![]() |
|
نعم رأيت ُ من زملائي من تمسكوا بهذه الفضيلة فخسروا كثيرا ً , وفشلوا فشلا ً ذريعا ً , ولكن لم يكن عيبهم أنهم التزموا الحق والصدق والعدل , بل عيبهم أنهم التزموا الصدق في غير لباقة , وتحرّوا العدل في غير لياقة , فلم يكن الذنب ذنب الحق , ولكن الذنب , ذنب السماجة . فتعلّم من هذا أن تقول الحق في أدب وتتحرى العدل والصدق في لباقة ولياقة . فمن غضب بعد ذلك كان الذنب ذنبه ولا ذنب عليك . ولا تتعجلن النتيجة ؛ فقد تمس من الحق نارا ً , ويهب عليك من العدل لفحة جحيم , ولكن ذلك أشبه بما يكون بالامتحان , إن صبرت َ له انقلبت النار جنة , واللفحة الحارة نسيما ً عليلا ً . |
ومن أهم تجاربي أيضا ً أني رأيت ُ كثيرا ً من الناس يخطئون فيظنون أن المال هو كل شيء في الحياة , يبيعون أنفسهم للمال ويحاولون أن يتزوجوا للمال ويضيعون أعمارهم للمال , ويفرطون في الفضيلة للمال . وقد أقنعتني التجارب أن المال وسيلة من وسائل السعادة حقا ً . بشرط أن يُطلب باعتدال ويُنفق في اعتدال , وأن يبقى المال وسيلة أبدا ً ولا ينقلب غاية أبدا ً , فإن أكثر الناس وقعوا في متاعب شتى من هذه الأخطاء . فمنهم من بدأ حياته يطلب المال على أنه وسيلة , ثم استمر في طلبه بعد أن استوفى حاجته منه فانقلب غاية , ومنهم من صرف حياته وتفكيره في المال وفي الاستزادة منه حتى فقد سعادته , بل وفقد نفسه , وقد دلتني التجارب على أن أسعد الناس من وضع المال في موضعه اللائق به , فلم يرفضه رفضا ً باتا ً ولم يذل له ذلّا ً تاما ً , ونظر إلى المال على أنه وسيلة من وسائل السعادة لا كلّ السعادة , ولم يطلبه إلا مع الشرف والعزّة والإباء , فإن تعارض معها ضحى المال للفضيلة والغنى للضمير . يتبع إن شاء الله ... |
الساعة الآن 10:59 PM |
|
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.