على راس شجرة أثل- وقفت بومه وبجوارها صديقها القط الأسود ،يمازحان صديقيهما الخفاش وهو متدلي من غصن فوق رأسيهما
فجأة ،أدارت البومة رأسها دورة كاملة عندما لمحت شيء ،فإذا بها ترَى بالقرب من حاوية الزبالة غرابا يقف أمام مرآة محطمه - يحملق في وجهه ،و ينظر الى نفسه بازدراء
نظرت إليه البومة من فوق لتحت فضحكت واشارت بجناحها وقالت : أنظرا الى العجب العجاب "غراب، يتسكع وقد قبض النهار جناحيه ،وخيم الليل بالسواد"
اقشعر بدن الغراب و التفت سريعا الى مصدر الصوت فرأى بومة تطل عليه من فوق شجرة وبجوارها قط اسود ،وخفاش ،فرد بصوت خشن: اهلا
ابتسمت البومة ساخرة وقالت: اهلا وسهلا ،وتابعت ، مكانك ليس هنا يا عزيزي ،فجمال الدنيا في التضاد .... ،على كل حال دعنا من كل هذا، ما بك يا مسكين اراك تعرج ؟!
قفز الغراب متعثرا لعدد من الخطوات وأستند الى جدار والتصق به ،ولم يجيب على سؤالها
فردت البومة جناحيها وهبطت من برجها العالي الى الارض وتبعها القط ،والخفاش وسارت بتجاهه بخطوات متوترة ،نظرت إليه عن قرب فرأت الدماء تنزف من احد قدميه
فقالت بإشفاق : من فعل بك هذا؟!
فقال بحقد وهو يتلوى ويأن من الالم : ومن غيره !
قالت متعجبة ماذا تقصد : ومن غيره ؟!
فرد بضجر : الانسان ايتها الغبية......، وواصل حديثه يجب ان نفكر معا ،يجب ان نفعل شيء علينا تبديد هذه المفاهيم الخاطئة عنا ،لا بد لنا من تحسين صورتنا التي شوهت
صوبت البومة عينيها الكبرتين نحوه وقلت بدهشة :صورتنا ! نفكر معا ! من تقصد ؟!
قال الغراب بغضب : نحن ،،أنا، أنت ،هو ، وهو ..... "اربعتنا"
فقالت البومة : لا اعلم ،عن ماذا تتحدث ؟!
،أنا، ،هو ، وهو " ثلاثتنا " امورنا على خير ما يرام ،طرائدنا في تكاثر ،وليلنا طويل لا يشاركنا فيه خلق كثير ،والتفتت الى القط والخفاش الذي كان يرفرف فوقها بجناحيه وقالت: اليس كذلك ؟! فأجابا بالإيجاب بهز رأسيهما
قفز الغراب على قدم وسحب الاخرى واتجه إلى صخرة قريبة ووقف عليها ، و جال ببصره ، وألقى نظرة عليهم ثم خطب قائلا: الكل منكم يعلم ان الخلائق تنظر الينا نظرة شؤم هل سألتم يوما انفسكم من وراء هذه التسمية ولماذا ؟!
ان كلمة "شؤم " صيحةً ،تطايرت شظاياها فوق رؤوسنا نحن المساكين من بين الخلائق اجمع ، والإنسان هو من صاح بها رغم انه هو وحده مصدر الشؤم
فهو من يضرب ويقتل بدون رحمة ، من يصرخ متبجحا بأعلى صوته ،هو من يشتم ويهين ، وكل الخلائق من حوله صامتون ينظرون إليه ، بعيون خائفة ،
لابد لنا من قلب السحر على الساحر
رفعت البومة عنقها وقالت بفخر :اننا نحن معشر البوم نعتبر فال حسن في بعض ثقافات البشر
تأجج الغراب غضباً ، وصاح بأعلى صوته أيها القبيحة
"اخرسي "!
فانفجرا صديقاها ضاحكان ، فلتفت اليهما ، فرئتهما يتبادلان النظر فرحين فيما بينهما
وقعت كلمة الغراب المختصرة كصفعة حادة في وجه البومة اسقطتها من كرسي الوقار والكرامة ، فارتجفت غضبا وقالت بحقد: ايها الحقير الفظ! أدميتَني بلسانك القارص
وهجمت عليهم بمخالبها القوية واخذت تطعنهم بمنقارها الحاد
فهاج الجميع وماج، واختلط حابلهم بنابلهم..
فجأة توقفت المعركة وتفرق الجمع ،عندما انبعث صوت ضخم ، وارتفع آخر من المنازل المجاورة !