منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   سأخون وطني .. ل محمد الماغوط (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1037)

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:06 PM

في المبغى

من قديم الزمان ،

وأنا أرضعُ التبغَ والعار

أحبُّ الخمرَ والشتائم

والشفاه التي تقبّلْ ماري

ماري التي كانت اسمها أمي

حارّة كالجرب

سمراء كيومٍ طويل غائم

أحبُّها ، أكره لحمها المشبعَ بالهمجية والعطر ،

أربضُ عند عتبتها كالغلام

وفي صدري رغبةٌ مزمنه

تشتهي ماري كجثة زرقاء

تختلج بالحلي والذكريات .

من قديم الزمان .. أنا من الشرق ..

من تلك السهول المغطاةِ بالشمسِ والمقابر

أحب التسكعَ والثيابَ الجميله

ويدي تتلمس عنقَ المرأة البارده

وبين أهدابها العمياء

ألمح دموعاً قديمةً تذكرني بالمطر

والعصافير الميتة في الربيع

كنت أرى قارةً من الصخر

تشهقُ بالألم والحرير

والأذرعِ الهائجة في الشوارع .

فأنتم يا ذوي الأحذية اللامعه

والسلاميات المحشوةِ بالإثم والخواتم

ماذا تعرفون عن ماري الصغيرةِ الحلوه

ذات الوجه الضاحك كقمرٍ من الياسمين

ماذا تعرفون عن لحمها الذي يتجشَّأُ العطر والأصابع

حيث الشفاهُ المقروءةُ الخائفه

تنهمر عليها كالجراد

وهي ترنو إلى الطرقات الحالكه

بعد منتصف الليل

والنوافذ المفروشة بالزجاج والدم

قابعة كالحثالة في أحشاء الشرق

تأكلُ وتنام

وتموت قبلةً إثر قبله

تحلم بملاءةٍ سوداء

ونزهةٍ في شارع طويل

ممتلئٍ بالضجَّة والدفاتر والأطفال

وثغرُها الطافحُ بالسأم

يكدح طيلة الليل لتأكل ماري

الأفران مطفأةٌ في آسيا

والطيورُ الجميلة البيضاء

ترحل دونما عودة في البراري القاحل

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:07 PM

سلمية:




الدمعة التي ذررفها الرومان

على أول أسير فك قيوده بأسنانه

ومات حنينا اليها.

سلمية...الطفلة التي تعثرت بطرف أوربا

وهي تلهو بأقراطها الفاطمية

وشعرها الذهبي .

وظلت جاثية وباكية منذ ذلك الحين

دميتها في البحر

وأصابعها في الصحراء.

يحدها من الشمال الرعب

ومن الجنوب الحزن

ومن الشرق الغبار

ومن الغرب..الأطلال والغربان

فصولها متقابلة أبدا

كعيون حزينة في قطار.

نوافذها مفتوحة أبدا

كأفواه تنادي..أفواه تلبي النداء

في كل حفنة من ترابها

جناح فراشة أو قيد أسير

حرف للمتنبي أو سوط للحجاج

أسنان خليفة؛ أو دمعة يتيم

زهورها لا تتفتح في الرمال

لأن الأشرعة مطوية في براعمها

لسنابلها أطواق من النمل

ولكنا لا تعرف الجوع أبدا

لأن أطفالها بعدد غيومها

لكل مصباح فراشة

ولكل خروف جرس

ولكل عجوز موقد وعباءة

ولكنها حزينة أبدا

لأن طيورها بلا مأوى

كلما هب النسيم في الليل

ارتجفت ستائرها كالعيون المطروفة

كلما مر قطار في الليل

اهتزت بيوتها الحزينة المطفأه

كسلسلةمن الحقائب المعلقة في الريح

والنجوم أصابع مفتوحة لالتقاطها

مفتوحة_منذ الأبد_لالتقاطها

سلمية ..

هذه حبيبتي .. وهذا وطني ..
وهذه أرضي ..
إنها كل ما أملك في هذا الموت

الأبدي .........

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:09 PM

خريف الأقنعة



أيها المارة

أخلو الشوارع من العذارى

والنساء المحجبات ...

سأخرج من بيتي عارياً

وأعود إلى غابتي

...

محال ... محال

أن أتخيل نفسي

إلا نهراً في صحراء

أو سفينة في بحر

أو ... قرداً في غابة

يقطف الثمار الفجة

ويلقي بها على رؤوس المارة

وهو يقفز ضاحكاً مصفقاً

من غصن إلى غصن .

.....

أنا لا أحمل هوية في جيبي

ولاموعداً في ذاكرتي

انا لم أجلس في مقهى

ولم أتسكع على رصيف

أنا طفل

ها أنا أمد جسدي بصعوبة

لأدفن أسناني اللبنية في شقوق الجدران

أنا شيخ

ها ظهري ينحني

والمارة يأخذون بيدي

أنا أمير

هاسيفي يتدلى

وجوادي يصهل على التلال

أنا متسول

ها أنا أشحذ أسناني على الأرصفة

وألحق المارة من شارع إلى شارع

أنا بطل .........أين شعبي ؟

أنا خائن .......أين مشنقتي ؟

أنا حذاء .......أين طريقي ؟


ثمة ..ضائع ما

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:11 PM

القتل


ضع قدمك الحجريةَ على قلبي يا سيدي

الجريمةُ تضرب باب القفص

والخوفُ يصدحُ كالكروان

ها هي عربةُ الطاغية تدفعها الرياح

وها نحن نتقدم

كالسيف الذي يخترقُ الجمجمه .





يتبع .... نفس القصيدة

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:12 PM


أيها الجرادُ المتناسلُ على رخام القصور والكنائس

أيتها السهولُ المنحدرة كمؤخرة الفرس

المأساةُ تنحني كالراهبه

والصولجان المذهَّبُ ينكسر بين الأفخاذ .

كانوا يكدحون طيلة الليل

المومساتُ وذوو الأحذية المدبَّبه

يعطرون شعورهم

ينتظرون القطار العائد من الحرب .

قطار هائل وطويل

كنهر من الزنوج

يئن في أحشاءِ الصقيع المتراكم

على جثث القياصرة والموسيقيين

ينقل في ذيله سوقاً كاملاً

من الوحل والثياب المهلهله

ذلك الوحل الذي يغمرُ الزنزانات

والمساجد الكئيبة في الشمال

الطائرُ الذي يغني يُزجُّ في المطابخ

الساقيةُ التي تضحك بغزاره

يُربَّى فيها الدود

تتكاثرُ فيها الجراثيم

كان الدودُ يغمر المستنقعات والمدارس

خيطان رفيعة من التراب والدم

وتتسلَّق منصّاتِ العبودية المستديره

تأكل الشاي وربطات العنق ، وحديد المزاليج

من كل مكان ، الدود ينهمرُ ويتلوى كالعجين ،

القمحُ ميت بين الجبال

وفي التوابيت المستعمله كثيراً

في المواخير وساحات الإعدام

يعبئون شحنه من الأظافر المضيئه إلى الشرق

وفي السهول التي تنبع بالحنطة والديدان ...

حيث الموتى يلقون على المزابل

كانت عجلاتُ القطار أكثر حنيناً إلى الشرق ،

يلهث ويدوي ذلك العريسُ المتقدم في السن

ويخيط بذيله كالتمساح على وجه آسيا .

كانوا يعدّون لها منديلاً قانياً

في أماكنِ التعذيب

ومروحةً سميكةً من قشور اللحم في سيبريا ،

كثير من الشعراء

يشتهون الحبر في سيبريا .




يتبع ... نفس القصيدة

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:13 PM


البندقيةُ سريعةٌ كالجفن

والزناد الوحشي هاديءٌ أمام العينين الخضراوين

ها نحن نندفع كالذباب المسنّن

نلوِّحُ بمعاطفنا وأقدامنا

حيث المدخنةُ تتوارى في الهجير

وأسنان القطار محطّمة في الخلاء الموحش

الطفلةُ الجميلةُ تبتهل

والأسيرُ مطاردٌ على الصخر .

أنامُ وعلى وسادتي وردتان من الحبر

الخريفُ يتدحرج كالقارب الذهبي

والساعات المرعبه تلتهبُ بين العظام

يدي مغلقة على الدم

وطبقةٌ كثيفة من النواح الكئيب

تهدر بين الأجساد المتلاصقة كالرمل

مستاءةً من النداء المتعفّن في شفاه غليظه

تثير الغثيان

حيث تصطكُّ العيونُ والأرجل

وأنين متواصل في مجاري المياه

شفاه غليظة ورجال قساة

انحدروا من أكماتِ العنف والحرمان

ليلعقوا ماء الحياة عن وجوهنا

كنا رجالاً بلا شرفٍ ولا مال

وقطعاناً بربرية تثغو مكرهة عبر المآسي

هكذا تحكي الشفاه الغليظةُ يا ليلى

أنت لا تعرفينها

ولم تشمي رائحتها القويةَ السافله

سأحدثك عنها ببساطة وصدق وارتياح

ولكن

ألاَّ تكوني خائنة يا عطورَ قلبي المسكين

فالحبر يلتهب والوصمةُ ترفرف على الجلد .




يتبع ... نفس القصيدة

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:14 PM


غرفتي مطفأةٌ بين الجبال

القطيع يرفع قوائمه الحافيه

والأوراق المبعثرة تنتظر عندليبها

وندلفُ وراء بعضنا إلى المغسله

كجذوع الأشجار يجب أن نكون

جواميس تتأملُ أظلافها حتى يفرقع السوط

نمشي ونحن نيام

غفاة على البلاط المكسو بالبصاق والمحارم

نرقد على بطوننا المضروبة بأسلاك الحديد

ونشرب الشاي القاحلَ في هدوءٍ لعين

وتمضي ذبابة الوجود الشقراء

تخفقُ على طرف الحنجره

كنا كنزاً عظيماً

ومناهلَ سخيه بالدهن والبغضاء

نتشاجرُ في المراحيض

ونتعانق كالعشاق .

. . .

يتبع

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:14 PM


اعطني فمك الصغير يا ليلى

اعطني الحلمةَ والمدية اننا نجثو

نتحدثُ عن أشياء تافهه

وأخرى عظيمة كالسلاسل التي تصرُّ وراء الأبواب

موصدة .. موصدة هذه الأبواب الخضراء

المنتعشة بالقذاره

مكروهة صلده

من غماماتِ الشوق الناحبة أمامها

نتثاءبُ ونتقيأُ وننظر كالدجاجِ إلى الأفق

لقد مات الحنان

وذابت الشفقة من بؤبؤ الوحشِ الانساني

القابعِ وراء الزريبه

يأكل ويأكل

وعلى الشفة السفلى المتدلية آثار مأساة تلوح

أمي وأبي والبكاء الخانق

آه ما أتعسني إلى الجحيم أيها الوطن الساكن في قلبي

منذ اجيال لم أرَ زهره .

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:16 PM

الليالي طويله والشتاءُ كالجمر

يومٌ واحد

وهزيمةٌ واحدة للشعب الأصفر الهزيل

انني ألمس لحيتي المدبَّبه

أحلم براحة الأرض وسطوح المنازل

بفتاةٍ مراهقةٍ ألعقها بلساني

السماء زرقاء

واليد البرونزيةُ تلمس صفحة القلب

الشفاهُ الغليظةُ تفرز الأسماء الدمويه

وأنا مستلقٍ على قفاي

لا أحدَ يزورني أثرثرُ كالأرمله

عن الحرب ، والأفلام الخليعة ، ونكران الذات

والخفير المطهَّم ، يتأمل قدميَ الحافيتين

وقفتُ وراء الأسوار يا ليلى

أتصاعد وأرتمي كأنني أجلس على نابض

وقلبي مفعمٌ بالضباب

ورائحة الأطفال الموتى

إن أعلامنا ما زالت تحترقُ في الشوارع

متهدلة في الساحات الضاربة إلى الحمره

كنت أتساقط وأحلم بعينيك الجميلتين

بقمصانك الورديه

والهجير الضائع في قبلاتكِ الأخيره

مرحباً بكِ ، بفمك الغامقِ كالجرح

بالشامة الحزينة على فتحةِ الصدر

أنا عبدٌ لك يا حبيبه

ترى كيف يبدو المطر في الحدائق ؟

ابتعدي كالنسيم يا ليلى

يجب ألا تلتقي العيون

هرم الانحطاطِ نحن نرفعه

نحن نشكُّ راية الظلم في حلقاتِ السلاسل

بالله لا تعودي

شيءٌ يمزقني أن أراهم يلمسونك بغلظه

أن يشتهوك يا ليلى

سألكمُ الحديد والجباه الدنيئه

سأصرخُ كالطفل وأصيح كالبغي

عيناكِ لي منذ الطفولة تأسرانني حتى الموت .

. . .

انطفأَ الحلم ، والصقرُ مطاردٌ في غابته

لا شيء يذكر

إننا نبتسمُ وأهدابنا قاتمةٌ كالفحم

هجعت أبكي أتوسَّل للأرض الميتة بخشوع

أوّاه لِم زرتني يا ليلى ؟

وأنت أشدُّ فتنةً من نجمة الشمال

وأحلى رواءً من عناقيد العسل

لا تكتبي شيئاً سأموتُ بعد أيام

القلبُ يخفق كالمحرمه

ولا تزال الشمس تشرق ، هكذا نتخيل

إننا لا نراها

على حافة الباب الخارجي

ساقيةٌ من العشب الصغير الأخضر

تستحمُّ في الضوء

وثمة أحذية براقة تنتقل على رؤوس الأزهار

كانت لامعة وتحمل معها رائحة الشارع ، ودور السينما

كانت تدوس بحريه

ووراء الباب الثالث

يقومُ جدارٌ من الوهم والدموع

جدار تنزلق من خلاله رائحة الشرق

الشرق الذليل الضاوي في المستنقعات

آه ، إنَّ رائحتنا كريهه

إننا من الشرق

من لك الفؤاد الضعيف البارد

إننا في قيلولةٍ مفزعةٍ يا ليلى

لقد كرهتُ العالم دفعة واحده

هذا النسيجَ الحشريَ الفتاك

وأنا أسير أمام الرؤوس المطرقة منذ شهور

والعيون المبلَّلة منذ بدء التاريخ

ماذا تثير بي ؟ لا شيء

إنني رجلٌ من الصفيح

أغنية ثقيلة حادة كالمياه الدفقه

كالصهيل المتمرد على الهضبه .

هضبة صفراء ميتة تشرق بالألم والفولاذ

فيها أكثرُ من ألف خفقة جنونية

تنتحبُ على العتبات والنوافذ

تلتصقُ بأجنحة العصافير

لتنقل صرخةَ الأسرى وهياج الماشيه

من نافذة قصرك المهدمة ، ترينها يا ليلى

مرعبة ، سوداء في منتصف الليل

ومئات الأحضان المهجورة تدعو لفنائها

وسقوطِ هامتها

وردمها بالقشِّ والتراب والمكانس

حتى لو قدِّر للدموع الحبيسة بين الصحراء والبحر

أن تهدرَ أن تمشي على الحصى

لازالتها تلك الحشرةُ الزاحفةُ إلى القلب

بالظلم والنعاس يتلاشى كل أثر

بالأنفاس الكريهه

والأجساد المنطوية كالحلزونات

بقوى الأوباش النائمة بين المراحيض

سنبني جنينة للأطفال

وبيوتاً نظيفه ، للمتسكعين وماسحي الأحذيه .

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:17 PM


أتى الليل في منتصف أيار

كطعنةٍ فجائية في القلب

لم نتحركْ

شفاهنا مطبقةٌ على لحن الرجولة المتقهقر

في المقصورات الداخلية ثمة عويل يختنق

ثمة بساطة مضحكة في قبضة السوط

الأنوارُ مطفأة .. لماذا ؟

القمرُ يذهب إلى حجرته

وشقائق النعمان تحترق على الاسفلت

قشٌّ يلتهبُ في الممرات

وصريرُ الحطب يئنُّ في زوايا خفيه

آلاف العيون الصفراء

تفتِّشُ بين الساعات المرعبة العاقة

عن عاهرةٍ ، اسمها الانسانية

والرؤوس البيضاء ، مليئة بالأخاديد

يا رب تشرق الشمس ، يا إلهي يطلع النجم

دعه يغني لنا إننا تعساء

عذبْنا ما استطعت

القملُ في حواجبنا

وأنت يا ليلى لا تنظري في المرآة كثيراً

أعرفك شهيةً وناضجه

كوني عاقلة وإلا قتلتك يا حبيبه .

. . .

لتشرق الشمس

لتسطع في إلية العملاق

الحدأة فوق الجبل

الغربةُ جميلةٌ ، والرياحُ الزرقاء على الوساده

كانت لها رائحة خاصه

وطعم جيفيّ حار ، دعه

ملايين الابر تسبح في اللحم .

. . .

أين كنتَ يوم الحادثه ؟

كنت ألاحقُ امرأةً في الطريق يا سيدي

طويلةً سمراء وذات عجيزة مدملجه

إنني الوحيد الذي يمرُّ في الشارع دون أن يحييه أحد

دعني لا أعرف شيئاً

اطلقْ سراحي يا سيدي أبي مات من يومين

ذاكرتي ضعيفه ، وأعصابي كالمسامير .

. . .

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:18 PM


أنا مغرمٌ بالكسل

بعدة نساءٍ على فراشٍ واحد

الجريمة تعدو كالمهر البري

وأنا مازلت ألعقُ الدم المتجمدَ على الشفة العليا

مالحاً كان ، من عيوني يسيل

من عيون أمي يسيل

سطّحوه على الأرض

الأشرعة تتساقط كالبلح

لقد فات الأوان

إنني على الأرض منذ أجيال

أتسكع بين الوحوش والأسنان المحطمه

أضربه على صدره إنه كالثور

سفلَه ، دعني آكل من لحمه

بشدةٍ كان الألم يتجه في ذراعي

بشدة ، بشدة ، نحن عبيد يا ليلى

كنت في تلك اللحظه

أذوق طعم الضجيج الانساني في أقسى مراحله

مئات السياط والأقدام اليابسه

انهمرتْ على جسدي اللاهث

وذراعي الممددة كالحبل

كنت لا أميّزُ أيَّ وجهٍ من تلك الوجوه

التي نصادفها في السوق والباصات والمظاهرات

وجوهٌ متعطشةٌ نشوى

على الصدر والقلب كان غزالُ الرعب يمشي

بحيرة التماسيح التي تمرُّ بمرحلة مجاعه

مجاعة تزدردُ حتى الفضيله

والشعورَ الالهي المسوَّس

لقد فقدنا حاسة الشرف

أمام الأقدام العاريةِ والثياب الممزقه

أمام السياط التي ترضعُ من لحم طفلةٍ بعمر الورد

تجلد عاريةً أمام سيدي القاضي

وعدة رجال ترشحُ من عيونهم نتانةُ الشبق

والهياجُ الجنسي

وجوه طويلة كقضبان الحديد

تركتني وحيداً في غرفة مقفلةٍ ، أمضغ دمي

وأبحث عن حقد عميق للذكرى .

النجيع ينشدُّ على طرف اللسان

والغرابُ ينهض إلى عشّه

الألمُ يتجول في شتى الأنحاء

والمغيص يرتفع كالموج حتى الهضبه

كادت تنسحب من هذا النضال الوحشي

من هذا المغيص المروع

رأسي على حافة النافوره

وماؤها الفضي يسيلُ حزينا على الجوانب

من وراء المياه والمرمر

يلوحُ شعرُ قاسيون المتطاير مع الريح

وغمامةٌ من المقاهي

والحانات المغرورقة بالسكارى

تلوح بنعومة ورفقٍ عبر السهول المطأطئة الجباه

لم يعد يورقُ الزيتون

ولم تدرْ المعاصر ، كلهم أذلاء

وأضلاعي تلتهبُ قرب البحيره

إنها تسقي الزهور ، أنا عطشان يا سيدي

في أحشاء الصحراء

أنقذني يا قمر أيار الحزين .

ناريمان الشريف 09-05-2010 02:19 PM


استيقظي أيتها المدينة المنخفضه

فتيانك مرضى ،

نساؤك يجهضن على الأرصفه

النهد نافر كالسكين

أعطني فمك ، أيتها المتبرجةُ التي تلبس خوذه

. . .

بردى الذي ينساب كسهلٍ من الزنبق البلوري

لم يعد يضحك كما كان

لم أعد أسمع بائع الصحف الشاب

ينادي عند مواقف الباصات

الحرية منقوشةٌ على الظهر

واللجام مليءٌ بالحموضه .

ضعْ قدمك الحجريةَ على قلبي يا سيدي

الريحُ تصفر على جليد المعسكرات

وثمة رجل هزيل ، يرفع ياقته

يشرب القهوه

ويبكي كإمرأةٍ فقدت رضيعها

دعْ الهواء الغريب

يكنس أقواسَ النصر ، وشالات الشيوخ والراقصات

إنهم موتى

حاجز من الأرق والأحضان المهجوره

ينبت أمام الخرائب والثياب الحمراء

وفاه ذئابٍ القرون العائدة بلا شاراتٍ ولا أوسمه

تشقَّ طريقها على الرمال البهيجة الحاره

لا شيء يُذكر الأرض حمراء

والعصافير تكسر مناقيرها على رخام القصر .

وداعا ، وداعاً اخوتي الصغار

أنا راحلٌ وقلبي راجعٌ مع دخان القطار .


........... انتهت قصيدة القتل

عبد السلام بركات زريق 10-27-2020 11:20 AM

رد: سأخون وطني .. ل محمد الماغوط
 
الأخت العزيزة ناريمان الشريف
سرني أن أجد هذا الموضوع
القديم المتجدد
عن الراحل
الكبير محمد الماغوط
سأعود له بالتأكيد
رغم أنني قرأت الكتاب ورقياً
لكن للمتابعة هنا مع الأصدقاء
نكهة خاصة
كل التقدير

ياسر حباب 10-27-2020 11:24 PM

رد: سأخون وطني .. ل محمد الماغوط
 
موضوع قيم
عن الشاعر الكبير
كل الشكر و التقدير

حمزه حسين 11-29-2020 05:01 PM

رد: سأخون وطني .. ل محمد الماغوط
 
مر اسم الماغوط علي كثيرا
والآن صار حاضرا عندي
بأغلب تفاصيل حياته ومسيرته
أديب مميز
شاهدت من نتاجاته قديما على التلفاز وخاصة للفنان المميز دريد لحام ولكني لم أكن أعرف محمد الماغوط حينها
موضوع دسم حقا أستاذة ناريمان
دمت متألقة
تحيااات

ناريمان الشريف 12-13-2020 12:21 PM

رد: سأخون وطني .. ل محمد الماغوط
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام بركات زريق (المشاركة 263464)
الأخت العزيزة ناريمان الشريف
سرني أن أجد هذا الموضوع
القديم المتجدد
عن الراحل
الكبير محمد الماغوط
سأعود له بالتأكيد
رغم أنني قرأت الكتاب ورقياً
لكن للمتابعة هنا مع الأصدقاء
نكهة خاصة
كل التقدير

أخي الأستاذ الشاعر عبد السلام
سرّني مرورك هذا
وأنا بانتظار تعليقك وإضافتك الهادفة
بارك الله فيك
تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 01-11-2021 10:29 PM

رد: سأخون وطني .. ل محمد الماغوط
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر حباب (المشاركة 263555)
موضوع قيم
عن الشاعر الكبير
كل الشكر و التقدير

كل التقدير أخي ياسر
عساك بخير
لا أراك هنا في منابر
عسى غيابك لخير إن شاء الله
تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 01-11-2021 10:34 PM

رد: سأخون وطني .. ل محمد الماغوط
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حمزه حسين (المشاركة 269371)
مر اسم الماغوط علي كثيرا
والآن صار حاضرا عندي
بأغلب تفاصيل حياته ومسيرته
أديب مميز
شاهدت من نتاجاته قديما على التلفاز وخاصة للفنان المميز دريد لحام ولكني لم أكن أعرف محمد الماغوط حينها
موضوع دسم حقا أستاذة ناريمان
دمت متألقة
تحيااات

نعم صحيح
لا يذكر الماغوط ، حتى نتذكر دريد لحام ( غوار الطوشة ) صاحب المسرحيات الكبيرة
واللذيذة النكهة التي لا تغيب عن الذهن والخاطر
شكراً لمرورك أخي الشاعر ومرحباً بك دوماً


الساعة الآن 12:35 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team