الشيخ ابراهيم البليهي - منتديات منابر ثقافية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
:: تأصيل ........ (آخر رد :عبدالستارالنعيمي) :: تلاوة الصدق (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي) :: رسالة لم تصل إليه \ إليها (آخر رد :حنان عرفه) :: إضاءة في قصيدة الشاعرة ثريا نبوي "للقدس معراج" بقلم: الشاعر د. علاء نعيم الغول (آخر رد :ثريا نبوي) :: سأكتب على ذرات الرمال... (آخر رد :مازن الفيصل) :: لمحة عن رواية " الدرويش والموت " (آخر رد :ثريا نبوي) :: الخِلافُ المُرّ (آخر رد :ثريا نبوي) :: لمَ يكرر النابغة الإقواء في شعره؟ (آخر رد :عبدالستارالنعيمي) :: آبي اللحم الغفاري رضي الله عنه (آخر رد :أ محمد احمد) :: ديوان أساور الغياب للشاعر محمد النعيمي (آخر رد :ثريا نبوي)

احصائيات



الردود
5



المشاهدات
9928







عبدالله أحمد الباكري

من آل منابر ثقافية



المشاركات
10



+التقييم
0.00



تاريخ التسجيل
Feb 2007



الاقامة



رقم العضوية
2939

09-28-2010, 01:29 AM

المشاركة 1

09-28-2010, 01:29 AM

المشاركة 1

الشيخ ابراهيم البليهي

الشيخ ابراهيم البليهي

القراءة ممتعة بالنسبة لي ، ولا أذكر أول مرة تعلقت فيها بالقراءة ، فقد نشأت معي منذ الطفولة ، وفي السنوات الأخيرة وبعد استقراري وظيفياً زادت الرغبة في نفسي أكثر تجاه الإطلاع ، فبدأت أقرأ أكثر مما كنت أقرؤه من ذي قبل ، وخلال هذا الإدمان العجيب وقع بين يدي مقال للأستاذ ابراهيم البليهي اهتززت من عنوانه ، فقرأته وكان يتحدث عن الناقد الفرنسي ( سانت بوف ) ،، وفي الحقيقة أن هذا المقال سبب لي صدمة ثقافية في رأسي ، فهذه المرة الأولى التي أقرأ فيها تلميعاً باهراً لرجل لا ينتمي لتراثنا المعاصر !!0

بعد ذلك ، بدأت أكثف الإطلاع على مقالات البليهي تباعاً حتى أسرني الرجل بحضور ثقافته القوية وإطلاعه العميق وتناوله الفلسفي للموضوع ، وعرضه الفكري للقضية التي التي يتحدث عنها ، حتى أنني بدأت أتعرف على شخصيات لم أكن أسمع عنها شيئاً كـ وول ديورانت وبرتراند راسل و وايتهد وميرجريت ميتشل وجورج كليمنصو وأنطونيو غرامشي وجاك ديلورز وفيرجينا وولف 000الخ 0

قبل أن أتعرف على الأستاذ البليهي كنت أهاب الفلسفة وأخشى قضايا الفكر ، وبعده أصبحت باسلاً صمصاماً أقحم نفسي في قضايا الفكر الأساسية دون أدنى ريبة أو شك لأنني أصبحت أمتلك مفاتيح الفكر وأساسيات الثقافة ، وكل هذا تشربته باطناً من مقالات الأستاذ البليهي 0

الصدمة الأولى التي فاجأتني من هذا الرجل هو لقاؤه الشهير في برنامج إضاءات مع الإعلامي تركي الدخيل ، حيث أن هيئة الرجل وهندامه تشبه لباس رجال الدين بينما آراؤه وفكره تكاد تكون أقرب إلى الليبرالية ، فاندهشت من هذه العقلية الجديدة خصوصاً عندما يحاول الدخيل استفزاز البليهي ببعض الأسئلة الصعبة فيجاوبه بكل يسر وسلاسه بل ويضرب الأمثال لتأكيد وجهة نظره وكأنه قد تعود كثيراً على مثل هذه الأسئلة0

بدأت أقرأ كل مقالات الأستاذ ، وعندما تشبعت منها شرعت أبحث في الشبكة العنكبوتية وأجوجل اسمه ولقبه علني أبحث عن جديد لهذا الرجل ، فما وجدت غير مقتطفات بسيطة تشيد ثناءً ومدحاً حول نزاهته في عمله وإبداعه في وظيفته ، وصبره العظيم على التحديات والمصاعب التي واجهها0

لقد عاش البليهي بين أسرة شهيرة في بريدة وقد اشتهر منها أعلام أفذاذ في دنيا القضاء والإفتاء والشعر والأدب إلا أنه انعتق من ذلك كله ، فلم يدرس على شيخ معين ولم يتتلمذ على أستاذ خاص ، كما أنه لم يتغرب خارج الوطن ولم يكمل دراسته العليا في الجامعة وإنما حصل كل ذلك من انعكافه الطويل وراء مكتبته الضخمة والعامرة بكل ما لذ وطاب من موسوعات وأوراق وأبحاث تتعلق أغلبها بمسائل الفكر والفلسفة والحضارة 0

يقول البليهي عن نشأته الثقافية :
السؤال الذي رافقني منذ البداية وهو لماذا بقي التطور الحضاري المذهل في العصور الحديثة محصوراً بمجتمعات قليلة بينما طوفان التخلف ما زال يغمر أكر مجتمعات الدنيا !!! 0

عمل البليهي بعد تخرجه من الجامعة في إدارة البلديات ، وقد تنقل في إدارته للبلديات في عدة مناطق سعودية فعمل في حوطة بني تميم وخميس مشيط والمنطقة الشرقية وحائل والقصيم إلى أن أنهى حياته بالتقاعد بعد أن أتم الستين من عمره ، لكن القيادة السعودية رأت أن خبرته التراكمية في المجال الإداري يجب أن يستفاد منها فانتخب عضواً – ولا يزال – في مجلس الشورى 0

لقد عمل البليهي في البلديات وعانى فيها معاناة صارخة ، ويقول عن تلك التجربة :

رأيت تكالباً على المصالح الخاصة واستخفافاً بالمصالح العامة ، لقد شاهدت طوفان الأهواء وعواصف الرغبات الخاصة وهي تعصف بأهل النزاهة وتضع أمامهم العراقيل والصعوبات وتحاول إفشالهم بشتى الطرق ، كما هالني شيوع الإهمال بين العاملين وغياب الإلتزام وكلال الأداء الوظيفي وضعف المهارات وانعدام الرؤية المهنية وغياب الولاء للعمل وجرأة المشاكسين الكسالى والعاجزين من الموظفين ، وشراسة تعاملهم مع زملائهم ومديريهم وقدرتهم العجيبة على التوهين والتثبيط والتشويه0

عاش البليهي لمدة تقارب الثلاثين عاماً وهو يقطن في بيت طيني ، لم تستهوه ملذات الدنيا ورفاهيتها كما استهوت غيره من المدراء والمسؤولين ، فعاش حياته نزيهاً شريفاً يترفع عن أدنى الشبهات ، ويبقي نفسه سامقة عن دنايا الأموال والدنيويات ، لقد كان إلى عهد قريب وهو لا يمتلك ثمن منزل يشتريه ، فعاش حياته وهو يتنقل بين المساكن المستأجرة خلال تنقله بين مناطق المملكة ، وقد عاش فترة من عمره وهو يعاني من أزمة الديون !!0

أحب البليهي الكتب وعشقها حتى الثمالة ، فكان يقتطع جزءاً من راتبه ليشتري أرتالاً من الكتب والمراجع ، وكان يقطع وقته في قراءتها وفهمها واستيعابها حتى غدا مفكراً حراً وفيلسوفاً فذاً وحكيماً رائعاً وقيادياً لا يشق له غبار وإدارياً لن تجد له نظير ، ومما يؤخذ على الأستاذ أن مكتبته خالية من كتب التراث ، وله في ذلك رأي ، حيث يقول : إن كتب التراث ترسخ ما هو سائد ، بينما نحن المسلمون والعرب في أشد الحاجة إلى دراسة أوضاع الأمم المتقدمة وأنماط ثقافتهم وتقدمهم حتى نتدارك أنفسنا وأجيالنا من السوء0

ألف الأستاذ البليهي مجموعة من الكتب تتعلق بالمسائل الفكرية العميقة التي تناقش في مجملها إعادة تأسيس الثقافة العربية ، فكتب عن ( علم الجهل ) وهو يرى أن تأسيس علم الجهل وتدريسه في الجامعات والمدارس النظامية هو أول انقلاب على الثقافة العربية السائدة التي يرى أنها أولى العقبات الهامة في طريق التقدم والإزدهار0

وكتب الأستاذ البليهي عن الإبداع في كتابه الشهير ( وأد مقومات الإبداع ) ، وهو يرى أن الأمم المتقدمة جميعها لم تتقدم وتتطور إلا بعد أن رعت الإبداع وأولت له اهتمامها الكبير ، ولذا فهو يهاجم الثقافة العربية السائدة لأنها تئد الإبداع وهو جنين قبل ولادته ، فلا هي تحترمه ولا هي توليه أي نوع من الإهتمام أو الحظوة ولذا تجد مبدعينا يغردون خارج السرب لا يسمع لهم أحد ، ولذا فالبليهي دائماً ما يردد مقولته العظيمة : إن الأمم لا تتقدم إلا بشرطين : الريادة ( الإبداع ) والإستجابة لها 0

وأخيراً قرأت له كتابه ( حوارات الفكر والثقافة ) وهو عبارة عن تجميع لحواراته التي أجرتها معه الصحافة السعودية ، وقد قام الأستاذ عبدالله المطيري بهذا الكتاب ووضع مقدمة له شرح فيها آراء البليهي وأطروحاته الثقافية 0

يكتب البليهي في جريدة الرياض مقالاً شهرياً يتحدث فيه عن مواضيعه المعروقة كالجهل والتخلف والإبداع والتقدم والعلم والمعرفة 000الخ ،، فتراه – على سبيل المثال – يتحدث
عن إشكاليات التعليم في وطننا العربي ، وهو يقول إنه بسعى لهدم بعض الخرافات المتداولة في عقولنا مثل ( العقل السليم في الجسم السليم ) ، ومثل مسألة تقديس الشهادات والدرجات العلمية دون الإلتفات إلى قيمة الشخص نفسه ومدى إبداعه وقدرته على العطاء المتميز ، فهو يقول : إن مسألة نبوغ الذين لا يحملون الشهادات الدراسية في المجتمعات المتقدمة مسألة معروفة وهم لا يحتاجون إلى من يذكرهم بها بينما الإشكالية في المجتمعات المتخلفة التي أخذت شكليات التعليم دون جوهره فانبهرت بحملة الشهادات العليا دون النظر في عطائهم الحقيقي وإمكانياتهم الفعلية 0

كما يتحدث عن التخلف وهو موضوع قد ارقه منذ وقت مبكر من حياته ، فهو يرى أنه الأصل بينما التقدم هو الطارئ ويستدل بأن البشرية ظلت قروناً طويلة وهي لا تعرف المخترعات العظيمة التي نشهدها اليوم إلا بعد أن تحركت ونقلت نفسها بنفسها من حيز التخلف إلى حيز الجهل ،، ويقول بإن هذه الحالة تقع ضمن القانون الفيزيائي الطبيعي ( قانون القصور الذاتي ) أن الشيء يبقى كما هو عليه مالم يقع تحت مؤثر خارجي أو داخلي يغيره من حالته التي هو عليها إلى حالة جديدة ،، وأن الأمم التي تقدمت هذا التقدم الملحوظ إما عن طريق مؤثر خارجي كاليابان أو داخلي كفرنسا مثلاً 0

ألف البليهي كتاباً كاملاً عن التخلف بعنوان ( بنية التخلف ) تحدث فيه عن هذه الإشكالية البشرية ، فتراه يقول عن التخلف بأنه بنية متكاملة وصلبة وليس مجرد حالة عارضة ، ولذا يقول أيضاً أن العقل يحتله الأسبق إليه ، وبالتالي فإن التخلف هو الأسبق إلى عقل الإنسان ولذا يظل على تخلفه مالم يتنبه لذلك فيتغير إلى حالة العلم والتقدم ، ولذا تجده يلح إلحاحاً شديداً بوصف التخلف بأنه بنية شديدة الصلابة والتكامل وليس كما يتوهم البعض حالة عرضية ستزول مع الزمن ، ولذا تجده أيضاً يقول بأن التقدم والتخلف هما نتيجة الفعل البشري وليس لهما علاقة أبداً – كما يروج بعض المفكرين اليوم – بالأسباب الميتافيزقية0

يرد البليهي أسباب التخلف إلى أسباب ثقافية بالدرجة الأولى ويرفض كل المحاولات العلمية والدراسات التي تقول بأن هناك فروقات جنسية وجينية بين الأوروبيين البيض وغيرهم من الأجناس الأخرى ، تكون وراء هذا التفوق الحضاري اليوم ، وتراه يقف مع بعض الدراسات الأنثروبولوجية التي أثبتت أن الإنسان كجينات وعرق لا يختلف من أرض إلى أخرى إلا الشيء الطفيف ، ويقول البليهي مؤكداً أطروحته بأن الطفل العربي لو تربى ونشأ وسط أسرة يابانية لنشأ يابانيا يحترم مواعيد العمل والطعام والإجتماع واللقاء ، ويحمل أخلاقيات العمل ومبادئ المهنية واحترام الآخرين ، وبالتالي لن نرى أي دلالة على جيناته العربية سوى ملامح الوجه 0

من أطروحات الأستاذ البليهي التي يتميز بها ن غيره مسألة أن الفكر الفلسفي هو سر النهضة الغربية الحديثة ، ولذا فهو يعتبر الحضارة الغربية حضارة استثنائية بكل المقاييس ، وهو بهذا الطرح يخالف الرأي السائد لدى العوام والمثقفين العرب ، فهو يرى أن العرب في حضارتهم السابقة لم يقدموا شيئاً يذكر لا للغرب ولا للحضارة الإنسانية عموماً سوى أنهم حافظوا على المادة الخام للفكر الفلسفي الإغريقي دون أن يتفاعلوا أو يندمجوا مع هذا الفكر ، أي أن بضاعة الغرب ردت إليهم ، وأن العرب كانوا بمثابة الحافظة لهذا التراث 0

ويرد البليهي على منتقديه الذين يقولون بأن الغرب أسسوا حضارتهم على فلسفة ابن رشد بأن الجيل الأول من الرواد الأوروبيين هم من تأثروا بهذه الفلسفة ثم جاء الجيل الثاني ونقض الجيل الأول جملة وتفصيلاً ، وبالتالي مرحلة ابن رشد تعتبر مرحلة وانتهت ، كما أن ابن رشد عاش حياته نشازاً على الثقافة العربية فتم عزله من وظيفته وتم إحراق كتبه أمام عينيه وتم التحذير من كتبه فكيف نفخر بإنسان فعلنا به كل هذه الأفاعيل0

وأخيراً نقول : عندما يذكر البليهي تذكر ( النزاهة ) والقريبين من هذا الرجل يعلمون مدى تحسسه من المادة والشبهات ، ولعل قضية الأرض التي منحتها الوزارة له أخيراً فرفضها بحجة الإستعفاف لهي أكبر دليل على مدى قوة هذا الرجل وتعففه عن المال العام حتى ولو كان في أشد الحاجة إليه ، وقد كتب خطاباً إلى المسؤول الذي أصر على المنحة يقول فيه :
أشكرك على كريم لطفك ، ونبل مشاعرك ، هذا رغم أن الذي فعلته يدل على أنك لم تفهمني ولم تستوعب موقفي المبدئي ، ولو أنك قرأت ورقة التنازل لعرفت السبب ، ولعلمت أنه صادر عن رؤية خاصة وعن موقف ثابت ، ولولا هذا الموقف الثابت لما بقيت مديوناً بقيمة أرض منزلي متكلفة بنائه ، ولما ظللت طيلة حياتي الوظيفية في البلديات أتنقل من بيت مستأجر إلى بيت مستأجر آخر 000 ولركبت من السيارات ما يركبه أمثالي بل ما يركبه أصغر الموظفين عندي 000 فالتنازل أكيد وصريح ولا مجال للعدول عنه ، ولا أقبل أي تصرف أو أي إجراء مخالفة ، فلك مني صادق الشكر والتقدير على شعورك النبيل 0

لقد عاش البليهي محباً للعلم وعاشقاً للثقافة والفكر ، دارساً ومحللاً لأوضاع الأمة العربية ، ومناقشاً لأعتى القضايا الفلسفية بكل شجاعة واقتدار ، وفي الحقيقة أن ندرة هذه الشخصيات الإبداعية والريادية في بلداننا العربية هي أحد المعضلات المستعصية التي كنا ومازلنا نعاني منها0

رد مع الإقتباس

الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
سأريكم أبا ابراهيم	عبدالحليم الطيطي	منبر القصص والروايات والمسرح .	4	07-16-2022 02:25 PM
اجمل شعر عن الفاروق لحافظ ابراهيم	ياسر حباب	منبر ديوان العرب	12	05-22-2020 10:38 PM
مقطع رائع بصوت الشيخ فيصل الشدي	الوجيه محمد	منبر الحوارات الثقافية العامة	0	12-28-2011 03:31 PM
/// تلقائية الرتابة في الحياة الزوجية .. البليهي //	ساره الودعاني	منبر مختارات من الشتات.	5	11-21-2011 11:31 PM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)

منتديات منابر ثقافية

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »