منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   آية وتفسير ~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1551)

أمل محمد 09-30-2010 08:59 PM

الأنعام ( 144 )



{ ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } * { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ }




هذا بيان لجهل العرب قبل الإسلام؛ فيما كانوا حرموا من الأنعام، وجعلوها أجزاء وأنواعاً: بحيرة وسائبة ووصيلة وحاماً، وغير ذلك من الأنواع التي ابتدعوها في الأنعام والزروع والثمار، فبين تعالى أنه أنشأ جنات معروشات وغير معروشات، وأنه أنشأ من الأنعام حمولة وفرشاً، ثم بين أصناف الأنعام إلى غنم، وهو بياض، وهو الضأن، وسواد، وهو المعز، ذكره وأنثاه، وإلى إبل؛ ذكورها وإناثها، وبقر كذلك، وأنه تعالى لم يحرم شيئاً من ذلك، ولا شيئاً من أولادها، بل كلها مخلوقة لبني آدم؛ أكلاً وركوباً وحمولة وحلباً، وغير ذلك من وجوه المنافع، كما قال:
{ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَـٰمِ ثَمَـٰنِيَةَ أَزْوَاجٍ }
[الزمر: 6] الآية. وقوله تعالى: { أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } رد عليهم في قولهم:
{ مَا فِى بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَـٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا }
[الأنعام: 139] الآية. وقوله تعالى: { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أي: أخبروني عن يقين، كيف حرم الله عليكم ما زعمتم تحريمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ونحو ذلك؟

وقال العوفي عن ابن عباس: قوله: { ثَمَـٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مِّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } فهذه أربعة أزواج { قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ } يقول: لم أحرم شيئاً من ذلك { أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } يعني: هل يشتمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى، فلم تحرمون بعضاً وتحلون بعضاً؟ { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } يقول تعالى: كله حلال. وقوله تعالى: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّـٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } تهكم بهم فيما ابتدعوه وافتروه على الله؛ من تحريم ما حرموه من ذلك، { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي: لا أحد أظلم منهم { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } وأول من دخل في هذه الآية عمرو بن لحي ابن قمعة؛ لأنه أول من غير دين الأنبياء، وأول من سيب السوائب، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي؛ كما ثبت ذلك في الصحيح.



~

أمل محمد 09-30-2010 09:05 PM

سورة الناس ~


{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } * { مَلِكِ ٱلنَّاسِ } * { إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } * { مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } * { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } * { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ }




هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل: الربوبية والملك والإلهية، فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء مخلوقة له، مملوكة، عبيد له، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات من شر الوسواس الخناس، وهو الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما من أحد من بني آدم، إلا وله قرين يزين له الفواحش، ولا يألوه جهداً في الخبال، والمعصوم من عصمه الله.

وقد ثبت في الصحيح: أنه " ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينه " قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: " نعم، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير " ، وثبت في الصحيح عن أنس في قصة زيارة صفية للنبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف، وخروجه معها ليلاً ليردها إلى منزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم، أسرعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " على رسلكما، إنها صفية بنت حيي " فقالا: سبحان الله يا رسول الله فقال: " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً ــــ أو قال: شراً " ، وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا محمد بن بحر، حدثنا عدي بن أبي عمارة، حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي، التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس " غريب.

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عاصم، سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره، فقلت: تعس الشيطان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تقل: تعس الشيطان؛ فإنك إذا قلت: تعس الشيطان، تعاظم وقال: بقوتي صرعته، وإذا قلت: باسم الله، تصاغر حتى يصير مثل الذباب، وغلب " تفرد به أحمد، إسناده جيد قوي، وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغُلِب، وإن لم يذكر الله تعاظم وغَلَب. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحدكم إذا كان في المسجد، جاءه الشيطان، فأبس به كما يبس الرجل بدابته، فإذا سكن له، زنقه، أو: ألجمه " قال أبو هريرة رضي الله عنه: وأنتم ترون ذلك، أما المزنوق، فتراه مائلاً كذا، لا يذكر الله، وأما الملجم، ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل، تفرد به أحمد.

يتبع ...

أمل محمد 09-30-2010 09:06 PM

وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: { ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } ، قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل، وسوس، فإذا ذكر الله، خنس، وكذا قال مجاهد وقتادة. وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه: ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح، فإذا ذكر الله، خنس. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: { ٱلْوَسْوَاسِ } قال: هو الشيطان يأمر، فإذا أطيع خنس.

وقوله تعالى: { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ ٱلنَّاسِ } هل يختص هذا ببني آدم، كما هو الظاهر، أو يعم بني آدم والجن؟ فيه قولان: ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليباً، وقال ابن جرير: وقد استعمل فيهم رجال من الجن، فلا بدع في إطلاق الناس عليهم. وقوله تعالى: { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } هل هو تفصيل لقوله: { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ ٱلنَّاسِ } ثم بينهم فقال: { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } وهذا يقوي القول الثاني، وقيل لقوله: { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } تفسير للذي يوسوس في صدور الناس من شياطين الإنس والجن؛ كما قال تعالى:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِىٍّ عَدُوّاً شَيَـٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً }
[الأنعام: 112].

وكما قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا المسعودي، حدثنا أبو عمر الدمشقي، حدثنا عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في المسجد، فجلست فقال: " يا أبا ذر هل صليت؟ " قلت: لا، قال: " قم فصل " قال: فقمت فصليت ثم جلست، فقال: " يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " قال: فقلت: يا رسول الله وللإنس شياطين؟ قال: " نعم " قال: فقلت: يا رسول الله الصلاة؟ قال: " خير موضوع، من شاء أقل، ومن شاء أكثر " قلت: يا رسول الله فالصوم؟ قال: " فرض مجزىء، وعند الله مزيد " قلت: يا رسول الله فالصدقة؟ قال: " أضعاف مضاعفة " قلت: يا رسول الله فأيها أفضل؟ قال: " جهد من مقل أو سر إلى فقير " قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: " آدم " قلت: يا رسول الله ونبياً كان؟ قال: " نعم نبي مكلم " قلت: يا رسول الله كم المرسلون؟ قال: " ثلاثمئة وبضعة عشر، جماً غفيراً " وقال مرة: " خمسة عشر " قلت: يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم؟ قال: " آية الكرسي: { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ } " ورواه النسائي من حديث أبي عمر الدمشقي به.



يتبع ...

أمل محمد 09-30-2010 09:06 PM

وقد أخرج هذا الحديث مطولاً جداً أبو حاتم بن حبان في صحيحه بطريق آخر، ولفظ آخر مطول جداً، فا لله أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " ورواه أبو داود والنسائي من حديث منصور، زاد النسائي والأعمش كلاهما: عن ذر به.





انتهى تفسير سورة الناس ~

أمل محمد 09-30-2010 09:07 PM

سورة الفلق ~


{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } * { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } * { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } * { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } * { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }




قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا حسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: الفلق: الصبح. وقال العوفي عن ابن عباس: { ٱلْفَلَقِ } الصبح. وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعبد الله بن محمد بن عقيل والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي، وابن زيد ومالك عن زيد بن أسلم مثل هذا، قال القرظي وابن زيد وابن جرير: وهي كقوله تعالى:
{ فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ }
[الأنعام: 96] وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { ٱلْفَلَقِ }: الخلق، وكذا قال الضحاك: أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله. وقال كعب الأحبار: { ٱلْفَلَقِ }: بيت في جهنم، إذا فتح، صاح جميع أهل النار من شدة حره، ورواه ابن أبي حاتم، ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا سهيل بن عثمان عن رجل سماه، عن السدي، عن زيد بن علي، عن آبائه أنهم قالوا: { ٱلْفَلَقِ }: جب في قعر جهنم عليه غطاء، فإذا كشف عنه، خرجت منه نار تضج منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه، وكذا روي عن عمرو بن عبسة وابن عباس والسدي وغيرهم.

وقد ورد في ذلك حديث مرفوع منكر، فقال ابن جرير: حدثني إسحاق بن وهب الواسطي، حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي، حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني عن شعيب بن صفوان، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الفلق: جب في جهنم مغطى " إسناده غريب، ولا يصح رفعه. وقال أبو عبد الرحمن الحبلي: { ٱلْفَلَقِ }: من أسماء جهنم، وقال ابن جرير: والصواب القول الأول: إنه فلق الصبح، وهذا هو الصحيح، وهو اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى. وقوله تعالى: { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } أي: من شر جميع المخلوقات، وقال ثابت البناني والحسن البصري: جهنم وإبليس وذريته مما خلق، { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } قال مجاهد: غاسق الليل إذا وقب: غروب الشمس، حكاه البخاري عنه، وكذا رواه ابن أبي نجيح عنه، وكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي والضحاك وخصيف والحسن وقتادة: إذا وقب الليل: إذا أقبل بظلامه. وقال الزهري: { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ }: الشمس إذا غربت، وعن عطية وقتادة: إذا وقب الليل: إذا ذهب، وقال أبو المهزم عن أبي هريرة: { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ }: الكوكب، وقال ابن زيد: كانت العرب تقول: الغاسق: سقوط الثريا، وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها، وترتفع عند طلوعها.




يتبع ...

أمل محمد 09-30-2010 09:08 PM


قال ابن جرير: ولهؤلاء من الآثار ما حدثني نصر بن علي، حدثني بكار بن عبد الله ابن أخي همام، حدثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" ومن شر غاسق إذا وقب: النجم الغاسق " (قلت): وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن جرير: وقال آخرون: هو القمر. (قلت): وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه الإمام أحمد: حدثناأبو داود الحفري عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن أبي سلمة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فأراني القمرحين طلع، وقال: " تعوذي با لله من شر هذا الغاسق إذا وقب " ورواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ولفظه: " تعوذي با لله من شر هذا الغاسق إذا وقب " ولفظ النسائي: " تعوذي با لله من شر هذا، هذا الغاسق إذا وقب " قال أصحاب القول الأول: وهو آية الليل إذا ولج، هذا لا ينافي قولنا؛ لأن القمر آية الليل، ولا يوجد له سلطان إلا فيه، وكذلك النجوم لا تضيء إلا بالليل، فهو يرجع إلى ما قلناه، والله أعلم.

وقوله تعالى: { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِى ٱلْعُقَدِ } قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك: يعني: السواحر، قال مجاهد: إذا رقين ونفثن في العقد. وقال ابن جرير: حدثناابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: ما من شيء أقرب إلى الشرك من رقية الحية والمجانين، وفي الحديث الآخر: أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتكيت يا محمد؟ فقال: " نعم " فقال: باسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك، ومن شر كل حاسد وعين، الله يشفيك، ولعل هذا كان من شكواه صلى الله عليه وسلم حين سحر، ثم عافاه الله تعالى وشفاه، ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رؤوسهم، وجعل تدميرهم في تدبيرهم، وفضحهم، ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً من الدهر، بل كفى الله، وشفى وعافى. وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن يزيد بن حبان عن زيد بن أرقم قال: سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، فاشتكى لذلك أياماً. قال: فجاءه جبريل فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك، وعقد لك في بئر كذا وكذا، فأرسل إليها من يجيء بها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخرجها، فجاءه بها، فحللها، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال، فما ذكر ذلك لليهودي، ولا رآه في وجهه حتى مات، ورواه النسائي عن هناد عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير.



يتبع ....

أمل محمد 09-30-2010 09:08 PM

وقال البخاري في كتاب الطب من صحيحه: حدثنا عبد الله بن محمد قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أول من حدثنا به ابن جريج يقول: حدثني آل عروة عن عروة، فسألت هشاماً عنه، فحدثنا عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا، فقال: " يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه، قال: لبيد بن أعصم، رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً، قال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاقة، قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر، تحت راعوفة في بئر ذروان " قالت: فأتى البئر حتى استخرجه، فقال: " هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين " قال: فاستخرج فقلت: أفلا تنشرت؟ فقال: " أما الله، فقد شفاني، وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً " وأسنده من حديث عيسى بن يونس وأبي ضمرة أنس بن عياض وأبي أسامة ويحيى القطان، وفيه: قالت: حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله، وعنده: فأمر بالبئر فدفنت، وذكر أنه رواه عن هشام أيضاً ابن أبي الزناد والليث بن سعد، وقد رواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير، ورواه أحمد عن عفان عن وهيب عن هشام به. ورواه الإمام أحمد أيضاً عن إبراهيم بن خالد عن معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: لبث النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، يرى أنه يأتي ولا يأتي، فأتاه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما باله؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، وذكر تمام الحديث. وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره، قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم، وعدة من أسنان مشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها.


يتبع ...

أمل محمد 09-30-2010 09:09 PM


وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له: ابن أعصم، ثم دسها في بئر لبني زريق يقال له: ذروان، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتثر شعر رأسه، ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه، فبينما هو نائم، إذ أتاه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ قال: طب، قال: وما طب؟ قال: سحر؟ قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي.

قال: وبم طبه؟ قال: بمشط ومشاطة، قال: وأين هو؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان. والجف: قشر الطلع، والراعوفة: حجر في أسفل البئر ناتىء يقوم عليه الماتح، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعوراً، وقال: " يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي " ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الجف، فإذا فيه مشاطة رأسه، وأسنان من مشطه، وإذا فيه وتر معقود فيه اثنا عشر عقدة مغروزة بالإبر، فأنزل الله تعالى السورتين، فجعل كلما قرأ آية، انحلت عقدة، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة، فقام كأنما نشط من عقال، وجعل جبريل عليه السلام يقول: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من حاسد وعين، الله يشفيك. فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا نأخذ الخبيث نقتله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أنا، فقد شفاني الله، وأكره أن أثير على الناس شراً " هكذا أورده بلا إسناد، وفيه غرابة، وفي بعضه نكارة شديدة، ولبعضه شواهد مما تقدم، والله أعلم.






انتهى تفسير سورة الفلق ~

أمل محمد 09-30-2010 09:10 PM

سورة الإخلاص ~


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }




قد تقدم ذكر سبب نزولها، وقال عكرمة: لما قالت اليهود: نحن نعبد عزيراً ابن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح ابن الله، وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان، أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } يعني: هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له ولا وزير، ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله. وقوله تعالى: { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } قال عكرمة عن ابن عباس: يعني: الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته. وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفء، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار. وقال الأعمش عن شقيق عن أبي وائل: { ٱلصَّمَدُ }: السيد الذي قد انتهى سؤدده، ورواه عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود مثله.

وقال مالك عن زيد بن أسلم: { ٱلصَّمَدُ }: السيد، وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه، وقال الحسن أيضاً: { ٱلصَّمَدُ }: الحي القيوم الذي لا زوال له. وقال عكرمة: الصمد: الذي لم يخرج منه شيء، ولا يطعم. وقال الربيع بن أنس: هو الذي لم يلد ولم يولد؛ كأنه جعل ما بعده تفسيراً له، وهو قوله: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } ، وهو تفسير جيد، وقد تقدم الحديث من رواية ابن جرير عن أبي بن كعب في ذلك، وهو صريح فيه. وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله بن بريدة وعكرمة أيضاً، وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك والسدي: { ٱلصَّمَدُ }: الذي لا جوف له. وقال سفيان عن منصور عن مجاهد: { ٱلصَّمَدُ }: المصمت الذي لا جوف له. وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب. وقال عبد الله بن بريدة أيضاً: { ٱلصَّمَدُ }: نور يتلألأ، روى ذلك كله وحكاه ابن أبي حاتم والبيهقي والطبراني، وكذا أبو جعفر بن جرير ساق أكثر ذلك بأسانيده، وقال: حدثني العباس بن أبي طالب، حدثنا محمد بن عمرو بن رومي عن عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، حدثنا صالح بن حبان عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: لا أعلم إلا قد رفعه، قال:

" الصمد: الذي لا جوف له " وهذا غريب جداً، والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة.




يتبع ...

أمل محمد 09-30-2010 09:11 PM


وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصمد: وكل هذه صحيحة، وهي صفات ربنا عز وجل، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه. وقال البيهقي نحو ذلك. وقوله تعالى: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } أي: ليس له ولد، ولا والد، ولا صاحبة. قال مجاهد: { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } يعني: لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى:
{ بَدِيعُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَـٰحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ }
[الأنعام: 101] أي: هو مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه، أو قريب يدانيه؟ تعالى وتقدس وتنزه، قال الله تعالى:
{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً وَمَا يَنبَغِى لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً إِن كُلُّ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِى ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً لَّقَدْ أَحْصَـٰهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً وَكُلُّهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَرْداً }
[مريم: 88 ــــ 95].

وقال تعالى:
{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ }
[الأنبياء: 26 ــــ 27] وقال تعالى:
{ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ }
[الصافات: 158 ــــ 159] وفي صحيح البخاري: " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يجعلون له ولداً، وهو يرزقهم ويعافيهم " وقال البخاري: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله عز وجل: كذبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي، فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد " ورواه أيضاً من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعاً بمثله، تفرد بهما من هذين الوجهين.



آخر تفسير سورة الإخلاص ~

أمل محمد 09-30-2010 09:12 PM

سورة التين ~


{ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } * { وَطُورِ سِينِينَ } * { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } * { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } * { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ }




اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة، فقيل: المراد بالتين مسجد دمشق، وقيل: هي نفسها، وقيل: الجبل الذي عندها، وقال القرطبي: هو مسجد أصحاب الكهف، وروى العوفي عن ابن عباس: أنه مسجد نوح الذي على الجودي، وقال مجاهد: هو تينكم هذا { وَٱلزَّيْتُونِ } قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو مسجد بيت المقدس. وقال مجاهد وعكرمة: هو هذا الزيتون الذي تعصرون { وَطُورِ سِينِينَ } قال كعب الأحبار وغير واحد: هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام، { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } يعني: مكة، قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وإبراهيم النخعي وابن زيد وكعب الأحبار، ولا خلاف في ذلك، وقال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار:

(فالأول) محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى بن مريم عليه السلام. (والثاني) طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران. (والثالث) مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه محمداً صلى الله عليه وسلم، قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء الله من طور سيناء ــــ يعني: الذي كلم الله عليه موسى بن عمران ــــ وأشرق من ساعير ــــ يعني: جبل بيت المقدس الذي بعث الله منه عيسى ــــ واستعلن من جبال فاران ــــ يعني: جبال مكة التي أرسل الله منها محمداً صلى الله عليه وسلم، فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجودي بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشرف، ثم الأشرف منه، ثم بالأشرف منهما.

وقوله تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِىۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } هذا هو المقسم عليه، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة، وشكل منتصب القامة، سوي الأعضاء حسنها، { ثُمَّ رَدَدْنَـٰهُ أَسْفَلَ سَـٰفِلِينَ } أي: إلى النار، قاله مجاهد وأبو العالية والحسن وابن زيد وغيرهم، ثم بعد هذا الحسن والنضارة مصيره إلى النار، إن لم يطع الله، ويتبع الرسل؛ لهذا قال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ }. وقال بعضهم: { ثُمَّ رَدَدْنَـٰهُ أَسْفَلَ سَـٰفِلِينَ } أي: إلى أرذل العمر، وروي هذا عن ابن عباس وعكرمة، حتى قال عكرمة: من جمع القرآن، لم يرد إلى أرذل العمر، واختار ذلك ابن جرير، ولو كان هذا هو المراد، لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك؛ لأن الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه، كقوله تعالى:
{ وَٱلْعَصْرِ إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ }
[العصر:1-3] وقوله: { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي: غير مقطوع كما تقدم.

ثم قال: { فَمَا يُكَذِّبُكَ } أي: يابن آدم { بَعْدُ بِٱلدِّينِ } أي: بالجزاء في المعاد، ولقد علمت البداءة، وعرفت أن من قدر على البداءة فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى، فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد، وقد عرفت هذا؟ قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور قال: قلت لمجاهد: { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } عنى به النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: معاذ الله، عنى به الإنسان، وهكذا قال عكرمة وغيره.



يتبع .....

أمل محمد 09-30-2010 09:12 PM

وقوله تعالى: { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ } أي: أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً؟ ومن عدله أن يقيم القيامة، فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه. وقد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعاً: " فإذا قرأ أحدكم: والتين والزيتون، فأتى على آخرها: { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَـٰكِمِينَ } ، فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين "



آخر تفسير سورة التين ~

أمل محمد 09-30-2010 09:30 PM

العنكبوت ( 18 )



{ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ }




يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء: أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والإخلاص له في التقوى، وطلب الرزق منه وحده لا شريك له، وتوحيده في الشكر، فإنه المشكور على النعم، لا مسدي لهاغيره، فقال لقومه: { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ } أي: أخلصوا له العبادة والخوف، { ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: إذا فعلتم ذلك، حصل لكم الخير في الدنيا والآخرة، واندفع عنكم الشر في الدنيا والآخرة، ثم أخبر تعالى أن الأصنام التي يعبدونها لا تضر ولا تنفع، وإنما اختلقتم أنتم لها أسماء فسميتموها آلهة، وإنما هي مخلوقة مثلكم، هكذا رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد والسدي، وروى الوالبي عن ابن عباس: وتصنعون إفكاً، أي: تنحتونها أصناماً، وبه قال مجاهد في رواية، وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم، واختاره ابن جرير رحمه الله، وهي لا تملك لكم رزقاً، { فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ } وهذا أبلغ في الحصر؛ كقوله:
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
[الفاتحة: 5]
{ رَبِّ ٱبْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى ٱلْجَنَّةِ }
[التحريم: 11] ولهذا قال: { فَٱبْتَغُواْ } أي: فاطلبوا { عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ } أي: لا عند غيره، فإن غيره لا يملك شيئاً، { وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ } أي: كلوا من رزقه، واعبدوه وحده، واشكروا له على ما أنعم به عليكم، { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله.

وقوله تعالى: { وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ } أي: فبلغكم ما حل بهم من العذاب والنكال في مخالفة الرسل، { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } يعني: إنما على الرسول أن يبلغكم ما أمره الله تعالى به من الرسالة، والله يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، فاحرصوا لأنفسكم أن تكونوا من السعداء. وقال قتادة في قوله: { وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ } قال: يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا من قتادة يقتضي أنه قد انقطع الكلام الأول، واعترض بهذا إلى قوله: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } وهكذا نص على ذلك ابن جرير أيضاً. والظاهر من السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم الخليل عليه السلام، يحتج عليهم لإثبات المعاد؛ لقوله بعد هذا كله: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } والله أعلم.



~

أمل محمد 09-30-2010 09:31 PM

الرعد ( 34 )



{ لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ }




ذكر تعالى عقاب الكفار وثواب الأبرار، فقال بعد إخباره عن حال المشركين، وما هم عليه من الكفر والشرك: { لَّهُمْ عَذَابٌ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } أي: بأيدي المؤمنين قتلاً وأسراً، { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ } أي: المدخر مع هذا الخزي في الدنيا { أَشَقُّ } أي: من هذا بكثير، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: " إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة " وهو كما قال صلوات الله وسلامه عليه، فإن عذاب الدنيا له انقضاء، وذاك دائم أبداً في نار هي بالنسبة إلى هذه سبعون ضعفاً، ووثاق لا يتصور كثافته وشدته، كما قال تعالى:
{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ }
[القمر:25-26]، وقال تعالى:
{ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَٰحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِى وَعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً }
[الفرقان:11-15]، ولهذا قرن هذا بقوله: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } أي: صفتها ونعتها { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } أي: سارحة في أرجائها وجوانبها، وحيث شاء أهلها، يفجرونها تفجيراً، أي: يصرفونها كيف شاؤوا وأين شاؤوا، كقوله:
{ مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ }
[محمد: 15] الآية.




يتبع ...

أمل محمد 09-30-2010 09:32 PM


وقوله: { أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا } أي: فيها الفواكه والمطاعم والمشارب، لاانقطاع ولا فناء، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف، وفيه: قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، فقال: " إني رأيت الجنة - أو أريت الجنة - فتناولت منها عنقوداً، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا " وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله، حدثنا أبو عقيل عن جابر قال: بينما نحن في صلاة الظهر، إذ تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدمنا، ثم تناول شيئاً ليأخذه، ثم تأخر، فلما قضى الصلاة، قال له أبي بن كعب: يا رسول الله صنعت اليوم في الصلاة شيئاً ما رأيناك كنت تصنعه، فقال: " إني عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة، فتناولت منها قطفاً من عنب لآتيكم به، فحيل بيني وبينه، ولو أتيتكم به، لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه " وروى مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر شاهداً لبعضه، وعن عتبة بن عبد السلمي: أن أعرابياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنة، فقال: فيها عنب؟ قال:
" نعم " قال: فما عظم العنقود؟ قال: " مسيرة شهر للغراب الأبقع ولا يفتر " ، رواه الإمام أحمد.




يتبع ....

أمل محمد 09-30-2010 09:32 PM


وقال الطبراني: حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا علي بن المديني، حدثنا ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور، عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة، عادت مكانها أخرى " وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يأكل أهل الجنة ويشربون، ولا يتمخطون ولا يتغوطون، ولا يبولون، طعامهم جشاء كريح المسك، ويلهمون التسبيح والتقديس كما يلهمون النفس " رواه مسلم، وروى الإمام أحمد والنسائي من حديث الأعمش عن تمام بن عقبة، سمعت زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ قال: " نعم، والذي نفس محمد بيده إن الرجل منهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة " قال: إن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، وليس في الجنة أذى؟ قال: " تكون حاجة أحدهم رشحاً يفيض من جلودهم كريح المسك، فيضمر بطنه " رواه الإمام أحمد والنسائي.

وقال الحسن بن عرفة: حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة، فيخر بين يديك مشوياً " وجاء في بعض الأحاديث: أنه إذا فرغ منه، عاد طائراً كما كان بإذن الله تعالى، وقد قال الله تعالى:
{ وَفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ }
[الواقعة:32-33]، وقال:
{ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـٰلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً }
[الإنسان: 14] وكذلك ظلها لا يزول ولا يقلص، كما قال تعالى:
{ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً }
[النساء: 57].

وقد تقدم في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب المجد الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها " ثم قرأ: { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } وكثيراً ما يقرن الله تعالى بين صفة الجنة وصفة النار؛ ليرغب في الجنة، ويحذر من النار، ولهذا لما ذكر صفة الجنة بما ذكر، قال بعده: { تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَـٰفِرِينَ ٱلنَّارُ }. كما قال تعالى:
{ لاَ يَسْتَوِىۤ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ }
[الحشر: 20]. وقال بلال بن سعد خطيب دمشق في بعض خطبه: عباد الله هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئاً من عبادتكم تُقُبلت منكم، أو أن شيئاً من خطاياكم غفرت لكم؟
{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ }
[المؤمنون: 115]، والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا، لاستقللتم كلكم ما افترض عليكم، أو ترغبون في طاعة الله لتعجيل دنياكم، ولا تنافسون في جنة { أُكُلُهَا دَآئِمٌ } رواه ابن أبي حاتم.





انتهى ~

أمل محمد 09-30-2010 09:36 PM

إبراهيم ( 47)



{ فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }




يقول تعالى مقرراً لوعده ومؤكداً: { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } أي: من نصرتهم في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، ثم أخبر تعالى أنه ذو عزة، لا يمتنع عليه شيء أراده، ولا يغالب، وذو انتقام ممن كفر به وجحده
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }
[المرسلات: 15]، ولهذا قال: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } أي: وعده هذا حاصل يوم تبدل الأرض غير الأرض، وهي هذه، على غير الصفة المألوفة المعروفة، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقيّ، ليس فيها مَعْلَم لأحد " وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عَدِيّ عن داود عن الشعبي عن مسروق، عن عائشة: أنها قالت: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } قالت: قلت: أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: " على الصراط " ، رواه مسلم منفرداً به دون البخاري، والترمذي وابن ماجه من حديث داود بن أبي هند به، وقال الترمذي: حسن صحيح، ورواه أحمد أيضاً عن عفان عن وهيب عن داود، عن الشعبي، عنها، ولم يذكر مسروقاً. وقال قتادة: عن حسان بن بلال المزني عن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } قالت: قلت: يا رسول الله فأين الناس يومئذ؟ قال: " لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي، ذاك أن الناس على جسر جهنم " وروى الإمام أحمد من حديث حبيب بن أبي عمرة عن مجاهد، عن ابن عباس: حدثتني عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى:
{ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ }
[الزمر: 67] فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: " هم على متن جهنم " وقال ابن جرير: حدثنا الحسن، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا القاسم، سمعت الحسن قال: قالت عائشة: يا رسول الله { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } فأين الناس يومئذ؟ قال: " إن هذا شيء ما سألني عنه أحد - قال - على الصراط يا عائشة " ، ورواه أحمد عن عفان عن القاسم بن الفضل، عن الحسن به.





يتبع ....

أمل محمد 09-30-2010 09:37 PM


وقال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثني الحسن بن علي الحلواني، حدثني أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلام عن زيد، يعني: أخاه أنه سمع أبا سلام، حدثني أبو أسماء الرحبي: أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه قال: كنت نائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه حبر من أحبار اليهود، فقال: السلام عليك يا محمد، فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال: لم تدفعني؟ فقلت: ألا تقول: يا رسول الله؟ فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي " فقال اليهودي: جئت أسألك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أينفعك شيئاً إن حدثتك؟ " قال: أسمع بأذني، فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه، فقال: " سل " فقال اليهودي: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هم في الظلمة دون الجسر " قال: فمن أول الناس إجازة؟ فقال: " فقراء المهاجرين " ، فقال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: " زيادة كبد النون " قال: فما غذاؤهم في أثرها؟ قال: " ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها " قال: فما شرابهم عليه؟ قال: " من عين فيها تسمى سلسبيلاً " قال: صدقت، قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان، قال: " أينفعك إن حدثتك؟ " قال: أسمع بأذني. قال: جئت أسألك عن الولد، قال: " ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل منيّ المرأة، أذكرا بإِذن الله تعالى، وإذا علا منيّ المرأة مني الرجل، أنثا بإذن الله " قال اليهودي: لقد صدقت، وإنك لنبي، ثم انصرف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه، وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به " قال أبو جعفر بن جرير الطبري: حدثنا ابن عوف، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي، عن أبي أيوب الأنصاري، أن حبراً من اليهود سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إذ يقول الله تعالى في كتابه: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } فأين الخلق عند ذلك؟ فقال: " أضياف الله، فلن يعجزهم ما لديه " ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به. وقال شعبة: أخبرنا أبو إسحاق، سمعت عمرو بن ميمون، وربما قال: قال عبد الله، وربما لم يقل، فقلت له: عن عبد الله؟ فقال: سمعت عمرو بن ميمون يقول: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال: أرض كالفضة البيضاء نقية، لم يسفك فيها دم، ولم يعمل عليها خطيئة، ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي، حفاة عراة كما خلقوا، قال: أراه قال: قياماً حتى يلجمهم العرق.






يتبع ....

أمل محمد 09-30-2010 09:37 PM

روي من وجه آخر عن شعبة عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود بنحوه، وكذا رواه عاصم عن زر عن ابن مسعود به. وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون: لم يخبر به، أورد ذلك كله ابن جرير.

وقد قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، حدثنا سهل بن حماد أبو عَتَّاب، حدثنا جرير بن أيوب عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال: " أرض بيضاء لم يسفك عليها دم، ولم يعمل عليها خطيئة " ثم قال: لا نعلم رفعه إلا جرير بن أيوب، وليس بالقوي، ثم قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام عن سنان عن جابر الجعفي، عن أبي جبيرة عن زيد قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود، فقال: " هل تدرون لم أرسلت إليهم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " فإني أرسلت إليهم أسألهم عن قول الله: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } إنها تكون يومئذ بيضاء مثل الفضة " فلما جاؤوا سألهم، فقالوا: تكون بيضاء مثل النقي، وهكذا روي عن علي وابن عباس وأنس بن مالك ومجاهد بن جبر: أنها تبدل يوم القيامة بأرض بيضاء من فضة. وعن علي رضي الله عنه أنه قال: تصير الأرض فضة والسموات ذهباً. وقال الربيع عن أبي العالية عن أبي بن كعب، قال: تصير السمٰوات جناناً. وقال أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي أو عن محمد بن قيس في قوله: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال: خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم، وكذا روى وكيع عن عمر بن بشير الهمداني عن سعيد بن جبير في قوله: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال: تبدل الأرض خبزة بيضاء، يأكل المؤمن من تحت قدميه.

وقال الأعمش عن خيثم قال: قال عبد الله بن مسعود: الأرض يوم القيامة كلها نار، والجنة من ورائها، ترى كواعبها، وأكوابها، ويلجم الناس العرق، أو يبلغ منهم العرق، ولم يبلغوا الحساب. وقال الأعمش أيضاً عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن قال: قال عبد الله: الأرض كلها نار يوم القيامة، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها، والذي نفس عبد الله بيده إن الرجل ليفيض عرقاً حتى ترسخ في الأرض قدمه، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه، وما مسه الحساب، قالوا: مم ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: مما يرى الناس ويلقون.



يتبع ....

أمل محمد 09-30-2010 09:38 PM

وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن كعب في قوله: { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ } قال: تصير السمٰوات جناناً، ويصير مكان البحر ناراً، وتبدل الأرض غيرها. وفي الحديث الذي رواه أبو داود: " لا يركب البحر إلا غاز أو حاج أو معتمر، فإن تحت البحر ناراً أو تحت النار بحراً " وفي حديث الصور المشهور المروي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يبدل الله الأرض غير الأرض، والسمٰوات، فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، ثم يزجر الله الخلق زجرة، فإذا هم في هذه المبدلة " وقوله: { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ } أي: خرجت الخلائق جميعها من قبورهم لله { ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } أي: الذي قهر كل شيء وغلبه، ودانت له الرقاب، وخضعت له الألباب.






انتهى ~

عبدالسلام حمزة 09-30-2010 09:39 PM



( والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا، لاستقللتم كلكم

ما افترض عليكم، أو ترغبون في طاعة الله لتعجيل

دنياكم، ولا تنافسون في جنة { أُكُلُهَا دَآئِمٌ }

والله شيء يدعو للخجل , حسبي الله ونعم الوكيل , اللهم

عاملنا بلطفك وكرمك يا أرحم الراحمين .

الأخت الكريمة أمل , جزاك الله خيرا ً على ما تبذليه

من جهد ملحوظ , وجعلها الله في ميزان حسناتك .

سلامي لك .

أمل محمد 09-30-2010 09:49 PM

مرحبـًا أخي عبد السلام

وجزاك َ ربي خير الجزاء

لي طلب بسيط لو تكرّمت

حبّــذا لو راجعت الموضوع بعدي وأكون ممتنة لك

لأن الأخت ناريمان تقول أن هناك أخطاء ولم أجدها

لأني أثق أني أنقل التفسير من مصادر موثوقة عن تفسير ابن كثير

هل لي بتلبية طلبي ؟؟؟

عبدالسلام حمزة 09-30-2010 10:02 PM



أبشري بالخير أخت أمل , تكرم عينك

بس هلق , صار لازم روح , لأني دوامي انتهى

بس تيقني أني راح راجع الموضوع كله إن شاء الله

تصبحي على خير , وجمعة مباركة وأرجو لك التوفيق

في الدنيا والآخرة .

أمل محمد 09-30-2010 10:11 PM

نوم العوافي يا عبد السلام :)

وتصبح على خير

سـ أنتظرك لاحقـًا ان شاء الله ~

عبدالسلام حمزة 10-03-2010 08:56 AM



الأخت الكريمة أمل جزاك الله خيرا ً

أنا راجعت الموضوع منذ البداية , وإن ورد أي خطأ

فهذا لا يقلل من مجهودك , ولا ينتقص من قيمتك ,

ومن يضع احتساب الأجر نصب عينيه , ربما كانت نصيحته

بطريقة ألطف , وتدلنا على مواضع الخطأ , فهذا لا

يعيب أحد , ولا ينقص من قيمته .

شكرا ً لك أمل على جهودك وجعلها الله في ميزان

حسناتك .

أمل محمد 10-06-2010 08:11 PM

حيـّاك َ الله عبد السلام

جميعنا معرّض للخطأ

لكن ينبغي ممـّن يـُخبر عن الخطأ أن يبيّن موضعه مشكورًا مأجورًا

وجزاك َ ربي كل ّ خير على مراجعة الموضوع

بوركت ~

أمل محمد 10-06-2010 08:12 PM

المائدة 109




{ يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

هذا إخبار عما يخاطب الله به المرسلين يوم القيامة عما أجيبوا به من أممهم الذين أرسلهم إليهم، كما قال تعالى:
{ فَلَنَسْـأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْـأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ }
[الأعراف: 6]، وقال تعالى:
{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْـأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
[الحجر:92-93]، وقول الرسل: { لاَ عِلْمَ لَنَآ } ، قال مجاهد والحسن البصري والسدي: إنما قالوا ذلك من هول ذلك اليوم. قال عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن مجاهد: { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ } فيفزعون فيقولون: { لاَ عِلْمَ لَنَآ } ، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا حكام، حدثنا عنبسة قال: سمعت شيخاً يقول: سمعت الحسن يقول في قوله: { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } الآية، قال: من هول ذلك اليوم.


...

أمل محمد 10-06-2010 08:12 PM


وقال أسباط عن السدي: { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ } ذلك أنهم نزلوا منزلاً ذهلت فيه العقول، فلما سئلوا قالوا: { لاَ عِلْمَ لَنَآ } ، ثم نزلوا منزلاً آخر، فشهدوا على قومهم، رواه ابن جرير، ثم قال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا الحجاج عن ابن جريج قوله: { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ } أي: ماذا عملوا بعدكم، وماذا أحدثوا بعدكم؟ قالوا: { لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } يقولون للرب عز وجل: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا، رواه ابن جرير، ثم اختاره على هذه الأقوال الثلاثة، ولا شك أنه قول حسن، وهو من باب التأدب مع الرب جل جلاله، أي: لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء، فنحن وإن كنا أجبنا وعرفنا من أجابنا، ولكن منهم من كنا إنما نطلع على ظاهره، لا علم لنا بباطنه، وأنت العليم بكل شيء، المطلع على كل شيء، فعلمنا بالنسبة إلى علمك كلا علم، فإنك { أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ }.


///

أمل محمد 10-06-2010 08:13 PM

يوسف 96



{ فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } * { قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

قال ابن عباس والضحاك: { ٱلْبَشِيرُ } البريد. وقال مجاهد والسدي: كان يهوذا بن يعقوب، قال السدي: إنما جاء به لأنه هو الذي جاء بالقميص، وهو ملطخ بدم كذب، فأحب أن يغسل ذلك بهذا، فجاء بالقميص، فألقاه على وجه أبيه، فرجع بصيراً، وقال لبنيه عند ذلك: { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّىۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي: أعلم أن الله سيرده إلي، وقلت لكم: { إِنِّى لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } فعند ذلك قالوا لأبيهم مترفقين له: { يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَـٰطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّىۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } أي: من تاب إليه، تاب عليه، قال ابن مسعود وإبراهيم التيمي وعمرو بن قيس وابن جريج وغيرهم: أرجأهم إلى وقت السحر. وقال ابن جرير: حدثني أبو السائب، حدثنا ابن إدريس، سمعت عبد الرحمن بن إسحاق يذكر عن محارب بن دثار قال: كان عمر رضي الله عنه يأتي المسجد، فيسمع إنساناً يقول: اللهم دعوتني فأجبت، وأمرتني فأطعت، وهذا السحر فاغفر لي. قال: فاستمع الصوت، فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود، فسأل عبد الله عن ذلك، فقال: إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله: { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّىۤ } وقد ورد في الحديث أن ذلك كان ليلة الجمعة، كما قال ابن جرير أيضاً: حدثني المثنى، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي، حدثنا الوليد، أنبأنا ابن جريج عن عطاء، وعكرمة عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّىۤ } يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة، وهو قول أخي يعقوب لبنيه " وهذا غريب من هذا الوجه، وفي رفعه نظر، والله أعلم.




////

أمل محمد 10-06-2010 08:14 PM

سورة يونس ( 80 )




{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } * { فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ }

ذكر الله سبحانه قصة السحرة مع موسى عليه السلام في سورة الأعراف، وقد تقدم الكلام عليها هناك، وفي هذه السورة، وفي سورة طه، وفي الشعراء، وذلك أن فرعون لعنه الله أراد أن يبهرج على الناس، ويعارض ما جاء به موسى عليه السلام من الحق المبين، بزخارف السحرة والمشعبذين، فانعكس عليه النظام، ولم يحصل له من ذلك المرام، وظهرت البراهين الإلهية في ذلك المحفل العام
{ وَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ }
[الأعراف:120- 122] فظن فرعون أنه يستنصر بالسحار، على رسول الله عالم الأسرار، فخاب وخسر الجنة، واستوجب النار { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِى بِكُلِّ سَـٰحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } وإنما قال لهم ذلك؛ لأنهم لما اصطفوا، وقد وعدوا من فرعون بالتقريب والعطاء الجزيل
{ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِىَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ قَالَ بَلْ أَلْقُواْ }
[طه:65-66] فأراد موسى أن تكون البداءة منهم؛ ليرى الناس ما صنعوا، ثم يأتي بالحق بعده، فيدمغ باطلهم.

ولهذا لما ألقوا، سحروا أعين الناس واسترهبوهم، وجاؤوا بسحر عظيم
{ فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ }
[طه: 67-69] فعند ذلك قال موسى لما ألقوا: { مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، حدثنا عبد الرحمن، يعني: الدشتكي، أخبرنا أبو جعفر الرازي عن ليث، وهو ابن أبي سليم، قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى، تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور: الآية التي من سورة يونس { فَلَمَّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } والآية الأخرى:
{ فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
[الأعراف: 118] إلى آخر أربع آيات، وقوله:
{ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ }
[طه: 69].



//

أمل محمد 10-06-2010 08:15 PM

سورة النحل ( 63 )



{ تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }

يذكر تعالى أنه أرسل إلى الأمم الخالية رسلاً، فكذبت الرسل، فلك يا محمد في إخوانك من المرسلين أسوة، فلا يهيدنك تكذيب قومك لك، وأما المشركون الذين كذبوا الرسل، فإنما حملهم على ذلك تزيين الشيطان لهم ما فعلوه، { فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ } أي: هم تحت العقوبة والنكال، والشيطان وليهم، ولا يملك لهم خلاصاً، ولا صريخ لهم، ولهم عذاب أليم. ثم قال تعالى لرسوله: إنه إنما أنزل عليه الكتاب ليبين للناس الذي يختلفون فيه، فالقرآن فاصل بين الناس في كل ما يتنازعون فيه { وَهُدًى } أي: للقلوب { وَرَحْمَةً } أي: لمن تمسك به { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وكما جعل سبحانه القرآن حياة للقلوب الميتة بكفرها، كذلك يحيي الأرض بعد موتها بما أنزله عليها من السماء من ماء { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } أي: يفهمون الكلام ومعناه.



//


أمل محمد 10-06-2010 08:17 PM

سورة الأنفال ( 24 )




{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

قال البخاري: { ٱسْتَجِيبُواْ } أجيبوا { لِمَا يُحْيِيكُمْ } لما يصلحكم. حدثني إسحاق، حدثنا روح، حدثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن قال: سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: كنت أصلي، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيته، فقال: " ما منعك أن تأتيني؟ ألم يقل الله: { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } - ثم قال - لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج " فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج، فذكرت له. وقال معاذ: حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن سمع حفص بن عاصم سمع أبا سعيد - رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، وقال:
{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }
[الفاتحة: 2] هي السبع المثاني. هذا لفظه بحروفه، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث بذكر طرقه في أول تفسير الفاتحة. وقال مجاهد في قوله: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } قال: للحق، وقال قتادة: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } قال: هو هذا القرآن، فيه النجاة والبقاء والحياة. وقال السدي: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر، وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير: { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } أي: للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم. وقوله تعالى: { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } ، قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان، رواه الحاكم في مستدركه موقوفاً، وقال: صحيح، ولم يخرجاه، ورواه ابن مردويه من وجه آخر مرفوعاً، ولا يصح؛ لضعف إسناده، والموقوف أصح، وكذا قال مجاهد وسعيد وعكرمة والضحاك وأبو صالح وعطية ومقاتل بن حيان والسدي، وفي رواية عن مجاهد في قوله: { يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } أي: حتى يتركه لا يعقل، وقال السدي: يحول بين الإنسان وقلبه، فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه. وقال قتادة: هو كقوله:
{ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ }
[ق: 16] وقد وردت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يناسب هذه الآية، وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " قال: فقلنا: يا رسول الله آمنا بك، وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: " نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله تعالى يقلبها "



........

أمل محمد 10-06-2010 08:18 PM

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

وهكذا رواه الترمذي في كتاب القدر من جامعه عن هناد بن السري عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير عن الأعمش، واسمه سليمان بن مهران، عن أبي سفيان، واسمه طلحة بن نافع، عن أنس، ثم قال: حسن. وهكذا روي عن غير واحد عن الأعمش، ورواه بعضهم عنه عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي سفيان عن أنس أصح.

(حديث آخر) وقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال، رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " هذا حديث جيد الإسناد، إلا أن فيه انقطاعاً، وهو مع ذلك على شرط أهل السنن، ولم يخرجوه.

(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت ابن جابر يقول: حدثني بشر بن عبد الله الحضرمي: أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول: سمعت النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن رب العالمين، إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه " وكان يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» قال: «والميزان بيد الرحمن يخفضه ويرفعه " وهكذا رواه النسائي وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر فذكر مثله.

(حديث آخر) قال الإمام أحمد حدثنا يونس حدثنا حماد بن زيد عن المعلى بن زياد عن الحسن: أن عائشة قالت: دعوات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بها: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " قالت: فقلت: يا رسول الله إنك تكثر أن تدعو بهذا الدعاء، فقال: " إن قلب الآدمي بين أصبعين من أصابع الله، فإذا شاء أزاغه، وإذا شاء أقامه " (حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا عبد الحميد، حدثني شهر، سمعت أم سلمة تحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه يقول: " اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " قالت: فقلت: يا رسول الله أوَإِنَّ القلوب لتقلب؟ قال: " نعم، ما خلق الله من بشر من بني آدم، إلا أن قلبه بين أصبعين من أصابع الله عز وجل، فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب "


....

أمل محمد 10-06-2010 08:19 PM

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

قالت: فقلت: يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال: " بلى، قولي: اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني " (حديث آخر) قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا حيوة، أخبرني أبو هانىء: أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي، أنه سمع عبد الله بن عمرو: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفها كيف شاء " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك " انفرد بإخراجه مسلم عن البخاري، فرواه مع النسائي من حديث حيوة بن شريح المصري به.


//

أمل محمد 10-06-2010 08:21 PM

سورة الرعد ( 8 )




{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ }

يخبر تعالى عن تمام علمه الذي لا يخفى عليه شيء، وأنه محيط بما تحمله الحوامل من كل إناث الحيوانات، كما قال تعالى: { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } أي: ما حملت من ذكر أو أنثى، أو حسن أو قبيح، أو شقي أو سعيد، أو طويل العمر أو قصيره؛ كقوله تعالى:
{ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلاَْرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ }
[النجم: 32] الآية، وقال تعالى:
{ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَـٰتٍ ثَلَٰثٍ }
[الزمر: 6] أي: خلقكم طوراً من بعد طور؛ كما قال تعالى:
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ }
[المؤمنون:12-14] وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن خلق إحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وعمره، وعمله، وشقي أو سعيد " وفي الحديث الآخر " فيقول الملك أي: رب أذكر أم أنثى؟ أي: رب أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيقول الله، ويكتب الملك " وقوله: { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا معن، حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمهن إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله " وقال العوفي عن ابن عباس: { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } يعني: السقط، { وَمَا تَزْدَادُ } يقول: ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماماً، وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر، ومن تحمل تسعة أشهر، ومنهن من تزيد في الحمل، ومنهن من تنقص، فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى، وكل ذلك بعلمه تعالى.

وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله: { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } قال: ما نقصت من تسعة وما زاد عليها، وقال الضحاك: وضعتني أمي، وقد حملتني في بطنها سنتين، وولدتني وقد نبتت ثنيتي. وقال ابن جريج عن جميلة بنت سعد عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحرك ظل مغزل، وقال مجاهد: { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } قال: ما ترى من الدم في حملها، وما تزداد على تسعة أشهر، وبه قال عطية العوفي والحسن البصري وقتادة والضحاك، وقال مجاهد أيضاً: إذا رأت المرأة الدم دون التسعة، زاد على التسعة مثل أيام الحيض، وقاله عكرمة وسعيد ابن جبير وابن زيد.


...

أمل محمد 10-06-2010 08:22 PM

{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ }

وقال مجاهد أيضاً: { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } إراقة الدم حتى يخس الولد، { وَمَا تَزْدَادُ } إن لم تهرق المرأة، تم الولد وعظم. وقال مكحول: الجنين في بطن أمه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم، وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها، فمن ثم لا تحيض الحامل، فإذا وقع إلى الأرض، استهل، واستهلاله استنكاره لمكانه، فإذا قطعت سرته، حول الله رزقه إلى ثديي أمه حتى لا يحزن ولا يطلب ولا يغتم، ثم يصير طفلاً يتناول الشيء بكفه فيأكله، فإذا هو بلغ قال: هو الموت أو القتل، أنى لي بالرزق؟ فيقول مكحول: ياويلك غذاك وأنت في بطن أمك وأنت طفل صغير، حتى إذا اشتددت وعقلت قلت: هو الموت أو القتل، أنى لي بالرزق؟ ثم قرأ مكحول: { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } الآية.

وقال قتادة: { وَكُلُّ شَىْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } أي: بأجل، حفظ أرزاق خلقه وآجالهم، وجعل لذلك أجلاً معلوماً. وفي الحديث الصحيح: أن إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم بعثت إليه أن ابناً لها في الموت، وأنها تحب أن يحضره، فبعث إليها يقول: " إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمروها فلتصبر ولتحتسب " الحديث بتمامه. وقوله: { عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } أي: يعلم كل شيء مما يشاهده العباد ومما يغيب عنهم، ولا يخفى عليه منه شيء { ٱلْكَبِيرُ } الذي هو أكبر من كل شيء، { ٱلْمُتَعَالِ } أي: على كل شيء
{ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَا }
[الطلاق: 12] وقهر كل شيء، فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعاً وكرهاً.


//


أمل محمد 10-06-2010 08:26 PM

سورة طه ( 12 )



{ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }

يقول تعالى: { فَلَمَّآ أَتَاهَا } أي: النار، واقترب منها، { نُودِىَ يٰمُوسَىٰ } وفي الآية الأخرى:
{ نُودِىَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِى ٱلأَيْمَنِ فِى ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّىۤ أَنَا ٱللَّهُ }
[القصص: 30] وقال ههنا: { إِنِّىۤ أَنَاْ رَبُّكَ } أي: الذي يكلمك ويخاطبك { فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ } قال علي بن أبي طالب وأبو ذر وأبو أيوب وغير واحد من السلف: كانتا من جلد حمار غير ذكي، وقيل: إنما أمره بخلع نعليه تعظيماً للبقعة. وقال سعيد بن جبير: كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل الكعبة، وقيل: ليطأ الأرض المقدسة بقدميه حافياً غير منتعل، وقيل غير ذلك، والله أعلم.

وقوله: { طُوًى } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو اسم للوادي، وكذا قال غير واحد، فعلى هذا يكون عطف بيان، وقيل: عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه، وقيل: لأنه قدس مرتين، وطوى له البركة وكررت، والأول أصح كقوله:
{ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوىً }
[النازعات: 16]. وقوله: { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ } كقوله:
{ إِنْى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَـٰلَـٰتِي وَبِكَلَـٰمِي }
[الأعراف: 144] أي: على جميع الناس من الموجودين في زمانه، وقد قيل: إن الله تعالى قال: يا موسى أتدري لم خصصتك بالتلكيم من بين الناس؟ قال: لا، قال: لأني لم يتواضع إلي أحد تواضعك. وقوله: { فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } أي: استمع الآن ما أقول لك وأوحيه إليك: { إِنَّنِىۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ } هذا أول واجب على المكلفين أن يعلموا أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وقوله: { فَٱعْبُدْنِى } أي: وحدني، وقم بعبادتي من غير شريك { وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِىۤ } قيل: معناه: صَلِّ لتذكرني، وقيل: معناه: وأقم الصلاة عند ذكرك لي، ويشهد لهذا الثاني ما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا المثنى بن سعيد عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: وأقم الصلاة لذكري " ، وفي " الصحيحين " عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من نام عن صلاة أو نسيها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك " وقوله: { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ } أي: قائمة لا محالة، وكائنة لا بد منها.

وقوله: { أَكَادُ أُخْفِيهَا } قال الضحاك عن ابن عباس: أنه كان يقرؤها: (أكاد أخفيها من نفسي) يقول: لأنها لا تخفى من نفس الله أبداً. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: من نفسه، وكذا قال مجاهد وأبو صالح ويحيى بن رافع. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: { أَكَادُ أُخْفِيهَا } يقول: لا أطلع عليها أحداً غيري.


.....

أمل محمد 10-06-2010 08:27 PM

{ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }

وقال السدي: ليس أحد من أهل السموات والأرض إلا قد أخفى الله تعالى عنه علم الساعة، وهي في قراءة ابن مسعود: (إني أكاد أخفيها من نفسي) يقول: كتمتها من الخلائق، حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت. وقال قتادة: أكاد أخفيها، وهي في بعض القراءات: (أخفيها من نفسي) ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين، ومن الأنبياء والمرسلين. قلت: وهذا كقوله تعالى:
{ قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ }
[النمل: 65] وقال:
{ ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً }
[الأعراف: 187] أي: ثقل علمها على أهل السموات والأرض، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا منجاب، حدثنا أبو تميلة، حدثني محمد بن سهل الأسدي عن وِقَاء قال: أقرأنيها سعيد بن جبير: (أكاد أخفيها)، يعني بنصب الألف وخفض الفاء، يقول: أظهرها، ثم قال: أما سمعت قول الشاعر:دَأْبَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ شَهْراً دَمِيكاً بِأَريكَيْنِ يُخْفِيانِ غَميراًقال السدي: الغمير: نبت رطب ينبت في خلال يبس، والأريكين موضع، والدميك الشهر التام، وهذا الشعر لكعب بن زهير. وقوله سبحانه وتعالى: { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } أي: أقيمها لا محالة؛ لأجزي كل عامل بعمله
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }
[الزلزلة: 7 - 8] و
{ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
[الطور: 16] وقوله: { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا } الآية، المراد بهذا الخطاب آحاد المكلفين. أي: لا تتبعوا سبيل من كذب بالساعة، وأقبل على ملاذه في دنياه، وعصى مولاه واتبع هواه، فمن وافقهم على ذلك، فقد خاب وخسر { فَتَرْدَىٰ } أي: تهلك وتعطب، قال الله تعالى:
{ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ }
[الليل: 11].

//

عبدالسلام حمزة 10-10-2010 09:34 PM



اللهم نسأل السلامة يوم القيامة , حسبي الله ونعم

الوكيل لأهوال يوم القيامة , لا حول ولا قوة إلا بالله

اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان ولاحول

ولا قوة إلا بك .

يالطيف يا رب , بك أستغيث وبك أستجير من ذلك اليوم

يا أرحم الراحمين يا رب , أعترف بالذي كان مني

فاغفر لي عجزي وتقصيري وتجاوز عني برحمتك يا أرحم

الراحمين .

شكرا ً أختي أمل جزاك الله خيرا ً وجعلها الله في ميزان

حسناتك .

تابعي وفقك الله لكل خير .

رقية صالح 10-14-2010 11:23 PM


قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم...) الآية.

يعني : إذا أردتم القيام إلى الصلاة .

ولما كان محل الإرادة القلب وهي: القصد إلى الفعل ـ أمر بالفعل مباشرة

فقال: (فاغسلوا وجوهكم) ولم يأمر بشيء من التلفظ بالنية.



بارك الله بك الأخت الكريمة أمل

وجعله في ميزان حسناتك


الساعة الآن 05:03 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team