![]() |
لمحة في إعجاز القرآن الكريم |
هدف وغاية خلق الإنسان |
دروس من حياة نبي الله يوسف ( عليه السلام ) |
تفسير القرآن بالقرآن |
يقول الله سبحانه وتعالى : { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ * رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } ( ا لمؤمنون: 93 - 94) ، في هاتينِ الآيتين ، يعلِّم الله تعالى نبيّه، ويعلّمنا من خلال النبي ( صلّ اللهُ علىه وأله وسلَّمَ ) ، أنّ على الإنسان عندما يستحضر مشهد يوم القيامة ، ويشاهد الناس الذين يختلفون في التزاماتهم ، بين مؤمن يلتزم الإيمان ، وكافر يلتزم الكفر ، أو ضالّ يلتزم الضلال . أن يطلب من الله أن لا يحشره مع القوم الظالمين الذين توعّدهم بغضبه وسخطه وعذابه ، وأن لا يجعله في هذاالمجتمع الظالم لنفسه ، الذي ابتعد عن مواقع رضا الله . وهذا الدعاء ينبغي للإنسان دائماً أن يدعو به ربه ، عندما يرى الناس الضالين والظالمين الذين يظلمون أنفسهم بالكفر أو بالضلال أو المعصية . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حميد 2 - 11 - 2013 |
التأمل والتدبُّر والتفكُّر في القرآن الكريم إن من يتأمل القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، يرى غير ما نرى في واقعنا المعيش . فأنه يرى الإدانة الكاملة لممارسة أي عملية تجهيلية ضد الإنسان سواء ؛ بتجريم السؤال أو تحريم التساؤل ، أو بتزويده بمعلومات مغلوطة . فالقرآن منذ نزوله على سيد الأولين والآخرين ( صلّى الّلهُ عليهِ و آلهِ و سلَّمَ ) فتح باب ثقافة السؤال والتساؤل على مصراعيه . ونفض عن الوعي والشعور والعقل كل ما علق به من أوهام بيئات التخلف وصار كل شيء موضع تساؤل وتفهم . لذلك جاء الأمر الرباني بالتفكر ، والتدبر ، والحوار ، والمجادلة ؛ في الإيمان ، والأحكام ، والعبر . ( يسألونك الخمر والميسير , وعن الأهلة وعن اليتامى , وعن الاشهر الحرم ، وعن المحيض ، وعن الروح ، وعن ذي القرنين ، وأسألهم ما بال النسوة ، وأسألهم عن القرية ، وأسأل من أرسلنا من قبلك ، واسألوا أهل الذكر . وهلم جرا ) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حميد 3 - 11 - 2013 |
يقول تعالى في محكم كتابه : ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾ وهذه سنّة إلهيّة تاريخيّة واضحة ، تقول إنّه لا يمكن للأمّة أن تجلس في بيوتها وتشكو لله ما يحصل لها من ظلم وتعدّ واغتصاب للحقوق وإذلال للكرامات و.. ويستجيب الله لها ، أبداً ، إنّ هناك سنّة وقانونا ثابتاً : ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ فلا بدّ للأمّة أن تغيّر حالة الخنوع إلى حالة النهوض والثورة والتضحية والعمل والجدّ والمواجهة ، حتّى يستجيب الله سبحانه لها ويدحض عنها الظلم والعنوان، ويبدّل الذلّ عزّاً وكرامة ، والهزيمة فوزاً وانتصاراً . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حميد 5 - 12 - 2013 |
https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.n...76926242_n.jpg إنَّ مُدارَسةَ القرآنِ العظيم ، بما هي تعبُّدٌ مَحضٌ ، وسيرٌ قلبيٌّ إلى الله ؛ إذا أقبَلَ عليها العبدُ بإخلاصٍ حقيقيّ ، فاضَت علَيه أنوارُ القرآنِ وحِكمتُه ، وكان مِن شأنِه ما كان ، مِن تجلِّياتِ الرُّوح ، وتحصيلِ التزكيةِ والحِكمَةِ الربّانيَّة ، بصورةٍ تلقائيَّةٍ ذاتيَّة ! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حميد 8 - 12 - 2013 |
الطّرق إلى معرفة الله هناك كلمة قيّمة لأهل المعرفة وهي : إنَّ الطرق إلى معرفة الله بعدد أنفاس الخلائق بل فوقها بكثير وكثير ، فإنَّ لكل ظاهرة من الظواهر الطبيعية وجهين ، يشبهان وجهي العملة الواحدة ، أحدهما يحكي عن وجودها وحدودها وخصوصياتها وموقعها في الكون ، والآخر يحكي عن اتّصالها بعلّتها وقوامها بها ونشوئها منها . فهذه الظاهرة الطبيعية " من الوجه الأول " تقع موضوع البحث في العلوم الطبيعية ، فيأخذ كل باحث جهة خاصة من هذا الوجه حسب تخصصه وذوقه واطّلاعه ، فواحد يبحث عن التراب والمعادن وآخر عن النبات والأشجار ، وثالث عن الحيوان إلى غير ذلك من الموضوعات . كما أنها من " الوجه الثاني " تقع طريقاً لمعرفة الله سبحانه والتعرف عليه من ناحية آثاره . وبما أنَّ الظواهر الطبيعية ، جليلها وحقيرها لها وجهان ، فقد أكَّد الإِسلام على معرفتها والغور في آثارها وخصوصياتها ، قائلا : ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاواتِ وَ الاْرْضِ ﴾ ( يونس : 101) ، لكن لا بمعنى الوقوف عند هذا التعرف واتخاذه هدفاً ، بل بمعنى اتخاذ تلك المعرفة جسراً لمعرفة بارئها وخالقها ، ومن أوجد فيها السُّنَن والنُّظُم . إِنَّ الفرق الواضح بين تعرّف المادي على الطبيعة وتعرّف الإِلهي عليها هو أَنَّ الأول ينظر إلى الطبيعة بما هي هي ، ويقف عندها من دون أنْ يتخذها وسيلة لتعرف آخر ، وهو التعرف على مبادئ وجودها وعلل تكونها ، في حين أنَّ الإِلهي ، مع أنَّه ينظر إلى الظواهر الطبيعية مثلما ينظر إليها المادي ويسعى إلى التعرف على كل ما يسودها من نُظُم و سُنَن ، فإِنَّه يتخذها وسيلة لتعرف عالٍ وهو التعرف على الفاعل الذي قام بإيجادها وإجراء السُّنن فيها ، فكأَن النظرة في الأولى نظرة إلى ظاهر الموجود ، وفي الثانية نظرة إلى الظاهر متجاوزاً منها إلى الباطن . وبعبارة أوضح : إنَّ المادي يقتصر في عالم المعرفة ، على معرفة الشيء ويغفل عن معرفة أخرى ، وهي معرفة مبداً الشيء من طريق آثاره وآياته ، فلو اكتفينا في معرفة الظواهر بالمعرفة الأولى حبسنا أنفسنا في زنزانات المادة ، ولكن إذا نظرنا إلى الكون بنظرة وسيعة وأخذنا مع تلك المعرفة معرفة أخرى وهي المعرفة الآيوية لوصلنا في ظل ذلك ، إلى عالم أفسح ملي بالقدرة والعلم والكمال والجمال . وعلى ذلك فكل المظاهر الطبيعية مع ما فيها من الجمال والروعة ومع ما فيها من النُظم والسُنن آيات وجود بارئها ومكونها ومنشئها ، وعند ذلك يتجلى صدق القول : أنَّ الطرق إلى معرفة الله بعدد الظواهر الطبيعية بدءاً بالذرة وانتهاء إلى المجرة . ولأجل ذلك نرى أنَّ رجال الوحي ودعاة التوحيد يركّزون في معرفته سبحانه على الدعوة إلى النظر في جمال الطبيعة وروعتها فإِنها أَصدق شاهد على أَنَّ لها صانعاً ومبدعاً ، وهذا مشهود لمن طالع القرآن وتدبّر في آياته . فهو من خلال توجيه الإِنسان إلى الطبيعة وإلى السماء والأَرض وما فيها من كائنات ، يريد هدايته إلى مبدئها ، ويكفي في ذلك قوله سبحانه : ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَـاوَاتِ وَالاْرْضِ وَاخْتِلافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الاْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّة وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالاْرْضِ لآَيَات لِّقَوْم يَعْقِلُونَ ﴾ ( البقرة :164 ) . منقول بتصرف ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حميد الجمعة 17 صفر 1435 20 - 12 - 2013 |
التجليات الإلهية وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ http://alkafeel.net/quran/text/html/r.gif142http://alkafeel.net/quran/text/html/l.gif سورة الأعراف إن هذه الآيات آيات غريبة حقا ، وهي آيات متعلقة بنبي الله موسى ( عليه السلام ) . فاللقاء الإلهي هنا كان ثلاثين ليلة ، ولكن الله عز وجل تفضل على موسى ، وزاده عشرا . نستطيع أن نستخلص من ذلك عدة دروس ، منها : الدرس الأول : أن الإنسان بالدعاء الحثيث لإحراز القابلية ، تُمدد له العطاءات المعنوية . فاللقاء الإلهي في طور سيناء ، هو لقاء مغتنم ومصيري لنبي الله موسى ( عليه السلام ) ، وقد كان بالإمكان أن يواعده منذ البداية أربعين ليلة ، ولكنه جعل الموعد على مرحلتين : أولى وثانية . ولعله ذكر الليالي دون الأيام - مع أن موسى مكث في الطور الأربعين بأيامها ولياليها . والمتعارف في ذكر المواقيت والأزمنة ذكر الأيام دون الليالي - لأن الميقات كان للتقرب إلى الله سبحانه ومناجاته وذكره ، وذلك أخص بالليل وأنسب . لما فيه من اجتماع الحواس عن التفرق ، وزيادة تهيؤ النفس للأنس . وقد كان من بركات هذا الميقات نزول التوراة . فإذن ، إن الله تعالى قد اختار الليل ، ليدل على أن اللقاء الإلهي يتجلى في الليل . صحيح أن النبي هو موسى ( عليه السلام ) ، والمتكلم هو الله عز وجل ، والمكان المقدس طور سيناء . لكن ليله يختلف عن نهاره . وعليه ، فإن هذا درس للجميع ، ليغتنموا الليل لخصوصيته واختلافه عن النهار . الدرس الثاني : { اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ } . إن موسى ( عليه السلام ) يذهب للقاء الله وفكره وقلبه في أمته !. وهذا اللقاء لقاء تخصصي مع الله عز وجل ، فقد كلمه تكليما ، وأعطاه الله ما لم يعطه للأنبياء السلف : من الحديث المباشر، وخلق الكلام . ومع ذلك فإن قلبه مع الأمة !. ومن هنا نعلم الجامعية في التكليف ، فالإنسان الذي يصلي صلاة الليل ، وهو في قمة إنشغالاته المعنوية ، عليه أن لا يهمل أمر من حوله : سواء الزوجة ، والذرية ، والأرحام ، والمجتمع ، والجيران . لا أن يتذرع بأنه مشغول بالمناجاة ، فيعيش الفناء الإلهي ، والذوبان في المعاني القدسية ، وينسى تكليفه الإجتماعي . فهذا موسى ( عليه السلام ) يذهب ، ويعيّن الوصي في قومه . الدرس الثالث : أن موسى ( عليه السلام ) يعلم بأن الميقات ثلاثين أو أربعين ليلة ، ومع ذلك لم يترك الأمة دون وصي فقال : { اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } . فمعنى ذلك أن هناك مفسدين في الأمة ، ووجود النبي في الأمة يمنع المفسد من إظهار إفساده ؛ لأن وجود النبي رحمة . الدرس الرابع : { وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } . فهنا الأبحاث القرآنية معمعة ، لماذا قال موسى ( عليه السلام ) : { رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } ؟. إن موسى ( عليه السلام ) هو خامس أنبياء أولي العزم ، وهو كليم الله . فإذن ، هو أعرف الناس بالله ، وصفات كماله ، وجماله . فهل يقول موسى ( عليه السلام ) لربه : { أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } ، كما أرى الأشياء : كالجبل والأمور المادية؟ . حاشا هذا !. فإن من أولويات إعتقاد المؤمن العادي ، بأن الله عز وجل كما يقول تعالى في القرآن الكريم : { لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ } . فهذه الآية لم تأتِ بشيء جديد ، إنها بيان لحقيقة يفهمها جميع الأنبياء والمتبعين لخط الأنبياء . وبناء على ما تقدم ، كيف يقول موسى ( عليه السلام ) : { رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ } ؟. وهنا انزلق البعض في البحث ، وقال : نعم ، موسى ( عليه السلام ) طلب من الله عز وجل الرؤية الحسية ، وكما قلنا : فإن هذا لا يليق بالمؤمن العادي ، فضلا عن النبي العادي ، فضلا عن نبي من أولي العزم !. فإذن ، إن ما طلبه موسى ( عليه السلام ) هي قطعا الرؤية الممكنة !. والرؤية التي تتناسب مع حقيقة الربوبية ، وهي الرؤية التي لا تتوقف عند الحس ، كما في النص الشريف : ( رأته العيون بحقائق الإيمان ، ولم تره بمشاهدة العيان ) . إنه نوع من أنواع التجلي ، والرؤية القلبية . إن الله عز وجل قد تجلى للبصر: من خلال الشجر والماء ، ومن خلال التكوين من الذرّة إلى المجرّة . وكذلك تجلى للقلب بنوع آخر . كما أن له أفلاك ومجرات وزينة في السماء ، يتجلى بها للمؤمنين فكذلك يتجلى بلون آخر لعباده المخلصين . فإذن ، إن هذا هو التجلي ، والرؤية التي أرادها موسى( عليه السلام ) من الله عز وجل . فما المانع أن يقتدي المؤمن بنبي الله موسى ( عليه السلام ) بأن يطلب نوعا من أنواع التجلي ، أو نوعا من أنواع الرؤية المتناسبة مع عظمة الربوبية ؟!. إنها رغبة مقدسة وعظيمة !. الدرس الخامس : { قَالَ لَن تَرَانِي } . فإذا كان موسى ( عليه السلام ) قد طلب الرؤية المعنوية ، فلماذا قال : لن تراني؟ . وإذا كان لن تراني ، تشير إلى الرؤية الحسية ، فلماذا طلب موسى ( عليه السلام ) الرؤية ؟. وهنا قد يبدو شيء من التعارض بين جزئي الآية . وهنا أيضا بحث دقيق في هذا المجال : { قَالَ لَن تَرَانِي } بمعنى هكذا أفضل يا موسى !. إن هذه الدنيا ، وطبيعة الحياة الدنيا ، لا تسمح لذلك التجلي الخاص الذي أردته مني . نعم ، تراني بمشاهدة القلوب ، وكما قال تعالى في سورة أخرى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } . نعم ، إن مقدار من التجليات الإلهية مدخرة في الآخرة . فموسى ( عليه السلام ) عبارة عن روح وجسد ، وهو محكوم ببعض علائق الأرض ، وطبيعة الحياة الأرضية لا تسمح ببعض التجليات . فـ{ قَالَ لَن تَرَانِي } بمعنى أنك لن تراني بتلك التجليات والرؤية الخاصة التي يرى ربنا في يوم القيامة . وبعبارة واضحة : يا موسى !. لي تجليات في الدنيا ، وأخرى في الآخرة . فهناك قسم من التجليات يمكن أن تشاهدها في الدنيا ، من خلال عبادتك ، ومناجاتك ، وحديثك معي . وقسم مدخر للآخرة . كما أن الرحمة الإلهية كذلك ، فرحمة الله بعثت النبي الخاتم ، ورحمة الله بعثت هذا الوجود . ولكن هل تعلمون بأن رحمة الله في هذه الدنيا ، هي جزء من أجزاء الرحمة الواسعة ، ولعله قد ورد في بعض التعابير : أنها جزء من مئة . فإذن , إن الرحمة الإلهية تتجلى في القيامة بأوسع صورها ، مع أنه في الدنيا هناك أيضا رحمة إلهيه متجلية . الدرس السادس : { وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ } . أي يا موسى !. إذا أردت التجلي الخاص ، فإني أعطيك أثرا وعيّنة . فأنا أتجلى لهذا الجبل تجليا لا تحتمله الدنيا . والجبل عنصر من عناصر المادة ، وهو يشترك مع موسى ( عليه السلام ) في أن كليهما محكومان بقوانين المادة . فتجلى ربنا ذاك التجلي الخاص للجبل ، فـ{ جَعَلَهُ دَكًّا } ؛ أي أصبح مدكوكا متلاشيا في الجو . { وَخَرَّ موسَى صَعِقًا } ؛ أي مغشيا عليه من هول ما رأى . فكلاهما اندكا كل بحسبه . { فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } ؛ أي رجعت إليك مما اقترحته عليك ، وأنا أول المؤمنين بأنك لا ترى ، ولن أطلب تلك الرؤية قبل وقتها . فإذن ، إن المؤمن في الدنيا يحب أن يصل إلى بعض المدارج المعنوية العليا جدا ، والله يحجبها عنه . لا لبخل في فيضه ، وإنما لعدم تحمل المؤمن لبعض صور العنايات الخاصة . ولذا ، فإن على المؤمن أن يطلب ويقنع . فعليه أن يطلب الدرجات العليا ، ويقنع بما يُعطى . لأنه هو الخبير والبصير بقابليات العباد ، وبما يستحقونه من قوتٍ ، سواء في عالم المادة أو في عالم المعنى . منقول بتصرف ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حميد الخميس 22 صفر 1435هج 20 - 12 - 2013 |
الساعة الآن 06:57 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.