منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   الشاعر محمد الحسن منجد/ حياته / شعره (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1789)

عبد السلام بركات زريق 11-01-2010 09:07 PM


المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (35)



ثوبُ الحرير





أكتبيني بأحرفٍ من ضياءٍ
فوق طِرسٍ من الحريرِ الأثيرِ

فصِّليني ثوباً جديداً فريداً
طرِّزيهِ بعاطرٍ من شعوري

لوِّنيه براعفاتِ جراحي
ثمَّ خيطيهِ باللمى والعطورِ

والبَسيهِ يومَ اللقاءِ وفاءً
وتعالَيْ إلى الوصالِ وطيري

كلُّ يومٍ يمرُّ يغتالُ فينا
أُمنياتٍ غنيَّةً بالسرورِ

وكلانا في البُعدِ والقُربِ يجري
لمصيرٍ ويا له من مصيرِ

نتشاكى والعمرُ يمضي سريعاً
والثواني تسعى بنا للقبورِ

فاعذُريني إذا نشرتُ شراعي
بين موجِ الأسى وحرِّ الهجيرِ

خانني الصبرُ بعد عشرينَ عاماً
أزفِرُ الشعرَ من شهيقِ ضميري

أتشهَّى لو لحظةً من رُقادٍ
علَّ حلْماً يأتي بطيفٍ غريرِ

فأضُمُّ الخيالَ بضعَ ثوانٍ
ثمَّ أصحو مضمَّخاً بالعبيرِ

أكتِبُ الشعرَ هازئاً بجراحي
وأُغنِّي يا ليلُ عُدْ بالبشيرِ

فتعاليْ بالثوبِ لا تتعاليْ
واخلعيهِ على ضِفافِ سريري




29/2/2002

عبد السلام بركات زريق 11-01-2010 09:16 PM


المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (36)



سيفُ القضية




صُفَّتِ الأزلامُ فلْتقتسموا ...
اِحملوا الموتَ بآلاتِ الدمارِ النرجسية
اِجمعوا الكيدَ ولا تخشَوا صراخَ الضعفاءْ
لا تخافوا عضَّةَ الجوعِ
ولا نقصَ الدواءْ
هيِّئوا كلَّ المِلفَّاتِ القديمة
والجديدة..
واحشدوا الغُربانَ من كلِّ الجهاتْ
أطعموا الفئرانَ والجرذانَ ألوانَ الفُتاتْ
واستعِدُّوا للزفافْ
تشرقُ الدنيا بغربِ الأرضِ تدعو للسلامْ
تحملُ الشمعَ تُضيءُ الليلَ...
تجتاحُ الظَّلامْ
والعباراتُ التي تكسو جسومَ المُهطِعينْ
تحتسي البِترولَ إمعاناً بحبِّ ...
المعتدينْ
وتغنِّي لغروبِ الحقِّ من أُفْقِ ...
الشُّروقْ
وتساوِمْ
تطحنُ الشوكَ بأضراسِ الغباءْ ...
عندها يشهَقُ تُجَّارُ القماقمْ
يزرعونَ النارَ في كلِّ المواسمْ
يحصدون العارَ في أرضِ النبوَّاتِ ...
الجَّريحة
يعقِرون الناقةَ البيضاءَ..
في الأقصى...
وبين الرافدينْ
يومَ لا تُجدي النصيحة
بعدَها يظهرُ دجالٌ جديدْ
يشربُ الآبارَ والزيتَ ويحيا ...
في سلامْ
حيثُ لا يوجدُ شعبٌ ينتضي ...
سيفَ القضيَّة
ويحاربْ
غيرَ ذاكَ الماردُ العملاقُ يشدو في العواصمْ
نحنُ أطفالُ الحجارة
نحن صُنَّاعُ الحضارة
سنقاومْ .. سنقاومْ .. سنقاومْ


21/2/2003

ناريمان الشريف 11-01-2010 09:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام بركات زريق (المشاركة 39330)

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (36)



سيفُ القضية




صُفَّتِ الأزلامُ فلْتقتسموا ...
اِحملوا الموتَ بآلاتِ الدمارِ النرجسية
اِجمعوا الكيدَ ولا تخشَوا صراخَ الضعفاءْ
لا تخافوا عضَّةَ الجوعِ
ولا نقصَ الدواءْ
هيِّئوا كلَّ المِلفَّاتِ القديمة
والجديدة..
واحشدوا الغُربانَ من كلِّ الجهاتْ
أطعموا الفئرانَ والجرذانَ ألوانَ الفُتاتْ
واستعِدُّوا للزفافْ
تشرقُ الدنيا بغربِ الأرضِ تدعو للسلامْ
تحملُ الشمعَ تُضيءُ الليلَ...
تجتاحُ الظَّلامْ
والعباراتُ التي تكسو جسومَ المُهطِعينْ
تحتسي البِترولَ إمعاناً بحبِّ ...
المعتدينْ
وتغنِّي لغروبِ الحقِّ من أُفْقِ ...
الشُّروقْ
وتساوِمْ
تطحنُ الشوكَ بأضراسِ الغباءْ ...
عندها يشهَقُ تُجَّارُ القماقمْ
يزرعونَ النارَ في كلِّ المواسمْ
يحصدون العارَ في أرضِ النبوَّاتِ ...
الجَّريحة
يعقِرون الناقةَ البيضاءَ..
في الأقصى...
وبين الرافدينْ
يومَ لا تُجدي النصيحة
بعدَها يظهرُ دجالٌ جديدْ
يشربُ الآبارَ والزيتَ ويحيا ...
في سلامْ
حيثُ لا يوجدُ شعبٌ ينتضي ...
سيفَ القضيَّة
ويحاربْ
غيرَ ذاكَ الماردُ العملاقُ يشدو في العواصمْ
نحنُ أطفالُ الحجارة
نحن صُنَّاعُ الحضارة
سنقاومْ .. سنقاومْ .. سنقاومْ


21/2/2003

لله ما أروعها !!!
سأنقل هذه القصيدة بعد إذنك إلى ( مسابقة القصائد المختارة )
فهي بجدارة تستحق لقب ( القصيدة الأجمل ) من بين القصائد
مرة أخرى أشكرك
وتحية للشاعر الرائع محمد الحسن



..... ناريمان

عبد السلام بركات زريق 11-01-2010 09:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 39332)
لله ما أروعها !!!
سأنقل هذه القصيدة بعد إذنك إلى ( مسابقة القصائد المختارة )
فهي بجدارة تستحق لقب ( القصيدة الأجمل ) من بين القصائد
مرة أخرى أشكرك
وتحية للشاعر الرائع محمد الحسن




..... ناريمان


السلام عليك
الأخت الفاضلة ناريمان
مساؤك نورٌ كروحك الطيبة
راحت عليك يا عبد السلام !!!!
ههههههه
(راح صوفي ملش) كما يقولون عندنا
صار منافسي خطيراً ...
أقول لأستاذي ممازحاً ... لو كنا من جيلٍ
واحدٍ لأخملتُ ذكرك ... يضحك عالياً ...
وعندما أكتب قصيدةً جيدة ... يهز رأسه
ويقول آه بني لو كنا من جيلٍ واحد ...
سأنقل له إعجابك وإعجاب بعض من قرأوا
شعره ... علَّ بسمةً ترتسم على محياه
الذي أكلته الأحزان ...وهو الذي يقول
من قصيدة كتبها منذ أربعين عاماً ...


سوف يصحو على النداء أناسٌ .......
............. بعد موتي يباركونَ رميمي



سأقول له ها أنتَ أيها الشاب يعرفك الناس
وستظل حياً في قلوبهم وشمعةً في قلبي
...........
أشكرك أخت ناريمان ....
أحببت أن أسامرك قليلاً
لك ما تشائين سيدتي
وإن تفوق علي أستاذي
فله مني جائزة ... وإن فعلت وأنَّى
لي ذاك ... فله مني جوائز
تقديري واحترامي

عبد السلام بركات زريق 11-01-2010 09:53 PM


المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (37)




تمنِّيات



في حاناتِ العصرِ الفاجرْ
أشربُ نخبَ المضطهَدينْ
ثمَّ أقومُ الليلَ رِياءً ...
حين تحاصِرُني السِّكينْ
أكتبُ شعراً .. أقرأُ نثرا
أعزِفُ لحنَ المفقودينْ

* * *

في صومعتي ..رغمَ البردِ القارسِ...
أفتحُ نافذةَ الأحلامِ ...
وأستجدي قطراتِ الماءْ
تلسعُني الريحُ فأُغلِقُ نافذتي الحمقاءَ ...
وأسترخي

* * *

الأرقُ يحاصرُ أجفاني
ثُعبانُ الوقتِ يطاردُ أشباحَ الظلمةِ ...
ويطولُ الليلُ ...
وتهربُ جاريتي الحسناءْ

* * *

هل يولدُ ليلٌ بعدَ العُسرِ...
يطاردُ خيلَ الدَّجَّالينْ ؟
نتمنَّى

* * *

هل يصمدُ شعبٌ محكومٌ ...
بالنارِ ونصْلِ السفاحينْ ؟
نتمنَّى

* * *

هل تمضي القدسُ إلى بغدادَ ...
تدافعُ عن أرضِ فلسطينْ ؟
نتمنَّى

* * *

هل تزهِرُ كلُّ البيَّاراتِ ...
وتورقُ أغصانُ الزَّيتونْ ؟
نتمنَّى

* * *

هل يزحفُ جيشُ صلاحِ الدينِ...
يعيدُ الكرَّةَ في حطِّينْ ؟
نتمنَّى ... نتمنَّى ... نتمنَّى




11/3/2003

عبد السلام بركات زريق 11-01-2010 10:35 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (38)



جدٌّ وجدَّة




على أملٍ يدغدغُنا مَضْينا
نغذِّي الحبَّ إخلاصاً ووِدَّا

وكنتُ مؤهَّلاً شكلاً ورُوحاً
وكانتْ بانةً حُسناً وقدَّا

وكنَّا نعقِدُ الآمالَ طَوراً
وطَوراً نقتُلُ الأيامَ عدَّا

إلى أنْ مرَّتِ الأيامُ تَتْرى
وفرَّقنا القضاءُ وكانَ ضِدَّا

تقاليدٌ وأعرافٌ ومَكرٌ
وغدرٌ من أقاربِنا تبدَّى

وعانينا الفِراقَ وكان ظُلماً
لقد طعنوا الهوى قصْداً وعمْدا

ولستُ بقادرٍ دفْعاً لهذا
ولا هي تستطيعُ لذاكَ صدَّا

قضيْنا العمرَ كلٌّ في طريقٍ
وكان وصالُنا الخصمَ الألدَّا

وعاتبْنا الزمانَ وما فتِئنا
نعاتبُه وكان الردُّ بُعدا

وصارتْ نُعْمَياتُ الحبِّ ذكرى
تُطوِّحُ بالمُنى هزْلاً وجِدا

فلمْ نظفَرْ بوصلٍ أو بقُربٍ
وكان حياؤنا للوصلِ سدَّا

إذا ما عنَّتِ الذكرى بَكيْنا
على عُمرٍ مضى أسَفاً وزُهدا

تباريحٌ وآلامٌ وسُهدٌ
وآهاتٌ تهُدُّ الجسمَ هدَّا

وكنَّا زهرتينِ بروضِ حُسنٍ
فصِرنا جَدَّةً هرِمتْ وجَدَّا

* * *
وبعد مرورِ أعوامٍ طِوالٍ
على أملِ اللقاءِ وكان وعدا

تلاقيْنا مصادفةً فهِمْنا
وعاد الشوقُ يعصفُ واستبدَّا

وكنتُ أظنُّ أنَّ الشوقَ يمضي
فأصبحَ شوقُنا في البعدِ وجدا

وسِرنا حيثُ لا ندري ورُحنا
نجدِّدُ رغمَ أنفِ الدهرِ عهدا

ونذكُرُ يومَ كنَّا في الأماسي
نبوحُ بحبِّنا أخذاً وردَّا

رَجوْنا اللهَ بعدَ الموتِ لُقيا
ليجزِينا لِقاءَ الصبرِ سعدا

عبد السلام بركات زريق 11-02-2010 01:56 PM



المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (39)



بغداد الأمس
تخاطب بغداد اليوم والغد

ألقيت في مهرجان الربيع
السادس في حماة


ما لي أرى الطيرَ أسراباً مهاجرةً
ضاقَ المقامُ بها في حضنيَ الحاني

تحومُ تبحثُ عن وكرٍ تلوذُ به
تخشى الهديلَ بأدواحي وأفناني

أراعَها الليلُ والأضواءُ فانتبذَتْ
شرقَ الفراتِ تناجيني بأكفانِ

أم شاقَها دمعُ من يبكي على وطنٍ
أمْ نَوْحُ ثكلى بإعوالٍ وإرنانِ

أم هبَّتِ الرِّيحُ بالنيرانِ لاهبةً
فصوَّحَ الوردُ في روضي وبستاني ؟!

فآثرتْ وحشةَ الصحراءِ واغتنمتْ
صمتَ الرمالِ تحاشى سربَ غربانِ ؟

* * *
يا دوحةً أنكرتْ ظلماً بلابلَها
لينعقَ البومُ في أنقاضِ جُدرانِ

تعلَّمي الشدوَ في الأقفاصِ والتهمي
أفراخَك الزُّغْبَ في سرٍّ وإعلانِ

هيا ادفعي ثمنَ الصاروخِ مِنْ دَمِ مَنْ
ماتوا بقصفِ صواريخِ " الأمِرْكانِ "

وبارِكي لقوى " المارنزِ " صولتَهم
على الترابِِ وفي جوٍّ وشُطآنِ

نامي على الضيمِ لا تستيقظي أبداً
إيَّاكِ أنْ تلجئي يوماً لعِصيانِ

وطأطئي الرأسَ إجلالاً لمن هدَموا
صرحَ الحضارةِ في ذُلٍ وإذعانِ

سيَّانَ إنْ تخلعي ثوبَ العفافِ ضُحىً
أو تخلعيهِ بليلِ القهرِ سيانِ

لقد تحرَّرتِ من صدامَ فالتمسي
من المغولِ مراسيماً لسلطانِ

وهلِّلي لحكوماتٍ مؤمرَكةٍ
جاءتْ على متْنِ حيتانٍ وغيلانِ

واستقبِلي بالرضا والحبِّ من نهبوا
ما خلَّدَ الدَّهرُ من إبداعِ فنانِ

وضمِّدي كلَّ جُرحٍ نازفٍ بيدٍ
تُديفُ سُمَّ الردى من نابِ ثُعبانِ

وأولِمي للأفاعي بعدما هجرتْ
أوكارَها السودَ وانسلَّتْ لأحضاني

وطالِعي صُحُفاً يوميَّةً كُتِبتْ
بريشةِ الحقدِ في زورٍ وبُهتانِ

* * *
لا تقرأي كتُبَ التاريخِ واستمِعي
لمنْ يُزوِّرُ تاريخي وعنواني

أنا التي طرَّزتْ ثوبَ الزمانِ بما
أملتْ على الكونِ من علمٍ وعِرفانِ

وقدَّمتْ من غِذاءِ العلمِ مأدُبةً
للشرقِ والغربِ أغرتْهم بألواني

سلي الأوابدَ عنِّي فهيَ شاهدةٌ
تحدِّثُ الكونَ عن فنِّي وعُمراني

سلي الرشيدَ سلي المأمونَ واستمعي
لما يقولونَ في إرساءِ بُنياني

لا تسأليني لماذا عقَّني زمني
وراحَ يجحدُ إرضاعي وتَحناني

لا تسأليني فما أنفكُّ أحضنُه
رغمَ العُقوقِ وما ينفكُّ يَشْناني

وحدِّثي عن حَمورابي وشرعتِهِ
عنِ السلامِ وإسلامي وقرآني

سلي الحضاراتِ من بثَّ الحياةَ بها
وهل جرى نبضُها إلَّا بشِرياني

حتى تهاوتْ بكفِّ الجهلِ واصطبغتْ
مياهُ دِجلةَ تروي قصَّةَ الجاني

* * *
واليومَ يا دوحةً عادَ المَغولُ لها
ماذا تقولين بالحقدِ " البريطاني "

والخانعون تبارَوْا في دوائرِهم
واستقبلوا الغزوَ إمعاناً بخذلانِ

تمرَّسوا بفنونِ الكيدِ واختَلقوا
شتَّى الذَّرائعِ في تقويضِ أركاني

وهمُّهم واحدٌ بل همُّ سادتِهم
تمكينَ " صُهيونَ " من أهلي وجيراني

ليُبرِزوا للسلامِ المرِّ خارطةً
من رسمِ " دايانَ " صيغَتْ من حُزيرانِ

داسوا الأنوفَ ولم يُبقوا بها شَمَماً
وبارَكوا كلَّ خوارٍ وخوانِ

ونحن عُرْبٌ وإسلامٌ بأدعيةٍ
نشدو بها إنَّما من غيرِ إيمانِ

ونسألُ اللهَ نصراً في مساجدِنا
ونحن نهرُبُ من ساحٍ ومَيدانِ

* * *
يا دوحةَ العِطرِ أسواري مُهدَّمةٌ
والغدرُ يحْطِمُ بالتقليمِ أغصاني

ماذا تقولينَ ؟ هل ناديتِ معتصِماً ؟
أمْ حوصِرتْ خَيْلُهُ في سُوحِ أفغانِ

أو مالتِ الريحُ لم تحمِلْ بذاكَ إلى
أبناءِ طَيءٍ وشيبانٍ وغسَّانِ ؟

أمْ أنَّ صاعقةً صكَّتْ مسامعَهم
حتى تنادَوْا إلى إغلاقِ آذانِ ؟

حالٌ من اليأسِ والإحباطِ تحكمُنا
والحاكمون توارَوْا خلفَ جُثماني

يردِّدونَ أحاديثاً ملفَّقةً
عَبْرَ الفضاءِ بتخطيطٍ وإتقانِ

ويعرِضون على الشاشاتِ أسئلةً
من وضْعِ " شارونَ " بل من وضعِ شيطانِ

ونحن نعتَلِفُ الأخبارَ في نَهَمٍ
حتى نَغَصَّ ونمضي دونَ أرسانِ

أُمنيَّتي أن أرى قومي يحرِّكُهُم
نبْضُ المُحرِّرِ لا أعصابُ سجَّانِ

* * *
يا دوحةَ الأمسِ هذي حالُ أُمَّتِنا
ماذا أقولُ وقد باءتْ بخُسرانِ

ولستُ مُستثنِياً إلَّا الذين قَضَوْا
من الأشاوسِ في تشرينِها الثاني

والصامدين بقُدسِ اللهِ ما هربوا
والثابتينَ على أرزي بلبنانِ

والطفلُ يحملُ صَوَّاناً ومِحفظةً
ليقطفَ النصرَ من عِلمٍ وصوَّانِ

إنِّي لأنظُرُ من خلفِ الدموعِ إلى
جيلٍ بكلِّ شُموخِ المجدِ يلقاني

وبعضُ ما بي من الآلامِ أدفِنُها
في مِهرجانٍ من الآمالِ يغشاني

أُضيءُ فيه على العاصي شُموعَ هدىً
لعلَّ بعضَ جراحِ العُربِ تنساني

لرُبَّ بارقةٍ من زَنْدِ قادحةٍ
تنهلُّ تُروي بعصرِ الزَّيفِ وجداني

أو رُبَّ صادحةٍ من خلفِ مأتمِنا
تشدو بصدْقِ مواويلي وألحاني

لأزرعَ الحلْمَ في عينٍ تنِزُّ دماً
فيزهرُ الحُلْمُ محفوفاً بأجفانِ

وأعقِدَ الغارَ إكليلاً لمن صبَروا
ورابطوا بين أحزاني وأشجاني

هذي طلائعُهم في كلِّ مُنعَطَفٍ
توري القريحةَ في أعماقِ بركاني

لأنظُمَ الشعرَ عَقداً من لآلئه
دموعَ بغدادَ تجري فوقَ عِقيان

لعلَّ ماجدةً تُرخي جدائلَها
أَبثُّها في ضِفافِ الكَرْخِ أحزاني

لأنَّني مؤمنٌ إنْ طالَ بي أجلي
أنِّي سأنشُرُ في الزوراءِ ديواني

عهدٌ عليَّ أمامَ اللهِ أقطعُه
ويشهدُ اللهُ لمْ أحنَثْ بأيَمْاني

سينجلي الليلُ مهما جَنَّ مندحِراً
ويشرقُ الفجرُ في " الأقصى وبغدانِ "

ويورِقُ الغارُ مزهوَّاً تغازِلُه
مساكبُ القدسِ من وردٍ ورَيْحانِ

وسوف أنتعِلُ التيجانَ ما بقيتْ
شرارةٌ تُنذِرُ الباغي بنيراني

فصابِري رابطي يا أمَّتي ودعي
كلَّ السواعدِ تبني مجدَ أوطاني



5/4/2003

عبد السلام بركات زريق 11-02-2010 03:38 PM



المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (40)




لوحةٌ من كبرياء




من أيـنَ أقتنصُ الرجاءَ وكيفَ أحــلُمُ بالضياءْ

وأنا بآمالي العتاقِ أجـوبُ صحـراءَ الإبـــاءْ

ويضيعُ عـمْري بين أحـلامي وأوهــامي هَباءْ

وحـدي بصَومعتي القميئةِ أَقتفــي أَثرَ الـهواءْ

أقتاتُ خـبزَ الاِنتظارِ وأحتسي غُصَـضَ الفنـاءْ

صــورٌ من الألـمِ المُمِضِّ ولوحةٌ من كبريـاءْ

لا الليلُ يمنحني الأمـانَ ولا الصباحُ ولا المساءْ

يسري بآذانـي الفحيحُ ويختفي نغــمُ الإبـاءْ

وتُطلُّ أشباحُ الجحــودِ تجرُّ أشلاءَ الوفــاءْ

لا شيءَ يظهرُ في القريبِ ولا البعيدِ سوى الشقاءْ

عَبَثاً أحـاولُ أن أطيرَ إلى مَجــرَّاتِ الفضاءْ

لكــنَّ أجنحتي تُحطِّمها ريــاحُ الأغبيــاءْ

* * *

من ألفِ عـامٍ بل تزيدُ تنكَّروا لأبــي العلاءْ

في عُرفِهم جدثُ الألوفِ يظلُّ مـرفوعَ اللواءْ

وولاؤهم أبــداً لمـن يُعطــي وإلَّا لا ولاءْ

نبْضُ الرنينِ قلوبُهــم وعقولُهم أبداً خـواءْ

لم يعرِفوا سُبُلَ الوضوحِ وأتقنوا طُرُقَ الخَـفاءْ

حُمُرٌ إذا استنفَرتَهم نَفــروا على متْنِ الـرِّياءْ

هُمْ والتيوسُ الجائعـاتُ على معالِفِهم ســواءْ

يتجاهــلونَ ويجـــهلونَ بأنَّهم شرُّ البـلاءْ

وهُمُ الدناءة والرذيــلةُ والجـريمةُ والـوباءْ

زُوَّارُ دورٍ للعبـــادةِ فـي ثيــابِ الأولياءْ

ولهم بعِجلِ الســامريِّ على سفـاهتِه اقتداءْ

أعداؤهم غُررُ الصفاتِ ألدُّها صـفةُ الســخاءْ

فحيـــاتُهم أَخذٌ وكَنْزٌ لا يمـرُّ بها العطــاءْ

إيمانُهم تحـت الحضيضِ وأنفُــهمْ فوقَ السماءْ

فُرِشتْ لهم سُدَدُ المجالــسِ فوقَ أربـابِ الذكاءْ

لا شـيءَ إلا أنَّهم ملكـــوا نِصـابَ الأثرياءْ

وأخو الجهالةِ والغِنــى أبداً يدِبُّ بلا حيــاءْ

متَغطرِساً متحــذْلِقاً وجيوبُه المَــلأى غطاءْ

كلُّ الدوائــرِ والجهــاتِ له تُدارُ كما يشاءْ

فإلـــى متى أبقى تُطاردُنـي خيولُ الأدعياءْ

إنِّي سئمـتُ العيـشَ بين الأغنيـاءِ الأغبيـاءْ



21/8/2003

عبد السلام بركات زريق 11-02-2010 05:31 PM


المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (41)



انتظار




أبداً على أمـلِ احتضـارِ الليلِ أنتظـرُ الصباحْ

تمضي السنون ولا أرى غيرَ المصائبِ والجراحْ

أكلَ الظـــلامُ قوادِمي وأتى علـى كلِّ الجناحْ

* * *

أبداً تحـاورُني الأمانـي في فضــاءاتِ الهِيامْ

وتُطلُّ أشبـاحُ الغُـروبِ تحـوكُ أستارَ الظـلامْ

فأعــودُ أنتظرُ الصباحَ علـى الجراحِ ولا أنامْ

* * *

أبداً أرى روحـي وأفكاري تحلِّـقُ في السمـاءْ

تمضـي يجاذِبُها الحنينُ إلى مَجـرَّاتِ الفضـاءْ

لكـنَّ أجنحتي تَدِفُّ علـى التـرابِ بلا هـواءْ

* * *

أبداً تغازِلُني الحمـائمُ ثمَّ تمعِنُ فـي الغيــابْ

وأنا على مُهَجِ السطورِ أصوغُ أُغنيةَ اغـتراب

نسيَ الندى رَوْضي وراحَ يبلُّ أعشاشَ الغرابْ

* * *

أبداً على أملِ ابتسـامِ السعدِ تحملُني الحـكاية

تمضي السنونُ ولا أرى لبُروقِ آمــالي بداية

يسري بأورِدتي الخرابُ وفي شـراييني النهاية


26/8/2003

عبد السلام بركات زريق 11-02-2010 09:27 PM


المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (42)




سهم عتاب



أُلقيتْ في مِهرجان
ربيع حماة السابع


ظَمِىءَ السرابُ على يديْ فحضنْتُه
بين الجفونِ لأهتدي بسرابِ

ومضيتُ أُرضِعُه الدموعَ بلهفةٍ
وأصبُّ في شفتيْه طُهْرَ شرابي

حتى إذا بلغَ الفِطامَ وعقَّني
وغدا يمزِّقُ بالمشيبِ شبابي

أنكرتُه وخلعتُ كلَّ تميمةٍ
كانت تُقيِّدني بحبلِ رِغابِ

* * *
وصحوتُ في صحراءِ عمْري أنتضي
سيفَ الوفاءِ لبلدتي وصِحابي

وحلفتُ ألَّا أنحني لمُقامِرٍ
بالعهدِ بين مَصارعِ الأحبابِ

يترسَّمُ الأحرارُ درْبَ مطامِحي
عبرَ انقلابِ مواسمي لعذابِ

* * *
وتطلُّ من شُرُفاتِ عُمريَ ومضةٌ
شقَّتْ دُجى العاصي كلمعِ شِهابِ

فتبسَّمتْ شُعَلُ الضياءِ وأشرقتْ
شمسُ الربيعِ على سِوارِ روابي

ومَضيْتُ أفتضُّ الرجاءَ وفي يدي
سهمٌ أُفوِّقُ منه سهمَ عِتابِ

للحالمينَ على الضفافِ تبادلوا
خمرَ الصفاءِ وأطيبَ الأنخابِ

للراقدين على الونى وعيونُهم
ظمأى لكلِّ صبيةٍ وكَعابِ

للثائرين الساقطين تعهَّدوا
إصلاحَ مجتمعاتِهم بحِرابِ

للعائدين على الدروعِ تواثَبوا
للحكمِ بين ثعالبٍ وكِلابِ

للحاملينَ رؤوسَهم بمذلَّةٍ
يتناطحون ضُحىً بغيرِ رِقابِ

لمن انتحَوا دونَ الشعوبِ ومهَّدوا
لمعاهد التطبيعِ دون حسابِ

لبسوا عَباءاتِ الضلالِ ومشَّطوا
شعْرَ الذقونِ وأسَّسوا لخرابِ

لمنِ اشترى سيفاً وحطَّمَ نصلَه
ومضى يقاتلُ خصمَه بقِرابِ

هجرَ الثوابتِ للنضالِ بخِفةٍ
خوفَ السقوطِ ولاذَ بالأغرابِ

والشعبُ يلهثُ والرغيفُ مطارِدٌ
والجوعُ منتظِرٌ على الأبوابِ

لمساوِمين على القطيعِ بصفقةٍ
ورعاتُه سقطوا على الأعتابِ

فكبيرُهم تركَ العصا وصغيرُهم
حَجَرَ المذَبَّةَ مولَعاً بذُبابِ

وعلى العَراءِ تناثرتْ أغنامُهم
وصدى الثُّغاءِ يُذيبُني بثيابي

حنَّتْ لتيجانِ الفسادِ رؤوسُهم
فسعَوا لقصرِ المُلْكِ بالألقابِ

شربوا مياه الرافدينِ وأغلقوا
أفواهَهم بعَمامةٍ ونِقابِ

واستعذبوا للغاصبينَ ولاءهم
وتفنَّنوا بوسائلِ الترْحابِ

هذا يروِّجُ لاقتسامِ ترابِه
وهناكَ من يدعو لفرْضِ عِقابِ

سهروا على وعدٍ بحفظِ نظامِهم
إمَّا بدا في الأفْقِ برقُ سحابِ

وغفَوا على بُرَكِ الدماءِ ورمَّدوا
نارَ الجراحِ برَّفةِ الأهدابِ

والطامعون بنا يساندُ بعضُهم
بعضاً ويسجِدُ بومُهم لغُرابِ

يتربَّصون لدينِنا وشعارُهم
دفعَ الشبابِ لبلقَعٍ ويبابِ

حملوا على الإسلامِ في دعواتِهم
وتنكَّروا لفجيعتي ومُصابي

فعلى الفضائيَّاتِ ينتصبُ الخنا
يسري إلى الأرواحِ والألبابِ

غزْوٌ ثقافيُّ السماتِ مدبَّرٌ
ينسابُ منه السمُّ في الأعصابِ

والقائمونَ على الخِطابِ تمرَّسوا
بوسائلِ الإيجازِ والإسهابِ

ويلٌ لمنْ رضِيَ المَهانةَ خانعاً
واختالَ مُرتدَّاً على الأعقابِ

لم يقتِلونا بالقنابلِ إنَّما
قتلوا العقيدةَ في صُدورِ شبابِ

* * *
إنِّي لأُقسِمُ بالشعوبِ وزحفِها
بعدَ الإلهِ بسورةِ الأحزابِ

بالريحِ تقتلعُ الخِيامَ فتنطفي
نارُ الغُزاةِ بخَندقي وشِعابي

بالطفلِ يطلقُ من يديه حجارةً
ودماؤه عُرْسٌ على الجلبابِ

بصبيَّةٍ نفَرتْ بليلةِ عرسِها
لتُزَّف للشهداءِ تحت قِبابِ

بالأمِّ تحتضنُ الشهيدَ وصوتُها
يدعو أخاه لصولةٍ وضِرابِ

بدمِ القَعيدِ الشيخِ يطلِقُ صرخةً
حمراءَ ضمَّختِ الثرى بخضابِ

لن يبلغَ الإخصابَ بِذْرُ مخادِعٍ
غازٍ يذُّرُ الكفرَ فوقَ تُرابي

فإلامَ يحترِفُ الذين تهوَّدوا
صمتاً وتُوأدُ صرختي برِحابي

* * *
يا أُمةً عزَّتْ بدينِ محمَّدٍ
لا تركُني لمقامِرٍ ومرابي

واللهِ ما نزَلَ االبلاءُ ولا دَجى
ليلُ الخطوبِ بغيرِ ما أسبابِ

سِرتمْ فُرادى للقتالِ وعُدْتُمُ
زُمراً تسابقُ في طريقِ إيابِ

فتداعتِ الأممُ الذئابُ عليكُمُ
ورَضيتُمُ بتداعياتِ ذئابِ

وإذا تصدَّى للغُزاةِ كواسِرٌ
وُصِفوا من الإرهابِ بالإرهابِ

نسِيَ الذين تَهوَّدوا وتأمركوا
أنِّي شددْتُ إلى الجهادِ رِكابي

مزَّقتُ ألويةَ الخنا ورميتُها
وكشفتُ عن مُقَلِ الضياءِ ضبابِ

* * *
يا أمَّتي شمسُ الشآمِ مُضيئةٌ
لم تحتجِبْ بستائرٍ وحِجابِ

سطعَتْ على قِممِ النضالِ فأزهرتْ
كلُّ الجراحِ وطوَّحتْ بسَرابي

فترسَّمي دربَ الشآمِ فإنَّها
نِبراسُكِ الأسمى لنَيْلِ ثوابِ

وليفْرِضوا كلَّ العقوباتِ التي
يتوعَّدون وأنصتي لجوابي

لن يُرهِبونا بالوعيدِ لقد قضى
زمنُ الوعيدِ بفتْكَةِ الأنيابِ

ستظلُّ ساريَةُ الشآمِ على المَدى
مرفوعةَ الراياتِ فوقَ هِضابي

ويعودُ للأقصى الجريحِ أذانُهُ
ويضِجُّ ذكرُ اللهِ في المِحرابِ

وتعودُ بغدادُ الرشيدِ منارةً
للعِلمِ تسطعُ في دُجى الأحقابِ

فاستبْشِري بالنصرِ نصرُكِ قادمٌ
إنِّي أراهُ مسطَّراً بكتابي

وترقَّبي فتحَ الفُتوحِ فإنَّه
آتٍ يبدِّدُ رِيبةَ المُرتابِ




24/4/2004

عبد السلام بركات زريق 11-02-2010 09:55 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (43)



الشَّهيد القعيد



في رثاء الشهيد
الشيخ أحمد ياسين



جَمَدَ القريضُ على فمِ الشعراءِ
لمَّا بَكوا لمصارِعِ العظماءِ

جَمَدَ القريضُ وعُطِّلتْ آياتُه
وتخضَّبتْ أشلاؤه بدمائي

فقبعتُ في ظِلِّ الخيالِ مسائِلاً
نفسي عنِ الكتابِ والأدباءِ

وبدا الشهيدُ يُطلُّ من عليائه
يختالُ بين قوافلِ الشهداءِ

قمرٌ تسربَلَ بالدماءِ مضمَّخاً
بالطيبِ يعبقُ في ذُرا الجوزاءِ

شيخٌ قعيدٌ لا يزالُ يخافُه
رُغمَ الشهادةِ سيِّدُ الجبناءِ

* * *
يا سيِّدَ الجبناءِ بُحَّةُ صوتِه
رعدٌ تُشِعُّ بروقُه بسمائي

وغداً سينهمِرُ السحابُ وترتوي
أرواحُ من عشقوا الثرى بضيائي

* * *
وصرختُ واذلَّاهُ كيف تبعثرتْ
أشلاؤه وتجمَّعتْ أشلائي

ومضتْ لتُعقَدَ قمةٌ عربيَّةٌ
فشلتْ قُبيلَ تجمُّعِ الأعضاءِ

شِلوٌ يقاطعُها ويقفِلُ عائداً
ومقامِرٌ يسعى إلى العُملاءِ

ويصولُ في بغدادَ صِلٌّ حاقدٌ
ينسلُّ للعقَباتِ تحت غِطاءِ

وتحاولُ الأشلاءُ جمْعَ شتاتِها
وتثورُ نارُ الحقدِ والبغضاءِ

يتساومون على المكاسِبِ بينَهم
قبل الدخولِ لقاعةِ الرؤساءِ

ويغيبُ سادنُهم ويَزْعُمُ أنَّه
يخشى إذا اجتمعوا من الشحناءِ

* * *
وتُطِلُّ " أمريكا " تُلوِّحُ بالعصا
وتهروِلُ الأغنامُ دون ثُغاءِ

كتَموا الثغاءَ وأجَّلوه لجلسةٍ
يصغي القطيعُ بها لسيلِ عُواءِ

وعلى جدارِ الفصلِ ينتصبُ الردى
بنُيوبهِ الزرقاءِ والحمراءِ

والحالِمون على الأسِرَّةِ نُخبةٌ
من أسرةِ الترويجِ للدخلاءِ

باعوا الشهادةَ بالحياةِ وأشركوا
باللهِ عبْرَ شريعةِ الأعداءِ

وسَعوا إلى التطبيعِ دون مُقابلٍ
إلَّا الجلوسَ بخيمةِ الغرباءِ

يضعونَ رِجلاً فوق أخرى والخَنا
تاجٌ يلِفُّ رؤوسَهم برِياءِ

والطفلُ في الأقصى يودِّعُ شيخَه
وعيونُه دَمِيتْ لفرْطِ بكاءِ

حملَ الحقيبةَ للعُلومِ وشدَّها
بحزامِه الملغومِ تحت رداءِ

ومضى يُجوِّدُ آيةً وعيونُه
ظمِئتْ إلى المِعراجِ والإسراءِ

يتلمَّسُ الأطفالُ دربَ خلاصِهم
بين الوُجومِ وقبضةِ الأُجَراءِ

غضِبوا لمصْرَعِ شيخِهم وإمامِهم
فتسابقوا للموتِ في خُيلاءِ

* * *
" شارونُ " يا وغداً تحدَّرَ نِسبةً
من سامِريِّ العِجلِ للقطاءِ

أعياكَ أطفالُ الحجارةِ فانتهى
بكَ حقدُكَ المجنونُ للعلماءِ

فقصَفتَ شيخاً بالقنابلِ مُقعَداً
يسعى لبيتِ اللهِ في الظلماءِ

ومضيْتَ مزهوَّاً بغدرِكَ هازئاً
بالعُرْبِ بعد جريمةٍ نكراءِ

والنارُ تعصفُ والخليجُ مُقيَّدٌ
بسلاسلٍ مجدولةٍ بدهاءِ

والباسطون على الدروبِ أكفَّهم
يتسوَّلون بقاءهم بغباءِ

ويُقامرون بما جَنَوه سفاهةً
فوقَ الموائدِ بين حشْدِ إماءِ

يتنافسون على المقاعدِ خِفيَةً
ويُضلِّلون الناسَ بالأنباءِ

وهناكَ من هجروا السلاحَ وقاوموا
كُتَلَ الحديدِ بعِمَّةٍ ودعاءِ

ويناقشون على الفضاءِ قضيَّةً
وحوارُهم أدنى إلى الإقياءِ

أَفتَوْا بمنزِلةِ الشهيدِ ضلالةً
فتنكَّروا لمجاهِدٍ وفدائي

وَنَسَوْا بأنَّ اللهَ بأمرُهم بما
أَمَرَ الرسولَ لنُصرةِ الضعفاءِ

صُورٌ منمَّقةٌ تُشوِّه دينَنا
فإلامَ تصمُتُ نُخبةُ الفقهاءِ

بَليتْ قوادِمُهم وطارَ عدوُّهم
وتسابقوا لتباعُدٍ وجفاءِ

* * *
إنِّي لأعجَبُ من وداعةِ أمَّةٍ
تغفو بجانبِ حيَّةٍ رقطاءِ

تنسلُّ باسمِ السلمِ تنفِثُ سُمَّها
وتُقيمُ عُرْسَ القتلِ في الأحياءِ

وتجيءُ صاحبةُ الجلالةٍ خِِلْسةً
تمشي لمصْرعِها على استحياءِ

ما كان موسى منْ سقى أغنامَها
لكنَّه " شارونُ " في استِعلاءِ

حتى إذا وصلتْ حدودَ حصارِها
ركَعتْ تُقبِّلُ نفسَها بسخاءِ

وتُقيمُ مأدُبةٌ لغاصبِ عِرْضِها
وتنامُ عاريةً بدون غطاءِ

* * *
يا حاملين رؤوسَكم بمَذلَّةٍ
تتناطحون على طريقِ فناءِ

صَحَتِ الطفولةُ والفداءُ يهُزُّها
في مهدِها ترنو إلى العلياءِ

جيْلٌ من الغضبِ الأبيِّ مُقاوِمٌ
بحجارةٍ ممهورةٍ بدماءِ

إنِّي أرى التيجانَ يومَ حصادِها
بالذلِّ تسقُطُ تحت نعلِ حذائي

* * *
يا أمَّةً تسعى لنيْلِ خلاصِها
وخلاصُها وقْفٌ على الشهداءِ

عودي إلى دربِ الهُدى وتبيَّني
دربَ الخلاصِ بعاصِفِ الأنواءِ

لا تسلُكي سُبُلَ الهوى وتدبَّري
آياتِكِ الجُّلَّى ووحيَ سماءِ

وترسَّمي دربَ الشآمِ وزمجِري
لا تركُني لمخاتِلٍ ومُرائي

هذا زمانُ الصحوِ أقبلَ فانهضي
واستنهِضي الأشبالَ من أبنائي

ودعي الرقادَ لمنْ ترهَّلَ عزْمُه
وغفا ليُوقِظَ سطوةَ السفهاءِ



13/4/2004

عبد السلام بركات زريق 11-02-2010 10:26 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (44)





عِقدُ الرثاء




أُحاولُ جُهدي أن أثوبَ وأرعوي
فيجذِبُني شوقٌ إليكِ رهيبُ

وأُبصِرُ أكفاني تلوحُ لناظري
فأُعلنُ أنِّي في غدٍ سأتوبُ

وكنتُ أظنُّ الوصلَ للقلبِ شافياً
فيَهدا بطيبِ الوصلِ فيه وجيبُ

ولو كان داءُ الحُبِّ يُشفى بجُرعةٍ
لكانَ جديراً بالشفاءِ طبيبُ

ولكنَّه داءٌ وبيْلٌ محبَّبٌ
فهل ينكِرُ الداءَ الوبيلَ حيببُ

وليس عجيباً أن يُقالَ : يحبُّها
ولكنَّ لومَ العاذِلين عجيبُ

ولستُ غريباً في هواها وإنَّما
هواها بعُرْفِ العاشقين غريبُ

أتوبُ لأيامٍ وأنقُضُ توبتي
إذا رابني في البُعْدِ عنكِ مُريبُ

أُحبُّكِ لا أدري إلى أينَ ينتهي
هوايَ ولا أدري متى سأثوبُ

وتصرُخُ بي أيامُ عمْري : ألا اتئِدْ
ويهجُرُني الإلهامُ ثمَّ يؤوبُ

يُنضِّدُ وحياً من سمائكِ ساحراً
فأُكوى على جمرِ النوى وأَذوبُ

* * *
متى يا لهيبَ الشوقِ أُطفئُ غُلَّتي ؟
وأطرحُ أسمالَ الهوى وأُنيبُ ؟

وأطيبُ أيامي بقُربِكِ عشتُها
فكيفَ إذا حلَّ البُعادُ تطيبُ ؟

وأقبلَ يومُ البُعدِ وانهدَّ ما بنى
مهندِسُ أحلامي وعمَّ نحيبُ

فديتُكِ .. لا تبكي وصوني لآلئاً
لعِقْدِ رثائي فالغُروبُ قريبُ




2/7/2003

عبد السلام بركات زريق 11-02-2010 10:55 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (45)





ملَّاحٌ ببحرِ الدم



سأُبحِرُ في دمي يوماً....... أُفتِّشُ في شراييني

سأُبحِرُ حامِلاً وجعي ....... وأركبُ ظهرَ تِنِّينِ

سأَبعُدُ عن بني قومي ....... لعلَّ البُعدَ يشفيني

أجوبُ بحارَ مملكتي .... ركوبُ البحرِ يُغريني

أُصارعُ موجَه العاتي ......... وأَلويه ويَلويني

وأدفعُ عن شواطئِهِ ........... وأَحملُه ويُلقيني

وأحضُنُه بأهدابي ............ وأُسعدُه ويُشقيني

وتصفعُني الفضائيَّـــــــــــــاتُ في حدْسٍ وتخمينِ

وتدخُلُ في حواراتٍ .......... مُريباتِ المضامينِ

ويدْحَضُ بعضُها بعضاً ......... بتبريدٍ وتسخينِ

فهل عمِيَتْ عيونُ الكو..... نِ عن كلِّ البراهينِ ؟

أجيبي يا فضائيَّــــــــــــــــــــــاتِ آلامي أجيبيني

* * *

سأُبحِرُ في دمي شهراً ..... أفتِّشُ عن قرابيني

سأطرحُ كلَّ أسئلتي ....... عنِ الإرهابِ والدينِ

وأسألُ كلَّ قاعدةٍ .......... من الأفغانِ للصينِ

إلامَ تنامُ في صمتٍ ........ دماءُ الشيخِ ياسينِ

إلامَ يُشيِّعُ الأطفا ........... لُ آلافَ الجثامينِ ؟

لماذا تسكُنُ الآفا .......... قَ آلافُ الشياطينِ ؟

لماذا تدخُلُ الحِملا ....... نُ أوكارَ الضَّباعينِ ؟

لماذا دجَّنَ الباغي .......... ملايينَ الملايينِ ؟

لماذا تُذعِنُ الدنيا ........... لإنذارٍ يُعاديني ؟

أجيبي يا حشودَ الصمْــــتِ في الدنيا أجيبيني

* * *

سأُبحِرُ في دمي عاماً .. " لشيكاغو " البراذينِ

وأسألُ ما هو الإرها ..... بُ يا برجَ الطواعينِ

أَطِفلٌ في حِمى الأقصى .... بمِقلاعٍ وسِكِّينِ ؟!

أمِ الأطفالُ في بغدا .... دَ في عُمْرِ الرياحينِ ؟

يموتُ الألفُ والألفا .. نِ جوعاً دونَ تَموينِ !!

أمِ المُجتثُّ أشجاراً ...... من الزيتونِ والتينِ ؟

ويُعقَدُ مجلسٌ للأمـــــــــــــنِ بينَ العُنفِ والليْنِ

ويكشِفُ عن قراراتٍ ...... ويَطويها ويَطويني

ويأمُرُ بانسحابِ الليــــــــــلِ بين الحِينِ والحِينِ

ويترُكُه على أرضي ........ ويُسكِنُهُ ويُجليني

أجيبي يا جُيوشَ الأمـــــــــــنِ يا رُعباً أجيبيني

* * *

سأُبحِرُ في دمي زَمناً .... إلى الأقصى وحِطِّينِ

وأبحثُ عن صلاحِ الديْــــــــــنِ في كلِّ الميادينِ

لأسألَ سيفَه الغافي ........ بأحضانِ المطاعينِ

لعلَّ رُفاتَه يصحو ....... على صوتي ويَهديني

إلى زَندٍ يحرِّكُه ............ ويمضي للسلاطينِ

يفجِّرُ صوتَ حادينا ......... بأجوافِ البراكينِ

ويُشعِلُها على اسمِ اللَّـــــــــــــهِ تَهْزا بالقوانينِ

وتترُكُ كلَّ خوَّارٍ ....... يغوصُ بحومةِ الطينِ

أجيبي يا شعوبَ العُر ..... بِ يا ثَكلى أجيبيني

* * *

سأُبحِرُ في دمي دهراً ...... إلى عهدِ الفراعينِ

إلى منْ أذهلوا الدنيا .......... بتحنيطٍ وتلوينِ

إلى الفينيقِ يا وطني ....... إلى ماضٍ يُعزِّيني

وأسألُ وحشَ أمريكا ..... عنِ الأخلاقِ والدينِ

لماذا تسرِقون الزيْـــــــــــتَ ياحُمْرَ السَّكاكينِ ؟

لماذا تُضْرِمونَ النا ...... رَ في حقلٍ يُغذِّيني ؟

لماذا تخنِقونَ الما......... ء في نبْعٍ يُروِّيني ؟

لماذا أيُّها الأوغا ......... د تُؤذيكم بساتيني ؟

لماذا أمركاتُ العصــــــــــــرِ بالنيرانِ تكويني ؟

أجيبي يا بُروجَ الحِقـــــــــــــدِ يا وهماً أجيبيني

* * *

سأُبحرُ حاملاً وجعي ........ إلى أملٍ يُداويني

وأرسو بعد ما أُشفى ...... على شُطآنِ تشرينِ

لأُفرِغَ جُعبتي المَلأى .......... بآلافِ العناوينِ

وأسألُ كلَّ عنوانٍ ....... متى تربو مَوازيني ؟

متى تَسري بأورِدتي ..... دماءٌ من شراييني ؟

متى تُمحى عذاباتُ الـــــــــــيتامى والمساكينِ ؟

متى تزهو غِراسُ الغا .. رِ في حقلٍ فلسطيني ؟

متى يعلو أذانُ الفجــــــــــــــرِ للجُّلَّى يناديني ؟

متى يا أُمَّتي تبلى ....... عباءاتُ السَّلاطينِ ؟

وتسقِطُ تحت أقدا ...... مِ الثَكالى والمساجينِ ؟

وماذا يفعَلُ الطاغو .. تُ إنْ دارتْ طواحيني ؟

أجيبي يا غُثاءَ الســــــــيلِ في صمتٍ أجيبيني

* * *

سأُبحِرُ تحتَ موجِ القهــــــرِ بحثاً عن ميامينِ

عنِ الأطفالِ والأحجا ....رِ عن وردٍ ونِسرينِ

أَغوصُ أُصارِعُ الحيـــتانَ في عهدِ السراطينِ

لعلَّ الغَوصَ في الأعــــماقِ يُقصيهم ويُدنيني

فأُوجِزُ كلَّ أسئلتي ......... بلا وحيٍ وتلقينِ

متى يا أُمتي نصحو ..... متى نمضي لحِطِّينِ

أجيبي يا شآمَ المجـــــــــــــدِ يا أُمِّي أجيبيني

علي أحمد الحوراني 11-02-2010 11:41 PM

أرجو الشفاءَ لها ممَّا تكابده
لعلَّهُ بدعائي يبْسَمُ القدرُ


أخي عبدالسلام لاأكتمك انني متابع ومعجب كثيرا بشاعرية أخينا المنجد
وهو حقا من الكبار وهذا لا يعني ان لا نتساءل:

ما المقصود بخانه القدر ؟
وهل هي خيانه ؟
اليس أجمل لو قلنا (هكذا القدر ) مثلا
فننزله منزلته التي تليق به
على ان الخاتمة على مستوى

القصيدة من الروعة والحبكة لشاعر كبير

ارجو ان اكون مخطئا دمت بخير

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 03:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي أحمد الحوراني (المشاركة 39480)
أرجو الشفاءَ لها ممَّا تكابده
لعلَّهُ بدعائي يبْسَمُ القدرُ


أخي عبدالسلام لاأكتمك انني متابع ومعجب كثيرا بشاعرية أخينا المنجد
وهو حقا من الكبار وهذا لا يعني ان لا نتساءل:

ما المقصود بخانه القدر ؟
وهل هي خيانه ؟
اليس أجمل لو قلنا (هكذا القدر ) مثلا
فننزله منزلته التي تليق به
على ان الخاتمة على مستوى

القصيدة من الروعة والحبكة لشاعر كبير

ارجو ان اكون مخطئا دمت بخير


السلام عليك
الأخ الحبيب علي الحوراني
هذه الدقيقة أغلقت سماعة الهاتف
مع الأستاذ العتيق المنجد
وحصلت على استثناء ... وسأغير
من (خانه القدر) إلى (هكذا القدر)
وأعلمك يا صديقي العزيز ..
من مئات القصائد التي كتبها شاعرنا
ليس هناك أكثر من عشر مفردات
غيرها الشاعر خلال خمس وستين
عاماً بناءً على آراء أساتذته وأصدقائه
صرتُ أعرفها بالكلمة ... ومن غيَّرها
ومتى .... في لقائي الأسبوعي مع الشاعر
يجلدني بقراءة العشرات من القصائد ...
والجميل أنه عندما يصل إلى إحدى هذه
الكلمات يستوقفني ليسرد لي القصة ...
صرتُ أعرف كل القصص ... والأجمل
أن علامة امتنان ترتسم على وجهه
لمن غيَّر له الكلمة التي أساء أو ما أحسن
استعمالها ... وكأنه طفلٌ للتو أهداه أحدهم
قطعة حلوى ...ويطالبني أن أجزلَ الثناء
على الأحياء أو أقرأ الفاتحة على أرواح الأموات
يوماً قلت له ممازحاً ... أستاذي أنا على وضوء
أأسجد لفلان الذي بدل لك كلمة (كذا) ..هههههه
(أستغفر الله العظيم)

على الخير نلتقي أيها الحبيب
تحياتي وتقديري


عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 04:19 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (46)




من للعراق





شُدُّوا الوَثاقَ شعوبُ الأرضِ تختنقُ
وبادِروا لاقتسامِ الربحِ واتَّفِقوا

سُدُّوا مَسامعَكم عن كلِّ هاتفةٍ
باسمِ السلامِ وخُوضوا الحربَ وانطلِقوا

فلا حياةَ لمن أَغضى على ضَعَةٍ
وراحَ ينخِرُ فيه الخوفُ والقلقُ

لا تخجلوا من شهاداتٍ مُعلَّقةٍ
على الصدورِ دمارَ الحربِ تعتنِقُ

شُدُّوا الوَثاقَ على الأعناقِ واغتَسِلوا
بأبحُرِ الدَّمِ وانقادوا لمن فَسَقوا

شُدُّوا الوَثاقَ على الأعناقِ واعتصِموا
بباسقِ النخلِ حتى يسقُطَ الورقُ

فلا يُخيفنَّكمْ شجْبٌ وحشرجةٌ
هذا احتِضارُ شُعوبٍ فيه تختنِقُ

لا تجلِدوا فاسقاً لا ترجُموا امرأةً
كلُّ الزناةِ مرايا عصرِكم عشِقوا

وإنْ تبجَّحَ قوَّادٌ بمؤتمَرٍ
وراحَ يهرِفُ في أقوالهِ فثِقوا

وساعدوهِ على حمْلِ الدمارِ إلى
شعبِ العراقِ ليَهدا عرشُهُ القَلِقُ

* * *
يا أيُّها الذاهلونَ اليومَ عن غدِكمْ
ها همْ سماسرةُ النُّخَّاسِ فانعتِقوا

مُعظَّمونَ وخوفُ الشعبِ توَّجهم
على البلادِ مُلوكاً ليتَهمْ نفَقوا

متوَّجون بتيجانٍ مُرقَّعةٍ
فكلُّ تاجٍ على هاماتِهم خِرَقُ

لا يَسمعون لصوتِ الشعبِ يلعَنُهم
فكلُّ أسماعِهم باللعنِ تُخْتَرقُ

مُمثِّلون تباهَوا في مسارِحهمْ
كلٌّ إلى رِبحِه المعلومِ يستَبِقُ

* * *
بغدادُ حاضِرةُ الدنيا تُناشدَهم
منْ للعراقِ ؟ وأينَ القادةُ الصُّدُقُ

أين الذين إذا مُسَّتْ محارِمُهم
طاروا إليها على آثارِ من سَبقوا

* * *
ويُطبِقُ الصمتُ فالأجواءُ هادئةٌ
إلَّا من الخوفِ في الأعماقِ ينطلِقُ

تَشوقُهم حاملاتُ الموتِ مُبْحِرةً
صوبَ الخليجِ وفي أشواقِهم شَبَقُ

صَفُّوا حمائمَهم باسمِ السلامِ على
مَدارجِ الذلِّ واستهواهُمُ المَلَقُ

وأَرجفوا أنهم للهِ قد نَفروا
على طريقِ الهدى يا ليتهم صَدَقوا

تسابقوا ولُهاثُ الخوفِ يسبقُهم
وأولموا للأفاعي بعدما افترقوا

ويستمرُّ سؤالُ الشعبِ عن وطنٍ
ما زال تحت لظى "شارونَ" يحترقُ

فهل يجيبونَ أم صَكَّتْ مسامعَهم
أصواتُ من حُوصروا بالقصفِ واحترقوا

وأَجفلتْ خيلُهم قبل النهوضِ إلى
ركائبٍ في تُرابِ الأرضِ تلتصِقُ

وجاءهمْ سامِريُّ العصرِ محتضِناً
عِجلاً له من خُوارِ السلمِ مُنْطَلَقُ

فآثَروا الكُفْرَ واغتالوا عقيدتَهم
وزوَّقوا شُرعةَ الطاغوتِ واعتنقوا

فلا فلسطينُ عادتْ في دفاترِهم
تَحظى بأيِّ اهتمامٍ بعدما انزلَقوا

فهلْ ببغدادَ هذا اليومَ معتصِمٌ
وهلْ بمكَّةَ سيفُ الحقِّ يُمتَشقُ

وفي العواصمِ أحلامٌ مُزركشةٌ
تلوحُ في جَفْنِ منْ للسمعِ يَستَرِقُ

والقدسُ تغرقُ في سيلِ الدماءِ على
مرأى ومَسمعِ منْ أستارُهم مِزَقُ

والصِّلُّ ينفُثُ سُمَّ الحربِ مُنتظِراً
قصْفَ الرُّعودِ ويتلو برقَها الشفقُ

لم تبقَ في جُعبةِ الأوغادِ منقَصةٌ
إلَّا وأخرجَها طاغٍ ومرتَزِقُ

شاختْ عباءاتُهم حين استبدَّ بها
قرْعُ الطبولِ على أنغامِ من مرَقوا

* * *
تحرَّكي يا جموعُ الشعبِ واعتصِمي
باللهِ لا تُرهِفي سمْعاً لمن نَعقوا

ورابِطي في عرينِ الشامِ إنَّ به
ليثاً يقودُ غطاريفاً به وَثَقوا

فواصِلِ الدَّربَ يا " بشَّارُ " منتصِراً
رُغمَ الظلامِ فأنتَ الفجرُ والألقُ

* * *
يا حاملينَ دماءً في حقائبِكم
للوالغينَ غداً يمتصُّها العَلَقُ

وتدَّعونَ بأنَّ النصحَ رائدُكم
لا تكذِبوا فادِّعاءُ النصحِ مختَلَقُ

صوغوا الشتائمَ في أرقى بذاءتِكم
لا يردَعَنَّكُمُ دينٌ ولا خُلُقُ

تاريخُكم حافلٌ بالغدرِ فاتَّفقوا
على الطريقِ إذا ما سُدَّتِ الطُّرقُ

لا تعقِدوا قمَّةً في ظِلِّ فِرقتِكم
فكلُّ أوراقِكم بالكيدِ تحترقُ

وبادِروا لاقتناصِ الوقتِ إنَّ غداً
آتٍ ليحصِدَ من خانوا ومنْ أَبَقوا

هذي الدروعُ التي جاءتْ مُعبِّرةً
عن صولةِ الحِقدِ لم تَحفِلْ بمن نهقوا

فهل يُحرِّكُ ما يجري ضمائرَكم
أمْ في دُجاها تساوى الفجرُ والغَسقُ

* * *
يا حَفنةً أنتنتْ فيها ضمائرُها
أينَ المفرُّ وَكرٌ ولا نَفَقُ

فهيِّئوا سُفُنَ الإنقاذِ تحمِلُكم
عروشُكم سقطتْ واجتاحَها الغرقُ




1/3/2003

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 04:43 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (47)




لن يسقطَ الشَّعبُ في بغداد




خوضوا لَظى الحربِ واستعلوا بمنْ حَمَلوا
على محارمِكم يا أيُّها الهَمَلُ

ربُّوا لِحاكُم على الإذعانِ واحتَكِموا
للزاحفينَ على بغدادَ وابتهِلوا

هيا افتِلوا شارباً بالنِّفطِ مغْتسِلاً
وشارباً بدمِ الأطفالِ يغتسِلُ

واستقبِلوا الوالغينَ اليومَ في دمِكم
بذلكم في البرايا يُضرَبُ المَثلُ

هيا اقطعوا كلَّ حبْلٍ بينَكم ودَعوا
حبلَ الخيانةِ في " شارونَ " يتَّصِلُ

صلُّوا لأجلِ قوى " الماريِنزِ " واتَّحِدوا
مع الطَّغامِ وراعوا الغزوَ وامتثِلوا

وهيِّئوا لطُغاةِ الكونِ مَجزَرةً
تجتاحُ بغدادَ واختالوا بمنْ قَتلوا

وهلِّلوا للطَّواغيتِ التي نزلتْ
بدارِكم وارفعوا الأعلامَ واحتفِلوا

سيروا على جُثَثِ الأطفالِ لا تقِفوا
وواصِلوا القصفَ باسمِ السلمِ وانتقِلوا

وبارِكوا القتْلَ والتدميرَ واشتغِلوا
بلا حياءٍ لقد جافاكُمُ الخجَلُ

لا يردعَنَّكُمُ دينٌ ولا خُلُقٌ
ولا حِفظٌ على عهدٍ ولا مُثُلُ

وأفرِغوا حقدَكمْ بالكيدِ واغتسِلوا
منَ المُروءاتِ حتى يظهرَ الخَطَلُ

لا تسمعوا إنْ دعا داعٍ لوحدتِكم
ضِدَّ التتارِ ولا تخشَوا ولا تجِلوا

وزاوِجوا بينَ أعلامٍ لكم وُطِئتْ
وكلِّ بيرقِ ذُلٍّ حاكَه الدجلُ

* * *
من أينَ جئتم ومنْ ولَّاكُمُ سفَهاً
حُكْمَ الشُّعوبِ وأينَ السادةُ الأُوَلُ

أين الذين إذا حلَّ الدخيلُ بهم
طاروا إلى السَّاحِ عُقباناً وقد حَمَلوا

أين الغطاريفُ من قيْسٍ ومن مُضَرٍ
أين الذين بجيشِ الرومِ ما حَفِلوا

ثاروا وساروا على اسمِ اللهِ فانتصَروا
على الغُزاةِ وبالأرواحِ ما بَخِلوا

وأينَ أينَ صلاحُ الدينِ هل قُصِفتْ
كلُّ السيوفِ ليَطغى خطبُنا الجللُ

أينَ النواطيرُ هل طافَ النُّعاسُ بها
فللثعالبِ ما داسوا وما أَكلوا

* * *
يا أُمَّةً لم تَنَمْ فيها ضمائرُها
وما اعترى شرعَها جورٌ ولا زَلَلُ

تكلَّمي يا بقايا نخوةٍ شَمَختْ
تحدو الشآمَ على أنغامِ منْ رَحلوا

وحدِّثي عن حُروبٍ في تسْلسُلِها
نبْضُ العراقِ إلى الجولانِ ينتقِلُ

لن يسقُطَ الشعبُ في بغدادَ لو سقطَتْ
كلُّ العُروشِ سيبقى الماردُ البطلُ

عُمْرُ العراقِ طويلٌ لن يُطيحَ به
غزوُ المَغولِ وهذا سِفرُهُ فسَلوا

واستنطِقوا الرافدَينِ الحاملَيْنِ دماً
نبضُ العراقِ به للشامِ ينتقِلُ

كم حاصرتْنا الليالي السُّودُ وانكَفَأتْ
بالخِزْيِ والعارِ لمَّا أشرقَ الأملُ

شعبٌ يُقاتِلُ كي يَرضى الإلهُ به
ولا يُقاتلُ كي يَرضى به رجُلُ


23/4/2003

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 05:13 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (48)




هَذَيانْ




في شَرْنقةِ العجزِ اللغويِّ

أُصارعُ آلافَ الثيرانْ

أُقاومُ ألسنةَ النيرانْ

أُهدِّئُ غليانَ البُركانْ

وأُحاولُ ترتيبَ القُطعانْ

على أرصفةِ الجزَّارينْ

* * *

الذئبُ يُسافِحُ جاريةً..

خرجتْ من أصلابِ الفئرانْ

خلعتْ ألبسةَ أُنوثتِها...

ومَضتْ تتكسَّرُ في هَذَيانْ

تزهو بالفارغِ والملآنْ

أعياها رقْصُ المخمورينَ...

فراحتْ تبحَثُ عن ثُعبانْ

" الحانُ " ظلامٌ وسُكارى

ودُوارٌ يركُضُ بالجدرانْ

وانسلَّتْ عازفةُ الأَنغامِ الغربيَّة

تُخفي أوراقاً نقديَّة

سرقَتْها من جيْبِ الرُّبانْ

حلَّتْ مجدولَ ضفائرِها

ركَضتْ

سقَطتْ

أَدركَها حُرَّاسُ السلطانْ

* * *

أوراقي تَرفُضُ أقلامي

تعتقِلُ مصادِرَ إلهامي

تنتظِرُ ورائي وأمامي

لتسيرَ بجُثَّةِ أحلامي

بينَ الأنقاضْ

* * *

ولولةُ ثَكالى ويَتامى ...

تخترِقُ الصمتْ

ودُعاءٌ صوفيُّ الأنغامِ ...

يُغنِّي الموتْ

وذُبالةُ مِصباحٍ يئستْ

ترمي بدُخانْ

* * *

الليلُ وأُغنيةٌ حُبلى بجنونِ العصرْ

تنتظِرُ مَخاضاً نَوعيَّاً

وَلَدَتْ ... شَهَقَتْ

نَزَفَتْ ... ماتتْ

دُفِنَتْ في مَقْبَرةِ الأحياءْ

* * *

الطفلُ رضيعٌ يستجدي ...

حلَباتِ الرقصْ

يبكي في الحانِ تُمزِّقُهُ ...

نوباتُ المغْصْ

يستلُّ النادلُ خِنجَرَهُ ...

ينقضُّ ليُسكِتَ صوتَ الطفلْ

* * *

ياعصرَ " الإيدزِ " المُتفشِّي

يا أهلَ الرقصِ المُتدنِّيْ

يا كلَّ تعاويذِ الرهبانْ

يا أهلَ السطوةِ والسلطانْ

أَتَشظَّى أبحثُ عن إنسانْ

يسمو بصياغةِ أفكاري

يبني بالحكمةِ أسواري

ويقودُ جحافلَ ثُوَّاري

ويبادِلُني نخبَ الإيمانْ

لأقاومَ أسرابَ الغِربانْ

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 05:23 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (49)




مخاضُ النُّور




ترانيمٌ وأنغامُ

ضلالاتٌ وأوهامُ

وقرْعٌ يثقُبُ الآذانْ

وأصباغٌ على الجدرانْ

تُشوِّهُ صورةَ الإنسانْ

* * *

أسيرُ ... أسيرُ لا أدري ...

لأيِّ مكانْ

هنالكَ يولدُ التاريخُ

تحت القصفِ والنيران

هنالكَ يسقُطُ الطغيانْ

* * *

سأخرُجُ من حدودِ الأرضِ ...

أبحثُ في فضاءاتي

أُحاولُ نشْرَ آياتي

على أرواحِ منْ رحلوا

لتخفِقَ رايةُ الإيمانْ

* * *

نذيرُ الشؤمِ حاصرَني

على أسوارِ أفكاري

وحمَّلني كوابيساً

من الأوزارِ والعارِ

ليُطفِئَ ومضةَ الإشراقِ ...

في مِشكاةِ أشعاري

* * *

حملتُ مشاعلي وهْناً

أفتِّشُ عن جُذوعِ النخلِ

وأرهقَني مَخاضُ النورِ

في داري وبين الأهلْ

وخِفتُ إذا وضعتُ الحملَ ...

ترجُمني يدُ الطغيانْ

* * *

لبستُ الزهرَ معتكِفاً

بمِحرابِ المساجينِ

فأذهلَني صُراخُ الصمتِ

بين الحينِ والحينِ

حزمتُ بياضَ أكفاني

إلى ليلٍ يُعزِّيني



22/6/2004

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 08:20 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (50)


تعالَ نُصلِّ الفجر





إلى أبي الخير الشاعر
عبد الوهاب الشيخ خليل


دعوتُ يَراعي أَستدِرُّ القوافيا
فعاتبَني وازورَّ يسألُ ما بيا

أتدخُلُ مِحرابي وتقطعُ خَلوتي
وتفضَحُ سرَّاً كان في الصدرِ خافيا

فقلتُ : صديقٌ لي أديبٌ وشاعرٌ
سَحابٌ بفصلِ الشعر يَهمي قوافيا

عرِفتُ به معنى الرجولةِ والندى
وصارَ ليَ الخِلَّ الوفيَّ المُواسيا

سهِرْنا بليلٍ نرقُبُ الفجرَ خَلسةً
فنجتازُ أعلاماً ونهبِطُ واديا

يسايِرُنا يومٌ ويعذِلُنا غدٌ
ويسخَرُ منَّا العُمْرُ حرَّانَ صاديا

يُحدِّثُني حيناً عنِ الحبِّ والهوى
ويُعرِضُ عنِّي كي يعودَ ثوانيا

ليستعْرِضَ القانونَ درساً مفصَّلاً
فأبصِرُ فيهِ قاضِياً ومُحاميا

ويسمِعننَي شِعراً رقيقاً وتارةً
يثورُ كما البركانِ غضبانُ شاكيا

وتَمضي بنا الأعوامُ تَترى ثقيلةٌ
تُحارِبُ مِقداماً تُسالمُ حابيا

إلى أنْ طعنَّا في السنينَ ولم نَزَلْ
على صهوةِ الإقدامِ نجلو المواضِيا

* * *
صديقي .. أبو الخَيْرِ الذي غازلَ الضُّحى
كبيراً وأحلامَ المُحبِّينَ هاويا

وأشعلَ قِنديلَ الليالي مُعلِّماً
وسارَ بأجيالِ المدينةِ هادِيا

وهزَّ جُذوعَ النخلِ فاسَّاقطَ الجَنى
حُروفاً منَ الإبداعِ طابتْ مَجانيا

* * *
أخي : يا احتراقَ الشمعِ في ليلِ سُهدِنا
تعالَ نُصلِّ الفجرَ واسمعْ دعائيا

أقومُ بليلِ القهْرِ أتلو قصائداً
لعلِّي بعصرِ النومِ أُوقِظُ غافيا

وأَخبرْتَني بالأمسِ أنََّك مُوجَعٌ
فسعَّرتَ أوهامي وطارَ صوابيا

أعِنِّي على الإبجارِ في هائجِ الأسى
لقد مزَّقتْ هُوجُ الهمومِ شِراعيا

وهَبْ لي زكاةً من جناحِكَ ريشةً
أُحلِّقْ بها فوقَ النجومِ تسامِيا

ودعْني أُغمِّسْها بقلبي مُكرِّماً
لأَكشِفَ سرَّاً كامناً بفؤاديا

* * *
أنا من تُراثِ الدارِ أَفدي تُرابَها
وأَفدي بها نهراً مُطيعاً وعاصِيا

أَهيمُ أُغنِّي في مواسمِ مجدِها
ولكنَّ أهلي يجهلونَ الأغانيا

أَذِلَّاءُ في جِدٍّ أَجلَّاءُ في دَدٍ
يُوالونَ هدَّاماً يُعادونَ بانيا

لَجمْتُ لساني عَنْهُمُ فتمرَّدوا
وأَبديْتُ ما يَخفى وأَخفيْتُ بادِيا

وأَطلقتُ صوتي فاستداروا وأَخلدوا
إلى النومِ واستعدوا عليَّ اللياليا

وعاتبَني بعضُ الصِّحابِ لِعِزَّةٍ
بنفسيْ تأبَّتْ أنْ أكونَ مُداجِيا

ولستُ الذي سوَّيتُ نفسي وصُغتُها
ولكنَّ من سوَّى النفوسَ إلهيا

وأَلهمَها التقوى وحيناً فُجورَها
ولستُ من الفُجَّارِ كيما أُداريا

فغادرَني منْ كنتُ أهنا بظِلِّهِ
على أملِ اللُّقيا وأَبعدَ هانيا

تُراودُني الأحلامُ في كلِّ رَفَّةٍ
فأهدابُ أجفاني تُصوِّرُ حاليا

ولمْ أَجنِ غيرَ اليأسِ والسقمِ والأسى
فضمَّدْتُ بالشعرِ الأصيلِ جِراحيا

وخلَّفتُ من أثنى عليَّ ومنْ هَجا
يَدِبُّ على عُكَّازِ وهْنٍ ورائيا

* * *
صديقي أبا الخيرِ .. استمِعْ لي فإنَّني
أُباهي بكَ الدنيا حُداءً وحاديا

وأَملا كؤوسَ الحبِّ والوِدِ بيننا
وتُتْرِعَ منْ دَنِّ المُروءةِ جاميا

كلانا يصُبُّ العطرَ والنورَ والندى
ونزرعُ أفراحاً ونجني مآسيا

كلانا على الأيامِ يَرعى برُوحِه
مواكِبَ أجيالٍ ولم نلقَ راعيا

كلانا وأَيمُ اللهِ يفدي صديقَه
ولم نلقَ إلَّانا مدى العُمرِ فاديا

* * *
أخي .. يا أبا الخيرِ الذي شقَّ صدرَه
ليحتضِنَ الأصحابَ اِسمعْ ندائيا

عملتَ بثَقبِ الجِلدِ بالمِخرزِ الذي*
طعنتَ به من كان يشنوكَ قاليا

وقلتَ له يا مِخرزَ الجِلْدِ إنَّني
رأيتُك عند النائباتِ حِياليا

أحاربُ فيكَ الفقرَ والفقرُ صامدٌ
لأكسِبَ تحتَ الليلِ قُوتَ عِِياليا

وغِبتَ لأعوامٍ تلوذُ بغُربةٍ
بعيداً عن الأوطانِ تُحييْ الأماسيا

وكنتَ " بأبها " تنتشي برسالةٍ
تُحدِّثُ عن حالي وحالِ رفاقيا

لياليَ لم يَغْمضْ بها جَفنُ عالِمٍ
خبيرٍ بما يجري وما انفكَّ جاريا

حملْنا على الأكتافِ نعْشَ طُموحِنا
وسِرنا إلى مَثْوى الطموحِ بواكيا

نصوغُ شِعاراتٍ ونُحييْ مواسماً
تموتُ قُبيلَ الفجرِ تمحو الأمانيا

وعُدْتَ إلى العاصي جريحاً ولم تجِدْ
لجُرحِك في رَهْطِ الأطبَّاءِ آسيا

وعِشتَ على الآمالِ تُنشي مزارِعاً
تُقلِّمُ أغصاناً وتقطِفُ دانيا

وتملا سِلالاً من ثمارٍ شهيَّةٍ
تُحمِّلُ صحباً قادمينَ غَواديا

ولم تخشَ نابَ الفَقرِ يوماً ولم تكُنْ
غنيَّاً ولكن كنتَ كالنبعِ صافيا

وذلك طبعٌ فيكَ مذْ كنتَ مُضْغةً
فجئتَ كريمَ الأصلِ حُرَّاً عِصاميا

* * *
أبا الخيرِ .. يا نِبراسَ جودٍ وعِزَّةٍ
تلفَّتْ تجِدْ كلَّ الجراحِ دواميا

تجِدْ صخرةَ المِعراجِ تبكي وتشتكي
وبغدادُ تستسقي ولم تلقَ ساقيا

وفي غَمرةِ الأحداثِ لم تَلقَ واحداً
يسيرُ على نهجِ الرسالةِ هاديا

ويُورونَ أحقاداً ويُذكونَ نارَها
ويُحيُونَ أمواتاً يَخيطونَ باليا

يُفَصِّلُ تُجَّارُ الحروبِ ثيابَنا
وتُستعْرَضُ الأزياءُ بَخْساً وغاليا

ونلبَسُ ما يُرضي الهوانَ ونشتري
لأفرادِ أهلِ البيتِ أحمرَ قانيا

وينضو لباسَ الحربِ في الساحِ أحمقٌ
ويختالُ باسمِ السلمِ عريانَ حافيا

* * *
أبا الخيرِ .. يا رَمزاً لكلِّ فضيلةٍ
وعوناً لمنْ وافى حِياضَكَ راجيا

أُكرِّمُ فيكَ اليومَ نفسي وكلَّ منْ
تنكَّبَ سيفَ الشعرِ وانقضَّ غازيا

يرُدُّ عنِ الأوطانِ كَيْدَ عُداتِها
ويرفعُ خلَّاقاً ويُسقِطُ باغيا

وأَعجَبُ ما في الأمرِ طبَّالُ فِرقةٍ
يُقرِّبُ زُمَّاراً ويبعِدُ شاديا

ويحتضِنُ الأنذالَ لؤماً وخِسَّةً
ويقتلُ إحساناً ويُحيي مساويا

فتخرُجُ من تحتِ النعالِ عقاربٌ
لتلْدغَ منْ بالأمسِ أردى الأفاعيا

تحيَّرتُ في هذا الزَّمانِ وأهلِه
ولمْ أكُ مغروراً ولستُ مُغاليا

سأبكي على نفسي قُبيلَ رجوعِها
إلى ربِّها أستغفِرُ اللهَ راضيا

فإنِّي قضيتُ العُمْرَ أبكي أحبَّةً
ولم ألقَ في جَمْعِ المُعزِّينَ باكيا

* * *
أخي .. يا صديقَ العُمرِ يا قصَّةَ الندى
على صَفَحاتِ الدهرِ أطلقْ لسانيا

حملْنا هُمومَ العُربِ في غَمرةِ الأسى
وسِرنا على جمْرِ النضالِ تفانيا

فصِرنا إذا ما سامَنا الخسْفَ ظالمٌ
وكشَّرَ عن نابٍ نقومُ اللياليا

نُصلِّي بإيمانٍ وندعو بحُرقةٍ
ونتلو منَ القرآنِ ما كانَ شافيا

ستبقى على التاريخِ بغدادُ كعبةً
ويبقى أذانُ القدسِ كالرعدِ داويا

ومهما أشاحُوا عنه واستمرؤوا الخَنا
ستبقى لدُنيا العُرْبِ حصناً شآميا

ستهوي شِعاراتٌ وتعلو شهادةٌ
وينطِقُ صخرُ القدسِ " صِلٌّ " ورائيا

وتنهَدُّ أحلامُ اليهودِ بدولةٍ
وتسقُطُ " أمريكا " ونهتِفُ عاليا

سلامٌ إلى بغدادَ شعباً مقاتِلاً
وسُحْقاً لمن جاءَ العراقَ مُعاديا

سلامٌ إلى الأحجارِ في كَفِّ طفلةٍ
سلامٌ إلى شِبْلٍ يقاتلُ عاريا

* * *
أخي يا نداءَ الجودِ والبذلِ إنَّنا
نُقدِّسُ عهْداً لم يزلْ بعدُ ساريا

تركْنا همومَ العيشِ خلفَ ظهورِنا
إلى أَجَلٍ ما انفكَّ يَشْغَلُ باليا

وجِئنا على حبٍّ نُباهي بشاعرٍ
كريمٍ فجاءَ الشعرُ طَوعاً مُواتيا

هنيئاً لكَ الأقلامُ تسكُبُ عطرَها
وتُزجي سَحابَ الشعرِ يَهمي لآليا



24/2/2004

* الشاعر عبد الوهاب الشيخ خليل
كان يعمل حذَّاءً .. ثم حصل على
إجازة في الحقوق وعنده عشرة
أولاد

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 08:40 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (51)



متى ترقُّ ليَ السَّماءُ






لا صَحوةٌ تُرجى ولا أحلامُ
وقصائدي برِمتْ بها الأقلامُ

ما عادَ يحفِزُني الضياءُ ولا الدجى
فعلى عقاربِ ساعتي استِفهامُ

ماذا وراءَ الصبرِ في صَلَفِ المُنى
والعُمْرُ ينفَدُ والردى حوَّامُ

ماذا ؟ وتسألُني الدموعُ ولا أرى
غيرَ الفناءِ تجرُّه الأسقامُ

ماذا ؟ وأنتَ أسيرُ وهمِكَ مُتعَباً
تبني وخلفَكَ حاقدٌ هدَّامُ

ماذا ؟ ويهزِمُني السؤالُ ويَنبري
ليُجيبَ من كَبِدِ الأسى استفهامُ

وأعودُ للأحلامِ رُغمَ قناعتي
أنَّ احتمالَ وصالِها أوهامُ

وأَكادُ أسمعُ صوتَها مُتحدِّياً
أَقصِرْ فأنتَ على الوصالِ حرامُ

ويجوعُ إيماني ويَظْمأُ مَأْمَلي
وتموتُ أعوامٌ ويُولدُ عامُ

ويَجِفُّ يَنبوعُ الصباحِ ويَغْتَني
نهرُ الغُروبِ وترْكُضُ الأيامُ

وأنا بصحرائي أَلوبُ يشُدُّني
لَمْعُ السرابِ ولهفةٌ وضِرامُ

أَجري يُطاردُني الشقاءُ مُعربِداً
واليأسُ والإرهاقُ والآلامُ

وخيالُ منْ أهوى ورجْعُ صدى النوى
والغدرُ والحُسادُ واللوَّامُ

فمتى تَرِقُّ ليَ السماءُ وينجلي
عن جَفْنِ أحلامِ الشقيِّ ظَلامُ



20/8/2003

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 09:24 PM


المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (52)


رُعْبْ



حِبْرٌ ودَمٌ ونِفاياتْ

صُورٌ تزهو

إعلاناتْ

مطرٌ يَهمي

وحكاياتْ

قَطَعَ الخوفُ شراييني

ومحا الليلُ

عناويني

رقصَتْ حوليْ

الجُّنيَّاتْ

* * *

حِبْرٌ ودَمٌ ونِفاياتْ

غُرفٌ تُظلِمُ

زَنزاناتْ

قِممٌ تسقطُ

في الطرقاتْ

أكلَ الصمتُ

قَرابيني

قَلَبَ النطقُ

مَوازيني

سخِرتْ منِّي

الأُمنيَّاتْ

* * *

حِبْرٌ ودَمٌ ونِفاياتْ

صَخَبٌ يكمُنُ

في الشرُفاتْ

خُطَبٌ تُلقى

في العَتَباتْ

هجرَ العدلُ

قوانيني

لزِمَ السُّخفُ

مَضاميني

كذَبتْ كلُّ

البرقيَّاتْ

* * *

حِبْرٌ ودَمٌ ونِفاياتْ

خَدَرٌ تحقُنُه

الشاشاتْ

مُقَلٌ تسكُنُها

العَبَراتْ

سكنَ الخوفُ

ملاييني

خشِيَ الحقُّ

سكاكيني

وَصَلَ الرعبُ

إلى الأمواتْ



9/7/2004

عبد السلام بركات زريق 11-03-2010 09:46 PM

المصدر
ديوان سهر الشوق
رقم القصيدة (53)




التَّوأمان



في تكريم الشاعر عدنان قيطاز

غِناؤكِ للزمانِ وللمكانِ *
ومُعجزةُ القريضِ على لساني

ونهرٌ طائعٌ عاصٍ تغنَّى
به الشعراءُ يجري في المَغاني

وأنفاسُ البَنفسجِ والخُزامى
وأنغامُ المَثالثِ والمَثاني

وترجيعُ الطيورِ على غُصونٍ
وأصحابُ البلاغةِ والبيانِ

تنادَوا للقاءِ بمِهرجانٍ
وتكريمِ المُغرِّدِ في الجنانِ

تُغرِّدُ بالبيانِ فكانَ أهلاً
لإجلالٍ وإعلاءٍ لشانِ

فيا ناعورةَ العاصي رُويْداً
ورِفْقاً بالمُتيَّمِ والمُعاني

رَضَعنا الشعرَ منكِ ومن كريمٍ
تباركَ في حِمانا المُرضِعانِ

وألهَمَنا البيانَ هواكِ شِعراً
فأبدعَ في هواكِ المُلهِمانِ

فصوتُكِ حين تختنِقُ السواقي
وصوتُ الشعرِ قَهْراً يَغفُوانِ

ونصحو في الربيعِ على نَماءٍ
يراوِدُنا فنصْدحُ بالأغاني

كلانا ساحِرُ النغماتِ وجْداً
تَحِنُّ إليه أعصابُ الكمانِ

ولستُ مُغالياً إنْ قلتُ جهْراً
بأنَّا يا حبيبةُ توأمانِ

قَبسْنا الحرفَ من ألقِ الدراري
كأنَّا في المجرةِ فرقدانِ

ويُنكِرنا الذي احترَفَ المَعالي
ويَزعُمُ أنَّه فرسُ الرهانِ

* * *
أخي عدنانُ : يا سيْفَ التحدي
وحِصنَ الضادِ والدرعَ اليماني

لهيبُكَ أخضرُ الصفحاتِ سهلٌ *
وممتنِعٌ على مرِّ الزمانِ

وذا ملكوتُ حبِّكَ خيرُ عِقدٍ *
فريدٍ بالفريدِ من المعاني

وأسفارُ ابنِ أيوبٍ عذارى *
تَبخْتَرُ في قلائدِ من جُمانِ

ووجهكِ مستَبِدٌ لا يُجارى
ولو سَرَحَ الخيالُ بلا عِنانِ

فخمرُكَ من كُرومِ الشعرِ أصفى
من العنَبِ المُعتَّقِ في الدِّنانِ

* * *
أخي عدنانُ : دُنيانا صِراعٌ
وقد عانيتَ قَبْلاً ما أُعاني

أتسمعُ أو ترى القَنَواتِ تُخفي
أموراً بادياتٍ للعَيانِ

هنالكَ من يرى صُوراً ويُصغي
لمغرورٍ يَروغُ كثُعلبانِ

أرى قَدَري كوجهي مكْفَهِرَّاً
أُدغدغُه ويُمْعنُ باحتقانِ

فأَرجِعُ غاضباً أَسِفاً حزيناً
أُعاتبُ من بلا ذنبٍ جَفاني

* * *
صديقَ العُمْرِ : يا فجراً مُطلّاً
بدنيا الشعرِ نحن النيِّرانِ

أَتذكُرُ في الطفولةِ كم رَتعنا
بأحضانِ " المُغيلةِ "* في أمانِ ؟

نُسابقُ ظِلَّنا نعدو خِفافاً
ونرجِعُ مُتعبيْنِ إلى المكانِ

لَهونا قَدْرَ ما نسطيعُ حتَّى
كبِرنا والعيونُ لنا روانِ

ولمَّا أنْ وَعَيْنا مُبتغانا
هجرنا اللهوَ سعياً للأماني

وسِرنا نحمِلُ الراياتِ حُمراً
على الأشلاءِ في ساحِ الطِّعانِ

إلى أن أقلعتْ عنَّا فَرنسا
فيا نيسانُ أقبِلْ بالتهاني *

* * *
وفاجأَنا الشبابُ وكان حتماً
علينا أن نَحِنَّ إلى الحِسانِ

نُصَرِّفُ كلَّ فعلٍ فيه شوقٌ
ونحن على المقاعدِ طالبانِ

وإنْ جمحَ القريضُ بنا أويْنا
إلى رُكنٍ به ناعورتانِ

تعانِقُنا الظلالُ بكلِّ غُصنٍ
وريفٍ من غُصونِ البيلسانِ

فكم لاحَ السرابُ وكان وهماً
تصوُّرُنا بأنَّا عاشقانِ

وكم من غادةٍ عبثتْ بقلبي
وقلبِكَ في التباعدِ والتداني

وكم صَدقتْ نَبوءتُنا بحبٍّ
غنيٍّ بالمودةِ والحنانِ

فتُسمِعُني قصيدةَ حبِّ ليلى
وأُسمِعُك المُتيَّمَ في "رزانِ "

تدغدغُنا تحيَّاتُ العَذارى
بأجفانٍ تبوحُ كتُرجُمانِ

إلى أنْ دارتِ الدنيا ودُرنا
وفوجئنا بأنَّا والدانِ

وداهَمَنا المشيبُ ومرَّ عهدٌ
قضى ألَّا أراكَ ولا تراني

قبعْنا في زوايا البيتِ كُرْهاً
وليس لنا بما يجري يدانِ

* * *
صديقَ العُمْرِ : حسبُك أنَّ بيني
وبينَكَ ما ينوءُ به بياني

على أنِّي أرى التكريمَ باباً
تَزاحمَ فيه هدَّامٌ وبان

فناعقةٌ تُولوِلُ في خرابٍ
تُشيرُ لها الأصابعُ بافتتانِ

وتُغرِقُها الألوفُ بلا حسابٍ
فتنعِقُ بالسخيفِ من الأغاني

وشاعرُ أُمَّةٍ يقضي فقيراً
وتطويهِ الدقائقُ والثواني

ونوْدعُه الترابَ وتَعتليهِ
حوافرُ أتقنتْ وأدَ الأماني

فليس له على الأسماعِ ذِكرٌ
وليس له صدىً في مِهرجانِ

يميناً يا أخي عدنانُ إنِّي
أقولُ وفي فؤاديَ حسْرتانِ

فواحدةٌ تَملْمَلُ في ضميري
وواحدةٌ تَغلْغَلُ في كِياني

هنالكَ في العراقِ ينِزُّ جُرحٌ
نُضمَّدُه بإصدارِ البيانِ

وفي الأقصى نُواحٌ مستمرٌّ
جرى الناقوسُ فيه مع الأذانِ

يمزِّقُ أضلعي نوْحُ الثكالى
وصمتُ النائمينَ على الهوانِ

فكم أَرهفْتَ يا وجعي صقيلاً
أُقاتل فيه مرتعِشَ البَنانِ

أخافُ إذا تزلَّفَ أو تمادى
بتدليسٍ يعاقبُني جَناني

وإنْ أقحمتُه بسدادِ رأيٍ
يطاردُني فحيحُ الأُفعوانِ

* * *
نديَّ الحرْفِ في كَبِدي حريقٌ
يُذوِّبُها ويخنُقُني دُخاني

كلانا جرحُه في الصدرِ باقٍ
يُحِسُّ لهيبَه في كلِّ آنِ

نَذْرنا الروحَ للأجيالِ شرْحاً
وإيضاحاً ونحن معلِّمانِ

ومرَّ الجيلُ إثْرَ الجيلِ يسعى
على أشلائِنا كالعُقْرُبانِ

ورُحنا نشربُ الكدرَ المُدمَّى
وسرُّ الصمتِ أنَّا شاعرانِ

نُكلِّمُ باليَراعِ الصمَّ منهم
ونحن لكلِّ همسٍ مُصغيانِ

ونظمأُ تارةً ونجوعُ أخرى
وأحياناً نثورُ بعُنفوانِ

فنمتشِقُ اليَراعَ ولا نبالي
وتصطبِغُ الحروفُ بأُرجوانِ

* * *
أَبيَّ الحرفِ لستُ أُذيعُ سرَّاً
إذا ما قلتُ دهري قد عصاني

تنكَّرَ لي وخلَّفَني طريداً
أُعاني في التشرُّدِ ما أُعاني

لقد أَطلقتُ صوتي حين ضاقتْ
بيَ الدنيا وغادرَني اتِّزاني

وقد أسمعتُ لو ناديتُ حيَّاً
ولكن لا حياةَ لمن قلاني

فآلامي وأحزاني كِبارٌ
على قدميَّ وهْناً يحمِلاني

إذا عزفتْ قوافي الشعرِ همِّي
يُعربدُ كلُّ موتورٍ وجانِ

فلا صحوي على الآمالِ فجراً
ولا أَرقي بليلي يَشفياني

يغالبُ مرضعاتِ السهدِ جَفني
فتغلِبُه ويشمخُ ناهدانِ

ويولدُ موجَعٌ ويموتُ شافٍ
وفي الحالينِ أكتمُ ما عراني

فلا تعتِبْ عليَّ لقد دعاني
إلى إفشاءِ سرِّي داعيانِ

نقاءُ سريرتي وجموحُ فكري
هما في قصرِ عدلِكَ شاهدانِ

* * *
فيا نَسراً يحلِّقُ باقتدارٍ
جناحاكَ الترفعُ والتفاني

أُحبُّكَ بل أُجلُّكَ يا صديقي
فلا تسمعْ لهاجٍ إنْ هجاني

فكم من حاسدٍ بالمَيْنِ يسعى
ونحن له بصِدقٍ ناصحانِ

نكذِّبُ كلَّ أفاكٍ أَثيمٍ
ونتركُه على خجلٍ يعاني

* * *
أخي يا صاحبَ العَطِراتِ إنِّي
سأُسرجُ للعُلى أبداً حِصاني

أَخوضُ به غِمارَ الشعرِ عُجْباً
وأتركُه يُغيرُ بلا عِنانِ

وأَرجِعُ غانماً دُرَرَ القوافي
لأنثُرَها بأقدسِ مِهرجانِ

لقد أسكرْتَنا شِعراً ونثراً
وفي الكأسينِ طابَ المُسكِرانِ

لكَ القلمُ المُجنَّحُ هامَ حبَّاً
به الثقَلانِ من من قاصٍ ودانِ

غزوتَ به فضاءاتِ المعاني
فطافَ بها وعادَ بصَولجانِ

أدِرْ صَهباءَه صِرفاً حَلالاً
على السُّمارِ وانعمْ بالتهاني


24/11/2004
* يخاطب الشعر الناعورة
* الديوان الأول للشاعر عدنان قيطاز(اللهب الأخضر)
* الديوان الثاني له (في ملكوت الحب)
* الديوان الثالث له (أسفار ابن أيوب الحموي)
* المُغيلة ... من أحياء حماة القديمة
* نيسان ... ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي

عبد السلام بركات زريق 11-04-2010 08:39 PM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (1)



أعراسُ تشرين



أصغتْ إليكِ العُلى واختاركِ القدرُ
ورفَّ في ساحتيكِ النصرُ والظفرُ

وأزهرَ الحلْمُ في عينيكِ وائتلفتْ
على مُحيَّاكِ في ساحِ الوغى السورُ

وخاطبتكِ الأماني البيضُ راقصةً
بين الجوانحِ سَكرى نفحُها عَطِرُ

يا أمَّةً في سماءِ المجدِ ما برحتْ
كالشمسِ في أفْقِ هذا الكونِ تزدهرُ

كم قارعتكِ الليالي السود مُزجيةً
جيشَ الظلامِ وعند الفجرِ يندحرُ

وعشتِ في فلكِ التاريخِ سيدةً
لا تنطفي الشمسُ مهما طالتِ العُصُرُ

* * *
هذي سراياكِ فوقَ الماءِ عابرةً
بجُنحِ داجٍ إلى سيناء تنحدرُ

جلَّتْ عن الوصفِ فالأجواءُ راعدةٌ
والأرضُ هادرةٌ والماءُ مستعرُ

بحرٌ يموجُ من الفولاذِ يحمله
بحرٌ من الدمِ والأشلاءِ تنتشرُ

فلا ترى العينُ إلا الزاحفينَ إلى
دكِّ الحصونِ وما في الساحِ مستترُ

تحدو مسيرتهم في الشامِ أغنيةٌ
بشراك بالنصر جند الحق قد نفروا

من كلِّ أسمر يغلي الثأرُ في دمه
يوري الجحيم ومن أحداقه الشررُ

علا بروجَ دروع الزحف فاقتحمتْ
به المنون وفرَّ الموت يعتذرُ

لم يثنهم عن لقاء الله ذو حذرٍ
الله أكبر مات الموتُ والحذرُ

* * *
ولاح في الأفْقِ نصر الله وارتسمتْ
على جبين العلى آياته الغررُ

فكبَّر المسجد المحزون وانتفضتْ
أستار منبره واهتزت الجُدُرُ

وهلَّلتْ صخرة المعراج حاليةً
وأشرق المهدُ فالظلماء تنتحرُ

فديتُ " تشرين " يذكي الثأر في دمنا
فديتُ " تشرين " لا يبقي ولا يذَرُ

فديتُ " تشرين " أعراساً نزفُّ بها
روح الشهيد بثوبِ النصرِ تأتزرُ

فديتُ " تشرين " سيلاً عارماً ولظىً
ووحدةً وجسوراً فوقها عبروا

ورايةً في ذُرا الجولان خافقةً
ورايةً في حمى سيناء تنتشرُ

* * *
نفضتُ عن مقلتيَّ الوهم فائتلقتْ
في شهر تشرين من سفرٍ مضى صورُ

ورحتُ أشهد جيش الحق مندفعاً
ودولةَ الرومِ في " اليرموك " تندحرُ

وجند كسرى على الأسوار يحصدهمْ
سيفٌ بأمر رسولِ الله يأتمرُ

فاخضوضرتْ واحةُ الآلامِ وانتعشتْ
وازهوهرتْ تربةُ الآمالِ والشجرُ

ورجَّعتْ في رياض القدس صادحةٌ
وردَّد الناي لحن الأمسِ والوترُ

كأنما دارت الأيام دورتها
وعاد للدار ذاك الأنس والسمرُ

* * *
لكنني ودم الأبرار يهتف بي
يا شاعراً من كرومِ المجدِ يعتصرُ

سدَّتْ ينابيع أنهاري وما رويتْ
مساكب الفل لكن أينع الخطرُ

إني جريتُ لأروي الثأر وا أسفي
إن ضمَّكم وعدو الله مؤتمرُ

أقولُ والدمع من عيني منسكبٌ
وفي الجوانحِ قلبٌ كاد ينفطرُ

الله أكبرُ لم تغمدْ صوارُمنا
الله أكبرُ لا عجزٌ ولا خَوَرُ

حتى نسطِّر للتاريخ ملحمةً
من عهد آدم لم يسمع بها بشرُ

حروفها من دماءِ الخالدين على
مرِّ العصورِ ومن أكبادهم صورُ

الواهبين فما ضنُّوا بأنفسهم
على الحتوفِ وهم في شعبِنا كُثُرُ

والمانعينَ فما جادوا بعزَّتهم
على الدخيلِ وما هانوا ولا صغروا

تأرَّجَ الكونُ من أنفاسِهم وعلى
مدارجِ النصرِ ماجَ العطرُ والزَّهَرُ

ونضَّرتها على حبٍّ مقابرُهم
فكلِّ حبةِ رملٍ ريحُها عطرُ

* * *
يا حاملينَ لواءَ السلمِ لا سلِمتْ
يدٌ تُمَدُّ وخلفَ السهلِ منحَدرُ

تيقَّظوا واستعِدوا إنَّ شانئكمْ
يغريكُمُ بالوعودِ الخضرِ فاعتبِروا

لا تركنوا خلفَ أسوارٍ مؤرّقةٍ
والخصمُ دونَكُمُ كالنَّارِ يستعِرُ

تقاذفتْه يدُ الأهواءِ من هلعٍ
والخطبُ مزدحمٌ والجوُّ معتكِرُ

فاستلَّ تحت جناحِ الليلِ خنجرَهُ
واليأسُ يدفعُه والجبنُ والحذرُ

وانسابَ كالصِّلِّ مذعوراً وفي دمهِ
سمٌّ وخلف جدار الزَّيفِ يستترُ

وراحَ يطلبُ صلحاً في مساومةٍ
يندى لها خجلاً يا أمتي الحجرُ

كأنَّ " تشرينَ " لم يكتبْ ملاحمَه
شعبٌ أبيٌّ عريقُ المجدِ مختَبرُ

كأنَّ " تشرينَ " حلْمٌ ضاعَ آخرهُ
وباتَ تأويله كالحقِّ يحتضرُ

* * *
" كلا " سنكتبُها بالسيفِ من دمنِا
على ضريحِ شهيدٍ تربه عطِرُ

ونعقدُ الغارَ إكليلاً لأمتنا
غداةَ يرقصُ في آفاقِها القمرُ

فليس كالسيف تأويلاً لما حلمتْ
به العروبة إمَّا استفحلَ الخطرُ



حماة 24/12/1973

عبد السلام بركات زريق 11-04-2010 09:44 PM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (2)




تشرينُ نصرٌ أحمر




مشتِ العصورُ على هُداكَ تبخترُ
فالأرضُ ريَّا والفضاءُ معطَّرُ

والنصرُ معقودٌ ترِفُّ بنودُه
نشوى يداعبُها الضياءُ فتسكرُ

وبنو الشآمِ مواكبٌ موصولةٌ
تهزا بوقعِ الحادثاتِ وتسخرُ

خلعوا على الأيامِ أثوابَ السنا
وتصدَّروا التاريخَ فهوَ منوّرُ

وبَنَوا صروحَ المجدِ من أكبادهم
فبكلِّ سامقةٍ دماءٌ تَقطِرُ

وسنا الجراحِ يضيءُ دربَ نضالِهم
والليلُ عند حدودِهم يتقهقرُ

زرعوا حقولَ الغارِ فوقَ ربوعِنا
أَلقاً يشعُّ على الزَّمانِ فيُبهرُ

وقضوا على وهجِ النضالِ قوافلاً
" تشرينُ " يذكرُ عهدَها ويُذكِّرُ

يا "شام" حسبُ الخالدين دماؤهم
يمضي بها سفرُ الجِّهادِ ويَمهرُ

* * *
حيَّيْتُ في " الجولانِ" كلَّ مُحلِّقٍ
يغزو سماءَ الخصمِ وهو يُكبِّرُ

ومسدِّدٍ خلف المدافعِ رابضٍ
ودماؤه تحتَ اللظى تتسعَّرُ

وعيونُه غضبٌ تعلَّقَ بالثرى
تهفو لأولى القِبلتينِ وتنظرُ

والجوُّ مكتئبٌ يشق عِنانَه
صوتُ المَدافع كالكواسر تزأرُ

والأرض من صَخَبِ الدروع كأنما
يوم القيامة فوقها والمحشرُ

والأفْقُ يحتضن النسور فتارةً
تخفى وأخرى كالكواكب تظهرُ

تتصيَّدُ الغربانَ فوقَ جبالنا
وتغير منها القاذفات وتُمطرُ

والبحرُ يلفظ للجحيمِ بوارجاً
أشلاؤها فوق الصخور تَبعثرُ

حتى تمخَّضَ ليل نصرك مذْ بدتْ
أهداب فجرك بالسَّنا تتقطَّرُ

واليأس خلفَ المرهفين عزائِماً
يلوي بها صلف العدا ويُدمِّرُ

فإذا روابي القدس تورق بالمنى
وبثالث الحرميْنِ يهتفُ منبرُ

* * *
يا " شامُ " عفوكِ لست أول شاعرٍ
يشدو بأعراس النضالِِ فيسكرُ

لكنني غَرِدٌ يرفُّ جناحه
فوق المروجِ المعشباتِ فتزهرُ

واليوم أغبط من يقولُ قصيدةً
عنوانها تشرينُ نصرٌ أحمرُ

فأنا لسان الحق لست مغالياً
تشرين من " ذي قار " يعرب أطهرُ

* * *
يا " شامُ " حسبُ المجد أنك ظئره
ودم الشهيد لبانةٌ تتفجرُ

أَرضعتِه شممَ الإباءِ ولم يزلْ
يهفو لثديكِ جائعاً يتضوَّرُ

لا تفطميهِ على وعودِ مخاتلٍ
فيها قبورُ المجدِ باسمك تُحفَرُ

ودعي السلامَ لعاجزين جهودهم
فوقَ المناضدِ في المجالسِ تُهدرُ

أَيُشرِّفُ النصرَ المبين تفاوضٌ
يرخي العنانَ لنابحٍ يتنمَّرُ

لن يستحيلَ دمُ الشهيدِ وثائِقاً
تُطوى على السلمِ الهزيلِ وتُنشرُ

* * *
يا " شامُ " يا زهوَ الزمانِ تبسَّمي
للغدرِ أيامٌ تطولُ وتَقصُرُ

يسقونَ حنظلها بكأسِ فعالهم
وبِكفِّ ساقيها تحفَّزَ خنجرُ

وبمقلتيهِ بدتْ حكايةُ أُمَّةٍ
بالغارِ ينسجها .. وشعبُك يضفرُ



حماة 8/4/1974

عبد السلام بركات زريق 11-08-2010 07:54 PM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (3)




نفسي وكأسي



صفتْ كخمرةِ ربِّي إذْ يعتِّقُها
في جنةِ الخُلدِ للأبرارِ تُعتصرُ

وصبَّها كضياءِ الفجرِ خالصةً
من كلِّ شائبةٍ تبدو وتَستترُ

رقراقةً .. في كرومِ الغيبِ يانعةٌ
أغراسُها .. وبروحي الزهرُ والثمرُ

شَفَّتْ فما حجبتْ عني بواطنها
وأشرقتْ فأنا في نورِها بشرُ

نفسي وحسبيَ أني في غَوايتها
لا يعتريني بها حقدٌ ولا حذرُ

صعَّدتُها في سماواتِ الهوى سُحُباً
فأمطرتني شقاءَ العيشِ ينهمِرُ

على جبينيَ من أغوارِها أثرٌ
وفي عيونيَ من آفاقِها سُوَرُ

* * *
سموتُ حتى كشفتُ الحجْبَ واتَّضحتْ
ليَ الحقيقةُ .. فالأوهامُ تنحسرُ

ورحتُ أحسدُ أهلَ الجهلِ من ضجرٍ
وفاقدَ الحسِّ حتى ملَّني الضجرُ

فازورَّ عني أحبائي لجهلِهمُ
وفي دمي حبُّهم كالنارِ يستعرُ

لو يعلمون بما أُخفي لأَعجزَهم
في الناسِ من هو مثلي حين أُختبَرُ

* * *
هم ينكرون عليَّ الحبَّ يلهمني
وحياً يحنُّ إلى أنغامه الوترُ

منضَّداً من صباباتٍ مُجرَّحةٍ
تَرِفُّ جذلى على آياتِه الصُّورُ

وفي رياضِ الهوى والحبِّ لي كَبِدٌ
تهفو وتجرحُها الأهدابُ والحَوَرُ

أحيا بفضلةِ آمالٍ لو انقطعتْ
لم يبقَ في العيشِ من طيْبِ الرضى أَثرُ

أنا مُجرَّدُ إحساسٍ وعاطفةٍ
تندى بعالميَ الأحلامُ والفِكَرُ

لوَّنتُ في هدأةِ الأسحارِ قافيةً
من مقلةِ السحرِ نشوى .. سكبُها عَطِرُ

لمَّا تبيَّنتُ نفسي في مراشفِها
أدمنتُها فهي عندي الكأسُ والخَدَرُ

فضوؤها أبداً لا ينطفي وعلى
لألائها في النوادي يعذبُ السمرُ

وينتشي اللحنُ فالأنغامُ راقصةٌ
على شفاه الندامى من بها سَكِروا

كذا أنا فليمُتْ من عاشَ في حَذَرٍ
بهمِّهِ .. وليعشْ من خانه الظَّفرُ

* * *
ولي حبيبٌ بروحي راحُه امتزجتْ
أفديهِ بالعُمرِ لو يحظى به العُمُرُ

وكم أودُّ لو اَني أستحيلُ ندىً
أَحلُّ في كلِّ قلبٍ كاد ينفطرُ

آسو الجراحَ وأُحيي في كوامنِه
مُواتَ بذرةِ حبٍّ فيه تندثرُ

ولستُ صانعَ إحساسي أُبدِّلهُ
متى أردتُ .. ولكنْ صاغه القدرُ

وَزفَّهُ شاعراً يُدمي عواطفَه
شجوَ المعنَّى إذا ما شفَّه السهرُ

فالعيشُ عندي أمانٍ يستخفُّ بها
من لم يعانِقْه من بحرِ الهوى وَطَرُ

والشعرُ عندي تسابيحٌ أُرتِّلُها
في معبد الحبِّ حيث الكره يحتضرُ

في جنةٍ من خيالاتٍ مؤنقةٍ
تسمو بعالمِ إحساسي فيزدهرُ

هناكَ تبرأُ نفسي من شقاوتِها
فأزدري كلَّ آلامي وأَحتقرُ


حماة 3/6/1974

عبد السلام بركات زريق 11-08-2010 09:23 PM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (4)



يأس




غداً إذا متُّ مات الحزنُ والألمُ
فلا شعورٌ ولا حِسٌّ ولا ندمُ

حسبي أغادرُ دنيا الناسِ مرتضياً
دارَ البقاءِ فأهلاً أيها العدمُ

أمضي لعالمِ أرواحٍ تهيمُ به
روحي .. وتنعدمُ الأعرافُ والنُّظُمُ

فلا خصامٌ ولا كرهٌ ولا مِقَةٌ
ولا رِياءٌ ولا بخلٌ ولا كرمُ

ولا شقاءٌ ولا خوفٌ ولا دعةٌ
ولا قصورٌ ولا يأسٌ ولا هِمَمُ

ولا جمالٌ ولا قبحٌ ولا غَيَدٌ
ولا صبيٌّ ولا كهلٌ ولا هرمُ

ولا نجومٌ ولا شمسٌ ولا قمرٌ
ولا سماءٌ ولا أرضٌ ولا نَسَمُ

* * *
لِمَ الحياةُ وعيشي كلُّه كَدَرٌ
وفي ضلوعيَ نارُ الصمتِ تضطرمُ

والفقرُ يأكلُ أعصابي يُمزِّقني
والسهدُ يفعلُ بي ما يفعلُ السقمُ

ولي حبيبٌ يؤوسٌ من مبادلتي
حُبَّاً بحبٍّ .. ولا حِلٌّ ولا حَرَمُ

وكلُّ ما بيننا في الحبِّ مختلفٌ
الخوفُ يرصدنا .. والشك والتُّهمُ

مات الرجاءُ ولم أبلغْ به أملاً
يا حسرةَ القلبِ بعدي سوفَ ينعدمُ

يا حسرةَ الشعرِ بعدي كيف يقرضُهُ
متيَّمٌ في دجى العينين مكتتمُ

إذا أشارتْ له جنَّتْ عواطفه
وأمطرته القوافي البكر تنتظمُ

فينتشي الكونُ من آياتِه طرباً
ويسكر اللحنُ والأوتارُ والنَّغمُ

* * *
فإن قضيتُ فزوروني على جَدَثٍ
وابكوا عليَّ ليرضى المجدُ والكرمُ

أنا الذي في حياتي كنتُ أمنحُكم
طيبَ الوفاءِ .. وحولي النارُ تحتدمُ

معلَّقٌ بخيوطِ الوهمِ .. مُحتكِمٌ
إلى الزمانِ .. وبئسَ الحُكمُ والحَكَمُ

أقتاتُ من صَلَفِ الأيامِ في حَذَرٍ
وأشربُ اليأسَ .. والأوهامَ ألتهمُ

وفي جحيمِ شعوري يكتوي أملٌ
يُدمي فؤادي .. وخوفَ اللومِ أبتسمُ

وجُلُّ من هو حولي حاقدٌ وقحٌ
تَزْوَرُّ عن نفسه الأخلاقُ والقِيَمُ

مُعَطَّلُ الحسِّ .. مغرورٌ يعيشُ به
وحشٌ تصول به الأحقادُ والنِّقَمُ

وبين جَنْبَيَّ يحيا الخيرُ مزدهياً
وفي ضميريَ ينمو اليأسُ والسأمُ

وآفةُ العيشِ أني شاعرٌ كرهتُ
نفسي الحياةَ .. وغيري جائعٌ نَهِمُ




حماة 29/7/1973

عبد السلام بركات زريق 11-09-2010 10:02 AM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (5)



طريدُ الوهم




يا حبيبي فـي دجى عينيْـكَ تغفو كبريـائي
وبـجفيْكَ انصهاري واحـتراقي و وفنائــي
وعلـى خدَّيـك آيـاتُ سروري وشـقائـي
وعلـى نهديك آثـارُ اشـتعالي وانطفائــي
فاحملِ الحـب حبيبي لا تُضـعْ فيه رجـائي

* * *
يا حـبيبي أورقَ الحـبُّ ببستانـي وأزهـرْ
وأتتْ كلُّ عصافـير الهـوى تشـدو وتسـكرْ
وسرى جدول أحـلامي لنبـع الوصـل كوثرْ
وملأتُ الكـون مـن نفـخ اللِّقا مسكاً وعنبرْ
فاقتربْ مني وذوِّبْ في كـؤوس العمـر سُكَّرْ

* * *
أنت في صمتكَ تسقينـي الردى فاعطف عليَّا
كنتَ بالأمس حـبيبي والمنـى كـانت لـديَّا
عقني الشـعر ومـرَّ الأمـس حـلماً عبقريا
ملَّني حتـى شـعوري .. والأسى في جانحيَّا
أطفأَ الشـكُّ شمـوعـي وسجـى الليل عليَّا

* * *
هدأَ الليلُ وضجَّـتْ فـي الحنـايا ذكـرياتي
أيـن يـا ليلُ حبيبي .. أيـن أحلامُ حياتـي
أين أُسكوبُ هـوانا أيـن صحبـي وَلِـداتي
أين من يرعـى ودادي بين شتى المغريـاتِ
ضعتُ عن نفسي وضاعت في العشايا أغنياتي

* * *
أنا يا ليلُ طريـدُ الوهم قـد طالتْ دروبـي
حطَّـم اليأس أمانـيَّ ولـم يرحـم شحوبي
وهَفَتْ للمـوت نفـسي ودنـا وقت مـغيبي
ومضتْ شمـس حيـاتي نحو آفاق الغروبِ
فاتئـدْ يا ليـلُ واحملْ ذكرياتـي لحـبيبي

* * *
حدِّثِ الأجيـالَ عنـي أيـها الليلُ طويـلا
قلْ لهـم كـان محباً مرهف الحـسِّ عليلا
شِعرُه ذَوْبُ فـؤادٍ راح يجـري سـلسبيلا
أحرقَ العمـرَ ولم يسـعدْ ولم يـروِ الغليلا
ومضى يحـملُ قلبـاً طيِّبَ النشرِ أصيـلا



دمشق 10-8-1973

عبد السلام بركات زريق 11-09-2010 10:25 AM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (6)


أشلاء الهوى


مزَّقتُ صورتَها وقلتُ لعلَّني
أجدُ السلوَ .. وراحةَ النسيان

وحملتها بيدي كأنِّيَ مجرمٌ
في الليل يبحث عن طريق أمانِ

أخشى ضياء الفجر .. أعثرُ بالحصى
ويدايَ واهيتان ترتجفان

أتلمَّسُ الجدرانَ ... أين أدسُّها ؟
وأحسُّ أشباح الظلام تراني

ووقفتُ أسمعُ .. والسكونُ مخيمٌ
صوتاً يردِّدُ : أنتَ ..أنتَ الجاني

صوتاً بأعماق الضمير تجاوبتْ
أصداؤهُ .. وسرى إلى وجداني

من أنتَ ؟ وانقطع الصراخُ وأرعدتْ
" الله أكبرُ " بدءَ كلِّ أذانِ

وتعالتِ الأصواتُ وارتحل الدجى
وغزتْ جيوشُ الفجر كلَّ مكانِ

وبقيتُ وحدي في الطريقِ مسمَّراً
والإثم ينهشني .. يهدُّ كياني

ربَّاهُ ... من لي بعد صورتها إذا
غمرتْ وجودي موجةُ الأحزانِ

ربَّاهُ .. من أشكو إليهِ صبابتي
وأبثُّه وجدي .. وغدرَ زماني

وقصائدي يا لهف روحيَ من تُرى
يصغي إذا أنشدتُها ويعاني

من ملهمي والشعرُ ذَوْبُ عواطفي
وحيَاً لآياتي ... لسحر بياني

ربَّاهُ ... وارتفعتْ يدي وفتحتُها
ولثمتُ أشلاءَ الهوى بحنانِ

ونثرتُها للريح ثم جمعتُها
بسذاجةِ الأطفالِ في هَيَجانِ

وهممتُ أُرجعها وأُسقط في يدي
لما خلتْ من بينها العينانِ

وبحثتُ عنها في الطريقِ فلم أجدْ
أثراً لها ... فصرختُ في هذيانِ

عيناكِ يا للهِ !!! كيف تولَّتا ؟؟
قبل الوصالِ ... وهاجتا أشجاني

عيناكِ أقداري سجدتُ بظلِّها
للحبِّ حيث أضلَّني وهداني

عيناكِ محرابي عبدتُ به الهوى
وعرفتُ ربي فيه بالهيمانِ

عيناكِ يا لفجيعتي أَلقُ الرؤى
كيف السلوُّ ؟! وكانتا سلواني

عيناكِ سرِّي وافتضاحيَ في الهوى
وربيعُ أيامي وصفوُ زماني

عيناكِ !! يا لجريمةٍ نفَّذْتُها
رَوَّضتُ فيها العقلَ بعد حِرانِ

وقتلتُ إلهامي وتلك قصائدي
مزَّقتُها فيدايَ آثمتانِ

فغدتْ جميعُ عواطفي مجنونةً
جمحتْ وشقَّتْ لي عصا الإذعانِ

وأنا البريءُ بكلِّ أعرافِ الورى
لكنْ بعرفِ الحبِّ كنتُ الجاني

* * *
غفران صورتك الحبيبةِ بعدما
أَلقيتُها مِزَقاً تروعُ جَناني

مِزَقاً كقلبي بعد هجركِ والنوى
ولظى الحنين وشدة الخفَقَانِ

وانسابتِ الآهاتُ تعصف بالمنى
وتعودُ بي للكبتِ والحرمانِ

ومضيتُ والندمُ المرير يهدُّني
وحبستُ إلا في القريضِ لساني



حماة 17-8-1973

عبد السلام بركات زريق 11-09-2010 10:36 AM


المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (7)



اِحملوا عني هواها


اِحملوا عنـي هواهـا .... ساعةً يمضي العناءْ
سـحر عينيها بلائـي... وجنـى الثغـر شــفاءْ

* * *
يا طبيب الجسم دعـني ...بيــن يـأسٍ ورجـاءْ
فطبيـب الـروح أولى ...منك في وصف الدواءْ

* * *

قـدري بيــن يديـها ... كيفـما شـاءت يشـاءْ
وحيـاتي فـي هـواها ... بين غـدرٍ ووفـــاءْ

* * *

بلغـوهـا اليـوم أنـي ... مُدلجٌ يخـشى الضيـاءْ
ليس بـي مـسٌ ولـكن...قلـبُ مـن يهوى هواء

* * *



حماة 12-12-1973

عبد السلام بركات زريق 11-10-2010 08:42 PM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (8)



عابدة




طالَ البعاد وهاجَ الشوق في كبدي
وعدتُُ أسألها عن حاضري وغدي

وكنت أحسب طولَ البعد غيَّرها
كأيِّ واحدةٍ من ذلك البلد

لكنَّني لم أكدْ أخطو بساحتها
حتى رأيتُ دليل السُّهدِ والجَلَدِ

رأيتُ وجهاً أحال الهجر نُضْرَتَهُ
إلى شحوبٍ .. فما يخفى على أحدِ

وقامةً قد كساها السهد ثوب ضنىً
وغابَ عنها تثنِّي الخصر .. لم يَعُدِ

فلا العيون كما عهدي بها ائتلقتْ
ولا الخدود نديَّاتٌ من الرَّغَدِ

كأنها لم تكنْ بالأمس ناعمةً
هيفاءَ تأسر قلب الصبِّ بالغَيَدِ

* * *
وقفتُ أُبعدُ عني الوهمَ واقتربتْ
مني تصافحني .. لمَّا مددتُ يدي

وغرَّقتْ في عيوني نظرةٌ سفحتْ
إليَّ كل حديثٍ دار في خَلَدي

سألتُها: ما الذي أضناكِ ؟ فانتبهتْ
لما رأيتُ فقالتْ : كُفَّ .. لا تزِدِ

خبا جماليَ فالمرآةُ تخذلني
وكنتُ أنظرُ فيها نظرةَ الصَّيَدِ

وجفَّ ثغريَ إثرَ الهجرِ واكتحلتْ
عينايَ بعد بريق السحرِ بالرَّمدِ

فما نحوليَ إلا من نواكَ وما
ذبول حسنيَ إلا من لظى الكَبَدِ

* * *
وكنتُ أخطر بين الغيد مائسةً
وكُنَّ يُضمرنَ لي حقداً من الحسدِ

وقد رثَيْنَ لحالي بعدما انطفأتْ
أنوارُ وجهي .. ولاح السُّقمُ في جسدي

فرحت أعدو إلى المرآةِ أكسرها
وأزجرُ الدمع إثر الصحو كالولدِ

علَّمتَني كيف أفنى في هواكَ فهل
عاتبتَ نفسكَ إذ أَورثتَني كمدي ؟

أم جئتَ تسخرُ من حبٍّ سهرتُ به
على نواكَ .. وتوري النارَ في كبدي

* * *
جعلتُ حبَّكَ لي محرابَ عابدةٍ
أُقيم فيه صلاة الحب للأبدِ

يظلُّ يُنعشُ روحي منه طيفُ رؤىً
فأسكبُ القلبَ في أوهاميَ الجُدُدِ

أُعلِّلُ النفسَ في وصلٍ حلمتُ به
أيامَ كنتَ تبيع الحبَّ في بلدي

عشقتُ فيك حناناً كنتُ أَنشدهُ
تحت الجناحِ كزغب الطائر الغَرِدِ

فلو سألتَ حياتي ما ضننتُ بها
على هواكَ .. وحقِّ الواحد الأحدِ

وما عليكَ ؟! فإني قد نذرتُ دمي
فإنْ يَرُعْكَ حطامي اليوم .. فابتعدِ


المعرة - قرية تلمنس 1-8-1965



ملاحظة ... هذه القصيدة من أقرب القصائد إلى قلب الشاعر

عبد السلام بركات زريق 11-20-2010 07:42 PM


المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (9)


جدار الصمت



أنا لا أحبُّك بل أحبُّ عذابي
وهوىً أرقتُ به دماء شبابي

أنا لا أحبك أنت لستِ جديرةً
بهوايَ أسفحه على الأبوابِ

أنا لا أحبُّك يا " ...... " وإنما
أهوى الهوى يقتاتُ من أعصابي

أشقى وأسعدُ .. والفؤاد مُعلقٌ
ما بين لومٍ جارحٍ وعتابِ

ويطيرُ بي شوقٌ فأسبح بالمُنى
وكأنني الصوفيُّ بالمحرابِ

وأرى عذابي في هواكِ وراحتي
أني أحبُّ .. وجنَّتي وثوابي

وأخافُ يوماً قد يجيءُ ولا أرى
غيرَ الصدودِ .. وجفوةَ الأحبابِ

فأذوبُ وجداً في النوى وصبابةً
ويطيرُ في صمتِ الفراغِ صوابي

* * *
أنا لا أحبُّكِ بل أعلِّمكِ الهوى
واليوم قد أنهيتُ ما بكتابي

حتى غدوتِ .. ولا أقولُ صبيَّةً
بل غادةً سحريَّةَ الأطيابِ

وأنا الذي قد عشتُ أحتضنُ الهوى
كالطفل أُرضعه كؤوسَ شرابي

حتى ترعرعَ في الضلوع وعقَّني
ومضى يمزق برقعي وحجابي

فإذا جدار الصمت يسقط بيننا
وتضيق عن " أهواكِ " كل رحابي

" أهواكِ " لم يُجْدِ التعقلُ في الهوى
ولقد رضيتُ على يديكِ عذابي

ولقد رضيتُ بأن يُقالَ تشفِّياً
كهلٌ يذوبُ على جحيم رغابِ



حماة 5-1-1971

عبد السلام بركات زريق 11-20-2010 07:49 PM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (10)

الأملُ المجنح




دعيني للشقاء فكلُّ عمري
شقاءٌ كيف أطمع بالصفاءِ

سُقيتُ مرارةَ الأيامِ طفلاً
وفي شرخ الشباب ذوى رجائي

حملتُ هواك في كبدي زماناً
أعيش له .. ويشربُ من دمائي

أنام .. وألف آهٍ في لهاتي
أذوِّبُها بمضطرم البكاءِ

فقد حلَّ الظلامُ .. وما لقلبي
صباحٌ بعد فجركِ يا ضيائي

وأنَّى لي .. وقد هرمتْ أماني
فؤادي وانقضى زمنُ العطاءِ

* * *
دعيني يا " ... " فنجمُ سعدي
بلَيلِ هواك يأذنُ بانطفاءِ

عيونكِ بالظلام تلفُّ روحي
فأهربُ كالفراشِ إلى الضياءِ

لأشهدَ عالماً للسحر تزهو
به شفتاكِ مؤتلق الرُّواءَِ

فَتُظْمِئُني .. ويحرقني لظاها
وحُمَّى اليأسِ تفتكُ بالرجاءِ

فأَبْعُدُ عن هواكِ وفي ضميري
يراودني شعورٌ بالبقاءِ

* * *
دعيني في بحارِ الوهمِ أُشعِلْ
جراحي في أعاصير الشتاءِ

سأُبحر دونما هدفٍ وأرسو
على شُطآنِ حبِّكِ بارتماءِ

شراعي السُّهدُ تغزله الليالي
وتنسجه الوساوسُ من دمائي

فتحملني إلى جُزُرِ الأماني
ودنيا السعدِ أخيلةُ المساءِ

هنالك تزهرُ الدنيا وصالاً
بلا خوفِ الوشاةِ .. بلا رياءِ

أضمُّك يا " ... " وفي ضلوعي
حريقٌ شبَّ من زمن التنائي

فأُطفئهُ على شفتيكِ لثماً
وأغرقُ بالسعادة والوفاءِ

وأسكرُ باللمى ورفيفِ هُدْبٍ
يكسِّر جفنها فرط الحياءِ

وأصحو والهوى غَرِدٌ بقلبي
لأهتفَ : قد برئتُ من الشقاءِ



حماة 20-8-1971

عبد السلام بركات زريق 11-20-2010 08:00 PM


المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (11)



إخفاق




سرتُ في الدرب وحيداً .. مثقل الخطوِ أغنِّي
علَّني أنسى جراحاً .... من حبيبٍ ضاع مني

* * *
كل شيءٍ كان حولي ....... مصغياً يرنو إليَّا
غير أني في ضميري ....... خلتُه يبكي عليَّا

* * *
وتذكرتُ لقانا ................ وأماسيَّ هوانا
كم على العاصي تهاديـــــــنا وباحتْ مقلتانا

* * *
كم قضينا الليل نبني ...... عشَّنا فوق الشجرْ
من غريراتِ الأماني ..... في أُويقاتِ السحرْ

* * *
كم زرعنا الليلَ أحــــــــــلاماً وروَّيناهُ طيبا
ثم أشعلناهُ لمَّا .......... أصبحَ الحبُّ لهيبا

* * *
جَلَّ بالوصف هوانا ...... عن مفاهيمِ البَشرْ
يا حبيبي كيف تنأى ....... بعدما لانَ القدرْ

* * *
وصحا الوجدُ فدربي ...... ذكرياتٌ ودموعْ
توقظُ الجرحَ بقلبي ....... وحنيني للرجوعْ

* * *
وإذا طيفُ حبيبي ....... بينَ أشباح الظلامْ
عاثرُ الخطوِ مُعنَّى ...... من تباريحِ الغرامْ

* * *
فانثنى بالقربِ مني .. صامتاً خلفَ الحجابْ
وتراميتُ عليهِ ........ فاختفى عني وغابْ

* * *
صرتُ أبكي مثل طفلٍ . ضائعٍ يخشى الظَّلاما
تارةً يعدو وأخرى ...... يرتمي مثلي حُطاما

* * *
يجهلُ الدربَ ويمضي ..... شاردَ الفكرِ مُهدَّمْ
جرَّب اللوعةَ والإخـــــــــــــــفاقَ لكنْ ما تعلَّمْ




دير الزور 11-6-1972

عبد السلام بركات زريق 11-20-2010 08:34 PM


المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (12)



طفلة الحب



أهِ .. لو تدرينَ أيام الهوى
بالذي عاناهُ قلبي من عذابْ

حبُّكِ النار التي تحرقني
في ضلوعي بعدما فات الشبابْ

حبُّكِ الوهمُ الذي أطعمته
راحة النفس .. وألوان الرِّغابْ

حبُّكِ الطفل الذي أرضعتهُ
من لباناتِ الهوى أحلى الشرابْ

حبُّكِ السهدُ الذي ذوَّبني
مثل خيط النورِ في ليل الضبابْ

حبُّك الشِّعر الذي نَمْنَمتُه
من أمانيَّ وأحلامي العِذابْ

أهِ .. لو تدرينَ ما معنى الهوى
ما أضعتِ العمر لوماً وعتابْ

* * *
أشعلي النار بدربي فأنا
في طريقِ الهجر ماضٍ لا أهابْ

واحجبي الشمس وأنسامَ الصِّبا
وامنعي المدرار من دمع السحابْ

واحرقي الأخضرَ من عيشي فلن
تحصدي إلا رماداً أو ترابْ

فأنا اليومَ أسيرٌ هاربٌ
من سجونِ الوهم لا أرجو إيابْ

* * *
حبُّنا أضحى حكاياتٍ مضتْ
في صحارى العمر تبدو كالسَّرابْ

حبُّنا القدسيُّ .. بل حبي أنا
ماتَ مثل الذنبِ في يومِ المتابْ

حبُّنا .. لا تسأليني إن غدا
قصةً خُطَّتْ .. وشعراً في كتاب

ألفُ غرٍّ سوف يأتي بعدنا
يحرقُ الكُتْبَ بِعودٍ من ثقابْ

يا ملاكاً في الهوى ضلَّلني
أنتِ من " إبليس " أولى بالعقابْ

سحرُ عينيك الذي خدَّرني
أبطلَ السحر زماناً ثم غابْ

ودياجي الشَّعر من حول الضحى
أغرقتْ عمري فجانبتُ الصوابْ

فارفعي كفَّيكِ إن جنَّ الهوى
واحرقي البخور في بيت خرابْ

أنتِ لن تَحْظَيْ بصبٍّ مغرمٍ
يصرفُ العمر ضياعاً في يبابْ

* * *
جرِّبي في الحب غيري مرةً
واغرسي في مهجة الماضي حرابْ

مركبي في البحر يجري آمناً
بعد ما غادرتُ شطآنَ العذابْ

مركبي في الحب لا يرسو على
مرفأٍ كالأمسِ .. صخريّ الشِّعابْ

* * *
زهرةً كنتِ بروضي حلوةً
في ربيع العمر تهدين الملابْ

ضمها قلبي فلم يعبث بها
صانها كالسر خوفاً واحتساب

إنما الأشواك أدمتْ أنملي
عندما حاولتِ من قلبي اقترابْ

* * *
سوف تمضينَ ويمضي مركبي
بعدما مزَّقتُ عن عيني الحجابْ

سوف تَهوين لقاعٍ مظلمٍ
لا ترينَ النور في ذاك العُبابْ

وأنا أمضي لفجرٍ مشرقٍ
وشراعي فوقَ طيَّاتِ السحابْ

طفلتي في الحب ما زال الهوى
في مغانيكِ له ألف انقلابْ


حماة 7-5-1970

عبد السلام بركات زريق 11-21-2010 10:28 AM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (13)





الوصال الدائم




خمرُ عينيكِ وإشراقُ الأملْ
وانعتاقي من ظنوني والعذل

وارتعاشاتُ أماني مدنفٍ
تحت جنح الليل والفجر أطلّْ

ودموعٌ يرتوي السهدُ بها
لم تزل توري حنيني .. لم تزلْ

وانسيابُ الآهِ من عصفِ النَّوى
واحتراقٌ بين خوفٍ وأمل

ودبيبُ السفم يوهي جسدي
حمَّلَ القلبَ غريباتِ العللْ

كل هذا منكِ يا فاتنتي
علَّم الصبَّ المعنَّى ما الغزلْ

* * *
يا حياتي والهوى عمرُ الشَّذا
يهجرُ الزهر ويمضي في عَجَلْ

فاسكبي العطر بأنسامِ الصبا
ذوِّبي الأيامَ ضمَّاً وقُبَلْ

كلُّ يومٍ ينقضي من عمرنا
صفحةٌ تُطوى بأسفارِ الأجلْ

* * *
أنا أهواكِ جحيماً محرقاً
لا يضيءُ الشمع إن لم يشتعلْ

وأرى قلبَكِ يا فاتنتي
وهوانا فيه لمَّا يكتملْ

فانهبي اللذَّاتِ من عمرِ الهوى
واقطعي بالوصلِ أوصالَ المللْ

أَشعلي نارَ الهوى .. لا تجزعي
رُبَّ نارٍ طهَّرتنا من دَخَلْ

واحملي أوزارَ حبي إنها
معبرٌ يمضي لفردوسِ الأزلْ

كلُّ ما في الحب يا فاتنتي
فيضُ إنعامٍ .. وإرواءُ غلل

واتِّصالٌ بالذي أوجدنا
وانفصالٌ عن متاهاتِ الزللْ

كلُّ أعراف الورى .. كل الذي
أرجفوا في الحبِّ شيءٌ مُفتعلْ

إنما الحبُّ ضياءٌ وهدىً
وبه " جبريل " بالوحيِ نَزَلْ

* * *
يا حياتي والهوى سر الجوى
هل علمتِ الحبَّ فينا ما فعلْ ..!

طهَّرَ القلب سناهُ ومحا
ظلمةَ الآثامِ .. والشرَّ قتلْ

فغدونا فيه نقتاتُ المنى
وانجلى ليلُ شقانا وارتحلْ

* * *
يا ملاكَ الطُّهر أهواكِ به
حسبنا في الحبِّ بَوْحٌ وغزلْ

اِمنحيني الوصلَ بالقول ولا
تقطعي عهداً .. فأحيا بالأملْ

حسبنا في الحبِّ أنَّا نلتقي
ومع الأنسامِ أُهديكِ القُبلْ

وأحاديثُ غرامٍ حلوةٌ
لفَّها الصمتُ .. فأبدتْها المُقلْ

وارتعاشاتُ شفاهٍ نديتْ
برضاب السحرِ تدعو .. تبتهل

ووفاقٌ .. وخصامٌ كاذبٌ
واقترابٌ .. وابتعادٌ لأجَلْ

فَبِروحَيْنا وصالٌ دائمٌ
وبقلبينا حنينٌ متَّصلْ

حسبنا اللهُ بما نلقى فقد
شفَّنا الوجدُ .. وأَعيتْنا الحِيَلْ

فانعمي بالحبِّ .. لا لن تأثمي
أيُّ ذنبٍ لحبيبٍ إن وصلْ ؟



حماة 30-8-1972

عبد السلام بركات زريق 11-21-2010 04:13 PM


المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (14)



صُراخُ الجحيم



وأدْتُ النورَ في أعماق نفسي
وأغرقتُ المُنى بظلامِ يأسي

فشاختْ في مخيِّلتي الأماني
وأيفعتِ الهموم .. ومات أُنسي

ولفًَّ الوهم أحلامي فشابتْ
ولم أظفر من الدنيا بكأسي

حياتي كالسرابِ إذا تراءتْ
بصحراءِ الفناءِ بكيتُ أمسي

* * *
تمرُّ بيَ السنون فلا أبالي
وتصبغني حوادثها بورسِ

فيصبحُ كل ما أرجو هباءً
وألمحُ في الظلامِ نجومَ نحسي

* * *
وجودي في الحياةِ أراهُ شؤماً
فكيف إذا قضيتُ وشُقَّ رمسي ..!

وأصبحتِ العظامُ به رميماً
وصالَ الدودُ في فجواتِ رأسي

وعدتُ إلى الحياةِ بيومِ حشرٍ
وسوِّيتِ النفوسُ بغيرِ لَبْسِ

فإمَّا للجحيمِ أساقُ قسراً
وإمَّا للنعيم بغَيرِ بؤسِ

ضياعي بين أفكاري جحيمٌ
صراخي فيه مُحترقٌ بهمسي

* * *
ترابُ الأرضِ يرصدنا جميعاً
يُذكِّرُ بعضنا حيناً وينسي

ولمَّا لم أجد فهماً لقولي
بعُرفِ المُدَّعين كسرتُ فأسي

وحسبي أن عَييْتُ بحلِّ لغزٍ
أقامَ بأضلعي .. فكرهتُ نفسي


حماة 24-8-1968

عبد السلام بركات زريق 11-21-2010 08:19 PM



المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (15)


حُلُمٌ غريب


نشرتُ لوائي وامتطيتُ جواديا
فصفَّقَ يعلو بالجناحين راضيا

وحطَّ على الجوزاءِ بعد هُنيهةٍ
وأفردني .. وازورَّ يبكي وَداعيا

ولاحَ لعيني كالسرابِ بمَهْمَهٍ
غديرٌ إليه الطيرُ كانت غواديا

عدوتُ إلى أن كدتُ أبلغُ ماءه
فأوقفني صوتٌ غريبٌ ورائيا

فأصغيتُ في شوقٍ إليه ولهفةٍ
لعلِّي أرى في صاحبِ الصوتِ هاديا

فقال دعِ .. الأوهامَ تلك خديعةٌ
تعالَ إلى روضي لأسقيكَ صافيا

* * *
سألتُ : وأين الروض يا طيفُ إنني
تعبتُ فهلَّا جئتني بجواديا ؟؟

ودون جوابٍ قد رأيتُ بجانبي
جواداً كريم الأصلِ أبيض زاهيا

ركبتُ إذا بي في البروجِ محلِّقاً
يجوزُ بيَ الأفلاكَ كالومضِ ساريا

وأنزلني من ثمَّ روضاً مُزيَّناً
بوشيٍ من الأزهارِ .. رقَّ حواشيا

فضجَّتْ به الأطيارُ شدواً كأنمَّا
تقولُ ليَ الأنغامُ جئتَ مناجيا

وماستْ غصون الروضِ سكرى من الصَّبا
ومالتْ على الأمواهِ حُدْباً ..... حوانيا

فيا طيبَ ما ألقى .. ويا حسنَ ما أرى
كأني مليكٌ ... والجنانُ بلاديا

* * *
نفضتُ غبار الوهم عن كلِّ فكرةٍ
وقلتُ لعلَّ السعد رقَّ لحاليا

وسرتُ وئيدَ الخطوِ أختالُ باسماً
أطوفُ حقول الزهرِ نشوان شاديا

نسيتُ أسى الدنيا وكلَّ شجونها
نسيتُ خيامي والشقا وجراحيا

كأني بُعثتُ اليوم دون درايةٍ
فلم يدرِ ما معنى العذابِ فؤاديا

أُقلِّبُ طرفي حيثُ شئتُ فلم أجدْ
سوى جنةٍ فيحاءَ طابتْ مَجانيا

فقلتُ لنفسي : ها هو الخلد فاهنئي
دعوتُ إلهي .. فاستجابَ دعائيا

* * *
ونفَّرَ طيرَ السعد عنِّيَ فجأةً
خميسٌ من الغربانِ حلَّقَ غازيا

وجاءَ زعيم السرب يسرقُ جنَّتي
يقودُ لئاماً حاقدين أفاعيا

أغاروا على روضي وعاثوا وأفسدوا
وشقَّ على نفسي أعيش مُداجيا

فأعملتُ رأسي بالرؤوس أَجزُّها
وقد طارَ من هول المصابِ صوابيا

ولم يدركِ الأوغادُ أنَّ كرامتي
تُثير على وِرْدِ الجدود إبائيا

ولكنَّ نصلي دقَّ فوق رؤوسهم
وأصبحَ عزمي بعد يأسيَ واهيا

فجاؤوا على ضعفي يصبُّون حقدهم
وسالتْ على التُّربِ الحبيب دمائيا

ولما فقدتُ الحَولَ قال زعيمُهم
خذوه .. وإلا قام يضربُ هاميا

من العُرْبِ هذا فانظروا لدمائه
كأني أُحسُّ التربَ فيه مُباهيا

شجاعٌ .. فدائيٌّ .. قويٌّ .. مدرَّبٌ
أبيٌّ .. يدير الموتَ .. إنْ ضِيمَ ساقيا

أخافُ إذا غيَّبْتموهُ بتربه
مهاجمةَ الأشباح وقتَ مناميا

خذوه بعيداً سوف يحيا وينثني
ليغرسَ في هذا الترابِ أمانيا

فأحسستُ أني أهبط الأرضَ عائداً
أشقُّ ظلام الليل كالنجم هاويا

وقعتُ على تلٍّ من الرمل ليِّنٍ
وقمتُ .. إذا بي حالمٌ في فراشيا



حماة 24-9-1968

عبد السلام بركات زريق 11-21-2010 08:30 PM



المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (16)

وداع



حانَ يومُ البُعدِ وانسابَ الصباحْ
وأطــلَّ الفـجـر بالنــورِ ولاحْ
ليته أغفـى ولـم يُلْقِ الوشـاحْ
إنني في الليل لمـلمـتُ الجراحْ
فانتظرْ يا فجرُ كي أخفي حنيني
فمـع النجماتِ قد طـال أنينـي

* * *
إنْ تهـادى الفجرُ في تلكَ الجبالْ
وانبـرتْ بالزهـرِ هاتيك التـلالْ
أو شدا الطيرُ ... وبالشدوِ أطالْ
أو مـع الأحـلامِ سرَّحتُ الخيالْ
فاعلمي أني أُغنِّي في الســكونِ
فمـع النجمـاتِ قد طـال أنينـي

* * *
عندمـا يبدو لك المـاضي سعيدا
يـومَ كنَّا نحسـب الدنيـا خلودا
يوم أنْ كان الهوى بَعْدُ ... جديدا
يـومَ أقسـمنا وأوثقنـا العهـودا
اِذكـريني علَّهُ يصحـو حنينـي
فمـع النجماتِ قد طـال أنينـي

* * *

لملمـي الآهَ علـى تلك السـنينْ
واذكري حبِّي إذا فاضَ الحنيـنْ
وانثري الأزهارَ سلوى العاشقينْ
فوقَ قـبري بعـدما أغدو دفينْ
واسمعي صوتي يناديكِ اذكريني
فمـع النجماتِ قد طـال أنينـي
* * *
لا تقـولي آه ... إنـي لا أُطيقْ
أن أرى وجهـكِ مسلوبَ البريقْ
هل خبا نورُكِ من طولِ الطريقْ
هُوَ ذا الفجـرُ مُطِـلَّاً بالحـريقْ
لن أموتَ اليوم في بحر السـكونِ
فمـع النجماتِ قد طـال أنينـي

* * *
إنَّني أتـرعتُ كأسـي بالحُـميَّا
وانتهـى سـهدٌ ثـوى في مقلتيَّا
كيف أقضي يافعاً غضَّاً نديا ..!
كيف أقضي والمُنى تحبو لديَّا..!
إنني أحيا وقد ماتـت شـجوني
فمـع النجماتِ قد طـال أنينـي

* * *
من أنا؟ من أنتِ؟! في سرِّ الحياةِ
إننـا كالشمعِ في كـهـفِ الغُفاةِ
عمرُنـا يومانِ في دربِ المماتِ
ليــس إلا أننـا قـلـبٌ وذاتِ
إنني أهفو إلـى الماضي الأميـنِ
فمـع النجماتِ قد طـال أنينـي

* * *
لسـتُ أدري أيُّنـا في الحبِّ ساحرْ
أنتِ يا ومض المنى..أم وحيُ شاعرْ
أم كـلانا تمتماتٌ في الضمائـــرْ
لسـتُ أدري أيـها يـروي حنيني
فمـع النجمـاتِ قد طـال أنينـي



حماة 20-5-1960

عبد السلام بركات زريق 11-23-2010 11:33 AM

المصدر
ديوان صراخ الجحيم
رقم القصيدة (17)


اعذُريني




دعيني بعدما نضبتْ عيوني
وزهرُ هواكِ جفَّ على غصوني

دعيني نَهْبَ هجركِ واحتراقي
بآهاتٍ .... يُسعِّرُها حنيني

دعيني بعد ليلِ الوهمِ أُشعلْ
قناديلَ الحقيقةِ ... وانظريني

* * *
أحبُّكِ في ضميرِ الغيبِ حلْماً
يُهدهدني .. فأجنحُ للسكونِ

أحبُّكِ جامح الأشواقِ أسعى
بلا هدفٍ .. يُجرِّحني أنيني

أحبُّكِ في الخيالِ بلا حدودٍ
تُقيِّدني وتسخرُ من شجوني

أذوبُ مع الضياءِ بكأسِ وهمي
وأُترعها بصهباء الجفونِ

وأُشعلُ من لظى التحنانِ شمعي
وأُطفئه على شَفةِ الظنونِ

وأَحلفُ أنْ سأكفرُ بالغواني
ويدفعكِ النَّوى لِتُـكـذِّبيني

وتسكب لي عيونُكِ كأسَ وجدٍ
فأشربُها .. وأحنثُ باليمينِ

أنا يا ثرَّةَ الإلهامِ نبعٌ
يفيضُ أسىً على مرِّ السنينِ

أنا يا صحوةَ الآلامِ خمرٌ
تعاطتْني النوائبُ في مُجونِ

حملتُ على جناحِ الشكِ قلبي
لأنثرَه على ألقِ اليقين

أَحومُ به على جُزُرِ الأماني
وأهبطُ فيهِ من حينٍ لحينِ

وأبحثُ جاهداً عن ورد نفسي
وأرجعُ .. والندامةُ تعتريني

فأُشرقُ بالمنى ودموع نفسي
وحالُ الصبِّ أقربُ للجنونِ

* * *
وتسألني عيونُكِ في تَحدٍّ
أحقاً عُدتَ ؟ يا لكَ من خؤونِ ..!

فأَجرعُ ذِلَّتي .. وألوكُ يأسي
فهاتي سيفَ حقدَكِ مزِّقيني

فإني لستُ عبدَ هواكِ ..لكن
أنا ربُّ التصوُّفِ .. فاتَّقيني

ولي من بعد غفراني حدودٌ
نهيْتُكِ عن تحدِّيها المُبينِ

وأرسلتُ الفؤادَ بها رسولاً
يَردُّكِ عن تمرُّدِكِ المهينِ

فكذَّبتِ الرسولَ .. وقلتِ ما لمْ
تَقُلْهُ شقيَّةٌ عبر القرونِ

وآثرتِ الجحيمَ على جِناني
بصدِّكِ عن حمى حبِّي الأمينِ

فأَطفأَ ليلُ غيِّكِ شمسَ رشدي
وجئتِ إلى الحسابِ بغيرِ دينِ

وعدتُ أنا لآهاتي تقيَّاً
يُطهِّرُ خافقي ماءُ الشؤونِ

وسطَّرتُ الجراحَ قصيدَ شعرٍ
لأُنشده على النغمِ الحزينِ

أعودُ إليه في الخلواتِ أبكي
على ما ضاعَ في الحِبِّ الضنينِ

فإمَّا حدَّثتكِ النفسُ يوماً
بتكفيرِ الخطايا .. فاعذُريني


حماة 8-2-1973


الساعة الآن 11:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team