعاش في الصحراء الليبية ويعرف ما هيحياة الصحراء.
- فهو عندما يكتبعنها يجعل للصحراء قيمة عالية ويجعلها جنة فكرية تمنح ساكنها الحكمة والصبر والحبوالإخلاص.
- يكتب عن حيواناتالصحراء بتقديس يرفع من قيمة هذه الحيوانات ليجعل القاري يعشقها، لأن الكاتب يجعلمنها رفيقا وصديقا ومحبا ومنافسا.
- يكتب عن أجواء الصحراء التي نعرفها نحن العرب سكان الصحراء، ولكنه عندمايكتب عن الصحراء ورمالها وأعاصيرها وأشواكها وشجيراتها وشمسها المحرقة يجعلك تفخربالانتماء إلى هذه البيئة الفقيرة لأنه جعل من هذه الصحراء بكائناتها الحية منهاوالجماد فيها وأجوائها الصعبة جنة للفكر والفلسفة.
- للكاتب الليبي إبراهيم الكوني تخصص فىكتاباته عن الصحراء وسكانها إنسهم وجنهم ( أهل الخفاء كما يسميهم دائما في رواياته) وحيواناتها وهوائها وترابها وشمسها، فجميع كتبه التي أخرجها لنا وهي عديدة (تزيد عن٣٠رواية) تتحدث عن الصحراء.
- على الرغم من أنه حصر فكره فى الثقافة الصحراويةوالكتابة عنها، إلا أنه أثبت للقراء أن الفكر والحديث عن الصحراء بحر كبير وواسعبسعة الصحراء، ولن تجد التكرار في أي من كتبه، وجميعها غنية بالفكروالفلسفة والرؤيةالصحراوية من أهلها أو من أرضها أو من حيواناتها أو من حشراتها.
- يؤرخ الكاتب بداية الأسطر الأولى منروايته في ٢٠\١٢\١٩٨٩م وانتهى منها في٢٨\١٢\١٩٩٠م وهى رواية طويلة وضعها بجزئينمتساويين، كل جزء منها ٣٦٥ صفحة، أي أنه قضى سنة كاملة فى كتابة هذه الرواية الرائعةعن الحياة في الصحراء وأساطيرالصحراء.
- يقول الناشر فى تعريف الكتاب في هذا العمل الملحمي ندخل عالما يأسرنامنالوهلة الأولى بغرابته وفرادته وجدته، عالم تتقاطع فيه الأساطير الموروثة وتعاليمالأسلاف بتأملات الحكماء والشيوخ والعرافين وأشواق الباحثين عن الله والحرية وصبواتالطامعين بامتلاك الذهب والفضة.
- تتمحور رواية المجوس حولمحاولة استعادة الجنة المفقودة أو بالأحرى إقامة المدينة الأرضية ( مدينة السعادة) المعادلة للفردوس الضائع، لكن الخطيئة التى أخرجت الجد الأكبر للبشر ( مندام ) من الفردوس إلى عالم الشقاء الأرضي ما تزال تلاحق نسله.
- إذ تعيد رواية المجوس طرح الأسئلة الخالدة عن معنى الوجود والمغامرةالإنسانية والمصير والسلطة والحضارة .. مستخدمة عالم الطوارق المعقد والغني رغمبساطة حياتهم بمثابة مادة قصصية تخييلية .. وسيكتشف القارئ أنها تمثل موقع الصدارةفي الأدب الروائي العربي المعاصر.
==
- يمكن أن نجد على الخارطة الأدبية المصرية أكثر من نجيبمحفوظ، ينقلون إلينا خفايا الحياة في الحواري المصرية بكل تفاصيلها، ويمكن أن يقدمّلنا المشهد الروائي العالمي أكثر من غابرييل ماركيز ليمتعنا بروائع الرواية،ولكننالن نجد في طول وعرض هذا العالم سوى " إبراهيم الكوني" واحد وواحد فقط ، فهو الذيأدخلنا إلى مجاهل الصحراء فعرفنا إلى عالمها المليء بالإثارة والتشويق، لدرجةيدفعنا فيها أحياناً إلى التسليم بأن متعة الحياة لا تستقيم سوى في تلك المساحةالهائلة من الياباس.
- إبراهيم الكوني هو النافذة الوحيدة التي أتاحت للعالمالإطلال على حياة الطوارق- سكان الصحراء الكبرى- ليكتشف هذا الكيان الغامض بكلأنشطته الاجتماعية والاقتصادية، وليضعنا مباشرةً أمام ميثالوجياه الشعبية، الغنيةبالأسطورة المتعة.

- الكوني ليس مجرًّد مرآة عاكسة لما شاهده أوسمعه عنالحياة الصحراوية، يسوق مشاهدها بشكل تقريري أو إخباري، أنه يتمتع بحس مرهف للغاية،إذ يُحيل تلك الكتل الرملية الجافة ونتوءات كاف الجنون الصلدة، ورياح القبليالقاسية، وقطعان المهاري المنفلته في مجاهل الصحراء إلى صورة روائية ملفته، حتىمغلفّات الشاي الأخضر المكتوم في خزانة بيتك، تتحول إلى شيء أشبه بالتبر عندما تقرأللكوني، للرجل مقدرة غريبة لإكسابك عادة من عادات الطوارق بمجرد قراءة عابرة إنهبكلمات بسيطة يحيل الياباس وصهد القبلي المزعج إلى مبهج من مباهج الحياة، حتىالفراغ يحيله إلى صمت فلسفي.

- قدرته على صياغة التراكيب اللفظية الأنيقةوالممتعة، واقتراب أسلوبه السردي من الصور الشعرية في بعض المواضع-

- يستخدم ذات الأدوات " الصحراء- المهري- القبلي- القبيلة ... الخ" في كل رواياته تكسبهالمزيد من الأهمية.

ايوب صابر 02-11-2013 02:25 PM

11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:
- الكوني في روايته المجوس يصر على تحديد الزمان والمكان وما يتبعهما من تفصيلأخري.. كوصف الملابس، ورسم حركة الشخوص، بل وحتى تحديد أهمية المشهد، أو ما يعرفبحجم اللقطة، ويمكن أن نلمس ذلك بشكل واضح في رواية المجوس بجزأيها والتي سنستشهدبها في مواضع قليلة كأنموذج فقط.

- المشتغلون بكتابة السيناريو أكثر من يعانيقلق ترجمة النص، فالنص " الخام" سواء كان فكرة أو قصة أو رواية عادة ما يكون مليئاًبالصور اللفظية الجمالية، التي تصف الوجدانيات، والتي يصعب الإيحاء بها لذلك، فهيفقيرة إلى رسم الحركة، ووصف الزمان والمكان وتحديد لون ونمط "الإكسسوارات" فجملة فيأية رواية "تصف فتاة تنظر إلى القمر الشاحب شحوب وجهها" لا يمكن أن تبوح بأكثر منذلك ولا يمكن ترجمته بسهولة إلى مشهديه.

- للكوني مقدرة هائلة على إقحام كم كبير من التفاصيل الزمنية والمكانية دون التفطن إلى كونها مقصودة لسلامة السرد.

- يكرر الكوني وصف " الإكسسوارات" والأثاث ككاتب سيناريو أمين، ونحن نعلم من رواياته السابقة أنالخيمة في الصحراء لا تكون إلا من الجلد عادة، لكنه يصف لنا كل حركة بدقة متناهية.

- يمعن في الوصف والتصوير.

- كثيراً ما يربك الروائيون المتلقي بتواصل السرد من خلال إغراقه في مشاهد مملة تتراص فيها الجمل والصور بشكلإنشائي لأهدف له سوى الحفاظ على تقاليد الرواية شكلياً، غير أن الكوني تمتع بخاصيةتجاوزُ هذه العقبة وأجاد أسلوب القطع في مواضع القطع الصحيحة والتي تشابه أسلوبالنقل من مشهد إلى آخر مغاير تماماً في الخيالة ..
- كما أنه أتقن تبادل الحوار بينهوبين الراوي الذي يستلم منه مهمة السرد في الرواية.

- في الجلسة التي جَمَعتْشيخ القبيلة والرسول وبعض رجال القبيلة تتحول اللقطات إلى دوران متكرر لالتقاط نفسالوجوه، وحتى يكسَّر من حدة تتابع هذه اللقطات فأنة يدخل لقطةً اعتراضية" " "cutawayتتمثل في تركيز اهتمام القارئ على إصبع الرسول وهو تتابع المثلثات البيضاءفوق الكليمة التواتية.


-
ليس هناك من رسم مشهدي أكثر تفصيلاً من هذا السرد والذي يتعدى التزامات الروائي التقليدي تجاه المتلقي، إذ يمكن أن يؤدي هذا الإفراط الوصفي زماناً ومكاناً وحركة في إرباك النص فيتحول من قطعة لفظية جمالية إلى سيناريو متخن بالتفاصيل عندما يحملها الروائي أكثر مما تحتمل، غير أن الكوني بمواهبه الفطرية وارتكازه على خامات بنيوية غير متاحة لغيره " ميثالوجيا الصحراء" وقدرته على ابتكار الصور البلاغية كالمحسنات البديعية البعيدة عن البهرجة والمعاني المبهمة، واستطاع أن يوائم بين المتعة والوصف التوثيقي، ناهيك عن كون النص قطعة شعرية بامتياز.

ايوب صابر 02-11-2013 03:41 PM

11- عناصر الجمال والتأثير في رواية 'المجوس: لإبراهيم الكوني:

- في هذا العمل الملحمي ندخل عالمًا يأسرنا من الوهلة الأولى بغرابته وفرادته وجدّته, عالمًا تتقاطع فيه الأساطير الموروثة وتعاليم الأسلاف بتأملات الحكماء والشيوخ والعرّافين وأشواق الباحثين عن اللهوالحرية وصبوات الطامعين بإمتلاك الذهب والسلطة.

- لكن عالم الصحراء أوسع من أن يقتصر على الإنسان, فهو يمتد ليشمل عناصر الطبيعة الصحراوية القاسية وكائناتها الخفيّة وحيواناتها ونباتاتها.

- في هذا العالم حيث تطرف الطبيعة وقسوتها تندفع الأشياء والكائناتوالأحداث والبشر حتى النهايات القصوى لتكتشف عن مضامينها وابعادها وحدودها, إذالامجال هنا للتسويات والمساومات والمهادنات.

- ما من وجه واحد للمجوسي هنا إذا يتجلى في العديد من الشخصيات اللاهثة خلف الثروة والمال والسلطة والنفوذ, فالمجوسي قد يكون حاكمًا (السلطان أورغ) أو صوفيًا مزيفًا (شيخ الطريقة القادرية) أو تاجرًا (الحاج البكاي) أو عرّافًا (العجوز تيميط) أو باحثًا عن الانتقام (القاضي الشنقيطي) أو ..., بل لعل في كل إنسان يكمن مجوسي يتحين غفلة من العقل والروح ليطل برأسه ويتلبسه.

- تتمحور رواية ((المجوس)) حول محاولة استعادة الجنة المفقودة أو بالأحرى إقامة المدينة الأرضية (مدينة السعادة) المعادلة للفردوس الضائع, لكن الخطيئة التي اخرجت الجد الأكبر للبشر (مندام) من الفردوس إلى عالم الشقاء الأرضي ما تزال تلاحق نسله. فإذا كان خروج مندام وشقاؤه في العالم نتيجة لاستيلاء فتنة وإغواء المرأة على عقله وقلبه وجسده, فإن نسله مسكون بفتنة وإغواءالذهب كما بغواية السلطة وجبروت القوة.

- من هنا إخفاق المحاولات المتكررة للإنسان في بناء المدينة الأرضية, ومن هنا المصيرالفاجع المأساوي الذي أحاق بمدينة الذهب ((تمكبتو)) ومثيلتها ((واو)) التي حلم السلطان "أناي" بتشييدها في نقطة تقاطع طرق القوافل في الصحراء الكبرى.

- إذ تعيد رواية ((المجوس)) طرح الأسئلة الخالدة عن معنى الوجود والمغامرة الإنسانية والمصير والسلطة والحضارة والجنس والموت مستخدمة عالم الطوارق - المعقد والغني رغم بساطة حياتهم - بمثابة مادة قصصية وتخييلية, فإن لها الحق - وهذا ما سيكتشفه القارئ - في أن تمثل في موقع الصدارة من الأدب الروائي العربي المعاصر.

- يمكن القول أن رواياته تنتمى ادبياً إلى مجال الرومانسية الجديدة والتي تتسم بتخييل الواقع أو تغريبة إن جاز استخدام مصطلح الشكليين الروس.

- ينتقده البعض انه اسير الرواية الصحراوية بعناصرها المتكررة إلى درجة الملل، وانه انحاز إلى الصحراء واهلها الطوارق إلى درجة النكران، نكران عناصر أخرى هامة في حياته، خاصة وانه عاش بعيدا عن الصحراء أكثر مما عاش فيها.

- انه يحمل في سرده هموم التذكر العميق منذ طفولته و يستعرض الصحراوي وهو( يعيش العمر كله يمشي خلف الدواب) انه يبتكر لنا رؤية لمعاناة نتخيلها ولا نعرفها عن سكان الصحراء والطوارق وصراعهم وسط الرمل.

- أن رواياته تستقصي - حياة الصحراء، واعماق المكان حينما تكون حياة البادية رحيل دائم، ف التجلي هنا آسر، وأبعاده خليقة بالمتابعة حينما ترى قبائل الطوارق وهم اهله وقبيلته المنتشرة .. يقطعون الصحراء بحثاً عن حلم يعيد للحياة بريقها، ذاك الحلم المرتبط بالماء دائماً. اذ لا تخلو روايات الكوني من هذا الهاجس الإنساني في البحث عن الماء ..

- أن صدور ملحمته "المجوس" مترجمة الى الفرنسية من قبل أثار ردود فعل واسعة في الصحافة الأدبية .. حيث صوره الملحق الأدبي لليبراسيون انه مثل نبوءة جديد ة يظهر وسط الصحراء في صورة الروائي الذي يحمل ذاكرته المثقلة بالمعرفة والتذكر .

- يميل الى الكتابة الاستشرافية فهو يرى في روايته نزيف الحجر بأن الخلاص سيجيء عندما ينزف الردان المقدس ويسيل الدم من الحجر. حيث تولد المعجزة التي ستغسل اللعنة، وتتطهر الأرض ويغمر الصحراء الطوفان.

- يقوم عمله الادبي الروائي على عدد من العناصر المحدودة، على عالم الصحراء بما فيه من ندرة وامتداد وقسوة وانفتاح على جوهر الكون والوجود. وتدور معظم رواياته على جوهر العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة الصحراوية وموجوداتها وعالمها المحكوم بالحتمية والقدر الذي لا يُردّ.

ايوب صابر 02-11-2013 03:48 PM

اهم العناصر التي اثرت في حياة ابراهيم الكوني وصنعت عبقريته:

- ولد بغدامس - ليبيا عام 1948. أنهى دراسته الابتدائية بغدامس، والإعداديةبسبها، والثانويةبموسكو، حصل على الليسانس ثمالماجستير في العلوم الأدبيّة والنقدية منمعهد غوركى للأدب بموسكو.1977

- ينتمى إبراهيم الكونى إلى قبيلةالطوارق (الامازيغ) وهى قبيلة تسكن الشمالالافريقى منليبيا إلىموريتانيا كما تتواجد فيالنيجر، وهذة القبيلة مشهورة بأنرجالها يتلثمون ونسائها يكشفون وجوههم.

- هجر العالم العربي منذ كنتصغيراً. التحقت للدراسة بروسيا في فترة مبكرة.
- يقول ابراهيم الكوني عن اغترابه...أن الإنسان لا يغترب عبثاً... الإنسان يغترب حاملاً بقلبه رسالة ما، وليس من الصدفةأن كلّ أصحاب الأفكار العظيمة، منذ بداية التاريخ حتى الآن هم أناس مغتربون. كما يمكننا ان نستدل بالرسل، الرسل أيضاً كانوا مغتربين، كلهم كانوامهاجرين.

- يرى بأن القدر حمله رسالة ...ويقول "عندما تختار أنت رسالة ما، لا بد أن تختارك هذه الرسالة أيضاً،وتنفيذ أي رسالة يحتاج إلى تقنيات دنيوية. أحد هذه التقنيات الدنيوية هي طلبالمعرفة لإيجاد وسائل أو اللغة بالمعنى المجرد، واللغات بالمعنى الحرفي، لتجسيد هذهالرسالة، أو لتمرير هذه الرسالة، أو للتعبير عن هذه الرسالة.... وانه هو حامل وناقل رسالة الصحراء.وهو لا أعتقد أنه ثمة رسالة أعظم من رسالة الصحراء التي بعثتللوجود كل الأفكار، التي ما زلنا نستنير بها إلى اليوم، ليست الديانات فقط، وإنماكل الأفكار التي صنعت الحضارة.

- كما يرى إبراهيم الكوني ان في الترحا لحرية وان الحرية هي التي تُنتج التأمل، والتأمل هو الذي يُنتج الأفكارالتي بدأت بالديانات والمعتقدات وانتهت إلى المصير البائس على أيدي أهل الاستقرار.

- إبراهيم الكوني...رى بأن الصحراء هي المكان الوحيد الذي نستطيع أننزور فيه الموت ونعود أحياء من جديد. لأنها هي نموذج للمبدأ الميتافيزيقي الأعلىوهو الحرية. الحرية بمعناها.. ليس بمعناها التقليدي، ولكن بمعناها الكانتي، المفهومالذي منحه لها كانت دائماً في جميع أعماله وهو نقيض الطبيعة. ولهذا الصحراء طبيعةوليست طبيعة، الصحراء مكان وليست مكاناً، لأنها لا تتوفرعلى شروط المكان، لأن أولشروط المكان هو إمكانية الاستقرار فيه، وإمكانية الاستقرار في المكان تشترط وجودشيء مادي وهو الماء. ولذا ترفض الإنسان، والإنسان يرفضها أيضاً، لا بد الإنسان أنيرفضه المكان ويبحث في الأفق عن مكان. هذا السباق نستطيع أن نطلق عليه الحرية. الحرية بالفعل في مبدئها الميتافيزيقي لأنها هي برزخ بين الحياةوالمطلق.

- وفي مكان آخر يقول عن الغربة: الغربة عمق، الغربةإعادة تشكيل الروح، وإعادة تشكيل الروح بحيث تعيد اكتشاف نفسك مش خارج نفسكيعني لا تعطيك شيئا من خارج ولكنها تعطيه لك تكشفه لك من الداخل من الباطن يعنيتعري لك كنوزك كنوز اللي فيك أنت مش الموهوبة لك.

- ويرى إبراهيم الكوني عن اثر الصحراء فيه ان : ما يزرع في الجينات دائما هو الأثرى وهو الأجمل وهوالأنفس، شريطة أن تستنطق الجينات كما يجب أن تستنطق لأننا كما يقول إفلاطون نحن لانتعلم عندما نتعلم ولكننا نتذكر، نستحضر نستعيد ما عشناه يوما ما. إذاً هو فيالواقع استجواب للمنسي.

- وهو يرى بأنه من أتقن استنطاقه سمعه وأدركه ولهذاالسبب يأتي الأنبياء من هناك، لهذا السبب أتى كل الأنبياء من هناك لأنها هي فيالبعد الآخر في البعد المفقود، هي في واقع الأمر تشرف على الأبدية تشرف على الموت،فيها مظهر الموت ولكن الجانب الثري من الموت.

- ويقول : ما لا تقوله لنا الطبيعة تقوله الصحراء عندما نتعامل معهافي هذا البعد ولهذا هي الأثرى على الإطلاق ولهذا كل.. لأنها هي أيضا التي تدفعك إلىحديقة التأمل التي قلنا عنها منذ قليلإنها هي ركن الأركان في التجربة البشريةالروحية.

- يرى بأن لعزلة بالذات يرجع الفضل في فوزنا اليوم بذلك الكنز النفيس الذي كان هاجس الإنسانية دائما في بحثها الدائم عن سر اللسان المجهول الذي انبثقت منه بقية الألسن الحية منها والميتة على حد سواء. وهو يرى بأن لغات اللاهوت، واللغات التي أسميها لغات الديانات سواء القديمة أو ديانات الوحي، هذه اللغات كلها تحمل مفاهيم منبثقة من لغة الطوارق، لأنها اللغة البدئية. ويقول أن اللغة البدئية يجب أن تكون ذات حرف ساكن واحد، هذا الحرف يكون كلمة، هذه خاصية موجودة في لغة الطوارق فقط ولذلك تجد كلمة في اللغة اليونانية القديمة مثلا أو اللغة المصرية أو اللغة السومرية أو إحدى اللغات المنبثقة من اللغات اللاتينية كلمة واحدة هي في الواقع جملة في لغة الطوارق هي جملة تفسرها تفسر مضمونها، ولهذا..


- في رده على سؤال من الصحفي سامي كليب: تبدو أنك تضع نفسك أيضا في مكان يقارب أمكنة المرسلين، أنك تكشف أسرارا أنك تتحدث عن إبراهيم الكوني وكأنه يريد أن يقول للإنسانية جمعاء سرا لم يعرفوه، يريد أن يبشر بشيء جديد ؟. يرد الكوني بقوله: لا أعرف عما إذا كان هذا خطيئة أم أنه قدر؟ هل المعرفة، المعرفة نعرف.. نحن نعرف من الديانات السماوية أن المعرفة عموما خطيئة فأن تعرف دائما أنت متهم وأنت مدان وأنت معرض للقصاص، هذا حدث للرسل أيضا وحدث لكل أصحاب الأفكار العظيمة، سقراط حكم عليه بالإعدام ظلما، وغير سقراط.


- يشعر الروائي والمفكر الليبي إبراهيم الكوني بأنه حامل رسالة، وهو يعيش تقشفا يقارب التصوف حتى ولو أنه ينعم برفاه الحياة في هذه الجبال المكللة بالثلوج والهانئة والباعثة على الطمأنينة والفرح والانسجام الداخلي، وفي التقشف والوحدانية والانعتاق والعزلة ثمة أسئلة عن الإنسانية وثمة نقمة على من يخرق قوانين الطبيعة أو نواميسها.

ايوب صابر 02-12-2013 10:22 PM

أهي الصحراء يا إبراهيم؟

واضح جدا أن إبراهيم الكوني يرى نفسه حامل رسالة، هو يقول أنها رسالة الصحراء.

وعمله الأدبي الروائي في مجمله يدور في محيط وفلك الصحراء بما فيه من ندرة وامتداد وقسوة وانفتاح على جوهر الكون والوجود.

والموت كما يراه الكوني رفيق الصحراويين، ويرى بان الصحراوي يعيش حياته وكأنه في رحلة عبور دائم إلى الموت...غرقا أو ظمأ أو ذبحا أو خنقا..لكن تباشير الحياة تلوح فوق ركام الجثث وسواقي الدم والحلوق الظمآنة، تلوح على هيئة الرحيل، رحيل رجل وامرأة بقيا فوق الأشلاء حسب ما ورد في روايته "المجوس".

وهو يرى بأن الصحراء هي السر فيما وصل إليه هو من قدرة على ألحكي الجميل، والمؤثر، وامتلاك اللسان، والمعرفة، وغزارة الإنتاج.

بل هي السر في وصوله إلى تلك المرتبة السامية، حيث يضع نفسه في مكان يقارب أمكنة أصحاب الأفكار العظيمة، والمرسلين، الذين عانوا اشد العناء،لأنهم امتلكوا المعرفة.

وما هو في ذلك إلا واحد من مجموعة الرسل الذين أتوا من هناك، من قلب الصحراء، كما يقول.

ذلك لان الصحراء هي في البعد الآخر من البعد المفقود، هي في واقع الأمر تشرف على الأبدية ..على الموت..فيها مظهر الموت ولكن الجانب الثري من الموت، كما يقول.

لكن حامل هذه الرسالة، إبراهيم الكوني، يظهر هذه المرة على صورة راوي ينقل للبشرية رسالة الصحراء.

وهو لا يستغرب أن يتعرض لما تعرض له أمثال أولئك الرسل،لأنه مثلهم امتلك المعرفة، والتي يُنظر إليها على أنها خطيئة، وهي دائما تعرض صاحبها إلى الإدانة والقصاص...ومنهم من قتل مثل سقراط.

وهو يرى بأنه يبشر بشيء جديد لم ولا تعرفه الإنسانية، بل ويريد أن يقول للبشرية جمعاء أسرار لم يعرفوها من قبل، مثله مثل باقي الرسل.

ويرى بأن ما أوصله لتلك الحالة إنما هو الصحراء، في بيئتها الاثرى، والأجمل والأنفس، فهي التي منحته القدرة على استنطاق الجينات، أو ربما استحضار ما هو موجود في بحر المعرفة، ومنسي هناك في الذاكرة، وما كان ليخرج إلى حيز الوجود على شكل حكايات وروايات جميلة، تروي قصة الوجود، والفردوس المفقود، إلا لان الصحراء في بيئتها الثرية والقاسية جعلت ذلك ممكنا.

ذلك لان الصحراء تدفعك إلى حديقة التأمل، والتأمل هو ركن الأركان في ألتجربة البشرية الروحية ، كما يقول.

وكذلك الترحال الدائم في الصحراء الشاسعة فهو نبع آخر من منابع الحكمة والمعرفة.

لان في الترحال حرية وفي الحرية تأمل، والتأمل هو الذي ينتج الأفكار.

لكن الصحراء لم تكن مصدر الإلهام الوحيد لإبراهيم الكوني.

فالغربة والاغتراب مصدر آخر للإلهام عنده، مثله في ذلك مثل حملة الأفكار العظيمة منذ بداية التاريخ وحتى الآن.

لان في الغربة كما يقول عمق.. وفي الغربة إعادة تشكيل للروح...بحيث يعيد الإنسان اكتشاف نفسه.

أي أن الغربة لا تعطي الإنسان شي من الخارج، لكنها تكشف له كنوزه الباطنية.

وهو يرى بأن الإنسان لا يغترب عبثا، أو صدفة، بل إن الإنسان يغترب حاملا بقلبه رسالة ما، ويستدل على ذلك من جديد بالرسل الذين عاشوا الهجرة والاغتراب.

فالصحراء بثرائها وقسوتها، ثم الغربة في وحشتها، والتي هي صحراء من نوع آخر، صحراء الروح، هي قدر إبراهيم الكوني كمايقول..ذلك لان القدر أراد له أن يحمل رسالة ما.

وهو يرى بأن للعزلة بالذات يرجع الفضل للفوز بذلك الكنز النفيس، الذي هو حتما كنز المعرفة والإبداع، وربما أن هذا هو السبب الذي دفعه للعزلة في قمم جبال الألب، صحراء الثلج هذه المرة، ربما ليختبر ما اختبره الفيلسوف نيتشه أبو الوجودية والذي اعتزل الناس لسنوات ثم عاد لهم حاملا رسالة الزردشتية الجديدة والتي احتوها كتابه " هكذا تكلم زردشت" والذي يستنطق نيتشه فيه نبي الزردشتية ليوصل لنا رسالته الوجودية.

وربما جاءت عزلته ليعيش طقوسا هي أشبه بطقوس الصوفية لعله يصل إلى الإلهام الصوفي ويمتلك المعرفة.

وقد جاء امتلاكه لتقنيات السرد الجميل، لتنفيذ تلك الرسالة. لان كل رسالة، كما يقول، تحتاج إلى تقنيات دنيوية، ليكتمل استنطاق واستحضار ما كمن في الذاكرة، وليتمكن حامل الرسالة من أن يغرف من كنوز المعرفة الباطنية.

فكان سعيه لامتلاك أدوات استنطاق واستحضار المعرفة. كما أن إتقانه إلى اللغة بل اللغات، إنما جاء وسيلة لتجسيد هذه الرسالة، أو لتمرير هذه الرسالة، أو للتعبير عن هذه الرسالة، التي مصدرها كنوزه الداخلية، الباطنية، والتي تكشفت له، لان قدره دفعه إلى حديقة التأمل، حيث أنبته في الصحراء ليعيش أول عشرسنوات من حياته، تلك الصحراء التي يرى بأنها المكان الوحيد الذي يستطيع الإنسان أن يزور فيه الموت، ويعود حي من جديد، ثم دفعة قدره إلى صحراء الغربة ليعيش في عزلة وتأمل من نوع ثاني وحتى هذه اللحظة.

تلك الرسالة هي رسالة الصحراء كما يقول. وانه هو حامل وناقل رسالة الصحراء، التي يراها عظيمة، بل هو يرى انه لا ولم يكن هناك أعظم من رسالة الصحراء..

ذلك لأنها بَعثت إلى الوجود كل الأفكار، التي ما زالت البشرية تستنير بها إلى اليوم، ليس الديانات فقط، بل كل الأفكار العظيمة التي صنعت الحضارة.

يتبع،،

ايوب صابر 02-13-2013 02:41 PM

تابع ،،

لكن السؤال الذييطرح نفسه: هل فعلا أن الصحراء بقسوتها هي التي صنعت إبراهيم الكوني، وأهلته لاستنطاق واستحضار بحر المعرفة الباطنية؟

هل فعلا كانت الصحراءالتي اختبرها إبراهيم الكوني في طفولته المبكرة، واختبر فيها حياة الشقاء والترحال والموت بعينه الذي يظل هاجس الصحراوي في بحثه الدائم عن الماء هي التي صنعت عبقريته؟

وهل ظلت الصحراء بتجاربها بالغة القسوة حد الموت تلك، تسكن عقل وقلب الكوني، حتى وهو يحط رحاله في جبال الألب، وتحيط به الثلوج من كل صوب وحدب في معظم أيام السنة، ليظل ينهل منها كل ما نطق وكتب؟

وهل كانت صحراء الروح: الغربة، والعزلة، والتأمل، امتدادا لصحراء الواقع؟ مما عزز دور الصحراء في صناعة إبراهيم الكوني وتأهيله لاستنطاق ما كمن في الذاكرة، واستحضار ما كان منسيا في بحر المعرفة الباطني؟

الصحيح انه لا احد ينكر دور البيئة بشكل عام في التأثير وامتلاك المعرفة، واكبر مثال على ذلك ما وصلنا عن قصة سيدنا إبراهيم الخليل مع الكواكب والشمس والقمر...فقد تأمل سيدنا إبراهيم الخليل بهذه الآيات الكونية وكانت سببا في امتلاكه للمعرفة العقلية.

ولا شك أن للبيئة الصحراوية بشكل خاص، خصوصية في التأثير...ذلك لان الصحراوي يعيش حياته وكأنه في رحلة عبور دائم إلى الموت.

ولطالما اشتهر الصحراوي بفراسته والتي هي تعبير عن حدة ذهنية ومقدرة معرفية هائلة. وقد ظلت هذه السمة ملاصقة للصحراوي ومقترنة به، إلى أن هجر الصحراء وحياة الترحال وبدأ يعيش حياة الاستقرار، وفي ذلك ما يشير إلى أهمية الصحراء في الوصول إلى المعرفة.

لكن كيف نفسر عبقرية...أولئك الذين لم يختبروا حياة الترحال إلى الموت عبر فيافي الصحراء وقلبها الملتهب؟

وهل عاش كل أصحاب الأفكار العظيمة في قلب الصحراء الواقعية واختبروا بيئتها القاسية؟

أم أن لصحراء الروح ما يكفي من التأثير لخلق العبقرية في مناطق الاستقرار وفي مناطق السهول وقمم الجبال؟

الجوب حتما لا!

مما يقودنا إلى الاستنتاج بأن عنصر التأثير الذي يخلق العبقرية ويوصل إلى المعرفة والحكمة لابد أن يكون شيء آخر حتما!

شيء يؤثر في الناس ويشحذ عقولهم ويستنفر قلوبهم على الرغم من بيئتهم الجغرافية!

شيء ربما يوجد في الصحراء بوفرة فوق عادية! فلذلك تكون البيئة الصحراوية غير عادية في تأثيرها، في صناعة العبقرية، وامتلاك المعرفة!

ولو أننا دققنا في سيرة حياة أصحاب الأفكار العظيمة، بغضن النظر عن بيئتهم الجغرافية، لوجدنا أنهم يشتركون في معظمهم بتجربة واحدة يبدو أنها هي التي تفجر أبواب المعرفة الموصدة في الدماغ .

وهذه التجربة هي الموت دائما!

يتبع،،

ايوب صابر 02-14-2013 03:52 PM

نعم انه الموت دائما، وابدأ، وفي كل مكان وزمان.


سواء كان ذلك في السهلأو الجبل أو البحر أو ألواد أو حتى في قلب القطب المتجمد وليس فقط في قلب الصحراء الملتهب.


انه الموت دائما وأبدا.

وهو الباعث، والمحرك، والمزلزل، والمسبب، والمفجر، والمؤثر في توليد النصوص الإبداعية خاصة عند أصحاب الأقلام العبقرية والأفكار العظيمة.

هو الموت الذي يفجر براكين الحزن والألم في ثنايا الدماغ على اثر وقوعه، ومن هناك، وكنتيجة لذلك تتولد طاقة البوزيترون اللامتناهية وغير محدودة القوة، فيعمل الدماغ على غير شاكلته، ويصبح قادرا على توليد نصوص عبقرية فذة تكون أحيانا مذهلة ولها وقع السحر.

وما الميل إلى العزلة والتأمل والتقشف والصمت والانطواء الخ...إلا هزات ارتدادية، تأتي في اثر ذلك الزلازل الكارثي الذي يقلب كيان الإنسان رأسا على عقب، فيزداد ارتفاع منسوب الطاقة الدماغية ويزداد نشاطه وقدرته على توليد النصوص.

وهي أيضا مؤشرات لحجم الزلزال الذي أحدثه الموت وقوته.

والموت هو حتما العامل المشترك الأعظم، والوحيد عند كل الذين ولدوا أفكار عظيمة في كل مكان وزمان.

ونجد أن للموت اثرٌ أعظم على ذهن الإنسان إذا ما تكرر، وكلما بَكّرْ.

ولو أننا دققنا في سيرة حياة أصحاب الأفكار العظيمة، والأصيلة وغير المسبوقة، لوجدنا أنهم في معظمهم أيتام في سنوات العمر المبكرة جدا.

ويكون أعظم اثر للموت إذا ما وقع خلال التكوين.

ولا نكاد نجد مبدعا ولد أفكارا عظيمة للإنسانية إلا وكان قد ذاق مرارة اليتم في طفولته المبكرة، وفي الغالب يكون قد فقد الأب قبل الولادة، ثم ما لبث الموت أن أعاد الكرة فخطف الأم بعد ذلك بسنوات قليلة.

ومثلا من الذين يأخذ عنهم إبراهيم الكوني ويبدوانه قد تأثر بأفكارهم العظيمة نجد أن أفلاطون، صاحب نظرية الظلال، يتيم الأب في الطفولة المبكرة.

كما أن الفيلسوف مانويل كانت يتيم الأم في سن الثالثة عشره، ومات أبوه وهو في سن الثانية والعشرين.

أما نيوتن مثلا والذي يلقب بابو العلوم كلها تقريبا فكان يتيم الأب قبل الولادة وفقد الأم لاحقا بعد أن تزوجت من شخص آخر وتركته وحيدا.

كما أن الرسل جميعا بشقيهم الأرضيين والسماويين كانوا اشد الناس ابتلاء، وجاءوا من بين الأيتام وكان يتمهم مبكرا. ومن بينهم كان أولي العزم جميعهم من دون أب منذ التكوين وما قبل الولادة.

وان كان للصحراء كمنطقة جغرافية أثرا واضحا في خلق العبقرية، وامتلاك المعرفة، حسب رأي إبراهيم الكوني، فأن ذلك يعود وينحصر في إنها الوجه الأخر للموت.

فالصحراوي إنسان ميت مع وقف التنفيذ... ولا بد أن إبراهيم الكوني كان قد اختبر الموت وقسوته وسطوته في سنوات عمره المبكرة. تلك السنوات العشرة الأولى التي أمضاها في الصحراء، قبل أن يهاجر إلى صحراء الثلج ويحط رحالة في قمم الجبال يحيطه الثلج من كل مكان.

ولا بد انه كان في كل لحظة من لحظات عمره تلك واحدا من العابرين إلى الموت كما يقول هو في وصفه لحياة سكان الصحراء.

وفي ظل غياب تفاصيل عن طفولته المبكرة وأسباب هجرته إلى بلاد الثلج في تلك السن المبكرة، نقول يبدو أن الموت اختطف والديه في إحدى رحلات العبور تلك..

أوانه شاهد الموت وركام الجثث هناك في أكثر من موقعه وبأم عينيه...فتزلزل كيانه في سن مبكرة، وهو ما فجر في ثنايا دماغه طاقة هائلة جعلته يعمل بصورة استثنائية.

ذلك هو التفسير الوحيد لقدرته الهائلة والاستثنائية على السرد الجميل والغزير.

وما شعوره بأنه يحمل رسالة للإنسانية، ومحاولته لإعادة كتابة التاريخ، وميله إلى الكتابة الاستشرافية، واتقانه لعدة لغات، وغزارة انتاجه، وكل ما إلى ذلك من ملاحم العبقرية، إلا مؤشر على عمق ومرارة تجربته مع الموت...

ولا شك أن تجاربه الحياتية في مثل تلك البيئة القاسية في سنوات عمره العشرة الأولى، والتي أمضاه اإبراهيم الكوني في قلب الصحراء الملتهب عابرا إلى الموت أعظم الأثر عليه.

فقد شكلت تلك التجارب صندوقه الأسود، الذي ظل ينهل منه، كل ما كتب، كل هذه السنوات، وسوف يظل ينهل منه حتى الرمق الأخير. مثله في ذلك مثل غيره من أصحاب الأفكار العظيمة والقدرات العبقرية والذين نجد أن جل ما يكتبوه كان مصدره ذلك الصندوق الأسود الذي يشتمل على تجارب الطفولة المأساوية والتي تترك بصمتها على الشخصية كما يقول علماء النفس، وهي التي تصنع ما يكون عليه الانسان في بلوغه.

ويبقى أن نقول بأن الذي صنع عبقرية إبراهيم الكوني ليس الصحراء بل هو الموت.


انتهى،،

ايوب صابر 02-17-2013 04:28 PM

في هذه المقابلة او الخبر الصحفي نتعرف اكثر على ابراهيم الكون الانسان وحامل الرسالة:

==
الكوني ينهي مذكراته قريباً .. و"الورم" نبوءة الربيع العربي

عن موقع ايلاف
gmt 10:39 2011 الإثنين 26 ديسمبر :آخر تحديث

يعزو الروائي الليبي إبراهيم الكوني سبب مصادرة كتبه إلى عدائه الشديد للإيديولوجيا عندما يتعلق الأمر بالعمل الإبداعي. ويؤكد الكوني الذي كان يتحدّث في مداخلة اختتمت النشاط الثقافي ضمن فعاليات معرض الدوحة الدولي الثاني والعشرين للكتاب أن روايته "الورم" اعتبرت في العالم "نبوءة الربيع العربي".
عبير جابر من الدوحة: كشف الروائي الليبي إبراهيم الكوني عن قرب انتهائه من كتابة مذكراته التي تحمل خلاصة تجربته وتعالج إشكالية "الهويات المتعددة المركبة في هوية الذات التي تستوعب العالم وتستوعب أيضاً هوية المكان" الذي يتلخص في حالته بالصحراء الكبرى.
كلام الكوني جاء في محاضرة تحت عنوان "التجربة الروائية في ظل تغريب الهوية"، اختتمت النشاط الثقافي ضمن فعاليات معرض الدوحة الدولي الثاني والعشرين للكتاب، أكد فيها أن "التجربة الروائية لم تكن بالنسبة لي ذات اغتراب في هوية واحدة، لكنها كانت اغتراباً مركباً من ثالوث هويات هي الهوية الإنسانية والهوية الوطنية والهوية الأقلية العرقية".
وأكد الكوني أن مأساة الثقافة العربية والعقلية العربية المعاصرة اعتبارها أن "كل ما لا يُؤدلج ليس أدباً ولا يقرأ" مبدياً أسفه لطغيان هذا الأمر"، مشدداً على أن "ما دمر الأدب العربي المعاصر هو الخطاب السياسي الخاوي والعاجز واللاأخلاقي"، معتبراً أن هذا الخطاب لن يغير الواقع مستدللاً على أن روايته "الورم" التي لم يلتفت لها العالم العربي نهائيا منذ أربع أو خمس سنوات اعتبرت في العالم "نبوءة الربيع العربي".
سؤال الهوية في الرواية
اعتبر الكوني في محاضرته أنه "بالنسبة لأي مبدع في هذا العالم من هوميروس حتى الآن، السؤال الذي يُطرح في بداية أي تجربة هو: "من أنا؟ وإلى أين أنا؟" أي أن السؤال سؤال الهوية وهو سؤالوجودي ذو طبيعة دينية، لأن لا أحد يكتب لمجرد التسلية، ولا يكتب الإنسان إلا لألم وجودي".
لافتاً إلى أن هذا "يطرح سؤال موقع الذات من العالم "من أنا بالنسبة إلى الآخرين؟ ومن هم بالنسبة لي؟" هل هم جحيم كما يقول سارتر أم هم ما لا غنى عنه كما قال قديسون عاشوا تجربة الاغتراب عن الآخر".
ورأى أن "السؤال الأول هو هوية الإنسانية لأن أي مبدع عندما يبدع ويكتب رواية فإنما يطرح سؤالاً ميتافزيقياً ذا بعد ديني، هو سؤال خارج الواقع رغم أنه يتحدث من خلال الواقع، الذي هو هنا ليس سوى استعارة" مستشهداً بقول القديس بولس "نحن لسنا معنيين بما يُرى، لكننا معنيون بالأشياء التي لا تُرى. لأن الأشياء التي تُرى حقيقية أما التي لا تُرى فأبدية".
ولخص الكوني السؤال في أي عمل روائي "بأنه سؤال غيبي، سؤال الحقيقة. وأي نص أدبي لا يبحث في مسألة الحقيقة هو عمل من قبيل التسلية. وهو مسألة أخرى لا علاقة لها بالإبداع".
وتوقف الكوني عند الإلياذة كأول عمل شعري في التاريخ مستشهداً بالأسئلة التي طرحتها وأبرزها "سؤال هوية الإنسان في الوجود، لذا كانت هذه الرواية وثيقتنا الوحيدة لمعتقدات قدماء اليونانيين. وكل ما كتب عن إيمان الشعب اليوناني هو في الإلياذة والأوديسة كجزء ثان منها".
واستعاد أيضاً تجربة شعب سومر في بلاد ما بين النهرين، متوقفاً عند "ملحمة غلغامش" الشهيرة التي طرحت سؤال موقع الإنسان في هذا العالم وهو سؤال غيبي وجودي في حقيقة دينية.
واعتبر أن الملحمة طرحت "السؤال عن الهوية الإنسانية أو الهوية الإلهية للإنسان، لأنه أول مرة يطرح السؤال حول خلود الإنسان قبل طرحه في الكتب السماوية، وكل ما ورد في سفر التكوين والكتب السماوية الأولى مستعار من هذه الملحمة الدينية ذات البعد الوجودي. السؤال المركزي المطروح في الملحمة هو الخلود وعبث البحث عن الخلود لأن رحلة غلغامش إلى العالم السفلي هي استعارة لرحلة الإنسان أي منا في هذا الوجود الذي يبدأ من الميلاد الى الممات أو يبدأ من الممات إلى الممات لأن ما قبل مجهول وما بعد مجهول". ولفت إلى أن المصريين القدامى بحثوا أيضاً عن خلود الروح.
الإنسان قضية القضايا
هذه الأسئلة هي الأسئلة الكبرى التي يطرحها أي عمل روائي في مجال واحد هو الهوية الإنسانية كما يؤكد الكوني الذي يمتلك في رصيده أكثر من ستين عملاً روائياً.
"لأن هذا الإنسان الجالس أمامكم الآن قبل أن يكون روائياً وقبل أن يكون متحدراً من قبائل الصحراء الكبرى وقبل أن يكون ليبياً هو إنسان، وكونه إنساناً هو لغز الألغاز وقضية القضايا بالنسبة إلى الروائي. إذا لم يتناول أي عمل من أعمال الفنون هذه القضية لا فرصة له".
ويلخص الكوني فكرته بأن "الهوية الميتافيزيقية للمخلوق البشري الذي هو مقياس كل الأشياء كما يقول قدماء اليونانيين هي قضية القضايا ومشكلة المشكلات في الوقت نفسه لأنها بلا حل ومنها ينبثق السؤال: البحث عن الحقيقة".
بعد هذا السؤال لا بد أن يطرح سؤال الهوية الوطنية، وعن سبب ارتباط السؤالين يقول الكوني "ليرد الروائي على السؤال الأول يفترض وجود واقع، لأنه يستحيل التعبير عن مشكلة لغزية الإنسان دون أرضية. فعالمنا عالم استعارات ولا بد من خلقه هذا الواقع إذا لم يوجد وهذا ما فعله أدباء كثيرون في العالم"، لكنه يؤكد أن "الواقع لا يعني التعبير عن الواقع كواقع".
المبدع والواقع
إنطلاقاً من تجربته الشخصية مع الغربة، تناول الكوني ما يواجهه من أسئلة طاردته خلال الأربعين سنة الماضية "كل الأسئلة التي أواجهها هي كيف يتسنى لمبدع يعيش بعيداً عن واقعه الوطني أن يعبر كل الوقت ويصبح التعبير هاجسه. يسألونني ألا تشعر بجوع نحو الواقع والمجتمع؟ ويتكرر السؤال دائماً". وثمن المفهوم الأوروبي مثلاً الذي "يعتبر المبدع يعبر عن الواقع الحقيقي، بل هو يعبر عن ظل الواقع عن الواقع الذي يخفيه الواقع، عن الواقع الذي يتشكل من خلال التعبير عن الواقع كواقع".
ويشرح الكوني تركيبة الواقع "هناك واجهة هي البيئة أو الطبيعة، وهناك جانب ثقافي هو وجود الإنسان في الطبيعة. وهناك بعد ثالث هو الحلم في إعادة صياغة هذا الواقع. الحلم ينشغل بالبعد الأول بهوية الإنسان الدينية بالخلود أو الفناء، هل نحن فانون بالروح؟"
ويضيف "من هنا إشكالية التعبير عن واقع المبعد خارجه لذلك عندما يعبر كافكا يعبر عن ظلال الواقع وظل الواقع يعني روح الواقع أو البعد المفقود له. وهذه هي المركزية والشرط لكل عمل ابداعي"، إذن هذا الشرط بحسب الكوني "هو البعد الذي يهب العمل الابداعي عمقاً، فلا عمل إبداعيا دون الإيحاء بأن هناك عالما آخر وراء العالم ونصا خلف النص ووجودا وراء الوجود، لذا تستهوينا الأعمال الكبرى لأن البعد الغيبي في الواقع هو المقياس لجودة العمل أو رداءته، وهنا تكمن الفروسية".
تساءل الكوني لماذا ينوه النقد الأوروبي والأميركي وحتى الياباني بحضور الصحراء الكبرى بقوة في رواياته، بينما لا يفعل النقد العربي ذلك بل يتجاوزها؟ طارحاً علامة استفهام أخرى حول إمكانية أن يكون هذا "قصوراً من النقد العربي؟" موضحاً أنه لا يملك أي إجابة.
واسترسل في إيضاح وجهة نظره مدافعاً عن رواياته وصحرائه "لأن المهم ليس إذا عشت الواقع أم لم أعشه لكن كيف عبرت عنه، فإذا عبرت كما ينبغي يعني أني عشته عشرات المرات أكثر من الذين عاشوا هناك، فلماذا لا يوجد أدباء في ليبيا أو في العالم عبروا عن الصحراء؟".
ويصل الكوني مع الحضور إلى نتيجة أن القضية "ذاتية وتمرّ بالقلب. وإلى جانب القلب هناك التقنية والمعارف ومن أراد المعرفة فليتعلم اللغات". ويشدد على أنه في أعماله "عشت الواقع أكثر من الذين يعيشون في الواقع لأن المسألة هي في القدرة على تحويل الواقع رمزية وتحوله إلى رموز ونماذج. فهذا مقياس معايشة الواقع، فالسهل يُرى من بعيد، أما في وسط السهل فلا يراه الإنسان".
فيلسوف الصحراء المغترب
يسترجع الكوني في رواياته واقع الصحراء الكبرى على الرغم من أنه عاش فيها لفترة قصيرة، وهو يؤكد أنه عاش واقع هذه الصحراء "عشت الواقع، عشت الصحراء الكبرى لكني طردت منها مرغماً مجبراً بعد التفجير النووي الفرنسي عام 1957، في ذلك الوقت تحولت الصحراء الكبرى صحراء كبرى، وهذا أمر لا يعرفه الكثيرون، فالكارثة البيئية الكبرى بعد التفجيرات الفرنسية التي انتهت في العام 1965 لعبت دوراً كبيراً في إبادة ليس فقط البشر بل الحيوانات والنباتات وكل شيء، لذلك هاجرنا مضطرين إلى الواحات".
لم يتوقف الإغتراب الذي اختبره الكوني عند حدود الواحات بل وصل به إلى موسكو حيث تابع دراسته الأكاديمية في معهد غوركي للأدب، لكن الأسباب هذه المرة كانت مختلفة وعنها يقول "اغترابي من ليبيا إلى موسكو كان أيضا إجبارياً، أول كتاب صودر بعد ثورة القذافي في العام 1970 كان كتابي "نقد الفكر الثوري" ثم تتابعت مصادرة كل كتبي تباعاً".

ايوب صابر 02-18-2013 10:22 AM

لا مكان للأدلجة في الإبداع
يعزو الكوني سبب مصادرة كتبه إلى أن "خطابي ليس سياسياً، ولست معنياً بالسياسة أساساً، لأني معاد للأدلجة، وللإيديولوجية في العمل الإبداعي".
ويوضح أن طريق هذا أوجد "فصولاً مجهولة من حياتي لا يعلمها أحد، وسيعرفها الكثيرون عندما انتهى قريباً من كتابة مذكراتي التي هي ليست مذكرات بالمعنى الحرفي لكنها محاولة للتعبير عن هذه التجربة وعن هذه الإشكالية إشكالية الهويات المتعددة المركبة في هوية هي الذات التي تستوعب العالم وتستوعب أيضاً هوية المكان".
ويرى الكوني أن هذه الغربة هي التي جعلت "حضور ذلك المكان الذي هو وطني وهو الصحراء الكبرى هو حضور ميتافزيقي موجود بقوة في رواياتي". مشدداً على أهمية الإستعارة ووجود "أدب إنساني إستعاري".
كما عبر عن أسفه "لسيطرة الخطاب الإيديولوجي على السرد العربي المعاصر"، معتبراً أن "ما دمر الأدب العربي المعاصر هو الخطاب السياسي، وهو خطاب خاوٍ وعاجز ولا أخلاقي يعالج مسألة لا أخلاقية". لافتاً إلى أنه "لا عمق في الإيديولوجيا، ولا في السياسة، فهي نظام اختلقه الإنسان لينظم عمل الجماعة وتحول لأخطبوط صادر روح الإنسان دون أن يدري" معتبراً أنه "عندما نستبدل الخطاب الإبداعي بالخطاب الإيديولوجي فإننا ننتصر للشيطان على حساب الربوبية".
"الورم".. نبوءة الربيع العربي
يرى الكوني أن "الخطاب السياسي والمباشر أو التناول الفج لن يغير الواقع بدليل أن الرواية التي لم يلتفت إليها نهائيا في العالم العربي منذ العام 2007 هي روايته "الورم" لكن عندما ترجمت إلى لغات العالم باتت الندوات تعقد حولها، واعتبروها نبوءة الربيع العربي. لكن هل هي رواية سياسية مباشرة؟ يطرح الكوني هذا السؤال ليؤكد بعده أنه عندما قرأها أحد النقاد قال "إنه فاوست العالم العرب".
ويوضح الكوني أن الرواية "ليست خطاباً سياسياً أو ايديولوجياً، هي ضمناً سياسية"، مستطرداً "تحت كلمة ضمناً أضع ألف خط أحمر، وهي ضمناً إيديولوجيا لأن هناك الخطاب المباشر الفج وهو ليس أدباً، وهناك الخطاب الاستعاري الضمني". كما استغرب فكرة أن "كل ما لا يؤدلج ليس أدباً ولا يقرأ" مبدياً أسفه لأن "هذه مأساة الثقافة العربية والعقلية العربية المعاصرة وبكل أسف هذا الجانب يطغى ويزداد طغياناً بدل أن يضمحل".

ايوب صابر 02-18-2013 01:01 PM

تابع،،

الصحراء اول ساحة شهدت ميلاد الثقافة
من هنا تأتي الصحراء "التي لم تقول كلمتها في تاريخ الآداب" كما يرى الكوني معتبراً أنها "العالم الذي كان ولا يزال مغترباً، كان أدب الصحراء غائباً أو مغيباً رغم أن الصحراء هي أول ساحة شهدت ميلاد الثقافة من خلال النبوءة".
ويعزو الكوني ذلك إلى كون "الصحراء لا تهب إلا التأمل والحرية التي تنجب التأمل، ومنذ انقسم المجتمع البشري إلى قسمين راحل ومستقر. أصبحت الصحراء منفية بطبيعتها لأنها كفت أن تكون مكاناً".
ولأن "المكان له شروط منها توفر المياه" كما يوضح الكوني مسترجعاً القول "عسير أن يهجر المكان ذلك الإنسان الذي أقام إلى جوار النهر".
ويؤكد بالتالي أن "النهر هو وتد وهو خالق الحضارة وهو حجة الحياة ولكن في الوقت ذاته هو وتد العبودية شئنا أم أبينا".
ويستطرد الكوني في شرح مفهومه للترحال "هذا الانسان لا يملك إلا أن يرحل وأن يتحرر ويمارس الحرية في كل مكان، هو في عبور وفي اللا مكان وهذا يحقق الحد الأعلى للحرية". ما يجعله "كإنسان لا يملك إلا أن يتأمل، والتأمل هو الذي أنجب النبوءة، وهو الذي أنجب السؤال الأول حول خلود الإنسان من عدمه. لذا نجد كل الديانات التوحيدية تأتي من الصحاري".
ويضيف "الصحراء كانت شرطاً للنبوءة والتنسك والتدين، لذا عندما ينتمي إنسان إلى الصحراء ليس عليه أن يطمع بأن يكون روائيا. فضلا عن كونها ملجأ لمن أراد أن يؤكد وجوده الديني والروحي". معتبراً أن "هذه هي المفارقة لأن النظريات تقول إن الرواية عمل مديني، ويستحيل أن تولد في الصحراء". ويكمل الكوني شارحاً سعيه لنفي هذه النظرية "فهذا السؤال يؤرقني منذ تلقيته على يد أساتذتي وقررت أن أنفي نظرية أن الرواية عمل بورجوازي وعمل مديني ولا رواية خارج المدينة". واتضح للكوني بالتجربة "أن هذا ليس صحيحاً. لأن الرواية موضوعها ليس الواقع بل سؤال الوجود ومعنية بالانسان حيثما حل ومعه وجد السؤال الوجودي عن علاقة الإنسان بالماوراء ووجد اللغز وطرحت حزمة الأسئلة الوجودية والدينية".
لذا يرى الأديب الليبي أن "الحافز الأساسي لأي عمل روائي هو غيبية الإنسان، وهذا الذي يعطي عمقاً لحياة الإنسان وعنوان السعادة"، فمن لا يطرح السؤال على نفسه "ليل نهار لا يمكنه أن يكون سعيداً لأنه سؤال الحقيقة" يؤكد الكوني.
من هنا يعتبر الكوني أن العمل الابداعي "عمل صوفي مئة بالمئة"،

التكنولوجيا تعطب الذاكرة
استكمل الكوني حديثه عن علاقة الإنسان بالتكنولوجيا، معبراً عن رأيه بأن "المعلومة معادية للمعرفة، ولأن الإنترنت يقدم المعلومات والإنسان يتلقى فقط، فهو بالتالي ينسى ما يتلقاه من معلومات، ما يشوه روحه ويدنسها ويخلف بصمة عار، لأن الانسان ذاكرة والذاكرة مهما كانت عبقرية فهي محدودة وهشة وقابلة للعطب ونحن لا نعمل إلى أن نساهم في عطبها كل يوم بالتكنولوجيا". وأضاف "نحن لا يعنينا ما يجري في العالم، ونتيجة لذلك نغيّب براءتنا، فنحن لا يمكن أن نغير العالم". مستدركاً حديثه بالإشارة إلى "تغريب الكتاب ككتاب، بينما في الصحراء عندنا يعامل الكتاب كتعويذة ونص ديني أي بقداسة. والتقنية تنهي دور القداسة فتنزع عن الكتاب القداسة وتستبيحه فيتحول الى معلومة لا شأن لنا بها في واقع الأمر".
ويرى أن هذا الهوس حتى بالأخبار يعطل التفكير مستشهداً بالفيلسوف هنري تورد الذي قال في القرن التاسع عشر إن "الانسان الذي يسمع الأنباء هو كمن يفتح قلبه للقمامة. فإذا كان تبادل الأنباء في ذلك الوقت هكذا كيف به اليوم والمعلومة تقتحم حياتنا في كل لحظة ونحن نساهم في فتح الأبواب لها ونشتريها أيضاً، فيتعطل التفكير".

رسالة الروائي: الإخلاص
في رده على سؤال حول دور الروائي في الثورات والتغيير توصل الكوني إلى خلاصة مفادها أن رسالة الروائي هي "أن يكتب أدبا جيداً وأن يفعل ذلك بإخلاص وأن يبتعد عن الأوهام".

معتبراً أن "ليست مهمته قلب الواقع رأساً على عقب، فالرواية ليست رسالة انقلابية بل نص ديني هدفه وغايته الأخيرة الحقيقة".

مشدداً على أن الروائي "إذا فعل ذلك ملتزماً بقوانين الرواية والإبداع يكون قد أدى رسالته. ولا بد أن تكون هناك روح رسالية شاملة لكل شيء".

وأعطى مثالاً على ذلك دور الأدباء الفرنسيين الكبار كجان جاك روسو وفولتير في التمهيد للثورة الفرنسية "فهم لم ينزلوا إلى الشارع بل كتبوا فكراً نزيهاً تضمن الانتصار لقضايا الإنسان الكبرى".
وهذا ما حدث في روسيا أيضاً كما يشير الكوني إنطلاقاً من "دوستويفسكي وتشيخوف وغيرهم ممن كانوا يؤدون واجبهم بإخلاص"، لذا فهو يرى أن استمرارية أدبهم هي الدليل في مقابل الأدب السياسي في عهد روسيا القيصرية.

انتهى،،


الساعة الآن 02:27 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team