منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=6821)

ايوب صابر 05-19-2012 02:19 PM

للاسف لم يتم العثور على معلومات تفصيلية عن حياة وطفولة هذه الكاتبة الفذة.

مجهولة الطفولة

ايوب صابر 05-19-2012 02:25 PM

80- في بيتنا رجل احسان عبد القدوس مصر

نبذة النيل والفرات:
أحد أيام شهر رمضان.. والساعة الخامسة مساء، قبل الإفطار بساعة ونصف.. وكان راقداً في فراشه بإحدى غرف مستشفى القصر العيني.. غرفة خاصة يقف على بابها جنديان من جنود البوليس يحمل كل منهما بندقية.. واعتدل فوق الفراش، وبدأ يجمع الصحف اليومية المتناثرة حوله، ويرتبها الواحدة فوق الأخرى.. وسقطت عيناه للمرة الألف فوق السطور العريضة الحمراء المنشورة في صدر الصفحة الأولى: "قرار الاتهام في قضية...". ولم يتم قراءة السطر العريض، إنما طوى الجريدة بسرعة كما طوى غيرها.. وقام واقفاً واتجه إلى الحنفية المثبتة في جانب من الغرفة.. وبدأ يغسل وجهه.. وأحنى رأسه وترك الماء ينصب فوقها بقوة كأنما يحاول أن يطفئ ناراً تندلع فيها.. ثم عاد وهو يدفن وجهه في المنشفة كأنه لا يريد أن يرى هذه النار.. لا يريد أن يرى شيئاً.. وبدأ يبدل ثيابه.. خلع "البيجاما" وارتدى القميص.. ثم جلس فوق الفراش وأخذ يلبس حذاءه.. ثم دسّ يده تحت "مرتبة" السرير وتسلّل بأصابعه داخل شق صغير فيها وأخذ يتحسّس قطع القطن المندوف حتى اصطدمت أصابعه بشيء صلب صغير، جذبه إليه، ووضعه في كفه وأخذ ينظر إليه برهة في ضوء تشوبه سخرية كأنه ينظر إلى طفل صغير.. إنه مسدس "براوننج".. ودسّ المسدس في جيب البنطلون كأنه يخفي ذكرى عزيزة.. وقام يسير في غرفته جيئة وذهاباً.. ثم ألقى بنفسه فوق المقعد الوحيد.. ونظر إلى ساعته وتنهد، وكأنه خشي أن يتنهد مرة ثانية، فجذب إحدى المجلات من جانبه.. وألقى بالمجلة على الأرض في عصبية وتمتم بينه وبين نفسه: لن أموت.. لن أمكّنهم مني".
"في بيتنا رجل" قصة احتلت من حيث موضوعها وأسلوبها الروائي مكانتها المتميزة في النفوس. فمسرح زمانها هو ذاك الوقت الذي سبق انفجار أحداث الثورة في مصر حيث كانت النفوس تغلي من قهر الاحتلال. والمكان هو مصر بمساحتها الجغرافية والقاهرة تحديداً. يروي إحسان عبد القدوس بأسلوبه الأدبي الشيق الرائق الرائع قصة محيي الدين البطل الذي سكنت شخصيته في خيال كل مواطن مصري مخلص. يجذب إحسان عبد القدوس القارئ إلى عالم روايته ليجعله متماهياً معها بأحداثها وبشخصياتها وبموضوعها. قصة لا تزال مثار شغف عند قراءتها على رغم حفنة الزمان التي مرّت عليها، ربما لأن بين سطورها ما يجد صداه عند قارئ اليوم، وفي أسلوبها ما يمتع النفس من حيث الأسلوب ومن حيث الأداء، ومن حيث أسلوب العرض المشوّق.


نبذة الناشر:
عقرب الساعة يدور، وقلب نوال يخفق بأول موعد غرام في حياتها، وهي جالسة في حجرتها فوق فراشها تصلح سترة البدلة التي سيرتديها إبراهيم في بدلة.. بدلة الضابط.. ولم تعد تتصور هذه البدلة كفناً لإبراهيم.. أو لحبها.. إنها تضمها بأصابعها كأنها تحتضن أحلامها وتمرر إبرتها في نسيجها بحنان وحرص كأنها تخشى على النسيج أن نجرحه الإبرة، وتنظر إليها بعينين مبتسمتين كأنها تنظر إلى ثور عرسها.. هل سيأتي إبراهيم للقائها وهو مرتد هذه البدلة.. كيف يبدو بها. وابتسمت وهي ترى في خيالها قامته النحيفة الطويلة، وعينيه الواسعتين. وشفتيه الرقيقتين فوق فكه العريض القوي، وأنفه الكبير كأنه رأس سهم موجه إلى صدر عدوه.. وكل ذلك في بدلة الضابط.. واتسعت ابتسامتها. ثم احمرت وجنتاها وهي تسمع أجراساً رقيقة عذبة تدق في صدرها كأن خيالها ملتصقاً بها.. ملتصقاً بها جداً.. صدره فوق صدرها. وشفتاه قريبتان من شفتيها.. وأنفاسه تملأ أذنيها.. وانحنت فوق البدلة في خفر كأنها تميل فوق عنق إبراهيم.. وكتمت ابتسامتها بين شفتيها حتى لا تفضح خيالها. ولكن كل شيء فيها ظل يبتسم.. إنها سعيدة.. سعيدة جداً ولا شيء يمكن أن يقلل من سعادتها.. لقد اختفت المأساة من حياتها ومن تفكيرها، ولم يخطر على بالها أن إبراهيم قد لا يأتي إلى لقائها.. قد يقبض عليه.. وقد يستمر في هربه حتى يتجاوزها ويتجاوز مكان اللقاء.. كانت ثقتها فيه أقوى من كل الاحتمالات، إنه أقوى من البوليس وأقوى من أن يخلف وعدها، ستلقاه يوم الاثنين ويوم الأربعاء.. وكل يوم اثنين وأربعاء.. رغم ذلك فهناك في أغوار نفسها ظل يتحرك، وهي تخاف على سعادتها من هذا الظل.. أنه ليس خوفاً من البوليس.. ولا خوفاً على مصير إبراهيم.. لن يحدث له شيء.. هذا يؤكد ولكن السعادة عندما تفيض إلى هذا الحد يخاف المرء أن يفقدها.

ايوب صابر 05-19-2012 02:26 PM

رواية في بيتنا رجل للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس

تحكي عن "إبراهيم حمدي" شاب بكلية الحقوق يقاوم الإحتلال البريطاني في مصر وينظم المظاهرات والإعتصامات إلى أن يقوم بعملية إغتيال لرئيس الوزراء العميل يهرب من السجن ويختبئ عند صديقه محيي وهناك يلتقي الحسناء الصغيره نوال ويتعلق بها غير ان الظروف تجبره على تركها ليواصل هربه وعملياته البطوليه ضد الإحتلال البريطاني غير انه يستشهد في إحدى العمليات

رواية رائعه للغاية أتمنى لكم وقت ممتع بقرائتها
للتحميـــــــــل

ايوب صابر 05-19-2012 02:30 PM

في بيتنا رجل


عندما يطرح الفنان المبدع سؤالا من خلال عمله الفني فهو لا يفعل ذلك لمجرد التساؤل فقط بل ليثير التفكير في المتلقي وبالتالي يثير التفاعل مع العمل الفني ومن ثم ليتفاعل مع الواقع والحياة.
وصناع العمل السينمائي يحولون هذا الواقع إلى استعراض بصري على الشاشة بالتلاعب بالأضواء والحركات بأنواعها في سبيل استثارة الحالات الروحانية والوصول بالعمل السينمائي إلى ذروة التفاعل معه وبالتالي التفاعل مع الحياة.
والفيلم الذي أخرجه المخرج الراحل هنري بركات عام1961 يطرح اكثر من سؤال بعضها يرتبط بزمان هذا الفيلم والبعض الأخر يرتبط بزماننا نحن إنه فيلم *في بيتنا رجل* دليل على فهم صناع الفيلم لعملهم ونفاذ رؤيتهم حيث تجاوزت حدود زمان إنتاج الفيلم .
اقتبس من رواية الأديب الراحل إحسان عبد القدوس وكتب له السيناريو السيناريست يوسف عيسى وبركات ،أما الموسيقى التصويرية في لفؤاد الظاهري والمونتاج لفتحي قاسم ومن بطولة عمر شريف ، حسن يوسف،رشدي اباضة يعتبر هذا الفيلم من أهم الأفلام التي قدمها الفنان المبدع ميشال شهلوب سابقا عمر الشريف إذ بلغ قمة التقمص وغاص في الشخصية حتى نكاد نحس انه حقا إبراهيم صبري الذي رسمه الروائي إحسان عبد القدوس في روايته واستطاع عمر الشريف بفضل أدائه المتميز نقل الصورة المكتوبة في الرواية (إبراهيم صبري) إلى شخصية ثورية حقيقية لا تخلو من الواقعية والصدق وعمر الشريف هو الفنان العربي الوحيد الذي استطاع أن يجد لنفسه مكان في السينما العالمية لقد قدمه لاول مرة السيد يوسف جاهين عام1953 في فيلم (صراع في الوادي) مع فاتن حمامة ثم شارك في العديد من الأفلام ففي عام 1955 قدم *أيامنا الحلوة** وصراع في المينى * وفي عام 1957 *ارض السلام* *ولا أنام* وفي سنة1958 *سيدة القصر*عام1959 *صراع في النيل *أما عام 1960 قدم * لوعة الحب* و*بداية ونهاية**ونهر الحب* ثم1961 قدم *في بيتنا رجل* حتى عام 1965 قدم *المماليك * وبعدها انتقل إلى السينما العالمية *لورنس العرب*مع(بيتر اوتريل) ثم *الدكتور جيفاجو* مع ديفد ليفي وبعد غياب طويل عن السينما العربية عاد اليها سنة 1982 بفيلم تليفزيوني عرض سينمائيا *أيوب* مع محمود المليجي وفؤاد المهندس و عام 1989 قدم فيلم*الأراجوز* الذي اظهر فيه قدراته العالية في الأداء و التمثيل ثم عام 1991 قدم قضية حساسة للغاية في فيلم ( المواطن مصري) و عام 1993 قدم فيلم (ضحك و لعب جد وحب .(
نعود إلى فيلم في بيتنا رجل هو ليس بمثابة تقديم واقع سياسي لفترة من التاريخ مصر قبل ثورة الأحرار بل يقدم أيضا واقعا اجتماعيا من خلال صورة اجتماعية لعائلة بسيطة بادق تفاصيل حياتها ويتعرض لقيم وعادات وعلاقات الأفراد ببعضهم البعض انه يعرض رصدا وتاريخا مرئيا لزمن مضى وانقضى مفعم بأحاسيس والقيم والتقاليد .
يعتبر المخرج الراحل بركات من أعلام و رواد السينما الرومانسية في السينما العربية و تتجللي هذه المعاني ( الرومانسية ) في أعماله من خلال كل تفصيلة من تفاصيل العمل السينمائي بدأ بحركة الكاميرا وحركة الممثل داخل اللقطة وانتهاء بالإيقاع العام للفيلم الأداء التمثيلي ومرور بالموسيقى والإضاءة والضلال فتتجسد بها ملامح الرؤية الرومانسية للفيلم ولا تختلف هذه الرؤية حتى ولو كان الفيلم اجتماعيا أو وطنيا .
ربما يبدو هذا الفيلم لبعض المشاهدين مجرد حكاية أو قصة شاب مغمور بحب الوطن أراد أن يقدم عمل فدائيا لوطنه المحتل في حدود وعيه ونضجه السياسي فاقدم على اغتيال عميل من عملاء الاستعمار رغم رفضه الداخلي للاغتيال والتقتيل ولكن الفيلم يقدم ما هو ابعد واعمق من ذلك انه يجسد بالصوت والصورة نضرة فكرية لمفاهيم انتماء والتضحية والوفاء وهي مفاهيم لا تتغير في الزمان والمكان بل طرق وأساليب الإفصاح عنها هي التي تتغير .
يتجلى وعي المخرج الفنان صاحب الرؤية حين يعبر عن وجهة نظره من خلال عناصر الصورة السينمائية وتفاصيلها وقد تظهر هذه التفاصيل للكثير من المشاهدين العادين غير مقصودة و دون دلالة و لكن عندما ندركها كمشاهدين واعين ندرك مدى وعي هذا الفنان و ماذا يريد أن يقوله لنا :و على سبيل المثال نلاحظ باب غرفة ليلى في جميع المشاهد أثناء وجود إبراهيم ( عمر الشريف( في البيت نلاحظها مغلقة تماما أو شبه مفتوحة و في مشهد أخر نراه مفتوحا رغم
وجود حمدي في البيت و هذه دلالة على تغير الموقف و انه لم يعد غريب و طرأ هذا الانقلاب قبل مغادرة إبراهيم البيت و بعد أن صرح إبراهيم لليلى بحبه لها فكانة ذلك الباب المغلق هو قلبها ,لقد تمكن المخرج أن يحي لنا الكثير من الأفكار و أبعاد الشخصيات و مكوناتها الداخلية من خلال التوظيف المتقن للإضاءة و الضلال .لكي يلفت انتباه المشاهد ويركز نظراته على عيني إبراهيم حمدي في المشهد الذي يظهر جثة الشهيد في الغرفة عمد المخرج إلى إظهار إبراهيم وهو يقف عند عتبت باب الحجرة فنلاحظ تقاطع الإضاءة على وجه إبراهيم وظله يرتمي داخل الحجرة فبهذه الكيفية أراد أن يقول لنا أن إبراهيم يقف الحد الفاصل بين الحياة المضيئة من خلفه والموت داخل الحجرة المظلمة ثم في زووم في لقطة حتى لقطة كبيرة لعيني إبراهيم حيث يسقط عليهما الضوء لكي نركز على مسقط الضوء لندرك حجم مشاعر الإصرار والتحدي الكامنة في نفس إبراهيم حمدي الثائرة .
أراد المخرج أيضا أن يوضح لنا أن وطنية الأب واضحة وثابتة ووطنية محيي عاتمة مظلمة استعمل الإضاءة والتلاعب بالنور والظل ففي المشهد يبدو محي معتما جالسا في مكان مظلم داخل حجرته ثم يدخل إليه الأب فنلاحظ سقوط الإضاءة على الأب فيتقدم إلى محي فيجلس معه وتطل الإضاءة الأب مضيئة ومحي عاتمة رغم جلوسهما في مكان واحد.
وقي المشهد الذي كان فيه البوليس السياسي يستنطق في إبراهيم حمدي كانت الإضاءة خافتة نوعا ما تعبير عن توتر الجو والغموض كذالك زاوية التقاط المشاهد كانت صاعدةcontre plongé من الأسفل إلى الأعلى حيث نظهر الضبط في أعلى الكادر إيحاءا من المخرج على البطش و السلطوية التي تكتم أنفاس إبراهيم حمدي .
إن لهنري بركات القدرة الكافية لاستغلال تفاصيل الصورة السينمائية لتوصيل المعنى للمشاهد ودليل أيضا على قدرته في توظيف حركة الممثل داخل الصورة السينمائية في حركته تعبيرية محي الكثير من المعاني والإيحاءات وفي نفس الوقت تعبيرا على دراية المخرج بذكاء المشاهد وارتقاء وعيه وكانة يعلم جيدا أن المشاهد سوف يفهم ويدرك معنى هذه الحركة أو تلك.
واثناء الحوار نشاهده يصغي إلى أبيه بكل اهتمام في المشهد الأخير من باب دلالة على اختلاف وجهة نظرهما عندما يخرج إبراهيم مغادر البيت نرى محي يخرج وراء إبراهيم دليل على تغير في موقفه و إماتة بالقضية .
كما وظف المخرج وضعية الممثل في الكادر للإيحاء والتعبير عن عدة أفكار جمالية ذات دلالة إبداعية ففي المشهد الذي سبق مشهد استشهاد إبراهيم ، نجد إبراهيم في أعلى الكادر-shot – و هو يطلق النار على الجندي االانجليزي في اسفل الكادر ونفس الجندي المجروح يطلق النار على إبراهيم وهو في قمة التل دون أن يسقط إلى السفح فهذه
الإلتفاتة دليل على المواطن والمستعمر في اختلاف المواقع و دلالة على اختلاف القيمة ، فذاك المواطن يقتل وهو في القمة وذاك المعتدي يقتل وهو في الأسفل.
إن مشاهده هذا الفيلم في الزمن الحاضر يطرح في الأذهان والعقول تساؤلات ذات أهمية قصوى خاصة أن في هذه الأيام اختلفت فيه الأوضاع واختلطت فيه الأوراق وشوهت فيه الكثير من القيم والمبادئ.
حتى أصبحنا لا نستطيع التفريق بين الانتماء والتخريب و بين الفدائي والإرهابي، إن مقاومة الخيانة والعمالة والفساد انتماء، والتخريب والقتل إرهاب.
وهناك فرق كبير بين ما قام به إبراهيم حمدي وما يقوم به هؤلاء أو اولائك مرة باسم الدين و أخرى باسم الوطنية و ثالثة باسم التاريخ أو الإديولوجية، ان هذا الفرق يشبه الفرق بين الليل والنهار وبين الأسود والأبيض و هو مثل الفرق بين الفدائي والإرهابي بل انه الفرق بين الصواب والخطأ .

المراجع:
- مواقف سينمائية .

ايوب صابر 05-19-2012 02:32 PM

فلم في بيتنا رجل

يحكي الفيلم عن مناضل مصري أبراهيم حمدي (عمر الشريف) قتل قريبه أثناء مظاهرة علي أيدي البوليس في الفترة ما قبل الثورة فيقرر الأنتفام بقتل رئيس الوزراء الخائن الموالي للأنجليز ولكن يتم القبض عليه بعد قتل الوزير ويتم تعذيبه حتي يدخل أحد المستشفيات ولكنه يستغل فترة الأفطار في شهر رمضان ليقوم بالهرب لمنزل زميله الجامعي محيي زاهر (حسن يوسف) الذي ليس له نشاط سياسي فيعيش في منزلهم فترة مع أبيه زاهر (حسين رياض) وتقع نوال (زبيدة ثروت ) أخت محيي في حبه ولكنه يقرر السفر خارج مصر للهروب ولكنه بعدما علم القبض علي محيي وأبن عمه عبد الحميد (رشدي أباظة) فيقرر تدمير معسكر للأنجليز بالعباسية ولكنه يقتل أثناء تفجير المعسكر ثم يخرج محيي وعبد الحميد من السجن بعد أن يقرران مع نوال الأنضمام للجماعة التي تقاوم الأنجليز مع زملاء أبراهيم حمدي
أبطاله

يضم الفيلم نخبة كبيرة جدا من الفنانين الكبار مثل (كما تم تحويل الفيلم الي مسلسل):
البطولةالفيلمالمسلسلالدورإبراهيم حمديعمر الشريففاروق الفيشاويبطل الفيلممحيي زاهرحسن يوسفأحمد عبد العزيززميل إبراهيم في الكليةعبد الحميد زاهررشدي اباظةطارق الدسوقيابن عم محييزاهرحسين رياضرشوان توفيقوالد محيينوالزبيدة ثروتعزة بهاءأخت محييزهرة العلادلال عبد العزيزالأخت الثانية لمحييزهرة العلازوجة زاهر ووالدة محيييوسف شعبانكمال أبو ريةزميل أبراهيم حمديهمامعبد الخالق صالحمحمد وفيقمدير أمن القاهرةالدباغتوفيق الدقننبيل الحلفاويمساعد همام

ايوب صابر 05-19-2012 02:36 PM

إحسان عبد القدوس

1 يناير 1919 - 12 يناير 1990، كان صحفيا وروائيا مصريا هو ابن السيدة روز اليوسف اللبنانية المولد والمربى وتركية الاصل وهي ُمؤَسِسَة مجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير. أما والده محمد عبد القدوس فقد كان ممثلا ومؤلفا.[1] ويعتبر إحسان من أوائل الروائيين العرب الذين تناولوا في قصصهم الحب البعيد عن العذرية وتحولت أغلب قصصه إلى أفلام سينمائية. ويمثل أدب إحسان عبد القدوس نقلة نوعية متميزه في الرواية العربية، إذ نجح في الخروج من المحلية إلى حيز العالمية وترجمت معظم رواياته إلى لغات اجنبية متعددة.[2]
نبذة

-الأديب المعروف، صاحب القصص المشهورة، ولد ليلة أول يناير سنة 1919م.
"نشأ في بيت جده لوالده الشيخ رضوان والذى تعود جذوره إلى قرية الصالحية محافظة الشرقية وكان من خريجي الجامع الأزهر ويعمل رئيس كتاب بالمحاكم الشرعية وهو بحكم ثقافته وتعليمه متدين جداً وكان يفرض على جميع العائلة الالتزام والتمسك بأوامر الدين وأداء فروضه والمحافظة على التقاليد، بحيث كان يُحرّم على جميع النساء في عائلته الخروج إلى الشرفة بدون حجاب..([3])"
"وفي الوقت نفسه كانت والدته الفنانة والصحفية السيدة روز اليوسف سيدة متحررة تفتح بيتها لعقد ندوات ثقافية وسياسية يشترك فيها كبار الشعراء والأدباء والسياسيين ورجال الفن([4]). "
"وكان ينتقل وهو طفل من ندوة جده حيث يلتقي بزملاك من علماء الأزهر ويأخذ الدروس الدينية التي ارتضاها له جده وقبل أن يهضمها. يجد نفسه في أحضان ندوة أخرى على النقيض تماماً لما كان عليه.. إنها ندوة روز اليوسف"([5])
ويتحدث إحسان عن تأثير هذين الجانبين المتناقضين عليه فيقول: "كان الانتقال بين هذين المكانين المتناقضين يصيبني في البداية بما يشبه الدوار الذهني حتى اعتدت عليه بالتدريج واستطعت أن أعد نفسي لتقبله كأمر واقع في حياتي لا مفر منه"([6])
ووالدة إحسان "روزاليوسف" اسمها الحقيقي فاطمة اليوسف وهي لبنانية الأصل، نشأت يتيمة إذ فقدت والديها منذ بداية حياتها واحتضنتها أسرة (نصرانية) صديقة لوالدها والتي قررت الهجرة إلى أمريكا وعند رسو الباخرة بالإسكندرية طلب أسكندر فرح صاحب فرقة مسرحية من الأسرة المهاجرة التنازل عن البنت اليتيمة فاطمة ليتولاها ويربيها فوافقت الأسرة. وبدأت حياتها في الفن!
وتعرفت فاطمة اليوسف على المهندس محمد عبد القدوس المهندس بالطرق والكباري في حفل أقامه النادي الأهلي وكان عبد القدوس عضواً بالنادي ومن هواة الفن فصعد على المسرح وقدم فاصلاً من المونولوجات المرحة، فأعجبت به فاطمة وتزوجته، فثار والده وتبرأ منه وطرده من بيته لزواجه من ممثلة، فترك الابن وظيفته الحكومية وتفرغ للفن ممثلاً ومؤلفاً مسرحياً([7])".
درس إحسان في مدرسة خليل آغا بالقاهرة 1927-1931م، ثم في مدرسة فؤاد الأول بالقاهرة 1932م-1937م، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة.
وتخرج إحسان من كلية الحقوق عام 1942م وفشل أن يكون محامياً ويتحدث عن فشله هذا فيقول: "كنت محامياً فاشلاً لا أجيد المناقشة والحوار وكنت أداري فشلي في المحكمة إما بالصراخ والمشاجرة مع القضاة، وإما بالمزاح والنكت وهو أمر أفقدني تعاطف القضاة، بحيث ودعت أحلامي في أن أكون محامياً لامعاً([7]).
إنتاجه الأدبي: لقد كتب أكثر من ستمائة قصة وقدمت السينما عدداً كبيراً من قصصه، ويتحدث إحسان عن نفسه ككاتب عن الجنس فيقول: "لست الكاتب المصري الوحيد الذي كتب عن الجنس فهناك المازني في قصة "ثلاثة رجال وامرأة" وتوفيق الحكيم في قصة "الرباط المقدس" و….و…. وكلاهما كتب عن الجنس أوضح مما كتبت ولكن ثورة الناس عليهما جعلتهما يتراجعان، ولكنني لم أضعف مثلهما عندما هوجمت فقد تحملت سخط الناس عليّ لإيماني بمسؤوليتي ككاتب!! ونجيب محفوظ أيضاً يعالج الجنس بصراحة عني ولكن معظم مواضيع قصصه تدور في مجتمع غير قارئ أي المجتمع الشعبي القديم أو الحديث الذي لا يقرأ أو لا يكتب أو هي مواضيع تاريخية، لذلك فالقارئ يحس كأنه يتفرج على ناس من عالم آخر غير عالمه ولا يحس أن القصة تمسه أو تعالج الواقع الذي يعيش فيه، لذلك لا ينتقد ولا يثور.. أما أنا فقد كنت واضحاً وصريحاً وجريئاً فكتبت عن الجنس حين أحسست أن عندي ما أكتبه عنه سواء عند الطبقة المتوسطة أو الطبقات الشعبية –دون أن أسعى لمجاملة طبقة على حساب طبقة أخرى".
-تولى إحسان رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف، وهي المجلة التي أسستها أمه وقد سلمته رئاسة تحريرها بعد ما نضج في حياته، وكانت لإحسان مقالات سياسية تعرض للسجن والمعتقلات بسببها، ومن أهم القضايا التي طرحها قضية الأسلحة الفاسدة التي نبهت الرأي العام إلى خطورة الوضع، وقد تعرض إحسان للاغتيال عدة مرات، كما سجن بعد الثورة مرتين في السجن الحربي وأصدرت مراكز القوى قراراً بإعدامه.
-بالرغم من موقفه تجاه اتفاقية كامب ديفيد إلا أنه في قصصه كان متعاطفاً مع اليهود كما في قصص: "كانت صعبة ومغرورة" و"لا تتركوني هنا وحدي"
إسهاماته

شارك باسهامات بارزة في المجلس الأعلى للصحافة ومؤسسة السينما. وقد كتب 49 رواية تم تحويلها إلى نصوص للأفلام و5 روايات تم تحويلها إلى نصوص مسرحية و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية و10 روايات تم تحويلها إلى مسلسلات تليفزيونية إضافة إلى 65 كتابا من رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والأوكرانية والصينية والألمانية.[2]


تكريمه
  1. منحه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى.
  2. منحه الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك وسام الجمهورية.[2]
  3. جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1989.
جوائزه
  1. الجائزة الأولي عن روايته : "دمي ودموعي وابتساماتي" في عام 1973.
  2. جائزة أحسن قصة فيلم عن روايته "الرصاصة لا تزال في جيبي".[2]
من أعماله الأدبية

له ما يقرب من 59 عملاً أدبياً منها.
قصص
  1. لم يكن ابدا لها
  2. صانع الحب، دار روز اليوسف، 1948.
  3. بائع الحب، دار روز اليوسف، 1949.
. النظارة السوداء، دار روز اليوسف، 1952. . أنا حرة، دار روز اليوسف، 1954. قصة طويلة.
  1. أين عمري، دار روز اليوسف، 1954.
. الوسادة الخالية، دار روز اليوسف، 1955. . الطريق المسدود، دار روز اليوسف، 1955. قصة طويلة. . لا أنام، دار روز اليوسف، 1957. قصة طويلة. . في بيتنا رجل، دار روز اليوسف، 1957. قصة طويلة. . شيء في صدري، دار روز اليوسف، 1958. قصة طويلة.
  1. عقلي وقلبي، دار روز اليوسف، 1959.
  2. منتهى الحب، دار روز اليوسف، 1959.
. البنات والصيف، دار روز اليوسف، 1959.
  1. لا تطفئ الشمس، الشركة القومية للتوزيع، 1960. قصة طويلة.
  2. زوجة أحمد، دار روز اليوسف، 1961. قصة طويلة.
  3. شفتاه، الشركة العربية، 1961.
  4. ثقوب في الثوب الأسود، كتبة مصر، 1962. قصة طويلة.
. بئر الحرمان، الشركة العربية، 1962.
  1. لا ليس جسدك، الشركة العربية، 1962.
  2. لا شيء يهم، الشركة العربية، 1963. قصة طويلة.
  3. أنف وثلاث عيون، جزءان، الشركة العربية، 1964. قصة طويلة.
  4. بنت السلطان، مكتبة مصر، 1965.
  5. سيدة في خدمتك، دار المعارف، 1967.
  6. علبة من الصفيح الصدئ، دار المعارف، 1967.
  7. النساء لهن أسنان بيضاء، أخبار اليوم، 1969.
  8. دمي ودموعي وابتسامتي، دار الرائد العربي، 1972.
  9. لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص، دار الشروق، 1973.
  10. الهزيمة كان اسمها فاطمة، دار المعارف، 1975.
  11. الرصاصة لا تزال في جيـبي، دار الشروق، 1977.
  12. العذراء والشعر الأبيض، دار المعارف، 1977.
  13. خيوط في مسرح العرائس، أرجوك خذني في هذا البرميل وعاشت بين أصابعه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1977.
  14. حتى لا يطير الدخان، أقدام حافية فوق البحر، الهيئة المصرية…، 1977. مجموعة قصص.
  15. ونسيت أني امرأة، دار المعارف، 1977. قصة طويلة.
  16. الراقصة والسياسي وقصص أخرى، الهيئة المصرية…، 1978.
  17. لا تتركوني هنا وحدي، روز اليوسف، 1979. قصة طويلة.
  18. آسف لم أعد أستطيع، مكتبة مصر، 1980.
  19. يا ابنتي لا تحيريني معك، روز اليوسف، 1981.
  20. زوجات ضائعات، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1981. قصص طويلة.
  21. الحب في رحاب الله، مكتبة مصر، 1986. قصص.
روايات
  1. لن أعيش في جلباب أبي، مكتبة غريب، 1982.
  2. يا عزيزي كلنا لصوص، مكتبة غريب، 1982.
  3. وغابت الشمس ولم يظهر القمر، مكتبة غريب، 1983.
  4. رائحة الورد وأنف لا تشم، مكتبة غريب، 1984.
  5. ومضت أيام اللؤلؤ، مكتبة غريب، 1984.
  6. لون الآخر، مكتبة غريب، 1984.
  7. الحياة فوق الضباب، مكتبة مصر، 1984.
مقالات
  1. على مقهى في الشارع السياسي، دار المعارف، 1979-1980.
  2. خواطر سياسية، عبد المنعم منتصر، 1979.
  3. أيام شبابي، المكتب المصري الحديث، 1980. خواطر
  4. بعيداً عن الأرض، القاهرة، الهيئة المصرية….، 1980. من الأدب السينمائي.

وصلات خارجية

ايوب صابر 05-19-2012 02:56 PM

إحسان عبد القدوس 1 يناير 1929 - 12 يناير 1990، كان صحفي وروائي مصري من أصل تركي من جهة أبويه، فهو ابن السيدة فاطمة اليوسف التركية الأصل اللبنانية المولد والمربى وهي ُمؤَسِسَة مجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير. أما والده محمد عبد القدوس فقد كان ممثلا ومؤلفا.

ويعتبر إحسان من أوائل الروائيين العرب الذين تناولوا في قصصهم الحب البعيد عن العذرية وتحولت أغلب قصصه إلى أفلام سينمائية. ويمثل أدب إحسان عبد القدوس نقلة نوعية متميزه في الرواية العربية، إذ نجح في الخروج من المحلية إلى حيز العالمية وترجمت معظم رواياته إلى لغات اجنبية متعددة.

ولد إحسان عبد القدوس في 1 يناير 1929 وفي طفولتة كانت هوايته المفضلة هي القراءة ، اهتم والده بحسن تعليمة وتشجيعه علي القراءة، وقد تخرج من مدرسة الحقوق في عام 1942 ، وعمل كمحامي تحت التمرين بمكتب احد كبار المحامين وهو ادوارد قصيري وذلك بجانب عملة كصحفي بمجلة روز اليوسف، في عام 1944 بدا إحسان عبد القدوس كتابة نصوص افلام وقصص قصيرة وروايات.


وبعد ذلك ترك مهنة المحاماة ووهب نفسة للصحافة والادب فقد شعر ان الادب والصحافة بالنسبة له كانا من ضروريات الحياة التي لا غني عنها، واصبح بعد اقل من بضعة سنوات صحفي متميز ومشهور، وراوئى، وكاتب سياسي، وبعد ان العمل في روزاليوسف ،تهيات له كل الفرص والظروف للعمل في جريده الاخبار لمده‏8‏ سنوات ثم عمل بجريده الاهرام وعين رئيسا لتحريرها‏.

‏كان لإحسان شخصية محافظة للغاية، لدرجة ان شخصيته تتناقض مع كتاباته، فالبيئة التي تربى فيها جعلت منه انسانا صعبا للغاية، فقد كان ملتزما بالمعنى الاجتماعي، فلم يكن يسمح لزوجته بان تخرج من البيت بمفردها، وعندما يكون مسافرا يطلب منها الا تخرج، بل وترفض كل الدعوات التي توجه اليها مهما كانت، بل انه كان صعبا معها في موضوع الملابس، لدرجة انه كان يشترط عليها ان تكون ملابسها محتشمة لا تصف ولا تشف .

ان ادب احسان عبد القدوس يمثل نقله نوعيه متميزه في الروايه العربيه الي جانب ابناء جيله الكبار من امثال نجيب محفوظ ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله‏,‏ لكن احسان تميز عنهم جميعا بامرين احدهما انه تربي في حضن الصحافه‏,‏ وتغذي منذ نعومه اظفاره علي قاعده البيانات الضخمه التي تتيحها الصحافه لاختراق طبقات المجتمع المختلفه وكانت الصحافه‏,‏ وصالون روزاليوسف والعلاقات المباشره بكبار الادباء والفنانين والسياسيين ونجوم المجتمع هي المنبع الذي اتاح لاحسان عبد القدوس ان يصور الجوانب الخفيه في الحياه المصريه ويتخطي بذلك كثيرا من الحواجز التي حالت بين زملائه وبين معرفه هذه البيانات‏، اما الميزه الثانيه لادب احسان فهي انه كان عميق الايمان بقضيه الحريه‏,‏ بمختلف مستوياتها السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه.

وان ادب احسان قد نجح في الخروج من المحليه الي حيز العالميه‏,‏ وترجمت معظم رواياته الي لغات اجنبية كاالانجليزية، والفرنسية، والاوكرانية، والصينية، والالمانية ‏,‏ وقد منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الاولي له، كما منحه الرئيس محمد حسني مبارك وسام الجمهوريه‏,‏ وشارك باسهامات بارزه في المجلس الاعلي للصحافه ومؤسسه السينما ، وقد توفي احسان عبد القدوس فس 11 يناير 1990،ومازال اسمه يلمع عالميا باعماله وابداعاته المتميزه‏.

‏من اهم اعماله:
كان احسان عبد القدوس كاتب مثمر، فبجانب اشتراكة المتميز بالصحافة كتب مايلي:
49 رواية تم تحويلهم جميعا نصوص للافلام.
5 روايات تم تحويلهم الي نصوص مسرحية.
9 روايات تم تحويلهم الي مسلسلات اذاعية.
10 روايات تم تحويلهم الي مسلسلات تليفزيونية.
56 كتاب تم ترجمة العديد من روايات الكاتب والصحفي احسان عبد القدوس الي لغات اجنبية كاالانجليزية، والفرنسية، والاوكرانية، والصينية، والالمانية.
جوائز حصل عليها الكاتب الكبير احسان عبد القدوس:
1-وسام الاستحقاق من الدرجة الاولي منحة له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
2-وسام الجمهورية من الدرجة الاولي منحة له الرئيس محمد حسني مبارك في عام 1990.
3-الجائزة الاولي عن روايته :دمي ودموعي وابتساماتي " في عام 1973.
4-جائزة احسن قصة فيلم عن روايته "الرصاصة لا تزال في جيبي.

في عام بلغ من محافظة احسان والتزامه ان امه السيدة روزا اليوسف ارسلت اخته اليه التي كانت اكثر تحررا كي يعاقبها بنفسه، فقد كانت اخته تركب "البسكلتة" مع ابن الجيران، فارادت والدته ان تضع حدا لشقاوتها مع ابن الجيران، فارسلتها الى اخيها لتعيش معه في العباسية .هذا التكوين الاجتماعي منع احسان عبد القدوس من الاعتراف باسراره الخاصة، فلم يعترف الا بعلاقته النسائية الاولى يقول: ( الحب الاول في حياتي كان لبنت الجيران، كانت صديقة لابنة عمتي، وكان حبا اعتبره من ارقى وانظف واعمق انواع الحب الذي يجمع بين صبي وصبية، كان عمري وقتها 14 عاما، وهي 13 عاما، كان حبا قويا بالنسبة لي شخصيا، وكان لا يتجاوز انها تزور ابنة عمتي واجلس معها كما كانت التقاليد، كان شيئا راقيا في معناه، وكنت انتظرها على محطة الترام واركب معها لأوصلها إلى مدرستها "السنية".. ثم اعود على قدمي بعد ذلك الى مدرستي فؤاد الاول، وكل الذي كان يجمع بيني وبينها لا يعدو اكثر من ان امسك يديها وكان ذلك منتهى الرومانسية ) .

هذا المدخل يمكن ان نعتبره باردا لموضوع عن الاعترافات الجنسية لأشهر الأدباء والكتاب العرب، لكنها كانت مهمة لنفض الاشتباك حول ما يثار عن احسان عبد القدوس، فالناس يظنونه كاتبا متحررا من كل التقاليد والاعراف الاجتماعية، مع انه ملكي اكثر من الملك، بل وتصلح نهايات ابطاله الذين يبغون الحرية للتدريس واخذ العظة والعبرة

ولكن احسان عبد القدوس سيد المحللين السياسيين في زمانه وادب احسان عبد القدوس وشخصيته الظريفه هي التي شغلتني وابعدتني عن متابعه او الاتصال بالسيده والدته التي هي الباب الملكي لعبور الصحافه الساخره الجميله في زمانها‏.

‏لان احسان عبدالقدوس وكما ساكشف للقراء خلال مقالاتي هو صاحب فكره ومؤسس وكاتب مذكره برنامج انشاء‏[‏ المجلس الاعلي للاداب والفنون‏]‏ سابقا قدمها لعبد الناصر واحيلت الي كمال الدين حسين‏,‏ غير ان احسان فوجيء برجل الثقه‏(‏ يوسف السباعي‏)‏ يخطره انه استبعد من العضويه العليا للمجلس بعد انشائه الي مجرد عضو مهمش في احدي لجان المجلس‏

*‏ ولعل هذا السبب الاول بجانب عديدا من العوامل جعلت احسان عبدالقدوس يرفض في حياته الجائزه التقديريه‏,‏ لانه فقد الثقه في المعايير السياسيه وتوازنات المصالح والقوي البعيده كل البعد عن قيمه وجداره الرمز الفكري والثقافي والادبي ومدي تاثيره في مسار الادب والثقافه المصريه العربيه‏,‏ وللاسف مازالت رواسب هذه المعايير قائمه حتي الان‏,‏ تحكم منح الجوائز‏.‏‏

*‏امام هذا التجاهل والصمت المتعمد من اجهزه الاعلام المكتوب والمسموع والمرئي اسمح لنفسي بان احاول علي قدر جهدي‏,‏ وقراءتي المبكره في صباي ومعلوماتي وصحبتي الحميمه لاحسان عبدالقدوس خاصه من يوم ان تعرفت عليه شخصيا في مكتب توفيق الحكيم وكان وقتها قد ترك حوالي عام‏(1974)‏ رئاسه مؤسسه‏(‏ اخبار اليوم‏)‏ لخلاف مع‏(‏ انور السادات‏)(‏ قيل بسبب نشر مقالات لمصطفي امين بعد خروجه من السجن دون علم احسان‏)‏ واصبح كاتبا متفرغا بالاهرام‏,‏ ثم اصبح عام‏1975‏ رئيسا لمؤسسه وتحرير الاهرام ثم تركها فجاه بعد شهور‏(‏ قيل بسبب رفض احسان نقل بعض من كتاب وصحفيين يساريين‏,‏ كذلك رفض اغلاق‏(‏ مجله الطليعه‏)‏ التي كان يراسها لطفي الخولي‏)‏ وسافر الي الخارج فتره ثم عاد كاتبا متفرغا في الاهرام‏,‏ ولاحظت ولاحظ القاريء انه صمت عن الكتابه في السياسه وانفجرت موهبته القصصيه والروائيه فابدع كما غزيرا من الاعمال الجديره بالتقييم النقدي وقد حاولت حسب جهدي القيام بجزء ضئيل من هذا الواجب في بعض دراسات ومقالات لعل ابرزها دراستي في مجله الهلال عام‏1977(‏ المراه والحريه في عالم احسان عبدالقدوس القصصي والروائي‏)‏ واقنعته بعد قراره الا يتولي مناصب صحفيه او رسميه‏(‏ عرض عليه السادات ان يصبح وزيرا فاعتذر‏)‏ وبعد تركه للاهرام باجراء حوار وتم فعلا ونشر بمجله‏(‏ الدوحه‏)‏ القطريه اثناء ازدهارها تحت رئاسه‏(‏ رجاء النقاش‏)‏ كانت تدور عن صمته عن الكتابه السياسيه وقربه وزمالته للسادات منذ عام‏1948‏ ومعرفته بعبد الناصر منذ‏1950‏ قبل الثوره‏.

‏‏*‏ ما يعنيني هو تامل بتركيز درس احسان عبدالقدوس ككاتب سياسي وروائي ينتسب لجيل الاربعينيات المجيد نفس جيل ضباط يوليو‏1952,‏ فلقد عاش كصحفي يؤمن بحريه الراي والتعدديه وحق الاختلاف وسط الغليان السياسي الذي يجسد انهيارات النظام الملكي وفشل الاحزاب التقليديه‏,‏ بما فيها الوفد بعد ان انتهي دوره بعد معاهده‏1936‏ وظهور قوي شابه جديده تتمرد علي الاحزاب التقليديه التي تتصارع علي كرسي الوزاره وتوزعت هذه القوي بين مصر الفتاه وتحوله للحزب الاشتراكي الوطني احمد حسين‏,‏ والاخوان المسلمين‏(‏ حسن البنا‏),‏ والتنظيمات الماركسيه والطليعه الوفديه‏.

‏‏*‏ وكان موقف احسان السياسي هو رفض النظام الملكي والاحزاب التقليديه‏,‏ لم يؤمن بزعيم معين من القدامي ودرس كطالب في الحقوق واحتك بالقوي السياسيه الجديده ووضع مجتمع الاربعينيات السياسي والاقتصادي والاجتماعي المازوم‏..‏ فاختار استقلاليه الراي وكان صوتا ديمقراطيا راديكاليا او يعقوبيا‏..‏ ولا جدال ان البيئه الفنيه والصحفيه التي تفتح عليها وعيه ساعدته علي شق طريقه الصحفي فالاب محمد عبدالقدوس كاتب ومثقف مهندس وممثل له تميزه والام فاطمه اليوسف سيده عربيه عظيمه شقت طريقها منذ ان جاءت الي مصر في العشرينيات صبيه مهاجره من لبنان واصبحت من رموز مسرح رمسيس‏..

‏‏*‏ وختاما وقد انتصرت الان قيم ومبادئ احسان في اتجاه مصر الي التعدديه وحريه الراي ورفض الحكم المطلق وسياده القانون التي يقودها بحكمه الرئيس حسني مبارك وعواصف وسط انواء داخليه وخارجيه ان الاوان ان نرد الاعتبار لفارس الحريه احسان عبدالقدوس‏,‏ وبصفتي ناقدا درس قيمه انجازه السياسي والروائي الذي ظلمه النقاد وبصفتي عضوا بلجنه الدراسات الادبيه بالمجلس الاعلي للثقافه الذي كان احسان صاحب فكرته في البدايه‏,‏ اطالب بعقد مؤتمر يدرس انجازه المستنير المتحرر لكاتب لم يتاجر ويساوم بقلمه وهذا هو درس احسان ودرس المستقبل الساقط علي الحاضر‏.

‏صاغها اديبنا الراحل احسان عبد القدوس في مقدمه روايته وفيلمه الوساده الخاليه تقول في حياه كل منا وهم كبير يسمي الحب الاول لاتصدق هذا الوهم فان حبك الاول هو حبك الاخير وهي عباره تمنح الامل في استمرار الحياه حتي لاتتوقف علي شيء او احد وحتي لاتتوقف عند شيء او احد فماذا اراد هذا الفيلم الحب الاول ان يقولشهد الاسبوع الثقافي احتفال روزاليوسف واسره الكاتب الراحل احسان عبدالقدوس بمناسبه مرور ثمانين عاما علي مولده ومرور تسع سنوات علي رحيله‏,‏ في الصالون الادبي الذي شارك فيه الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والدوله للبحث العلمي والمهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل والدكتور صلاح فضل رئيس قسم اللغه العربيه وادابها بجامعه عين شمس كما شارك ايضا الاديب محمد عبد القدوس والاستاذه لوتس عبد الكريم رئيس تحرير مجله شموع والاستاذه نرمين القويسني‏.‏

مع عدد كبير من الكتاب والنقاد والمثقفين والفنانين‏.‏ ادار الحوار الاستاذ صلاح عيسي الذي اشاد بنضال ودور احسان عبد القدوس في الدفاع عن الحريات طيله حياته كرائد من رواد الحريه السياسيه والاجتماعيه‏.

‏وفي البدايه تحدث الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والدوله والبحث العلمي عن احسان عبد القدوس ومعركته مع الحياه منذ ان كان تلميذا بمدرسه السلحدار حتي تخرج في كليه الحقوق بجامعه القاهره ثم اشتغاله بالمحاماه لمده عام ثم التحاقه بعدها بالعمل في روزاليوسف ودخوله السجن بسبب احدي مقالاته‏.

‏ وتهيات له كل الفرص والظروف للعمل في جريده الاخبار لمده‏8‏ سنوات ثم عمل بجريده الاهرام وعين رئيسا لتحريرها‏.‏واضاف الدكتور مفيد شهاب ان احسان المناضل الوطني اثار قضايا الاسلحه الفاسده انطلاقا من مناهضته للفساد السياسي‏.

‏واسهب احسان في الحديث عن الحريه في اعماله الادبيه والصحفيه حتي امتزجت لديه النزعه الادبيه الاصيله مع الحرفه الصحفيه‏.‏وكانت كتابات احسان بالمقارنه بزميله نجيب محفوظ ويوسف السباعي اقرب الي روح الشباب‏.‏ كما كانت رواياته تصدر عن حس وطني مؤثر فنجد روايه في بيتنا رجل تدعو للمشاركه السياسيه‏.

‏ وايضا علي مقهي في الشارع السياسي تكشف عن حبه العميق لوطنه‏.‏ وقال الدكتور صلاح فضل رئيس قسم اللغه العربيه وادابها بجامعه عين شمس ان ادب احسان عبد القدوس يمثل نقله نوعيه متميزه في الروايه العربيه الي جانب ابناء جيله الكبار من امثال نجيب محفوظ ويوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله‏,‏ لكن احسان تميز عنهم جميعا بامرين احدهما انه تربي في حضن الصحافه‏,‏ وتغذي منذ نعومه اظفاره علي قاعده البيانات الضخمه التي تتيحها الصحافه لاختراق طبقات المجتمع المختلفه خاصه الطبقه الارستقراطيه واوساط السلطه ومعرفه دقائق العلاقات الاجتماعيه في هذه المجتمعات مما يمثل ماده غنيه تمد مخيله الكاتب الروائي بوقائع وعلاقات كاشفه عن طبيعه المجتمع ومضيئه لخلفيات الاحداث وكانت الصحافه‏,‏ وصالون روزاليوسف والعلاقات المباشره بكبار الادباء والفنانين والسياسيين ونجوم المجتمع هي المنبع الذي اتاح لاحسان عبد القدوس ان يصور الجوانب الخفيه في الحياه المصريه ويتخطي بذلك كثيرا من الحواجز التي حالت بين زملائه وبين معرفه هذه البيانات‏.

‏اما الميزه الثانيه لادب احسان فهي انه كان عميق الايمان بقضيه الحريه‏,‏ بمختلف مستوياتها السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيهوتقول الاستاذه لوتس عبد الكريم رئيسه تحرير مجله شموع‏:‏ عرفت الاستاذ احسان عبد القدوس منذ‏15‏ عاما حيث كنت اواظب علي زياراته الاسريه كصديق للعائله وتوطدت العلاقه مع عائلته وابنائه‏:‏ محمد الذي اخذ الجانب الديني من جده ومثل الاتجاه الديني في والده‏,‏ واما احمد فهو رجل اعمال واما والدتهم فقد كتب عنها الاستاذ احسان في كثير من رواياته وكان يسميها رئيسه مجلس اداره حياتي لقدرتها الفائقه علي اداره دفه الحياه كلها‏.‏

وفي روايته‏(‏ لاتطفيء الشمس‏)‏ قال عنها انها الحياه ومحور الحياه وكتب لها اهداء قال فيه‏:‏‏(‏ الي الهدوء الذي صان ثورتي والعقل الذي اضاء فني والصبر الذي غسل ذنوبي‏).‏وفي تعليقها على أعمال أحسان عبد القدوس تتساءل الناقدة: لماذا لم ينل أحسان عبد القدوس حظا وافرا من اهتمام النقاد؟ ثم تجيب: لعل وصف العقاد لأدب أحسان بأنه أدب فراش وأدب جنس لا يزال يتردد صداه في آذان النقاد.

وفي رأيها فإن أعمال عبد القدوس تنتسب إلى الإعداد السينمائي بأكثر من انتسابها إلى لون أدبي آخر.

ايوب صابر 05-19-2012 02:57 PM

ومع ذلك فإن الحفاوة بأعمال أحسان عبد القدوس عقب وفاته قد أسفرت عن بعض الملامح في الملفات التي أصدرتها المجلات الثقافية عن الكاتب وفي عشرات المقالات والأحاديث التي تناولت حياته وأدبه.

لذا تحاول الناقدة أن تناقش بعض آراء أحسان عبد القدوس سواء تلك التي تضمنتها أعماله أو أدلى بها في حوارات وأحاديث.

وعلى سبيل المثال ترى الناقدة أن أحسان ابتدع بعض التقاليد غير الموجودة في مجتمع الريف، وحاول أن يوهم القارئ أن هذه التقاليد راسخة في الريف المصري.

غير أن الواضح للعيان أن أهل القرية المصرية لا يمكن أن يفرطوا في مسألة الشرف، سواء أكانوا فلاحين معدمين أو من الأعيان، فالشرف لا يتجزأ.

وهي ترى أن أحسان لم يناقش مشكلات القرية الحقيقية، ولا تناول مشكلات المرأة الريفية، بل إنه عرض لسلطة الرجل سواء كان زوجا أو أخا، وهي تضرب مثالا على ذلك بجمعة في قصة "اكتشاف الألومنيوم" الذي يتمسك بشكل تعسفي بأن تكون أواني المطبخ من الألومنيوم، ويفشل مشروع زواجه لهذا السبب، بل يفقد حياته كلها بسبب إصرار فتاته على أن تكون أواني مطبخها من النحاس الأحمر، كعادة أهل الريف.

ويتحول مشروع الزواج إلى ثأر بين عائلة جمعة وعائلة عروسه، ولا يكتفي أحسان بتلك النهاية، بل ينهي قصته وقد استخدمت جميع أسر القرية الألومنيوم، وتعدد نساؤها مميزات الألومنيوم. وتتساءل الناقدة: هل استخدام الألومنيوم بدلا من النحاس الأحمر يصلح قضية للقرية؟ أية قرية ؟ إن القضية هنا هامشية للغاية.

اللهم إلا إذا وجدنا في ذلك دلالة مجتمعية، بمعنى أن الألومنيوم هو التعبير عن التحول في المجتمع، بينما النحاس الأحمر هو الثبات على القديم، على السلفية، والقصة ـ كسابقاتها في أعمال أحسان ـ لا تتعرض لحياة أهل القرية ولا سلوكهم وهمومهم وأفكارهم.المرأة في أعمال يوسف إدريس وفي دراستها عن "المرأة أمًّا وزوجة وحبيبة في أعمال يوسف إدريس"، ترى الناقدة إن أوَّل ما نلاحظه على النماذج التي قدمها إدريس للمرأة أن هناك نماذج شاذة وغريبة إلى جانب النماذج التي تتسم بالتلقائية والطيبة، فضلا عن تقديمه للمرأة الساقطة بشكل مكثف سواء أكان هذا السقوط نابعا من إرادتها أم نتيجة الظروف المحيطة بها، وكان للرجل دور كبير في سقوط المرأة، وكان للحرمان الجنسي دور كبير كذلك في سقوطها واستسلامها.

وقد صور إدريس سقوط المرأة من خلال سقوط المجتمع ككل، فقد كان السقوط عنده كاملا، ففي قاع المدينة سرقت شهرت واحترفت الدعارة، كذلك سناء ارتشت وسقطت مع محمد الجندي، وفي الحرام كان الزنا والقتل دائما، بعد أن فتك المرض بالرجل وبدأت عزيزة رحلة المعاناة نشدانا للقمة العيش.

وفي النهاية تتساءل الناقدة: هل تأثرت صورة المرأة في أدب إدريس بعلاقته بأمه؟ وهي في ذلك التساؤل تستند إلى ما قاله بعض النقاد إن يوسف إدريس تأثر في رسم شخصية الأم والزوجة أو المرأة عامة، بعلاقته بأمه منذ الطفولة، تلك العلاقة التي اتسمت في أكثر الأحيان بالتوتر والجفاء وانعدام الشعور بالحنان والاستمالة من جانب يوسف، والصد من جانب الأم.

من أعماله في السينما والتلفزيون والمسرح ومن قصصه التي تحولت إلى أفلام سينمائية:
اللَّه معنا - لا تطفئ الشمس - في بيتنا رجل - الخيط الرفيع - أنا حرّة - الطريق المسدود - بئر الحرمان - الوسادة الخالية - أنف وثلاث عيون - أبي فوق الشجرة - دمي ودموعي وابتسامتي - بعيدا عن الأرض - لعذراء والشعر الأبيض - لاأنام وغيرها كثير،

والكاتب إحسان عبد القدوس هو صاحب فكرة إنشاء نادي القصة والمجلس الأعلى للفنون والآداب،
شاركه في التنفيذ صديقه الكاتب يوسف السباعي وتوفيق الحكيم ومحمود تيمور،
توفّي إحسان عبد القدوس في الثاني عشر من شهر كانون الثاني/يناير عام 1990 .

ايوب صابر 05-19-2012 03:08 PM

إحسان عبد القدوس


http://www.marefa.org/images/2/2b/Ihsan.jpg http://www.marefa.org/skins/common/i...y-clip-rtl.png
إحسان عبد القدوس


إحسان عبد القدوس (يناير 1919 - 11 يناير 1990) صحفي وروائي مصري وصاحب أكبر عدد من الأعمال التي تم تحويلها إلى أفلام ومسلسلات تليفزيونية.
صحفي وروائي مصري من أصل تركي من جهة أبويه ، ابن السيدة فاطمة اليوسفالتركية الأصول اللبنانية المولد و المربى و هي مؤسسة مجلة روز اليوسف و مجلة صباح الخير. يعتبر من اوائل الروائيين العرب الذين تناولوا في قصصهم الحب البعيد عن العذرية. تحولت اغلب قصصه إلى افلام سينمائية. من رواياته الشهيرة: في بيتنا رجل، النظارة السوداء، لا وقت للحب, أيام من شبابي ... الخ... ولد عام 1920 وتوفي عام 1986 له ما يقرب من 59 رواية ،ابنه الصحفي المعروف محمد عبدالقدوس الاسلامي الاتجاه وعضو مجلس نقابة الصحفيين.

ترجمات باللغة الصينية قد صدرت في الصين لمشاهير الأدباء والكتاب والشعراء المصريين. إلا أن أكثر الأعمال الإبداعية توزيعا في الصين من بين أدباء مصر الذي ترجموا لهم أعمالهم إلى اللغة الصينية هو "إحسان عبد القدوس".
في شهر يناير من عام 1919 جاء إلى الحياة ، وفي يناير من عام 1990م رحل. قبل أن يسافر والده "محمد عبد القدوس" إلى إيطاليا عام 1924م لدراسة فن التمثيل أدخل "إحسان" كتابا بالعباسية ، وبعد ان عاد أدخله مدرسة السلحدار الإبتدائية في "باب الفتوح" ليكون في رعاية "محمد عبد الوهاب" مدرس الموسيقى وصديق "محمد عبد القدوس" ، وبعدها إلتحق بمدرسة خليل أغا ، ثم مدرسة فؤاد الأول حيث حصل على التوجيهية عام 1938م ، وكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول ، وحصل على الليسانس عام 1942م. وفي نوفمبر عام 1943 عقد قرانه على "لواحظ إلهامي" في منزل "محمد التابعي" وكان يتمرن في مكتب "إدوار قصيري المحامي" ولم تحضر أمه السيدة "روزاليوسف" عقد القران ، وإستضاف الوالد العروسين في شقته الصغيرة بعابدين. وفي عام 1945م كتب مقالا ضد السفير البريطاني بعنوان "هذا الرجل يجب أن يذهب" ، وكان "محمود فهمي النقراشي" رئيسا للوزراء فصادر المجلة وقبض على إحسان وأودع سجن الأجانب. وشهد مكتب وكيل النيابة مناقشة حامية بين الأم "روزاليوسف" والإبن "إحسان عبد القدوس" كل منهما يريد أن يتحمل مسئولية المقال. وتقول الأم "فاطمة اليوسف" في مذكراتها أنها عينت "إحسان" بعد الإفراج عنه رئيسا لتحرير المجلة ، وسمحت له بالتدخين لأول مرة أمامها ، ظل إحسان رئيسا للتحرير من 1945-1964م. وكان قد تولى رئاسة مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف عام 1960م عقب تأميم الصحافة. ثم عين رئيسا لتحرير أخبار اليوم من 1966-1974م ، وعين عام 1971 رئيسا أيضا لمجلس إدارة المؤسسة. وإختير كاتبا متفرغا بجريدة الأهرام من 1974-1975م ورئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام من مارس عام 1975 حتى مارس عام 1976م ، وبعدها كاتبا متفرغا في الأهرام حتى وفاته في يناير عام 1990.



دخل السجن الحربي مرتين

ووقف "إحسان" إلى جانب الديموقراطية البرلمانية وثار بعنف على ضرب "د. عبد الرازق السنهوري" في مكتبه بمجلس الدولة وذهب لزيارته في بيته. وكتب 3 مقالات لمجلة روزاليوسف تحت عنوان "الجميعة السرية التي تحكم مصر". وشدوه إلى زنزانة إنفرادية في السجن الحربي من يوم 29 إبريلك عام 1954م حتى 31 يوليو عام 1954م. وكان قد طالب بضرورة خروج جمال عبد الناصر وزملائه الضباط من الجيش وإعادة الحياة النيابية "كضمان لحياة سياسية مستقرة". وكان يوم دخوله السجن الحربي نهاية لصداقته للضباط الذين إستولوا على السلطة يوم الأربعاء 23 يوليو عام 1952 ونهاية لتأييده لما قاموه به. وكان "فاطمة اليوسف" تعتقد أن إبنها "إحسان" (حسن النية أكثر ما يبنغي ولم يدقق في جوهر من وثق بهم دون حذر أو روية) ، وأصدرت تعليماتها بعدم ذكر أسماء هؤلاء الضباط على صفحات المجلة مادام إبنها مسجونا. ولم ترد كلمة واحدة في المجلة عن "ثورة يوليو" وكأنها لم تحدث أبدا. ولم ذهب "فاطمة اليوسف" إلى لقاء "عبد الناصر" حين طلبوا منها ذلك.
وخرج "إحسان" من السجن الحربي صباح يوم 31 يوليو 1954م ، وما أن وصل إلى بيته ليجد التليفون يحمل إليه صوت جمال عبد الناصر يضحك ويقول له: هيه إتربيت ولا لسه يا إحسان" طيب تعال إفطر معايا ، ما تتأخرش أنا منتظرك" (هذه العبارة وردت بالحرف في أحد الكتب التي نشرتها في هيئة الكتاب عام 1982 ، وكنت قد أرسلت له التجارب في مكتبه بجريدة الأهرام. وما رضى عنه ووافق عليه قمت بنشره).
ومرة أخرى من عام 1954م أخرجوه من بيته عنوة ، ورغم نعومة الثعابين التي لقيها من زوار الفجر وجد نفسه في السجن الحربي متهما بالتآمر على الثورة ، وأن شريكه في المؤامرة إعترف عليه ، ويجب أن يعترف هو الآخر بالمؤامرة ، وكانت هذ المرة للإستمرار في الضغط علي أعصاب الكاتب الكبير لأنه وهو أثناء جلسة التحقيق دق جرس التليفون ، وإذ بصوت "جمال عبد الناصر" يقول له "أعمل إيه بس يا إحسان.. إعذرني". وأعادوه إلى بيته وهو يحدث نفسه: إننا في العام الثاني للثورة .. ماذا يكون عليه الحال بعد عشرة أعوام؟! وجرت بعد ذلك أربع محاولات لإغتياله "حسب ما ذكره إحسان بنفسه".
أسرة الكاتب

لم يكون طريق "إحسان" مفروشا بالورد والزهور. وكان مليئا بالعثرات والتناقضات. نبدأ بجـــده "الشيخ أحمد رضوان" من خريجي الجامع الأزهر وعمل بالمحاكم الشرعية ، وتولى تربية "إحسان" ، وكان "الشيخ أحمد رضوان" يلتقي بزملائه علماء الأزهر في ندوة دينية يعقدها في منزله. والشيخ رضوان ريفي المولد والنشأة والسلوك من كفر "عمونة" التابع لقرية شبرا اليمن بمركز زفتى محافظة "الغربية". وقد ورث "إحسان" عن جده ثلاثة فدادين. وقرأ القرآن في بيت جده مرات كثيرة وأخذ من ضيوفه العلماء جرعات دينية. وكان الشيخ رضوان ريفيا محافظا ، ولكنه سمح لإحسان بأن يقضي كل يوم جمعة مع والدته الفنانة والكاتبة "روزاليوسف" وإستمر هذا التقليد ساريا حتى بعد أن تزوجت السيدة "فاطمة اليوسف" من الفنان "زكي طليمات" في أواخر عام 1923 ، وقد أحاط زكي طليمات "إحسان" بالرعاية والعناية. وظل "إحسان" ينادي زكي طليمات بعبارة "بابا زكي" إلى أن توفي. وحدث مرة – يوم جمعة – أن تطاول أبناء الجيران على الطفل "إحسان" فما كان من زكي طليمات إلا أن نزل إلى الشارع ماسكا "شومة" غليظة لتأديب الذين إعتدوا على "إحسان".
وإذا كان "إحسان" قد تأثر بجده "الشيخ رضوان" ، فقد وجد الحنان في صدر عمته "نعمات هانم رضوان". أغدقت عليه الحب والحنان. وفي بيت أمه وجد عطف الأم وتعرف على الفنانين والكتاب وحملة الأقلام. وإذا كان قد وجد الأمومة في بيت أمه وجد الإستقرار في بيت جده وعند عمته. وفي الثامنة عشرة من عمره ترك "حارة نصير" في العباسية غلى بيت أمه في "حارة جلال" بشارع عماد الدين. وبقى "إحسان" محبا لقريته ولأهله من الفلاحين البسطاء ، وظل يقضي العطلة الصيفية في تلك القرية منبت جده ووالده "محمد عبد القدوس".
ووالد إحسان "محمد عبد القدوس" كان مهندسا بالطرق والكباري وعاشقا للفن والتمثيل والمسرح. وسعى والده "الشيخ أحمد رضوان" لنقله إلى الصعيد حتى يبعده عن مناخ الفن في القاهرة. وتم نقل المهندس محمد عبد القدوس ليعمل ناظرا لمدرسة الأقصر الصناعية ، ولكن إستقال وعاد إلى القاهرة حيث النشاط الفني وكان محمد عبد القدوس بارا بإبنه "إحسان". وذكرنا في الفقرات الأولى أن والدإ أخذ إحسان وعروسه إلى شقته بعابدين. ويقول إحسان إنه أحب والده حبا بالغا وكان يعشقه لدرجة الإمتنان. وكان يرى أباه كأنه أحد القديدسين أو أحد المتصوفين.
إحسان وإبناه

وحتى تكمل الصورة فإن نموذج العلاقة بين "إحسان عبد القدوس" ووالده "محمد عبد القدوس" نراه يتكرر بين "إحسان" وولديه "محمد وأحمد". منح إحسان ولديه محمد وأحمد الحب والرعاية والعناية والثقة بالنفس وحرية التفكير والتصرف والسلوط. يقول عن ولده زميلنا وصديقنا "محمد عبد القدوس" الذي نتجمع حوله في إنتخابات نقابة الصحفيين فيحصل على غالبية الأصوات.. قال إحسان عن ولده محمد إنه متدين جدا ويذكره بجده.. وحينما فكر أن يتزوج لم يتدخل إحسان مطلقا ويحمد الله أنه إختار فتاة فاضلة هي إبنة "الشيخ محمد الغزالي" ، ويختلف محمد عن إحسان في أن إحسان رفض الإنضمام إلى أي حزب أو تنظيم ولكن محمد إنضم إلى "الإخوان المسلمين". ويتحدث إحسان بالحب أيضا عن إبنه الثاني "أحمد" الذي سافر إلى أمريكا وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة كاليفورنيا ، وإشتغل بعدها في شركة كبيرة وتزوج كريمة الخبير البترولي "توفيق شوقي". لقد أطلنا الحديث حول أسرة الكاتب والبيئة المحيطة ، لتقديرنا بأن هذا الحديث ينيرالطريق في تفسير كثير من الأمور عند إحسان عبد القدوس.

ايوب صابر 05-19-2012 03:17 PM


بعد كتبها الثلاثة التي تناولت فيها علاقاتها الثقافية بكل من الملكة فريدة والموسيقار محمد عبد الوهاب والأديب يوسف السباعي، صدر في القاهرة عن دار "لوتس للطباعة والنشر"، بمناسبة ذكرى ميلاد عبد القدوس التي حلت في نهاية كانون أول كتاب جديد للأديبة المصرية د. لوتس عبد الكريم تروي فيه للمرة الأولى أسرار جديدة عن حياة المبدع الراحل أحسان عبد القدوس في كتاب بعنوان «إحسان عبد القدوس».

تقول الدكتورة لوتس أن إحسان عبد القدوس اعترف للزعيم الراحل جمال عبد الناصر بأنه هاوٍ للكتابة قبل أن يكون محترفاً، وأنه استعان دائماً بالحب على مواجهة كل التناقضات في حياته الأولى، وأن إحسان عبد القدوس كان يخفي دائماً وجهه بيده لتأذيه من مظهر أنفه!

وأنه اختار في زوجته النقيض من والدته روز اليوسف، ولم يتمن في حياته مطلقاً أن يتزوج من امرأة عاملة (مدام كوري)، وكان يبحث دوماً عن امرأة تحب عيوبه وليس اسمه! كما ترى الدكتورة لوتس عبد الكريم أن إحسان قد تربى في ظل أسرة محافظة تقليدية تحرص على الدين، والحجاب بالنسبة للمرأة ، وكان يلحظ كم تقف أسرته بشدة ضد كل خروج على آداب الدين والتقاليد ، كما لاحظ الطفل الصغير مدى التباين بين نوع الحياة في بيت جد?ه ونوع الحياة التي تعيشها أمه الفنانة المعروفة ثم الصحافية ، وقبل هذا كله امرأة متحررة.

وتوضح د.لوتس أن إحسان عبد القدوس كان يقول عن نفسه أحياناً: «أنا مجنون، ومن يرد أن يفهمني يجب أن يكون مجنوناً مثلي!»
ومن أشهر أعماله الإبداعية: أنا حرة، في بيتنا رجل، أنف وثلاث عيون، شيء في صدري، الخيط الرفيع، الطريق المفقود، أيام في الحلال، العذراء والشعر الأبيض، أبي فوق الشجرة ، لا أنام، الوسادة الخالية. وقد حصل إحسان على وسام الاستحقاق ووسام الجمهورية من الدرجة الأولى

ايوب صابر 05-19-2012 03:23 PM

Ihsan Abdel Quddous (Arabic: إحسان عبد القدوس‎, Iḥsān ‘Abd al-Quddoūs) (January 1, 1919 – January 11, 1990) was an Egyptian writer, novelist, and journalist and editor in the Al Akhbar and Al-Ahram newspapers. He is known to have written many novels that have been adapted in films.



Early life and education

Abdel Quddous was born to a Muslim family of Turkish-Egyptian ancestry. His favorite hobby as a child was reading. At the age of eleven, he started writing short stories and classical poems.[1] His father, Mohamed Abdel Quddous, an Egyptian theatre and film actor, motivated him to pursue a career in law. Ihsan graduated from law school in 1942 and worked as a lawyer. He was, at the beginning of his career, a trainee for the law firm of Edward Qussairi, a famous Egyptian lawyer.[1] He was also an editor in Rose al Youssef, a weekly magazine that his mother Fatima al Youssef (aka Rosa al Youssef) had founded.

ايوب صابر 05-19-2012 04:37 PM

يبدو ان هناك اختلاف حتى في تاريخ ميلاده وهناك ما يشير الى انه لم يعش طفولة طبيعية وكان بعيدا عن الوالدين في تلك المرحلة الحساسة من تكوين الشخصية. لا نعرف متى مات والديه لكن هناك ما يشير الى انه عاش يتيم اجتماعي .

يتيم اجتماعي.

ايوب صابر 05-19-2012 04:49 PM

ابرز حدث في حياة كل واحد من الروائيين اصحاب افضل الروايات العربية من رقم 71- 80

71- عبد الخالق الركابي العراق....مأزوم.
72- ثروت أباظة مصر ........مجهول الطفولة
73- الطاهر وطار الجزائر......يتيم اجتماعي
74- محمد زفزاف المغرب ....يتيم اجتماعي
75- رشيد بوجدرة الجزائر........يتيم
76-احمد ولد عبد القادرموريتانيا.....مجهول الطفولة
77- موفق خضرالعراق........مجهول الطفولة.
78-قمر كيلاني سوريا.........مأزومة.
79-فوزية رشيد البحرين......مجهولة الطفولة.
80- احسان عبد القدوس مصر.....يتيم اجتماعي.






ايوب صابر 05-19-2012 04:56 PM

رواية -81- رموز عصرية" لخضير عبد الامير العراق


ضاء الخالدي
دع..
من بين افضل مئة رواية عربية خلال القرن العشرين، نجد ست روايات عراقية هي "الرجع البعيد" لفؤاد التكرلي و "الوشم" لعبد الرحمن مجيد الربيعي و "النخلة والجيران" لغائب طعمة فرمان و "سابع ايام الخلق" لعبد الخالق الركابي و "الاغتيال والغضب" لموفق خضر و "رموز عصرية" لخضير عبد الامير ( ترتيب الاسماء حسب التسلسل )، والملاحظ ان جميع هذه الروايات يستطيع القارئ ان يتواصل معها، وينشد الى عوالمها دون ان يصيبه الملل، ولا خلاف على القيمة الجمالية التي تحمله كل رواية من تلك الروايات، وبعضها دخلت منطقة التجريب كروايتي " الوشم" و "سابع ايام الخلق" دون ان تضع المتلقى في متاهات. بل كانت تمد يدها له، لتبحر معه في رحلة ارادها الكاتب ان تكون جديدة.
قد نملك بعض الاسئلة على هذا الاختيار، ولكنه يشي بحقيقة لا يمكن تجاهلها ان القصة والرواية العراقيتين وكأنهما تتعمدان الابتعاد عن الجمهور، من خلال اساليب تكون فيها الشخصية بلا ملامح، شبحية، غارقة باساليب تنشد بالدرجة الاولى ايصال ثقافة الروائي الينا، وتوقه الى اجتراح طريقة روي جديدة تسجل باسمه.
القناع الذي يتخفى به هؤلاء الكتاب هو اختلاف الذائقة ومستويات التلقي، بالتالي فهم غير معنيين بالقاريء الكسول، ويودون متلقيا يشاركهم في صنع الدلالة، ومؤهلا للانتقال معهم في رحلة الى قاع النص لا ستخراج " الدرر" . هذه المساحة لا تخضع الى ملامح واضحة وهذا يعني وجود امكانية ان يتخفى الكثيرون ممن لا يستطيعون ان يكتبوا رواية كلاسيكية، ونتحدث هنا من باب كوننا قراء مقتنعين بان مفردة قصة او رواية، تعنى متعة وتشويقا وثقافة...
لهذا فان اول خطوة ان يقرأ النص بالكامل، وبعدها نطلق الاسئلة لذواتنا. نرى حجم التاثير الذي احدثه النص فينا. يمكن ان نقول ان الروائي او القاص قد فشلا في اقناعنا بما قدماه لنا على شكل كتاب. او نقول العكس، وهذه القضية هي التواصل الذي نتوق اليه. لا ان يرمى الكتاب بعد قراءة صفحات قليلة منه، وليس كل الروايات " يوليسيس " حتى يمكننا ان نبرر بعض الشطحات الابداعية التي تنظر الى هم قصي لا يصله الكثيرون منا كقراء وكسرديين.



ضياء الخالدي
روائي من العراق

ايوب صابر 05-19-2012 10:40 PM

ملاحق جريدة المدى اليومية » الأخبار » الملاحق » عراقيون
النزعة التدميرية في قصص جليل القيسي
http://www.almadasupplements.com/themes/portal/info.gif بتاريخ : الأربعاء 09-05-2012 09:46 مساء

ياسين النصير
كاتب وناقد عراقي
الوجه الآخر من قصص الستينيات هو المهم في هذه الدراسة، وإذا كان لا بد من العرض المبسط الذي قدمناه، فالأمر بالنسبة لأفضل نماذجها القصصية وقفة أكثر مسؤولية. لا يصح مطلقا نعت قصة الستينيات كلها بالتجريبية. وان اعتمدتها كجزء من سعيها لاكتشاف قارتها الخاصة. لقد وعي عدد غير قليل من القصاصين الأهمية لفن القصة في استيعاب أفكار المرحلة،

لكن من خلال المواقع التي تتصل بأفضل إنجازات القصة الخمسينية أولا، وبما وصل إليه الفن القصصي في العالم العربي ثانيا. ومرة أخري أجد نفسي مدفوعا إلي تأكيد النزعة التدميرية ــ البنائية لدي القصاصين وهم يترجمون سيكولوجية المرحلة في أعمال فنية إلا أن الطريقة التي سلكها القصاصون هنا مختلفة كثيرا عن تلك التي اعتمدها الخمسينيون. فالسيكولوجية العامة لمجتمع المرحلة توضح أن: الرفض ــ اللا انتماء ــ الفردية ــ الذاتوية ــ الانكفاء ــ العزلة ــ الميل إلي السكني في أماكن مغلقة ــ الابتعاد عما هو جماعي ــ السعي إلي الاستغراق في الأحلام ــ والعودة إلي الشعر من خلال استنهاض المكنون النفسي، هي المؤثرات العامة لحياة مجتمع تلك الفترة.وتحت ظل هذه النفسية المرتبكة جري فرز حقيقي لجنسية الكتاب، فمعظمهم من الشباب، ومن الفئة البرجوازية الصغيرة، ومن الذين مروا بتجارب سياسية محبطة، ومن الذين يقرءون العبث والوجودية واللا معقول والماركسية والفوضوية وثورات العالم الثالث، وعلي ضوء هذه المعطيات العامة نستطيع أن نؤشر نقطتين مهمتين:أولاهما: أن فن القصة ابتعد عن المواقع الاجتماعية ذات النزعة الشعبية العامة، علي العكس ما كانت عليه قصة الخمسينيات، وأبدلتها بأماكن متعددة، بعضها لا هوية واضحة لها، وبعضها الآخر مختص بقطاع اجتماعي معزول، كائن في الأماكن القصية، ومحاط بأسرار المجتمع، وسكنتها من أولئك الذين تخثر الحزن علي ملامحهم وسلوكهم وتصرفاتهم ومن داخل هذه الأمكنة المغلقة السوداء، المعزولة، أطل القاص علي المجتمع. وكانت المرأة هي الجنس الغالب لمثل هؤلاء السكنة، أما الرجال، فكانوا أما غائبين أو في مهمات، وحضورهم لا يتم إلا في حالة استدعاء روحي ــ مادي تمثل في الرغبة الجنسية أو في إيصال ما أنقطع من زمن. لقد جري اختيار مقصود لنوع الأبطال وأمكنة سكناها وطريقة تفكيرها وأسلوب حياتها اليومية. ويمكن الإشارة هنا إلي جملة قصاصين أكدوا هذا المنحي في قصصهم: محمد خضير في اختيار الأماكن المعزولة عن أضواء المدن وهتاف الشوارع، موسي كريدي في سعيه لفهم خصائص مدينة النجف وأمكنتها وبعض نسوتها، أحمد خلف في تتبعه لامرأة الحاجة المفرغة، وكان بها جواباً لآفاق روحية بعيدة. جليل القيسي في اهتمامه برصد الحالات المستوفزة بفعل الحرب أو الجنس. غازي العبادي في ولعه المتزايد في تتبع أبن الريف وهو يواجه العنت والاضطهاد.. عبد الإله عبد الرزاق في ميله إلي عزلة أبطاله خارج أسوار المدن. محمود جنداري في تأكيده الروح المتأججة بحالتها اليومية، جمعة اللامي، في المغزي السياسي المباشر لأناس القاع الأسفل وهم يتحولون باستمرار، وفاضل العزاوي في استقصاء الوعي الاجتماعي المتجدد. ولأول وهلة تجد أن أمكنة باهتمامات، وشخصيات بمواقف، وأحداث بموضوعات اعم. هي ما يميز هؤلاء القصاصين الذين ناءوا بفنهم في أخر الأمر من تلك المواقع الظليلة إلي المواقع الحاسمة والشديدة الصراع في المجتمع.وثانيهما: أن الكاتب القصصي في هذه الفترة قد وضع فواصل واضحة إلي حد ما بين القصة القصيرة والقصة القصيرة الطويلة، وبينهما وبين فن الرواية الذي بدأ يتضح علي يد القاص غائب طعمه فرمان، كما برزت الأقصوصة وتداخلت مع الجميع مخلفات القصة الريبورتاج التي توارثها الكتاب من الأربعينيات.وعموما تجد أن فرزا حقيقيا وواضحا لأصناف النوع الأدبي فالقصة القصيرة المتكاملة والتي يكتبها عدد غير قليل من القصاصين قد اعتمدت منهج القصة الخمسينية الناضجة مع تطوير واضح لقواعدها، وإشباع متميز لأجزائها. وبفهم وبوعي نقدي لأحداثها وموضوعاتها ولطريقة كتابتها ولاهتمامات شخصياتها. كما أن القصة القصيرة الطويلة، قد أوضحت هي الأخري، فمالت من حيث موضوعها إلي إشراك عدد أكبر من الشخصيات في حدث واحد، وإلي التوسع في الإدراك النفسي والاجتماعي لكل ما يحيط بها، لكنها لم تتناول مصائر اجتماعية واسعة ولا حقبة تاريخية مشخصة ولا قطاعا اجتماعيا شعبيا محددا، ولا شخصيات نمطية مألوفة كما تفعل الرواية غالبا، ويتميز عبد الرحمن الربيعي في مثل هذا المعزل بين الأنواع.وبتوضيح خصائص هذا النوع للقصة أمكن فرز أعمال قصصية يمكن تسميتها بالقصة القصيرة الطويلة: (المسافة) ليوسف الصائغ و(كانت الطائرات تحلق عاليا) لفاضل العزاوي، (رجل الأسوار الستة) لعبد الإله عبد الرزاق، (تلك الشمس كنت أحبها) لعبد الستار ناصر،ط مملكة الجد والوشم (لعبد الرحمن مجيد الربيعي)، (رموز عصرية) لخضير عبد الأمير، في حين أن حاجة أخرى قد نشأت إلي الأقصوصة أو كما سميتها لاحقا (القصة القصيرة جدا) وكان أبرز كتابها خالد حبيب الراوي ومن ثم أحمد خلف حتي استقرت في آخر المطاف علي يد كاتب أجاد وتفرد بها هو إبراهيم أحمد. وحصيلة هذا الشكل أتت بفائدة علي القاص في الانتباه إلي تلك اللحظات المكثفة من الحياة، والتي غالبا ما تشبه البقع السوداء في الفضاء الخارجي. أما جذور هذا اللون فيمتد إلي ريبورتاجات ذنون ايوب في مجموعة (برج بابل) في الأربعينيات. وإلي فن التقطيع الذي لجأ أليه الكتاب في الستينيات عندما بداوا يوزعون قصصهم إلي مقاطع وأرقام، وأفضل من عمل ذلك هو غازي العبادي ثم توسع علي يد آخرين، إضافة إلي أن هذه الفترة شهدت ترجمة قصص ساروت: انفعالات فكانت نموذجا لهذا النوع القصصي أما القصة القصيرة الفنية، فقد تكاملت أبعادها كما أسلفنا، وأصبحت مكتملة النوع، ويمكن القول أن محمد خضير، موسي كريدي، جليل القيسي، أحمد خلف، محمود جنداري، غازي العبادي، خضير عبد الأمير، جمعه اللامي، عبد الرحمن مجيد الربيعي، فهد الأسدي، عبد الإله عبد الرزاق، فاضل العزاوي، عبد الستار ناصر، أفضل من كتبها في تلك المرحلة.وتندمج النقطتان في إيضاح معني مهم، نؤكده هنا قبل الدخول في التفاصيل، وهو أن القصة الستينية لم تقترب من الشعب كما كان شأن القصة الخمسينية، إلا أنها أنهضت قيم الشعب وجعلتها مرئية مقروءة بوعي أكثر. هذه النقلة الفكرية أبعدتها أولا عن أساليب الفن الشعبي وقربتها ثانيا من مستلزمات القصة الحديثة، وقد أفرد بعض الكتاب لأسلوب الفن الشعبي طريقة جمعت بين المقامة والقصة، وكان من حصيلتها نتاجات فنية لها طعم الفن الشعبي والقصة الحديثة، وأبرز من كتب فيها متأخرا الأستاذ مدني صالح والقاص أنور الغساني الذي نشر عدة مقامات بإطار قصص أسماها المقامات الكركوكلية. ( نشرها في جريدة الفكر الجديد الأسبوعية).ويعكس ابتعاد القصة عن الفن الشعبي وحيله، وعن هموم الشعب اليومية المباشرة قضية فكرية أخري: هي أن القصة تحاكي منهجا سياسيا يؤكد في مجمله علي رؤية مستقبلية أكثر مما هي سلفية، ويأتي وضعها هذا من خلال موضوعاتها التي التصقت بالهم السياسي في جانب وبالمكنون النفسي للإنسان العراقي في جانب آخر، وكانت في كلا الجانبين تضع مؤشرات للنهوض علي أنقاض ما ينهار من قيم ومفاهيم. بمعني آخر أن قصة الستينيات كانت تترجم الانهيار اليومي لأشكال الواقع القديمة، إلا أن خطأها أو ضعفها يأتي في أن رؤيتها المستقبلية كانت مضببة عاكسة بذلك الوضع الفكري والاجتماعي للانتلجستيا العراقية في مرحلة من أصعب المراحل وأشدها تناقضا.وتحت هذا الفهم نحاول فيما يلي إيضاح المميزات التي اختصت بها أفضل نماذج القصة الستينية علي المستويين الفكري والفني وصولا إلي تحديد ما يسمي بقالب خاص لفن القصة القصيرة في العراقــ أولي هذه المميزات تعميم ما هو مأساوي في الحياة الشعبية وجعله علي لسان الكثيرين من الناس، لقد طرحت مفهوم الاغتراب الجماعي من الوضع السياسي القائم يوم ذاك، فدللت من خلال العديد من النماذج علي ابتعاد الانتلجستيا عن السياسة لا كرها بها، وإنما يأسا مما آلت أليه. لقد استوعب الفن القصصي تلك النغمة الحزينة، خاصة وأن أبطال القصص نماذج ممرورة بتجربتها، مشبعة بفشلها، وها هي بعد أن استوت علي قدميها أعطت لقدرتها الذاتية البسيطة: إمكانية جماعة متماسكة. وأفضل نماذج هذا النوع من القصص قصة (الوشم) لعبد الرحمن مجيد الربيعي، حيث يتلمس القارئ تلك النغمة الحزينة المشربة بالانهزام وهي تطرح ذلك بطريقة البوح أو الكلام بصوت مرتفع، وهي مركب من مركبات شخصية البرجوازي الصغير الذي يضيق نفسا لدي أول مجابهة، في حين أنه كان يمني نفسه يوما بالارتفاع علي حقيقة الواقع بما يمتلكه من تصورات ثقافية مزركشة عن تناقضات الواقع. أن ميزة الوشم الأساسية ليس فيما طرحته من تبرير بل في ذلك الجانب الذي لم يتجرأ الحديث عنه، وهو الضعف التاريخي الذي يمتلكه المثقف إزاء الأحداث العصيبة، والنقد الذي لاقته هذه الرواية أهمل هذا الجانب، بل جعله مؤولا في ذهنية الناقد والكاتب الذي يترجم علي الورق.المأساة التي تطرحها مثل هذه الكتابات هي مأساة طائر التم، الذي عند موته فقط يفكر بصوته الحزين.والنظرة الجمالية لمثل هذه الكتابات هي اكتفاؤها بتصوير ما هو كائن ومؤول، فجاءت صرخات الكائن منكفئة إلي الداخل أو محاصرة بأشخاص وحالات لا شرط موضوعي لوجودها، لإيمانها بأن التغيير لمثل هذا (القدر) لا يأتي إلا من الخارج، ولما كان الخارج محاصرا ومشددا عليه سقط البطل في وهم الذاتية والمثالية. لقد كانت المرحلة أحوج ما تكون إلي كاتب ينهض بأنكساراتها بروح موضوعية وعلمية ليرسم ليس ما هو كائن، بل ما سيكون عليه الأمر لاحقا. مثل هذا الكاتب ــ البطل أيضا ــ قد خرج من تحت عباءة القصة القصيرة الفني وليس من القصة القصيرة الطويلة، والعلة في ذلك هو ميل كتاب هذا اللون من القصص الطويلة إلي تركيز عدة شرائح وعدة أحداث وعدة شخصيات في بطل واحد، في حين أن القصة القصيرة تفتح نوافذها علي كل هذا التعدد دون أن تدمغ أيا منها بهوية الآخر. فالشخصيات المكثفة أو المركزة لا تستطيع أن تقدم طريقة ناضجة لإيضاح العلاقات والقوانين العامة للمرحلة، خاصة في طرحها فنيا. إلا أن التعميم المأساوي قد أتي من تناول الشخصيات الثانوية في المجتمع ونشرها علي أفق الواقع ومن ثم تشرب الناس، كل الناس بالحالة العامة لهم. والثانويين في تلك الفترة هم حطب نار المجتمع، العمال ــ الفلاحون ــ الجنود ــ النساء القرويات، وكل الذين يطلق عليهم بالعامة، وهم كما يقول لوكاتش علي لسان بلزاك (أن المجتمع الفرنسي يجب أن يكون المؤرخ، عليّ أن أكون أنا سكرتيره) (11) لا كما تدل عليه (الوشم) التي تسرد حالة الكاتب بأثواب المثقف ذي النزعة البرجوازية في تفسير الواقع وأدلجته. الثانويون هنا ليسوا كمثلهم في الخمسينيات، أنهم هنا عينيات أكثر تمثيلا لواقع الشعب، من أولئك المختارين اختيارا خاصا. فهم الجنود المحاربون والعمال ابتداءً من ثورة العشرين وحتى حزيران (يونيو) 1967.
أما النسوة فهن أولئك العجائز المنتظرات الموعود والأرامل اللائي فقدن أزواجهن، والشابات اللواتي ينتظرن ابن الثمانية عشر عاما حتي ينهي خدمته، أو رحلته إلي دول الخليج. أما الصبيات فقد بقين منتظرات حقائب الآباء الميتين ولعب الأمهات المصنوعة من الخرق والطين.. هؤلاء الثانويون هو وجه قصة الستينيات. خاصة تلك التي ارتفعت بمعني الحدث إلي مصاف الشعر، وبمفهوم الشخصية إلي معني التجريد. وبقدرة الأسلوب علي تطويع ما يفدنا من تجارب جديدة. وقد ساعدها في ذلك كله أنها التفتت إلي الموروث الروحي للشعب وهو يتشكل عبر معاناتها اليومية، هذه الخاصية هي ابنة الستينيات، فقد طوع محمد خضير فنه كي يستوعب فيه الخلجات الروحية لامرأة القاع الأسفل وهي تنمو وسطها وتطرح همومها. الموروث الروحي اكتشف أيضا بقاعا قصية من المجتمع وأزاح الستار عن قارة كاملة من الهموم والأفكار والموضوعات، ما كانت تجد طريقها إلي فن القصة وهو ينطلق إلي قياس الظاهر المتغير من شكليات الحياة، أن اكتشاف القصة الستينية لعمقها الجديد، ركز فنها وقوي حدثها، وأكسب شخصيتها انتماءا حقيقيا للمجتمع. وقد شخص النقد العراقي هذه النقطة حتي عد أن قصصا قليلة أدرجنا بعضها في كتابنا (قصص عراقية معاصرة) مازالت لحد اليوم مثالا لاستلهام الحياة الشعبية لفن القصة. ــ أما ثاني هذه المميزات فهو: تطويع الحس الفلكلوري للعامة وجعله تراثا ثقافيا ينأي بنفسه عن تلك الظلال المعتمة من النفس. والنقلة هنا ليست في اكتشاف الفلكلور وإنما في تحويل طريقة السرد من تتبع حياة إنسان شعبي كما يفعل عبد الملك نوري بعد أن يضع علي لسانه استحضارات واعية إلي تتبع النفس لحياة الشعب الدفينة وهي تظهر من خلال تحويل طرق السرد من العياني المباشر إلى الجوهر الذي تشترك فيه عدة قطاعات أو ما يسمي بالوعي الجمعي الذي وفره لنا حديثا علم النفس. وقصص المجموعات «المملكة السوداء ــ منزل العرائس ــ الحصار..» أمثلة علي ذلك..ان الكتاب المناوئين للحرب وللاستلاب وللقهر وللاستغلال، كانوا» منجذبين» كما يشخص لوكاش لمثل هذا الوضع ــ انجذابا أقوي من عامة الناس، خاصة أولئك الذين عن طريق حياتهم اليومية والمألوفة يرسمون مصيرهم العام دون وعي مسبق يمثل هذا المصير، وهنا يتجرد الكاتب من سلاح ثبت فشله تاريخيا وهو الكتابة عن النماذج الممثلة للطبقات المؤثرة في مسيرة المجتمع واستبداله بسلاح جديد هو اختبار النمط الشائع من الناس والأكثر حضورا للكتابة من خلال ما يحياه عن التاريخ العام للمجتمع والسلاح الأخير هو ابن الستينيات.هنا ينهض ما أسميناه بالتعميم المأساوي ليصبح أسلوبا لفن القصة، وطريقة اكتشفها القاص الستيني، امتد تأثيرها إلي كل أجزاء الفن القصصي، وسنحاول فيما يلي من الصفحات إيضاح مثل هذا التأثير.
لقد فتحت الخمسينيات النافذة الأوسع علي الطرق الفنية المختلفة وإذا كنا مبهورين بما قدمه عبد الملك نوري من فن جديد، فأن ما تعلمه القصاصون الستينيون يفوق كل من سبقهم. لقد تمكنوا من فن الترابط، والوصف، وتطوير الجملة النثرية، والاستفادة الواعية من الشعر والمسرح وجعلوا كما سنري بعد قليل من كل هذه العناصر هوية قومية لقالب فني محلي للقصة القصيرة وقد أشبعت أجزاؤه بمناخ مأساوي، هو في حقيقة الأمر القاع الشعبي للفن.يندر أن تجد قاصا ستينيا استخدم تيار الوعي استخداما متكاملا وسبب ذلك يعود لقصر التجربة وضحالة الإطلاع، واستخدام المصطلح دون وعي كامل بأبعاده. إلا أن الميزة المحلية الخاصة بهذا اللون من السرد القصصي قد أكسبته ظاهرة جديدة ليس لأن تيار الوعي يرتبط بنوع معين من الأفكار أو الصور أو اللغة، بل لما يمتلكه من حرية أطلقت عنان الخيال. إلا أن القصة العراقية جعلت من تيار الوعي ترابطا بين فواصل مأساوية، يتشرب بها الحزن ويوطد أجزاءها ذلك الهاجس الفردي المأساوي لحياة ونعتقد أن هذه الميزة جزء من قالب محلي لفن القصة العراقية، أتي نتيجة انتباه القصاصين إلي نوع جديد من الحياة والشخصيات والأحداث التي عاشوها تجربة وملاحظة وقراءة.والقصص التي تؤكد رأينا هذا، هي تلك التي يسعي القاص فيها عن طريق تيار الوعي إلي: الكشف عن العمق النفسي للشخصية وعن الشمول الاجتماعي للحدث، وعموما نجد رصدا لحالات الشخصية الممسوسة قد سيطر علي معظم نتاج الستينيات، ويقينا أن ما نعنيه بالشخصية الممسوسة هنا ليست المريضة حسب مفهوم علم النفس الفرويدي، بل هي الشخصية، المشبعة بمناخ مجتمعها، والممثلة لقطاع كبير من الناس قد يتجاوز الحدود الطبقية المتعارف عليها في التقسيم الاجتماعي ــ الاقتصادي للمجتمع.أما كيف تمكن القصاصون من التقاط هذه الشخصيات المشبعة ومن ثم وضعوا علي لسانها (حالة) اجتماعية متميزة أفرزت فنا محليا خاصا؟ فهو ما نحاول إيضاح بعضه في المقتبسات الآتية، تاركين اكتمال الفكرة إلي قراءة النتاج المتميز للستينيين جميعهم. ولأن همنا ليس تقديم أنواع من التكنيك لأن ذلك يرتبط بتحليل نقدي للشكل الفني أولا ــ وإنما همنا في الأساس إبراز السمة النوعية لطريقة كاتبنا المحلي في استخدام المأساوي كأرضية لقالبه الفني، ولنر ذلك في ما يلي من النماذج المتجزئة:(أخيرا تغادرين هذه المستوطنات الطموحية إلي الخلاء المتفجر بالضوء.. أغنيات رقيقة نداءات بالإسراع.. وجوه مطلة لبشر ممسوخين، ووجوه ثيران ونسور وتماسيح، مجدولة بالثعابين السود، مشعة بهالات زرقاء باهتة، وكأنهم يرتدون شموسا أو نيازك مذنبة. حين تقترب منهم، تمتد أيديهم الطويلة المشعرة، والملساء كاسطوانات رخامية، تقذفك بالأزهار والأحجار الزاهية وبالتماثيل الصغيرة المتجسمة في كتل الشذرات المضيئة.. جميعهم هناك: العائلة البشرية، العائلة المقدسة، الأمهات والآباء الأخوة، مولدتك، المربيات السوداوات والمرضعات الطارئات ــ الأمهات الثانويات ــ والرفيقات.. نتتشلين وتوضعين في المهد المزين بالخرز الملون وبالتمائم، بين أغطية ناعمة ووسائد لينة. هاهي ذي الحاشية تحيط بالمهد: الباعة المتجولون، مشترو الحديد العتيق، خياطو الفرفوري، الندافون، الفوالون وسحرة الحياة، متسولو ليلة الجمعة، الأغراب وعابر السبيل و( السادة)، السود مرقصو الغلمان ومتبنوهم، اللصوص والحراس الليليون.. ناحية أخري، تقف في طرف المهد المرفوضات، الناديات، والمطربات محييات الأعراس الحفافات، الدلالات، القابلات، الحاجمات، الغازلات الزائرات القريبات كالأشباح ذوات، المهمات العسيرة السرية التي لها علاقة بشرف العائلة وبالأمراض وبصعوبات ليلة الدخلة والخبيرات بالمداخل التناسلية الأنثوية..) (قصة الاسماك لمحمد خضير).
يطلق علي مثل هذا المشهد الاحتفالي عادة (عين الكاميرا) أو (المشهد المضاعف) وهي أسماء توحي بإمكان اجتماع مجموعة صور في نقطة زمنية واحدة هي لحظة نزول الفتاة بالحلم وبالواقع إلي الالتحام الشامل بمكونات الطبيعة، أي لحظة المصاهرة مع الذات. ويتبع القاص أسلوبا فريدا في تجسيد هذه اللحظة، يعتمد علي خيال أسطوري سحري ــ فطري في تكوين مشاعر جمالية وفكرية في تلك اللحظة. واعتماده هنا تكمله للحس الفطري الذي تشعر به الفتاة العذراء ساعة التحامها بذاتها كجنس وكطبيعة. وهذه خصيصة محلية اكتشفها قاصنا العراقي بعد أن اكتشف نوعا من الشخصيات المعزولة عن الأماكن المضيئة والشوارع ونسكن غرفا مظلمة، وأماكن قصية، علي حواف المدن أو الأنهار.. مثل هذه الشخصيات ــ الأنثوية ــ قد حملت في تركيبها الفسيولوجي والنفسي والاجتماعي خصيصة محلية قد لا نجد مثيلا لها إلا في الأماكن القصية من العالم حيث يسيطر السحر والتقاليد والأعراف علي مجمل النشاط الاجتماعي. وقد تبدو مثل هذه الشخصيات غريبة أو مفتعلة، في حين أن تجسيدها لوجودها الروحي والمادي هو تجسيد للنوع البشري الموضوع ضمن ظروف اجتماعية واقتصادية معينة وبالتالي هي امتداد شرعي لكل النساء العوانس والباكرات، للأمهات وللعشيقات، ولكل من تجد لها في تيار الزمن تكثيفا لحالة أعم وإذا ما مددنا حسنا الفلكلوري نجدها وريثة لكل نساء ألف ليلة وليلة، ولكل قصص الجن والسحرة وزوار العتبات المقدسة. لقد ارتفع الفن القصصي بمثل هذا النوع من النساء من رصد لعواطفها اليومية المباشرة، إلي تجسيد لجوهرها ككائن اجتماعي انفصل بك تركيبه عن مكونات الطبيعة الاخرى ولذلك عندما تعود بنفسها إلي حالة جنسية ــ لا تجد ذاتها معزولة عن كل المكونات الطبيعية وغير الطبيعية التي تشترك معها بالحالة ذاتها. القاص هنا يبحث عن الشيء المشترك في كل جوانب الطبيعية. ونعود ذاتها. القاص هنا يبحث عن الشيء المشترك في كل جوانب الطبيعية.
ونعود إلى التكنيك مرة أخري، لنجد أن القاص (قد مزج بين الحياة الداخلية للشخصية مع الحياة الخارجية في وقت واحد) ولكن بطريقة ذهنية منضبطة، ولهذا نجده مكثرا من الفوارز والنقاط والتعليقات ولعل سبب ذلك يعود إلي أن القاص هنا راو لما يحدث ولذلك ليس ثمت علاقة من المنلوج الداخلي للشخصية، فالشخصية شبه غائبة في التحامها الكوني الأسر. فتولي القاص رواية ما يحدث لها مضيفا أليها كل معلوماته عن مثل هذا النوع من الشخصيات، وهذا ما نجده في إكثار المتشابهات من النساء وإلي رصف الحالات المتشابهة التي تعمق الفعل وتؤكده، والمعلومات الثرة هنا إضافة فنية لخصوصية القصة العراقية. إلا أن النقطة الأساس، في كل ما ذهبنا أليه، هي أن القصة تؤكد المعلومات التي أردف بها حال الشخصية وفي المتشابهات، وفي المناخ العام،حتي أن الألوان ــ لا الضياء الطبيعي الخارجي ــ هي التي كانت تحدد حواف الأشياء والموجودات، هذا الجو المظلم الكابوسي، الموشي بعزاء جماعي رسم لنا صورة واضحة لامرأة القاع الأسفل وهي تمارس وجودها اليومي من خلال استحضار القاص لنوعها المتميز الذي يمثل في أعمق معانيه نمطا من النساء أختص بمرحلة اجتماعية ماضية، أو منهارة، وقد أنعكس هذا الانهيار في قلة الأفعال وكثرة الأسماء. وهي دلالة أسلوبية عميقة.

ايوب صابر 05-19-2012 10:49 PM

الرواية هي الضحية الكبرى للنقد؟
روائيون عراقيون يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن جناية النقد الأدبي على الفن الروائي

* عبد الأمير: كلما تعددت الثقافات كان النقاد أمام انحياز خاص

* عالية طالب: ليس على الناقد إلا الإشارة لبواطن الإبداع
* الشبيب: معظم الدراسات النقدية في ذهنها النموذج التقليدي للكتابة
* جواد: النقد الرديء قد يسهم في زيادة بيع الروايات بغداد: «الشرق الأوسط» ربما يبدو مصطلح النقد الروائي مثيراً للالتباس، فهو قد يوحي بأن المشكلات التي نعنيها، إنما هي مشكلات نقدية، وهو من جهة أخرى يومئ إلى أن الرواية كجنس أدبي لها مشكلاتها، حين يتعرض النقد لها بالدراسة والتقويم. ولكن الحديث عن مشكلات النقد الروائي ينطوي على تساؤل آخر وهو: هل أن هذه المشكلات تتعلق بالناقد الروائي والعملية النقدية التي يمارسها، ام أن هذه المشكلات نابعة من طبيعة الفن ذاتها؟ مجموعة من الروائيين والمشتغلين بالنقد الروائي في العراق يجيبون على هذا التساؤل:
يقول القاص والروائي خضير عبد الأمير: لكل رواية مشكلاتها، فالرواية عالم صغير له مكوناته، ومسبباته حتى يتحول هذا العالم إلى سعة تستوعب حركة الواقع، وربما الماضي والحاضر. وكل هذه السعة تحتوي على رموز واضحة وخفية، فهي أما أن تكون حكاية للمتعة الخاصة، أو حكاية تخدم ذاتها، وترمز إلى وضع الآخر. وفي جميع الأحوال هي ذات أشكال متعددة في بنائها الفني المتصور.
من هنا يمكننا أن نتعرف إلى مشكلات الرواية في مجالين: الأول يهدف إلى عرض صورة من صور الحياة ذات انسيابية مهما تعددت مشكلات الشخوص داخل تلك الصورة.
والثاني متعلق بالنقد الذاتي لحركة الواقع وتصرف الآخر.
والناقد عندما يبدأ بالقراءة، يكون حذراً من لعبة الانسياق مع تيار الأحداث وتراكمها، فهو يؤكد على قيمة العقل أو ما هو معقول، ولا يريد أن ينساق وراء رموز الرواية، رغم معرفته واطلاعه، ولكنه ينطلق من فهم خاص جداً، وكلما تعددت الثقافات، كان النقاد أمام انحياز خاص، يصفونه بمعقولية خاصة أيضاً.
ومثل هذا الأمر يكون من خصوصية الناقد ومن نتاجات ثقافته و(توهمه) بالمعرفة أحياناً. وحينما يكتب قد يترك الرواية، ذلك العمل الفني، ويكتب لذات ثقافته الخاصة، وينطلق منها واجداً في أحداثها، أي الرواية (عصا) يهش بها على أحداث روايات أخرى، وقد لا يلتفت الناقد إلى مشكلات الرواية ذاتها، تلك التي يواجهها الروائي، والتي تملي عليه أفق كتابة خاصة، وتصرف كتابي خاص له صنعة مرتبطة بالأحداث، وله شخص أو شخوص متعددة تنهل وجدها أو كرهها من منابع الفكرة، التي تبدأ عادة مسطحة، ثم تتصاعد مع كثرة الأحداث المتشعبة الأخرى. من هنا تتولد لدى الروائي مشكلات معينة منها:
عملية التغيير في بناء الرواية من شكل إلى اخر، ومن نهاية إلى اخرى ، ومن استيعاب لحدث معين إلى اخر. ومنها أيضا مشكلة حوارات شخوصها، أو حوارات مقتضبة مصاحبة لتلك المشكلات المنبثـقة من ذلك التسطيح، لتتصاعد عمودياً وافقياً أو تنعكس إلى الاسفل، ومنها ايضاً اللغة، ذلك التعبير عن كل تلك الأحداث.
فللرواية لغتها الفنية دائماً وان تحولت تلك اللغة إلى أشكال اخرى، منها ايضاً دخول منهج الاسلوب والاسلوبية وكيفية تناول الكاتب لاسلوب كتابته. فهل اللغة ذاتها ام أن اسلوب الرواية الذي هو اسلوب الكاتب، يمكن اعتباره (ملكته) الخاصة التي حصل عليها من التبحّر في (امهات) كتب الفن والادب والشعر والمسرح، بما فيها القصة والرواية؟ وهكذا يتكون كل شي وفق شي كبير وجميل وله صفة محددة بهذا الفن الاصعب. تلك المهمات وغيرها، تواجه الكاتب الناقد عند ممارسته لعملية الكتابة، وقد يصادف غيرها، ولكن بالاساس رؤية الناقد تختلف عن رؤية الكاتب، حتى تكاد أن تصيبه بالدهشة.
اغتراب النقد الروائي أما القاصة والروائية عالية طالب فهي ترى أن الرواية باستغراقها الشامل في تكوينات جزئية وفرعية واساسية، تبدو اكثر تقبلاً لمداخلات النقد وكشوفاته المضيئة و(المظلمة) على حد سواء. وقد يشعر الناقد بتحقيق انتصارات خاصة، حين يضع مبضعه على نقطة الشروع او «الاقتناص» وقد يكون محقاً بأدلة لا تقبل المجادلة. ولكن هل يستوي الخطأ، إذا كان هناك خطأ ما، مع الفعل الإبداعي الشامل؟ وهل يبدو ذلك التواجد الضئيل بمطباته ذا مشروعية في الطعن والتناول المتقصد، ام أن على الناقد أن يتساءل، ولأكثر من مرة، عن قصديات الروائي المنظورة وغير المنظورة، قبل أن يشرع أسلحته في مواجهة قد تبدو صامتة لدى الطرف الآخر؟
لقد قرأنا تحليلات نقدية لعديد من النقاد حول روايات قرأناها. لكننا لم نكن نتصور حجم الاغتراب الذي ولدته لدينا تلك الكتابات النقدية، حتى لتبدو ذات الرواية وكأنها ليست التي قرأنا، او انها رواية اخرى لا نعرفها.
هذا الاغتراب الذي أوحى لنا به النقد، ليس الروائي هو المسؤول عنه، بل الناقد الذي تشابكت لديه قناعات ذهنية وتحليلية خاصة، فأسقطها على العمل الادبي، من غير أن ينتظر ليشاهد آثار صوره الجانبية على رواية اعاد خلقها من جديد ـ سلباً أو ايجاباً.
ليس على الناقد الا الاشارة لبواطن الابداع وتمكين القارئ من الانتباه إليها، والتأكيد على مقاطعها من دون التأثير على العمل وسحب القارئ إلى مديات أخرى.
الرواية والموضوعة الفلسفية الروائي الدكتور طه حامد الشبيب يتحدث عن علاقة النقد برواياته بقوله:
الرواية كجنس ابداعي لها خصوصية فنية نابعة من الرؤيا الشاملة التي تنطوي عليها، ذلك أن الرواية فن يعالج موضوعة فلسفية كبرى، على هذا الاساس هنالك صعوبات حقيقية تواجه الناقد، فسبر اغوار معالجة فنية لموضوعة فلسفية ليس بالامر الهين، لاسيما اذا اتبع الروائي، وينبغي له أن يتبع، «المفهوم القائل بان الموضوعة تشترط التقنية».
هنا يبرز الاشكال امام الناقد غير المستعد لمواجهة معالجة من هذا النوع. وإذا تحدثت عن تجربة النقد مع اعمالي، فان من العسير علي أن اضرب مثلا بدراسة نقدية معينة، استوفت هذه النقطة، أي أن معظم الدراسات جاءت وفي ذهنها النموذج التقليدي للكتابة الروائية، ربما لاحساس البعض بصعوبة الاحتمال، أن لم اقل عدمه، في ظهور تقنية جديدة في الكتابة الروائية، يمكن أن تنبثق في العراق. الكل مذعن لمفهوم «التقنيات الجديدة تأتي من خارج الوطن العربي». أقول ربما كان هذا السبب في عدم ايلاء النقد العراقي اعمالي اهتماماً مضاعفاً للوصول إلى استنتاجات محددة بخصوص التقنية التي ازعمها.
ضحية النقد الكبرى على هذه الاتهمات يرد الناقد الدكتور عبد الستار جواد، فيقول عن علاقة النقد بالرواية: «في عام 1983 أتيح لي أن اقضي في صحيفة الغارديان البريطانية عدة اسابيع، بحكم التلمذة، والرغبة في الاستفادة من تجربة الصحافي والكاتب «بل ويب» الذي أمضى في تحرير الصفحة الادبية ربع قرن او ما يزيد على ذلك. وكنت بالطبع أشعر بأن الرواية «اكثر من غيرها من الانواع الادبية الأخرى هي ضحية النقد الكبرى، لاسيما النقد الصحافي منه، الذي ينشر في صفحات الجرائد والمجلات.
وكثيراً ما كانت تثار في الاوساط الثقافية والادبية شكاوى كتاب الرواية من ناقديهم ومراجعي رواياتهم في الصحافة الادبية. ولعل الطريف في ذلك أن محرري الصفحات الادبية يشكون هم ايضاً من النقد الروائي الذي يثير لهم مشكلات عدة ازاء جمهور القراء.
وربما كان كتاب الروايات الجدد اكثر شعوراً بالحيف من غيرهم، ذلك أن النقاد يلاحقون الاسماء الكبيرة، ويتابعون نتاجهم الروائي، إذ قلما تجد رواية لكاتب جديد نصيبها من النقد والمتابعة، بينما تحظى روايات لاسماء كبيرة بالاهتمام الواسع من لدن الصحافة ووسائل الاعلام.
ولكننا مع هذا يجب أن لا نبالغ في خطورة النقد هذا على الرواية كجنس ادبي ابداعي، فمثل هذا النقد قد يقضي على عروض مسرحية او سينمائية او فنية، ويؤثر في «شباك التذاكر»، في حين أن النقد الرديء احياناً قد يسهم من حيث لا يريد في زيادة بيع الروايات واقبال القراء عليها. وتشير الارقام إلى أن المساحة النقدية المخصصة للرواية هي 71 في المائة، بينما تحتل كتب السيرة 3 في المائة.
مع كل هذا فإننا نرى أن مشكلة النقد الروائي الحقيقية تكمن في سوء الفهم الحاصل لدى النقاد الذين يتصدون لاصدار احكام نقدية على الروايات، وسوء الفهم هذا قد يؤدي إلى اطلاق احكام نقدية خاطئة.. فاذا كان اختلاف وجهات نظر القراء مسألة مشروعة، فان اساءة فهم الرواية ليست كذلك.
والواقع أن طبيعة الرواية نفسها قد اسهمت بشكل او اخر في ابراز مشكلات الرواية، وتعدد اسبابها. فالرواية تتطلب من الناقد متابعة جادة لأدق تفاصيل الحبكة وتطور الشخوص ونمو الاحداث. وهي لذلك تتطلب مهارة فائقة وذاكرة حادة إلى جانب الحاسة الفنية التي تمكن الناقد من التقاط الخيوط الأساسية التي تنظم الفعل الروائي، إضافة الى أن الكاتب الروائي يكتب بطريقة تختلف تماماً عن طريقة الناقد، فالأول يفكر في خلق الشخصيات، بينما يسعى الثاني لتفحصها كي يقدم مادته النقدية من خلال الموضوع الذي يطرحه.

ايوب صابر 05-19-2012 10:56 PM

للاسف لا يوجد سيرة ذاتية لهذا الكاتب الفذ على الشبكة العنكبوتية.

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 05-19-2012 11:24 PM

82- ونصيبي من الافق عبد القادر بن الشيخ تونس

تمظهرات الخطاب السردي العربي بين توثيق الذاكرة وآليات اشتغال المنجز
قراءة في كتاب"الرواية العربية والفنون السمعية البصرية" للدكتور حسن لشكر

استهلال

نروم في هذه القراءة العاشقة لكتاب الدكتور حسن لشكر" الرواية العربية و الفنون السمعية البصرية"، الصادر عن سلسلة كتاب المجلة العربية 169 ، الرياض 1431 ه، إلى إعادة تفكيك العلاقة الفنية ـ الجمالية بين السرد العربي ومختلف أنماط الفنون السمعية البصرية، التي استثمرت كاشتغال تقني أو خطابي ينزع نحو رصد أهم التحولات التي عرفتها بنيات الرواية العربية.
إن السرد العربي، وهو ينفتح طوعا على هذه الفنون، يشكل بذلك هامش حركيته خارج المألوف والمتعارف عليه، وليس ما يمكنه أن يجعله ينط داخل أنفاق مغلقة ومتكلسة، بحيث إن اهتمامه بهذا الرصيد من التعبير الفني المتنوع والمتجدد، يحفزه على المضي في بناء منجز سردي مأهول بنضج التخييل الذاتي والغيري، وململم لشظايا الحكي المنفلت من أنساغ الذاكرة، والمتلبس بأقنعة سطحية الواقع و المجتمع والتاريخ والذات، لذلك فمن الضروري أن تخرج الكتابة السردية عن هذا الصوغ التنميطي والمنمذج للشكل، و تباشر هدمها ونسفها لجاهزية المعمار الروائي ويقينية ومطلقية رؤيته، سارحة بكل بذخ تحررها في سماوات الاستعارة والمجاز، ومختلف المحسنات اللفظية والمعنوية، قصد إعادة تشكيل الكتابة الروائية وفق بلاغة سردية جديدة واستثنائية، ومخصبة لرحم خطابها التحديثي الضاج بالعنفوان والجدة، وبهذا تكون محاولة الوقوف على أطروحات المؤلف وأسئلته غير قارة وثابتة، وإنما مستقرئة لها حسب مظاهر تفاعلها ، ومدى مجاوزتها لاستشكال "التكنيك" الحكائي الغارق في الكلاسيكية دون استساغة ومضات التأسيس والتأصيل الأولى، أوالتفكير في التطوير والتجديد والتحديث.
هذا الجنس الأدبي الذي نتحدث عنه هنا هو ابن المدينة بامتياز، كما هو شأن السينما والتشكيل و المسرح، وإذا كانت النظرة المدينية قد أرغمت التجربة الإبداعية السردية، على المثول أمام مرايا غير متجاورة، فإنها منحت الرواية بالخصوص مساحة من الحرية، امتدت من المكان إلى الزمن، أي أنها أولت اهتمامها الكلي وشغبها للممارسة الكتابية الحكائية عبر أبعاد تلفظية دالة وأنساق خطابية تشخيصية حاملة لمعان متعددة، دون المساس بالشكل أو المضمون، بل مستلهمة بعض التمظهرات الفنية ـ الجمالية التي تؤطر الفنون السمعية البصرية، وتشكل ألوان وأطياف تعبيرها.
الرواية العربية: من النصية السردية إلى معنى الخطاب
لاشك أن السرد مهما تعددت أشكال صياغته وأنساقه وتداوليته، وانخرطت ضمن دائرة المحكي الشفهي والمكتوب والبصري، فإنه يخضع بالضرورة إلى انتعاش مدونته الحكائية وتزويدها بروافد التجربة الروائية المتعددة، بحيث إن " أنواع السرد في العالم لا حصر لها، وهي قبل كل شيء تنوع كبير في الأجناس، وهي ذاتها تتوزع إلى مواد متباينة، كما لو أن كل مادة هي مادة صالحة لكي يضمنها الإنسان سروده، فالسرد يمكن أن تحتمله اللغة المنطوقة شفوية كانت أم مكتوبة، والصورة ثابتة كانت أم متحركة، والإيماء(Le geste) مثلما يمكن أن يحتمله خليط منظم من كل هذه المواد، والسرد حاضر في الأسطورة، وفي الحكاية الخرافية((Légende، وفي الحكابة على لسان الحيوانات، وفي الخرافة، وفي الأقصوصة، والملحمة، والتاريخ، والمأساة، والدراما، والملهاة، والبانطوميم، واللوحة المرسومة(ولنفكر هنا بالقديسة أرسول دوكارباشيو)، وفي النقش على الزجاج، وفي السينما، والكومكس، والخبر الصحفي التافه، وفي المحادثة"1 . بهذا أطر المنظور البارتي البنية السردية، وربطها بالتنوع والاختلاف في إطار فهم وتفسير البنى الخطابية ضمن التحليل البنيوي للحكاية.
إن السرد هنا يمكنه أن يستفيد من آليات وأدوات الفنون الأخرى، كما هو أيضا غير قابل لأن يبقى رهين المثل الأعلى، أي لصيقا بالنماذج الرائعة التي خلفها لنا تاريخ الإبداع الكوني، " وفضلا عن ذلك فإن السرد بأشكاله اللانهائية تقريبا، حاضر في كل الأزمنة، وفي كل الأمكنة، وفي كل المجتمعات، فهو يبدأ مع تاريخ البشرية ذاته، ولا يوجد أي شعب بدون سرد، فلكل الطبقات ولكل الجماعات البشرية سرودها، وهذه السرود تكون في غالب الأحيان مستساغة بشكل جماعي من قبل أناس ذوي ثقافات مختلفة إن لم تكن متعارضة"2 ، وبما أن النص السردي هو دليلنا في هذه القراءة لكتاب "الرواية العربية والفنون السمعية البصرية" لصاحبه الدكتور حسن لشكر، فإنه بجعلنا ننفتح على أسئلة مغايرة تصب في المنجز المشترك بين المبدعين، من روائيين ورسامين وسينمائيين ومسرحيين ونحاتين وموسيقيين وتشكيليين وغيرهم، لهذا نرى أن مفهوم النصية السردية، ليس نصا يقتصر على بنية لغوية تتكون من شبكة من العلامات والرموز التي لها دلالاتها ومقصدياتها، بل نريد أن يكون هذا التوصيف دالا على نسق أسلوبي يتجاوز مفهوم النصية اللسنية الأفقي إلى مفهوم النصية السردية التحاقلي، أي أنه يبتغي النظر في سميأة خطاب النص التأويلية أكثر من وصفيته المنمذجة، بحيث إن مجرد التفكير في المنجز الروائي العربي هو بالأساس وعي بالاشتغال البلاغي المتعدد، لذلك لا يمكن قراءة الرواية باعتبارها لغة مكتوبة ترتبط بحكي تتابعي أو متقطع، بل " إن تصورا للبلاغة من هذا القبيل يتضمن أمرين: أولهما ضرورة وجود علم عام للنص يكون صالحا، لا لدراسة النصوص الأدبية وحدها، بل لدراسة غيرها من النصوص على اختلافها، وثانيها الفكرة المتضمنة في أن كل نص هو بشكل ما " بلاغة"، أي أنه يمتلك وظيفة تأثيرية، وبهذا الاعتبار فالبلاغة تمثل منهجا للفهم النصي مرجعه التأثير. وعندما نفكر حسب المفاهيم البلاغية فإننا ننظر، مبدئيا، إلى النص من زاوية نظر المستمع/ القارئ، ونجعله تابعا لمقصدية الأثر"3 ، فهل يمكن التعامل مع السردياتLa narratologie باعتبارها نمطا من المحكيات الواحدية هكذا، تتوفر على فيض من اللغات التخاطبية، أم أنها مظاهر للقول المتعدد و المفتوح على أجناس وفنون تتقاطع في ما بينها؟ لقد حسم التصور عند السيميائيين، خاصة عندما تم الاشتغال على مكونات النص اللغوية، وما تشمله من خطابات تتناسل فيها الدلالات والرموز بكثافة، و" إذا كانت سلسلة التأويلات غير نهائية كما وضح ذلك بيرسPeirce ، فإن عالم الخطاب يتدخل لتحديد شكل الموسوعة، وليس النص إلا الإستراتيجية التي تؤلف عالم هذه التأويلات ـ إن لم تكن مشروعة فهي قابلة لذلك على الأقل كل قرار للاستعمال الحر للنص يتفق وقرار تحديد عالم الخطاب، فحركية عمل الإشارة Sémiosis غير المحدودة لا تمنع تلك التأويلات بل تشجعها، ولكن يجب أن نعرف ماذا نريد: إما أن نعود عمل الإشارة على دلالة معينة أو نؤول النص"4، بهذا تكون النصية السردية من حيث تشكلها وانبناؤها قصة، أما الخطاب من خلال مسعاه التأويلي، فهو لغة مسرودة بوصفها نسقا من العلامات والرموز، وليست غير نظام مؤسس على الإختلالات والخرق، بحيث إن الرواية العربية، وهي تستند إلى بعض الآليات الفنية ـ الجمالية والتقنية، فإنها تستجيب إلى نزعة التجريب الروائي، التي ما فتئت تستثمر أدوات مستحدثة تلغي المسافة بين الأساليب التعبيرية السمعية البصرية، إذ نلاحظ أن الروائي لم يعد يقتصر على مبدإ الكتاية السردية التتابعية في الزمان والمكان، بل استبدلها بالعدولL écart والتناوبAlternance والتضمينEnchaissement و مختلف مقتضيات السرد الأخرى، من إعادة خلق الخلفيات، كاستعمال التراث والتاريخ والأسطورة وما شابه ذلك.

الرواية العربية والفنون السمعية البصرية: من الوصف إلى الاستقراء

يؤكد الناقد الدكتور حسن لشكر في مقدمة كتابه أنه اهتم بمظاهر التفاعل بين السرد العربي ومختلف أنماط الفنون السمعية البصرية، موضحا طريقة التناول والاستعمال والاستثمار، حيث يقول" وقد حاولنا في هذه الدراسة التطرق إلى هذا الموضوع المهمش على مستوى البحث والدراسة انطلاقا من المنجز النصي، أي أن العمل ذو طابع تطبيقي يعتمد الوصف و الاستقراء النصي المباشر"5، وبذلك قسم محاور كتابه إلى أربعة فصول، هي:
ـ السينما.
ـ البناء الموسيقي.
ـ الرسم والفنون التشكيلية.
ـ المسرح.
إن هذا التقسيم الذي ارتآه الباحث، ساهم في تطويع الأدوات التحليلية لكي تخدم التوجه النقدي، وهو ما يمكن رصده من خلال ملامسة تراكم المنجز الروائي العربي عامة والمغربي على الخصوص، فمثلا في الفصل الأول، يستهل دراسته بتوثيق مجمل الروايات العربية وغيرها، التي وظفت تقنيات السينما واشتغلت عليها كلغة فنية وجمالية، بدءا بآثار على الرمال ليوسف السباعي، ثم دعاء الكروان لطه حسين، ورد قلب ليوسف السباعي، وبداية ونهاية و اللص والكلاب لنجيب محفوظ، وتحريك القلب لعبده جبير، والحرب في بر مصر ليوسف القعيد، وثلاثة وجوه لبغداد لغالب هلسا، والحب في المنفى لبهاء طاهر، وذات لصنع الله إبراهيم، والغربة واليتيم وأوراق سيرة إدريس الذهنية لعبد الله العروي، واللاز للطاهر وطار، و نصيبي من الأفق لعبد القادر بن الشيخ، والخماسين لغالب هلسا، وحارس المدينة وتحول الأمواج البرية لإبراهيم نصر الله، ويا بنات إسكندرية ورامة والتنين لإدوار الخراط، ووليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر، وكانت السماء زرقاء لفهد إسماعيل، وأصوات الليل لمحمد البساطي، وألف ليلة وليلتان لهاني الراهب، وحشيش ليوسف فاضل، والطوق والأسورة ليحيى الطاهرعبد الله، وعرس الزين للطيب صالح، و الضوء الهارب لمحمد برادة ، وخطوط الطول خطوط العرض والوشم لعبد الرحمان مجيد الربيعي، والنزول إلى البحر لجميل عطية إبراهيم، ووردية لإبراهيم أصلان، وشرف و اللجنة وبيروت ييروت لصنع الله إبراهيم.
أما في الفصل الثاني الذي خصه للبناء الموسيقي، فقد استهله بتقديم استحضر فيه تجربة كل من هرمان هسه من خلال روايته لعبة الكريات الزجاجية، و أندريه جيد الذي ألف كتابا هو قوت الأرض يشبر فيه إلى تعاطيه للموسيقى، ثم انتقل إلى عرض نماذج من الرواية العربية التي حاورت الفن الموسيقي، واستلهمت بناءه المركب من سيمفونيات وسوناتات وغيرهما.
في هذا الفصل حاول الباحث أن يقوم بعملبة إحصائية لمجمل السرود العربية التي وظفت الموسيقى، ومنحتها مساحة داخل فضائها الدرامي، لذلك نلاحظ وقوفه على تجارب روائية من مثل: عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم، وقالت ضحى وقصة بالأمس حلمت بك والحب في المنفى لبهاء طاهر، وتحريك القلب لعبده جبير، والبحث عن وليد مسعود لجبرا إبراهيم جبرا، وعودة الطائر إلى البحر والصمت والمطر والرحيل بين السهم والوتر لحليم بركات، وبيروت بيروت وشرف لصنع الله إبراهيم، و نصيبي من الأفق لعبد القادر بن الشيخ، ويقين العطش ورامة والتنين والزمن الآخر لإدوار الخراط، والضوء الهارب لمحمد برادة، ووردية ليل لإبراهيم أصلان، وعصافير النيل لسمير اليوسف، وموسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح، والتجليات والخطط والزويل للغيطاني، وخطوط الطول خطوط العرض للربيعي، واللاز للطاهر وطار.
وفي الفصل الثالث " الرسم والفنون التشكيلية"، بستعيد الناقد مجموعة من مظاهر الحوار التي وشجت بين السرد وعناصر الرسم أو التشكيل، مصغيا بذلك إلى الأعمال التي وثقت لهذا التكون، من مثل تجربة عبد الرحمان مجيد الربيعي في جميع رواياته كالأنهار، وفي قصصه كمثل النساء، إضافة إلى إطلالة الباحث في بداية الفصل على تجارب غربية، مثل تجربة فكتور هوجو، وميشال بوتور وجان كوكتو وليوناردو فانشي و بيكاسو، مع استحضار أسماء لأعلام في الرسم والفنون التشكيلية، أمثال: كليمت، ورامبراندت، و سيزان، وبراك، وموني، وماتيس، وجياكوميتين وديبوفيه، وهوكيزاي. هذه المحاولات التي أطرت العلاقة بين السرد والرسم أو التشكيل، يمكن اعتبارها عنصرا أساسيا، حرر الكتابة الروائية من أسار الكلاسيكية المنمذجة والخاضعة إلى الثبات والتقعيد.
لقد استعان الباحث في هذا الفصل بعدة نماذج، منها: يابنات إسكندرية وحريق الأخيلة ورامة والتنين والزمن الآخر ورقرقة الأحلام الملحية وإسكندريتي وترابها زعفران لإدوار الخراط، ويوميات سراب عفان والغرف الأخرى وشارع الأميرات لجبرا إبراهيم جبرا، ومدينة براقش لأحمد المديني، والضوء الهرب لمحمد برادة، ونجمة أغسطس و اللجنة وذات وبيرت بيروت وأمريكانلي لصنع الله إبراهيم، والحب في المنفى لبهاء طاهر، وتجارب سالم حميش و صلاح الدين بوجاه وجمال الغيطاني وإميل حبيبي، وتجربة سليم بركات في الأختام والسديم.
وفي الفصل الأخير المعنون ب " المسرح "، يدبجه بتقديم يربط فيه بين الرواية والمسرحية، بحيث يبدأ بعرض تجربة توفيق الحكيم من خلال عمله بنك القلق، الذي منحه نحث اصطلاح المسراوية، أي الجمع بين المسرح والرواية، وهو ما شهدته هذه المرحلة، حين تداخل الفن الدرامي والروائي في ما بينهما إلى درجة لم يعد فيها استسهال التمييز بين الجنس والآخر، وهكذا بدأت المحاولات السردية تنفتح على التقنيات المسرحية، كالسد لمحمود المسعدي، والنجوم تحاكم القمر لحنا مينه، يحدث في مصر الآن ليوسف القعيد، وتحرك القلب لعبده جبير، ويوميات سراب عفان لجبرا إبراهيم جبرا، ونصيبي من الأفق لعبد الفادر بن الشيخ، وملف الحادثة 67 لإسماعيل فهد إسماعيل، وشرف لصنع الله إبراهيم، وبراري الحمى لإبراهيم نصر الله، والجبل الصغير لإلياس خوري، وشجر الخلاطة للميلودي شغموم، ولكع بن لكع لإميل حبيبي، وقالت ضحى وقصة محاورة جبل من مجموعة أنا الملك جئت لبهاء طاهر، وبحيرة المساء ومالك الحزين لإبراهيم أصلان، ولعبة النسيان لمحمد برادة، وبعض أعمال عبد الرحمان مجيد الربيعي، مثل نص بعد الخريف الوارد في مجموعة الخيول، ونصي الممثلون و ترنيمة المحبين في مجموعة صولة في ميدان قاحل، والخماسين لغالب هلسا.
إن هذا التوصيف الذي قام به الناقد، وهو يدرس تنوع الخطاب السردي العربي، جعله من مرتكزات الكتابة الروائية الجديدة في بداية تكونها وتشكلها، بحيث إن الهدف من هذا الكم الهائل من النصوص التي اشتغل كتابها على آليات وتقنيات فنية وجمالية، هو بالأساس يخضع إلى التوجه الذي بات من الضروري يلتجئ إليه الروائي في بحثه عن أساليب جديدة وتكنيك مستحدث، " لقد مس التجديد كل عناصر المعمار الروائي وسجلات الكلام وطبيعة ووظيفة الكتابة. فقد أصبح النص الروائي خبرة جمالية ونسقا فنيا وإبداعيا ذا نكهة خاصة، ولكنه ـ مع ذلك ـ لم يضع قطيعة مع مرجعياته الواقعية وأبعاده التاريخية. فهو يعمل على إعادة إنتاج التاريخ والواقع وينميهما في قالب روائي متفرد عبر شبكة من العلاقات الدلالية والبنائية. بحيث نجد أنفسنا ـ في الغالب ـ أمام نسبج روائي لصيق بالواقع يعيد صياغته في بناء تخييلي خاص"6 ، وبالتالي فإن الرهان في الكتاب يتجاوز هذا التراكم، وذلك من محاولة توصيفه إلى إعادة كتابته استقرائيا، إذ أن الجانب المرتبط بالاشتغال على التقنيات السينمائية، نجده يهم بالدرجة الأولى التمثلات البصرية، التي استطاعت أن تحول المنتوج السردي إلى لغة انزياحية، تستند إلى أدوات بلاغية تهدم العلاقة الكلاسية بين النص والواقع، ثم تبنيه من جديد على أساس خلق نوع من التفاعل بين النتاج والآليات التقنية المعبرة عن دلالات معينة، وفي هذا الصدد، يقول الباحث:" ... لجأ الروائيون إلى استعارة بعض التقنيات السينمائية كالمونتاج واللقطات المكبرة والمصغرة والمتوسطة، والانتقال السريع من مشهد إلى آخر..."7 ، لمنح الكتابة الروائية مساحة من التدفق المعجمي والدلالي والتداولي، وهو ما نجده أبضا في اعتماد السرد لبناء الموسيقي، بحيث لم يعد النص بنية خطية مكتوبة على الورق فقط، بل أصبح جماعا من النغمات اللحنية المكونة لسيمفونية تتناغم فيها الأصوات والأفعال والوضعيات والحالات، وهو ما يبعد الرواية عن الابتذال وعدم الاستساغة الفنية، ففي بعض السرود نلاحظ ثرثرة عقيمة تستدعي شروحات خاصة بالموسيقى، وهي غير ذات قيمة تذكر أو وظيفية، أما بالنسبة للرسم والفنون التشكيلية، فالرواية انسجمت مع ضرورة الاهتمام بالصورة، وهو ما حفزها على إعادة قراءة الخطاب البصري وموروثاته، وهكذا تم التركيز على الحواس والألوان والكتل والأحجام والمنظور والضوء والخطوط والظلال والأبعاد والإطار والإلصاق، والبحث في المواد المستعملة وغيرها، لذا باتت الرواية عند البعض بمثابة لوحة فنية أو منحوتة تنضح بجمالية أخاذة.
وفي قراءته للعلاقة التي جمعت بين الرواية والمسرح، تمكن من بسط وجهة نظر، تتمثل في الربط بين الكتابة الروائية والمسرحية، أو بين صيغ الوعي الروائي وصيغ المنجز المسرحي الذي هو مستمد من عناصر تمسرحية قابلة للمسرحة، لأن الرواية قد تتم مسرحتها بواسطة ما يمكن أن يحصل لها في المدونات الأولى، وهذا عمل تشترك فيه مع طرائق الإعداد القبلية، أي عندما ينظر في المحاولات الدرامية المشكلة من العمل الدراماتورجي، خاصة عندما يتم الانتقال من المدونات القبلية الأولى إلى الختامية، وهكذا تستثمر الرواية الحوار والأقنعة والتقطيع المشهدي والحركات والأصوات والعلامات، وذلك من خلال تنظيم فضائي يعتمد سينوغرافيا تتآلف فيها الإرشادات المسرحية لتحقق بذلك تناغمها في هندسة النص الروائي.
هذا الاشتغال على التقنيات المسرحية التي لها خصوصياتها الفنية والجمالية، يخلق أسلبة جديدة تراهن على منح الخطاب الروائي متسعا ممكنا للتعبير عن التجربة الانسانية ومتطلبات حاجات العصرالضرورية، إذ يفترض أن تستوعب الكتابة الروائية كافة التقنيات الدرامية، باعتبارها آليات تنجز دلالات استعارية ومجازية غير قابلة للنمذجة والأحادية، وبهذا ف" إن دلالات النص تمتح دراميتها من داخل المقام التلفظي ومن أبعاده وجذوره السينوغرافية التي تلعب دورا وظيفيا في تفعيل الأحداث"8، بحيث لا تقتصر على اللغة السردية المنتهية في لحظة القراءة، بل تتجاوزها إلى لحظات شفهية ومكتوبة إيقونيا ، وذلك من أجل تفعيل ميكانيزم الفرجة الذي تتعدد في تلقياته القراءات والتأويلات.
إن الرواية العربية، حين تستثمر عناصر المسرح، تنزاح عن قوالبها الكلاسية والرومانتيكية، وتتبنى بذلك أشكالا حداثية تساعدها على خلق لغة إبداعية متطورة وحركية غير ثابتة أو محنطة، ومن بين أهم الطروحات التي عرضها الكاتب بخصوص التو ضيف المسرحي والاشتغال على تقنياته ضمن المنجز الروائي، نقف على بعضها ، وهي على الشكل التالي:
ـ اهتمام المتلقي بالمشاهد والاستمتاع بها، إلى درجة أنها تصبح طيعة وفق قانون الانتقال من التأسيس والتأصيل إلى التطوير والتجديد بتفعيل التعليقات و الحوار وتوظيف ما يمكن تسميته بالنصوص الموازية التي تسعى إلى استثمار عناصر القوة ضمن الفضاء الدرامي و السينوغرافي والمشهدي في المسرح وتوليفه حسب تقطعات الكتابة الروائية وامتداداتها الحكائية، نموذج رواية يحدث في مصر الآن ليوسف القعيد.
ـ تقليص المكتوب على حساب منح العين الدور الوظيفي في التصوير والضبط الفضائيين، لهذا فالرواية يمكنها أن تستعد لقبول التوليف الدرامي، خاصة أنها تنطلق من آليات المسرحة كالإضاءة والمؤثثات الركحية، وبهذا فهي منفتحة على عناصر خارجية مكملة للملفوظ الروائي، مثلا الأصوات والأضواء وفضاء البيت والشخوص والإشارات الجسدية وتبئير الحوار ضمن نسق الكثافة السردية، نموذج تحريك القلب لعبده جبير.
ـ استثمار مكون الحوار كآلية تعبيرية من طرف الشخوص، ودفعه إلى رسم معالم الأدوار والمسرحة والأحداث، نموذج يوميات سراب عفان لجبرا إبراهيم جبرا.
ـ وضع الكتابة الروائية مقابل الكتابة المسرحية التي تعتمد التقطيع المشهدي، إذ تخرجه من انسيابيته السردية وتجرفه نحو الحركية السريعة، التي تلتزم باللعب المسرحي من خلال إعادة إنتاج العوالم المتخيلة دراميا، والمتحققة سيميولوجيا وسينوغرافيا، نموذج ونصيبي من الأفق للعبد القادر بن الشيخ.
ـ اعتماد التداعي والتذكر والحوار، بحيث يمكن للتجربة أن تنفتح على الكتابة المفتوحة على خصوصية الروائي والمسرحي إضافة إلى تقنية كتابة السيناريو الفاصلة بين المنطوق والبصري، وبما أن هذه الرواية اشتغلت على القضية الفلسطينية، فإنها لم تجعلها مقحمة وزائدة، بل وظفتها كمضمون ساهم في إرساء بناء النص الدرامي وتقوية نفسه ودعم إيقاعه، نموذج ملف الحادثة 67 لإسماعيل فهد إسماعيل.
ـ يضع الكاتب استنتاجا عاما في النهاية يقدم من خلاله العلاقة التي جمعت بين الرواية والمسرح على مستوى الكتابة والتفاعل، يركز فيه على العناصر، هي: الحوار المسرحي، و المونولوج، والمشهد، والملابس والديكوروالإنارة، والتوجيهات الركحية، والبناء أو التركيب المسرحي.

خاتمة

إن الوعي بالكتابة الروائية وهي تنفتح على السمعي ـ البصري، كامن بالدرجة الأولى في مدى قدرة المبدع الروائي على تحمل مشاق البحث في أحراش المتون السردية الحديثة، بمختلف مشاربها وطرائقها التداولية، وطبيعة أساليبها المنتهجة والمبتكرة، لذلك فكتاب الأستاذ الدكتورحسن لشكر يمكن اعتباره مدونة نقدية تنزع نحو إعطاء الرواية العربية مكانتها الخاصة، وذلك بفضل محصلات المغامرات وارتياد الآفاق الرحبة والمجهولة لاكتشاف مكامن القوة والضعف في الوعي السردي الحديث والاشتغال على المتخيل المتعدد، وبما أن هذا الخطاب لم يتم الإلماح إليه ضمن المؤلف، فقد ورد في البداية، يقول الكاتب:" إنه خطاب متعدد الأبعاد والأنساق يستخدم وسائط تشخيصية متعددة لبناء المتخيل، كما يشغل عدة أنماط معرفية مستوحاة من علوم ومعارف وفنون مختلفة( علم نفس، الخطاب الإيديولوجي، تاريخ، سياسة، أسطورة..)لإثراء العالم الدلالي وتخصيب فعل القراءة"9. هذا المؤشر يدفعنا إلى إعادة التفكير في التناول النقدي للسرد الحديث، وذلك من زوايا مغايرة تحرص كل الحرص على تمايزه وتفرده واختلافه.

ايوب صابر 05-20-2012 04:16 PM

(أسئلة الأدب التونسي)
هادي دانيال والبحث عن أجوبة شافية «2»
عبد الرحمن مجيد الربيعي



شكلت الحوارات السبعة التي أدرجها المؤلف تحت عنوان (مبدعون ونقاد) المحور الأول الذي نجد فيه عنصري التنوع والاختلاف، مثل العروسي المطوي وعلي اللواتي أو عبدالقادر بن الشيخ ومحمد لطفي اليوسفي أو عمر بن سالم ومصطفى الكيلاني إضافة إلى الأب جان فونتان.
آنذاك في أوائل الثمانينيات عندما وفد الكاتب إلى تونس كان القسم الكبير من هذه الأسماء حاضراً لذا ذهب إليها وحاورها (العروسي المطوي، علي اللواتي، عبدالقادر بن الشيخ وعمر بن سالم) ومعهم الأب جان فونتان، ثم أضاف إليهما الاسمين الأفتى محمد لطفي اليوسفي ومصطفى الكيلاني، وبذا تكون هذه الحوارات أقرب إلى الشهادات، لا سيما وأن الكاتب وقبل أن يحمل أسئلة إلى أي اسم من الأسماء التي حاورها قرأ نتاجها ثم دوّن أسئلته، وأعتقد أن الحوار بعد قراءة هو المطلوب حتى لا يكون الحوار من طرف واحد فقط، عليه المحاوَر - بفتح الواو - ويتقبله المحاوِر - بكسر الواو - على علاته. كما أن المؤلف ولحكم عمله الطويل في الصحافة وجدناه يبحث عن الأجوبة المثيرة (حوار المطوي) تحت عنوان: (أؤمن بالجن) مثلاً. وهذا الحوار طويل وفيه معلومات مهمة عن الرجل وأفكاره، وكذا الأمر مع (علي اللواتي) الأديب المتعدد والذي عرف في البداية شاعراً ومترجماً، ثم ناقداً تشكيلياً قبل أن تعرف أعماله في الدراما التلفزيونية التي شكلت نقلة مهمة في الدراما التونسية، أو أعماله الغنائية (بالدارجة التونسية الشفافة) والجانب المهم في هذا الحوار ما كشفه عن خلفيات اتهامه لأدونيس حول ترجمته لسان جون بيرس، وكان مقاله في هذا الشأن تحت عنوان مثير: (إعدام خطاب شعري: أو جناية أدونيس على سان جون بيرس) لكنه وفي جوابه عن الأمر رفض أن يزج باسمه في الحملة المضادة لأدونيس في المشرق العربي بشكل خاص. ثم يستدرك ويقول: (وفي اعتراضي على أدونيس لم أفترض أو أستنتج شيئا ما خارج المقارنة بين نص الترجمة والأصل الفرنسي، ولم أخلص إلى أي حكم عام على شعر أدونيس وآرائه). وجاء الحوار مع عمر بن سالم أحد آباء السرد التونسي الذي يقيم بين فرنسا وتونس حالياً معمقاً وثرياً يشكل مدخلا لمعرفة هذا الكاتب الذي أنجز مدونة متعددة في الرواية والقصة القصيرة والمسرحية، ولعل جوابه الأخير الحامل لكثير من الخيبة يشكل مفارقة كبيرة عندما يقول: (ثمة أصدقاء يعرفونك وتعاشرهم طيلة عشر سنوات وتفاجأ أنهم لم يقرأوا لك شيئا خاصة أنهم من الوسط الإبداعي، وأنك أهديت لهم كل ما طبعته من كتبك، هذا يبعث في النفس شعوراً مراً).
ويذهب في حوار تالٍ إلى الأستاذ الجامعي عبدالقادر بن الشيخ الذي كتب رواية واحدة شدت الاهتمام وتحولت إلى فيلم سينمائي هي: (ونصيبي من الأفق)، أو كما يصفها المؤلف في بداية هذا الحوار (رواية واحدة كانت كافية لاعتباره من أبرز الروائيين التونسيين المعاصرين. ورواية طرحت إشكالات عديدة على صعيد البنية الروائية شكلاً ولغة وأسلوباً ومضموناً)، وهذه الرواية كانت المسوغ للحوار والمحور الأساسي له. ونلاحظ أيضاً أن الخلفية الصحفية للمؤلف جعلته يختار لهذا الحوار العنوان التالي: (عبدالقادر بن الشيخ: أفكر بالفرنسية وأكتب بالعربية) حيث يعترف الرجل للسائل قائلاً: (سأقول لك، أتحدث الآن إليك، وأنا أفكر باللغة الفرنسية، وأجد صعوبة كما ترى وتلاحظ في نقل أفكاري إليك لأني أترجمها فورياً إلى العربية عن الفرنسية في ذهني قبل أن ينقلها لساني).
ثم هناك حواران مع الأستاذين الجامعيين والباحثين المعروفين محمد لطفي اليوسفي ومصطفى الكيلاني. وكان الحوار مع الأول منطلقاً في كتابه (في بنية الشعر العربي المعاصر) ولما كان السائل - المؤلف شاعراً جاءت أسئلته في العمق وهي أقرب إلى كونها نقاشاً منها إلى أسئلة.
أما الحوار مع الكيلاني فعنوانه أيضاً يحمل الإثارة عندما يقول: (لا أعدّ محمود المسعدي روائياً)، ويبدأ المؤلف حواره بمعلومة مهمة هو أنه لم يلتق بالكيلاني ويصبح صديقاً له إلا في بغداد بعد حرب الخليج 1991م حيث شاركا معاً في مهرجان المربد الشعري، لكن المؤلف قرأ للكيلاني عدداً من أعماله قبل هذا. ونجد أن إيمان المؤلف بإبداع الكيلاني دفعه لأن يعهد إليه بكتابة التقديم الوافي لأعماله الشعرية التي نشرها في مجلد واحد بتونس (دار صامد - صفاقس). والكيلاني -وهو الجامعي- يرى في الحوار هذا بأن الكارثة الحقيقية في نقدنا الأدبي العربي اليوم أننا أمام كم هائل من النصوص والتجارب الإبداعية. إلا أن مؤسساتنا البحثية من جامعية وغيرها وجحفل أساتذتنا وباحثينا تبدو عاجزة عن استقراء هذا المتراكم وتوصيفه وترتيبه، والنفاذ إلى سحر أسراره لإثبات فاعلية هذه الأمة التي هي أمة حقاً رغم الادعاء السائد بأنها غير قادرة على شيء.
إن عدد شعرائنا وروائيينا ورسامينا ومسرحيينا وسينمائيينا وعلمائنا في شتى الحقول يؤكد على أنها أمة عظيمة رغم تخلفها السياسي والاجتماعي.
ثم كان الحوار الأخير مع الأب جان فونتان الذي يقدمه المؤلف بقوله (قد تحبه أو لا تحبه هذا شأنك. لكنك لن تكون موضوعياً أو عادلاً إن أنكرت فضله على الأدب التونسي كمؤرخ وموثق في الأقل. بل إنه كان في فترة سابقة أحد أبرز مفاتيح خزانة الأدب التونسي لمن يريد أن يطلع ويبحث ويتعرف وينهل).
ولكن للأب فونتان آراءه وقراءاته وعنايته بأسماء دون غيرها. وهو ومن خلال حياديته خرج بأحكام معينة لا يملك المطلع عليها إلا احترامها.
ثم يأتي بعد هذه الحوارات السبعة الموضوع القديم - الجديد (تونسياً) وهو (حركة الطليعة الأدبية التونسية) وهل هي (جنحة على الأدب العربي أم جناح له؟) -كما ورد في العنوان- وقد أنجز المؤلف هذا الموضوع كاستبيان أجاب عليه كل من الشاعر والباحث الطاهر الهمامي والناقد أحمد الحاذق العرف والشاعر محمد مصمولي والكاتب فتحي اللواتي.
وبدا لنا أن الجواب الوافي جاء من (الطاهر الهمامي) ربما لكونه قد تعمق في الموضوع أكثر من غيره بعد أن أعد رسالة جامعية (ما يوازي الماجستير في المشرق) ومما قاله في جوابه (إن حركة بحجم - الطليعة- لم يكن في مقدور أياً كان من ساسة اليمين أو اليساء اصطناعها مثلما تصطنع -الحركات- اليوم على يد طبقة تستطيع تمويل مصانع ومختبرات ومراكز برمتها لفبركة وتلميع نجوم الفن والرياضة والسياسة. وصنع المدارس والنظريات الفكرية والجمالية تم إغراق العالم بها مثلما البضائع والرساميل وأنماط العيش. تشابكت عدة عوامل ذاتية وموضوعية لإفراز حركة الطليعة).
ويصل الهمامي إلى القول بأن(الهاجس الذي كان يستبد بالكثير من أصواتها بقطع النظر عن مدى تأثير المؤثرات المذكورة والبصمات التي خلفتها هو هاجس نشدان الفرادة عن طريق الخصوصية القطرية).
ويواصل الهمامي الحديث الدقيق هذا بقول: (وسيقترن تفرق شمل الحركة وتلاشيها بعوامل من بينها سقوط التنظيرات الإقليمية في صفوف اليسار بعد التصحيح الخطي الذي شهده حوالي عام 1974م حيث عاد الاعتبار للمسألة القومية تحت ضغط الصراع الدائر تونسياً وعربياً مع الامبريالية والصهيونية وعملائهما).
أما الناقد أحمد حاذق العرف فيرى أن تقييم حركة الطليعة (لا يخلو من الأحادية بل من التجني) ويرجع هذا إلى (ما شهدته في مجرى تطورها التاريخي من الخرافات دون التوقف عند إنجازاتها). ثم يصل إلى القول بأن حركة الطليعة (تبقى حلقة مضيئة في تاريخ الأدب التونسي الحديث) ذاكراً الأسماء التي (خرجت من معطفها) - على حد تعبيره- وهي: (عزالدين المدني، سمير العيادي، محمود التونسي، الطاهر الهمامي، الحبيب زنّاد وفضيلة الشابي).
أما محور الكتابة النسائية بتونس (حقيقة أم وهم؟) فقد جاءت الأجوبة لتؤكد أنه (حقيقة) بدليل هذا الحضور المميز للكاتبة التونسية منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
كتاب الشاعر هادي دانيال هذا تميزه حيويته وكم الاستفزاز المقترن بالتوثيق، ومساءلة ما مضى نشداناً لإضاءة الآتي.
- صدر الكتاب من منشورات نقوش عربية - تونس 2008 عدد الصفحات 152 صفحة من القطع الكبير.

ايوب صابر 05-20-2012 04:19 PM

للاسف المعلومات المتوفرة حول هذا الكتاب الفذ ضئيلة وعليه سنعتبره

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 05-20-2012 09:49 PM

83- مجنون الحكم سالم حميش المغرب

بنسالم حميش
رواية
مجنون الحكم
سلسلة آفاق الكتابة العدد 18 القاهرة 1998

أدرجت الرواية ضمن أهم 105 رواية في القرن العشرين من إتحاد الكتاب العرب بسورية

http://www.liillas.com/up2//uploads/...1e2bb83ac9.jpg

تستلهم هذه الرواية عناصر التاريخ شخوصاً ووقائع ومجريات، وتبني فرادتها كأثر فني معاصر وحديث، من خلال منظور فكري وفلسفي جديد للتاريخ تسلح به الروائي المغربي ليحقق من خلال عمله الروائي الأول، إنها محاولة فنية راقية لإعادة صوغ التاريخ وإسقاطه على الحاضر بطريقة ذكية. رواية تنتزع مكانتها في عالم الروايات العربية ذات المصادر التاريخية، وتنبه إلى غنى التاريخ العربي وطواعيته في يدي فنان مبدع. قالت فيها لجنة التحكيم التي منحتها جائزة مجلة"الناقد" اللندنية للرواية للعام 1990: مجهود واضح في استيعاب فترة حكم الحاكم بأمر الله، وإسقاط الحاضر عليه، وهو استيعاب للموضوع كما هول للأسلوب، وهو لا يلتزم الغالب التقليدي للرواية التاريخية، إذ يتراوح الشد الروائي بين اللوحات القصصية حيناً والتسلسل الروائي حيناً آخر، تتخللها مقاطع بأقلام مؤرخي تلك الفترة مما يضفي على العمل الروائي عبق التاريخ، فيتضافر الموضوع والأسلوب والشكل في تقديم عمل فني متكامل."
الميزة الأولى -في هذه الرواية هي مقدرتها على الإفادة من التراث السردي الغني- في كتابات مؤرخينا القدامى، وامتلاكها -على الأغلب- ناحية اللغة المتسقة مع مادتها تاريخياً ونفسياً واجتماعياً وهو اتساق يندر أن يحدث في هذا الضرب من الكتابة الروائية المحدثة.
اعتقد أن ميزة هذا النص تتجلى في تحقيق علائق جدلية بين الشخوص واللغات وطرائق السرد. وإذا كانت لغة المصادر والمراجع التاريخية تحتل مكانة بارزة، فإن لغة الكاتب المحاكية لها تضطلع بوظيفة التهجين والباروديا وتفجير السخرية.
==


نبذة الناشر:
تستلهم هذه الرواية عناصر التاريخ شخوصاً ووقائع ومجريات، وتبني فرادتها كأثر فني معاصر وحديث، من خلال منظور فكري وفلسفي جديد للتاريخ تسلح به الروائي المغربي ليحقق من خلال عمله الروائي الأول، إنها محاولة فنية راقية لإعادة صوغ التاريخ وإسقاطه على الحاضر بطريقة ذكية. رواية تنتزع مكانتها في عالم الروايات العربية ذات المصادر التاريخية، وتنبه إلى غنى التاريخ العربي وطواعيته في يدي فنان مبدع.
قالت فيها لجنة التحكيم التي منحتها جائزة "الناقد" لرواية للعام 1990: مجهود واضح في استيعاب فترة حكم الحاكم بأمر الله، وإسقاط الحاضر عليه، وهو استيعاب للموضوع كما هول للأسلوب، وهو لا يلتزم الغالب التقليدي للرواية التاريخية، إذ يتراوح الشد الروائي بين اللوحات القصصية حيناً والتسلسل الروائي حيناً آخر، تتخللها مقاطع بأقلام مؤرخي تلك الفترة مما يضفي على العمل الروائي عبق التاريخ، فيتضافر الموضوع والأسلوب والشكل في تقديم عمل فني متكامل.
الميزة الأولى -في هذه الرواية هي مقدرتها على الإفادة من التراث السردي الغني- في كتابات مؤرخينا القدامى، وامتلاكها -على الأغلب- ناحية اللغة المتسقة مع مادتها تاريخياً ونفسياً واجتماعياً وهو اتساقيندر أن يحدث في هذا الضرب من الكتابة الروائية المحدثة. اعتقد أن ميزة هذا النص تتجلى في تحقيق علائق جدلية بين الشخوص واللغات وطرائق السرد. وإذا كانت لغة المصادر والمراجع التاريخية تحتل مكانة بارزة، فإن لغة الكاتب المحاكية لها تضطلع بوظيفة التهجين والباروديا وتفجير السخرية.

ايوب صابر 05-20-2012 09:56 PM

سالم حميش...مجنون الحكم



http://1.bp.blogspot.com/-G8cSsGS0GU...9999999999.bmp
يتوزع إنتاج سالم حميش بين الإبداع الشعري والروائي والبحث في الفلسفة والتاريخ.وعن روايته تلك، تحدث حميش قائلا أنه استلهم شخوصها من وقائع ومجريات تاريخية، في محاولة فنية لصوغ التاريخ العربي المفعم بالأحداث والمواقف وإعماله في جنس الرواية وانتزاع مكانة تليق برؤيته الفلسفية بعيدا عن المنظور التقليدي للرواية التاريخية. للروائي والكاتب المغربي كتابات بعدة مجلات: الوحدة، الفكر العربي المعاصر، المستقبل العربي، الناقد. ساهم في تحرير «المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع»، كما أصدر سنة 1971 مجلة «البديل» التي تم توقيفها سنة 1984.وفي سنة 1990 حصل على جائزة الناقد عن روايته «مجنون الحكم»، وعلى جائزة «الأطلس» للترجمة (السفارة الفرنسية بالمغرب) برسم سنة 2000 عن روايته «العلامة».

إضغط على الصورة للتحميل
أو اعتمد الرابط التالي:
http://www.4shared.com/office/SQYDEXJu/__-_-__.html

ايوب صابر 05-20-2012 09:57 PM

"مجنون الحكم" بمكناس


السبت, 22 كانون2/يناير 2011 16:51 موقع لكم
http://lakome.com/images/resized/ima...900_200_72.jpg



استضاف المعهد الفرنسي بمكناس في إطار أنشطته الثقافية، الجمعة 21 يناير 2011، الروائي والكاتب بنسالم حميش الذي تحدث بإسهاب عن روايته "مجنون الحكم" المترجمة إلى الفرنسية وعن المنظور الفكر والفلسفي للتاريخ الذي اعتمده في نسج إبداعه الروائي.
وفي تقديمه لهذا العمل، الذي قام بترجمته إلى الفرنسية محمد سعد الدين اليمني وأعيد نشره مؤخرا، قال حميش إنه استلهم شخوصه من وقائع ومجريات تاريخية، في محاولة فنية لصوغ التاريخ العربي المفعم بالأحداث والمواقف وإعماله في جنس الرواية وانتزاع مكانة تليق برؤيته الفلسفية بعيدا عن المنظور التقليدي للرواية التاريخية.
وتحكي هذه الرواية، التي أحرزت جائزة مجلة "الناقد" اللندنية للرواية للعام 1990، سيرة الخليفة الفاطمي أبو علي منصور الملقب بالحاكم بأمر الله الذي حكم مصر والشام مدة 25 عاما ما بين القرنين التاسع والعاشر ميلادي، وعرف بشذوذه وغرابة أطواره، ولا يزال إلى الآن مثار اهتمام المؤرخين، خصوصا ما يتصل بأوامره وقراراته.
ومن ضمن قرارات الحاكم بالله، الذي كان مصابا بمرض فضل الروائي تسميته بـ"السوداوية"، تحريم بعض الأكلات على المصريين ومنع المرأة من الخروج والعمل، وقد ثارت ضده قبائل من المغرب إلى جانب المصريين بقيادة إمام شاب يدعى "أبا ركوة" ولقب نفسه ب"الثائر بأمر الله" لكن هذه الثورة فشلت وقضي على زعيمها بعد القبض عليه في بلاد النوبة.
كما أن هذا الخليفة كان يصدر، إبان أزماته "السوداوية"، مراسيم غريبة وقاسية، وعندما يعود إلى حالته الطبيعية يصبح ذلك الخليفة الطيب العادل والقادر على مواجهة مناوئيه السياسيين، المدنيين والعسكريين، فكان ينزل إلى الأسواق ويصدر أحكاما ضد كل من تبث في حقه الغش، وتطبق في حقه العقوبة أمام الملأ على يد العبد "مسعود" الذي كان يلازمه حتى يكون عبرة للآخرين.
وتنتهي حياة هذا الخليفة على يد أخته "ست الملك" التي خلدها المصريون في السير الشعبية.
وتنطوي هذه الرواية، كما عبر عن ذلك النقاد، على مجهود واضح في استيعاب فترة حكم الحاكم بأمر الله ، حيث نجح الروائي حميش في تقديم عمل فني متكامل.
وقد اختتم هذا اللقاء بحفل توقيع هذه الرواية، الواقعة في 250 صفحة من القطع المتوسط، بحضور، على الخصوص، القنصل الفرنسي بفاس ومديرة المعهد الثقافي الفرنسي بمكناس وعدد من الشخصيات من عوالم الفن والثقافة.
سشار إلى أن بنسالم حميش وزير الثقافة، هو من مواليد مكناس، وحاصل على إجازة في الفلسفة وأخرى في علم الاجتماع وعلى دكتوراه السلك الثالث ودكتوراه الدولة سنة 1983. ويعود انتسابه لاتحاد كتاب المغرب إلى سنة 1968.
وسبق لحميش، الذي يتوزع إنتاجه بين الإبداع الشعري والروائي والبحث في الفلسفة والتاريخ، أن حصل على دبلوم وشهادة تقديرية عن مجمل أعماله من الجمعية الأكاديمية بفرنسا "فنون علوم آداب"، وأيضا على جوائز عدة منها جائزة "الأطلس" للترجمة عن روايته "العلامة" التي نالت أيضا جائزة نجيب محفوظ.
و م ع

ايوب صابر 05-20-2012 09:59 PM


Ben Salem Himmich
:بنسالم حميش) (
born in 1948 in Meknes) is a novelist, poet and philosopher who teaches at the Mohammed V University, Rabat in Morocco. [1]
He has published 26 books, both literary and scientific works, in Arabic and French. As a liberal philosopher, Himmich is concerned with matters including ideological education in Islam. He advocates the division of church and state.
His work deals with the problems and conflicts with which Morocco is faced today.
[edit] Books
  • De la formation idéologique en Islam
  • Le Calife de l'épouvante (Le serpent à plumes)
  • The Polymath, ed.: American University in Cairo
  • Au pays de nos crises
[edit] Awards
  • Bensalem Himmich won the prize of the critics (1990) for his novel le fou du pouvoir, a book elected by the Arab union of writers as one of the hundred best books of the 20th century.
  • He won the prize Charika of the Arab culture of jury composed of UNESCO and well known literary personalities.
  • Ben Salem Himmich won the Naguib Mahfouz Medal for Literature for his book Al-'Allamah (2001; The Polymath, a book about the great Arab writer Ibn Khaldoun) (The award was established in 1996 and awarded for the best contemporary novel published in Arabic. The winning work is translated into English and published in Cairo, London, and New York.) [2]

ايوب صابر 05-20-2012 10:01 PM

سالم حميش
  • الدكتور سالم حميش (المغرب).
  • ولد عام 1948 في المغرب.
  • حاصل على إجازتين في الفلسفة, وعلم الاجتماع, ودكتوراه السلك الثالث, والدولة من جامعة السوربون.
  • أستاذ فلسفة التاريخ في جامعة الرباط, ومدير سابق لمجلتي الزمان المغربي, والبديل.
  • عضو اتحاد كتاب المغرب.
  • يحسن الإسبانية والإنجليزية واليونانية.
  • دواوينه الشعرية: كتابتي إيش تقول 1977 ـ ثورة الشتاء والصيف 1982 ـ كتاب الجرح والحكمة 1986 - الانتفاض 1994 - أبيات سكنتها 1997.
  • أعماله الإبداعية الأخرى: روايتان هما: مجنون الحكم 1990 ـ محسن الفتى زين شامه 1993 .
  • مؤلفاته: في نقد الحاجة إلى ماركس ـ معهم حيث هم ـ الاستشراق في أفق انسداده, بالإضافة إلى بعض الأعمال بالفرنسية.
  • نال جائزة الناقد للرواية 1990 .
  • كتبت عن أعماله كثير من المقالات والدراسات.
  • عنوانه: 4 تجزئة الزهرة ـ الهر هودة ـ تمارة ـ المغرب

ايوب صابر 05-20-2012 10:03 PM

بنسالم حميش

(المعروف في المشرق سالم حميش) روائي وشاعر وأستاذ فلسفة مغربي متخرج من جامعة السوربون، وله مسؤوليات حزبية وحكومية في وطنه (شغل منصب وزير ثقافة) يكتب باللغتين العربية والفرنسية. من مواليد مكناس سنة 1948 عرف برواياته التي تعيد صياغة شخصيات تاريخية أهمها شخصية ابن خلدون في رواية العلامة وابن سبعين في هذا الأندلسي والحاكم بأمر الله الفاطمي في مجنون الحكم.




مؤلفاته

روايات
  • مجنون الحكم - 1990 (أدرجت الرواية ضمن أهم 105 رواية في القرن العشرين من اتحاد الكتاب العرب بسورية) كما حصلت على جائزة الناقد1990
  • محن الفتى زين شامه - 1993
  • سماسرة السراب - 1995
  • العلامة - 1997 حصلت على على جائزة «الأطلس» للترجمة (السفارة الفرنسية بالمغرب)
  • بروطابوراس.. يا ناس - 1998
  • فتنة الرؤوس والنسوة 2000
  • أنا المتوغل وقصص فكرية أخرى - 2004
  • زهرة الجاهلية - 2004
  • هذا الاندلسي - 2007 (كانت على القائمة الطويلة لبوكر 2009)
  • معذبتي ـ الشروق ـ 2010 (وصلت للقائمة القصيرة بوكر 2011)
أعمال فكرية
  • في نقد الحاجة إلى ماركس - 1983
  • كتاب الجرح والحكمة (الفلسفة بالفعل)- 1986
  • معهم حيث هم - حوارات 1987
  • التشكلات الايديولوجية في الإسلام - 1990
  • الاستشراق في أفق انسداده- 1991
  • في الغمة المغربية - 1997
  • الخلدونية في ضوء فلسفة التاريخ - 1998
  • عن قراء ابن خلدون - 1999
أعمال شعرية
  • كناش ايش تقول - 1979
  • ثورة الشتاء والصيف - 1982
  • أبيات سكنتها وأخرى -1997
  • ديوان الانتفاض - 2000
أعمال بالفرنسية
  • الانطلاق من ابن خلدون - 1987
  • التشكلات الايديولوجية في الإسلام - 1990
  • في بلاد أزماتنا - 1997
  • Si la très grande ne s’opère : poème 1980
  • De la formation idéologique en Islam 1981.
  • Partant d’Ibn Khaldûn, penser la dépression, 1987.
  • Le livre de fièvre et des sagesses, 1992.
  • Au pays de nos crises: Essais sur el mal marocain, 1997

ايوب صابر 05-20-2012 10:12 PM

بنسالم حميش.. من الرواية للشعر
http://www.mnaabr.com/Views/Shared/s...voice_icon.jpg


ضيف الحلقة: بنسالم حميش/ روائي مغربيتاريخ الحلقة: 2/4/2005

- بين الرواية والتاريخ
- النقد وإشكالية العرب بين الأنا والآخر
- الشعر والعمل الصحفي

http://www.mnaabr.com/mritems/images...533283_1_3.jpgإعادة النظر في التاريخ وكتابته روائيا هاجس مُقيم لدى الروائي المغربي بنسالم حميش، تلقى حميش تعليمه العالي في الفلسفة وعلم الاجتماع في الرباط والسربون بباريس وهو ما يفسر ربما مشاغل هذا الروائي الذي فاجأ الأوساط الثقافية العربية في مطلع التسعينيات بروايته المتميزة مجنون الحكم، التاريخ لديه ليس مجرد مادة خام لأعماله الروائية بل مصدر إلهام وأسلوبا مبتكرا في الكتابة من خلاله يسأل ويتساءل مُعيداً صياغة الأحداث وفق مخيال جديد.
بين الرواية والتاريخ
بنسالم حميش- روائي مغربي: أعتقد في نقاط تماس ما بين التاريخ والرواية، لكن الروائي هو واع بأن عمله الأساسي ليس فقط هو الإتيان بالخبر وتنقيح الخبر والحرص على صحة الخبر، هو كذلك مطالب بأن يسترجع ما لا يُخبِر عنه المؤرخ ويظل غائبا عن حقل إدراكه وبالتالي فالاسترجاع ما لم يُؤرَّخ له.. واسترجاع كل المغارات وكل الهوامش التي لم ينتبه إليها المؤرخ هذا عمل طبعا يتطلب الكثير من التخيل.. والتخيل بمعنى الافتراض أن يفترض أن هذه الأشياء نظرا لمعطيات واقعية قد تكون حصلت بالفعل، فأنطلق أيضا من هذا التصور وأحاول أن آتي.. يعني بعطائي في هذا المجال وأنا مسبوق إليه من طرف كُتاب عالميين وطرف كذلك روائيين عرب.

في مجنون الحكم يبحث بنسالم حميش عن المُهمَّش والمُغفل، يُحدق في العتمة المتبقية التي لم يُضئها المؤرخون لدى تناولهم سيرة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله وهو ما فعله لاحقا في روايته العلامة التي تتناول سيرة ابن خلدون.
"
الاهتمام بما لم يهتم به المؤرخون هذا يمكن أن يفعله الروائي لكي يقول إننا نحن أمام مجتمع كلي فيه شرائح من الناس ودولة ومحكومون وحاكمون
"بنسالم حميش: الاهتمام بما لم يهتم به المؤرخون هذا يُمكن أن يفعله الروائي لكي يقول بأن نحن أمام مجتمع كُلي فيه شرائح من الناس وفيه دولة وفيه محكومون وحاكمون، فبالتالي هو.. يعني يُستحسن أن يلتفت إلى ما لم يلتفت إليه المؤرخون وبالتالي مثلا في روايتي هذه مجنون الحكم العبد مسعود هو موجود في فصل كامل، في حين أن المؤرخون يشيرون إليه في كلمة أو كلمتين أو سطرين لا أكثر، كذلك الشأن بالنسبة للثائر أبي ركوة.. كذلك نجد عند المؤرخين إشارات عابرة ومستخفة بسبب أنه ثار على الحكم الفاطمي وعلى الحاكم بأمر الله، لا أنا أعطيه.. قول هذا شخصية أساسية ولابد من أن أهتم بها وبالتالي يصبح كذلك يعني قائما في الفضاء الروائي بشكل يعني لافت، كذلك الشأن بالنسبة لسِتْ الملك إلى آخره، الشخصيات التي تصورت أنها بالضرورة كانت تحوم حول ابن خلدون، كان لابد أن يكون له خادم في بيته ويعني أوجدت هذا الخادم وسَمَّيته وجعلت أن هذا الخادم يبرز بشكل أو بآخر في النسيج الروائي.. وكذلك بالنسبة للذي وَظَّفته ككاتب لإملاءات عبد الرحمن ابن خلدون وهو حمو الحيحي، هذا ابتدعته ابتداعا يعني ولا وجود له في الواقع، لكن تصورت بأن الرجل وقد كان يعيش في حالة انهيار عصبي بعد أن فَقَدَ الأهل والأسرة، أنه لم يعد قادرا حتى على الكتابة، فيعني كما الشأن بالنسبة لابن بطوطة وابن الجوزي قلت من الممكن أنه كذلك استعان بخدمات هذا الكاتب وهذا الكاتب عندما سيتوفى هو سيتزوج يعني زوجته. وكذلك أوجدتها وسميتها وأعطيتها دورا أساسيا في الرواية إلى آخره.. لكن أنا أقول بأنه في مجال الخيال لابد من مراعاة الذوق السليم ومراعاة حدود الإمكان، لا نتصور أي شيء أو أن نتخيل أي شيء، لابد أن يكون هذا التخيل في نطاق الافتراض الممكن وفي نطاق ما يقبله الذوق السليم حتى لا نترك الأشياء مُنفلتة وأن يقول الروائي ما يشاء، هذا جائز في الشعر وفي الكتابة السريالية لكن في الكتابة السردية والروائية هناك مسؤولية ما عند الروائي حتى يضبط خياله بما هو ممكن وما هو قابل للتصور.

ايوب صابر 05-20-2012 10:13 PM


النقد وإشكالية العرب بين الأنا والآخر
الأقواس، الأبواب المغلقة والقصص الثاوية خلفها، التاريخ النابض بالحياة هو ما يسلب ويفتن، غير أن ذلك لم يدفع بنسالم حميش إلا إغماض العينين عن الوقائع المعاصرة، عن المصائر المعذبة الآن وهنا.. وهو على اهتمامه بالماضي مَعينا روائيا ووعاء يتسع لكل إسقاطات الحاضر وهموم الكاتب المُسيَّس يهتم أيضا بمنجزات الثورة الاتصالية ويتابع بشغف كل ما تُتيحه شاشة الكمبيوتر الذي يُوظفه وسيلة عملية للكتابة دون أن يستغني الكاتب فيه عن القلم ملاذاً والتاريخ مداداً كلما ضاقت فُسحة الراهن.
بنسالم حميش: للأسف الشديد هناك نزوع عند النُقاد وهو أن يحشروا الكاتب في خانة ما ولكن إذا قلت لك مثلا عندي رواية محالفة زين شامة وكلها.. بطلها زين شامة هذا شاب تخرج من الجامعة بدبلوم وهذا الدبلوم لم يستطع أن يُصرفه وظيفيا أي في المجتمع.. الشباب الحامل للشهادات العاطل عن العمل هذه قضية ساخنة راهنة، سماسرة السراب من المواضيع البارزة فيها وهو الهجرة السرية هذا كذلك موضوع الساعة، فتنة رؤوس والنسوة شخصية ولكن ماشيه بشكل مباشر.. هو هذا أوفقير.. الجنرال أوفقير أنا أُسميه أُفقيه فهذا كذلك في تاريخنا نحن، طبعا للأسف الشديد هو ما حدث بالنسبة لشكري الله يرحمه، الخبز الحافي غطت على كل شيء وأنا حتى ضحية لمجنون الحكم وللعلامة في حين أن الروايات الأخرى وهي روايات يعني معاصرة من حيث مواضيعها ومن حيث مضامينها.. محمد شكري هو إنسان يعني نعتز به لأنه فعلا بحكم قساوة الحياة التي عرفها في طفولته وفي شبابه وروايته الأولى الخبز الحافي التي للأسف الشديد غطت تماما على كل الأعمال الروائية التي أتت بعده إلى حد أنه صار يشكو هو نفسه من هذه الرواية ومن تبعاتها، لكننا نعتبر أنه نال حظه ولم ينل حظه كاملا، بعض أعماله تُرجمت ولكن هل تعلم مثلا بأن الخبز الحافي مُنع تقريرها في المدارس لاعتبارات كما قيل أخلاقية وما إلى ذلك، فأنت تشوف بأنه الرقابة فعلت فِعلها مع هذا الروائي الذي طبعا خسرناه نحن المغاربة وخسره كذلك العالم العربي لكن أنا أعتبر بأنه على كل حال بالنسبة للمغرب يظل علامة مضيئة حقيقة.. وأنا لا أعتبر بأنه نال ما يستحقه في مجال.. مشهور معروف، لكن في مجال الدراسة وفي مجال المعالجة النقدية لا أعتبر بأنه استحق أو نال ما يستحق، التركيز كان دائما على روايته البكر الأولى ولكن على حساب كل أعمال أخرى ويعلم الله أنها كانت كذلك من القوة بما كان.

الكثيرون لا يعرفون بنسالم حميش مفكرا، عشرات الدراسات والكتب تناول فيها حميش مشاغل الفكر العربي المعاصر، بدءً من كتابه في نقد الحاجة إلى ماركس وليس انتهاء بالخلدونية في ضوء فلسفة التاريخ وما بينهما من كُتب تناولت التشكيلات الإيديولوجية في الإسلام والاستشراق في أفق انسداده والفرانكفونية ومأساة أدبنا المكتوب بالفرنسية وغيرها من كتب ودراسات.

"
عندما نتحدث عن الآخر نتحدث عنه بشكل تاريخي وليس بشكل تجريدي، علينا أن نصمد ونكتب باللغة العربية، ومن أراد أن يتعرف علينا هناك ترجمة ودورها قوي في الماضي وما زالت
"بنسالم حميش: هذا الزوج أوالازدواجيةالأنا والآخر يعني إشكالية مطروحة يعني منذ القرن التاسع عشر بالنسبة للعرب عندما اكتشفوا أن هذا الآخر متفوق عليهم تكنولوجيا وحربيا واقتصاديا، فصار السؤال حول الذات بالمقارنة مع الآخر، لماذا تقدم الآخر وتأخرنا نحن؟ إلى آخره.. وهذه أسئلة معروفة الآن.. لكننا في هذا الكتاب الاستشراق في أفق انسداده يعني حاولت أن أُركز على التحليل على مستشرقين، على مستشرقين يعني منهم من يُعتبر من الصنف الكلاسيكي ومنهم من يُعتبر من صنف المُجددين وحاولت أن أنظر إلى الآلات أو الآليات والمناهج التي استعملوها لكي يَدرسوا العرب والمسلمين وما إلى ذلك وتبين لي بأن هناك الدور الذي لعبه بعض المستشرقون في إنارة طريق الاستعمار والاحتلال للبلدان العربية الإسلامية، فعلى كل حال القضية أعتقد الآن لم تعد بالحدة التي كانت لها فيما قبل بحكم.. الآن يعني التداخل والذي أصبح أكثر مما كان عليه فيما سبق بين الذات والآخر بحكم أنه صارت هناك شراكات وصارت هناك يعني ما يسمى (Globalization) والعولمة إلى آخره، فالسؤال ما زال مطروحا طبعا ولكن ليس بالحدة التي كان عليها فيما قبل وأتصور بأنه الخطر هو أن نطرح مثل هذه المفاهيم بشكل مجرد ميتافيزيقي الآخر، في حين أنه ليس هناك كتلة متراصة اسمها الآخر، هل هو أميركا الولايات المتحدة أو أوروبا وشتان ما بين القطبين، فبالتالي لابد عندما نتحدث عن الآخر أن نتحدث عنه بشكل تاريخي أو سوسيولوجي وليس بشكل يعني تجريدي، علينا أن نصمد وأن نكتب بهذه اللغة ومَن أراد أن يتعرف علينا هناك قناة الترجمة ونحن نعلم الدور القوي والعظيم الذي لعبته قنوات الترجمة في الماضي وما زالت تلعبه الآن في الحاضر، ما يسمى بأدب أميركا اللاتينية، لم يقولوا لكي نُقصر المسافة نكتب بلغة الآخر، مَن يكتب باللغة الإسبانية ظل يكتب بها، مَن يكتب باللغة البرتغالية ظل يكتب بها وقالوا إذا أردتم أن تتعرفوا على هذا الأدب ترجموه وفعلا في الستينيات والسبعينيات كانت الموجه الكبيرة وفعلا ظهرت الأسماء الضخمة التي نعرفها ومنها مَن حصل على جائزة نوبل وهذا، فإحنا خاصة مشينا بنفس الاتجاه.. في نفس الاتجاه وألا نقول والله علينا أن ننظر إلى أقصر الطرق، إذاً نتبنى لغة الآخر حتى ننفذ إليه، أنا لست.. هناك من يدعوه الكسل أو التراخي إلى تبني هذا الاختيار ولكن هذا الاختيار أنا أعتقد لا يمكن أن يخدم الثقافة العربية لأنه من المفارقة أن نقول ثقافة عربية مكتوبة بالفرنسية، ثقافة عربية مكتوبة بالإيطالية، في يعني تناقض وفي مفارقة، فإذاً أنا من الصامدين يعني في هذا المجال وأعتبر بأنه ما فيش حل آخر لهذا.. وما يُفرحني إلى حدا ما بدون أن يدعوني هذا إلى شيء من الغرور أعمالي فيه اللي نُقلت إلى لغات كاليونانية والإيطالية والإسبانية والفرنسية.. وثم في دار كبيرة في فرنسا دار غاليمار حتنشر لي روايتي العلامة، فأقول ربما أنني لم أُخطئ الصواب، لم أخطئ الطريق، راهنت على أن هذه الثقافة بالعربية التي لازم أن أظل متشبثا بها ومَن أراد التعرف عليها فله أن يُترجِم.
http://www.mnaabr.com/Channel/KEngine/imgs/top-page.gif

ايوب صابر 05-20-2012 10:14 PM


الشعر والعمل الصحفي
بنسالم حميش:
عن الفارس ذي الخال.. عن الفارس ذي الخال الذي راود الوردة
قال جئتكم بعد موسم السقوط والظلمة
أُخبر أن الزمهرير لن يظل جاري المفعول
ولا القحط قوي القبضة
أناشدكم يا أحبه
أن تنسفوا العبث الذي يَحكم خطوكم خطوة خطوة
أناشدكم بالبحر ورب الكعبة
عند النون الهمزة
صاحب الحال والخرقة
عن آكل الشعير في صحون الغربة
عن العاشق الذي فقد المنديل والفرحة
عن القزم الطروب
عن دفتر فحل معطوب
قيَّد فيها قبل أن يموت
عن الفارس ذي الخال المتوفى بجوار الوردة
قال والركب يحط الرحال في رَبع المشقة
قال والشمس تفوت
أين مني الآن الكتاب المحروق؟
أين أبعد الليل الحجري عني فتاة الشروق؟

بنسالم حميش شاعر، جانب طغت عليه سُمعة الروائي المغربي الروائية، فلحميش العديد من الدواوين التي يكشف فيها رهافة عالية وحسا مُتوقدا تجاه موضوعاته الأثيرة في الشعر والرواية، على أن التاريخ وتأَمُّله لا يغيبان عن القصيدة التي يكتبها حميش، الشعر أيضا نجده في رواياته عبر الرؤية الغنائية والاستعارات الشعرية التي يلجأ إليها حميش لإضاءة شخوصه.
بنسالم حميش: لا أعتبر بأن الروائي إذا أعوزه الحس الشعري يكون روائيا موفقا، أنا أعتبر بأن الشعر ضروري حتى في مجال السرد، يعني هناك لحظات قوية، لحظات متألقة لابد أن يكون الشعر فيها حاضرا بشكل أو بآخر، يعني في اللحظات التراجيدية الكبرى في اللحظات الدرامية المتوترة ذات الزخم الكبير الشعر ضروري، لكن الشعر في اللغة، الشعر في النفَس، الشعر في تصوير كثافة اللحظة، أنا أعتبر بأنه لم أترك.. عندما أُمارس الرواية لا أطلِق الشعر بل أجعله حاضرا في مقامه المناسب، بدأت شاعرا ومازالت أكتب الشعر يعني في لحظات ما ولكن أعتبر بأن الرواية الآن صارت جنس الأجناس، لا يمكن للشاعر أن يصير روائيا ولكن يمكن للروائي أن يظل محتفظا بالمورد الشعري إذا شئت.. بالرافد الشعري يوظفه هنا أو هناك إلى آخره، فإلى يومنا هذا ما أزال أكتب شعرا ونشرت خمسة دواوين وهناك أشعار كثيرة أخرى جاهزة للنشر ولكن على كل حال ربما أن سوق الطلب في الشعر ليس على ما يرام وهذا بشهادة الشعراء والناشرين معا، فأنا أعتبر بأن الرواية هي مدخلنا الآن، يعني إذا كان الشعر هو ديوان العرب بالنسبة لحداثتنا في هذا العصر وعلى عتبة هذه الألفية، إننا مُطالبون أن نؤسس لديوان جديد وهو الديوان الروائي.

بحثا عن حرية الرأي والتعبير ساهم بنسالم حميش في بداية الثمانينيات في تأسيس مجلة الزمان المغربي، كما أسس وأدار مجلة البديل التي منعتها السلطات غير أن ذلك لم يمنعه من مواصلة نضاله السلمي، مرة بالكتابة وأخرى بعضويته في حزب الاتحاد الاشتراكي الذي تَصدر المشهد السياسي المغربي في حقبة الانفراج الديمقراطي وبدء مشروع انخراط المعارضة في العمل السياسي من موقع المسؤولية.
بنسالم حميش: في بداية أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات يعني أنشأت مجلة الزمان المغربي وبعدها مجلة البديل تحت علامة استفهام.. وطبعا هذه التجربة أعتبر بأنها تنضوي في تصوري التزام المثقف.. ولم تمضِ بضع سنوات حتى تعرضت مجلة الزمان المغربي وكذلك مجلة البديل للمنع الإداري حيث استُدعيت إلى مخفر الشرطة لكي أوقع على محضر المنع وكان إذ ذاك في أيام سطوة إدريس البصري الغني عن التعريف من حيث سلبية هذا الرجل وعنفه في ممارسة السلطة، فكان ذلك بسبب عدد حول أدب الاعتقال وهذا العدد هو الأخير كان فقط.. وتوخيت منه فقط أن هؤلاء الذين يعانون من الاعتقال التعسفي لأسباب تتعلق بالرأي وبالاختيار السياسي، أكيد أنه في معتقلاتهم.. في معتقلهم السِجني إما يرسمون كاريكاتير أو يكتبون القصيدة أو القصة القصيرة أو ما إلى ذلك، فتوجهت إليهم وكثير منهم كانوا من أصدقائي وما زالوا طبعا وقلت لهم ها الفكرة زودوني بالمادة وفعلا طبعا حبذوا القضية وظهر هذا العدد حول أدب الاعتقال وتجنبت فيه كل ما هو تحليل سياسي أو شعارات أو ما إلى ذلك.. ورغم هذا يعني جُمع هذا العدد من الأكشاك ويعني تم المنع بسبب هذا العدد بالذات، فأنا قلت هذا يُعطيني فكرة أو ميزان الحرارة الموجود في المغرب إذ ذاك في مجال القمع وفي مجال التسلط، يعني حتى هؤلاء الذين يتنفسون الصعداء وهم يكتبون ويمارسون الإبداع يريدون أن يُحرموا من ذلك، فالتجربة أنا بالنسبة لي كانت غنية، مهمة وأعتز بها إلى يومنا هذا. وأعتبر بأنه.. وهذا المنع لم يَطَلْ فقط هاتين المجلتين ولكن كان هناك مجلات أخرى في هذه الدفعة مُنعت وأعتبر بأن هذا المنع يدخل في نطاق ما يسمى الآن بسنوات الرصاص التي طبعا عانينا منها كثيرا وأنا أتمنى أن تذهب بدون عودة.


الإبداع هاجسه أكان ذلك رواية أو قصيدة أو بحثا وبعيدا عن الضوء وبهدوئه المعتاد يُلاحق بنسالم حميش نار الإبداع المُتقدة دون ادعاء، هذه هي روايته وهذه هي قامته منذ بداياته الأولى وصولا إلى إنتاجه الثري والمتميز الذي كرَّسه واحد من كبار الروائيين العرب.



المصدر: الجزيرة

ايوب صابر 05-20-2012 10:15 PM

بروفايل: بن سالم حميش وزير الثقافة المغربي الجديد.. ولع باللغات وكاتب رواية «مجنون الحكم»
الرباط: محمد بوخزار
عين العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس بن سالم حميش، لدى استقباله له أمس في الحسيمة (أقصى شمال البلاد)، وزيرا للثقافة، في إطار تعديل حكومي جزئي. وكان الروائي والشاعر حميش يهم بجمع حقائبه استعدادا للسفر إلى بلد الإغريق، حيث تعود أن يمضي عطلة الصيف في مهد الفلسفة، ضيفا على أصهاره (متزوج من سيدة يونانية) فنزل عليه، في حر الصيف، خبر اختياره وزيرا للثقافة المغربية خلفا للممثلة المسرحية ثريا جبران أقريتيف، التي حالت ظروف صحية حرجة دون استمرارها في منصبها إلى حين فترة الولاية الحكومية الحالية عام 2012.
وكان تعيين وزيرة من الميدان الفني في حكومة عباس الفاسي سابقة سياسية واجتماعية في المغرب، أثارت في حينها تعليقات وردود فعل متباينة، تراوحت بين الترحيب بالفكرة غير المسبوقة والتشكيك في قدرات الوزيرة الإدارية وليس الفنية، على اعتبار أن مؤهلاتها لا تتعدى حدود خشبة المسرح وكواليسه، في حين يفترض في من يتقلد هذا المنصب الرمزي أن يكون الأفضل بين أهل العلم والفكر والثقافة، وهي المقومات التقليدية التي جرت العادة أن تجتمع بصفة كلية أو جزئية فيمن تؤول إليه مسؤولية الحديث الرسمي باسم المثقفين في الوطن العربي. يتوفر الوزير الجديد على أكثر من مؤهل ثقافي وأكاديمي، إذ بعد حصوله على شهادة الإجازة في الفلسفة وعلم الاجتماع من كلية الآداب بالرباط (1970)، سافر إلى فرنسا وعاد من جامعة باريس بدبلوم الدراسات العليا في الفلسفة (1974) في موضوع «التشكلات الآيديولوجية في الإسلام»، مما أهله للعمل في سلك التعليم العالي أستاذا مساعدا بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، التي لم ترق له أجواؤها الأكاديمية، فآثر الالتحاق بالكلية العتيدة التي تخرج فيها، حيث انشغل بالتدريس وعكف على إعداد أطروحة دكتوراه الدولة عن فلسفة التاريخ عند ابن خلدون، التي ناقشها في باريس عام 1983. وسيرافق ابن خلدون مريده حميش، في مساره الإبداعي لهذا الأخير، ليصبح علامة فأل له.
وإذا كانت من سمة بارزة تميز هذا المثقف الذي بدأ حياته مشاكسا فكريا، متمردا على القوالب الأدبية الجاهزة، من دون أن يبيع صوته أو يخون قناعاته، فهي صفة الإصرار والتحدي، وقد أفادته تلك النزعة التي قد يكون تأثر بها من احتكاكه بالفلسفة ومعاشرته لأعلامها الرافضين. هكذا طرق المبدع حميش ألوان الكتابة الإبداعية. بدأ بالشعر المتحرر من البلاغة الكلاسيكية، ليطول مكوثه في محراب الرواية التي دخلها دخول الفاتحين حينما انتزع عام 1990، وسط منافسة محتدمة، جائزة مجلة «الناقد» اللندنية المتوقفة، عن روايته المهمة «مجنون الحكم»، التي استوحى أحداثها وشخوصها بمهارة فنية من تاريخ حكم الفاطميين لمصر. وقد ترجمت تلك الرواية التي أسقط فيها أحداث الماضي على الحاضر، إلى لغات أجنبية، مما فتح له أبواب الشهرة في منافسات أخرى، حيث سيكافأ مرتين على اهتمامه بابن خلدون، بجائزة عن رواية «العلامة» بتضعيف اللام، وهو النعت بصيغة المبالغة الذي يطلق على أعلام الثقافة العربية القديمة، الذين يتقدمهم في مجاله رائد علم العمران البشري ومؤسس علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون، صاحب السفر العظيم «المقدمة». اختيار ابن خلدون موضوعا لأطروحة دكتوراه الدولة، وملهما لرواية العلامة، يؤكد نزعة الإصرار والعناد الفكري الذي لا يعني التهور والتحجر، المتجذرة في شخصية الوزير الجديد للثقافة المغربية، إذ من المعروف أن حميش لم يكن راضيا عن القيمة العلمية لأطروحة المفكر المغربي محمد عابد الجابري عن ابن خلدون التي ناقشها مطلع السبعينات بالمغرب، لدرجة التضايق غير المعلن من شهرة الجابري في الجامعة وخارج المغرب، بالنظر إلى اعتبارات كثيرة بينها عضويته في قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو الحزب المعارض غير المهادن للنظام، بينما كان حميش يصنف نفسه في عقدي السبعينات والثمانينات ضمن خانة المثقف المستقل المتحرر من قيود الآيديولوجيا الصارمة. وبالفعل كانت أطروحاته إضافة علمية إلى المعرفة الخلدونية. ومن المفارقات أن يلتحق حميش بحزب المهدي بنبركة، بعد انسحاب الجابري من الواجهة الحزبية. للوزير الجديد آثار أدبية أخرى في مجالات الرواية والشعر بالفرنسة والعربية، والدراسات، تعكس رغبته في الإحاطة الموسوعية والاستزادة من أصناف المعرفة، سيرا على النهج الذي سار عليه أثيره ابن خلدون. وهكذا فقد تنبه إلى أهمية اللغات الأجنبية، إذ عدا الفرنسية التي يجيدها، فإن حميش، قرع أبواب لغات أخرى مثل الإسبانية التي خطا فيها خطوات موفقة، والإنجليزية التي يقول إنه يقرأ بها، عدا الألمانية التي طاف حول أسوارها الحصينة والتي يبدو أنه هجرها للارتماء في أحضان بلاد الإغريق التي روت ظمأه العاطفي واللغوي، فصار أحد المغاربة القلائل الذين يقرأون الفلسفة اليونانية من مصادرها الأصلية. وبهذا الاعتبار، فسيوفر الوزير ميزانية الوزارة، فقد لا يحتاج إلى مترجم حين سفره إلى الخارج أو استقباله نظيرا أجنبيا له في بلاده. وإذا كان المثقفون المغاربة في غالبيتهم لا يجادلون في جدارة حميش بالمنصب الحكومي، فإنهم يتساءلون عن مقدرته الإدارية على تدبير قطاع الثقافة في المغرب، الضعيف الإمكانيات، والكثير الرغبات من طرف المنتسبين إليه، خاصة أن الرجل ربما فوجئ بالمنصب، وهو ما استُشف من تصريحاته الأولى للصحافة قبل يومين، إذ يبدو أن الخلاف بين المرشحين الكثر في صفوف الاتحاد الاشتراكي، رجح كفة صاحب رواية «مجنون الحكم» وحسم الموقف لصالحه،لا سيما أن سجل مساره العلمي والثقافي لا غبار عليه. لكن اختياره في الوقت ذاته يمكن أن يشعل نيرانا أخرى داخل الحزب، المتأرجح بين لذة البقاء في الحكومة أو العودة إلى المعارضة المخاطرة. أمام حميش أكثر من سنتين، إذا سارت الأمور وفق منطق الاستقرار الحكومي، يمكنه خلالها أن يعيد السكينة لقطاع الثقافة، ويواصل البناء الذي بدأه شريكه في الانتماء إلى مدينة مكناس الوزير الأسبق محمد الأشعري. ومن المؤكد أن الوزير سيشعر بالانتشاء والرضا عن النفس لأنه سيجلس، وقد تجاوز الستين بقليل، على الكرسي الذي احتله محمد الفاسي والمكي الناصري ومحمد أباحنيني ومحمد بن عيسى وسعيد بلبشير وعبد الله أزماني ومحمد علال سيناصر وعزيزة بناني. وكلهم حاولوا أن يتركوا الأثر الطيب في قطاع حكومي ظل يصارع زمنا من أجل أن يكون للوزارة مقر ثابت ينتمي إلى ممتلكات الدولة.

ايوب صابر 05-20-2012 10:22 PM

بنسالم حميش يروي" معذبتي"
صلاح فضل بيان اليوم : 16 - 05 - 2010


بذاكرة فكرية، وإيقاع لغوي كلاسيكي يقدم أستاذ الفلسفة ووزير ثقافة المغرب بنسالم حميش مغامرته الروائية الجديدة، في نقد عولمة السياسي في السجون الأمريكية العابرة للقارات. يروي بضمير المتكلم أحداثا معاصرة.
بعد أن أشبعنا بتجاربه التاريخية منذ مجنون الحكم(1990) والعلامة(1997) إلى هذا الأندلسي(2007) فيقبض على حجرة السياسة الدولية ليتأملها، في لون من التجربة الفكرية المتخيلة، وهي تمسك بشخص مغربي بريء، لتجبره على الاعتراف بما لا يعرفه، أو الانخراط في سلك عملائها المجندين. وتذيقه من مشاهد الجحيم الأرضي ما يهتك دعاواها في رعاية حقوق الإنسان، ويدفعه إلى المبالغة في التمسك بدينه واستنفار طاقاته الروحية في المقاومة والتماسك، بما يؤدي إلى عكس ما تستهدفه من اقتلاع جذوره وترويضه.
ولأن الكاتب مثقف محنك، برع في تشكيل نماذجه الروائية بمنطق التصوير الدرامي واستثمر حسه السينمائي فهو يدير روايته الجديدة "معذبتي"- وقد نشرها في دار الشروق القاهرية- على محور الاعترافات الحميمة،حيث يستهلها الراوي السجين برسالة كاشفة دستها في يده مواطنته "نعيمة" بعدما أشفقت عليه فكتبت له:"عزيزي حمودة: إذا شق عليك أن تصير خديم أعتاب الطغاة وخططهم الجهنمية، عميلا مزدوجا، قاتلا أجيرا، فعليك بمراودة حل قد ينجيك لو أتقنته: أن تتحامق وتتمارض.. دوّخ مستنطقيك بأعتى كلام الحمقى والمجانين، هدد معذبيك بمالك وعدوى مرضك، لعل وعسى أن ييأسوا منك فيعيدوك إلى موطنك أو قريبا منه، مخذراً بأفيون، تصحو منه وأنت مراقب بدمليج كهربائي، ومستهدف برصاصة في الرأس، تصيبك ولا تخطئ ، إذا مارويت قصتك أو رفعت في شأنها شكاية ".
في هذه السطور الأولى من الرواية يجازف الكاتب بكشف سر الموقف في ذروته السردية، بما يجعل بسيطاً لما يسبق احترام المصيدة، أو تطبيقا عمليا لما يرد فيها من إشارات جامعة، بلغة مفرقة وإيجازها البليغ ومائها العتيق.
عنف المتخيل:
يمتلك حميش حافظة شعرية مستوعبة، ربما كان اختيار عنوان الرواية بضغطها وصيغة "معذبتي" تذكرنا بمعلّلتي في قول أبي فراس" معللتي بالوصل والموت دونه" ومع أن التعذيب قد ينصب عند إسناده للمؤنث إلى مراجع العشق فإن المفارقة هنا تكمن في قصد معناه الحرفي، وهي التجربة التي يتمثلها الكاتب بعنفوان متخيله، تقع لمواطن مغربي طيب، يحمل قهراً بعد تخديره وعصب عينيه إلى مكان مجهول، ويخضع لسلسلة من الاستجوابات الشنيعة، بعد أن يمر في البداية على ما يسميه المؤلف " لقاط الأكاذيب" أي جهاز كشف الكذب، فيضطرب عند سؤاله عن انتمائه إلى خلية جهادية نائمة أو عاملة: "سكت معرضا متمنعا، لكني اضطررت إلى تلفيق جواب بعدما شعرت بموس حادة تلامس قفاي، مضاده أني عاشرت فيما مضى فرقة صوفية لمدة محدودة سألني عن اسمها، قلت: فرقة اليقظين، وعن شيخها ومقربيه، أجبت بعد تلكؤ نسيت، فاسودّت الشاشة فجأة كأنها عطبت" لاختبارات في إشارة إلى احتمال كذبه، واسودّ بعدها مصيره في السجن؛ حيث أخذ يتعرض لاختبارات شديدة القوة، بدأت بإلقاء رفاق ورفيقات، جرحى ومشوهين من التنكيل بهم في فراشه حتى يرى بعينيه ما ينتظره مثلهم، وأخذت تتصاعد وثيرة التعذيب النفسي والجسدي بأشكال عديدة حتى انتهت إلى تسليمه لما أسموها " ماما غولة " وأعوانها، فيرد الراوي: "علقوني من رجل واحدة إلى حبل متدل من السقف مثل كبش معدِّ للسلخ، اقتربت الغولة منى، سيجارة بين شفتيها، أخذت تكوى بتبغها المتقد أخمص قدمي فرد في وظهري وإبطي، بالرغم من صبري الأيوبي ندّت عنى صرخات مخنوقة، ثم أقدمت الغولة على تفريق فخذيّ واسعا، وحشت رأس قنينة في سوّتي بعنف جعلني أملأ المكان بصرخات الألم، فاهتبلتها معذبتي فرصة لتضييق الخناق عليّ بأسئلتها عن انخراطي في الخلايا الجهادية" وتتخلل صورة العذاب فترات من الرفق الذي يمهد لتراجعه وخضوعه لإغراء العمالة، فتقوم بينه وبين المحقق الذي ينتمي إلى بلد عربي حوارات طريفة، تتعرض للأوضاع العربية في علاقتها بالسياسات الأمريكية، منها مثلا ما يقوله المحقق" كلما ناوشت مساعدتي المغربية بالقول: مصر أم الدنيا ردت عليَّ تواً: والمغرب أبوها، لكنني اليوم مصري بالعرض، عربي قومي بالجوهر، مصر كانت أن الدنيا أيام زمان، لكن اليوم يا خسارة، الأرض للي تطلّع جماعات التكفير والهجرة وإخوان كذا وهي دولة على قدها كيف تكون أم الدنيا ؟ البلد الذي عجز عن أن يكون في التنمية الشاملة القاطرة، وفي الديمقراطية المثال والقدوة، نقول عنه أم الدنيا؟ أحسن لي أسكت" ومع هذا الاستطراد النقدي الصائب فإن ذاكرة الراوي عندما تستنجد بقطعة شعرية عن عذاب المعتقلات لا تجد سوى قصيدة لأحمد فؤاد نجم عن سجن القلعة يقول فيها: "في المعتقل سلام سلّم / موت وأ تألم / لكن لمين راح تتظلّم/ والكل كلاب/ كلاب حراسة/ وكلاب صيد/ واقفين بالقيد/ يكتفوا عنتر وأبوزيد " والسجانون في هذه المعتقلات الرهيبة أشد خسة من الكلاب، فالغولة تنتهك عرض سجينها" الوجدي حمودة" وتذيقه ومئات مثله سوء العذاب حتى يعيد إلى الحيلة التي نصحته بها مواطنته نعيمة عندما زودته بأنبوب من الدم كي يضعه في فمه ويوهم المحقق بأنه يبصق دما من مرض السلّ الذي تغلغل في صدره فيخشى من العدوى ويكف عن استدعائه، ومع ذلك يطلقون عليه الرصاص الزائف لكسر إرادته وترويضه وإذاقته رعب الموت وهو حيّ،ولا يصبح في وسعه حينئذ إلا أن يعتصم بمذخوره الديني في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويكون مغزى ذلك الدلالة على فشل المشروع القوي للسجن والتعذيب، ويصبح مصرع الغولة على يد مساعدها العملاق الأسود في نوبة هستيرية جزاءها العادل ويفرج عن السجين ويعود للاعتزال في قريته المغربية ليسير في " ثبات ونبات" على طريقة الأفلام المصرية أيضا.
عن الأهرام المصرية

ايوب صابر 05-20-2012 10:25 PM

فلسفة الوجود والجدوى

لمسلم رشيد
الحوار المتمدن - العدد: 1754 - 2006 / 12 / 4 - 10:56

فلسفة الوجود والجدوى نقد ثقافة الحجر وبداوة الفكر
قراءة في كتاب بنسالم حميش

بهذه القولة لفيلسوف الوجودية سارتر، استهل المفكر المغربي بنسالم حميش مقدمة مؤلفه فلسفة الوجود والجدوى، نقد ثقافة الحجر وبداوة الفكر في مقدمة خصصت لمساءلة إشكالية الثقافة والمثقفين في ظل تعدد وفرة الخطابات في العالم العربي والمغرب على الخصوص• فالواقع يستفز كل ذات متأملة ومفكرة• أزمة المشهد الثقافي، تراجع الانتاج، وفرة الخطابات الفارغة••• كلها معطيات جعلت من المؤلف يقف وقفة تأمل ونقد• مستبعدا بذلك أية معالجة أكاديمية صرفة وكل موقف إرتيابي عدمي بخلاف المعالجة - التقديم - المؤسسة لمشروع ثقافي تنويري يسعى الى كشف حساب ثقافة لا من باب التراكم الكمي، بل بمقياس النمو النوعي، الذي من أهم أمارته الاشعاع والصحة وبالتالي القدرة على المنافسة والتأثير، أي على الفعل الثقافي ذي الجدارة والجدوى• فالفيلسوف المغربي بنسالم حميش يسائل المثقف والمشهد الثقافي مبرزا أحقيتنا في النقد والمجال، ملحا في تساؤله عن حالة إصابة حق راسخ مشروع، حقنا جميعا في النقد وحرية القول والتعبير، وحرية النقض وإعلان المغايرة والاختلاف، في زمن اللامعنى وسيادة اللغة الخشبية والواجهة• ذلك أننا كما يقول المؤلف غدونا منذ أكثر من عقدين في جو ملؤه التراخي والفتور، لانحسن فيه إلا سلوك الاحجام عن بعضنا بعضا او، عند الحاجة والاقتضاء، المداهنة والمواربة والتوزيع للأوسمة والتهاني• وفي كلتا الحالتين يظهر المثقف - المنتج مستقرا في فرح بنفسه مستقبلا السكوت عنه عنوانا للرضى عنه• والتفريط في حقه دليلا على قيمته الذاتية وتفوقه اللامرئي••• عوالم الحضور والغياب تتجلى بين فصول هذا الكتاب في عدة مقالات تسائل الفكر والواقع وتجعل من فلسفة الوجود حضورا متميزا لاستشكال قضايا وراهنية الانسان المعاصر مع محيطه المحلي والدولي• فصاحب المؤلف يبحر بنا في عوالم قد تظهر للبعض بمثابة أحداث جزئية ولا جدوى من طرحها•• إلا أن الزمن التاريخي يستحضر إمكانياته العلمية والتاريخية لإعادة النبش والحفر الأركيولوجي في المعرفة وما يرتبط بها من تساؤلات• فالفيسلوف ينزل من برجه العاجي لملامسة الانسان والتفكير به ومعه في انشغالاته مستحضرين عالم العلم والمعرفة وتطور التقنية• فسؤال المثقف يلازم كل العصور• فالفصل الاول من الكتاب خصص لإشكالية الهيجمونيا بين السياسة والثقافة استهله بتقديم عن مسألة الغزو والتبعية، فقد أظهرت الدراسات في الستينات والسبعينات ان عقدة التخلف الحقيقية لاتكمن - كما توهم روستوف وغيره - في فقر المداخيل وبالتالي في ضعف التوفير والاستثمار، بل في التبعية اللامنتجة للسوق الرأسمالية العالمية• أي انبناء اقتصاديات البلدان المتخلفة على سياسة التصدير والصناعات التعويضية• اما منطق القوة فيستحضر الكاتب إدوارد سعيد إذ يعيد في كتابه المميز الامبريالية والثقافة، قراءة اعمال كل من اميكار كابرال وسي• جيمس• ووالتر رودني وبالاخص معذبو الأرض لفرانز فانون فيعترف مسجلا• إن كنت قد أسهبت في ذكر قانون، فلأنه كما أعتقد يعبر مأساويا وقطعيا أكثر من غيره عن التحول الثقافي الهائل من حقل الاستقلال الوطني الى المجال النظري للتحرر• ليستخلص من خلال طرح لأمثلة ومؤلفات ناقشت نظريا ومعرفيا إشكالية القوة، إن الغرب لايريد أن نشبهه، بل يريد فقط ان نطيعه• كما يذكر بذلك أمين معلوف، في الهويات القاتلة• اما الفصل الثاني فخصص لطرح نموذجين للتدليل على ماسبق، بحيث تناول المؤلف، الفرنكفونية••• والفرنسية باستحضار الفكرة تاريخيا وسياسيا، والفرنكفونية في بعدها الصراعي• ومفارقات الفرنكفونية إذ كان ما ليس واضحا، كما يقول ريفارول، ليس فرنسيا فإن الفرنكفونية تسيء من حيث لاتعلم الى الفرنسية ذاتها، وذلك لآنها هي والوضوح أو الشفافية على طرفي نقيض• كسر قاعدة الشك المنهجي، كسر قاعدة التساوي في حيازة العقل والنور الطبيعي، كسر قاعدة التحليل والتركيب ، بالاضافة الى استحضار ماسماه المؤلف عن مأساة أدبنا الفرنسي أي ظاهرة الادب المغاربي المكتوب بالفرنسية• فهل نحن أمام قولة شيترون أن يغير كاتب لغته معناه• ان يكتب رسالة حب مستعينا بالقاموس فالادب المغربي المكتوب بالفرنسية: أدب فرنسي بأقلام مغاربة، كما يقول عبد الله العروي فإشكالية الانتاجات باللغة الفرنسية جعلت من صاحبنا أن يستحضر بالتأمل والنقد مجموعة من الاقلام ساهمت بفكرها ونظرها في لغة الآخر• كمالك حداد، العروي، جاك سيرك• كاتب ياسين - ادريس الشرايبي• أسية جبار الخطيبي، منهم من انتقد المعطيات والمضامين سواء ضمنيا او ساهم في تلميع أدب وفكر الآخر• فلسفة الوجود والجدوى تميزت بأكثر وضوح في العقل الثالث من الكتاب، المعنون، عن عقيدة القوة والزعامة في الفكر الامريكي / ضوكوياما وهنتنعنتون كمثالين لسيطرة القوة بكل أشكالها• خصص المحور الاول من الفصل، فوكويما من بوش الى هيغل، خدمة للمتغلب، فيمكن اعتبار كتاب نهاية التاريخ والانسان الخاتم لفرانسيس فوكوياما، مستشار الدولة الامريكي الاسبق• الوليد الشرعي للقراءة الامريكية لحدثين جسيمين في أواخر القرن الماضي، تصدع الاتحاد السوفياتي، وانهيار جدار برلين من جهة• وحرب الخليج الثانية من جهة أخرى• فالكتاب محاولة - حسب رأي بنسالم حميش - شبه فلسفية لتأصيل تلك القراءة نظريا وتمنيع المنتصر في تينك الحدثين حاضرا ومستقبلا ، وذلك على هدي الرئيس الأمريكي المعاصر لها جورج بوش الذي دعا على إثرها منتشيا إلى إقامة نظام عالمي جديد بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، فحول الحدث الثاني لايتهاون المؤلف في تضمين كلامه عنه بكرهه الشديد لصدام حسين، ضريع هتلر وستالين عنده وكذلك للعالم الاسلامي، النافر طبعيا من النظام الديمقراطي الليبرالي• كما يذكر بذلك فرانسيس فوكوياما في مؤلفه نهاية التاريخ والانسان الخاتم، ليقف مؤلفا نظرة تأمل نقدية ففي زحمة تسخيره المتعسف الشاذ لفكر الفيلسوف الالماني هيغل، نراه يأتي بتبرير نظري بعدي لحرب الخليج الثانية ضد العراق، فيسجل بالحرف: إن الديمقراطية الليبرالية التي يخوض كل جيل حربا قصيرة حاسمة للدفاع عن حريتها واستقلالها ستكون اوفر ورضى من الديمقراطية التي لاتعرف غير السلام الدائم• اما الحدث الاول الذي يرى فيه فوكوياما هزيمة الماركسية - اللينينية، فإن سببه كما ينقله عن سابقيه، يرجع الى كون تلك الايديولوجية عجزت عن رفع تحديات الاقتصاد ما بعد الصناعي القائم على الخوصصة وحرية المبادرة والفكر والاتصال والبحث العلمي• ويزيد على ذلك سببا آخر يحسبه من بنات أفكاره، هو الماثل عنده في تفوق هيغل على ماركس من حيث إن صاحب المثالية المطلقة ذهب الى القول ان المحرك الرئيسي لتاريخ البشر ليس هو العلوم الطبيعية الحديثة او النمو المطردي في الرغبات الذي يدفع بهذه العلوم الى الامام - كما عند ماركس - وإنما هو حافز غير اقتصادي بالمرة• فهذا التأويل معيب في نظر المؤلف، ذلك أنه مطبوع بالابتسار وسوء الطوية، إذ انه يتعامل مع ماركس بكثير من القبليات والاحكام المسبقة، كما أنه غير دقيق معرفيا ونصيا، وعلى صعيد تاريخ الافكار والمقولات، إنه تسخير هيغل حتى التعنيف في نظر مفكرنا• فالمثالية لاتلقننا كما يقول لينين إلا أحسن طريقة لنصاب بصداع في الرأس•


ايوب صابر 05-20-2012 10:56 PM

الروائي المغربي ووزير الثقافة بنسالم حميش يتحدث عن الرواية :

* إن لم أتفاعل إلى حد قوي وصادم مع شخصية أو فترة تاريخية لا أمسك القلم .
* ما أريده دائما وما أتوسله هو محاولة كتابة تاريخ المبعدين وتدوين تاريخ المهزومين .
* كنت أثناء كتابة " مجنون الحكم " أشعر بأن الذي يقودني عبر هذه الأفعال الغريبة هو الحاكم بأمر الله نفسه !
* كما أفادتني قراءة التاريخ في العثور على شخصياتي الروائية أفادني النقد في النبش عن جذور تلك الشخصيات .
* ظل هدفي من الإبداع هو أن أحول التاريخ إلى مسالك إبداعية تحمل أسئلة لا تنتهي .

http://aslimnet.free.fr/pics2009/himmich.jpg

حوار : سمير الفيل.

الدكتور بنسالم حميش روائي مغربي معروف كان يعمل لفترة طويلة أستاذا جامعيا في شعبة الفلسفة بكلية الآداب ، وله تخصص في مجال التاريخ صدرت له عدة روايات نذكر منها: " مجنون الحكم " 1990 ، " محن الفتى زين شامة " 1993، " سماسرة السراب " 1995، " العلامة " 1997، " بروطا بوراس يا ناس" 1998، وروايات أخرى .
يكتب سالم بنحميش ـ أيضا ـ في مجال الدراسات التي لها علاقة بالعلوم الإنسانية ، وكذلك في التاريخ وقد اختير مؤخرا وزيرا للثقافة بالمغرب.
حصل الكاتب هذا العام 2009 على جائزة نجيب محفوظ التي يمنحها اتحاد كتاب مصر سنويا لكاتب عربي عن مجمل أعماله كما سبق أن فاز بجائزة الجامعة الأمريكية بالقاهرة سنة 2002 عن رواية "العلامة". كما حصل سنة 1990 على جائزة مجلة "الناقد" التي كانت تصدر من لندن، عن روايته "مجنون الحكم" التي ترجمت إلى عدة لغات أجنبية، وكذا على جائزة " الأطلس " للترجمة سنة 2000 .
ألتقيناه وكان لنا هذا اللقاء معه.
* المولد وبطاقة تعريف شخصية ؟
** كان مولدي في ازداد بمدينة مكناس بتاريخ 13 يوليوسنة 1948. تابعت دراستي العليا بالرباط ثم التحق بالمدرسة التطبيقية العليا ، وبالسوربون بباريس. حصلت على الإجازة في الفلسفة وعلى الإجازة في علم الاجتماع سنة 1970، ثم على دكتوراه السلك الثالث سنة 1974، وعلى دكتوراه الدولة سنة 1983. اشتغلت أستاذا مساعدا بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط ثم عملت فترة طويلة أستاذا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (شعبة الفلسفة ) بالمدينة نفسها، وقد انضممت لاتحاد كتاب المغرب سنة 1968.
* هل نعيش بالفعل عصر الرواية ؟ كروائي كيف تشكل مادتك الخام ومن أي البدايات تنطلق خاصة وأنك تلجأ للتاريخ في أحيان كثيرة لمساءلة الواقع ؟
** بحسب ما يشغلني ، فكل كتب ما يسمى بنوع من التجاوز " الرواية التاريخية" استعمل التاريخ كذريعة ، وربما كمدخل لقول أشياء والتعبير عن حالات ربما هي أكثر قربا من حاضرنا أكثر منها استعادة للماضي.
فهناك طريقة تقليدية لكتابة الرواية التاريخية كما وجدت عند جورجي زيدان ، واندريه مروة ، وعلي أحمد باكثير . هذه الطريقة تعتبر المواضيع قائمة وجاهزة في قوارير ، ثم يأخذ الكاتب شخصية ما ، وينسج نصا حول حياتها وعلاقاتها . ليست على كل حال هذه طريقتي في الكتابة ، فإن لم أتفاعل إلى حد قوي وصادم مع شخصية او فترة تاريخية لا امسك القلم ، ولا اهتم بتسويد صفحات لا تقدم جديدا . فالكتابة الروائية تقدم لنا مادة معرفية وحفرا في طبقات التاريخ.
* ما هدفك إذن من معالجة المادة التاريخية عبر تقنية السرد ؟
** ما أريده دائما وما أتوسله وأعتبره جديدا في هذا الجنس الأدبي هو محاولة كتابة تاريخ المبعدين وتدوين تاريخ المهزومين ، هؤلاء الذين لم يلتفت إليهم المؤرخون ، أو إذا التفتوا إليهم ، وضعوهم في هوامش وخانات صغيرة . كما أسعى كذلك إلى إعطاء الكلمة لهؤلاء " الحرافيش" ليحتلوا وسط الدائرة ، لنلقي الضوء عليهم بنفس الدرجة التي يقع عليها ضوء الخليفة أو الوزير أوالقاضي ، أو قائد الجيش .
هذه هي طريقتي لإعادة الشرائح المجتمعية الأدنى درجة كي يحتلوا وسط المسرح ، وهو ما تميزت به رواياتي.
بهذا المنهج أعمل فيما يخص تجربتي كلها ، لكن ثمة روايات أخرى ليس لها علاقة بالتاريخ ، اللهم إلا التاريخ الحاضر. رواياتي توظف المخزون التاريخي ولامناص لها من الارتباط القوي الخصب بالتاريخ وبالتراث . بهذه الصيرورة من القيم المضافة تتكون نصوصي التي تحمل عنوان إنسانيتنا وآيات ابداعنا.
* أنت بذلك تهتم بالتاريخ أكثر من اهتمامك بالحاضر؟
** أبدا ، فرواية مثل " محن الفتى زين الدين شامة " من إحدى سماتها الأساسية تلك المصيبة الكبرى التي يصاب بها متخرج من إحدى الجامعات وحامل لشهادتها ، فيجد السوق مقفلا أمامه ، وبالتالي فإن المجتمع يحرمه من حقوقه الأولى كالزواج وبناء الأسرة ، والتمتع بنعم الحياة.
في " سماسرة السراب" عالجت قضية الهجرة السرية إلى بلدان الشمال الأوربي لأن هناك حيثيات في الرواية تجعل من تلك الهجرة مجرد هجرة مأساوية ساخرة ؛ لأن من كان يسهر عليها هم أولئك الذين كانوا يتاجرون في المهاجرين عبر القوارب التي سميت عن حق " قوارب الموت " .
إذن النزعة التاريخية لم تمنعني من معالجة قضايا عصرية ، فأنا انطلق في الكتابة الروائية من تراكماتها ، بالمعنى القيمي والكيفي للتراكم ، كما أنني أهتم بواقعها الحاضر ، إن كان هذا الواقع يغني التركة ، ويطورها بعيدا عن الضوضاء ومزايدات التجريد ومتاهات التعتيم ، مما يجيب عن سؤالك الأول حول عصر الرواية . إنه كذلك بالفعل.
* وماذا عن رواية " العلامة " أهي رواية تاريخية أقرب للتوثيقية ؟
** تتعلق العلامة " بشخصية عبدالرحمن بن خلدون ، ويمكن القول ـ إلى حد ما ـ أنها تندرج في جنس ما يسمى بالرواية التاريخية . لكن ما أردت فعله في هذه الرواية أن أقف عند لحظات بارزة ولحظات مأساوية من منحنى حياته . وتناولت زمن وجوده بالقاهرة عندما كان يتولى القضاء ، وجعلته معالجتي للحياة انطلاقا من واقعة غرق أسرته بالقرب من الأسكندرية فأصبح وحيدا ، فقال قولته المشهورة " الآن وقد استأثر البحر بأسرتي فقد غلب الزهد" .
* ما الدور الذي تلعبه اللغة في أعمالك ؟
** لابد أن يحدث نوع من التلاقي بين الموضوع الذي له نكهته ورائحته ، وبين اللغة. الأساس عندي ألا تكون اللغة منفرة أو لغة معتقة . لابد أن تكون اللغة ناصعة ، مقتصدة في معظمها ، لا تلجأ إلى التقعر أو الإسراف في استعمال غريب مفردات النحو، وهذه عناصر حاكمة في كل أعمالي .
* هل تسعى لن تحدث متعة فنية للمتلقي أثناء إنتاج رواياتك؟
** أول شيء يسعى إليه الكاتب هو المتعة ، واللذة التي يشعر بها حين يكتب ورغم أنها لذة عسيرة ، وتكون في شكل مخاض انتظارا للوضع . بدون هذه اللذة لن تكون هناك مثابرة وإلحاح على تسويد الصفحات ، وعلى بناء الشخصيات ، وإنشاء العقد . بدون الشعور باللذة لا يمكن أن تطمع في أن تنتقل " عدوى " اللذة إلى الآخرين . . إلى القراء . أول ضمان لكي تنتقل المتعة الفنية للآخرين هو أن يشعر بها كاتب النص أولا ، أشعر بالسرور أكثر عندما أتأكد أن الآخر قد تمتع إلى حد ما بالشكل الذي مررت به ، أو نال حظا من متعة الحكي والسرد.
* هل حدث أن تمردت عليك إحدى شخصياتك الروائية وارتأت غير ما ارتأيت ككاتب؟
** نعم ، هذا ما حدث لي فعلا مع شخصية الحاكم بأمر الله في رواية " مجنون الحكم " لأن الرجل كان ثريا في انفعالاته ، وأعتقد أن كتاب المسرح لو انتبهوا إليه لكان موضوعا لأعمالهم المسرحية ، فالشحنة الدرامية داخل شخصية الرجل تذكرنا ببعض رجال الأمبراطورية الرومانية مثل" نيرون " الذي أحرق روما ، ومثل " كاليجولا" المجنون الذي عين حصانه قنصلا.
فالرجل له أفعال غريبة ، ويشترك مع " نيرون " في إصابته بالمناخوليا ، وكما حرق نيرون روما ، فقد احرق الحاكم بأمر الله مدينة " الفسطاط" . ليس بالضرورة لكي ينزل العقاب بالناس بل ليتمتع برؤية النيران وهي تلتهم البيوت. أليست تلك رؤية مأساوية تفوق الواقع؟!
* ما ذكرياتك الأخرى حول كتابة هذا النص ، والذي قرأناه فور فوزه بجائزة مجلة " الناقد" ؟
** كنت في بعض مناطق الكتابة أشعر بأنه الذي يقودني عبر هذه الأفعال الغريبة . لقد شعرت أن خيالي مهما وصل إلى درجة عالية من القوة يبقى دون ما أنجزه هذا الطاغية الذي حكم مصر المحروسة ربع قرن من الزمان.
في بعض منعطفات الرواية يشعر الروائي بأن عليه أن يبذل جهدا ، وأن يطور أدواته ليكون على نفس مستوى الموقف . هكذا رأيت نفسي وأنا أتعامل مع شخصية الحاكم بالله " أبو علي المنصور " .
* ماذا عن دور النقد في مسيرتك الأدبية . هل استطاع الوصول إلى أغوار نصوصك الروائية؟
** أعتقد أن النقاد قد اهتموا كثيرا بإنتاجي الروائي ، وساهموا في بالفعل في إضاءة نصوصي ، خاصة عبر مجلة هامة هي " الناقد" التي أشرت إليها في سؤال لك، وهي التي قدمتني بالفعل لجمهور واسع من قراء العربية.
وما يقال عن وجود أزمة نقدية هو أمر مختلف تماما ؛ فقد وجدت نقدا فاهما لنصوصي ، وكما أفادتني قراءة التاريخ في العثور على شخصياتي الروائية أفادني النقد في النبش عن جذور تلك الشخصيات بصورة لم أتوقعها وعلى العموم فإن كان هدفي هو أن أحول التاريخ إلى مسالك إبداعية تحمل أسئلة لا تنتهي فإن الوجود الحي والحضور لا يتأتى إلا بنبذ التقليد الأعمى والإتباع.
قياسا على ذلك فإن المشاريع النقدية الأصيلة هي التي تتألق بإشراقات تعبر الأزمنة والأمكنة لتقدم آفاقا للممكن والمحتمل!

ايوب صابر 05-20-2012 11:18 PM

للاسف لم اعثر على تفاصيل عن طفولته المبكرة وعناصر التأثير في صناعة عبقريته.

مجهول الطفولة.

ايوب صابر 05-21-2012 02:05 PM

84- الخماسية إسماعيل فهد إسماعيل الكويت
يبدو ان الخماسية اصبحت مع الزمن سباعية لانه لا يوجد تعليق على الشبكة العنكبوتية حول الخماسية ولكن هناك الكثير يقال حول السباعية:
=

الخطاب الروائي في إحداثيات زمن العزلة .








د. مرسل فالح العجمـي


قراءة نقدية في رواية معاصرة ، هي رواية إحداثيات زمنالعزلة للكاتب الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل ، أنضج عمل روائي يتعرض لكارثة الاحتلالالعراقي للكويت ، ومرد ذا النضج يعود إلى تمكن المؤلف من وسائل الكتابة الروائية منجهة ، وإلى معايشة موضوع روايته من جهة أخرى . لقد جاءت هذه الرواية من سبعة أجزاء، مما جعلها أطول رواية كتبت بالعربية ، وفي صياغة تعتمد على التسجيل الذي يتداخلفيه التاريخ العام بالتجربة الذاتية .



ويركز هذا البحث على جانب الخطاب الروائي في تلك السباعية ،ومن هنا جاء الاهتمام بلعبة العنونة ، والبحث في الصوت السردي ، والحديث عنالعلاقات الزمنية في تلك الرواية المتميزة .

ايوب صابر 05-21-2012 02:06 PM

جرف الخفايا .. توحش مدينة و أحلام مضمرة
مجلة الرواية
د. أبو المعاطي الرمادي -كلية الآداب ـ جامعة الملك سعود
الرواية بشكلها الفني الآن بنت المدينة , فهي نتاج المدينة البرجوازية بتناقضاتها, وحيرة إنسانها وقلقه الوجودي , فبفضل قراءتها لواقع المدينة المعقد اجتماعياً , وسياسياً , وثقافياً, وعقائدياً, الواقع الزاخر بالنماذج البشرية والمفارقات الأيديولوجية, وضعت يدها على عوالم وتجارب لا حصر لها , عوالم ساهمت في بلوغها سن الرشد الفني , وساعدت على تطورها ونضجها وتنوع أشكالها وتقنياتها .
فالفن الروائي \" ابتدع ليعبر عن المدينة , وليس الريف أو القرية , وارتبط ازدهاره بنشأة المدن الكبرى \" (1 ) ولا عجب في ذلك ؛ فالمدينة على الدوام مركز صناعة التاريخ , و \" المـركز العصبـي لحضارتنـا \" (2 )*

ولعل تربة المدينة الخصبة هي سبب اتساع مساحة المنجز السردي المتخيل وامتداده عند الكاتب الواحد من ثنائية إلي ثلاثية ورباعية , بل وخماسية , وضخامة حجم غير الممتد , مثل ثنائية ترابها زعفران, و يا بنات إسكندرية لإدور الخراط , ورباعية الإسكندرية للورانس داريل , وخماسية عبد الرحمن منيف \" مدن الملح \" , وهو ما لم نره في الروايات التي تتخذ القرية بيئة مكانية لها .
والمتابع للمنجز الروائي العربي بداية من العقد السادس من القرن الماضي حتى الآن يجد أعمالاً روائية معنونة باسم مدينة بعينها, مثل \" إسكندرية 47 \" لعبد الفتاح رزق , و \" بيروت 57 \" لغادة السمان , \" ثلاثية غرناطة \" لرضوى عاشور, وأعمالا أخرى تحمل اسماً ينحو منحى إيحالياً على فضاء مدينة , مثل \" مدينة اللذة \" لعزت قمحاوي , وأعمالاً لا تعنون باسم حقيقي لمدينة , ولا باسم يحيل إلي مدينة ما , وتحمل اسماً وهمياً لا يشير من قريب أو من بعيد للفضاء المكاني للحدث , مثل روايات إسماعيل فهد \" المستنقعات الضوئية , والحبل, والصفات الأخرى \" , ورواية حنان الشيخ \" مسك الغزال \" , ورواية يوسف المحيميد \" فخاخ الرائحة، ورواية\" جرف الخفايا \" لعبد الحفيظ الشمري .

والاهتمام بذكر اسم المدينة الحقيقي \" لا يخلو بدوره من وظيفة ودلالة، ليس فقط لكونه يحدد لنا، في غالب الأحيان، ومنذ الوهلة الأولى، الفضاء الروائي ومسرح الأحداث والوقائع، ولكن أيضاً لكونه يمنح الفضاء قيمته وموقعه الخاص به على مستوى الكتابة والتلقي، وحتى على مستوى الاستهلاك ، على اعتبار أن لعبة العنونة هنا لا تخلو، هي أيضاً من وظيفة موجهة ومؤثرة على عالم التلقي في بعده التعددي . \" ويكفي أن نستدل، في هذا الإطار، بروايتي \" الوليمة المتنقلة\" لإرنست همنغواي، و\" القاهرة الجديدة \" لنجيب محفوظ. فبالنسبة للرواية الأولى, وفي ترجمتها إلى اللغة الفرنسية، تم تغيير العنوان الأصلي للرواية بعنوان آخر لا علاقة له بالأول وهو «باريس هي حفل (
Paris est une fête، وهو إجراء ربما تعمده المترجم أو الناشر لإظهار اسم المدينة \" باريس\" في العنوان وعلى الغلاف، على اعتبار أن \" باريس\" هنا هي التي تشكل الشخصية الرئيسية في هذا النص، وبالتالي وجب إبرازها للقارئ الفرنسي في الطبعة الفرنسية، وهو ما يشي هنا بأهمية إبراز المكون الفضائي/ المديني حتى على مستوى العنوان \"(3)
وهي ميزات لا نعدمها في الروايات التي تنحو منحى إيحالياً على مدينة و يتوفر في عنوانها لفظة مدينة , مثل \" مدينة اللذة \" للقمحاوى , و \" شطح المدينة \" لجمال الغيطاني , و\" سيرة مدينة \" لعبد الرحمن منيف ؛ فلفظة مدينة علامة إشارية تساهم في تحديد أبعاد فضاء الأحداث للمتلقي قبل الخوض في عملية القراءة .
لكننا نعدمها في الروايات الحاملة عنواناً مبهماً لا يشير للفضاء المكاني , وإن كانت عناوينها ذات بعد سيميائي طارح للأسئلة المثيرة , والمساهمة في تعميق الرؤية ولذة التلقي .
لكن مع هذه الاختلافات الشكلية فإن جل الروايات المتخذة المدينة فضاء مكانياً لها تتقارب مضموناً؛ فموقف الروائيين العرب من المدينة ينحصر في الرفض والنفور والكراهية المطلقة.
****
تبدأ الرواية المكونة من ستة عشر مقطعاً مرقماً ومعنوناً بحديث الراوي غير المعلوم عن مشاجرة بين \" صقر المعنى\" و \" مبارك راعي الربابة \" بدأت لسانية بنقد \" عنيف جاءت نبرته الحوشية الغليظة من حنايا مبارك راعي الربابة \" ( 4), بدافع من حقد دفين على بدايات شهرة \" بدأت تداعب المعنى \" (5 ) بعد أن ذاع صيته مطرباً, وانتشرت أغانيه بين قاطني ورواد \"جرف الخفايا \" تلك المدينة الوهمية , ثم حمي وطيسها إلي \" اشتباك بالأيدي , وصراع بالأرجل , وعض بأماكن عدة من جسديهما \" (6 ), وهدأت بعد تدخل الأصدقاء السكارى ( العزي فرقنا , و دحام المعداوي , و ضاحي الأبرق , وخليل المهبد , وخويلد الأملس , ورويان بن يفدك , وحمد المزين , ووحيد وفريد ابنا الشيخ فادي الأبيض) رفاق وكر \"عرين السباع \" الذي أسسه الطبيب المخلوع \"العزي فرقنا \" ليلتقي فيه مع رفاقه الهاربين من جحيم المدينة إلي متاهات اللاوعي .

بعد المشاجرة يستضيف الشاعر \" دحام المداوى \" صديقه \" صقر \" ليبيت ليلته بحجرة فوق سطح فيلا أبيه \" القوي المتسلط الذي تقيم معه زوجتان شرستان \" ( 7) مؤكداً عليه \" عدم الحركة والتحلي بالصمت لأنه في هذا المكان الحقير مهدد بوجبة أخرى من الضرب والرفس والطرد \" (8) من قبل المداوي الأب وزوجتيه الشرستين.

في صباح اليوم الثاني لم يجد \" دحام \" صديقه بالغرفة \" التي تركه بها , وجد باب الغرفة مفتوحاً ولا أثر لصقر الذي ترك عوده , ومحفظته , وبعض ملابسه. لم يهتم \" فـصديقه فنان يركبه الجنون \" (9 ), اعتاد منه على الاختفاء ثم العودة لعرين السباع , لكن الغياب طال , والقلق زاد ؛ فصقر وعوده أصيل لا يفترقان , وابتعاد صقر عن عوده لا يعني إلا شيئاً واحداً، هو موت صقر .

تواصل مساءً مع أصدقائه , تجرعوا خمر \" ماء العصافير \" تحت عباءة عتمة الخفاء , لكن عوالم السكر لم تفلح في انتزاع قلقهم على \" صقر\" . اقترح \" العزي فرقنا البحث عنه , وشاركه الرأي المدرس والكاتب \" خويلد الأملس \" , لكن بقية الرجال \" وقفوا ضد فكرة البحث عنه معللين الأمر بأن صقراً درويش ألفوا غياباته المتكررة \" (10 ) , لكن طول الغياب اضطرهم للبحث .

وفي بحثهم سلكوا كل السبل , سألوا في المستشفيات , وأقسام الشرطة , وفي المقابر , واستعانوا بالدجالين , وأصبح اختفاء \" صقر \" قضية وجهت أصابع الاتهام فيها لمبارك راعي الربابة , ودحام , وأبيه المداوي , لكن لم يظهر \" صقر \" , ولم يثبت موته , فنشط الأصدقاء وجعلوا اختفاء صديقهم قضية رأي عام , طبعوا صورته وهو حامل عوده وألصقوها في كل مكان غير هيابين من فرق حراس الفضيلة , وجماعة لحيان الأجرب, وفرق مكافحة الحريات العامة , لم يهدأ لهم بال إلا بعد أن وصل الأمر للسيد / الحاكم الذي أمر بتشكيل لجنة مهمتها معرفة سر اختفاء \" صقر المعنى \".
لكن كالعادة , اللجنة تفرعت منها لجان , وانضم إليها أشخاص لا يشغلهم \" صقر \" ولا اختفائه في شيء , كل ما يشغلهم ما سيحصلون عليه من عضوية اللجان. وكانت النتيجة عدم العثور على \" صقر \" , وكأنه تبخر .
*****
في رحلة البحث عن \" صقر \" / الرمز يتكشف لنا وجه مدينة أقل ما توصف به أنها مدينة متوحشة , من خلال إدراك رفاق عرين السباع لها . فهي مدينة المتناقضات \" تقبل يد السارق في أطرافها العليا , ويحكم على سارق الخبز في أطرافها السفلى , ويطلق سراح مغتصب طفلة أمام نظر خادمتها في الطرف اللامع من أحيائها , فيما يتوعد الإمام على المحراب في جانبها الشاحب أهل الغناء بالويل والثبور \" ( 11).

تقترف فيها كل أشكال المعاصي تحت عباءة الخفاء في ليلها الطويل , يتفنن أهلها في التخفي ويفعلون كل ما يريدون . رواد عرين السباع يتجرعون الخمر, ويدخنون الحشيش , ويستمتعون بالمتعة الحرام مع \" جوجة \" و\" فاتنة \" , ويمارس بعضهم اللواط بعلم الأصدقاء دون حرج , وتطمع \" فاتنة \" في جسد \" جوحة \" الفائر بالأنوثة ولا تعترض \" جوجة \" , تمادوا في غيهم حتى أصبح \" الإثم حالة عشق أبدي \" ( 12) , ويمارس فيها الدجل عياناً بياناً , ويحتل الدجالون مدعو معرفة الغيب مكانة مرموقة , ويتمتعون بحصانة تمنع التفكير في الاقتراب منهم . وفي المقابل رجال جماعة حراس الفضيلة, ورجال لحيان الأجرب يمزقون قميصاً لصبي عليه صورة كلب مدلل . \" فيما الخفافيش والجرذان تنهش أرضها لسوء تخطيط وعبث في مشاريع بنائها .. تلك التي لا تزال منظمات العالم تعجز عن تصنيفها ومجاراة تناقضاتها \" ( 13)
ترفع شعارات العدالة الاجتماعية والمؤاخاة , لكنها لا تطبقها , ينظر أهلها للغرباء شزراً \" بل تلمح على وجوههم أمارات الازدراء \" ( 14) لكل غريب , هي لا ترفض الغرباء بل تستقبلهم \" وتلبسهم أقنعة جديدة , وما أن يصبح الغرباء أهلا حتى تبدأ سحقهم وسحلهم لتغازل آخرين يبيتون على أعتاب رضاها \" ( 15) , والغريب في عرفها كل وافد إليها حتى ولو من مدينة مجاورة .إن أخطأ الغريب \" تمارس عليه ألوان التعذيب والسجن والترحيل. سيعاقب من معه من أهل هذه البلاد بأحكام شرعية وإدارية واجتماعية وقبلية وأسرية ولعنة وشتيمة وبصاق؛ وسينال الزائر من بعض هذا وذاك وستزداد محنته حينما يعلن ترحيله إن لم يكن محتضنا من ذوات كبيرة أو تحت وصاية ثعلب جرفي ماكر.\" ( 16)

تتشدق بشعارات الحرية في كل مكان, وتجبر بعض أهلها على الالتزام بعشر وصايا / قيود. يقول الأملس عن هذه الوصايا المقيدة للحريات : \" نلزم الحياد , وننادي بالوسطية في نومنا وشربنا , نطيع الأوامر , نعصى من يراد لنا أن نعصاه , نحفظ عن ظهر قلب نشيد السلام المزيف , نصدق الكذب الواضح , نحارب الغناء , نقتل الفنون الجميلة , نتشرنق في جهلنا , نعلن الطاعـة والولاء لمن يركبنا باسم النظام \" ( 17) . وهي وصايا استعبادية جعلت أهل جرف الخفايا \" دواب مدربة وبمهارة فائقة \" على العيش في حظيرة العبودية (18 ), بل والأكثر من ذلك استمرئوا العبودية وأدمنوا العيش عبيداً , و\" ألفوا الترويض وداوموا العيش فيه \" (19) فسمحوا للكبار أن يعاملوهم كدمى ويحركونهم في الاتجاه الذي يريدون , ووقتما يريدون , وينظرون لهم على أنهم بشر فاقدون كل الجينات البشرية , ولا تصلح معهم سوى معاملة الحيوانات . فيفصلون الرجـال عن النساء في الأماكن العامة, بل ويسعون إلى \" فصل الرجال عن الرجال كباراً وصغاراً, وكذلك النساء \" (20 ).

لا أمان فيها لأحد , الأغنياء المتحصنون بمالهم عليهم أن يكونوا مستعدين دائما لأن يداسوا بالمال هم ومالهم؛ لأن هناك من يملكهم هم ومالهم, وأصاحب القيم والمياديء فيها ملفظون \" واحداً تلو الآخر إما للمنافي أو إلى القبور ؛ فلا يعيش فيها إلا النفعيون والطفيليون والمرتزقة والمأجورون \" ( 21) , المألوف فيها أن تستيقظ على \" إطلاق نار , سطو مسلح وغير مسلح , مداهمات واعتقالات \" ( 22) , القتل فيها \" هو الوارد والسجن وقمع المعارضين وتفتيت عضد النشطاء هو المصير المحتوم \" ( 23) لا مجال فيه لسماع بسيط مظلوم له حق ؛ فلا حقوق للبسطاء غرباء وغير غرباء \" أن قلت صدقا لٌعنت وإن كذبت حاكمتك عدالة السماء التي تهبط على لحيان الأجرب ولجانه وفرق حرس الفضيلة التي تنتشر بصخب وجلجلـة تثير مقتك للحيــاة هنـا \" ( 24)

مدينة تدعي العصرية والوداعة وهي غارقة لأذنيها في تخلف آسن \" تقضم وبشراسة أطراف أبنائها وتقرض ألسنتهم , وتنخر رؤوسهم , وتقلب مواجعهم وتكشر بوجوههم , وتثير غبار اليأس والقنوط في فضائهم , وتحثو التراب في وجوههم .. بل تعذب البعض حينما يهمون بمطاردة الأمل .. ذلك الخيط المترائي بضعف ووهن \" (25) , تفهم جيداً كيف يساس / يساق الناس , لذا فهي \" تذيب قلوب أهلها دائماً حتى تجعلهم في حيرة دائمة وجهد مستفيض \" (26) حتى تأمن على نفسها, وتضمن بقاءها .
وهي لا تعدم الفساد بكافة أشكاله, الموظفون يرون فيه مصدر رزق \" سنصبح بفضل طيور الظلام مرتزقة جدد.. لكن العيب أن نقضي على مصدر رزقنا, فمن الواجب إذن أن نزيف تقاريرنا, ونغش في المبيد لتتكاثر هذه القاذورات لنضمن وظيفـة كفاحية مميزة تطارد أسراب الخفـاش دون إيذائها \" (27)
كبارها قادرون بسلطتهم وأموالهم على شراء كل شيء حتى الفتاوى الشرعية , كل حرام عندهم \" قابل أن يتحول إلى حلال , وكل حلال ما لم يكن مرضياً عنه سيكون حراماً حرام \" (28 )
*****
إن الشمًري لم يتعامل مع مدينة \" جرف الخفايا \" على أنها فضاء روائي , بل تعامل معها على أنها فضاء مناسب للحكي والتخيل , قادر على التكاثر وإنجاب الأحداث , لذا نرى شخصيات الرواية متوافقة مع واقع المدينة , هم صورة لعفنها , وكذبها , ووحشيتها, يتملكهم الخوف والقلق دائماً ولا يعنيهم الانتماء الوجداني والنوستالجي والتاريخي للمدينة .
جعلهم الكاتب من مثقفي المدينة إمعاناً في تجسيم حالة الضياع والتردي , وإبراز الوجه الشيطاني المرعب لهذه المدينة الغريبة . وهم من أدني طبقات المثقفين \" متورطون دائما بالأحاديث المجانية.. مولعون بالنميمة وتقصي الأخبار أيضاً، هذر طويل في كل شيء لكنه يأتي بعد عنائهم وجهدهم في ترديد النعيق لثقافة بالية ومهاترات في أدب رخيص, وادعاء في شعر بائس, وفجاجة في مقولات فضفاضة, وأفكار مسها التهالك.\" ( 29)
وهم مازوخيون مولعون بجلد الذات , هاربون دائماٍ من المواجهة إلى الخمر والمكيفات والنساء , غير قادرين على المواجهة , فعندما حاولوا ممارسة الوقوف في وجه المدينة بحثاً عن صديقهم \" صقر المعني \" والبحث في ذات الوقت عن ذواتهم الاجتماعية والثقافية والإنسانية فشلوا , وظهر ضعفهم / استلابهم أمام قوى لها أيد إخطابوطية قادرة على كبح جماح كل باحث عن الحقيقة؛ لأنهم دخلوا ميدان المواجهة بلا سلاح , بلا ثقافة , بلا وجود حقيقي .

ويلاحظ حرص الكاتب على تكرار التعريف بهم والتركيز على أوصافهم * وهو أمر غير مؤلف في الكتابة الروائية , فالروائي إما أن يعرف المتلقي بشخصياته في بداية الرواية تعريفا شاملاً , أو يجعل التعريف نتفاً تتناثر داخل السرد بهندسية يحتاج لها النص , لكن الشمّري يكرر التعريف بنصه أكثر من مرة بغية تعرية هذه الشخصيات أمام المتلقي حتى لا يتعاطف معها , فكلما تحركت عاطفة الحزن عليهم يذكرنا بحقيقتهم . وفي ذلك قصد من الكاتب ؛ فهو يريد من وراء توسيع مساحة القبح إلهاب المشاعر لتبحث عن حل يغير شكل المدينة, وهذا ما يجعلنا نقول إن في الرواية حلم مضمر , حلم بالصفاء , بالعدل , بالأمان , بالحرية , بالمدينة الفاضلة , وفي وحشية تعامل الشمري مع شخصيات مدينته صرخة يطلقها كي ننتبه إلى أن واقعنا يحتاج إلى نوعية أخرى من البشر قادرة على تحقيق أحلامنا المضمرة .

لقد خدمت لغة الكاتب فكرة توحش المدينة بشكل رائع, فالكاتب حريص على تكديس كم من لفظات القبح أمام المتلقي ليفهم حقيقة هذه المدينة, انطلاقاً من أن القبح يصنع الجمال المؤثر المولّد مشاعر تفوق الجمال الناتج عن جمال. فتكثر لفظات ( العتمة ـ معتمة ـ متشحة ـ الظلام ـ شاحبة ـ المتاهة ـ الشاحب ـ الليل ـ روائح مقززة ـ الخفافيش ـ الجرذان ـ تقضمهم ـ تبتلع ـ تفني أهلها ـ تدوس ـ العسس ـ المخبرين ) صانعة لوحة سوداء لمدينة متوحشة.

ويتجلى أثر هذا التكديس بوضوح في كل أحاديث الراوي, حتى وهو يصف أوقات اللهو أو الاستعداد له. يقول عن الاستعداد لمجلس لهو بالعرين \" رفاق الكيف ينتظرون لحظة الألق السرمدي .. ذلك الذي يحملهم كقارب خرافي عبر نهر الأفاعي .. قارب يمخر أمواج الخنا \" (30)

كما انعكس على منطوق الشخصيات حتى أصبح لازمة , يقول الأبرق \" جرف الخفايا يا دحام لا تعترف بنواميس الحياة الأخرى . تختصر كل شيء وتعبث بكل المسلمات, تتجاوز حدود الواقع وتمارس الحلم بطريق معكوسة مقززة \" (31)

وخدمت تقنيات العرض التي اعتمد عليها الشمّري ـ أيضا ـ فكرة التوحش ؛ فالحلم الظاهر بشكل واضح بما فيه من غرائبي وعجائبي يبرز الصورة الوحشية للمدينة , ويبرز توحش إنسانها, كما أن كثرة لحظات البوح ومساحتها لها دور في إبراز هذه الصورة خاصة أن البوح يخرج من بؤرة اللاوعي , وما في هذه البؤرة هو أصدق ما في الإنسان .
****
متى تثوب هذه الأنثى إلى رشدها وعقلها كأي مدينة تعاند سياط الجلاد الموسوم بزمني العولمة والردة الجديدة \" (32) هذا هو حلم الشمّري المضمر . حاول أن يستفز كل من لهم علاقة بالجرف أملاً في أن تتحول لمدينة فاضلة.
الهوامش :
1ـ محمد حسن عبدالله : الريف في الرواية المصرية , دار المعارف , مصر , ( بدون ) , ص 8
2ـ جورج هنري لاري : الرواية والمدينة , مجلة الثقافة الأجنبية , ع 3, 1983, ص 17
• أول رواية عربية فنية ـ رواية زينب لهيكل ـ دارت أحداثها في القرية ، وبرت عن مأساة فقراء الريف ، لكن الرواية لم تزدهر فنياً إلا بعد أن عبرت عن المدينة وإنسانها .
3ـ عبد الرحيم العلام: المدينة فضاء إشكاليا في الرواية المغربية , مجلة نزوى ع 51, 2009م
4ـ عبد الحفيظ الشمري : جرف الخفايا , دار الكنوز الأدبية , 2004 م , ص 11

ايوب صابر 05-21-2012 02:07 PM

اسماعيل فهد اسماعيل

ساطته آسرة رغم شهرته، ورغم ما حققه من سمعة على المستوى العربي.. لكن بدايته كانت متواضعة وفي نفس الوقت طموحة، وبعيدة عن التقليدية وبعيدة أيضاً عن حب الشهرة.. كانت البداية في (كانت السماء زرقاء) من القاهرة.. انطلق بعدها من رواية لأخرى ومن كتاب إلى آخر..
لكن نكسة حزيران 1967م كان لها أبلغ الأثر في توقفه عن الكتابة والإبداع، لأنه كان يؤمن بالقومية العربية التي منحته الكثير من الآمال والانطلاقة بعيداً عن القيود..
لأنه عاش في العراق فترة صباه، ولأنه متولد من أم عراقية كانت أغلب رواياته عن الواقع العراقي، منها روايته الشهيرة (الحبل) وروايات أخرى اختط لها هذا الخط، فكان صادقا وراسماً للمشاعر الإنسانية وتوصيفه لشخصياته بالغ الدقة..
عرف أسرار الرواية فانطلق في كتابتها مبتعداً عن القصة التي جربها في بداية حياته، لكنه كما يبدو لم يأبه بها، على الرغم من أنه يحن إليها بين الفترة والأخرى، لكن تبقى الرواية عشقه الأساسي، حيث جرب الشعر أيضاً في فترة الستينات، لكن لمعرفته أن هناك من ينافسه في هذا المجال، وأن هناك لاعبين مهرة لا يمكنه مجاراتهم انخرط في عالم الرواية فمسك بتلابيبه وجعله من أمهر الروائيين على مستوى الخليج، إذ يمكن أن يطلق عليه الروائي الأول في الخليج، ومع أنه لم يكن يسعى للجوائز إلا أنه حصل على الكثير منها، آخرها في بداية الألفية الجديدة عندما حصل على لقب واحد من أفضل 100 روائي خلال مائة عام بصحبة الروائية ليلى العثمان.
الصعلكة كانت إحدى هواياته المفضلة، وقد عاش ردحاً كبيراً من الزمن متقمصاً إياها مسافراً من بلد لآخر لا يستقر في مكان ولا يفكر في لقمة يأكلها، فألهمته تلك المرحلة زاداً عميقاً وفكراً نيراً، فالصعلكة بالنسبة إليه ليست مجرد تيار إنها فلسفة حياة، لكنها لم تعد مجدية في زمن يفكر الإنسان في الزوجة والأولاد وكيف يصرف عليهم وكيف يفي بالتزاماته الاجتماعية.
اسماعيل فهد اسماعيل، ليس مجرد روائي كويتي معروف وله قرابة 22 عملاً بين رواية ونص مسرحية وكتابة نقدية (آخر أعماله سباعية إحداثيات زمن العزلة)، إنه أب لكل كتاب القصة والرواية في الكويت، وكثيرون كتبوا عنه وعدوه صاحب مشروع روائي يستحق الدراسة.



نقلا عن جريدة اليوم 7 ربيع الثاني 1426 هـ

ايوب صابر 05-21-2012 02:08 PM

إسماعيل فهد إسماعيل

، كاتب وروائي كويتي متفرغ منذ عام 1985. من مواليد 1940م.حصل على بكالوريوس أدب ونقد من المعهد العالي للفنون المسرحية - دولة الكويت. عمل في مجال التدريس وإدارة الوسائل التعليمية، وأدار شركة للإنتاج الفني.
يعد الروائي إسماعيل فهد إسماعيل المؤسس الحقيقي لفن الرواية في الكويت، لكونه يمثل إحدى العلامات الروائية العربية المحسوبة في سماء فن الرواية. فلقد قدم إسماعيل الفهد روايته الأولى >كانت السماء زرقاء< عام 1970، وفي حينها قال عنه الأديب العربي المعروف الأستاذ الشاعر صلاح عبد الصبور في تقديمه للرواية:
كانت الرواية مفاجأة كبيرة لي، فهذه الرواية جديدة كما أتصور. رواية القرن العشرين. قادمة من أقصى المشرق العربي، حيث لا تقاليد لفن الرواية، وحيث ما زالت الحياة تحتفظ للشعر بأكبر مكان. ولم يكن سر دهشتي هو ذلك فحسب، بل لعل ذلك لم يدهشني إلا بعد أن أدهشتني الرواية ذاتها ببنائها الفني المعاصر المحكم، وبمقدار اللوعة والحب والعنف والقسوة والفكر المتغلغل كله في ثناياها<، إن إسماعيل فهد إسماعيل يعد بمنزلة العمود الأهم للفن الروائي والقصصي في الكويت خصوصا. ورعايته لعدد كبير من كتاب القصة القصيرة والرواية، واحتضانه لمواهب أدبية إبداعية باتا يمثلان حضورا لافتا على الساحة الكويتية والعربية. السيرة الذاتية
أعماله</SPAN>
  • البقعة الداكنة قصص (1965).
  • كانت السماء زرقاء رواية (1970).
  • المستنقعات الضوئية رواية (1971).
  • الحبل رواية (1972).
  • الضفاف الأخرى رواية (1973).
  • الأقفاص واللغة المشتركة قصص (1974).
  • ملف الحادثة 67 رواية (1975).
  • الشياح رواية (1975).
  • القصة العربية في الكويت دراسة (1977).
  • الفعل الدرامي ونقيضه دراسة (1978).
  • الطيور والأصدقاء رواية (1979).
  • خطوة في الحلم رواية (1980).
  • الكلمة - الفعل في مسرح سعد الله ونوس دراسة (1981).
  • النص مسرحية (1982).
  • النيل يجري شمالا - البدايات رواية (1983).
  • النيل يجري شمالا - النواطير رواية (1984).
  • النيل الطعم والرائحة رواية (1989).
  • إحداثيات زمن العزلة - رواية سباعية
  • الشمس في برج الحوت رواية (1996).
  • الحياة وجه آخر رواية (1996).
  • قيد الأشياء رواية (1996).
  • دوائر الاستحالة رواية (1996).
  • ذاكرة الحضور رواية (1996).
  • الأبابيليون رواية (1996).
  • العصف رواية (1996).
  • يحدث أمس رواية (1997) تناولها الناقد العراقي حسين السكاف في مقال نقدي تفصيلي نشر في جريدة إيلاف الإلكترونية وجريدة المدى البغدادية.
  • بعيدا.. إلى هنا رواية (1997).
  • الكائن الظل رواية (1999).
  • سماء نائية رواية (2000).
  • علي السبتي - شاعر في الهواء الطلق دراسة (2002).
  • ما تعلمتة الشجرة ليلى العثمان كاتبة دراسة (2005).
  • مبدعون مغايرون كلمات مثامرة(2006)
  • للحدث بقية ابن زيدون مسرحية (2008)
تحت الطبع
  • مسك.. (رواية)
  • مالا يراه نائم (مجموعة قصصية)
الجوائز التي نالها
  • جائزة الدولة التشجيعية في مجال الرواية، عام 1989.
  • جائزة الدولة التشجيعية في مجال الدراسات النقدية، عام 2002.

ايوب صابر 05-21-2012 02:09 PM

الرواية العربية
http://www.google.ps/search?q=%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9+%D8%A7%D9% 84%D8%AE%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9+%D8%A5%D8%B 3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84+%D9%81%D9%87%D8%AF +%D8%A5%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84&hl=ar& gbv=2&prmd=ivnso&ei=qxm6T6z3AqO60QX737z1Aw&start=1 0&sa=N

ايوب صابر 05-21-2012 02:10 PM

إسماعيل فهد إسماعيل : الرواية العربية عالمية متجاوزة .. مشكلتها اللغة


تبدو شخوص روايات إسماعيل فهد إسماعيل قلقة تعاني الأرق والاختناق كما في روايته " البقعة الداكنة " تحاول ان تبحث عن حلمها الخاص كما في روايتي " كانت السماء الزرقاء " و" المستنقعات الضوئية " وفي رواية " الحبل " رأينا كيفية التفاف الحبل حول العنق محملة بالدلالات بين محاولة إيهام الآخر لحظة الموت ، عوالم إسماعيل فهد إسماعيل مزدحمة بالأمكنة : الشارع ، السجن ، المقهى ، البيت، البحر، النهر، ترصد كثيرا من الأحداث التي مر بها عالمنا العربي ، التي من خلالها استطاع ان يترك بصمته على ساحة القصة والرواية العربية ، بلغت اعماله ما يقارب الثلاثين عملا ، بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحية ودراسة نقدية وسيناريوهات لبعض الاعمال الفنية ، في حقيقة الأمر إنها جزء لا يتجزأ من باقة الاعمال المهمة التي ميزت عالم الرواية والقصة العربية في النصف الأخير من القرن العشرين ، فمنذ مجموعته القصصية الأولى " البقعة الداكنة " التي صدرت عام 1965 وهو يضع بين أيدينا وثائق تاريخية مهمة يتحتم علينا مراجعتها ، وتذكرها بين حين وآخر، وهذا ما يعطي أعماله اهمية خاصة من حيث واقعيتها ومادتها التاريخية.

لم يتوقف إسماعيل فهد إسماعيل في كتابة اعماله على نسق سردي ، بل انه في كل عمل من اعماله يحاول ان يقدم جديدا ، فما وجدناه في اعماله الابداعية من حالة اشتباك وتنوع ، وجدناه في منزله المفعم بالمحبة ، وفوق جدرانه التي تزينها لوحات تشكيلية لمجموعة من الفنانين العرب ، وارفف مكتبته الغنية بكتبها في انواع المعرفة المتنوعة ، هناك شاكسنا الروائي والناقد إسماعيل فهد إسماعيل لنعرف ما الذي يدور في العزلة التي اختارها لنفسه ، ونستعرض معه بعض هواجس الثقافة ، فكان لنا معه هذا الحوار:

- لقد كتبت روايتك « احداثيات زمن العزلة » ، فهل اتخذت العزلة منهجا ، إذ لا تكاد تظهر في المشهد الثقافي الكويتي ؟
• لا اعتبرها عزلة بمعناها التام ، لأنني مازلت التقي أصدقائي من الوسط الثقافي ، لكن ما حدث هو تقسيم للوقت بين المسؤوليات المختلفة على الصعيد الفردي والاجتماعي والعمل وغيره. هذه العزلة الجزئية خصصتها للتركيز على كتابة قراءات عدة في الرواية والمسرحية ، وكتبت مجموعة قصصية قد انشرها يوما ما. وكتابا في نقد المسرح ، وآخر في نقد الرواية ونصا مسرحيا من ثلاثة فصول عن شخصية الشاعر الاندلسي « ابن زيدون » ، عدا ذلك ، عملت كثيرا في الكتابة للتلفزيون ، وهي الكتابة التي تحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والتركيز، منها عمل بالاشتراك مع الفنان سليمان الياسين، عن تاريخ الكويت في الخمسينات والستينات وما بعد الاستقلال ، كتبها أحمد الجارالله من ثلاثين حلقة ، وآخر اسمه « دنيا » اعتقد انه يلامس هموم الانسان الكويتي . فضلا عن عمل بالاشتراك مع احدى المحطات قائم على الشعر والفنون الأخرى ... قد يعتقد الكثير من الأصدقاء أنني اهدر وقتي في الأعمال التلفزيونية ، لكنني في الواقع عدت للعمل الدرامي الذي مارسته في السبعينات والثمانينات، لأن الدراما تتسع لما لا تتسع له الرواية ، بمعنى ان آفاق التلفزيون والفضائيات أرحب ، وتأثيرها أكبر، على أمل ان تلقى التجربة استحسانا ، وثمة عمل يمثل حالة اشتباك بعنوان « حينما يكون رأسك في طريق واسمك في طريق أخرى » وهو نص درامي يشاركني العمل فيه الشاعر البحريني قاسم حداد ، وان كنت لست براض عنه ، ما جعلني أحاول اعادة كتابته ، لأنني اراه غير مؤهل حاليا لإعادة بناء ، فهو يحتاج إلى جهد كثير، وخصوصا ان لغته صوفية أكثر مما هي سردية .

المشهد الثقافي

- كيف ترى المشهد الثقافي الكويتي ؟
• يبدو لي ان المشهد الثقافي مترد ، وغير براق في شكله العام ، ولكن اذا ألقينا نظرة فاحصة سنجد الشبان الأدباء قد احدثوا فيه مفارقة ، منهم بثينة العيسى في مجال الرواية ، ومنى كريم بديوانيها الصادرين عن قرطاس وشرقيات ، وسعد الجوير وحمود الشايجي ومحمد المغربي وآخرون قد لا تحضرني أسماؤهم الآن ، كما أننا سنجد المسرح أكثر نشاطا وحيوية عن السنوات السابقة ، إذ برزت أصوات شبابية جديدة بدا حضورها واضحا في المهرجانات وغيرها ، مثل : حسين المسلم الذي حصل على جائزة أفضل نص في مهرجان الخرافي . حتى في الفن التشكيلي ظهر كثير من الدماء الجديدة. لكن تبقى الحركة النقدية متأخرة لأنها تحتاج الى وقت للحاق بالآداب والفنون ، وأستطيع أن أقول: « إن النقد شبه غائب في الكويت ». أما على مستوى الدولة فمطلوب من الجهات الحكومية إلى جانب اصداراتها العالمية المختصة الاهتمام بالاصدارات الكويتية والخليجية فالعربية ، كأن تقوم باصدار كتب جيدة الطباعة ومتقنة لتوزع بأسعار رمزية ، ومن ثم تكون الرعاية الرسمية قد وفرت دعما للمشهد الثقافي الكويتي . لكننا يجب ان ننبه على ان الرعاية الرسمية قد تقتل الاديب اذا زادت على حدها .

جيل الرواية

- نرى بوادر جيل كويتي مهووس بفن الرواية ، هل ترى المشهد الكويتي يمثل تربة خصبة لهذا الجيل وأحلامه ؟
• التربة الخصبة تكمن في عمق المبدع ذاته ، وفي قراءاته وتطلعاته وثقافته ، وعلاقته وطموحه وجهده الشخصي . فكل انسان يبدأ من الصفر، ولا يوجد شخص يعتلي القمة منذ البداية ، بل لا توجد قمة أصلا . ويبقى السبق وحده بيد الطموح الذي يحافظ على تفوقه بين أبناء جيله ، بتجويد فنه وابداعه وسعيه إلى تحسينه. فبقدر ما يكون الجهد حقيقيا ومخلصا وموجها ، يصبح المنتج أو المبدع أكثرأهلية للانطلاق والتعبير بحرية .

الرواية العربية

- باعتبارك روائيا ، ما رأيك في وضع الرواية العربية الحالية مقارنة مع الفنون الأخرى ؟
• الرواية العربية كما أرى ، رواية عالمية ، لا تقل عن غيرها من الروايات من حيث الكم أو الطرح ، وتسلحها بالمعارف والفنون الأخرى . فهى رواية متجاوزة حدودها الضيقة ، وصلت إلى العالمية ، ليس لأن نجيب محفوظ حصل على نوبل ، وهو يستحقها ، بل لأن هناك روائيين بدأوا من حيث انتهى محفوظ ، وواصلوا الطريق . لكن يبقى ، اننا نعيش عصر سيادة اللغة الانجليزية ، ومن هنا تأتي أهمية الترجمة التي تحمل في داخلها عوامل الشهرة الاعلامية . لذا نحن مكبلون في خانة اللغة العربية التي لايجيدها الآخر، وأشياء اخرى . أما اذا اردنا مقارنة الرواية بغيرها من الفنون ، فأجد الشعر اكثر تطورا منها ، على سبيل المثال « سريرالغريبة » لمحمود درويش و « قصائد ساذجة » لسعدي يوسف ، اجدها وصلت إلى العالمية لأنها قصائد تحوي الكثير من الجماليات فعلا . ومن ثم يجب ان نضع في اعتبارنا ان من الطبيعي ان يصل الشعر إلى مرحلة كهذه بحكم عمره الطويل ، بينما الرواية حديثة الولادة ، وبرغم ذلك فإن وصولها الى هذه المرحلة من التقدم يدعو الى التأمل ، وهذا يعني انها حققت انتشارا اكثر مما نتوقع ، بالتالي نرى الناشر يهتم بالرواية خصوصا لأنه يلاحظ اهتمام القراء بها ايضا.

الثقافة النسوية

- ماذا عن الثقافة النسوية ؟ ، وهل استطاعت المرأة العربية المثقفة أو المبدعة تسليط الضوء على معاناتها ، وسبر غور البيئة والمجتمع في ظل قمع ذكوري؟ وكيف تقرأ الحالة الكويتية ؟
• أؤمن بان تاء التأنيث لا وجود لها ، فالمبدع مبدع سواء كان ذكرا أو انثى ، لكنه امر لا يمكننا تجاهله ان كنا في مجتمع متخلف أو عالم ثالث ، فحتى في بيوت المثقفين تجد الامر مختلفا عن معتقدات المثقف ذاته ، واحيانا تجد المرأة ترفض الحرية ، ففي الستينات كانت حرية المرأة أوسع مساحة ومضمونا ، وقد كنا نعتقد أن الامور ستتطور نحو الأفضل ، لكنها تتراجع ، وتشهد انكسارا كبيرا للمرأة . آنذاك كانت هناك حركات نسائية أقوى وأكثرجوهرية على خلاف ما يحصل في وقتنا الحالي . إذ تجد في دولنا تجريدا واضحا للمرأة من حقوقها ومن ثم علينا الاعتراف بحقوق نصف المجتمع ، لأن انكارها نفي له ، وبالتالي قتل للمجتمع . هنا يكون للتربية والتعليم دور كبير في خلق المرأة الحقيقية . فالمرأة تعاني معاناة مزدوجة من المجتمع ، ومن الرجل ، ما يكبل طاقتها الابداعية ، شئنا أم أبينا ، حتى في ابسط التفاصيل الشخصية ، لذا نجد المرأة التي تعرضت للمصادرة تحول هذا الكبت إلى نصوص أدبية فيها كثير من كسر المحظورات والتابوهات في الجانب الجنسي ، كرد فعل على ما عانته من محاولات للتحكم في كل تفاصيل حياتها الشخصية . بينما معاناة الرجل اقل ، فهو قادر على امتلاك حياة خاصة ، وعشيقة وزوجة وحرية السفر الخ ... من دون ان يتعرض للعار والعزل الاجتماعي أو القتل بداعي الشرف ، بينما المرأة ينتهي وجودها حتى بيد ابنها أو أخيها من دون تردد . أخيرا يجب ان نؤكد أهمية منح المرأة حقوقها ، فأنت حتى الآن تجد بعض الديموقراطيين في مجلس الأمة يرفضون منحها حقها السياسي ، وغير السياسي .

الثقافة الاستهلاكية

- يرى بعض المثقفين ان القوى الاقتصادية تفرض ثقافتها الخاصة متجاهلة كل الثقافات الاخرى ، فهل انت من مؤيدي هذه المقولة ؟
• من المعروف دائما عبر كل العصور، ان الطبقة المسيطرة على الاقتصاد هي المهيمنة على سدة الحكم ، لذا تفرض طبيعة ثقافتها ومفاهيمها وقوانينها ، وطبيعة سلوكها وعاداتها وتقاليدها وكل ما يرتبط بذلك ، تفرضها بكل اساليبها سواء من خلال الممارسة اليومية أو بالترغيب والترهيب من خلال القوانين الوضعية ، بالاغراء أو بالعنف ، وهذا امر لامفر منه . وعصرنا الحالي لا يختلف عن العصور السابقة ، عدا- ربما - ميزة واحدة ، هي الديموقراطية الغربية بمفهومها الحالي ، انما حتى لو تعاملنا مع هذه الديموقراطية بمفهومها الحالي ، التي تقوم على حرية الفرد ، لرأينا ايضا هيمنة من خلال الاقتصاد ، ومن ثم على أنظمة الحكم ، وهناك هيمنة على اجهزة الاعلام الرسمية أوالتجارية والعالمية كمحطات التلفزة والفضائيات ، فتجد كل فنها وقوانينها وثقافتها ومفاهيمها هي السائدة . لو ألقيت نظرة على الدراما بشكل عام أو السينما ، لوجدت ان الرؤية الأميركية هي المهيمنة تلتهم المساحة الأكثر من زمن الفضائيات. الامر الآخر لكل عصر حضارة تتبعها كل الأمم ، والآن نتبع حضارة الغرب ولذا تسود لغتهم الانكليزية في كل مكان، والأدب الغربي هو السائد وهو الذي تقارن به الآداب الأخرى . لا يمكن وجود ظاهرة بلا طرف صراع آخر، ولربما يتسم عصرنا بان صراعنا ليس قائما على التصفية بالشكل الذي كان عليه ، بل قائم على صراع يهدف إلى هيمنة المال والقدرة والأجهزة المرتبطة بجهات معينة . منذ الثورة الصناعية ، كان التطور الحضاري بطيئا لكنه أصبح أكثر سرعة حتى اصبح من الصعب ملاحقة التطور الحادث ، ما يؤكد فكرة هيمنة السائد القائم على الحضارة الرأسمالية، لكن في الوقت نفسه ثمة تحولات داخل المنظومة السائدة ذاتها ما يؤدي إلى التجديد والتواؤم مع متطلبات العصر، ومفتاح الحل ان نبني جيلا لديه مناهج دائمة التغيير بشكل مبدع بدلا من حشو عقول الطلاب بمعلومات جامدة.

كيانات ثقافية

- هل يوجد في الوطن العربي كيانات بامكانها ايجاد حالة تواصل بين المثقفين والمبدعين العرب من أجل تفعيل المشهد الثقافي العربي؟
• الكيانات موجودة في اماكن عدة كسورية ، ومحاولات اخرى هنا وهناك . لكن دائما ارتباط المؤسسات الثقافية بالأنظمة وأيديولوجيتها يعزل كل هذه المنظمات ويحد من أهمية أفعالها . حتى اليوم لا يزال المثقف العربي غير مستقل ، بالتالي لا يمكن ان يعيش ويستمر ويبدع . إلا اذاتغير هذا الوضع الذي لا اعلم ان كان سيتغير أم لا ، لكن يمكننا ان نحلم . إلا أنني أعتقد ان كل الدول حتى فرنسا وأميركا لا يوجد فيها رابطة تجمع كل ألوان الثقافة في البلد، فهناك منظمات تعتمد على ايديولوجيات وأفكار مختلفة . وفي الوقت ذاته هناك صيغة عامة تجمع المبدعين ، كالاكاديمية الفرنسية في فرنسا التي تعمل على توجيه التيار العام نحو ما هو ايجابي . وهذا ما يريده المثقف العربي ، منظمات منفصلة عن الأنظمة ، وهذا صعب التحقق لأن هناك من الكتاب من يعيش واقعا اتكاليا وجبريا باعتبار المثقف انسانا يريد ان يعيش.

الحرية وفاعلية الإنسان

- ما مفهومك لحرية العمل الأدبي ، وهل تعتقد ان جرأة كالتي في رواية « الخبز الحافي » مقبولة ؟
• لا اعتقد انها منافية للأخلاق ، لكنها رواية جريئة ذات لغة يراها البعض مخالفة أو اباحية ، لكن ما فيها هو مجرد ادوات سردية مساندة ، المتزمت اخلاقيا فقط هو من يرى انها رواية منافية للأخلاق ، وهو بذلك يريد ان يحجب الرؤية عن الناس ، بحجة منع الفساد ، لكن الحقيقة هي العكس ، فالانسان يجب ان يطلع على كل شيء ، ليعرف الخطأ كي يتجنبه . لقد أسعدني اطلاق الكتب وتحريرها من الرقابة ابان تولي د. سليمان العسكري منصب الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، وهذا ما يجب ان يكون لانه يمكننا من قراءة ما يتهمه البعض بأنه ادب منحل اخلاقيا وبالتالي نتمكن من الرد عليه ، ذات مرة سحب احدهم روايتي من يد فتاة ، وألقاها بعيدا قائلاً : « انها رواية مفسدة » ، وحين سألته ان كان قرأ أي رواية لي أجاب : « انه لن يخرب عقله بيده » . مما يعني انه غير قادر على حماية نفسه من الاطلاع على الكتب ، انه فاقد لثقته بذاته ، ومن ثم ارى ان بناء الانسان يجب ان يقوم على حرية الاطلاع حتى على ما هو مخالف لفكره . " الخبز الحافي " حين صدرت لم تمنع ، ووصلت الى كثير من المكتبات في دول كثيرة لسنوات عدة ، حتى أثار احدهم ضجة حولها ومنع تدريسها في الجامعة الأميركية في القاهرة ، والسؤال : لماذا اذن لم تمنع طوال الفترة السابقة ؟ وكيف يحاول مسؤول منع رواية في جامعة تتصف بالاكاديمية ؟. روايات عدة لي منعت في الكويت برغم انها نشرت ، وطبعت من قبل ، ووصلت الى القارئ في الكويت . وهذا يدل على تراجعنا وتراجع مساحات الحرية عندنا ، ولكن ما زال الوضع في الكويت أفضل من حيث انه لم يمنع تدريس روايتي - الممنوعة - في الجامعة الكويتية ، لكنني ارى ان زمن المنع لن يدوم لأن الانسان الذي يحب الاطلاع يعرف طريقه الى ما يريد . فعلى سبيل المثال حيازة الكتب الممنوعة في العراق خلال الستينات كانت تؤدي الى اعتقالك ، لكن برغم ذلك كنا نسافر لنقرأ هذه الكتب ، لدرجة انه حين كنا نعثر على نسخة واحدة منها نعيد كتابتها بخط اليد لنتداولها بيننا ، فكل ممنوع مرغوب ، وكلما منعت شيئا ازدادت الرغبة فيه ، لذا نجد الكتب الممنوعة توزع أكثر .

- كيف ترى الحرية في مجتمعاتنا العربية ؟
• الحرية مفهوم نسبي ، ولذا تجده مختلفا خارج العالم الثالث ، ففي هذا العالم قد تطرق السلطة بابك وتأخذك من دون ان يعلم احد عنك شيئا ، فطبيعة الأنظمة وما تأسست عليه ، بمعنى أن جملة القيم التي تقوم الأنظمة بتبنيها ، هي التي تحدد هذا المفهوم ، ولو القينا نظرة على هذه القيم بشكل دقيق لوجدناها متناقضة مع متطلبات الانسان المعاصر فهي اما سلفية او قبلية ، ببساطة هي قيم متخلفة ، لذا نجد الحرية المكفولة في الدساتير غير مطبقة في واقع المجتمع ، فقد عجز القانون عن انصاف المرأة تماما ، بضغط من سلطة الرجل ، والأمان لا يتحقق الا بالحرية .

- في رأيك ما المخرج؟
• بناء الانسان ذاته هو الرهان ، فأنت لا يمكنك ان تحدث تغييرا اذا لم تصنع جيلا تتابع خطواته من الروضة إلى الابتدائية وكل مراحل التعليم ، المفتاح السحري بناء الانسان ، ومراجعة النظم التعليمية والتربوية باستمرار، لو عدت إلى نظام التعليم في الستينات والسبعينات في الكويت لوجدت انه كان يهتم ببناء الانسان وتأهيله للاندماج في نسيج المجتمع ، الآن مع كل الاسف أفرغت المناهج التربوية من محتواها ، وخلت من خطة لتغيير الفرد واطلاق قدراته العقلية والفكرية على أسس صحيحة ، ولم تعد قادرة على كشف ومضات الابداع لدى هذه العقول. فقد اصبح هم التربويين حشو عقول الطلاب بمعلومات فاقدة القيمة، واصبح المدرس اشبه بالآلة يأخذ بالشكليات ، من تحضير الدروس والدفاتر والواجبات والعناية بساعات الدروس بشكل لا يستطيع فيه الخروج على هذا المألوف ، حتى الوزارة كان اسمها وزارة المعارف ، ثم تحولت الى وزارة التعليم ، ثم وزارة التربية والتعليم ، والآن افرغت تماما من معنى هذا الاسم ، لا معارف ، لا تربية ، لا تعليم ، ولهذا السبب قل عدد الفاعلين في حركة المجتمع ، واصبح هناك حالة كمونية بسبب عدم وجود رؤى معارضة ، أو مختلفة ، أو ابداع ، أو خطط فاعلة تثير حراكا .


الساعة الآن 10:35 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team