منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   مسيرة عطاء // الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1437)

أمل محمد 09-21-2010 04:40 AM

السنة ومكانتها في الإسلام وفي أصول التشريع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا بحث مهم يتعلق بالسنة وأنها الأصل الثاني من أصول الإسلام يجب الأخذ بها والاعتماد عليها إذا صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقول:
من المعلوم عند جميع أهل العلم أن السنة هي الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأن مكانتها في الإسلام الصدارة بعد كتاب الله عز وجل، فهي الأصل المعتمد بعد كتاب الله عز وجل بإجماع أهل العلم قاطبة، وهي حجة قائمة مستقلة على جميع الأمة، من جحدها أو أنكرها أو زعم أنه يجوز الإعراض عنها والاكتفاء بالقرآن فقط فقد ضل ضلالا بعيدا، وكفر كفرا أكبر، وارتد عن الإسلام بهذا المقال، فإنه بهذا المقال وبهذا الاعتقاد يكون قد كذب الله ورسوله، وأنكر ما أمر الله به ورسوله، وجحد أصلا عظيما فرض الله الرجوع إليه والاعتماد عليه والأخذ به، وأنكر إجماع أهل العلم عليه، وكذب به، وجحده، وقد أجمع علماء الإسلام على أن الأصول المجمع عليها ثلاثة: الأصل الأول: كتاب الله. والأصل الثاني: سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. والأصل الثالث: إجماع أهل العلم.
وتنازع أهل العلم في أصول فعلق الرحمة بطاعة الله ورسوله وقال سبحانه أيضا في سورة آل عمران: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ وقال سبحانه في سورة النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا فأمر سبحانه بطاعته وطاعة رسوله أمرا مستقلا وكرر الفعل في ذلك: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ثم قال: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ولم يكرر الفعل لأن طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله وإنما تجب في المعروف حيث كان ما أمروا به من طاعة الله ورسوله ومما لا يخالف أمر الله ورسوله، ثم بين أن العمدة في طاعة الله ورسوله فقال: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ولم يقل إلى أولي الأمر منكم بل قال: فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فدل ذلك على أن الرد في مسائل النزاع والخلاف إنما يكون لله ولرسوله، قال العلماء معنى إلى الله: الرد إلى كتاب الله، ومعنى والرسول الرد إلى الرسول في حياته، وإلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.
فعلم بذلك أن سنته مستقلة وأنها أصل متبع، وقال جل وعلا: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وقال سبحانه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ وقبلها قوله جل وعلا. {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

فجعل الفلاح لمن اتبعه عليه الصلاة والسلام لأن السياق فيه عليه الصلاة والسلام فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فذكر أن الفلاح لهؤلاء المتبعين لنبي الله عليه الصلاة والسلام- دون غيرهم، فدل ذلك على أن من أنكر سنته ولم يتبعه فإنه ليس بمفلح وليس من المفلحين، ثم قال بعدها: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ } يعني قل يا محمد: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
فعلق الهداية باتباعه عليه الصلاة والسلام فدل ذلك على وجوب طاعته، واتباع ما جاء به من الكتاب والسنة- عليه الصلاة والسلام، وقال عز وجل في آيات أخرى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ } وقال جل وعلا أيضا في هذه السورة سورة النور: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فأفرد طاعته وحدها بقوله: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وقال في آخر السورة سورة النور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
فذكر جل وعلا أن المخالف لأمر النبي على خطر عظيم من أن تصيبه فتنة بالزيغ والشرك والضلال أو عذاب أليم، نعوذ بالله من ذلك، وقال عز وجل في سورة الحشر: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} فهذه الآيات وما جاء في معناها كلها دالة على وجوب اتباعه وطاعته عليه الصلاة والسلام وأن الهداية والرحمة والسعادة والعاقبة الحميدة كلها في اتباعه وطاعته عليه الصلاة والسلام، فمن أنكر ذلك فقد أنكر كتاب الله، ومن قال إنه يتبع كتاب الله دون السنة فقد كذب وغلط وكفر، فإن القرآن أمر باتباع الرسول، فمن لم يتبعه فإنه لم يعمل بكتاب الله ولم يؤمن بكتاب الله، ولم ينفذ كتاب الله، إذ كتاب الله أمر بطاعة الرسول وأمر باتباعه، وحذر من مخالفته عليه الصلاة والسلام، ولا يمكن أن يكون الإنسان متبعا للقرآن بدون اتباع السنة، ولا يكون متبعا للسنة بدون اتباع القرآن فهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، ومما جاء في السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما رواه الشيخان البخاري ومسلم رحمة الله عليهما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني
وفي صحيح البخاري رحمة الله عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى وهذا واضح في أن من عصاه فقد عصى الله، ومن عصاه فقد أبى دخول الجنة والعياذ بالله، وفي المسند وأبي داود وصحيح الحاكم بإسناد جيد عن المقداد بن معدي كرب الكندي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإنني أوتيت الكتاب ومثله معه والكتاب هو القرآن، ومثله معه يعني ؛ السنة وهي الوحي الثاني: ألا يؤشك رجل شبعان يتكئ على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينهم كتاب الله ما وجدنا فيه من حلال حللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه وفي لفظ: يوشك رجل شبعان على أريكته يحدث بالأمر من أمري مما أمرت به ونهيت عنه يقول بيننا وبينكم كتاب الله ما وجدنا فيه اتبعناه ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

أمل محمد 09-21-2010 04:41 AM

يتبع: السنة ومكانتها في الإسلام

فالواجب على جميع الأمة أن تعظم سنة الرسول عليه الصلاة. والسلام، وأن تعرف قدرها، وأن تأخذ بها، وتسعر عليها، فهي الشارحة والمفسرة لكتاب الله عز وجل، والدالة على ما قد يخفى من كتاب الله، والمقيدة لما قد يطلق من كتاب الله، والمخصصة لما قد يعم من كتاب الله، ومن تدبر كتاب الله وتدبر السنة عرف ذلك ؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } فهو المبين للناس ما نزل إليهم عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت سنته غير معتبرة ولا يحتج بها فكيف يبين للناس دينهم وكتاب ربهم، هذا من أبطل الباطل فعلم ذلك أنه المبين لما قاله الله، وأنه الشارح لما قد يخفى من كتاب الله، وقال في آية أخرى في سورة النحل: { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لهم الذي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فبين جل وعلا أنه أنزل الكتاب عليه ليبين للناس ما اختلفوا فيه فإذا كانت سنته لا تبين للناس ولا تعتمد بطل هذا المعنى، فهو سبحانه وتعالى بين أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي يبين للناس ما نزل إليهم، وأنه عليه الصلاة والسلام هو الذي يفصل النزاع بين الناس فيما اختلفوا فيه، فدل ذلك على أن سنته لازمة الاتباع، وواجبة الاتباع.
وليس هذا خاصا بأهل زمانه وصحابته رضي الله عنهم. بل هو لهم ولمن يجيء بعدهم إلى يوم القيامة فإن الشريعة شريعة لأهل زمانه ولمن يأتي بعد زمانه عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة؟ فهو رسول الله إلى الناس عامة، قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} وقال سبحانه: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } فهو رسول الله إلى جميع العالم الجن والإنس، العرب والعجم، الأغنياء والفقراء، الحكام والمحكومين، الرجال والنساء إلى يوم القيامة، ليس بعده نبي ولا رسول بل هو خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام.

أمل محمد 09-21-2010 04:41 AM

يتبع: السنة ومكانتها في الاسلام

فوجب أن تكون سنته موضحة لكتاب الله وشارحة لكتاب الله، ودالة على ما قد يخفى من كتاب الله، وسنته أيضا جاءت بأحكام لم يأت بها كتاب الله، جاءت بأحكام مستقلة شرعها الله عز وجل لم تذكر في كتاب الله سبحانه وتعالى، من ذلك: تفصيل الصلوات وعدد الركعات، وتفصيل أحكام الزكاة، وتفصيل أحكام الرضاع، فليس في كتاب الله إلا الأمهات والأخوات من الرضاع وجاءت السنة ببقية المحرمات بالرضاع، فقال صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وجاءت السنة. بحكم مستقل في تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها وجاءت بأحكام مستقلة لم تذكر في كتاب الله في أشياء كثيرة، في الجنايات والديات، والنفقات، وأحكام الزكوات، وأحكام الصوم والحج إلى غير ذلك.
ولما قال بعض الناس في مجلس عمران بن حصين رضي الله عنهما: " دعنا من الحديث وحدثنا عن كتاب الله " غضب عمران رضي الله عنه وأرضاه، واشتد إنكاره عليه وقال: " لولا السنة كيف نعرف أن الظهر أربع والعصر أربع، والعشاء أربع، والمغرب ثلاث ثم إلى آخره.
فالسنة بينت لنا تفاصيل الصلاة، وتفاصيل الأحكام، ولم يزل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يرجعون إلى السنة ويتحاكمون إليها ويحتجون بهـا، ولما ارتد من العرب من ارتد وقام الصديق رضي الله عنه وأرضاه ودعا إلى جهادهم توقف عمر في ذلك، وقال: كيف نقاتلهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها قال الصديق رضي الله عنه: ( أليست الزكاة من حقها- من حق لا إله إلا الله- والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها ) قال عمر رضي الله عنه: ( فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم فعرفت أنه الحق ) ثم وافق المسلمون، ووافق الصحابة واجتمع رأيهم على قتال المرتدين فقاتلوهم بأمر الله ورسوله.

أمل محمد 09-21-2010 04:41 AM

يتبع: السنة ومكانتها في الإسلام

ولما جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله عن إرثها، قال: ما أعلم لك شيئا في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن سوف أسأل. الناس، يعني عما جاء في السنة، فسأل الناس فأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لها بالسدس، فقضى لها بالسدس رضي الله عنه وأرضاه وهكذا عمر رضي الله عنه لما أشكل عليه حكم إملاص المرأة: وهو خروج الجنين ميتا بالجناية على أمه ما حكمه؟ توقف حتى سأل الناس، فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة بأن النبي قضى فيه بغرة عبد أو أمة، فقضى بذلك.
ولما أشكل على عثمان حكم المعتد من الوفاة، هل تكون. في بيت زوجها أو تنتقل إلى أهلها؟ فشهدت عنده فريعة بنت مالك الخدرية أخت أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت زوجها، فقضى بذلك عثمان رضي الله عنه وأرضاه، ولما سمع علي رضي الله عنه عثمان في بعض حجاته ينهى عن المتعة ويأمر بإفراد الحج أحرم علي رضي عنه بالحج والعمرة جميعا وقال: لا أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول أحد من الناس، ولما سمع ابن عباس بعض الناس ينكر عليه الفتوى بالمتعة ويحتح عليه بقول أبي بكر وعمر أنهما يريان إفراد الحج قال: ( يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله، وتقولو قال أبو بكر وعمر ) ولما ذكر لأحمد رحمه الله جماعة يتركون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان الثوري ويسألونه عما لديه وعما يقول، تعجب ! وقال: ( عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته- يعني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - يذهبون إلى رأي سفيان والله سبحانه وتعالى يقول: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
ولما ذكر عند أيوب السختياني رحمه الله رجل يدعو إلى القرآن ويثبط عن السنة قال: ( دعوه فإنه ضال ) والمقصود أن السلف الصالح قد عرفوا هذا الأمر، ونبغت عندهم نوابغ. بسبب الخوارج في هذا الباب، فاشتد نكيرهم عليهم، وضللوهم، وحذروا منهم، مع أنه إنكار ليس مثل الإنكار الموجود الأخير، لأنه إنكار له شبهات بالنسبة إلى الخوارج وما اعتقدوه في الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في بعضهم دون بعض، أما هؤلاء المتأخرون فجاءوا بداهية كبرى ومنكر عظيم وبلاء كبير، ومصيبة عظمى حيث قالوا: إن السنة برمتها لا يحتج بها بالكلية لا من هنا ولا من هنا، وطعنوا فيها وفي رواتها وفي كتبها، وساروا على هذا النهح الوخيم وأعلنه كثيرا العقيد القذافي الرئيس الليبي المعروف فضل وأضل، وهكذا جماعة في مصر، وغير مصر قالوا هذه المقالة فضلوا وأضلوا وسموا أنفسهم بالقرآنيين، وقد كذبوا وجهلوا ما قام به علماء السنة لأنهم لو عملوا بالقرآن لعظموا السنة وأخذوا بها، ولكنهم جهلوا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فضلوا وأضلوا.

أمل محمد 09-21-2010 04:42 AM

يتبع: السنة ومكانتها في الاسلام

وقد احتاط أهل السنة كثيرا للسنة حيث تلقوها أولا عن الصحابة حفظا ودرسوها، وحفظوها حفظا كاملا، وحفظا دقيقا حرفيا، ونقلوها إلى من بعدهم، ثم ألف العلماء على رأس القرن الأول وفي أثناء القرن الثاني ثم كثر ذلك فى القرن الثالث، ألفوا الكتب، وجمعوا فيها الأحاديث حرصا على بقائها وحفظها وصيانتها فانتقلت من الصدور إلى الكتب المحفوظة المتداولة المتناقلة التي لا ريب فيها ولا شك، ثم نقبوا عن الرجال، وعرفوا ثقاتهم من كذابهم وضعفائهم، ومن هو سيء الحفظ منهم حتى حرروا ذلك أتم تحرير، وبينوا من يصلح للرواية، ومن لا يصلح للرواية، ومن يحتج به ومن لا يحتج به، وأوضحوا ما وقع من بعض الناس من أوهام وأغلاط: وسجلوها عليهم، وعرفوا الكذابين والوضاعين، وألفوا فيهم وأوضحوا أسماءهم، فأيد الله بهم السنة، وأقام بهم الحجة، وقطع بهم المعذره، وزال تلبيس الملبسين، وانكشف ضلال الضالين، فبقيت السنة بحمد الله جلية واضحة لا شبهة فيها، ولا غبار عليها، وكان الأئمة يعظمون ذلك كثيرا، وإذا رأوا من أحد أي تساهل بالسنة أو إعراض أنكروا عليه، حدث ذات يوم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تمنعوا إماء الله مساجد الله فقال بعض أبنائه: والله لنمنعهن- عن اجتهاد منه- ومقصوده أنهن تغيرن، وأنهن قد يتساهلن في الخروج، وليس قصده إنكار السنة، فأقبل عليه عبد الله وسبه سبا سيئا وقال: أقول: قال رسول الله وتقول: والله لنمنعهن.
ورأى عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه بعض أقاربه يخذف، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال إنه لا يصيد صيدا ولا ينكا عدوا ثم رآه في وقت آخر يخذف، فقال: أقول إن الرسول نهى عن هذا ثم تخذف، لا كلمتك أبدا.
فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يعظمون هذا الأمر جدا ويحذرون الناس من التساهل بالسنة أو الإعراض عنها أو الإنكار لها برأي من الآراء أو اجتهاد من الاجتهادات، وقال أبو حنيفة في هذا المعنى رضي الله عنه ورحمه: ( إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى العين والرأس وإذا جاء عن الصحابة رضي الله عنهم فعلى العين والرأس ).. إلى آخر كلامه.

وقال مالك رحمه الله: ( ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر ) يعني النبي عليه الصلاة والسلام. وقال أيضا: ( لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهو اتباع الكتاب والسنة ) وقال الشافعي رحمه الله: ( إذا رويت عن الرسول حديثا صحيحا ثم رأيتموني خالفته فاعلموا أن عقلي قد ذهب ) وفي لفظ آخر، قال: ( إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقولي يخالفه فاضربوا بقولي الحائط ) وقال أحمد رحمه الله: ( لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي وخذوا من حيث أخذنا ) وسبق قوله رحمه الله: ( عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله سبحانه وتعالى يقول:{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
فالأمر في هذا واضح، وكلام أهل العلم في هذا جلي ومتداول عند أهل العلم، وقد تكلم المتأخرون في هذا المقام كلاما كثيرا كأبي العباس ابن تيمية وابن القيم وابن كثير غيرهم وأوضحوا أن من أنكر السنة فقد زاغ عن سواء السبيل، وأن من عظم آراء الرجال وآثرها على السنة فقد ضل وأخطأ، وأن الواجب عرض آراء الرجال مهما عظموا على كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام فما شهدا له أو أحدهما بالقبول قبل، وما لا فإنه يرد على قائله، ومن أخر من كتب في هذا الحافظ السيوطي رحمه الله حيث كتب رسالة سماها: ( مفتاح الجنة في الاحتفاء بالسنة ) وذكر في أولها أن من أنكر السنة وزعم أنه لا يحتج بها فقد كفر إجماعا، ونقل كثيرا من كلام السلف في ذلك.

أمل محمد 09-21-2010 04:42 AM

يتبع: السنة ومكانتها في الاسلام

فهذه منزلة السنة من الإسلام، وهذه مكانتها من الشريعة وأنها الأصل الثاني من أصول الإسلام، وأنها حجة مستقلة قائمة بنفسها، يجب الأخذ بها والرجوع إليها، وأنه متى صح السند إلى رسول الله وجب الأخذ به مطلقا، ولا يشترط في ذلك أن يكون متواترا، أو مشهورا، أو مستفيضا أو بعدد كذا من الطرق، بل يجب أن يؤخذ بالسنة ولو كانت من طريق واحدة، متى استقام الإسناد وجب الأخذ بالحديث مطلقا بسند واحد أو بسندين او بثلاثة، أو بأكثر سواء سمي خبر متواترا أو خبر أحاد، لا فرق في ذلك، كلها حجة، يجب الأخذ بها، مع اختلاف ما تقتضيه من العلم الضروري أو العلم النظري، أو الظني إذا استقام الإسناد. وسلم من العلة فالعمل بها واجب، والأخذ بها متعين، متى صح الإسناد وسلم من العلة عند أهل العلم بهذا الشأن، أما كونه متواترا، أو كونه مشهورا، أو مستفيضا أو آحادا غير مستفيض ولا مشهور، أو غريبا، أو غير ذلك، فهذه أشياء اصطلح عليها أهل الحديث في علم الحديث وبينوها في أصول الفقه أيضا، وأحكامها عندهم معلومة والعلم بها يختلف بحسب اختلاف الناس، فإنه قد يكون هذا الحديث متواترا عند زيد وعمرو وليس متواترا عند خالد وبكر، لما بينهما من الفرق في العلم، واتساع المعرفة فقد يروي زيد حديثا من عشرة طرق أو من ثمانية، أو من سبعة، أو من سته أو خمسة ويقطع هو أنه بهذا متواتر لما اتصف به رواته من العدالة والحفظ والإتقان والجلالة، وقد يروي الآخر حديثا من عشرين سندا، ولا يحصل له ما حصل لذلك من العلم اليقيني القطعي بأنه عن الرسول أو بأنه متواتر.
فهذه أمور تختلف بحسب ما يحصل للناس من العلم بأحوال الرواة وعدالتهم ومنزلتهم في الإسلام، وصدقهم، وحفظهم، وغير ذلك. هذا شيء يتفاوت فيه الرجال حسب ما أعطاهم الله- من العلم بأحوال رواة الحديث، وصفاتهم، وطرق الحديث إلى غير ذلك، لكن أهل العلم أجمعوا على أنه متى صح السند وسلم من العلة وجب الأخذ به، وبينوا أن الإسناد الصحيح هو ما ينقله العدل الضابط عن مثلة، عن مثله، عن مثله إلى الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي من دون شذوذ ولا علة، فمتى جاء الحديث بهذا المعنى متصلا لا شذوذ فيه ولا علة وجب الأخذ به والاحتجاج به على المسائل التي يتنازع فيها الناس سواء حكمنا عليه بأنه غريب أو عزيز أو مشهور أو متواتر، أو غير ذلك إذ الاعتبار باستقامة السند وصلاحه وسلامته من الشذوذ والعله سواء تعددت أسانيده أم لم تتعدد.
هذا وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه، والاستقامة على ما يرضيه، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه جل وعلا جواد كريم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمل محمد 09-21-2010 04:42 AM

سماحة الشيخ في العمل الرسمي في المكتب


بعد أن يأتي سماحة الشيخ من درس الفجر في المسجد يدخل منزله ، ويرتاح قليلاً ، ويتناول الإفطار ، ثم يمضي إلى عمله في المكتب في الرئاسة ، وإن لم يكن عنده درس في المسجد فإنه يأتي بعد الفجر لمكتب البيت ، ويستمر مدة ساعتين أو أكثر تعرض عليه المعاملات ، وتقرأ عليه الكتب ، والبحوث ، والمقالات ، ثم يدخل منزله ويرتاح قليلاً ، ثم يتناول الإفطار ، ويمضي إلى عمله في المكتب بعد أن يؤدي صلاة الضحى.
وفي الطريق من المنزل إلى العمل يقرأ عليه منذ خروجه من المنزل حتى يصل.
وإذا ترجَّل من السيارة عند وصوله مقر العمل استقبله الناس على اختلاف طبقاتهم وحاجاتهم ، وفي طريقه من السيارة إلى مكتبه في رئاسه الإفتاء أو اللجنة يقضي حاجات كثيرة ، ويجيب عن أسئلة عديدة في تلك الخطوات القليلة المعدودة.
وسماحة الشيخ يذهب إلى مكتبه ، في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، يوم الأحد قبل الظهر ، ويوم الثلاثاء قبل الظهر.
وإذا كان في اللجنة استمع إلى الفتاوى المعدة من قبل اللجنة ، وبعد ذلك يتم تداول الرأي فيها مع أعضاء اللجنة قبل صدورها.
وبعد الظهر من يوم السبت يذهب سماحته - أيضاً - إلى اللجنة الدائمة لقراءة الفتاوى الصادرة من اللجنة لإقرارها ثم طبعها تحت إشراف صاحب الفضيلة الشيخ أحمد بن عبدالرزاق الدويش.
أما ماعدا هذه الأوقات فيمضي وقته في مكتبه في الرئاسة ، وهناك تعرض عليه أنواع المعاملات من مقالات ، وأقوال صحف ، وبحوث ، وشفاعات ، ونحوها.
وهناك يستقبل طلبات الناس ، ويجيب عن أسئلتهم.
وهناك يرد على الهاتف ، ويمنع من طرح سماعته.
وهناك يستقبل الزائرين ، والمسلِّمين.
وهناك يعرض عليه الموظفون المعاملات الخاصة من مكاتبهم عبر الهاتف ، أو يأتون إليه بها.
وهناك تعرض عليه أنواع المعاملات المتعلقة بالشؤون الإدارية للرئاسة ، والمكاتبات الرسمية الواردة إلى سماحته من الجهات الحكومية ، وكثير مما يتعلق بشؤون الدعوة إلى الله في الداخل والخارج ، وقضايا الحسبة ، والطلبات الشخصية من مشارق الأرض ومغاربها ، ومن جموع المسلمين الذين يتوافدون إلى مكتبه؛ التماساً لمساعدته لهم ، وتعرض عليه الاستفتاءات ، ولا سيما قضايا الطلاق ، والرضاع التي ينظر فيها سماحته بنفسه.
وهكذا يستمر عمله إلى نهاية الدوام ، فيكون هو آخر الموظفين خروجاً ، أو من آخرهم.
وإذا كان في مهمة عمل خارج المكتب سواء كان في الديوان الملكي ، أو في اجتماع في مكان آخر ، أو كان في مراجعة للمستشفى ، أو كان في محاضرة في بعض القطاعات ، ثم انتهى من مهمته - سأل عن الساعة. فإذا قيل - مثلاً - : الساعة الثانية أو أكثر أو أقل قال: نذهب إلى المكتب ، فإذا قيل له: ضاق الوقت ، وما بقي إلا القليل ، ولا يستحق أن يُذْهَب لأجله قال: ولو! نقضي بعض الأعمال في هذا الوقت.
وإذا كان في الطائف فإنه لا يعود إلى الرياض إلا بعد نهاية الانتداب ، أو أن يؤذن له من ولي الأمر دون طلب منه.
وفي الطائف يواصل إلقاء الدروس ، ويلقي محاضرات كثيرة في أماكن عدة ، كالقاعدة الجوية ، ومدارس سلاح الإشارة ، وفي السجن.
وفي عامه الأخير بدأ الانتداب إلى مكة المكرمة في 1/12/1419هـ حتى 21/12/1419هـ ، ولكنه مكث في الرياض بسبب مشورة الأطباء؛ لأنه لم يتحمل الذهاب للحج.
ولما سئل عن المدة التي مكثها في الرياض؛ لتحسب له ، قال: لا تحسب لي انتداباً؛ لأنني لم أذهب !!
ولما أخبر بأن الموظفين الذين كانوا معه ليس لديهم مانع من السفر إلى مكة ، ولكنهم جلسوا؛ مراعاة لمصلحته ، أبى أن تحسب لهم انتداب تلك المدة.
فلما ألحوا عليه ، قال: نعطيهم من عندنا.

أمل محمد 09-21-2010 04:42 AM

حال سماحة الشيخ في رمضان


يتضاعف نشاط سماحة الشيخ ، وبذلُه ، وإحسانه ، وعبادته في المواسم الفاضلة كرمضان ، ووقت الحج؛ ففي رمضان يكثر سماحته من قراءة القرآن الكريم ، والدعاء والذكر ، والتهليل ، والتسبيح ، وكل عمل فيه أجر؛ فهو يبدأ يومه بتناول وجبة السحور ، ثم يذهب لصلاة الفجر مع الجماعة في المسجد ، وبعد الصلاة والإتيان بأذكار الصباح يعود إلى المنزل؛ لإنجاز بعض المعاملات المهمة ، وقراءة الكتب ، والبحوث وغيرها.
وإذا بدأ وقت الدوام الرسمي ذهب إلى المكتب في الرئاسة ، وكثيراً ما يأتي إلى مقر العمل قبل بدء الدوام الرسمي ، ويواصل حتى نهاية الدوام.
وإذا عاد من العمل اتجه إلى المسجد لأداء صلاة العصر ، فيظل يقرأ القرآن حتى تؤدى الصلاة ، وبعد الصلاة تقرأ عليه بعض الكتب ثم يعلق عليها ، ويجيب على الأسئلة الموجهة إليه ، ثم يتجه إلى منزله ، ويدخل داخل المنزل لأخذ الراحة.
وقبل الأذان بعشر دقائق أو أكثر يأتي سماحته إلى مجلسه استعداداً للإفطار ، وفي تلك الأثناء يجيب على الأسئلة الموجهة إليه مباشرةً من الحاضرين ، أو التي تَرِدُ عبر الهاتف ، وإلا اشتغل بالذكر والدعاء.
ويتناول مع سماحته الإفطار عدد كبير من الضيوف ، والفقراء ، والمساكين أو ذوي الحاجات الذين يتراوح عددهم ما بين الخمسين إلى المائة ، وهذا إذا كان في الرياض ، أما إذا كان في مكة في آخر الشهر فإن عدد الذين يتناولون معه الإفطار يتراوح ما بين المائتين إلى الثلاثمائة.
وإذا أُذِّن بالمغرب تناول الحاضرون الإفطار على مائدة سماحته وهو بينهم.
وبعد الإفطار يتوجه إلى المسجد ، وبعد الصلاة يعود إلى بيته ، وينظر في حاجات الناس ، ويرد على أسئلتهم ، واستفساراتهم.
وقبل أذان العشاء يتناول الحاضرون طعام العشاء على مأدبة سماحته ، ثم يدخل سماحته منزله بعد الأذان ، ويتوضأ ، ويتجه إلى المسجد ، وبعد أداء تحية المسجد يقرأ عليه الإمام كتاباً من الكتب التي تتعلق بأحكام الصيام إما من كتاب الصيام من بلوغ المرام لابن حجر ، أو المنتقى لمجد الدين أبي البركات ابن تيميه ، أو مجالس شهر رمضان للعلامة الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله .
وبعد القراءة يعلق سماحته على ما قرئ ، ثم يستقبل الأسئلة ويجيب عليها ، ثم يصلي الفريضة مع الإمام ، ويؤدي السنة الراتبة ، ويواصل صلاة التراويح مع الإمام.
وبعد الانتهاء من الصلاة يتوجه إلى منزله ، ويستقبل أهل الحاجات ، ويجيب عن الأسئلة مشافهة أو عبر الهاتف ، وينجز العديد من المعاملات المختلفة ، وربما تخلل ذلك الوقت بعض الاجتماعات داخل مكتبة المنزل ، أو تسجيل برنامج نور على الدرب ، أو غيره.
هذا إذا كان باقياً في منزله ، وإلا قد يذهب إلى مقر اللجنة الدائمة في رئاسة الإفتاء ، ويمكث بعد صلاة التراويح هناك ساعتين أو ثلاث ساعات.
وفي الساعة العاشرة والنصف أو الحادية عشرة يدخل بيته؛ لأخذ نصيب من الراحة ، وفي آخر الليل يقوم لتناول وجبة السحور وهكذا. .
وربما لا ينام طيلة اليوم في رمضان إلا أربع ساعات.
وفي العشر الأواخر يتوجه إلى مكة لأداء العمرة ، والبقاء في مكة إلى نهاية رمضان.
هذه نبذة مختصرة لنظامه في شهر رمضان ، وإلا فإن تفصيل ما يحدث في مجالسه قد مضى عند الحديث عن صفة مجلسه.
وخلال شهر رمضان ينجز من الأعمال ما يفوق الوصف ، وما يعجز عنه الجماعة من أولي القوة من الرجال.
ويتضاعف عمله في العشر الأواخر أكثر وأكثر ، فإذا ذهب إلى مكة في العشر الأواخر تزاحم الناس عليه ، وأقبلوا بحاجاتهم وسؤالاتهم إليه.
ومما يحضرني في هذا الشأن أن سماحته رحمه الله ذهب في ليلة السابع والعشرين من رمضان لأداء صلاة التراويح في المسجد الحرام ، وذلك عام 1412هـ تقريباً ، وقد صلى سماحته في الدور العلوي للحرم ، ولما انتهى من صلاة التراويح ورآه الناس ، وتسامعوا بوجوده هناك أقبلوا عليه أرسالاً تلو أرسال.
وكنا معه في سطح الحرم ، وكان عددنا ستة أشخاص ، وحاولنا بكل ما نستطيع أن نبعد الناس عنه ، أو نخففهم أو ننظم سلامهم عليه فما استطعنا ، حتى كدنا نشتبك مع الناس؛ لأننا خفنا على سماحة الشيخ ، بل لقد ضاق عليه النَّفَس ، فَرُفِع على كرسي حتى يشم الهواء.
ولما رأينا صعوبة نزوله مع السلم الكهربائي أنزلناه عبر المصعد الذي يستعمله العمال الذين يعملون في الحرم ، وما إن وصل سماحته إلى المصعد إلا وهو يتصبب عرقاً من زحام الناس ، وما إن نزلنا إلى الأرض في ساحات الحرم الخارجية إلا والناس يتسابقون ويلتفون حوله.
وبالتي واللتيا تمكن سماحته من ركوب السيارة بعد أن اسود ثوبه من عرقه ، وعرق الناس ، وتزاحمهم عليه.
والعجيب في الأمر أن سماحة الشيخ لم يفارقه هدوؤه ، ولا سكينته ،
بل كان يبتسم ، ولا يزيد على أن يقول: هداهم الله.

أمل محمد 09-21-2010 04:43 AM

أحوال سماحة الشيخ في الحج


سماحة الشيخ رحمه الله يلزم الاعتدال في سفره ، وحضره ، وفي شتى أحواله ، وأطواره إلا أنه يتجدد ويقوى في مواسم الخير والطاعات؛ ففي الحج تعلو همته ، ويتضاعف نشاطه ، ويزداد قوة على قوة ، فيقوم بالأعمال العظيمة في خِضَمِّ الزحام ، وضيق الأوقات ، وينشرح صدره حتى مع كثرة الأنفاس ، وتقاطر الناس عليه من شتى الألوان والبلدان والطبقات ، ويحرص كل الحرص على تطبيق السنة بحذافيرها في حجه حتى مع كبر سنه ، ووهن عظمه.
ومما يحضرني في شأن حجه رحمه الله ما يلي:
1- كان من عادة سماحة الشيخ رحمه الله أنه يتوجه إلى مكة لأداء الحج في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة تقريباً ، ويمكث في مكة شهراً كاملاً؛ لأداء الحج ، والقيام بالإفتاء ، وإلقاء الدروس والكلمات ، وإنجاز الأعمال الخاصة بالحج ونحو ذلك.
2- وكان هو والوفد المرافق له يعانون معاناة شديدة إذا أراد سماحته الذهاب إلى الحج والعمرة وذلك بسبب قلة المقاعد؛ فهي لا تكاد تفي بالحاجة ، وربما نقصت عن بعض من سيرافقونه.
وهو رحمه الله لا يطلب من أي مسؤول أن يخصه بشيء دون غيره؛ فكان صابراً على تلك المعاناة.
وفي السنوات الأخيرة اتصل أحد المحبين بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ، وقال له: يا سمو الأمير ! هذا سماحة الشيخ عبدالعزيز يلاقي مشقة عظيمة إذا أراد الذهاب للحج أو العمرة؛ فلو تكرمتم ببذل الجهد في سبيل تخصيص طائرة تقلُّه عند ذهابه وإيابه.
فلبى سموه هذه الرغبة وقال: لامانع لدينا من ذلك ، ونأمل أن يوافق سماحته؛ فاتصل سموه بخادم الحرمين الشريفين وأخبره بالأمر ، فوافق على الفور ، وأمر- حفظه الله- بتخصيص طائرة لسماحته إذا أراد السفر ، وقال: قولوا لسماحة الشيخ: الطائرة سوف تأتيه في الوقت الذي يريد السفر فيه ، فحصلت الراحة التامة ولله الحمد.
3- وكان من عادة سماحته في كل موسم حجٍّ أنه يحج معه أعداد كثيرة من الرجال والنساء ، وأغلب هؤلاء من الفقراء وغير السعوديين؛ فكلُّ مَنْ طلب من سماحته الصحبة ، أو أوصى من يستأذنه فيها قال: حياه الله ، ولا يسأل عمن سيذهب معه ، ولا عن عددهم ، ولا عن ضيق المكان ، ولا عن سعته.
4- وكان عدد الذين يحجون مع سماحته ، ويرافقونه في مخيمه ومقر إقامته في الحج- يقدر بـ 800 حاج.
5- وكان عدد الرجال والنساء الذين يقدم لهم الطعام في منى وعرفة يتراوح ما بين 800 إلى 1000 حاج.
وليس العجب من هذا ، وإنما العجب أن يكفيهم طعام أُخذ فيه حساب 500 شخص ، ولكن البركة في طعامه ظاهرة للعيان ، يشهد بذلك من وقف عليه؛ وكلما زاد العدد ظننا أنه لن يكفيهم ، ومع ذلك يكفيهم ويبقى منه شيء.
أما عدد الذين يتناولون طعام الغداء مع سماحته في مكة فيتراوح عددهم ما بين 300 إلى 400.
ولا أعلم أن الطعام الذي قدم إليهم لم يكفهم.
6- كان المرافقون لسماحته يضيقون ذرعاً من كثرة الآتين ، ومن ضيق المكان ، ومن خشية الحرج؛ فكانوا يعانون من ذلك معاناة شديدة؛ إذ يريدون التوفيق بين رغبة الشيخ ومنهجه في استقبال الناس ، وعدم رده أحداً منهم ، وبين القيام بحق الوافدين إليه مع ضيق المكان وكثرة العدد.
فإذا قلنا لسماحته: يا سماحة الشيخ ! كل يرغب في الحج معكم ، سواء من داخل البلاد أو خارجها ، وأنتم تعلمون أن السيارات لا تكفي ، وأن المكان المخصص لكم لا يكفي- قال: الله المستعان ، ما هي إلا ساعات وينتهي كل شيء ، اصبروا ، واحتسبوا ، وأبشروا بالأجر الجزيل ، وما يدريكم لعلنا لا نحج بعد عامنا هذا ، ستتيسر الأمور ، وينتهي كل شيء على ما يرام.
7- كان سماحته يحرص كل الحرص على مراعاة مشاعر ضيوفه ، وكان كثير السؤال عنهم ، كثير التوصية بهم ، وكثيراً ما يقول للموظفين معه: ارحموهم ، لو وجدوا غيركم ما أتوا إليكم.
8- كان عدد الصحون التي تقدم فيها المائدة في العادة ، يتراوح ما بين أربعين إلى خمسة وأربعين ، وقد تصل إلى خمسين.
وإذا وضعت المائدة تسابق الضيوف إلى مائدته الخاصة مع أنها لا تتميز عن غيرها ، إلا أنهم يحرصون على القرب من سماحته ، ويزدحمون حولها ، وإذا قيل لهم ابتعدوا ، أو منعوا من ذلك قالوا: نحن نحب أن نأكل مع سماحة الشيخ ، نحن نريد أن نراه ، ونسمع كلامه ، ونأنس بقربه ، ويقولون: ارحمونا ، أنتم ترونه دائماً ، ونحن هذه فرصتنا.
أما سماحة الشيخ فيرحب بهم ، ولا يرضى بأن يساء إليهم ، ولا يقوم حتى يسأل: هل انتهوا؛ خشية أن يعجلهم إذا قام مبكراً ، وكان دائماً يسأل خاصته: عسى مانقص عليهم شيء ؟ عسى الذي وُضِع لهم كفاهم ؟ كم عدد الصحون ؟
فإذا قيل له: كفاهم وزيادة ، تهلل وفرح ، وقال: التمسوا بعض الفقراء ، وأعطوهم بقية الطعام.
ولم أسمع منه كلمة فيها شيء من الفظاظة ، أو الغلظة بل يظهر للفقراء والمساكين الفرح ، مع أن بعضهم يزاحم الشيخ في مكانه ، وربما أخذوا اللحم أو الفاكهة من بين يديه ، وهو لا يتكلم كلمة واحدة ، ولا يقوم من مكانه حتى يقال له: انتهوا من الطعام.
وإذا قاموا من الطعام رفعوا أيديهم يدعون لسماحته ، ومما يقولونه: نسأل الله أن يجعلك تأكله من ثمار الجنة ، غفر الله لك ، ولوالديك.
9- لا فرق عند سماحته بين الفقير والغني ، والشريف والوضيع ، والسفير والوزير؛ فهم يجتمعون جميعاً على المائدة ، وكل من أكل مع سماحته جعل يلتفت هنا وهناك ينظر في وجوه الناس على تباينهم ، واختلاف ألسنتهم ، ومراتبهم ، وألوانهم فهذا عربي ، وهذا أعجمي ، وهذا أسود ، وهذا أبيض ، وهذا من قريب ، وهذا من بعيد.
وفي أحد الأيام قال له أحد الحاضرين ممن يعرف سماحة الشيخ: يا شيخ بعض هؤلاء لا يعرفون أدب الأكل ، ولا يَحْسُن الجلوس معهم؛ فلو انفردت عنهم ، وأرحت نفسك من هؤلاء؛ فقال سماحة الشيخ رحمه الله : أنا الذي وضعت الطعام لهم ، وهم جاءوا إليَّ ، وراحتي بالأكل معهم ، والرسول"كان يأكل مع أصحابه ومع الفقراء حتى مات ، ولي فيه أسوة ، وسوف أستمر على هذا إلى أن أموت ، والذي لا يتحمل ولا يرغب الجلوس معهم نسامحه ، ويذهب إلى غيرنا.
10- والعجيب في الأمر أن هذه الأعداد الكبيرة المتباينة تنتظم أمورهم ، ويحملهم المكان المعد لهم ، وتنقلهم السيارات التي خصصت لنقلهم ، وينتظم أكلهم ، وشربهم ، ونومهم ، ووضوؤهم ، وصلاتهم ، وخروجهم ، ودخولهم.
وسر ذلك- والله أعلم- هو صلاح نية هذا الرجل الإمام- ولا نزكي على الله أحداً- .
11- والعجيب- أيضاً- أن الإمام ابن باز يعيش معهم وبينهم ، وكأنه واحد منهم ، لا فرق بينه وبينهم ، ولا يتميز عنهم بالطعام ، أو السيارة التي تُقِلُّهُ وتتنقل به بين المشاعر.
وقد عرض عليه بعض المسؤولين عن الحج ، أن يُجعل لسماحته موكبٌ خاص ، وسيارات رسمية تفك الزحام إذا دعت الحاجة لذلك ، فامتنع سماحته ، وقال: نسير مع الناس فإذا وقفوا وقفنا ، وإذا ساروا سرنا ، ولا نسمح بتخصيصنا بشيء ، فسبحان من وهبه هذا الزهد ، وهذا التواضع ، وهذا التحمل ، وهذه الأخلاق.
12- يحرص سماحة الشيخ على تطبيق السنة في الحج ، والاقتداء بالنبي"فمنذ إحرامه وتَلَبُّسه بالنسك تراه متخشعاً ، متذللاً ، مطمئناً ، ملبياً ، مستغفراً الله ، مكثراً من ذكره.
13- فإذا دخل الحرم نسي الدنيا وما فيها ، وجعلها خلف ظهره؛ فإذا بدأ بالطواف عَلَتْهُ السكينة ، والخشوع ، وأخذ يطوف بحضور قلب ، وكثرة ذكر.
14- وإذا انتهى من الطواف ، وأدى ركعتيه توجه إلى المسعى؛ فإذا بلغ الصفا نزل من العربة التي تُقِلُّه- وهذا بعد أن كبر وأصبح السعي شاقاً عليه- ووقف يدعو طويلاً ثم شرع بالسعي ، وهكذا يفعل عندما يبلغ الصفا أو المروة في كل شوط.
15- وفي تلك الأثناء يتقاطر الناس عليه للسلام ، وطلب الدعاء؛ فلا يمل ، ولا يضجر ، فكان يرد السلام ، ويقول: حياكم الله ، وإذا طلبوا منه الدعاء دعا لهم في الحال.
16- في اليوم الثامن من ذي الحجة يومِ التروية يخرج سماحته من مكة إلى منى في الساعة العاشرة صباحاً تقريباً وهو مُحْرم.
وإذا وصل إلى منى جلس في المصلى حتى يصلي الظهر ، ثم يلقي كلمة ، ثم يدخل خيمته ، وتقرأ عليه بعض المعاملات ، وتقرأ عليه الصحف الصادرة ذلك اليوم ، ثم يتغدى ، ويصلي العصر بالناس ، ويلقي كلمة توجيهية يبين خلالها ما يشرع للحاج في ذلك اليوم.
ثم يدخل خيمته ويُقرأ عليه ما تيسر من المعاملات والكتب ، ثم يأخذ قسطاً من الراحة حتى يحين وقت أذان المغرب ، فيقوم للصلاة ، وبين المغرب والعشاء يجلس في المصلى يلقي كلمة ، ثم توجه إليه الأسئلة المكتوبة ، والشفوية فيجيب عليها ، والناس حاضرون يستمعون.
وبعد العشاء من ذلك اليوم يكون لديه موعد لإلقاء محاضرة في بعض المخيمات إما في معسكر الأمن العام ، أو الحرس الوطني ، أو في بعض مخيمات الجاليات ، أو في بعض حملات الحج.
وإذا لم يكن لديه موعد لإلقاء محاضرة جلس في خيمته ، وعرض عليه ما تيسر من كتب متعلقة بالحج ، أو شيء من المعاملات حتى الساعة العاشرة والنصف تقريباً ، ثم يبيت تلك الليلة في منى.
17- وإذا صلى بالناس الفجر يوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة ألقى كلمة بعد الصلاة ، وبين خلالها ما يشرع للحاج في ذلك اليوم ، وأوصاهم بالعناية بالحج ، وتَجَنُّبِ كل ما يبطله ، أو ينقص ثوابه ، ثم يجيب على الأسئلة.
وبعد طلوع الشمس يتوجه إلى عرفة تعلوه السكينة والوقار ، فإذا ركب في الحافلة التي تُقِلِّه تزاحم الناس يريدون الركوب معه في تلك الحافلة ، وكان من طيب نفسه أنه لا يرد أحداً حتى إن السيارة تضيق وتحمل فوق العدد المطلوب.
وأذكر أننا في سنة من السنوات كنا متجهين من منى إلى عرفة ، بصحبة سماحته في الحافلة التي تقله ، فسلم عليه بعض المشايخ فقال: تفضلوا ، فركبوا حتى ازدحمت السيارة؛ حيث ركب سبعة أشخاص زيادة على العدد المزدحم في السيارة من قبل.
وإذا قلنا لسماحته: تزاحم الناس- حفظك الله- ماذا نعمل ؟
قال: السيارات كثيرة ، الحمد لله ، ساعات وتنقضي ، اصبروا وأبشروا.
18- وإذا رأيت سماحته وهو في السيارة يتنقل بين المشاعر أو في الخيمة أو غير ذلك رأيته يلهج بالذكر ، والتلبية ، والدعاء ، والاستغفار.
19- وإذا وصل إلى عرفة اتجه إلى الخيمة المعدة له ، ثم يتناول القهوة ، ويتناول بعدها وجبة خفيفة ، والغالب أنه في الحج يقتصر على الفاكهة ، واللبن ، والتمر.
20- وبعد ذلك يشرع بالذكر ، والتلبية والدعاء على كل أحواله قائماً ، أو قاعداً ، أو مضطجعاً.
21- وقبل الظهر بساعة تقريباً من يوم عرفة يذهب إلى الخيمة الكبيرة التي فيها المصلى وهناك يستمع إلى خطبة عرفة عبر المذياع ، ثم يصلي بالناس الظهر والعصر جمعاً وقصراً ، وبعد الصلاة يلقي كلمة بمن معه من الحجاج يوصيهم من خلالها بكثرة الذكر والدعاء ، ويبين لهم بعض الأعمال المتعلقة بذلك اليوم.
ثم يعود إلى خيمته ، ويستريح قليلاً وهو يلهج بذكر الله.
22- وإذا جاء قبيل العصر ذهب إلى المصلى في الخيمة الكبيرة ، ثم تفرغ للدعاء حتى غروب الشمس.
23- وإذا غربت الشمس ركب السيارة متجهاً إلى المزدلفة لا يتحدث بشيء سوى الذكر والدعاء والتلبية والإجابة على الأسئلة؛ فإذا بلغها أَذَّنَ بالناس للصلاة ، وصلى بهم المغرب والعشاء جمعاً ، وقصراً للعشاء ، ثم يتناول شيئاً يسيراً من الطعام ، ثم يستلقي ، ويتقلب على فراشه وتسمعه يذكر الله ، ويدعو ، ويلبي.
24- وفي آخر الليل يقوم للتهجد؛ إذ هو يرى أن مَنْ عادتُه التهجد أنه يصلي تهجده ولو كان في المزدلفة.
وقد سألته عن ذلك فقال: المزدلفة وغيرها سواء في القيام.
ولما قلت له: هذا حديث جابر÷في صفة حجة النبي"لم يذكر فيه أن النبي"قام للتهجد ليلة المزدلفة- علله سماحة الشيخ بأنه ربما خفي على جابر÷.
25- وإذا صلى الفجر في المزدلفة ألقى كلمة بمن صلى بهم ، وبيَّن خلالها الأحكام الواردة في أعمال ذلك اليوم ، ثم مكث في المزدلفة حتى يسفر جداً ، ثم يتوجه بعد ذلك إلى منى.
أما بقية عمله يوم العيد فستجده مفصلاً عند الحديث عن عمله في العيد.
وبعد وصوله إليها يوكل من يرمي عنه ، ومن يذبح أضحيته وهديه.
26- كان في آخر عمره يوكل من يرمي عنه الجمار إلا يوم الثالث عشر؛ حيث يرميها بنفسه ، وإذا رمى الجمرة الأولى أخذ ذات اليمين ، ودعا طويلاً بما يقرب من ثلث الساعة ، وإذا رمى الثانية أخذ ذات الشمال ، ودعا كما دعا في الأولى ، ثم يرمي الثالثة ولا يقف للدعاء بعدها.
27- لا يخرج سماحته من منى إلا يوم الثالث عشر من ذي الحجة ، وكان لا يؤدي صلاة الظهر من ذلك اليوم إلا في مكة ، ولو لم يصل مكة إلا متأخراً ، ولو كان في الساعة الثالثة ظهراً.
وكان يمنع من معه من صلاة الظهر في منى ذلك اليوم ، بل إنه في يوم من الأيام أذن مؤذن من مرافقي سماحته لما حان وقت الظهر في منى ذلك اليوم فأنكر عليه سماحة الشيخ رحمه الله وقال: من الذي أمرك؛ نحن لا نصلي الظهر من يوم الثالث عشر إلا في مكة؛ هذه هي السنة ، وهكذا فعل النبي"يعني أن النبي"لم يؤد الظهر يوم الثالث عشر إلا في مكة.
28- عمله وقراءاته ، وعرض المعاملات عليه إذا كان في مكة أثناء الحج هو هو عندما يكون في الرياض أو الطائف ، بل ربما زاد عمله في الحج أكثر من عمله في غيره؛ حيث يلاقي من معه من الموظفين تعباً مضاعفاً ، مع أن سماحة الشيخ يتجدد نشاطه ، وعزمه.
29- في الحج وفي أيام منى تقرأ على سماحته المعاملات المطولة المختلفة ، وينهي الكثير منها في تلك الأيام.
30- وتقرأ عليه الصحف ، ونشرة وكالة الأنباء ، ويستمع لنشرات الأخبار عبر الإذاعة.
31- وتقرأ عليه الكتب المتعددة ، وكتب المناسك الخاصة ، أو كتاب الحج من بعض الكتب كالمغني ، والمقنع ، وحاشية الروض المربع.
كما يُقْرأ عليه منسكه كل سنة ، وكان يضيف عليه ويستدرك ، ويقول: ما أضعف العبد!
32- وفي أيام منى يصبح مخيم سماحته كأنه خلية نحل من كثرة الغادين والرائحين ، والداخلين ، والخارجين ، والمستفتين ، والمسلِّمين ، وطالبي الشفاعات ، ونحوهم ، يصدق عليه قول الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله حيث يقول في قصيدة يمدح فيها سماحة الشيخ:
ألم تره في موسم الحج قائماً
كيعسوب نحلٍ والحشود له تترا

33- وفيها يعقد الاجتماعات الخاصة والعامة ، ويحصل من جَرَّاء ذلك خير كثير للمسلمين.
34- وفيها يلتقي الوفود الكثيرة من الأماكن المختلفة سواء من المسلمين القادمين من أمريكا ، أو أوروبا ، أو آسيا ، أو أفريقيا ، أو غيرها.
35- وفيها يستجيب للمسلمين الذين يطلبون المنح ، أو الذين يطلبون منه الشفاعة في الإقامة ، أو الذين يطلبون أن يُزَوَّدوا بالكتب الدينية باللغة العربية أو غيرها ، أو الذين يطلبون منه دعم المراكز الإسلامية ، أو عمارة المساجد.
36- وفي أيام الحج يلتقي العلماء الذين يجتمعون عنده ، ويوردون عليه الإشكالات التي تستجد في المناسك أو غيرها ، فتراه يجيب عليها- مهما عَضُلَت- بمنتهى اليسر والسهولة في الغالب؛ فتكون إجاباته وفتاواه محل القبول عند الجميع.
37- في أيام الحج يسعد المسلمون القادمون إليه برؤياه ، والسلام عليه ، وسماع وصاياه ، والصدور عن رأيه.
38- في أيام الحج يزوره الأمراء ، والمسؤولون ، والوجهاء.
39- في أيام الحج لايكاد هاتف سماحته يتوقف رنينه؛ فهذا يسلم عليه ، وهذا يطمئن على صحته ، وهذا يستفتيه ، وهكذا
40- في أيام الحج يلقي سماحته الدروس ، والمحاضرت في منى ، ومكة ، وتسجل هذه الدروس والمحاضرات ويبلغ عددها أربعة عشر أو ثلاثة عشر شريطاً.
كل هذا عدا الكلمات التي يلقيها في مسجده بعد العصر في العزيزية ، أو بعد الفجر ، أو الظهر ، وعدا الكلمات التي يلقيها في المساجد الأخرى.
41- وفي تلك الأيام تجرى معه المقابلات الصحفية ، وتعرض عليه الأسئلة الإذاعية التي يجيب من خلالها عن القضايا المتنوعة.
42- في أيام الحج ، يترأس مجلس إدارة دار الحديث.
43- وهكذا يعمر أوقات حجه بالنفع العميم ، ويملؤه بالأعمال العظيمة الجليلة التي لا يكاد يصدق بها من سمعها.
ومع ذلك تتم بمنتهى اليسر ، والسهولة ، وقلة التكلف.
44- من آراء سماحته في الحج أنه لا يرى وجوب طواف الوداع للمعتمر؛ وكثيراً ما يخرج من مكة بعد العمرة دون أن يطوف للوداع.
45- ويرى أن من ذهب إلى مكة قاصداً الحج أو العمرة ، ونوى أنه يذهب إلى مكة وبعد الاستقرار والراحة يعود إلى الميقات ويحرم منه ، يرى أنه لا شيء عليه.
46- سماحة الشيخ حج اثنتين وخمسين حجة ، وأول حجة حجها كانت عام 1349هـ ثم حج بعدها أربع حجات متفرقة ، ومنذ عام 1372هـ إلى 1418هـ لم يترك الحج في أي عام من تلك الأعوام.

أمل محمد 09-21-2010 04:43 AM

سماحة الشيخ في العيد

سماحة الشيخ رحمه الله رجل آثر أُخْراه على دنياه؛ فحياته كلها جهاد وتضحية وكفاح متصل ، وعمل دؤوب؛ لا فرق عنده بين أيام الدوام الرسمي ، وغيرها من أيام الخميس ، والجمعة وأيام الإجازات والأعياد.
بل ربما تضاعف عمله ، وزاد قيامه بالمسؤوليات في أيام الإجازات.
والعيد عند سماحته كغيره من الأيام له نصيبه من العمل ، والجهد المتواصل ، واستقبال الناس ، والقيام بمصالحهم الخاصة والعامة ، سواء كان ذلك مباشرة ، أو مراسلة ، أو عبر الهاتف.
وإليك هذا المثال: في عيد الفطر عام 1404هـ؛ حيث لم ينم سماحته ليلة العيد؛ فقد كان يصلي القيام؛ إذ لم يأت خبر العيد إلا متأخراً ، ثم استقبل الناس بعد الصلاة ، فلما أُذِّن بالفجر قام للصلاة ، ثم رجع إلى منزله ، واستعد للعيد ، ثم ذهب لصلاة العيد ، وبعد الصلاة واصل نهار العيد كله حتى بعد العشاء لا يفتر ، ولا ينقطع؛ فتارة مع الهاتف على اختلاف المتصلين وحاجاتهم ، وتارة مع سائل أو مستفتٍ ، وتارة مع المهنئين بالعيد ، وتارة مع شكاوى الناس ومشكلاتهم ، وطلباتهم ، وشفاعاتهم ، وهكذا.
ومع ذلك لانراه يضجر أو يمل ، أو يكهر ، أو ينهر.
بل يقابل الناس كلهم بالبشاشة ، والترحاب ولا فرق في ذلك عنده بين أمير ، أو وزير ، أو قريب ، أو بعيد ، أو من يعرفه ، أو لا يعرفه.
تَدَفُّقُ كفٍّ بالسماحة ثَرَّةٍ****وإسفارُ وجهٍ بالطلاقة مشرقِ

كل ذلك مع كبر سنه ، وقلة نومه في ذلك اليوم؛ فهذا هو منهجه ، وديدنه ، وخلقه؛ فهو منهج رائع فريد لمن أراد التأسي بالعلماء العاملين الصالحين المُؤْثرين أخراهم على دنياهم.
وإليك- أيضاً- هذا المثال الثاني ، ففي عيد الفطر من عام 1405هـ واصل جلوسه قبل صلاة الفجر بنصف ساعة ، وكان مجلسه مكتظاً بالناس ، واستمر على استقباله للناس ، ورَدِّه على الهاتف- على نحو ما هو معلوم- إلى الليل.
ولما جاء قبل صلاة العشاء ، كان عنده الشيخ عبدالله بن علي المطوع؛ من مشايخ الكويت ، فقال: يا سماحة الشيخ ! هل آتيكم بعد صلاة العشاء ؟
فقال له سماحة الشيخ: نعم ، نعم.
فقال الشيخ عبدالله: لعلكم تحبون أن تستريحوا ، فقال سماحته: الراحة في الجلوس معكم ، فجلسا بعد صلاة العشاء إلى قريب من الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً ، أي إلى منتصف الليل تقريباً.
والأمثلة في هذا السياق كثيرة جداً.
ولولا أن الإنسان يرى هذه الأمور ماثلة أمام عينيه؛ لربما كذب بها ، أو ظن أنه قد بولغ فيها؛ فالإنسان يكاد لا يصدق ما يشاهده من هذا الجهد العظيم؛ فهذه حياته ، وهذا عمله.
ولم أسمع أنه قد أخذ إجازة في حياته منذ أن تولى الأعمال إلى أن توفاه الله ! لا إجازة عادية ، ولا اضطرارية؛ إذ كيف يأخذ الإجازة والأعمال هي هي سواء في أيام الدوام أو غيرها ؟
فسبحان من يعطي الجزيل ، ويهب الكرامات ، وينزل البركات في الأعمال والأوقات !
وكان من عادته في عيد الفطر أنه يتحف أقاربه وأرحامه بهدية العيد ، فكان يوزع على أقاربه من حسابه الخاص مبلغاً يتراوح ما بين 160- 170 ألف ريال ، وكان يوزعه على زوجتيه ، وأبنائه ، وبناته ، وأولادهم ، وأزواج بناته ، وأخيه ، وأولاد أخيه ، وبعض أقاربه.
أما عمله في عيد الأضحى فحدث ولا حرج ، فسماحته يكون في عيد الأضحى موجوداً في مكة لأداء الحج؛ إذ هو يحج كل عام ، ولم ينقطع عن الحج منذ عام 1372هـ ، وقبل ذلك حج خمس مرات في فترات مختلفة.
وفي يوم العيد يصلي سماحته الفجر في المزدلفة ، ثم يلتفت إلى من حوله ويلقي عليهم كلمة يبين لهم فيها ما يشرع للحاج في يوم العيد ، ثم بعد ذلك يلهج بالذكر والدعاء ، إلى أن يسفر جداً.
وبعد ذلك يتجه إلى منى ملبياً ذاكراً ، داعياً ، وفي الطريق يستمع إلى خطبة العيد من الحرم عبر المذياع.
وبعد وصوله إلى منى يوكِّل من يرمي عنه ، ويذبح أضحيته وهديه.
وبعد الظهر يلقي كلمة في المصلى في مخيمه في منى ، ثم تعرض عليه الأسئلة ، فيجيب عنها.
وفي هذا اليوم يكثر الزوار لسماحته ، للسلام عليه ، وتهنئته بالعيد؛ حيث يزوره الأمراء ، والعلماء ، والدعاة ، والوفود القادمون من الخارج ، والعامة ، والأقارب ، وغيرهم ، كما يكثر المتصلون على سماحته في ذلك اليوم من الداخل والخارج.
ولا ينسى في ذلك اليوم أن يتصل بأقاربه؛ ففي ذلك اليوم يتصل بأخيه الأكبرمحمد ، ويتصل بجميع أولاده.
وبعد صلاة العصر من يوم العيد في منى يلقي كلمته ، وتعرض عليه بعض الأسئلة ، ثم يأخذ بعض الراحة ، وبعد المغرب يلقي كلمة في المخيم الذي يقيم فيه ، وتوجه إليه الأسئلة حتى صلاة العشاء.
وبعد العشاء يذهب لإلقاء محاضرة في بعض المخيمات ، أو يذهب لاجتماع الدعاة في الحفل الذي تقيمه وزارة الشؤون الإسلامية.
ومثل عمله في هذا اليوم يكون عمله في اليوم الحادي عشر ، والثاني عشر.
وفي اليوم الثالث عشر يتجه إلى مكة وقد مر بنا تفصيل عمله في تلك الأيام عند الحديث عن حجه رحمه الله تعالى- .

أمل محمد 09-21-2010 04:43 AM

سماحة الشيخ في يوم الجمعة

يبدأ نظامه يوم الجمعة بعد صلاة الفجر؛ حيث يجلس لتقرأ عليه الفتاوى وغيرها.
ويتولى القراءة عليه يوم الجمعة في سنواته الأخيرة معالي الدكتور محمد بن سعد الشويعر.
ويجلس ما يقارب الساعتين ، ثم يدخل منزله؛ لأخذ بعض الراحة ، وتناول طعام الإفطار.
وفي الساعة العاشرة والنصف تقريباً يخرج متطيباً متجملاً ، فيتجه إلى الجامع ، وإذا وصل صلى ست ركعات ركعتين ركعتين ، يفصل بينهما بالتسليم ، ويطيل فيهما كثيراً.
ثم يقرأ ما تيسر من القرآن ، ويستمع الخطبة ، ويصلي الجمعة ، ويتنفل بعدها أربع ركعات يسلم من كل ركعتين.
وإذا عاد إلى بيته وجد الجموع الغفيرة بانتظاره ، وبعد السلام عليهم يبدأ درسه الأسبوعي كل جمعة في تفسير ابن كثير ، فَيُقْرَأ عليه حتى الساعة الثانية والربع.
وبعد أن يقرأ عليه ما تيسر ، ويقوم بالتعليق والشرح والإجابة على الأسئلة الموجهة إليه يقدم طعام الغداء ، فيتقدم إلىه سماحته مع الناس الذين يحيطون به ، ويسألونه ويعرضون عليه حاجاتهم.
وعدد الصحون التي تقدم يوم الجمعة من ثمانية إلى عشرة صحون كبيرة.
ويستدير على الصحن ما بين العشرة إلى الخمسة عشر رجلاً.
وفي بعض الأحيان لا يتسع لبعضهم المكان ، فينتظرون حتى ينتهي الفوج الأول ، فيأتي مَنْ بعدهم.
وبعد أن ينتهي من الطعام يتوضأ لصلاة العصر ، ويذهب إلى المسجد؛ لأداء الصلاة.
وبعد الصلاة يقرأ إمام المسجد بعض الأحاديث ، ويقوم سماحته بشرحها ، ثم يجيب على ما تيسر من الأسئلة.
ثم يدخل منزله ، ويأخذ قسطاً من الراحة ، وقبل المغرب بعشر دقائق يتجه إلى المسجد بسكينة ووقار ، ويكثر من التسبيح والتحميد ، والتهليل ، والصلاة على النبي"وبعد المغرب يجلس للناس كعادته ، وكذلك بعد العشاء ، وقد يكون لديه ضيوف ، أو موعد خارج المنزل ، أو اجتماع داخل المنزل أو خارجه ، وهكذا.
ومما يحسن ذكره في هذا الصدد أن سماحة الشيخ يرى أن ليلة الجمعة ، وعصر الجمعة مثل بقية الأيام في إلقاء الدروس ، وقراءة بعض الأحاديث ، خلافاً لما يراه بعض الناس ، حيث يتركون الدروس ، والتحديث ليلة الجمعة ، أو بعد صلاة العصر من يوم الجمعة.

أمل محمد 09-21-2010 04:44 AM

سماحة الشيخ في مكتبة منزله


لسماحة الشيخ مكتبة كبيرة في منزله في الرياض ، وله مكتبة في منزل الطائف ، ومكتبة في منزل مكة.
والمكتبة هي محل أنسه ، وهي - في الغالب - مقر عمله واجتماعاته الخاصة مع العلماء وغيرهم ، وهي محل بحثه ، ودراسة بعض المعاملات الخاصة الواردة عليه.
وهي مكان التسجيل لبرامج الإذاعة كبرنامج نور على الدرب وغيره ، وهي مكان اللقاءات بمندوبي الصحف.
وفيها يراجع كتبه ، ودروسه ، وبعض المسائل التي يحتاج إليها.
وفيها يتتبع أسانيد الأحاديث ، وطرقها؛ إذ كان رحمه الله كثير الرجوع إلى كتب الرجال ، ككتاب تقريب التهذيب ، وتهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال ، وتعجيل المنفعة ، وتهذيب الكمال.
وقد سمعت صاحب الفضيلة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري رحمه الله يقول: إن سماحة الشيخ يكاد يحفظ التقريب عن ظهر قلب.
وكان يستقبل المكالمات وهو في المكتبة ، ويلقي المحاضرات الخارجية عبر الهاتف.
وكان رحمه الله لا يمل الجلوس بين الكتب ، والتنقل في رياضها؛ ففي بعض الأحيان نأتي بالمعاملات من طلاق ونحوه؛ فإذا بدأنا عرضها عليه بعد العشاء ربما ظهر عليه بعض الإعياء والتعب ، والنعاس ، فيقول: ما عندي نشاط.
ثم يطلب بعض الكتب فإذا بَدَأَتِ القراءةُ عليه في الكتب نشط ، وتأهب ، وذهب عنه النعاس ، وتفاعل مع الكتاب أو الكتب.
وفي يوم من الأيام بَدَأْتُ أعرض عليه بعض المعاملات في الطلاق وغيره ، فلمست منه الإعياء ، فقال: ما عندي نشاط ، أشعر بالإعياء ، وأرى عرضها في وقت آخر.
فخرجت من عنده في الساعة التاسعة من الليل تقريباً ، وذهبت إلى شمال الرياض ، لقضاء بعض الأعمال الخاصة بي.
ولما انتهى عملي عدت إلى منزلي ، وفي الطريق مررت بمنزل سماحته ، ولما حاذيته رأيت سيارة الأخ صلاح الدين عثمان - أمين مكتبة منزل سماحة الشيخ - ، وكانت الساعة قد بلغت العاشرة والنصف.
فلما رأيت السيارة قلت في نفسي: ما الذي أبقى الأخ صلاحاً إلى ذلك الوقت ، خصوصاً وأن عهدي بسماحة الشيخ أنه مُجْهَد ، ولم يستطع إكمال قراءة المعاملات؛ فوقفت عند منزل سماحته ، ودخلت المنزل وإذا بسماحته يخرج من المكتبة متجهاً إلى داخل بيته؛ فسألت الأخ صلاحاً ، وقلت له: أنتم جالسون من حين ذهبت من عندكم حتى هذه الساعة ؟
قال: نعم؛ لما بدأت أقرأ على سماحته في الكتب نشط ، واشتد عزمه ، ولم يذهب داخل بيته إلا الآن - كما ترى - !
وفي بعض الليالي نجلس في المكتبة بعد صلاة العشاء ساعة ونصف الساعة تقريباً ، ونلحظ على سماحته الإعياء؛ إذ هو طيلة يومه في جهاد ، وعمل متواصل.
وعندما نقوم إلى مكان الطعام لتناول وجبة العشاء يعود للشيخ نشاطه ، ونرجع مرة أخرى إلى المكتبة ، ويقول رحمه الله : النشاط يعود بعد الأكل ، وهو بمثابة البنزين للسيارة.
وأحياناً يمضي في المكتبة الساعتين ، والثلاث دون أن يشعر؛ فإذا سأل عن الساعة وقلنا: الساعة الحادية عشرة قال: إلى الله المشتكى ، الوقت يمضي ، والجلوس بين الكتب لا يُمَل ، نتمنى أن نقرأ كل ما في هذه المكتبة ، ولكن المشاغل لا تتركنا.
وفي يوم من الأيام في عام 1418هـ قال سماحته للأخ صلاح أمين المكتبة: لم يتيسر إلى الآن إمرار مسند الإمام أحمد؛ قراءتنا فيه متقطعة ، كلما قرأنا منه جزءاً انقطعت القراءة ، وإن شاء الله سوف نقرؤه ، فبدأ بقراءته ، ولكن الأعمال العظيمة لم تتركه.
ولا أعلم أنه عرض على سماحته كتاب يتكون من مجلد أو مجلدين أو ثلاثة ، أو أكثر إلا قال: سوف نقرؤه إن شاء الله.
ومما هو جديد بالذكر أن سماحته أوصى قبل وفاته بإهداء مكتبته إلى مكتبة مسجد سماحته في مكة المكرمة.

أمل محمد 09-21-2010 04:44 AM

إمامته في السنة وحمايته لها وحثه على التمسك بها

إمامته في السنة وحمايته لها وحثه على التمسك بها
إن السنة هي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية، بل هي قطب رحاها، ومصدر شعاعها، وشمس الحقيقة، ومنبع الهداية، وهي السراج المنير الوهاج، في ظلمات ليل داج، ولها مكانة عظيمة في قلوب المؤمنين ومنزلة كبيرة في صدور المتبعين، للهدي النبوي، والمنهج السلفي، والسنة كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، والاعتصام بها نجاة، والتنكب عنها ضلالة وخسارة.
السنة لغة: هي الطريقة؛ حسنة كانت أو سيئة، ومنه قوله: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بهذه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
واصطلاحا: ما أثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية أو سيرة سواء كان قبل البعثة أو بعدها.
ولا يشك أحد من أهل البصيرة والفهم المستنير أن لعلماء السلف- رحمهم الله- عناية بالسنة ونصرة لها، وتقديم لأقوالها النيرة على آرائهم القاصرة، وقد أخذوا في ذلك أشد الإيذاء، لكنهم صبروا وصابروا، ودعوا إلي نصرة السنة بالقلم واللسان، والسيف والسنان، نذروا أنفسهم لنصرتها دعوة وجهادا، وقاوموا أعدائها جماعات وفرادى، ولم يخشوا في الله لومة لائم، ولا صولة صائل، ولا غضب سلطان، متبع للبدع وأهلها، فقهروا البدع المضلة، واجتثوا شجرتها بمعاول السنة، ولم يبالوا بعداوة من عادى، وردوا على المبتدعة الضالين، فبهتوهم بالأدلة القاطعة، والبراهين الناصعة، والحجج الدامغة، وصنفوا في ذلك المصنفات المشهورة مثل السنة الإمام أحمد- رحمه الله- والسنة لابن أبي عاصم، والسنة لحرب الكرماني، والشريعة للآجري، وأصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي، والتوحيد لابن منده، وخلق أفعال العباد للبخاري والرد على الجهمية والرد على المريسي لعثمان بن سعيد الدارمي وغير ذلك من الكتب النافعة التي ألفها علماء السلف- رحمهم الله جميعا-
وعلى هذا المنوال سار الخلف الصالح إلى أن وصلت النوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- وتلاميذه أمثال ابن القيم والمزي والذهبي وابن كثير وابن عبد الهادي وغيرهم من أنصار السنة وحماتها، ثم صار الأمر في ظهور عقبه " اضمحلال إلى أن ظهرت دعوة الإمام المجدد المصلح / محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله- فنصر السنة وأهلها وعمل على إحيائها وإبانتها، فوفقه الله إلى ذلك، وعاضده بإمام مجاهد تقي ألا وهو الإمام محمد بن سعود - رحمه الله- فرفعت أعلام السنة، بعد أن طمست ؛ وأحيت السنة بعد أن شارفت على الممات، وسار أحقاد الإمامين - رحمهما الله- على هذا المنوال ناصرين للسنة، ناشرين. لها في أقطار المعمورة، حتى شملت جزيرة العرب ووصلت إلى الهند والسند، وبلاد أفريقيا، بل وأمريكا وأوربا، وقد قيض الله لها- أي السنة- علماء مخلصين في هذا الزمان المتلاطم أمواجه بالفتن، المزكى أوراه بالمحن، فحفظ الله عز وجل بعلمهم دينه على العباد، وأخرجهم.. بهم وبعلمهم من ظلمات الزيغ والضلالة، إلى نور الهدى والرشاد، أمما من الخلق لا يحصون، وفئاما من الناس لا يعدون،وإن من هؤلاء العلماء بل مقدمهم وإمامهم سماحة الإمام الشيخ / عبد العزيز- رفع الله قدره- فهو أحد علمائنا الناصحين، والدعاة الصادقين المخلصين، الذين يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، كيف لا وهو المحب للسنة وأهلها، العاض عليها بنواجذه، الحامل للوائها، المدافع عنها والمنافح من أجلها، الناشر لعلومها، المحيي لما اندرس من معالمها، وذلك بالعلم والعمل والتعليم والتهذيب والتفقه فيها، فلا غرو ولا عجب إذا وصف بأنه إمام أهل السنة، وذلك لشدة تمسكه بها والذب عنها والاعتصام بها- بعد كتاب الله- ولعل أوضح برهان، وأجلى دليل، ما كتبه سماحته- رعاه الله- من مؤلفات ورسائل قيمة عن السنة مثل وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة، ووجوب العمل بالسنة وكفر من أنكرها، ومثل السنة ومكانتها في التشريع، بل كلماته ومحاضراته ودروسه وخطبة، كلها تدور على الالتزام بالسنة والحرص عليها، وتقديمها على أقوال الرجال وآرائهم، وحتى يكون هذا الكلام مبنيا على الدليل والبرهان، أورد لك هذه الرسالة من مؤلفات سماحته - حفظه الله- وهي بعنوان " السنة ومكانتها في الإسلام وفي أصول التشريع " لكي يكون ما ذكرته عنه أدعى للقبول، وأقوى في الحجة، وأوضح للمحجة.

أمل محمد 09-21-2010 04:45 AM

الصبر على جور الأئمة

ويرى سماحته أن الصبر على جور الأئمة وظلمهم أصل من الأصول المهمة التي جاءت بها الشريعة ويرى أن ضياع هذا الأصل هو سبب الفتن والمحن ويستند إلى مثل هذا التقرير لقوله صلى الله عليه وسلم : من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية أخرجه البخاري ( 6645 ) ومسلم ( 1849 ).
ومن منهج سماحته في التعامل مع الولاة أنه يرى نصحهم سرا فيما صدر منهم من منكرات، والأخذ بأيديهم إلى الحق وتبصيرهم، به، مع التحذير العام للمنكر دون تخصيص أو تشهير بالأسماء لأن في ذلك تأليب للعامة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبذله علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه أخرجه أحمد ( 3 / 43 ) والحاكم في مستدركه ( 3 / 290 ) وهو صحيح بطرقه.
بل إن سماحته بين أن النصح علنا ليس من منهج السلف، وما أروع تلك الكلمات وأحسنها وذلك بقوله : " ليس من منهح السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويقضي إلي الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير، وإنكار المن يكون دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم ".
ويرى سماحته الدعاء لولاة الأمر بالتوفيق والتسديد، بل ويكثر من ذلك في كلماته ومحاصراته ودروسه وهو مستند إلى ما ورد عن الإمامين الجليلين الفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل- رحمهما الله- حينما قالا : " لو كانت لي دعوة مجابة لصرفتها للسلطان " وقوله صلى الله عليه وسلم : خيار أئمتكم الذين تصلون لهم ويصلون عليكم
هذه أهم الأمور المتعلقة بمنهج سماحته- رعاه الله - في التعامل مع ولاة الأمور، وله رسالة مناسبة في هذا الأمر، رأيت من تمام الفائدة وضعها في هذا المكان لينتفع بها الأحبة من القراء الكرام.

أمل محمد 09-21-2010 04:46 AM

صيحة الأمة في جواب عشرة أسئلة مهمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اتبع هداه، أما بعد:
فهذه أسئلة مهمة وأجوبتها رأيت تقديمها لإخواني المسلمين للاستفادة منها، وأسأل الله أن ينفع بها عباده، وأن يتقبل منا جهدنا، وأن يضاعف لنا الأجر وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح أحوال المسلمين، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يصلح قادتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
س 1: سماحة الشيخ: هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة، فما رأي سماحتكم ؟
ج 1: بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد
: فقد قال الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر، وهم: الأمراء والعلماء، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة، وهي فريضة في المعروف.
والنصوص من السنة تبين المعنى، وتقيد إطلاق الآية بأن المراد: طاعتهم في المعروف، ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية، لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة ولقوله صلى الله عليه وسلم: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية وقال صلى الله عليه وسلم: على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة وسأله الصحابة رضي الله عنهم- لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون- قالوا: فما تأمرنا؟ قال: أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وقال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان؛ وما ذاك إلا لأن الخروج على ولا الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما، يختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير، إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرا أكثر فليس لهم الخروج، رعاية للمصالح العامة.
والقاعدة الشرعية المجمع عليها: ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ) أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا عندها قدرة تزيله بها، وتضع إماما صالحا طيبا من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس، أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس، واغتيال من لا. يستحق الاغتيال... إلي غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر، والسمع والطاعة في المعروف، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تحفيف الشر وتقليله وتكثير الخير.
هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك ؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

أمل محمد 09-21-2010 04:46 AM

السؤال الثاني: من العشرة الأسئلة المهمة

س 2: سماحة الوالد: نعلم. أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة، ولكن هناك- للأسف- من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام؛ لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير
ج 2: هذا غلط من قائله، وقلة فهم ؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي، وإنما تحملهم الحماسه والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة.
فالخوارج كفروا بالمعاصي، وخلدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة، وأنهم في النار مخللدون فيها. ولكن قالوا: إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.
والذي عليه أهل السنة- وهو الحق- أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذ شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك إلا إذا استحل المعصية وقال: إنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل ؛ ولهذا قال فيهم النبي: إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرميه ثم لا يعودون إليه يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم، فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فيقفوا مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة بالمكاتبه والمشافهة، بالطرق الطيبة الحكيمة، وبالجدال بالتي هي أحسن، حتى ينجحوا، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير.
هكذا جاءت النصوص عن رسول. الله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }
فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور، بالكلام الطيب، والحكمة، والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا لي دعوتهم بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم بظهر الغيب: أن الله يهديهم، ويوفقهم، ويعينهم على الخير، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها وعلى إقامة الحق.
هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إليه: أن يهدي الله ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، وبهذا يكثر الخير، ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.

أمل محمد 09-21-2010 04:46 AM

السؤال الثالث: من العشرة الأسئلة المهمة

س 3 : لو افترضنا أن هناك خروجا شرعيا لدى جماعة من الجماعات ، هل هذا يبرر قتل أعوان هذا الحاكم وكل من يعمل في حكومته مثل الشرطة والأمن وغيرهم ؟
ج 3 : سبق أخبرتك : أنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين : أحدهما : وجود كفر بواح عندهم من الله فيه برهان .
الشرط الثاني : القدرة على إزالة الحاكم إزالة لا يترتب عليها شر أكبر منه ، وبدون ذلك لا يجوز .

أمل محمد 09-21-2010 04:47 AM

السؤال الرابع: من العشرة الأسئلة المهمة

س 4 : يظن البعض من الشباب أن مجافاة الكفار- من هم مستوطنون في البلاد الإسلامية أو من الوافدين إليها- من الشرع ، ولذلك البعض يستحل قتلهم وسلبهم إذا رأوا منهم ما ينكرون؟
ج 4 : لا يجوز قتل الكافر المستوطن أو الوافد المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنا ولا قتل العصاة ولا التعدي عليهم ، بل يحالون فيما يحدث منهم من المنكرات للحكم الشرعي ، وفيما تراه المحاكم الشرعية الكفاية .

أمل محمد 09-21-2010 04:47 AM

السؤال الخامس: من العشرة الأسئلة المهمة

س 5 : وإذا لم توجد محاكم شرعية ؟
ج 5 : إذا لم توجد محاكم شرعية ، فالنصيحة فقط ، النصيحة لولاة الأمور ، وتوجيههم للخير ، والتعاون معهم- حتى يحكموا شرع الله ، أما أن الآمر والناهي يمد يده فيقتل أو يضرب فلا يجوز ، لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن حتى يحكموا شرع الله في عباد الله ، وإلا فواجبه النصح ، وواجبه التوجيه إلى . الخير ، وواجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن ، هذا هو واجبه ، قال الله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ لأن إنكاره باليد بالقتل أو الضرب يترتب عليه شر أكثر وفساد أعظم بلا شك ولا ريب لكل من سبر هذه الأمور وعرفها .

أمل محمد 09-21-2010 04:48 AM

السؤال السادس: من العشرة الأسئلة المهمة

س 6 : هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالذات التغيير باليد للجميع ، أم أنه حق مشروط لولي الأمر ومن يعينه ولي الأمر؟
ج 6 : التغيير للجميع حسب استطاعته ؛ لأن الرسول يقول : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان لكن التغيير باليد لابد أن يكون عن قدوة لا يترتب عليه فساد أكبر وشر أكثر ، فليغير باليد في بيته: على أولاده ، وعلى زوجته ، وعلى خدمه ، وهكذا والموظف في الهيئة المختصة المعطى له صلاحيات ، يغير بيده حسب التعليمات التي لديه ، وإلا فلا يغير شيئا بيده ليس له فيه صلاحية ؛ لأنه إذا غير بيده فيما لا يدخل تحت صلاحيته يترتب عليه ما هو أكثر شرا ، ويترتب بلاء كثير وشر عظيم بينه وبين الناس ، وبينه وبين الدولة . ولكن عليه أن يغير باللسان كأن يقول: - ( اتق الله يا فلان ، هذا لا يجوز ) ، ( هذا حرام عليكم ) ، ( هذا واجب عليك ) ، يبين له بالأدلة الشرعية باللسان ، أما اليد فيكون في محل الاستطاعة ، في بيته ، أو فيمن تحت يده ، أو فيمن أذن له فيه من جهة السلطان أن يأمر بالمعروف ، كالهيئات التي يأمرها السلطان ويعطيها الصلاحيات ، يغير بقدر الصلاحيات التي أعطوها على الوجه الشرعي الذي شرعه الله لا يزيدون عليه ، وهكذا أمير البلد يغير بيده حسب التعليمات التي لديه .

أمل محمد 09-21-2010 04:48 AM

السؤال السابع: من العشرة الأسئلة المهمة

س 7 : هناك من يرى- حفظك الله- أن له الحق في الخروج على الأنظمة العامة التي يضعها ولي الأمر كالمرور والجمارك والجوازات . . إلخ ، باعتبار أنها ليست على أساس شرعي ، فما قولكم- حفظكم الله- ؟
ج 7 : هذا باطل ومنكر ، وقد تقدم : أنه لا يجوز الخروج ولا التغيير باليد ، بل يجب السمع والطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر ، بل نظمها ولي الأمر لمصالح المسلمين ، فيجب الخضوع لذلك ، والسمع والطاعة في ذلك ؛ لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين ، وأما الشيء الذي هو منكر ، كالضريبة التي يرى ولي الأمر أنها جائزة فهذه يراجع فيها ولي الأمر؛ للنصيحة والدعوة إلى الله ، وبالتوجيه إلى الخير ، لا بيده يضرب هذا أو يسفك دم هذا أو يعاقب هذا بدون حجة ولا برهان ، بل لابد أن يكون عنده سلطان من ولي الأمر يتصرف به حسب الأوامر التي لديه وإلا فحسبه النصيحة والتوجيه، إلا فيمن يده من أولاد وزوجات ونحو ذلك ممن له السلطة عليهم.

أمل محمد 09-21-2010 04:48 AM

السؤال الثامن: من العشرة الأسئلة المهمة

س8 : هل من مقتضى البيعة - حفظك الله - الدعاء لولي الأمر ؟
ج8 : من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ، ومن النصح : الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة ؛ لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له : أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير ، ويذكره إذا نسي ، ويعينه إذا ذكر ، هذه من أسباب توفيق الله له .
فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح وإماتة الشر والقضاء عليه ، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر ، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز ؛ لأن المقصود من الولايات كلها : تحقيق المصالح الشرعية ، ودرء المفاسد ، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخير ويترتب عليه ما هو أشر مما أراد إزالته وما هو منكر لا يجوز له .
وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا المعنى إيضاحا كاملا في كتاب " الحسبة " فليراجع ؛ لعظم الفائدة .

أمل محمد 09-21-2010 04:49 AM

السؤال التاسع: من العشرة الأسئلة المهمة

س 9: ومن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر - حفظك الله - ؟
ج 9: هذا من جهله، وعدم بصيرته، لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي لما قيل له: إن دوسا عصت وهم كفار قال: اللهم اهد دوسا وائت بهم فهداهم الله وأتوه مسلمين.
فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يدعى له ؛ لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح: أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله.

أمل محمد 09-21-2010 04:49 AM

السؤال العاشر: من العشرة الأسئلة المهمة


س 10: هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر ؟ وما منهح السلف في نصح الولاة ؟
ج 10: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب ؛ لعموم الأدلة.
ويكفي إنكار المعاصي والتحذير معها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكماً ولا غير حاكم. ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه: قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: ألا تكلم عثمان ؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، ألا أسمعكم ؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه. دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه ولما فتح الخوارج " الجهال باب الشر في زمان عثمان رضي الله عنه أنكروا على عثمان علنا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لايزال الناس في آثاره إلي اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه، وقد روى عياض بن غنم الأشعري، أن رسول الله قال: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قيل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه نسأل الله العافية والسلامة ولإخواننا المسلمين من كل شر، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وآله وصحبه.

أمل محمد 09-21-2010 04:50 AM

الشيخ والبحث

إن منهج الشيخ - رعاه الله - قائم على الاعتدال والإنصاف في كل شيء، فلا يغلو ولا يجفو، بل هو عوان بين ذلك وهذه الوسطية الرائعة هي التي ميزته عن كثير من علماء الأمة وفحولها في هذا العصر، ولا بد أن ندرك جيدا وأن نعلم يقينا أن الشيخ - حفظه الله - منهجه في البحث.

والاستفادة قائم على التزام النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وذلك في كل ما يتصل بهما، ونجد أن النصوص مع ثبوتها القطعي قد تتفاوت في دلالتها، فإن للمفتي حق الاجتهاد في فهم الدلالة كما لغيره ذلك، وهذا منهج لا غبار عليه عند أولي العلم، بل هو من صميم علمهم، ومن دقيق فهمهم، وسماحة شيخنا - رعاه الله - ملتزم بهذا المنهج سائر عليه، فتجده في المسائل التي يختلف فيها العلماء في قضية فهم النصوص، وما تومئ إليها من دلالات ومعاني، واسع الصدر، لا ينكر على أحد فهم اختاره، أو أمر سار عليه - معتقدا أنه الحق، بل إنه يعذره ويرى له في ذلك اجتهادا مخطئا في نظره، ومما يميز الشيخ - حفظه الله - أنه واسع المعرفة، يحب الحوار الهادئ، ولا يغضب من الجدل الحق، ويرحب بالآراء المدعومة بالدليل، ويتراجع عن قوله إذا كان فيه خلاف الدليل ويرحب بالأقوال ولا يتعمد التخطئة بل يرى أن المسائل المختلف فيها على قسمين:
1 - خلاف التضاد:
2- خلاف التنوع:
فأما خلاف التنوع فالمسألة سهلة، وفيها سعة؛ لأنه خلاف فرعي، وقد اختلف الأئمة. والشيخ - أطال الله في عمره على طاعته - محب للبحث شغوف به، لأنه يحرص على إيصال المعلومة الصحيحة إلى طالب العلم، فإذا شك في مسألة أو حديث، أمر بتحقيق الأمر، والنظر في هذه المسألة وفي ذلك الحديث، حتى يتضح الأمر وتنجلي الحقيقة، وهذا كله من حب الشيخ - رعاه الله - للبحث، ودائما تراه يكلف بعض طلبة العلم بذلك، فإذا انتهى من بحثه، قرئ على سماحته - حفظه الله - كاملا وعلق عليه بما يرى أنه الحق مبينا لوجه الصواب والخطأ، أو مقرا للباحث بقوله: هذا البحث حسن أو جيد أو جزاك الله خيرا وغير ذلك من كلمات التشجيع والإطراء..

أمل محمد 09-21-2010 04:50 AM

الشيخ والشجاعة في الحق

إن هذا الرجل السهل السمح الحليم محب الفقراء، والمشفق على المحتاجين والمعوزين، سرعان ما ينقلب أسدا هصورا لا يرده عن أقدامه شيء، إذا انتهكت محارم الله، أو إذا علم بظلم يقع على المسلمين أو عدوان على شريعة الله.
إن مسلك سماحته - حفظه الله - في هذه الناحية هو مسلك العالم الإسلامي الذي يوقن ملء جوارحه أنه مسئول عن حماية محارم الله، والدفاع عن حقوق أهل الإسلام بكل ما تملك من طاقة... وبدافع من الشعور الكامل بهذه المسئولية يتتبع أحوال العالم الإسلامي، فلا ينال المسلمين خير إلا فرح به، ولا يمسهم سواء إلا اضطرب له، ويرتفع غضبه إلى القمة حين يتعلق الأمر بدين الله، لذلك تراه أسرع العلماء إلى إنكار البدع، لأنها بنظره عدوان على حقائق الوحي، وتغيير لدين الله، وفي النهاية هي إبعاد للمسلمين عن جادة الحق.
ولعل شجاعته في قول الحق تتجلى بوضوح وجلاء حينما نفخ الشيطان في خلد أحد الحكام، فأعلن ترهات وشبهات خبيثة في مقصدها، ضالة في منطلقها وتوجهاتها، دائرة في مجمل أمرها على الطعن في كتاب الله وعلى رسوله الكريم، بأمور تقيأها في مؤتمر عقده في بلاده باسم مؤتمر المعلمين وكان ذلك عام 1394 هـ. فسارعت الجامعة الإسلامية ممثلة بمجلسها الاستشاري إلى إنكار ذلك، حملت توقيع الأعضاء ومن ضمنهم سماحته، لكن سماحته لم يكتف بذلك، فخلا إلى كاتبه يملي عليه مقالا في تفنيد تلك الأباطيل، وفضح مزاعم الطاغية، التي تنم عن منتهى الجهل بالإسلام ولغة العرب.
وقد نشرت الصحف والمجلات ذلك البيان الذي كان قطعة رائعة بارعة من فقه الشيخ وأدبه وغيرته اللاهبة على دين الله.
ويتلو تلك الهجمة الطائشة عدوان طواغيت الصومال من الشيوعيين على شريعة الإسلام، إذا ألغوا أحكامها العادلة في موضوع الإرث والحياة الأسرية ؛ ليحلوا مكانها أحكام الجاهلية الماركسية، ولما أعلن علماء مقديشو حكم الله في عدوانهم هذا، أخذت الظالمين العزة بالإثم، فأحرقوا عشرة منهم وهم أحياء، وزجوا بالعشرات الآخرين في السجون... فكان لهذا الطغيان الرهيب أثره العميق في قلب الشيخ، لم يملك بإزائه سوى القلم الذي حمل إلى البغاة ما يجب أن يتلقوه من مثله.
وقبل ذلك كان للشيخ صولة في رابطة العالم الإسلامي بمكة، خرج منها بالقرار التاريخي الذي يدين طغمة الشيوعيين الذين يفرضون وجودهم بقوة الحديد والنار، وطواغيت موسكو على مسلمي الجنوب العربي، الذي لم تقف فيه حمامات الدم منذ استيلاء هذه العصابة الحاقدة على الإسلام وعلى زمام السلطة في عدن وحضرموت.
وعلى هذا المنوال والغرار يمضي الشيخ في مواجهة الأحداث التي تلم بالأحداث في العالم الإسلامي، ولعل وقوفه مع المسلمين في كشمير وبورما وأريتريا والبوسنة والهرسك وأفغانستان والصومال والشيشان وأخيرا كوسوفا وغيرها أوضح مثال وأبين أمر على شجاعته ووقوفه مع إخوانه في البأساء والضراء.

أمل محمد 09-21-2010 04:50 AM

الشيخ والشورى

وصف الله المؤمنين الصادقين بقوله الحق: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وألزم نبيه وهو المؤيد بوجيه أن لا يفارق الشورى في كل أمر هام، وشأن عظيم فقال له: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ولقد أخذ سماحته بذلك فهو يشاور طلابه ومحبيه وإخوانه من العلماء فيما يستجد من الأمور وهذا مما يدل على تواضعه، ومن قربه من القلوب، فلا يبدأ قضية من القضايا المهمة إلا بالتشاور حولها والدندنة في جوابها أخذا وردا، وإعمالا للفكر، وإنعاما للنظر، فيها حتى إذ استوت على سوقها طرح رأيه الثاقب في القضية، وإن كان هناك ثمة رأي مخالف للأمر الذي ارتآه نظر إليه بعين الاعتبار والتقدير، وفحصه بنظرة ثاقبة بصيرة من جميع جوانبه، ثم يفصل بعد ذلك عازما على رأي واحد متوكلا على الله، ممضيا له، وغالبا ما تكون هذه الآراء هي الأسعد بالحق وضيائه.
والشورى في حياة الشيخ - رعاه الله - في جميع صورها وألوانها: فمع إخوانه أصحاب الفضيلة العلماء سواء كان ذلك في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، أو في هيئة كبار العلماء يراجع هو وإياهم ما استجد من المسائل العلمية والعملية في ضوء الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة، ويطرحون في تلك المجالس قضايا المسلمين بإنصاف وصدق. وتجرد، فلهذا نرى أن رأيهم في كثير من القضايا يجد كلمة إجماع من جميع علماء المسلمين في أقطار المعمورة، وعلى هذا النحو في اجتماعاته في الرابطة في المجلس التأسيسي، أو في المجمع الفقهي، أو في المجلس الأعلى للمساجد وغير ذلك.
وكذلك يشاور أهل بيته في القضايا الخاصة الأسرية التي تتعلق بهم، ولا يستنكف من أخذ آرائهم إن رأى في ذلك مصلحة عامة للمسلمين، وهذا أعني به مشاورة أهل البيت - منهج نبوي، وشرع إسلامي، ولعل قصة الحديبية مع أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - حينما أشارت إلى النبي بحلق رأسه ونحر هديه، ثم تطبيق الصحابة لذلك أبلغ مثال، وأوضح أمر، في أن هذا المنهج من صميم منهج النبوة والشرع.
وهكذا يشاور مستشاريه، ومدراءه فيما يتعلق بالأعمال الوظيفية وغيرها من الأعمال الإدارية وينظر إلى آرائهم بعين الاعتبار والتقدير.
إن لسماحته نفسا رحبة، وصدرا متسعا، وأفقا واسعا، في كل الأمور، مما بوأه هذه المكانة العلمية، والمنزلة السنية رفع الله قدره، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.

أمل محمد 09-21-2010 04:51 AM

الشيخ والفتوى


إن الفتوى في حقيقة أمرها هي التبليغ عن الله سبحانه وعن رسوله أحكام الشريعة وإيضاحها وإبرازها للأمة، ولذا فإن الفتوى منصب جليل القدر، عظيم المكانة، كبير الأهمية، فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد له عدته، وأن يتأهب له أهبته، وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدره - حرج من قول الحق والصدع به، فإن الله ناصره وهاديه، وكيف لا وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب فقال تعالى: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ وكفى بما تولاه الله بنفسه. شرقا وجلالة، إذ يقول سبحانه في كتابه:{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ } وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه، وليوقن أنه مسئول غدا وموقوف بين يدي الله.
وأول من قام بهذا المنصب الشريف سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبد الله ورسوله فكانت فتاويه جوامع الأحكام ومشتملة على فصل الخطاب، وهي في وجوب اتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانية الكتاب، وليس لأحد من المسلمين العدول عنها ما وجد إليها سبيلا، وقد أمر الله عباده بالرد إليها حيث يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }
ثم قام بالفتوى من بعده برك الإسلام، وعسكر القرآن، وجند الرحمن، ألين الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأحسنها هديا، وأقلها تكلفا، وأوضحها بيانا، وأصدقها إيمانا، وأعمها نصيحة، وأقربها إلى الله وسيلة وكانوا بين مكثر فيها ومقل ومتوسط ؛ ثم صارت الفتوى من بعدهم في - التابعين وتابعي التابعين إلى يومنا هذا.
وممن - قام بهذا المنصب الكبير، والعمل الشريف " الإفتاء " في عصرنا الحاضر، وزماننا الزاهر كوكبة نيرة من الأئمة الأعلام، الذين حفظوا للأمة معاقد الدين ومعاقله، وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله، ومن هؤلاء الحملة العدول والعلماء الفحول - بل أبرزهم ورأسهم - الذين عنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، وخصوا باستنباط الأحكام، فضيلة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز - حفظه الله - فقد كتب كما هائلا من الفتاوى العلمية، بل إن الفتاوى التي قرئت عليه وشارك في صياغتها مع إخوانه أعضاء اللجنة الدائمة لعلها تبلغها أكثر من عشرين ألف فتوى.
والشيخ - رعاه الله - مثال يحتذى، وإمام به يتأسى، في الفتوى وغيرها من أمور الدين، فتجده في فتاويه معتمدا على الأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة من السلف الصالحين - رحمهم الله - جاعلا نصب عينيه قول الإمام أحمد - رحمه الله -: " إياك أن تتكلم في مسألة إلا ولك فيها إمام ".
ولهذا من تأمل فتاوى الشيخ - رعاه الله - يجد أنها فتاوى واضحة الدلالة، بينة المقصود ليس فيها شذوذ، أو خروج عن سبيل المؤمنين، وترى فيها دقة النقل، والإيجاز في الألفاظ، والوضوح في العبارة، والقوة في الأسلوب - إذ أسلوبه في الإملاء ينحصر على السهل الممتنع - وهو من أبلغ أساليب الكتابة جمالا ووضوحا.
والشيخ - رعاه الله - يكره التسرع في الفتيا، كما هو دأب السلف وديدنهم كما قال ابن أبي ليلى - رحمه الله - أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله أراه قال في المسجد، فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا.
والشيخ - رعاه الله - لا يتورع عن قول لا أدري، والله أعلم، بل هي سلاحه في كثير من الأحايين وهذا نهج علمي دقيق سار عليه سماحته، بل عددت له في مجلس أكثر من عشر مرات وهو يقول الله أعلم.
" ومن قال لا أدري فقد أفتى، ولا أدري نصف العلم، أوكلنا العلم إلى عالمه، الله أعلم " هذه جمل مترابطة يذكر الشيخ - رعاه الله - إخوانه وتلامذته ومحبيه،. ويوصيهم بالتريث والتثبت وعدم الاستعجال وهو الآن - ولله الفضل والمنة - من كبار المفتين في العالم الإسلامي، لأنه يفتي بالدليل قال الله قال رسوله وقد ذكر عنه أن يرى الأخذ بأصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ولكنه دائما ما يخرج عن المذهب الحنبلي، إذا خالف الدليل، فهو ينشد الأثر ويتمسك به كتابا وسنة وإجماعا، ومن لاحظ الشيخ - رعاه الله - في فتاويه رأى ذلك جليا واضحا، ومما يميز الشيخ في فتاويه أنه غير متكلف في كلامه وحديثه وفتاويه، فهو يكره التنطع والتعمق، وهذا هو المنهج الذي سار عليه العلماء السابقون من سلف هذه الأمة وأئمتها، فهم لا يتنطعون ولا يتكلفون، وإنما يرسلون الكلام إرسالا على سجيته، وهكذا سماحته - حفظه الله - فلذلك جعل الله له ولكلامه ولفتاويه قبولا في قلوب الناس لصدقه وطيب نيته وجميل خلقه غفر الله له ورفع درجته.
هذه أبرز الملامح العامة لمنهج سماحته - عفا الله عنه - في الفتاوى وهي أمور مهمة، ولو أفردت في مصنف مستقل من قبل بعض طلبة العلم، لكان ذلك حسنا والله المعين.

أمل محمد 09-21-2010 04:51 AM

أمين المكتبة

إن لمكتبة سماحته- رعاه الله- أمينا يقوم بشئونها ، ويحرص على ترتيبها ، بل ويقوم بالقراءة على الشيخ- حفظه الله- من بطون الكتب العامرة وهو أخونا الفاضل / فضيلة الشيخ / صلاح بن عثمان . - جزاه الله خيرا وأعظم له أجرا- وهو نعم الأمين خلقا وأريحية وسلوكا وهو من طلبة العلم البارزين ، وله جهود دعوية ، ومناشط خيرية ، ونصر للسنة واهتمام بها ، ويكفي أنه أحد خواص الشيخ عبد العزيز- حفظه الله- وأحد الحائزين على ثقته.

أمل محمد 09-21-2010 04:52 AM

مكتبته

إن مما لا شك فيه ، ولا ريب يعتريه ، أن المكتبات في كل أمة عنوان تقدمها ، ودليل وعيها وتطورها كما أنها تعتبر المعيار الحقيقي ، والميزان الأساسي لمعرفة تقدم تلك الأمم ونهوضها ، إذ هي من أهم ركائز المعرفة ، وأقوى دعامات العلم ، فهي للعالم وطالب العلم- زاد لا ينضب ، ومعين لا يجف ، تتحف القارئ والباحث والطالب والمعلم ورواد العلم والمعرفة بروافد ثرة ، وينابيع متدفقة من الفوائد والمعارف والعلوم .
ومن المعلوم قطعا أن جمع الكتب وإدامة النظر فيها ، والبحث في أغوارها ، والغوص في مكنوناتها وأعماقها من أهم الأسباب المعينة على تحصيل العلم .
قال عبدالله بن المبارك- رحمه الله- : من أحب أن يستفيد فلينظر في كتبه. وقيل له لم لا تجالسنا ، قال أنا أجالس صحابة رسول الله يعني بذلك قراءة حديثهم ومروياتهم ، وما يتعلق بتراجمهم وسيرهم العطرة ، التي يفوح منها عبير الإيمان والصدق ، وريح الإخلاص والمتابعة ، والإقدام في سبيل الرحمن .
ولذا قال المتنبي :
وأعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
وقال الآخر :
نعم المؤانس والرفيق كتاب تخلو به إن ملَّك الأصحاب
لا مفشيا سرا ولا متكبرا وتفاد منه حكمة وصواب
ومن هذا المنطلق المهم في أمره وأساسه ، بل وجنباته . ومنافعه ، كان السلف الصالح- رحمهم الله- يحرصون على إدامة النظر في الكتب والاستفادة منها ، لأنها خزائن العلم ، وكنوز المعرفة وبيت القصيد ، وتمييز الأحكام الشرعية ، وعلى هذا المنوال فإن لسماحة شيخنا- رعاه الله- نفسا أبية همامة طلعة لا تمل من القراءة ، ولا تكل من المطالعة والبحث ، وهذه عاداته ودأبه أنه جعل للكتب وإدمان النظر فيها وقتا خاصا من أوقاته المباركة المعمورة بالعلم والإيمان ، ودائما يكون في هذا الوقت المخصص للقراءة والاطلاع مكبا على سماع العلم والمعرفة ، والاستزادة منها ، لكي يكون له زادا في طريق التعليم ونشر العلم وهذا الوقت المخصص للقراءة أظنه بعد صلاة العشاء من كل يوم .
ومكتبة الشيخ- رعاه الله- مكتبة ضخمة مليئة بنفائس المصادر والمراجع العلمية التي لا يستغني عنها طالب العلم والمعرفة ، حاوية لجميع الفنون العلمية ، فلكل فن قسم خاص به ، فمثلا فن الحديث وعلومه ومصطلحاته له مكان مخصص ، فأولا أمهات الكتب الستة ، ثم المسانيد ثم المعاجم ، ثم الأجزاء الحديثية ، ثم كتب الأحكام الحديثية ، ثم كتب التخاريج ، ثم كتب الرجال وجرحهم وتعديلهم ، ثم كتب الوفيات . . وهلم جرا ، على وفق نظام بديع متسق يبهر الألباب ، ويأخذ بالأبصار ، وقد دخلتها مرات ومرات ، فرأيت فيها العجب . وللشيخ- رعاه الله- خزانة خاصة بنفائس المخطوطات ، تضم بين أروقتها بعض المخطوطات النادرة ، وهذا مما يدل على أنه كثير التثبت في علمه وفقهه في دين الله .

أمل محمد 09-21-2010 04:52 AM

حسن اختيار الشيخ للكتب

والشيخ- حفظه الله وأطال في عمره على طاعته- حريص كل الحرص في قضية الاختيار للكتب وإيداعها في مكتبته العامرة- عمرها الله بالعلم والإيمان- فلا يقتني من الكتب كل ما هب ودب ، بل يحرص هو وأمينها الفاضل على اختيار النافع المفيد ، وللشيخ- رعاه الله- عناية خاصة ، بالكتب السلفية وآثار المتقدمين التي تعنى بالعقيدة الصحيحة السلفية ، والأحاديث النبوية ، والآثار السلفية التي تعتبر بحق وصدق من نفائس الكتب ، وهذا الاختيار والانتقاء شامل لجميع أنواع الفنون العلمية ، فما كان نافعا مفيدا ، فستجده في مكتبة الشيخ رعاه الله- في أحد رفوفها بل إن سماحته- رعاه الله- إذا ذكر له اسم كتاب من كتب المتقدمين وعهده به مخطوطا ، فيقال له إنه قد طبع الآن ، فيأمر أمين المكتبة بتزويد المكتبة الخاصة به نسخة ، ومكتبة الرياض السعودية نسخة مماثلة ، وهذا دليل على حبه للخير ونفعه للأمة .
وهذه المكتبة الممتلئة بأنواع الكتب لم يكن هم الشيخ - رعاه الله- من وراء جمعها سبيل المباهاة والفخر والتكبر والرياء والسمعة ، كما هو حال الكثير من طلبة العلم اليوم - وللأسف - بل كان جمعه لها لرغبة أكيدة ، ومحبة شديدة ، وغاية نبيلة ، وهي الوقوف على مصادر العلم الثرة ، ومراجع الفقه المختلفة ، وإرواء ظمأه منها حتى ينفع نفسه أولا ، وينتفع الناس بعلمه ثانيا . - زاد الله سماحته عزا وتوفيقا ، وأدام عليه لباس الصحة والعافية- آمين .

أمل محمد 09-21-2010 04:52 AM

تلاميذه

نظرا لما تميز به سماحته من مكانة علمية عالية، ومنزلة رفيعة من العلم والهدى والتقى، أخذ العلم عنه عدد كبير من طلابه وتلاميذه، وهم كثيرون جدا، وسأذكر من وسعني أن أذكره منهم، ومن نسيته سهوا فليعذرني، فإنني لم أتعمد إسقاطه، بل إن ذاك ليس بخلق حميد في أمر التراجم ؛ ولعلي أذكر تلاميذه على ترتيب جلوسه للتدريس فأبدل بطلابه فيالدلم، لم في الرياض ثم في المدينة ثم في الرياض.

أولا في الدلم :

فقد كانت للشيخ - حفظه الله - فيالدلم حلقات علمية، ودروس فقهية حديثية، يلقيها في الجامع الكبير، وهؤلاء هم أسماء الطلاب الذين يفدون لحضور دروسه وحلقاته سواء في الجامع الكبير أو في المنزل آنذاك، ولأن هدفهم هو الدراسة على هذا العالم الجليل والبحر النبيل، فقد اندمجوا مع بعضهم في جو علمي مفعم بالمحبة والألفة، مقرونا بالمداعبات الفكرية، والطرائف المفيدة، متحملين في ذلك شظف العيش والصبر عليه في سبيل الاستفادة من علم الشيخ - حفظه الله - فنالوا ما أملوا حتى أصبحوا علماء عاملين، ومصابيح هادين تنير الطريق،وتسنمواا غارب القضاء، وغيره من الوظائف الدينية، وساهموا في النهضة العلمية التي مرت بها هذه الدولة المباركة - زادها الله عزا - وهؤلاء هم:
1- معالي الشيخ راشد بن صالح بن خنين المستشار بالديوان الملكي، وأحد أعضاء هيئة كبار العلماء، معروف بالفضل والزهد، وهو من كتاب الشيخ، ومن أكثر الطلاب ملازمة له ومن أكثرهم كتابة له في مجلس القضاء، ولا يزال على صلة علمية بالشيخ - حفظه الله - رأيته مرارا وتكرارا يزور الشيخ في منزله، ويجتمع به وخاصة في شهر رمضان المبارك، وهو من الدلم.
2- معالي الشيخ / عبد الله بن سليمان المسعري رئيس ديوان المظالم - سابقا - وهو من الحوطة.
3- معالي الأستاذ / عبد العزيز بن عبد الله السالم أمين عام مجلس الوزراء وهو من الرياض ؛ وصاحب مقالات قوية، وله اهتمام بالأدب والعلم حريص على وقته، محب للعلماء وطلبة العلم، ومعروف بالخير والفضل، وقوة القلم والتعبير - زاده الله من فضله -.
4- الشيخ / عبد العزيز آل سليمان من الحريق.
5- الشيخ الفاضل / محمد بن سليمان آل سليمان القاضي في المحكمة الكبرى بالدمام - سابقا - ورئيس جمعية تحفيظ القرآن بالمنطقة الشرقية، وأحد العلماء الفضلاء والوجهاء النبلاء يمتاز بسعة الحلم، ودقة الهم، وحب المساكين، مع كرم في الطبع وأريحية في الخلق زرته في منزله بالدمام، فوجدته فوق ما وصف ليمزز طيب الشمائل، وكريم الأخلاق وقد أحببته حبا عظيما في الله ولله - وهو من الحريق.
6- الشيخ / عبد الله بن حسن بن قعود، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقا، وإمام وخطيب جامع الملك عبد العزيز بالمربع وهو من الحريق.
7- الشيخ / محمد بن زيد آل سليمان رئيس المحاكم الشرعية في الدمام، وعضو هيئة كبار العلماء من الحريق.
8- الشيخ / عبد الله بن عبالرحمن الشثري المستشار بالحرس الوطني - من حوطة بني تميم
9- الشيخ / سعد بن سليمان المسعري - من الحوطة.
10- الشيخ / عبد العزيز بن سليمان المسعري - من الحوطة-.
11- الشيخ / عبد الرحمن بن مجلي - من الحوطة -.
12- الشيخ / عبد الرحمن بن سحمان، من الأفلاج كان كاتبا للشيخ، ثم عمل رئيسا لمحكمةالأفلاج فرئيسا لمحكمة الدلم، ثم قاضيا في هيئة التمييز للأحكام الشرعية، فمحالا على التقاعد.
13- الشيخ / حمد بن سعد بن حمد بن عتيق - من الأفلاج - عمل قاضيا في محكمة التمييز ثم محالا على التقاعد.
14- الشيخ سعد بن حمد بن عتيق - من الأفلاج -.
15- الشيخ / إبراهيم بن محمد بن خرعان - من الأفلاج -.
16- الشيخ / عبد العزيز بن إسحاق بن عتيق - من الأفلاج -.
17- الشيخ / سليمان بن عبد الله بن حماد - من الرياض - وكان يقرأ على الشيخ الكتب التي سيلقي فيها دروسا في اليوم التالي، ثم عمل في التفتيش القضائي، ثم أحيل على التقاعد.
18- الشيخ / عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العزيز آل الشيخ - من الرياض -.
19- الشيخ / محمد بن أحمد بن سنان - عافاه الله - صاحب مدرسة ابن سنان لتحفيظ القرآن الكريم، وهو من خيرة الرجال علما وعملا، تفرغ لتدريس القرآن الكريم، وكان إبان عافيته نائبا لرئيس الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، ومديرا لمدرسة تحفيظ القرآن الكريم الأولى بالرياض، وهو ممن له جهود مباركة نافعة، وقد جعل القرآن ونشره وتعليمه بين المسلمين همه وغايته، وقد أصيب بمرض عضال ما زال ملازما له أحسن الله خاتمته ورزقه الجنة.
الشيخ / عبد العزيز بن سلميان الحميدي من الرياض.
21- الشيخ / عبد الرحمن بن ناصرالبراك - من الرياض - يعمل حاليا أستاذا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهو أحد كبار العلماء في العقيدة وأصولها، وله محاضرات أسبوعية ودروس يومية، ومن تواضعه أنه مازال مكبا حريصا على دروس سماحة الشيخ وخاصة يومي الأحد والأربعاء في جامع الأميرة سارة.
22- الشيخ ؛ عمر بن محمد بن باز - من الرياض -.
23- الشيخ / علي بن عبد الله بن حواس - رحمه الله - من علماء القصيم المعروفين، وصاحب الردود الشهيرة، والمؤلفات القيمة، كان من الزهاد الورعين، والفضلاء الناصحين، لا يخاف في دين الله وإظهاره لومة لائم، شديد الغيرة على محارم الله، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - رحمه الله -.
24- الشيخ / عبد الرزاق بن محمد المسعود - من الزلفي -.
25- الشيخ / عبد العزيز بن محمد بن جلال - رحمه الله - من الدلم - عمل رئيسا للحسبة فيها -.
26- الشيخ / عبد الرحمن بن عبد العزيز بن جلال - من الدلم - رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدلم.
27- الشيخ / صالح بن محمد الصيرامي - من الدلم -.
28- الشيخ / عبدالعزيزز بن محمدالصيرامي - من الدلم -.
29- الشيخ / عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوين - من الدلم -.
30- الشيخ / سعد بن عبد الرحمن بن عوين - من الدلم -.
31- الشيخ / عبد الرحمن بن سعد بن شعيل - من الدلم -.
32- الشيخ / محمد بن سعد بن شعيل - من الدلم -.
33- الشيخ / صالح بن عبد العزيز بن هليل - من الدلم -.
34- الشيخ / عثمان بن عبد العزيز بن هليل - من الدلم -.
35- الشيخ / إبراهيم بن محمد بن مبرد - من الدلم -.
36- الشيخ / عبد العزيز بن حسين بن عسكر - من الدلم -.
37- الشيخ / عبد الله بن فهد بن سنبل - من الدلم -.
38- الشيخ / عبد الله بن بلال الملاحي - من الدلم -.
39- الشيخ / سعد بن عيسى الزير - من الدلم -.
40- الشيخ / عبد الله بن عتيق العويرضي- من الدلم -.
41- الشيخ / محمد بن أحمد بن مهيني - رحمه الله من الدلم -.
42- الشيخ / عبد اللطيف بن محمد بن شديد- رحمه الله من الدلم -.
43- الشيخ / محمد بن إبراهيم بن عبد السلام - من الدلم -.
44- الشيخ / محمد بن راشد بن شعيل - من الدلم -.
45- الأستاذ / عبد العزيز بن عبد الله الخرجي - من الدلم -.
46- الأستاذ / أحمد بن مرشد بن مسقم - من الدلم -.
47- الشيخ / عبد العزيز بن سعدالحقباني - من الدلم -.
48- الشيخ / سعد بن ناصر المطوع - من الدلم -.
49- الشيخ / عبد العزيز بن علي الزير - من الدلم -.
50- الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن مثيبب - من الدلم -.
51- الشيخ / سعد بن رشيدالخرجي - من الدلم -.
52- الشيخ / عبد الرحمن بن أحمد العميري - من الدلم -.
53- الشيخ / سعد بن صالح بن عبد العزيز بن هليل - من الدلم -.
54- الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن بن خنين - من الدلم -.
55- الشيخ / إبراهيم بن عتيق العويرضي - من الدلم -.
56- الشيخ / عبد الله بن عبد العزيز بن تميم - من الدلم -.
57- الشيخ / محمد بن عبد الرحمن الكنهل - من بلدة اليمامة بالخرج -.
58- الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الكنهل - من بلدة اليمامة بالخرج -.
59- الشيخ / ناصر بن عبد الرحمن الكنهل - من بلدة اليمامة بالخرج -.
60- الشيخ / سليمان بن عبد العزيز آل سليمان- من بلدة اليمامة بالخرج -.
أحد القضاة المعروفين ويعمل حاليا رئيس محكمة التمييز بالمنطقة الوسطى، زرته في مكتبه وأهديته بعض المؤلفات، فهش في وجهي وبش - جزاه الله خيرا -.
61- الشيخ / صالح بن حسين العلي - من العراق - كان من كتاب الشيخ في مجلس القضاء ومن الطلاب البارزين، عمل مديرا لمدرسة ابن عباس، ثم محاضرا في الجامعة الإسلامية، وله نفس طويل في نظم الشعر المطول - رحمه الله -.
62- الشيخ / عبد الكريم السعيدان - من العراق -.
63- الشيخ / يحيى بن فهد بن حزام - من اليمن - وقد توفي - رحمه الله -.
64- الشيخ / عبد الله بن مقحم - رحمه الله – من الدرعية.
65- الأستاذ /مسفرر بن سعيد الزهراني - من زهران - كان يعمل آنذاك مديرا لبريدالدلم. 66- عبد الله بن يحيى الزهراني من زهران.
67- حامد بن أحمد الغامدي - من غامد -.
68- الشيخ / سعيد بن عياش الغامدي - من غامد - عمل رئيسا لمحكمة خميس مشيط.
69- الشيخ / أحمد العمري الغامدي - من غامد -.
70- الشيخ / محمد بن عبد الله العديني - من اليمن -.
71- الشيخ / سيف بن عبد الله العديني - من اليمن -.
72- الشيخ / عبد الله يحيى اليمني - من اليمن -.
73- الشيخ / سعيد العديني - من اليمن -.
74- الشيخ / علي مهدي اليماني - من اليمن -.
75- الشيخ / محمود ياسين - من فلسطين -، رشحه الشيخ ليكون أول مدير للمدرسة السعودية ( ابن عباس حاليا ) إبان افتتاحها عام 1368 هـ.
76- الشيخ / محمد حسن العبد الرزاق - رحمه الله - فلسطين.
77- الشيخ: عبد القادر بن سليمان الأشقر - من فلسطين -.
78- الشيخ / عبد الرحمن بن سعيد الناطورر - من فلسطين -.
79- الشيخ / عبد الكريمالهرريي - من الحبشة -.

أمل محمد 09-21-2010 04:53 AM

ثانيا في الرياض :


هذه بعض أسماء طلاب الشيخ - حفظه الله - الذين درسوا عليه في الرياض، وذلك إبان تدريسه في كلية الشريعة بالرياض، وهم الآن يمثلون صفوة المجتمع من علماء فاضلين ووجهاء مرموقين، لهم المكانة العلية، والمنزلة السنية، وقد ساهموا في نشر العلم والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، في جميع أنحاء المملكة وهم على النحو التالي:
1- زيد بن عبد العزيز بن فياض - رحمه الله - أحد كبار العلماء، وصاحب كتاب الروضة الندية في شرح العقيدة الواسطية، وممن له في حياته أعمال مبرورة، وجهود مشكورة.
2- محمد بن سليمان الأشقر العالم الأصولي المعروف صاحب كتاب زبدة التفسير عن فتح القدير، وغيرها من المؤلفات النافعة، يمتاز بالحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة والتوجيه والإرشاد وله أعمال ومساهمات طيبة في الكويت لعل من أبرزها الموسوعة الفقهية التي أصدرتها وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف في دولة الكويت وهو الآن نزيل الأردن - حاليا -.
3- حمود بن عبد الله العقلاء الشعيبي، من أهل بريدة بالقصيم، وله باع في الفقه والعقيدة ويدرس الآن في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - فرع القصيم - في كلية الشريعة.
4- راشد بن صالح بن خنين المستشار في الديوان الملكي - سبق الكلام عنه -.
5- عبد العزيز بن محمد آل عبد المنعم أمين عام هيئة كبار العلماء بالمرتبة الممتازة، وهو أحد الفضلاء المعروفين بالعلم والنبل والفضل ؛ وهو محل ثقة الشيخ عبد العزيز - حاليا - يستشيره في كثير من الأمور، لثاقب رأيه، وأصالة فكره، زاده الله توفيقا.
6- محمد صالح الشاوي.
7- عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان أحد أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الخماسية، وأحد كبار المفتين، وهو عالم أصولي فقيه متبحر، قرأت عليه بعض الكتب، فوجدته فوق ما يظنه الظانون فيه، وهو صاحب دعابة ومرح ولطف مع من يعرفه حريص على الفائدة العلمية، لا يحب كثرة الأسئلة التي فيها تكلف وتنطع وإعجاز.
8- محمد بن عبد الرحمن بن دخيل.
9- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل سابقا، وعضو هيئة كبار العلماء - سابقا - أصيب بمرض عضال في الآونة الأخيرة، وكان رئيسا لدائرة البحوث العلمية والإفتاء، وهو الآن يرأس مجلس إدارة مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية. يمتاز بالحلم والفهم السديد والرأي الصائب - متع الله به وشفاه وعافاه -.
10- علي بن سليمان الضالع.
11- إبراهيم بن محمد بن عثمان.
12- إبراهيم بن عبد الله الثميري.
13- منصور بن عثمان الدخيل.
14- عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريجي.
15- عبد الرحمن بن محمد بن شعيل.
16- عبد الله بن عبد العزيز بن إدريس الأديب المعروف ورئيس نادي الرياض الأدبي، وله أشعار رنانة، وقصائد جيدة، ولعل من أبرز كتبه شعراء نجد، وديوانه المشهور "في زورقي".
17- علي بن سليمان الرومي نائب رئيس محكمة التمييز بالرياض وأحد الفرضيين المعروفين والعلماء المشهورين بالفضل والجود والكرم، وهو ففيه ذو ملكة فقهية تميل إلى التيسير والرفق.
18- عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن سحمان.
19- عبد الملك بن عمر آل الشيخ.
20- سعد بن إسحاق بن عتيق.
21- محمد بن سعود بن دغيثر. قلت: وهؤلاء يعتبرون الدفعة الأولى التي تخرجت من كلية الشريعة في العام الدراسي 1376 هـ في دورها الأول.
22- صالح بن محمد بن رشود المدرس بكلية الشريعة - سابقا - ففيه معروف بغزارة علمه وتمكنه من مذهب الحنابلة.
23- عمر بن عبد العزيز بن مترك المستشار في الديوان الملكي - سابقا - توفي - رحمه الله - عام 1404 هـ وهو من خيرة الرجال علما وعملا وعقلا وأدبا، كان محبوبا لدى الجميع، استفاض الشيخ بكر أبو زيد - رعاه الله في ترجمته في كتابه: "الربا والمعاملات المصرفية" وهو كتاب نافع جدا فيه من المسائل المهمة الاقتصادية ما يجدر بطالب العلم الرجوع إليه والاستفادة منه قدر الإمكان.
24- فالح بن سعد آل مهدي - رحمه الله - أحد العلماء المعروفين بقوة الفهم والحفظ مات ولم يبلغ سن الأشد، وكان ولعا بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كثير النظر فيها، ولذا تمكن من شرح التدمرية بمجلد كبير سماه "التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية" أجاد فيها وأفاد، وأوضح مشكل مسائلها، ومجمل معانيها بعبارة فصيحة مفهومة لطلبة العلم - رحمه الله وجعل الجنة مأواه - والكتاب مطبوع متداول.
25- محمد بن صا لح العثيمين أحد كبار العلماء المعروفين، وأحد كبار المفتين في العالم الإسلامي مفسر أصولي فرضي نحوي فقيه بل قل كل الصيد في جوف الفراء وهو ممن لازم الشيخ عبد العزيز في المسجد والكلية واستفاد منه على حد قوله: "حب الحديث والحلم وسعة الانبساط للناس" وهو من جملة شيوخنا.
26- عبد الله بن حسن بن قعود عضو هيئة كبار العلماء - سابقا - وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - سابقا - وقد سبق الكلام عنه -.
حمود بن عبد العزير السبيل أحد القضاة المعروفين، والفقهاء المشهورين، آثر العزلة وخمول الذكر مقبل على الدار الآخرة، وقد وهم من جعله من آل سبيل من بني زيد، بل هو من غيرهم وقد رأيت بعض الأفاضل من طلبة العلم يثنون عليه ولم أره، ونمي إلي أنه يحفظ كثيرا من مسائل الشيخ / محمد بن إبراهيم - رحمه الله -.
28- عطية بن محمد بن سالم القاضي بمحكمة المدينة، والمدرس بالمسجد النبوي، وتلميذ الشيخ الإمام العلامة محمد الأمين الجكني الشنقيطي - رحمه الله - وهو أحد كبار فقهاء المالكية في هذا العصر وله تتمة على كتاب شيخه "أضواء البيان" وله ترتيب التمهيد لابن عبد البر على الأبواب الفقهية.
29- صالح بن عبد الرحمن الأطرم، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو الإفتاء، وعضو هيئة التدريس بكلية الشريعة فقيه متمكن، وله مقالات طيبة ومشاركات نافعة، وهو من جملة شيوخنا الفضلاء، وله فضل علي واسع وهو بحر لا تكدره الدلاء - وخاصة في فهم مصطلحات أصحابنا الحنابلة - ختم الله له بخير -.
30- حسن بن عبد اللطيف بن مانع، المدرس بالمعهد العلمي بالشفاء، وأحد كبار العلماء الذين آثروا العزلة وخمول الذكر، حافظ متقن، كثير الثناء على الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - وهو من أخص تلامذته، له بحوث جيدة وقد ألان الله له الفقه والحديث فجمع بينهما، وكانت له جلسة بعد المغرب يزوره فيها الأحبة وطلبة العلم زرته مرارا وتكرارا فرأيت فيه علما جما وأدبا.
- عبد الرحمن بن ناصر البراك - سبق الكلام عنه -.
32- عبد الله بن محمد بن زاحم رئيس محاكم المدينة المنورة - سابقا - وعضو المجلس الأعلى للقضاء وإمام وخطيب المسجد النبوي.
33- علي بن محمد بن زامل: النحوي المعروف، وعالم القصيم في اللغة والنحو، وهو من جملة شيوخنا استفدت منه في تواضعه وزهده وورعه كثيرا توفي عام 1418 هـ.
34- عبد الله بن محمد بن رشيد عضو مجلس القضاء الأعلى، وممن له هيبة وبعد نظر وترو وتثبت في الأمور.
35- عبد الصمد بن محمد الكاتب - الفرضي المعروف، وأحد مدرسي الجامعة الإسلامية - سابقا - وله نشاطات دعوية، وجهود علمية، وهو من الكرماء، وله مؤلف قيم في الفرائض، نزيل المدينة النبوية.
36- يوسف بن محمد المطلق الداعية المعروف، والواعظ المشهور، له إسهامات طيبة، وجهود مباركة في نشر الدعوة إلى الله ؛ ولا تراه - ولله الحمد إلا واعظا ومتكلما، وهو من الفصحاء المشهورين ويجمع في وعظه بين صدق العاطفة، ونصاعة الكلمة، وفصاحة العبارة، فلذا عليه تأثير في القلوت وهو إلى الآن - ما زال واعظا ومرشدا - أدام الله عزه، ورفع قدره.
37- عبد الله بن إبراهيم الفتوخ عميد كلية الشريعة - سابقا - ومدير عام الدعوة في الداخل - سابقا - له مميزات منها الكرم والبساطة وسعة الصدر، وحسن الخاطر، وجودة اللفظ، ودقه المناقشة وله دروس يومية في منزله - زاده الله من زوائد فضله - وقد درست عليه كتاب التوحيد والآجرومية.
38- علي الحمد الصالحي أحد علماء عنيزة، ممن جمع له بين العلم والمال، وهو من كبار تلاميذ الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - وكان ابن سعدي - رحمه الله - يستشيره في كثير من الأمور وله نشاط دعوي، وحب لطلبة العلم - وخاصة المساكين منهم - وله كتاب نافع جمع فيه تفسير ابن القيم - رحمه الله - من كتبه وقد سماه "السراج المنير" وقد توفي - رحمه الله - عام 1415 هـ.
39- صالح بن محمد اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء بمرتبة وزير، وعضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الخماسية الثقافية، وأحد العلماء المعروفين، وله دروس يومية في شهر رمضان في المسجد الحرام بمكة ويمتاز بقوة الشخصية وأصالة الرأي، وثاقب النظر، متواضع، جميل السجايا، وله حب لنشر التوحيد في أرجاء العالم الإسلامي - زاده الله عزا وتوفيقا -.
40- صالح بن عبد العزيز المنصور، الفقيه المعروف، والمدرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيم، وله مؤلفات قيمة لعل من أهمها "حكم الزواج بنية الطلاق" و "الجواب الواضح في الرد على شبه من أجاز الزواج بنية الطلاق" وهما مهمان جدا، وله "أصول الفقه عند ابن تيمية" وغيرها من الكتب النافعة.
41- علي بن سليمان المهنا - أحد علماء المدينة النبوية، ورئيس محكمة المدينة المستعجلة - سابقا - وله نشاط دعوي طيب، وحب للفقراء والمساكين، وهو ممن له دراية بمذهب الحنابلة - زاده الله توفيقا -.
42- محمد بن زيد آل سليمان - سبق الكلام عنه -.
43- محمد بن سليمان البدر عضو مجلس القضاء الأعلى، عضو هيئة كبار العلماء.
44- محمد بن سليمان آل سليمان - سبق الكلام عنه -.
45- محمد بن عبد الكريم آل سليمان قاضي العمار - سابقا الفرضي المتفنن، آثر العزلة وخمول الذكر، وإلا فهو من العلماء الحفاظ المتقنين، جمع الله له بين صفتين هما قوة الذاكرة، ودقة الاستحضار، نزيل الرياض - حاليا - زرته مرارا وتكرارا، فلا أخرج من عنده إلا بفوائد علمية ومعروف بشدته على أهل الأهواء والبدع - ختم الله له بصالح العمل - ولا يخرج من بيته إلا للمسجد والضرورة القصوى.
46- محمد بن عبد الله الأمير - عضو مجلس القضاء الأعلى - وأحد أهل العلم والفضل، متواضع مع قوة في الشخصية، وهيبة، وسعة صدر، وسلامة مقصد.
47- عبد الكريم بن مراد الآثري أحد مدرسي الجامعة الإسلامية، وهو ممن له نشاط دعوي في باكستان يشكر عليه، ويمتاز نشاطه بنصرة أهل الحديث والأثر، مضلع في علوم الحديث والمصطلح وله قصب السكر شرح نظم نخبة الفكر وغيرها من المؤلفات.
48- عبد المحسن بن حمد العباد - نائب رئيس الجامعة الإسلامية - سابقا - والمدرس حاليا بالمسجد النبوي، وأحد كبار علماء المدينة، عالم معروف بمواضعه وزهده وورعه، وحبه للسنة وتعظيمها، وما زال نشيطا في دروسه، ويريد أن يتم الكتب الستة، فقد قرئ عليه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وبقي له ابن ماجة وهو عالم بالحديث، ويحق أن يسمى عالم المدينة - ختم الله له بصالح العمل -.
49- منصور بن حمد المالك - نائب رئيس ديوان المظالم - واحد العلماء المعروفين يمتاز بالتواضع وأصالة الرأي، وواسع العلم، زرته في مكتبه، فوجدته سمحا لينا - أدام الله عزه.
50- محمد أمان علي الجامي - المدرس بالجامعة الإسلامية والمسجد النبوي، وأحد علماء المدينة النبوية درس العقيدة لمدة ثلاثين سنة، وهو صاحب كتاب "الصفات الإلهية" وغيرها من الكتب النافعة المفيدة، وقد توفي - رحمه الله - عام 1416 هـ.
51- أبو بكر جابر الجزائري - علم على رأسه نار - أحد علماء المدينة، والمدرس بالمسجد النبوي، وصاحب الكتب المفيدة النافعة، وله سعة بال وصدر على الدعوة إلى الله، يسافر كثيرا، جريء في الحق لا يخاف في الله لومة لائم، مشهور بتواضعه وحبه للناس - ختم الله بصالح العمل -.
52- حمد بن محمد الفريان - عضو مجلس الشورى - حاليا - ووكيل وزارة العدل - سابقا -.
53- رومي بن سليمان الرومي - رحمه الله - المستشار في وزارة الداخلية - سابقا - واحد أهل العلم والفضل، معروف بحبه لطلبة العلم، ونفعه للناس، جعل الله الجنة مأواه - آمين -.
54- سعد بن محمد الفريان - عضو الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، ورئيس تحرير مجلة الدعوة - سابقا -.
55- صالح بن فوزان آل فوزان - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وعضو اللجنة الخماسية الثقافية، وأحد كبار العلماء المعروفين على أوساط العالم الإسلامي، وأحد كبار المفتين، يمتاز بقوة الشخصية وهيبة الوجه، وحسن القصد، وجمال الروح، وهو من شيوخنا الأجلاء، مهتم بالعقيدة، ونصرة منهج السلف الصالح، معتني أشد الاعتناء بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم - رحمهما الله - محارب للبدع وأهلها، وهو من أقوى العلماء في فهم العقيدة ولذا دائما يحيل عليه الشيخ ابن باز - حفظه الله - مسائل العقيدة والكتب المتعلقة بها، وهو ذو قلم سيال، وفي الحقيقة النفس تطمح إلى إفراد سيرته بترجمة، فالله أسأل أن ييسر ذلك.
56- عبد الله بن حمد بن عبد الله الجلالي - الداعية المعروف نزيل عنيزة - حاليا - وله بها تجارة واسعة، كريم، محب للإخوان، جواد بماله لنشر الدين والدعوة الإسلامية، وله اهتمام بقضايا المرأة المسلمة ومشكلاتها وأزماتها.
57- عبد الله بن سعد السعد - رحمه الله - وكيل الجامعة لشئون المعاهد العلمية، نبيه فاضل وجيه كبير المنزلة، محب للعقيدة السلفية، ونشرها، كريم الطبع، حسن الخلق ؛ عالم بالأنساب في نجد.
58- عبد الله بن محمد المنيف - المدرس بالمعهد العلمي بالرياض، وإمام جامع بن تركي بالشفا والداعية المعروف، صاحب دعابة ومرح - ختم الله بخير -.
59- عبد المحسن بن عبد الله الخيال - رئيس محاكم جدة - حاليا - فقيه ؛ وله مشاركات طيبة في المشاريع الخيرية، والمناشط الدعوية.
60- محمد بن سليمان المهوس - رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام - حاليا -.
61- صالح بن غانم السدلان - العالم المعروف ورئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض وهو من شيوخنا الفضلاء، جمع الله له من الجاه والمنزلة وحب الخير ونفع الناس، وله صفات حميدة، وصاحب نشاط دعوي، وجهد فاضل خيري، وهو فقيه حافظ أصولي، وله دروس يومية، معروف بتواضعه وسلامة صدره، محب للسنة وأهلها، وناصر للتوحيد، محارب للشرك - زاده الله عزا وتوفيقا -.
أبو بكر إسماعيل ميغا عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، وله تصانيف نافعة مفيدة.
63- عبد الرحمن بن محمد آل سدحان - عميد كلية الشريعة بالرياض - حاليا - فقيه أصولي.
64- عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، عضو هيئة كبار العلماء، ونائب المفتي العام، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وعضو اللجنة الخماسية، وخطيب مسجد نمرة، وإمام وخطيب جامع الأمير تركي بن عبد الله وأحد العلماء الكبار المعروفين بالزهد والورع، وطيب النفس وسعة الصدر، وسلامة القصد، وله مشاركات طيبة في إلقاء المحاضرات ومناقشة الرسائل العلمية والإشراف عليها.
65- غيهب بن محمد آل غيهب - قاضي التمييز بمحكمة الرياض - حاليا -.
66- علي بن مديش بجوي - عضو مجلس الشورى، وقاضي التمييز في الديوان الملكي.
67- حمد بن عبد الرحمن الجنيدل - رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بكلية الشريعة بالرياض وأحد المشاركين بالندوات والدروس العلمية، معروف بقوة حجته، وسلامة مقصده، وله جهود طيبة في أبحاث الشريعة الإسلامية..
68- عبد الله بن عبد المحسن التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ؛ وعضو هيئة كبار العلماء.
69- عمر بن سليمان الأشقر - الكاتب الإسلامي المعروف -.
70- محمد بن عبد الله العجلان - عضو مجلس الشورى -.
71- إبراهيم الحماد الصايغ - مدير إدارة التعليم بحائل - سابقا -.
قلت: وهؤلاء هم الذين تخرجوا من كلية الشريعة من عام 1376 هـ - 1383 هـ، وأغلبهم قد درس على سماحة الشيخ - حفظه الله - الفقه والعقيدة، وكان درسه في الفقه، في كتاب الروض المربع، وفي العقيدة التدمرية، وكان شرحه مفهوما مبسطا، ودرسهم أيضا الألفية لابن مالك في النحو.

أمل محمد 09-21-2010 04:53 AM

أما طلابه من كلية اللغة العربية فهم على النحو التالي:


72- محمد بن عمد الرحمن بن مفدى - دكتور في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كلية اللغة العربية نحوي لغوي ضليع فيهما، يمتاز بقوة الذاكرة، وجمال الأسلوب.
73- عبد الله بن سليمان بن منيع - نائب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء - سابقا - ثم قاضي التمييز بمكة، وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو مجلس الأوقاف الأعلى، وأحد كبار العلماء المعروفين بالعلم والفضل، وهو من جملة شيوخنا، زرته مرارا وتكرارا، وهو ذو عزم وعلم جم وأدب واسع، معروف بأعماله الخيرية، ومناشطه الدعوية، وله مشاركات طيبة في المجامع الفقهية وندوات الاقتصاد الإسلامي، وله من جملة العلوم نصيب كبير، وحظ وافر، فهو فقيه، محدث فرضي، أصولي، وكل الصيد في جوف الفرا، وله فضل كبير علي، زاده الله عزا وتوفيقا - وختم له بالصالح من الأعمال - آمين -.
74- مبارك بن عبد الله المبارك.
75- عبد الرحمن بن عبد المحسن الخيال.
76- عمران بن محمد العمران - الكاتب المعروف، وعضو مجلس الشورى.
77- عبد الرحمن بن سليمان الرويشد - رئيس مجلة الشبل، والمستشار في وزارة الداخلية - سابقا -.
78- عطية بن محمد سالم - سبق الكلام عنه -.
79- محمد بن سعد بن حسين - الأستاذ الدكتور بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بكلية اللغة العربية، وأحد الأدباء المعروفين، وأحد المنافحين عن أصالة الشعر، وصاحب ندوة الثلاثاء وله مشاركات دورية في الصحف والمجلات، وشاعر متمكن في شعره.
80- محمد بن عبد الخطراوي، نائب رئيس النادي الأدبي بالمدينة، وأستاذ اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز بالمدينة.
81- عبد الله التركي البكر - أحد كبار أدباء حائل، له كتابات جيدة، وإشراقات ماتعة، يمتاز أسلوبه بقوة الكلمة، وجمال العبارة.
82- عبد الرحمن الحمود الدويش.
وهذا ؛ غيض فيض، ووشل من بحر من طلاب سماحة الشيخ / عبد العزيز - حفظه الله - الذين درسوا عليه في المعهد العلمي وفي كليتي الشريعة واللغة العربية، إبان تدريسه بهما وهذا السرد الطويل ليس للحصر، بل هو للإشارة وضرب المثال، وإلا فهم أكثر من أن يحصوا ويعدوا ؛ وليعذرني من غفلت عن ذكر اسمه، من طلاب الشيخ - حفظه الله - فإن النفس مجبولة على الخطأ والوهم والنسيان، وليذكرني بذلك، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

أمل محمد 09-21-2010 04:54 AM

ثالثا في المدينة :


وذلك في الجامعة الإسلامية، وفي المسجد النبوي الشريف وهؤلاء أبرز الأسماء الذين عرفتهم من تلاميذه آنذاك :
1- إبراهيم بن عبد الرحمن الحصين - رحمه الله - مدير مكتب البيت ومستشاره الخاص وأحد أولي العلم والفضل والنباهة والذكر الحسن.
2- عبد المحسن بن حمد العباد - سبق الكلام عنه -.
3- عمر بر محمد بن فلاته المدرس حاليا بالمسجد النبوي، ورئيس مركز السنة النبوية - سابقا -.
4- محمد بن ناصر العبودي الأمين العام للجامعة الإسلامية - سابقا - والأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي - حاليا - وصاحب الرحلات المتعددة إلى بلاد العالم الإسلامي، أديب ذو قلم سيال يأسرك بجمال العبارة، ودقة الاستطراد، وصاحب مناشط خيرية، وجهود دعوية.
5- سعد بن عبد الرحمن الحصين مدير مركز الدعوة والإرشاد بعمان - الأردن - أحد العلماء المعروفين ممن له مؤلفات قيمة ؛ وجهود دعوية، وإسهامات مشكورة في نشر السنة والتوحيد.
6- علي بن محمد بن ناصر الفقيهي - الأستاذ بالجامعة الإسلامية، ورئيس مركز شئون الدعوة بها - حاليا - وأمينها - سابقا - وله مؤلفات وتحقيقات في المجال العلمي والمستشار بمجمع الملك فهد للطباعة.
7- ربيع بن هادي المدخلي، الأستاذ بالجامعة الإسلامية، ورئيس قسم السنة بشعبة الدراسات العليا، وصاحب الردود الشهيرة..
عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف، نزيل الكويت - حاليا - ورئيس دائرة الإفتاء بجمعية إحياء التراث الإسلامي ؛ وله مؤلفات وكتب في الرد عدا الصوفية وغيرها.
9- ذياب بن سعد السحيمي - القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة النبوية.
10- صالح بن سعد السحيصي الأستاذ بالجامعة الإسلامية. بالمدينة، ورئيس قسم العقيدة بشعبة الدراسات العليا، وله مؤلفات قيمة، وجهود دعوية.
11- عبيد بن عبد الله الجابري، المدرس بالجامعة الإسلامية.
12- عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل عبد اللطيف المدرس بالجامعة الإسلامية.
13- محمد بن بكري السميري - الباحث العلمي برئاسة البحوث العلمية والإفتاء.
14- بكر بن عبد الله أبو زيد، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، صاحب المؤلفات المعروفة، والتصانيف المشهورة.
15- عبد العزيز بن عبد الله أبو زيد، القاضي بالمحكمة المستعجلة بالمدينة النبورة.
16- علي بن محمد بن سنان، العالم المعروف، والمدرس بالمسجد النبوي، - شفاه الله -.
17- عبد العزيز الشبل - رحمه الله - المدرس بالمسجد النبوي سابقا -.
18- علي بن عبد العزيز العايدي الداعية المعروف المتجول في بلاد أفريقيا وله نشاط دعوي واضح المعالم، بارز القسمات، في غينيا، ويمتاز بالحجة القوية، والاستدلال السليم.
19- محمد بن قدومة نزيل الرياض حاليا، وأحد الدعاة الذين تجولوا في بلاد أفريقيا لنشر السنة وضيائها ومحاربة البدعة وظلماتها ؛ رأيته عدة مرات في بيت سماحة الشيخ / عبد العزيز - رعاه الله - بالرياض، وله خلق واسع، وتواضع رائع، وبعد عن الصلف والكبر ؛ زاده الله توفيقا -..
20- علي بن مشرف العمري الأستاذ بالجامعة الإسلامية - سابقا -.
21- محمد بن المجذوب بن مصطفى الأستاذ بالجامعة الإسلامية - سابقا - ونزيل المدينة - حاليا - له مؤلفات قيمة، ورصينة في مجملها، أديب بارع، وقلمه أقوى من لسانه، وهو صاحب كتاب "علماء ومفكرون عرفتهم" زرته في المدينة النبوية، فوجدته كبيرا في قدره وسنه، ورحب بي أجمل ترحيب وأهديته بعض الأشرطة النافعة، فأبى إلا أن يهديني بعض مؤلفاته وكتبه - ختم الله له بخير -.
22- عبد الرحمن الحكواتي أحد الدعاة المعروفين في سوريا.

أمل محمد 09-21-2010 04:54 AM

رابعا في الرياض من عام 1395 هـ:


هذه أسماء بعض طلاب سماحة الشيخ - حفظه الله ورعاه - من المشهورين من كبار تلامذته وغيرهم، ممن عرفته بالحضور والمواظبة على دروسه ليلا ونهارا - وفقهم الله لمراضيه -.
1- فهد بن حمين، العالم المعروف، وأحد كبار أهل العلم والفضل، وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومعروف بقوته في العقيدة وفنونها، وله اطلاع واسع على كتب الحنابلة، وهو من تلاميذ الشيخ الإمام العلامة / محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله -.
2- عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، أحد العلماء والمعروفين، والمفتين المشهورين يمتاز بسعة العلم وسلامة المقصد، وطيبة النفس، وله نشاط دعوي، وجلد على التدريس - زاده الله عزا -.
3- عبد الرحمن بن ناصر البراك - سبق الكلام عنه.
4- عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأحد العلماء المعروفين بسعة العلم، ودقة الفهم، والزهد والورع، وله جهود دعوية، ونشاط تعليمي مكثف في العطل والإجازات، حيث يقوم بإقامة الدورات العلمية، ويرحل إلى الهجر والبلاد النائية داخل المملكة - زاده الله توفيقا -.
5- عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم القاضي بالمحكمة الكبرى، ففيه أصولي لغوي عالم مشهود له بالعلم والفضل، يمتاز بالحكمة والهيبة، والجلد على البحث ؛ وهو من تلاميذ الشيخ العلامة / عبد الله بن حميد - رحمه الله -.
6- عبد الله بن صالح القصير، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمستشار بوزارة الشئون الإسلامية، وأحد دعاة العقيدة المعروفين بالعلم والفضل.
7- عبد العزيز بن ناصر بن باز - سيأتي الكلام عنه -..
8- محمد بن سعد الشويعر - سيأتي الكلام عنه -.
9- عمر بن سعود العيد، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأحد الدعاة المعروفين بالاطلاع الواسع في السيرة وعلومها، وهو صاحب علم واتباع وفصاحة في اللسان، وبلاغة في البيان.
10- خالد بن أحمد الشريمي إمام وخطيب جامع الأمير عبد الرحمن بن عبد الله - حفظه الله - له مناشط خيرية، ودعم للدعاة الصادقين، يمتاز بحلمه وجمال صوته، وحبه للسنة الغراء.
11- سلطان بن عبد العزيز الخميس عضو هيئة التدريس جامعة الملك سعود - سابقا -.
12- عبد العزيز بن حمد المشعل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
13- عبد الله بن عبد العزيز الخضير المستشار بوزارة الشئون الإسلامية ؛ وإمام وخطيب جامع بن سويلم بالعليا بالرياض، وأحد المعروفين بالعلم والحكمة والنشاط في الدعوة، والجهد الصامت، والبذل النافع - ختم الله له بخير -.
14- عبد المحسن الزامل الموجه الديني بوزارة الدفاع، وأحد أفاضل كبار طلبة العلم، حافظ فقيه محدث ؛ وعلمه وفضله واضح للعيان، بارز للأنام.
15- صالح بن عبد العزيز العقيل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أصولي ففيه، له اطلاع واسع على كتب المذهب الحنبلي، وهو من تلاميذ العلامة عبد الله بن حميد - رحمه الله - وعين حديثا وكيلا لوزارة العدل للشئون القضائية.
16- عبد العزيز بن محمد السدحان، صاحب المؤلفات القيمة، وعضو هيئة التدريس بالكلية التقنية، وهو من جملة شيوخنا، له مناشط خيرية، وجهود دعوية، يمتاز بدماثة الأخلاق، وسكون الخاطر، وسعة الحلم كل ذلك مع علم وفهم، وله اطلاع واسع في التاريخ وتراجم الرجال، ومعرفة الصحيح من الضعيف..
17- عبد العزيز بن محمد الوهيبي، الداعية بوزارة الشئون الإسلامية، وأحد الدعاة المعروفين على الساحة الإسلامية، له جهود واضحة في نشر السنة ورفع أعلامها، والذب عن حياضها، يمتاز بالعلم والصدق وحب الخير للأمة.
18- سعد بن عبد الله البريك - الداعية المعروف والخطيب المفوه المشهور ؛ والأستاذ بكلية إعداد المعلمين بالرياض.
19- أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن باز - سبق الكلام عنه -.
20- عبد الله بن عبد الرحمن السند.
21- عبد العزيز بن عبد الله المبدل.
22- عبد الله بن مانع العتيبي.
23- أحمد بن عرفج.
24- ضيدان بن عبد الرحمن اليامي.
25- فهد السنيد.
26- عبد الله بن عودة العتيبي.
27- نمر بن تركي العتيبي.
28- طارق العيسى.
29- عمر أحمد بافضل.
30- محمد بافضل.
31- سعد بن فلاح العريفي.
32- محمد بن إلياس.
33- عبد الله الشهراني - وهو الذي يقرأ التقريب على سماحته -.
34- تركي بن عبد العزيز العقيل.
35- عبد الله بن عوض البلالي.
36- عبد الرحمن السويلم.
37- أحمد بن صالح الحسامي.
38- عبد المحسن البقماء.
39- عبد اللطيف بن عبد المحسن البقماء.
40- عبد الرحمن بن معمر.
41- أبو هريرة محمد الفقيه أبو بكر.
42- أحمد بانبيلة.
43- محمد زين بن خليل.
44- محمد بن آبكر بن عبد الرحيم.
45- عبد الواحد المهيدب.
46- هارون أبو بكر أحمد عبد الرحمن.
47- يوسف العطير.
48- باديس الجزائري.
49- فهد بن منديل الفهيد.
50- عبد الرحمن بن يوسف الرحمة - كاتب هذه الأسطر -.
51- حمد بن محمد الوهيبي.
52- خالد بن راشد الدوسري.
53- على بن فالح القحطاني.
54- محمد بن سعود العريفي.
55- بدر بن محمد الوهيبي.
56- سامي بن محمد آل بكر.
57- منصور بن محمد بن علي.
58- فهد بن إدريس.
59- حسيف بن موسى العسيري.
60- محمد بن فايز الشهراني.
61- خليل المديفر.
62- منصور الزير.
63- سليمان بن إبراهيم بن دخيل.
64- صالح التابعي.
65- يوسف بن أحمد الأمين.
66- عبد الحكيم الفرنسي.
67- سلطان بن غلاب الشرعبي.
68- خالد الروقي.
69- شريف بن عبده المصري.
70- عثمان بن محمد بن عثمان.
71- عبد الرحمن الصومالي.
72- عمر بن أمين.
73- أيمن العنقري.
74- محمد بن عبد الله العوشن.
75- رفاعي بن فهد العتيبي.
76- محمد بن حمدان العتيبي.
77- خالد بن عبد الرحمن الشايع.
78- سليمان السعوي.
79- علي بن فاتن الشيباني.
80- عصام العويد.
81- عبد الله بن مبارك القحطاني.
82- سالم بن مطرف العرجاني.
83- مطلق القحطاني.
84- إسحاق بن شعيب الهوساوي.
85- عبد الرحمن الدوسري.
86- محمد بن سليمان اليوسف.
87- رضوان بن ياسين.
88- عبد الله الدهيشي.
89- محمد العيسى.
90- عزام الشويعر.
91- محمد النصار.
92- حمد العيد.
93- محمد بن عمر العيد.
94- عبد الله بن عمر العيد.
95- عبد الله بن صالح بن سعد اللحيدان.
96- عبد اللطيف بن محمد آل عبد اللطيف.
97- سعود بن عبد العزيز الغانم.
98- عبد الله بن أحمد السويلم.
99- يوسف الشويعي.
100- خالد الحمود.
101- مشعل بن حمد الغراب.
102- محمد المهوس.
103- عبد الله بن سعد الفالح.
104- خالد الخريف.
105- خالد السويح.
106- فلاح المطيري.
107- مقبول العصيمي.
108- إبراهيم الدغيثر.
109- حسن بن عبد الله بن قعود.
110- صالح الحمودي.
111- جعفر الكثيري.
112- عبد اللطيف السوداني.
113- عبد العظيم السوداني.
114- غازي الوادعي.
115- عمر بن موسى الحافظ.
116- خليفة الدهلوس.
117- خليفة العتيبي.
118- عبد الله بن عامر.
119- حبيب الحربي.
120- حسن بن الشيخ.
121- مسفر الدوسري.
122- خالد الشعلان.
123- سلمان بن مصلح الرشيد.
124- يوسف بن عبد الرحمن الشنيفي.
125- إبراهيم الدخيل.
126- مزيد الدرويش.
127- فهد الحماد.
128- خالد العرفج.
129- علي بن مفرح الزهراني.
130- علي بن مهدي الأنصاري.
131- عيد الرميح الشمري.
132- بدر المقاطي العتيبي.
133- بندر السليمان.
134- عبد السلام السليمان.
135- أحمد بن عبد الرحمن العباد.
136- أحمد بن محمد العتيق.
137- عبد الله بن ناصر السلمي.
138- عبد المحسن الوهيب.
139- صالح بن عبيد الحربي.
140- بندر بن عبد العزيز العكيل.
141- خالد البلادي.
142- عبد السلام بن سليمان الخليفة.
143- علي بن عبد العزيز الشبل.
144- خالد المهنا.
145- عبد العزيز العريفي.
146- يحيى اليحيى.
147- فالح بن مزهر العرجاني.
148- عبد الرحمن الحسين.
149- صفر العتيبي.
150- محمد الرشدان.
151- محمد إسماعيل.
152- ناصر بن حمد الناصر.
153- عمر العمودي.
154- عبد الله العنقري.
155- أمجد المصري.
156- محمد بن إسماعيل الأنصاري.
157- خالد بن سعود العجمي.
158- سعيد الدعيجي.
159- بدر الغانم.
160- عبد القادر بن إدريس.
161- محمد على بن سليمان.
162- فهد بن فهم القحطاني.
163- إبراهيم الشثري.
164- عبد العزيز العقيل.
165- أحمد الزهراني.

أمل محمد 09-21-2010 04:54 AM

دروسه العلمية

إن الدروس التي يقوم بإلقائها سماحة الشيخ ابن باز - حفظه الله - دروس علمية، مفيدة قيمة في بابها، ماتعة في لبابها، عظيمة النفع، يانعة الثمار تؤتي أكلها كل حين بإذن وبها، وقد قرئ عليه الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارمي، وصحيح ابن حبان، وتفسير ابن كثير، وزاد المعاد، وكتاب التوحيد، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية والأصول الثلاثة، والدرر السنية، وإغاثة اللهفان، والعقيدة الواسطية، والفرائض، ومنتقى الأخبار وأصول الأحكام، والنخبة - نخبة الفكر - والاستقامة وجلاء الأفهام، وبلوغ المرام، والحموية والسنن الكبرى للنسائي والعقيدة الطحاوية ومنار السبيل مع إرواء الغليل، والصارم المسلول على شاتم الرسول، ورياض الصالحين والرحبية .
وهذه الدروس تغشاها الهيبة، وتتنزل عليها السكينة، من حيث وقار الشيخ، والإنصات من طلابه والمواظبة على المتابعة في أثناء الدرس، مع الإصغاء التام لكلام سماحته حتى يخيل أن مجلسه كمجلس عبد الرحمن بن مهدي - شيخ الإمام أحمد وأحد أئمة السنة علما وعملا - الذي وصفه أحمد بن سنان بقوله: "كان عبد الرحمن بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يبرى قلم ولا يقوم أحد فيه، كأنما على رؤوسهم الطير أو كأنهم في صلاة" . تذكرة الحفاظ ص 331 .
وفي هذه الدروس تبرز قيمة تعظيم النصوص الشرعية والوقوف عندها والأخذ بالدليل الصحيح، وعدم الالتفات إلى الآراء الشاذة، والأقوال المهجورة، ولله در سماحته فكم أحيا سننا، وأمات بدعا، ونشر علما، وأزال جهلا .
وترى في هذه الدروس من سماحة الشيخ - حفظه الله - الحافظة العجيبة، والاستحضار السريع، وإذا أردت مصداق ذلك بلا ريب، فاستمع إلى سرده للآيات والأحاديث النبوية وأقوال السلف المرضية، التي يستشهد بها في محاضراته ودروسه اليومية، وإنني أجزم لو أدركه الذهبي - رحمه الله - لترجم له في تذكرة الحفاظ .
وفي هذه الدروس العلمية النافعة، ترى الدمعة الصادقة، الصادرة من قلب مليء بالإيمان، مفعم بالصدق والإحسان، فسماحته - حفظه الله - سريع الدمعة تسبق عبرات دموعه عبارات كلامه في كثير من المواقف، مما يضفي على كلامه ومجلس درسه شعورا إيمانيا روحانيا، وخاصة عند مواقف السيرة النبوية على صاحبها أتم الصلاة وأفضل التسليم .

أمل محمد 09-21-2010 04:55 AM

شيوخه

إن سماحته علم بارز من أعلام الأمة الإسلامية ، وقد نهل علمه ، وتلقى العلوم الشرعية من علماء بارزين ، وأئمة ناصحين ، لهم القدح المعلى في العلم والفضل ، استفاد منهم أشد الاستفادة ، وأخذ منهم الصفات الحميدة ، والعلوم الشرعية والعربية وهم على النحو التالي : - 1- الشيخ / محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ - رحمه الله - المتوفى عام 1367 هـ وهاك ترجمته بنوع من التفصيل والإطناب؛ وهي وغيرها من التراجم الآتية مستقاة من كتاب شيخنا العلامة عبد الله بن بسام - حفظه الله - علماء نجد خلال ثمانية قرون .
هو الشيخ الفاضل محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب .
وُلد المترجَم في مدينة الرياض عام 1283 هـ ، ونشأ بها وقرأ القرآن في حياة والده العلامة الشيخ عبد اللطيف ، ثم شرع في طلب العلم ، فأخذ يقرأ على أخيه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ محمد بن محمود والشيخ إبراهيم بن عبد الملك والشيخ حمد بن عتيق والشيخ حسن بن حسين آل الشيخ والشيخ أبو بكر خوقير ، وله منه إجازة . وغيرهم من علماء عصره .
وهكذا جدَّ واجتهد حتى صار له يد طولى في التوحيد والتفسير والحديث والفقه وعلوم العربية ، حتى عدَّ من كبار علماء وقته .
ثم عيَّنه الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى قاضيا في القويعية ثم في الوشم ، ومقر عمله في شقراء ، كما بعثه إلى عسير وبلاد الحجاز مرشدا وداعيا إلى الله تعالى ، فهدى الله به خلقا كثيرا . ونفع الله بوعظه وتوجيهه .
فلما علم الكفاية التامة عينه قاضيا لعاصمة المملكة ( الرياض ) فباشر هذه الأعمال بقوة وكفاية وأمانة وعفة .
وتصدَّى للإفتاء والتدريس والإفادة ، فكان يجلس لتدريس تلاميذه في بيته فيأخذون عنه جميع العلوم الشرعية ، والعربية ، حتى استفاد منه خلق كثير منهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم والشيخ عبد الملك بن إبراهيم وأبناء المترجَم الشيخ عبد الرحمن وعبد الله وإبراهيم والشيخ الأستاذ حمد بن محمد بن جاسر صاحب دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر والشيخ صالح بن سحمان والشيخ عبد الرحمن بن إسحاق والشيخ عبد الله الدوسري ومحمد بن حمد بن فارس ومبارك أبو حسين وغيرهم كثير . وكان شغوفا بجمع الكتب مهما كلفه ذلك من المشقة والإنفاق حتى جمع من نفائس المخطوطات مكتبة لا نظير لها في نجد .
حدثني الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ، قال : كنت حاجا مع العم الشيخ محمد بن عبد اللطيف ، فجعل طريقنا على البرة وهناك طريق أقصر منه ، فلما وصلنا ( قرية البرة ) طلب حضور رجل من أهلها فلما جاءه اشترى منه أجزاء من كتاب ( التمهيد ) لابن عبد البر . فقلت له يا عم : مهدت الطريق لأجل التمهيد ، فاستحسن مني هذه النكتة البديعة .
وهذه المكتبة لا تزال محفوظة عند ابنه عبد الرحمن ، ولكن ثمرتها والفائدة منها لا تكون إلا بتسهيل الانتفاع منها ، حقَّق الله ذلك .
والباقي من هذه المكتبة صارت هي نواة المكتبة السعودية بالرياض وأساس هذه المكتبة هي كتب جده الشيخ عبد الرحمن بن حسن انتقلت إلى ابنه الشيخ عبد اللطيف ، ومنه إلى ابنه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف ومنه إلى أخيه الشيخ المترجَم ، ولا شك أن تضخمها كان بجهود الشيخ محمد بن عبد اللطيف .
وقد توفي ابنه عبد الرحمن عند كتابة هذه السطور في رمضان عام 1393 هـ رحمه الله ، ونقل بعض الكتب إلى المكتبة السعودية بالرياض .
وللمترجَم رسائل وأجوبة تدل على طول باعه وسعة اطلاعه وخاصة في التوحيد ، نشر بعضها ضمن رسائل أئمة الدعوة السلفية .
ولمَّا أن عزمت الحكومة السعودية على طبع رسائل أئمة الدعوة للمرة الأولى جعل الملك عبد العزيز أمر ذلك إليه ، فقام بالتعهد لها ، وجرى بينه وبين المطبعة وصاحبها محمد رشيد رضا صاحب مصر مجاوبات في شأنها ، وأخذ عليه تعهدات أن لا يتصرف بشيء من ألفاظها وكلماتها ، وقد برزت الرسائل مطبوعة بمطبعة المنار على أحسن ما يرام ولله الحمد .
ومن أراد أن ينظر إلى مناقبه ويعرف فضائله فليراجع العقيدة التي جمعها وبعثها إلى رؤساء القبائل من أهل اليمن وعسير وتهامة وشهران وبني شهر وقحطان وغامد وزهران وكافة أهل الحجاز ، وذلك سنة 1339 هـ بأمر من جلالة الملك ابن سعود ، وكان لها أحسن وقع ، فلذلك جعلها الشيخ سليمان بن سحمان من جملة رسائل الهدية السنية ، وكم لهذا العالم من رسائل أشاد بها التوحيد وهدم الشرك ، فجزاه الله عن المسلمين خيرا .
وكان جوادا كريما مضيافا ، حسن الخلق لطيف العشرة ، متواضعا سليم الصدر ليِّن الجانب .
ولم يزل على حاله الكريمة الطيبة حتى توفي يوم الأحد ثاني جمادى الثانية عام 1367 هـ.
ولمَّا مات رثاه الشعراء والأدباء ، وهذه مرثية أنشأها الأديب ابن أخيه عبد الله ابن الشيخ عمر ابن الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ لما توفَّاه الله في 4 / 6 / 1357 هـ ، وقد أثبتنا ما وجدناه منها ، نسأل الله تعالى أن يرفع درجاته في الدار الآخرة :
على الشيخ فليبكي محب مولع *** فبكاه حزين قلبه يتصدع
وينشر دمعا من عيون غريقة *** فإن قلصت ماء فبالدم تدمع
وميتة خير الخلق للناس كلهم *** عزاء به يسلو المصاب المفجع
فقد رحل الحبر الفقيه الذي به *** قواعد دين الله تتلى وترفع
له همة تسمو إلى هامة العلى *** تقلدها مذ كان في الحجر يرضع
إمام همام ألمعي مهذب *** فقيه نبيه حافظ متضلع
مجالسه بالعلم أضحت منيرة *** بها أمهات الدين تقرا وتسمع
مرابعه تبكيه من بعد ما غدت *** معطلة أرجاؤها تترجع
ويبكيه أهل الدين إذ كان دأبه *** مجدا على تبيينه فهو يصدع
وحق لها تبكيه إذ كان قائما *** بغرس علوم الدين أيضا ويجمع
أصولا وتوحيدا وفهما وكلما *** رأى حسنا منها لها يتتبع
فتلك جمادات عون بفقده *** يرجعن أصواتا لها تتنوع
فيا ليتني أرويت قلبي بمجلس *** فأحفظ منه الجم إذ لا أضيع
فهيهات هيهات انقضت وتصرمت *** لياليه بالإحسان فالله يجمع
فآها على العلم الشريف فإنه *** يتيما غدا من بعد ما كان يرفع
وما مثله في الجود إلا كحاتم *** جميع خصال الخير والفضل مودع
وَصول لأرحام وإن قطعت له *** عفو حليم ذو تقى متخشع
فيا حي يا قيوم يا سامع الدعا *** ويا من له كل الخلائق تفزع
أنله الرضا وأحسن جميعا لنا العزا *** وأسكنه جنات بها يتمتع
وأبق لنا شيخ الهدى علم الورى *** يقرر هذا الأصل لا يتضعضع
وأعني به الحبر التقي محمدا *** سلالة من للدين شادوا ويرفعوا
ويا أيها الأبناء للشيخ إنني *** أوصيكم بالعلم فيه تولعوا
فمن فاته العلم الشريف فإنما *** بضاعته المزجاة دوما يخدع
ويا رب ثبتنا جميعا وكن لنا *** معينا على فهم الذي هو أنفع
وصلَّ إلهي كل وقت وساعة *** على المصطفى من للخلائق يشفع
وآل كرام ثم صحب ومن على *** طريقتهم يقفو وللرسل يتبع

أمل محمد 09-21-2010 04:56 AM

عقبه :
وخلَّف ثلاثة أبناء هم : عبد الرحمن وعبد الله وإبراهيم ، وله أحفاد ، والمشهور من أحفاده الآن هو الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف ، فهو عضو في مجلس هيئة كبار العلماء ، وعضو في اللجنة الثقافية الخماسية ، وهو إمام جامع الرياض الكبير وخطيبه ، كما أنه هو خطيب الحج يوم عرفة في مسجد نمرة ، وفقه الله تعالى ورحم أسلافه ، آمين .
الشيخ / سعد بن حمد بن علي بن عتيق - رحمه الله - المتوفى سنة 1349 هـ ، وهو إمام في العلم والعمل والزهد والورع ، وقد أخذ الشيخ عنه في الحديث وعلومه ، ودرس علمه في العقيدة والفقه ، وإبان دراسة الشيخ عليه ، كان ضعيفا في بدنه ، مريضا في جسده ، وكانت دروسه في جامع الرياض الكبير وهذه ترجمته مفصلة مطولة لعل فيها فوائد ودروسا وعبرا يستفيد منها من رام معرفته وحرص على ذلك :
هو الشيخ الزاهد العالم سعد بن حمد بن علي بن محمد بن عتيق بن راشد بن حميضة ، كانت مساكنهم الأولى في ( الزلفي ) ، فعُيِّن والده قاضيا في الأفلاج ، فاستقر فيه ، واتخذه له موطنا ، ثم نقل والده إلى قضاء حوطة سدير ، فولد المترجَم في بلدة ( الحلوة ) إحدى القرى التابعة لحوطة بني تميم سنة 1268 هـ ، وقيل غير ذلك ، لكن هذا هو الأصح ، والله أعلم .
نشأ المترجم في بلده ( الحلوة ) وشرع في القراءة على والده ، فلما أدرك في التوحيد والتفسير والحديث والفقه والنحو رغب في الزيادة فسافر إلى الهند سنة 1301 هـ ، فقرأ على محدث الهند الشيخ نذير حسين الدهلوي والشيخ العلامة المحقق صديق حسن خان القنوجي والشيخ شريف حسين والشيخ محمد بشير السندي والشيخ سلامة الله الهندي والشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي اليماني نزيل الهند ، وهؤلاء العلماء كلهم محققون في العقيدة محدثون مفسرون .
وقد أجازه الشيخ الأنصاري ونذير حسين ، وهكذا أقام يقرأ على هؤلاء المحدثين المفسرين المحققين في الهند تسع سنين حتى استفاد منهم فائدة كبرى فأجازوه وأثنوا عليه ثناء عطرا . ثم توجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ، فوجد فيها المحدث الكبير العلامة الشيخ شعيب بن عبد الرحمن الدكالي المغربي والشيخ الفقيه العلامة أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي والشيخ محمد بن سليمان حسب الله الهندي ، والشيخ السيد عبد الله بن محمد بن صالح الزواوي ، والشيخ أحمد أبو الخيور .
وبانكبابه على القراءة والاستفادة من هؤلاء العلماء الكبار من النجديين والحجازيين والهنديين بلغ في العلم مبلغا كبيرا ، وصار من عداد كبار العلماء المشار إليهم بالبنان ، كما ورث عن والده الغيرة الشديدة في الدين ، والصلابة في العقيدة ، فاشتهر بسعة العلم والتقى والصلاح ، وجدَّ واجتهد في نشر الدعوة السلفية ، حتى نفع الله باجتهاده وبركة دعوته خلقا كثيرا .
وسافر إلى الهند عام 1301 هـ ، وكتب تاريخ سفره في هذه الأبيات :
لاكتساب العلم سافرنا وأرجو *** أنه فتح وإقبال وبِرّ
قلت يا قلبي فأرِّخ منهما *** قال تاريخ يجيء له ( يمن أغر )
فلمَّا اطلع على هذين البيتين والده ، فأعجب بهما وكتب تحتهما بقوله :
يا إلهي لا تخيب سعيه *** أَوْلِه التوفيق حقا والظفر
واجعل العلم اللدني حظه *** أَوْلِ فهم المُنزَل والأثر
وأعطه رزقا حلالا واسعا *** كافيا حاجاته في ذا السطر
واكفه جميع محذوراته *** أيضا حادثات البر والبحر
وبعد عودته إلى بلاده ( الأفلاج ) عينه الإمام عبد الله الفيصل آل سعود في قضاء الأفلاج مكان والده في القضاء ، ثم استولى الأمير محمد بن رشيد على نجد ، فأقره على عمله ، فاستمر قاضيا حتى فتح الملك عبد العزيز آل سعود الرياض عام 1319 هـ ، واستولى على الأفلاج ، فنقله من قضاء الأفلاج إلى الرياض وجعله قاضيا في جميع قضايا البادية القريبة من الرياض أو القادمة إليه ، وجميع الدماء من القتل فما دونه من أنواع الجراحات ، واختار لتقدير الشجاج في الرأس التي دون الموضحة وهي الخمس ، التي لا تقدير فيها من الشرع بل حكومة ، اختار لتقديرها طريقة حسنة .
فقال - رحمه الله - في وصف طريقته : ( وأما ما سألت عن عادتنا في تقدير حكومة الشجاج التي دون الموضحة فالجواب :
غير خاف عليك حقيقة الحكومة وكيفيتها ، ونحن في الغالب ما نعتبر الحكومة ، لكن نتحرى ما تأخذ الجناية من اللحم الحاصل بين البشرة وبين العظم ، أعني حد الموضحة ، ثم نعرف نسبة ما أخذته الجناية من اللحم إلى أرش الجناية ، وهو نصف عشر الدية ، فإذا عرفنا أن الجناية أخذت ثلث ما بين البشرة إلى حد الموضحة ، فقيها ثلث أرش الموضحة ، وهكذا .
هذا ما ذكره بعض العلماء ، وهو حسن ، لكنه يحتاج إلى عارف بصير بالجراحات ، ولكن إذا علم الله من العبد تحري العدل والإنصاف فالله يغفر له ) . اهـ .
وكان من مزايا المترجَم أنه كثير التواضع قليل الكلام .
وقد عينه الملك عبد العزيز إماما في جامع الرياض الكبير ، وفي هذا المسجد الواسع عقد له حلقتين للتدريس ، إحداهما بعد طلوع الشمس حتى امتداد النهار ، والثانية بعد صلاة الظهر ، وكان حريصا على ما يلقيه من الدروس ، شديد التثبت لمعنى ما يقرأ عليه ، فلا يلقي درسه ولا يسمعه من الطالب حتى يراجع عليه شروحه وحواشيه ، وما قاله العلماء عليه وضبطه لغة ونحوا وصرفا ، حتى يحرر الدرس تحريرا بالغا ، وكان إذا حصل إشكال أثناء الدرس لم يتجاوزه حتى يزول ذلك الإشكال ، وربما بعث من يحضر له الكتب التي تكون مظنة ذلك .
لذا أقيل عليه الطلاب ، وحفوا به ، واستفادوا منه فوائد جليلة ، فتخرج عليه أكابر العلماء ، فمن تلاميذه الكبار سماحة الشيخ عبد الله بن حسن رئيس القضاة ، وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رئيس القضاة ، وسماحة الشيخ عمر بن حسن رئيس الهيئات للأمر بالمعروف بالمنطقتين الوسطى والشرقية ، والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم نائب رئيس المعاهد والكليات ، والشيخ محمد بن عبد اللطيف ، والشيخ سليمان بن سحمان ، والشيخ محمد بن عثمان الشامي ، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز ، والشيخ العنقري ، والشيخ عبد الله الدوسري ، والشيخ عبد العزيز بن مرشد ، والشيخ إبراهيم بن سليمان آل مبارك ، والشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك ، والشيخ عبد الرحمن بن عودان ، والأستاذ البحاثة حمد الجاسر ، والشاعر الكبير محمد بن عثيمين ، والشيخ سعود بن رشود ، والشيخ محمد بن رشيد قاضي الرس ، ثم قاضي رنية ، والشيخ عبد الله بن سعد بن جاسر التغلبي الدوسري ، وغير هؤلاء كثير من كبار علماء المملكة العربية السعودية .
كما تصدى لنشر العلم بالكتابة ، فقد بعث الرسائل والنصائح ، كما حرر الفتاوى والأجوبة على الأسئلة ، فيما لو جمعت كتاباته وفتاويه لجاءت جزءا حافلا ، ونظم مختصر المقنع حتى كاد أن يتمه ، وله رسالة سماها : " حجة التحريض تحريم الذبح للمريض " في مكتبة جامعة الرياض ، برقم ( 215 ) .
وكتاباته وفتاواه دليل على غزارة علمه ، وسعة اطلاعه ، وحسن تصوره ، وقد جمعت وطبعت في كتاب سمي " المجموع المفيد من رسائل وفتاوى الشيخ سعد بن حمد بن عتيق " رحمه الله ، ويحوي هذا المجموع أربعين رسالة للمترجَم ، وله : نيل المراد بنظم متن الزاد .
والمترجَم في عداد كبار علماء نجد المشار إليهم ، فهو مقرب من الملك عبد العزيز ويعتمد عليه في مهام الأمور الدينية ، وهو معزز محترم عند علماء الدعوة ، فيجلونه ويقدرونه ، ويعرفون له حقه ومكانته العلمية ونشاطه في الدعوة وموالاة أهلها ، وقد ألف رسالة سماها : ( عقيدة الطائفة النجدية في توحيد الألوهية ) لا تزال مخطوطة في جامعة الرياض .
وللمترجَم شعر جيد ونظم رائق ، فله قصائد كثيرة تدل على علو منزلته في الشعر ، حتى إن من مؤلفاته : ( نظم المفاتيح ) لابن القيم ، وشرع في نظم زاد المستقنع ، ثم توفي قبل إتمامه .
وما زال على أحواله الكريمة وسجاياه ، حتى توفي في الرياض بعد أن كف بصره ، وذلك في اليوم الثالث عشر من جمادى الأولى عام 1349 هـ ، ودُفن في مقبرة العود في الرياض ، وكان قد صلي عليه في جامع الرياض ، وأم المصلين الشيخ محمد بن عبد اللطيف .
وله وصية بقلم محمد بن عبد الرحمن الشويعر في تاريخ 28 جمادى الأولى من عام 1349 هـ ، وهذا نصها .
( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأوصي من بعدي أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ، وأن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا ، وأن يلتزموا ما وصى به إبراهيم بنيه حيث يقول : {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } والحمد لله أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، كما يحب ربنا ويرضى ، وأنا الفقير إلى الله سعد بن حمد بن عتيق أمليتها آخر الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول عام 1349 هـ ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين ) .
وعلى هذا النقل تصديق من الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم وقال فيه : إنه نقلها من ورقة إملاء الشيخ سعد وعليها ختمه . تمَّ بحمد الله .
وقد بكاه الناس وأسفوا عليه ، وحزنوا لفقده وتبادلوا التعازي في موته ، لأنه محبب إلى كل قلب عزيز على كل فرد ، فالمصاب به عام والحزن عليه شامل ، وقد رثي بكثير من القصائد والرسائل ، وممن رثاه شاعر نجد الكبير الشيخ محمد بن عبد الله بن عثيمين بقصيدة منها :
أهكذا البدر تخفي نوره الحفر *** ويُفقد العلم لا عين ولا أثر
خبت مصابيح كنا نستضيء بها *** وطرحت للمغيب الأنجم الزهر
واستحكمت غربة الإسلام وانكسفت *** شمس العلوم التي يهدى بها البشر
تخرم الصالحون المقتدى بهمو *** وقام منهم مقام المبتدأ الخبر
فنح على العلم نوح الثاكلات وقل *** والهف نفسي على أهل له قبروا
لم يجعلوا سلما للمال علمهم *** بل نزهوه فلم يعلق به وضر
تلك المكارم لا تزويق أبنية *** ولا الشفوف التي تكسى بها الجدر
فَابْكِ على العَلَم الفرد الذي فخرت *** بذكر أفعاله الأخبار والسير
بحر العلوم الذي فاضت جداوله *** أضحى وقد ضمه في بطنه المدر
طوتك يا سعد أيام طوت أمما *** كانوا فبانوا وفي الماضين معتبر
إن كان شخصك قد واراه ملحده *** فعلمك الجم في الآفاق منتشر
بنى لكم حمد آل العتيق علا *** لم يبنها لكمو مال ولا خطر
لكنه العلم يسمو من يقوم به بالجهل *** على الجهول ولو من جَدُّه مضر
لكنه العلم إن كان أقوالا بلا عمل *** فليت صاحبه بالجهل منغمر
يا حامل العلم والقرآن إن لنا *** يوما تضم به الماضون والأخر
فرحم الله الراثي والمرثي وجزاهما أحسن الجزاء .

أمل محمد 09-21-2010 05:25 AM

الشيخ / حمد بن فارس بن محمد بن فارس المتوفى سنة 1345 هـ أخذ الشيخ عنه علم الفرائض والحساب ، وكان الشيخ حمد - رحمه الله - من أبرز العلماء في وقته بالفرائض والحساب والعربية ، بل هو أنحى أهل نجد في زمانه ، وهاك ترجمته موسعة :
هو الشيخ حمد بن فارس بن محمد بن فارس بن عبد العزيز بن محمد بن الشيخ إسماعيل بن رميح بن جبر بن عبد الله بن حماد بن عريض بن محمد بن عيسى بن عرينة العرني التيمي الربابي ، فهو فخذ العرينات الذين هم بطن من تيم الذين هم قبيلة من قبائل الرباب ، والرباب تتألف من سبع قبائل هي : تيم وعدي وثور وعكل ومزينة وعوف وأشيب .
والرباب هم بنو عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار معد بن عدنان ، وهم أبناء عم تميم بن مر بن أد بن طابخة . . . إلخ النسب .
والمشهود عند أهل نجد أن العرينات من قبيلة ( سُبَيْع ) تصغير سبع ، ولكن هذه النسبة بالحلف فقط ، فهم أحلاف لسبيع لا منهم .
كما أن أبناء عمهم بني ثور ، ينسبون إلى سبيع ، وهم من الرباب أيضا ، وأصل بلد المترجَم - بلدة العطار - من مقاطعة سدير ، ونسب المترجَم كما تقدم يتصل بنسب الشيخ إسماعيل بن رميح العالم المشهور صاحب المجموع بـ ( مجموع ابن رميح ) ، فهو ابن عم آل رميح الموجودين في بلدة العطار .
وقد وُلِدَ المترجَم عام 1263 هـ ، وكان والده الشيخ فارس من أهل العلم ، فنشأ نشأة طيبة ، ورباه تربية صالحة ، فلازمه ملازمة تامة حتى حفظ عليه القرآن الكريم ، وقرأ عليه في علم الفرائض والحساب ومبادئ العلوم .
ثم شرع في القراءة على العالم الخطيب الواعظ الشيخ عبد الله بن حسين المخضوب الهاجري القحطاني قاضي الخرج ، ثم سافر إلى الرياض للتزود من العلم ، فقرأ على العلامة الكبير الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن وعلى غيره ، حتى أدرك وحصل كثيرا من العلوم الشرعية والعربية ، لا سيما النحو ، فقد صار أنحى أهل زمانه في نجد ، فعرف في هذا الباب من العلم حتى صار مرجع العلماء وطلابه في علوم العربية ، كما أن له اطلاعا جيدا في علم سير الفلك وحسابه وأوقاته وبروجه ومنازله .
ثم عينه الإمام عبد الله الفيصل على بيت المال يوم كانت هذه الوظيفة كوزارة المالية في العهد الحاضر ، كما عينه مديرا لأوقاف آل سعود ينفذها في أعمال البر والإحسان ، فحمدت سيرته في ذلك ، حيث برَّ الفقراء وواسى المساكين وأجرى إنفاق هذه الأموال في مجاريها الشرعية النافعة ، واستمر في هذا العمل أيضا في ولاية الإمام عبد الرحمن الفيصل وصَدْرا من حكم الملك عبد العزيز ، حتى إذا توسعت الأعمال وتحددت المسئوليات أصبح هذا العمل الآن وزارة من أكبر الوزارات .
وكان المترجَم مع عمله عاكفا ومقيما على التدريس في مسجد الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في - حي دخنة - فحف به الطلاب وأقبلوا عليه وتتلمذوا على يديه ، فاستفادوا منه ، حتى تخرج عليه الفوج بعد الفوج ، وأغلبهم من كبار العلماء ، فمن مشاهير تلاميذه :
سماحة الشيخ عبد الله بن حسن ، وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ، وسماحة الشيخ عمر بن حسن ، والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم ، والشيخ محمد بن عبد اللطيف ، والشيخ سليمان بن سحمان ، والشيخ عبد الله العنقري ، والشيخ عبد الرحمن بن عودان ، والشيخ محمد بن علي البيز والشيخ عبد الله بن زاحم ، والشيخ محمد الشاوي ، والشيخ سعد بن رشود ، والشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد أحد علماء بلدة الرس وقضاتها وغيرهم من كبار علماء نجد .
وجمع المترجَم مكتبة خاصة كبيرة غنية بنفائس المخطوطات آلت بعد وفاته إلى ابنه محمد ، وقد توفي ابنه فلا ندري ماذا كان مصيرها .
وكان المترجَم مع علمه دينا متعبدا كثير الصيام والقيام ، ولم يزل على حالته الحميدة وسيرته المرضية حتى توفي في مدينة الرياض بعد العصر من اليوم الثامن والعشرين من شهر جمادى الآخرة عام 1345 هـ ، وصلي عليه في جامع الرياض ، وحضر جنازته حشد كبير من المسلمين ، فيهم الأمراء والأعيان ، وصلي عليه صلاة الغائب في أنحاء المملكة ، وله الآن أحفاد في الرياض . فرحمه الله تعالى .
* وقد ترجم له الشيخ سليمان بن حمدان ، ومن خطه نقلت فقال : ( الشيخ حمد بن فارس بن محمد بن رميح تصغير رمح النجدي الحنبلي ، وهو شيخنا الإمام العالم العلامة النحوي الفرضي الحيسوب الفلكي الفقيه الوجيه ، وُلد سنة ثلاث وستين ومائتين وألف تقريبا ، أخبرني بذلك عنه ابنه محمد ، فنشأ على يد والده فهذّبه ورباه تربية طيبة ولازمه ملازمة تامة ، فتخصص عليه في علم الفرائض والحساب وغيرها من العلوم ، وقرأ على الشيخ عبد الله بن حسين المخضوب صاحب الخطب وعلى الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أخذ عنه علم النحو وغيره ، وتفقه به ، وأخذ عن جملة من الأكابر حتى اشتهر وأصبح سيبويه زمانه في علم النحو ، وصار مرجعا لطلاب العلم ، وضربت للأخذ عنه أكباد الإبل من أطراف نجد ، وكان مداوما على التعليم في مسجد الشيخ عبد الله بعد صلاة الصبح إلى الساعة الرابعة نهارا ، لا يُخِلّ بذلك ، وكان كثير الصيام قلَّ أن تراه مفطرا ، وكان ملازما على الصف الأول خلف الإمام ، كثير الأوراد والأذكار ، مهيبا عند الخاص والعام ، طويلا نحيف الجسم ، يخضب بالحناء .
تولى حفظ بيت المال للإمام عبد الله آل فيصل ثم للإمام عبد الرحمن ، ثم للملك عبد العزيز ، فباشره بعفة ونزاهة تامة ، وكان يواسي الفقراء من طلبة العلم وغيرهم من بيت المال ، ويعطيهم ما يقوم بكفايتهم منه .
وقد تخرج به خلق كثير لا يحصون ، ولما قدمت الرياض قرأت عليه جملة من كتاب الروض المربع شرح زاد المستقنع ، وملحة الإعراب ، وبعض ألفية ابن مالك ، وبعض الرحبية .
وتوفي رحمه الله في الساعة العاشرة بعد العصر الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وألف ، وقد كفّ بصره قبل وفاته ، وصلي عليه في جامع الرياض ، وأم الناس في الصلاة عليه شيخنا محمد بن عبد اللطيف ، وشيَّعه خلق كثير من الأعيان والأمراء ، ودفن في مقبرة العود ، وصلي عليه صلاة الغائب في مكة والمدينة والطائف وجدة ، وتأسف الناس على فقده رحمه الله ، ولم يخل من الأولاد سوى ابنه محمد ) . انتهى .
كما ترجم له مطلق بن صالح في تاريخه المخطوط فقال : ( وفي رجب سنة 1345 هـ توفي الشيخ العالم المتبحر في العلوم حمد بن فارس طيب الله ثراه ، وجعل الجنة مثواه ، وكان رحمه الله تعالى وأفاض عليه سحب رضوانه هو الذي إليه بيت مال المسلمين يجبي ويدفع إليه ذلك ويفرق على جميع بلدان المسلمين ، وكان على حالة مُرْضِيَة ، وطريقة من الزهد مرضية ، وكان عن ذلك المال والأقل منه متعففا ، بل يأكل منه بالمعروف ، ولمَّا توفي رحمه الله تعالى وُجِد عليه من الدين تسعون ألف ريال ، فأدَّاها عنه الإمام عبد العزيز ، أيَّده الله بالعز والإقبال ) اهـ .
الشيخ / صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين آل الشيخ - رحمه الله - المتوفى سنة 1372 هـ وهو قاضي الرياض في زمانه ، ومن العلماء الزهاد الورعين المعروفين بالفضل ، أخذ الشيخ عنه في العقيدة والفقه ولازم دروسه فنهل معه العلوم المفيدة ، وهذه ترجمته مفصلة موسعة :
هو الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، كان جده الشيخ عبد الرحمن بن حسين هو قاضي بلدان الخرج للإمام تركي ثم لابنه الإمام فيصل ، وكان والده مع جده في مقر عمله ، فولد الشيخ المترجَم صالح في ( السلمية ) إحدى بلدان مقاطعة الخرج ، ومكث فيها أيام طفولته ، فمات والده وهو في أول سن التمييز ، فانتقل مع والدته إلى الرياض حيث يقيم هو وعشيرته وأخواله ، فكفله ابن عمه الشيخ حسن بن حسين ، وتزوج بأمه بعد أبيه ، فنشأ في بيت عمه وأمه نشأة صالحة .
وقد دخل الكتّاب وتعلم فيه مبادئ الكتابة والقراءة ، ثم حفظ القرآن عن ظهر قلب ، ثم شرع في طلب العلم فأخذ في حفظ وقراءة كتب شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وغيرها من مختصرات العلوم النافعة ، فأدرك طرفا طيبا منها .
ولما شب أخذ يتعاطى التجارة ، مع الحرص على تحري العقود الصحيحة والنزاهة وحسن المعاملة .
وتعاطيه التجارة لم يصده عن الاستمرار ومواصلة طلب العلم ، فكان ملازما لدروس الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ عبد الله الخرجي ، والشيخ حمد بن فارس ، والشيخ محمد بن محمود ، حتى أدرك في التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصول هذه العلوم والنحو .
وكان يرافق الملك عبد العزيز في غزواته ، وآخر غزواته له هي غزوة جراب عام 1333 هـ .
وقد جلس للتدريس في الرياض ، فعمر مجلسه بالدروس ، واقتنى مكتبة كبيرة خاصة به .
وفي عام 1337 هـ ولاه الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله قضاء مدينة الرياض ، فكان المثل الحسن في العدل والإحسان والإنصاف والنزاهة والعفاف ، واستمر في القضاء حتى عام 1352 هـ ، حيث أصيب بألم شديد في رأسه وعينيه ، واستعفي بسبب ذلك من القضاء فأعفي ، ثم سافر إلى مصر للعلاج عام 1354 هـ ، ثم عاد بدون فائدة ، وطال معه هذا المرض حتى مات منه عام 1372 هـ . رحمه الله تعالى .
الشيخ / سعد بن وقاص البخاري - رحمه الله - أخذ عنه علم التجويد في مكة ، وكان - رحمه الله - له دكان صغير في الشامية ، وقد بحثت عن ترجمة موسعة له فلم أجد من ذلك شيئا ، والمقصود أنه من العلماء الفضلاء المعروفين بسلامة المعتقد ، وأصالة الرأي ، وحسن التعليم - رحمه الله - .
الشيخ / سعد بن وقاص البخاري - رحمه الله - أخذ عنه علم التجويد في مكة ، وكان - رحمه الله - له دكان صغير في الشامية ، وقد بحثت عن ترجمة موسعة له فلم أجد من ذلك شيئا ، والمقصود أنه من العلماء الفضلاء المعروفين بسلامة المعتقد ، وأصالة الرأي ، وحسن التعليم - رحمه الله - .
الشيخ الإمام العلامة / محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ المتوفى سنة 1389 هـ ، وهو علم على رأسه نار ، إمام معروف بالعلم والفضل وقوة الرأي ، وحسن التدبير لازمه الشيخ عبد العزيز - حفظه الله - مدة طويلة تقدر نحو عشر سنين ، وكان من أخص تلامذته ، وذلك ما بين عام 1347 هـ إلى عام 1357 هـ ، وهذه ترجمة مفصلة موسعة له من كتاب مشاهير علماء نجد وغيرهم .
هو العلامة الجليل الأصولي المحدث الفقيه الشيخ محمد بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، مفتي الديار السعودية ورئيس قضاتها في حياته - رحمه الله - .
مولده :
ولد في مدينة الرياض في السابع عشر من شهر محرم سنة ألف وثلاثمائة وإحدى عشرة من الهجرة ونشأ في كنف والده الشيخ إبراهيم ، ولما بلغ الثامنة من عمره أدخله مدرسة تحفيظ القرآن عند مقرئ يدعى عبد الرحمن بن مفيريج فختم القرآن نظرا وهو في الحادية عشرة من عمره وطرأ عليه العمى وهو في الرابعة عشرة من عمره فأعاد قراءة القرآن مرة أخرى عن ظهر قلب حتى ختمه وحفظه حفظا تاما ثم شرع في قراءة العلم في مختصرات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومبادئ النحو والفرائض على والده الشيخ إبراهيم ثم شرع في القراءة على عمه الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف في كتاب التوحيد ثم في العقيدة الواسطية والحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وقرأ عليه في أصول التفسير والحديث وقرأ على الشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق في الفقه ومصطلح الحديث ولازمه ملازمة تامة وقرأ على الشيخ حمد بن فارس في الألفية وغيرها من المؤلفات النحوية ، وقرأ عليه في الفقه وقرأ على الشيخ عبد الله بن راشد بن جلعود العنزي نزيل مدينة الرياض آنذاك في الفرائض ولم يزل مجدا في طلب العلم إلى أن توفي عمه الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد اللطيف سنة 1339 هـ ، فعينه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود خلفا لعمه في الفتيا وإمامة المسجد والتدريس فصار يؤم الناس الفروض الخمسة في مسجد عمه المشهور بمسجد الشيخ ( بحي دخنة ) ويجلس فيه لطلبة العلم يقرءون عليه في مختلف العلوم وفي سنة 1345 هـ أرسله جلالة الملك عبد العزيز آل سعود إلى أهل الغطغط لما غلوا في الدين وشددوا فيه تشديدا ينافي الشرع فمكث عندهم ستة شهور يبين لهم معاني الكتاب والسنة وعبارات رسائل علماء دعوة التوحيد السلفية ، ويحذرهم من الغلو ومجاوزة الأمور المحظورة ، ثم رجع إلى الرياض واستمر في نشر العلم وتعليمه .
طريقة تدريسه وأوقات جلوسه :
فكان - رحمه الله - إذا صلى الفجر جلس في المسجد يقرأ عليه صغار الطلبة في الأجرومية في النحو ، وبعدهم يقرأ عليه متوسطو الطلبة في القطر لابن هشام في النحو ، وبعدهم يقرأ عليه كبار الطلبة في ألفية ابن مالك وشرح ابن عقيل ، فإذا انتهوا من قراءة النحو في الألفية والشرح قرءوا عليه في الفقه في ( متن زاد المستقنع ) غيبا ، فإذا قرأ آخرهم وسكت أخذ الشيخ في إعادة ما قرءوه من المتن من حفظه وشرع يتكلم على العبارات ويوضح معاني الكلمات ، فإذا انتهى شرع أحد الطلاب في قراءة شرح الزاد المسمى ( الروض المربع شرح زاد المستقنع ) قراءة ترتيل يقف عند كل فقرة وجملة والشيخ يعلق على عبارات الشارح وجملة بكلام يوضح المعنى ويزيح الإشكال ، ويصور المسائل تصويرا ملموسا يقرب المعاني الفقهية إلى أذهان الطلبة ، ويقرر قواعدها في نفوسهم لأنه - رحمه الله - آخذ بناصية علم الفقه ومتبحر فيه تبحرا عظيما ، فإذا انتهى من تقريره على الفقه شرعوا في القراءة عليه في بلوغ المرام ، فإذا أشارت الساعة إلى الواحدة نهارا انصرف إلى داره وجلس فيها ، فإذا حانت الساعة الثالثة جاءه كبار الطلبة وخواصهم وقرءوا عليه إلى الساعة الخامسة نهارا ، ثم انصرفوا ، فإذا أذن الظهر خرج وصلى بالناس في المسجد وجاء أهل المطولات وقرءوا عليه في مختلف الكتب بجامع الترمذي وصحيح البخاري وزاد المعاد في هدي خير العباد ، فإذا انتهوا قرأ عليه بعض الطلبة في بعض المتون العلمية غيبا مثل كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية ، فإذا أذن العصر خرج إلى داره وجدد الوضوء ثم رجع وصلى بالناس العصر وجلس في المسجد يقرأ عليه أحد أعيان الطلبة في بعض الردود ، فإذا انتهى قرأ عليه جملة من الطلبة في مصطلح الحديث ، فإذا انتهوا قرءوا عليه في العقيدة الحمولة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فإذا بقي على أذان المغرب مقدار نصف ساعة خرج إلى داره ، فإذا أذن المغرب جاء وصلى بالناس ثم جلس في المسجد للطلبة يقرءون عليه علم الفرائض والمواريث ، فإذا ختم أذان العشاء قام من حلقة درس الفرائض إلى الصف الأول وتنفل ثم أمر القارئ فشرع يقرأ عليه في تفسير ابن كثير إلى الساعة الثانية والنصف ، فيأمر بإقامة صلاة العشاء ، فإذا أقيمت وصلى بالناس تنفل وأوتر وخرج إلى داره وهي قريبة من مسجده ، واستمر على هذا الترتيب في الدروس بهذه الصفة من عام 1339 هـ إلى عام 1380 هـ حيث ترك جميع الدروس ما عدا درس الفقه وبلوغ المرام فإنه لم يترك الجلوس لهما بعد صلاة الفجر إلى أن حبسه المرض .
وقد تخرج على يديه أفواج من العلماء كثيرون شغلوا مناصب القضاء والتدريس والدعوة إلى الله ، والإرشاد ، وحسبنا أن نشير إلى البعض منهم إشارة موجزة في هذه الترجمة المقتضبة على النحو الآتي :
1- الشيخ العلامة الجليل عبد الله بن محمد بن حميد ، الرئيس العام للإشراف الديني بالمسجد الحرام .
2- الشيخ عبد العزيز بن باز ، رئيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة .
3- الشيخ عبد الله بن يوسف الوابل نزيل أبها في هذا الوقت .
4- شيخنا الشيخ عبد الله بن سليمان المسعري رئيس ديوان المظالم .
5- شيخنا الشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد رئيس هيئة التمييز بالمنطقة الغربية .
6- الشيخ عبد الملك بن إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف شقيق المترجم رئيس هيئات الأمر بالمعروف بالمنطقة الشرقية .
7- الشيخ عبد العزيز بن الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ .
8- الشيخ صالح بن الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ .
9- الشيخ عبد الرحمن بن فارس أحد قضاة الرياض حاليا .
10- الشيخ عبد الرحمن بن سعد من بلد ملهم المعروفة بنجد .
11- الشيخ إبراهيم بن سليمان من آل مبارك أهل بلدة حريملاء تولى قضاء الخرمة والأفلاج وتوقي - رحمه الله .
12- الشيخ محمد بن عبد العزيز بن الشيخ حمد بن عتيق توفي - رحمه الله - .
13- الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش رئيس محكمة مكة المكرمة سابقا .
14- الشيخ سليمان بن عبيد السلمي رئيس محكمة مكة حاليا .
15- الشيخ عبد العزيز بن عجلان من بلدة نعام المعروفة .
16- الشيخ محمد بن مسلم آل عثيمين .
17- الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريان من أهل مدينة . الرياض الأقدمين .
18- وابنه الشيخ إبراهيم ابن الشيخ محمد إبراهيم نائب المفتي الأكبر .
19- وابنه الشيخ عبد العزيز ابن الشيخ محمد بن إبراهيم مدير المعاهد والكليات .
20- الشيخ راشد بن صالح بن خنين .
21- الشيخ سعود بن رشود رئيس محكمة الرياض في حياته - رحمه الله - .
22- الشيخ ناصر الحناكي .
23- الشيخ سعد بن غرير .
24- أهل بلدة حريملاء .
25- الشيخ محمد بن مهيزع . أحد قضاة الرياض حاليا .
26- الشيخ عبد الله بن بكر توفي - رحمه الله - .
27- محمد السحيباني .
28- صالح السحيباني .
29- حسن بن مانع .
30- إبراهيم بن نغميش .
31- زيد بن فياض .
32- محمد ابن الشيخ عبد الرحمن بن قاسم .
33- عبد العزيز بن محمد بن صالح بن شلهوب .
34- أحمد بن قاسم .
وقرأ عليه غير هؤلاء خلق كثير لا يحضرني ذكرهم ولا معرفة أسمائهم .


الساعة الآن 12:00 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team