![]() |
الصفات المتناقضة في المتقين |
|
اقتباس:
يا الله .. كم هذا الدرس رائعاً ومفيداً ! إنه في صميم العلاقات الانسانية فكم من خبر أخذه أحدهم على محمل الجد والصدق وتصرف بناء عليه من غير أن يتبين صدقه من كذبه وكم من بيوت هدمت وعائلات تشردت بسبب ذلك ما أجمل أن نتزين بديننا الحنيف ونتزيا بأقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم خير زاد يا حميد بوركت وبورك ما تنقل لنا من روائع الكلم تحية ... ناريمان |
اقتباس:
|
بسم الله الرحمن الرحيم |
|
|
الأحزان التي ترد على قلب المؤمن إن الإنسان قد يكون في أعلى درجات الرفاهية، ولكن قلبه يعتصر حزنا وألما.. حيث أنه ليس هناك أي تلازم بين أن يكون الإنسان في سعة من الرزق، وبين حزن قلبه أو فرحه.. فإذن، لا يعتقدن أحد أن الرفاهية المادية ستشفع له في هذا المجال.. وكما هو متعارف: فإن الفقراء من أصفى الناس باطنا، وبعض التجار المترفين من أشد الناس عذابا ! .. إن الحزن ليس حالة واحدة، بل حالات متعددة : أولا : الحزن المقدس : إن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان من أكثر الناس حزنا، يقول القرآن الكريم : { طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى }.. كان يحمل حزنا عظيما، ولكن هذا الحزن كان مقدسا؛ لأنه حزن على الناس وعلى الأمة، فقد كان ( صلى الله عليه و آله وسلم ) عندما يؤذيه قومه، يقول : ( اللهم !.. اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون ). فإذن، عندما يرى المؤمن أن حزنه نابع من تقصيره في العبودية: حيث أنه من الصباح إلى المساء لم يوفق لطاعة معتبرة، أو عزم على ترك معصية، وفي ساعة الامتحان وقع في تلك المعصية .. أو لا هذه ولا تلك؛ أي لم يرتكب معصية، ولكنه يعيش حالة الغفلة والبعد عن الله عز وجل؛ فإن هذا الحزن مقدس .. لأن ذكر الله -عز وجل- بالنسبة للمؤمن الذي وصل إلى درجة عالية، هو بمثابة الهواء الذي يستنشقه.. فإذن، هذا الحزن مقدس.. وعلى المؤمن أن يدعو ويقول : يا رب، زدني حزنا !.. فهذا الحزن بمثابة المنبه، يجعل المؤمن يتنبه إلى أن هناك شيئا ما، أورثه هذا الحزن. ثانيا : الحزن غير المقدس .. وهو حزن شيطاني، إذ أن الإنسان يحزّن نفسه دون سبب : هو وضعه جيد، في نعمة ظاهرية وباطنية؛ ولكنه قلقل من المجهول، ويعيش في خوف من المستقبل .. حيث أن الله -عز وجل- منذ أن خلق آدم ( عليه السلام ) إلى يومنا هذا، ما أعطى ضمانا لأحد أن يعيش إلى آخر عمره على نحو ما هو يريد.. فالحياة فيها تقلبات.. فإذن، إن الحزن الذي منشؤه الدنيا والحرص عليها، غير مقدس. ثالثا : الحزن الذي لا يعلم سببه .. وهناك حزن لا يعلم هل هو مقدس أو غير مقدس : لا هو من معصية، ولا من غفلة، ولا هو من ابتعاد، ولا من دنيا .. سببه مجهول، فما هو الحل ؟.. على الإنسان أن يستقرئ باطنه، ويرى الأسباب التي أورثته هذه الحزن .. ومن الأسباب التي لا نقيم لها وزنا، إدخال الحزن على الآخرين .. إن رأيت حزنا في قلبك، ابحث عن القلوب المحيطة بك، لعلك كنت سببا في شعور إنسان بالألم والأذى؛ فعجّل رب العالمين لك العقوبة في الدنيا، أن جعل في قلبك هذا الحزن، ليخفف عنك العذاب يوم القيامة. 21 1 2011 |
أعجبتني ( أجسامهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة ) جزيل الشكر على هذه المنقولات الرائعة والمفيدة تحية ... ناريمان |
التعامل مع الدنيا إن تعامل الناس بالنسبة إلى الدنيا، على نوعين : هناك قسم توطدوا بالدنيا، ورضوا بالمتاع العاجل.. وبتعبير القرآن : { اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا }.. وهناك قوم انقطعوا إلى الآخرة، وأهملوا الدنيا؛ أي لا يشتغلون للدنيا، فهم غير فعالين فيها، ويغلب عليهم الذكر اللفظي مثلا، ولا يبالون لا بمجتمعهم ولا بأسرهم.. وهذه أيضا حالة مرفوضة. إن الكلمة الفصل في هذا المجال لأمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : ( إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ).. إنه تعبير رائع جدا!.. فالمؤمن يستثمر كل ما لديه من طاقات وقدرات، لتثبيت دعائم الحياة المادية.. والمؤمن من اهتماماته في الدنيا، أن يجمع مالا وفيرا، ليوقف بها أمرا ماديا، يكون له زادا في عرصات القيامة.. ( إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له ).. من هم أصحاب الصدقات الجارية؟.. هم أصحاب المال فالمؤمن الفقير : رأس ماله الدعاء، والصبر.. أما المؤمن الغني : هو الذي بإمكانه أن يبني ما يكون له صدقة جارية، وأن يتكفل الأيتام. فإذن، إن الدنيا مزرعة الآخرة.. في عالم الزراعة : كلما اتسعت رقعة المزرعة، كلما زاد المحصول.. وكلما زاد المحصول، زادت الزكاة الواجبة لذلك المال.. وبالتالي، فإن الدنيا إذا أصبحت في يد أمثال سليمان، تصبح نعم العون على الآخرة!.. إن الإمام عليا ً( عليه السلام ) يقول : ( واعمل لآخرتك، كأنك تموت غداً ).. إن المؤمن قد لا يخشع في صلاة الصبح، وقد لا يخشع في صلاة الظهر؛ لأنه يكون في قمة الانشغال اليومي.. أما في خصوص صلاة العشاء، فإن لها حالة خاصة.. وذلك لأن الإنسان عندما يصلي صلاة العشاء، يصلي صلاة المودع، فهي آخر فريضة لهذا اليوم، وبعدها سوف ينام، والله -تعالى- يقول في كتابه الكريم : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } فالموت والنوم أخوان قريبان.. من أين للإنسان الضمان أن الله يرجع له الروح بعد النوم؟.. ولهذا عندما يستيقظ من النوم، يخر ساجدا لله ويقول : ( الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني، وإليه النشور ).. فالعبارة حقيقية!.. إن بعض الحجاج -مع الأسف- يحجون حجة، هم لا يرضون بها، على أمل الحج السنة المقبلة!.. من قال أنه سيوفق لذلك؟.. لذا عليه أن يحج حجة مودع، وفي ليلة القدر كذلك عليه أن يقوم بأعمال مودع.. ومعنى قول الإمام ( عليه السلام ) : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) بعبارة أخرى : ( ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء ).. مثلا : هناك فقير له عصا وله سبحة، ولكن قلبه متعلق بهما؛ فهذا الإنسان عابد للدنيا.. وهناك إنسان آخر عنده مصانع كثيرة، ولكن قلبه غير متعلق بها؛ فهذا الإنسان زاهد بالدنيا. ____________________________________________ * * * حميد 20 8 2011 |
الساعة الآن 03:05 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.