![]() |
|
الاستاذة مباركة تقولين من ضمن مداخلتك بتاريخ 13-3-2014 : " ما بين هذا وذاك، يبقى الكاتب هو الناقد الحقيقي لنصوصه" - اتصور من ناحيتي ان الكاتب اقل الناس قدرة على نقد نصوصه وذلك للطبيعة التي يتشكل منها دماغ الانسان حيث ينظر الى ما يلد من دماغه نظرة غير موضوعية ولذلك تعلمنا في كورسات الكتابة الى الصحافة ان نعطي عملنا لشخص آخر لتصحيحة وتدقيقة. فالاخر يكون لديه النظرة بموضوعية على النصوص وهي لا تتاح لكاتب النص. ولنفس السبب ينصح الكاتب بان يطبع نصه عند رغبته بتصحيحه ويتركه لفترة زمنية ثم يعود اليه بنظرة فاحصة ويتعامل معه وكأنه نص غريب من شخص اخر وبهدف جعله ينظر الى النص بموضوعية. ولهذا السبب للنقد الادبي دور غاية في الاهمية لتطوير الادب...ومثل هذه الورشة غاية في الاهمية لانها تصبح ورشة تعليمية تتعامل مع ادق التفاصيل ويصبح ما يتم التعرف عليه جزءا من وعي الكاتب المشارك في الورشة فيكون اقدر على انتاج كتابات اكثر تأثيرا فيما بعد. وتقولين " أما عن سلبية البطلة ، فمغنطيس الأشخاص على أرضية الواقع ،هومن يفرض على الكاتب ذواتهم ،ولا مقدرة له للإختيار، ولربما سلبيتها المفرطة كانت سببا في اقتحامها مركز التخييل ، لتتشبت فيه بكل ما أوتيت من قوة" . - اتصور ان النصوص السردية تشتمل عادة على البطل hero ونقيض البطل anti hero ويتوقع المتلقي من البطل ان يكون فاعلا صاحب ارادة مقاتل وغير مستكين على شاكلة بطلة القصة هنا...وعلى الاقل طبعا وجب وجود احدهما... بمعنى حتى لو ان القصة كانت واقعية وكتبت من واقع تجربة واقعية يفترض من القاص ان يمنح البطلة صفات وسمات البطلة وان لا يجعلها او ان يرسمها بتلك السلبية التي ظهرت فيها البطلة في قصة "انت طالق..". بل لقد تم تصوير هذه البطلة بصورة بدت فيها في غاية السلبية فهي من ناحية تخلت عن حبيبها ( نبيل ) دون قتال، واستسلمت لزوجها العجوز دون قتال، وسلمت لسلطة والدها دون قتال، وعاشت 3 سنوات من الحياة الخانقة دون قتال، كان سلاحها الوحيد الصمت، ثم قررت الاستقالة من عالم الاحياء... كل هذه السمات تؤشر الى ما يعرف بنقيض البطل وهي وان كانت من الناحية الفنية محبوكة بصورة جيدة ومرسومة بفنية عالية لكنها من حيث الانطباع الذي تتركه على نفس المتلقي وعقله تكون مقيته... وهي تترك حتما انبطاعا سلبيا ويخلص المتلقي الى ان يمقت مثل هذه الشخصية السلبية بسبب سلبيتها متمنيا لو ان بطلة القصة كانت محاربة وقامت باكثر مما قامت به للسيطرة على مصيرها ورسم مستقبلها... هذا الكلام يقودنا للسؤال : - هل غياب البطل hero في القصة ومحورة النص على نقيض البطل the anti hero ينتقص من العمل الفني وجودة النص ونجاحه؟ - هل دور القاص تصوير الواقع كما هو ام ان دوره يتعدى مجرد تقليد الواقع ومحاكاته بأن يجعل بطلة النص تتمرد على الواقع المرير مثلا؟ - اي هل دور القاص ان يقدم لنا صورة من الواقع ام عليه التدخل لاقتراح حلول تغير من ذلك الواقع؟ - ايهما ابلغ واكثر تأثيرا تصوير الواقع المؤلم كما هو وترك المتلقي يتفاعل مع النص وذلك الواقع ويتصور ما يجب عمله بذاته ام ان على الكاتب وضع العقدة واقتراح الحلول الانسب لها؟ - وهل القاص مصلح اجتماعي يحمل رسالة ام انه فنان يرسم بريشته صورة من الواقع اين كانت تلك الصورة ويترك للمتلقي ان يستنبط من قصته ما يشاء؟ - الم تجعلنا هذه القصة ننقم على المجتمع المتخلف وعلى ذلك الزوج المزواج وعلى ذلك الاب الدكتاتوري وعلى سلبية تلك الفتاة وعلى عجز الحبيب؟ - الم تنجح الكاتبة في تحشيدنا ضد الواقع المر بدلا من ان تفرحنا ونشعر اننا انتصرنا لو انها جعلت البطلة تطلق الرصاص مثلا على زوجها؟ - ثم الم يكن بامكان الكاتبة جعل القصة اكثر درامية بان تدفع البطلة للانتحار مثلا؟ |
الأستاذة فاتحة الخير حتما انت استاذة في التحليل والنقد الادبي فشكرا لك على المشاركة الفاعله هنا: في مداخلتك التفصيلية بتاريخ 13-3-2014 تقولين : "القراءة الأولى كثيرا ما تكون غير مكتملة لذلك أتبعتها بثانية وثالثة، ساعتها ظهرتالحبكة الدرامية التي شيدت بها القصة، فهذا النص هو بناء متكامل من لغة راقيةوعالية ومشاهد تصويرية دقيقة سلطت الضوء على أدق التفاصيل والحالة الجسدية التيتعبر عن الإعياء والكاهل المثقل بالأسى والحسرة على ما ألت إليه حياتها ....يعني أن الكاتبة هنا الأستاذةامباركة حرصت على ان يكون القالب الدرامي مكتمل من جميع النواحي، فكثيرا من القصصالمأساوية تركز الحالة النفسية والداخلية للبطل، رغم أن الحالة الخارجية أو الجسدوما يبرزه من حركات وتأوهات هي ايضا ضرورية لاكتمال الصورة". - اتفق معك فيما ذهبت إليه هنا. وتقولين "من قال أن النهاية هي الأكثر أهمية في القصص فالمضمون الذي يليمعرفة النهاية مهم أكثر، وأهميته تكمن في براعة القاص في شد انتباه القارئ وجعلهينهي قراءة النص رغم معرفته بما سيحدث في آخر القصة. فطريقة تركيب الأحداث وتفصيلالمشاهد وصعود "تيرموميتر "الحبكة الدرامية قد تؤدي إلى حبس الأنفاس والتوتر وشتىالأحاسيس التي تنبعث من القارئ من خلال تجاوبه مع أحداث القصة بغض النظر عننهايتها، هي قمة ما يصل إليه القارئ من استمتاع وتواصل مع بطل أو أبطالالقصة". - اتفق معك هنا أيضا. وتقولين "مهما صورت لنا القصص من مشاهد تخيليةومهما صاغتها ولونتها بألوان تصويرية وفنية جميلة يبقى الواقع أعظم قصة نعيشهاونسمعها". - يعرف الأدب على انه تقليد الحياة وتقليد التقليد ويبدو أن اقرب الفنون لنفس المتلقي وانجحها بالتالي هي تلك التي تحاكي الواقع. |
مجهوداتك المستمرة تستحق الشكر ،وإصرارك على كشف الحقائق يبعث العجب .ألا ليت لي ربع ماتتمتع به من إصرار يا أستاذ
،،،فأنت أيوب ،ووالدك صابر ،،،ههه. عندما أقول أن الكاتب هو الناقد الحقيقي لكتاباته ،فلايعني ذلك أنني أهمش فاعلية النقاد، ودورهم في الساحة الأدبية ،لكن الكاتب باعتباره مبدع النص الذي حتما نضجت مشاهده في مخيَلته ومركز التصوير بدماغه ،واجتثت سطوره من تشكيلته البسيكولوجية النصيب الأكبر ،لكأنها أنفاسه تسري على الورق و دماء القلب ، و بما أنه الأقرب لشخصية القصة البطلة ،فإن هذه الحزمة من الأسباب ،تجعله الناقد الرئيس لما أنجبت قريحته من إبداعات،فليس كل قارئ ،ناقد بطبيعة الحال ، فالأمزجة متعددة ،ومن القراء من يؤيَد ،ومنهم من يرفض ،ومنهم الذي يستند على عصا الوسط ،هي حيرة إذن للكاتب ،فماذا عساه يفعل ؟ وبما أنه مبدع ،والإبداع يستلزم القيادة ،لغرض تحسين الأذواق ،وتغيير وجهات النظر المعكوسة أوالإعتيادية التقليدية ،فوجب على الكاتب الحقيقي ،أن يواصل السير على ماهو عليه دون زعزعة من أحد ، وأخص بالذكر ،القراء العاديين الذين لايمتلكون خبرات تؤهلهم لأن يقبعوا على عتبة النقد ،وفي شتى الفنون ....يتبع |
الصور التي لها تأثير على الإنسان العادي ،ليس بالضرورة إحكام قبضتها على بؤرة التركيز عند المبدع ،ومن هنا يتجلى الفرق بين الإثنين، فما يعتقده جملة الناس باهرا ،ويستحق الإشادة ،ربما لن يحرك خلية بذهن المبدع ،وقد يلفتٌ انتباهه مشهد بسيط ،فتصخمه الأحاسيس،وهنا تكمن المتعة في الإبداع.ولو تتبعنا آثار المبدعين الرسامين مثلا ، فلم تقتصر على لوحات فنية للأباطرة والرؤساء فحسب ،بل على البؤساء والمحرومين أيضا. فالعين المبدعة لاتلتقط من الواقع إلا ما ترغب به النفس بعدما يجذبها مغنطيسه،فتتخمر المشاهد تحت غطاء التخييل،في انتظار لحظة الإشراق / الإلهام . أي نعم قد يضفي المبدع بعض اللمسات على الصور المنتقاة، تبعا لتشكيلته الذاتية ،فلكل كاتب بصمته التي تميَزه عن غيره ،ولو مُقلدا .وإذا تسألني عن مهمة الكاتب في المجتمع ،فهي التغيير إلى الأفضل حتما ،ليس بتزييف الحقائق ،إنما إبراز ها بمشاهد صادقة كما أنجبها الواقع،ولو تكتنفها السلبية . فأنت كمثقف يشملك الوعي ،ربما لاتتقبل سلبية البطلة ،وقبولها العيش تحت وطأة الجبروت ،لأن مايرتسم في الناصية بعد قراءة القصة هو طيف امرأة تصب على ملامحها المبهمة ،مشاعرك الخاصة ،كرجل ،وكإنسان له طرقا في حياته متعددة للنجاة من المصاعب،لكن هذا لا ينفي أن الكثيرات من الجنس اللطيف ،يوافقنني على ثوب السلبية الذي كسوت به شخصية البطلة .المرأة مهمشة في مجتمعاتنا العربية ،ولو مثقفة ،فمابالك بالساذجة المسكينة ،فهذه زوَجها والدها غصبا ،وهناك منهن من سجنها والدها لدرجة الجنون ،ومن تُصبح وتمسي بركلات وصفعات ....وهلم جرا .فلقاءاتي مع النسوة ،في مايشبه الولائم ،أوالمآتم،يُحزن القلوب حقا .ربما تمارض البطلة هو الوسيلة اليتيمة التي بها استطاعت الهروب من مخالب زوجها الكاسر.... وهذا ما أشرت يا أستاذ أيوب إليه في حوارك السابق - أعتقد مع الأستاذ ياسر علي- وشكرا لك ،وللجميع. |
الأستاذ ياسر تحية طيبة وبعد في مداخلتك بتاريخ 14/3/2014 : تقول "بما أن هذه ورشة يقصد منها أساسا : -دراسة النص والوقوف على سبب نجاحه أولا -ثم الانطلاق منه لمعرفة أو تلمس ما يجعلالنص القصصي موفقا -و ما هي الأشياء التي تزيد من متانة العمل الإبداعي و تبوئهمكانة رفيعة -أشكرك على توضيح غايات ورشة العمل هذه بصورة جميلة. وتقول " ربماأن سلبية بطلة النص لا تحتاج إلى مزيد من الشرح ، فكونها لم تأت بفعل يقوي تواجدهافي النص فلا فاعليتها جعلت النص لا يشع بالحياة ، السلبية هنا ليست بمعناها الأخلاقيبل بمعناها الحركي فربما لو قلنا أنها استقلت سيارة أجرة و بادلت المارة التحية وغيرها من الأحداث لكانت حياتها فعلية ." - السؤال الم يهزم غاندي بمقاومته السلبية الإمبراطورية البريطانية ؟ - ألا يعتبر صمت بطلة النص ثم تمارضها وربما مرضها نوع من أنواع المقاومة السلبية؟- ألا تعتبر هذا التصرف فعل ولو كان بالاتجاه العكسي أو السلبي نتج عنه ردة فعل انفعالية من الزوج الذي اسقط على أسيرته الطلاق فانفتحت أمامها أبواب الأمل وشربت نخب الطلاق ثم أخذت تقلب حجارة الواقع تبحث عن ثورة عشق مضت لتنطلق بعد ذلك من أسرها نحو افاق جديدة؟ وتقول "المقدمة أو مدخل النص لم تساعد النصوليس فيها صراع حقيقي" - القول بـ : - حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين. - راحت تدق أبواب الرجاء. - وتنفض عنها غبار الحسرة جاهدة. - شربت نخب طلاقها. - ألا توحي هذه العبارات أن البطلة كانت ضحية لصراع عنيف مما جعلها تحمل في لحظة الطلاق حقائبها التي كانت مثقلة بأوجاع السنين؟...ألا تؤشر هذه الأوجاع لحالة الصراع التي كابدته البطلة؟ - ثم ألا يؤكد طرقها على أبواب الرجاء ونفضها لغبار الحسرة إلى وجود مثل ذلك الصراع...ولذلك نجدها حينما سمعته ينطق بكلمة الطلاق شعرت بتحررها فشربت نخب طلاقها مما يؤشر إلى انتهاء ذلك الألم الذي استمر أثناء زواجها؟ وتقول " هناك سيطرة الفلاش باكعلى القصة دون أن تنتفض البطلة و تستعيد اشراقتها و تقتنع بوضعها الحاضر ، كأنهافقط تسترجع الماضي لتبرر عجزها الحالي ". - السؤال هل هناك غاية من استخدام تكنيك الفلاش باك سوى محورة النص حول لحظة زمنية محدودة وجعل كل الأزمان تخدم زمن النص المحدود وهنا نجد ان القاصة نجحت في تسخير هذا التكنيك حيث تمحور النص حول الزمن الذي نطق فيه الزوج الطلاق لتغادر منزل الزوجية إلى منزل والدتها وباستخدام الفلاش باك تمكنت القاصة من سرد خلفيات البطلة والعوامل التي أوصلتنا لتلك اللحظة الزمنية؟ |
الأستاذ ياسر تقول في المداخلة نفسها أعلاه "ربما كلمة نبيل مستقلة ومتبوعة بفراغ و علامة تعجب ، أعطتقيمة لهذه الشخصية ، لكن أن يغيب الحبيب عن ذاكرة امرأة وهي تعاني ظروف قاهرة فيحياتها الزوجية ربما شيء يبدو غريبا بعض الشيء". - اطلعت على تفسير الأستاذة مباركة حول ذلك الغياب والتي حاولت فيه تبرير غيابه من النواحي النفسية ، ربما أميل إلى تأيد ما قلته من حيث منطقة الحدث، فكيف لعلاقة مثل تلك أن تنتهي بمثل ذلك الجفاء لمدة سنوات ثلاث ثم يتم استحضاره فجأة بعد وقوع الطلاق وربما لو تم وضع ولو جملة واحدة تشير إلى أن ذكريات الحبيب كانت احد أسباب مرضها وصمتها لربما أصبح النص أكثر منطقية وبالتالي أكثر قبولا عند المتلقي... لكنني حينما أتحدث عن هذه الجزئية من الناحية الفنية أتصور أن تكتنيك الحذف عمل هنا لصالح النص وجعله غاية في التكثيف فالقصة القصيرة لا تحتمل قول كل ما نتصور وجوب قوله لكن الحذف لم يحدث خللا جوهريا في الحبكة بل جعل عين الكاميرا تتركز على اثر الزواج القصري ثم عواقب ذلك ومآل ما تذهب إليه الأمور... كما أتصور أن مخيلة المتلقي تستطيع مليء الفراغ فيما يتعلق بهذا الغياب وهو لذلك لم يضعف النص بل عمل لصالحه. |
الأستاذة مباركة
تقولين في مداخلة بتاريخ 18/3/2014 "لكن الكاتب باعتباره مبدع النص الذي حتما نضجت مشاهده في مخيَلته ومركز التصوير بدماغه ،واجتثت سطوره من تشكيلته البسيكولوجية النصيب الأكبر ،لكأنها أنفاسه تسري على الورق و دماء القلب ، و بما أنه الأقرب لشخصية القصة البطلة ،فإن هذه الحزمة من الأسباب ،تجعله الناقد الرئيس لما أنجبت قريحته من إبداعات". - اختلف معك في هذا الراي فغالبا يعجز المبدع عن نقد عمله الابداعي للسبب ذاته الذي تصفيه هنا ...فكما يقول المثل "القرد ف عين امه غزال " وهذا يعنى ان المبدع مولد النص يظل عاجز عن رؤية نقاط الضعف آلتي يمكن ان تكون موجوده في النص ذلك لان عقله يخدعه ويصور له النص بصورة مثالية ( غزال) ولذلك يحتاج المبدع ان يفصل نفسه عن النص ويتعامل معه وكانه ليس منه عندها يمكن له ان يرى بعين فاحصة موضوعية ولكنه ان فشل في فصل نفسه عن النص وظل مرتبط معه عاطفيا الى حد كبير فهو لن يستطيع رؤية نقاط الضعف . اما الناقد الذي يمتلك ادوات النقد وليس القارئ العادي فهو يستطيع بسهوله رؤية ما لا يستطيع مولد النص رؤيته . * |
اقتباس:
" القرد في عين والدته غزال" ولاريب ،،،،،لأن عاطفة الأمومة هي أسمى العواطف الإنسانية،حكمة الله تسري في عباده ،لكي تستمر الحياة .لكن هل اقتحم خاطرك يوما ،مثل أوحكمة تقول : النص في عين كاتبه تحفة إبداعية ؟ وإلا فلماذا يسعى المبدع لاكتساب المعارف ،أليس لكي يُطوَر ذاته ، ويوسع بؤرة التفكير ،ويقدَم الأفضل ،والمفيد ؟ إن الذي يجعل المبدع متمسكا برأيه تجاه نتاجه الإبداعي ،ليس لاعتقاده وصوله درجة رفيعة في مجال الأدب ،فلايخطئُ أبدا ، أو لأن تشكيلته الذهنية متماشية و النظرية "الغزالية" ،إنما السبب يكمن في : إما لأنه ذو طبع متعصب ،فيرى الحقائق ويزدريها ،أو لأن حصيلة مكتسباته المعرفية لم تنضج بعد ،،أو لأنه يبحث عن الإقناع ،فلايجد له بريقا بين النقاد العاديين ، إنما سطور حارقة تتمايل ذات اليمين ،وذات الشمال ،فلاتقف عند محطة رصينة ،واضحة ،وهذا الأخير ،من عنيته ، وتساءلتُ إذ ذاك : ماذا عساه الكاتب يفعل إذن ؟ هل يلغي ما أبدعت قريحته ،ويرمي به إلى متاهة التهميش ،أم يعتمد على قدراته الذاتية،كونه يمتلك زمام القيادة ،وعلى كاهله يحمل رسالة ثقيلة ؟ الشعراء،أشعلوا فتيل الحداثة بالقصيدة ،رغم تعنت النقاد ،و رفعوا شعار التغيير ،والرسامون ،اخترعوا لهم طرقا في الرسم والتلويين ،فهل هذا يعني أن طموحاتهم لم تُقابل بالرفض ؟لكنهم استطاعوا فرض وجهات نظرهم على من يحيط بهم من البشر المتذوقين للفن،،،ببساطة ،لأن المبدع الحقيقي ،عندما يغتسل فكره بماء اليقين ،وجب أن يكون متبوعا ،لا تابعا .وهذا طبعا بعد تمحيص لنقد الآخرين ،والنظر في ما قدَموا من حجج إيجابية أوسلبية .وإلا فليمش الزمن على نفس الوتيرة،ولتتمدد أيامه على أريكة القديم ، رغم الإختلاف الذي يشمل الأجيال والعصور.;) ولك الشكر والتحية ،استاذ أيوب صابر. والشكر أيضا للجميع. |
الاستاذة مباركة تحية لك ولتفاعلك المستمر.. تقولين " هل اقتحم خاطرك يوما ،مثل أوحكمة تقول : النص في عين كاتبه تحفة إبداعية ؟ وإلا فلماذا يسعى المبدع لاكتساب المعارف ،أليس لكي يُطوَر ذاته ، ويوسع بؤرة التفكير ،ويقدَم الأفضل ،والمفيد ؟ إن الذي يجعل المبدع متمسكا برأيه تجاه نتاجه الإبداعي ،ليس لاعتقاده وصوله درجة رفيعة في مجال الأدب ،فلايخطئُ أبدا ، أو لأن تشكيلته الذهنية متماشية و النظرية "الغزالية" ،إنما السبب يكمن في : إما لأنه ذو طبع متعصب ،فيرى الحقائق ويزدريها ،أو لأن حصيلة مكتسباته المعرفية لم تنضج بعد ،أو لأنه يبحث عن الإقناع ،فلايجد له بريقا بين النقاد العاديين ، إنما سطور حارقة تتمايل ذات اليمين ،وذات الشمال ،فلاتقف عند محطة رصينة ،واضحة ،وهذا الأخير ،من عنيته ، وتساءلتُ إذ ذاك : ماذا عساه الكاتب يفعل إذن ؟ هل يلغي ما أبدعت قريحته ،ويرمي به إلى متاهة التهميش ،أم يعتمد على قدراته الذاتية،كونه يمتلك زمام القيادة ،وعلى كاهله يحمل رسالة ثقيلة ؟ الشعراء،أشعلوا فتيل الحداثة بالقصيدة ،رغم تعنت النقاد ،و رفعوا شعار التغيير ،والرسامون ،اخترعوا لهم طرقا في الرسم والتلويين ،فهل هذا يعني أن طموحاتهم لم تُقابل بالرفض ؟لكنهم استطاعوا فرض وجهات نظرهم على من يحيط بهم من البشر المتذوقين للفن،،،ببساطة ،لأن المبدع الحقيقي ،عندما يغتسل فكره بماء اليقين ،وجب أن يكون متبوعا ،لا تابعا .وهذا طبعا بعد تمحيص لنقد الآخرين ،والنظر في ما قدَموا من حجج إيجابية أوسلبية .وإلا فليمش الزمن على نفس الوتيرة،ولتتمدد أيامه على أريكة القديم ، رغم الإختلاف الذي يشمل الأجيال والعصور.;)" - واضح ان خلطا قد حدث هنا فنحن نتحدث عن امرين مختلفين...انت تتحدثين عن حرية المبدع في ابداع ما يراه بالطريقة التي يراها وان كان المخرجات الابداعية تبدو جنونية عن البعض (مثل النقاد) ..ومثال ذلك شعراء الحداثة او شعر التفعيلة او ادب السيرة او ادب تيار الوعي الذي لقي مقاومة من النقاد عند ولادته ..وانا معك حتما في هذا الامر وهذا تحديدا وكما تقولين هو الذي يجعل مسيرة الابداع متطورة تأتي دائما بجديد في كل عملية ابداعية حتى ولو كان فيها شيء من التقليد... - الذي اتحدث عنه انا هو امر آخر ليس له علاقة بالعملية الابداعية ( اي بنمط المخرجات الابداعية وشكلها ) وانما بقدرة المبدع على رؤية جوانب الضعف في نصه لان العملية العقلية عملية مثالية خادعة احيانا كثيرة...فحينما ينظر صاحب النص الى نصه لا يراه بعيونه التي يبصر بها وانما يراه بعيون دماغه subjective وهذه لا ترى الاخطاء ومن ذلك اخطاء الترقيم مثلا ..فنجد الكاتب يمر على كلمات اخطأ املائها لكنه لا يرى الخطأ بينما يكون ذلك الخطأ واضح لشخص آخر ينظر بعين محاديةobjective look ...ومن هنا جاء المثل الذي اوردتيه انت اعلاه " النص في عين كاتبه تحفة إبداعية" ...فلهذا السبب النفسي تحديدا يعجز الدماغ عن رؤية نقاط الضعف في نصه ..ولهذا يحتاج الانسان للاخرين للحديث عن نقاط الضعف والقوة في نص المبدع وهو ما يعرف بالنقد الادبي... - على كل حال هذه ليست قضينا الاساسية هنا وانما قضيتنا هي مناقشة جوانب القوة والضعف في نص " انت طالق" كما صبق وقلنا عند اطلاق هذه الورشة وما يزال ليدنا الكثير لنقوله بذلك الخصوص... وعلى ام لان نجد مزيدا من المشاركات لتعم الفائد وتتعمق. |
دعونا نتحول الان للحديث عن جوانب فنية اخرى من النص القصصي " انت طالق"...
- يقال ان الشخصية الناجحة عند كتابة القصة هي الشخصية الدائرية الممتلئة round character وليس الشخصية المسطحة flat character ...كما ينظر الى القاص بأنه نجح في بناء شخصيات قصته اذا ما جعلها نامية متطورة وليس جامدة لا يحدث عليها تغيير من اول النص الى لآخره... السؤال : - كيف تقيم بناء الشخصيات في نص " انت طالق"؟ - هل نجحت الاستاذة مباركة في بناء شخصيات قصتها بصورة فنية جميلة؟ - وهل يمكن اعتبار هذا النص يتمحور حول ( الشخصية ) ام انه من نمط الحبكة؟ |
أي نعم قصدتُ الخلط بين القضيتين ،لأن الذي نتحدث عنه يا أستاذ أيوب صابر ،هو نقدُ القراء للمبدع ،الذي جمع حصيلة نقدية من لدن المحيطين به ، لكن لم تُشبع فضوله المعرفي ،ولم يستشف من خلالها خلاصة تصل به إلى برَ الأمان . ففي قصة أنت طالق مثلا ،هل هي : "قصة جميلة" ،" شبه خاطرة" ،" خاطرة" ،،،؟ فهل سأنتظر رأي القراء ،حتى أميَز ملامحها ،فأعرف أنها قصة ؟ الكاتب أيضا ناقد لأعماله ،وليس قربه منها يعني أن الآخرين أدرى به منها . ومع ذلك فأنا لا أنكر دور النقاد في الساحة الأدبية ،ولا أقصد الكاتب الناشئ الذي يفتقد إلى أكبر نصيب من المعرفة ،ولا الكاتب المتعصب لرأيه.فلو تفحصت مقولتي السابقة ،فستكتشف أن الخلط بين القضيتين ،أمر منطقي ،ولايحيد عن الصواب ،مادمنا نتحدث عن الناقد والمبدع.
وكل الشكر لك،والتحية. |
الأستاذة مباركة كما ان هناك ما يميز النص الروائي عن القصة القصيرة هناك ما يميز نص القصة القصيرة عن الخاطرة فلكل نمط ادبي خواص وسمات ومعايير تميزه عن غيره وهذا هو الإطار الذي يلتزم به الجميع ويحاول ان يعمل ضمنه فلو انك مثلا لم تمحوري نص انت طالق حول لحظة زمنية محدودة وهو زمن وقوع الطلاق وبدلا من ذلك كان الزمن مفتوح لأصبح النص رواية وليس قصة قصيرة . طبعا ليس من السهل ابداع نمط جديد لكن ذلك ليس مستحيلا ولكن الاعتراف به قد يتاخر كما حصل مع تيار الوعي والذي ادخله جميس جويس ولم ينل رضى النقاد في حينه لكنهم اعترفوا به في نهاية المطاف .... اما التمييز بين القصة والخاطرة فيكون اصعب لانهما متقاربين في الخواص ومن هنا قد بحدث خلاف حول نص فيعتبره البعض خاطرة ويعتبره الآخرون قصة ويبدو ان ذلك ما حصل هنا على كل حال دعينا نتجاوز هذه الجزئية وتنتقل الى زاوية اخرى ... ------ دعونا نتحول الان للحديث عن جوانب فنية اخرى من النص القصصي " انت طالق"... - يقال ان الشخصية الناجحة عند كتابة القصة هي الشخصية الدائرية الممتلئة round character وليس الشخصية المسطحة flat character ...كما ينظر الى القاص بأنه نجح في بناء شخصيات قصته اذا ما جعلها نامية متطورة وليس جامدة لا يحدث عليها تغيير من اول النص الى لآخره... السؤال : - كيف تقيم بناء الشخصيات في نص " انت طالق"؟ - هل نجحت الاستاذة مباركة في بناء شخصيات قصتها بصورة فنية جميلة؟ - وهل يمكن اعتبار هذا النص يتمحور حول ( الشخصية ) ام انه من نمط الحبكة؟ * |
السلام عليكم و رحمة الله
الشخصية الدائرية و المسطحة لا أراها أثرت على القصة ، لأنه في الغالب في القصة القصيرة هناك توظيف للشخصيات باقتصاد كبير سواء من حيث العدد أو البناء ، فلا يبني القاص إلا الجانب الذي يحتاج إليه في الشخصية . فعلا البطلة لم يذكر اسمها و لا شكلها لكن ربما الاشارة إلى مرحلتها العمرية و ذكر حالتها النفسية و وسطها أغنى شخصيتها من حيث البناء . و ربما نفس الشيء بالنسبة للأب و الأم والزوج ، لكن يبقى اسم نبيل كإيحاء بالنبل والإخلاص غير منسجم مع موقعه في النص . و هذا لا يعني أن الشخصيات وظفت بالشكل المناسب إذ تفتقر إلى الدينامية بمعنى التغيير و التطور ، بل أجدها ساكنة و لا تتحول . و هذا ما يجعل القصة لا تعتمد على الشخصية و تخلت عن بنية القصة الكلاسيكية التي تقوي حضور الشخصية وتغنيها و تمحور حولها النص ، و تعطي النزعة الفردية حضورها . فربما القصة اليوم تخلت عن هذه النمطية التقليدية و نحت إلى تهميش الفرد و صهره في المجتمع كنتاج لسيطرة المؤسسة على الفعل و انحصار و تطويق الفرد بقلق وجودي فرض نفسه على بنية القصة . وشكرا للجميع |
مرحبا استاذ ياسر تقول " الشخصية الدائرية و المسطحة لا أراها أثرت على القصة ، لأنه في الغالب في القصة القصيرة هناك توظيف للشخصيات باقتصاد كبير سواء من حيث العدد أو البناء ، فلا يبني القاص إلا الجانب الذي يحتاج إليه في الشخصية" . - الاقتصاد يكون في عدد الشخوص ذلك صحيح لكن في البناء ربما على الكاتب ان يقدم لنا معلومات كافية واكثر تفصيلية بحيث تجعل هذه المعلومات (الشخصية) في قصته وكأنها شخصية حقيقية من الواقع المعاش... وتقول " فعلا البطلة لم يذكر اسمها و لا شكلها لكن ربما الاشارة إلى مرحلتها العمرية و ذكر حالتها النفسية و وسطها أغنى شخصيتها من حيث البناء . و ربما نفس الشيء بالنسبة للأب و الأم والزوج ، لكن يبقى اسم نبيل كإيحاء بالنبل والإخلاص غير منسجم مع موقعه في النص . - اتصور هناك اجماع على ان الشخصية الرئيسية في القصة The protagonist هي شخصية الفتاة وعلى الرغم من ذلك لم يذكر اسمها... ولا اعتقد ان ما ذكر عنها يكفي لجعلها شخصية اقرب الى الواقع ومكتملة البناء... لكن ومن ناحية اخرى نجد ان الحبيب الذي يلعب دورا ثانويا في القصة نعرف اسمه وهذا يجعل الدماغ يتصور ان ( نبيل ) سيكون له دور مهم واكبر في القصة وان القصة قصته هو ايضا وسوف يتطور السنياريو ( الحبكة ) حوله ايضا لكنه يختفي تماما من المشهد الا في جزئية بسيطة... طبعا بالنسبة لباقي الشخصيات فهي حتما شخصيات استاتيكية لا نكاد نعرف الا الشيء اليسر جدا عنها.. وتقول " و هذا لا يعني أن الشخصيات وظفت بالشكل المناسب إذ تفتقر إلى الدينامية بمعنى التغيير و التطور، بل أجدها ساكنة و لا تتحول ". - اميل الى الموافقة على هذا الرأي الا في حالة الشخصية الرئيسية بطلة القصة فلا شك ان صمتها بعد الزواج ثم مرضها ثم تقليبها احجار الواقع وهي تبحث عن ثورة عشق ...مؤشر على حيوية كانت موجودة ثم انطفت لتعود البطلة تبحث عنها وفي ذلك ما يشير الى دينامية كافية فيها ولو ان هذه الدينامية اتخذت صفة السلبية في جزئها الاساسي... لكن في المحصلة ارى بأن عنصر الشخصية وظف في القصة بشكل جيد جدا ولو ان القاصة اضافت المزيد من المعلومات حول البطلة خاصة ذكر الاسم وبعض الصفات والملامح الشخصية لجعلها ذلك شخصية دائرية ... شكرا لك استاذ ياسر والجميع وبودي حقا لو نسمع مزيد من الاراء حول هذا البند من الزملاء... |
[color="darkred"]
لكن في المحصلة ارى بأن عنصر الشخصية وظف في القصة بشكل جيد جدا ولو ان القاصة اضافت المزيد من المعلومات حول البطلة خاصة ذكر الاسم وبعض الصفات والملامح الشخصية لجعلها ذلك شخصية دائرية ... ********* بطلة القصة اسمها " رحمة" ،،،وهذا ستكتشفه في حوار نبيل ." رحمة ،،،مستحيل أن ياخذك غيري ....." وهي تتمتع بقدر واسع من الجمال : " بين عشية وضحاها ،أمست تلك الحورية الجميلة خادمة البيت..... و إنسانة عاطفية ،رومانسية ،تخشى سلطة والدها ....تجد ذلك في حديثي عن الوالد وجبروته..... وطبعا القصة ليست واقفة مشاهدها على مبدإ الثبات ،فهناك حركة : المشي وهي تحمل الحقائب ، الأنفاس الملتهبة شوقا للقاء " دقات القلب ،والإلتهاب العاطفي " وما يفعله في العاشق ، حوار نبيل ،مع رحمة ،وفيه وعود ،وبالتأكيد غضب ،وصخب سلطة الوالد ،تبدأمن المنع ،منع اللقاء بين الحبيبين ،وفرض السلطة ،وتزويج الفتاة ،الفوانيس التي كُسرت زغاريد النسوة ،الطبول ،العرس ....كل هذا يدلل على حركة شكواها لوالدتها ،،،أي تغيير من حال إلى حال ،وإحساس بالدمار ،،،،، المرض ،وما ينجرُ عنه من آلام للزوجة الشابة ،وتأفف الزوج ،،،وتذمره إلى أن يضيق بها ذرعا ،ويرمي عليها يمين الطلاق. أما عن اسم نبيل ،فسبق لي وأن وضَحتُ ،ألا دخل للنبل باسمه ،،،فنحن نحاكي الواقع ،،،وليس من المفروض على الإسم أن يدل على شخصية صاحبه .فأنا مثلا اسمي مباركة ،فقط لأن عمة والدتي كان اسمها مباركة . ووافر شكري لكما ،الأستاذين القديرين / ياسر علي وأيوب صابر. |
معذرة للقراء وللأستاذة مباركة وللأستاذ أيوب على جزئية الاسم فربما الاعتماد على الذاكرة وحدها لا يكفي بل وجب الرجوع إلى النص عند كل جزئية ، و شكرا للأستاذة مباركة لتتبعها عمل الورشة و تدخلها للتصحيح و التنويه .
أنت مباركة فعلا بما تمتلكينه من قدرات إبداعية و حضور البديهة و رحابة الصدر . |
اقتباس " نبيل....!عطرُ كلماته ها قد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة، واقتحم أسوارها دون استأذان، لتجد نفسها منغرسة به طريقا ترامت مسافاته، ، وتعسَرت قراءة عناوين محطاته. ها هوذا طيفه ينبعث من ردحات الماضي البعيد، ليغشى عينيها الناعستين، ويهرق الأمل صوب دواخلها المرتعشة، ويذكّرها بالوعد الذي كتب صحيفة بقائه السّرمدي بدماء قلبه النابض حبا وألما: - رحمة ... مستحيل أن يأخذك غيري....مستحيل...!!"". - لا شك اننا ظلمنا الاستاذة مباركة في قولنا بأنها لم تذكر اسم البطلة لكن ربما ان غفلتنا عن اسم البطلة على الرغم اننا كررنا قراءة النص وعلى الرغم انه ورد ضمن حوار دار بين البطلة وحبيبها مؤشر على ان حضورها ربما كان يحتاج الى المزيد سواء عن طريق تكرار الاسم او وضع مزيد من السمات والصفات حتى تصبح الشخصية مألوفة ويكون من الصعب نسيان امرها... الان دعونا نسأل عن تكنيك الفلاش باك: - ما الغرض من استخدام تكنيك الفلاشباك بشكل عام؟ - وهل نجحت القاصة في تخير هذا التكنيك لهذا الغرض؟ - وكيف تعاملت القاصة مع عنصري الزمان والمكان في القصة ..وهل هي مناسبة ومنسجمة مع متطلبات القصة القصيرة؟ |
الفلاش باك في النص استعمل لا سترجاع أحداث تصب في الحدث الرئيس للنص و هو رحلة البطلة من بيت الزوجية إلى بيت الوالدين ، لست أدري ما مدى نجاح التقنية ، فالفلاش باك الغاية منه هو خلخلة الكرونولوجية التصاعدية في البناء القصصي ، لكن في النص وجدت أن الفلاش باك قريب من تحايل فني على زمن النص لبناء قصة ممتدة زمنيا على الأقل لثلاث سنوات ، فالفلاش باك هنا عبارة عن قصة بحد ذاتها وليست مجرد توضيح و إضاءة لجزئية معينة في النص ، فسيطر الفلاش باك على النص بمجمله بأحداث مرتبة كرونولوجيا . حتى أصبح الحدث الرئيس في النص متواريا وليس له حضور فعلي ، بل الحضور لقصة الفلاش باك . و شكرا |
استخدام تكنيك الفلاش باك وهل نجحت القاصة في هذاالاستخدام؟ - المعروف ان احداث القصة القصيرة يجب ان تتمحور حول نقطة زمنية محددة وغير ممتدة ولذلك ارى بان الفلاش باك هو حتما تكنيك يساعد في التحايل الفني على زمن النص ويخدم هذا الغرض ... والغاية منه هو جعل كل الازمان الممتدة والتي مهما طال امتدادها...تساند وتخدم زمن القصة الذي يجب ان يكون محدودا في القصة القصيرة كما هو معروف... واتصور ان القاصة هنا احسنت استخدام هذا التكنيك، فهي تبدأ القصة بمشهد تدور احداثه في الزمن الحاضر: "حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين، وراحت تدقُ أبواب الرّجاء، وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة، بعدما شَربت نخب طلاقها، ووشمت حُروف اسمها في لائحة المطلقات، وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع...كأنما تبحث خلف جمودها عن ثورة عشق كتمت أنفاسها، وتاه صهيلها عند منعطفات الهوان.!" - ونعرف من خلال هذا المشهد ان الحديث يدور عن بطلة اوقع عليها زوجها الطلاق وبدأت تتحرك ان كان ذلك معنويا او افتراضيا او واقعيا.. ثم تعود بنا القاصة من خلال تكنيك الفلاشباك لتروي لنا ما الذي جرى وكيف تطورت الاحداث خلال السنوات الممتدة الى ثلاث سنوات من الزواج وقبل ذلك زمن جرى فيها ان تعرفت على نبيل وتظل هذه الاحداث تساند بعضها بعضا الى ان نصل الى النتيجة التي وردت في المشهد الاول "كان لايزال ربيع عمرها يدرج على سلالم النضوج الأنثوي، تلك الفاتنة، عندما تقاطرشهد السعادة من أنفاسها الملتهبة شوقا للقاء. نبيل....!عطرُ كلماته ها قد انفتحت قارورته المنسية في ثنايا الذاكرة، واقتحم أسوارها دون استأذان، لتجد نفسها منغرسة به طريقا ترامت مسافاته، ، وتعسَرت قراءة عناوين محطاته. ها هوذا طيفه ينبعث من ردحات الماضي البعيد، ليغشى عينيها الناعستين، ويهرق الأمل صوب دواخلها المرتعشة، ويذكّرها بالوعد الذي كتب صحيفة بقائه السّرمدي بدماء قلبه النابض حبا وألما: - رحمة ... مستحيل أن يأخذك غيري....مستحيل...!!" تلك كانت رواسب زفرات اشتعلت بها نيران غيرة هوجاء، حيال ما اكتشف المتيم أن حبيبته، وضياء عينيه، سينتشلها من بين يديه آخر، وأن لافتات الفراق ستُعلى هاماتها قريبا، في حين تتوارى الأحاسيس النازفة حرقة وولها، وتركل بعيدا أمانيها على رصيف الأوهام، بقدم سلطة والدها، الذي أقسم أن زواجها سيتم ذات ليلة كُسرت فيها آخر الفوانيس للقيا الحبيب، واستبدلت بدخان خانق. ليلة فيها تبعثرت الرؤى، وتلعثمت خطى المشاعر، وانسدل ستار أسود معلنا عن النهاية، تحت وقع الدفوف، وزغاريد النساء، عندما زرعوها بذرة ورد غريبة بأرض تمادت مساحات جفافها وتعذر عليها استنشاق الهواء عبر مساماتها الضيقة، أين اجتثت جذور كرامتها وألقي بوريقاتها ذاوية في المتاهات بين عشية وضحاها، أمست تلك الحورية الجميلة خادمة البيت، وجارية السيد العظيم. شكواها لوالدتها لم تكن لتغير مستحيلا، أو تعبث بالتواءات خط رسمته لحياتها يد الجبروت..! شريط من الأحداث السوداء توالت حلقات مسلسله، ناشبة أظافرهاعلى شجيرة عمرها الأخضر، وكاتمة على أنفاسها حدّ الهذيان . - متى؟ كيف؟ هل من سبيل؟ تساءلت بمرارة، ورفعت راية الإحتجاج بصمت، إلى أن أغمي على أفكارها، وأعلنت الإستقالة من عالم الأحياء...! ثلاث سنوات مضت، تجدولت معاييرها بمسطرة الأنانية، والذكورة الضاربة جذورها في دركات التيه والغطرسة! والدها الذي استحوذ على تأشيرة التحكم بقراراتها، لأنها ابنته من لحمه ودمه، ومضى يسخّن طبل عجرفته على جمر تأوهاتها ودمع التوسل الملتهب على وجنتيها، وزوجها "الحاج معمر" أحمق،و بخيل ، .قد نُسجت طباعه بغزل القسوة والتعنت...وله من النساء ثلاث...إلى أن سقطت منهارة لا تدرك لأبجديات واقعها الميؤوس منه أدنى التفاتة أو مفهوم صواب..! وكم ذا تأفف واستشاط غضبا لمنظرها وهي تذوب على فراش المرض كقطعة سكر في بركة ماء، إلى أن تداركته إشراقة شمس دافئة، وهو يلقي بشحنة سخطه اللاذعة في مغاور صدرها، أفعى قاتلة، مربوط بذنبها خيط النجاة: -"أف... لقد سئمت منك ومن مرضك هذا الذي لا ينتهي أبدا ..أنت طالق... - طالق .!!؟؟" - فيعود الحديث عن الزمن الحاضر واستمرار لزمن القصة المحدود حيث تخبرنا القاصة بأن البطلة تابعت حركتها الافتراضية والنفسية وتحركت واقعيا بأن ذهبت الى منزل والدتها لتنتهي القصة عندما تصل تلك الفتاة الى احضان امها.. "لم تكن هذه الكلمة ولاريب، إلاَ نسمة من شواطئ الأمل اخترقت جدار العتمة أخيرا، وخلّفت في زواياها المنحنية فوهة،بعثرت من خلالها أشواك المآسي ، ورشّت على عنفوانها الكاسر ترياق الطمأنينة بخاطرها. لم تدر كم من الوقت ارتشفته الدقائق المترامية خلفها، كما حبات خرز ملساء انقطع سلكها فجأة في حضن الزمان." فتحت والدتها الباب فجأة، وإذا بطبول قلبها المرهف تصخب معلنة عن ميلاد مأساة شبيهة لمآسيها الماضية لتنحشر تحت براثنها من جديد. عندما وقعت أولى نظراتها على صفحة وجهها العابس، المتحسر، لاحت على شفتيها إبتسامة باهتة. حدقت بها طويلا تقرأ سطور التذمر الملونة بالعتاب بين سهام رموشها، ثم باكية إنجذبت نحوها بمغناطيس الأمومة، المنبثق من لدن نفس مزقتها خناجرالألم ، في مجتمع غرست شياطين التخلف أنيابها في ذاكرته المتهدلة، وعششت على أعرافة عناكب الجهالة. - ربما ان البهرجة اللغوية الفذة والحديث عن حركة نفسية افتراضية كما ورد في المشهد الاول عقد الاسلوب السردي والحبكة لكن اذا اتفقنا ان الغرض من تكنيك الفلاش باك هو جعل زمن القصة محدود وجعل كل الازمان مهما امتدت وانتشرت في مساحتها يخدم زمن القصة فلا شك ان القاصة نجحت في هذا الاستخدام ...وهي استخدمت كلمات محددة تجعل المتلقي يعرف بأنها انتقلت في حديثها من الزمن الحاضر الى الزمن الماضي...ثم استخدمت كلمات اخرى تدل على الزمن الحاضر لتعلن انتهاء الاستخدام لتكنيك الفلاش باك والعودة الى الزمن الحاضر الذي وقعت فيه القصة وهي حادثة الطلاق وما جرى بعدها ، اي ان زمن القصة والذي وقعت فيه احداث الحبكة يمتد من لحظة الطلاق الى لحظة وصول بطلة النص الى منزل والدتها رغم اننا علمنا من خلال التكنيك المذكور كل الاحداث التي اوصلت النص الى تلك النهاية. |
شكرا لكم جميعا ،فلقد استفدتُ كثيرا من توجيهاتكم ،التي رفعت من مكانة قصتي المتواضعة
وجعلتها تنال نصيبا من التثبيت لمدة طويلة .تمنياتي لكم بالرقي ،ودوام العطاء،،،،أيها الكرام. وأسمى تحاياي ،مع التقدير. |
لا شك ان ما قلناه عن الزمان ينطبق على المكان في النص وهو مناسب.. أليس كذلك ؟ لكن ماذا عن الشد والتشويق والادهاش والتكثيف في النص ؟ |
بانتظار مزيد من المشاركات حول هذا النص فاين النقاد وكتاب القصة؟
- هل النص مشدود بما فيه الكفاية؟ - وهل نجحت القاصة في استخدام تكنيك التكثيف ؟ - ثم ماذا عن التشويق والادهاش؟ |
السلام عليكم و رحمة الله
لعل أهم العناصر المؤثرة في القصة القصيرة من الناحية التركيبية هو استعمال الجملة الفعلية القصيرة ، و الكاتبة أبدعت في توظيف هذه الخاصية التي تساعد على القراءة السلسة ، كما تعين على بلورة نص يستند على قوة الصياغة اللغوية ،فهذا الأسلوب التيلغرافي جعل النص قريبا من المتلقي ،و يحمل بعدا جماليا له أثره السحري على نفسية المتلقي . وهذا يتجلى واضحا في هذا المقطع وفي مجمل النص. حملت حقائبها المثقلة بأوجاع السنين، وراحت تدقُ أبواب الرّجاء، وتنفضُ عنها غبار الحسرة جاهدة، بعدما شَربت نخب طلاقها، و وشمت حُروف اسمها في لائحة المطلقات، وهي توزع خطواتها على شارع المجهول، وقد استفردت بمخيلتها الهشة غربان الحيرة، تنعب في قفارها، فطفقت تتفحص معالم الحاضر، لوحة قديمة جرّدت من الألوان، بعد ما نسفتها أفواه الزمن الواسعة، وتُقلَب حجارة الواقع. لعلك سألت عن المنولوج منذ بداية الورشة ، الذي يعتبر حاسما في التفاعل بين القارئ والنص ، إذ تعتبر المزاوجة بينه و بين الحدث الخارجي واحدة من أهم الخصائص والتنقنيات التي ترفع التشويق و تغذي العاطفة ، إذ يكون روابط وجدانية بين القارئ وبطل النص و يزيد الصراع اتقادا وتوهجا ، فهو الذي يبرز لنا البطل و به نتوقع تصرفاته . رغم أن الحدث الخارجي طغى على النص لكن الجملة الآتية : متى؟ كيف؟ هل من سبيل؟ تساءلت بمرارة، ورفعت راية الإحتجاج بصمت و كثيرا من الجمل الإيحائية جعلت نفسية البطلة و ما يحتدم داخلها من صراع جلي في النص . و أرى أن النص موفق في المزج بين المنولوج و الحدث الخارجي . لعل ما عمل أيضا لصالح النص هو القدرة على الحكي باختزالية و بتكثيف . رغم أنه أحيانا يكون على حساب بعض التفاصيل السردية الضروية ، كما الحال عند الحديث عن علاقة الحب بين البطلة و نبيل ، لأن السرعة نحو النهاية والتخلص من الأحداث لا يستقيمان مع السرد . الخاتمة أو جملة النهاية هي النطقة الأكثر حساسية في القصة ، فيها يتم اختراق للتوقع ، و هي موطن الإدهاش ، ويجب أن تتفجر فيها الطاقة الإبداعية ، فكل الحياة قصص بلا نهايات ، فالقاص هو من يصنع الخاتمة . و فيها يتجلى الإبداع . و النص في مجمله يعمل فقط للوصول إلى الخاتمة في أحسن الظروف ، فهي لا تحتمل التكرار ، حتى النهاية المفتوحة تحمل مؤشرات السلوك المرتقب . و شكرا للجميع |
- هل النص مشدود بما فيه الكفاية؟ - وهل نجحت القاصة في استخدام تكنيك التكثيف ؟ - ثم ماذا عن التشويق والادهاش؟ يقال ان كتابة القصة القصيرة اشبه بتسلق صخرة يجب ان لا يكون فيها اي تراخي بل يجب ان تشهد اعلى حالة من حالات الشد وربما ان قصة ادجر الن بو القلب الواش تعتبر من وجهة نظري النموذج الامثل لمثل هذا التكنيك وبالمقارنة لا نجد النص هنا مشدود بمثل تلك الطريقة... صحيح ان اللغة مبهرة لكن ربما ان طبيعة الموضوع هو الذي اثر سلبا على تكنيك الشد فحتما الكتابة في مجال الرعب على شاكلة قصص ادجر الن بو يمنح مزيد من المساحة لجعل النص في اعلى حالات الشد . |
نص جميل منسوج بلمسة أدبية محبوكة
بإتقان ، ونفس أديب متمكن من أدواته بالتوفيق |
استاذ محمد شكرًا لمرورك ومشاركتك
كنا نود ان نسمع منك اكثر حول بناء القصة هل تراها اشتملت على عناصر القصة ام هي اقرب الى الخاطرة كما يرى البعض؟ |
[justify]سيكون تعليقي مختصرا ومقصورا على "العنوان" و "المقدمة"،وذلك بعد أن خاض الخائضون في مناقشة هذا النص القصصي الهام من كل الزوايا والأبعاد تقريبا...
1- العنوان إن العنوان هو مفتاح للنص وتسميةٌ له ،بل هو يساعد على إضاءته وسبر أغواره.وهو بالتالي جزء من إستراتجية العمل بالرغم من كلماته المختصرة.. فهل تحقق ذلك من خلال عنوان العمل السردي الذي نحن بصدد دراسته؟ العنوان مكون من ضمير للخطاب وصفة ..وهو كما نرى جملة اسمية ،وهي خاصية مميزة للعناوين عامة..مما يسمها بالثبات بخلاف الفعلية التي تعد شذوذا عن القاعدة في هذا الصدد..فالأمر محسوم منذ البداية لأن الاسمية هي خارج حدود الزمن ..فلو كان البديل : أنت ستطلقين ..لكان معنى ذلك أن الطلاق سيحصل في المستقبل.. ويبدو لأول وهلة أن العنوان الذي اختارته الكاتبة هو من النوع الذي يمكن تصنيفه ضمن ما يسمى بالعنوان الاتجاهي ،حيث يطرح قضية يعتقد أنها مشكلة اجتماعية للتأثير على الرأي العام وبلورة أفكاره حولها.ومن الملاحظ أن وضعه تم بطريقة ميسرة ولم يكن بحاجة إلى إجهاد في البحث مادام من نوع العناوين التي يمكن استعارتها من داخل النص ذاته..ربما اعتقادا من الواضع أنه يحمل دلالة مركزية للعمل.. إن على القاص أنْ يفتح شهية القارئ ويدفعه نحو القراءة, وهذا لا يتحقَّقُ إلاَّ ببناء شراك من خلال العنوان وذلك بأن يجعله مثيرا من حيث التركيب والدلالة والمجاز.؛والعنوان الذي بين أيدينا عنوان اعتيادي لا يحمل أي جديد أو غرابة..ولكن الجميل فيه أنه جإء متوجا للنص كعلامة صارخة.. الطلاق ظاهرة شائعة وهي تتكرر كل يوم في مجتمعنا بشكل كبير..ولكن إيرادها هنا كقنبلة تفجر في وجه المرأة -أنت طالق- الغرض منه التذكير( زيادة على ما ستشير إليه الأحداث المضمنة في النص) بعواقب هذه المأساة الاجتماعية ،ومن ثمة لفت الانتباه إلى ضرورة إعادة النظر في تقاليدنا البالية التي تقرر مصير المرأة العربية بمجرد النطق بكلمتين - أنت طالق- أو زوجتك لفلان ..دون الأخذ بعين الاعتبار بآراء من يعنيها الأمر من حيث الرضا أو القبول. وخلافا لبعض التعاليق أرى أن عنوان النص ينبغي أن يكون ملمحا لمضمون النص لا العكس،لان التلميح هنا يعني قبسا من معرفة وليس كل المعرفة..فأحيانا ما نحبذ أن يكون العنوان خلاصة لفكرة النص،على أن تكون ذات طابع تأثيري وتشويقي. و"أنت طالق" وإن كان يخلو من الإثارة إلا انه يدفع إلى التساؤل :عن أي طالق سيتحدث القاص ؟ ما ماهيته؟ما مصيره؟ ولم حدث؟ فلو اخترنا على سبيل المثال هذا العنوان للقصة :" معاناة امرأة"،فإننا سنكتشف لا محالة ولأول وهلة أنه لا يلمح إلى الحدث الرئيسي وهو قابل لتأويلات عديدة،لأنه يتسم بالفضفضة ..مادامت "المعاناة" قابلة لاحتواء حوادث لا حصر لها قد تذهب بالقارئ إلى متاهات متشابكة... 2 -المقدمة في العمل السردي الخاص بالقصة القصيرة،يمكن الإشارة إلى ثلاثة نماذج للقص: - بناء القصة بالطريقة الاعتيادية من البداية إلى النهاية. - بناء القصة من منتصفها... - بناء القصة انطلاقا من النهاية اعتمادا في الغالب على عملية استرجاعية للحدث المعاش. وهذا الصنف الأخير هو ما لجأت إليه القاصة،حيث أشارت إلى ما آل إليه مصير البطلة بعد حادثة الطلاق..والتي شرعت بعد ذلك في تناول الخطوط الأولى للحدث حتى النهاية للعودة بعد ذلك إلى البداية..وهي كما نرى عملية استرجاعية : فلاش باك ..وهي تقنية انتقلت من السينما إلى الرواية - رواية -"اللص والكلاب" مثلا عند نجيب محفوظ- كعملية لإغراء المشاهد ودفعة إلى المتابعة بل إشراكه في العمل لإعمال فكره وتوقعاته،لاقتراح الحلول،وقد يصيب أو لا يصيب،المهم انه اندمج مع العملية الإبداعية للكاتب ..ونهج هذه الطريقة يتم في الروايات البوليسية على الخصوص،حيث يبدأ الحدث بمسرح للجريمة والمحققون يسجلون ملاحظاتهم.وعلى الكاتب أن يكشف بعد ذلك : كيف ومتى تمت الجريمة ومنهم مقترفوها ولماذا؟..إلخ. فالبدء من النهاية في مقدمة النص بالإشارة إلى حادثة الطلاق وملامح من تبعاته قد حسم الموقف إلى حد ما كما نرى،ولكنه حسم لن يحول أبدا دون جذب القارئ وجره إلى المتابعة ،لأنه يجهل الكثير عن مجريات الأحداث من خلال طرحه للأسئلة : كيف؟ومن؟وماذا؟وأين؟ولماذا؟ إن المقدمة،كما العنوان، تعريفٌ بالنص وكشفٌ له.ولكنه لا يعرف بكل شيء ولا يكشف كل شيء..وقد أشار "جيرار جينيت" إلى أهمية العنوان والمقدمة موضحا ما معناه أنهما أول باب يشرع في وجه المتلقي للدخول معه في حوار ليثيرا فيه نوعا من الإغراء والفضول العلمي والمعرفي.. وإضافة إلى العنوان والمقدمة أشير باختصار إلى أن البعد الدلالي للنص يطرح فكرة الطلاق من منظور عاد ولا يحمل جديدا،إلا أن بعده الفني من حيث البناء القصصي وأسلوب المعالجة قد جعله أكثر متانة وتماسكا وإغراء بالمتابعة على الرغم من إغراقه في الانحياز.أما الآراء التي ترى أنه عبارة عن خاطرة أو أقرب منها،فإني أقول لا هذا ولا ذاك،ومع ذلك فقد بدا لي أن القاصة لشدة تأثرها بالحدث وبغية الكشف بمصداقية عن مشاعرها الجياشة، قد استعارت خيوطا واهنة من الخاطرة عمدت إلى توظيفها بذكاء فلم تؤثر على عملها الإبداعي إلا بقيد أنملة...[/justify] |
استاذ صالح
شكرًا لك جزيلا على هذه المشاركة .... واضح انك استاذ في النقد ولديك دراية واسعة في فن السرد . ننتظر تحليلك لباقي القصة طبعا تقول " أما الآراء التي ترى أنه عبارة عن خاطرة أو أقرب منها،فإني أقول لا هذا ولا ذاك،ومع ذلك فقد بدا لي أن القاصة لشدة تأثرها بالحدث وبغية الكشف بمصداقية عن مشاعرها الجياشة، قد استعارت خيوطا واهنة من الخاطرة عمدت إلى توظيفها بذكاء فلم تؤثر على عملها الإبداعي إلا بقيد أنملة..." - فكيف يكون ذلك ؟ اي الخيوط الواهنة تلك التي تتحدث عنها ؟ وكيف وقع التأثير ؟ وهل تراها قصة ناجحة ؟ وان لم يكن فما هي نقاط الضعف؟ |
حرّة أسيرةٌ هي ....
حرّة نفسها ..جسدها ... روحها ... أسيرة قيود المجتمع التي تلفها بعلامة تعجّب ... لِم تطلّقت الغصن الرطيب .. لابد أن هنالِك ما يعيب ... أ . مباركة عزف متفرد للكلمة و المشاعر و الجمال الذي يتفتق خلف كلّ مفردة... جميلة و مذهلة ..بورك اليراع الأجمل ... صافي الود |
تحية للأستاذ صالح أهضير على إضافته القيمة .
و تحية للاستاذة جليلة ماجد على مداخلتها . وتحية للأستاذ محمد فتحي المقداد . وكل الشكر للسادة الأساتذة الأفاضل الذين تفضلوا بالإدلاء بإفاداتهم ونقدهم لهذا العمل الثري . و تحية إكبار للأستاذة مباركة بشير أحمد ، التي نرجو لها المزيد من التألق . |
الساعة الآن 02:27 PM |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.