منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   [ " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ " ................. ] (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=754)

حميد درويش عطية 09-19-2010 01:16 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 21758)
إن من صفات المؤمن ،أن يكون لسانه لهجا بذكر الله عز وجل ..
فطبيعة بني آدم تغلب عليه الغفلة ، ولعل كلمة " إنسان " أطلقت عليه لغلبة النسيان .
كيف يذكر الإنسان ربه ؟..
هناك عدة عوامل ، تجعل الإنسان في ذكر دائم :
أولا : المصيبة والبلاء ..
إن الإنسان عندما يقع في مصيبة ، يخرج من جو الغفلة ..

إن من نعم الله الخالق على عباده ..
أن العبد إذا خاف من الناس هرب منهم
وإذا خاف من خالقه هرب إليه
وعندما تقع المصيبة ما أشد حاجتنا لخالقنا ليرفع عنا آثار هذه المصيبة ويقوينا على احتمالها

أشكرك أخي حميد ..
لا زلت أتابعك



..... ناريمان

شكرا ً
للمتابعة ِ المتواصلة
أختي ناريمان
و لإضافاتك ِ القيمة
و قد أعجبني كثيرا ً قولك ِ:
[ إن من نعم الله الخالق على عباده ..
أن العبد إذا خاف من الناس هرب منهم
وإذا خاف من خالقه هرب إليه
]
حقا ً ....
لا ملجأ َ منَ اللهِ سبحانهُ
إلا إليه ِ .. !!!!
سأبقى بانتظار ما تبدعين
تقبلي تحيتي


19 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-20-2010 07:45 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الذكر في الغفلة)
-------------------------------------
إن من المحطات التي يحتاج فيها المؤمن إلى مراقبة مضاعفة ، وإلى تأمل شديد :
لحظات ومجالس الغفلة عن ذكر الله عز وجل ..
فالإنسان الجالس في بيت من بيوت الله – عز وجل - هو في جو مذكر ..
ولهذا عندما يكون في المسجد الحرام ، يستحب له النظر إلى الكعبة ، حتى لو لم يكن ذاكرا ، فالذكر له مزية أخرى ..
ولكن المستحب هو النظر إلى الكعبة ، في غير صلاة ولا قراءة للقرآن الكريم ..
معنى ذلك أن أجواء المسجد الحرام ، والمكوث في المسجد الحرام ، من موجبات حياة القلب ورقته .

والعكس هو في المجالس التي هي في قبال مجالس الذكر :
كمجالس الأعراس ، أو اجتماع أهل الباطل على مائدة مثلا !..
الإنسان أحيانا يمكنه أن يجنب نفسه هذه المجالس ، فإذا رأى الجو لاهيا ساهيا ؛ يخرج باختياره ..
ولكن - بعض الأوقات - يبتلى الإنسان بحرج اجتماعي ، فلا يمكنه الخروج بسهولة ..
عندئذ المؤمن المراقب يحتاج إلى جو مضاعف من الذكر والالتفات القلبي .

ماذا نعمل في هذه المجالس ؟..
أولاً :
إن الالتفاتة الإلهية للعبد ، هي التفاتة ثابتة في كل الحالات ..
رب العالمين كما ينظر إلى المسجد ، ينظر إلى مجالس الحرام .. فالأكوان متساوية المثول بين يديه تعالى ؛ أي كل ما في الوجود بين يدي الله عز وجل ..
رب العالمين ينظر إلى المحراب ، وينظر إلى أماكن الحرام ؛ بمعنى أن النظر الإلهي ، والعين الإلهية المراقبة ؛ هي عين واحدة ..
وعليه ، فإنه لا فرق في هذه الرقابة الإلهية ، بين مجالس الطاعة ومجالس المعصية ..
وهذه الالتفاتة إلى النظرة الإلهية ، من موجبات انضباط العبد .

ثانياً :
نحن مأمورون بمضاعفة الذكر في مجالس الغفلة ..
فرق بين أن يكون الإنسان ذاكرا مع الطائفين ، أو مع الساعين ، أو مع الواقفين بأرض عرفة .. وبين أن يطلع رب العالمين على الأرض ، ليرى قوما غافلين في مجلس لهو أو حرام ، وهناك مؤمن في زاوية ، وهو يعيش الذكر الإلهي ..
من الممكن أن ينظر رب العالمين إلى هذا العبد نظرة لطف ..
إن الذي يقاوم الأعداء ويصمد أمامهم بينما يفر القوم ، هذا الإنسان له تميز ، وهو بعين الله عز وجل ..
كذلك الذاكر بين الغافلين ، أيضا له تميز في هذا المجال .

ثالثاً :
إن الإنسان بإمكانه أن يشغل نفسه بالذكر الخفي ، عن النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) قال :
( خير الذكر الخفيّ ) ..
و

( لا إله إلا الله )
ذكر شريف ، وامتيازه :
أن الإنسان يستطيع أن يلهج به دون أن يحرك شفيته ..
وبالتالي ، فإنه من الممكن أن يعوض هذه الغفلة في مجالس الغافلين ، بأن يشغل نفسه بهذا الذكر ، دون أن يشعر به أحد ؛ لئلا يتهم بالرياء .. فيخرج من ذلك المجلس ، وقد كتب في عداد الذاكرين .

20 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-21-2010 07:46 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الأبدان المتميزة )
-------------------------------------

إن هناك تلازما واضحا بين عالم النفس والبدن :
مثلا :
الخوف من شؤون القلب ، ولكن هذا الخوف ينعكس على البدن ، وعندما يخجل الإنسان ينعكس ذلك على الوجه :
فإن من كلام العرب المعروف :
" حمرة الخجل ، وصفرة الوجل "
أي الحمرة عند حصول الخجل ، والصفرة عند حصول الخوف

إن في عالم التسافل ، النفس المنشغلة بالشهوات ، هذه الآثار الشهوية تنعكس على الأبدان ..
وفي عالم السير العلوي ؛ - السير الملكي لا البهيمي : حيث أن هناك حركة نحو البهائم في الإنسان ، وحركة نحو الملائكة ..
إن التسافل والتوجه لعالم البهائم ؛ فهو أضل من الدواب كما قال تعالى في كتابه الكريم :
{ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا } ..
وإن التوجه لعالم العلو ؛ أصبحت الملائكة خادمة له - .. في عالم العلو الذي ينشغل بالمعاني الإلهية السامية ، أيضا جسمه يتفاعل مع حالته القلبية .

ومن هنا نلاحظ أن المؤمن له صفات بدنية :
{ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } ..
الجلود تلين والقلب يلين ، القلب يذكر والعين تدمع ..
فالمؤمن حتى جسمه جسم متميز : عينه ثرية بالدمع { تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا } ..
إذن ، هذا البدن بدن مبارك عند الله عز وجل ..
أحد المؤمنين بعد سنوات كُشف قبره ، فوجدوا أن جسده مازال سليما طريا ..
إن تحلل جسم الإنسان بعد الموت ؛ سنة إلهية .. وبالتالي ، فإن رب العالمين إذا منَّ على العبد بعد موته بسلامة بدنه ، وبقاء أعضائه سالمة ؛ فهذه كرامة ، ولطف إلهي بالعبد .

إن الإنسان الذي يدمن طاعة ربه ، ويتوجه إلى ربه توجها بليغا مركزا متصلا ؛ جسمه لا كجسم سائر الناس ..
ومن هنا لا نستبعد آثار البركات في هذا البدن ..
بعض المؤمنين عندما يضع يده على بدن مريض ، نلاحظ أن الله – عز وجل - يبارك في هذه اللمسة ، ويكون لها أثر .

فإذن ، إن المؤمن كما أن روحه روح متميزة ، روح عالية ؛ كذلك لبدنه تميز في عالم الأبدان ..
( أرواحكم في الأرواح ، ونفوسكم في النفوس ) ..

21 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-22-2010 04:19 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( القلب حرم الله عز وجل )
-------------------------------------


إن هناك بعض الروايات في المجاميع الروائية ، هي رواية في جملة واحدة، ولكن تعد من الروايات المفتاحية الاستراتيجية..
إن في عالم السير الأنفسي والتهذيب الأخلاقي ، عندنا مجموعة من الروايات المفتاحية ، التي تنفتح منها أبواب كثيرة ..
قد يُفتح للبعض باب واحد ، وقد يُفتح للبعض عشرات الأبواب ..
فالإنسان كلما ترقى درجة ، كلما زاد استيعابه للحقائق الربوبية ، عن أمير المؤمنين ( عليه ِ السلام ) :
( إن هذه القلوب أوعية ، فخيرها أوعاها ) ؛ أي أكثرها استيعابا ..
فمن معاني شرح الصدر ، أن يتلقى القلب المعاني الإلهية بشكل واضح ومعمق .

أنه بإمكان الإنسان أن يعلق نفسه بأشياء كثيرة ، مثلا :
حب الزوجة من الإيمان ، وحب الأهل من الإيمان ، وحب الأوطان من الإيمان ؛ ولكن حب الله - عز وجل - لا يشاركه شيء .. وبعبارة أخرى :
إن جعلنا القلب بمثابة بناء له طوابق : فإن هناك طابقا لا يدخله أحد إلا هذا العنصر ، وهو الحب الإلهي ..
أما الطبقات السفلى فليكن لحب : الزوجة ، والأولاد ، وحب المال ؛ ولا مانع من ذلك ، قال صلى الله عليه وآله وسلم :
( من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ) ..
المؤمن يحب أشياء كثيرة في هذه الحياة، ولكن هناك نقطة في القلب ، أو جهة في القلب ، أو مكان في القلب ؛ هذا المكان لا يدخله إلا الله عز وجل .
لو تركت الأمر دون مجاهدة ، من الممكن أن يتسلل حب الله - عز وجل - من القلب ..
كما يحدث في بعض البلدان ، عندما تخفّ الرقابة على حدودها ، يتسلل بعض الأفراد بشكل غير قانوني إلى تلك البلاد ..
وكذلك إذا ترك القلب دون مراقبة ، قد تتسلل بعض الأمور إلى قلب المؤمن .. وبالتالي ، يسكن قلبه حب غير الله عز وجل .

إن الشيء إذا استقر في القلب يصبح أميرا ، فالزوجة إذا دخلت القلب -ا لمكان الذي هو وقف لله عز وجل - أصبحت هي التي تأمر وتنهى ، وإن كان الأمر يخالف الأمر الإلهي ..
عن علي -‏ عليه السلام - قال :
( يأتي على الناسِ زمان : همّتُهم بطونهم ، وشرفُهُم متاعهم ، وقبلتهم نساؤهم ، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم ؛ أولئك شرار الخلق ، لا خلاق لهم ... ) ..
فالمرأة بعض الأوقات تتحول إلى صنم يعبد ، وكذلك العكس الرجل يتحول إلى صنم يُعبد ..
قد تأمر المرأة الرجل بأمر خلاف الشريعة ، فيرى الرجل نفسه مطيعا لها ؛ ومعنى ذلك أن هذا القلب خرج من كونه حرما لله عز وجل
.

22 / 9 / 2010

ناريمان الشريف 09-22-2010 07:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 23845)
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الأبدان المتميزة )
-------------------------------------

إن هناك تلازما واضحا بين عالم النفس والبدن :
مثلا :
الخوف من شؤون القلب ، ولكن هذا الخوف ينعكس على البدن ، وعندما يخجل الإنسان ينعكس ذلك على الوجه :
فإن من كلام العرب المعروف :
" حمرة الخجل ، وصفرة الوجل "
أي الحمرة عند حصول الخجل ، والصفرة عند حصول الخوف

إن في عالم التسافل ، النفس المنشغلة بالشهوات ، هذه الآثار الشهوية تنعكس على الأبدان ..
وفي عالم السير العلوي ؛ - السير الملكي لا البهيمي : حيث أن هناك حركة نحو البهائم في الإنسان ، وحركة نحو الملائكة ..
إن التسافل والتوجه لعالم البهائم ؛ فهو أضل من الدواب كما قال تعالى في كتابه الكريم :
{ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا } ..
وإن التوجه لعالم العلو ؛ أصبحت الملائكة خادمة له - .. في عالم العلو الذي ينشغل بالمعاني الإلهية السامية ، أيضا جسمه يتفاعل مع حالته القلبية .

ومن هنا نلاحظ أن المؤمن له صفات بدنية :
{ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } ..
الجلود تلين والقلب يلين ، القلب يذكر والعين تدمع ..
فالمؤمن حتى جسمه جسم متميز : عينه ثرية بالدمع { تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا } ..
إذن ، هذا البدن بدن مبارك عند الله عز وجل ..
أحد المؤمنين بعد سنوات كُشف قبره ، فوجدوا أن جسده مازال سليما طريا ..
إن تحلل جسم الإنسان بعد الموت ؛ سنة إلهية .. وبالتالي ، فإن رب العالمين إذا منَّ على العبد بعد موته بسلامة بدنه ، وبقاء أعضائه سالمة ؛ فهذه كرامة ، ولطف إلهي بالعبد .

إن الإنسان الذي يدمن طاعة ربه ، ويتوجه إلى ربه توجها بليغا مركزا متصلا ؛ جسمه لا كجسم سائر الناس ..
ومن هنا لا نستبعد آثار البركات في هذا البدن ..
بعض المؤمنين عندما يضع يده على بدن مريض ، نلاحظ أن الله – عز وجل - يبارك في هذه اللمسة ، ويكون لها أثر .

فإذن ، إن المؤمن كما أن روحه روح متميزة ، روح عالية ؛ كذلك لبدنه تميز في عالم الأبدان ..
( أرواحكم في الأرواح ، ونفوسكم في النفوس ) ..

21 / 9 / 2010

يا سبحانك يا الله
رائع جداً ما جاء هنا ..
وهذا تأكيد على أن البدن جزء يؤازر النفس والروح في تكوين الانسان
فكما أن الروح والنفس في الانسان يقبلان على الله فإن الجسد يتبعهما في هذا الاقبال
اللهم ارزقنا خشيتك والحياء منك يا الله
أشكرك أخي حميد
فهل من مزيد ؟؟


تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 09-23-2010 01:18 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الوصول إلى الله عز وجل )
-------------------------------------
إن البعض عندما يستمع إلى الأحاديث التي تدور حول صلاة الليل ، وقيام الليل ، وبركات الأسحار ؛ فإنه يرى أن هذه الدرجات درجات عليا جدا لا تنال ، وكأنها تحتاج إلى مجاهدة غير متحملة ..
والحال : أن الأمر ليس كذلك، فعن أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) :
( إذا هِبتَ أمرا فقع فيه ، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منهؤ )!..
فالذي يرى أن قيام الليل ثقيل عليه ، ما عليه إلا أن يجرب ، فالإنسان المؤمن له همة عالية !..
أما شدة خوف الإنسان من بعض الأمور المهمة ، فإنها تمنعه من الوصول إلى الدرجات العليا .
إن البعض يستثقل القيام في السحر ، وذلك بدعوى أن نفس القيام يحتاج إلى مجاهدة ، فكيف يتوجه في صلاته ، وهو مثقل بالنعاس ؟..
إن التوجه والإقبال من باب الاستحسان المطلوب في الفرائض ، وفي المستحبات كذلك ..
ولكن في خصوص صلاة الليل - والله العال م- نفس قيام الليل ، وهجران الفراش ؛ فيه ملاك !..
حتى لو صلى الإنسان صلاة الليل وهو مدبر ، أو متناعس ؛ فإن هذا القيام في حد نفسه أمر مبارك ، ورب العالمين يحب هذه الحركة .
إن الإنسان قد ينام - أحيانا - في السجود الأخير من صلاة الليل ، إلى أن يستيقظ لصلاة الفجر ..
أو لا تحتمل أن الله - عز وجل - يحب هذا المنظر الجميل :
مؤمن قام من دون أي إلزام ، وألزم نفسه أن يقف بين يدي ربه ، فخشع في ركعتين ولم يخشع في الباقي ؟..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ آلهِ و سلم ) :
( يا أبا ذر ! .. إنّ ربك - عزَّ وجلَّ - يباهي الملائكة بثلاثة نفر ـ إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم ـ ورجل قام من الليل فصلّى وحده ، فسجد ونام وهو ساجد ، فيقول الله تعالى : اُنظروا إلى عبدي !.. روحه عندي وجسده في طاعتي ساجد ) .
( إن الوصول إلى الله - عزّ وجل - سفر ، لا يدرك إلا بامتطاء الليل ) ..
إنها عبارة راقية جدا !..
أولاً : الوصول سفر ..
إن هذه العبارة ترفع الاستيحاش الذي لدى البعض ، حيث أن البعض يستوحش من كلمة : السير، والسفر..
الفرار فروا إلى الله
السفر إلى الله
آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق

إلى آخره من هذه التعابير التي تشعر المؤمن أن له سفرا إلى الله عز وجل.
ثانياً : الدابة هي الليل ..
هذا السفر له دابة ، وهذه الدابة متمثلة في الليل ..
فالذي ليس له ليل ، وليس له قيام ليل ؛ من الممكن أن يصل إلى بعض الدرجات ..
ولكن هذا بمثابة الإنسان الراجل لا الراكب :
فالراجل قد يصل ، ولكن بعد جهد جهيد ، ومشقة عالية ؛ بخلاف الذي يركب الدابة ، فيصل إلى المبتغى في أسرع وقت وأيسر حال !..
أما أهل قيام الليل ، فإنهم يصلون إلى الله - عز وجل - وصول الراكبين ، لا وصول الراجلين ......

22 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-23-2010 05:47 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الإقبال منحه إلهية )
-------------------------------------

إن البعض منا عندما يتشرف بزيارة المشاهد المشرفة ، وعلى رأس المشاهد الحرمين الشريفين ؛ فإنه يعيش حالة من حالات رقة القلب وإقباله َ ..
بحيث عندما يرجع إلى وطنه ، وهو بين أهله وأولاده ؛ يعيش حالة الغربة ، وذلك لأن قلبه متعلق في المكان الذي كان فيه .. هذه حالة إيجابية جميلة ، ولكن :
أولاً :
إن المؤمن لا ينخدع بهذه الحالات ، فهذه حالات موسمية ..
لأن ما هو فيه من الإقبال القلبي عند الكعبة ؛ هو من شرافة الكعبة ..
فهو لم يتغير ، ومازال كما كان قبل مجيئه إلى هذه المشاهد المشرفة ، من قسوة القلب ..
وعليه ، فإن هذه من شؤون الضيافة ، ضيافة رب العالمين في هذه الأماكن المباركة ..
حيث أن لكل قادم كرامة ، والإنسان عندما يزور ملكا من ملوك الدنيا ، فإن غاية إكرامه أن يعطيه طعاما شهيا ،
أو مالا وفيرا ..
أما رب العالمين ، فإنه لا يعطي الزائر لا الطعام ولا المال ، بل يعطيه إقبالا ، ويعطيه رقة ، ويعطيه دمعة ..
حتى أن أقل الناس إيمانا ، لا يستبدل هذه الحالة الروحية بشيء ..
مثلا :
لو قيل له أثناء طوافه ، وهو مقبل :
اخرج خارج المسجد ، وتناول طعاما شهيا !..
فإن هذا الإنسان يضحك على هذا العرض ..
إذن حالة الإقبال هذه منحة إلهية ، ولطف إلهي .
ثانياً :
الفخر كل الفخر أن نستصحب هذه الحالة ونحن في أوطاننا ، بعض العلماء يقول :
فرق بين الحال ، وبين المقام ..
ما نحن فيه في المشاهد المشرفة ؛ حالات إيجابية ..
ولكن عندما تزول هذه الحالة ، نعرف أننا لم نصل إلى رتبة ثابتة ، وإلى مقام منيع ..
المهم أن يكون الإنسان في هذه الحالة ، وهو خارج المشاهد .
ثالثاً :
إن الزيارة المتميزة هي : الأولى ، والأخيرة ..
الأولى يغلب عليها الشوق والفرح الشديد ، والأخيرة فيها ألم الفراق والبعد .. هذا شوق مقدس ، وهذا حزن مقدس ..
لذا ، فإنه من المناسب في ساعة الفراق ، أن نخاطب رب العالمين إن كنا في الكعبة المشرفة ، أو أن نخاطب النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) إن كنا في حرمه الشريف ، أنه :
يا مولاي !.. أنا استمتعت بجواركم هذه الليالي والأيام ، فلا تسلب مني صالح ما أعطيتني أبدا !..
أي أذقتني حلاوة الأنس ، وحلاوة الذكر ..
فليس من موجبات الإكرام الكامل ، أن تقرن حلاوة الأنس ، بمرارة الهجران والبعد .. والكريم لا يتبع إحسانه بهذ ا الأمر !..
وعليه ، فإننا في ساعة الوداع نطلب من رب العالمين أن لا يسلب منا هذه الحالة ..
إذ أن هناك فرقا بين إنسان يرجع إلى وطنه ، ورب العالمين لا يلتفت إليه بعد ذلك .. وبين إنسان يُتبنى ويُتكفل ، وهو في وطنه ..
فالنبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) الذي زاره ، ينظر إليه بعين اللطف والكرامة .

23 / 9 / 2010

عبدالسلام حمزة 09-23-2010 11:36 AM



جزاك الله خيرا ً كثيرا ً استاذ حميد وبارك فيك , نسأل الله الإخلاص في العمل والإقبال عليه كما يحب ربنا ويرضى .

يقول الله تعالى : ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ،

وإن تقرب إلي شبرا ًتقربت إليه ذراعا ً، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) صحيح البخاري .

ناريمان الشريف 09-23-2010 03:41 PM

إن البعض منا عندما يتشرف بزيارة المشاهد المشرفة ، وعلى رأس المشاهد الحرمين الشريفين ؛ فإنه يعيش حالة من حالات رقة القلب وإقباله َ ..
بحيث عندما يرجع إلى وطنه ، وهو بين أهله وأولاده ؛ يعيش حالة الغربة ، وذلك لأن قلبه متعلق في المكان الذي كان فيه .. هذه حالة إيجابية جميلة ،


هذا صحيح مئة بالمئة
فوالله ما أتمناه أن أعود مرة أخرى أعيش في السعودية لكثرة اشتياقي للكعبة المشرفة وأحن إليها حنين الأم لطفلها

ومن المعروف أن ألفة ما تنشأ بين الإنسان والمكان الذي يعيش فيه بعضاً من عمره

بارك الله فيك أخي حميد
أتابع هذا الزاد بشوق




تحية ... ناريمان

حميد درويش عطية 09-24-2010 06:15 AM

شكرا ً
أختي ناريمان
و
أخي عبد السلام
و
لكل الأحبة
الذين َ يمرونَ من هنا
يُلقون َ بتحيتهم
و يتركونَ
على الطريق ِ
آثارا ً تفوحُ عطرا ًزكيا ً
من
جمال ِ روحهم
و إليكم كلكم
هاكم تزودوا :


بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( استثمار البلاء )
-------------------------------------

إن من الأمور البديهية ، أن المؤمن يمر بساعات ابتلاء ومصيبة ..
فمنذ أن يولد الإنسان إلى أن يموت ، يمر بانتكاسات كثيرة ، حتى ملوك الأرض يعيشون هذه الانتكاسات ، من منا تستقيم له جميع أمور الحياة ؟..
كما يقول الشاعر :
وما كل ما يتمنى المرء يدركه *** تجري الرياح بما لا يشتهي السفن
إن للبلاء أنواعا مختلفة ، كما ورد في القرآن الكريم :
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } ..
والذين يصابون بشيء من هذه المصائب يقولون : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }..
البعض منا يلهج بهذه العبارة عندما يسمع بموت ولده ، أو خسارة أمواله ..
ولكن هذه العبارة لا توجب له أنسا ، ولا ارتياحا ، ولا تخفيفا ؛ فالأثر ليس في هذه الكلمة ..
{ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ } ؛ ليس بمعنى إمرار اللفظ على اللسان ، وإنما بمعنى استيعاب هذه الحقيقة : { إِنَّا لِلَّهِ } ؛ فالمؤمن عندما يلتفت إلى أن كل ما يملكه هو لله عز وجل ، يعلم أن هذا الولد الذي فقده لم يكن ملكا له ؛ بل هو ملك لله عز وجل ..
عندما أعطاه هذا الولد ، كتب في مقدراته :
أن هذه الأمانة عنده لعشرين سنة ، فمن البداية كانت الأمانة مؤقتة .. وبالتالي ، فإن الذي تسلب منه هذه النعم ؛ مالا ًكان أو شخصا ًيقول :
{ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } .

إن هذا الولد سلب منه ، ولكن ما ضاع إن كان صالحا بارا تقيا .. هو بالموت افترق عنه ، ولكن هناك لقاء في عالم البرزخ ، وهناك لقاء في عرصات القيامة ..
وهب أنه لم يلتق بابنه في عالم البرزخ ، ولا في عرصات القيامة .. أو لا تعلم أن الله - عز وجل - يجمع شمل الأسرة المؤمنة في درجات الجنة ؟..
هذا اللطف ليس للجميع ، إنما يجمع شمل بعض الأسر المتميزة في الحياة الدنيا ، إلى درجة أن المؤمن ينظر إلى هذا المجمع والملتقى الأسري ، فيفتقد خادمته ..
قال رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( ما من أهل بيت يدخل واحد منهم الجنة ، إلا دخلوا أجمعين الجنة ، قيل : وكيف ذلك ؟.. قال : يشفع فيهم فيُشفّع حتى يبقى الخادم ، فيقول : يارب !.. خويدمتي قد كانت تقيني الحرّ والقرّ ، فيُشفّع فيها ) .

فإذن ، إن الانفصال انفصال مؤقت ، ولكن انظروا إلى الجائزة الكبرى :
{ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } ..
الذي فُقد له ولد ، هذا الفقد فقد أبدي ، ولكن الرحمة الإلهية غامرة له إلى ساعة الموت ..
فرق بين أن يفقد الإنسان ألف دينار مثلا ، ثم يكسب ألف دينار ، فهو رجع إلى ما كان عليه ..
وبين إنسان مات أعز ولده ، هذا الإنسان ملفوف بغلاف من الرحمة الإلهية الغامرة ، ولكن بشرط :
الرضا بقضاء الله وقدره أولا ، والتسليم له ثانيا، ومحبة ما كتب الله - عز وجل - له ثالثا ..


24 / 9 / 2010

ناريمان الشريف 09-24-2010 10:33 AM

آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق

آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق

آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق



..........

حميد درويش عطية 09-25-2010 05:26 AM

[QUOTE=ناريمان الشريف;25045][CENTER][FONT="Arial"][SIZE="5"][COLOR="navy"]
آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق
آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق
آه ! .. آه ! .. من قلة الزاد ، وبُعد السفر ، ووحشة الطريق

----------------------------------------------------------------
صدقت ِ أختي ناريمان
و صدقَ القائل

فالسفرُ طويلٌ
و الطريقُ تحيطهُ الوحشة
و الزادُ قليل

ولكن اللهَ سبحانهُ
لطيفٌ بعباده


25 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-25-2010 05:51 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( مراقبة النفس )
-------------------------------------

إن هناك اصطلاحين مأخوذين من القرآن الكريم ..
والتفكير في هذه الأمور، قد يكون ثقيلا، فيقول الإنسان :
أين نحن وهذه المراتب ؟!..
ولكن هل الذي يعيش في الوادي ، يحرم عليه أن يتمنى القمم ؟..
وهذه القمة هي أمنية الإنسان !..
ومن يتهيب صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر

إن هنالك نوعين من المراقبة :
أولا :
مراقبة النفس ..
وهذا مأخوذ من قوله - تعالى - في سورة الحشر :
{ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } ؛ أي الإنسان ينظر لنفسه ما هو موقعه في هذه الحياة ، وإلى أين وصل ؟..
فأول بياض يظهر على وجه الإنسان ، هو من موجبات الحزن والألم ؛ لأن هذا نذير الموت وقد بدأ العد التنازلي ..
حيث أن متوسط أعمار الأمة حوالي الستين ؛ أي الشاب في الثلاثين تكون قد بدأت انتكاسته .
ثانيا :
مراقبة الله عز وجل ..
وهو اصطلاح أرقى من مراقبة النفس فالذي في مرحلة المحاسب لنفسه هو في الوادي ، وغير المحاسب في القاع ؛ أما القمة فهي مراقبة الله عز وجل ..
أي أن الإنسان ينسى نفسه ، وينظر إلى العين الإلهية المراقبة له دائما ، وهذا مأخوذ من قوله تعالى :
{ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }
واعلم أنك لن تخلو من عين الله ، فانظر كيف تكون !..
أي يراقب الإنسان وجود الله - عز وجل - لا نفسه .

ما هي النتيجة ؟..
إن هذه الآية لطالما قرأناها ولم نتأمل معناها { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } ..
ما معنى جاهدوا فينا ؟..
وما الفرق بين جاهدوا فينا ، وجاهدوا في سبيلنا ؟..
هناك فرق شاسع بين العبارتين :
إن كان لله ؛ فهو في سبيل الله ..
وإن لم يكن لوجه الله ؛ فلا سبيل في البين ..
أما الأرقى من هذا { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا } لا في سبيلنا :
أي الذي جهاده في الله عز وجل ؛ يريد أن يصل إلى الله ، لا في خدمة دينه .
مثلا :
ينسى العبد ربه ، ويكتب مقالا لصالح الدين ، أو يتكلم لصالح الدين ؛ هذا جيد ومأجور عليه ..
ولكن الأرقى من ذلك أن تكون عين العبد على رب العالمين ..
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} الآن { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } ؛ بدأ من الله عز وجل ، وانتهى إلى السبيل ..
معنى ذلك والذين جاهدوا في سبيلنا ، ليس بالضرورة نهديهم سبلنا .. نعم يعطى الجنة ، ولكن في الدنيا قد يتخبط لأنه لا بصيرة له ..
وهو مأجور لأنه يعمل في سبيل الله عز وجل ؛ ولكن ليس هناك من وعد إلهي ، أن يهديه السبيل ، نعم : يسدد ، ويدعم ، ويعطى مزايا ..
ولكن الهداية والبصيرة ، هي كما يقول القرآن الكريم : للذين جاهدوا فينا.

الخلاصة :
1- أن هناك مراقبة للنفس ؛ فالإنسان الذي عينه على قلبه ، هذا من مصاديق الذاتية والأنانية المحمودة .. ولكن المؤمن الأرقى تكون عينه في السماء ، لا في النفس .
2- أن هناك فرقا بين جاهدوا فينا ، وجاهدوا في سبيلنا .
3- أن الوعد بالهداية ، مترتب على الذين جاهدوا فينا ، لا في سبيلنا .

25 / 9 / 2010

ناريمان الشريف 09-25-2010 03:46 PM

لا زلت أتابعك
باركك الله تعالى




...... ناريمان

حميد درويش عطية 09-26-2010 05:40 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الخلاف والجدال )
-------------------------------------

إن من الظواهر التي توجب قسوة القلوب ، وإيقاع العداوة بين المؤمنين ، وفي العوائل والأسر؛ ظاهرة المجادلة ..
حيث أنه يستحيل أن يعيش إنسان مع إنسان مدة من الزمن ، ولا يختلف معه في مسألة ما ..
ولكن كيف نحتوي هذا الخلاف ، ونقلل الصدمات ؟..

إن أول أثر من الآثار السلبية للشجار والخلاف ، أن صورة الذي نختلف معه لا تفارق أذهاننا ..
فبني آدم لا ينسى صورتين :
المحبوبات ، والمبغوضات ..
وهذه الصورة تأتي في الصلاة ، فيصلي الإنسان وهو :
إما في غزل مع من يحب ، أو في معركة مع من لا يهوى ..
ومن منا يخلو من أحد هذين الأمرين :
إما حب وإما بغض وكلاهما يصدان الإنسان عن السبيل ..
ومن هنا علينا أن نتعلم أدب الخلاف :
القانون الأول :
عدم الاعتقاد بحق مطلق ..
فالإنسان ليس متصلا بالسماء ، ولا يأتيه الوحي ؛ لذا عليه أن يحتمل الخطأ ، فيقول :
أنا على حق ، والطرف المقابل قد يكون على حق ..
حتى في النقاش العلمي { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ } ؛ هذا منطق المؤمن :
يحتمل الحق مع الطرف المقابل ، وإن كان الاحتمال ضعيفا .. لأن الاحتمال الأقوى أن الحق معه ، وإلا لما اختلف مع أحد .
القانون الثاني :
الحمل على الصحة ..
البعض يقول :
خصمي يعاندني !.. من أين علم أنه يعانده ؟.. هو يرى أن الحق معه !..
لماذا لا يحمل فعل أخيه على محمل واحد ، والحال أن الرواية تقول :
( إحمل فعل أخيك على سبعين محملا ) .. أي حاول أن تبرر لأخيك ما يقوم به ، حتى أنهم قالوا :
لو شممت رائحة الخمر من فم أخيك ، قل : لعله تمضمض به ولم يشربه ..
إلى هذه الدرجة ، يريد الإسلام منا أن نعيش حالة الحصانة في أنفسنا .
إن النبي الأعظم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) اختلى مع امرأة ، وإذا به يقول للمؤمنين :
هذه عمتي ..
نعم ، المؤمن عليه أن يحتاط في هذا المجال .. مثلا :
إذا رأى مؤمنا مع امرأة ، فعليه أن يضع احتمال :
أن هناك عقدا شرعيا بينهما ..
إن من لم يحمل فعل أخيه على الأحسن ، قد يقع في يوم من الأيام في ورطة وفي هتك مؤمن ، فإذا تورط في هذه العملية ، كأنه هدم الكعبة ..
إذا رأى الإنسان الجو جو جدل ونزاع ، فلينسحب من المعركة ، ما له وللجدال ؟.. ولماذا يحرق نفسه ليعتقد فلان بفكرة ما ؟.. روي عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( من ترك المراء وهو مبطل ؛ بنى الله له بيتا في ربض الجنة .. ومن ترك المراء وهو محق ؛ بنى الله له بيتا في أعلى ألجنة ) ..
الذي ينسحب من الجدال بعد أن يتبين أنه على باطل ، هذا عمل حسن ؛ ولكن الأعظم والأعلى درجة أن يكون الحق معه وينسحب ، ويقول للطرف المقابل : أنت افترض أن الحق معك !..
حتى في النقاش العقائدي إذا سئل الإنسان يبين ، وإلا فلا ..


26 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 10-07-2010 06:16 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( بلاء المؤمنين )
-------------------------------------

إن هناك شكوى من المؤمنين ، الذين هم في طور التكامل ..
حيث أن هناك أناسا تهمهم الحياة الدنيا ، كما يقول الإمام علي ( عليه ِ السلام ) :
( كالبهيمة المربوطة همها علفها ، أو المرسلة شغلها تقممها ) ..
بعض الناس يأكلون كما تأكل الأنعام ، والنار مثوى لهم ..
نعم أغلب الناس يعيش هذه الحالة البهيمية : همه بطنه ، وفرجه ..
ولكن هناك قسما من الناس ، يعبر عنهم القرآن الكريم :
{ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا } .

إن الإنسان له هم ، وله سبيل في هذه الحياة ..
هناك نقطة يحب أن يصل إليها ، حياته غير مبعثرة ..
ليس في السفر على هيئة ، وفي الحضر على هيئة ..
ليس في الجلوات على هيئة ، وفي الخلوات على هيئة ..
إنسان يمشي مشية مضطردة ثابتة ، وبخطى متوازنة ..
هذه مواصفات الإنسان السائر إلى الله - عز وجل - ، ولكن هذا الإنسان له بلاء ، وهذا البلاء يتمثل في مسألة الإدبار بعد الإقبال .. ليلة يصلي صلاة الليل وهو في قمة الخشوع ، وليلة يصلي وهو كاره للقيام ..
تارة يصلي صلاة الفريضة وهو في قمة الإقبال ، وفي فريضة لاحقة يعاني الإدبار ..
فالإنسان هو الإنسان ، والمسجد هو المسجد ؛ ولكنه يعيش إدبارا قلبيا قاسيا ، رغم أنه لم يعمل شيئا ..
ما هو التعليق على هذه الحالة ؟..
أولاً :
إن هناك فرقا بين الحالات الشعورية ، وبين الموقف الاستراتيجي للإنسان في هذه الحياة .. الإنسان عليه أن يمشي مع ربه مشية متزنة ؛ أي لا يقرب المعاصي ، ويؤدي واجباته ..
وهذه النفحات هي هبات من الله - عز وجل - قد يعطى الهبة وقد لا يعطى الهبة ..
مثل الموظف الذي يعمل بكامل نشاطه ، ويأخذ راتبه الشهري ، وفي بعض الأشهر يعطى العلاوات التشجيعية .. ولكن إذا لم يأخذ العلاوة ، هل يستقيل من العمل ؟..
قال رسول الله ( صلى اللهُ عليه ِ و آله ِ وسلم ) :
( إن لله في أيام دهركم نفحات ، ألا فتَعرَّضوا لها .. فلعلّ أحدكم تصيبه نفحة ، فلا يشقى بعدها )؛ إذن هذه النفحات تأتي وتذهب..
(أن لنا مع الله حالات ، لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل )
حالات :
أي ليس كل ساعة ، وليس في كل يوم .
فإذن ، إن الإنسان عليه أن يعمل بوظيفته ، ولا تهمه النتائج ..
فالإنسان يصلي صلاة لا أفكار فيها ، وبعد ذلك أعطي الإقبال أو لم يعط ؛ فهذا شأن الرب وليس من شأن العبد ..
العبد عليه بالعبودية ، ورب العالمين يعمل بمقتضى الربوبية .
ثانياً :
إن العبد في بعض الأوقات ، لا يقدر هذه النعمة
( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )

بإمكان الإنسان بعد أن يصلي مستحبه وواجبه في المسجد، وبعد تفقد الأخوان ؛
إذا كان يعيش جو إقبال روحي ؛ الذهاب إلى مكان آخر : كالحديقة ، أو شاطئ البحر ..
ويحاول أن يعيش هذه الحالة ؛ حتى يعطى الإقبال مرة أخرى ..
إن استمر الإدبار فترة طويلة، يجب أن لا يستسلم ، بل عليه أن يقدم الشكوى إلى الله عز وجل ..
وخير ما يعبر عن هذه الحالة، كلام الإمام السجاد علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في مناجاة الشاكين :
( إِلَيْكَ أَشْكُو قَلْباً قاسِياً مَعَ الْوَسْواسِ مُتَقَلِّباً ، وَبِالرَّيْنِ وَالطَّبْعِ مُتَلَبِّساً ، وَعَيْناً عَنِ الْبُكاءِ مِنْ خَوْفِكَ جامِدَةً ... )
إن دعا بهذا الدعاء مرة واحدة بتوجه ، يرجى أن ترجع إليه حالة الإقبال مرة أخرى.


7 / 10 / 2010

عمر مسلط 10-07-2010 10:02 AM

... ... السفر طويل ... والزاد قليل ...

فزوّدنا .. بخير زاد .. يوم يكون ألى ربنا المعاد ...

... أخي / حميد

نثر حرفك يضيء عتمة القلوب ...

أتمنى لك الخير ...

حميد درويش عطية 10-08-2010 05:55 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر مسلط (المشاركة 32324)
... ... السفر طويل ... والزاد قليل ...

فزوّدنا .. بخير زاد .. يوم يكون ألى ربنا المعاد ...

... أخي / حميد

نثر حرفك يضيء عتمة القلوب ...

أتمنى لك الخير ...

أخي العزيز عمر مسلط
صباح الخير و السعادة
ملؤه ُ الإيمان و الطاعة
عزيزي
هل منا من لا يحتاج إلى الزاد ؟؟؟
و قد صدقتَ :
فالسفرُ طويل ............ و الزادُ قليل
و لكنَ اللهَ تعالى لطيفٌ بعباده
و نرجو رحمتهُ التي تسعُ كلَ شيء
لكَ تحياتي

8 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-08-2010 06:14 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( العالم الغيبي )
-------------------------------------

إن الحديث هذه الأيام كثر عن تأثير العالم اللامرئي ، فبمجرد أن يعيش الإنسان الارتباك في حياته ، تجده يبحث عن العوامل الغيبية :
الحسد ، والعين ، والجن القرين ، والسحر وغيرها من هذه الأمور ..
ولكن ما هو موقف المؤمن الذي هو أعقل العقلاء من هذه المسألة ؟!..

القانون الأول :
عدم القطع ..
القرآن الكريم يقول في آية صريحة : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } ، { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ } ..
فإذن ما لم يقم دليل على الشيء ، المؤمن لا يعتقد بذلك الشيء :
أرى مطرا فأقول : هذا مطر ينزل ، أما لا أرى شيئا وأحكم عليه ؛ فهذا أمر باطل ..
ومع الأسف بعض الاصطلاحات الأخلاقية ، تفهم بشكل مغلوط :
يقال : فلان له عين برزخية ؛ أي يرى الأشخاص على واقعهم ، يراهم حيوانات مثلا ، ويدعي أنه على خير { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا } ..
والحال أنهم من أخسر الناس !.. من أين له العلم أن هذه العين برزخية ، ربما هي عين شيطانية وهو لا يدري ؟!.. روي عن الإمام علي (عليهِ السلام ) :
(... أما إنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع ، فسئل عن معنى قوله هذا ، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ، ثم قال : الباطل أن تقول : سمعت ، والحق أن تقول : رأيت ).

القانون الثاني :
تحصين النفس ..
إن الإنسان الذي يريد الذهاب إلى الحج ، يأخذ مضادا حيويا ، فيحصن نفسه احتياطا قبل أن يأتيه المرض .. وكذلك المؤمن يحصن نفسه بالمعوذات الشرعية ؛ لا بالأباطيل ، والرسومات التي لم يرد فيها دليل من الشرع ..
هناك مجموعة من المعوذات الشرعية ، منها:
أولاً : التعويذة الصباحية :
( أصبحت اللهم معتصماً بذمامك المنيع ، الذي لا يُطاول ولا يحاول ، من كلّ طارقٍ وغاشمٍ ، من سائر ما خلقت ومن خلقتَ ، من خلقك الصامت والناطق في جُنّةٍ من كلّ مخوفٍ بلباسٍ سابغةٍ ، محتجزاً من كلّ قاصدٍ إلى أذيةٍ بجدارٍ حصينٍ ، حجزت الأعادي عني ببديع السماوات والأرض ، إنا جعلنا من بين أيديهم سدّاً ومن خلفهم سدّاً ، فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) ..
الذي يقرأها بتوجه ، حاشا لرب العالمين أن يسلمه للأعداء !.. وإن أسلمه للأعداء لمصلحة ؛ فذلك لرفع درجاته .
ثانياً :
آية الكرسي: { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } ..
الذي حفظ السماء والأرض ، لا يحفظ هذا العبد المستضعف المسكين الفقير ؟!..
{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ؛ عاجز أن يرفع من شأن الإنسان ، أو من أمره؟.. يا له من سوء فهم !..
بعد هذا كله ، يسلم الإنسان نفسه للحفيظ العليم !..
نحن عندما نركب الطائرة نقول : يا حفيظ، يا عليم .. أي أنت الحفيظ، وأنت العليم ؛ تحفظني من كل الآفات .

8 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-09-2010 05:56 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الوسوسة المباركة )
-------------------------------------


تنتاب الناس حالة من الوسواس في الطهارة والنجاسة وغيرها من الأمور ، وهذه ظاهرة غير صحية ، بل هي حالة مرضية ..
فالذين يبتلون بهذا المرض ، أول ما يسلب منهم الخشوع ؛ حيث أن الإنسان يصلي وعينه على انتقاض وضوئه مثلا ..
ولكن هناك وسوسة من نوع راق ، كم من الجميل أن يبتلى كل الناس بهذه الوسوسة الطاهرة المباركة !..
ولأنها وسوسة طاهرة ومباركة ، فإن عامة الناس لا يفكرون في هذا الأمر ؛ فضلا عن الوسوسة فيها .. هذا الوسواس الطيب، هو أن يعيش الإنسان هاجس الخوف من عدم رضا الله -عز وجل- عنه.. في كل يوم،
و في كل لحظة ، يحتمل أن الله غير راض عنه .
أولاً :
هذه وسوسة عقلائية منطقية ، هل هناك إنسان لديه شهادة اعتماد :
أن الله قد رضي عنه ؟..
من منا يعيش هذه الحالة ؟..
ما الذي جعل الأنبياء والأوصياء والأولياء طوال التاريخ ، يضجون إلى الله طلبا لرضاه ؟..
القرآن الكريم يصف يوم القيامة بهذا الوصف
{ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ } ..
أحدنا غاية ما يراه هذا الجلد ، حتى أن أحدنا لم ير قلبه إلى الآن ؛ فهو لم ير جوفه المادي ، فهل رأى جوفه المعنوي ؟..
بل ما رأى شكله ؛ منذ أن خلق الإنسان إلى أن يموت لا يرى نفسه ، وما يراه هي عبارة عن صور ومرايا .. الناس تراه ، أما هو لا يرى نفسه ؛
فكيف بباطنه؟.. مادام الباطن مخفيا، فإذن لابد من هذه الوسوسة المباركة.
ثانياً :
إن هناك بعض المعايير والموازين هي بمثابة مختبر ، يجب أن يدخل الإنسان نفسه في هذا المختبر ؛ إن خرج الختم : أن النتيجة إيجابية ؛ فهو على خير ..
( إذا أردت أن تعرف مالك عند الله ، فانظر ما لله عندك ) ؛
أي ما وزن الله عندك ؟..
يعلم وزن الله عند الإنسان في مواطن ، منها:
1- عند الحلال والحرام..
مثلا : في بعض الأوقات يتزوج الإنسان امرأة ، ويعلم بعد سنوات من الإنجاب ، أنها محرمة عليه .. - كأن يتزوجها في عدة الغير مثلا - فينسحب بكل طواعية .
2- عند المكروهات والمستحبات .. رب العالمين جعل مساحة للترقي ، فللخروج من النار عليك بالحلال والحرام .. أما إذا كنت تريد أن تترقى ؛ فعليك بالمستحبات .
3- عند تمني الموت .. من شك أنه على خير ، فليختبر نفسه ، كما ورد في سورة الجمعة :
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ..
لأن الذي لا يتمنى الموت ، عنده خلل في البين ..
من منا مستعد أن ينقل من دار عمارة إلى دار خراب !..


9 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-11-2010 04:49 PM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( جهاد النفس )
-------------------------------------

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
( إن رسول اللّه -صلى اللّه عليه وآله- بعث سرية ، فلما رجعوا قال : مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر ، وبقي عليهم الجهاد الأكبر ..
قيل : يا رسول اللّه ، وما الجهاد الأكبر؟ ..
قال: جهاد النفس ..
ثم قال : أفضل الجهاد ، من جاهد نفسه التي بين جنبيه ) ..
ما هو السر في أن الجهاد الأصغر ، أطلق على الحرب ، وجهاد النفس هو الجهاد الأكبر ؟..
أولاً :
في الجهاد الأصغر العدو واضح المعالم ، بإمكان الإنسان أن يشخصه ويهاجمه ..
أما الجهاد الأكبر : فهو مع موجودين ِغير مرئيين ِ :
النفس ، والشيطان ؛ { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } ..
وكذلك النفس التي هي أقرب الأشياء إلينا ؛ من عرف نفسه فقد عرف ربه ، فإننا لا نراها ..
ليس هناك إنسان رأى وجهه حقيقة ؛ فكيف بنفسه ؟!..
ثانياً :
الجهاد الأصغر جهاد مقطعي ..
حروب الجاهلية كانت حروبا طويلة ؛ كحرب البسوس وغيرها ..
أما حروب الإسلام ، وحتى حروبنا هذه الأيام ، هي حروب مقطعية تستمر لعدة أيام وتنتهي ..
بينما جهاد النفس ، الجهاد الأكبر يبدأ مع البلوغ ، وينتهي بموت الإنسان ..
إذ لابد للإنسان في كل يوم من مجاهدة نفسه ..
فإذن ، إن مجاهدة النفس فيها أمد طويل ، ومحاربة الأعداء فيها أمد قصير .
ثالثاً :
الحرب مع العدو إذا كانت شرعية ، فالنتيجة هي إحدى الحسنيين :
إما الظفر ، وإما الشهادة في سبيل الله ..
بينما الحرب مع النفس : إذا خسر الإنسان في هذه المعركة ؛ معنى ذلك خسران الأبد ..
فالذي يهزم أمام العدو هو شهيد ، أما الذي يهزم في معركة النفس ، ليس فقط ليس بشهيد ؛ بل إنسان خاسر ، وإنسان مسكين وفقير .
فإذن ، إن الفروق مخيفة جداً بين الجهاد الأكبر ، والجهاد الأصغر !..
ما معنى جهاد النفس ؟..
أي أن يقف الإنسان أمام النفس في مرحلتين :
المرحلة الأولى لازمة ..
الجهاد الواجب : أن يقف الإنسان أمام نفسه في الحرام ، فإذا قيل له : هذا لا يجوز ، يقف فوراً ودون تردد !..
من يشتكي النساء السافرات هذا على شفا حفرة ، والحال أن المؤمن يجب أن لا تأتيه الشهوة أصلا ، ولا يرى أن هناك أي إغراء في البين ..
فإذن ، إن المؤمن أمام الحرام لا يحتاج إلى جهاد .
المرحلة الثانية مفضلة ..
الجهاد المفضل : بعض الأوقات الإنسان تنازعه نفسه إلى أشياء محللة ، ولكن ذلك قد يقلل من شأنه ، مثلا :
إنسان جالس على مائدة ، وأمامه طعام قليل؛ وهناك طعام شهي على بعد مسافة ؛ فهل المؤمن يمد يده إلى ذلك الطعام ؟..
والحال أنه يستحب للمؤمن أن يأكل مما يليه ..
هذا أيضا جهاد نفس !..

11 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-12-2010 05:48 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد

( صفات التوبة النصوح )
-------------------------------------
إن هناك توبة نصوحا ، وهناك توبة ما دون التوبة النصوح ..
أما التوبة النصوح ؛ فهي أرقى من التوبة المتعارفة ..
وللتوبة النصوح معالم ، منها :
- الزهد في الحرام ..
من آثار التوبة النصوح ، أن يزهد الإنسان في الحرام ، الذي كان يرتكبه ..
تارة الإنسان يرتكب الحرام ، ويتركه حقيقة ؛ ولكن نفسه تنازعه للحرام بين وقت وآخر ..
مثلا : إنسان مدمن على مشاهدة الصور المحرمة ، إذ أن بعض المحرمات في فترة من الفترات ، تتحول إلى مادة مخدرة ..
لهذا تراه في شهر رمضان ، يفطر على الحرام .
وعليه ، فإن التوبة النصوح ليس أن يترك الإنسان الحرام ، وكل يوم يعزم على كسر التوبة ، ولكن يجاهد نفسه .. هذا الإنسان في يوم من الأيام ، سيرتكب الحرام في ساعة ضعف .. لأنه وهو في بلاد المسلمين ، قد يأتيه الحافز للتوبة ، وعدم كسرها .. أما في أول سفرة للبلاد الأجنبية ، وهو في الفندق ، في منتصف الليل ؛ حيث لا رقيب ولا حسيب ، ما الذي يعصمه في ذلك المكان ؟..
فالشيطان عندما يرى العدو في مكان آمن ، ينتظر كي يستفرد به في يوم من الأيام ، حيث لا معين له ولا ناصر .
فإذن ، من معالم هذه التوبة أن يزهد الإنسان في الحرام ، الذي كان يرتكبه ، وعلامة الزهد واضحة :
البعض عندما يرتكب حراما في بلد معينة ، يكره تلك البلدة ، لا يذهب إليها حتى لا يذكره بالحرام ..
والسوق الذي وقع فيه الحرام ، لا يدخله اشمئزازا منه ..
- الباطن كالظاهر ..
أغلب الناس ظواهرهم خير من بواطنهم .. نعم، أحدنا : سمعته ، وظاهره ، وكلام الناس عنه ؛ أكثر من الواقع ..
( التوبة النصوح : أن يكون باطن الرجل كظاهره وأفضل ‏) ..
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
( لو تكاشفتم لما تدافنتم ) ؛
أي لو علم بعضكم سريرة بعض ؛ لاستثقل تشييع جنازته ودفنه ..
أمير المؤمنين ( عليه ِ السلام) يذكر موصفات قياسية للتوبة الصحيحة :
سمع الإمام علي (عليه السلام) رجلاً يقول : أستغفر الله !.. فقال :
( أتدري ما الاستغفار ؟.. الاستغفار درجة العليين ، وهو اسم واقع على معان ستة ، وهي :
1- الندم على ما مضى من المعصية أبداً .
2- العزم على ترك المعصية أبداً .
3- أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم ، حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة .
4- أن تعمد إلى كل فريضة ضيعتها فتؤدي حقها .
5- أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ لحم جديد .
6- أن تذيق الجلد ألم الطاعة، كما أذقته حلاوة المعصية .. فعند ذلك تقول : أستغفر الله ) .
نحن على الأقل نأخذ الشقين الأولين :
الندم على ما مضى ، والعزم على عدم العود في المستقبل ..
إذا كان الأمر كذلك ، يصدق على الإنسان أنه تاب عن ذنبه ، ثم يؤدي حق المخلوقين .

12 / 10 / 2010

ناريمان الشريف 10-12-2010 08:15 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 34080)
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد

( صفات التوبة النصوح )
-------------------------------------
إن هناك توبة نصوحا ، وهناك توبة ما دون التوبة النصوح ..
أما التوبة النصوح ؛ فهي أرقى من التوبة المتعارفة ..
وللتوبة النصوح معالم ، منها :
- الزهد في الحرام ..
من آثار التوبة النصوح ، أن يزهد الإنسان في الحرام ، الذي كان يرتكبه ..
تارة الإنسان يرتكب الحرام ، ويتركه حقيقة ؛ ولكن نفسه تنازعه للحرام بين وقت وآخر ..
مثلا : إنسان مدمن على مشاهدة الصور المحرمة ، إذ أن بعض المحرمات في فترة من الفترات ، تتحول إلى مادة مخدرة ..
لهذا تراه في شهر رمضان ، يفطر على الحرام .
وعليه ، فإن التوبة النصوح ليس أن يترك الإنسان الحرام ، وكل يوم يعزم على كسر التوبة ، ولكن يجاهد نفسه .. هذا الإنسان في يوم من الأيام ، سيرتكب الحرام في ساعة ضعف .. لأنه وهو في بلاد المسلمين ، قد يأتيه الحافز للتوبة ، وعدم كسرها .. أما في أول سفرة للبلاد الأجنبية ، وهو في الفندق ، في منتصف الليل ؛ حيث لا رقيب ولا حسيب ، ما الذي يعصمه في ذلك المكان ؟..
فالشيطان عندما يرى العدو في مكان آمن ، ينتظر كي يستفرد به في يوم من الأيام ، حيث لا معين له ولا ناصر .
فإذن ، من معالم هذه التوبة أن يزهد الإنسان في الحرام ، الذي كان يرتكبه ، وعلامة الزهد واضحة :
البعض عندما يرتكب حراما في بلد معينة ، يكره تلك البلدة ، لا يذهب إليها حتى لا يذكره بالحرام ..
والسوق الذي وقع فيه الحرام ، لا يدخله اشمئزازا منه ..
- الباطن كالظاهر ..
أغلب الناس ظواهرهم خير من بواطنهم .. نعم، أحدنا : سمعته ، وظاهره ، وكلام الناس عنه ؛ أكثر من الواقع ..
( التوبة النصوح : أن يكون باطن الرجل كظاهره وأفضل ‏) ..
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
( لو تكاشفتم لما تدافنتم ) ؛
أي لو علم بعضكم سريرة بعض ؛ لاستثقل تشييع جنازته ودفنه ..
أمير المؤمنين ( عليه ِ السلام) يذكر موصفات قياسية للتوبة الصحيحة :
سمع الإمام علي (عليه السلام) رجلاً يقول : أستغفر الله !.. فقال :
( أتدري ما الاستغفار ؟.. الاستغفار درجة العليين ، وهو اسم واقع على معان ستة ، وهي :
1- الندم على ما مضى من المعصية أبداً .
2- العزم على ترك المعصية أبداً .
3- أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم ، حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة .
4- أن تعمد إلى كل فريضة ضيعتها فتؤدي حقها .
5- أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم وينشأ لحم جديد .
6- أن تذيق الجلد ألم الطاعة، كما أذقته حلاوة المعصية .. فعند ذلك تقول : أستغفر الله ) .
نحن على الأقل نأخذ الشقين الأولين :
الندم على ما مضى ، والعزم على عدم العود في المستقبل ..
إذا كان الأمر كذلك ، يصدق على الإنسان أنه تاب عن ذنبه ، ثم يؤدي حق المخلوقين .

12 / 10 / 2010

اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً
يارب يا رحمن يا رحيم

بارك الله فيك أخي حميد
زاد طيب



..... ناريمان

حميد درويش عطية 10-12-2010 08:56 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 34130)
اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً
يارب يا رحمن يا رحيم
بارك الله فيك أخي حميد
زاد طيب

..... ناريمان

آمين .... يا ربَ العالمين
اللهمَ أعِنا على التزود ِ بزاد ِ التقوى
و
صل ِ على محمد ٍ و على آل ِ محمد
جزاك ِ اللهُ خيرا ً
يا خيرَ أخت
و جعلك ِ من المتزودين َ بزاد ِ التقوى

حميد

12 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-13-2010 05:47 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( لزوم محاسبة النفس )
-------------------------------------
كيف نحاسب أنفسنا ؟..

أوصى النبي ( صلى الله عليه وآله و سلم ) أبا ذر فقال :
( يا أبا ذر !.. حاسب نفسك قبل أن تحاسب ، فإنه أهون لحسابك غداً ، وزن نفسك قبل أن تُوزن ، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا تخفى على الله خافية ) ..
وقال ( صلى الله عليه وآله و سلم ) :
( يا أبا ذر !.. لا يكون الرجل من المتقين ، حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه ، فيعلم من أين مطعمه ، ومن أين مشربه ، ومن أين ملبسه ، أمِن حلال أو من حرام .. يا أبا ذر !.. من لم يُبال من أين اكتسب المال ؛ لم يبال الله من أين أدخله النار ) ..
الحساب في الدنيا قابل للتدارك !..
فالإنسان من الممكن أن يوفر على نفسه عقبات طويلة جدا في المحشر باتصال هاتفي ، مثلا :
إنسان ظلم مؤمنا في الحياة الدنيا ، من السهل أن يعتذر ممن أساء إليه ..
هناك أناس لهم نفس سمحة في الدنيا ، بإمكان الإنسان أن يرضيهم بكلمة واحدة .
أحدهم يقول :
بعد سنواتٍ طويلة من الاستئجار ، جمعت مبلغا من المال لأشتري به بيتاً ، وضعت هذا المال
في مكانٍ ما في المنزل ، يقول :
جاءنا ضيف محترم ، وإذا بهذا الضيف يعرف أن هناك مالا ، فأخذ المال كله وذهب ..
يقول : اتفقنا على ألا نكشف سره لأحد ، والسبب أن هذا إنسان من عائلة وجيهة ، فلو ذهب ماء وجهه لذهب ماء وجه العائلة ..
ومرت الأيام ، يقول :
وإذا بهذا السارق أمام عيني ، وكأنه كان يريد أن يذهب إلى الحج ، قال :
يا فلان !.. أتبرئني الذمة وأشار إلى الحادثة ، قلت له :
اذهب ، لا أريد أن أراك ، لماذا ؟.. يقول : لا أريد أن أراك وفي وجهك ذل الاعتذار، سامحتك ، وأنا لا أتحمل أن أراك بهذا الشكل ، وأنت خجل مني ..
عبد من عباد الله ، لا يتحمل خجل سارق سرق كل ما عنده ، فكيف برأفته جل جلاله وعم نواله ؟!..
فإذن ، لو بقي الأمر إلى عرصات القيامة ، كم كان سيأخذ من حسنات هذا السارق ؟!.. ولكن بموقف بسيط أبراه الذمة وانتهى الأمر !..
ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( يا أبا ذر !.. لا يكون الرجل من المتقين ، حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه ، فيعلم من أين مطعمه ، ومن أين مشربه ، ومن أين ملبسه ، أمِن حلال أو من حرام .. يا أبا ذر !.. من لم يُبال من أين اكتسب المال ؛ لم يبال الله من أين أدخله النار ) ..
هذه الأيام المطاعم التي تبيع السحت ولحم الخنزير ، والسوائل التي تحتوي على بعض المواد الكحولية كثيرة جدا وفي سوق المسلمين ، فالمؤمن دقيق جدا في كل تصرفاته ، ويعلم ماذا يأكل وماذا يشرب !..
آلية عملية للمحاسبة :
هناك محاسبة ، ومشارطة ، ومعاقبة :
المحاسبة تكون آخر الليل ، أو بعد كل فريضة يحاسب الإنسان نفسه : من الظهر إلى المغرب ، ومن المغرب إلى الصباح ..
ثم المشارطة أول الصباح ، يخرج من المنزل ثم يشترط على نفسه :
أن لا يغتاب ، وأن لا يهذر ، وأن لا ينظر.. وإذا خالف الأوامر؛ يعاقب نفسه بتكاليف الشريعة ..
مثلا :
هو ليس من أهل الليل ، إذا أكل أكل مشتبها يقول : لابد أن أقوم الليل هذه الليلة ، أو يؤدب نفسه بحضور صلاة الجماعة شهرا صباحا ، فيهجر لذيذ الفراش ..
يا لها من معاقبة جميلة !.. هذه معاقبة حسنة ، وفي طريق التكامل ، وليست معاقبة توجب له انهيارا عصبيا كأن يترك الطعام مثلا .. أو يعاقب نفسه شهرا كاملا ، فيؤدي كل المستحبات والنوافل اليومية .. هذه عقوبة جيدة للنفس !.. أو يقضي ما في ذمته من الصوم الواجب ، أو يصوم صوما مستحبا ..
فإذن ، هناك مشارطة أول الصباح ، ومحاسبة آخر الليل ، ومعاقبة إن رأى في نفسه خللا .

13 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-14-2010 05:45 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( لولا هؤلاء لأنزلت عذابي )
-------------------------------------
إن رب العالمين كان دأبه في الأمم البائدة ، تعجيل العقوبات في الدنيا قبل الآخرة ، ومن تلك العقوبات أنه قلَبَ مدنَ قوم ِلوط عاليها سافلها ، وأرسل الجراد والقمل على بني إسرائيل ، وكان هناك ما يسمى بالمسخ قردة وخنازير ، وغير ذلك من أنواع العذاب ، الذي كان ينزل على الأمم السابقة ..
ولكن رب العالمين ببركة نبي الرحمة ....
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }
رفع العذاب المعجل عن هذه الأمة ....
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } .
وكذلك من أسباب رفع العذاب :

المتحابون في الله ..
هذا العنوان عنوان نادر جدا ً !..
فالذي يحب أحدا في الله، لابد أن يلغي منه كل امتيازاته الدنيوية ، ولا يُبقي إلا إيمانه ..
إذا وصل إلى هذه المرحلة من الحب ؛ هذا يسمى الحب في الله ..
وإلا فإن الدواعي الخفية ، هي من موجبات عدم انطباق هذا العنوان ..
وهنيئا لمن كان له في الدنيا أخ واحد يحبه في الله عز وجل !..

يعمرون المساجد ..
عبارة عمارة المساجد لها معنيان :
العمارة البنائية :
أي إنسان يبني مسجدا ، أو يساهم في بناء مسجد ..
وهناك عمارة في الحضور :
أي أن يأتي الإنسان إلى المسجد ، فيكون وجوده في المسجد عنصر جذب للآخرين ..
مثلا :
بعض أساتذة الكليات في الجامعة ، عندما يأتي ليصلي في المسجد ؛ فإن طلابه في الجامعة يتأسون به !..
هذا الإنسان بمجيئه للمسجد يعد من عمار بيوت الله عز وجل ..
في بعض البلاد التي فيها صبغة عشائرية ، عندما يأتي شيخ العشيرة للمسجد ، يكون سببا في حضور أبناء العشيرة إلى المسجد ، وهكذا !.. ولعله - والله العالم - الإنسان الذي يكون عنصر جذب لعشرات الأشخاص ، يكون أقرب لمعنى عمارة المسجد ، من الإنسان الذي يساهم في بناء المسجد ..
فالذين يلتزمون الحضور إلى المساجد ، وقد يكون منهم أساتذة في الجامعات ، يأتون إلى المسجد قبل الصلاة
بفترة ، ويخرجون بعد الصلاة بفترة ؛ لأنهم يعيشون لذة الأنس في بيوت الله عز وجل ..
قال رسول الله ( صلى الله عليه ِ و آله ِ و سلم ) :
( سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله )
وذكر منهم : ( رجل قلبه معلق بالمساجد ) ..
هؤلاء إذا لم يُصلّوا في اليوم والليلة فرضا واحدا في المسجد ؛ فإنهم يعيشون حالة الاختناق !..

ويستغفرون في الأسحار ..
في بعض الأوقات ، يضطر المؤمن للذهاب إلى الأسواق التي يغلب عليها ما يغلب من الأصوات ، فيتعمد ذكر الله - عز وجل - في ذلك المكان المليء بالغافلين ..
رب العالمين يطلع على هذا السوق ، فيرى الناس في لهو ولعب وحرام ، وهذا العبد يمشي وفي قلبه ذكر الله عز وجل ..
حتى أن البعض عندما يرى صور الفساد ، فإنه يبكي بين يدي الله - عز وجل - لما يراه من المنكر؛ هذا كم وزنه عند الله عز وجل !..
وفي الأعراس كذلك يغلب جو من الاسترسال ، ولكن المؤمن يتعمد أن يكون ذاكرا في هذه الأجواء ..
وأيضا ساعة السحر ، من الساعات التي يغفل عنها الكثيرون ..
حيث أن الكل يهدأ في آخر الليل ، ولا يستيقظ إلا الأولياء الصالحون ،
{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
مؤمن يقوم من نومته في جوف الليل ، ويتضرع إلى الله عز وجل ، ويستغفر لأربعين مؤمنا ، والأربعون كلهم نائمون ..
هذا المنظر كم هو جميل عند الله عز وجل !..
إلهي حليف الحب في الليل ساهر *** يناجي ويدعو والمغفل يهجع
هذه مناظر ملفتة في عالم الوجود ، هذه المناظر تسجل ، وتعرض في شاشات عملاقة يوم القيامة !..

14/ 10 / 2010

رقية صالح 10-14-2010 11:10 PM


قال الصديق رضي الله عنه: "احرص على الموت توهب لك الحياة".

وروي أنَّ سيده قال له يوماً وهو يرعى الغنم:

اذبح لي شاة وأتني منها بأطيب مضغتين، فذبحها ثم أتاه بالقلب واللسان.

ثم قال له يوماً آخر:

اذبح لي شاة وألق منها أخبث مضغتين، فألقى القلب واللسان.

ولما سئل قال:

إنه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، وليس شيء أخبث منهما إذا خبثا".

حميد درويش عطية 10-15-2010 06:06 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رقية صالح (المشاركة 35069)

قال الصديق رضي الله عنه: "احرص على الموت توهب لك الحياة".
وروي أنَّ سيده قال له يوماً وهو يرعى الغنم:
اذبح لي شاة وأتني منها بأطيب مضغتين، فذبحها ثم أتاه بالقلب واللسان.
ثم قال له يوماً آخر:
اذبح لي شاة وألق منها أخبث مضغتين، فألقى القلب واللسان.
ولما سئل قال:
إنه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا، وليس شيء أخبث منهما إذا خبثا".

أشكرك ِ أختي رقية
على المرور و المشاركة
باركَ اللهُ تعالى فيكِ
تقبلي تقديري

15 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-15-2010 06:20 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( زيادة التحفظ عند زيادة العمر )
-------------------------------------
إن من بلغ سن الأربعين أخذ بلغته من الدنيا :
قلَ من لم يتزوج إلى هذا السن ، ومن تزوج قلَ من لم يحصل على ذرية في هذا السن ..
أي أنه جرب متع الدنيا :
زوجة ، وذرية ، ووظيفة ..
البعض بعد سن الأربعين يتقاعد ، ويتفرغ لآخرته ، فمن لم يغتنم الفرصة بعد الأربعين ، هذا الإنسان ملوم !..
ليس معنى ذلك أن يفعل ما يشاء ، إنما حساب الشاب يختلف عن حساب الإنسان في سن الأربعين ..
ذلك السن الذي ينبغي حسابه حسابا شديدا ..
إن الإنسان الجاهل قد يعذر في بعض الأمور ، طبعا ليس الجاهل المقصر ، لأن الجاهل المقصر هو في دائرة العتاب واللوم ، عندما يسأل الله - تعالى - العبد يوم القيامة ويقول له :
لم فعلت هذا ؟.. يقول العبد : يا إلهي لم أكن أعلم ، يقول الله - تعالى - له : هلا تعلمت !..
في زماننا هذا الجاهل القاصر قليل جدا ، لأن كل شيء يلهج بآيات الله - عز وجل - من المساجد ، إلى التلفاز ، إلى الانترنت .. وبالتالي ، فإن الجهل للبعض عذر ، وطيش الشباب للبعض الآخر عذر ..
الشاب المراهق قد يعذر، ولكن إذا بلغ من العمر ما بلغ ؛ فإن محاسبته تكون أشد .
من هو المتقي ؟..
البعض يقول :
أن المتقي هو الذي لو سلطت عليه كاميرا خفية من الصباح إلى المساء ، وهو لا يدري ، وقيل له :
نريد أن نعرض ذلك الشريط على الفضائيات .. فإذا رفض يكون إنسانا غير متق ، ولكن إذا قال :
ليس هناك ما أخاف منه ؛ فهذا الإنسان هو الذي يخشى الله في الغيب ..
هذا الجدار ارتفع بينه ويبن الناس ، هل أثر في علاقته برب العالمين ؟..
مشكلتنا أننا نتعامل مع الله وقد جعلناه أهون الناظرين إلينا ، فلا نرعى حرمة الرب في الخلوات .
إن سن الأربعين هي سن المؤاخذة ، ولكن هناك بعض الأمور هي بحكم سن الأربعين ، أي من موجبات تغليظ المحاسبة والمراقبة على العبد، منها :
أن يكون المرء ابنا لوالدين صالحين ، أو أن يكون في بلاد المسلمين ، أو جارا للمسجد ، أو عنده مسجد ؛ هذه الأمور تدخل في الحساب ..
وكذلك التوفيقات العبادية ، مثلا :
إنسان ذهب للحج ، ومن الأسبوع الأول ارتكب مخالفة ..
أو في شهر رمضان حيث أجواء الرحمة ، فيعصي ربه ليلا ..
هذا الإنسان من الممكن أن لا يسامح !..

15 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-16-2010 06:17 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( أنواع الظلم )
-------------------------------------
الظلم ثلاثة :
ظلم يغفره الله ، وظلم لا يغفره الله ، وظلم لا يَدَعه ..
فأما الظلم الذي لا يغفره الله - عز وجل - فالشرك بالله ..
وأما الظلم الذي يغفره الله - عز وجلّ - فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ ..
وأما الظلم الذي لا يدعه الله - عزّ وجلّ - فالمداينة بين العباد ، ما يأخذ المظلوم من دين الظالم ، أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا المظلوم .

إن رب العالمين يصف الإنسان في القرآن الكريم بأنه ظلوم ، وكفار ، وجهول :
{ إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}
{ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا } ..
هذه طبيعة النفس الإنسانية ، أنها إذا لم تراقب : تظلم ، وتميل إلى الظلم ،
{ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا } ،
{ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ } .

أولاً :
الظلم الذي لا يُغفر :
وهو الشرك ، والكفر ، والنفاق ، ولذلك قال تعالى :
{ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ،
{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } .

ثانياً :
الظلم الذي يُغفر :
ظلم بين الإنسان ، وبين الله تعالى .. مثلا :
الاستماع للغناء ، أو النظر إلى الحرام ؛ هو بهذه الحركة لم يؤذ أحدا ، رغم أن العمل سيء وقبيح ولكن أمره سهل :
فبمجرد سجدة واحدة بين يدي الله - عز وجل - بانقطاع وإنابة يقول فيها :
{ لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } ؛ لا يبقى عليه وزر .. بشرط الندامة ، والعزم على عدم العود .. أي ليس كل يوم يستمع وينظر ، وآخر الليل يستغفر ؛ وإلا فإنه يعد من المستهزئين ..
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } .

ثالثاً :
الظلم الذي لا يدعه :
المداينة بين العباد ؛ أي هناك غير .. والغير قد تكون زوجة ، وقد يكون شريكا ، أو زميلا ، وقد يكون والدين ..
إن المداينة بين العباد قد يكون ظاهرها الديون ، ولكن لنعمم الحكم : مثلا :
إنسان آذى إنسانا ، أو أسقطه من أعين الناس ، من الممكن أن يدخل في هذا القسم ..
فلو أن هناك إنسانا أخطأ بحق خادمته ، وتسبب في قطع رزقها ، ورجوعها إلى بلادها ، ماذا يعمل ليكفر عما جنت يداه ؟..
النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليه ِ و آله ِ و سلم ) يطرح صيغة من صيغ الحل :
يقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ):
( من ظلم أحدا وفاته ، فليستغفر الله له ؛ فإنه كفارة له ) ،
وقد يكون - والله العالم - في القضايا المالية ، لابد من رد المظالم ، ومجهول المالك .
أما الذين في ذمتهم أموال للغير ، مثلا :
عندما كان صغيرا سرق بعض الحلوى من البقالة ، فإن هذا حله بأن يرد المظالم للعباد ، أو يدفع عن مجهول المالك ..
والفرق بين رد المظالم ، ومجهول المالك ، هو أن رد المظالم : أي شيء تم أخذه من شخص موجود ؛ فيرد إليه .. أما إذا كان غير موجود ؛ فيدفع للمجتهد بعنوان : " مجهول المالك " وهو يتصرف بذلك ..
قال النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( من اقتطع مال مؤمن غصبا بغير حقه ، لم يزل الله معرضا عنه ماقتاً لأعماله التي يعملها من البر والخير لا يثبتها في حسناته ، حتى يتوب ويرد المال الذي أخذه إلى صاحبه ) ..
المسألة ليست أن في ذمته حقا للناس ، إنما المسألة أن الله يعرض عنه ، ويمقته ..
إنسان يعيش في هذه الدنيا ، ورب العالمين يمقت ه، هذه مصيبة كبيرة !..
والإنسان الذي في ذمته مال للآخرين ، عندما يتصدق فإن قسما من هذه الصدقة هي للمظلوم ..
لا يقبل الله البر من هذا الإنسان ،
{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } ؛ هذه أيضا مشكلة :
أي حقوق العباد؛ هي من موانع قبول الأعمال .

16 / 10 / 2010

حميد درويش عطية 10-17-2010 06:09 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد

( الورع عن محارم الله عزوجل )
-------------------------------------
ما هو الورع ؟..
إن الورع والعدالة هذه صفات راسخة في النفس ..
مثلا :
إنسان في الوطن ملتزم ، وفي السفر لا يلتزم ؛ هذا الإنسان لا يسمى عادلا ، هذا يميل مع الهواء ، أتباع كل ناعق..
أجواء الوطن أجواء متدينة يتدين ، وعندما يسافر يترك التدين ..
في شهر رمضان يلتزم ، وبعد شهر رمضان يخرج من هذا الجو .
إن الورع عن محارم الله - عز وجل - له نظير في حياتنا ، ولكن ليس في محارم الله ؛ بل الورع في حفظ الصحة .. مثلا :
الناس تقاطع الدول التي فيها أوبئة ، ولا تذهب إليها ..
فنحن في الجانب الصحي من أورع الناس !..
أما عندما يصل الأمر إلى الجانب الديني ؛ فإن الورع يقل !..
فالمؤمن الورع :
يدقق جيدا قبل تناول الطعام ، حيث يذهب للذي هو أتقى وأورع !..
وكذلك يمتنع عن النظر إلى زميلته في العمل ، أو التحدث إليها ، وإن لم يكن ذلك بريبة ..
حيث أن مقتضى الورع ترك الحديث معها ، ومقتضى الورع عدم الأكل من أي مكان وإن كان في سوق المسلمين ..
وكذلك يعمل بالاحتياط في كل موارد الاحتياط الوجوبي .
فإذن ، إن الورع هو حالة من حالات الحساسية الشديدة تجاه الحرام ..
البعض في الوضوء والطهارة يوسوس ، أما في المحرمات لا يوسوس ..
( من حام حول الحمى ، أوشك أن يقع فيه )
الحمى الحدود ، والذي يمشي حول حقل الألغام ، يوشك أن يقع فيه ..
فالمؤمن دائما يأخذ مساحة احتياطية ؛ لئلا يقع في الحرام .
17
10
2010

حميد درويش عطية 10-18-2010 06:11 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الغضب )
-------------------------------------
( قال الحواريون لعيسى بن مريم ( عليهما السلام ) :
يا معلّم الخير ، أعلمنا أيّ الأشياء أشدّ ؟!..
فقال :
أشدّ الأشياء غضب الله عزّ وجلّ ، قالوا :
فبِمَ يُتقى غضب الله ، قال :
بأن لا تغضبوا ، قالوا :
وما بدء الغضب ؟..
قال :
الكبر والتجبر ومحقرة الناس
) ..
قال تعالى في كتابه الكريم :
{ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} ..
هذا الإحساس إذا دخل في قلب إنسان يشله عن الحركة ..
بعض الناس عندما يبالغ في المعصية ، إذا أراد أن يقوم بالطاعة ، يشعر بأن هناك من يثبط همته ..
هؤلاء من الممكن أن يقال :
أن الله غضب عليهم .
( قالوا : فبِمَ يُتقى غضب الله ، قال : بأن لا تغضبوا ، قالوا : وما بدء الغضب ؟.. قال : الكبر والتجبر ومحقرة الناس) ..
أحدنا في مجال العمل تراه منضبطا ، لأن هناك رؤساء أعلى منه درجة ، فلا يتطاول عليهم ..
أما غضبنا فإنه عادة يكون على من تحت أيدينا :
الولد والزوجة والأرحام لأن هذا منشؤه كما قال عيسى ( عليهِ السلام ) :
( محقرة الناس ) أي أننا لا نرى للإنسان وزنا أمامنا ..
والحال أن الحديث الشريف يقول :
( إِيَّاكَ وَظُلْمَ مَنْ لا يَجِدُ عَلَيْكَ نَاصِراً إِلا الله ) !..
ومن مصاديق ذلك خدم البيوت وكأنهم إيماء وعبيد ، وهنا تكمن الخطورة !..
بعض الخلافات الزوجية وبعض الانتكاسات العائلية وبعض الأمراض التي تصيب الأسر هي بسبب ظلمهم لهؤلاء .
كيف نعالج الغضب علاجا فوريا ؟..
إن العلاج الأساسي هو :
أن لا نحتقر أحدا من عباد الله ، فالمؤمن يرى كل الناس خيرا منه ؛ لأنه لا يعلم عاقبة أمره ..
فالإنسان الذي يحتقره هذا الفاسق الفاجر ؛ قد تختم له بالعاقبة الحميدة ..
المؤمن يقول : كل الناس خير مني !.. هذا الحل الأساسي ..
أما الحل الفوري :
أولاً :
عدم اتخاذ أي قرار في ساعة الغضب ..
إذا غضب المؤمن لا يتكلم شيئا ، بل يقول لتلك النفس الأمارة وللشيطان الذي معه :
سوف أؤدبه وأنتقم منه بعد ساعة ..
فلو صبر لمدة ساعة هذه النار سوف تنطفئ وسوف يهدأ .. وإن لم تنطفئ لن تبقى بنفس المستوى ..
لهذا أغلب الذين يغضبون ، بعد أيام يعتذرون لأنهم كانوا تحت حكومة إبليس ..
إذن ، عندما يهدأ الإنسان ويجلس مع نفسه ، عندئذ يقرر أن يغضب أو لا يغضب .
ثانياً :
تغيير الحالة التي يكون عليها أثناء الغضب ..
من أفضل مسكنات الغضب ، الوضوء وصب الماء على الوجه ، توضأ وصلى ودعا ، هذا دور العبد ..
أما دور الرب ، فهو أن يستجيب لعبده ..
تصور إنسانا حال الغضب توضأ وصلى ودعا ..
هل يبقى من غضبه شيء ؟..
منقول
18
10
2010

حميد درويش عطية 10-19-2010 06:43 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( تكرار التوبة والاستغفار )
......................................

إن الاستغفار على قسمين :
الاستغفار بعد كل ذنب ، وهو هنا واجب .. والاستغفار من غير ذنب ، وهو مستحب ..
ولكن هل الاستغفار لابد فيه من التلفظ مثل صيغة الإسلام ، وعقد الزواج ؟..
حيث أن الإنسان الذي يسلم بقلبه ولا يتلفظ الشهادتين ، هذا ليس بمسلم ..
والإنسان الذي يتزوج فتاة بقلبه ، ولا يتلفظ النية : " تزوجت وقبلت " أيضا لا ينعقد النكاح ..
فإذا أذنب الإنسان وندم في قلبه ، وعزم على عدم العود ، ولم يقل : (أستغفر الله ربي وأتوب إليه) هل هذا توبته مقبولة أم لا ؟..
صيغة الاستغفار مستحبة ، وإلا فإن المقدار الذي تتحقق به التوبة هي الندامة القلبية ..
وعليه فإن التلفظ بالصيغة مستحب ، وفي الذنب لابد من الاستغفار ، واحتياطا نتلفظ ؛ وإلا فإن الندامة القلبية تكفي .
إن الله - عز وجل - يصف نبيه المصطفى ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) في كتابه الكريم :
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }
هذا النبي العظيم لا يمكن صدور الذنب منه ، ليس تكويناًً بل اختياراً ومع ذلك كانَ يقولُ أستغفر الله وأتوب إليه ؟..
ما فائدة الاستغفار من غير ذنب ؟..
إن رب العالمين يحب أن يرفع من درجة العبد بطريقين :
الطريق الأول :
السبب الداخلي .. أي يكون هو السبب في رفع الدرجات ، وذلك بالاستغفار ..
فالذي يستغفر ربه من غير ذنب ، رب العالمين يرفع من درجاته ؛ لأنه لم يذنب ويستغفر ..
أما إذا أذنب واستغفر؛ فإنه يحط عنه السيئات ..
فالاستغفار من غير ذنب ، يكون رفع درجات ، لا كفارة سيئات .
الطريق الثاني :
السبب الخارجي .. إذا لم يستغفر الإنسان ، يصب عليه البلايا والمصائب ؛ ليرفع من درجاته ..
فأيهما أفضل : رفع الدرجة بالاستغفار ، أم رفعها بالمحن ؟..
المؤمن دائماً يسأل الله - عز وجل - العافية ، فيقول :
( يا ولي العافية !.. نسألك العافية )
والدليل على ذلك هذه الرواية :
( إن رسول الله -صلى الله عليه وآله- كان يتوب إلى الله ويستغفره ، في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب .. إن الله يخص أولياءه بالمصائب ؛ ليؤجرهم عليها من غير ذنب ) .
فإذن ، إن المصائب والاستغفار كلاهما طريقان للأجر، والقرب إلى الله عز وجل ..
وهناك محطتان للاستغفار :
محطة نهارية ، ومحطة ليلية ..
المحطة النهارية : بعد صلاة العصر ، حيث منتصف النشاط النهاري ، يستحب الاستغفار بعد صلاة العصر سبعين مرة ..
والمحطة الليلية : تكون في صلاة الليل ، وكذلك يستحب الاستغفار سبعين مرة
{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }
فالمؤمن الذي يستغفر بعد صلاة العصر مرة ، وبعد صلاة الليل مرة ؛ هذا يعد من المستغفرين كثيرا .
19
10
2010

حميد درويش عطية 10-20-2010 06:18 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( مفهوم الزهد )
مفهوم الزهد في القرآن الكريم ..
هذا المفهوم يخيف البعض حيث يظن أن الزهد في الدنيا هو بالابتعاد عن نِعَمِ الله - عز وجل - وطيباته وزينته التي أخرج لعباده ..
وهذا مفهوم خاطئ !..
( ليس الزهد أن لا تملك شيئا ، بل الزهد ألا يملكك شيء )
أي لا يكون الإنسان أسيرا للدنيا ..
مثلا :
البعض إذا افتقد مبلغا يغضب ويتألم ، فمادام غير مقصر ، فإن تألمه معناها أنه أسير للدنيا .
إن الإمام علي (عليه السلام) يقول :
( الزهد بين كلمتين من القرآن ، قال الله سبحانه : { لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } ..
ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه ) ..
بعض الناس يعمل بالشق الأول : { لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ}
إذا فاته شيء لا يحزن عليه هذا جيد !..
ولكن الامتحان في الشق الثاني وهو الامتحان الأصعب : {وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} ..
مثلا :
إنسان كسب مبلغا كبيرا عليه أن لا يفرح لأنه لا يعلم : هل هذا الذي ربحه هو لصالحه أم لا ؟..
ولعل هذا الربح هو استدراج له !..
{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } .
إن المؤمن لا يعيش هذه الحالة من التعلق { وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } ..
إذا كان هناك طريقان يمكن أن يسلكهما المؤمن في ذهابه إلى المسجد :
أحدهما يمر على بيوت المترفين والآخر يمر على الشارع العام يفضل له أن يسلك الطريق الثاني .
قال أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) :
( إن علامة الراغب في ثواب الآخرةزهده في عاجل زهرة الدنيا .. أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه ما قسم الله له فيها وإن زهد .. وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص ..
فالمغبون من حرم حظه في الآخرة
) ..
أي على الإنسان أن يزهد ولا يتعلق بهذه الدنيا ورب العالمين يعطيه ما يعطيه ..
بعض الشباب عندما يتعلق بفتاة يستميت للوصول إليها ولكن عليه أن يقول :
يا رب !.. إن كانت هذه الفتاة هي خير لي أنت سقها إلي ..
قال رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و على آلهِ وسلم ) :
( من كانت الآخرة همه جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة .. ومن كانت الدنيا همه: فرق الله عليه شمله وجعل فقره بين عينيه ولا ينال من الدنيا إلا ما كتبه الله له ) .
فإذن إن عليا ( عليهِ السلام ) يعلمنا هذا القانون ثم يقول :
( وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص ) ..
بعض الناس يتكالب على منصب أو على وظيفة أو على شركة أو على ربح أي يلهث وراء الدنيا ولكن الدنيا تهرب منه .
إن هذه الحكمة تطرب الإنسان ، عن الإمام الصادق ( عليهِ السلام ) :
( إنّ القلب إذا صفا ضاقت به الأرض حتّى يسمو) .. إذا رأى الإنسان أن الدنيا ضيقة لا يشبعه شيء منها فليعلم أنه في أول الطريق .. فكل شيء في طريقه للأفول : الزوجة الجميلة كلما مر عليها يوم نحت من جمالها شيئا .. المنزل الجميل بعد شهر من السكن فيه يصبح عادياً لأن لكل جديد بهجة ولذة !..
لذا ، على الإنسان قبل أن تسلب منه كل هذه اللذائذ رغم أنفه ، أن يعيد حساباته ويعدل فيها !..

20
10
2010

فاطمة جلال 10-20-2010 09:08 AM

أخي حميد...

جزاك الله خيرا

وبارك فيك
وفي عمرك.
.
.
فاطمة

عبدالسلام حمزة 10-20-2010 07:01 PM



قال أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) :

( إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة

الدنيا .. أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه

ما قسم الله له فيها وإن زهد .. وإن حرص الحريص على

عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص ..

فالمغبون من حرم حظه في الآخرة ) ..

يا سلام يا أستاذ حميد على هذه الأطايب من الكلام

والله إنها لأغلى من كنوز الدنيا

رزقني الله وإياك حب الصالحين من عباده والسير على

هدي النبي الكريم وحشرنا تحت لوائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم

جزاك الله خيرا ً

حميد درويش عطية 10-20-2010 07:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة جلال (المشاركة 36823)
أخي حميد...
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
وفي عمرك.
.
.
فاطمة

أسعدني كثيرا ً
أن تجدَ كتاباتي لديكم
الرضا و القبول
سؤالي من المولى القدير
سبحانه
أن نكسبَ رضاه
و يتقبل أعمالنا
و هو الكنزُ الأعظم
ما بعدهُ كنز
تحياتي
20
10
2010

حميد درويش عطية 10-20-2010 07:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حمزة (المشاركة 36955)

قال أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) :
( إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة
الدنيا .. أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه ما قسم الله له فيها وإن زهد .. وإن حرص الحريص على
عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص ..
فالمغبون من حرم حظه في الآخرة ) ..
يا سلام يا أستاذ حميد
على هذه الأطايب من الكلام
والله إنها لأغلى من كنوز الدنيا
رزقني الله وإياك حب الصالحين من عباده والسير على
هدي النبي الكريم وحشرنا تحت لوائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
جزاك الله خيرا ً

الحبيب العزيز
أستاذي عبد السلام
أنا أعجزُ عن أن أفي كلماتكَ حقها
غيرَ أن أقولَ معك :
[ رزقني الله وإياك حب الصالحين من عباده والسير على
هدي النبي الكريم وحشرنا تحت لوائه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
]
20
10
2010

حميد درويش عطية 10-21-2010 06:30 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( آية التطهير )
إن من الآيات النازلة في حق أهل البيت ( عليهم السلام ) آية التطهير :
{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }
هذه الآية واضحة في أنها تدل على أن اللهَ - عز وجل - خص أهل البيت ( عليهم السلام ) بهذه الخاصية .. والعبارات فيها تأكيد { لِيُذْهِبَ } اللام لام التأكيد ..
{ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا }
أيضاً تأكيد ..
فإذن ، هناك تأكيد واضح أن هذا التطهير ، وهذه العصمة ؛ هي من لوازم الدعوة والتبليغ ..
فالنبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أُذهب عنه الرجس ، ولولا هذه الصفة :
لما صار النبي نبياً .
أولاً :
هل يمكن للإنسان أن يصل إلى درجة من درجات التطهير ؟..
ثانياً :
لماذا طهر الله - عز وجل - أهل البيت ، وأذهب عنهم الرجس ؟..
النقطة الأولى :
نعم ، هنالك في القرآن الكريم آيات ، نفهم منها أن الله - عز وجل - إذا أحب عبدا تصرف في قلبه !..
فالإنسان يجاهد في ترك المعاصي ، وفعل الواجبات ..
ولكن الله - عز وجل - يتصرف في قلوب البعض { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } أي يصبح الحرام ثقيلا على نفس الإنسان ، والواجب مستمتعا به ..
وعندئذ لا تكلف في البين !..
فالذي يكره الحرام ، سوف لن يرجع إليه ..
أما الذي يحب الحرام ، ويجاهد نفسه في عدم ارتكابه ؛ فإنه سيسقط يوما في فخ الشيطان ..
إذن ، كما أن الله - عز وجل - أذهب الرجس عن أهل البيت بالدرجة العليا ، هو قادر على أن يتصرف في قلوبنا ، ويمكن أن نصل إلى درجة من درجات الطهارة .
النقطة الثانية :
إن رب العالمين يزين الإيمان في قلب العبد ، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان ..
متى يختص رب العالمين عبده بهذه الهبة ؟..
إن هناك طريقين للوصول إلى هذه المرتبة :
الطريق الأول :
المجاهدة المستمرة : أي أن الإنسان الذي يجاهد نفسه ، ويراقب نفسه ؛ يصل إلى هذه الدرجة ..
فالنبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أربعون سنة ، وهو في حال مراقبة لنفسه .
الطريق الثاني :
تقديم قربان لله : في العرف السياسي : إذا أطلقت دولة مساجين دولة أخرى عندها ، فهذه الحركة يسمونها سياسة إبداء حسن نية ..
فمثال على ذلك :
إن أبا الأنبياء إبراهيم ( عليه السلام ) { إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } كان قد حطم الأصنام في أول حياته ؛ لذا وصل إلى درجة الخلة ..
وموسى ( عليه السلام ) تزوج من ابنة النبي شعيب ( عليه السلام ) وصار خادما له { ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ } كل هذا من بركات عمل بسيط، { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ }؛ { فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } ؛ هذه الحركة البسيطة جعلته صهرا لشعيب ..
وعندما حملت زوجته أراد أن يقتبس لها نارا ، وإذا برب العالمين يقول :
{ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } ..
لاحظوا الترتيب :
زواج ، حمل ، ذهاب لاقتباس نار ، فإذ بموسى ( عليه السلام ) يرجع كليماً ..
هكذا رب العالمين يرتب الآثار مرحلة بعد مرحلة !..
وكذلك عندما نذرت امرأة عمران نذراً :
{ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } فكانت الجائزة من رب العالمين أن تقبل منها نذرها ، ووهب لها مريم التي { ...أَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا } ..
أما مريم ( عليها السلام ) فقد اصطفاها رب العالمين ، واجتباها ، ووهب لها عيسى ( عليه السلام ) لأنها أحصنت فرجها
{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَار} .
فإذن ، كل إنسان إذا أراد أن يتكامل ويتقدم إلى ربه بخطوات متسارعة ، لا بد أن يقدم جهادا في سبيل ربه ، ولو جهادا بسيطا !..
21
10
2010

حميد درويش عطية 10-22-2010 06:15 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( تكفير السيئة بالحسنة )
إن هناك دعوة لتكفير السيئة عن طريق الإتيان بالحسنة ..
إذ أن هناك فرقا بين إنسان يخطئ فيستغفر الله ، وبين إنسان يخطئ ولكنه يتبع السيئة بالحسنةؤ..
هنالك أربع حالات في الإنسان لا يخلو منها :
إما يقوم بطاعة بعد طاعة ، وإما بمعصية بعد معصية ، وإما بطاعة بعد معصية ، وإما بمعصية بعد طاعة ..
فكل ما نقوم به في هذه الحياة ، لا يخرج من هذه الصور الأربعة :
- الطاعة بعد الطاعة ..
هي علامة القبول ..
لأن رب العالمين يسر السبيل لهذا الإنسان في المرة الأولى ، وكذلك يسر له السبيل في المرة ثانية ..
مثلا :
إنسان وفق لصلاة الجماعة ، وبعدها وفق لدفع ما عليه من الحقوق المالية ، هذه علامة القبول ..
لأن المجيء إلى المسجد هو في حد نفسه توفيق من الله عز وجل ، فلو أراد الله - عز وجل - أن يحرم الإنسان صلاة الجماعة ، فإنه يلقي عليه النعاس ..
وهناك أمر آخر غير النعاس ، وهذه من عجائب آيات القرآن الكريم :
{ وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ }
أي يشعر بوهن في قلبه ، فلا يحب هذا العمل ، ولا يميل إلى هذا الخير .
- المعصية بعد المعصية ..
هي علامة الخذلان ..
إنسان عصى ربه معصية كبيرة ، فإذا به يرزق بمال كثير ؛ ليعصي أكثر فأكثر ، يقول تعالى في كتابه الكريم :
{ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } ..
حيث أن من سلبيات المال الكثير لغير الصالحين الإكثار من المعاصي ؛ لأن المال عندهم متيسر .
- الطاعة بعد المعصية ..
هي علامة التوبة ..
إنسان أذنب ذنبا في الليل - الليل ستار للسيئات والصالحات - فاستغفر الله ، وإذا به يقوم لصلاة الليل نشطا .. فالطاعة بعد المعصية دلالتها أن هذه السيئة مغفورة - إن شاء الله - ولولا قبول رب العالمين لتوبته ، لما وفقه لمثل تلك الطاعة .
- المعصية بعد الطاعة ..
هي علامة الرفض والرد ..
فلو كانت هذه الطاعة مقبولة عند الرب ، لما حدثت هذه المعصية ..
إنسان صلى في المسجد ، ثم خرج إلى الشارع فوقع في الحرام ، ألا يعني هذا أن هناك خللا في الطاعة ؟..
فلو كانت هذه الصلاة عند الله مقبولة ، لنهت الإنسان عن الفحشاء والمنكر .
هذه الرواية المنسوبة إلى الإمام الصادق ( عليهِ السلام ) رواية إستراتيجية تعطي معادلة الحياة :
( من أحب أن يعلم ما له عند الله ، فلينظر ما لله عنده ..
ومن خلا بعمل فلينظر فيه :
فإن كان حسنا جميلا ؛ فليمض عليه .. وإن كان سيئا قبيحا؛ فليجتنبه .. فإن الله أولى بالوفاء والزيادة ..
ومن عمل سيئة في السر ؛ فليعمل حسنة في السر .. ومن عمل سيئة في العلانية ؛ فليعمل حسنة في العلانية
) .
( من أحب أن يعلم ما له عند الله، فلينظر ما لله عنده ) ..
ألا يحب الإنسان أن يستعجل ويعلم هل سيكون كتابه في يمينه أو في يساره ، لماذا ينتظر إلى يوم القيامة ؟..
هو الآن يستطيع أن يعرف مستواه الإيماني ، من خلال النظر إلى وزن رب العالمين عنده .
( ومن خلا بعمل فلينظر فيه ) ..
أي من قام بعمل فليدقق فيه ؛ حيث أن هناك ملفا خاصا لكل حركة !..
( ومن عمل سيئة في السر؛ فليعمل حسنة في السر ) ..
الإنسان الذي يعصي ربه في الخلوات ؛ عليه أن يطيع الله - عز وجل - في الخلوات !..
( ومن عمل سيئة في العلانية؛ فليعمل حسنة في العلانية )..
عصى الله - عز وجل - في العلن ، فليقدم حسنة علانية ؛ ليشجع الغير على فعل الطاعات والحسنات .
22
10
2010


الساعة الآن 12:15 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team