المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (15) مُسَلْسَلُ حُبّ دَعي عنكِ الهوى فهوايَ صَعْبُ مواسمُهُ بها مَحْلٌ وخِصبُ دَعي عنكِ الهوى لا تدَّعيْهِ ففي أجوائهِ خوفٌ ورعبُ تعالَيْ .. بل دعيني في هُيامي يقلِّبُني على النيرانِ قلبُ فما كانَ الهوى هجراً وبعداً ولكنَّ الهوى وصلٌ وقربُ وأنتِ تُمثِّلينَ الحبَّ دوراً لهُ بعدَ انتهاءِ العَرْضِ كَسْبُ فكيفَ رأيتِ تمثيلي ؟ لَعَمري لقد أتقنتُهُ والدورُ صعبُ ولمْ أَكُ قبل هذا اليومِ أصبو لهذا الدورِ فالتمثيلُ صعبُ ولكنِّي رأيتُ الزَّيفَ يطغى عليكِ فرحتُ للتزييفِ أصبو ووطَّنتُ الفؤادَ على التَّحدي وما لي حينَ يقضي الحبُّ ذَنْبُ ففي عينيكِ أسرارٌ وعندي لكشفِ السرِّ خلفَ الغيبِ غيبُ فأنتِ غريبةٌ عن روضِ حبِّي وبينكِ والهوى الصوفيِّ حربُ وبينكِ في الصفاءِ وبين نفسي حواجز دونَها يَعْيا المُحبُّ وبينكِ لو سألتِ القلبَ يوماً وبيني نهرُ أحزانٍ يصبُّ تغلغلَ في شراييني وأورى جراحي فالحريق به يشبُّ وعلَّمني بأنَّ الحبَّ زَيفٌ وأنَّ الغدرَ بالمحبوبِ عذْبُ فلا تحلو الحياةُ بغيرِ حبٍّ رخيصٍ همُّهُ سلبٌ ونهبُ ولكنِّي برغمِ جموحِ فكري لنيلِ رضاكِ أنسامي تهبُّ لعلَّ هواكِ يَصدقُني بوعدٍ سخيٍّ فيهِ من شفتيكِ سَكْبُ تعالَيْ وانعمي في ظلِّ أيكٍ وريفٍ فيهِ نارُ البُعدِ تخبو أعلِّمُكِ الهوى وتُعلِّميني يرقُّ لحبِّنا قلبٌ وربُّ |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (16) إلى الأبدِ لا تَكذبيني الهوى لا تطعني كَبِدي يا طفلةَ الحبِّ يا فتَّانةَ الجسدِ لا تَكذبيني الهوى ما عدتُ مُقترفاً جريمةَ الحبِّ بين السُّقمِ والسَّهدِ لا تَكذبيني الهوى ما عادَ يُسكرني قولٌ يمازجُ بين السُّمِّ والشَّهدِ لا تَكذبيني الهوى قلبي غدا حجراً لا تَلمسيهِ فقد يهوي على أحدِ لا تلمسيهِ بغيرِ الصدقِ وابتعدي عن موردِ الصدقِ في قلبي فلا تَرِدي إنِّي لأَدعو على عينيْ إذا نظرتْ يوماً إليكِ ببعضِ العطفِ بالرَّمدِ فأينَ أنتِ من الأشواقِ إنْ جمحتْ ؟ وأينَ أنتِ من الإيمان والرَّشدِ وأين أنتِ وقد جاءتْ على قَدَرٍ تحنو عليَّ وتَمْلا بالحنانِ غدي كأنَّها الشمسُ تُحييْ الميْتَ طلعتُها تهدي الضياءَ فتُصبي النفسَ بالرَّغَدِ سحريَّةُ الصوتِ إنْ نادتْ سرى بدمي لحنُ الحياةِ كصوتِ الطائرِ الغَرِدِ فتَّانةُ الخطوِ إنْ ماستْ على هَيَفٍ تميلُ كالغصنِ من لُطفٍ ومن مَلَدِ * * * أهواكِ يا حلوةَ العينينِ حانيةً حُنُوَّ أمٍّ وقد خافتْ على الولدِ أهواكِ يا أملاً وافى على قدَرٍ ففي هواكِ أحسُّ الكونَ مُلكَ يدي فقرِّبيني إلى عينيكِ واقتربي من مُقلتيَّ وهاتي النارَ وابتردي وكهربيني بأسلاكِ الهوى فدمي يضيءُ في الحبِّ من قلبي ومن كبدي إنِّي على عهدِ من أهوى أدلِّلُهُ وأفتديهِ بروحي لو بَرى جسدي وأكتمُ اللَّهفةَ الخَجلى ويفضحُها شِعري وخفقُ فؤادٍ للحنانِ صدي إنِّي أُحبُّكِ يا أحلى هوىً بَزغتْ أنوارُهُ في حنايا العمرِ للأبدِ 1992 |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (17) الضِّياءُ المُقَدَّسُ ما لعينيكِ تَغزوانِ فؤادي تَسلباني الكرى وطيبَ الرُّقادِ كلَّما لُذْتُ بالسريرِ تراءى ضوءُ عينيكِ مُمْعِناً باتِّقادِ عبثاً أدفعُ السُّهادَ ولكن دفعَ صيدٍ لقبضةِ الصيَّادِ فأراني وقد تعذَّرَ نومي دائمَ الصَّحْوِ راغباً في ازديادِ أتمنَّى لو أنَّ طيفَكِ يدنو من سريري ويستبيحُ وِسادي * * * يا ندى الأمنياتِ في صيفِ عمري يا ضيائي في حالكاتِ السَّوادِ قيِّديني بالنورِ قيداً حنوناً واصلُبيني على رحيقِ الوِدادِ كيف لا أعشقُ القيودَ ورُوحي من ضياءٍ مُقدَّسٍ في اعتقادي * * * يا لعينيكِ والربيعُ تهادى يسرقُ اللونَ منهما في اتِّئادِ أرشديني إليكِ قبلَ ضياعي فطريقي محفوفةٌ بالأعادي وحياتي لو تعلمينَ جحيمٌ وصُراخٌ يضيعُ في بطن وادِ في صحارى الضياعِ ضيَّعتُ عمري باحثاً بين رملِها والقَتادِ يتهاوى على الرمالِ طموحي وعلى الشوكِ يستفيقُ جِلادي كلَّما صُغْتُ للشفاءِ قصيداً أوغلَ الجرحُ في صميمِ فؤادي * * * أنجديني بلهفةٍ من حنانٍ خلِّصيني من مُوحشاتِ الرَّمادِ وامنحيني الأمانَ إنْ بُحتُ يوماً واهجري الخوفَ واسمعي إنشادي آنَ للمُوجعِ المُسهَّدِ جفناً أن يرى النومَ بعد طولِ السُّهادِ 1995 |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (18) أَغْرَقتُ أَحْلامِي أَغرقتُ أحلامي ببحرِ شقائي ونسجتُ من ليلِ الهمومِ ردائي أحيا بلا أملٍ يداعبُ مهجتي وأحسُّ أوردتي بغيرِ دماءِ سُحُبٌ من الآلامِ تُمطرُ في دمي يأساً وتتركُني بغيرِ رجاءِ فيشبُّ في نفسي الشقاءُ وتكتوي كلُّ الأماني في جحيمِ شقائي * * * كفَّنتُ آلامي بليلِ كآبتي ودفنتُ طفلَ السعدِ في صحرائي وزرعتُ أوهاماً رويتُ جذورَها بدمي فأينعَ غرْسُها ببلاء تتراقصُ الأشباحُ في أغصانِها إنْ نُبِّهَتْ بالفجرِ والأنداءِ في كلِّ زاويةٍ بحقلِ غراسِها صُورٌ من الكتمان والإدلاءِ وأنا أَهيمُ .. أَهيمُ بين رموزِها فوضوحُها وقفٌ على الشُّعراءِ ما بين معجزةِ القريضِ وسحرِها صِلةٌ تشدُّ الجسمَ بالأعضاءِ فلرُبَّ قافيةٍ إذا أنشدتُها عانى خليُّ القلبِ من بُرَحائي * * * أستغفرُ الآلامَ تشربُ من دمي فتثيرُ زَيفَ العطفِ في أعدائي أنا لن أكونَ مثارَ عطفٍ كاذبٍ يولي الأذى وشماتةَ اللُّؤماءِ أنا إن أَكُنْ في الأرضِ غيَّبتُ المُنى فغداً سأركزُ في السماءِ لوائي ما ضرَّني فقدُ المدادِ وريشتي فأصابعي موجودةٌ ودمائي في كلِّ صبحٍ لي مكائدُ عاشقٍ تلقى نهايتَها مع الإمساءِ ما خنتُ من أهوى ولكنْ خانني كلُّ الذين أًنرتُهُمْ بضيائي * * * أنا شمعُ من أهوى أضيءُ ظلامَهُ وأعيشُ في كهفي وفي ظَلمائي أَهبُ الضياءَ وأكتوي بلهيبهِ ودخانُهُ أبداً بأُفْقِ سمائي أَصْفيْتُ أحبابيْ الودادَ فأَرجفوا أنِّي أبيعُ الحبَّ في الأحياءِ لم يدركوا أنِّي نذرتُ لحبِّهم رُوحي ورُمْتُ حياتَهم بفنائي * * * كم كنتُ مخدوعاً بسحرِ عيونِهم حتى تحوَّلَ سحرهُم لرياءِ أحببتُهم .. نزَّهتُهم .. ورفعتُهم فوقَ السُّهى لمعارجِ الجوزاءِ قد يخطئُ القلبُ المعذَّبُ مرةً ويضلُّ بحرُ الشعرِ بالشعراءِ حتى إذا بدتِ الحقيقةُ كالضُّحى وجلا الوضوحُ الشكَّ بعد خَفاءِ أَنصفْتُ أحبابي الذين هجرتُهم جهلاً وعُدْتُ بخَيبتي وحَيائي فلعنتُ قافيتي التي حمَّلتُها بالأمسِ كلَّ صبابتي وصفائي وشددتُ أوتاري وقلتُ لمن أبى حبِّي وحمَّلني على أشلائي يا منْ سكبتُ لكم دمي ومدامعي وتلوتُ فيكم آيتي ودعائي إنِّي لأغفرُ جهلَكم بمشاعري فمشاعري تسمو على السُّخفاءِ سامحتُكُمْ ألفاً وعُدْتُ لمن وعى حبِّي وآثرني بكلِّ ثناءِ 1983 |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (19) رَمْيُ الجِمَارِ بمناسبة حرب تشرين التحريرية اِرمِ الجمارَ ضحىً كفراً وإيمانا واتلُ المثانِيَ إسراراً وإعلانا كُفراً بشهرِ حزيرانٍ ونكستهِ وجدِّدِ اليومَ في تشرينَ إيمانا * * * كم من دعيٍّ بمحرابِ الهوى سقطتْ عنهُ المسوحُ فعاشَ الدهرَ عُريانا سوءاتُه لم تزلْ للكونِ باديةً قد ضاقَ سِتراً بها وانهارَ كتمانا وزأرةُ الليثِ تُنبي عن توثُّبهِ وتصعقَ الخصمَ حملاناً وذؤبانا * * * يا أمَّةً لم تزلْ للكونِ هاديةً تزهو بحاضرها فكراً ووجدانا كم أرضعوكِ الأسى وهناً وقد وهنوا وحمَّلوكِ الونى زوراً وبُهتانا كم أشعلَ الحاقدونَ النارَ فانطفؤوا غداةَ ثرنا بوجهِ الظُّلمِ بُركانا * * * تنفَّسَ الصبحُ عن تشرين مؤتلقاً يلفُّ بالغارِ آذاراً ونيسانا فأورقَ الأرزُ واخضلَّتْ منابتُهُ وعانقتْ راسياتُ الشامِ لُبنانا * * * أهواكَ يا ملعبَ الأبطالِ يا وطني أَلهمتَني الشعرَ أفكاراً وأوزانا علَّمتني كيف أجلو الحسنَ مُنتضياً له القريضَ تراتيلاً وألحانا علَّمتني كيف أُزجي الحبَّ قافيةً عذراء تنهلُّ أشواقاً وتَحنانا أهواكَ في رفَّةِ الأهدابِ تسحرُني أهواكَ في ضحكةِ الأطفالِ نشوانا أهواكَ في الحرب إقداماً وتضحيةً أهواكَ في السِّلمِ أزهاراً وألوانا أهوى النواعيرَ والعاصي يغازلُها وينثني للرياضِ الخضرِ سكرانا لَكَمْ أَذبتُ بها قلبي وقافيتي متيَّماً بالجمالِ البكرِ ولهانا أهواكَ .. أهواكَ .. أهوى كلَّ بارقةٍ نلقاكَ في أُفْقِها تسمو وتلقانا إنِّي أُباهي بكَ الدنيا وزُخْرُفها كما تباهي شَذا عَدْنٍ ضحايانا * * * يا شهرَ تشرين هذي الأرضُ ما فَتِئتْ تَسْتسهِلُ الشوكَ حتى صارَ رَيحانا تستلُّ من رحم الأحزانِ فرحتَها فينظرُ الكونُ مذهولاً وغَيرانا لا يُشعلُ الشَّمسَ إلا زَندُ قادحِنا ولا يشقُّ الدُّجى إلا سرايانا * * * قالوا السلامَ : فقلنا : نحنُ أمَّتُه وقد وضعنا لحكمِ العدلِ ميزانا فكم أضلُّوا وضَلُّوا في تَثَعْلُبِهمْ حتى غدوا من لَظى تشرين فِئرانا ويطلبون سلاماً في مساومةٍ ويُضمرون بهذا السلمِ عدوانا فلْيَعلموا أنَّنا أهلُ السلامِ وقد صُغنا ملامحَهُ في الساحِ شُجعانا أوابدُ الحقِّ ما تنفكُّ ماثلةً تُغري الخلودَ بنا علماً وعُمرانا هذي الشآمُ وحيَّا اللهُ قائدَها مُحصَّناً بكتابِ اللهِ إيمانا سِفرٌ من المجدِ وضَّاحُ السنا عَبِقٌ تجري العصورُ وتبقى الشامُ عنوانا * * * يا غابةَ الليثِ والأشبالِ يا وطني إنِّي عشقتكَ ميداناً وفُرسانا من كلِّ أسمرَ وكرُ النَّسرِ ملعبُهُ ينقضُّ إما تراءى الصِّلُّ عَجلانا إنَّا بترنا يدَ التوراةِ من كَتِفٍ لما وصلناكَ إنجيلاً وقُرآنا غفرانُهُمْ يملأُ الآفاقَ زَنْدقةً فليسألوا السامريَّ الوغْدَ غُفرانا من كوثرِ الجرحِ صُغْنا ألفَ ملحمةٍ فيلسمعوا زمجراتِ الجُرحِ في قانا فَشُمُّ لبنان لم تبرحْ مسيَّجةً طرنا لها من راوبي الشامِ عُقبانا ما زالَ تشرينُ في أحداقنا غضباً وما لوى عَزْمَنا العنقودُ غضبانا* * * * هذي القيامةُ والأقصى وصخرتُه أهلَّةً تَرقَبُ البشرى وصُلبانا فليقتلوني على أعتابِ حُرمتِهم وليصلبوني ببابِ القدسِ عُريانا ولتكتبوا بدمي رَفْضَ السَّلامِ إذا كان السلامُ لنا ذُلاً وإذعانا 1996 * إشارةً لعملية عناقيد الغضب الصهيونية في لبنان |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (20) تَمَنِّيَات كم تمنَّيتُ أن أضمَّكِ لكنْ حالَ بيني وبينَكِ الرُّقباءُ كم تشهَّيتُ أن نذوبَ حناناً في عناقٍ يموتُ فيه الحياءُ ذوِّبيني يا " نورُ " ذُوْبي بوصلي واحرقيني يشعُّ مني الضياءُ أنتِ نارُ الحياةِ تُشعلُ وجدي وأنا الزهرُ والندى والصفاءُ وأنا الفجرُ يا احتراقَ الليالي وأنا اللحنُ والطِّلا والغناءُ وأنا .. من أنا ؟ شريدٌ .. طريدٌ ضائعُ السَّمتِ يحتويهِ الشقاءُ غارقٌ .. عائمٌ .. سقيمٌ .. صحيحٌ مؤنسٌ .. موحشٌ .. براهُ انطواءُ شاعرٌ .. ساحرٌ .. عصيٌّ .. مطيعٌ ظالمٌ .. راحمٌ .. بهِ كبرياءُ ذوِّبيني على لهيبِ احتراقي يا احتراقي إذا دهاكِ انطفاءُ يا اشتعالي وبوحُ عينيكِ يوري كامنَ الوجدِ فاشتعاليْ ابتداءُ أرضعيني من ناهديكِ حياتي يا حياتي فكلُّ ما بي اشتهاءُ لا تخافي الوِصالَ لا .. لا تخافي نحنُ في الوصلِ والجفا أنبياءُ 1984 |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (21) صَوْتُ الثَّأْرِ بعد نكسة حزيران ضَمِّدِ الجُرحَ يا أخي وتجلَّدْ واسلُكِ الدربَ للعلى وتمرَّدْ واهجرِ اليأسَ والخضوعَ وشيِّدْ فوقَ هامِ الخلودِ صرحاً مُمرَّدْ مِرجَلُ الحقدِ في صدورِ الأعادي يطبُخُ السُّمَّ فلتكوننَّ أحقدْ قد ضللنا الطريقَ يومَ مَضينا شِيَعاً في لقاءِ خصمٍ موحَّدْ * * * العدوُّ اللئيمُ شادَ حصوناً في حِمانا ولم يزلْ يتوعَّدْ والسُّكونُ العميقُ رانَ فقَومي أظلمَ الحسُّ فيهُمُ وتبلَّدْ يا لإرثِ الجدودِ أضحى مقاماً للأعادي وكلُّ شبرٍ تهوَّدْ والمروءاتُ بالمفاسدِ ذابتْ جيلنا اليومَ فاقدُ العزمِ مُقعَدْ ملءُ أشداقهِ الملذَّاتُ سُحقاً أُيُّها الجيلُ إنَّ وجهكَ أسودْ أعصلُ النابِ* بين قومكَ لكنْ في لقاءِ العدوِّ بالساحِ أدردْ تمضغُ الزَّيفَ غارقاً في خِضَمٍّ من ذميمِ الصفاتِ بالسُّخفِ مُزبدْ ثم تحسو بهارجِ العصرِ صاباً زائغَ القلبِ يا غويُّ مُعقَّدْ تائه الفكرِ خابطاً في ظلامٍ تهجُرُ النورَ والحقيقةَ تجحدْ مُثخناً بالجراحِ تنزفُ سُمَّاً وجراحُ النفوسِ أضنى وأنكدْ ثم تغفو على الجراحِ هزيلاً تندبُ الحظَّ مُهطِعاً تتوجَّدْ كيف ترضى الحياةَ عبداً وعهدي بسليلِ الإباءِ والمجدِ سيِّدْ كيف ترضى الجحودَ والذُّلَّ حتى أشفقَ الذلُّ أن يراكَ مُصفَّدْ * * * أَلهاثاً خلفَ الحضارةِ تقضي يومَكَ المرَّ لا تفكِّرُ بالغدْ قم توحَّدْ وجدِّدِ العهدَ واضربْ إن عشقتَ العلى بكلِّ مهنَّدْ قمْ تحدَّ المنونَ فالموتُ أهنا من حياةٍ بها الحقيقةُ تُوْأَدْ واحطمِ القيدَ وانطلقْ كشواظٍ آنَ للبغيِ أن يموتَ وتولَدْ قُمْ تحدَّ الجراحَ أنتَ حرِيٌّ بالتَّحدي وذي جراحُكَ تشهدْ لستُ أخشى عليكَ ميْتةَ حُرٍّ فاغسلِ الأرضَ بالدماءِ تُخلَّدْ ليسَ عاراً إذا قضيتَ شهيداً إنَّما العارُ أن تعيشَ مُقيَّدْ * * * أُمَّةَ العُربِ أَنجدينا بجيلٍ يعربيِّ الإبا إذا الخصمُ عربدْ أنجدينا بخالدٍ وضرارٍ يركعُ الخصمُ إن حَمَلْنا ويسجدْ أنجدينا بطارق بن زيادٍ أرهفَ الفتح سيفه فتجرَّدْ نحنُ جيلُ الفسادِ يبهرنا الزَّيـ ـفُ ويغري أبصارَنا كلُّ مشهدْ كم فتحنا أبوابَنا لدخيلٍ أجنبيٍّ وبابُ فتحكِ مُوصدْ كم حملنا معاولَ الهدمِ لؤماً وهدمنا أساسَ صرحٍ مُشيَّدْ كم عقدنا الراياتِ من كلِّ لونٍ وبُنودِ الفداءِ تُطوى وتُبعَدْ فانكفأنا وراحَ يفتكُ فينا مخلبُ السُّمِّ كيفما شاءَ سدَّدْ وحملنا إليكِ عاراً جديداً أحرقَ القلبَ يا " حزيران " فاشهدْ * * * يا رُفاتَ الجدودِ في القدسِ صبراً إنْ صُلِيتِ اللظى وأُحرقَ مسجدْ سوف يصحو على روابيكِ فجرٌ وترفُّ المُنى ويَسطعُ فرقدْ سوف تشدو بلابلُ الروضِ مهما طالَ فيه النعيبُ واغتيلَ مُنشِدْ فغداً نغسلُ الضميرَ ونمضي وبنودُ الفداءِ للنصرِ تُعقَدْ لن يموتَ الجهادُ والعربُ فيهم قَبَسٌ من ضياءِ عيسى وأحمدْ 1968 أَعصلُ الناب .. مِعْوَجُّ الناب |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (22) صَرْخَةٌ منْ مَقْبَرَةِ التَّارِيْخ حمامةُ السلمِ تَستهدي بصيَّادِ وهامتي لم تزلْ في حِجرِ جلَّادِ لا تذبحوني قُبيلَ الفجرِ إنَّ دمي يضيءُ في الليلِ تاريخي وأمجادي لا تصلبوني قُبيلَ الليلِ وانتظروا حتى تضيعَ بجَوْفِ الليلِ أعوادي فلن أَحُجَّ إلى أعتابِ دعوتكم وفي حِمى القدسِ ضجَّتْ روحُ أجدادي ولن أصلِّي على ناقوسِ مؤتمرٍ وفي القيامةِ ناقوسي وإنشادي * * * أستغرُ اللهَ ما غيَّرتُ مُعتقدي ولا جنحتُ إلى كفرٍ وإلحادِ لكنَّ مقبرةَ التاريخِ في وطني تثيرُ في صدريَ المطعونِ أحقادي لقد تحجَّرتِ الآلامُ في كَبِدي ولمْ أجدْ آسياً فيكمْ لأكبادي دَعوا جراحيَ تُذكي الثأرَ في دمِ منْ لم يُولدوا فهُمُ أَولى بإنجادي لا ترسموا ليَ أبعادي فإنَّ يدي أحنى على الرسمِ في تحديدِ أبعادي * * * أَسْكنتُموني فراغَ العصرِ فاحترفتْ كفِّي السلاحَ بأغوارٍ وأنجادِ لا تقتلوني فما عِرضي بعرضِكُمُ ولستمُ يا دُعاةَ السِّلمِ قوَّادي ما كانتْ امِّي بغيَّاً في بيوتِكُمُ ولا أبي امرأَ سَوْءٍ أو بقوَّادِ وما زنيتُ وأولادُ الحرامِ على صدري يعيثونَ بينَ السفحِ والوادي أمِّي العروبةُ إيماناً وتضحيةً ووالدي السَّيفُ والثُّوارُ أولادي * * * كفَّنتموني قُبيلَ الموتِ لا سَلِمتْ يدٌ تُكَفِّنُني في ثوبِ أعيادي فكيف تبغونَ موتي والفداءُ على زَنديَّ يشهدُ أنَّ السيفَ ميلادي * * * من خيمةِ الذُّلِّ في الأرضِ العراءِ نما حقدي وحطَّمَ أغلالي وأصفادي هناكَ خلفَ حدودِ الموتِ في وطني آنستُ ناراً فشبَّتْ نارُ أحقادي مزَّقتُ كلَّ خيامِ الذلِّ واقتلعتْ ريحُ التَّمرُّدِ تحتَ الليلِ أوتادي عقدتُ للنصرِ بَندَ الفتحِ فاقتحمتْ يوم الكرامةِ بابَ الخوفِ أجنادي * * * لا أقسمُ اليومَ بالأقصى وصخرتِهِ بلْ بالدماءِ بأولادي وأحفادي لن ترجعَ " اللهُ أكبرُ " في مآذنِهِ ولن ترُنَّ نواقيسٌ بآحادِ وأنتُمُ بينَ مُسْتَجدٍ يمدُّ يداً وتاجرٍ همُّهُ للسوقِ إعدادي يفاوضُ الخصمَ في بُردينِ من ضِعةٍ بُرْدِ اتفاقٍ وبُرْدٍ نَسْجِ أجسادِ قد حِيْكَ فوق شِعابِ الأرْزِ واصطبغتْ خيوطُهُ بدمي من يومِ ميلادي وفصَّلوهُ بأشكالٍ منوَّعةٍ وطرَّزوهُ بأزهارٍ وأورادِ وسارَ عارضُ أزياءِ السلامِ بهِ والمعجبونَ أتَوا كلٌّ بميعادِ تجمَّعوا وسيوفُ الثأرِ في وطني تهتزُّ تلعنُهُمْ من طولِ إغمادِ دارتْ عليهم كؤوسُ الذلِّ مُترَعةً حتى الثمالة في مَحوي وإيجادي وعادَ جسماً بلا وجهٍ يُميِّزهُ لمَّا تعاوَوا عليهِ بعدَ إجهادِ كفى المفاوضَ عنِّي أنَّهُ حَمَلٌ يبغي لمَذأبةِ الأعداءِ إرشادي * * * يا ناسكينَ بثوبِ الزُّهدِ في وطني إنِّي كفرتُ بنُسَّاكٍ وزُهَّادِ أتسمعونَ ؟ أمِ الإرعادُ أطرشَكُمْ لمَّا أفقتُمْ على قَصفي وإرعادي ألا ترونَ ؟ أمِ الأضواءُ تحجبُكمْ ؟! فلا تبينُ طريقٌ دونَ أرصادِ هناكَ جُثَّةُ آمالي مُحنَّطةٌ في متحفِ السلمِ تروي حقدَ حُسَّادي * * * يا نادبينَ عفافي إنَّ أدمعَكمْ أقسى على الطُّهرِ من تمزيقِ أبرادي رُدُّوا خناجرَكُم إنِّي سأشعلُها شعواءَ تضربُ طاغوتاً بجلَّادِ حتَّى تُنوِّرَ أزهارُ السلامِ على غُصنٍ رطيبٍ كريمِ الأصلِ ميَّادِ 15-4-1978 |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (23) إِلَى صَغيْرَة في ضميري تُحرقُ الآلامُ ذكراكِ المريرة يا نداءَ الزَّيفِ يروي قصَّةَ الغدرِ الخطيرة يا حصادَ الشوكِ والآلامِ في حرِّ الظَّهيرة سوف أَطوي دفترَ الأمسِ وقد أمحو سطورَهْ وأصوغُ اليومَ شعري تحتَ عنوانِ (صغيرة) * * * خبِّريني أيُّ أنثى أنتِ لـــــــولا أُغنياتي خبِّريني أيُّ حُسنٍ فيكِ لـــــولا أُعطياتي أنا من صاغكِ وهمـاً من فنونٍ مُغرياتِ أنتِ لولا صدق ما عانيتُ مثل الأُخرياتِ فلتعــــودي مثلمـــا كنــتِ فقد عُدْتُ لِذاتي * * * أنا منْ أحرقتُ في عينيـــــكِ أغلى أمنياتي ونسجتُ الطُّهرَ ثوباً من حـروفٍ طاهراتِ كُنتِ في سرِّي وجهري وصيامي وصلاتي ربَّةَ الشــــعرِ وإلهامــــي ومَجلى خاطراتي فاخلعي ثوبَ العذارى أنتِ أمُّ ((العابثاتِ)) * * * أيُّ حلْمٍ مرَّ لم يحســــبْ له العمرُ حســــــابا عشتُ فيهِ الحبَّ إخلاصاً وغدراً واضطرابا كلُّ ســــرٍّ كان فـــي عينيكِ أضنـاني ارتيابا غِبتُ في عينيكِ عن ذاتـــي وأحرقتُ الشَّبابا وزرعتُ الأمسَ شــــهداً وجنيتُ اليومَ صابا * * * لن أقولَ الشِّعرَ في عينيكِ لا ..لا .. لن أقوله غاضَ نبعُ السـحرِ في عينيكِ لم يروِ الخميلة وغَفتْ فيكِ أســـــاطيــرُ الهوى تحتَ الرذيلة وغدتْ كلُّ المعانـــي فــي معانيــــــــكِ قتيلَة سنَّةُ الكــــونِ تــــجلَّتْ يتبــــعُ الفرعُ أصولَه * * * كم أقمتُ الليلَ في ذكراكِ شوقاً وابتهالا ولَكَــــمْ سبّــــَحتُ في عينيكِ للهِ تعالــى وادَّعيتِ الطُّهرَ والعفَّةَ مَكـــراً واحتيالا فاسأليني كيف يغدو الحبُّ وهماً وخيالا بفمي ألفُ جوابٍ لِمَ أغفــــــلتِ السؤالا * * * أظلمتْ حتى حروفُ الشعرِ في وجهِ الرياءِ عندما الغدرُ تبدَّى منــــــــكِ يهزَا بالوفاءِ قصةٌ خُطَّتْ بسِفرِ الـــــحبِّ أملاها غبائي وحديثٌ ماتَ فيهِ السِّــحرُ مخنوق الضِّياءِ عندليبــــــاً كنتُ أشـــدو يا صيـاحَ الببّغاءِ * * * مثلمـــــا صُغْتُكِ بالأمـــسِ ضياءً من لهيبي مثلمـــا أهديتُكِ الفجـــرَ المُندَّى من شُحوبي مثلمـا ألبستُكِ الطُّهـــــرَ وأُلبــــــِسْتُ ذنوبي سوف أنضو كلَّ سِترٍ عنكِ يا كهفَ العيوبِ 29-5-1975 |
المصدر ديوان جراح الصميم رقم القصيدة (24) رِسالةُ حُبٍّ خَريفيّ دعيني بأوهامي أعومُ وأغرقُ فَلي كَبِدٌ من حرِّها تتشقَّقُ تخافُ إذا ما مسَّها ألقُ المُنى مكائدَ حقدِ الحاسدين فتُشفقُ أحبَّتْ وهامتْ واستحالتْ دماؤها عبيراً على دربِ الأحبَّةِ يعبقُ تقضَّى شبابي فوقَ أرصفةِ الهوى يُسامُ ولا يُشرى وعمريَ ينفقُ وعشتُ ببحرِ الوهمِ أُشرعُ لهفتي وموجُ بحارِ الوهمِ في الحبِّ يُغرقُ أخافُ على قلبي وأحنو على الهوى وأخشى على سرِّي وعينايَ تنطقُ فكم من حبيبٍ كان يَكْذِبُني الهوى ويحلفُ بي جهراً وهيهاتَ يَصدقُ * * * أحبُّ .. أحبُّ الحبَّ حتى كأنَّني إليهِ بحبلٍ من فؤاديَ مُوثَقُ أحبُّكِ يا منْ كنتُ أرجو صباحَها قُبيلَ غروبي في سمائيَ يُشرقُ * * * وأشرقتِ بعد الأربعين وخمسةٍ فكان صباحاً بالرَّجا يتدفَّقُ عشقتُكِ والآلامُ تسري بأضلعي وكنتُ يَؤوساً لا أُحبُّ وأُعشقُ * * * ويومَ تناجَينا وكان سبيلُنا قصاصاتِ أوراقٍ تبوحُ وتنطقُ شعرتُ بأنَّ الكونَ أصبحَ ملكَنا بحُلْمٍ سماويِّ الرؤى يتحقَّقُ حلمتُ بأنِّي في السماءِ مُحلِّقٌ وحولي عصافيرُ الغرامِ تُحلِّقُ وأنتِ بقربي في جناحينِ من هوىً نسابقُ أفلاكَ السماءِ فنَسبقُ ونقطفُ من زهرِ النجومِ قلائداً لجيدكِ يا كلَّ الوجودِ تُطوِّقُ وأنثرُ آمالي عليكِ جواهراً تظلُّ على دفءِ الهوى تتألَّقُ وأعقدُ من قلبي بشعركِ ماسةً تشعُّ على طولِ الحياةِ وتخفقُ * * * حبيبةَ عمري لو سمحتِ ببسمةٍ تندَّى بها صدري الذي يتحرَّقُ لأغرقتِ أيامَ العذابِ بفيضِها فيزهرُ عمري من نداها ويورقُ * * * دعيني أرى الدنيا بعينيكِ كلَّها أرى فيهما الأقدارَ تحنو وتشفقُ فأشرعُ أجفاني لأرسمَ صورةً أخافُ عليها أنْ تَفرَّ فأُطبقُ وأغفو على حُلْمٍ شهيٍّ مُؤنَّقٍ وأنتِ به سحرٌ شهيٌّ مُؤنَّقُ فلا تحرميني البوحَ لو برسالةٍ تنامُ على صدري وعطرُكِ يعبقُ 1981 |
الساعة الآن 02:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.