.... إيَّاكُمْ وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ .... قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : وما ذاك يا رسول الله ؟ فقال : المرأةُ الحَسْنَاءُ في مَنْبِتِ السوء . قال أبو عبيد : نرَاه أراد فساد النَّسبِ إذا خيف أن يكون لغير رِشْدَة ، وإنما جعلها خضراء الدِّمَن - وهي ما تُدَمِّنُه الإبل والغنم من أبوالها وأبعارها - لأنه ربما نَبَتَ فيها النباتُ الحسنُ فيكون منظره حسناً أنيقاً ومنبِته فاسداً ، هذا كلامه . قلت : إن " إيا " كلمة تخصيص ، وتقدير المثل : إياكم أخصُّ بنُصْحي وأُحَذِّرُكم خضراءَ الدِّمن ، وأدخل الواو ليعطف الفعلَ المقدر على الفعل المقدر : أي أخصكم وأحذركم ولهذا لا يجوز حذفها إلا في ضرورة الشعر ، لا تقول " إياك الأسَدَ " إلا عند الضرورة ، كما قال : * وإياكَ المَحَاِينَ أنْ تَحِينَا * |
.... إنَّكَ لَعَالِمٌ بِمَنَابِتِ القَصِيْصِ .... قالوا : القَصِيص جمعُ قَصيصة ، وهي شُجَيْرةٌ تنبت عند الكَمْأَة ؛ فيستدل على الكمأة بها . يضرب للرجل العالم بما يحتاج إليه . |
.... إنَّهُ لَأَحْمَرُ كأَنَّهُ الصَّرْبَةُ .... قال أبو زياد : ليس في العَضَاه أَكْثَرُ صمْغاً من الطَّلْحِ ، وصمغه أحمر يقال له : الصَّرْبَة . يضرب في وَصْفِ الأحمر ، إذا بولغ في وصفه . |
.... إِنْ (أَنْ) تَرِدَ المَاءَ بماءِ أَكْيَسُ* .... أي مع ماء ، كما قال تعالى : (وقَدْ دَخَلُوا بِالكُفْرِ) يعني إن تَرِدَ الماءَ ومعك ماء أن احتجْتَ إليه كان معك خيرٌ لك من أن تفرِّط في حمله ولعلك تهجم على غير ماء . وهذا قريب من قولهم " عَشِّ إبلَكَ ولا تَغْتَرّ " . يضربان في الأخذ بالحزم . وقالوا في قوله " أكيس " أي أقرب إلى الكَيْس قلت : هذا لا يصح ؛ لأنك لو قلت " زيد أحسن " كان معناه أن حُسْنه يزيد على حسن غيره ، لا أنه أقرب إلى الحسن من غيره ، ولكن لما كان الوارد منهم يحتاج إلى كَيْسٍ لخفاء مَوَاردهم قالوا : إذا كان معك شيء من الماء وقصدت الورود فلا تُضِعْ ما معك ثقةً بورودك ليزيد كَيْسُك على كَيْسِ مَنْ لم يصنعْ صنيعَكَ ، هذا وجه ، ويجوز أن يقال : إنهم يَضَعون أفعلَ موضعَ الاسم كقولهم " أَشْأَمُ كلِّ امرئٍ بين فَكَّيْهِ " أي شؤم كل امرئ ، وكقول زهير : * فتنتج لكم غلمان أشأم * أي غلمانَ شُؤم ؛ فيكون معنى المثل على هذا التقدير : ورودُكَ الماء مع ماء أكيسُ : أي كِيَاسةٌ وحَزْم . * ضبط (إن) على أنها شرطية . أو(أن) على أنها مصدرية خبر والتقدير : ورودك الماء ومعك ماء أكيس ، وهذا أَوْلَى . |
.... إنَّمَا أخْشَى سَيْلَ تَلْعَتِي .... التَّلْعة : مَسِيلُ الماء من السنَد إلى بطن الوادي* . ومعنى المثل : إني أخاف شرَّ أقاربي وبني عمي . يضرب في شكوى الأقرباء . * لأن من نزل التلعة فهو على خطر أن يجيء السيل فيجرفه . |
.... أَخَذَهُ بِرُمَّتِهِ .... أي بجُمْلته ، الرُّمَّة (الرِّمَّة) : قطعة من الحبل بالية ، والجمع رُمَم (رِمَم) ورِمام . وأصل المثل أن رجلاً دَفَع إلى رجلٍ بعيراً بحَبْل في عنقه ، فقيل لكل مَنْ دفع شيئاً بجملته : دفَعه إليه برُمّته ، وأخذه منه برمته ، والأصل ما ذكرنا . |
.... إنَّهُ لَمُعْتَلِثُ الزِّنَادِ .... العَلْثُ : الخلط ، وكذلك الغَلْثُ ، بالغين المعجمة ، والمثل يروى بالوجهين . وأصله أن يعترض الرجل الشجر اعتراضاً , فيتخذ زِناده مما وَجدَ ، واعتلث بمعنى عَلَثَ ، والمعتلث المخلوط . يضرب لمن لم يتخير أبوه في المنكح . |
.... إنَّهُ لَأَلْمَعِيُّ .... ومثله لَوْذَعي . يضرب للرجل المصيب بظنونه ، قال أوْسُ بن حَجَر : الأَلْمَعِيُّ الذِي يَظُنُّ بِكَ الـ ـظَّنَّ كأَنْ قَدْ رَأَى وقَدْ سَمِعَا وأصله من لَمَعَ إذا أضاء ، كأنه لمع له ما أظلم على غيره . وفي حديث مرفوع أنه عليه الصلاة والسلام قال : " لم تكن أمَّةٌ إلا كان فيها مُحَدِّث ، فإن يَكُنْ في هذه الأمة مُحَدِّث فهو عمر " ، قيل : وما المحدث ؟ قال : الذي يَرَى الرأيَ ويظن الظنَّ فيكون كما رأى وكما ظن ، وكان عمر رضي الله تعالى عنه كذلك . |
.... أيُّ فَتَىً قَتَلَهُ الدُّخَانُ .... أصله أن امرأةً كانت تبكي رجلاً قَتَله الدخان ، وتقول : أيُّ فتى قتله الدخان ؟! فأجابها مجيبٌ فقال : لو كان ذا حيلةٍ لتَحَوَّل . يضرب للقليل الحيلة . |
.... إنَّ الغَنِيَّ طَويلُ الذَّيْلِ مَيَّاسُ .... أي : لا يستطيع صاحبُ الغنى أن يكتمه ، وهذا كقولهم : " أَبَتِ الدَّرَاهِمُ إلا أن تُخْرِجَ أَعْنَاقَها " قاله عمر رضي الله عنه في بعض عُمَّاله . |
الساعة الآن 03:39 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.