منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 06-03-2012 11:18 AM

الجزء الرابع من الحوار

وبعد أسبوع جاءتني آجاباته التالية

( 14) - أقمت في القاهرة في فترة تجربة صعبة وقسرية وهناك في ساحة ذلك الزمن عشت تجربة حياتية ثقافية وصحية واجتماعية، تعرفت فيها على بعض المثقفين من مصر والعالم العربي، وامتحنت فيها صداقات عديدة جديدة وقديمة وخرجت منها بالكثير من الغنائم مثل رواية "الوسمية" والكثير من الآلام النفسية والصحية. هذه التجربة لم نشهد تجلياتها في إبداعك بشكل مباشر .
فهل لنا أن نعرف شيئاً عن جوانب تلك التجربة ثقافياً واجتماعياً وابداعياً .

• - نعم .. لقد كانت تجربة مهمة في حياتي على كل الأصعدة غير أن اهتمامي بالكتابة عن عالم خاص شديد المرارة كما رأيت .. جعل رواية "الوسمية " تأخذ المكانة الحميمية الأولى وقتها، و بعد ذلك أخذت الأشياء تتوالى كتابياً في هذا البحر .
تجربة " القاهرة " لم أفكر بصورة جادة في الكتابة عنها حالياً .. لم يحن المناخ الملائم لقول كل شيء!..

( 15) - تجربة الزواج والارتباط تتحول مع الزمن إلى شكل من أشكال المؤسسات وقد خضت لهذه التجربة وارتضيت أن تقتحم امرأة تزوجتها، مباهج العزلة والتوحد بالذات والإخلاص لعالم الكتابة .. ماذا أضافت لك تلك التجربة وماذا أخذت منك؟ ولماذا انفصلت عن مؤسسة الزواج وعدت إلى خصوصية عالمك من جديد؟

* - الزواج لم يساعدني على الإبداع والكتابة ولم يأخذني إلى مباهجها، كان لدي تصور بكل شوق وحب وأنسجام في التلاحم مع زوجة أمنحها كل إنسانياتي بإخلاص شديد ومقاسمة حنونة .. ولم يكن بيننا قبلاً علاقة ما، فبعد أن وقعت في تجربة عاطفية شديدة الإنسانية مع فتاة سابقة في " الدمام " فلسطينية عربية – الجنسية .. لم نوفق في الزواج من بعضنا .. بقيت هذه العقدة – إن جاز لي تسميتها – وتم لي التعرف على إنسانة أخرى من ذات الجنسية وبطريقة تقليدية جداً في " القاهرة " ثم تم الزواج الذي استمر مدة ثمان سنوات، ومنها فترة السفر القسري للقاهرة، بسبب لا علاقة له بها.
لم يقم السفر الزواجي في طريقه لقد ازدادت الصحة سوءاً واستمرت حالات عدم الوفاق من الطرفين .. ثم اتفقا بصورة إنسانية على الانفصال .
انفصلنا في حال تراجيدي صعب وكان كل منا في حالة حزن شديد .. ولكن لم يكن هناك حل آخر .. فكان.
الزواج لم يحقق لي صفة إضافية ما نحو الإبداع بل ربما النقيض أحياناً ( وهذا ليس حكماً عاماً وإنما خاصاً ). أنا رجل ولأمانة في داخلي .. مخلص وصادق وعاطفي جداً، لكنني لا استطيع أن أتنازل عن قيم معينة في ذاكرتي، وفي ذات الوقت لا استطيع أن أكون فوق ظروف الواقع وملابساته .. لكنني وبكل معنى الإنسانية والوفاء – والإنقطاع – أيضاً .. أشكر الظرف الذي فصل بيننا ولا أشكر العزلة التي أنا فيها بالرغم من إناسة الكتابة اليوم.

(16) - أنت من أكثر الذين ضحوا بالوظيفة لصالح التفرغ للقراءة والكتابة وقد عانيت مادياً أكثر مما عاناه أشباهك، لكنك إنحزت وبإصرار عجيب لعالم الكتابة وأنجزت لنا هذه السلسلة من النتاجات المميزة . الآن ومنذ عدة سنوات وأنت تمارس عملك التطوعي في المستشفى بحيث يأخذ الكثير من وقتك وجهدك وانشغالك حتى في منزلك، ألا تخشى أن تؤثر هذه المشاغل " كوظيفة "على استمرارية إنتاجك ؟ وكيف ترى العلاقة بين الوظيفة والكتابة ؟
هل ترى أن الوظيفة كممارسة حية قادرة على إغناء التجربة اليومية وبالتالي التحفيز على الكتابة أم العكس ؟

* - بالطبع لا .. ليس للتفرغ للكتابة – بدافع الشخصي – أن يمنحك عوضاً عن الوظيفة بأي حال كان فالكتابة هي إحدى السبل الأولية المؤدية إلى الأكتفاء معيشياً في المرحلة الزمنية الموضوعية، غير أن المعنى الاستراتيجي والفلسفي للمعنى الكتابي والصحي قياساً بواحد مثلي .. ستظل له جواباته الخاصة ولست نادماً ولست مختاراً أيضاً أو سعيداً، لكنني أكتب إبداعاً وأرسم وأعزف أحياناً وأحس بألم الحياة وبهجتها في أحايين محدودة بحيث أنني أحيا وأحس وأعطي .
في حدود الانشغال الذي عادة ما يكون ارتباطاَ بالوظيفة في حياة الكاتب وضمن الظروف المهيأة في إيقاعات حياتنا في الوطن العربي والعالمي أحياناً وعادة ما يكون هذا شبه مناسب إذا ما قورن بغيره من الأعمال نظراً إلى محاولة التقتير في إنفاق الوقت، أرى أن الكتابة لا يمكن أن يسكنها هذا الصنف من العمل فنحن لا نزال نعتبر الكتابة والإبداع عموماً كأنما هو نوع من مزاولة الموهبة على حافة الهواية، وهذا فيه جناية كبيرة على الإبداع ، عندما نقول عن كاتب أو مبدع في مجتمعات أخرى متقدمة .. فإن معنى ذلك أنه يزاوله كعمل له جهده وإنتاجيته وتقديره .. فالكاتب عمله كاتباً وليس موظفاً محدوداً بدفتر للحضور والإنصراف ، والكتابة في المفهوم الاجتماعي والتقدير الرسمي هي من أعلى الإنتاجات احتراماً وتقديراً ومقدرة أيضاً .. ضمن الإبداعات التي تعتمد على الفردية في الانتاج .
بالطبع على نقيض ما يحدث في مجتمعاتنا فليس أمام الكاتب إذا أراد أن يتفرغ بإخلاص، مع الوقت والظروف للكتابة إلا أن يعتبر معيشته في بحر متصارع الأمواج ليس له من عزاء إلا نفسه.
نعم .. أنا صفقت بالباب واخترت الكتابة وكان دافع الظرف الصحي المزمن يومئ بوضوح إلى أن اختياري لا بديل له إلا أن يكون أحلاها .. الاختيار صعب لا شك وأقولها بعيداً عن التنظير.. ولم يكن أمامي غير الكتابة الإبداعية والصحفية المجزأة كعمل للمصدر المعيشي وفي صحافة استهلاكية حيث تكون كلمتك هي ذاتك وموقفك وفكرك.. موازنة صعبة لكن لم يكن أمامي اختيار بعد أن اخترت مقتنعاً بما لدي من واجب ثقافي إبداعي.. أنا لا أصلح لأي عمل تقريباً سوى الكتابة والإبداع وعلي أن أعلن عن مقدار الضريبة التي أقدمها .. لكنني حقيقة لا أصلح لأي شيء آخر حتى ولو قلنا التفرغ فقط لجمع المال أو الحفاظ على تنميته للحصول على ضروريات الحياة التي أصبح كل شيء فيها ضرورياً.. لست بصالح سوى لرغبة في الحياة والكتابة.. أكتب وأنا على سرير المرض ..وأنا مسافر للعلاج.. أقدم أولاً نوع الكتابة الواجبة كعمل ثم أنصرف إلى إبداعي .
العمل الشبه وظيفي في المستشفى.. لم يكن خارج قانون تعاملي الكتابي وهو عمل إنساني توعوي أسهم به عبر تجربة طويلة مع الحالة وإيماناً بما معناه "اسأل مجرب ، " فالمريض المزمن يحتاج إلى عناية شفهية نفسية معنوية.. أظنني أقدم هذا في حدود ما يتاح لي من إمكانيات خدمية ولست مقيداً بدفتر للحضور والانصراف ومن الجميل في الأمر أن مدير مركز الكلى ومدير عام المستشفى متفهمان لحالتي الصحية والكتابية .
قد يكون المناخ الذي أعمل فيه مكاناً صالحاً إلى حد ما لنوع من الكتابة الإبداعية التي طرقتها بحكم التعايش – هنا – وقد لا يكون بسبب مقدار إمكانية الاقتناص، فأنت في داخل القفص وعليه فإن الحالات التي تشاهدها تتحول إلى شبه اعتيادية إلى درجة لا تدفعك أو تحفزك للكتابة .
تعلم أن الكتابة مهما هيئت الظروف .. ليست بصنبور ينز بالكلمات والجمل فلو وزعنا كمية الوقت التي تفيض بحجم المتاح الكتابي لوجدت أنها فائضة إلى حد التخمة .. لكنها هكذا.. الكتابة والتفرغ لها ليس بمعنى أن الكاتب ينام ويصحو على الورق والقلم وإنما هو بمعنى عدم الانشغال بما هو ضد مبدأ وطقوس الكتابة .


(17) - ارتبطت كتابتك بالهم الاجتماعي في مستواه الثقافي والمؤسساتي واليومي وداومت على كتابة زاوية أسبوعية وأحياناً زاويتين في صحفنا المحلية .
ألم تكن تلك الكتابة للصحافة عاملاً يستنزف شحنة الانفعال بحيث تقلل أو تجفف ينابيع الإبداع كما يرى البعض ؟

* - قلت في جواب سابق إن الوظيفة التي طرقت بابها – بعد أن صفقت بالباب واخترت الكتابة – هي الكتابة الوظيفية وأعني.. أنها وظيفة لا تشترط الحضور والانصراف .. فكانت – حسب قدراتي الكتابية في الصحافة التي تعاملك بـ" الزاوية " أو القطعة.
بالطبع.. هذا يجعلك في قلق اسمه " التزام الكتابة " بحيث تقطع أي تسلسل كتابي أو التهيؤ له ذهنياً للقيام بواجب الوظيفة الأسبوعية والتي هي أقرب ما يمكن التلاؤم معه ضمن الظروف المعينة، و بالتالي لا حاجة لذكر حجم الانتزاع والإفراغ .
في السنوات الأولى لم أكن أكثرت بهذا التفصيلة فقد أدخلتها في باب الواجبات الإلزامية – عملياً - وباعتبار أنها ضريبة الإبداع وفي ذات الحال لا تخرج بعيداً عن حقل الكتابة عموماً .. لكنني ما لبثت وبحرفة أن تلمست صعوبة الحفاظ على مقياس افتراضي بين نوعين من أشكال الكتابة.. أحدهما وظيفي ملزم لا علاقة له سوى بفراغ بياضي أسبوعي يحتاج إلى تعبئة بأية صيغة كانت، عليك أن تتوقع ما يطلب بتغييرها أحياناً لمواكبة حدث ما و أحياناً بإلغائها دون إيضاح .. أنت كاتب أسبوعي في صحيفة أو اثنتين .. إذا لا تتفاوض مع قلمك في هذا الشأن.
أظنني لا أتعامل مع حالات الكتابة بترف ولا ببعد ميتافيزقي.. ربما كان لذلك فعلاً طيباً في استثمار الوقت والزمن النفسي، خاصة إذا ما اعتبرنا أن الكتابة السردية ليست كحالات الإبداع الشعري مثلاً، لأنها تحتاج إلى التروي والمعادلة وطول النفس .

(18) - نشرت عدداً كبيراً من قصائدك تحت عنوان " ترنمية " في جريدة اليوم في الأعوام 77 / 78م : يا عبد العزيز : أين الشاعر الذي كان يمكن له أن يصبح من أبرز فرسان كتاب قصيدة النثر الجديدة لدينا ؟
وكيف أقصيت تلك الطاقة الشعرية والوجدانية العاشقة للمرأة جسداً وروحاً ؟

* - كثيراً ما يقع المبدع في الكتابة لعدد من الأسفار حسبما تجرفه رياح التعدد التعبيري، فتارة يرى في قدراته الشاعر ومرة القصة وأخرى المسرح وهكذا .. ثم يجد أنه كان غائباً عن مرفأ ما يستطيع أن يضع فيه عناء رحاله ويتزود بمعرفة حِرَفية – إذا جاز التعبير – للسفر من جديد .. تلوح له منارات مغايرة على الشاطئ كالمنار .. يعني محطة إبداعية لجنس إبداعي لكنه لا يرى أنها محطته التي يرتاح فيها وينطلق منها في أسفاره .. أنني استنفذت وقتاً – وقبل إصدار مجموعتي القصصة الأولى - داخل فناء ملون من الشعر المنثور والذي يتخذ أحياناً نوعاً من الاتفاق مع التفعيلة أو القافية كما يجرى به السرد لكنها – تلك المرحلة – كانت قادرة على التعبير عن حالات معينة من الوجدان أو الاحتجاج أو عدم المصالحة مع الذات، حيث لا يصلح في " فلاشاتها " غير الشعر.. العبارة الأدبية ونحت المفردة كانتا حليفتاي وانقدت معهما فكتبت عدداً من " الترنيمات " – كما اسميتها – نشرت بعضها في جريدة " اليوم " آنذاك وكنت مشرفاً بملحقها الثقافي .. ثم بدافع الوله الشعري المزعوم تجمعت في ديوان من الترنيمات بعنوان " توسلات في زمن الجفاف " . ضاعت حماسة الشعر أو حولت إلى متابعات القراءة وعادت الحمى إلى الافتتان بالقصة إلى أن أدخلتني سبى الرواية التي لا يمكن أبداً أن يقوم في منابها شعر ولا تشكيل، ولو أن تلويحات من الإشارات الفنارية البعيدة ترفع نارها .. لكنني أراضيها أحياناً كحب قديم في سياق الكتابة الإبداعية – دون حشو – ببعض أزاهير الحلم أو الاستفاقة الطفولية المدهشة .

(19) - دعني انتصر لمجموعتك القصصية الأولى " موت على الماء "، ولعلني أفسر ذلك بمعايشتي لزمن كتابتها وكتابتي لمقدمة نقدية لها أو بأشياء أخرى .
وأرى أنك قسوت عليها كثيراً وأعتقد أن لغتها الشعرية المتشحة بالمجاز الغامض ليست عيباً في حد ذاتها وإنما القصور قد يكون كامناً في حداثة الوعي والمعرفة وعمق التجربة لدى الكاتب، ولسوف نستدعي إلى الحديث " مليحة الغنم " والحماطة .. واللوز .. وسواها أليست عوالم القرية كامنة هناك ومصاغة بلغة شعرية طقسية لم تكن تجربة الكاتب كافية آنذاك للتعبير عنها ؟

* - مجموعة " موت على الماء " القصصية الأولى .. كانت – وبحق – نتاجاً لما قدمته في أولها من تقديم ولعلني كنت على نقيض ما تفضلت بكتابته في مقدمتها .. أعني – وقتها – لكنني اليوم بوعي أحترم ما كتبته أنت - دون وعي عقلان، معرفة مني تجاهها .
لكنك مع احترامي لـ" أستاذيتك " السابقة لإداركيتي .. وجدت اليوم .. أنها جد معقولة .. وقد تنبه الأستاذ الناقد " حسين حمودة في – مصر – إلى أن لدي نوازع كتابية دفينة نحو القرية وعالمها وقد نشر ذلك في مجلة " الدوحة " .
لقد استفدت كثيراً من هذا الرجل الجميل في مسألة جذب النظر إلى عالم القرية .. العالم الخاص برغم انقطاعي الطويل عن ملاحظاته المقدرة المحترمة . ولعلي برغم تجاوز الوعي .. لم أره ولم أقابله .. لكنني للأمانة .. أشكر فضله الفعال في كتاباتي الروائية الأولى .
لكنني .. لا أنسى أبداً وقوفك ومزاملتك وتزويدك بالكتب المفقودة محلياً وبإنسانيتك العظيمة وقتها صحفياً وثقافياً وإبداعياً .. بالرغم من صلابتك أحياناً، يا معلمي الشاعر " علي الدميني" ! الصديق الجميل بالرغم من قريتي الصلبة وجفاف تعاملي معك، ومع أستاذنا " محمد العلي " و" جبير المليحان " أحياناً .
إن جريدة " اليوم " بجماعتها الكتاب .. كانوا أساس توجهي نحو سبيل الكتابة .. برغم معاندتي وإصراري الصخري الكتابي . وأيضاً – بصدق – تجاه الأستاذ "محمد الصويغ " الذي شجع كثيراً من لوحاتي التشكيلية الأولى وصرعني مراراً تجاه كتاباتي الصحفية والفنية وذلك لحرصه الشديد فقط على جريدة " اليوم " بـ" الدمام " التي كان يرأس تحريرها آنذاك .
أذكر أنك يا " علي الدميني " كنت أول مرافق لي لأول سفرة خارج " المملكة " 77 / 1978م – إلى مصر وكان الأستاذ الناقد " سامي خشبة " مترجم جزءاً من مؤلفات " كولن ويلسون " الفيلسوف البريطاني .. حين أختار قصيدة منك وقصة قصيرة مني بعنوان " الغنم .. مليحة .. وموت الحماطة " ونشره في الملحق الثقافي بجريدة " الجمهورية " بـ" مصر "! . لا أعرف بالتحديد .. أي عام لكنه كان في سنة ترجمته لـ" الإنسان " وقواه الخفية " لذات الفيلسوف الانجليزي وقت زيارتنا له بـ" القاهرة " ذات عام فلعل هذه المناخات والصداقات والقراءات أثرت في كتابتي لمجموعة " موت على الماء " ولكنني ما لبثت أن خرجت منها إلى ذاتي وعالمي الذي أحسه بحنان شديد لأكتب منه بساطة وعمق ما أتحسسه منه وذلك في كل مجموعاتي ورواياتي التي تلتها.

(20) – استطراداً للحديث عن " موت على الماء " : حين نتحدث عن مستويات اللغة في كتاباتك يرصد البعض انتقالك من تجربة " موت على الماء " من لغة تجريدية طقسية ذات تكثيف ونبر شعري عال ومجاز موغل في انزياحة إلى لغة مغايرة ذات جمالية تأملية ساخرة في مجموعاتك الأخرى خاصة "أسفار السروي" و" الزهور تتثائب في النافذة" ثم إلى اللغة البسيطة السيالة في بعض رواياتك ( الوسمية مثلاً ) والتي تتعامل مع اللغة كوسيط ناقل بمعزل عن جمالياته.
ويرون إنك لو حافظت على جمالية " شعرية " موت على الماء وتأملية وحكمة ما بعدها لكان لنصوصك الروائية ثراء إضافياً هاما فما رأيك في هذا التحليل ؟

* - أرى أن الإنسان عموماً وليس الكاتب المبدع وحده .. هو نتيجة تجربة كتابية وإنسانية أولاً تصل إلى الحد الذي وصل إليه .. أنا كتبت في مرحلة ( أعتقد أنها ثائرة الدم والعصب والفن ) .. مجموعتي الأولى " موت على الماء " ..النقاد أعتبروني ضدها لغة وفكراً بحكم اليوم .. لا مشكلة!.. أنا اليوم ( نهاية القرن ) وبحكم التطور المرحلي ( في العمر والتجربة ) .. لا يمكنني أن أكتب لذات اللغة والنحت المفردي الخاص في مجموعة " موت على الماء " .. مع أن الموت لا يزال قائماً .. لكنني أدركت - بعد غياب سبع سنوات – من هذا الإصدار .. أنني أكتب لفئة خاصة وفي اللغة تحديداً .. مما جعلني أعيد النظر في هذه المسألة .. فكتبت " الوسمية "و " أسفار السروي ".
بعد سبع سنوات من الانقطاع رأيت أن على الكاتب أو المبدع الفني .. أن يخاطب واقعه وليس العالم المتفوق من أجل مواكبة المدارس الفنية .. نحن نعيش في واقع متخلف جداً .. ثم أن واقعه لا يفهم من لا يخاطبه .. لقد آمنت بأن اللغة هي الوسيلة التعبيرية الوحيدة ضمن الظرف المتاح القادر على الوصول إلى أكبر قاعدة من المجتمع، وبعد كثير من الأسئلة مع الذات الإبداعية .. رأيـت أن تكون لغتي في رواية " الوسمية " لغة معيشية يومية مهما بلغت درجة تنازلها – قياساً بـ " موت على الماء " .. رأيت أن التي تقف بيننا ككتاب مبدعين وبين العالم الذي نتوجه إليه .. هي " اللغــة " وسيــلة المخـاطبـة التعبيرية .. إذاً لماذا نقحمهم في التجارب اللغوية وتحديداً " التجريبية " التي قد تكون مسرحاً .. لكنني أتحدث عن اللغة.
رأيت بصورة واقعية .. أن المجتمع لا يمكن أن يفخر بدعوى اللغة فقط وإنما لأسباب مهـمة أولها لغة التخاطب – الممكن – لغة الكتابة – ولا أقول المايكروفون أو المنبر أو غيره من الوسائل المتاحة والمحددة لتطويع الشكل التقليدي المكرر .
ونحن قوم متخلفون حقيقة .. تقليدية مسايرة لما يملى عليها – بصرف النظر عن الوسيلة – أنا لا أعتقد بأن الإنسان في أي مجتمع كان .. هو محصلة تلقائية بليدة لما يملى عليه وفي ذات الظرف ليس خارج ملابسات ظروفه – لذا كان علي بحكم هذا المفهوم .. أن أتوجه إليه بلغة قادرة على الوصول .. قد يكون في هذا تنازل عن قيمتي الفنية اللغوية .. لكنني واقعياً لا استطيع أن أقفز خارج أسوار المجتمع في حدود التوازن بين الفنية المعاصرة والخاصة وبين الواقع .. إنه لأمر صعب جداً، لكنني حاولت وربما نجحت قصصياً وروائياً .. قصص مجموعة " أحوال الديار " كانت من أهم ما صغته في حياتي القصصية للمجتمع القروي.. لم ينتبه بعض النقاد إليها فالنقاد وبعضهم يقرأ النتاجات الإبداعية الكتابية حسب منظـوراتهـم وأكاديمياتهم .. ولكننا في التاريخ ( ككتاب ) أقوى الجميع!

- اعتقد أن أحد أسباب عدم الالتفات إلى تلك التجربة الكتابية المتميزة في " أحوال الديار " وما تلاها مثل رواية " في عشق حتى " مثلاً كان بسبب كتابك الدقيق والعميق " مكاشفات السيف والوردة " لأن هذا الكتاب فجر الكثير من القضايا الفنية والتأملية والنقدية أيضاً، حيث كشف هذا الكتاب لعبة الكتابة وإستراتيجيتها لديك فانشغل النقاد به عما سواه !
" * افلح إلمح لك ضيعه " .. هذا كلام لا ينبغي أن يكون .. المكاشفات عمارة تطل على داخلي ككاتب وليست عملاً سردياً وإذا كان هذا الاستنتاج صحيحاً – وأرجو ألا يكون كذلك – فإنه أمر غريب منك ومن نقادك هؤلاء !!



ايوب صابر 06-03-2012 11:19 AM

تابع الجزء الرابع من الحوار
(21) - تتميز كتابتك للقصة القصيرة بسمات عدة على صعيداللغة من خلال التأمل وخلخلة السياق النحوي ونحت مفردات جديدة وحضور المفارقةالساخرة .. إلخ،ونجد ذلك أيضاً في مقالاتك الجميلة، بينما تقل هذه الكثافةاللغوية في نصك الروائي فكيف تفسر لنا ذلك ؟

* -
قد يكون هذا ملموساً عندككناقدأو كقارئ – يحمل ذائقة فنية - .. وبالطبع فأنت تعلم أن الكاتب هو الذي ترىقلمه يخوض بمستويات مختلفة في اللغة ..
أصدقك القول أنني لم أفكر في هذهالنقطة، لعلني فكرت في مسألة ( عدم افتراض الوعي لدى القارئ وإنما خلق الوعي فيه )،و أضيفملاحظة.. أنني كاتب يطرح إبداعا في نسيجه إنسان – عالم - .. فأنت لا تستطيعأن تكون مبدعاً فقط تضع تحت مخدة ما تكتب شهادة الآخرين أو إعجابهم .. هذا لايشغلني .. التأمل لتفاصيل الحياة وجزئيات تراكيبها .. يحتاج إلى لغة غير استعراضية .. لغة تتحرك في جنباتها سردية المشاهد المنمية .. قوة العبارة الروائية – في نظريتكمن في عرض البلاغة الفنية خلفها وليس في واجهتها اللغوية المباشرة، وإذا كانتالقصة القصيرة تملك خصائصها في تكثيف اللغة مثلاً .. فقد تكون هذه الخاصية غيرموجودة في العمل الروائي أو بمعنى لا مكان ضرورياً لها .
هذا لا يعني أن الكاتبيتحرك في حدود النظرية التي يراها الناقد أو موازينه في كيل العمل فهذه معركة مضحكةوإنما لأقول :
الانتصار ليس في اللغة المبهرة التي تشكل إناء العمل .. فقد جربتذلك ورأيت أنني مبدع لغة فقط، أكسب من ورائها تصفيق المثقفين المتذوقين وإطراءهمولست كاتباً غير قابل للاحتمالات بما فيها فهم ما أكتب، وإلا لن أقدم شيئاً يستحقأن يكتب وبالتالي أن يقرأ.
لقد رأى البعض أنني كتبت عملاً مجيداً هو " موت علىالماء " ولم أكتب شيئاً بعده والسبب مستوى اللغة الشعرية فيها، لكنني أرى غير ذلكتماماً .. لأنني لو أردت أن أنحت لغة من أجل اللغة بعد " موت على الماء " لفعلتوليس ثمة صعوبة .. بل إن هذا قد يرضي غروري .. غير أن قناعة ما أكتب به اليوم .. لميأت لمجرد مزاج وإنما نتيجة لصراع طويل مع الموازنة .. الموازنة بين الفن والمحافظةعلى قيمته الدلالية – الخاصية – وبين القارئ الذي لم ولن يفهم لغة الكترونية خاصة .. ربما كانت قناعاتي نقيض ذلك تماماً وأرى أيضاً أن الأعمال الروائية التي كتبتها .. لا تخلو من الفن الذي أستوحيه من نوعية العمل – وليس صيغته – مع كوني في ذاتالوقت مناهض للغة المجردة .

(22) -
كما نعلم بأنك من الروائيين الذين اطلعوامبكراً على تنوع وغنى تكنيك الخطاب الروائي المعاصر عربياً ومترجماً عالمياً ولكننانجدك في أعمالك الروائية قد انحزت إلى تجربة السرد الروائي البسيطة التي تعتمد علىتساوق نمو الحدث والزمن معاً في خطية تتراكم وتتشابك علاقاتها تدريجياً حتى تفضيإلى خاتمتها، ولعل ذلك ينسجم مع رؤيتك للرسالة وطبيعة العالم القروي الذي تشتغلعليه وطبيعة القارئ المتخيل المرتبطة بداهة بذلك العالم، وهنا نتساءل واستناداً إلىخبرتك الطويلة في كتابة الرواية عن رأيك في إمكانية الاستفادة من تلك التقنياتوتبيئتها في عمل روائي قادم لك؟

* -
أظن أن العالم الذي يمثل مادتيالكتابية في الأعمال الروائية والذي يحمل عمقاً بعيداً في الجذورية.. أعني التراكمالثقافي مع المنتج له أبعاد كثيرة ولا يمكن أخذ ما أكتبه على أنه كل تلك الأبعاد،غير أنني أحسست بضرورة الموازنة مع المحافظة على المنظور التوثيقي الحقيقي – كواقعوبين صراعي الصعب مع الكتابة السردية الروائية فيه، لذلك كانت المسألة مقلقة ليعلى الدوام .. يضاف إلى ذلك ، أنني في البداية كاتب واقعي حيث يعتبر البعض أنالواقعية مدرسة لها أساتذتها ومناهجها الدراسية التي تشكل سوراً له حدود، وهذا غيرصحيح.. عندما أكتب بواقعية فليس معناه حجري على عدم استعمال تقنيات الكتابة أوالتكنيك ! فاللغة ليست ملكاً لكاتب دون غيره ونحن لسنا أمام مخترع علمي نبدأ فيهحيث أنتهى الآخرون بل أمام كائن حي اسمه اللغة .. يتطور بتطور الحياة بمجملهاومعطيات الإنسان اليوم تتطلب أن يكون معها بالضرورة لغة متطورة تستوعب التعاملمعها،أما بالنسبة للتقنيات الروائية العربية والأجنبية – والتي قرأتها مترجمةلا تعني أنها مخترعاً علمياً، لذلك لكل كاتب تقنيته ولغة خطابه وتقنيته أنا واحد منهؤلاء .
ذهابك ثم عودتك حول اللغة والتكنيك .. يعني لي أنك ترى أن اللغة كإناءجميل يجب التركيز عليه وبصورة أساسية في العمل الروائي .. وهذا يمثل وجهة نظر بعضالنقاد والقراء وهذا طبيعي مفترض فيه مبرراته وقناعاته .. لكنني قد لا أرى ما ترىفاللغة لدي هي وسيلة تخاطب وتعبير لكنني أيضاً لا أنفي أبداً – وظيفياً أن قلميمسئول عن الارتقاء بذائقة القارئ – فنياً – أنا أعلم هذا، ولا أعتبر كتابة العملالإبداعي خارجة عن إستراتيجيتها .. ولكن .. هل ترىأننا نستطيع أن نستقطع اللغة عنبقية الأمور الاجتماعية اقتصاديا وثقافيا وتاريخيامعيشيا ..بحيث نعمل في سبيل جعلاللغةالشاعرية هي العمود الأول للتعبير، فتطوير الشكل في المسألة الاجتماعية لايغير الجوهر – اللب – فكيف لو رأينا أن الكاتب عموماً ليس إلا رافدا،ً فاعليته لهاحدودها وإمكانياتها .. ومجتمعنا مقل جداً على صعيد القراءة .. إضافة إلى أن الكتابأو المادة القرائية تقع تحت مستوى الاهتمام المؤسساتي.. فالواقع يقول إن الاهتمامبتجارة البصل أو الصلصة يحتل اهتماماً في التوزيع والمتابعة والتموين المستمر .. أكبر من مجرد التفكير في الغذاء الثقافي .
إذا كانت كتابتي الروائية بسيطةاللغة بل إن " الوسمية " قد كتبت بلغة المعيشة اليومية .. فما المشكلة في هذا ؟! علمت أن الأميين في القرى الجنوبية .. يجعلون أولادهم وأحفادهم يقرؤون عليهم ماأكتبه .. لأنهم يجدون إنسانيتهم فيها وبلغة مفهومة، وهنا تكمن إحدى استراتيجياتاللغة التي أتحدث عنها.. هذا لا يعني أنني كاتب – أقليمياً او قبلياً – فقد تعرضتالرواية إلى مستويات من الأقلام النقدية والقرائية من خارج المملكة وبصورة مشجعة .. ترى في ذلك أنني أكتب بلغة المعيشة اليومية أو بلغة بسيطة وليست أقليمية بالطبع .
لعلك ترى ان أعمالي الروائية لم تكتب بتقنية واحدة فـ" الوسمية " تختلف عن " الغيوم " و" صالحة " ليست كـ" الحصون " وهكذا .. بالرغم من كون العالم هو ذاته وذاتالقوام وذات المكان.. لقد تطلبت كل رواية تقنيتها التي رأيتها تناسبها دون تنظيراتمسبقة .

ايوب صابر 06-03-2012 11:20 AM

الجزء الخامس والأخير من الحوار


(23) - يلاحظ على الرواية المحلية إغفالها للواقع المعاش واستبداله بواقع آخر إما باستلهام هموم المثقف أو قضاياه الثقافية والفكرية والسياسية وإما بالعودة إلى عالم القرية القديم وتحميله قضاياً معاصرة أو بالذهاب إلى الخارج لتحريك شخصيات النص في بيئات مغايرة تسمع بحرية التعبير والتعرية للعلاقات الاجتماعية والعاطفية وحتى الفكرية.. يا ترى ما هي الأسباب الكامنة وراء ذلك ؟
- وهل تتوقع أن تظل الأسباب المتعددة في موقعها حتى بعد بروز فعل آليات الاختراق الكلي للحواجز في عصر العولمة من فضائيات واتصالات بما فيها الانترنت ؟

* - أفهم من قولك " عالم القرية " .. أن المقصود بالعودة إلى الماضي كحل اسقاطي أو كطريقة لإظهار عدد من القيم الحضارية التي كانت سائدة في الواقع القروي القريب ومدى تأثر تلك القيم حالياً فيمن ورثها أو مارس بعضها .
نعم ..
لو قلنا إن الرواية – من أحدى الزوايا – هي كشف لعالم مغطى – بصورة أو بأخرى حتى ولو كان على صعيد التجربة الشخصية، فإن كتابة الرواية ستصطدم فوراً بعدد من الأسوار التي لا تسمح بالكتابة الروائية – تحديداً .
إن كلمة " حرية تعبيرية " لا يمكن كتابتها على لافته وحملها على بوابة الكتابة والكتاب .. حيث أن هذا قول مثالي ما لم يكن مرتبطاً بكليته بالواقع الاجتماعي وأظن أن المثقف يعلم ذلك ويعلم عبر عدة عوامل محشوة بالوصايا والمحاذير منها – الرقيب الذي تربى مع الزمن الكتابي في ذاته - .. كيف يصنع حلوله الكتابية بحيث يستمر ويستطيع أن يقول شيئاً مما يحمله من جمال مهذب تجاه الواقع .
كاتب الرواية – في حدود تجربتي الخاصة – لو وضع أمامه تلك الحواجز والموانع فلن يكتب شيئاً إذ أن حاجز الفهم الاجتماعي التقليدي والذي يكون مادة الكتابة .. سيكون أول المحبطين لمشروعه الكتابي فنحن في عالم شديد الوصاية متخم بالعيب والشائعة ولو لمجرد الذكر ولعلك تعلم أنني عانيت من هذه المسائل التي علمتني الكثير .
إذا ..
الأسباب الدافعة وراء الكتابة من الخارج أو العودة إلى الماضي – في الضفة الأخرى – معروفة وكما يقال فإن " الحاجة أم الاختراع " .

(24) - ما هي أقرب أعمالك الروائية إليك وكذلك القصصية ؟

* - كلها قريبة لكنني استطعت أن أرتاح قليلاً تحت ظل ورقات رواية ( في عشق " حتى " )، ربما لأنني قلت مما يقع في السريرة وبصورة صادقة مباشرة دون وسيط .

(25) - كيف تكتب الرواية ؟ وهل تخطط لهل ؟ هل تعدل وتضيف لمسودتها ؟ هل تتركها فترة طويلة ثم تعود إليها ، ومتى تقرر نشرها؟ وما الفرق بينها وبين كتابة القصة القصيرة؟

* - لعلك ترى العالم الفني الذي أنبش منه خامتي الكتابية .. كنت في البداية أقف أمام جبل كبير لا أعرف كيف اقتحم حدوده .. ومع التجربة أصبحت الأمور بمجرد مرجعية الفكرة .. تتعاود الأشياء وتشكل ذاتها لتقيم خطوطها دون تخطيط مسبق .. تبقى النهايات حيث لم أتعود الوصول أو الركض للوصول إلها، وهو أصعب ما يواجهني في كتابة العمل الروائي لذلك تجدني أدعها للاحتمالات في الغالب .
اكتب الرواية – وكل كتابة تقريباً – مرة واحدة هي السوداء وهي الأخيرة البيضاء .. ربما استفدت بحكم المنسوب البصري .. كيف أفكر قبل وضع الكلمة وليس أثناء وضعها أو بعدها.. ربما جعلني ذلك أتعامل مع الكلمة المكتوبة بحرص ودقة شديدتين .. غير أن هذا يحتاج إلى تريث وأحياناً بطء وعندما أكتب مقطعاً أقرأه واستبين أخطاءه فأقوم بإصلاحه ولا أتركه حتى أكون قد ضمنت بعدها كيف ابدأ فيما يليه أو على الأقل معرفة النقطة التي وقف عندها القلم .
أنا لا أعيد كتابة ما كتبت وإذا كان ثمة بعض التعديلات فإنها لا تأتي على الخطوط العريضة أبداً ولا أذكر أنني بنيت دوراً فهدمته من أجل هيكلية التغيير مع أنني أتمنى لو أن ذلك يحدث وأجدني هزيلاً إلى حدود العجز حين لا أجد مكاناً لنقل بعض جدران البناء من الداخل بل وأحسد الكتاب الذين يعيدون كتابة ما كتبوا فلا شك أن ذلك يمنحهم نافذة لإضاءة هواء المبنى .
لم يحدث وأن كتبت عملاً روائياً في أقل من عام وبعضها استنفذ مدة طويلة مثل رواية " صالحة " التي نسجت بين حالة وأخرى لوقت يقاس بسنوات ثم قدمت للنشر.
عندما أكتب العمل لا تأتي في بالي جهة النشر أو مكانها أو حتى فكرة النشر .. أكتب فقط وأعيش الكتابة وشأن موضوعها في كل شيء، و عندما أنتهي من كتابتها .. فهذا يعني لي أنها جاهزة للنشر تبقى القراءة الأخيرة التي أسميها ( قراءة النشر)
أما كتابة القصة القصيرة فتختلف اختلافاً واسعاً .. حيث أنها لا تأخذ وقتاً إلا لحالتها وزمنها النفسي اللائق ولم يحدث أن كتبت قصة ثم تركتها في مقطع ما للتكملة .. القصة إذا ما حانت فهي - برغم صعوبتها – تأتي كالولادة التي ينتهي ألمها بالبشرى .. حيث تجد أنك حققت نصراً ما ومكافأة لها قيمتها النفسية العظمى.
عندما ألاحظ أن القصة تتوقف عند مقطع أو نقطة ما .. أجزم مع ذاتي أنها فاشلة فأدعها قائلاً لعلك أجهضتها .
أقتل بالاستعجال فرحتها وتلك الفرحة لن تعوض .. لأنك لا توقت للفرحة ولا تتحكم في حجمها .

( 26) - هناك عناية فائقة في اختيارك لعناوين نصوصك متى يبرز العنوان وما دلالته بالنسبة إلى العمل الإبداعي؟

* - لا اعتقد دوماً أن المسمى متصاهر مع الاسم ولا أن الاسم دائماً دال على العمل المكتوب، فأحياناً لا يكون ثمة أية علاقة بين النص المنسوج وبين اسم العمل، و لا أري في ذلك عيباً، لأنك تخطيء لو قلت أبداً " الجواب " معروف من عنوانه " – أي الرسالة – فالعمل الكتابي يميل في تسميته إلى تفصيلة رضى خاصة في داخل الكاتب وليس هناك قانون في هذه الجزئية، فهي في سياق الإبداع الذي لا توجد له منطقية في التعامل .. لو أنك وضعت الاسم قبل الشروع .. فقد خالفت حرية الشرعية الإبداعية بحيث تقيد قلمك ضمن إطار محدد لكي تحافظ على الاسم.
ربما كان من أصعب الأمور في العمل الإبداعي إيجاد مسمى له أو الوقوع في بركة الاختيارات. أنا لا أقبل أن استشير أحداً في عنوان مؤلفي لأنني لا أقبل أن أكون مستشاراً للعناوين من قبل الآخرين، وعادة ما أرفض هذه الوظيفة لدى من يطلب .
إن العنوان الذي لا يعجب .. لن يقدم أو يؤخر في الأمر، ذلك أن العمل بكامله بين عينيك لأننا نحتاج أن نجعل للعمل عنواناً وهي حاجة رمزية دلالية .. هل تقول قرأت النص الروائي الذي كتبه فلان .. أي نص؟ لا بد من وجود تسمية حتى ولو كان عنوانها " بلا عنوان " أنت والد المولود فسمه كما تشاء.
تعجبني عادة في التسميات عند أحد القبائل المحلية فهم يسمون المولود باسم الحالة التي تقع فيها الولادة .. فإن كانت حزينة أسموه حزيناً وإن كانت مريضه أسموه رضا وإن جاءت في لحظة مطر .. أسموه كذلك وهكذا ..فلو ولد المولود في لحظة مدفع الافطار أسموه " مدفع " ومنها " عذاب " و " ضيف " " كتاب " يعني رسالة و" صوت " و" ليل " و .. إلخ ..

( 27) - ما أهم الكتب التراثية التي استفدت منها سردياً ؟

* - كل الكتب التي قرأتها تقريباً .. كان لها فائدة وأقل ما يمكن قوله أنها تهذب لفظك قبل خروجه من بطن القلم. كان للصدف دور في انتقاء القراءات التراثية وأذكر على سبيل الذكر كتاب " الإمتاع والمؤانسة – لأبي حيان التوحيدي " ورسالتي " الغفران " و " الملائكة " لأبي العلاء وكتاب " المخاطبات " وكتاب " المقامات " وغيرها، غير أنني أدين جداً لـ" طه حسين " الذي علمني فكراً ولفظاً وبالتحديد في كتبه " الشيخان " و " عثمان " و " علي بنوه " وكتاب له قديم عنوانه"الأليثنيين " مما دفعني لقراءة " محمد صلى الله عليه وسلم " و " علي إمام المتقين " لعبد الرحمن الشرقاوي .. هذه محطات لها علاماتها الأثيرة في قراءاتي .. كدت أنسى " بدائع الزهور " لـ " ابن إياس ".. هذا الكتاب استطاع أن يصور لي التاريخ سينمائياً وعلى هيئة مدهشة ودقيقة ولن أحدثك عن أخبار النساء " لأبن الجوزي ".. كم وكيف نتحدث عما قرأت في التراث مما صادف قراءته .. أقول مما صادف فقط وضمن محدودية ضيقة جداً .

( 28) - لك كتاب صغير .. كتاب جمع مادته صبي في الرابعة عشرة وأصدرها في السابعة عشرة هو " باقة من أخبار الأدب" .. ترى لماذ تهمل ذكره رغم دلالاته على مكوناتك الثقافية التراثية وانهمامك بعالم الكتابة والنشر منذ الطفولة ؟

* - نعم .. كان ذلك في عمر (18 عاماً) .. هي تجربة مضحكة .. لكنها بظروفها ومحصولها الثقافي البسيط جداً ولا أرى أنها تستحق الإشارة .

(29) - لو قمنا بزيارة إلى مواقع أبطال أعمالك فأي المواقع ستبدأ بزيارتها أو تأملها من على سطح منزلك في قرية " محضرة " التي تطل على مدينة الباحة ؟
ومن هم أبرز أبطال رواياتك الذين ستزورهم في منازلهم أو مقابرهم ؟
ومن هن أبرز الشخصيات النسائية اللائي تحس بحنين إلى وجودهن في تلك القرى ؟

* - لا استطيع ذكر الشخوص الذين وردوا في الروايات أو القصص القصيرة .. ليس لأنني لا أعرفهم بل لأنهم يمثلون نماذج متعددة في القرية الجنوبية، ولعل من الصعب الإجابة على مثل هذه التفاصيل بالتحديد فأنت تسألني عن ميكانيكية الشخصية وكيفية توظيفها أو ما يشبه هذا .. غير أن تحديد الشخوص بعينها أو المقابر التي تأبدوا دواخلها.. أنا أعرف المقابر التي تقع في قريتنا وهي خمسة مواقع تقريباً فقريتي تمثل خمسة جماعات متباعدة كل جماعة تمثل قرية صغيرة، وكلهم برغم المسميات التي تحملها كل مجموعة .. إلا أنها تمثل قرية واحدة كبيرة اسمها " محضرة " كمسمى جامع لكل ما يجمع الجماعة الواحدة .
أذكر جيل الأجداد والآباء والجيل الذي تقارب معي ببيوتهم ومزارعهم وربما بألوان مواشيهم وربما طباعها والتعامل الذي تختص به .. كثور فلان المتمرد وحمارة فلان الشرود وبقرة فلانة التي لا تأكل غير البرسيم وقصب الذرة وتحلب كثيراً .
أحياناً أحتاج إلى معرفة لون ملابس امرأة ما .. فأستعيدها بدقة من حذائها إلى " شيلتها ومعصبها " وحتى الخواتم الفضية التي كانت تلبسها وفي أي الأصابع تضعها ؟
أتذكر " مشعاب " فلان وجنبيته واسم بندقيته وماركتها .. واحد في القرية كان يملك " غدارة " وهي شكل رخيص للسيف ويملك رمحاً قديماً ويعلق على كتفه بندقية صيد لو وضعتها بين مائة بندقية مشابهة لاستطعت الآن أن أحددها لك.. أعرف فلاناً الذي لم يكن يلبس الحذاء ولا " الجاكيت " ولا العمامة البيضاء أو العقال وعندما أذكر فلاناً أو فلانة فإنني أذكرهما بتفاصيل العائلة وجهة باب الدار ومكان النافذة والطريق إليه من بين البيوت .
إن حميميتي تتذكر الأشجار ومواقعها وهل هي مثمرة أو خشبية ، والطريق بحجارتها وصخورها الواقعة على جنبيها وحدود القرية مع القرى المجاورة والحصون والآبار والمزارع التي تسقي منها.. أذكر " العثري " المعتمد في زراعته على ماء السماء و" المسقوي " الذي يسقى من العيون أو الآبار ، أذكر "مشب النار " في كل بيت من القرى الخمس الصغيرة .
اخوالي من قرية بعيدة و من قبيلة غير القبيلة التي فيها قريتنا، وكنت أذهب إليهم مع والدتي مسافة نصف يوم مشياً على الأقدام ولا أنسى تفاصيل الطريق والقرى التي نمر بها وبالطبع أسماءها ومساجدها ومدارسها الابتدائية والشعراء المعروفين وقراهم ..
ماذا أقول ؟.. إن كل شخصية تستحق أن يكتب فيها رواية وكل رواية لا تنفصل عن الجماعة .. قريتي هي ذات القرى المتشابهة في الجنوب والأشخاص هم ذاتهم في كثير من التماثل في أي قرية كانت .
اليوم .. أشاهد غير القرى وغير العالم ..أوجس عندما أمر بها بالوحشة .. أجد أن طفولتي تذبح عند عتبة أول بيت حجري في القرية .. أشاهد الناس يبيعون عظام وهشيم أجدادهم من أجل المال والمطاولة في بناء الاسمنت والطوب والحديد .. ما الذي يبقى إذا لم أكتب عن ماضي القرى وخصوصيتها وألفتها وأعرافها ؟!.

(30) - هناك من يرى أن كتابتك عن عوالم القرية تطورت تدريجياً من فكرة التوثيق إلى جمالية حالة الاستعادة الوجدانية،ثم إلى رؤية أخلصت بشجاعة وعمق لرؤية الانتصار للمرأة في عالم يقف ضدها حتى أفضت التجربة إلى تعرية عالم القرية من رومانسية الاستعادة وجعلها نموذجاً يشبه غيره من المجمعات البشرية التي تقوم حياتها على الصراع بين أطراف يتحاربون بكافة الوسائل لبلوغ غاياتهم النبيلة والدنيئة في رواية " صالحة "، وبذلك انتقلت الكتابة من طبيعتها الملحمية التي تكتب الواقع كما هو إلى طبيعتها التراجيدية حيث تغدو الرواية كشفاً وجدلا وتأملاً في الجانب الآخر من المأساة الحياتية .
وهـــذا التــطور يشـــجع بـعض المتــابعين لتجــربتــك للقــول بــأن روايــة " صــالحــة " هــي خــاتمــة استــلهام عــالــم القــرية ونهــايتها وبالتــالي سيــدخل الــروائي عبــد العزيز مشري منــاخاً آخــر مختـاراً أو مضطراً لكي يستمر في أبداعه .
ما رأيك في هذه التوصيف والاستنتاج؟

* - لا أكتب من أجل الطباعة والنشر .. وفي ذات الحال لا أكتب إلا من أجل أن يحيا القارئ نصوص ما أكتبه وذلك بمفاد يهمني كثيراً وهو أن يجد القارئ شيئاً منه في العمل .. لا أعني تحديداً تطابق أو تماثل وتشابه الرواية مع حالته وإنما هو يجدها ؟ بأية حال كانت .. كأن يناصر أو يناوئ أو يتعاطف أو العكس .
لم يكن هذا المفهوم في الذهن قريباً لقد كان بعد صدور قصص " موت على الماء" ذات النحت المفردي في اللغة – كما ذكرت والتي أرى أنها محتشدة بزخرفة اللغة والضبابية أحياناً .
لم أفكر في النشر بعدها ولمدة سبع سنوات .. كنت أتأمل وأجرب وأقرأ .. فكانت نتيجة الديالكتيك الطويل – قياساً بالنشاط الكتابي والحماس أن وصلت إلى مفهوم ثقيل ومهم في الفن ورسالة الكتابة الإبداعية، أولها التفكير في طريقة كتابية يستطيع أن يقرأها القارئ فيقول " فهمت أو كدت أفهم " كان هذا على سياج القصة القصيرة .. فتكونت مجموعة قصص " أسفار السروي " ثم رواية الوسمية "
نعم ..
ربما تكون " التوثيقية " هي أحد خطوطها بالطبع.. الشهادة الإبداعية التي نكشف بكتابتها عن عالم له طريقة خاصة في معيشته ومكانه ومناخه وزمنه ..- هذا الخط – كنت ولا أزال حريصاً عليه كميزة ليس من نافذة " نحن كذا " وإنما من باب " نريد أن " ومهما كتب .. سيبقى هناك الكثير من مناقب ومميزات وتقاليد ومفاهيم لم تكتب وربما عزيت نفسي بأن الأديب ليس باحثاً أنثروبولوجياً .
رواية " صالحة " قضيت وقتاً طويلاً بين كتابتها ونشرها ولم أكن متشجعاً لتقديمها للنشر – كغيرها أحياناً – فكرت ثم وجدت ترحيباً مطمئناً ومخفزاً لنشرها من "الهيئة العامة للكتاب " في مصر، فكان أن خرجت إلى القارئ .
أظنني لن أتوقف عن المسير في هذا الدرب لأن ثمة أقوال في سحابة الصدر لم تمطر بعد.. ليس صحيحاً أن القلم سيجف بعد " صالحة " لا أدري .. لماذا تصورت التوقف أو الحيرة .
- إذا .. هل يمكن أن تدلنا أو تشير على الأقل إلى إستراتيجية نصوصك الروائية القادمة في نفس سياق " ملحمة القرى " ؟
هناك مرحلة كتابية مهمة تجاه عالم القرية ويبدو أن أحداً لم يطرحه أو يشير إليه أو يستقصيه من نقادنا – المحدودين-. المرحلة الصعبة التي يحتار " رامي القرص " – كما ذكرت في سياق جواب سابق يحتار كيف يعطيها حقها كمرحلة نابضة وتبدو يسيرة لقصر وقتها بينما هي عالية الصعوبة .. تلك هي المرحلة التي تقع بين التقاط القرص وبين رميه أي مرحلة ما بعد الالتقاط – فيما لو اعتبرنا ما سبق كتابة – فأنا في حالة التهيؤ لما سوف يكون .. هل أسميها ما حدث لذلك العالم المكتوب عنه بعد ذلك وما هي الصيغة التي أتعامل فيها مع المعطي الجديد؟
الحكاية تتطلب خبرة واثقة وإدارة كتابية محكمة في رصد مرحلة " البين " أو العقدة الواقعة بين طرفي الحبل . في الأعمال الماضية في ضفتي السرد القصة القصيرة والرواية .. هناك إشارات متفرقة وبعضها مركز – كنهايات الأعمال الروائية – دائماً يبقى السؤال :
ما الذي حدث بعد هذا ؟
السؤال في نظري لا يزال معلقاً في " العقدة " التي ذكرتها.. بعض القصص ناوشت هذه المحطة القصيرة والصعبة أيضاً في " أحوال الديار " وهي القصص التي منحت من الكتاب رحيق تقنيته الأخيرة في كتابة القصة لو لاحظت " الوانيت" قصة في أوائل المجموعة .. لاستطعت أن ترى ملامح استراتيجية كتابتي القادمة وما أريد قوله باختصار .

( 31) - سأقول لك ما قاله الشاعر الجنوبي " أنت عاصي وأنا ما شفت في غامد عصاة " وفيك من القسوة ما يشبه أحد أبطال قصصك " على ابن القاسي " ومع ذلك سأقول لك .. لقد وصلت روايتك للمثقف السعودي والعربي وترجمت بعض أعمالك للغات أجنبية واحتفت بك عدة منابر و اثني الروائي صنع الله إبراهيم على تجربتك واحتفت بها الروائية أحلام مستغانمي والناقدة فريدة النقاش وكتب عنها الدكتور محمد الشنطي الكثير وقال الناقد السعودي عابد خزندار أن رواية "الوسمية" ترتقي إلى مصاف العالمية، وقرأها وعرض لخصوصية تجربتها العديد من أبرز النقاد في المملكة مثل الدكتور معجب الزهراني، بينما أعرب آخرون عن رأي مغاير فقال القاص جار الله الحميد رأياً مخالفاً مفاده :
لو أن كتابة الرواية بهذا الشكل لكتبت عشرات الروايات، وقال الناقد محمد العباس : لا نستطيع مقاربة روايات عبدالعزيز مشري بمعزل عن مرضه ولذا فقد تحفظ في الإفصاح عن رأيه .
وقال عبد الرحمن المجماج : إنه لا يعترف إلا بمجموعتك " موت على الماء "
كيف تقرأ هذا الآراء وماذا تعني لك ؟


ايوب صابر 06-03-2012 11:20 AM

تابع الجزء الخامس
* - إذا كان هناك فضل لأسفاري في المدن فإنني أدين لهذه " القساوة " التي تسميهابالكثير من المديح ولكنني قاس بألفة وحميمية عميقة، لقد كانت القسوة ضرورة لمقاومةما هو أشد عنفاً تجاه الذات رغم ما وجدت من حب الأصدقاء واحتفاءهم الكثير مماساعدني على تجاوز الصعاب .
أما بالنسبة لآراء الآخرين فلا بد من استيعاب كلالآراء بصدر فسيح كفساحة السهول بين الجبال السروية ولعل من طبيعة الأشياء فيالحياة .. أن يتفق ويختلف الناس حولها،ويسعدني أن اسمع رأياً مغايراً فيما أكتب .. متمنياً وبحرارة أن يكون ذلك واضحاً ومبيناً القوائم التي قامت عليها تلك الآراءأو الملاحظات .
مثل ما قاله الأخ القاص " جار الله الحميد " .. قرأته مره فيحوار ( قال عنه حاضروه ) أنه كان حواراً مستفزاً .. فقال عن " الوسمية " وقال أشياءأخرى في آخرين لا ناقة لهم ولا جمل .. كنت أتمنى بعد أن أخذ القول مداه في الصحافةوبين المثقفين لو أنه أبان سبباً مهما كان بسيطا،ً فربما يفيد بصورة أو بأخرى، لكنما حدث لأن الأخ " جار الله " .. أحب هذه النغمة ولم يتفضل بإيضاح أي وتر منالأوتار تتم عليه النغمة، ثم إن هذا القول مضى عليه وقت يبلغ فيه الآن أو يكاد عشرمن السنين وليست واحدة ولم يكتب شيئاً من التحدي .. أقول : " جار الله " القاصالفنان له أهواء مزاج الفنان ولا يمكن أن نعتبر هذا رأياً، مع أمنيتي الصادقة لوأنه عرض أو فند ما قاله .
عبدالعزيز مشري .. كاتب له حق الخطأ والصواب وليسمنزهاً وإذا كانت رواياته لا تستثير الآراء الإيجابية والسلبية .. فقد يعني ذلك أنهخسر أهم ما يطمع إليه وهو خلق السؤال بما يكتب .
الأخ الكاتب " محمد العباس " وهو كاتب نقرأ له نقداً أو قراءات جيدة في الصحف ولا أذكر أنني قرأت ما قال غير أنالحقيقة التي قالها في شأن الكاتب الذي لا يمكن تجزئة شخصيته إلى معازل هذا صحيحجداً إلى حد أن الروائي لو كتب خارج طفولته .. فلن يتبقي له من رصيده الإبداعي سوىرصف لغة وتعميدها بالثقافة .. الدهشة الطفولية الجميلة سواء كانت عن طريق الذاكرةأو التاريخ المرجعي لعمره بشكل عام لن يكتب سرداً من عقله ووجدانه وتجربته .. " لايمكن عزله عن المرض " .. نعم .
ولكن هل " المرض " هو الذي يكتب ؟ لا أحد يظهرهذا وإنما على الكاتب أن يكتب بواقعيه، وقد استفدت فعلاً من هذا الجانب على الصعيدالشخصي والإبداعي.
أنا – حقيقة – لست فخوراً بظرفي الصحي لأنه لا أحد يحيامعايشته اليومية إلا " أنا " وهو من أكبر المعطلات في حياة أي كاتب ولا يمكن أنيكون محفزاً أو دافعاً للكتابة .
"
موت على الماء " ليست أحسن ما كتبت – علىالأقل في رأيي – ليس ثمة ما هو " افعل " .. هناك زمن وهناك إنسان وهناك تطور طبيعيللمثقف " موت على الماء " مضى عليها عشرون عاماً.

(32) -
في كتابك الهام " مكاشفات السيف والوردة " استطاعت الوردة بانتمائها للحياة أن تحول السيف إلى قلممطواع كتب خبرة وتجربة واحد من أبرز مبدعي وكتاب المملكة المعاصرين ونحن في هذهالأسئلة لم نتعرض لكثير من القضايا المهمة التي كتبها " سيف الوردة " أو " وردةالسيف " ولكننا سنسأل : أتراك قد أنطقت خبرتك الإبداعية والمعرفية كاملة فيه أم أنكستكتب أخا أو طفلة له في المستقبل،يعارضه أو يجادله أو يضيف إليه أو ينفيه جزئياًأو كلياً، بحيث تختفي منه بعض الآراء القطعية في الكتابة والإبداع والتي تبدووكأنما السيف قد خاتل الوردة وكتب ذاته بحد السيف؟

* -
في كتاب " السيفوالوردة " عمارة محدودة النوافذ لعل نوافذها بعدد فصول الكتاب تفتح تلك النوافذدرفاتها للشمس والهواء مهما كانت قوة النور الخارجية .. لا تستطيع أن تكشف كثيراًمن الغرف والدهاليز التي تزداد إتساعاً مع الأيام .. العمر .. التجربة .. التطوروالتطلع وبالتالي من الصعب اعتبار الكتاب المذكور حاوياً لكل ما أريد قوله .. وهوليس بـ"سيرة ذاتية " كما أسماه الناشر " نادي أبها الأدبي " ، إنما هو نوافذ أطلمنها كاتبهالينقل بعض آرائه عبر تجربته ورؤيته ووعيه .
لا أجرؤ على القولبأنها تعني اليوم أو الغد .. ففي الحياة أشياء ومواضعات وأحوال لا تأخذ صيغة الثبات .أمور متناثرة تحتاج إلى أن تقول فيها رأياً مع أو ضد واقع اليوم وحالات وتطوراتاليوم.. وبالطبع .. فإن التجربة هي التي تسوق المبدع نحو اكتشافات جديدة لم يكنليعرفها من قبل مع أنه قد يكون موهوباً بأنه سيجني ذات الثمار التي قطفها من شجرةالكتابة في الزمن السابق .. مهما كانت الضمانات لا يستطيع أحد ضمان ذات النتيجة ..
ربما فكرت وفكرت فقط .. في البدء بكتابة " مكاشفات " من نوافذ جديدة لم تفتح في " مكاشفات السيف والوردة " لم أفكر في كيفيتها و لا طريقة عرضها أو نوع تجاربها ولن تكون مكملة لما سبق .. ولا أظن إلا أنها ستكون ثمرة للتجربة الشخصية .. لعلالأيام – بإذن الله – تتهيأ ولو أن المرء يقتات أنفاسه من عمره لكننا نحلم ونطمحونفتح أشرعتنا للحياة .. لزهورها .. التي ستزهر في الغد وسيأتي المطر الذي ينتظره " سعيد الأعمى " في أول فصل بـ "الوسمية "

(33) -
يا صديقي الجميل .. وياصديقي الصلب بقيت لدينا بعض الأسئلة ..

* -
أما أنا فليس لدي أي مزيد منالإجابات .. لقد اشغلتني بأسئلتك وطاردتني بها في بيتي ومكتبي وعلى الهاتف وبالفاكسوهذا مدخلي عليك .. تفكني من شرك!
هل غضبت ؟
* -
إلى أقصى درجة .

سأذكرك بحكاية " أبو نواس" والمزارع الذي استعان به .. وما حدث بينهمابشأن الثيران و" عدة " السوق ونزع المياه من البئر وأسالك هل ننفذ ما اتفقنا عليهفي بداية الحكاية من عقاب لمن يغضب؟
* -
نعم .. فهو أهون لي من اسئلتك .
هل تحلق شواربك ؟
* -
ولتقطع " براطمي أيضاً "

إذن لقد بلغتاستراتيجية هذا الحوار مداها – حسب كلمتك المفضلة – لذا أقول لك في أمان الله ياسعيد!
* -
أهلك مطروا .. والله يوجه لك يا غلّتي .." .



أجرىالحوار : علي الدميني

في أواخر يونيو 1999م

ايوب صابر 06-03-2012 11:21 AM

ماذا تعرف عن هؤلاء ؟ (39) ... عبدالعزيز مشري - رحمه الله -

ولدرحمه الله في قرية محضرة بالباحة عام 1374ه وعمل محررا ثقافيا في ملحق المربد الذيكانت تصدره جريدة اليوم كما شارك في بعض المنتديات والمهرجانات الأدبية داخلالمملكة وخارجها واصدر مجموعة أعمال سردية وهي: موت على الماء، اسفار السروي، قالالمغني، الزهور تبحث عن آنية، الفيوم ومنابت الشجر، الوسمية، الحصون، أحوال الديار،ريح الكادي، بوح السنابل، صالحة، جاردينيا تتثاءب في النافذة، مكاشفات السيف،الوردة .
كما ساهم في كتابة المقالة الصحفية عبر زاويته (تلويحة) في أكثر منصحيفة سعودية، كان آخرها الجزيرة وعبر ملحقها الثقافي الذي آثر الراحل الكتابة فيهمنذ حوالي أربع سنوات وكان النادي الادبي الثقافي بجدة قد اقام حفلا تكريميا للمشريالعام الماضي, تخللته العديد من المناقشات والمداخلات الأدبية حول تجربة الكاتبالروائية والقصصية,, وريادته في هذا الشأن, كما اصدرت جريدة الجزيرة ملحقا ثقافياخاصا بإبداع وأدب المشري وقدمت مؤسسة الجزيرة الصحفية درعها تكريما لجهد الاستاذالمشري في الأدب السعودي.
كما اقام فرع الجمعية العربية السعودية للثقافةوالفنون في الباحة مسقط رأس الكاتب الراحل حفلا تكريميا آخر,, احتفاء بتجربتهالرائدة,, ومساره الابداعي المتميز,, وكفاحه الانساني العظيم,,
كما قام الشاعرعلي الدميني بجمع ما كتب عن المشري من دراسات نقدية ومتابعات وشهادات واصدرها فيكتاب حمل اسم ابن السروي,, وذاكرة القرى وظهر متزامنا مع حفل تكريمه فيالباحة.
ويعد الراحل اضافة الى تميزه في الكتابة الروائية - التي أشاد بهاالناقد المصري الدكتور علي الراعي,,, واصفا روايته الفيوم ومنابت الشجر بأنها تضعكاتبها في مصاف كتاب الرواية في العالم العربي - في طليعة كتاب القصة القصيرة فيالمملكة والعالم العربي,, متميزا بعالمه المستوحى من البيئة,, وقدرته على استحضارالتفاصيل,, ولغته الشعرية المعبرة,.
ولا يكاد المثقفون السعوديون يجمعون علىتميز كاتب في التجربة المعاصرة قدر اجماعهم على تميز الخط الابداعي للمشري.
كانأبرز من كتب عن طبيعة الحياة في القرية الجنوبية بل أبرزهم حيث نقل عبر تجربتهالروائية والقصصية منظومة العادات والتقاليد والقيم والمكونات الحضارية لهذه القريةفي أعماله.
كما استوحى طبيعة انسانها,, ومزاجه وحسه الانساني.
كما كانت تجربةالمرض جلية في إبداع المشري,, حيث استمدها كمقومات إبداعية نقل عبرها,, أدق تفاصيلالاحساس الانساني ساعة المرض,, بتلك الشفافية المتناهية,, والوصف الواقعي المنتقى,, الحساسية الاستثنائية.
وكانت تجربته في التحرير الثقافي عبر جريدة اليوم,, للحدالذي انتج مجموعة كتاب ومثقفين كان الراحل قد استوعب وجودهم ونشاطهم الثقافي,, وقدمهم للساحة,, عبر ذلك الملحق.
وقد ارتبط الراحل بعلاقات احترام وتقدير بالغمن المثقفين السعوديين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم,, وكان محور العلاقة من قبله الادبوالاحترام المتناهي,, وتقبل وجهة نظر المخالف,, والحيوية في قبول الرأي الآخر,, والتفاعل المعرفي الخلاق مع الآراء بمختلف توجهاتها.
وتبلغ ارادته الاسطورية فيمواجهة المرض حدا كان مثار اعجاب واكبار الآخرين,, اذ ظل يكتب حتى اللحظات الاخيرةمن حياته.
يقول الدكتور معجب الزهراني معلقا على هذا الجانب: مرت بي فترة واناعاجز تماما عن ان ارى عبدالعزيز او ان اقرأ أو اسمع شيئا عنه كنت اضعف بكثير منألمي، واقوى بكثير من أية مثابرة لاخفائه او التصريح به, كنت أثمن كل ما يكتب عنهواليه وهو في ذروة جديدة من ذرا معاناته المتصلة اتصال ابداعه وحضوره,, لكنني لماستطع المشاركة في هذا النوع من الكتابة لان لعبدالعزيز عندي صورة تختلف كليا عنعبدالعزيز الذي يكتب عنه الآخرون,, لم استطع ابدا الفصل بين الكائن,, والكاتب فيه،ولا بين النص والشخص المشري, كلاهما من الألفة التي بحيث لا يمكن استحضار احدهمادون الآخر، ومن المحال استحضارها خارج فضاء الحياة الخفيفة المرحة البسيطة العميقةالتي تحتفل بها كتابته .
كما كان صديقه ورفيق دربه علي الدميني من أبرز من احتفىبتجربته وعني بانتاجه (كائنا وكاتبا) وكان من ابرز نصوصه الشعرية التي كتبها لهقصيدة لذاكرة القرى .
,, مثلما سيطل الغريب على محضره
سيطل ابن مشري على نفسهفي البيوت التي
نبتت من عروق الجبال
وسيسألها عن فتى ذاهب لحقولالبدايات
حيث تسيل ورود الطفولة,.
فوق عيون الحصى
مثلما تتنامى علىشجره
وسيبسط كفيه قرب المساء
لتأوي اليه العصافير
من غابة اللوز، والطلح ،والعنب الفارسي
والرعيني كما تهطل المغفرة,,
كما كان إبداع المشري موضعاللعديد من الدراسات النقدية وتناول انجازه القصصي والروائي باعتباره ملمحا مستقلافي مسار الابداع السردي في المملكة وقد تناول أدبه بالدراسة الناقد الدكتور محمدصالح الشنطي، والدكتور معجب الزهراني، والدكتور حسن النعمي، والدكتور يوسف نوفل،والاستاذ عابد خزندار، والاستاذ احمد بوقري، والاستاذ حسين بافقيه، والاستاذ معجبالعدواني، والاستاذ عبدالحفيظ الشمري، والاستاذ احمد سماحة، والاستاذة فوزيةابوخالد، والاستاذ حسن السبع، والاستاذ فايز أبا.
ولا يكاد يذكر واقع السرد فيالمملكة حتى يكون اسم المشري أبرز رموزه.
ولم يتوقف إبداعه عند القصة والروايةبل امتلك تجربة تشكيلية ثرية,, حيث مارس الراحل الرسم بالالوان,, مثلما ابدع بالرسمبالكلمات.
وقد قام بتنفيذ الرسومات الداخلية للمجموعة الشعرية الاولى للشاعرةفوزية ابوخالد الى متى يختطفونك ليلة العرس ,, كما رسم لوحات بعض اغلفة أعمالهالنثرية مثل: ريح الكادي، والحصون، وموت على الماء، والزهور تبحث عن آنية .
ويعتبر شقيقه الاستاذ احمد بن صالح مشري والشاعر علي الدميني من اقرب اصدقائهالى نفسه.
وقد نشرت الجزيرة اطول حوار صحفي ثقافي حول تجربة المشري الإبداعيةوالحياتية أجراه الاستاذ علي الدميني,, إبان تكريمه في جمعية الثقافة والفنونبالباحة,, ثم نشر في كتاب ابن السروي وذاكرة القرى .
من أعماله:
¨ موت علىالماء – قصص
¨ الزهور تبحث عن آنية - قصص
¨ الحصون – رواية
¨ ريحالكادي – رواية
¨ مكاشفات السيف والوردة
¨ الوسمية – رواية
¨ الغيومومنابت الشجر – رواية
¨ أسفار السروي – قصص
¨ بوح السنابل – قصص
¨ قالالمغني
¨ صالحة
¨ أحوال الديار - قصص
¨ جاردينيا تتثاءب في النافذة
من أعماله:
¨ موت على الماء – قصص
¨ الزهور تبحث عن آنية - قصص
¨ الحصون – رواية
¨ ريح الكادي – رواية
¨ مكاشفات السيف والوردة
¨ الوسميةرواية
¨ الغيوم ومنابت الشجر – رواية
¨ أسفار السروي – قصص
¨ بوحالسنابل – قصص
¨ قال المغني
¨ صالحة
¨ أحوال الديار - قصص
¨ جاردينيا تتثاءب في النافذة

ايوب صابر 06-03-2012 11:23 AM

الظروف الحياتية التي اثرت في تكوين الاديب عبد العزيز مشري
عبد العزيز مشري
- أعاقته ظروفه الصحية عن استكمال دراسته أو الانتظام في عمل وظيفي.
ـ أصيب بمرض السكري وأدت مضاعفات هذا المرض وعلاجه مع مرور الزمن إلى تأثير على البصرواختلال في التوازن والمشي والفشل الكلوي مما اضطره للغسيل عن طريق ( الديلزة ) ،وكذلك تعرضه لضغط الدم.
- زرعت له عملية كلى عام 1993مبجدة وقد تمت العملية بنجاح مما ساعده على السطوع مرة أخرى ، إلا أن ( الغرغرينا ) راحت تأكل أطرافه فبترت إصبع من يده اليسرى ثم بترت قدمه اليمنى وبترت الساق اليسرىكاملة.
- بعد إصدار مجموعتي القصصية الأولى " موت علىالماء " عام 1979م .. توقفاً منلوجياً تأملياً ..
- رأيت أن الكتابة وقتها .. لاتحتاج إلى التغريب والبحث عن مادتها وعالمها من خارج ما يقع في الذهن من حكاياوأحاديث طويلة تكمن عند أصبع القدم وليست في جزر " الهونولولو " أو وديان " واقالواق " ، يضاف إلى هذا الشعور بالغربة القاسية والمرهونة بظرفها الذي لم أجد معهإمكانية لكسرها أو النفاذ منها بمجرد خاطر العودة .. وما سببته من حميمية إنسانيةقوية تجاه عالمي القروي الأول .
- لقد رأيت أن الكتابة لا يمكن أن تصيب وجدانوذهنية كاتبها - الروائية تحديداً - إلا إذا كانت تغمس سن قلمها في دم كاتبهاخزينة معيشته أو تجاربه وطريق رؤيته واستراتيجية .. قل محصلته الثقافية.
- ليس ثمة سر ولا كشف إنما هو الرجوع الحميمي لتفاصيل المكانالطفولي وجماليات معيشته وذكرياته، وبرغم بعد المكان على الإنسان يبقى يحن للأشياءالتي ارتبطت باندها شيته ومعيشته الأولى .. أذكر عندما كنت في إحدى الولايات في " أمريكا " وفي ظرف صحي يصعب وصفه تمنيت - وقت إذ امتنعت عن تناول أي نوع من الطعاموالشراب - تمنيت كسرة خبز ناشفة من حب " البلسن " العدس البني الصافي - مع قهوةالبن أو مع اللبن الحامض بالريحان
- يقول العلماء إن الإنسان في لحظة خطرة مباغتة .. يصرخ منفعلاً بلغته التي تعلمها في بيئة وطفولته، ولحادثة تحدث في عمر كبير وفيمنطقة بعيدة جداً وغربية اللغة والحياة عن بلده .
- كنت في الطفولة مفتونا بالنجوم وبعدها وكنت أحلم بنجم أخضر مضيء.
- الذائقة الفنية أيضاً - ومع علاقتها بالثقافة - لا يمكن فصلها عنزمن الطفولة والنشاة
- تميزت شخصيتك في سنوات الطفولة والصبا وحتى السنوات الأولىالتي قضيتها معنا في الدمام بالتأمل والأناقة مع ميل للانطواء،ولم تكن ترتاح أوتشارك في الأحاديث التي تخوضها مجموعة كبيرة من الأصدقاء، فاتخذت شخصيتك ملامحهاالجادة المبكرة والزاهدة في الآخرين، وفجأة وجدناك تحيل كل شيء إلى سخرية مرة أوهازلة،ثم ما لبث هذا التحول أن تغلغل داخل تكوينك الكتابي واليومي فأفدت منهالكثير في حياتك وأعمالك الكتابية حتى أصبح الحديث معك متعة خاصة يتعشقها الكثيرونوالكثيرات .هل يمكن أن تضع أيدينا على جذور ذلك التحول الهائل في تكوينك منالانطواء إلى الهزل وإلى السخرية وحب الدعابة ؟
- عندما كنت أعيش في القرية إلى سن أول العشرين .. لم أكن لأعرف العالم بمحيطاته وأناسه واختلاطات إيقاعاته وسهوله و جباله .. سوىبحدود طلوع الشمس من مشرقها خلف الجبل الكبير المقابل للبيت من بعيد،وللحصنالقديم الذي تلتف حوله برتقاله الشمس النحاسية في الغروب .. هذه حدودي التي التقطتفي تفاصيلها عالمي الأليف والحبيب والشقي أيضاً بآلامه وحرمانه، لكنه كان حميمياًومتغلغلاً في انسجتي وخلايا ذاكرتي وجوارحي ..
- فجأة أخذتني أقدار الصحةإلى " الرياض " .. فكنت أهرب من المستشفى في السابعة مساءاً لكي أعود إلى بيتي فيمدينة " الدمام " اقضي نصف الوقت في الطريق ( 3-4 ) ساعاتوأعود إلى غرفتيبالمستشفى قبل السابعة صباحاً ..لا تقل إنني كنت مجنوناً .. لقد كان هذا يحدث وفيحالة إغماء فالظرف الصحي كان صعباً.
- اقامتي في القاهرة كانت تجربة مهمة فيحياتي على كل الأصعدة غير أن اهتمامي بالكتابة عن عالم خاص شديد المرارة كما رأيت .. جعل رواية "الوسمية " تأخذ المكانة الحميمية الأولى وقتها، و بعد ذلك أخذتالأشياء تتوالى كتابياً في هذا البحر.
- لم يقم السفر الزواجيفي طريقه لقد ازدادت الصحة سوءاً واستمرت حالات عدم الوفاق من الطرفين .. ثم اتفقابصورة إنسانية على الانفصال . انفصلنا في حال تراجيدي صعب وكان كل منا في حالةحزن شديد ..
- يقول : أرى أن الإنسان عموماً وليس الكاتب المبدع وحده .. هونتيجة تجربة كتابية وإنسانية أولاً تصل إلى الحد الذي وصل إليه .. أنا كتبت فيمرحلة ( أعتقد أنها ثائرة الدم والعصب والفن ) .. مجموعتي الأولى " موت على الماء " ..النقاد أعتبروني ضدها لغة وفكراً بحكم اليوم .. لا مشكلة!.. أنا اليوم ( نهايةالقرن ) وبحكم التطور المرحلي ( في العمر والتجربة ) .. لا يمكنني أن أكتب لذاتاللغة والنحت المفردي الخاص في مجموعة " موت على الماء " .. مع أن الموت لا يزالقائماً .
- اخوالي من قرية بعيدة و من قبيلة غير القبيلة التي فيها قريتنا، وكنت أذهبإليهم مع والدتي مسافة نصف يوم مشياً على الأقدام ولا أنسى تفاصيل الطريق والقرىالتي نمر بها وبالطبع أسماءها ومساجدها ومدارسها الابتدائية والشعراء المعروفينوقراهم ..

ربما ان ظروف المعيشة التي عاشاها في طفولته كانت صعبة للغاية ومثل ذلك سيره على الاقدام لمدة نصف يوم حتى يصل الى بيوت اخواله، لكن ربما ان المرض هو سبب ازمته الاساسية.


يبدو ام مشري عاش مأزوما بسبب المرض.

مأزوم

ايوب صابر 06-03-2012 11:24 AM

100- البشموري سلوي بكر مصر
البـشـمـوري
رواية في الجغرافية والتاريخ والأديان
لا بدَّ، أولاً، من توضيح بضع نقاط قبل الخوض في بحر البشامرة، ألا وهي أن "البشموري" هو الفلاح القبطي الذي يسكن شمال مصر – دلتا النيل –، تلك الأراضي الموحلة من جراء جريان نهر النيل العظيم وفيضاناته، حيث العيشُ خَطِرٌ وصعبٌ بالنظر لما يجلبه النهرُ من طمي وتغيير في معالم الأرض والمكان؛ ولغة أبناء هذه الأرض هي "البشمورية"، إحدى لهجات الأقباط المصريين.
المصدر الرئيسي لكتاب سلوى بكر[1] الذي نتناوله في هذا العرض إنما هو تاريخ الكنيسة القبطية – تاريخ الآباء البطاركة – للأب سايروس بن المقفع الذي اعتمد مزج التفاصيل الصغيرة بالأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عرضه تاريخَ مصر. فهو المؤرخ الوحيد الذي تطرَّق إلى ثورة البشامرة، الفلاحين القبط، وغيرهم ضد الخليفة المسلم، حاكم البلاد – مع العلم أن الكنيسة القبطية آنذاك أيدت الحكم الإسلامي ضد ثورة البشامرة وتوسطت لإقناعهم بدفع الخِراج للدولة وإعلان الطاعة؛ مما يجعل الرواية تعكس آخر مشهد في حياة مصر قبل تحوُّلها إلى دولة مسلمة بعد أن عرَّبت الكنيسةُ القبطيةُ الصلاةَ فيها.
تجري أحداث الرواية في عهد الخليفة المأمون، الذي قضى على ثورة البشامرة، حتى لم تقم لهم بعد ذاك قائمة. ثم استخدم الخليفة المعتصم الأسرى الأقباط الذين جُلِبوا إلى بغداد، مركز الخلافة، للقضاء على "ثورة الزلط" (وفي مصدر آخر: "الظط") في جنوب بغداد، نظرًا لمعرفتهم (أي الأسرى الأقباط أو البشامرة) بخصائص الماء والتراب وجغرافية الأرض الموحلة.
تبدأ الرواية بإرسال الكنيسة ممثِّلَين عنها، هما الشماس ثاونا الناضج الحكيم وبدير بطل القصة وخادم الكنيسة، إلى البشامرة لإقناعهم بالتخلِّي عن ثورتهم ضد الخليفة وبقبول دفع الخِراج للدولة. وفي الطريق تبدأ الصعوبات: فجغرافية شمال مصر شيء متحول، حيث يقوم النهر العظيم بتغيير جريانه عدة مرات خلال الفصول تبعًا لقوة المياه، فتتغير مواقع فروعه. وتبدأ بالنسبة للكاتبة صعوبةُ استعادة أمكنة الأحداث؛ فالقرى المذكورة قد اندثرت من الخريطة.
وفي أثناء المسير، تنهال الذكرياتُ على بدير وتتلاحق: فهناك كان مسقط رأسه، وهناك كان غرامُه بفتاة أرادها أخوه زوجةً له وانتحارُها وهروبُه ولجوؤه إلى الدير. وفي الطريق، يصادف الرسولان الكثير من الناس المحتاجين، – وهنا تظهر تداخلات العناصر القبطية مع العناصر الفارسية والوثنية في عادات الناس وإيمانهم الشعبي، – إلى أن يصلا إلى مركز البشامرة المتمرِّدين، الذين يرفض زعيمُهم مينا بن بقيرة فكرة العدول عن الثورة ويأبى تقديم فروض الطاعة للخلافة، رافضًا حجج ثاونا الشماس بأن حكم المسلمين أهون شرًّا من حكم غيرهم من الطامعين في أملاك الكنيسة. فـ
[...] كورة مصر قد هلك أهلُها من الظلم والخسائر والخِراج، كما أن أصحاب تاووفيليكس الخلقدوني لا يألون جهدًا لاغتصاب ضيعنا التاوضوسية بغير حق [...] يؤذون الكنيسة الجامعة ويقطعون خيرها من البلاد.[2]
ثم يأتي جيش الخلافة، فيبيد المتمردين ويسوق الباقين منهم أسرى. وهنا، للمرة الأولى، يفترق بدير، خادم الكنيسة الذي أصبح أسيرًا، عن معلِّمه ثاونا، وتبدأ رحلةُ عذاباته. يؤخذ بدير أسيرًا عن طريق البحر. ونجد وصفًا قويًّا لرحلة الأسرى البحرية إلى أنطاكية، مركز المسيحية الشرقية، ومعاناتهم. وتخوض سلوى بكر هنا في تفاصيل حياة الأديرة وعادات الناس الشعبية، فتكتب عن أماكن اندثرت ولم تذكرها كتب التاريخ، انطلاقًا من الكلمة المصدر التي أصبحت كنزًا من منظارها.
وفي أنطاكية، عمل بدير في خدمة أحد الكهنة، كونه ملمًّا بأمور الدين وباللهجات القبطية. ثم بعد وفاة معلِّمه، انتقل إلى خدمة كاهن آخر ذي ميول شاذة وعلاقات مع أطراف أجنبية، ففكَّر بأن أفضل طريقة للهروب من خدمة معلِّمه الجديد إنما هي بالتنكُّر لماضيه الكهنوتي. لذلك كان وضعُه في سجن انفرادي حتى يتم تقريرُ مصيره. ونلاحظ هنا كيف عملت مخيلة بدير على استذكار المفردات اللغوية وتعدادها ومقارنتها باللهجات الأخرى كي يُبقي ذهنَه حيًّا. فـ...
[...] في ليلة عددتُ من أنواع الطير التي أعرفها ما يربو على المائة.[3]
ثم يُنقَل بدير إلى بغداد لخدمة الخليفة، مرورًا ببلاد الشام وفلسطين. وتعود الجغرافية لتصبح سيدة الموقف من جديد: فالوصف هو صورة فوتوغرافية لبغداد قصر الخليفة، بغداد الشارع، بغداد الطوائف، بغداد الثقافة والترجمة واللغات والثورات... فيأتي متحفُ التاريخ ليربطنا بجغرافية المكان. وهذه كانت المحطة الثانية الهامة في حياة بدير، خادم الكنيسة ورسولها إلى البشامرة؛ إذ يتحول بدير إلى الإسلام، فيصبح حرًّا يعمل في نسخ الكتب وترجمتها.
ثم، بعد مكوثه فترة في بغداد، يقرِّر العودة إلى مصر كي يقابل ثاونا ويدعوه إلى الدخول في الإسلام. وفي طريق العودة، يمضي سنوات في فلسطين ناسكًا ودرويشًا، ليتابع بعد ذلك طريق عودته إلى بلده، فيصل إلى معلِّمه، الذي كان على فراش الموت، ويدعوه إلى الدين الجديد. فيرفض هذا الأخير اعتناق الإسلام ويموت، معبِّرًا بوفاته، كشخصية قبطية "نخبوية"، عن تراجُع القبط لصالح المسلمين. أما بدير فيتحول إلى درويش متصوف يجوب وحده الطرقات متعرضًا للضرب والإهانة، جاعلاً علاقته مباشرة مع ربِّ العالمين. فـ...
حسـبي الله توكَّـلتُ عليه
من تواصي الخلق طرًّا بيديه
ليـس للهـارب في مهربه
أبـدًا مـن راحـة إلاَّ إليـه
رُبَّ رامٍ لي بأحجـار الأذى
لم أجد بدًّا من العطف عليه[4]
وفي النهاية، لا بدَّ من ملاحظة أخيرة مُفادها أن البشموري، التي تسمِّيها كاتبتُها بـ"رواية الروايات"، إنما تهتم بمشهد مصر الثقافي في العصر الوسيط: مصر الوثنية، القبطية–المسيحية، فالمسلمة الناطقة باللسان العربي القديم والقبطي والفارسي والسرياني والنوبي معًا – مصر "المنصورة" التي احتوت تلك التلاوين كلَّها وطوَّعتْها!

ايوب صابر 06-03-2012 02:22 PM

البشموري


البشموري … لسلوى بكر
ما أن وقع نظري علي أسم الكتاب حتي تزاحمت الأفكار في عقلي اشتريته مسرعاً من مكتبة مدبولي . ذهبت إلي مقهي الجريون القريب ،ف فضولي لم يطق صبر الأنتظار حتي أعود إلي المنزل . جلست في أقصي الركن الشرقي و طلبت قهوتي و قررت البدء في القراءه فور وصولها و جلست أفكر ………… البشموريين أسم مجهول تماماً لدي العامه ،و نادراً أن يعرفه أحد من المثقفين و تسقطه كل كتب التاريخ الحديثه عن قصد أو جهل… من هو البشموري؟ ،، ينتمي إلي البشموريين وهم أقباط سكنوا شمال الدلتا ويعملون فى إنتاج ورق البردى الذى كان العالم كله فى ذلك الوقت يستخدمه لتسجيل علومه ومعارفه وفى مختلف أنشطه حياته اليوميه ..ثاروا ضد الظلم أيام عيسى بن منصور الوالى في عهد الخليفه المأمون من زياده ظلم جباة الخراج (الضرائب) و ولاتهم وضوعفت الجزية و انضم اليهم بعض المسلمين من العرب
و كانت الدلتا حتي العصور الوسطي منطقه مستنقعات ذات تضاريس صعبه و طرق وعره لا يجيد التنقل فيها ألا المخضرمين من أهلها و تاريخهم لم يتطرق له سوي القله القليله من ساردي التاريخ سواء بالذم أو الأستحسان ….. فيقول تقى الدين المقريزى في اختصار: ” انتفض القبط فأوقع بهم “الأفشين” – قائدا تركيا – على حكم أمير المؤمنين عبد الله المأمون فحكم فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والذرية، فبيعوا وسُبى أكثرهم، حينئذ ذلت القبط فى جميع أرض مصر..
قال ساويرس ابن المقفع (عامل العرب البشموريين على الأخص فى غايه من القسوه فقد ربطوهم بسلاسل الى المطاحن وضربوهم بشده ليطحنوا الغلال كما تفعل الدواب سواء بسواء فإضطر البشموريين أن يبيعوا أولادهم ليدفعوا الجزيه ويتخلصوا من آلام هذا العذاب وكان يعذبهم رجل من قبل الوالى إسمه غيث )
السورى المؤرخ :وقالوا إن أبا الوزير ” يقصدون الوالى” كان يرغمهم على دفع الجزيه وكانوا لا يستطيعون تحملها ، فكان يسجنهم ويضربهم ضربا مبرحا ويضطرهم الى طحن الحبوب كالدواب تماما ، وعندما كانت تأتى نسائهم إليهم بالطعام ، كانوا خدمه(عماله) يأخذونهن ويهتكون عرضهن وقد قتل منهم عددا كبيرا ، وكان عازما على إبادتهم عن بكره أبيهم حتى لا يشكوه الى الخليفه)
ورأى المأمون كثره القتلى أمر جنوده بأن يتوقفوا عن قتلهم ثم أرسل فى طلب رؤسائهم ( وأمرهم أن يغادروا بلادهم غير انهم اخبروه بقسوه الولاه المعينين عليهم وأنهم إذا غادروا بلادهم لن تكون لهم موارد رزق إذ أنهم يعيشون من بيع أوراق البردى وصيد الأسماك
وأخيرا رضخوا للأمر وسافروا على سفن الى أنطاكيه حيث أرسلوا إلى بغداد وكان يبلغ عددهم ثلاثه آلاف ، مات معظمهم فى الطريق ، أما الذين أسروا فى أثناء القتال ، فقد سيقوا كعبيد ووزعوا على العرب وبلغ عدد هؤلاء خمسمائه ، فارسلوا إلى دمشق وبيعوا هناك وأمر المأمون بالبحث عما تبقى من البشمورين فى مصر وأرسلهم الى بغداد حيث مكثوا فى سجونها .
أخذتني روعة السياق الأدبي و السرد و الأهتمام بأدق التفاصيل إلي اقترابي من تصديقها ، الروايه بها الكثير من التاريخ المدون الذي أجمع عليه المؤرخون الثقاه من المسلمين و المسيحين ، فما حدث للبشموريين هو في واقع الأمر أباده جماعيه بعيده تمام البعد عن أي أخلاق أو مبادئ أو أديان
لا أوافق علي تحول عقيدة بدير الغير مبرر و تسارع أهم جزء في الروايه وهو المعركه ، و اخطتاف النسر لثوب بدير الكنسي ، و عدة نقاط أخري غير ذات اهميه تاريخيه
قضي علي البشموريين بقسوه بالغه و أنتهي أمرهم
دعوه لقراءة روايه جديره بالقراءه
أمنيتي أن يتعلم منها أبناء العمومه المصريين أن يحبوا بعضهم البعض

ايوب صابر 06-03-2012 02:23 PM

سلوى بكر , البشموري , مكتبة مدبولي


البشموري" رواية استثنائية لكاتبة جريئة وجادة ومجدِّدة، حقَّقت مكانة خاصة منذ أولى خطواتها الإبداعية، ثم توالت أعمالها التي لاقت تقديرًا واحتفاءً في مصر والعالم، وتُرجمت إلى عدة لغات. من روايتها: "العربية الذهبية لا تصعد إلى السماء" 1991، "وصف البلبل" 1993، "ليل ونهار" 1997، ومن مجموعاتها القصصية: "زينات في جنازة الرئيس" 1986، "عن الروح التي سرقت تدريجيا" 1989، "إيقاعات متعاكسة" 1996، "نونة الشعنونة" 1999، ومسرحية واحدة هي: "حلم السنين" 2002.

و"سلوى بكر" لا تستسهل، إنما تقتحم الغابات، تبحث عن المناطق الشائكة، لتدخلها حافية، وكأنها عارفة طريقها.

و"البشموري" لحظة حرجة في تاريخ الشعب المصري، خلال مرحلة الفتح الإسلامي، لحظة مرّ عليها أكثر من ألف وأربعمائة عام. كثير من المبدعين، بل من المؤرخين، يتخوفون قراءتها، لكنها كعادتها قررت وكتبت.

في هذه الرواية لن نقرأ تأريخًا جافًا وباردًا لثورة البشموريين، ولكننا سنقرأ تضفيرًا، لا يقدر عليه غيرها، بين ما هو حقيقة، وما هو خيال. بين ما هو تاريخ، وما هو إبداع. بين ما هو ثابت وما هو ماش على قدمين. أناس من لحم ودم، ويصرّون على امتلاك الحقيقة، والثبات على المبدأ.

تأتي هذه الرواية، لتفتح بابا كبيرا، لقراءة تاريخنا المستبعد عنّا، بفعل عوامل كثيرة، لا لنتعاطف معه، ولكن وبالأساس، لنعرفه.

تقول سلوى بكر: "تقوم بنية «البشموري» على تلاحم فسيفساء تاريخية كثيرة على خلفية من السرد الروائي لتشكل ضمن هذه الخلفية محصلة وقائع ورؤى روائية لفترة غامضة، يبدو التاريخ فيها وكأنه لا نهاية له، ومن هنا فان نص الروائي ما هو الا جملة نصوص كتبت في فترات تاريخية مختلفة، اضافة الى هذا النص، وكأن الرواية تعيد تنسيق وتنظيم الروايات التاريخية هذه ضمن لوحة مشكلة للمشهد الثقافي الحضاري لتلك الفترة بالغة الأهمية، فهي تحتفي بالهامش التاريخي وتعتبره متنا داخل الرواية، كما انها تحتفي بالمسكوت عنه خصوصا اليومي والمعتاد وتضمه ضمن متطلبات ذلك الهامشي المبتعد، وتنقض في الوقت نفسه المتون التاريخية المزمنة والمنحازة الى كل الأيديولوجيات المسبقة والتي تلوي عنق الحقائق والوقائع الانسانية باتجاهه وتفقدها مضامينها النبيلة".

ايوب صابر 06-03-2012 02:24 PM

سلوى بكر
وكيبيديا
ولدت في القاهرة في 1949. بكالوريوس إدارة أعمال من كلية التجارة – جامعة عين شمس – في عام 1972 وليسانس نقد مسرحي عام 1976. عملت كمفتشة تموين منذ عام 1974 و حتى 1980. ثم عملت كناقدة مسرحية وسينمائية لعدة منشورات عربية. في 1985 ركزت على الكتابة الخلاقة المبدعة. لديها 7 مجموعات قصصية، 7 روايات، ومسرحية. ترجمت أعمالها إلى عدة لغات. أستاذ زائر بالجامعة الأمريكية 2001. عضو لجنة تحكيم مهرجان السينما العربية مراجع : http://www.goodreads.com/author/show/1937964._

ايوب صابر 06-03-2012 02:28 PM

لقاء مع الكاتبة والروائية المصرية سلوى بكر
12/05/2008
التقاها في القاهرة : محمد القذافي مسعود
" لا أظن أن هناك رواية مثل " البشموري " "
" النقد العربي متخلف جدا والنقاد تحكمهم اعتبارات كثيرة "
لماذا كان اختيارك للسرد كشكل تعبيري دون غيره من أشكال التعبير الأخرى ؟
ربما كانت القصة القصيرة أو الرواية هي الشكل الأنسب لمساحة تعبيرية أوسع عن واقع وحياة وعن أسئلة ملحة في واقعنا وفي مجتمعاتنا العربية _ القصة والرواية كشكل أدبي هي شكل تعبيري يتيح للمتعامل معه أن يعتني بالتفاصيل ، أن يفرد مساحة واسعة بجملة من الإشكاليات والأسئلة من خلال الشخوص وعوالمها وتشابك هذه العوالم مع بعضها البعض ، في النهاية هذا السؤال يصعب الإجابة عنه لأن الإبداع في حد ذاته به جانب غامض جانب غير مفهوم لماذا تكتب القصيدة ولا تكتب الرواية ربما أيضا هنا تكمن الإجابة على هذا السؤال .
متى نستطيع أن نقول أن هذا الروائي أو هذه الروائية صاحبة بصمة أو خصوصية ؟
الروائي أو الروائية تكون صاحبة بصمة عندما تضيف إلى خارطة المنجز الروائي أو القصصي في زمن ما في منطقة ما أو ربما على مستوى العالم كله البصمة تصنع من خلال اجتياز مناطق وأمكنة جديدة لم تتطرق إليها الرواية أو القصة من قبل هنا تكون بصمة خاصة ، لذلك المسألة ليست في أن أكتب ولكن أن أضيف لما كتب هذا هو السؤال الصعب وهذا السؤال هو الذي يكون بصمة خاصة يصعب تجاوزها أحيانا كما في بعض حالات الكتابة أو بصمة تكون لها ملامح قد تفيد فيمن يسير على دربها فيما بعد .
في تقديمه لروايتك " مقام عطية " يقول محمد مظلوم " ويأتي انحيازها الواضح للنوفيلا كشكل سردي أطول من قصة قصيرة وأقصر من رواية طويلة "
هل جاء هذا الانحياز كمحاولة تجريبية أم أنه مجرد ارتياح لهذا الشكل ؟
أنا لم أنحاز للنوفيلا أو القصص القصيرة فقط فما أنتجته من أعمال به روايات طويلة لدي حوالي ستة روايات منهم على الأقل خمسة روايات يعني من النوع يمكن أن نقول أنها ليست نوفيلا هي رواية طويلة أنا لا أنحاز لشكل على حساب شكل آخر ولكن أنا أكتب على هوى القلب إذا ما وجدت الشكل المناسب هو القصة أكتب القصة ،إذا ما كان المساحة التعبيرية واسعة أكتب الرواية وهكذا فلا يوجد تحديد مسبق لما أنتوي أن أكتبه قبل الكتابة أنا دائمة التجريب كل عمل جديد هو بالنسبة لي مغامرة ، هو محاولة للاكتشاف اكتشاف ما بداخلي ، اكتشاف عوالم الآخرين إذن التجريب هو ضرورة وهو لا يمكن أن يفترق عن الإبداع بأي شكل من الأشكال .
هل مازال العالم العربي في حاجة إلى ثورات ؟
محتاجين إلى براكين وليس إلى ثورات ، العالم العربي يحتاج إلى ما هو أكثر من ثورات والثورات هنا قيمية ، نحن علينا أن نعيد طرح الأسئلة المتعلقة بادراة حياتنا بطرائق إدارة هذه الحياة ما هي الحضارة ؟
هي طريقة للحياة لماذا نحن متخلفين حضاريا لأننا لا نعيد طرح الأسئلة ولا نجدد الأسئلة المتعلقة بحياتنا بقيمنا بمفاهيمنا كيف نأكل كيف نحب كيف نتزوج كيف نرى الكون الخ هذه الأسئلة التي ربما تفوق الغرب علينا الذي طوال الوقت يجددها ويعيد إنتاجها بصرف النظر عن الإجابات قد تكون الإجابات خاطئة أحيانا ولكن عندما يعيد التساؤل مرة أخرى فهو يصل في النهاية إلى إجابة صحيحة ويربط هذه الإجابة بالزمان والمكان وهذا ما لا نفعله نحن لدينا إجابات من أزمنة مسبقة مازلنا نصر على أن هذه الأزمنة التي نعيشها الإجابات القديمة هي الملائمة لها .
المثقف والسلطة هذه العلاقة المتوترة كيف ترينها ؟
علاقة المثقف بالسلطة في العالم العربي هي علاقة ملتبسة علاقة نشأت في ظروف غير سوية نحن نعلم أن السلطات في مجملها هي سلطات قامعة في العالم العربي سلطات هي نتاج تركة تاريخية طويلة من القهر وعدم قبول الاختلاف وعدم احترام الرأي الآخر ، المثقف الذي تعامل مع سلطات من هذا النوع هو وقع دوما تحت تأثيرها سواء بالترغيب أو بالترهيب ناهيك على أن هذه السلطات دأبت على تهميش الثقافة ودور المثقف أيضا المثقف هو بدون حماية وغطاء من أحزاب سياسية قوية معارضة هو لا يستطيع أن يؤدي دوره ربما هذه هي الإشكالية ، العلاقة بين المثقف والسلطة يجب أن نفتش عليها في طيات غياب معارضة سياسية قوية في العالم العربي .
الدكتور عبدا لله الغذامي يعتبر أن " الحداثة هي انتصار الأنوثة على الذكورة " مار أيك أنت ؟
هذا كلام أنا يعني لا أجده كلاما موضوعيا الحداثة ليست انتصر الأنوثة على الذكورة أو انتصار الذكورة على الأنوثة من وجهة نظري هي تجديد أسئلة تتعلق بكل مناحي الحياة التي نعيشها سؤال العلاقة بين الرجل والمرأة هو أحد هذه الأسئلة وأنا أتصور المسألة ليست ذكورة وأنوثة أن هذا تقسيم بيولوجي في المقام الأول ولكن هي المسألة ربما كانت امرأة ورجل كائن إنساني له كينونة خاصة مغايرة للكينونة الأخرى من هنا فأنا أرى أن هذا الكلام غير دقيق ولا يجب أن نتعامل معه بجدية .
من يعجبك من الروائيات المصريات ؟
في الحقيقة أنا معجبة بأوتل أولوب الدمرداشية وهي روائية مصرية كتبت بالفرنسية وعاشت في أواسط القرن الماضي ولكن أتصور أنها كانت يمكن أن تكون روائية هامة جدا لو تعلمت العربية وكتبت بالعربية على الأقل ما كتبته تأريخ لجانب من سيرة المرأة في مصر، ربما كنا لن نعرفها أبدا إلا إذا لم تكتبها هذه السيدة .
ومن الروائيات العربيات ؟
مش لازم بقى بلاش أصله إيه الأسئلة ذي ، تتكلم عن حد الباقيين يزعلوا تقول والله بتعجبني فلانة ، ما فيش داعي ....
إلى أي حد استطاعت الرواية التي تكتبها المرأة العربية تحقيق تفرد عن ما يكتبه الرجل ؟
طبعا في بعض الأحيان حققت الكاتبة انجازا روائيا يعتقد به وله تفرده وله قيمته أنا على سبيل المثال لا أظن أن هناك رواية مثل" البشموري " كتبت قبل أن أكتبها يعني لا توجد رواية مثلا على غرار" البشموري" وهذا ليس من الغرور يعني ، ولكن هذه حقيقة المرأة حققت منجزا إبداعيا لا يستهان به حتى الآن .
لماذا تصنف الرواية ضمن فنون المدينة ؟
ده سؤال إيه كبير قوي ، الإجابة عليه كبيرة قوي سيبك من السؤال ده .
" أنا أرى أن الأدب الذي تكتبه المرأة مهما كان جريئا إن لم يأخذ دوره في التغيير المجتمعي والتركيبة الوجدانية الأخلاقية للمجتمع فانه يكون أي شئ إلا أدب " كلاديس مطر ... ما تعليقك ؟
هذا الكلام جيد أنا أوافق عليه وهو كلام صحيح كلام كلاديس مطر ، كلام موضوعي وهذا جيد وأنا أتصور الجرأة ليست معيارا للقيمة العمل الأدبي ولكن معيار القيمة يتأتى من مدى قدرة العمل الأدبي على استشفاف رؤية وصورة لما هو آت والقدرة على طرح وتجديد أسئلة هامة بالنسبة للحياة .
" بالتأكيد هناك أسباب متعددة لموت القارئ لكن الكتاب عادة ما يتحاشون وضع أنفسهم بين المتهمين " هذا ما قاله عزت القمحاوي في جريدة أخبار الأدب ( 2006 ) .. .....؟
( ردت بشكل سريع وقاطع ...) لا ما بهتمش بكلام عزت القمحاوي خالص ولا بأخبار الأدب مجلة تافهة أصلا .. جريدة تافهة ...
وما هي الأسباب في رأيك أقصد عدم وجود قارئ لما يكتب وينشر ؟
ما فيش قراء لأسباب اجتماعية سوسيولوجية اقتصادية تعليمية ، نوع التعليم أسباب لا تتعلق بالأدب بقدر ما تتعلق بالمحيط الذي ينتج فيه الأدب ، عندما يكون لديك تعليما رديئا يكره الناس في الثقافة وفي القراءة وفي المعرفة إذا لن يقرأ الناس الأدب وغير الأدب عندما يسود المناخ الديني المتزمت السلفي على المجتمعات العربية يصبح الأدب نوعا من الإباحية أو اللهو أو الكلام الفارغ إذا المسألة تكمن في السوسيولوجية في الاقتصادي في الثقافي ولا تكمن في المنتوج الإبداعي أو الأدبي .
النقد في مقابل النص كيف تجدينه ؟
النقد العربي متخلف جدا ، النقد العربي لا يواكب المنتج الإبداعي النقاد تحكمهم اعتبارات كثيرة ، الأدب أو العمل الإبداعي ليس أولها الموضوع معقد وملتبس ولكن مما لاشك فيه أن النقد متخلف جدا ولا يندفع بحركة إبداعية إلى الأمام .
السؤال الملح الذي يجب أن تطرح الرواية العربية اليوم ..ما هو ؟
الرواية العربية لديها مهمات ، لديها أن تؤرخ للحظة الراهنة أن تسعى لطرح الأسئلة المتعلقة بها كي نتفهمها أن ترصدها بصدق اللحظة العربية الراهنة هي في حاجة إلى رصد على مستويات كثيرة وعلى الرواية أن تتبعها وترصدها على نحو أنين وعلى نحو صحيح .
تصنفين نفسك بكاتبة المهمشين فهل استطعت فعلا أن تكون صوتهم الذي يجب أن يصل ويعلو ؟
أنا أحاول أن أوصف أحوال المهمشين الذين لا صوت لهم ، أحاول أن أتعامل مع المتن والهامش الاجتماعي بحيث استقدم الهامش ليصبح متنا وأهمش المتن ، أظن أن هذا هو يعني مهمة من مهماتي في الكتابة .
محمد القذافي مسعود

ايوب صابر 06-03-2012 02:29 PM

سلوى بكر: أنقب في هوامش التاريخوالجغرافيا لاكتشف حقيقة اللحظة الراهنة
القاصة والروائية المصرية لـ«الشرق الأوسط»: شخوصيمسلحة بإرادة المقاومة ولا تنحاز لأيديولوجيا محددة
القاهرة: عبد النبي فرج
أصدرت الكاتبة المصرية سلوى بكر لحد الآن أربع مجموعات قصصية منها «زينات في جنازة الرئيس» و«ايقاعات متعاكسة»، وسبع روايات منها «البشموري» و«وصف البلبل» و«سواقي الوقت»، اضافة الى مسرحية بعنوان «حلم السنين»، كما ترجم عدد من اعمالها الى الانجليزية والفرنسية والالمانية والهولندية والكورية.

هنا حوار معها عن تجربتها القصصية والروائية:
* هل تتفقين مع الرأي الذي يقول: ان الرواية هي الفن الاكثر ملاءمة للقرن الحالي خاصة وانت تمارسين كتابة القصة القصيرة والمسرح والرواية؟
ـ القرن المنصرم والقرن الحالي هما بالفعل القرنان الاكثر تعقيدا رغم أننا مازلنا في مفتتح القرن الحالي. فلقد بلغت هذه التعقيدات الانسانية ذروتها بسبب الاقتصاد والسياسة، اضافة الى الصراع الاستعماري وهيمنة القطب الواحد، والرواية ساحة ابداعية أوسع وتستطيع بالفعل ان تستوعب هذه التعقيدات التي تمور داخل المجتمع وتفاصيله المتشعبة. كما يجب الانتباه الى شيء مهم هو أن فضاء الرواية متسع لتعدد الأصوات الانسانية وتناقصها، ومن هنا ربما كانت الرواية بما تتضمنه من امكانيات العزف على الانواع الادبية الاخرى، هي الاكثر ملاءمة لروح القرن الحالي.
* هل كونك روائية هو الذي جعل الحوار في مسرحية «حلم السنين» يتميز بالاسهاب حتى يتحول في كثير من المسرحية الى مونولوج داخلي طويل. كيف تفسرين ذلك؟
ـ في «حلم السنين» هناك بالتأكيد بعض المونولوجات المسرحية الطويلة والتي قد يظن البعض أنها أقرب الى الرواية منها الى المسرح، لكن هذا التكنيك الذي لجأت اليه في هذه المسرحية لا يبتعد كثيرا عن فن المسرح. فتلك المونولوجات تتضمن حكايات تتسق مع الجو العام للمسرحية، وهي يمكن ان تؤدى من قبل الممثلين على طريقة الحكواتي، أو المسرح داخل المسرح فمثلا، المشاهد التي تصور العلاقة بين الوزير وطائر الرخ الخرافي لا يمكن تجسيدها في مشاهد حية على المسرح. ولكن يمكن التغلب على تلك المشكلة على هذا النحو مثل استخدام خيال الظل الحكواتي، السينوغرافيا وغيرها من الاستخدامات والتجهيزات الحديثة في المسرح.
* لماذا العودة الى التراث في رواية «البشموري»، أعني لماذا العودة إلى هذه الفترة الملتبسة من تاريخ مصر؟
ـ من حق أي كاتب ان يعود الى التراث فلا يوجد مانع اطلاقا في العودة الى التراث، أما عن هذه الفترة فلأسباب كثيرة يمكن ايجازها في أن هذه الفترة أعادت تشكيل المشهد الثقافي الحضاري لمصر والمنطقة العربية كلها، وربما لان إغواء الكتابة عنها كان كبيرا ومن هنا فإن «البشموري» كانت نوعا من الابداع المجذوب الى التاريخ.
* لكنك صدرت هذه الرواية بوصفها بـ«رواية الروايات»؟
ـ تقوم بنية «البشموري» على تلاحم فسيفساء تاريخية كثيرة على خلفية من السرد الروائي لتشكل ضمن هذه الخلفية محصلة وقائع ورؤى روائية لفترة غامضة، يبدو التاريخ فيها وكأنه لا نهاية له، ومن هنا فان نص الروائي ما هو الا جملة نصوص كتبت في فترات تاريخية مختلفة، اضافة الى هذا النص، وكأن الرواية تعيد تنسيق وتنظيم الروايات التاريخية هذه ضمن لوحة مشكلة للمشهد الثقافي الحضاري لتلك الفترة بالغة الأهمية، فهي تحتفي بالهامش التاريخي وتعتبره متنا داخل الرواية، كما انها تحتفي بالمسكوت عنه خصوصا اليومي والمعتاد وتضمه ضمن متطلبات ذلك الهامشي المبتعد، وتنقض في الوقت نفسه المتون التاريخية المزمنة والمنحازة الى كل الأيديولوجيات المسبقة والتي تلوي عنق الحقائق والوقائع الانسانية باتجاهه وتفقدها مضامينها النبيلة.
* في الوقت الذي تدينين هذه الايديولوجيا تتكئين في عملك عليها من حيث احتفاؤك بالهامش الذي هو بالطبع ايديولوجيا؟
ـ كل انسان في العالم يرتكز على ايديولوجيا بشكل من الاشكال، حتى وإن لم يع ذلك تماما. وانا بالطبع منحازة لكل ايديولوجيا تحتفي بالفقراء والمهمشين وتلك الكتل البشرية المنسية التي لا يعبر عنها في الأدب أو التاريخ. ولكن الحقيقة ان الذي اردت معارضته في هذه الروايات وما حاولت اثباته هو تجيير الحقيقة لصالح الايديولوجيا والعصف بها ضمن حسابات المصالح الايديولوجية، واعتمدت تكنيك رواية الروايات انطلاقا من مقولة «من قلمك أدينك» وأظن ان هذا جنوح موضوعي تقصدته في العمل على امتداده.
* الاتكاء على كل هذه المراجع المثبتة بنهاية الرواية ألم يحد من طاقة الخيال لديك؟
ـ لا افهم ما علاقة الخيال باستخدام هذه المراجع العديدة. فالمخيلة الروائية هي التي افترضت هذا النص وشكلت ملامحه ووضعت شخوصه وصورتها منذ البداية الى النهاية، وروايات المؤرخين على اختلاف انواعها هي التي دعمت هذا النص وجسدته. لقد وضعت على سبيل المثال شخصية البشموري ضمن اطارها التاريخي المروي في كتابات المؤرخين، بمعنى ان المتخيل الروائي وضع في اطاره الزماني المكاني، كما ان المعرفي ساعد بالفعل على إثارة المخيلة، وطرق اماكن وجغرافيا كثيرة لا يمكن بأي حال ولا أستطيع أن اصل اليها نتيجة عفوية الخيال. اذن هذه الروايات التاريخية كانت فعلا سندا حقيقيا ودعامة لجنوح الخيال.
* الاسهاب في وصف المكان من حيث الملابس والطقوس والعادات والتفاصيل.. وغيرها لماذا برأيك؟
ـ التفاصيل في هذه الرواية بالغة الاهمية فالبورتريه المطلوب لهذه الفترة يستلزم تفاصيل هائلة، ولكن هذه وظيفة أولية لها. هناك وظائف اخرى مثل تبيان التداخلات الثقافية الحضارية على مستوى المنطقة خلال تلك الفترة، فمثلا هناك نص يتضمن ما يزيد على عشرين اسما للطيور أو الاسماك. هذه النصوص المأخوذة عن القزويني في «عجائب المخلوقات» مكتوبة في عدة لغات مثل المصرية القديمة والقبطية والسريالية واليونانية والفارسية والعربية وربما لغات اخرى لا أعرفها باعتباري غير متخصصة، وايضا من هذه الوظائف ابراز وضع اللغة العربية باعتبارها لغة جديدة في مصر وطبيعة تراكيبها وابراز الانتقال اللغوي وعملية الاحلال والاضمحلال للغة خلال هذه الفترة، كما افادت التفاصيل في ابراز الاشارات والرموز القديمة المتداولة والمستخدمة خلال تلك الفترة، فمثلا عندما يقوم القيم أو خادم الكنيسة بوصف تفاصيل الادوات الكنسية باسهاب فانه ايضا يقدم ما وراء هذه الادوات من فلسفة ودورها في العقيدة. أن هذا التفصيل المكثف انما هو تفصيل يغني «البشموري» لكونه فسيفسائية لعالم قديم ضاعت في ذاكرتنا المعاصرة الكثير من ملامحه بفعل احادية التاريخ وبفعل أغراض اخرى اهدرت المعرفة، وشوهت يقينها ودورها الحقيقي.
* اصبحت السيرة الذاتية مصدرا اساسيا لمعظم التجارب الروائية الجديدة، كيف تقيمين هذا التيار في ضوء تجربتك؟
ـ السيرة الذاتية ان لم تأت كمحصلة لتجربة حياتية غنية وتتماس مع حيوات بشر آخرين، فإنها تظل محدودة وعقيما مهما كتبت بفنية وحرفية عالية. فالسيرة هي نوع من قول شيء للعالم عن هذا العالم وربما تكون هي نوع من العجز أو قصور المخيلة الروائية، وعموما انا لا أصدق الكثير من السير الذاتية المكتوبة، فهي مليئة بالكذب والمبالغات واضفاء ملامح غير حقيقية للشخص موضوع السيرة.
* تتميز شخوصك في معظم اعمالك بأنها شخوص مقاومة، لكن الملاحظ ان شخوصك في «سواقي الوقت» تسقط امام أول اختبار لماذا برأيك؟
ـ حجم المتغيرات الهائل الذي تم بالنسبة للمجتمعات الانسانية الذي يعيش فيها ناس من أمثال «حسن» لا تسمح بالمقاومة، فهي اشبه بالطوفان الكاسح الذي لا يترك للمرء أية فرصة للمواجهة أو المقاومة.
* لماذا تبدو صورة المرأة قي «سواقي الوقت» اما هامشية أو سلبية «سلعية»؟
ـ ان امرأة مثل امرأة حسن لا بد ان تكون على هذه الشاكلة، وفقا للمنطق والعلاقات الداخلية للرواية. والمرأة وان بدت هامشية في هذه الرواية الا أنها تفضل اختبار الحرية في حدود فهمها للحرية، وأن تنحاز الى قناعتها الخاصة بالعشق حتى النهاية، فهذه المرأة «البدوية» ترفض الحساب في علاقات الحب وترفض ان تكون اسيرة لأسباب لا تتعلق بموجبات العاطفة، ولذلك فهي نموذج رافض لعالم «حسن» المنسلب وفي الوقت نفسه هي قوية بشكل أو بآخر.

ايوب صابر 06-03-2012 02:30 PM

عبد المجيد: سلوى بكر كاتبة "خبيثة"
الثلاثاء، 11 مايو 2010 - 19:25
الروائى إبراهيم عبد المجيد
كتبت هدى زكريا
قال الروائى إبراهيم عبد المجيد، إن الكاتبة سلوى بكر استطاعت أن توجد تيارًا روائيًا وقصصيًا خاصًا بها، وهى كاتبة "خبيثة" تشبه إلى حد كبير فى كتابتها القاص الروسى الشهير "أنطون تشيخوف" فكثيرا ما تترك أعمالها القصصية أمام القارئ بدون نهايات لتدفعه الى التأمل والتفكير.

وأضاف، نتحدث دائما أن هناك أزمة تتعرض لها القصة القصيرة فى المجتمعات العربية وأن المشهد الإبداعى انحاز بأكمله لصالح الرواية ولكن هذا غير صحيح على الأطلاق لأن القصة القصيرة مازالت هى الأقرب إلى روح المتلقى وتحتاج لقليل من الوقت والجهد فى كتابتها على عكس الرواية تماما.

وقال الشاعر شعبان يوسف، إن سلوى بكر من أبرع كُتاب القصة القصيرة وعلى الرغم من الروايات العديدة التى أصدرتها، إلا أنها كثيرا ما تعاود الرجوع لبيتها الأول وهو كتابة القصة القصيرة بالإضافة إلى أن لديها مخزونا قصصيا حافلا وللأسف لم تنشره ولم تكشف عنه حتى الآن.

جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت صباح اليوم بالهيئة المصرية العامة للكتاب، لمناقشة المجموعة القصصية "وردة أصبهان" للكاتبة سلوى بكر، حضر اللقاء الروائى إبراهيم عبد المجيد، الدكتور محمد حافظ دياب، الناقدة الدكتورة جيهان فاروق وإدار الندوة الشاعر شعبان يوسف.

وعن المجموعة قال محمد حافظ دياب "يشكل الوعى بالزمن بُعدا أساسيا فى هذه المجموعة، ويتميز أسلوبها بأنه مشوق وجذاب يجبر القارئ على استكمال قراءتها من أول قصة لآخر قصة بالمجموعة، ولم تلتزم خلال مجموعتها بمساحة معينة لقصصها بل على العكس نجدها جميعها تتراوح بين القصر والطول وتكشف عن حالة من التصعيد".

وقالت سلوى بكر فى كلمتها، بداية أود أن أحيى موظفى الهيئة الذين تركوا مكاتبهم وعملهم وجاءوا ليستمعوا إلينا، أما عن المجموعة فهى بها اتجاهات وعوالم مختلفة وإن كان هناك قاسم مشترك يربط بينها، وأهتم كثيرا برصد المأزق الحضارى الذى نعيشه وهذا ما أظهرته خلال هذه المجموعة، التى عكست إشكاليات المجتمع المصرى على مستوى القيم والمفاهيم وعلى الصعيد السياسى والاقتصادى والاجتماعى.

ايوب صابر 06-03-2012 02:31 PM

الجديدة ـ أعداد ـ أوراس الكيلاني
ولدت سلوى بكر في العام 1949 في القاهرة وأصبحت واحدة من أكثر الروائيات ومؤلفات القصة القصيرة تقديرا في زمنها ، تخرجت من جامعة عين شمس حصلت في عام 1972 على شهادة في إدارة الأعمال، لكنها لم تكتفي بذلك فقررت الانخراط والتخصص في مجال النقد الدرامي وحصلت على شهادتها في العام 1976.
بدأت مشوارها في الكتابة والتأليف في منتصف السبعينات، ونشرت أول مجموعة من القصص القصيرة على حسابها الخاص، لكن نجاح هذه التجربة اثبت أنها لن تواجه صعوبة في إيجاد ناشرين يتولون نشر أعمالها في المستقبل.
من أشهر رواياتها:
ـ زينات في جنازة الريس 1985.
ـ مقام عطية 1986.
ـ أن الروح التي سرقت تدريجياً 1989.
ـ عجين الفلاحة 1992.
ـ وصف البلبل 1993.
ـ البشموري.
كما نشرت روايات بالانكليزية:
ـ The Wiles of Men 1992 .
ـ My Grandmothers Cactus 1993 .
في عام 1993، منح (نالت) الراديو الوطني الألماني الكاتبة سلوى بكر جائزة الأدب الأولى عن قصصها القصيرة. وتم مؤخراً في النرويج الاحتفال بتوقيع روايتها (العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء)، والتي ترجمت إلى 16 لغة حتى الآن.
قراءة موجزة في رواية “البشموري”:
رواية “البشمورى” تجري أحداثها، في عهد الخليفة المأمون، إذ ثار تمرد على الدولة وقتذاك في منطقة البشمور بشمال الدلتا المصرية شارك فيه نصارى ومسلمون مصريون، ومعهم بعض الأندلسيين. وتبدأ هذه الأحداث بإرسال الكنيسة في الفسطاط ممثِّلَيْن عنها، هما الشماس ثاونا وبدير خادم الكنيسة، إلى البشامرة لإقناعهم بالتخلِّي عن ثورتهم ضد الدولة. وفي أثناء المسيرة في الرواية يصف لنا بدير كل ما يلقاه في طريقه سواء كان له اتصال بأحداث الرواية أو لا. إنه كالمرشد السياحي لا يترك شيئا يراه دون أن يعلق عليه ويصفه تفصيلا. كما تنهال الذكرياتُ عليه وتتلاحق، فهنا كان مسقط رأسه، وهناك كان غرامُه بفتاة كانت بينه وبينها معاشرة جنسية حبلت منه بسببها، وخطبها أهله لأخيه، الذي لم يكن يعلم شيئا عن هذه العلاقة، فانتحرت… إلى أن يصلا إلى مركز البشامرة، الذين يرفض زعيمُهم النصراني المسمى في الرواية خطأً: “مينا بن بقيرة” فكرة العدول عن الثورة. ثم يأتي جيش الخلافة فيقضى على التمرد. ويفترق بدير عن ثاونا، ويؤخذ أسيرًا ويُنْقَل مع غيره من الأسرى في طائفة من القوارب إلى أنطاكية مركز المسيحية الشرقية. وتخوض الرواية في تفاصيل حياة الأديرة وعادات الناس، وتعرفنا بعدد من الأماكن التي اندثرت ولم تذكرها كتب التاريخ. وفي أنطاكية يعمل بدير في خدمة أحد الكهنة، ثم بعد وفاة معلِّمه ينتقل إلى خدمة كاهن آخر ذي ميول شاذة وعلاقات مع بعض الجهات الأجنبية، فيرى أن أفضل طريقة للهروب من خدمة معلِّمه الجديد هي التنكُّر لماضيه الكهنوتي. ثم يُنقَل بعد هذا إلى قصر الخليفة ببغداد خادما في المطبخ. ثم بعد مكوثه فترة في بغداد ودخوله في الإسلام يقرِّر العودة إلى مصر كي يقابل ثاونا ويدعوه إلى الدخول في الدين الجديد. وفي طريق العودة يقضي سنوات في فلسطين درويشًا، ليتابع بعد ذلك طريق عودته إلى بلده، فيصل إلى معلِّمه، الذي كان على فراش الموت، ويحاول هدايته إلى الدين الجديد، لكنه يرفض ويموت عقب ذلك. أما بدير فيتحول إلى درويش يجوب الطرقات متعرضًا للأذى والإهانة، جاعلاً علاقته على نحو مباشر مع الله سبحانه وتعالى.

ايوب صابر 06-03-2012 03:03 PM

الظروف الحياتية التي اثرت في تكوين الاديبة سلوى بكر
- أنا أحاول أن أوصف أحوال المهمشين الذين لا صوت لهم ، أحاول أن أتعامل مع المتن والهامش الاجتماعي بحيث استقدم الهامش ليصبح متنا وأهمش المتن ، أظن أن هذا هو يعني مهمة من مهماتي في الكتابة .
- القرن المنصرم والقرن الحالي هما بالفعل القرنان الاكثر تعقيدا رغم أننا مازلنا في مفتتح القرن الحالي. فلقد بلغت هذه التعقيدات الانسانية ذروتها بسبب الاقتصاد والسياسة، اضافة الى الصراع الاستعماري وهيمنة القطب الواحد، والرواية ساحة ابداعية أوسع وتستطيع بالفعل ان تستوعب هذه التعقيدات التي تمور داخل المجتمع وتفاصيله المتشعبة..
- السيرة الذاتية ان لم تأت كمحصلة لتجربة حياتية غنية وتتماس مع حيوات بشر آخرين، فإنها تظل محدودة وعقيما مهما كتبت بفنية وحرفية عالية. فالسيرة هي نوع من قول شيء للعالم عن هذا العالم وربما تكون هي نوع من العجز أو قصور المخيلة الروائية، وعموما انا لا أصدق الكثير من السير الذاتية المكتوبة، فهي مليئة بالكذب والمبالغات واضفاء ملامح غير حقيقية للشخص موضوع السيرة.
- حجم المتغيرات الهائل الذي تم بالنسبة للمجتمعات الانسانية الذي يعيش فيها ناس من أمثال «حسن» لا تسمح بالمقاومة، فهي اشبه بالطوفان الكاسح الذي لا يترك للمرء أية فرصة للمواجهة أو المقاومة.
للاسف لا يوجد تفاصيل عن طفولة هذه الكاتبة، وسنعتبرها لاغراض هذه الدراسة وكنتيجة لغياب هذه التفاصيل مجهولة الطفولة.

مجهولة الطفولة .

ايوب صابر 06-04-2012 09:00 AM

ابرز حدث في حياة كل واحد من الروائيين اصحاب افضل الروايات العربية المائة من رقم 91- 100:

91- السائرون نياما سعد مكاوي مصر.....مجهولة الطفولة.
92- 1952 جميل عطية إبراهيم مصر......مجهولة الطفولة.
93- طيور أيلول أميلي نصرالله لبنان.........يتيمة اجتماعيا.
94- المؤامرة فرج الحوار تونس ............مجهول الطفولة.
95- المعلم علي عبد الكريم غلاب المغرب...مجهول الطفولة.
96- قامات الزبد إلياس فركوح الاردن.......يتيم اجتماعي.
97- عصافير الفجر ليلي عسيران لبنان.....يتيمة الاب فيسن الرابعة .
98- جسر بنات يعقوب حسن حميد فلسطين....يتيم اجتماعي.
99- الوسمية عبد العزيز مشري السعودية.....مأزوم.
100- البشموري سلوي بكر مصر.....مجهول الطفولة.

ايوب صابر 06-04-2012 04:10 PM

101- الفارس القتيل يترجل إلياس الديري لبنان

نــاقـــد حـــر



الياس الديري : عودة الذئب الى العرتوق



مشرقي على الحافة

في رواية الياس الديري " عودة الذئب الى العرتوق " تطل على القارئ السمات الكلاسيكية لبطله المتعدد الأسماء، فهنا سمران الكوراني، وزيان في " تبقى وحيداً وتندم " وعواد، في " الفارس القتيل يترجل " .
بطل الديري نموذجي، ثابت الطباع، ومقولب في إطار قناعات الروائي الأخلاقية والفكرية، يتحرك وفق إيقاع عام، ومناخات متشابهة .
فسمران كسائر ابطال الديري يبحث عن ذاته وخلاصه الفردي، تموج في صدره الرغبات المتناقضة، وتتوزعه العواطف والأفكار . التمزق جوهره، والضوء والظلمة يمتزجان في عينيه . يتأرجح على الحد الفاصل بين الذوبان في مجتمعه والإنفصال عنه، التقدم اليه والتراجع عنه، التجمعن والتفردن .
يقترب سمران من الإنسان العدمي الذي يواجه الحياة، مجرداً من اي هدف، او تصور محدد، إلا البحث عن سعادته الخاصة، وجلب الشعلة المضيئة الى مملكته المظلمة . غير ان العدمي فعال، هدّام، حين ان سمران تعوزه الجرأة والمبادرة . فهو هروبي، رضوخي، امتثالي، سلبي حتى الفناء : " يريد ان يتبخر فجأة الى اللامكان . تمر عاصفة خانقة، يمر إعصار، فيأخذه الى شواطئ نائية وبحار لم يكتشفها انسان، وغابات لا تزال عذراء، وهناك يتحول الى ذرات لا وظيفة لها، يتكون منه غمام لا يحمل مطراً، لا شيء" .
ويبلغ سمران العدمية المطلقة إذ يستوي في ناظريه البناء والهدم، النور والظلمة. وتؤول جذور هذه السلبية الى ماضي طفولته، المثقل بتراث قمعي يمثله الأب جبرون ( الجبار ) وتماهيه بأمه الضعيفة فهيدة ورضوخها . لذا يمتثل بسهولة لإرادة مالك قائد مجموعته، وينقاد لأسيلا حبيبته، كما لأوامر الحزب . ويخاف التجارب لأنها خروج عن المألوف والمعطى والثابت . ومالك ليس قائده فحسب، انما صورة أبيه الصارم، رجل المهمات والفصول . الفارس، القادر، المطاع، المتفوق، الموجّه . مكسو بقشرة شفافة من الصلابة، تحجب نهراً من الحنان، يسلخ المرأة من زوجها، والحبيبة من حبيبها، ويمارس عليهن فحولته الشرقية .
سمران طفل اربعيني، جبلي يفتش عن دفء الأمومة في الحبيبة فلا يجده، وعن ضيعته ضهر المهر في جادات باريس فلا يلمحها .
لا يحتك سمران بالواقع، بل بأفكاره الذاتية، يتآكل من الداخل . وعيه ليس انعكاساً جدلياً بين الداخل والخارج، او اداة لتحرير ارادته من سلطة القدر المجهول، او وسيلة لإعادة تكوين الواقع . انما وعيه الخارجي، يسلطه الروائي من فوق . عقل تبريري اجتراري تزييفي واستلابي، فسمران مكتمل الصنعة . يحمل في داخله ، منذ قذف به الى الرواية المعطى العبثي. كرة ثلج تزداد حجماً كلما دارت على نفسها، عبث يتغذى من عبث، وخواء يتغذى من خواء. إيقاع دائري يكرر نفسه . فالعبثية ليست موجودة في المؤسسة : البيت، المدرسة، الوظيفة، الحزب، الدين، النظام . انما هي مطبوعة في عقل سمران ووجدانه، لذا يظل من الصفحة الأولى الى الأخيرة أسير حتمية ذهنية متصلبة وجامدة، وحقيقة ذات سطح واحد .
والتذهن المقطوع الصلة بالواقع، يغري سمران بتغيير التاريخ ورموزه، من خلال تبديل ألأسماء، ويحصره في منطقة الرأس فقط . الثورة المستحيلة التحقيق واقعاً، يبنيها في فردوس خياله الذاتي . وعندما يحب أسيلا ، او يتخيل ذلك ـ لا فرق ـ يطلبها لا كشعور وعاطفة وجسد، بل كمطلق، فكرة مجردة، سر مغلق، قدر، غاية نهائية . تقول له اسيلا : " ... المشكلة انك تحبني كما تشتهي ان تكون حبيبتك المرسومة في خيالك . لا كما أنا أسيلا . لست قديسة ولا راهبة ولا مبشرة . انزلني من البرواز المعلق في جدار أحلامك الأفلاطونية، ... ويستحضرها ويتدفق شلال من الصور الباهرة : البهية، الطالعة من الحلم، الأبعد من الخيال، الأقوى من الطبيعة ... " .
عصب الرواية حركة تناوبية بين القناع والوجه، الدور والممثل، الحضور والغياب، الفرد والجماعة، الأب والإبن، الأم والحبيبة . لعبة المرايا المتعاكسة . ثنائية متبادلة. وسمران نقطة العبور والتقاطع، واقف على شوار لا يهوي ولا يستقر .
وباريس هي المختبر المكاني، المحك، التجربة الفاصلة . يأتي اليها مثال الرجل الشرقي الكلاسيكي، ساحباً وراءه أعواماً طويلة من الكبت والقحط واللامرأة واللاحب. وباريس : المرأة ، النبع ، الإرتواء ، باريس توفيق الحكيم وسهيل ادريس ... باريس اسيلا وانجيليك وميشلين . باريس : القوة والنفوذ والمال والجمال والأناقة .
وفي عاصفة الفضاء الرمادي تزهر صحراء سمرون ، ويطلق طير العرتوق من قفص السنين، ويتطهر من العذاب والقهر، يرى باريس في وجه أسيلا المتفتحة على الحياة بكل نوازعها وأحاسيسها واندفاعها وثقتها بنفسها ليضعها في قالب المرأة الشرقية، مدجنة وديعة، طائعة، قانعة، على مثال أمه، غير انها تفر من بين يديه حلماً مستحيلاً ، وعيناها المشعتان ككنيسة القيامة، تجسدان شوقاً مقدساً لا يدرك كنهه .
الغرب مقابل الشرق . أسيلا مقابل فهيدة . السان جرمان والملهى والكافيار والشمبانيا، مقابل دروب ضهر المهر والعرتوق والذئب وصيد القنافذ وغبار الفحم الأسود . الحضارة المرفهة المنفتحة مقابل السليقة البدائية والإندفاع الطبيعي . مرة أخرى يقف سمران عند منعطف حاد، وتجربة يهتز لها وجدانه . تحكمه المفارقات الغريبة والمصادفات، و " في الموقعين يقف مهزوزاً، غير قادر على اتخاذ قرار. في الموقعين هو ليس هو " . يتمنى ان يترك على باريس علاماته الشرقية الفارقة، يعكر ماءها، يهز مفاهيمها وعاداتها . وفي آن، يتشوق الى الإكتمال بها والخضوع لها . لكن ثمة مسافة من الصقيع تفصله عنها . وهو كائن غريب يطأ كوكباً مجهولاً . " عصفور غريب ، ألوانه فاتحة، لا تألفه عصافير السماء الرمادية . وباريس باردة ومتغطرسة . الفضاء رمادي والحجارة رمادية، وعصفور مشرقي ينوح في قفص من الزجاج ".
الماضي يلفظه والمستقبل يخيفه . وهو في النقطة الفاصلة صامت وحيد، وصوت داخلي يهتف به : حدد موقعك، حدد اتجاهك . وعندما حاول ان يحدده في اتجاه الماضي : القرية، الطفولة، الأرض، حرج العرقوب، دهمه إحساس غريب، وسقط في دهشة اللامألوف. تنكر للواقع فأنكره الحلم، تنكر لباريس فأنكرته ضهر المهر . وما رآه في مرآة السان جرمان لم يكن وجهه . وبين بيوت ضهر المهر المستحدثة تبعثرت ملامح حلم طفولي .
بطل الديري معطى سكوني جاهز، ينغمس في طبيعته الخاصة، دون ان يتحرر منها، وحركته نحو الآخرين يخالطها سوء تفاهم، سماكة غير قابلة للتحويل، على تعبير إيمانوييل مونييه، تشكل حاجزاً للتخاطب " ما تراه من حولك ليس ابنية، انه فخاخ، ما تراه من حولك ليس سوى فخاخ، فخاخ منصوبة لجناحك الطري الريش، لذيلك، لمنقارك، وسوف تعلق بالفخ، وسوف تقع على رأسك" .
ويرافق حركته البطيئة الى الخارج، نزوع جارف نحو الداخل عبر التأمل الذاتي، والإنطواء في الأعماق . إذ تغريه تجربة العودة الى الينابيع السحيقة بالوقوف عند البعد الداخلي، ما يجعل " الأنا " الأفق الوحيد لحياته . تستولي عليه كسرطان في الجسد، يجعله في رعب موحش، بارد . في حين ان الحياة الشخصية لا تتم إلا عبر حركة مزدوجة بين الداخل والخارج، وتواتر بين تأكيد الذات ونفيها. جزر يتجمع لتجد نفسها، ومدّ يتوزع ليغنيها .
اما أسيلا وسمران قطبا الرواية فيجسدان الصراع الذي لا يبلغ منتهاه، في فلسفة سارتر، بين الإعتراف بحب "الآخر" وإخضاعه لسلطان ذاته العاشقة، على طريق امتلاكه او "ابتلاعه". وبين "الآخر" الذي يحاول أيضاً التحرر من قبضته والسيطرة عليه . لذا يدور العاشقان أسيلا وسمران في حلقة مفرغة، وبينهما هوة عميقة لا يمكن عبورها .
والحوار في الرواية ليس دافئاً، لأنه يتفرع من جذر واحد . أصداء متشابهة في صوت سمران . تنوع لحني لنغم واحد . الحوار يشرح ويفسر، ولا يضيء من الداخل .
تمثل "عودة الذئب الى العرتوق" إشكالية الإغتراب العامة والنموذجية، المعهودة قبلاً في روايات عربية. ولكن ما يمنحها خصوصيتها، ونكهتها المحلية المميزة هو أسلوب الديري ولغته الملبننة، حيث يُسقط عليها بمهارة ودقة تصوراته الفكرية ومنحاه الروائي .

احمد زين الدين

ايوب صابر 06-04-2012 04:11 PM

إلياس الديري

نبذة النيل والفرات:
"إلياس الديري، قصاص الخيبة"، هو أول بحث أكاديمي، يتناول الروائي والأديب والصحافي اللبناني إلياس الديري، فيعرض لمختلف مراحل حياته الشخصية بعامّة والأدبية والروائية منها بخاصة، بشتى من التفصيل والتحليل. ويؤرشف لمختلف أحاديثه وكتاباته ونتاجاته القصصية والأدبية ويحللها جميعاً، فيظهر الديري من خلالها على حقيقته، فيلسوف الخيبة، نتيجة تجارب له في الحياة مريرة وتداعيات تعتمل في ذاته التائهة ليلامس حدود "فلسفة الخيبة" تلك!!...
تبدأ تلك التداعيات والمفارقات الغريبة منذ سني الصغر الأولى وتمضي تلاحق الديري طيلة حياته كالظل، فالديري يبدو غريباً في كل المدائن في بيروت إلى الكويت إلى باريس، تسكنه الغربة، وللوهلة الأولى يتألف البطل-الكاتب مع ذئب "العرتوق" ويتنكر لانتمائه الإنساني، والوجودي!! حتى السياسة التي عاش من أجلها وكتب، يطلقها إلى الأبد ويشفق على ربع قرن من عمره هدره بالصحافة السياسية.
لماذا خيبة البطل-الكاتب؟! سؤال كبير يحتاج إلى اكثر من مجلّد، وحول هذا السؤال يتمحور البحث الذي بين أيدينا محاولاً الإجابة من خلال عرض موثق ومدروس لأفكار الديري وآثاره وتحليلها وتناول ما كُتب حولها من آراء مخالفة أو موافقة ومؤيدة. ويبقى المهم في الديري إن فعل الكتابة كان يلازم فعل الخيبة في حياته ونتاجاته التي تعكس تلك الانكسارات الحادة بكل صدق. هو المندفع نحو غايته والمنكسر في نهاية الشوط، ليعود ويندفع من جديد حيث تنتظره الخيبة وينتظره الانكسار وهولا يملك شيئا سوى هذا الصراخ الصادق الذي يعادل وجوده، وكان هذا الصراخ يقوى ويقوى كلما صقلته تجارب الحياة أكثر، وكلما عاش الخيبة أكثر كان يصرخ في وجه هذا العالم.

==
الربيع والخريف بَين الرواية وَالسّيرة الذاتيّة
رواية السيرة الذاتية‏
إن الإنسان هو إلى حد كبير خلاصة تجربته الذاتية وخبرته الشخصية. وإذا كان المؤرخ الألماني "ترايتشكه" قال عبارته المشهورة "أن الإنسان يصنع التاريخ" فإن صامويل جونسون قال "لا يوجد شكل من أشكال الأدب أجدر بالرعاية والاهتمام من تراجم الحياة، وأنه لا يماثل هذا اللون أي لون آخر".‏
وفي بحثي لرواية "الربيع والخريف" فإنني أحاول الاستفادة من عبارة "نيتشه" "الاستدلال عن طريق الرجوع إلى العمل إلى صاحب العمل، ومن الفعل إلى الفاعل".‏
ولا بد هنا من الوقوف قليلاً على بعض الآراء وأراها ضرورية كمعين لوجهة نظري.‏
الأول للناقد الياس خوري الذي يقول: "إن العامل الذي يتحكم في بنية الرواية العربية هو عامل من خارج العلاقات المعقدة التي ترسمها الشخصيات في الرواية، إن في ممارسة المؤلف دوراً مباشراً في سياق روايته، يستنطقها ما يريده هو، ويقوم بشكل مباشر بعملية ضغط على شخصياته".‏
والرأي الثاني هو للمفكر المغربي عبد الله العروي وهو:‏
"عرفت الرواية العربية شكلاً واحداً هو شكل السيرة الذاتي إلى حد أن الرؤية الفنية ظلت خلال زمن طويل مرادفاً لرواية السيرة الذاتية".‏
والرأي الثالث هو للناقد حسام الخطيب وهو:‏
"أن أبرز الثغرات في الرواية العربية هو تدخل آثار التجربة الذاتي والعنصر الأوتوبيوغرافي بشكلها الخام".‏
ونحن هنا نرى أن الكاتب قد يأخذ بأحداث حياته، ولكنه مهما كتب فهو لا يكتب دائماً سيرته الذاتية، ولكنه يضع جزءاً من نفسه في العمل أو في أي عمل يكتبه. ولا نطرح هنا مصادرة على كتابة السيرة الذاتية فهي ضرورية ومطلوبة، لأنها تساعدنا على الوقوف على أرضية الكاتب أو الروائي، ولكن من المؤكد أن أكثر الروائيين فشلاً كما يقول الروائي عبد الرحمن منيف "هو ذلك الذي يكتب سيرة ذاتية فقط". والروائي قد ينجح مرة عندما يريد أن يضع تجربته الشخصية في عمله الروائي ولكنه يفشل عندما يريد أن يضع تلك التجربة في كل مرة يكتب فيها رواية. هناك نسبة معينة من الروائي في كل رواية يكتبها، وكلما كانت هذه النسبة قليلة كلما كانت الرواية أفضل. والروائي مثل المطر، لا يعطي نفسه دفعة واحدة، هو الشخصية الفلانية. لا ولكنه يتوزع على شخصيات متعددة. وبالتالي لا يستطيع أحد أن ينكر بأن الروائي موجود فيما يكتب، ولكن الروائي بالتأكيد يريد أن يقدم أفكاره حتى المتناقضة منها، ولذا فإنه يقدم شخصيات مختلفة.‏
ولكننا نعثر في الروايات على نماذج مختلفة فبعض الروائيين ومنهم شكيب الجابري صاحب روايات "نهم" و "قدر يلهو" و"قوس قزح" يقول بالحرف الواحد:‏
"لا أستطيع أن أخرج في رواياتي عن حياتي، مهما أخذت ففي حياتي الواقعية ما يكفي من المادة لتغذية خيالي وأكسل في التفتيش عن مواضيع خارج حياتي! وفيم أفعل!".‏
أما نجيب محفوظ فيختار نمطاً من حياته، نمطاً واحداً لا كلاً كاملاً كالجابري. وهو يقول وبالحرف الواحد أيضاً:‏
"كمال عبد الجواد في الثلاثية هو أنا، وكمال يعكس أزمتي الفكرية، وهي أزمة جيل فيما أعتقد".‏
وهكذا ينسحب الأمر على:‏
حامد في رواية هيكل "زينب".‏
ومحسن في رواية الحكيم "عودة الروح".‏
وإبراهيم في رواية المازني "إبراهيم الكاتب".‏
وهمام في رواية العقاد "سارة".‏
وإسماعيل في رواية يحيى حقي "قنديل أم حقي".‏
وكذلك "الحي اللاتيني"، والخندق العميق" لسهيل إدريس. و"الوطن في العينين" لحميدة نعنع وروايات عبد الرحمن منيف وحيدر حيدر والياس الديري وغائب طعمه فرحان وباقي الروائيين العرب الذين لا مجال لذكرهم هنا.‏
بعد هذه المداخلة لا بد لنا من العودة إلى متابعة مناقشاً للرواية رواية الربيع والخريف –السيرة الذاتية.‏
"كرم" أم حنا مينة؟‏
أفضل وسيلة للإجابة عن هذا التساؤل، هي اللجوء إلى كلام الروائي نفسه. وهو يقول في كتابه "هواجس في التجربة الروائية":‏
"في العام 1959 غادرت سورية تشردت طوال عشرة أعوام. طلبت بدل العلم العمل ولو في الصين. وفي لبنان، وبعض بلدان أوروبا. عرفت ماذا يعني أن يكون المنفى مهنة شاقة". (ص6).‏
ويقول في مكان آخر:‏
"أن الإنسان ولو كان مؤلفاً لا يمكنه أن ينخلع عن البيئة والتأثيرات التي يحملها المؤلف من أفكار وأوهام ورواسب، كل ذلك لا بد أن نجد لها ظهوراً في مؤلفاته الأدبية" (ص 27).‏

==
هل تعلم أن المحلل السياسي الياس الديري هو روائي أديب عمل صحافياً في مدينة طرابلس بلبنان، ثم رأس تحرير النهار الدولي، وهو عضو نقابة المحررين وعضو نادي القصة منذ عام 1960. والديري من مواليد دده (الكورة) شمال لبنان عام 1937. درس في مدارس طرابلس. وهو الآن يعمل كمحلل سياسي لإذاعة الشرق في باريس. من مؤلفاته القصصية: الرجل الأخير، جدار الصمت، الفارسي القتيل يترجل.


ايوب صابر 06-04-2012 04:16 PM

الياس الديري

- إلياس الديري، قصاص الخيبة.

- يلقب بفيلسوف الخيبة نتيجة تجارب له في الحياة مريرة وتداعيات تعتمل في ذاته التائهة ليلامس حدود "فلسفة الخيبة" تلك!!...
- تبدأ تلك التداعيات والمفارقات الغريبة منذ سني الصغر الأولى وتمضي تلاحق الديري طيلة حياته كالظل، فالديري يبدو غريباً في كل المدائن في بيروت إلى الكويت إلى باريس، تسكنه الغربة، وللوهلة الأولى يتألف البطل-الكاتب مع ذئب "العرتوق" ويتنكر لانتمائه الإنساني، والوجودي!! حتى السياسة التي عاش من أجلها وكتب، يطلقها إلى الأبد ويشفق على ربع قرن من عمره هدره بالصحافة السياسية.



لا يوجد له على الشبكة سيرة ذاتية للاسف ولا يوجد تفاصيل عن طفولته لكن يمكننا من المعلومات القليلة عنه ان نقدر بأنه عاش حياة ازمة وخيبة خاصة في سني حياته المبكرة.

مأزوم.

ايوب صابر 06-04-2012 10:10 PM

102- التوت المر محمد العروسي المطوي تونس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


http://www.mnaabr.com//upload.wikime...9%85%D8%B1.jpg http://www.mnaabr.com//bits.wikimedi...y-clip-rtl.png
غلاف كتاب التوت المر


التوت المر هي رواية تونسية أحد أهم أعمال الأديب محمد العروسي المطوي أصدرت عام 1967.
[عدل] أنظر أيضاً

ايوب صابر 06-04-2012 10:11 PM

التقديم:قصّة اجتماعيّة من النّوع الواقعي ذات طابع اجتماعيّ للأديب التّونسي المعاصر محمّد العروسي المطوي
الموضوع:قصّة صراع ثلّة من الشّباب الوطني ضدّ ما كرّسه المستعمر من آفة تعاطي التكروري والمتاجرة به.
بناء الأحداث:بناء سرديّ يتدرّج من الهدوء إلى التأزّم فالانفراج.
وضعيّة الانطلاق: يقدّم السّارد صورة عن قرية هادئة تعاني من الفقر. وقد شكّلت عائلتا الشّيخ مفتاح والحاج علي نموذجين للفئات الّتي تقطنها. إحداهما حلّت بالقرية مهاجرة هربا من ويلات الحرب في ليبيا. والأخرى تملك بستانا وتعدّ من أصيلي القرية.
سياق التحوّل:
الحدث القادح: تعاطي عبد الّله لحشيشة التكروري دون علم منه وتأثيرها الشّديد فيه.
الاضطراب:
مساعي( جمعيّة إنقاذ الشّباب ) للقضاء على حشيشة التكروري ومنع تعاطيها و بيعها سرّا أو علنا. ضبط قائمة بالمنازل التي تزرع النّبتة سرّا. الاتفاق على تحديد موعد جماعيّ يلتزم فيه أعضاء الجمعيّة بالقضاء على هذه النبتة حيثما كانت في ليلة واحدة. حرق دكّان أحمد العائب أكبر تاجر مخدّرات بالمنطقة. نشر الوعي وتعميمه بحفظ القصيدة الّتي قالتها إحدى عجائز القرية في التكروري وجعلها تغنّى وتعمّم. زواج عبد الّله من عائشة الفتاة الكسيحة. مغادرة الأمّ للمنزل احتجاجا على ابنها الّذي تمرّد على سلطتها وتزوّج ممّن رفضتها زوجة لابنها الوحيد. وضعية الختام:
وضع عائشة لمولود ها الأوّل. حدوث المعجزة: انطلاق رجليها من إسارهما. فقد استقام جسمها بعد أن كانت كسيحة. فرحة عبد الّله العظيمة وخروجه مسرعا ليزفّ البشرى لأمه، وليطلب منها العفو والغفران. سقوطه متعثّرا. الزّمان في القصة:الزّمن التاريخيّ: يؤطّر السارد الأحداث تاريخيا. فهو يجذر الأحداث في فترة الاستعمار الفرنسي لتونس، وبالذّات مع بداية انتشار الوعي بضرورة المقاومة وتكتل الجهود ضدّ المستعمر.
أمّا بالنّسبة إلى ديمومة الأحداث في القصّة، فقد استغرقت فترة يمكن أن تضبط منذ أن قدمت عائلة الشيخ مفتاح إلى القرية إلى زواج عبد الّله بعائشة ثمّ إنجابها لبكرها...وهي مدّة يمكن أن تحدّد بسنة أو سنة وبعض الأشهر.
المكان:إحدى قرى الجنوب التّونسي. يمكن أن نتبيّن ملامح هذه القرية انطلاقا من الأوصاف المنسوبة لها: واحة وبساتين... قد تكون المطويّة قرية الكاتب.
الشّخصيّات والعلاقات:الشّخصيّة المحوريّة:
عبد الله وهو شابّ متوسّط الثّقافة غير أنّه يجسّد نموذجا للشابّ المدرك لما حوله، الواعي بواقعه، و بمخطّطات المستعمر، وهو يعي أيضا أنّ المقاومة هي السّبيل الوحيد للتحرّر من الظّلم والاضطهاد والعبوديّة وأنّ ذلك لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بتكتّل الجهود.
يعمل مساعدا في دكّان و قد تميّز بتفانيه في العمل وحبّه للجميع وحسن معاشرته.
أحبّ عائشة من أوّل نظرة. وقرّر أن يضحّي ليسعدها.
كوّن وثلّة من الشّباب الواعي " جمعيّة إنقاذ الشّباب " وعملوا يدا واحدة على القضاء على حشيشة التكروري ومنع تعاطيها والتوعية بمضارّها.
المساعدون:
" جمعيّة إنقاذ الشّباب " وهم محمود ومختار وإبراهيم، فقد تكتّلت جهودهم جميعا لتطهير القرية من مضارّ التكروري. فاطمة: ساعدت عبد الله ليطوّر علاقته بعائشة. المعرقلون:
الأمّ: حالت دون البطل وعائشة، رغم حبّها الكبير لابنها. فقد هجرت المنزل عندما قرّر أن يتزوّج بمن رفضتها. العلاقات: جمعيّة إنقاذ الشّباب عائلة الشّيخ مفتاح السّيّد الحمروني عائلة عبد اللّه عبد اللّه تعاون + مساعدة + ثورة ضدّ المستعمر + توعية بمخاطر التّكروري.
تعاطف + تقدير واحترام + حبّ لعائشة فزواج علاقة عمل + حبّ واحترام حبّ وعرقلة (الأمّ)حبّ ومساعدة (أخته فاطمة)
حبّ ومساعدة (الأب)


القضايا: الاجتماعيّة:معاناة الفقر والبؤس والشقاء من أجل لقمة العيش ( عائلة الشيخ مفتاح تمثّل نموذجا لذلك في القصّة. فهم ممّن شرّدتهم الحرب فعانوا الويلات بحثا عن الأمن والاستقرار+ عائشة تمثّل نموذجا بشريّا مجسّما للبؤس الإنساني لمعاناتها الشّلل بسبب غياب المال، ومعاناتها اليتم بسبب موت الأمّ)تعاطي التكروري هروبا من الواقع البائس.

ايوب صابر 06-04-2012 10:26 PM

قراءات


"التوت المرّ" لمحمّد العروسي المطوي

التقديم:
قصّة اجتماعيّة من النّوع الواقعي ذات طابع اجتماعيّ للأديب التّونسي المعاصر محمّد العروسي المطوي
الموضوع:
قصّة صراع ثلّة من الشّباب الوطني ضدّ ما كرّسه المستعمر من آفة تعاطيالتكروري والمتاجرة به.
بناء الأحداث:
بناء سرديّ يتدرّج من الهدوء إلى التأزّم فالانفراج.
وضعيّة الانطلاق:يقدّم السّارد صورة عن قرية هادئة تعاني من الفقر. وقد شكّلت عائلتا الشّيخ مفتاح والحاج علي نموذجين للفئات الّتي تقطنها. إحداهما حلّت بالقرية مهاجرة هربا من ويلات الحرب في ليبيا. والأخرى تملك بستانا وتعدّ من أصيلي القرية.
سياق التحوّل:
الحدث القادح: تعاطي عبد الّله لحشيشة التكروري دون علم منه وتأثيرها الشّديد فيه.
الاضطراب:
مساعي( جمعيّة إنقاذ الشّباب ) للقضاء على حشيشة التكروري ومنع تعاطيها و بيعها سرّا أو علنا.ضبط قائمة بالمنازل التي تزرع النّبتة سرّا.الاتفاق على تحديد موعد جماعيّ يلتزم فيه أعضاء الجمعيّة بالقضاء على هذه النبتة حيثما كانت في ليلة واحدة.حرق دكّان أحمد العائب أكبر تاجر مخدّرات بالمنطقة.نشر الوعي وتعميمه بحفظ القصيدة الّتي قالتها إحدى عجائز القرية في التكروري وجعلها تغنّى وتعمّم.زواج عبد الّله من عائشة الفتاة الكسيحة.مغادرة الأمّ للمنزل احتجاجا على ابنها الّذي تمرّد على سلطتها وتزوّج ممّن رفضتها زوجة لابنها الوحيد.
وضعية الختام:
وضع عائشة لمولود ها الأوّل.حدوث المعجزة: انطلاق رجليها من إسارهما. فقد استقام جسمها بعد أن كانت كسيحة.فرحة عبد الّله العظيمة وخروجه مسرعا ليزفّ البشرى لأمه، وليطلب منها العفو والغفران.سقوطه متعثّرا.
الزّمان في القصة:
الزّمن التاريخيّ: يؤطّر السارد الأحداث تاريخيا. فهو يجذر الأحداث في فترة الاستعمار الفرنسي لتونس، وبالذّات مع بداية انتشار الوعي بضرورة المقاومة وتكتل الجهود ضدّ المستعمر.
أمّا بالنّسبة إلى ديمومة الأحداث في القصّة، فقد استغرقت فترة يمكن أن تضبط منذ أن قدمت عائلة الشيخ مفتاح إلى القرية إلى زواج عبد الّله بعائشة ثمّ إنجابها لبكرها...وهي مدّة يمكن أن تحدّد بسنة أو سنة وبعض الأشهر.
المكان:
إحدى قرى الجنوب التّونسي. يمكن أن نتبيّن ملامح هذه القرية انطلاقا من الأوصاف المنسوبة لها: واحة وبساتين... قد تكون المطويّة قرية الكاتب.
الشّخصيّات والعلاقات:
الشّخصيّة المحوريّة:
عبد الله وهو شابّ متوسّط الثّقافة غير أنّه يجسّد نموذجا للشابّ المدرك لما حوله، الواعي بواقعه، و بمخطّطات المستعمر، وهو يعي أيضا أنّ المقاومة هي السّبيل الوحيد للتحرّر من الظّلم والاضطهاد والعبوديّة وأنّ ذلك لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بتكتّل الجهود.
يعمل مساعدا في دكّان و قد تميّز بتفانيه في العمل وحبّه للجميع وحسن معاشرته.
أحبّ عائشة من أوّل نظرة. وقرّر أن يضحّي ليسعدها.
كوّن وثلّة من الشّباب الواعي " جمعيّة إنقاذ الشّباب " وعملوا يدا واحدة على القضاء على حشيشة التكروري ومنع تعاطيها والتوعية بمضارّها.
المساعدون:
" جمعيّة إنقاذ الشّباب " وهم محمود ومختار وإبراهيم، فقد تكتّلت جهودهم جميعا لتطهير القرية من مضارّ التكروري.فاطمة: ساعدت عبد الله ليطوّر علاقته بعائشة.
المعرقلون:
الأمّ: حالت دون البطل وعائشة، رغم حبّها الكبير لابنها. فقد هجرت المنزل عندما قرّر أن يتزوّج بمن رفضتها.
العلاقات:
جمعيّة إنقاذ الشّبابعائلة الشّيخ مفتاحالسّيّد الحمرونيعائلة عبد اللّهعبد اللّه تعاون + مساعدة + ثورة ضدّ المستعمر + توعية بمخاطر التّكروري.
تعاطف + تقدير واحترام + حبّ لعائشة فزواجعلاقة عمل + حبّ واحترامحبّ وعرقلة (الأمّ) حبّ ومساعدة (أخته فاطمة)
حبّ ومساعدة (الأب)

القضايا:
الاجتماعيّة:
معاناة الفقر والبؤس والشقاء من أجل لقمة العيش ( عائلة الشيخ مفتاح تمثّل نموذجا لذلك في القصّة. فهم ممّن شرّدتهم الحرب فعانوا الويلات بحثا عن الأمن والاستقرار+ عائشة تمثّل نموذجا بشريّا مجسّما للبؤس الإنساني لمعاناتها الشّلل بسبب غياب المال، ومعاناتها اليتم بسبب موت الأمّ)
تعاطي التكروري هروبا من الواقع البائس.

السّياسيّة:
*الاستعمار وما يخلّفه من آفات كإغراق الشباب في التكروري علنا والمتاجرة به دون موانع، وبتشجيع من الحكومة الاستعماريّة.
*المشاعر الوطنيّة الصّادقة:تجسّمها في القصّة "جمعيّة إنقاذ الشّباب" التي تغار على الوطن ومصالحه.
*التواطؤ مع المستعمر:أحمد العائب يجسّد نموذجا لمن يبيع ضميره ووطنه في سبيل المال والأوسمة.
*الحرب ومخلّفاتها نفسيا واجتماعيا:تدمير المنشآت و حرق البيوت وتشريد العائلات (عائلة الشيخ مفتاح نموذج لذلك).
العاطفيّة:
الحبّ و الزّواج: الحبّ محرّم بين غير المتكافئين (عائشة الكسيحة وعبد الله الشّاب المتدفّق نشاطا).
الذّهنيّة:
الحياة والموت (تساؤلات حول الكون والوجود والموت والعدم جاءت على لسان بعض الشّخصيّات في القصّة: مبروكة وعبد الله)
الفوارق الاجتماعيّة بين الفقراء والأغنياء (لم أوجدها الله وما الحكمة منها: مبروكة)
الأسلوب:
السّرد: ورد السّرد في النصّ على لسان سارد لا يشارك في الأحداث ولكنّه عليم غالبا.
وقد يتولّى السّرد عبر الاسترجاع بعض شخصيّات القصّة (مبروكة، الشيخ مفتاح، فاطمة، عائشة، عبد الله...) فترد الأحداث من منظور الشخصيّات.
السّرد ليس خطيّا دائما. فالسّارد يعمد إلى خاصيّة الاسترجاع لتقديم الشخصيّات والتعريف بماضيها، ويكثر هذا خاصّة في الفصول الأولى من القصّة.
الحوار: حاضر بين ثنايا القصّة تعبّر فيه الشخصيّات عن مواقفها مباشرة و يدرج فيه الكاتب أحيانا بعض الألفاظ من العاميّة (دقّوجة، قشّابيّة...) قصد تجذ ير الأحداث و الشّخصيّات في الواقع.
الوصف: مبثوث هنا وهناك في القصّة، و ينهض بوظائف التّعريف بالأطر والأشياء.

العمل من إنجاز أسماء عبيدلّي

مراجعة الأستاذة مليكة الرّياحي الحسناوي

ايوب صابر 06-04-2012 10:32 PM

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


http://www.mnaabr.com//upload.wikime...9%85%D8%B1.jpg http://www.mnaabr.com//bits.wikimedi...y-clip-rtl.png
غلاف كتاب التوت المر


محمد العروسي المطوي : هو محمد العروسي بن عبد الله بن المبروك بن الطاهر المامي المطوي المهذبي، ولد بمدينة المطوية بالجنوب التونسي في 19 جانفي 1920، وتوفي في 24 جويلية 2005. أديب تونسي

تكوينه

زاول محمد العروسي المطوي تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه، حيث دخل الكتاب أزلا، ثم انتقل إلى المدرسة الفرنسية العربية بالمطوية. وسافر بعد ذلك إلى تونس العاصمة، حيث أحرز على الشهادة الابتدائية عام 1935 [1] ثم التحق بالتعليم الزيتونة، وقد أحرز على مختلف الشهائد الزيتونية: وأولاها شهادة الأهلية عام 1940، ثم التحصيل عام 1943 وهي ما يوازي شهادة ختم التعليم الثانوي، وأخيرا شهادة العالمية في عام 1946. وبالإضافة إلى ذلك تابع محمد العروسي المطوي دروس الحقوق التونسية ليحصل على شهادتها في عام 1946، كما أحرز على على الإجازة في البحوث الإسلامية عام 1947 [2] من المعهد الخلدوني [3].
مساره المهني والسياسي

شارك محمد العروسي المطوي عام 1948 في مناظرة التدريس بالجامع الأعظم وتمكن من النجاح فيها لينضم إلى هيئة التدريس به [2]، وقد درّ الأدب والتاريخ مستعملا مناهج عصرية [1]. وبعد الاستقلال عام 1956 التحق بالسلك الدبلوماسي حيث عمل سفيرا في كل من العراق وكان أول سفير لتونس في بغداد، كما عمل في مصر وفي المملكة العربية السعودية [4] واستمر في هذا السلك إلى عام 1963 [2] وفي عام 1964 انتخب نائبا في البرلمان التونسي، واستمرت عضويته طيلة أربع دورات دورات متتالية [2].




في الجمعيات والنوادي
  • كان العروسي المطوي عضوا مؤسسا ورئيسا للنادي الثقافي أبو القاسم الشابي بالوردية بداية من الستينات إلى بداية الألفية الواحد والعشرين [2]
  • عضو مؤسس لاتحاد الكتاب التونسيين، وآلت إليه رئاسته لمدة عشر سنوات بين 1981 و1991، وتولى خطة رئيس تحرير وصاحب امتياز مجلة قصص [2] منذ عام 1966 [3].
  • كما شغل خطة أمين عام اتحاد الكتاب العرب [2].
مؤلفاته

نظم محمد العروسي المطوي الشعر وكتب المقالة الصحفية والدراسة الأدبية والقصة القصيرة والرواية والمسرحية، وقصص الأطفال وتحقيق التراث. وقد صدرت له العناوين التالية [5] [6] [7]:
الدراســـــــات
  • التعليم الزيتوني ووسائل إصلاحه، تونس 1953.
  • الحروب الصليبية في المشرق و المغرب، ط 1، نشر دار الكتب الشرقية تونس 1374 هـ/ 1954 م.
  • جلال الدين السيوطي، تونس 1954.
  • امرؤ القيس، تونس، 1955.
  • أسس التطور و التجديد في الإسلام، الدار التونسية للنشر، تونس، 1969.
  • من طرائف التاريخ، دار بوسلامة للنشر، تونس 1980.
  • فضائل إفريقية في الآثار والأحاديث الموضوعة،دار الغرب الإسلامي, بيروت 1983.
  • سيرة القيروان، الدار العربية للكتاب, تونس 1986.
  • السلطنة الحفصية، وقد صدرت عن دار الغرب الإسلامي بيروت، 1986.
التحقيقــــــات
  • النصوص المفسرة (كتاب مدرسي بالاشتراك)، تونس 1955.
  • خريدة القصر و جريدة العصر (تحقيق بالاشتراك)، الدار التونسية للنشر، تونس 1966.
  • تحفة المحبين والأصحاب، المكتبة العتيقة، تونس 1970.
  • أنموذج الزمان في شعراء القيروان (تحقيق بالاشتراك)، الدار التونسية للنشر، تونس 1986.
  • مسائل السماسرة لأبي العباس الأبياني، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1992.
من أعمال حسن حسني عبد الوهاب التي أكملها الأديب
  • الجزء الثالث من كتاب الورقات .
  • كتاب العمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين وقد راجعه وأكمله محمد العروسي المطوي، الدار العربية للكتاب، تونس 2001.
  • بساط العقيق في حضارة القيروان و شاعرها ابن رشيق (إعادة نشر مع تعاليق)
  • آداب المعلمين لمحمد بن سحنون (إعادة نشر بتعاليق).
الكتب الأدبية
  • ومن الضحايا (رواية) سلسلة كتاب البعث، تونس 1956.
  • فرحة الشعب (شعر)، الشركة التونسية للتوزيع، تونس 1963.
  • حليمة (رواية)، دار بوسلامة للنشر، تونس 1964.
  • التوت المر، وهي رواية صدرت في طبعتها الأولى عن الدار التونسية للنشر عام 1967، واعتبرت من قبل اتحاد الكتاب العرب ضمن أفضل 105 رواية عربية [8].
  • طريق المعصرة (مجموعة قصصية، دار صفاء للنشر، تونس 1981.
  • خالد بن الوليد (مسرحية، بالاشتراك)، الدار التونسية للنشر، تونس 1981.
  • من الدهليز (شعر) تونس، 1988.
  • رجع الصدى (نصوص روائية من جنس السير الذاتية)، الدار العربية للكتاب، تونس 1991.
  • حبيك (شعر، 2002)
قصص للأطفال
  • أبو نصيحة - السمكة المغرورة - عنز قيسون - جنية ابن الأزرق - شعاطيط بعاطيط (1967-1968)
  • حمار جكتيس (1972)
  • أمير زنجبار (1976)
  • الوفاق – القوس المكسور – السد الكبير – خف حنين (1980-1981)
  • هل تحبين السكر – الديك فوق الشجرة – على الشاطئ – ميمي و التلفاز – الفروج – الدب و الدمية – أم العصافير – كونو الطماع – مروحة الريش – قصر العجائب (بالاشتراك)موسوعــــات للشباب
  • موسوعة حيوانات العالم
  • موسوعة قل لماذا
  • موسوعة أطفال اليوم
تخليدا لذكراه
  • سميت باسمه المكتبة العمومية بالمطوية، وكان قد أهداها مكتبته الخاصة [9] كما تقام ندوة سنوية بمسقط رأسه تحت عنوان "ملتقى محمد العروسي المطوي للآداب والحضارة العربية" وقد أقيمت الدورة الثالثة منه يومي 24 و25 مارس 2010 [10]
المراجع
  1. أ ب تعريف بالمطوي
  2. أ ب ت ث ج ح خ المطوي..كتّاب القصّة في تونس
  3. أ ب محمد العروسي المطوي (1)
  4. ^ الطريق إلى محمد العروسي المطوي
  5. ^ مؤلفاته - مكتبة محمد العروسي المطوي
  6. ^ مؤلفاته
  7. ^ بعض مؤلفات محمد العروسي المطوي
  8. ^ [1] مائة أفضل رواية عربية]
  9. ^ المكتبة العمومية محمد العروسي المطوي
  10. ^ ملتقى محمد العروسي المطوي
وصلات خارجية

ايوب صابر 06-04-2012 10:43 PM

http://illiweb.com/fa/empty.gif محمد العروسي بن عبد الله بن المبروك بن الطاهر المامي المطوي المهذبي

http://illiweb.com/fa/empty.gif من طرف أحمد سالم داهي في الأحد 07 فبراير 2010, 7:22 am


إسمه الكامل:
محمد العروسي بن عبد الله بن المبروك بن الطاهر المامي المطوي المهذبي والإسم محمد العروسي مركب، وقد درج الناس على تناسي الجزء الأول منه في النداء. فهو العروسي فقط عن الأهل، ومحمد العروسي هو الابن الأصغر لأبويه، وقد أنجبا قبله الساسي والحبيب وبنتين: مريم وفاطمة.

أما جده المبروك فله بالإظافة إلى عبد الله، أب المترجم، ثلاثة أبناء ذكور هم: أحمد وعبد الله والفيتوري.

وكل هؤلاء الإخوة والأعمام قد اشتغلوا بالفلاحة في الواحة والحقول القريبة منها، ومنهم من نزح إلى تونس للاشتغال بفندق الغلة (سوق الخضر).

ويظل الطاهر الجد الأكبر لمحمد العروسي المطوي، هو المؤسس الأصلي للعائلة في المطوية، واليه تنسب الفروع محليا.

وقد كان الشيخ الطاهر حافظا للقرآن شغوفا بالعلم. ولعلّ انتسابه إلى ذرية الولي الصالح "سيدي مهذب" قد رشحه إلى تولي هذه الخطط الدينية التي كانت التزكية فيها مرتكزة على الكفاءة وطيب الذكر.

وقد ترك هذا الجد الأكبر من الأبناء بالإظافة إلى المبروك: محمد و مهذب وعلي، وهم الفروع المنتسبون إلى آل طاهر بالمطوية.

ولم تكن نسبة المهذبي خاصة فقط بهذه الدار وإنما تشمل أيضا عائلات أخرى نزحت بدورها من سيدي مهذب إلى الواحة، منها عائلة القصبي وعائلة سعد الله، و وهي عائلات كانت إلى قريب لا تدفع عشر المزارع عند حرثها للأراضي التابعة لهنشير الزاوية والتي ما تزال إلى الآن تابعة للقطاع الاشتراكي الراجع بالنظر للمجموعة العامة في الجهة.


أمه وجده لأمه:
أم محمد العروسي المطوي هي بنت أحمد بالساسي، وهذه الأم تنتسب بدورها إلى ذرية سيدي أحمد الفقير، الملقب بالصيد الأصفر. وهو من الأشراف الوافدين على المطوية من الساقية الحمراء، حسب الرواية المتواترة عن أحفاده من دار الساسي ودار الفقير.

والجبانة القديمة للقرية تحمل اسم هذا الولي الصالح المدفون فيها، وقد شيدت على قبره قبة ما تزال مزار الحفيدات والأحفاد وبقية المتبركين بتربته من أهل القرية.


نسبته ولقبه:
ينسب محمد العروسي المطوي بثلاث نسب مكانية متلاحقة، و تغلبت نسبة المطوي على أختيها بالترجيح، المامي، نسبة إلى الماية، وهي منطقة مجاورة إلى بلدة المطوية، وتظلها نفس الواحة، وان اختلفت بينها الحدود في الماضي، فالماية توجد في المنطقة الشرقية من الواحة بينما توجد المطوية التي كانت تسمى " البلد" في عرف السكان، في المنطقة الغربية. أما النسبة الثالث التي حذفت من بطاقة تعريف المترجم له فهي: المهذبي. وهي كما أشرنا آنفا نسبة إلى المهاذبة، وتعني جهة الصخيرة، كما تعني القبيلة المالكة للهنشير هناك، ومنها نزح الجد الأكبر لعائلة آل طاهر. وإنما ظلت نسبة المطوي وهي الثالثة، قائمة في اعتقادنا بسبب نزوحه إلى العاصمة ومواصلته الدراسة والحياة فيها، واشتهاره بذلك اللقب في أعماله الأدبية والعلمية والدبلوماسية، ولهذا احتفظ بهذا اللقب عندما ظبطت الألقاب بعد الاستقلال.

أما العروسي فلا علاقة لها بالحيزة المكاني فنسبتا الى أصل محمد العروسي المطوي و انتساب الى السادة الاشراف العروسيين الديباجيين الحُسينين القاطنين بصحراء الساقية الحمراء، فاصبحت صفة العروس ملتصقة باسمه الشخصي "محمد العروسي ..."

والمعروف عن النازحين من مختلف أنحاء الإيالة في الماضي انهم يحافظون دائما على نسبهم القبلية أو الجهوية تعلقا بانتماءاتهم العرقية واعتزازا بأصولهم ومفاخرة بجهاتهم ومعالمهم الحضارية. وكان أهل المطوية بقسميها: المستوطنون بالعاصمة، وهم كثر، ينتسبون فيها بنسبتين مختلفتين: نسبة " قابسي لمن هم من الأغراب، ولا يعرفون قرى الجنوب، مثلهم مثل أهل الحامة ومارث ومطماطة من أصيلي جهة الاعراض.

ونسبة المطوي لمن هم من أبناء المنطقة الذين يعرفون مختلف القرى والمداشر فيها ويفرقون بين الأصول والقبائل.

والفارق بين النسبتين ليس جغرافيا فقط أو للتقريب، وإنما أيضا للتمايز الوصفي والاعتزاز بالأرومة واستثارة الحمية.

وقد رجعت نسبة المطوي عند أديبنا لهذه الأسباب مجتمعة، وعوضت بالنسبة له اللقب العائلي الأصلي الذي هو الطاهر أو " بن طاهر ". عرف المطوي بنسبته هذه منذ إن كان طالبا، أو على الأقل منذ إن بدأ في نشر مقالاته، وهو طالب. ثم ثبت له بعد ذلك في تحريراته الأدبية والعلمية وفي الإشهار له أو التحدث عنه.


ولادته ونشأته:
ولد محمد العروسي المطوي في "الماية القديمة " يوم 19 جانفي 1920 وبها نشأ قبل ان ينتقل به أهله إلى " الماية الجديدة " أو " الظهرة " كما كان يسميها أهلها آنذاك.

وقد لجأ سكان الماية القديمة " إلى الظهرة " هروبا من الرطوبة التي أصبحت لا تطاق داخل الواحة، خاصة بعد حفر الأهالي لبئر" الملاحة" الإرتوازية ثم لتوالي الفيضانات على الجهة في نهاية العقد الثاني من هذا القرن.


تعليمه الابتدائي:
بدأ محمد العروسي المطوي المرحلة الأولى من تعليمه الابتدائي بالماية القديمة في كتاب الشيخ عمر بن يعقوب مؤدب الأجيال في القرية. ثم انتسب سنة 1928 بعامل الصدفة إلى التعليم النظامي بالمدرسة العربية الفرنسية بالمطوية، التي كانت تسمى خطأ " الكوليج ".

فقد اعترضه يوما أحد أترابه في الطريق متقلدا محفظة متجها إلى المدرسة، ولما عرض عليه مصاحبته إلى " الكوليج" لم يتردد الفتى في قبول العرض، ولم يتهيب بالدخول معه إلى القسم وهناك أعطاه المعلم لوحة وقطعة من الطباشير وسجل اسمه في الدفتر، وبذلك أمكنه حضور درسه النظامي الأول وعمره 8 سنوات.

و لم يعترض أهل محمد العروسي المطوي على هذا الانتساب المفاجىء إلى المدرسة الرسمية و بذلك استطاع العودة من الغد إلى القسم وواضب على حضور الدروس واستمر يدأب على التحصيل حتى سنة 1935 وهي السنة التي تقدم فيها لنيل الشهادة الابتدائية بقابس لكنه لم ينجح في إحرازها خلال الدورة الأولى بسبب مغص معوي منعه من إتمام الإختبارعلى الصورة المثلى.

وسافر محمد العروسي المطوي إلى تونس في أواخر العطلة الصيفية من نفس السنة، بعد مشاركته في موسم الحصاد بهنشير سيدي مهذب مع أخيه وبعض أقربائه، لمواصلة الدراسة. وسكن عند حلوله بالعاصمة في وكالة " نهج سيدي غرس الله " عدد 10، وهي "وكالة" كان ينزل بها أبوه عبد الله وعدد من أبناء القرية العاملين في فندق الغلة.

وبعد أيام من وصوله إلى الحاضرة شارك في الدورة الثانية للشهادة الابتدائية بمدرسة " فابريكات الثلج " الابتدائية، ومنها تحصل على الشهادة في دورة سبتمبر 1935.


تعليمه الثانوي:
لم يتردد محمد العروسي المطوي طويلا في الاختيار عندما سأله أخوه " محمد الساسي " الذي كان يأويه، ما إذا كان يريد مواصلة التعلم بجامع الزيتونة أم بالصادقية فقد أجاب الفتى بكل حزم بجامع الزيتونة، قال ذلك وهو يفكر في شيخ من متطوعي الجامع الأعظم، كان يتردد على القرية في العطل الصيفية لزيارة أهله وأصهاره. وكان يلقى من الناس كل أنواع التبجيل والإكرام. كما أن مدرسة الصادقية لم تكن واضحة في ذهنه. وقد ظلت صورة هذا الشيخ تأسره بنصاعتها، وهو في مجلسه داخل أجنة الواحة أو في الساحة أمام المقهى، وقد تحلق حوله الوجهاء والأعيان ليجيب عن أسئلتهم أو ليحادثهم عن الزعماء ومجريات السياسة. وهذا الشيخ هو الذي اشرف عن انخراطه في سلك التعليم بالزيتونة.

وسجل محمد العروسي المطوي إسمه لمتابعة السنة الأولى من التعليم الزيتوني بجامع القصبة وذلك خلال العام الدراسي 1935/1936 . وواصل السنة الثانية في نفس الجامع. ولكن الدروس تعطلت في بداية سنة 1937 بسبب الاضطرابات، وطالت مدة التعطيل فاضطرت مشيخة الجامع إلى إلغاء الامتحانات بالنسبة إلى تلك السنة. وهكذا لم يكمل العروسي المطوي المرحلة الأولى من تعليمه الزيتوني إلا في سنة 1940. وهي السنة التي أحرز فيها على شهادة الأهلية بملاحظة حسن مع الجائزة.

وقد تنقل خلال هذه المرحلة من تعليمه بالسكنى من مدرسة " صاحب الطابع " إلى " المدرسة المتيشية " التي ظل فيها خلال سنوات الحرب أيضا.

وتابع محمد العروسي المطوي المرحلة الثانية من تعليمه الزيتوني دون عراقيل تذكر، رغم الحوادث التي كانت تونس مسرحا لها خلال الحرب العالمية الثانية. فقد نجح في امتحانات النقلة من سنة إلى سنة على التوالي إلى أن أحرز على شهادة التحصيل في العلوم سنة 1943 .


تعليمه العالي:
تابع محمد العروسي المطوي تعليمه الزيتوني العالي بحضور دروس العالمية شعبة الآداب, وذلك مدّة ثلاث سنوات متتالية, توجها بإحرازشهادة "العالمية " سنة 1946, وقد تولّى خلال هذه المدّة مشيخة المدرسة المرجانية الّتي إنتقل بالسّكنى اليها بعد انقضاء الحرب.

وقد كان المترجم له في الأثناء قد انتسب إلى المدرسة التونسية العليا للحقوق, وقضى بها عامين حصل إثرهما على شهادة الحقوق سنة 1945 أيضا.

كما انتسب بعد ذلك إلى معهد البحوث الإسلامية التابع للمدرسة الخلدونية, ومنه أحرز الإجازة العليا للبحوث الإسلامية سنة 1947.

وهكذا تابع محمد العروسي المطوي في هذه المرحلة من تعليمه العالي كلّ الدراسات التي كانت متاحة لأمثاله من الزيتونيين الطموحين الراغبين في الحصول على المعرفة, مهما كان نوعها, ومهما كان مأتاها.

هذا بالإضافة إلى بقية الأنشطة الرياضية والفكرية التي كان يقسّمها بينها أوقاته خلال تلك الفقرة من حياته, والتي سنذكرها له عند استعراضنا للجوانب المتنوعة والمتعددة لشخصيته الثرية.


أهم شيوخه في الزيتونة:
يذكرمحمد العروسى المطوي من بين المشائخ الذين أخذ عنهم العلم و الأدب في مختلف مراحل تعليمه الزيتوني الأساتذة: محمد العربي الكابادي، مصطفى سلام، احمد بن عامر، محمد بو شربية، محمد بنية, معاوية التميمي, المختار بن محمود, الهادي العلاني, محمد الزغواني, الحطاب بوشناق, احمد المختار الوزير, عبد السلام التونسي, محمد بوعزيز, إبراهيم النيفر, محمد غويلية, عبد الوهاب الكراطي, عمر العداسي, الناصر الصدام, التارزي بن كبريتة و غيرهم كثير. و قد عدد لنا هذه الأسماء بدون ترتيب أو تفضيل, ولما سألناه عن اقرب هؤلاء المشايخ إلى نفسه و أشدهم تأثيرا فيه, أجابنا: "محمد العربي الكبادي, معاوية التميمي, محمد بنية, احمد المختارالوزير, عبد السلام التونسي ومحمد المختاربن محمود". ولما استغربنا عدم وجود اسم "الطاهر بن عاشور"أو "الفاضـل" ابنه من بين شيوخه قال: "كان الطاهر الأب مشغولا عن التدريس بمشيخة الجامع و شؤونها الإدارية أما الابن فلم يسعفني الحظ في التتلمذ عليه و أن كنت حضرت له بعض المحاضرات الحرّة على هذه الجمعية أو تلك".


أهم انتاجاته:

الدراســـــــات
التعليم الزيتوني و وسائل اصلاحه (1953)
الحروب الصليبية (1954)
جلال الدين السيوطي (1954)
امرؤ القيس (1955)
أسسس الطور و التجديد في الإسلام (1969)
من طرائف التاريخ (1980)
فضائل افريقية في الآثار و الأحاديث الموضوعة (1983)
سيرة القيروان (1986)
السلطنة الحفصية (1986)

التحقيقــــــات
النصوص المفسرة (كتاب مدرسي بالإشتراك، 1955)
خريدة القصر و جريدة العصر (تحقيق بالإشتراك، 1966)
تحفة المحبين و الأصحاب (1970)
أنموذج الزمان في شعراء القيروان (تحقيق بالإشتراك،1986)
مسائل السماسرة (1992)

من أعمال المرحوم حسن حسني عبد الوهاب التي أكملها الأديب
الجزء الثالث من كتاب " الورقات "
كتاب العمر
بساط العقيق في خضارة القيروان و شاعرها ابن رشيق (إعادة نشر بتعاليق)
آداب المعلمين لمحمد بن سحنون (إعادة نشر بتعاليق)

الكتب الأدبية
و من الضحايا (رواية، 1956)
فرحة الشعب (شعر، 1963)
حليمة (رواية، 1964)
التوت المر (رواية، 1967)
طريق المعصرة (مجموعة قصصية، 1981)
خالد بن الوليد (مسرحية، بالإشتراك، 1981)
من الدهليز (شعر، 1988)
رجع الصدى (نصوص روائية من جنس السير الذاتية، 1991)
حبيك (شعر، 2002)

قصص للأطفال
أبو نصيحة - السمكة المغرورة - عنز قيسون - جنية ابن الأزرق - شعاطيط بعاطيط (1967-1968)
حمار جكتيس (1972)
أمير زنجبار (1976)
الوفاق – القوس المكسور – السد الكبير – خف حنين (1980-1981)
هل تحبين السكر – الديك فوق الشجرة – على الشاطئ – ميمي و التلفاز – الفروج – الدب و الدمية – أم العصافير – كونو الطماع – مروحة الريش – قصر العجائب (بالإشتراك)

موسوعــــات للشباب
موسوعة حيوانات العالم
موسوعة قل لماذا
موسوعة أطفال اليوم

ايوب صابر 06-04-2012 10:49 PM

محمد العروسي المطوي، سيرة وورقات من إبداع مرحلة الشباب
إصدارات علياء بن نحيلة الصباح : 20 - 12 - 2011


أثريت هذه الأيام المكتبة التونسية والعربية بإصدار جديد عنوانه محمد العروسي المطوي سيرة وورقات من إبداع مرحلة الشباب في جزئين اعتنى الجزء الأول بالورقات الشعرية والثاني بالورقات النثرية. هذا الكتاب الصادرعن المركز الوطني للاتصال الثقافي ضمن سلسلة «ذاكرة وإبداع» أعده وقدمه وحققه الدكتور محمد الهادي بن طاهر المطوي.
248 صفحة للورقات الشعرية (الجزء الأول) أهداها الباحث إلى الراحل محمد العروسي المطوي الذي طالما كان يتوق إلى نشر إبداعاته الأولى من مذكرات ويوميات وأشعار ومقالات ومباحث وقصص، وأهداها كذلك إلى كل الأصفياء والأوفياء ممن عرفوا العروسي المطوي وعاشروه وصادقوه وواكبوه والى الذين اخلصوا للراحل سرا وعلنا ورافقوه بصدق سريرة وصفاء ضمير.
وقد قسم الدكتور محمد الهادي بن طاهر المطوي إلى ثلاث مراحل وتناول في الأولى المرحلة التونسية التي عاشها بين المطوية وتونس العاصمة إبان طلب العلم وتدريسه والنضال الوطني والمرحلة الثانية وهي المشرقية التي سافر فيها إلى المشرق العربي ممثلا دبلوماسيا للثقافة التونسية والمرحلة الثالثة وهي التي عاد فيها إلى تونس ليخوض من الداخل معركة البناء والتشييد، ومعايشة الواقع التونسي بكل ما فيه من تنمية وتطور، وطموح وتغييروتقدم وتحديث.
في هذا الإحصاء الأقرب إلى الشمولية في توثيق آثار الشيخ العروسي المطوي رغم كثرة ما تركه لتونس من إبداعات في شتى المجالات في الصحف والمجلات التونسية والمشرقية وسجلات النادي الثقافي أبو القاسم الشابي ونادي القصة واتحاد الكتاب التونسيين وخزائن الإذاعة الوطنية ومجلس النواب والنادي المطوي للتعارف والتعاون وغيرها من المؤسسات التي عمل فيها، وعرفت حركيته ونشاطه وتفانيه وإخلاصه للثقافة والأدب ولوطنه.
عرف الباحث في الفصل الأول من دراسته هذه بالشيخ محمد العروسي بن عبد الله بن المبروك بن الطاهر بن علي بن الطاهر المهذبي المامي المطوي الذي ولد يوم 19 جانفي 1920 ودرس في الكتاب ثم في المدرسة العربية الفرنسية ثم بحلقة دراسة الحقوق الكائنة بوزارة العدل ( 1944) وفي معهد الجمعية الخلدونية وتكون علميا وأدبيا في الزيتونة.
ثم تعرض الدكتور إلى ما شغله الراحل العروسي المطوي من وظائف ومسؤوليات ونشاط كالتدريس والتمثيل الدبلوماسي والعمل الإداري في وزارة التعليم وفي مجلس النواب حيث شهد له زملاؤه بالكفاءة وحسن التصرف طوال عضويته في مجلس الأمة (من سنة 1964 إلى 1986) الذي تغيرت تسميته إلى مجلس النواب في 9 جوان 1981، حيث تميزت حياته النيابية برؤية سياسية ثقافية وتعليمية وإعلامية ثاقبة.
تحمل العروسي المطوي أيضا مسؤوليات حزبية وبلدية وكان له نشاطات ثقافية ورياضية إذ أسس الجمعيات والنوادي الجهوية وحصل خلال هذه المرحلة من حياته على عديد الجوائز والأوسمة.
أما بالنسبة إلى حياته العائلية فقد أورد الباحث شهادة كتبتها ابنة الراحل الكبرى عن آخر مراحل حياته وهو على فراش الموت.
في الفصل الثاني تعرض الدارس إلى الآثار الأدبية والإبداعية للشيخ العروسي المطوي كالشعر والقصة الطويلة والقصيرة وأدب الأطفال والتعريب ودراسات في الأدب واللغة والأعمال التاريخية والإصلاحية والدينية والتربوية وما قدمه من تحقيقات.
وتضمن هذا الكتاب أيضا ورقات من ديوان الشباب من الشعر المنثور والبيتي والتفعيلي والمتحرر من نمطية الوزن ومن شعر قصيدة النثر وعددا من الصور والوثائق التي تخلد فترات من شباب الشيخ محمد العروسي المطوي.
أما الجزء الثاني والذي خصصه الباحث الدكتور محمد الهادي بن طاهر المطوي للنثر فقد تضمن ورقات من مذكرات الشيخ ورسائله ورسائل بعض الأصدقاء إليه ونماذج من أدبه المقالي ونقده بفرعيه الأدبي واللغوي وتضمن كذلك ولأول مرة في تاريخ الأدب التونسي صورة عن الشيخ الشاعر محمد العربي الكبادي الراوية من خلال ما دونه الشيخ محمد العروسي المطوي عنه من أمالي دروسه.
هذه النتف من مروياته مع تعليقات عليها اختارها الباحث بعناية لتعطي للقارئ صورة عن منهج الكبادي في فن الرواية وقوة حافظته وجمالية ذوقه الفني ومدى سعة علمه الشامل لكل ما يتعلق بالأدب العربي مشرقا ومغربا.
ومن أهم وأمتع ما تضمنه هذا الجزء الثاني من فصول، فصل توجهات في اللغة والأدب الذي تحدث فيه عن حروف المعاني وحروف الجر ونميمة الأسلوب والوصف والتطبيقات على الوصف كالذي جاء في الصفحة 134 حيث اختار الباحث ان يؤكد على ما جاء في رسالة تلقاها الشيخ المطوي من أستاذه توصيه فيها باللغة العربية خيرا ويؤكد له انه مادام يطلب الكمال في استعمالها فانه سيحصل عليه إذ يقول: «إن من احكم استعمال حرف الجر فقد تمكن من ناصية الكلمات وحذق مدلولها ومراميها المختلفة. ومن احكم استعمال حروف العطف فقد نظم أفكاره، واحكم بينها الترابط والتسلسل، والتوليد والتفريع».
لقد سعى الدارس وهو الأستاذ الجامعي الدكتور محمد الهادي بن طاهر المطوي لان يمد قارئ هذين الجزئين من كتاب» محمد العروسي المطوي سيرة وورقات من إبداع الشباب» بما يكمل صور محمد العروسي المطوي المبدع الأديب التي تأسست عليها شخصيته الإبداعية بصفة عامة وتحددت بها توجهاته الأدبية والعلمية والفكرية، ولعله وفق في رد الاعتبار لهذا الأديب وسهل على الباحثين تناول آثاره وأثرى المكتبة العربية وهو الذي سبق أن كتب «محمد الحليوي ناقدا وأديبا» واحمد فارس الشدياق حياته وآثاره وآراؤه في النهضة العربية الحديثة» و«الرؤية النقدية عند محمد العروسي المطوي».

ايوب صابر 06-05-2012 12:35 PM

الظروف الحياتية التي اثرت في تكوين الاديب محمد العروسي
- يعالج في روايته معاناة الفقر والبؤس والشقاء من أجل لقمةالعيش ( عائلة الشيخ مفتاح تمثّل نموذجا لذلك في القصّة. فهم ممّن شرّدتهم الحربفعانوا الويلات بحثا عن الأمن والاستقرار+ عائشة تمثّل نموذجا بشريّا مجسّما للبؤسالإنساني لمعاناتها الشّلل بسبب غياب المال، ومعاناتها اليتم بسبب موت الأمّ)تعاطيالتكروري هروبا من الواقع البائس.
- زاول محمد العروسيالمطوي تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه، حيث دخل الكتاب أزلا، ثم انتقل إلى المدرسةالفرنسية العربية بالمطوية. وسافر بعد ذلك إلىتونس العاصمة، حيث أحرز على الشهادةالابتدائية عام1935 ثم التحقبالتعليمالزيتونة، وقد أحرز على مختلفالشهائد .
- بدأ محمد العروسيالمطوي المرحلة الأولى من تعليمه الابتدائي بالماية القديمة في كتاب الشيخ عمر بنيعقوب مؤدب الأجيال في القرية. ثم انتسب سنة 1928 بعامل الصدفة إلى التعليم النظاميبالمدرسة العربية الفرنسية بالمطوية، التي كانت تسمى خطأ " الكوليج ".

- فقداعترضه يوما أحد أترابه في الطريق متقلدا محفظة متجها إلى المدرسة، ولما عرض عليهمصاحبته إلى " الكوليج" لم يتردد الفتى في قبول العرض، ولم يتهيب بالدخول معه إلىالقسم وهناك أعطاه المعلم لوحة وقطعة من الطباشير وسجل اسمه في الدفتر، وبذلك أمكنهحضور درسه النظامي الأول وعمره 8 سنوات.

- و لم يعترض أهل محمد العروسي المطويعلى هذا الانتساب المفاجىء إلى المدرسة الرسمية و بذلك استطاع العودة من الغد إلىالقسم وواضب على حضور الدروس واستمر يدأب على التحصيل حتى سنة 1935 وهي السنة التيتقدم فيها لنيل الشهادة الابتدائية بقابس لكنه لم ينجح في إحرازها خلال الدورةالأولى بسبب مغص معوي منعه من إتمام الإختبارعلى الصورة المثلى.

- وسافر محمدالعروسي المطوي إلى تونس في أواخر العطلة الصيفية من نفس السنة، بعد مشاركته فيموسم الحصاد بهنشير سيدي مهذب مع أخيه وبعض أقربائه، لمواصلة الدراسة. وسكن عندحلوله بالعاصمة في وكالة " نهج سيدي غرس الله " عدد 10، وهي "وكالة" كان ينزل بهاأبوه عبد الله وعدد من أبناء القرية العاملين في فندق الغلة.

- وبعد أيام منوصوله إلى الحاضرة شارك في الدورة الثانية للشهادة الابتدائية بمدرسة " فابريكاتالثلج " الابتدائية، ومنها تحصل على الشهادة في دورة سبتمبر 1935.

- لم يتردد محمد العروسي المطوي طويلا فيالاختيار عندما سأله أخوه " محمد الساسي " الذي كان يأويه، ما إذا كان يريد مواصلةالتعلم بجامع الزيتونة أم بالصادقية فقد أجاب الفتى بكل حزم بجامع الزيتونة، قالذلك وهو يفكر في شيخ من متطوعي الجامع الأعظم، كان يتردد على القرية في العطلالصيفية لزيارة أهله وأصهاره.
هناك مؤشرات بأن حياته المبكرة ( طفولته ) كانت حياة بؤس وشقاء ، وانه عاش بعيدا عن والده في الطفولة المبكرة لان الوالد كان يسكن تونس ، ثم نجده قد سافر للدراسة في تونس العاصمة وعاش عند اخيه، لكننا لا نمتلك تفاصيل كافية لنحكم ان كان قد عاش يتيما او يتميا اجتماعيا او مأزوما وعليه سنعتبره مجهول الطفولة.

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 06-05-2012 02:53 PM

103- أغنية الماء والنارعبد الله خليفة البحرين

العنوان: أغنية الماء النار - رواية
تأليف: عبدالله خليفة
القياس: 24*17 سم
الصفحات: 182
الناشر: اتحاد الكتاب العرب/سورية
السنة ورقم الطبعة: 1988 /0
السعر: 1.5$
تجليد: عادي
الموضوع: القصةوالرواية والحكاية


توصيف: رواية تعبر عن الصراع الاجتماعي علىأطراف مدينة في بيئة شعبية، وتصور الجوع والفقر والحرمان.

ايوب صابر 06-05-2012 02:54 PM

روايتان على جبهتين
ذهبوا مع الريح أو مع النفط.. أبطال عبدالله خليفة المعدمون
الوقت- حسين مرهون:
ألم يتعب بعد عبدالله خليفة؟ لا يبدو أن ذلك أمر وارد حتى الآن. الروائي غزير الإنتاج وأحد أبرز المقارعين على محاور المأثرة السبعينية التي فتحت سؤال الحداثة وصعدت بالنقاش الأدبي بشأن اتجاهات الكتابة إلى منتهاه، لا يزال يلج في التجربة حتى منتهاها. وخلاف أي من أبناء جيله، يبدو أنه أكثرهم وفاءً لشرط الكتابة، وغزارة إنتاجية سواءً بسواء. آخر ما صدر له في سياق الكتابة الإبداعية، روايتان: ''محمد ثائراً'' و''ذهب مع النفط''. وقد طرحهما أول مرة في غضون معرض الكتاب الدولي 14 المنتهي تواً في غضون الفترة من 17 إلى 27 مارس/ آذار الماضي. ليكون بذلك قد طرح في غضون العامين الأخيرين فقط، أي منذ العام ,2008 ست روايات على الأقل. الشيء الذي لا يكاد يتيسر لأي من الشخصيات المجايلة له، بله شخصيات التجربة الشابة، حتى وهي في كامل ''فتوّتها'' الآن، العضلية والروحية. هذا في سياق الكتابة الأدبية الصرفة ضمن التصريفات القارّة لعملية الإبداع. ما يعني استثناءنا طبعاً لأشكال الكتابة الأخرى، لا سيما تلك الفكرية التي يخوض في غمارها منذ سنين، ونعني تحديداً استناء من كل ما صدر له، مطارحته الدؤوبة في سياقات ''الاتجاهات المثالية في الفلسفة العربية الإسلامية'' التي يصدر له فيها جزء رابع قريباً.
في روايتيه الجديدتين اللتين صدرتا من بيروت عن ''مؤسسة الانتشار العربي'' يستأنف خليفة رحلته في غواية السرد لكن على جبهتين مختلفتين. الأولى تتصل بكتابة الرواية التاريخية، التي يكاد يكون متفرداً فيها، حيث يمكن عده الوحيد الذي يعمل أدواته الكتابية ضمن هذا الباب، وهو ما يمكن أن يمثله صدور رواية ''محمد ثائراً'' - كان من المفترض أن تأتي تحت اسم ''أنوار محمد'' -.
ولا بأس هنا من التذكير بأن الرواية تأتي في سياق مشروع ممتد للكاتب بدأه منذ العام 2004 مع إصداره ''رأس الحسين'' التي استعاد فيها سيرة الحسين بن علي بن أبي طالب(ع). سرعان ما أتبعها بـ 3 روايات متصلة ضمن حقل الرواية التاريخية، وقد وضعت في سياق حيوات ثلاثة من صحابة النبي محمد، وهي على التوالي: ''عمر بن الخطاب شهيداً'' 2007 و''عثمان بن عفان شهيداً'' 2008 و''علي بن أبي طالب شهيداً'' .2008 وهو مشروع يذكر بمشروع ''العبقريات'' الذي تصدى له المفكر المصري عباس محمود العقاد في النصف الأول من القرن العشرين.
وقد لاقى مشروع خليفة بصدد الرواية التاريخية من الحيف، الشيء الكثير، خصوصاً مع تعرض غير رواية له وضعت في هذا الإطار للمصادرة من قبل الرقابة. فيما شكل صدور روايته الجديدة ''محمد ثائراً'' استثناء القاعدة. وهي رواية راهن عليها الكاتب كثيراً و''لعلها الأصعب'' مثلما عبر المؤلف في حديث سابق مع محرر «الوقت». خصوصاً مع مجيئها في سياق «عبقرية» شخصية فذة، يأتلف داخلها التاريخ مع التقديس، سواء بسواء. في ذات الوقت الذي يمثل البحث عن هوامش التجلي البشري لها - أي التاريخي خارج سطوة التقديس - واحدة من المعالجات السردية التي يعكف عليها المؤلف. وعلى ذلك يمكن أن نقرأ نعت المؤلف لها في ظهر الغلاف بأنها «رواية محمد الإنسان».
في الجبهة الثانية، تأتي رواية «ذهب مع النفط» التي هي بحسب المؤلف نفسه ''رواية واقعية كابوسية ساخرة''. الشيء الذي يمكن أن يصله بمراحل تجربته السابقة التي عبر فيها من خلال نحو 11 رواية، آخرها كانت «التماثيل» التي صدرت العام ,2007 عن انحياز متواتر للمذهب الواقعي، الذي شكل واحداً من محاور الاختلاف مع بقية أبناء جيله فيما أسميناه في المستهلّ «المأثرة السبعينية».
لذا فهو يواصل التعبير عن هذا الاختلاف لكن بـ«خلاف أقلّ وإنتاج أكثر»، مشكلاً مناعة ''عملانية'' ضد كل أشكال ''الجاذبية'' التي وفرتها مذاهب التجريب والحداثة وما حذا حذوهما. كما عبر فيها ثانياً، عن وصال حميم مع مضمون أثير ظل ساطياً على جل أعماله، منذ ''اللآلئ'' و''القرصان والمدينة'' و''الهيرات''، وما تلاها لغاية هذه الساعة، ألا وهو الانحياز للفئات الفقيرة والمهيمن عليها في ''جدلها'' وصراعها المحموم مع القوة والثروة. على ذلك وجدناه يقول ''هذه الرواية، الفرد الوحيد حين يسحق، يداس كحشرة'' في ذات الوقت الذي يكون فيه ''النفط يملأ البلد، ويصير بحراً ويبتلع البشر والأرض''. هذا وستصدر للمؤلف قريباً روايتان جديدتان في هذا الإطار تحت اسم ''الانهيار'' و''حورية البحر، إضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان ''إنهم يهزون الأرض''. أرأيتم؟ عبدالله خليفة لم يتعب بعد، يجب ألا يتعب.
دورية تونسية تناقش أدب البحر عند صاحب «الهيرات»

اختارت مجلة ''الحياة الثقافية'' التي تصدر من تونس عن وزارة الثقافة، تجربة الكاتب عبدالله خليفة ضمن قائمة أهم الروائيين العرب الذين عبروا في كتاباتهم عما أسمته ''أدب البحر'' من خلال الرواية. وقال الكاتب عبدالله أبو أهيف ضمن دراسة نشرها في العدد الأخير للمجلة تحت عنوان ''أدب البحر في الرواية العربية'' إن ''غالبية روايات خليفة توحي بالدلالات الكامنة في التناص مع البحر''. وأضاف في هذا السياق ''تصور رواياته الصراع الاجتماعي في البحرين، ومنها إشكاليات العلاقات الاجتماعية والإنسانية في المدن والقرى الساحلية''.
وقد رأى في سياق الدراسة أن الروايات العربية التي يمكن إدراجها ضمن أدب البحر، قد توزعت إلى نوعين، الأول ''عبرت فيه مباشرة عن قضايا الوجود ضمن فضاء البحر في الزمكانية'' والثاني ''نحت إلى التعبير الدلالي عن المنظورات الفكرية لدى تسمية البحر في العتبات النصية كالعنوانات والمداخلات والمفاتيح''.
واتخذ الكاتب من ضمن مسرد طويل ضم عشرات الروايات 12 تجربة منها من تونس ومصر والبحرين لوضعها موضع الفحص والنظر، وقد ضمت إلى جانب رواية خليفة الموسومة ''أغنية الماء والنار''، روايات كل من: حنا مينه، جبرا إبراهيم جبرا، صادق النيهوم، محمد عز الدين التازي، محمد صالح الجابري، جميل عطية إبراهيم، حيدر حيدر، محمد جبريل، محمد عزيزة، عبدالواحد براهم، وأخيراً سيد البحراوي.
في سياق ذي صلة، قال بشأن تجربة الكاتب ''روايات عبدالله خليفة قصيرة نسبياً، مما يجعلها أقرب إلى تقديم شريحة حياتية مقتطعة من عملية الصراع الاجتماعي''. وأضاف في هذا السياق ''تصور رواية (أغنية الماء والنار)، التباين الطبقي الحاد قبل النفط في الخليج، وتبين المآل المسدود لاندحار الفوارقالاجتماعية، وتنحاز بعد ذلك للكثرة الكاثرة من المساكين والفقراء ومعذبي الأرض''.
وتابع أبو أهيف ''إنها تعبر عن الصراع الاجتماعي على أطراف مدينة في بيئة شعبية، هي قرية أو مدينة صغيرة ساحلية''. ورأى أن ''الكاتب استطاع أن يقدم في روايته وصفاً مختزلاً للصراع الاجتماعي في قرية بحرينية قبل اكتشاف النفط، وقد نجح إلى حد ما في اكتناه هذا الصراع في سرد شاعري مفعم بالحرارة وحماسة الانتماء إلى مساكين الأرض'' وفق تعبيره.
وتصدر مجلة ''الحياة الثقافية''، وهي دورية شهرية تعنى بالفكر والإبداع تأسست في العام ,1975 عن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بتونس فيما يترأس تحريرها جمال الدين دراويل. (ح. م)

ايوب صابر 06-05-2012 02:58 PM

وقائع المدينة الغريبة في دراسة لـنبيل سليمان

أكتوبر 2nd, 2008 كتبها عبد الجبار العش نشر في , وقائع المدينة الغريبة في دراسة لـنبيل سليمان,
الفصل الثاني كنائية المدينة الروائية
من ”أسرار التخييل الروائي” تأليف نبيل سليمان
دراسة منشورات اتحادالكتاب العرب دمشق
في الفصل الرابع (رواية المدينة ومدينة الرواية) من كتابه (الرواية في القرن العشرين) (1) يرى جان إيف تادييه أن المدينة الروائية هي قبل كل شيء عالم من الكلام، سواء كانت انعكاساً أو انزياحاً.‏
وهي في ذلك قريبة من شخصية الرواية، وتنبغي معالجتها كفضاء أبدعته الكلمات. ومن المدن الروائية التي يُعنى بها تادييه مدينة هيليوبوليس التي عنونت رواية جنجر، والتي لا تشترك مع طيبة المصرية في شيء، وتفلت من المعايير الواقعية فيما هي تملي بنيتها. ويضيف تأدييه أنموذجاً آخر للمدينة الروائية، كالذي تبدى في رواية كافكا (المحاكمة) حيث تتلامح معالم براغ، وإن كانت الرواية لا تسمّيها.‏
تلك هي إذاً المدينة الروائية التي تتعين باسم مدينة بعينها، دون أن تحمل منها غير الاسم، وتلك هي أيضاً المدينة الروائية التي لا تتعين، وإن تكن تحمل من مدينة ما يعيّنها. وإلى هذه وتلك، ثمة المدينة الروائية التي تتعين في مدينة واقعية ـ قاهرة نجيب محفوظ مثلاً ـ وهي الأكثر حضوراً في الرواية بعامة.‏
في أي من هاته المدن الروائية الثلاث ينبغي التشديد على ما سماه ميشيل بوتور بالإحالة التخييلية بين الفضاء الواقعي والفضاء الروائي (2)، أو على ما سماه صلاح صالح بمثنوية الاتصال والانفصال بين المكان الخيالي والمكان الواقعي(3). أما غاية هذا التشديد فهي تقوم ـ مثل أسّه ـ في كنائية الفضاء المديني الروائي، حيث تشتغل استراتيجية اللاتعيين، فيكون للمعنى الجمالي نظامه أو أنظمته.‏
وسيكون تشغيل هذه الاستراتيجية، وجلاء تلك الكنائية وهذا المعنى، مناط دراستنا للرواية العربية التي لا تعيّن زمانها ولا مكانها، أو تكتفي من التعيين بالزمان، ذلك أن هذه (اللعبة) التي تواترت في التجربة الحداثية الروائية العربية منذ أكثر من عقدين، تواتراً لافتاً، باتت ظاهرة تذخر بالأسئلة. وربما كانت خماسية عبد الرحمن منيف (مدن الملح) المثال الأكبر لها، حيث قامت (حران) و(موران) كمدينتين روائيتين، وبدّل المكان ـ غالباً ـ داخل الجزيرة العربية مرجعيته، وإن تكن المطابقة بين الروائي والمرجعي ظلت يسيرة، بينما حافظ المكان خارج الجزيرة العربية على مرجعيته، وهو ما يعلله صلاح صالح بحرص الكاتب “على تعميم صورة هذه المدن المؤقتة المرتجلة وصلاحية عدها أنموذجاً، أو حالة نمطية لجميع المدن الأخرى المماثلة التي أنشأتها حضارة البترول وسياسات النهب الاستعماري أينما كانت” (4). ويذهب صلاح صالح إلى أن تبديل المكان لاسمه في (مدن الملح) لا يبدو محملاً بقيمة فكرية أو فنية صريحة، ويرجّح أن ذلك نابع “من حرص الكاتب على نسبة عمله الضخم إلى فن الرواية الخالص، ومنعه من الانضمام إلى التاريخ أو التوثيق التاريخي، إضافة إلى شيء من الرغبة في تأكيد افتراق روايته عن الرواية التاريخية التي تضع همها الأساسي في سرد الوقائع والأحداث كما جرت بالضبط (5).‏
من ذلك العهد (المبكر) لاستراتيجية اللاتعيين في المدينة الروائية، تأتي أيضاً ثلاثية إسماعيل فهد إسماعيل (المستنقعات الضوئية ـ الحبل ـ الضفاف الأخرى) حيث تومئ المدينة الروائية إلى بغداد.‏
وكذلك تأتي رواية حنان الشيخ (مسك الغزال) ورواية هاني الراهب (التلال) ورواية عبد الله خليفة (أغنية الماء والنار) ورواية مؤنس الرزاز (متاهة الأعراب في ناطحات السراب)، ورواية هشام القروي (ن) ورواية حميدة نعنع (الوطن في العينين) ورواية جيلالي خلاص (حمائم الشفق).‏
لكن نشاط استراتيجية اللاتعيين في المدينة الروائية سيدفق (دفقاً) من بعد، فيكتب عبد الرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا رواية (عالم بلا خرائط)، وهاشم غرايبة رواية (المقامة الرملية)، وسالم بن حميش (فتنة الرؤوس والنسوان)، وعزت القمحاوي (مدينة اللذة)، وعبد السلام العمري (اهبطوا مصر) ويوسف المحيميد (فخاخ الرائحة)، ورجاء عالم (حبّى).. ومن هذا (الدفق) ستركز هذه الدراسة قولها في الروايات التالية:‏
1 ـ بهاء طاهر: الحب في المنفى‏
تتسمّى المدينة الروائية في رواية بهاء طاهر (الحب في المنفى) (6) بحرف (ن). وإذا كانت الرواية ترمي بما ينسب مدينتها (ن) إلى الفضاء الأوروبي (الشمال ـ الغربة التي طردت القاهرة إليه راوي الرواية وبطلها)، فبالتعويل على ما هو معلوم من سيرة الكاتب، وعلى بعض أحداث الرواية، بالمقارنة مع رواية غادة السمان (ليلة المليار ـ 1985)؛ بذلك يُمكن للمرء أن يشخص للرواية الفضاء السويسري، فأية مدينة سويسرية هي إذاً مدينة (ن)؟‏
في هذه المدينة تعقد لجنة الأطباء الدولية لحقوق الإنسان مؤتمراً صحفياً حول انتهاكات حقوق الإنسان في شيلي، يشارك فيه الدكتور مولر الذي تهمه مدينة (ن) لأنها (ملتقى دولي). كما يشارك في المؤتمر: الراوي، وإبراهيم المحلاوي القادم من بيروت، والصحفي المناصر للقضية العربية: برنار، والذي سيكتب في جريدته (التقدم) عن مجازر صبرا وشاتيلا، كما يكتب عن بلده: “أصاب بلدنا الحر مرض غريب هذه الأيام. أصابه الخرس فلم ينطق شيئاً عن الجرائم ضد حقوق الإنسان ما دامت تأتي من الدولة العبرية”.‏
على إيقاع حرب 1982 في لبنان تعري الرواية الذات في وطن الآخر، وفي حضوره، سواء في علاقة بريجيت النسماوية بإبراهيم والراوي، أم في علاقة الشاب المصري يوسف والراوي بالأمير حامد. ويبدو أن المرجعية تصل بين الرواية، فيما يخص العلاقة الأخيرة، وبين رواية غادة السمان (ليلة المليار). فمقابل مشروع رغيد الزهران إصدار مجلة لتدجين المثقفين في هذه الرواية، يحاول الأمير حامد في رواية (الحب في المنفى) استقطاب الراوي ـ ليصدر جريدة لصفوة الأقلام القومية التقدمية ـ عن طريق يوسف مرة، وعن طريق بريجيت مرة، كما تكتب الروايتان عن المظاهرة التي تندد بجرائم الحرب الإسرائيلية في لبنان، وبمجازر صبرا وشاتيلا.‏
بخلاف رواية بهاء طاهر، تعيّن راوية غادة السمان فضاءها السويسري، وسنرى الراوي في رواية طاهر لا يفرق بين يمين ويسار في مدينة (ن). كما سنراه يحكم بأن الناس فيها لا يحبون الأجانب ولا يختلطون بهم. لكن صديقه المحلاوي الحالم الماركسي المبعد من مصر إلى بيروت، يرى أن مكتب الحزب الشيوعي في مدينة (ن) هو أوروبا الحقيقية، وأوروبا الحقيقة هي، رغم كل شيء، الأمل. ولا يعني المحلاوي العلم أو الحضارة، بل الإنسانية، ومع هذه الإشارات إلى الفضاء الروائي وإلى المدينة الروائية في رواية (الحب في المنفى)، تأتي طوبوغرافيتها باقتصاد، ليظل السؤال قائماً عن علّة اللاتعيين فيها، إلا أن تكون التقية التي استدعتها السيرية. لكن علة التقية خارج ـ نصيّة، ما يدفع بالسؤال عن جدوى اشتغال استراتيجية اللاتعيين في هذه الرواية.‏
2 ـ مؤنس الرزاز: سلطان النوم وزرقاء اليمامة‏
تتسمّى المدينة الروائية في رواية مؤنس الرزاز (سلطان النوم وزرقاء اليمامة) (7) بـ (شبه مدينة الضاد) ويرد الاسم أحياناً: مدينة الضاد. ومعظم سكان هذه المدينة ـ أو عالم الضاد، بحسب بعضهم، كما تذكر الرواية ـ هم أشخاص غير عاديين. وحول هذا العالم أو هذه المدينة تقوم الصحارى وبحر الظلمات، وإليه (إليها) لجأ السياسي السوري صلاح البيطار ـ اغتيل منذ سنوات ـ والشاعر العراقي سعدي يوسف والروائي الأردني غالب هلسا.. أي إن شخصيات واقعية ـ حقيقية قضت جزءاً من حياتها في مدينة الضاد. وبرسم ما يحيط عالم الضاد جغرافياً كما تقدم، وبما سيلي ما تكتب الرواية من أحداثه والعلاقات، سينجلي عالم الضاد عن العالم العربي، ويتلخص في تلك المدينة الروائية التي ينادي اسمها واسم ذلك العالم اللغة العربية: لغة الضاد.‏
منذ البداية تنص الرواية على أن عالم الضاد ليس الخريطة، لكنه عالم منطقي وعقلاني وواقعي ولا يشبه عالم كافكا. وبمثل هذا اللعب ترمح المخيلة وهي تدفع إلى المدينة الروائية، بلا طوبوغرافيا تذكر، بعلاء الدين ومارده وبروميو وجولييت والروائي ميم ـ الحرف الأول من اسم مؤنس الرزاز ـ وبزرقاء اليمامة والمخرج الهوليودي وتلك الشخصية المرموقة في المدينة: بئر الأسرار..‏
والمخيلة الرامحة تطمح إلى أن تكتب ألف رواية ورواية في حكاية، كما تنصّ (سلطان النوم..) منذ البداية، وهي تسلم الحديث إلى سلطان النوم الذي يتواتر حضوره في روايات أخرى لمؤنس الرزاز.‏
ففي رواية (حين تستيقظ الأحلام ـ 1997)، وبحضور قوي للملمح الكافكاوي في تسمية الشخصيات بالحروف، تقوم (سلطنة المنام) وعلى رأسها (سلطان المنام). وقبل ذلك، وفي رواية (فاصلة في آخر السطر ـ 1995) ينهض (سلطان النوم) كأقوى ضروب السلطة سطوة، والراوي يمارس سلطة ضحية سلطان النوم. وفي هاتين الروايتين، كما في رواية (سلطان النوم وزرقاء اليمامة)، وفي سائر روايات مؤنس الرزاز، لا ينقطع النفخ في الصُّوْر نذيراً بالكارثة المحتومة، التي تتسمّى في رواية (سلطان النوم..) بعاصفة العجاج، وإعصار العجاج. لكن أحداً من نزلاء عالم الضاد الخارقين لا يصغي إلى النذير. وبالقرائن الروائية ـ وأقلها مراسلو السي. إن. إن ـ تتعيّن عاصفة ـ إعصار ـ العجاج بعاصفة الصحراء /حرب الخليج الثانية، فيتعين الزمن الروائي، الذي تعوض محمولاته افتقاد المدينة الروائية للطوبوغرافيا.‏
من الإنذار بالكارثة المحتومة إلى وقوع الكارثة، تمضي رواية (سلطان النوم…) إلى المستقبل، في نبوءة بئر الأسرار إذ يخاطب زرقاء اليمامة: “انظري: هذا ما سوف يكون في مدينة الضاد.‏
كان المشهد مرعباً. شبه مدينة الضاد تحت هيمنة التصحر الكامل. لا ورقة خضراء، ولا عين ماء، وأشباح تسكن المقابر”.‏
من سلطان النوم تتزوج زرقاء اليمامة. وعندما يضرب الناس عن النوم تقترح تبديل (السياسة المنامية) ومصادرة الحلم من النوم، دفعاً للناس إلى مواجهة العالم الواقعي. لكن الناس ينقلون مناماتهم إلى العلن، فتشهد المدينة أعظم أيامها نكراً، وتطلب زرقاء اليمامة نفيها من سلطنة النوم إلى شبه مدينة الضاد، والسلطنة إذاً هي غير شبه المدينة أو المدينة. لكن ذلك التفريق لا يختلف عن التوحيد في اللعبة الروائية

ايوب صابر 06-05-2012 03:01 PM


عبدالله خليفة
ولد في البحرين عام 1948.

يكتب القصةالقصيرة والرواية منذ أواخر الستينات له مساهمات متنوعة في النقدالأدبي.

عضو جمعية القصة والرواية.

منمؤلفاته:
1-
لحن الشتاء- قصص 1975.

2-
الرمل والياسمين- قصص 1983.

3-
يوم قائظ- قصص 1986.

4-
اللألئ- رواية 1981.

5-
القرصانوالمدينة- رواية 1983.

6-
الهيرات- رواية 1984.

7-
أغنية الماء والنار- رواية 1988.

8-
سهرة- قصص 1989.

9-
امرأة- رواية- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1990.

و ..

تحتضندفتي الرواية 271 ورقة , و 65 فصلاً ..

ايوب صابر 06-05-2012 03:06 PM

الناقد البحريني فهد حسين لثقافة اليوم :
الرواية البحرينية
طامي السميري
إذا كان الشعر يهيمن على المشهد الثقافي في البحرين ، فإن الرواية البحرينية بدأت في السنوات الأخيرة تسجل حضورها ليس كحالة تنافسية للشعر وإنما كخيار إبداعي ينسجم مع معطيات المشهد . لذا نجد أن أسماء شعرية ومن أجناس إبداعية كتبت الرواية . وفي هذا الحوار مع الناقد البحريني فهد حسين نتعرف على ملامح التجربة الروائية البحرينية :
*البعض يرى أن الرواية البحرينية مشغولة بأزمة الهوية ..إلى أي حد كان هذا الانشغال بتوطين الهوية سرديا في الرواية البحرينية وهل هذا يعني ارتداداً إلى الماضي، وهروباً من اللحظة..وهل هذا الهم ساهم في تغييب الرواية التي تعالج اللحظة الحالية ؟
- أولاً ماذا نعني بالهوية المقصودة في هذا السؤال، أهي الهوية المتعلقة بالجنسية أم الدينية أم المذهبية أم العرقية أم الاجتماعية أم القبلية أم العشائرية؟ وهل يمكن أن نحدد الهوية هنا أو نكوّنها بمسيرتنا الثقافية والاجتماعية والفكرية وغيرها؟ وكما أشار أمين معلوف فالهوية مسألة فلسفية جوهرية منذ قول سقراط (اعرف نفسك بنفسك)، لذلك فالهوية أيًا كانت هي في أبسط صورها مجموعة هويات مختلفة المجال والنوع الهدف، وفي الأساس لا تتحدد إلا بعد أن تتكون عبر مسيرة الإنسان في الحياة لهذا فالرواية البحرينية التي بدأت منذ خمسينات القرن الماضي، وتمظهرت بصورة جلية في الثمانينات من القرن نفسه لتكون أكثر وضوحاً وتلقيًا في طرحها للقضايا ذات العلاقة بالواقع البحريني ماضيًا وحاضرًا، ومحاولات لاستشراف المستقبل، حالها في ذلك حال الرواية في الدول الأخرى التي مرت بظروف ومنعطفات وتكونت وفق تراكمات ومعطيات مختلفة الأبعاد، لذلك كان اشتغال الرواية البحرينية بمداخل متعددة، تبعًا لمجموعة من المؤثرات الثقافية والإيديولوجية والسياسية، فهناك من الأعمال الروائية التي عالجت القضايا الإنسانية من منحى البعد النفسي والصراع مع الذات وذات الآخرين، وهناك من أخذ منحى الصراع الطبقي، وآخر وقف عند المسألة الجندرية، وآخر لم يحدد منحاه، وأعتقد أن مشروعه الروائي لايزال بحاجة إلى مسيرة عمل، أم من اهتم بالهوية الاهتمام الجم فهو الروائي فريد رمضان منطلقًا من المهمشين والأقليات والذين ينظر لهم خارج دائرة المركز.
من هنا ناقشت الرواية البحرينية الصراع بين الخير والشر، بين السلطة السياسية وقوى المعارضة، بين الحركة الوطنية والانتداب البريطاني، بين ما هو مقيم في المكان والدخيل عليه، وهذا الإسهام كان منطلقًا من البعد التاريخي للمكان وحالاته، كما هو موجود في الرواية التاريخية عالميًا وعربيًا، ومن هنا كانت الهجرات والانتقال من مكان إلى آخر متواجدة في الرواية البحرينية، مثل: الهولة، ومن جاء من العراق في فترات ماضية. ولكن هذا لا يعني الانكفاء في الماضي، والهروب من مناقشة الحاضر، بل جاءت بعض القضايا ذات الصلة بالواقع المعيش اجتماعيًا وسياسيًا بحكم الحراك المطلبي في البحرين منذ عشرينيات القرن الماضي، كالحديث عن الحركات المطلبية في الثمانيات والتسعينات، وقد برز بصور واضحة في أعمال حسين المحروس وأحمد المؤذن، والعلاقة بين الرجل والمرأة والظروف التي كان ينظر من خلالها إلى هذه العلاقة التي أفرزت في الماضي علاقة غير شرعية في بعض المناطق، وكيفية الإسقاط الرمزي على الواقع المعيش الذي ينظر إلى المرأة ودونيتها أو جعلها في هامش المجتمع مثلما ناقشت ذلك رواية القلق السري لفوزية رشيد، ورواية الرجل السؤال لفتحية ناصر، لذا لا أعتقد أن الرواية البحرينية كانت مغيبة في اللحظة، بل حاولت أن تجد لها مكانًا في المشهد السردي الخليجي، إضافة إلى الولوج بعين الراصد والمتأمل والمتفحص للتراث والتاريخ العربي والإسلامي، حيث انكب الروائي عبدالله خليفة على إصدار أعمال روائية ذات بعد تاريخي، فأصدر من الروايات: رأس الحسين، عمر بن الخطاب شهيدًا، عثمان بن عفان شهيدًا، علي بن أبي طالب شهيدًا، محمد ثائرًا، بالإضافة إلى الواقع الذي يعطيك ملامح الحياة المستقبلية بعد نضوب النفط.
* إذا ما كان هم الهوية حاضرًا في كتابة الرواية البحرينية هل ارتبط حضور هاجس الهوية بالعامل الأيديولوجي. والى أي حد تجد الرواية البحرينية متورطة في الجانب الأيديولوجي؟
- إلى حد ما هناك ارتباط سواء بالحالة الأيديولوجية أم بالحالة الثقافية، وأعتقد ما يكتبه الروائي عبدالله خليفة عن تاريخ البحر والغوص، والحالة الاجتماعية والمعيشية في المجتمع البحريني يشير إلى ذلك الصراع الطبقي في المجتمع، وما يقوم به الروائي فريد رمضان حول الهوية والهجرات من أجل كشف تلك المحاورات التي تدور بين المثقفين والبعض الآخر حول الأصول والتعددية التي تميز المجتمع البحريني، وهذا من بُعد ثقافي أنثربولوجي، أما الروائي عبدالقادر عقيل فإنه كان مهتماً بطرح هذه الهوية في دائرة الحالة الإنسانية المرتبطة بالظروف المعيشية وكما عمل على مناقشة الهوية العربية أيضًا وكذلك الروائية فوزية رشيد، مما يعني أن الهوية التي كانت تطرح في العمل السردي البحريني كان وراءها أكثر من توجه وبُعد ثقافي وفكري.
* على مستوى تقنيات السرد كيف ترى أساليب الروائيين في الاشتغال على هذا الجانب .. هل هناك مغايرة ما تجعلنا نشعر بالفروقات السردية بين روائي وآخر؟
- بالطبع الاختلاف موجود حال أي منطقة والتمايز بين روائي وآخر، المخزن الثقافي والأدبي، والتواصل مع الحراك الأدبي الإقليمي والعربي والدولي يسهم في تعزيز ما يحاول الروائي البحث عنه، ويعمق التجربة في التعامل مع التقنيات السردية والمكونات الروائية، والقياس كذلك على كل التجارب المحلية أو الإقليمية أو العربية أو العالمية، فلو نظرنا إلى ماركيز وإلى باولو إيكويلو فسنجد التباين واضحا في التناول والتقنية والعرض وغير ذلك، وقس على هذا عندكم في المملكة العربية السعودية بين الروائيين أو الروائيات فلا تستطيع أن تقول إن كتابات وتوظيفات الروائية رجاء عالم هي نفسها عند زينب حفني مثلا، وما عند عبده خال من تقنيات هي نفسها عن المحيميد، فليس الوقوف على المكان أو حالة من المجتمع يعني أن الروائي تمكن من نسج هذا المعمار الروائي وتمكن من توظيف التقنيات والمكونات، وعلى هذا فهذا التباين يظهر في كتابة الروائيات والروائيين البحرينيين كما عند غيرهم، فحين تقرأ عملا لعبدالله خليفة أو لفريد رمضان أو لأمين صالح أو لفوزية رشيد أو غيرهم تجد الفروقات بارزة في التكنيك وكيفية توظيف التقنية الروائية، ومدى استطاعة لغة كل كاتب أو كاتبة من نسج هذه الهندسة اللغوية السردية في عالم الرواية، فهناك من يجعل اللغة مرشدًا رئيسًا في حركة البناء الروائي، وآخر يهتم بدلالة المضمون، وثالث يشتغل على بناء الشخصية التي تعطي الحدث مساحة واسعة وذات دلالة رمزية، المهم أن كاتب الرواية لابد أن يكون متمكنًا من صنعة العمل الروائي في إطار معرفي وثقافي وتقني لكي يستطيع أن يوظف المكونات والتقنيات الروائية بصورة تجذب القارئ والمتلقي للنص، ويؤمن الكاتب نفسه بدوره الفعلي والحقيقي له ولعمله في آن واحد.
ليست مغيبة في اللحظة بل حاولت أن تجد لها مكانًا في المشهد السردي الخليجي
* هناك أسماء شعرية كتبت الرواية البحرينية ..أيضا المشهد الثقافي البحريني ميال إلى الشعر أكثر من السرد. هذه المرجعية الشعرية هل ساهمت في تشكيل لغة شعرية في النص الروائي البحريني؟ وهل هناك أسماء انتصرت للغة في تجربتهم السردية؟
- لدينا في البحرين المشهد الشعري أكثر من المشهد السردي، وهو ملحوظ على المستوى الداخلي والخارجي، ولو أقمنا بعد من يكتب السرد لعرفنا الفارق بينهما كبيرًا يكاد يكون واحدًا إلى خمسة تقريبًا أو أكثر. وقس هذا على أعضاء أسرة الأدباء والكتاب، فأكثرهم شعراء، ولكن لا يوجد شاعر كتب رواية البتة، عدا أمين صالح بوصفه كاتب سرد وشاعرًا ومترجمًا وناقدًا سينمائيًا، فله تجارب متعددة في الإبداع، يكتب القصة والشعر والرواية والنص وله أعمال ودراسات ترجمها في المجال السينمائي، وهناك تجربة للشاعر علي الجلاوي ولكن لم تصدر بعد، إضافة إلى هذا هناك من حاول كتابة الرواية وهو في مجال آخر، مثل: الدكتور عبدالله المدني الذي صدرت له رواية مؤخرًا، وكاتب الدراما حمد الشهابي، والكاتب خالد البسام، كما هو بعض كتاب المملكة العربية السعودية مثل: علي الدميني وتركي الحمد، أما البقية وبحسب معلوماتي فإن كتاب السرد لم يكتبوا شعرًا أو كتاب الشعر لم يكتبوا سردًا، وإن كان هنا وهناك بعض الحوارات تشير إلى وجود هذه الحالة فأرى أن هؤلاء الذي هم شعراء ولجأوا إلى هذا النوع من الكتابة فلا يمكن أن نطلق عليهم كتاب رواية باختلاف أمين صالح. أما من حيث اللغة فإنها تتباين في العمل السردي، وتصل إلى اللغة الشعرية تحديدًا عند أمين صالح وحسين المحروس أكثر من غيرهما، وهناك شيء آخر وأعتقد لابد أن هناك أمراً نضعه في عين الاعتبار، وهو الكتابة الإبداعية، حيث هذا العمل ليس سهلا ولا استسهالا، كما هو حادث اليوم إذ تجد الكثير من الأعمال التي توصف نفسها بالرواية وهي مجموعة خواطر وسيرة ذاتية سطحية تسجل ثم تطبع لتكون رواية. الكتابة الروائية لم ولن تكون على هذه الشاكلة، لذلك لابد من وقفة صريحة أمام هذا الكم من الأعمال التي تصدر هنا وهناك وتتلقفها المطابع والناشرون لتكون رقمًا مضافًا للمنجز الإبداعي السردي.
* ربما نقول إن البحرينية تجنبت الفضحائية الاجتماعية وهي الثيمة التي انشغلت بها بعض الروايات في دول خليجية أخرى. قد يعود هذا الأمر إلى كتاب الرواية البحرينية لهم مرجعتيهم الإبداعية وكتبوا الرواية من باب الفن لا من باب الهجاء الاجتماعي. اللحظة الهادئة التي تكتب بها الرواية البحرينية هل حققت عمقا نوعيا في شأن المضامين الروائية البحرينية ؟
- كما قلت أن الكاتب البحريني خاصة الرعيل الأول شعرًا أو سردًا لم يكتبوا من فراغ أو لأجل الكتابة، بل كان لديهم مشروعات إبداعية منبثقة من تطلعات ثقافية أو أيديولوجية أو أنثربولوجية، أو سياسية لذلك ليس الهم أن أفضح الواقع الاجتماعي والمجتمع والحالة المعيشية بقدر ما هو كشف الزيف المخبوء وراء هذا الواقع، لذلك حين ناقش حسين المحروس في رواية قندة ذلك الحي المشهور في منطقة النعيم تناوله ليس لفضحه بل للمحاورة معه، وكشف البواطن الداعية لوجوده، وكيفية تمت محاربته فيما بعد. كما أن الوضع السياسي في البحرين آنذاك كان يدعو إلى مناقشة أمور أكثر مما تناقشه الرواية الحالية في المنطقة، هذا بالإضافة إلى طبيعة المكون الثقافي والاتصال بعالم الكتابة وزاوية الرؤية عند هذا الكاتب أو ذاك، وهنا نطرح السؤال التالي: لماذا التركيز في الرواية النسوية السعودية على الجنس بصورة كبيرة، وبعض من الموروث الديني عند الروائيات الجدد، في الوقت الذي لا ترى هذا المنحى بشكل مباشر في الرواية النسوية الكويتية مثلا؟ أليس يعطينا مؤشرا بأن التجربة الحياتية والأعراف والتقاليد والقبول والمنع في العادات تكمن وراء هذا التوجه أو ذاك؟
* لك دراسة نقدية تختص بالمكان في الرواية . كيف ترى ملامح تشكل المكان في الرواية البحرينية . وماهي ابرز الروايات التي قدمت المكان كبطل في النص ؟
- درست المكان في الرواية البحرينية متخذًا ثلاث روايات كنموذج، هي رواية الجذوة لمحمد عبدالملك ورواية الحصار لفوزية رشيد ورواية أغنية الماء والنار لعبدالله خليفة، وتبين من خلال دراسة هذه الروايات أن هناك اهتمامًا بالمكان المحلي، الداخلي والخارجي، المغلق والمفتوح، العام والخاص، المكان الاختياري والمكان الإجباري، حيث تناولت الروايات الثلاث البيت والغرف والمقاهي والسجون والأسواق والشوارع والبحر، كما تناولت وسائل المواصلات بوصفها أمكنة تنقل، لكن هذه الأمكنة لم تحدها الحدود الجغرافية الدقيقة والمعنية بالبحرين، لذلك يمكنك أن تجعل هذه الأمكنة أو أكثرها في أية دولة أو مكان خارج حدودها المكانية، ويمكن هذا جانب إيجابي وهو تحويل المكان المحلي إلى مكان خارجه يستطيع الكل أن يعيشه وكأنه مكانه. لذلك لا توجد الخصوصية المكانية بصورة جلية عدا المكان المغلق وتحديدًا السجن بنوعيه السياسي والإصلاحي، وبخاصة حينما كانت الأحداث والواقائع تدور في إحدى جزر البحرين وهي (جدة)، لكن في العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثالثة برزت أعمال فريد رمضان وحسين المحروس التي تناولت مناطق معينة ومحددة كما فعل ذلك جمال الخياط ومحمد عبدالملك في قلب الحب، مثل: مناطق المحرق والمنامة والنعيم، ولكن لم يكن المكان في حد ذاته هو البطل بقدر ما هي الشخصية التي تتواجد في هذا المكان التي تؤدي دورًا مهمًا في حركة المكان ونموه وتطوره، أو الاتحاد معًا لينموا ويتطورا في آن كما هو في شخصيات رواية السوافح لفريد رمضان.
الرعيل الأول كان لديهم مشروعات إبداعية منبثقة من تطلعات ثقافية
* كيف ترصد التجربة النسائية للمبدعة البحرينية في كتابة الرواية .. وهل ترى ان تلك التجربة مغايرة للتجارب النسائية في دول الخليج العربي ؟
- من دون شك أن أول امرأة بحرينية كتبت الرواية هي فوزية رشيد ولديها إلى هذا الوقت ثلاث روايات منشورة وبعض المجموعات القصصية، بالإضافة إلى ليلى صقر التي أصدرت رواية واحدة وتوقفت، وفتحية ناصر أصدرت ثلاث روايات، وهناك منيرة أسوار ولها وراية واحدة وكذلك هدى عواجي، وهذه الأعمال لا تشكل منعطفًا في الكتابة الروائية على المستوى الإقليمي عدا تجربة فوزية رشيد، ويكمن ذلك في الرؤية والهدف وراء الكتابة عامة، والروائية على وجه الخصوص، وها نحن نرى العديد من الروايات في المنطقة الخليجية تصدر كل عام وتطرح العديد والكثير من القضايا ذات العلاقة بجنس المرأة والعلاقة بينها وبين الرجل من جهة وبينها وبين المجتمع وأعرافه المتنوعة من جهة أخرى، لكن ما الاختلاف بين هذا وذاك، أعتقد لا نزال نراوح العتبة الأولى في الكتابة الروائية النسوية الشبابية ليس لضعف عندهن أو لعدم قدرة، بل هؤلاء النسوة بحاجة إلى قراءة متواصلة في الأعمال الروائية والنقدية المحلية والخارجية العربية والعالمية، سواء إن كان كاتبها رجلًا أم امرأة، وهن بحاجة ملحة إلى تواصل مباشر مع المشهد الأدبي والثقافي من خلال المشاركة في الفعاليات والبرامج الثقافية، وفي المؤسسات الأدبية والثقافية، والنشر في الصحافة، فضلا عن التفكير في مشروع الكتابة نفسها، والرؤية التي تريد عبرها هذه الروائية أو تلك الولوج إلى المجتمع وكشف زيف ما يمارسه وتؤكده أعرافه وتقاليده.

ايوب صابر 06-05-2012 06:44 PM

مقالات عبدالله خليفة

http://www.ssrcaw.org/default.asp?ci...CE%E1%ED%DD%C9

ايوب صابر 06-05-2012 06:51 PM

عبدالله خليفة في حوار استثنائي مفتوح حول: الحراك الاجتماعي في البحرين وعموم الخليج العربي، دور وموقف القوى التقدمية
أجرت الحوار: هيفاء حيدر

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا – 31 - سيكون مع الأستاذ
عبدالله خليفة حول: الحراك الاجتماعي في البحرين وعموم الخليج العربي، دور وموقف القوى التقدمية.

1 – تشهد البحرين الآن حراكاً مطلبياً جماهيريا واسعاً ينادي بضرورة الإصلاح السياسي الشامل واجهته السلطات بالقمع العنيف واستخدام القوى المفرطة ، كيف تقييم ذلك؟ وما هو دور و موقف القوى اليسارية والتقدمية؟

لقد حدث هذا الحراك في خضم التحركات العربية العارمة في العديد من الدول خاصة في تونس ومصر واليمن، لكن النموذجين الناجحين في تونس ومصر المبهرين الملحميين والمفاجئين واللذين دخلا كلَ بيت وحركا المشاعر والأفكار في كل عائلة نحو الأحداث والتغيير، جعلا الجماعات السياسية المعارضة وخاصة الحركات الشيعية، تتأثر بشدة بما جرى، خاصة وأن لديها جماعات كبيرة من الشباب العاطل والمأزوم إجتماعياً بسبب سياسات النظام البنيوية الفاشلة، أي مسألة العجز عن إعادة هيكلة بُنية الرأسمالية الحكومية الفاسدة، في هذه اللحظة المفصلية من الحراك العالمي الشرقي خاصة لتجاوز هذه البنية التي اصبحت تعرقل التنمية والتطور وحقوق الأغلبيات الشعبية.
التأثر لدى هذه الجماعات والاستنساخ والحمى العاطفية هي من المكونات العميقة لديها، فلم تأتِ تحولاتها نتاج دراسات طويلة، فالُبنى التنظيمية داخل الحركات الشيعية والسنية السياسية عامة تمنع الجدل الداخلي المتطور ودرس التجربة السابقة ونقدها.
وقد قادها التأثر الحماسي بالتجربتين واعتقادها بإمكانية تحقيقهما في البحرين كذلك إلى الدعوة للتجمع والجثوم الاحتجاجي المطول في دوار اللؤلؤة لخلقِِ أزمةٍ عامة.
بطبيعة الحال وعي هذه الجماعة الشبابية لم يدرك الفروقَ بين بُنيتي المجتمعين التونسي والمصري الناضجتين إجتماعياً، وضخامة تواجد الفئات الوسطى والعمالية ووجود توحد وطني ثقافي طويل، وفي تونس خاصة وُجدت طبقةٌ عاملةٌ قوية لها تنظيمٌ نقابي قوي له خبرة هائلة في الصراع الطبقي، وكل هذه الظروف غير موجودة في البحرين، بل توجد فئات ريفية كبيرة مأزومة معيشياً في نظام متعالٍٍٍ عنها، وتتحرك بين مدنٍ فيها فئاتُ سكانٍ من مذهبٍ آخر، ذاتُ درجةٍ من العيشِ مختلفة وبإمتيازات في الوظائف العسكرية خاصة.
وقد عمل الشباب من خلال مواقع الإنترنت الحرة للتجمع في يوم الحب، وهو نفسه يوم إعلان الميثاق الوطني، التي تحتفلُ به السلطةُ كيومِ عيدٍ وطني شكَّل بداية الانعطاف السياسي الكبير في فهم السلطة وقطاع مهم من الشعب كذلك.
أي أن إختيار لحظة التفجير الثوري جاءتْ مناقضةً للحظة الاحتفال بالميثاق، وهو أمرٌ يوفرُ حشوداً من الناس، كما أنه يمثلُ إستهانةً وصفعةً للنظام الذي يحتفلُ بمناسبةٍ عظيمة لديه!
هذا التوقيتُ والاستنساخُ الانقلابي والاستهانةُ ب(المنجزات العظيمة) خلقَ شعوراً بالصدمة لدى الطبقة الحاكمة، مثلما أن الثورات الزاحفة كانت تخلقُ مشاعرَ قلقٍٍ عظيم ورعباً سياسياً، في كل دول مجلس التعاون الراكدة والراقدة على بيض ثمين يقدر بمليارات الدولارات، خاصة في البحرين الصغيرة التي كانت تعتمد على نظامي مصر وتونس، وحين كانت الثورة الشعبية تعصفُ بتونس لم يكن القلق كبيراً، لكن بتفجر الثورة في مصر وزعزعتها لنظام بدا أسطورياً مثل صمود الأهرام تفجرتْ مشاعرُ القلقِِ والخوف!
النظامُ في البحرين عاشَ على حماية الشقيقات الأكبر، وهو نظامٌ يتصفُ بالكارتونية فكأنه فيلم كارتوني حيث ينظر الشيوخ لأنفسهم كأباطرة وبهم حالات عميقة من الشعور بالتقزم وتفاهة الوجود والبخل وهم يدركون طبيعة الكراسي الخاوية التي يجلسون عليها، والمسنودة بأنابيب النفط السعودية، وكرابيج الشرطة الباكستانية والبلوشية والسورية، وبحراسة القاعدة الأمريكية، وحيث الاقتصاد العجيب الفوضوي الذي يعملُ فيه أجانبٌ كأنهم في برج بابل فكلُ الشعوبِ موجودةٌ تلتهمُ ما يمكنُ إلتهامه وإرساله لعائلاتها ومصارفها، وفي قلب العاصمة المنامة هناك قرى رثةٌ تعودُ للقرون الوسطى، وأزقةٌ ضيقة ينحشر البحرينيون داخلها مع الدخان والبؤس وضخامة أعداد الأجانب وبغياب المرافق مثل أحياء الحورة ورأس رمان والجفير والنعيم بالعاصمة. إلا أن يرحمك موقعك الأمني وحصولك على علاقة مع موظف كبير.
التمييز الطائفي السياسي ضد الشيعة نشأ بقوة بعد الثورة الإيرانية وقيام الشباب الشيعي المُسيّس بتدبير الانقلابات المختلفة ونسخ التجربة الإيرانية، وتداخل هذا مع سياسةِ نظام لم يفعل شيئاً عميقاً على تطوير الحارات في قلب المدن فما بالك بالريف المعدم؟
سياسة مجلس الوزراء منذ السبعينيات اعتمدت على إذلال المواطن وتقزيم حضوره وخاصة بعد حل المجلس الوطني، وخلقت (بروليتاريا شيعية) كبيرة فقدتْ الأملاكَ الزراعية والحرف القديمة ولم يبق سوى قدرتها على بيع قوة العمل في سوق لم يوفر لها بيع قوة العمل هذه إلا بأسعار متدنية وأحضرت لها بروليتاريا آسيوية كبيرة تنافسها في المعروض السلعي من بيع قوى العمل وبيع السلع في المتاجر الصغيرة! وحتى بيع قوى العمل لم يتوفر كذلك بسهولة.
ولهذا حين جاء الشيخ حمد ملك البحرين حاول أن يغير هذه السياسة الفاسدة، لكن مع بقاء المسئولين السابقين المسئولين عن بناء هذه البنية المتناقضة الغريبة الفوضوية، وبمجلس منتخب مشدود الرسن لمجلس شورى معين من (مثقفي) النصب والاحتيال. كذلك إستمرت مؤسسةُ مجلس الوزراء في تقليص وخنق دور مجلس النواب والظروف السياسية الجديدة مثل مصادرة النشرات الصغيرة المحدودة الانتشار التي تقوم بها جميعات سياسية كانت تُسمى سابقاً جبهة التحرير الوطني والجبهة الشعبية وحزب البعث وجبهة أحرار البحرين!
وقامت بالتضييق على هذه الجمعيات وحُصرت في أزقة صغيرة ضيقة، ومنعت من الوصول لوسائل النشر والإعلام إلا إذا كانت في حالة مدح أو نقد محدود مُراقب من قبل هذه الأجهزة المرتبطة بالدوائر الرسمية.
ومن جهة أخرى سمحَ مجلس الوزراء لقوى المال أن تتغلغل في الأملاك العامة نهباً وإمتلاكاً ومشروعاتٍ عبر قوى المال الداخلية والخارجية وبتدفق مستمر كذلك من العمالة الأجنبية.
ففجأة رأينا السواحل مملوكة لهذه الجهات أي لأقطاب مجلس الوزراء وابناء الملك حتى صارت الدولة تبحث عن شاطئ واحد لكي يمشي عليه الجمهور في بلدٍ مكونٍ من جزر! وتجد شمالَ مدينة المنامة وهو شريط صغير على سبيل المثال كيف تم إلتهامه تماماً بشكل هائل!
هذه الظروف كلها خلقتْ حالةَ الغضب العارم وكأن القِدرَ الشعبي قد فاضَت وطفحَ الكيل ووجدَ الشباب في الحالات الثورية العربية أسلوباً يمكن تقليده، وكان تقليداً فيه إبتكار ومحدودية وقلة صبر.
الجماعات السياسية الشيعية هي التي أخذت تلعب الدور الرئيسي في الحراك السياسي البحريني منذ عقود، ولا تختلف هذه اللحظة عن التاريخ الماضي، فهي تمتلك تلك البروليتاريا المأزومة الشبابية الواسعة القادرة على التضحية والانتشار، وقد أخذ العمال الشباب والمتعلمون منهم يتغلغلون في الأجهزة الحديثة ويطرحون أشياءَ جديدة ويكتشفون، لكنهم تابعون لولاية الفقيه البحرينية -الإيرانية المزودجة، ومن هنا تغدو علاقاتهم متوترة مع اليسار، فهم يريدون اليسار تابعاً لهم، وأي يسار مستقل ناقد لمستوى وعيهم يعادونه، وبالتالي فإنهم لا يأبهون بالانتقادات المتعلقة ب(الثورة) هذه، وهم يحددون كل مواعيد الحراك وعلى الآخرين أن يكونوا تابعين لهم، رغم ما في هذه التحركات أحياناً من مغامرات وفوضى، لكنهم أنشط وأكثر حيويةً من الجماعات اليسارية التي تجمدتْ وتكلست، وتخصصتْ للخطابات في المقرات والاستعراض والوصول للمنافع والركوب على الموجة وفيها مخلصون ومناضلون قلة فيغدو دورهم نادراً ضعيفاً بشكل عام.

2 – نرى بؤراً ساخنة للحوار حول دول الخليج العربي نود الوقوف معكم على أبعادها في مجالات عدة منها: الصراع الديني الطائفي، وقضايا المرأة و حقوقها، وحرية التعبير والتفكير والتنظيم، الديمقراطية، حقوق العمال....؟
أ – الصراع الديني الطائفي
ثلاثة مذاهب أساسية حالياً في الجزيرة العربية هي: المذاهب السنية، والمذهبية الإثناعشرية والإماميات عامة، والمذهب الأباضي.
جاءتْ هذه المذاهب بعد فشل المذاهب (الثورية) كالخوارج والقرامطة والإسماعيلية والزيدية، قبل قرون، وقام فشل هذه المذاهب بسبب عجزها عن الدخول للمضامين النضالية التوحيدية للإسلام وإلتحامها بالجوانب الاستغلالية المحافظة للقبلية، وثورياتها المغامرة، فجاءت المذاهبُ المحافظةُ السابقةُ الذكر لتشكل تطوراً سلمياً وتنشر قوى الإنتاج في مساحات واسعة، كالمذهب الإثناعشري الذي إنتقلتْ به قبيلةُ عبدالقيس من الحجاز إلى البحرين، فنشرتْ الزراعةَ والصيد البحري من جنوب العراق حتى البحرين، وكذلك جاء تغلغل المذاهب السنية المعتدلة كالشافعية والمالكية التي قامت بالتعايش السلمي مع الإثناعشرية وأسست كذلك تلك المهنية الحضارية.
لكن ظهرت بعد ذلك الحنبلية التي تجسدت بشكل الوهابية وطرحت الهجوم على(أهل البدع) وهي تعبر عن قبائل الغزو والنهب، وجاءت بعد ذلك القبائل السنية التي قفزت على هذه المناطق الرزاعية المتحضرة إلى البحرين – الجزر والكويت وقطر والإمارات، مؤسسة دولاً وفي البحرين الجزر إصطدمتْ بالفلاحين أهل الأرض.
وهذا أدى في مناطق الصراع الاقتصادي السياسي كالبحرين إلى الصراع الطائفي الطبقي، الذي أخمدتْ الحركةُ الوطنية شكلَهُ الطائفي، لكنه إستعرَ بعد ولاية الفقيه. في قطر لم تكن ثمة تنوعات وساد المذهب الوهابي المحافظ، وهكذا فإن لكل بلد حراكه الاجتماعي الفقهي – السياسي الخاص.
في زمن التحرر الوطني(العلماني) التحقتْ المذاهبُ الإسلامية بالحركات الاجتماعية كرديفٍ مساعد، وفي زمن أزمة الرأسمالية الحكومية الراهنة بعد ضرب تيارات الحركات الوطنية تحول الرديفُ إلى حركة أساسية للاستيلاء على الرأسمالية الحكومية المأزومة في حين يتطلب الأمرُ نشؤ نظام رأسمالي ديمقراطي تعددي بدلاً من صراع الطوائف لكن الخليج غير ناضج لهذا بعد، والمرحلة التالية ستكون تداخلاً بين القوى الاجتماعية، حيث ستتحول الفئات الوسطى المُهمّشة إلى بداية تكون الطبقات الوسطى، وهذا مشروطٌ بهزيمة فكرة ولاية الفقيه السني والشيعي والحكم المطلق.


ب: قضايا المرأة وحقوقها
النساء مرتبطات بالقوى التحديثية وأوضاعها، فلكما ازدهر نمو هذه القوى تنامت حقوق النساء، فالحركات الدينية تعبر عن بنية الاقطاع، التي همشتْ النساءَ وحولتهن إلى أدواتِ إنتاجٍ منزلية وجوار، وهناك ضعف أساسي في القوى الوسطى بسبب هيمنة الدول ورأسمالياتها الحكومية التي إحتاجت لخروج النساء الجزئي، لكن هذه الرأسماليات كانت تسحق الأرياف والبوادي، والطبقات الشعبية عموماً والتي وجدت في اليسار ثم في الدين مظلات الحماية، فأنتشرتْ الحركات المدافعة عن النساء وحرياتهن زمن اليسار وتراجعت في زمن إستعادة الأفكار الماضوية. وحتى الأشكال الإسلامية المحافظة كانت تمثل لهذه الأوساط الريفية والبدوية أشكالاً من الدفاع عن النساء وسلامتهن ولكن بعقلية السيد.
يحدث الآن التركيب الجدلي بين النهضة والحداثة والجذور العربية الإسلامية الإنسانية فتتصاعد حركات النساء المطالبة بالحقوق متعاضدة مع حركات النضال العامة.


ج – الحريات، التنظيمات، العمال، حقوق العمال الخ..
كل هذه القضايا ترتبط بنمو وفاعلية الفئات الوسطى والعمالية وفي الخليج يتم ذلك من خلال الأفكار الدينية المحافظة في الغالب، ولهذا لا تستطيع أن تحدث إنجازات وتحولات للشعب في المنطقة، فهذه التيارات ذكورية محافظة تضطهد الزوجات والأمهات والنساء عامة، ولم تستطعْ إنتاجَ ثقافة ديمقراطية، فهي محدودة القراءة، ولا تنتج كتابات فكرية تحليلية، ومن جهة أخرى فهي عاطفية تعتمد على الفورات الوقتية.
فنجد أن التنظيمات الدينية طائفية تريد برلمانات وتحولات(ديمقراطية) تصعد ثقافتها الدينية المحافظة، أي أنها تريد الاستيلاء على خيرات الرأسماليات الحكومية مع تشكيل هيمنة سياسية على المجتمع. والدول تريد المحافظة على الهيمنة، فالبدائل الديمقراطية العميقة غير موجودة، في الحكومات وفي المعارضات على صعيد الخليج بسبب أن الفئات الوسطى والعمالية التحديثية العلمانية الواسعة كما في تونس ومصر غير موجودة هنا.
أنها تريدُ المحافظةَ على رجعيتها ولكن في نظام ديني دكتاتوري على الطريقة الإيرانية. والأنظمة متخلفة فاسدة، فالشعوب العربية هنا بين نارين.
نرجو أن تتغلب الحركات الشبابية المناضلة في الوقت الراهن على هذه السلبيات.
أما العمال العرب خاصة اليدويون منهم فهم في ظروف سيئة خاصة في البحرين وبعض مناطق السعودية حيث الأجور المتدنية والأعمال الصعبة، أما العمال الأجانب البروليتاريون فهم في ظروف اسوأ لكن لديهم تجمعاتهم الكبيرة القادرة على الإضرابات الفاعلة، وخلايا شيوعية مناضلة بينهم لتغيير معيشتهم، بخلاف العرب.


3– ما هي أبرز التحولات التي تعصف اليوم بدول الخليج العربي؟ وكيف ترى أوجه الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي هل من فرصة حقيقية اليوم لذلك؟

قلب دول الخليج العربي هي البحرين المعاصرة، والبحرين القديمة: الإحساء والقطيف، هنا نجد أغلبية شيعية فقيرة وأنظمة بدوية إرستقراطية، وقامت الحكومتان في البحرين والسعودية على تحجيم الطائفة، وعدم القيام بإصلاح زراعي وتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين ورفع مستوى القرى المعيشي والتعليمي والثقافي، فكان أن ظهرت التحولات الدراماتيكية العنيفة، وإستغلَّ رجالُ الدين هذه الفجوة، والمستقبل غامض وحاد، وهذا يعتمد على مدى تطور القوى الديمقراطية داخل إيران والدول العربية في الخليج، وإزاحة خيار المواجهة الاجتماعية، فالتناقضاتُ الاجتماعية والسياسية تتفجرُ في كل حدب وصوب، وبين الساحلين العربي والفارسي.
الآن ظهرت طبعةٌ جديدة من ولاية الفقيه أكثر إصراراً على إسقاط الأنظمة المحافظة في الخليج، وكأنها تعكس تطرف الحرس الثوري الإيراني، وتوجهه للمجابهة على صعيد المنطقة.
عمليات الإصلاح تتجمد أكثر فأكثر وتمزقُ الدولَ الخليجية خاصةً الصغيرة يُطرح بقوة، ونمو الإصلاح يعتمد على مدى نشاط القوى الديمقراطية الليبرالية الحكومية والوسطى، وخاصة في السعودية تحديداً فهي الدولة القادرة على فعل ذلك، كلننا نراها الآن شبه مشلولة!


4- ما هو الدور الذي يلعبه الإسلام السياسي اليوم في الصراعات التي تعيشها الحكومات الخليجية مع شعوبها في هذه المرحلة؟

لقد وضحتُ بشكلٍ مسهبٍ دورَ الحركات المذهبية السياسية المحافظة خاصة الشيعية منها، أما الحركات السنية فهي تعمل في ظلال الحكومات، ما عدا القاعدة ذات المشروع الإقصائي الكامل، والحركات السنية نمت في دوائر الدول الرسمية، خاصة بعد تصاعد قضية ولاية الفقيه، فزادتْ من نشاطاتها وتحالفاتها مع الحكومات خوفاً من الانقلابات والإطاحة بظروفها المعيشية الجيدة.
وكرستها الحكومات وصعَّدت من أدوارها وحضورها في المجالس المنتخبة والجيوش، وفي الحياة الاجتماعية والسياسية عامة، وكل الحركات الدينية المذهبية المحافظة تشتغلُ على إنتاجِ شعاراتٍ فقهية قديمة ولا تشتغل على إنتاج معرفة إسلامية نهضوية، فلا توجد الإتجاهاتٌ الإسلامية المتنورة التي تعمل على مرجعية الحضارة الإسلامية وليس على مرجعية الطائفية، كما في مصر وتركيا، وهي تعبيرٌ عن ضيق منسوب الفئات الوسطى الخليجية وجذورها الريفية المتخلفة والبدوية المتعصبة.


5 – كيف ترى اليوم أثار التحرك والهبة الجماهيرية في مصر وتونس والدول العربية الأخرى في التسريع بالتحولات نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟ وهل سيكون لها دور ايجابي في استنهاض قوى اليسار في العالم العربي؟

لقد كتبتُ بشكل مطول عن التحركات والثورتين في تونس ومصر، في جريدة أخبار الخليج البحرينية في نفس الأيام التي حدثت فيها، وعرضتُ في هذه المقالات عن سببيات في تفجر هذه الهبات الجماهيرية العظيمة، والآن حدث إنتقال لهذه الهبات في البحرين واليمن وليبيا.
لقد بدا واضحاً أن الأنظمة الشمولية العربية ذات القطاعات العامة الفاسدة النازفة لثمار قوى العمل والإنتاج الشعبية، تواجهها الطبقات العمالية والقطاعات الخاصة بقوة وشجاعة هائلة، وهما تمثلان مشروعا اليسار واليمين الإنتاجي.
إنفتاح الأحداث على الديمقراطية وصعود المشروع الرأسمالي الخاص وبعض الحقوق الاقتصادية للطبقات الشعبية، هي السمات العامة للمرحلة، وتمثل الأجيال الشابة مشروع الرأسمالية الخاصة أما بشكل تحديثي وأما بشكل ديني، لكن الأحداث تفرج عن اليسار وحرياته في النضال والظهور ويكفي في هذه المرحلة إتساع الحريات وعمليات الإنتاج العميقة، دون توقف اليسار المفترض عن تحليل المرحلة وتقديم برامجه وكسب الجماهير

ايوب صابر 06-05-2012 06:54 PM

ليس صراعاً طائفياً قومياً




عبدالله خليفة
الحوار المتمدن - العدد: 3702 - 2012 / 4 / 19 - 09:01


منذ أن صارعت القوى القومية المذهبية في إيران الاتجاهات الليبرالية الضعيفة ونَحّتها وصعّدت من عناصر الدكتاتورية والفاشية، ولم تستطع القوى الدينية المشاركة معها كذلك من تغيير المنحى العسكري المتصاعد، أُخذت المنطقةُ لأزمةٍ خطِرة مناطقية عالمية متفاقمة.

إن العناصرَ الريفية المسيّسة المتخلفة الوعي البحرينية التي اندفعت بحدة لتأييد هذا المنحى واصلت جلبه مكونةً مجموعةً من المآسي لها ولبلدها. ولم تكن في قدرتها من تصعيد الفهم الديمقراطي العلماني وكذلك لم يساعدها العلمانيون السابقون الذين تراجعوا عن علمانيتهم في سبيل الحراك اليومي الحماسي ذي النتائج الوخيمة.

وقد وصل هذا المنحى على المستوى الإيراني وعلى مستوى المنطقة إلى حافة الهاوية، وتكشف عن وجهه الدكتاتوري الدموي ضد شعبه وشعب سوريا وغدا مغامرات لصنع السلاح النووي وضرب تطلعات الشعوب في الحرية والسلام والديمقراطية.

ومن يركز في أنه صراعٌ مذهبي فهو صاحبُ رؤيةٍ مسطحة خطرة كذلك.

ومن يقل إنه صراع قومي عربي فهو لا يدرك المسألة تماماً.

تواجه الشعب الإيراني وبقية شعوب المنطقة رأسمالية دولة عسكرية ضخمة ترفض أن تعود للسلمية والعقلانية.

فالمسألة ليست مذهبية ولا قومية.

إنه صراعُ الشعوب ضد الفاشية الحربية المتصاعدة في طهران، إنه نضال الأمم من أجل العيش المشترك وتطور الديمقراطيات والحقوق الشعبية فيها والسلام والتقدم.

لكن الفاشية ماهرةٌ في خداعِ الشعوب والطبقات وتفكيك الصلات بين الجماهير في كل الدول، وجرها للصراعات وتفجير عرى أوطانها.

إنها ماهرةٌ في العزف على الأوتار التي تفجرُ ينابيعَ الدماء وبحيرات الجثث، وتخريب تطورها السلمي، والهجوم على نضالاتها وثوراتها حين تشكل خطراً على تغلغلها ومشروعات سيادتها الدموية.

إن أي محاولات لتضييق الخناق عليها وعزلها لن تجدي نفعاً من دون تصاعد وتيرة الإصلاحات في كل دولة، واعتبار الناس مواطنين متساوين، ومن دون تفعيل الأحزاب والجماعات الديمقراطية والتقدمية في كل بلد، ومن دون تغيير حياة الجماهير الشعبية ذات الظروف المادية الثقافية الصعبة.

إن هزيمة المشروعات العسكرية العدوانية الخطِرة على الوجود والحياة وشروط الطبيعة من مناخ ومياه وأراض، يُستوجَبُ من الدول ليس جلب المعدات الكافية للدفاع فقط بل توسيع حقوق الناس ووعيهم، ليروا أنهم يقاومون تهديداً خطِراً على عيشهم ووجود أطفالهم، فلابد من سحب هذا البساط الكثيف من تحت الأقدام، ليروا أننا في المحنة سواء، وفي خطر الفاشية العسكرية نعيش بلاءً واحداً.

المخطوفون من هيمنة هذه الفاشية مثل المتضررين من تخريبها ومؤامراتها وتغلغلها.

فلينظروا إلى ما كان من عيشهم المشترك الذي لم يخلُ من مشكلات بطبيعة الظروف وتفكك القوى، وكيف صار الآن مذابح دموية في كل بقعة من العراق، وهجوماً إجرامياً هائلاً في سوريا، وتهديد السلاح وجبروت الطغيان في لبنان، وشعوب تعاني في البحرين والسعودية واليمن.

يريدون جرنا ليقتل بعضنا بعضا.

هذه هي خواتيم مسلسل ولاية الفقيه، حين يقبض الجنرالات على مصير الناس ويحدثون عسكرة متصاعدة ويعتمدون على المغامرات.

هذه هي خواتيم ولاية الفقيه خندقان يتذابح فيهما المسلمون.

هؤلاء يدعون إنها تلك الطائفة وأولئك يزعمون إنها هذه الطائفة.

وأناسٌ يقولون إنها القومية الفارسية.

وأناسٌ يقولون إنها الصفوية.

لا، ليستْ كل هذه، إنها الفاشية العسكرية!

وكل الأصابع تشير إلى هناك إلى الحرس الفاشي، إلى العسكر المجنون بخيلاء السلطة، ونشر الأسلحة، وعبادة السلاح النووي.

ركب الجنرالاتُ على ظهور الحركات الدينية والسياسية وامتطوها متجهين بها للحروب والدماء.

صعّدوا في الناس مشاعرَ الاختلاف والكراهية، داسوا على القيم الدينية والسلام العظيم ولكن إلى أين؟ وأي مآس جديدة سوف يجلبونها على الشعوب؟

أشياء كبيرة وخطِرة قادمة ولابد لها من تحالف واسع النطاق بين البشر والشعوب


ايوب صابر 06-05-2012 07:00 PM

اهم الاحداث الحياتية التي اثرت في تكوين عبد الله خليفة

للاسف لا يوجد تفاصيل عن حياة عبد الله خليفة لكننا نستطيع ان نستشف من روايته من اين جاء فهذه الرواية كما يصفها احدهم " تعبر عن الصراع الاجتماعي علىأطراف مدينة في بيئة شعبية، وتصور الجوع والفقر والحرمان " فهل عاش عبد خليفه الحرمان والفقر والجوع؟ وهل جربه في طفولته فكان سببا في تدفق طاقاته الابداعية .

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 06-05-2012 07:07 PM

104- الباب المفتوح لطيفة الزيات مصر


رواية الباب المفتوح للكاتبة و الصحفية دكتورة لطيفة الزيات
الرواية تدور حول ليلى فتاة من الطبقة المتوسطة تعانى تمزق بين العادات البالية و الرغبة فى حياة متفتحة حرة و تعرض الكاتبة الى ان الحب القائم على التفاهم و قوة الشخصية من جانب الرجل لا يتعارض مع تحرر المراة بل يدعمه
الرواية شديدة القوة و التاثير و فيها جانب من الرومانسية و الرقة معا و تعتبر من افضل 100 رواية عربية
اتمنى انها تعجبكم و تفيدكم


الرابط


قراءة ممتعة

ايوب صابر 06-05-2012 10:06 PM

الباب المفتوح

by لطيفة الزيات, Latifa Zayyat
الباب المفتوح

The Open Door is a landmark of women's writing in Arabic. Published in 1960, it was very bold for its time in exploring a middle-class Egyptian girl's coming of sexual and political age, in the context of the Egyptian nationalist movement preceding the 1952 revolution. The novel traces the pressures on young women and young men of that time and class as they seek to free themselves of family control and social expectations. Young Layla and her brother become involved in the student activism of the 1940s and early 1950s and in the popular resistance to continued imperialist rule; the story culminates in the 1956 Suez Crisis, when Gamal Abd al-Nasser's nationalization of the Canal led to a British, French, and Israeli invasion. Not only daring in her themes, Latifa al-Zayyat was also bold in her use of colloquial Arabic, and the novel contains some of the liveliest dialogue in modern Arabic literatur

ايوب صابر 06-05-2012 10:21 PM

الدكتورة لطيفة الزيات (8 أغسطس 1923 - 11 سبتمبر 1996) روائية مصرية ماركسية.




تعريف

من مواليد دمياط ٨ أغسطس ١٩٢٣. أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية البنات جامعة عين شمس سابقاً ، حائزة على جائزة الدولة التقديرية للأدب عام ١٩٩٦، كانت رمزاً من رموز الثقافة الوطنية والعربية وإحدى رائدات العمل النسائي في مصر ، لها سجل حافل بالريادة فى جميع المجالات التي خاضتها والعديد من الأعمال الأدبية.
http://www.marefa.org/images/d/d6/%D...8%A7%D8%AA.jpg
لطيفة الزيات


الحياة العملية

إمتدت خبرتها إلى مدن عديدة بحكم عمل والدها في مجالس البلديات ، ولكنه توفي عام 1935 ، وهي في الثانية عشرة من عمرها. وتميزت بالقدرة الفائقة على مكاشفة النفس والتعبيرات عن الذات. وإحتفظت برؤيتها كمناضلة مصرية وليس كمجرد أنثى حتى في فترات خطبتها وزواجها. تعلقت بالماركسية وهي طالبة بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول وعلى حد قولها: "كان تعلقي بالماركسية إنفعاليا عاطفيا" ، أي أنها إعتنقت الماركسية وجدانيا ومع هذا كان أول مشروع زواج لها مع "عبد الحميد عبد الغني" الذي إشتهر بإسم "عبد الحميد الكاتب" وسوف نعرض له تفصيلا فيما بعد. ولم يكن ماركسيا تحت أي ظرف من الظروف ، بل كان يمضي جزءا كبيرا من نهاره وليله في أحد المساجد ، ويحفظ التاريخ الإسلامي بدرجة جيدة. وإرتبط الإثنان بخاتم الخطوبة. ولم يقدر لهذا المشروع أن يتم ولكن "لطيفة" بثقافتها وشخصيتها وجمالها تركت آثارها على نفسية "عبد الحميد الكاتب" ، وقد سجل هو بنفسه هذه الإنفعالات في مقال باكر له في الصفحة الأخيرة من جريدة (أخباراليوم) تحت عنوان (خاتم الخطوبة). ثم دخلت تجربة ثانية أكثر ملاءمة لفكرها وطبيعتها ، فإرتبطت بالزواج بأحمد شكري سالم .. الدكتور في العلوم فيما بعد ، وهو أول شيوعي يحكم عليه بالسجن سبع سنوات ، وتم إعتقال أحمد ولطيفة عام 1949 تحت ذمة القضية الشيوعية. وإنفصلا بالطلاق بعد الحكم علي "شكري" وخروجها من القضية ، وكان محاميها مصطفى مرعي.
وتأتي قمة التناقض بين اليسار واليمين بزواجها من "الدكتور رشاد رشدي" يميني المنشأ والفكر والسلوك. ولم تترد لطيفة الزيات أن تقول لمعارضي هذا الزواج: "إنه أول رجل يوقظ الأنثى في" ، وعندما إشتدوا عليها باللوم قال: "الجنس أسقط الإمبراطورية الرومانية". والتجارب الثلاث جزء مهم من تاريخ "لطيفة الزيات" وحياتها وشخصيتها ، ونحن سنتناوله من هذه الزاوية. "ثريا أدهم" الطالبة الماركسية و"حسين كاظم" العامل الماركسي نسيهما من يكتبون تاريخ الحركة الوطنية. وهما أول من أختير لسكرتارية اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال. ثريا أدهم كانت وظلت ماركسية. ومن حقها هنا أن نسجل لها أنها كانت أول طالبة أختيرت لسكرتارية اللجنة الوطنية. أما "لطيفة الزيات" فقد دخلت اللجنة بتنحي الوطني المناضل الماركسي "سعد زهران" عن موقعه في اللجنة كممثل لأحد التنظيمات الماركسية ، وذلك لإتاحة الفرصة للطيفة الزيات وتشجيعا للطالبات في الكفاح الوطني. وعلى أية حال فإن "لطيفة الزيات" ظلت في اللجنة لفترة محدودة لأن اللجنة نفسها عاشت مدة وجيزة من (17-19 فبراير عام 1946) تصاعدت المحاولة للتنسيق بين حركة الطلاب وحركة الطبقة العاملة. وتشأت (اللجنة) بدعم أساسي من (اللجنة التنفيذية العليا للطبة) التي كانت وفدية وبقيادة "مصطفى موسى" ، وكانت قد أعلنت في ديسمبر عام 1945. وتوحدت جهود لجنة الطلبة الوفديين مع ممثلين لحلقات ماركسية ثلاث هي (الفجر الجديد) التي كانت تؤمـن بقيادة الوفد للحركة الوطنية ، وتنظيم (إسكرا – الشرارة) و"الحركة المصرية للتحرر الوطني – حدتو" ، وقد إنتهت (اللجنة الوطينة العليا للطلبة والعمال) علي يدي "إسماعيل صدقي" ضربته في 11 يوليو عام 1946. وإنتهت اللجنة بعد فترة جيزة من تكوينها (ستة أشهر) وإختلف المحللون حول أسباب عدم إستمرار اللجنة. قبل إن أحد أهم الأسباب هم عزلتها الكالمة عن (الفلاحين) ، فلم تأخذ شكل (الجبهة الوطنية) ، وقيل أن الصراع بين المجموعات الماركسية الثلاث داخل اللجنة مما وضع العراقيل أمام حركة اللجنة ، وإنتهت عندما وجه إليها "إسماعيل صدقي" ضربته الشمهورة ، وهذا ما حدث بعد 23 يوليو عام 1952 ، ونشأت فكرة تشكيل (لجان الجبهة) ، وبدأت الإحتفالات السوفسطائية بين الجماعات اليسارية .. هل هي جبهة وطنية أم ديموقراطية أم شعبية ، وإبتعدت عناصر القوى الشعبية عن هذه المناقشات العقيمة وإنتهى الأمر بضربات من نظام يوليو على المحاولات الوليدة لتكوين الجبهات المتصارعة.


السياسة والرجال

في مناخ (اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال) ظهر النشاط السياسي للطيفة الزيات. وكانت قد إنضمت لهذه اللجنة بعد أن إنضمت إليها "ثريا أدهم" ، ويبدو أن إنضمام "لطيفة" للجنة مكان "سعد زهران" كان بدافع الصراع بين الجماعات اليسارية المختلفة. وفي كل المراحل التي مرت بها "لطيفة الزيات" سياسيا وفكريا صاحبتها تجاربها العطافية. وكان لكل تجربة وضع خاص: • لطيفة الزيات . الماركسية عضو اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال والتي إقتحمت المظاهرات وظهرت مواهبها الخطابية. ونشأت العلاقة مع "عبد الحميد عبد الغني" والطريف أنه نموذجا مختلفا عن نموذج لطيفة. عبد الحميد عبد الغني في مرحلة التعليم الثانوي بمدرسة المنيا الثانوية كان زميلا للويس عوض (الدكتور لويس عوض فيما بعد) ، وكان "لويس عوض" و"عبد الحميد عبد الغني" يكتبان في جريدة محلية بالمنيا ، "لويس" يوقع مقالاته ب"العقاد الصغير" إذ نشأ معجبا بعباس محمود العقاد كاتب الوفد الجبار ، وتأثر "لويس" بوالده "حنا خليفة عوض" الوفدي والمحب لسعد زغلول باشا. وكان "عبد الحميد" يكتب بتوقيع "عبد الحميد الكاتب" وهو الإسم الذي ظل يستخدمه فيما بعد ذلك. كان "عبد الحميد عبد الغني" دبلوماسيا وعلى صلة بمنظمات الأمم المتحدة وكان أمامه مستقبل مشرق. وإرتبط "عبد الحميد" بالخطبة مع "لطيفة" ، وكانت هي ماركسية متحمسة ولها جاذبية في الحديث والشكل ، ولكن "عبد الحميد" كانت له طبيعة مختلفة .. الدين في وجدانه ، والسلوك الديني طلع به ، يصلي الفروض المختلفة. ملازم لمسجد السيدة زينب أو مسجد السيدة نفيسة ، وقد كتب "مصطفى أمين" أن "عبد الحميد عبد الغني" ضاعت منه فرصة إختياره وزيرا للخارجية ، إذ أنه كان وقت ذاك ملازما لأحد المساجد نهار وليلا ، فتم إختيار شخصا آخر للوزارة لصعوبة الإتصال به.
وعندما كان "عبد الحميد الكاتب" رئيسا لتحرير جريدة أخبار اليوم قال عن قصته التي نشرها في فترة سابقة بعنوان (خاتم الخطبة) أن بطلة القصة الحقيقية هي "لطيفة الزيات". وعن سبب عدم اتمام الزواج، قال: إفترقنا .. لأنها لم تستجب لتخفيف ميولها الماركسية ، ولم يستجب هو لتخفيف سلوكه المخالف للماركسية. وقد رجح أن عاملا أخر كان علاقتها مع زميلها "أحمد شكري سالم".
أحمد شكري سالم كان من رعيل المثقفين الماركسيين الذين تركوا بصماتهم على الساحة الفكرية والثقافية المصرية، مثل شهدي عطية الشافعي، د. عبد المعبود الجبيلي، د. أنور إسكندر عبد الملك، محمد سيد أحمد. وكان من أوائل الشيوعيين المصريين في الفترة الحديثة. وصدر الحكم عليه بالسجن 7 سنوات (1949-1956) تزوج "لطيف الزيات" قبل أن يقبض عليه ، وطلقها بعد أن حكم عليه. وداخل السجن خفف من إرتباطه التنظيمي بمجمـوعته اليسـارية ، ولكنه لم يخفـف من تعلقه بلطـيفة .. وكان يقول كلما جاء ذكرها .. (دي لطيفة!!).
زواجها من "الدكتور رشاد رشدي" الكاتب المسرحي والأستاذ الجامعي والذي أصبح مستشارا ثقافيا للرئيس أنور السادات .. هذا الزواج أصابها بالتمزق بين أنوثتها التي فجرها "الدكتور رشاد" ، وبين حرصها على أن تبقى ماركسية حتى ولو كانت (ماركسية مسخسة) حسب وصف "الدكتـور لويس عـوض" لها في كتابه (دليل الرجل الذكي..).
وخاضت إنتخابات إتحاد الكتاب وفازت بعضوية مجلس الإتحاد ، ولكنها لم تكرر التجربة مرة أخرى ، وأختيرت عضوا بمجلس السلام ، وعضوا بلجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة. وفي فترة سابقة أشرفت على الملحق الأدبي لمجلة الطليعة – مؤسسة الأهرام. وحصلت على درجة الأستاذية عام 1972م ، ورأست قسم النقد الأدبي والمسرحي بمعهد الفنون المسرحية – وهي لا تنكر ولا أحد ينكر أن زواجها من "الدكتور رشاد رشدي" كان خيرا وبركة وفترة إزدهار لها في الدراسة وفي العمل وفي العلاقات الزوجية. والمؤكد أن هذا الزواج جر عليها النقد الحاد القاسي من رفاقها القدامى الذين كان يؤلمهم زواج اليسار باليمين. ولقد حرصت هي على أن تحتفظ بصورتها الماركسية ولو للذكرى والتاريخ .. وبصراحتها المعروفة عنها قالت بعد طلاقها من الدكتور رشاد:
ها أنا أبرأ .. أو على وشك أن أبرأ .. أخاف أن ترتد كينونتي الوليدة إلى الرحم. هل كان هو مشروع عمري الذي إنقضى أم السعادة الفردية هي المشروع؟! كانت السعادة الفردية هي مشروعي الذي حفيت لتحقيقه. وجننت عندما لم يتحقق. أنا صنيعة المطلقات. وأسيرة سنوات أدور في المدار الخطأ. لا أملك القدرة على فعل أتجاوز به المدار الخطأ لسنوات تسلمني فيها إلى الشلل الهوة الرهيبة بين ما أعتقد وبين الواقع المعاش. بين الحلم والحقيقة أخاف أن ترتد كينونتي الوليدة – إلى الرحم.
هكذا قالت بعد أن برئت .. لم تزل تتمسك بما كانت تعتقد والحاكم يعرف هذا .. فإعتقلها في سبتمبر 1981 وتم الإفراج عنها في 13 يناير 1982. وليس لأحد حاجة عندها. ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بأول حجر.
وفاتها

ظلت تناضل حتى رحلت في 11 سبتمبر سنة 1996 بعد أن أصابها سرطان الرئة. وأصابتها الدنيا بحرمانها في سنواتها الأخيرة من الزوج والولد أو البنت.


أعمالها

تتسم أعمال "لطيفة الزيات" القصصية والروائية بمعرفة صحيحة بالحياة ، وبالتكوين النفسي للنماذج الإنسانية وبالمتناقضات الإجتماعية التتي تتحرك في إطارها وتتفاعل معها. أصدرت ستة مؤلفات إبداعية:
  • "الباب المفتوح" – رواية (1960) .. وظلت بلا إبداع 26 سنة.
  • "الشيخوخة" وقصصا أخرى – مجموعة قصصية (1986).
  • "حملة تفتيش" – أوراق شخصية) وهي سيرة ذاتية (1992).
  • "بيع وشراء" مسرحية (1994).
  • "صاحبة البيت" – رواية (1994).
  • "الرجل الذي عرف تهمته" (رواية قصيرة) (1995).

الفتاة المصرية المستقلة

تاريخ "لطيفة الزيات" زاخر بمواقفها الوطنية وبسلوكها الواثق المستقل. كان لها وجهة نظر مستقلة في الزواج. رفضت أسلوب الزواج التقليدي عن طريق الخاطبة او عن طريق صديقات الأسرة. كانت دائما تتحدث عن مظاهرات الطالبات ضد الإحتلال. وشاركت في كثير من مظاهرات الطلبة والطالبات. وإذا نظرنا إلى مشروع خطبتها وزواجها من "أحمد شكري سالم" وزواجها من "د. رشاد رشدي" اليميني جميعها كانت بإرادتها المستقلة ، وكذلك الطلاق كان حسب رغبتها الخالصة. البعض حاول أن يتتبع "لطيفة الزيات" منذ شبابها ، فنظروا إلى ما كتبته في عملها الأول (الباب المفتوح عام 1960) ، ورأوا في وصفها إلى "ليلى" على أنه قريب إلى وصف نفسها:
"في السابعة عشرة أصبحت ليلى ممتلئة الجسم ، متوسطة القامة ، مستديرة الوجه دقيقة الملامح في إستواء ، عريضة الجبهة ، عيناها عسليتين عميقتان شديدتا البريق وإذا إبتسمت إرتفعت وجنتاها الورديتان إلى أعلى ، وضاقعت عيناها حتى أصبحتا خطا رفيعا من نور يلمع. وإذا ما إطمأنت ضحكت بكل وجهها. كان وجهها يشع بالإنطلاق والحيوية والإشراق".
وهي صورة قريبة منها للذين لم يروها.
ومن عملها (الشيخوخة) التي كتبتها بعد 26 عاما من التوقف عن الكتابة (1986). نتأمل فقرة بعنوان (ملاحظات نهائية تكتب لكي لا تنسى) وللقارئ أن يستخلص منها ما يحلو له:
"في أعماق كل منا ترقد رغبة كامنة في الموت ، في الإنزلاق إلى حالة اللا شئ ، والتحفف من عبء الوجود الإنساني والمسئولية الإنسانية تجاه الذات والآخرين."
"تتضح هذ الرغبة في السعي إلى التوصل إلى مطلق ما يغلي المكان والزمان ، وإلغاء المكان والزمان لا يتحقق إلا في حالة الموت. ولا ينبغي أن تخيفنا هذه الرغبة فالإنسان الذي يعيها قادر على تجاوزها."
"العلاقات الإنسانية الحميمة تساعدنا على الخلاص. وتساعدنا على الوصول إلى معنى الحياة."
كتبت "لطيفة الزيات" هذه الحكم أو ما يشبه الحكم وعمرها 63 ثلاثة وستون عاما .. عمر الحكمة والتأمل.
المصادر
  • محافظة دمياط - مشاهير وأعلام
  • د. أحمد عبد الله: الطلبة والسياسة في مصر.
  • أميرة خواسك: رائدات الأدب النسائي في مصر.
  • كتاب في جريدة: عدد 6 يوينو 2000م (الشيخوخة وقصص أخرى).
  • د. لطيفة الزيات: (حملة تفتيش – أوراق شخصية 1992).
  • لمعي المطيعي: جردية الوفد (الدكتور رشاد رشدي) 7 ديسمبر 1999.
  • لمعي المطيعي: "موسوعة هذا الرجل من مصر"، القاهرة: دار الشروق، 2005.

ايوب صابر 06-05-2012 10:23 PM

لطيفة الزيات
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

لطيفة الزيات روائية ، وأديبة وناقدة , أولت اهتماماً خاصاً لشئون المرأة وقضاياها. ولدت لطيفة الزيات، في مدينة دمياط بمصر، في 8 أغسطس، عام 1923،في مدينة دمياط (مصر), وتلقت تعليمها بالمدارس المصرية،ثم بجامعة القاهرة. بدأت عملها الجامعي منذ عام 1952, وحصلت على دكتوراه في الأدب من كلية الآداب، بجامعة القاهرة عام 1957. شغلت مناصب عديدة، فقد انتخبت عام 1946، وهي طالبة، أميناً عاماً للجنة الوطنية للطلبة والعمال، التي شاركت فى حركة الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني. تولت رئاسة قسم اللغة الإنكليزية وآدابها خلال عام 1952، إضافة إلى رئاسة قسم النقد بمعهد الفنون المسرحية، وعملها مديراً لأكاديمية الفنون. كما شغلت منصب مدير ثقافة الطفل، رئيس قسم النقد المسرحي بمعهد الفنون المسرحية 1970 - 1972، ومديرة أكاديمية الفنون 1972 - 1973




ولادتها

من مواليد دمياط ٨ أغسطس ١٩٢٣. أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية البنات جامعة عين شمس سابقاً ، حائزة على جائزة الدولة التقديرية للأدب عام ١٩٩٦، كانت رمزاً من رموز الثقافة الوطنية والعربية وإحدى رائدات العمل النسائي في مصر ، لها سجل حافل بالريادة فى جميع المجالات التي خاضتها والعديد من الأعمال الأدبية.
حياتها العملية

إمتدت خبرتها إلى مدن عديدة بحكم عمل والدها في مجالس البلديات ، ولكنه توفي عام 1935 ، وهي في الثانية عشرة من عمرها. وتميزت بالقدرة الفائقة على مكاشفة النفس والتعبيرات عن الذات. وإحتفظت برؤيتها كمناضلة مصرية وليس كمجرد أنثى حتى في فترات خطبتها وزواجها. تعلقت بالماركسية وهي طالبة بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول وعلى حد قولها: "كان تعلقي بالماركسية انفعاليا عاطفيا" ، أي أنها إعتنقت الماركسية وجدانيا ومع هذا كان أول مشروع زواج لها مع "عبد الحميد عبد الغني" الذي إشتهر بإسم "عبد الحميد الكاتب" وسوف نعرض له تفصيلا فيما بعد. ولم يكن ماركسيا تحت أي ظرف من الظروف ، بل كان يمضي جزءا كبيرا من نهاره وليله في أحد المساجد ، ويحفظ التاريخ الإسلامي بدرجة جيدة. وإرتبط الإثنان بخاتم الخطوبة. ولم يقدر لهذا المشروع أن يتم ولكن "لطيفة" بثقافتها وشخصيتها وجمالها تركت آثارها على نفسية "عبد الحميد الكاتب" ، وقد سجل هو بنفسه هذه الانفعالات في مقال باكر له في الصفحة الأخيرة من جريدة (أخباراليوم) تحت عنوان (خاتم الخطوبة). ثم دخلت تجربة ثانية أكثر ملاءمة لفكرها وطبيعتها ، فإرتبطت بالزواج بأحمد شكري سالم .. الدكتور في العلوم فيما بعد ، وهو أول شيوعي يحكم عليه بالسجن سبع سنوات ، وتم اعتقال أحمد ولطيفة عام 1949 تحت ذمة القضية الشيوعية. وإنفصلا بالطلاق بعد الحكم علي "شكري" وخروجها من القضية ، وكان محاميها مصطفى مرعي.
وتأتي قمة التناقض بين اليسار واليمين بزواجها من "الدكتور رشاد رشدي" يميني المنشأ والفكر والسلوك. ولم تترد لطيفة الزيات أن تقول لمعارضي هذا الزواج: "إنه أول رجل يوقظ الأنثى في" ، وعندما إشتدوا عليها باللوم قال: "الجنس أسقط الإمبراطورية الرومانية". والتجارب الثلاث جزء مهم من تاريخ "لطيفة الزيات" وحياتها وشخصيتها ، ونحن سنتناوله من هذه الزاوية. "ثريا أدهم" الطالبة الماركسية و"حسين كاظم" العامل الماركسي نسيهما من يكتبون تاريخ الحركة الوطنية. وهما أول من أختير لسكرتارية اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال. ثريا أدهم كانت وظلت ماركسية. ومن حقها هنا أن نسجل لها أنها كانت أول طالبة أختيرت لسكرتارية اللجنة الوطنية. أما "لطيفة الزيات" فقد دخلت اللجنة بتنحي الوطني المناضل الماركسي "سعد زهران" عن موقعه في اللجنة كممثل لأحد التنظيمات الماركسية ، وذلك لإتاحة الفرصة للطيفة الزيات وتشجيعا للطالبات في الكفاح الوطني. وعلى أية حال فإن "لطيفة الزيات" ظلت في اللجنة لفترة محدودة لأن اللجنة نفسها عاشت مدة وجيزة من (17-19 فبراير عام 1946) تصاعدت المحاولة للتنسيق بين حركة الطلاب وحركة الطبقة العاملة. وتشأت (اللجنة) بدعم أساسي من (اللجنة التنفيذية العليا للطبة) التي كانت وفدية وبقيادة "مصطفى موسى" ، وكانت قد أعلنت في ديسمبر عام 1945. وتوحدت جهود لجنة الطلبة الوفديين مع ممثلين لحلقات ماركسية ثلاث هي (الفجر الجديد) التي كانت تؤمـن بقيادة الوفد للحركة الوطنية ، وتنظيم (إسكرا – الشرارة) و"الحركة المصرية للتحرر الوطني – حدتو" ، وقد إنتهت (اللجنة الوطينة العليا للطلبة والعمال) علي يدي "إسماعيل صدقي" ضربته في 11 يوليو عام 1946. وإنتهت اللجنة بعد فترة جيزة من تكوينها (ستة أشهر) وإختلف المحللون حول أسباب عدم إستمرار اللجنة. قبل إن أحد أهم الأسباب هم عزلتها الكالمة عن (الفلاحين) ، فلم تأخذ شكل (الجبهة الوطنية) ، وقيل أن الصراع بين المجموعات الماركسية الثلاث داخل اللجنة مما وضع العراقيل أمام حركة اللجنة ، وإنتهت عندما وجه إليها "إسماعيل صدقي" ضربته الشمهورة ، وهذا ما حدث بعد 23 يوليو عام 1952 ، ونشأت فكرة تشكيل (لجان الجبهة) ، وبدأت الاحتفالات السوفسطائية بين الجماعات اليسارية .. هل هي جبهة وطنية أم ديموقراطية أم شعبية ، وإبتعدت عناصر القوى الشعبية عن هذه المناقشات العقيمة وإنتهى الأمر بضربات من نظام يوليو على المحاولات الوليدة لتكوين الجبهات المتصارعة.






نشاطاتها
  • عضو مجلس السلام العالمي نالت الدكتوراه في الأدب في جامعة القاهرة سنة 1957.
  • تعرضت للاعتقال سنة 1981 ايام الرئيس انور السادات فكتبت سيرة ذاتية بعنوان حملة تفتيش عن ظروف اعتقالها.
من مؤلفاتها
  • الشيخوخة - (قصة)
  • صاحبة البيت (قصة)
  • حركة الترجمة الأدبية في مصر .
  • مقالات في النقد الأدبي .
  • الباب المفتوح (رواية) عولجت سينمائيا من بطولة فاتن حمامة واخراج صلاح أبو سيف.
وفاتها

ايوب صابر 06-05-2012 10:24 PM

لطيفة الزيات (1923 - 1996)
روائية ، وأديبة وناقدة , أولت اهتماماً خاصاً لشئون المرأة وقضاياها. ولدت لطيفة الزيات، في مدينة دمياط بمصر، في 8 أغسطس، عام 1923،في مدينة دمياط (مصر), وتلقت تعليمها بالمدارس المصرية،ثم بجامعة القاهرة. بدأت عملها الجامعي منذ عام 1952, وحصلت على دكتوراه في الأدب من كلية الآداب، بجامعة القاهرة عام 1957.

شغلت مناصب عديدة، فقد انتخبت عام 1946، وهي طالبة، أميناً عاماً للجنة الوطنية للطلبة والعمال، التي شاركت فى حركة الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني. تولت رئاسة قسم اللغة الإنكليزية وآدابها خلال عام 1952، إضافة إلى رئاسة قسم النقد بمعهد الفنون المسرحية، وعملها مديراً لأكاديمية الفنون. كما شغلت منصب مدير ثقافة الطفل، رئيس قسم النقد المسرحي بمعهد الفنون المسرحية 1970 - 1972، ومديرة أكاديمية الفنون 1972 - 1973.


كانت لطيفة عضو مجلس السلام العالمي، وعضو شرف اتحاد الكتاب الفلسطيني، وعضو بالمجلس الأعلى للآداب والفنون، وعضو لجان جوائز الدولة التشجيعية في مجال القصة، ولجنة القصة القصيرة والرواية. كما أنها كانت عضوا منتخبا في أول مجلس لاتحاد الكتاب المصريين، ورئيس للجنة الدفاع عن القضايا القومية 1979، ومثلت مصر في العديد من المؤتمرات العالمية.


أشرفت على إصدار وتحرير الملحق الأدبي لمجلة الطليعة ، ونالت لطيفة الزيات الجائزة الدولية التقديرية في الآداب عام 1996.

ومثلما اهتمت لطيفة الزيات بالعمل الثقافي, كان لها اهتمام بالعمل السياسي العام, فانتخبت -وهي طالبة- عام 1946 أمينًا عامّا للجنة الوطنية للطلبة والعمال التي قادت حركة الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني.

وفي عام 1979, شاركت في تأسيس لجنة الدفاع عن الثقافة القومية وتولت رئاستها.

تابعت الكاتبة الإنتاج الأدبي في مصر بالنقد والتحليل والتقييم, وأولت اهتمامًا خاصّا لشؤون المرأة وقضاياها.

وحصلت على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1996.

تتسم أعمال لطيفة الزيات القصصية والروائية بمعرفة حميمة بالحياة: بالتكوين النفسي للنماذج الإنسانية, وبالتناقضات الاجتماعية التي تتحرك في إطارها وتتفاعل معها.
وفي تلك الأعمال, تعيد الكاتبة إنتاج الواقع الاجتماعي, وتدخل معه في حوار, وتعلن موقفًا إزاءه.

فضلاً عن عدد من المؤلفات النقدية والمؤلفات الأكاديمية والترجمات,
أشرفت على إصدار وتحرير الملحق الأدبي لمجلة الطليعة ، ونالت لطيفة الزيات الجائزة الدولية التقديرية في الآداب عام 1996.

نشر لها العديد من المؤلفات الأكاديمية، والترجمات، كما صدر لها مؤلفات إبداعية، منها:

(الباب المفتوح) (رواية, 1960),
(الشيخوخة وقصص أخرى)
(مجموعة قصصية, 1986),
(حملة تفتيش - أوراق شخصية)
(سيرة ذاتية, 1992),
(بيع وشرا) (مسرحية, 1994),
(صاحب البيت) (رواية, 1994),
(الرجل الذي عرف تهمته) (رواية قصيرة, 1995) .
إضافة إلى العديد من الأبحاث، في النقد الأدبي الإنكليزي والأمريكي، وساهمت بالكتابة في المجلات الأدبية.
توفيت لطيفة الزيات عام 1996.


الساعة الآن 05:50 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team